العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
الزيارة في دائرة المعارف الإسلامية - القسم الأوّل

الزيارة في دائرة المعارف الإسلامية - القسم الأوّل

د. يوسف وليد مرعي - بروفسور في كلّية الدراسات الإسلامية، جامعة حمد بن خليفة/قطر

خلاصة المقال

مقدّمة المجلّة

تحظى الزيارة بمكانة ملحوظة في كتابات المستشرقين، مكانة انعكست من خلال بحثهم عن هذا الحقل الديني المهم في أكبر مجموعة بحثية أُسست في تاريخهم، ألا وهي دائرة المعارف الإسلامية (ليدن)، ونظراً لكون أحد الأغراض التي تسعى مجلّتنا (مجلّة الإصلاح الحسيني) لتحقيقها هو التفتيش في ثنايا التاريخ عن كلّ ما يرتبط بالإمام الحسين(عليه السلام)، سواء في نهضته المباركة، أو في ما تلاها من أحداث، أو ما حظي به(عليه السلام) من كرامات؛ لذا ارتأينا ضرورة ضمّ كتابات المستشرقين حول موضوع الزيارة إلى ما يُطرح في الأوساط الإسلامية في هذا الصدد، وذلك من خلال ترجمة جملة من المقالات المنشورة في هذه المجموعة البحثية، وقد تحدّث القسم الذي نحن بصدده عن تاريخ الزيارة في وسط الأراضي العربية وشرقها خلال فترة ما قبل العصر الحديث. هذا وقد تمّت في هذه الترجمة المحافظة على الأصل قدر الإمكان، والاستفادة من المعقوفتين لتشخيص بعض الإضافات التوضيحية.

نص المقال

الزيارة: جمعها (زيارات)، ومعناها: هو الحجّ إلى مكان مقدس، أو قبر، أو ضريح.

[أمّا الحديث عن تاريخ نشأتها وتطوّرها فسيكون ضمن العناوين التالية:]

1. في وسط وشرق الأراضي العربية خلال فترة ما قبل العصر الحديث.

2.في الأراضي العربية الوسطى من عام (1800م) إلى يومنا هذا.

3. بين الأقباط في مصر.

4. في المغرب.

5. في بلاد فارس والأراضي الشيعية الأُخرى.

6. في الأراضي التركية بما في ذلك البلقان وآسيا الوسطى.

7. في الهند المسلمة.

8. في إندونيسيا.

9. في وسط وغرب أفريقيا.

10. في القرن الأفريقي.

[الزيارة] في الأراضي العربية الوسطى والشرقية خلال فترة ما قبل العصر الحديث

على الرغم من تشريع النصوص [الإسلامية] المقدّسة للحجّ، وكذا الحجّ الأصغر (العمرة)، نجد أنّ هذه النصوص قد خلت من الإشارة إلى تشريع للزيارة. هذا، وإنّ المصادر العربية والعبرية في العصور الوسطى كثيراً ما كانت تُشير إلى قيام اليهود والمسيحيين بأداء الزيارة إلى مقابر الأشخاص المقدّسين ومزاراتهم[1]، ويقوم يهود الشرق الأدنى بشكل اعتيادي بالحجّ إلى الأماكن المقدّسة في القدس الشريف، وبلاد الشام والعراق، وبلاد فارس.

إنّ المعنى المهمّ والأساسي لهذه الكلمة [أي الزيارة] يتجلّى في زيارة قبور الموتى (زيارة القبور)، كما ينعكس ذلك في المجاميع الحديثية المختلفة[2]، ولكن لا في سياق القدّيسين والأنبياء على وجه التحديد.

ومن التعبيرات الأُخرى ذات الصلة التي ظهرت في مصادر العصور الوسطى (السفر) و(السفر إلى زيارة القبور)، وتُشير الأحاديث النبوية عموماً إلى تشدّد النبيّ[(صلى الله عليه واله)] في عدم زيارة أماكن العبادة المسيحية، وقلقه من أنّ المسلمين سوف يتّبعون الممارسات الوثنية والشركية، ويرفعون القبور فوق الأرض. نعم، حثّ النبيّ[(صلى الله عليه واله)] على زيارة قبور الموتى؛ للصلاة نيابة عنهم، والدعاء لهم.

هذا، وتظهر الزيارة في سياقات أُخرى، من قبيل: توجّه المحبّين لزيارة المساجد والأماكن المقدّسة الأُخرى، التي يرتبط الكثير منها بالأشخاص المقدّسين وأساطيرهم، كعيون الماء، والآبار، والكهوف، والجبال، وما إلى ذلك. وتُؤدّى الزيارة أيضاً للقدّيسين المتوفّين (الأولياء)، والأنبياء، والعرفاء، وغيرهم من الأشخاص المقدّسين. وهناك نوع آخر من (الزيارة) تُؤدّى لبعض الأشياء الجليلة مثل نعل النبي[(صلى الله عليه واله)][3].

كما زار المحبّون أيضاً رجالاً مقدّسين أحياء (قدّيسين، صوفيّين)، أو غيرهم من الأفراد الموقّرين؛ لتقواهم وتعاليمهم وبصيرتهم الروحية وبركتهم[4].

أحد أقدم النصوص الموثّقة التي يتحدّث فيها علماء مسلمون عن الأدب المناسب عند زيارة الأضرحة، يعود إلى القرن (الثاني للهجرة/الثامن للميلاد)؛ يعبِّر الحسن البصري (ت 110هـ/728م) فيه عن قلقه إزاء الأدب والعرف المناسبين للفرد عند زيارة الأضرحة، ويوبّخ الناس بسبب غفلتهم عن الهدف الأساسي [من الزيارة]، والانشغال في ممارسات غير مقبولة كالأكل[5].

أ ـ الزيارة الشيعية في الأراضي العربية

يُدرك جميع الشيعة ـ أينما استقرّوا ـ أهمّية زيارة ضريح حفيد النبي[(صلى الله عليه واله)] (الحسين)، وأئمّة الشيعة الآخرين. وعلى الرغم من أنّ الزيارة لم تكن إلزامية في الواقع كالحجّ، إلّا أنّها تتمتّع باهتمام ومزايا وثواب مماثل، والعتبات الشيعية الكبرى (أو مدن الحجّ) تكاد تكون القبلة الثانية لهم؛ والوعيد بالعقاب الإلهي على ترك الزيارة بارز في التراث المرتبط بالزيارة، كما أنّهم متمسّكون بعقيدة شفاعة الأئمّة لأتباعهم، على عكس السنّة، حيث أنكر علماؤهم المتشدّدون كالغزالي وابن قيّم الجوزية شفاعة الأولياء، ونسبوها فقط إلى النبي[(صلى الله عليه واله)]. هذا، وإنّ روايات الزيارة قد ظهرت في سياق النزاع السنّي الشيعي الذي عجّلته مذبحة الحسين وجماعته في كربلاء.

