العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
الاعتبار السندي لزيارات الناحية المقدّسة - القسم الأوّل

الاعتبار السندي لزيارات الناحية المقدّسة - القسم الأوّل

محمد إحساني فر لنگرودي - أستاذ في كلِّية علوم الحديث، ومدير قسم التفسير في مؤسّسة علوم ومعارف الحديث/إيران ـ ترجمة: د. الشيخ ميثم الربيعي - أستاذ في كلية الأديان والمذاهب، من العراق، وعضو هيئة التحرير في مجلّة الإصلاح الحسيني

خلاصة المقال

أهمّية البحث في زيارة الناحية  [1]

تحظى زيارة الناحية ـ وبعبارة أصح زيارات الناحية ـ بأهمّية ملحوظة بلحاظ الجانب المعنوي، وكذلك بلحاظ سندها التاريخي الجدير بالاهتمام، فإنّ هذه الزيارات تعدّ من الزيارات المعروفة لسيّد الشهداء(عليه السلام)، ومن الآثار القديمة التي تتفرّد أحياناً ببعض الوثائق المرتبطة بتاريخ كربلاء الحسيني، وتقوم بتصوير العديد من الخصائص، والكشف عن عدد من الإبهامات التاريخية المتعلّقة بملحمة عاشوراء الخالدة، إضافة إلى كونها تتضمّن عدداً كبيراً من أسماء الشهداء في كربلاء.

بناءً على ذلك، ينبغي تعظيم الزيارة المذكورة؛ لما تمتاز به من خصائص، والتعاطي معها بصفتها كنزاً معنوياً وميراثاً ثقافياً في تاريخ الشيعة.

وقد جرت العادة أن تسعى الأُمم والأقوام للحفاظ على تراثها الثقافي، إلّا أنّ البعض ـ مع الأسف الشديد ـ يعمل بقصد أو دون قصد على تخريب مثل هذا الميراث الثمين، والبعض الآخر يقف أحياناً للدفاع عنه بشدّة وبشكل متطرّف، دون أن يمتلك العدّة اللازمة للقيام بهذه المسؤولية المهمّة.

ومع احترامنا لجميع الجهود المبذولة، فإنّنا لا نعتقد أنّ الخروج عن الاعتدال العلمي مقبول في إضفاء صفة الاعتبار ـ بشكل متكلَّف ـ على الميراث الثقافي، ولا سيمّا أنّنا لا نواجه نقصاً في نصوص الزيارات المأثورة، كما أنّنا لا نفتخر بوضع الميراث الثقافي في معرض النهب، معتبرين ذلك علامة على التنوّر الفكري؛ من هنا قد عملنا في هذا المقال على إنجاز بحث علمي يهدف إلى الكشف عن الزوايا الخفية في الزيارة المذكورة، بعيداً عن الأحكام السابقة، أو الجنوح إلى الإفراط أو التفريط.

زيارة الناحية أو زيارات الناحية؟

ما يعرف بزيارة الناحية يتمّ إسناده إلى (الناحية المقدّسة) بثلاثة نصوص وثلاثة أنحاء، وإن كانت الزيارة الثانية هي المشهورة بهذا الاسم، وفيما يلي سنتطرق إلى تعريف إجمالي بهذه الزيارات الثلاثة:

الزيارة الأُولى أو زيارة الشهداء

تبتدئ الزيارة التي تُعرف في بعض المصادر بـ(زيارة الشهداء في يوم عاشوراء) ـ والتي نقلت عن الناحية المقدّسة بواسطة محمد بن غالب الإصفهاني طبقاً لما هو منقول ـ بالسلام على علي الأكبر(عليه السلام)، وتوجيه الخطاب إليه، وذلك بالنحو الآتي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، إذا أردت زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم)، فقف عند رجلي الحسين(عليه السلام)، وهو قبر علي بن الحسين (صلوات الله عليهما)، فاستقبل القبلة بوجهك، فإنّ هناك حومة الشهداء(عليهم السلام)، وأومِ وأشر إلى عليّ بن الحسين(عليهما السلام)، وقل: السلام عليك يا أوّل قتيل، من نسل خير سليل...» [2].

فقد ابتدأت الزيارة ـ كما يلاحظ القارئ الكريم ـ بالسلام على عليّ الأكبر(عليه السلام)، وبعد ذكر ما يقارب الثلاثين اسماً من أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)، والسلام عليهم، مع ذكر نبذة من خصائصهم حين استشهادهم، خُتمت الزيارة بالعبارات الآتية:

«السلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعي، السلام عليكم يا خير أنصار، السلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار، وبوّأكم الله مبوّء الأبرار. أشهد لقد كُشف لكم الغطاء، ومُهّد لكم الوطاء، وأُجزل لكم العطاء، وكنتم عن الحقّ غير بطاء، وأنتم لنا فرط، ونحن لكم خُلَطاء في دار البقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»[3].

بناءً على ذلك؛ فإنّ الخطاب في هذه الزيارة موجّه ـ بشكل تام ـ إلى شهداء كربلاء وأصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام) من بداية الزيارة إلى ختامها، دون أن تتطرّق لزيارة الإمام(عليه السلام) نفسه، وهذه النقطة جديرة بالتأمّل، وسنتناولها في سير البحث بشكل مجمل.

الزيارة الثانية أو الزيارة المعروفة بالناحية

هذه الزيارة هي أكثر النصوص المعروفة باسم زيارة الناحية وزيارة عاشوراء الأُخرى، وقد وصلتنا عن الناحية المقدّسة ـ كما نُقل ـ بواسطة أحد الأبواب، والمقصود من زيارة الناحية ـ كما مرّ ذكره ـ هو هذا النص.

تبتدئ هذه الزيارة بعبارة: «السلام على آدم صفوة الله من خليقته، السلام على شيث ولي الله وخيرته»، وتستمرّ في أواسطها بالمقطع المعروف: «فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّاً، ونظرن سرجك عليه ملويّاً، برزن من الخدور، ناشرات الشعور...»، ثمّ تختم بعبارة: «زاد الله في شرفكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وادع لنفسك ولوالديك ولـمَن أردت، وانصرف إن شاء الله تعالى»[4].

الزيارة الثالثة المنقولة عن السيّد المرتضى

وهي الزيارة التي وصلتنا بواسطة السيّد المرتضى، والتي تتضمّن ما يقارب ثلثي النصّ الذي تضمّه الزيارة الثانية، مع إضافات مفصّلة أُخرى، وتوجيهات متعدّدة. وتبتدئ هذه الزيارة بالنحو الآتي: إذا أردت الخروج من بيتك فقل: اللّهم إليك توجّهت... ثمّ تدخل القبّة الشريفة، وتقف على القبر الشريف، وتقول: السلام على آدم صفوة الله... إنّك ولي ذلك يا أرحم الراحمين.

