العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
مصباح الهدى وسفينة النجاة

مصباح الهدى وسفينة النجاة

  • المؤلف: آية الله العظمى سماحة الشيخ حسين الوحيد الخراساني

  • المترجم: رعد الحجاج

  • الطبعة: الأولى

  • الناشر : مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

  • سنة الطبع: 1440هـ ـ 2019م

مقدّمة المؤسّسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

إنّ العلم والمعرفة مصدر الإشعاع الذي يهدي الإنسان إلى الطريق القويم، ومن خلالهما يمكنه أن يصل إلى غايته الحقيقية وسعادته الأبدية المنشودة، فبهما يتميّز الحقّ من الباطل، وبهما تُحدد اختيارات الإنسان الصحيحة، وعلى ضوئهما يسير في سبل الهداية وطريق الرشاد الذي خُلق من أجله، بل على أساس العلم والمعرفة فضّله الله عز وجل على سائر المخلوقات، واحتج عليهم بقوله: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)([[1]])، فبالعلم يرتقي المرء وبالجهل يتسافل، وقد جاء في الأثر «العلمُ نورٌ»([[2]])، كما بالعلم والمعرفة تتفاوت مقامات البشر ويتفوّق بعضهم على بعض عند الله عز وجل، إذ (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)([[3]])، وبهما تسعد المجتمعات، وبهما الإعمار والازدهار، وبهما الخير كلّ الخير.

ومن أجل العلم والمعرفة كانت التضحيات الكبيرة التي قدّمها الأنبياء والأئمة والأولياء^، تضحيات جسام كان هدفها منع الجهل والظلام والانحراف، تضحيات كانت غايتها إيصال المجتمع الإنساني إلى مبتغاه وهدفه، إلى كماله، إلى حيث يجب أن يصل ويكون، فكان العلم والمعرفة هدف الأنبياء المنشود لمجتمعاتهم، وتوسّلوا إلى الله عز وجل بغية إرسال الرسل التي تعلّم المجتمعات فقالوا: (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)([[4]])، و(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)([[5]])، ما يعني أنّ دون العلم والمعرفة هو الضلال المبين والخسران العظيم.

بل هو دعاؤهم^ ومبتغاهم من الله عز وجل لأنفسهم أيضاً، إذ طلبوا منه تعالى بقولهم: «وَاملأ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالمَعْرفَةِ»([[6]]).

وبالعلم والمعرفة لا بدّ أن تُثمّن تلك التضحيات، وتُقدّس تلك الشخصيات التي ضحّت بكلّ شيء من أجل الحقّ والحقيقة، من أجل أن نكون على علم وبصيرة، من أجل أن يصل إلينا النور الإلهي، من أجل أن لا يسود الجهل والظلام.

فهذه هي سيرة الأنبياء والأئمة^ سيرة الجهاد والنضال والتضحية والإيثار لأجل نشـر العلم والمعرفة في مجتمعاتهم، تلك السيرة الحافلة بالعلم والمعرفة في كلّ جانب من جوانبها، والتي ينهل منها علماؤنا في التصدّي لحلّ مشاكل مجتمعاتهم على مرّ العصور والأزمنة والأمكنة، وفي كافّة المجالات وشؤون البشر.

وهذه القاعدة التي أسسنا لها لا يُستثنى منها أيّ نبي أو وصي، فلكلّ منهم^ سيرته العطرة التي ينهل منها البشر للهداية والصلاح، إلّا أنّه يتفاوت الأمر بين أفرادهم من حيث الشدّة والضعف، وهو أمر عائد إلى المهام التي أنيطت بهم^، كما أخبر عز وجل بذلك في قوله: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)([[7]])، فسيرة النبي الأكرم’ ليست كبقية سير الأنبياء، كما أنّ سيرة الأئمة^ ليست كبقية سير الأوصياء السابقين، كما أنّ التفاوت في سير الأئمة^ فيما بينهم مما لا شك فيه، كما في تفضيل أصحاب الكساء على بقية الأئمة^.

والإمام الحسين(عليه السلام) تلك الشخصية القمّة في العلم والمعرفة والجهاد والتضحية والإيثار، أحد أصحاب الكساء الخمسة التي دلّت النصوص على فضلهم ومنزلتهم على سائر المخلوقات، الإمام الحسين(عليه السلام) الذي قدّم كلّ شيء من أجل بقاء النور الرباني، الذي يأبى الله أن ينطفئ، الإمام الحسين(عليه السلام) الذي بتضحيته تعلّمنا وعرفنا، فبقينا.

فمن سيرة هذه الشخصية العظيمة التي ملأت أركان الوجود تعلَّم الإنسان القيم المثلى التي بها حياته الكريمة، كالإباء والتحمّل والصبر في سبيل الوقوف بوجه الظلم، وغيرها من القيم المعرفية والعملية، التي كرَّس علماؤنا الأعلام جهودهم وأفنوا أعمارهم من أجل إيصالها إلى مجتمعات كانت ولا زالت بأمس الحاجة إلى هذه القيم، وتلك الجهود التي بُذلت من قبل الأعلام جديرة بالثناء والتقدير؛ إذ بذلوا ما بوسعهم وأفنوا أغلى أوقاتهم وزهرة أعمارهم لأجل هذا الهدف النبيل.

إلّا أنّ هذا لا يعني سدّ أبواب البحث والتنقيب في الكنوز المعرفية التي تركها(عليه السلام) للأجيال اللاحقة ـ فضلاً عن الجوانب المعرفية في حياة سائر المعصومين^ ـ إذ بقي منها من الجوانب ما لم يُسلّط الضوء عليه بالمقدار المطلوب، وهي ليست بالقليل، بل لا نجانب الحقيقة فيما لو قلنا: بل هي أكثر مما تناولته أقلام علمائنا بكثير، فلا بدّ لها أن تُعرَف ليُعرَّف، بل لا بدّ من العمل على البحث فيها ودراستها من زوايا متعددة، لتكون منهجاً للحياة، وهذا ما يزيد من مسؤولية المهتمين بالشأن الديني، ويحتّم عليهم تحمّل أعباء التصدّي لهذه المهمّة الجسيمة؛ استكمالاً للجهود المباركة التي قدّمها علماء الدين ومراجع الطائفة الحقّة.