وفي سياق مشابه لكون أداء صلاة الفريضة معادلاً للقيام بفريضة الحجّ الواجبة، وصلاة النافلة معادلة للعمرة المستحبّة؛ تذكر روايات شيعية أنّ أداء فريضة الزيارة إلى كربلاء يوم عرفة تعادل: «... ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة مبرورة، وألف غزوة مع نبيّ مرسل...»[6]. وعلى الرغم من أنّ الزيارة لم تمثّل بديلاً شرعياً أو خَلَفاً للحجّ، إلّا أنّ منحها مزايا تفوق مزايا الحجّ كان صريحاً، وقد شبّه أبو عبد الله [الإمام الصادق(عليه السلام)] متطلّبات الخروج لزيارة الحسين[(عليه السلام)] بمتطلّبات الخروج للحجّ، فـ«ما يقع على عاتقنا (ما يلزمنا) هو ما يجب القيام به في الحجّ»[7]، مضافاً إلى وجود روايات عديدة جديرة بالثناء، تتناول مكانة الزيارة[8].

ومن هنا؛ نجد أنّ الشيعة ركّزوا بشكل أكبر على طقوس الزيارة أكثر من السنّة، وفي الواقع لم يعارض أيّ عالم شيعي إجراء الزيارة، وقد ساهمت مؤسّسة الشعائر في تكوين مراكز للزيارة في مدن العراق وبلداته، وعلى هذه الشاكلة استمرّ الانشداد العاطفي إلى أئمّة الشيعة وآل النبي[(عليهم السلام)] في مصر الفاطمية، على الرغم من تتابع الحكومات السنّية عليها[9].

ب ـ معارضة الزيارة

تبلورت المعارضة تجاه مراسم الزيارة بعد تأسيس المذهب الحنبلي الفقهي في العراق. نعم، لم يكن مؤسّسه ابن حنبل (ت241هـ/855م) نفسه من المكترثين لانخراط المسلمين في ممارسات الزيارة التي تنتهك القرآن والسنّة[10]، بل الأجيال اللاحقة من التلاميذ هم الذين اكترثوا لذلك؛ ومع ذلك فقد نهى ابن حنبل في البداية عن تلاوة القرآن في مراسم الدفن، لكنّه سرعان ما غيّر رأيه بعد ذلك[11].

أمّا الحنابلة فقد أكّدوا أنّه ما لم توجد سابقة في القرآن أو السنّة على تجليل القدّيسين، والقيام بزيارة المقابر ـ باستثناء قراءة سورة الفاتحة، والدعاء للموتى، والتأمّل في الموت والآخرة ـ  كان من الواجب اعتبار الزيارة بدعة، وتجليل القدّيسين شركاً. كما رفض الحنابلة الزيارة بناء على أنها تُشجِّع على الممارسات الفاسدة، من قبيل الاختلاط بين الجنسين، خاصّة في الأعياد وأيام القدّيسين (المواسم).

هذا، وإنّ واحدة من أقدم الإدانات التي وجِّهت من قِبل الحنابلة للزيارة جاءت على يد الفقيه البغدادي ابن عقيل (ت513هـ/1119م) المقيم بدمشق، حيث انتقد الجهلة والبؤساء (أي: عامّة الناس) على الممارسات «التي خلقوها لأنفسهم»، ويعني بذلك قيامهم بتعظيم القبور وملامستها والاحتكاك بها جسدياً، ويرى ابن عقيل أنّ أتباع طائفة الأولياء برّروا زيارة المقابر والأضرحة بالتذرّع برواية عن الصحابي جابر ابن عبد الله (ت78هـ/697م) جاء فيها أنّ النبي[(صلى الله عليه واله)] زار مسجد الأحزاب أيّام الإثنين والثلاثاء والأربعاء[12]؛ وبناءً على هذه الرواية فقد بحث ابن عقيل وأجيال لاحقة من الحنابلة مسألة جواز أداء الزيارة لأضرحة القدّيسين ومشاهدهم، والمساجد التي تحتوي على القبور، أو عدم جواز ذلك من الناحية الشرعية.

كما يوجد زعم غير معقول يدّعي أنّ انشغال المحبّين في ليالٍ من العبادة الدينية تسمّى (إحياء)، يتلون فيها القرآن ويصلّون، يتسبّب في سلوك غير أخلاقي؛ حيث يُشير ابن عقيل إلى أنّ ذلك يؤدّي إلى ارتكاب الرجال والنساء الفاحشة، وإلى إنفاق أموال طائلة في هذا المجال، ويشرح بالتفصيل الطقوس المرفوضة، مثل: إشعال الشموع، وتقبيل القبور وتعطيرها، والتوسّل بالأموات، وكتابة الصيغ على الورق، وأخذ التراب من القبر للبركة، وتعليق الخرق على الأشجار، وما إلى ذلك، ويستدلّ [ابن عقيل] على ذلك بأنّ مثل هذه الممارسات شبيهة بممارسات الجاهلية[13].

وكان ابن تيمية (ت728هـ/1328م) ـ  وهو من أبرز منتقدي طائفة القدّيسين ـ  قد أصدر العديد من الفتاوى والأُطروحات المثيرة للجدل المتعلّقة بالزيارة، والتي تُوفِّر نظرة ثاقبة لطقوسٍ مرتبطة بالتفاني مع القدّيسين من المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء الشرق الأدنى، ولا سيّما في دمشق، حيث عاش معظم حياته.

يُميّز ابن تيمية بين الزيارة الهرطقية (الزيارة البدعية) التي يربطها بالوثنيين واليهود والنصارى وبين الزيارة المشروعة (الزيارة الشرعية) التي أمر بها النبي[(صلى الله عليه واله)]. [يقول ابن تيمية: إنّ] الأُولى تُعادل الشرك بالله، وهي «قصد الزائر أن يُستجاب دعاؤه عند القبر، أو أن يدعو الميّت، ويستغيث به، ويطلب منه، أو يُقسم به على الله في طلب حاجاته، وتفريج كرباته»[14]. ومع ذلك، فإنّ ابن تيمية لا ينكر إمكانية استجابة الدعاء، إلى درجة أنّه قال: «فهذا القدر إذا وقع يكون كرامة لصاحب القبر»[15]. وبينما يقرّ بعض علماء الدين بالطبيعة التكافلية في العلاقة بين الأحياء والأموات، يستدل ابن تيمية قائلاً: «فليس في الزيارةِ الشرعية حاجَة الحيِّ إلى الميِّت، ولا مسألته، ولا توسّله به؛ بل فيها منفعة الحيِّ لِلميِّت، كالصلاة عليه والله تعالى يَرحم هذا بدعاء هذا وإحسانه إليه»[16].

هذا، وقد تابع تلميذ ابن تيمية، ابن قيّم الجوزية المولود سنة (1275هـ)، والمتوفّى سنة (1350هـ) حملة [أُستاذه] ضدّ ممارسات الزيارة التي شكّلت تهديداً للمألوف، وفي مجادلة محتدمة ضدّ السوريين رأى أنّهم كانوا في العصور الوسطى يمارسون طقوساً (مناسك) عند أداء الزيارة مماثلة لتلك التي كانت في الحجّ[17].