ذكر زيارة عليّ بن الحسين(عليهما السلام): ثمّ تحوّل إلى عند رجلي الحسين(عليه السلام)، وقف على عليّ بن الحسين(عليهما السلام)، وقل: السلام عليك أيّها الصدّيق الطيّب...

زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم): ثمّ تتوجّه إلى البيت الذي عند رجلي عليّ بن الحسين(عليهما السلام)، وتقول: السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين، سلاماً لا يفنى أمده...»[5].

دراسة مستوى الاعتبار السندي

وفيما يلي دراسة لمستوى الاعتبار السندي لهذه الزيارات الثلاثة في ثلاثة مباحث:

أـ الزيارة المعروفة بزيارة الشهداء

مصادر الزيارة

جاءت الزيارة المذكورة في المصادر الآتية:

أوّلاً: المزار الكبير، تأليف الشيخ أبي عبد الله محمد بن جعفر الحائري، المعروف بابن المشهدي[6]، وستتمّ دراسة هذه الزيارة بسندين.

ثانياً: إقبال الأعمال، تأليف جمال العارفين، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني، المعروف بالسيّد ابن طاووس[7]، وستتمّ دراستها بأسنادها.

ثالثاً: مصباح الزائر، تأليف السيّد ابن طاووس[8]، الذي أورد الزيارة بحذف السند.

رابعاً: رواية الشيخ المفيد. قال العلّامة المجلسي بعد نقله للزيارة عن كتاب إقبال الأعمال[9] ومصباح الزائر لابن طاووس بإسناد الإقبال المتقدّم: «هذه الزيارة أوردها المفيد والسيّد في مزاريهما وغيرهما، بحذف الأسناد في زيارة عاشورا»[10]، ثمّ قال بعد أن ذكر أسناد ابن المشهدي في المزار الكبير: «وذكر مثله»[11].

تحليل المصادر والأسانيد

لهذه الزيارة ثلاثة أسانيد متّصلة:

1ـ يقول الشيخ أبو عبد الله، محمد بن جعفر المشهدي: «أخبرني الشريف الجليل العالم أبو الفتح محمد بن محمد الجعفري (أدام الله عزّه)، قال: أخبرني الشيخ الفقيه عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي.

2ـ وأخبرني عالياً الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسين بن هبة الله بن رطبة (رضي الله عنه)، قال: أخبرني شيخي المفيد الحسن بن محمد الطوسي، عن الشيخ أبي جعفر محمد الطوسي، قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد[12] بن عياش(رحمه الله)، حدثني الشيخ الصالح أبو ميسور بن عبد المنعم بن النعمان المعادي(رحمه الله)، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين إليّ على يد الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني حين وفاة أبي(رحمه الله)، وكنت حدث السن، فكنت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله(عليه السلام)، وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم)، فخرج إليّ منه...»[13].

3ـ السيّد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني: «رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي (رحمة الله عليه)، قال: حدّثنا الشيخ أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن عياش، قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو منصور ابن عبد المنعم بن النعمان البغدادي (رحمة الله عليه)، قال: خرج من الناحية المقدّسة سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني حين وفاة أبي(رحمه الله)، وكنت حديث السن، وكنت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله(عليه السلام) وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم)، فخرج إليّ منه»[14].

إنّ مستوى الاعتبار السندي للزيارة جدير بالتأمّل من جهتين:

1ـ دراسة اعتبار السند بنحو خاص.

2ـ دراسة اعتباره اعتماداً على التوثيقات العامة، أي على أساس نظرية اعتبار الرواة والروايات في كتاب المزار الكبير.

اعتبار الرواة والروايات في كتاب المزار الكبير

طبقاً لقاعدة التوثيقات الرجالية العامة للرواة والروايات في كتاب المزار الكبير، فإنّ وجه اعتبار السندين الأوّلين واضح، وسيأتي مزيد من التوضيح فيما يرتبط بهذا المبنى الرجالي في مبحث مصادر الزيارة الثانية وأسنادها.

اعتبار أسانيد كتاب المزار الكبير بنحو خاص

فيما يلي سنتطرّق إلى مستوى اعتبار الأسانيد المذكورة أعلاه بنحو خاص:

لقد عمد ابن المشهدي إلى إيصال الزيارة التي يدور البحث حولها إلى المفيد الثاني، الشيخ حسن بن الشيخ الطوسي، ومنه إلى والده الكبير، وذلك بواسطة فقيهين ومحدّثين مشهورين لدى الشيعة، هما: عماد الدين الطبري، وحسين بن هبة الله.

أمّا ابن طاووس فقد أوصلها إلى الشيخ الطوسي بأسانيده الواضح اعتبارها عند مَن لديهم معرفة بطرق الأسانيد والإجازات.

بيان حال الرواة

لقد قام شيخ الطائفة ـ في أسناد ابن المشهدي وابن طاووس أيضاً ـ بنقل هذه الزيارة بواسطة أحمد بن محمد بن عياش، عن عبد المنعم بن النعمان، على أنّ الزيارة المذكورة قد صدرت عن الناحية المقدّسة على يد الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني.

أوّلاً: ابن عياش

كان ابن عياش أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش من مشايخ الرواة لدى الشيخ الطوسي، وله مصنفات متعدّدة في موضوعات مختلفة، وقد وصفه كلٌّ من المامقاني والوحيد البهبهاني بالحسن[15]. قال الشيخ الطوسي في الفهرست: «كان سمع الحديث وأكثر، واختلّ في آخر عمره... وصنّف كتباً، منها: مقتضب الأثر...[16]، أخبرنا بسائر كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا عنه، ومات سنة (401)»[17].

ويقول الشيخ [الطوسي أيضاً] في رجاله: «كثير الرواية، إلّا أنّه اختلّ في آخر عمره»[18].

ويقول النجاشي بعد أن ذكر عناوين مصنفاته: «رأيت هذا الشيخ، وكان صديقاً لي ولوالدي، وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعّفونه، فلم أروِ عنه شيئاً، وتجنّبته، وكان من أهل العلم والأدب القوي، وطيّب الشعر، وحسن الخطّ، رحمه الله وسامحه»[19].

ثمّ إنّه نظراً إلى سلامة مذهبه، وحسن الثناء عليه بكثرة الروايات وسماعها، ووفور علمه وتأليفاته في العلوم والفنون المختلفة، الأمر الذي اعترف به النجاشي وغيره، فإنّ الاختلال في آخر العمر لا يمثّل مانعاً من قبول رواياته التي أُخذت عنه في زمان سلامته، والاعتماد عليها[20]، أمّا تضعيف مشايخ النجاشي فإنّه لم يستتبع تضعيف النجاشي نفسه له، من هنا لم يصرِّح النجاشي ـ بعد مدحه والدعاء له وذكر فضائله ـ بشيء سوى أنّه قد تجنّبه، وأنّه لم يروِ عنه شيئاً، علماً بأنّ النجاشي لم يلتزم عملياً بمبناه في تجنّب رواياته على الرغم من احترازه من الرواية عمّن هناك أدنى خدشة في وثاقته، فقد اعتمد عليه وروى عنه مكرّراً، كما سيأتي بيان ذلك.