ومن هذا المنطلق؛ بادرت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدّسة لتخصيص سهم وافر من جهودها ومشاريعها الفكرية والعلمية حول شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة؛ إذ إنّها المعنيّة بالدرجة الأولى والأساس بمسك هذا الملف التخصصي، فعمدت إلى زرع بذرة ضمن أروقتها القدسية، فكانت نتيجة هذه البذرة المباركة إنشاء مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة، حيث أخذت على عاتقها مهمّة تسليط الضوء ـ بالبحث والتحقيق العلميين ـ على شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة وسيرته العطرة، وكلماته الهادية، وفق خطة مبرمجة وآلية متقنة، تمّت دراستها وعرضها على المختصين في هذا الشأن؛ ليتمّ اعتمادها والعمل عليها ضمن مجموعة من المشاريع العلمية التخصصية، فكان كلّ مشروع من تلك المشاريع متكفّلاً بجانب من الجوانب المهمّة في النهضة الحسينية المقدّسة.

كما ليس لنا أن ندّعي ـ ولم يدّعِ غيرنا من قبل ـ الإلمام والإحاطة بتمام جوانب شخصية الإمام العظيم ونهضته المباركة، إلّا أنّنا قد أخذنا على أنفسنا بذل قصارى جهدنا، وتقديم ما بوسعنا من إمكانات في سبيل خدمة سيّد الشهداء(عليه السلام)، وإيصال أهدافه السامية إلى الأجيال اللاحقة.

المشاريع العلمية في المؤسسة

بعد الدراسة المتواصلة التي قامت بها مؤسَّسة وارث الأنبياء حول المشاريع العلمية في المجال الحسيني، تمّ الوقوف على مجموعة كبيرة من المشاريع التي لم يُسلَّط الضوء عليها كما يُراد لها، وهي مشاريع كثيرة وكبيرة في نفس الوقت، ولكلٍّ منها أهميته القصوى، ووفقاً لجدول الأولويات المعتمد في المؤسَّسة تمّ اختيار المشاريع العلميّة الأكثر أهميّة، والتي يُعتبر العمل عليها إسهاماً في تحقيق نقلة نوعية للتراث والفكر الحسيني، وهذه المشاريع هي:

الأوّل: قسم التأليف والتحقيق

إنّ العمل في هذا القسم على مستويين:

أ ـ التأليف

ويُعنَى هذا القسم بالكتابة في العناوين الحسينية التي لم يتمّ تناولها بالبحث والتنقيب، أو التي لم تُعطَ حقّها من ذلك. كما يتمُّ استقبال النتاجات القيِّمة التي أُلِّفت من قبل العلماء والباحثين في هذا القسم؛ ليتمَّ إخضاعها للتحكيم العلمي، وبعد إبداء الملاحظات العلمية وإجراء التعديلات اللازمة بالتوافق مع مؤلِّفيها يتمّ طباعتها ونشرها.

ب ـ التحقيق

والعمل فيه قائم على جمع وتحقيق وتنظيم التراث المكتوب عن مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، ويشمل جميع الكتب في هذا المجال، سواء التي كانت بكتابٍ مستقلٍّ أو ضمن كتاب، تحت عنوان: (موسوعة المقاتل الحسينيّة). وكذا العمل جارٍ في هذا القسم على رصد المخطوطات الحسينية التي لم تُطبع إلى الآن؛ ليتمَّ جمعها وتحقيقها، ثمّ طباعتها ونشرها. كما ويتمُّ استقبال الكتب التي تمّ تحقيقها خارج المؤسَّسة، لغرض طباعتها ونشرها، وذلك بعد إخضاعها للتقييم العلمي من قبل اللجنة العلمية في المؤسَّسة، وبعد إدخال التعديلات اللازمة عليها وتأييد صلاحيتها للنشر تقوم المؤسَّسة بطباعتها.

الثاني: مجلّة الإصلاح الحسيني

 وهي مجلّة فصلية متخصّصة في النهضة الحسينية، تهتمّ بنشـر معالم وآفاق الفكر الحسيني، وتسلِّط الضوء على تاريخ النهضة الحسينية وتراثها، وكذلك إبراز الجوانب الإنسانية، والاجتماعية والفقهية والأدبية في تلك النهضة المباركة، وقد قطعت شوطاً كبيراً في مجالها، واحتلّت الصدارة بين المجلات العلمية الرصينة في مجالها، وأسهمت في إثراء واقعنا الفكري بالبحوث العلمية الرصينة.

الثالث: قسم ردّ الشُّبُهات عن النهضة الحسينية

إنّ العمل في هذا القسم قائم على جمع الشُّبُهات المثارة حول الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة، وذلك من خلال تتبع مظانّ تلك الشُّبُهات من كتب قديمة أو حديثة، ومقالات وبحوث وندوات وبرامج تلفزيونية وما إلى ذلك، ثُمَّ يتمُّ فرزها وتبويبها وعنونتها ضمن جدول موضوعي، ثمّ يتمُّ الردُّ عليها بأُسلوب علميّ تحقيقي في عدَّة مستويات.

الرابع: الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام)

وهي موسوعة علمية تخصصية مستخرَجة من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) في مختلف العلوم وفروع المعرفة، ويكون ذلك من خلال جمع كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) من المصادر المعتبرة، ثمّ تبويبها حسب التخصّصات العلمية مع بيان لتلك الكلمات، ثمّ وضعها بين يدي ذوي الاختصاص؛ ليستخرجوا نظريات علميّة ممازجة بين كلمات الإمام(عليه السلام) والواقع العلمي.

الخامس: قسم دائرة معارف الإمام الحسين(عليه السلام) أو (الموسوعة الألفبائية الحسينية)

وهي موسوعة تشتمل على كلّ ما يرتبط بالإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة من أحداث، ووقائع، ومفاهيم، ورؤى، وأعلام وبلدان وأماكن، وكتب، وغير ذلك، مرتّبة حسب حروف الألف باء، كما هو معمول به في دوائر المعارف والموسوعات، وعلى شكل مقالات علميّة رصينة، تُراعَى فيها كلّ شروط المقالة العلميّة، مكتوبة بلغةٍ عصـرية وأُسلوبٍ حديث.