هذا، وقد دمّرت فرقةُ الوهابية المتزمّتة  ـ أتباع تعاليم ابن تيمية ـ الآثار المشيّدة فوق قبور الصحابة في جميع أنحاء الحجاز في أوائل القرن العشرين.

ج ـ  تأكيد الزيارة

 في مقام الدفاع عن الزيارة نجد أنّ أبا حامد الغزالي (ت505هـ/1111م) تحدّى في كتابه (إحياء علوم الدين) المعترضين على الزيارة، وأثبت جواز زيارة قبور الأولياء، وجواز زيارة جميع القبور. نعم، حدّد ـ في هذا المجال ـ المعنى الحقيقي للزيارة، مبيّناً أنّه ليس مرتبطاً بالأولياء خاصّة.

إنّ عامل القداسة يصبّ في مصلحة أماكن الزيارة؛ فإنّ المسلمين يمتلكون شعوراً إجمالياً بقداسة الميّت، شعورٌ يتجلّى في حالة الارتباط الجسدي والروحي للمحبّين بالمكان المنشود، ويؤكّد الغزالي على شمولية الارتباط الخاص [لكل زائر] بالميت، يتضمّن هذا الارتباط نوعاً من الخضوع والتوجه إلى الميت بكل المدركات، وهي سمةٌ غالبة في أدب الزيارة[18]؛ وأنّ الزيارة يجب أن تؤدّى طبق سنّة النبي[(صلى الله عليه واله)].

إنّ الهدف من الزيارة عند الغزالي هو التفكّر في الموت وتذكّره، والتبرّك، وهو رأيٌ يوافقه فيه حتّى الحنابلة، ولا ينال المحبّ البركة إلّا بسبب تفكّره ودعائه، وليس بسبب القدّيس الميّت باستثناء النبي[(صلى الله عليه واله)]. ويذكر الغزالي روايتين، تُثني أحدهما على الزيارة، وهي: «زيارة القبور مستحبّة على الجملة للتذكّر والاعتبار، وزيارة قبور الصالحين لأجل التبرّك مع الاعتبار. وقد كان رسولُ الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) نَهى عن زيارة القبور، ثمّ أذِن في ذلك بعد»[19]. ثمّ يذكر الغزالي رواية عن عليٍّ [(عليه السلام)] تُشير إلى أنّ النبي[(صلى الله عليه واله)] قد غيّر رأيه في الإذن للمسلمين في زيارة الميّت.

وعلى عكس الحنابلة، فإنّ الغزالي لم يفرّق بين زيارة قبور الأحبّاء ومقابر الأولياء، فالهدف واحد، وهو التوجّه بالدعاء إلى الله نيابة عن الميّت، وبما أنّ النبيّ[(صلى الله عليه واله)] زار قبر أُمّه؛ جاز للمسلمين زيارة جميع القبور وتذكّر الموتى، ولكنّه[(صلى الله عليه واله)] لم يقبّل القبور قط، أو ينحني أمامها، أو يدلك جسمه بها.

( مؤلّفات حول الزيارة

يُشار غالباً إلى كتب دليل الزيارة بكتب الزيارات، هذه الكتب التي كانت عبارة عن عامل مساعد للزائر الذي يريد تذكّر القدّيس الميّت والصلاة عليه، وزيارة قبره أو ضريحه، وبالرغم من أنّ هذه المؤلّفات تعكس مجموعة متنوعة من الانفعالات والتقاليد الموروثة من العصر الإسلامي المبكّر، إلّا أنّ لها ـ أيضاً ـ لمسة واقعية في مجال تنوّع طقوس الزيارة؛ وبالتالي فهي تُشكّل مصدراً مهمّاً لإدراك قضية تبجيل الأشخاص المقدّسين؛ وتذكر هذه الكتب أحياناً الأماكن المقدّسة اليهودية والمسيحية، والمشتركة بين الجميع.

ساهم عدد من العوامل في ظهور كتب دليل الزيارة كنوع من الكتب الدينية، كما أدّى التوسّع الإقليمي الإسلامي ـ من (القرن الأوّل الهجري/السابع الميلادي) إلى (القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي) ـ إلى قيام علماء المسلمين بتسجيل مواقع دفن الصحابة الذين أقاموا في المدن التي استقرّت فيها الحامية العسكرية، والذين استُشهدوا في المعارك، كما قاموا أيضاً بذكر روايات مماثلة، بدرجات متفاوتة في صحّة النقل، لها علاقة بالأنبياء وغيرهم من الشخصيات الواردة في النصوص.

إنّ روايات الزيارة علاوة على كونها روايات (فضائل) فإنّها تؤكّد على الصبغة الإسلامية للموقع الذي دُفن فيه نبيّ أو شهيد أو بطل وقدسيته، وهذا نوع من التطوّر والتكامل. كما أنّ مثل هذه الروايات تعظّم فضائل مدن معيّنة وأماكن مقدّسة وقدّيسين؛ وقد ساهم التجميع المنظّم للروايات في ظهور كتب تاريخ لبعض المناطق، وكتب دليل الزيارة لمدن، مثل: القاهرة ودمشق وحلب والكوفة والنجف، بالإضافة إلى أنواع أُخرى من الكتب الأدبية، غالباً ما تذكر مواقع الزيارة.

النموذج الوحيد المعروف لأدب الزيارة في العالم الإسلامي بأسره، وفي أجزاء من منطقة البحر الأبيض المتوسّط وبيزنطة المسيحية ـ خلال أواخر (القرن السادس للهجرة/الثاني عشر للميلاد) وأوائل (القرن السابع للهجرة/الثالث عشر للميلاد) ـ هو كتاب العالم والزاهد السوري علي بن أبي بكر الهروي (ت611هـ/1215م) بعنوان: (كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات)[20].

هذا، وإنّ أغلب معرفتنا بالحجّ إلى المزارات في شبه الجزيرة العربية مستمدّة من هذا المصدر الذي سجّل فيه المؤلّف المواقع، بالإضافة إلى إيراده الأحاديث المتعلِقة بكلّ موقع، سواء عن طريق النقل بلا واسطة أو بالواسطة. وغالباً ما يذكر الهروي أحاديث مشهورة بين الناس مورداً إياها بعبارات، مثل: (قيل)، و(يُقال)، و(كما ذكره)، و (يذكرون)، أو (كما ذكره أهل الموضع)؛ أمّا ما يشكّ فيه من تلك الأحاديث فيعبِّر عنه في أكثر الأحيان بقوله: (والصحيح أنّ...).

ويمثّل كتاب (الإشارات) الأساس لكتب دليل الزيارة في أواخر العصور الوسطى، ولكتب تاريخ البلدان، لا سيّما في الشام. وعلى عكس كتب دليل الزيارة الأُخرى، لا يوجد دليل يشير إلى أنّ كتاب الإشارات تمّت الاستفادة منه للزيارة؛ فإنّ المؤلّف ـ في الواقع ـ قد أهدى هذا العمل للخليفة العبّاسي[21]، وعلاوة على ذلك، فإنّ الكتاب ليس صريحاً مثل كتب دليل الزيارة المصرية في بيان الجهات [والمسافات]، فكتاب الإشارات يشبه كتب مسار الرحلات، إلّا أنّه لا يذكر المسافات بين الأماكن، أو الوقت الذي يُصرف في موقع معيّن. وفي الواقع إن الدليل هو عبارة عن تجميع من الذاكرة، ومن مصادر موثوقة، بالإضافة إلى احتوائه على مذكّرات ربّما نجت من استيلاء الفرنجة (الصليبيين) عليها عام (588هـ/1192م).