ويبدو أنّ تضعيف مشايخ النجاشي له لا يعود إلى اختلال ذهنه أو عقله أو أُسلوب تحديثه في آخر عمره؛ فإنّ ذلك لا يستلزم الامتناع عن رواية حديثه في زمان سلامته؛ ثمّ إنّ ذكر النجاشي لفضائله، والدعاء له، واجتنابه عن تضعيفه، والتزامه بعدم الرواية عنه، مع ما كان عليه من تشدّد في نقل الروايات، كلّ ذلك يمثِّل قرينة على أنّ ابن عيّاش كان متّهماً بالغلو بين مشايخ النجاشي، وممّا يدعم هذا الوجه ـ إضافة إلى رواج نزعة التضعيف والرمي بالغلو في ذلك العهد، ولا سيّما بين مشايخ النجاشي الذي تأثّر كذلك بهذا المناخ[21] ـ رواياته ومصنفاته[22] التي تعكس عقيدته الشيعية القوية والسامية، وما نقله من روايات ترتبط بالمعاجز والمناقب الرفيعة، وما شابه هذه الأُمور التي يعدّها أمثال هؤلاء نوعاً من الغلو، فمثل هؤلاء الرواة يقعون بسهولة عرضة لسوء الظنّ، والرمي بالغلو، ولذلك تصدّى الكثير من المحقّقين في علم الرجال ـ بالبحث والإنكار ـ لهذا المبنى في جرح الرواة وتضعيفهم.

على كلّ حال، فعلى الرغم من وجود مثل هذا المناخ في تضعيف رواة الحديث، ومع ما يتّصف به النجاشي من تشدّد في نقل الروايات، فإنّ شخصية ابن عياش وما يتّسم به من فضل يقفان مانعاً إزاء قبول هذا التضعيف من قبل النجاشي؛ من هنا نجد النجاشي نفسه يعتمد على ابن عياش، ويروي عنه في موارد كثيرة[23]، وكذلك ينبغي أن تُؤخذ هذه النقطة بنظر الاعتبار، وهي أنّ معاصرة النجاشي لابن عياش، وشهرة هذا الأخير، والصداقة التي تربط بينهما، كلّ ذلك يقف مانعاً دون نسيان النجاشي مبناه في الامتناع من نقل الحديث عنه، والظاهر من رجال النجاشي أنّ نقل النجاشي للروايات عن ابن عياش متأخّر عن كتابة ترجمته، وهذا يعني أنّ عمل النجاشي حاكٍ عن تراجعه عن مبناه المتقدم، أو عدم جدّيته فيه على أقلّ تقدير.

والنتيجة: أنّه علاوة على التوثيقات العامّة لابن عياش ـ بسبب نقل ابن المشهدي، وكذلك رواية النجاشي والشيخ الصدوق[24] عنه ـ فإنّ كثرة تخريج الحديث عنه بواسطة الكثير من الثقات[25] يمثّل علامة على كون حديثه مورداً للاعتماد.

ثمّ إنّه إذا لم يتقبّل شخص ما هذه التوثيقات العامة لمعارضتها للتضعيف المذكور، فإنّ نفس هذا التضعيف ليس تامّاً، وإنّ المدح والمحاسن المذكورة يؤدّي إلى الاطمئنان بحسن حاله، إضافة إلى أنّنا قلّما نجد راوياً من الثقات لم تتعلّق به تضعيفات غير تامّة من هذا القبيل.

ثانياً: عبد المنعم بن النعمان

ظاهر عبارة: «قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو منصور... رحمة الله عليه»، في السند المذكور سابقاً أنّ هذا الوصف والترحّم صادر عن ابن عياش، ومَن قام بنقله كذلك هم من الرجاليين الذين يتحلّون بالخبرة، كالشيخ الطوسي وابن طاووس، ففي المجموع يمثّل التعبير بـ(الشيخ الصالح)، وتقديم الكنية على الاسم، والترحّم عليه، مدحاً جليلاً، إن لم يكن كاشفاً عن وثاقة أبي منصور، فهو معبِّر عن حسن حاله على أقلّ تقدير.

وينبغي الالتفات إلى أنّ هذا النحو من الاستدلال لإحراز حال الراوي لا يتضمّن دوراً أو مصادرة، فإنّ السير مع السند من الحلقة الدنيا إلى الحلقة العليا، مع مدح كلّ واحد من الرواة وتجليله، يثبت وثاقة الرواة أو حسن حالهم واحداً تلو الآخر، من هنا يكون إثبات اعتبار رواية كلّ حلقة ومقبوليتها مستنداً لنا في الحلقات اللاحقة من السند.

ثالثاً: محمد بن غالب الإصفهاني

أمّا محمد بن غالب الإصفهاني فهو غنيّ عن التوثيق، وليس مصدر هذا الوثوق صرفاً أنّه إذا دلّت رواية معتبرة أنّ شخصاً ما يمثّل رابطاً للناحية المقدّسة فهو يكتسب بذلك صفة الوثوق، بل لأنّ راوياً معتبراً قام بنسبة فعل إلى محمد بن غالب بعبارات تكشف عن إحراز وثاقته، فهذا نظير كلّ مورد آخر يخبر فيه أحد الرواة المعتبرين عن فعل المعصوم أو فعل غيره، ففي مثل هذه الحالة لا حاجة إلى إحراز وثاقة الشخص الذي يُنقَل عنه الفعل، وعلى كلّ حال ستأتي دراسة حال محمد بن غالب الإصفهاني في أواخر المبحث الأوّل.

نتيجة البحث السندي

إنّ الحديث والزيارة المبحوث عنهما هما من الناحية السندية على وفق القاعدة الرجالية في التوثيقات العامة لرواة المزار لابن المشهدي ورواياته، بل يُعدّ كلّ منهما صحيحاً على التحقيق، فإذا كان ثمّة شخص يشكّك في المبنى الرجالي المذكور، فإنّ هذا السند يعدّ حسناً على الأقلّ؛ نظراً إلى التحقيق الخاص عن رواة السند، فإنّ كلّ شخص من رواة الرواية إما ثقّة أو يتمتع بالمدح والتجليل، وممّا يضفي على هذه الزيارة مزيداً من القوّة والتأييد ـ إضافة إلى ذلك ـ تكرار نقلها من قبل العديد من الفقهاء والمحدّثين البارزين.