السادس: قسم الرسائل والأطاريح الجامعية

إنّ العمل في هذا القسم يتمحور حول أمرين: الأوّل: إحصاء الرسائل والأطاريح الجامعية التي كُتبتْ حول النهضة الحسينية، ومتابعتها من قبل لجنة علمية متخصّصة؛ لرفع النواقص العلمية، وتهيئتها للطباعة والنشر، الثاني: إعداد موضوعات حسينيّة من قبل اللجنة العلمية في هذا القسم، تصلح لكتابة رسائل وأطاريح جامعية، تكون بمتناول طلّاب الدراسات العليا.

السابع: قسم الترجمة

يقوم هذا القسم بمتابعة التراث المكتوب حول الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة باللغات غير العربية لنقله إلى العربية، ويكون ذلك من خلال تأييد صلاحيته للترجمة، ثمَّ ترجمته أو الإشراف على ترجمته إذا كانت الترجمة خارج القسم.

الثامن: قسم الرَّصَد والإحصاء

يتمُّ في هذا القسم رصد جميع القضايا الحسينيّة المطروحة في جميع الوسائل المتّبعة في نشر العلم والثقافة، كالفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والكتب، والمجلات والنشريات، وغيرها؛ ممّا يعطي رؤية واضحة حول أهمّ الأُمور المرتبطة بالقضية الحسينية بمختلف أبعادها، وهذا بدوره يكون مؤثّراً جدّاً في رسم السياسات العامّة للمؤسّسة، ورفد بقيّة الأقسام فيها، وكذا بقية المؤسّسات والمراكز العلمية في شتّى المجالات.

التاسع: قسم المؤتمرات والندوات العلمية

ويتمّ العمل في هذا القسم على إقامة مؤتمرات وملتقيات وندوات علميّة فكرية متخصّصة في النهضة الحسينية، لغرض الإفادة من الأقلام الرائدة والإمكانات الواعدة، ليتمّ طرحها في جوٍّ علميّ بمحضر الأساتذة والباحثين والمحقّقين من ذوي الاختصاص، كما تتمّ دعوة العلماء والمفكِّرين؛ لطرح أفكارهم ورؤاهم القيِّمة على الكوادر العلمية في المؤسَّسة، وكذا سائر الباحثين والمحققين وكلّ من لديه اهتمام بالشأن الحسيني، للاستفادة من طرق قراءتهم للنصوص الحسينية وفق الأدوات الاستنباطية المعتمَدة لديهم.

العاشر: قسم المكتبة الحسينية التخصصية

وهي مكتبة حسينية تخصّصية تجمع التراث الحسيني المخطوط والمطبوع، أنشأتها مؤسَّسة وارث الأنبياء، وهي تجمع آلاف الكتب المهمّة في مجال تخصُّصها.

الحادي عشر: قسم الموقع الإلكتروني

وهو موقع إلكتروني متخصِّص بنشر نتاجات وفعاليات مؤسَّسة وارث الأنبياء، يقوم بنـشر وعرض كتبها ومجلاتها التي تصدرها، وكذا الندوات والمؤتمرات التي تقيمها، وكذا يسلِّط الضوء على أخبار المؤسَّسة، ومجمل فعالياتها العلمية والإعلامية.

الثاني عشر: القسم النسوي

يعمل هذا القسم من خلال كادر علمي متخصص وبأقلام علمية نسوية في الجانب الديني والأكاديمي على تفعيل دور المرأة المسلمة في الفكر الحسيني، كما يقوم بتأهيل الباحثات والكاتبات ضمن ورشات عمل تدريبية، وفق الأساليب المعاصرة في التأليف والكتابة.

الثالث عشر: القسم الفني

إنّ العمل في هذا القسم قائم على طباعة وإخراج النتاجات الحسينية التي تصدر عن المؤسَّسة، من خلال برامج إلكترونية متطوِّرة يُشرف عليها كادر فنيّ متخصِّص، يعمل على تصميم الأغلفة وواجهات الصفحات الإلكترونية، وبرمجة الإعلانات المرئية والمسموعة وغيرهما، وسائر الأمور الفنيّة الأخرى التي تحتاجها كافّة الأقسام.

وهناك مشاريع أُخرى سيتمّ العمل عليها إن شاء الله تعالى.

مصباح الهدى وسفينة النجاة:

هذا الكتاب عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها أحد أعلام المذهب الحق، ومرجع من مراجعها العظام، أستاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني (دام ظله).

وقد تناول في هذه المجموعة مطالب علمية دقيقة وحقائق عقائدية وإثارات فكرية عميقة، سلط الضوء فيها على مختلف أبعاد النهضة الحسينية وعلى مقام ومنزلة وعظمة الإمام الحسين (عليه السلام)، وكذا الشخصيات الفذة  التي خلدها التاريخ، فقد تناول هذا الكتاب أبحاثاً مهمّة ومحورية ودقيقة، من قبيل:

تأثر العرش وجميع الخلائق لهول المصيبة، الحقيقة الحسينية والحقيقة المحمدية، معرفة عاشوراء الحقيقية ومحوريتها في الكون، معرفة الإمام الحسين (عليه السلام) ومراتب التوحيد، علم الإمام الحسين (عليه السلام) وإكسير وجوده، الدين رهن الإمام الحسين (عليه السلام)، الشعائر الحسينية، وظائف الدعاة والمبلغين، منزلة قمر بني هاشم في مقام عندية الله، كربلاء عرش الله، أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)، وغيرها الكثير من الموضوعات الكلية والجزئية التي تناولتها تلك المحاضرات.

وقد أخذت مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية على عاتقها مهمّة ترجمة نتاجات كبار العلماء من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية من خلال اختيار المترجم الكفوء مع الإشراف الدقيق على عمل الترجمة في قسم الترجمة داخل المؤسسة، لذا نتقدم بالشكر الجزيل للأخ الدكتور رعد الحجاج الذي أخذ على عاتقه ترجمة الكتاب، وكذا الشكر للأخ الدكتور ميثم الربيعي على مراجعته للترجمة وإبداء بعض الملاحظات والتعديلات، وكذا الشكر للأخ الشيخ الدكتور محمد الحلفي مسؤول قسم الترجمة في المؤسسة، وكذا الشكر لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل العلمي القيم.