وتستخدم كلّ كتب دليل الزيارة لغة مشتركة للإشارة إلى مواقع الزيارة، وهي لغة ليست وصفية بطبيعتها فحسب، وإنّما كانت الكتب تشير أيضاً إلى الطقوس التي يؤدّيها المحبّون، والطبيعة المقدّسة للمواقع.

وفي غياب عرف عالمي لكتب دليل الزيارة، فقد ظهر فيها العديد من التقاليد التي هي انعكاس لمجموعة متنوّعة من الممارسات المحلّية والإقليمية، وهذا يتّضح من تنوّع هذه الكتب في المقام. وتميل كتب دليل الزيارة في جميع أنحاء العالم الإسلامي إلى كونها متأثرة بطبيعتها، أي غالباً ما تعتمد على التقاليد السابقة.

هذا وإنّ أقدم دليل معروف للزيارة هو شيعيّ المنشأ، وهو كتاب الزيارات للفقيه الكوفي الحسن بن علي بن فضّال التيملي الكوفي (ت224هـ/838 ـ 839م)، ولا توجد أيّ علاقة بين تطوّر كتب دليل الزيارة الشيعية في العراق وبين تطوّرها في مصر؛ كما أنّ الكتب المصرية أو السورية التي سنذكرها لاحقاً لا تذكر أيّ مصدر شيعي.

يعتمد مؤلّفو كتب الزيارة السنّة والشيعة على أدب (الفضائل) لأجل تمجيد موقعٍ ما، كما تعتمد كتب الشيعة علاوة على ذلك على الروايات المنسوبة إلى عدد من الأئمّة[(عليهم السلام)]، وأبرزهم الإمام السادس جعفر الصادق[(عليه السلام)]، والتي تتعلّق إلى حدّ كبير بالحسين[(عليه السلام)]، وعلي[(عليه السلام)]، وأفراد آخرين من آل بيت النبي[(صلى الله عليه واله)].

هـ ـ كتب دليل الزيارة الشيعية

تتعلّق هذه الكتب بمناسك الزيارة، وليس بالآداب فقط، كما في كتب الزيارة السنّية، التي تشير من خلال كلمة (مناسك) ـ بحسب طبيعتها ـ إلى شعائر الحجّ وطقوسه، وتؤكّد كتب الزيارة الشيعية على أهمّية السلوك الشعائري أكثر من نظيرتها السنّية، وأقدم كتب الشيعة المعروفة في مجال الزيارات هي للكوفي [صاحب كتاب الزيارات]، وابن قولويه (ت368هـ/978ـ 979م) صاحب كتاب كامل الزيارات، وكتاب المزار لتلميذه محمد بن محمد النعمان الحارثي، المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ/1022م)، وكتاب المزارات الكبير لابن داوود القمّي (ت368هـ/978م أو 379هـ/989م).

وتذكر هذه الكتب السلوكيات الطقوسية والأدعية التي تُقرأ قبل أداء الزيارة، مثل: أنواع الشعائر والطقوس التي يشير إليها الشيخ المفيد بعنوان مناسك، ويستشهد هو وابن قولويه بروايات تشير إلى أنّ الشيعة ركّزوا بشكل كبير على زيارة قبر علي[(عليه السلام)] في النجف وقبر الحسين[(عليه السلام)] في كربلاء. إحدى هذه الروايات تعود لأبي عبد الله بن الحسين[22]، جاء فيها أنّ: «زِيارة الحسين(عليه السلام) تَعدِلُ عشرين حجّة، وأفضل من عشرين حجّة»[23]، وهناك حديث مشابه يتعلّق بزيارة الحسين[(عليه السلام)] في يوم عرفة.

وبما أنّ الشعائر المعتمدة تشكّل جزءاً أساسياً من تكريس الشيعة للزيارة، فقد مارس علماء الشيعة والأئمّة[(عليهم السلام)] السيطرة على طقوسها، وحثّوا المحبّين على جعل الزيارة تسير وفقاً لروايات الأئمّة[(عليهم السلام)]، لدرجة أنّ عدم القيام بذلك كان يعتبر غير إسلامي، ومن شأنه أن يؤدّي إلى عمر أقصر[24]، وهذا على النقيض من الزيارة السنّية، حيث كان هناك القليل من السيطرة.

وبالنسبة للشيعة، فإنّ أداء الزيارة له فوائد عديدة علاوة على الفوائد المؤقّتة التي ينالها مَن يقوم بأداء الحجّ والعمرة؛ فإنّ الزيارة تؤدّي إلى تبديد الحزن ومحو الذنوب.

وأينما أقام الشيعة فقد كانوا يمارسون نفس الشعائر والطقوس، وكان إضفاء الطابع الرسمي على الشعائر وتوطيدها نتيجة طبيعية ضرورية لنشأة مراكز أساسية للزيارة، والتي لم تكن موجودة عند السنّة.

ولم تكن الطوائف المحلّية عديمة الأهمّية، ولكن لم يتمّ تدوين الممارسات الطقسية لها وحفظها في كتب دليل الزيارة، بل نجدها مدوّنة في التاريخ المحلّي فقط، فحاكم حلب الشيعي، سيف الدولة الحمداني (حكم ما بين 333هـ/944م ـ 356هـ/967م)، كان من محبّي القدّيسين، وممّن يدعمون ويبنون الأضرحة في حلب والقرى المحيطة بها.

كان لزاماً على الزائر الشيعي [أثناء تأدية الزيارة] الامتناع عن الملذّات الدنيوية؛ فمثل زيارة ضريح الحسين[(عليه السلام)] في كربلاء كانت تجربة خاصّة تستدعي التفاعل التامّ من قبل الموالين مع [حادثة] استشهاد الحسين، والتعبير عن الحزن الشديد جرّاء ذلك، حزنٌ ليس كالذي يعبِّر عنه المرء عند وفاة الأقارب، بل إنّ تجسّده الأعظم يستوجب من الزائر أن يعيش الوهن الجسدي والعاطفي.

وعلى عكس غالبية كتب دليل الزيارة السنّية، كانت الكتب الشيعية مؤلّفة من قبل علماء بارزين، مثل ابن قولويه المذكور آنفاً، وتلميذه الشيخ المفيد، وينقسم كتاب الأخير (المزار) إلى قسمين:

أوّلهما يتعلّق بمزايا (أي فضائل) الكوفة ومسجدها (الجامع) والفرات، إلخ. ويتبع ذلك بوصف زيارة قبر علي[(عليه السلام)]، ومناقشة ضرورة زيارة قبر الحسين[(عليه السلام)]، ومزايا أداء الزيارة له،خاصّة في مختلف الأيّام المقدّسة.