مجموعة من النقاط المهمّة

تاريخ صدور الزيارة عن الناحية المقدّسة

على الرغم من أنّ لقب (الناحية) أو (الناحية المقدّسة) ينصرف في ثقافة الشيعة ـ بصفته كناية واضحة ـ إلى إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، إلّا أنّ زمان صدور الزيارة طبقاً للأسانيد المذكورة أعلاه يعود إلى زمان سابق على ولادة حضرته(عجل الله فرجه الشريف)؛ فإنّ عبارة: «خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني»[26]تكشف أنّ صدور هذه الزيارة عن الناحية المقدّسة على يد محمد بن غالب، قد سبق ولادة إمام العصر (عليه وعلى آبائه السلام) بثلاث سنوات أو أربع.

وفي محاولةٍ لمعالجة هذا الإشكال يطرح المجلسي في (بحار الأنوار) احتمالين، حيث يقول: «لعلّها كانت اثنتين وستِّين ومائتين، ويحتمل أن يكون خروجه عن أبي محمد العسكري(عليه السلام)»[27].

ولكن من الوضوح بمكان أنّ التصرّف في ظهور اللفظ وحمل تعبير (الناحية) الكنائي على الإمام العسكري(عليه السلام) هو أهون بمراتب، وأقرب إلى القبول من التصرّف في التاريخ المذكور في الرواية لمجرّد احتمال سهو الراوي في ذكر التاريخ، أو تعرّضه للتصحيف في مرحلة النسخ؛ فإنّ (أصالة عدم سهو الراوي) حفاظاً على النصّ مقدّمة على (أصالة الظهور).

والقرينة الأُخرى على هذا الكلام هو خروج هذه الزيارة على يد محمد بن غالب، مع أنّ توقيعات الناحية المقدّسة لإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف) كانت تخرج بأجمعها بواسطة النواب الأربعة، ولربمّا تكون هذه المحتملات هي التي دعت بعض العلماء[28] إلى التمسّك بتعيّن هذا القول.

اصطلاح الناحية المقدّسة

مفردة (الناحية) و(الناحية المقدّسة): بمعنى السمت والجهة، إلّا أنّ هذه الكلمة ـ مفردةً كانت أو مركبة بهذا النحو (الناحية المقدّسة) ـ أخذت تطلق في ثقافة الشيعة على إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، وعلى الإمام العسكري(عليه السلام)، والإمام الهادي(عليه السلام)، أو أهل بيتهم أحياناً، وذلك من باب التقية المشوبة بالاحترام ورعاية الأدب بعدم ذكر أسمائهم، ويعدّ هذا الكلام في الثقافة الشيعية إجمالاً من الواضحات والمسلّمات، فلم نعهد في نصوصنا التاريخية أن يكنّى بهذه المفردة عن شخص آخر.

لقد عاش الشيعة دائماً حالة من الاحتقان والتهديد بسبب حكّام الجور ومَن يشاركهم الرأي، فعمدوا إلى الاستفادة من الألقاب والكنايات كجزء حتمي من ثقافتهم وأدبياتهم، حتّى أنّهم كانوا يُلقِّبون أمير المؤمنين(عليه السلام) عند ذكره بأبي زينب، والإمام الكاظم(عليه السلام) بالعبد الصالح، أو العالم، وأمثال ذلك، إلّا أنّ جميع هذه الألقاب لم يكن لها من الشهرة والرواج مثلما كان لمفردة (الناحية) أو(الناحية المقدّسة) في إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف).

يمكننا القول: من الناحية التاريخية، إنّ هذا اللقب ـ إضافة إلى اشتماله على أدب عدم التصريح بأسماء المعصومين(عليهم السلام) ـ كان يمثّل ضرورة ملموسة للتقية والكناية عن الإمام الهادي(عليه السلام) والإمام العسكري(عليه السلام) وإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، نظراً إلى أنّهم كانوا يخضعون للمراقبة[29] في مدينة سامراء العسكرية، للحيلولة دون أن تنحدر إلى منازل هؤلاء العظماء الوجوه الشرعية، أو يرتبط بهم شيعتهم، فمثل هذه الضرورة وتلك الأوضاع أدّت إلى أن يأخذ اللقب المذكور موضعه كمصطلح بين الشيعة، إلّا أنّ قصر مدّة إمامة العسكريين(عليهما السلام) نسبة إلى مدّة إمامة صاحب العصر(عجل الله فرجه الشريف)، إضافة إلى ملاحظات أُخرى، أدّى كلّ ذلك إلى انصراف هذا المصطلح إلى إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف).

بناءً على ذلك يكون انصراف مصطلح (الناحية) أو (الناحية المقدّسة) في موارد الاستعمال في النصوص الشرعية والتاريخية عند الشيعة إلى إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، إلّا أن تكون هناك قرينة خاصّة على خلاف ذلك، تقتضي الحمل على الإمام العسكري(عليه السلام)، أو الإمام الهادي(عليه السلام) أحياناً.

كيفيّة رواية الشيخ عن ابن عياش

كانت ولادة الشيخ الطوسي في سنة (385هـ)، ووفاة ابن عياش في سنة (401هـ)، فمن الممكن أن تقع كيفيّة رواية الشيخ عن ابن عياش موضعاً للتساؤل؛ نظراً إلى الاختلال الذي أُصيب به ابن عياش في أواخر عمره، وامتناع أمثال الشيخ الطوسي عن نقل الروايات عن الرواة في مثل هذه الحالة، وإن كان من الممكن ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار نبوغ الشيخ الطوسي المتفرّد، وانشغاله بالدراسة منذ عهد الطفولة ـ أن يكون قد أخذ الحديث عن ابن عياش في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره مثلاً، إلّا أنّ كثرة نقل الشيخ عنه بالواسطة يوجِد اطمئناناً نسبياً أنّ الشيخ قد عمد في موارد معدودة إلى هذا النحو من الرواية بواسطة تلك الأسانيد والوسائط.

ثمّ إنّه نظراً إلى قول الشيخ في الفهرست: «أخبرنا بسائر كتبه ورواياته جماعةٌ من أصحابنا عنه»[30] ـ وفي هذه الجماعة مَن هو من مشايخ الشيخ، كالشيخ المفيد وابن عبدون وابن أبي جيّد والحسين بن عبيد الله الغضائري[31]ـ فإنّ كلا الفرضين، (أي: نقل الشيخ عن ابن عياش بواسطة وبلا واسطة)، متساوٍ من حيث الاعتبار، وإن كانت هناك قرائن تقوّي احتمال أنّ يكون السبب في حذف وساطة هؤلاء المشايخ في الرواية هو اعتماد الشيخ على الأسانيد المذكورة، وتكرر ذكرها في سائر الروايات، والتصريح بها في مشيخته، فلم يجد حاجة إلى ذكر طريقه إلى كتاب ابن عياش، ومثل هذا التعليق في الأسانيد يعتبر في حكم الاتّصال[32].

سقوط زيارة الإمام(عليه السلام) من زيارة الشهداء

جاء في المصادر المذكورة: «عبد المنعم بن النعمان... قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين إليّ... فكنت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله(عليه السلام) وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم)، فخرج إليّ منه...».