والشكر الخاص والامتنان الكثير لسماحة العلّامة الحجة الشيخ محسن الوحيد الخراساني نجل آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني (دام ظله) على إشرافه ومتابعته للعمل وإبدائه الملاحظات القيّمة.

نسأل الله أن يبارك لنا في أعمالنا إنّه سميع مجيب.

اللجنة العلمية في

مؤسسة وارث الأنبياء

للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمداً لا حدّ له، وثناءً لا عدّ له، الواحد الأحد، الذي خلع على الإنسان رداء أحسن خلقه، واصطفى الأنبياء والأوصياء لمنصب رسالته، وبلغ الغاية من الخلق بتضحية سليل أشرف أنبيائه، وسبي عترة الخامس من أصحاب كسائه.

وصلوات الله الزاكيات، وتحياته الطيبات، وتسليماته الناميات، على قطب عالم الوجود، وأشرف الممكنات، مظهر النور الأحدي، ومنبع الكمال السرمدي، عنوان صحيفة الوجود، وخاتم حلقات النبوة، محمّد المصطفى’، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، أركان التوحيد، وأنوار العرش المجيد، خزائن الحكمة، ومعادن الرحمة، والأسماء الإلهية الحسنى، ووسائط الفيوضات الربانية، ولا سيّما كوثر سماء الرسالة، وأقمار فلك الإمامة، ابتداء من خاتم أوصياء النبيين، أمیر المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ إلى خاتم الأوصياء المحمّديين، بقية الله في الأرضين

يمثّل هذا الكتاب المسطور والسفر المنشور قطرة من بحر الفضائل اللامتناهية لصاحب المقام الأعلى، ومن بلغ قاب قوسين أو أدنى، عين الإنسانية، وإنسان عينها، شمس المشرقين، وقطب النيرين، ونور الجنتين، ومولى الثقلين، وولي النشأتين، وإمام الكونين، الإمام أبي عبدالله الحسين(عليه السلام).

   إنّ هذه المجالس مأخوذة عن بيانات أحد أساطين سماء الفقاهة والمرجعية، وأركان الحكمة والمعرفة، الفقيه الجامع، والأصولي البارع، الحكيم صاحب البرهان، والمفسر لرموز القرآن، من أدرك أسرار الكتاب والعترة، على هدي بيان الأنوار الإلهية من أهل بيت الرسالة^، وأزاح الستار عن وجه الحقائق، وأماط اللثام عن تأويل الآيات والأحاديث، النصوص منها والظواهر، ببيان مسدّد بالتأييد الإلهي. . من وظّف كلّ ما يملك من علوم عقلية ونقلية، وحكمة علمية وعملية، في خدمة أعلام الولاية والإمامة^، ومزج الفقه الأكبر بالفقه الأصغر في أروقة البحث والتحقيق، وعلى كرسي التدريس، والذي صهر كلاً من جوهرتي الفقه والمعرفة ـ في بوتقة سيرته العملية ـ بالعبادة العظمى، المتمثلة بإقامة مجالس العزاء على مصائب آل الله^، ولاسيما العصمة الكبرى، والإنسية الحوراء، فاطمة الزهراء‘، وإمام الموحدين، أمير المؤمنين(عليه السلام)، ونور عينيهما إمام الأولياء، ومصباح الهدى، ومظلوم كربلاء، سيّد الشهداء(عليه السلام)، معتبراً المشاركة في مراسم العزاء بأقدام حافية أقرب الطرق إلى الله، فسار سنين على الشوارع المفروشة بالحصى، بقدمين حافيتين، مبدياً ولاءه جنباً إلى جنب الحشود من العاشقين.

إنّ حكاية كربلاء وغربة سيّد الشهداء(عليه السلام)، كانت ولا تزال، كامنة في القلوب الحزينة للشيعة ومحبي الحسين(عليه السلام)، وما زالت أنوار معرفته تنير أفئدة المؤمنين بمقتضى: «إنّ للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة»([[8]]).

فلا تجد نبياً من أنبياء الله العظام لم تذرف عيناه الدموع حرقة ولوعة في هذه المصيبة، فهذا النبي إبراهيم(عليه السلام)، وهو من أولي العزم، وقد بلغ درجة (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)([[9]]) بعد أن طوى مقام العبودية والنبوة والرسالة والخلّة... ما إن شاهد(عليه السلام) أنوار آل الله وشيعتهم تحوم حول العرش حتّى انفرجت شفتاه بالتمنّي والسؤال: «اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين»، لينال بعد ذلك بفخر واعتزاز وسام الخطاب الإلهي([[10]]): (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ)([[11]])، ثمّ يتذكر مصائب إمام الكونين أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) فيتململ من شدّة الحزن والجزع قائلاً: «إنّي سقيم لما يحل بالحسين»([[12]]).

لربما يرتوي الكمّل في العلم والمعرفة من بحر معارف العترة هذا، ويتذوّقوا حلاوة الشهد في تربة كربلاء، وينالوا العلم النافع والرزق المعنوي الواسع، ويبلغوا جميع مراتب التوحيد بعد خرق الحجب السبعة.

معظم هذه المجالس قد أُلقيت في مسجد أعظم بقم المقدّسة، موجّهة إلى علماء الحوزة العلمية وفضلائها، بما فيهم أساتذة الدراسات العليا والفقهاء والمجتهدون، من هنا جاءت بعض المطالب متناسبة في بيانها مع هذا المستوى من المخاطبين.

علماً بأنّ هذه المجموعة من المحاضرات تمثّل ثالث كتاب نضعه بين يدي الظامئين لمعرفة هذه الذوات المقدّسة، بعد كتاب (حلقه وصل رسالت وامامت) وكتاب (نفس نفيس خاتميت).

على أمل أن تحظى هذه الصحيفة الجامعة للمناقب والمقامات الحسينية بقبول صاحب عالم الإمكان، وأن تأخذ بيدنا إلى ساحته المقدّسة.

«اللهم اجعلني عندك وجيهاً بالحسين(عليه السلام) في الدنيا والآخرة».