[وفي هذا الصدد نقول:] إنّ طقوس الزيارة كانت شديدة التطوّر، لدرجة أنّ الشيعة يتلفّظون ببعض التعبيرات ذات الصياغات الخاصّة في كلّ مرحلة [من مراحل الزيارة]، كما أنّ كتب دليل الزيارة لديهم تُعدُّ كتباً إرشادية لعلماء الدين، يوجّهون فيها وبطريقة جماعية الزوّار الأُمّيين والعامّة إلى كيفيّة أداء الزيارة.

وأمّا القسم الثاني من كتاب المزار، فيختص غالباً بزيارة النبيّ محمد وأهل بيته[(عليهم السلام)] الذين دُفنوا في المدينة، بالإضافة إلى أئمّة الشيعة الآخرين.

ويخصّص الشيخ المفيد أيضاً قسماً آخر للأدعية المختصرة، ممّا يوحي بأنّها كانت مخصّصة للحفظ الآني قبل أداء الزيارة، وليس للقراءة أو الدراسة.

وكان الشيعة أيضاً يصلّون صلاة الزيارة الخاصّة عند قبر الإمام الأوّل علي[(عليه السلام)]، وهي تتكوّن من سلسلة من الأدعية والتلاوات لسور معيّنة من القرآن، مع وضع الخدّ الأيمن والأيسر على الأرض ولعن أعداء علي[(عليه السلام)] وكلّ مَن ظلمه.

ولا تذكر هذه الأدلّة الأماكن الموجودة في سوريا، والتي قام الزوّار الشيعة العراقيون بالحجّ إليها؛ إذ لم يتمّ دفن أيّ إمامٍ [أي: من الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)] هناك، ومع ذلك فإنّ شيعة سوريا ولبنان يؤدّون العديد من الطقوس والشعائر المذكورة في هذه الأدلّة، والمماثلة لما يُؤدّى في مزارات الأئمّة في العراق وبلاد فارس.

وعلى الرغم من فقدان هذه الأدلّة لطقوس الزيارة الشيعية في سوريا، إلّا أنّ علماء الدين الشيعة الحلبيين والدمشقيين كانوا يسافرون إلى المدن المقدّسة في العراق، [وكانوا يأتون بالطقوس المعمول بها هناك إلى مزاراتهم المحلّية]؛ وفي المقابل كان علماء الدين الذين ينحدرون من الشرق، ويستقرّون في الشام، ينشرون التعاليم الصحيحة للأئمّة[(عليهم السلام)]، ويعلّمون الناس الشعائر الصحيحة للزيارة.

إنّ أقدم دليل مصري للزيارة متوفّر بين أيدينا اليوم، وهو بمثابة أساس للأعمال اللّاحقة، وهذا الدليل هو كتاب (مرشد الزوّار إلى قبور الأبرار) للفقيه الشافعي وعالم الحديث عبد الرحمن بن عثمان (ت615هـ/1218م)، وعلى غرار كتب الزيارة الأُخرى، يبدأ الكتاب بذكر التضاريس المقدّسة لمركز الزيارة، من قبيل: جبل المقطّم ومقابر القرافة بالتحديد، يلي ذلك: وصف للمساجد وأوقافها، وأخبار تاريخية عن الزيارة، وأحاديث عن سماع الموتى الأحياءَ، ومناقشة مقبولية المشي في المقبرة بالنعل، والأذكار التي تُقرأ عند دخول المقبرة، وآداب الزيارة، والطقوس المختلفة (الأضحية، الصلاة، ونحوهما)، وفي الختام يسرد المؤلّف أسماء الأضرحة وخصائصها المؤثّرة، والطقوس المرتبطة بها، والطرق الدقيقة الموصلة إليها، ولم يتّخذ الكتاب منهجاً وصفياً محضاً، بل كان توجيهياً أيضاً، وفي الواقع، يتميّز الكتاب بكونه مليئاً بالإرشادات والتوجيهات للزائر، وهو يسير من محطّة إلى أُخرى.

وهناك كتاب إرشادي آخر للزيارة تحت عنوان: (مصباح الدياجي وغوث الراجي وكهف اللاجي) لأحد معاصري ابن عثمان، وهو مجد الدين بن محمد بن عبد الله الناسخ (ت696هـ/1296[أو] 1297م) الذي كان مسؤولاً مصرياً صغيراً، يعمل في خدمة الوزير ابن حنا.

وفي القرن (التاسع للهجرة/الخامس عشر للميلاد) ألّف العارف الصوفي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن الزيّات (ت٨١٥هـ/١٤١٢م) أثراً بعنوان: (كتاب الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة في القرافتين الكبرى والصغرى).

بينما ألّف نور الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي (ت1482[أو]1483م) كتاب دليل آخر تحت عنوان (تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطاط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات).هذا، وقد تحوّلت الزيارة القاهرية إلى مؤسّسة متقنة تعتمد على مرشدين متعلّمين عُرفوا بمشايخ الزيارة، وكانوا يرشدون الزوّار في مقابر القرافة في جبل المقطّم.

تطوّرت كتب دليل الزيارة في الشام بعد مصر بمدّة طويلة؛ ومن هنا فإنّ معظم معرفتنا عن الزيارات السورية في العصور الوسطى مستمدّة من مصادر تاريخية [أُخرى]، على عكس مصر، حيث كان أدب الزيارة معروفاً فيها منذ العصر الفاطمي والمملوكي، فإنّ أقدم دليل زيارة لسوريا متوفّر بين أيدينا يعود إلى الفترة المبكّرة من القرن (العاشر للهجرة/السادس عشر للميلاد).هذا، وقد أدّى غياب هيمنة مؤسّساتية سنّية على الزيارة إلى بروز مشايخ الزيارة فيما بعد، وفقدان دور علمائي مبكّر في مجال روايات الزيارة، [أدّى كلّ ذلك] إلى ظهور كتب الزيارة.

ثمّ إنّ القصائد الشعرية مثل تلك التي تُنسب إلى المؤرّخ الدمشقي ابن عساكر (ت572هـ/1176م) عن جبل قاسيون، أثنت على أداء الزيارة في مواقعها، كما اعتاد المسلمون على كتابة الشعر عن أماكنهم المقدّسة، وقد تمّ العثور على أوصاف موجزة لمواقع الزيارة في المؤلّفات الجغرافية، كما في كتاب (نخبة الدهر) [لأبي طالب الأنصاري] الدمشقي [ت727هـ]، وكذلك في التقارير الكاملة في مسارات السفر، مثل كتب (الرحلات) لابن جبير وابن بطوطة، اللذين يذكران دائماً مواقع الزيارة عند توصيفهم لمناطق معيّنة.

وفي نفس الصدد نجد أنّ خليل بن شاهين الظاهري (ت873هـ/1468م) يُعدِّد في كتابه (زبدة كشف الممالك) باستمرار مساجد الجمع، والمدارس الدينية والأضرحة (المشاهد)، ومواقع الحجّ (المزارات)، والمواقع المباركة (الأماكن المباركة)؛ إنّ محورية هذه الأُمور في عمل الظاهري، وتركيزه على (الأماكن المباركة)، يشير إلى الأهمّية المعاصرة في زمانه لأماكن الزيارة.