إنّ موضوع الطلب والاستئذان الذي تقدّم به عبد المنعم ـ طبقاً لهذه العبارة ـ هو زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه الشهداء، إلّا أنّ هذه الزيارة ترتبط بالشهداء فقط، فمع الأخذ بنظر الاعتبار مستوى الأهمّية والتأكيد الصادر عن أهل البيت(عليهم السلام) فيما يرتبط بزيارة سيّد الشهداء (عليه السلام)، يمكن القول باطمئنانٍ: بأنّ زيارة أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) قد سقطت من صدر هذه الرواية.

نعم، هل كان ذلك المقطع الذي سقط قد نُقل مستقلاً بصفته إحدى زيارات الإمام الحسين(عليه السلام) دون إسناد إلى المعصوم (عليه السلام)، أو أنّ هناك حوادث حرمتنا من الوصول إليه.. احتمالات ليس لنا جواب علمي لها يمكن الركون إليه إلى يومنا هذا.

ومن الممكن طبعاً أن يطرح هذا الاحتمال، وهو أن يكون المقطع الساقط من الرواية هو نفس النصّ الذي تتضمّنه الزيارة الثانية، ولكن ممّا يُبعد هذا الاحتمال ـ إضافة إلى فقدان الدليل أو القرينة التي تدعمه ـ ما جاء في سند الزيارة الأُولى من أنّه قد خرج من الناحية المقدّسة على يد محمد بن غالب، بينما الذي جاء في سند الزيارة الثانية: «مما خرج من الناحية(عليه السلام) إلى أحد الأبواب...»، ومن الواضح أنّ التعبير بأحد الأبواب فيما يتداوله الشيعة يعود إلى النواب الخاصّين بإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، وليس هناك أدنى شك في أنّ محمد بن غالب ليس من جملتهم.

النسبة بين زيارة الشهداء والزيارة الرجبية

تمثّل الزيارة الرجبية أحد نصّين روائيين يتضمّنان أكبر عدد من الأسماء المباركة لأصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)، وهذه الزيارة موسومة بالزيارة الرجبية، فليست هي الزيارة الجامعة.

إنّ الاختلاف في النصّ وعدد الأسماء في كلا الزيارتين يكشف بدقّة أنّها زيارة مستقلّة بمعزل عن الزيارتين الأُوليين، وهي من ناحية السند لا تحظى بسند محرز الاعتبار، بل إنّنا لم نجد مَن ينسب هذه الزيارة إلى المعصومين(عليهم السلام)[33].

جاءت بداية هذه الزيارة وخاتمتها ـ طبقاً لنقل السيّد ابن طاووس ـ كما يأتي: «فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين(عليه السلام) في نصف شعبان أقول: إنّ هذه الزيارة ممّا يزار بها الحسين(عليه السلام) أوّل رجب أيضاً، وإنّما أخّرنا ذكرها في هذه الليلة لأنّها أعظم، فذكرناها في الأشرف من المكان، وهي: إذا أردت ذلك فاغتسل، والبس أطهر ثيابك، وقف على باب قبّته(عليه السلام) مستقبل القبلة، وسلّم على سيّدنا رسول الله، وعلى أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، وعليه، وعلى الأئمّة من ذرّيته (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين)، ثمّ ادخل، وقف عند ضريحه، وكبّر الله تعالى مائة مرّة، وقل: السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن خاتم النبيين، السلام عليك يابن سيّد المرسلين، السلام عليك يابن سيّد الوصيين، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حسين بن علي، السلام عليك يابن فاطمة سيّدة نساء العالمين...».

وبعد ذكر مجموعة من صفات سيّد الشهداء(عليه السلام) وفضائله ومظلوميته يوجّه الخطاب إلى شهداء أهل البيت وسائر الشهداء قائلاً: «السلام على العباس بن أمير المؤمنين، السلام على... السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي... لا جعله الله آخر العهد مني لزيارتك، ورزقني الله العود إلى مشهدك، والمقام بفنائك، والقيام في حرمك، وإيّاه أسأل أن يسعدني بكم، ويجعلني معكم في الدنيا والآخرة»[34].

مَن هو الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني؟

الأشخاص المسمّون بمحمد بن غالب

جاء ذكر (ابن غالب) في أسانيد الروايات بالأنحاء المدرجة أدناه:

1ـ الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني.

2ـ محمد بن غالب، بشكل مطلق وفي أسانيد متعددة.

3ـ محمد بن عبد الله بن غالب، أبو عبد الله الأنصاري البزّاز، وهو حافظ وثقة في الحديث، من كبار الواقفية، ويرد اسمه أحياناً في الأسانيد بالنحو الآتي: محمد بن أبي غالب، أو محمد بن غالب الصيرفي، أو أبو عبد الله بن غالب.

4ـ أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب الضبي التمتامي، المعروف بـالتمتام (193هـ ـ283هـ)، ساكن بغداد[35]، وهو من رواة العامة.

5ـ محمد بن غالب بن الحارث، من رواة العامة، وهو من حيث الطبقة ليس قابلاً للانطباق على محمد بن غالب الإصفهاني[36].

6ـ محمد بن علي بن غالب، وهو لا يقبل الانطباق على محمد بن غالب الإصفهاني؛ لأنّ الأصل في تعدّد الأسماء واختلافها هو تعدّد المسمّى، إلّا أن يقوم الدليل على خلاف ذلك، أي: على اتحاد المسمّى، ولم نحصل على مثل هذا الدليل[37].

7ـ نجيب الدين محمد بن غالب، من المتأخرين[38]، وهو من حيث الطبقة ليس قابلاً للانطباق على محمد بن غالب الإصفهاني.

8ـ محمد بن عمر بن المفضل بن غالب، وقد يرد ذكره في الأسانيد باسم محمد بن عمر بن غالب، وقد يُلقّب بالحافظ، وهو من حفّاظ الحديث عند العامة[39].

وممّا لا شكّ فيه أنّ كلاً من الشخص الرابع وما بعده لا يمكن انطباقهم على محمد بن غالب؛ إمّا لاختلاف أسمائهم أو طبقاتهم عن الشخص المبحوث عنه كما أشرنا، أو لكونهم من رجال العامة، ممّا لا يعقل معه أن يكونوا من وكلاء الإمام(عليه السلام) أو أبوابه، مع أنّه قد جاء في سند زيارة الناحية: «قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني»[40]، ومثل هذه العبارة تكشف بوضوح عن تمتّع ابن غالب بمثل هذه المكانة وهذا المنصب.