المحاضرة الأولى

أظلّة العرش تقشعر

وجميع الخلائق تبكي

24/5/1995م= 24ذو الحجّة 1415هـ

سيّد الشهداء(عليه السلام) فوق التعريف

طلب إليّ بعض المؤمنين أن أتحدّث بضع كلمات بمناسبة عاشوراء الإمام الحسين(عليه السلام)، فلو غمرتكم ألطاف الإمام الحجّة(عجل الله فرجه الشريف)، ووفّقتم لأن تدوّن أسماؤكم في سجلّ سيّد الشهداء(عليه السلام) في هذه العشرة، فلا ينتابني الشكّ في أنّكم ستحظون بفوز لا يدانيه في العظمة فوزٌ، وتكونون قد نهضتم بمسؤوليّة عظيمة وعمل خطير، ألا وهو التعريف بالإمام الحسين(عليه السلام) وحادثة عاشوراء في موسم محرم الحرام، والأمر المهم هو أنّه ينبغي أن يُفهم بالبرهان أنّ سيّد الشهداء(عليه السلام) فوق مستوى التعريف، وأنّ عمله بمنأى عن الوصف، وذلك شأن خطير ينبغي أن يُدرك.

إنّ جميع الحاضرين في هذا المجلس هم أرفع شأناً من أن نلقي فيهم كلمة، فهم من العلماء وأهل التدبّر، ولكن بما أنّ الموضوع من الأهمية بمكان، وهو أبعد أفقاً من أن تناله كلماتنا، نرى أنفسنا ملزمين أن نلفت أنظار الحضور إلى مرتبة من مراتب الدقّة في كلمات أهل البيت^، وهذا هو المهم في الأمر.

التعريف بسيّد الشهداء(عليه السلام) في زيارته

أمر الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) في رواية يونس بن ظبيان بأمر، سنذكره إجمالاً، وسنبيّن لكم فقه الحديث والدراية في هذه الرواية الشريفة، وذلك بما يتناسب وجهودكم المبذولة في فهم المطالب العلمية؛ فإنّ منازل الأفراد بقدر درايتهم لا كثرة روايتهم([[13]]).

قال يونس بن ظبيان للإمام(عليه السلام): «جُعلت فداك، إنّي كثيراً ما أذكرُ الحسينَ(عليه السلام)، فأيّ شيءٍ أقولُ؟

فلما آنس منه الإمام(عليه السلام) هذا الاستعداد، قال: «قل: صَلَّى اللَهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله، تعيدُ ذلك ثلاثاً».

ثمّ قال يونس: «جُعلت فداك، إنّي أُريد أن أزوره، فكيف أقول؟ وكيف أصنع؟

قال(عليه السلام): إِذَا أَتَيْتَ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) فَاغْتَسِلْ عَلَى شَاطِئِ الفُرَاتِ، ثُمَّ البَسْ ثِيَابَكَ الطَّاهِرَةَ، ثُمَّ امْشِ حَافِياً؛ فَإِنَّكَ فِي حَرَمٍ مِنْ حَرَمِ الله وحَرَمِ رَسُولِه، وعَلَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ والتَّهْلِيلِ والتَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ والتَّعْظِيمِ لله كَثِيراً، والصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِه».

والمهم هنا: قوله له: «ثُمَّ امْشِ إِلَيْه حَتَّى تَأْتِيَه مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَاسْتَقْبِلْ وَجْهَكَ بِوَجْهِهِ، وتَجْعَلُ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، ثُمَّ قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ الله وابْنَ قَتِيلِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ الله وابْنَ ثَارِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَتْرَ الله المَوْتُورَ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ».

تأمّلوا جيّداً، ثمّة ضربان من السلام: الأوّل سلام عام، ثمّ تلاه سلام خاص.

منصب خاص بسيّد الشهداء(عليه السلام)

السلام الأوّل هو سلام عام، والثلاثة الأُخرى خاصّة. . ومن هنا فإنّ الحكمة والمعرفة ولباب العلم كامنة في كلام أئمّة الدين^، ولا يستطيع العقل البشري أن ينال قبساً من شمس تلكم الكلمات، حتّى تسعفه النظرة الإلهيّة، وتمتد إليه يد العون منه تعالى.

السلام الأوّل هو: «يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِه»، وهو يمثّل صفة عامّة تنسحب على سائر الأئمّة^، أمّا ما بعده، فهو منصب خاص، لا يشاركه فيه أحد، حتّى أبوه(عليه السلام)، فما هو ذلك المنصب؟

إنّه: «قَتِيلُ الله وابْنُ قَتِيلِه». .

فليس في عالم الخلقة من يحمل هو وأبوه مثل هذا العنوان من عالم الغيب: قتيل الله، وأبوه كذلك قتيل الله، فتتجسّد لطافة التعبير في قوله: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ الله وابْنَ قَتِيلِه». . وما يضفي على هذا السلام خصوصية هو: أنّ للحسين(عليه السلام) سمتين لم تجتمعا لأبيه من قبل، هما: أنّه(عليه السلام) قتيل الله وابن قتيله، وأنّه ثار الله وابن ثاره أيضاً، كما أنّه وتر الله الموتور في السماوات والأرض.

مسكن دم الإمام الحسين(عليه السلام)

هاهنا موضع يُحار فيه الكُمَّل؛ فبعدما جاء الإمام(عليه السلام) على ذكر تلك المناصب الثلاثة، أردف قائلاً: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ العَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ». . فينبغي لكم التعريف به(عليه السلام)، من هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وماذا كان؟ وماذا فعل؟ ليعي الناس أنّ هذا الشخص الذي يمثّل جوهر سماء الوجود، فريد من نوعه وجوداً وعملاً. وفي كلّ جهة من هذه الجهات بحث يتطلب محاضرات ودروساً متعدّدة، ويستدعي الدقّة والتأمّل.

المهم أن نعي أوّلاً ما الذي حدث ليسكن دم الإمام(عليه السلام) الخلد؟ إنّ الخلد موضع التجرّد، فلو سكنت الروح الخلد فذلك على وفق الأصل، وأمّا لو انقلبت الحال وصارت الروح أسمى من الخلد بينما صار الخلد مسكناً للدم، فإنّ ذلك فوق إدراك البشر وعقولهم، ومعنى هذا الكلام: أنّ الحسين(عليه السلام) بلغ من المنزلة موضعاً بحيث لا يسع الخلد سوى أن يكون مسكناً لدمه الطاهر، ليت شعري فأين تسكن روحه؟ ذلك ما ينبغي أن نبحث عنه.

«أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ». . وتتلو تلك السكنى قشعريرة، وأيّ قشعريرة هي؟ «واقْشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ العَرْشِ»؛ إنّ دمك يا حسين قد سكن الخلود، ولكن اقشعرّت له أظلّة العرش، ولا يخفى أنّ نسبة السكن إلى الدم، والقشعريرة إلى أظلّة العرش، ممّا يحتوي على أبحاث صاخبة.

ثمّ يلي هاتين العبارتين قوله(عليه السلام): «وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ»([[14]]). . فأين المفكّرون؟ أين المتأمّلون؟ أين ذووا الأنظار الدقيقة؟ ليلتفتوا إلى أنّ الإمام أضاف كلمة: «جميع» على كلمة «الخلائق»، مع أنّ الخلائق جمع محلّى بالألف واللام، ثمّ فصّل هذا الإجمال قائلاً: بكت لذلك الدم السماوات السبع والأرضون السبع...فأين محل الإمام نفسه؟ فالحديث كلّه كان عن الدم، وهو ما يجري في العروق، أمّا الروح المتعلّقة بهذا البدن، فهي شيء آخر، ولها بحثها الخاص.

أظلّة العرش تقشعر وجميع الخلائق تبكي

لمّا سكن دمك هناك اقشعرّت له أظلّة العرش، وبكت له جميع الخلائق، كما بكته ـ بحسب تعبير الإمام(عليه السلام) ـ السماوات وأهلها والأرضون وأهلها، والمهم أن نعرف من أين بدأ التأثير والتأثّر في محوري الصعود والنزول؟ وأين انتهى؟ حيث أظهر الإمام(عليه السلام) ما يشبه معجزة شقّ القمر في مجال العلم والمعرفة لذوي الفقه الأكبر، حيث إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) لم يعرّف أبا عبد الله(عليه السلام) بنفسه، بل عرّفه بدمه؛ ليفهم من هو أهل الفهم بأنّ الدم إن علا حدَّ الوصف فأين تكون حدود صاحبه ورتبته؟

انقلاب قوسي النزول والصعود

لقد أحدث هذا الدم انقلاباً، ابتداء من قوس الصعود، وانتهاء إلى قوس النزول، راجعوا كتاب «الكافي» بعين الدقّة والتحقيق، ومن الزاوية التي أشرت إليها. . يقول علّامة الوجود الإمام جعفر بن محمّـد الصادق(عليه السلام) في مقام التفصيل بعد الإجمال هذه الكلمات: «لَمَّا قَضَى بَكَتْ عَلَيْه السَّمَاوَاتُ... ومَنْ يَنْقَلِبُ فِي الجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا»، إنّ الانقلاب قد طال كلاً من قوسي الصعود والنزول معاً، فمن أعلى درجة في قوس الصعود، إلى أدنى نقطة من قوس النزول، لم يتمالك أحدٌ نفسه إزاء هذا الدم، فيا لها من ضجّة!

ولم يكتفِ الإمام(عليه السلام) بهذه الكلمات، بل أردفها بكلمة يجب أن يفهم كلُّ حيّ يُرزق ما يُراد منها، ليعرف حقيقة ما حدث، فهو يقول(عليه السلام): ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى بكت على دمك، فما تقع عليه العين وما لا تقع قد بكى على دم الحسين(عليه السلام). 

فأيّ واقعة هي واقعة عاشوراء؟ لقد بلغت قضية الإمام الحسين(عليه السلام) من المكانة بحيث لا يذكر اسمه(عليه السلام) تأدّباً إلّا مقروناً بأحد الألقاب، فمتى ما أردتم أن تذكروا اسمه(عليه السلام) فقولوا: سيّد الشهداء، إمام الأولياء، أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام):

لو طُهِّر الفم ألف مرّة بماء الزهر

يبقى ذكره لاسمك مجرداً منتهى الوقاحة([[15]])

إضافة الفاني إلى المفنيّ فيه

إذا تسنّى لي فسأزيح الستار بمقدار ما يتيسر عن هذه الكلمة: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ»، وينبغي أن يكون ذلك ضمن سياق برهاني، فليس المقام هنا مقام خطابة.

إنّ إضافة النكرة إلى المعرفة تغيّر حال النكرة، فإنّها تكتسب التعريف من المضاف إليه، وتلك هي الميزة العلمية للإضافة، فإن كان المضاف إليه فوق مستوى التعريف، فمثل هذه الإضافة تجعل من المضاف فوق مستوى التعريف كذلك.

   والكلمة الأولى التي ذكرتها ـ من أنّ الحسين بن علي(عليه السلام) فوق مستوى التعريف ـ
كلمة برهانية، والدليل عليها أنّ الإضافة تمنح النكرة التعريف من جهة استدلالية، فتكتسب النكرة كلّ ما للمضاف إليه من خصوصيات، فإن كان طرف الإضافة (المضاف إليه) فوق مستوى التعريف يكون المضاف كذلك، تلك هي ميزة الإضافة.

أحياناً تكون الإضافة فنائية، فإن كانت من قبيل إضافة الفاني إلى المفنيّ فيه، تنتقل حينها أحكام المفنيّ إلى الفاني، وتظهر عليه آثاره، وهذه هي نتيجة الإضافة الفنائية.

قتيل اللّه

ينبغي لنا أن نعرف الآن ما هو نوع الإضافة التي تتضمنها إضافة الحسين بن عليّ(عليه السلام) إلى لفظ الجلالة، لنكتشف سبب قوله(عليه السلام): «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ الله وابْنَ قَتِيلِه»؟ فمن هو ذلك القتيل يا تُرى؟

راجعوا دعاء علقمة، ستجدون هناك جملة تضج بالمعارف، حيث يقول بعدما أقسم على الله جلّ وعلا بخمسة أشخاص: «وباسمكَ الذي جَعلتَهُ عندَهُمْ، وبهِ خَصصتَهُمْ دونَ العالمينَ»([[16]])، فإنّ ذلك الدم يضرب بجذوره إلى هذه التربة!