يتميّز القرنان (السادس والسابع للهجرة/الثاني عشر والثالث عشر للميلاد) بالنشاط المتزايد في تجميع روايات الزيارة، وأوصاف أماكنها، والطقوس والأساطير المرتبطة بها، وتمثّل هذه الأعمال تحوّلاً من سنّة الزيارة الشفهية إلى الزيارة الكتبيّة بين العلماء والمؤرّخين في الشام.

ويذكر المؤرّخون: كابن عساكر، ومحمد بن علي العظيمي (ت حوالي 556هـ/ 1161م)، ويحيى بن أبي طيء (ت حوالي 625/1228م ـ 630هـ/1233م)، وابن العديم (ت660هـ/1262م)، وابن شدّاد (ت684هـ/1285م)، وابن الشحنة (ت890هـ/1485م) قوائم مفصّلة للمقابر والأضرحة، وغيرها من الآثار في عصر المرداسيّين، والحمدانيّين، والأيوبيّين، والمماليك، كما تقدّم أعمالهم تفاصيل مهمة تتعلّق بتأسيس الآثار، وتأثيرها [في المجتمع]، والأساطير المرتبطة بها، وممارسات عامّة الناس ومعتقداتهم، واحتكاكهم بـ[قبور] المقدّسين.

إنّ بعض هذه التقاليد مبنيّة على التجارب الشخصية للكتّاب أو معاصريهم، والأمر الجدير بالملاحظة ـ في المقام ـ هو الأهمّية الممنوحة لروايات الزيارة المتعلّقة بمقابر آل النبيّ وصحابته والتابعين في جميع هذه الأعمال.

ثمّ إنّ ابن عساكر قد خصّص عدداً من فصول تاريخه لأماكن الصلاة والمقابر والأضرحة التي تُقصد للزيارة في دمشق وما حولها، ويحتوي أحد الأقسام على تسعة عشر حديثاً يتعلّق بمقابر الأنبياء والصحابة، رواها عدد من الصحابة بالإضافة إلى عدّة روايات للمؤرّخ الدمشقي أبي زرعة (ت٢٧٠هـ/٨٩٤م)، الذي ينتقد صحّة عدد من الأضرحة، ويقول على سبيل المثال: «وأمّا مدرك بن زياد، فلم أجد له ذكراً إلّا على اللوح المكتوب على قبره من وجهٍ لا يثبت مثله»[25].

وأمّا أعمال ابن العديم وابن شدّاد فهي على غرار كتاب (الإشارات) للهروي، تعكس مستوى شائعاً من الخطاب، كما أنّها تذكر أيضاً أنشطة الناس. وابن العديم الذي كان معاصراً للهروي، والذي سمع منه بنفسه عدداً من الروايات، قد خصّص فصلاً من كتابه (بُغية الطلب في تاريخ حلب) تحدّث فيه عن مواقع الحجّ (المزارات) ومقابر الأنبياء والقدّيسين، والمواقع المشرّفة (المواطن) التي عُرفت باستجابة الدعاء[26] في حلب ونواحيها؛ حيث يُعدِّد في المقام سبعة وخمسين مكاناً للزيارة في مدينة حلب ونواحيها، ذكر بعضاً منها الهروي ووالد المؤلّف.

أمّا ابن شداد فيخصّص ثلاثة فصول من كتابه (الأعلاق الخطيرة في ذكر أُمراء الشام والجزيرة) للحديث عن مواقع الزيارة في حلب ودمشق والأُردن وفلسطين ولبنان، ويعتمد بشكل كبير على الهروي في حديثه عن زيارة فلسطين والشام، وعلى ابن العديم وابن أبي طيء فيما يتعلّق بمواقع حلب.

وألّف الفقيه الحنبلي محمد بن عبد الهادي (ت744هـ/1343م)، الذي ينتمي إلى عائلة المقدسي، عدداً من الأعمال التي لم تَعُد موجودة بين أيدينا اليوم، بما في ذلك كتيّب عن الزيارة، وآخر عن الأحاديث الواردة في حياة الأنبياء وقبورهم، كما يتضمّن الكتيّب تفاصيل فريدة تتعلّق بمواقع الزيارة الأيّوبية.

وقد كان ابن طولون (ت953هـ/1546م) ـ وهو أحد المؤرّخين غزيري الإنتاج، والمحلّلين للمناخ السياسي والاجتماعي للمماليك، وبدايات العهد العثماني  في دمشق ـ من المؤمنين المتديّنين الذين كانوا يؤدّون الزيارة للمقابر والأضرحة بشكل منتظم في مسقط رأسه دمشق؛ وذلك انطلاقاً من أعماله العديدة التي تذكر أماكن الزيارة، ومواقع الأولياء في دمشق، أو التي تمّ تكريسها من أجل ذلك، بما في ذلك (مفاكهة الخلّان في حوادث الزمان)، و(القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية).

وهناك ثلاثة عشر مؤلّفاً آخر تتناول جوانب مختلفة من طائفة القدّيسين هي مفقودة الآن، ولكن يتمّ الاستشهاد بها على نطاق واسع في الأعمال المذكورة أعلاه، وكذلك في كتاب سيرته الذاتية بعنوان: (الفلك المشحون في أحوال محمد بن طولون)، ولا يزال هناك عملان آخران باقيان إلى يومنا هذا، أوّلهما: (تحفة الحبيب فيما ورد في الكثيب)[27]، الذي يتعلّق بمقامات [النبيّ] موسى في دمشق وأريحا؛ والآخر هو (غاية البيان في ترجمة الشيخ أرسلان) الذي هو سيرة مختصرة لقدّيس دمشقي من (القرن السادس للهجرة/الثاني عشر للميلاد)، ووصف لمكان دفنه.

وقد دفعت زيارة النساء للأضرحة ابن طولون إلى تأليف كتاب لم يَعُد متوفّراً بين أيدينا اليوم، وهو كتاب (التوجّهات الستّ إلى كفّ النساء عن قبر الستّ)، معترضاً فيه على زيارتهن للضريح المزعوم أنّه لحفيدة الرسول السيدة زينب في قرية بجنوب دمشق.

وفي (القلائد الجوهرية) الذي ألّفه حول تاريخ [منطقة] الصالحية خارج دمشق، يخصّص ابن طولون فصلاً من الكتاب لمواقع الزيارة والأضرحة الشهيرة؛ حيث يبدأ بسرد عدد من المغارات والكهوف والمحاريب والمساجد والمدارس، تليها أهمّ المقامات المزوّدة من قِبل المؤلِّف بتقارير مفصّلة للسيرة الذاتية [لأصحابها]، على نهج عائلة المقدسي وآخرين، كما ألّف المقدسيّون عدداً من أعمال السير الذاتية المهمّة، التي ما زالت أجزاء منها موجودة إلى الآن.