وقد اتّضح من البيانات السابقة الدليل على عدم الاتحاد بين الشيخ محمد بن غالب الإصفهاني الذي جاء اسمه في سند الزيارة، ومحمد بن عبد الله بن غالب الأنصاري، فلا يمكن القول: إنّ محمد بن غالب هو نفسه محمد بن عبد الله بن غالب الذي ينسب إلى جدّه[41]، وذلك لكون محمد بن عبد الله بن غالب من رجال الواقفية البارزين، هذا أوّلاً، وثانياً: لأنّ الأصل في اختلاف العنوان هو اختلاف المعنون، فإذا اختلفت الأسماء فالأصل هو الاختلاف بين مَن يحملون تلك الأسماء، وليس هناك دليل يكشف عن اتحادهما، ليحول دون التمسّك بالأصل المذكور.

الاختلاف بين محمد بن غالب وأبي عبد الله الأنصاري

ولنلحظ الآن: هل محمد بن غالب الذي يُذكر اسمه مطلقاً هو نفسه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن غالب الأنصاري، أو هناك اختلاف بينهما؟

إنّ نتيجة التحقيق في هذين الشخصين تؤدّي إلى الاطمئنان بتعدّدهما، وإن كانا متعاصرين[42]، وأنّهما من حيث الطبقة الروائية يندرجان في طبقة واحدة، فإنّ الدقّة في أسانيد رواياتهما ـ إضافة إلى أصل حكاية تعدّد العنوان عن تعدّد المعنون ـ تكشف أنّ هناك اختلافاً في مشايخهما[43] والرواة عنهما، بل هناك اختلاف في مشايخهما بالواسطة[44]، وكلّ ذلك يكشف عن اختلاف الشجرة الروائية لهذين الشخصين، وهناك قرائن أُخرى تؤيّد هذا التعدّد بينهما كذلك، إلّا أنّ وضوح هذا التعدّد يغنينا عن مواصلة الكلام في ذكر هذه القرائن.

التطابق بين محمد بن غالب ومحمد بن غالب الإصفهاني

نظراً إلى انتفاء الاتحاد بين محمد بن غالب الإصفهاني الراوي لزيارة الناحية وجميع الرواة ممّن يحتمل انطباقهم عليه، يبقى فقط احتمال اتحاده مع عنوان محمد بن غالب الذي يُذكر بشكل مطلق في أسانيد متعدّدة، فلنلحظ حالياً هل يمكن الحكم باختلافهما أو اتحادهما؟

نظراً إلى القوّة في سند حديث زيارة الناحية، بل اتّصاف هذا الحديث بالاعتبار إلى محمد بن غالب الإصفهاني، الأمر الذي يكشف عن وجود مثل هذه الشخصية بين الرواة، ومع الأخذ بنظر الاعتبار الملاحظات المذكورة أدناه، فإنّ دعوى التطابق بين هذين الشخصين والاتحاد بينهما تبدو قويّة جدّاً؛ وذلك:

1ـ يتجلّى بوضوح من خلال عبارة: «خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب» في سند كلّ من ابن المشهدي والسيّد ابن طاووس أنّ راوي زيارة الناحية ينبغي أن يكون ذا شخصية تستحقّ التعبير عنها بالشيخ، إضافة إلى أنّه كان يقوم بدور الوكيل للإمام العسكري(عليه السلام) والرابط له بشيعته في فترة التقية الحرجة، ومثل هذا الشخص يُستبعد أن يكون مجهولاً، وأن يكون هذا الحديث هو الوحيد المنقول عنه.

2ـ يمثِّل التطابق الكامل بين الاسمين وطبقتهما الروائية[45]، وكثرة نقل الحديث عن محمد بن غالب بهذا الاسم دون خوف من الالتباس بالشخصية المعاصرة له قرينة أُخرى على اتحاد هذين الاسمين.

3ـ إنّ هذا المقدار من التفاوت المتمثّل في ذكر لقب (الإصفهاني) في الراوي لزيارة الناحية، خلافاً لمحمد بن غالب الذي يُذكر من دون لقب في سائر الروايات، لا يمكنه أن يكون علامة على تعدّدهما، فإنّ ذكر الرواة بأشكال مختلفة أمر عادي ورائج، ومثاله نفس محمد بن عبد الله بن غالب الذي أشرنا إلى نماذج من الاختلاف في عناوينه.

نتيجة البحث

بناءً على ما تقدّم؛ فإنّ احتمال التطابق بين العنوانين واتحادهما قويّ جدّاً، إلّا أنّ قوّة هذا الاحتمال لم تصل ـ في حدّ ذاتها ـ إلى درجة الاطمئنان، وليست هي ناشئة عن دليل لفظي يتمتع بالاعتبار بلحاظ ظهوره، من هنا يحتاج الحكم باتحادهما إلى مزيد من البحث والتحقيق، ممّا هو خارج عن سعة هذا البحث.

 

 

 

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1.   اختيار معرفة الرجال، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت464هـ)، تصحيح وتعليق: مير داماد الأسترابادي، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، 1404هـ.

2.   الإرشاد، الشيخ محمد بن محمد المشهور بالمفيد (ت413هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لتحقيق التراث، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

3.   أُصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، الشيخ مسلم الداوري.

4.   إقبال الأعمال، علي بن موسى بن طاووس (ت664هـ)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

5.   الأمالي، الشيخ محمد بن محمد، المشهور بالمفيد (ت413هـ)، تحقيق: حسين الأُستاد ولي، علي أكبر الغفاري، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

6.   بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403هـ/1983م.

7.   تاريخ بغداد، أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي (ت463هـ)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1417هـ/1997م.

8.   تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن المعروف بابن عساكر (ت571هـ)، تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ.

9.   تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي (ت450هـ)، السيد محمد علي الأبطحي،  ابن المؤلّف السيّد محمد ـ قم المقدّسة، الطبعة الثانية، 1417هـ.

10.            ثواب الأعمال، الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمّي الصدوق (ت381هـ)، تقديم: السيّد محمد مهدي السيّد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1368هـ.ش.

11.            جامع الرواة، محمد علي الأردبيلي (ت1101هـ)،  مكتبة المحمدي.

12.            خاتمة المستدرك، الميرزا حسين النوري (ت1320هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، الطبعة الأُولى، مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، 1415هـ.

13.            رجال الطوسي، محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1415هـ.

14.            رجال النجاشي، أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الخامسة، 1416هـ.

15.            الصراط المستقيم، علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (ت877هـ)، تحقيق وتصحيح وتعليق: محمد الباقر البهبودي، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.

16.            الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ، علي بن موسى بن طاووس، مطبعة خيام ـ قم، الطبعة الأُولى، 1399هـ.

17.            الفهرست، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

18.            قاموس الرجال، الشيخ محمد تقي التستري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

19.            كتاب الأربعين، محمد طاهر القمّي الشيرازي (ت1098هـ)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي،  المحقّق، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

20.            كتاب السرائر، محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس (ت598هـ)، تحقيق: لجنة التحقيق، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الثانية، 1410هـ.

21.            كلّيات في علم الرجال، الشيخ جعفر السبحاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الثالثة، 1414هـ.

22.            مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر ودلائل الحجج على البشر، السيد هاشم بن سليمان البحراني (ت1107هـ)، تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، نشر مؤسّسة المعارف الإسلامية، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1413هـ.