حامل الاسم الأعظم

إنّ الدم المراق إنّما أريق من بدنٍ كان يحمل اسم الله الأعظم، ولكننا نتساءل: إلى أيّ مدى؟ وبأيّ مقدار؟ فإنّ لهذا الاسم ثلاثة وسبعين حرفاً، منها حرف واحد مختص بمقام (هو)، مقام الذات الإلهية، لا يشاركه فيه سواه، يبقى منها اثنان وسبعون حرفاً، أُعطي منها النبي عيسى(عليه السلام) حرفان فقط، فكان يحيي بهما الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق الطير بإذن الله.

وعندما وصلت النوبة إلى إبراهيم(عليه السلام) أُعطي منها ثمانية أحرف، ولم يزد على الثمانية([[17]])، أمّا قلب الحسين(عليه السلام) فقد استوعب جميع الأحرف الاثنين والسبعين.

الدم المسفوك

كان ذلك الدم يحمل مثل هذه الجوهرة، فعلينا أن نعرف أوّلاً من هي تلك الشخصية؟ وكيف أريق ذلك الدم الذي رافق جسماً يحمل الاسم الأعظم؟ هناك جهات جديرة بالاهتمام، فثمّة حسابات للدم المراق، دم من هو؟ من أيّ منهل للمعارف يغترف؟ وعن أيّ ملكات يصدر؟ ولأيّ سبب أُريق؟ وكيف أُريق؟ وكم جرحاً جرح؟ فمثل هذه الأمور ليست مما يناله كلام أو بيان، إنّما الغرض أن نكشف شيئاً من الستار عن قول الإمام(عليه السلام): «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ».

بعد كلّ تلك الجراحات في ذلك البدن، وقف «يستريح ساعة»، هكذا كان حال الإمام(عليه السلام)، فإلى أيّ مدى بلغ به التعب في مثل تلك اللحظات، وفي مثل ذلك الحال، إنّه بشر على كلّ حال، ولا بدّ أن يكتمل ذلك الامتحان الإلهي في أُفق بشريته، وقد مرّ بجوار جسد أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وعلى نعش علي بن الحسين(عليه السلام)، وأقام تلك الضجة في ساحة القتال، «فوقفَ يستريحُ ساعةً»([[18]])، تأمّلوا جيّداً، ففي تلك اللحظات أصاب الحجر جبهته، فرفع ثوبه ليمسح الدم، ثمّ ماذا حدث بعد ذلك؟ أمور لا توصف.

تأمّلوا في هذه النقطة أيضاً: لقد وضع الإمام(عليه السلام) يده على الجرح الذي أصاب قلبه... لماذا فعل ذلك؟ وما هو الداعي؟ لو قُدّر لهذا الدم أن يسقط على الأرض، لَما بقيت أرض ولَا أهلها! هذا هو معنى: «رحمةُ اللهِ الواسعةِ»([[19]])، و«بابُ نَجاةِ الأُمّةِ»([[20]]). فقد وضع(عليه السلام) يده على الجرح لئلا يسقط ذلك الدم على الأرض.

فيا جعفر بن محمّد÷، أنت الذي ينبغي أن يحدّثنا عن هذا الدم، أيّ دم كان؟!

لمّا استقر السهم في قلبه الطاهر قال(عليه السلام): «بِسمِ اللهِ وباللهِ وعلى مِلّةِ رسولِ اللهِ». . ثمّ اغترف الدم بيده، ورمقه ببصره، ورمى به إلى السماء؛ فــ(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) ([[21]]). فقامت القيامة بسبب ذلك؛ ولم تسقط منه قطرة على الأرض. . هذا هو الدم الذي «سَكَنَ فِي الْخـُلْدِ»([[22]]).

رؤيا ابن عبّـاس

فيا أحمد بن حنبل لقد كتبت في مسندك، ويابن عبد البر لقد كتبت في استيعابك، ويابن حجر لقد كتبت في إصابتك، أيّها الترمذي لقد كتبت في سننك، ويا جلال الدين السيوطي لقد كتبت في تفسيرك وتاريخك، ويا بيهقي لقد كتبت في تاريخك، أيّها الخطيب البغدادي لقد كتبت في تاريخك، ويا أئمة التفسير والحديث، إنّكم جميعاً كتبتم أنّ ابن عباس قال: «رأيـتُ النبيّ في المنام بنصف النهار، أشعثَ أغبرَ، معه قارورة فيها دم يلتقطه، أو يتتبّع فيها شيئاً. قال: قلتُ: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه، لم أزل أتتبّعه منذ اليوم. قال عمّار: فحفظنا ذلك اليوم، فوجدنا قُتل ذلك اليوم». . وفي رواية قال: «وهذا دمه ودماء أصحابه أرفعهما إلى الله تعالى»([[23]]).

فيا أحمد بن حنبل! هل فهمتَ معنى ذلك؟ هل عرفتَ ماذا تعني هذه الكلمة؟ ليس دم الحسين(عليه السلام) يرفع إلى السماء فحسب، بل دماء أصحابه كذلك، فما معنى أن ترفع تلك الدماء إلى العرش؟

إنّ ذلك يعني أنّني أنا الجنائني لحديقة البشرية، تعهدتها حتّى أينعت ثمارها، وقد حان وقت قطاف الأزهار، فجمعت ماء الزهر لآخذه معي (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) ([[24]]).

«أشهدُ لقدْ طيّبَ اللهُ بكَ التّرابَ وأوضحَ بكَ الكتابَ»([[25]]). 

الملحق

* قال ابن عباس: «رأيتُ النبيّ الليلة التي قُتل فيها الحسين(عليه السلام) وبيده قارورة، وهو يجمع فيها دماً. فقلت: يا رسولَ الله، ما هذا؟ قال: هذه دماء الحسين(عليه السلام) وأصحابه أرفعها إلى الله تعالى...». (ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص93؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص474).