إنّ أوّل كتاب من كُتب الدليل للزيارة الدمشقية المعروفة هو كتاب ابن الحوراني (ت1000هـ/1592م) بعنوان: (كتاب الإشارات إلى أماكن الزيارات) الذي يعتمد على أعمال ابن طولون، بالإضافة إلى كتاب الربعي (فضائل الشام)، وكتاب ابن عساكر (تاريخ مدينة دمشق).هذا، وقد كتبَ ابن الحوراني كتابه المتقدّم (الإشارات) تلبية لإحدى الدعوات، وكان يهدف من ذلك إرشاد (الآخرين) إلى الخير بتقديم العون لـمَن ينطلق إلى الزيارة (طالب الزيارة)، وذلك طاعة لكلام الله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)[28].

وهذا الدليل يضمّ أكثر من مائة موقع للزيارة في دمشق والقرى النائية، وعدداً من المواقع السورية الأُخرى، مثل حلب والقرى المحيطة بها، ومواقع المقابر والأضرحة والمساجد والمآذن والمغارات المقدّسة. يبدأ بمدح دمشق ومسجدها الجامع، وذِكر الروايات المرتبطة برأس [النبيّ] يحيى بن زكريا، والمئذنة التي سينزل [النبيّ] عيسى فيها آخر الزمان، وعدد من الأضرحة الفردية، مثل قبر [النبيّ] هود، والسيدة رقية، ونور الدين [زنكي]. وقبل ذكر المكان، يعرض المؤلِّف السيرة الذاتية للقدّيس [المدفون في المكان]. هذا وقد تمّ ترتيب بقيّة الكتاب حسب الموقع [الجغرافي]، بدءاً بالجزء الغربي من المدينة، ثمّ الأجزاء الجنوبية والشرقية والشمالية، ويشمل الفصل السادس مواقع الزيارة في القرى النائية، ثمّ يتبع ذلك بعدد من المحلّات في شمال سوريا.

ويضمّ ابن الحوراني مواقع الزيارة على أساس الروايات الثابتة، مثل تلك الموجودة في أعمال الربعي وابن عساكر وابن طولون، ويخصص الفصل الختامي لآداب الزيارة، ويرى ابن الحوراني أنّ الزيارة تبدأ بذكر الله ونيّة الزيارة، ثمّ يشير إلى أنّ الزائر عليه أن ينظر إلى نفسه وإلى خطاياه التي تمنعه ​​من الاقتراب إلى الله، وأن يعيش حالة شافية يوبّخ فيها نفسه، ويؤنّبها ثمّ يبكي ثمّ يتضرّع إلى الله، ويقرأ ما تيسّر من القرآن [الكريم]، يكون صادقاً في الوصول إلى هدفه، وعليه أن يمتنع عن الكلام البذيء.

وعليه؛ فالزيارة لم تكن مجرّد وسيلة لاستجابة الدعاء الشخصي، وإنّما ينبغي للمحبّ أن يستذكر الله والآخرة، ويصلّي ويقرأ القرآن، هذا هو الهدف العظيم للزيارة.

[ومن الآثار الأُخرى المتعلّقة بالزيارة الدمشقية] (كتاب الزيارات بدمشق)، للقاضي محمود العدوي (ت1032هـ/1623م)، الذي قلّد في كتابه هذا ـ بشكل معترف به ـ نفس الطريقة التي اتّبعها ابن الحوراني في كتابه (الإشارات)، واعتمد على العديد من المصادر الواردة في هذا الكتاب، بالإضافة إلى عدد من المصادر الأدبية والعبادية والتاريخية، ويذكر فيه ثمانية وتسعين قبراً للقدّيسين، ومواقع الزيارة الأُخرى، ويجعل ـ بتركيزه على تفاصيل السيرة الذاتية ـ من العمل سيرة ذاتية، بدلاً من كونه دليلاً للزيارة يتمّ استخدامه أثناء الزيارة. هذا، ولم يفصح العدوي عن الغرض من استخدام الدليل، ومع ذلك يُفترض أنّه أدّى وظيفةً استذكارية تُماثل ما قام به ابن الحوراني في (الإشارات)، إلّا أنّ كتابه لا يهتمّ بآداب الزيارة.

[ومنها أيضاً] كتاب (النبذة اللطيفة في المزارات الشريفة) لياسين بن مصطفى الجعفي البقاعي الحنفي الماتريدي (ت1095هـ/1684م)، الذي صرّح فيه بكيفية استخدام الزائر لهذا الكتاب، مبيّناً أنّ غرضه هو أنّ يكون هذا الأثر سنداً للزائر أثناء الزيارة في تذكّر القدّيسين الذين دُفنوا في مكان معين، وربّما يقترح أن يزور الزائر أكبر عدد ممكن من مواقع الزيارة.

وفي القرن الثامن عشر قام الصوفي الدمشقي عبد الغني النابلسي (ت1143هـ/ 1731م) بعدّة رحلات عبر بلاد الشام، ومصر، والحجاز، قد سجّل فيها بدقّة تفاصيل مواقع المقامات التي زارها؛ وفي أحد أعمال سفره العديدة تحت عنوان: (الحضرة الأُنسية في الرحلة القدسية)، قام برحلة استغرقت أربعة وأربعين يوماً من دمشق إلى القدس، زار خلالها العديد من الأضرحة.

 

المصادر والمراجع

المصادر العربية

1.   إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي (ت505هـ).

2.   إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، محمد بن أبي بكر بن القيم الجوزية (ت751هـ)، بيروت، 1986م.

3.   اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن تيمية الحرّاني، القاهرة، 1950م.

4.   بغية الطلب في تاريخ حلب، عمر بن أحمد العقيلي الحلبي المعروف بابن العديم (ت660هـ)، تحقيق: الدكتور سهيل زكار، بيروت، 1988/1989م.

5.   تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر (ت571هـ)، تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ.

6.   تحرير كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات، ج. سوردل ثومين، دمشق 1953م.

7.   ذيل مرآة الزمان، موسى بن محمد اليونيني (ت726هـ/1326م)، حيدر آباد، 1954-1961م.

8.   كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، النجف، 1356هـ.

9.   كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، بيروت، 1997م.

10.            كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي ـ لجنة التحقيق، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

11.            كتاب المزار، محمد بن محمد بن النعمان العكبري المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، قم، 1988م.

12.            اللمع في الحوادث والبدع، إدريس بن بيدكن التركماني، (كان حياً سنة 710هـ/1310م)، تحرير: س. لبيب، القاهرة، 1986م.

13.            مجموعة الفتاوى ابن تيمية، أحمد بن تيمية الحرّاني (ت728هـ)، الرياض 1991م.

 

المصادر الأجنبية

A.Elad. Medieval Jerusalem and Islamic worship. Holy places, ceremonies, pilgrimage. Leiden 1995.

1.   C.S Taylor. In the vicinity of the righteous. Ziyara and the veneration of Muslim saints in late medieval Egypt. Leiden 1999.