23.            المزار الكبير، محمد بن جعفر المشهدي (ت القرن السادس الهجري)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

24.            مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى المحقّقة، 1408هـ/1987م.

25.            مصباح الزائر، علي بن موسى بن طاووس، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

26.            المصباح، إبراهيم بن علي المعروف بالكفعمي (ت905هـ)، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 1403هـ/1983م.

27.            معجم رجال الحديث، السيد أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، الطبعة الخامسة، 1413هـ/1992م.

28.            مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، محمد بن سليمان الكوفي (ت حوالي سنة 300هـ)، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

29.            الهداية الكبرى، الحسين بن حمدان الخصيبي (ت334هـ)، مؤسّسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1411هـ/1991م.

30.            وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث بقم المشرّفة، الطبعة الثانية، 1414هـ.

 

 



[1]* يمثّل هذا المقال نقداً لكتاب: نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهرى (نظرة إلى الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري)، لمؤلفّه نعمة الله صالحي نجف آبادي: ص169ـ180، (عنوان الفصل: مجلس عزاء منسوب لإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)، مفاده أنّ حُرَم الإمام الحسين(عليه السلام) خرجن إلى مصرع الإمام(عليه السلام) ناشرات الشعور).

** المقال أساساً عبارة عن قسم واحد، وبسبب كثرة صفحاته ارتأت المجلّة تقسيمه إلى قسمين، وسوف يتمّ نشر القسم الثاني في العدد اللاحق إن شاء الله تعالى، حيث يتضمّن الحديث فيه عن الزيارة الثانية والثالثة. (هيئة التحرير).

[2] ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص486ـ487، ح8.

[3] المصدر السابق: ص495، ح8.

[4] المصدر السابق: ص496ـ513، ح9.

[5] ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص221ـ236.

[6] ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص486، ح8.

[7] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص73ـ80. عنه بحار الأنوار: ج101، ص269، ح1، وج45، ص65. النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص408، ح12266.

[8] ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص278ـ286.

[9] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص269ـ 274، ح1.

[10] المصدر السابق.

[11] المصدر السابق.

[12] جاء في نسخة المصدر: «محمد بن أحمد...»، ولكن هذا الاسم مقلوب بلا شك؛ إذ لم ينقل في مشايخ الشيخ الطوسي مَن يشابه اسمه هذا الاسم، مع أنّ هذا الاسم يتّحد مع ما ذكرناه في جميع الخصوصيات من النسب واللقب، سوى التقديم والتأخير بين اسم (أحمد) و(محمد)، يُضاف إلى ذلك أنّ قلب محمد بن أحمد وأحمد بن محمد قد اتفق للكثير من الرواة، ومن جملتهم ابن عياش نفسه، ففي كتاب الطرائف للسيّد ابن طاووس (ص172) يقول: «... رأيت تصنيفاً لأبي عبد الله محمد بن عبد بن عياش اسمه كتاب مقتضب الأثر...»، وفي (ص151): «أحمد بن محمد بن عياش...»، ومثل هذه الازدواجیة نلحظها في كتاب (الصراط المستقيم) لابن يونس العاملي: ج1، ص5، وج2، ص98، وص١٠٠، وص١٤١، وص١٤٦، وص٢٣٨، وكذلك كتاب الأربعين لابن طاهر القمّي: ص35، وص356.

[13] ابن المشهدي، علي بن جعفر، المزار الكبير: ص485ـ495، ح8.

[14] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص73.

[15] اُنظر: المامقاني، عبد الله، تنقيح المقال: ج1، ص88.

[16] ومن الكتب الأُخرى التي يمكن ذكرها: الأغسال، كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري(رحمه الله)، كتاب شعر أبي هاشم، كتاب أخبار جابر الجعفي، الاشتمال على معرفة الرجال، كتاب ذكر مَن روى الحديث من بني عامر بن ياسر، ما نزل من القرآن في صاحب الأمر(عجل الله فرجه الشريف)، كتاب في ذكر الشجاج، كتاب عمل رجب، كتاب عمل شعبان، كتاب عمل شهر رمضان، كتاب أخبار السيّد الحميري، كتاب في اللؤلؤ وصنعته وأنواعه، كتاب أخبار وكلاء الأئمّة الأربعة(عليهم السلام). اُنظر: الطوسي، محمد ابن الحسن، الفهرست: ص79.

[17] المصدر السابق: ص79.

[18] الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي: ص413.

[19] النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص255.

[20] لرجاليي الشيعة وفقهائهم مثل هذا الكلام كذلك في روايات أمثال البطائني.

[21] اُنظر: السبحاني، جعفر، كليات في علم الرجال: ص255 وما بعدها.

[22] يكفي في هذا المجال إلقاء نظرة على عناوين كتب ابن عياش، وبخاصّة كتاب (أخبار جابر الجعفي)، و(أخبار أبي هاشم الجعفري(رحمه الله))، وكتاب (شعر أبي هاشم)، وأمثال هذه الكتب، بل يشهد لهذا الكلام تضعيف النجاشي لبعض رواة جابر الجعفي في ترجمته، وفي موارد مماثلة.

[23] من جملتها ما جاء في ترجمة: الحسين بن بسطام، والحسين بن محمد بن الفضل، وبكر بن أحمد، ورومي بن زرارة، وعبيد بن كثير، وعلي بن محمد بن جعفر، ومحمد بن سنان، ومحمد بن الحسن ابن شمون، ومحمد بن جعفر بن عنبسة، ومرازم بن حكيم، ونجيح بن قباء الغافقي.

[24] لمعرفة المبنى المعروف لوثاقة مشايخ الصدوق والنجاشي. اُنظر: الداوري، مسلم، أُصول علم الرجال: ص451. السبحاني، جعفر، كليات في علم الرجال: ص80.

[25] من جملتهم الشيخ المفيد، والشيخ الصدوق، والسيّد المرتضى (اُنظر: البحراني، هاشم بن سليمان، مدينة المعاجز: ج1، ص218، عن عيون المعاجز للسيّد المرتضى)، والشيخ الطوسي، والنجاشي، وابن إدريس، (اُنظر: ابن إدريس، محمد بن منصور، السرائر: ج3، ص518، ما استطرفه من كتاب مسائل الرجال لابن عياش)، ومحمد بن هارون التلعكبري، ومحمد بن شاذان القمّي، والشيخ الدرويستي، والطاهر بن محمد القمّي، والحسين بن عبد الوهاب، وغيرهم.

[26] ابن المشهدي، علي بن جعفر، المزار الكبير: ص486، ح8.

[27] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص274.

[28] من جملتهم العلّامة التستري (الشوشتري)، حيث يقول: «والمراد بالناحية فيه [الخبر] لا بدّ أن يكون العسكري(عليه السلام)؛ لأنّ الحجّة(عليه السلام) لم يكن ولد في تلك السنة». التستري (الشوشتري)، محمد تقي، قاموس الرجال: ج9، ص504.

[29] هكذا الحال بالنسبة إلى القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم النهاوندي، من أصحاب الإمام الهادي(عليه السلام)، (اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ص193)، وإبراهيم بن محمد الهمداني من رجال الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي(عليهم السلام)، (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص300)، وأبي جعفر محمد بن حفص بن عمرو الملقب بابن العمري المعبّر عن كل واحد منهم بوكيل الناحية (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص470)، وكذلك العزيز بن زهير(الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص421)، والقاسم بن العلاء (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص449)، ومحمد بن شاذان النيسابوري، الذين قيل فيهم: من وكلاء الناحية، (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص474).

[30] الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص80، رقم99.

[31] اُنظر: الأبطحي، محمد علي، تهذيب المقال: ج3، ص381.

[32] بل نظراً لاشتهار كتب ابن عياش ومؤلّفها، فإنّ ذلك يكشف عن أنّ الكتاب الذي نقلت منه الرواية مفروغ منه، كما ننسب اليوم روايات الكتب الأربعة ووسائل الشيعة إلى مؤلّفيها بلا ذكر للأسناد.

[33] جاء نصّ هذه الزيارة في كلّ من المصادر الآتية: ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص341. ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص291. وأيضاً: العاملي (الشهيد الأوّل)، محمد بن مكي، المزار: ص124. وأيضاً: الكفعمي، إبراهيم، المصباح: ص651. وأيضاً: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص336، ح1.

[34] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص341. ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص291. العاملي (الشهيد الأوّل)، محمد بن مكي، المزار: ص124. الكفعمي، إبراهيم، المصباح: ص651. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص336، ح1.

[35] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج3، ص361ـ363.

[36] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج23، ص66.

[37] بل هناك شواهد على خلاف ذلك، من جملتها أننا لم نعثر إلّا على رواية واحدة قد رويت عن محمد ابن علي بن غالب، وراويها لا يتناسب مع محمد بن غالب على الإطلاق.

[38] اُنظر: النوري، الميرزا حسين، خاتمة المستدرك: ج2، ص438. وأيضاً: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج107، ص158.

[39] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج2، ص4، وص97، وص273، وص442، وج4، ص42، وص224، وج5، ص388، وج6، ص76، وص108، وص148، وص355، وج7، ص16، وص61، وج8، ص33، وموارد أُخرى منه، وفي سائر كتب أهل السنة وأخبارهم.

[40] النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص408.

[41] بل قد يذكر أحياناً باسم محمد بن غالب. اُنظر: الأردبيلي، محمد علي، جامع الرواة: ج2، ص171.

[42] ما سنلحظه قريباً عند ذكر مشايخهما من رواية بعضهما عن الآخر شاهد على تعاصر هاتين الشخصيتين.

[43] عمدة مشايخ محمد بن غالب هم عبارة عن: علي بن الحسن بن علي بن فضال، (اُنظر: المفيد، محمد ابن محمد، الإرشاد: ج 1، ص 45. المفيد، محمد بن محمد، الأمالي: ص 18. وأيضاً: الأردبيلي، محمد علي، جامع الرواة: ج 2، ص 171). وزيد بن رياح، (اُنظر: الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبرى: ص252)، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، (اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص72)، ومحمد بن الوليد الخراز، (اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال: ج2، ص631).

      أمّا عمدة مشايخ محمد بن عبد الله بن غالب فهم كما يأتي: علي بن الحسن الطاطري، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص158)، والحسن بن علي بن يوسف بن بقاح، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص245)، والحسن بن أيوب، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص51)، وصفوان بن يحيى، (اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج17، ص245)، وعبد الرحمن بن أبي نجران (اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج17، ص259)، ومحمد بن إسماعيل الزعفراني (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص142، والحسين بن رباح أو رياح، (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج8، ص350)، ومحمد بن الوليد، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص171)، ومحمد بن عبد الحميد العطار، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص144)، والحسين بن داوود بن حصين، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص308).

      وفي مشايخ محمد بن غالب نلحظ اسم محمد بن عبد الله الأنصاري، (اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص72)، وهو نفسه محمد بن عبد الله بن غالب، (اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج17، ص245)، وهكذا نلحظ اسم محمد بن غالب في مشايخ محمد بن عبد الله بن غالب، إضافة إلى أنّ أكثر روايات محمد بن عبد الله بن غالب هي عن الطاطري الذي لا نلحظه في أسانيد محمد بن غالب، كما أنّ أكثر روايات محمد بن غالب عن علي بن الحسن بن علي بن فضال الذي لا نلحظه في مشايخ أبي عبد الله الأنصاري.

[44] عمدة مشايخ محمد بن عبد الله بن غالب بالواسطة عبارة عن: سيف بن عميرة، (اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الأمالي: ص173 وص193. وأيضاً: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص207)، ويونس بن يعقوب، (اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج1، ص133)، ومحمد بن كليب، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص207. وأيضاً: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج10، ص178)، وعبد السلام بن سالم، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص245)، والعلاء بن يحيى، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص164)، ومحمد بن يحيى الخزاز، (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص144)، وحماد (اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص142).

     أمّا مشايخ محمد بن غالب بالواسطة فهم عبارة عن: الحسن بن محبوب، (اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج1، ص45)، وعبد الله بن جبلة، (اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الأمالي: ص18. وأيضاً: الأبطحي، محمد علي، تهذيب المقال: ج4، ص25)، والحسن بن أيوب، (اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج4، ص15، عن معاني الأخبار، وتوحيد الصدوق)، ومحمد بن أبي حمزة، (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج10، ص267)، ويحيى الحماني، (اُنظر: الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب أمير المؤمنين(عليه السلام) :ج1، ص324)، والخليل البكري، (اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص72)، وعبد الله بن سنان، (اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج11، ص535)، وابن بكير، (اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال: ج2، ص631).

[45] محمد بن غالب هو من رواة علي بن الحسن بن فضال، وكان عُمْر (عليٍّ) في حياة أبيه الحسن بن عليّ بن فضال ـ الذي كان يقابل معه نسخ الكتب الحديثيّة ـ ثماني عشرة سنة، ووفاته سنة (224، أو 212، أو 210 هـ)، بناءً على ذلك يكون عليّ بن فضال قد أدرك جيداً في زمان كهولته وشيخوخته كلاً من الإمام الهادي والإمام العسكري(عليهما السلام)، فبإمكان محمد بن غالب أن ينقل عنه روايات الأصحاب. لمزيد من التوضيح عن ترجمة البزنطي وعلي بن الحسن بن علي بن فضال، اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج3، ص19 وص21، وج6، ص50.