B.Williams, The cult of Alid saints in the Fatimid monuments of Cairo, in ibid. Issue 1 [1983], 37- 52, Issue 3 [1985], 39- 60.

2.   C.S. Taylor, Reevaluating the Shia role in the development of monumental Islamic funerary architecture: the case of Egypt, in Muqarnas. Issue 9 [1992], 3- 10.

3.   G. Makdisi, Ibn Aqil, religion and culture in classical Islam, Edinburgh 1997, 209.

4.   Goldziher. Muh. Studien. Vol. 2 (ii), p. 277- 341. Eng. Tr. Barber and Stern. Muslim Studies. Vol. 2 (ii), p. 255- 341, Veneration of Saints in Islam.

5.   J. Gonnella. Islamische Heiligenverehrung im urbanen Kontext am Beispiel von Aleppo (Syrien). Berlin 1995.

6.   J. Sourdel-Thomine. Les anciens lieux de pèlerinages damascains d'après les sources arabes. In Le Bulletin détudes orientales (BEO). Issue 14 (XIV), 1954. P. 65- 85.

7.   J.W. Meri. Aspects of baraka (blessings) and ritual devotion among medieval Muslims and Jews, in Medieval encounters. Jewish, Christian and Muslim culture in confluence and dialogue, v 1999.

8.   J.W. Meri, Sacred journeys to sacred precincts. The cult of saints among Muslims and Jews in medieval Syria, D. Phil, thesis, Oxford Univ. 1998.

9.   J. Sadan. Le tombeau de Moise d Jericho et d Damas in Revue des Études Islamiques (REI). Issue 49 (xlix) 1981. P. 59- 99.

10.              Lisa Golombek. The cult of saints and shrine architecture in the fourteenth century. In D.K. Koyumjian (ed.). Near Eastern numismatics, iconography, epigraphy and history. Studies in honor of George C. Miles. Beirut 1974. P. 419- 430.

11.              M.J Kister. You shall only set out for three mosques.A study of an early tradition. In Le Muséon. Issue 82 (lxxxii), 1969. P. 173- 196.

12.              M.M. Chamberlain, Knowledge and social practice in medieval Damascus 1190- 1350, Cambridge 1994, 132- 133.

13.              M.U. Memon. Ibn Taimiyas struggle against popular religion, with an annotated translation of his Kitab Iqtida al-Sirat al-Mustaqim Mukhalafat Ahl al-Jahim. The Hague 1976.

14.              N.H. Oleson. Culte des saints et pèlerinages chez Ibn Taymiyya: (1263)-728 (1328). Paris 1991.

15.              R.B Serjeant. Haram and Hawtah, the sacred enclave in Arabia. In Abd al-Rahman Badawi(ed.) Mélanges Taha Hussein. Cairo 1962. P. 41 -45.

16.              Wensinck. Handbook.

17.              Y. Raghib, Essai d'inventaire chronologique des guides a I'usage des pelerins du Caire, in Revue des Études Islamiques(REI).

 

 

 



[1] للاطلاع على آراء أُخرى عن الموضوع اُنظر:

J.W. Meri‘ Sacred journeys to sacred precincts. The cult of saints among Muslims and Jews in medieval Syria‘ D. Phil‘ thesis‘ Oxford Univ. 1998.

 

[2] اُنظر: Wensinck. Handbook. S.v. graves.

 

[3] للاطلاع على آراء أُخرى عن الموضوع اُنظر: اليونيني، موسى بن محمد، ذيل مرآة الزمان: ج2، ص45ـ46. وأيضاً:

J.W. Meri‘ Sacred journeys to sacred precincts. The cult of saints among Muslims and Jews in medieval Syria‘ D. Phil‘ thesis‘ Oxford Univ. 1998.123-124.

[4]للاطلاع على آراء أُخرى عن الموضوع اُنظر:

M.M. Chamberlain‘ Knowledge and social practice in medieval Damascus 1190-1350‘ Cambridge 1994‘ 132-133; J.W. Meri‘ Sacred journeys to sacred precincts. The cult of saints among Muslims and Jews in medieval Syria‘ D. Phil‘ thesis‘ Oxford Univ. 1998 .Ch. 2.

[5] التركماني، إدريس بن بيدكن، اللمع في الحوادث والبدع: ج1، ص214.

[6] المفيد، محمد بن محمد، كتاب المزار: ص20.

[7] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات، ص250-251. ونشير إلى أن النصّ المنقول أعلاه هو مضمون ما ورد في الرواية، وليس هو نصّ الرواية كما موجود في المصدر. المجلّة.

[8] للاطلاع على آراء أُخرى عن الموضوع اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص141.

[9] C.S. Taylor‘ Reevaluating the Shia role in the development of monumental Islamic funerary architecture: the case of Egypt‘ in Muqarnas. Issue 9 [1992]‘ 3-10; C. Williams‘ The cult of Alid saints in the Fatimid monuments of Cairo‘ in ibid. Issue 1 [1983]‘ 37-52‘ Issue 3 [1985]‘ 39-60.

[10] الانتهاك المذكور يعبّر عن رأي الحنابلة في الزيارة. المجلّة.

[11] للاطلاع على آراء أُخرى عن الموضوع اُنظر: الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين: ج4، ص492.

[12] G. Makdisi‘ Ibn Aqil: Religion and culture in classical Islam‘ Edinburgh 1997‘ 209.

[13] المصدر السابق: ص210.

[14] الحرّاني، أحمد بن تيمية، مجموعة الفتاوى: ج27، ص31-32.

[15] الحرّاني، أحمد بن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: ص374.

[16] الحرّاني، أحمد بن تيمية، مجموعة الفتاوى: ج27، ص71.

[17] ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: ج1، ص220-221 وص304. للاطّلاع على موارد أُخرى مشابهة اُنظر كتاب:

    Meri‘ The etiquette of devotion in the Islamic cult of saints‘ in The cult of saints in Late Antiquity and the Middle Ages. Essays on the contribution of Peter Brown‘ ed. J. Howard-Johnston and P.A. Hayward‘ Oxford 1999‘ 263-286; idem‘ Sacred journeys

[18] الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين: ج4، ص492.

[19] المصدر السابق: ج4، ص490.

[20] اُنظر: ج. سوردل ثومين، تحرير كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات.

[21] Y. Raghib‘ Essai d’inventaire chronologique des guides a I›usage des pelerins du Caire‘ in Revue des Études Islamiques (REI)‘ Issue 41 [1973]‘ 272-273.

[22] اُنظر: ج. سوردل ثومين، تحرير كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات. هذا ما وجدناه في الأصل، وأمّا المذكور في المصدر فهو: «عن أبي عبد الله(عليه السلام)». اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات، تحقيق: جواد القيومي: ص302. المجلّة.

[23] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص161.

[24] المصدر السابق: ص43.

[25] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج2، ص421.

[26] اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج1، ص459.

[27] اُنظر:

 J. Sadan. Le tombeau de Moi’se d Jericho et d Damas in Revue des Études Islamiques (REI). Issue 49 (xlix) 1981. P. 59-99.

[28] آل عمران: آية104.