وورد أيضاً: «إنّ ابن عباس رأى النبيّ في منامهِ يوماً بنصفِ النّهار، وهوَ أشعثُ أغبرُ، في يدهِ قارورةٌ فيها دم. فقال: يا رسولَ الله، ما هذا الدمُ؟ قالَ: دمُ الحسينِ(عليه السلام) لم أزلْ ألتقطهُ منذُ اليوم. فأُحصيَ ذلك اليومُ، فوُجد [أنّهُ] قُتل في ذلك اليوم». (الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص430؛ يوسف بن حاتم العاملي، الدرّ النظيم: ص567؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص231؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام)، ص510. وبهذا المضمون ورد في: ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص62).

وورد أيضاً: «أنَّ ابن عبّـاس قال: رأيتُ النبيّo فيما يرى النائم في نصف النهار أشعثَ أغبرَ، وبيده قارورة فيها دمٌ. فقلتُ: بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله، ما هذه القارورة؟ قال: دم الحسين(عليه السلام)، لم أزل ألتقطه منذ اليوم. فحفظَ اليومَ فإذا هو يوم قتله». (ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص62).

وورد كذلك: «عن ابن عبّاس، قال: رأيتُ رسول اللهo وأنا قائل، فرأيتُه أشعَثَ أغبَرَ، بيده قارورةٌ فيها دَمٌ. فقلتُ له: بأبي أنت يا رسول الله! ما هذا؟ قال: هذا دمُ الحسين وأصحابه لم أزل ألتقِطُه مُنذُ اليوم. فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قُتل ذلك اليوم». (ابن المغازلي الشافعي، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص317 ـ 318).

وورد أيضاً: «في أثر ابن عبّاس: رأى النبيّo في منامه بعد قتل الحسين(عليه السلام)، وهو مغبرُّ الوجه، حافي القدمين، باكي العينين، وقد ضمّ حَجْزَ قميصه إلى نفسه، وهو يقرأ هذه الآية: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)، وقال: إنّي مضيتُ إلى كربلاء، والتقطتُ دم الحسين من الأرض، وهو ذا في حجري، وأنا ماضٍ أُخاصمهم بين يدي ربّي». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص236 ـ 237).

وورد كذلك: «عن ابن عبّـاس، قال: رأيتُ رسول اللهo في النوم أشعثَ أغبرَ، معه قارورتان فيهما دم. فقلت: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: دمُ الحسين وأصحابه، لم أزل ألتقطه منذ اليوم». (الأربلي، كشف الغمّة: ج2، ص267).

وورد أيضاً: «روي عن ابن عبّـاس، قال: كنتُ نائماً في منزلي في المدينة قائلةَ الظهر، فرأيتُ رسول اللهo، وهو مقبلٌ من نحو كربلاء، وهو أشعثُ أغبرُ، والتراب على شيبه، وهو باكي العين، حزين القلب، ومعه قارورتان مملوءتان دماً. فقلتُ له: يا رسول الله، ما هذه القارورتان المملوءتان دماً؟ فقال: هذه فيها من دم الحسين، وهذه الأُخرى من دم أهل بيته وأصحابه». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص459).

المحاضرة الثانية                                                             

الحقيقة الحسينيّة عين الحقيقة المحمّديّة

13/5/1996م= 24ذو الحجّة 1416هـ

أهمّيّة الدعوة والتبليغ، وكفالة أيتام آل محمّد^

ممّا يجب أن نذكّر به اليوم هو أنّ أمامكم ـ أيّها السادة ـ فرصة تجارية مربحة في أيام عاشوراء، يسّرها لكم ربّكم! فينبغي للعلماء والفضلاء الحضور في هذا المجلس أن يلتفتوا إلى أهمية هذا المنصب، ولأهل البيت^ كما للقرآن عبارات وإشارات([[26]])، العبارات منها موجّهة للعوام، والإشارات للعلماء، ثمّ إنّ كفالة اليتيم تحظى في الدين بأهمية بالغة، (ملحق:1) كفى في ذلك أن يقول النبي’: «أنا وكافِلُ اليَتيمٍ كَهاتيْنِ»([[27]])، هذا فيما يخص اليتيم بشكل عام، فما هي الإشارة التي تتضمنها الروايات؟

تلك الإشارة جاءت على لسان الإمام العسكري(عليه السلام)، فالعبارة تضمنها حديث نبوي، أمّا الإشارة فقد تضمنها حديث علوي، ففي تلك الرواية يقول الإمام الحادي عشر(عليه السلام): «أشدُّ مِن يُتْمِ يتيمٍ انقطعَ عن أبيهِ يُتْمُ يتيمٍ انقطعَ عن إمامِهِ»([[28]])، فاليتيم الحقيقي هو من حرم من إمامه، والمعنى ذاته نجده كذلك في حديث نبوي، فاليتم جسماني تارة، وروحاني تارة أُخرى، ولكلمات القرآن وروايات أهل البيت^ ظاهر وباطن([[29]]) (ملحق:2)، وثمة الآن في مناطق من هذا البلد أناس يعانون الحرمان من أبجديات معالم الدين فهماً وإدراكاً وتعلّماً، ويجهلون مسائل الحلال والحرام، ولم يقفوا بعد على أرض صلبة من الناحية العقائدية، وقد تسلحت الوهابية بكلّ ما تملكه من قوّة لاصطياد أمثال هؤلاء، وهنا أمور وتفاصيل نحن في غنى عن ذكرها، والمسؤولية في مثل هذا الوقت تحتم على كلّ من يتيسر له أن يتصدّى للمحافظة على أيتام آل محمّد^، وبمناسبة أيام عاشوراء التي نعيش ذكراها سنكتفي بهذه الكلمات لسيّد الشهداء(عليه السلام): «مَنْ كَفَلَ‏ لَنَا يَتِيماً قَطَعَتْهُ عَنَّا محنَتُنَا بِاسْتِتَارِنَا، فَوَاسَاهُ مِنْ عُلُومِنَا الَّتِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ، حَتَّى أَرْشَدَهُ وَهَدَاهُ، قَالَ اللَهُ: یا أَيُّهَا الْعَبْدُ الْكَرِيمُ الْمُوَاسِي، أَنَا أَوْلَى بِالْكَرَمِ مِنْكَ، اجْعَلُوا لَهُ يَا مَلَائِكَتِي فِي الْجِنَانِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ عَلَّمَهُ أَلْفَ أَلْفِ‏ِ قَصْرٍ، وَضُمُّوا إِلَيْهَا مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْ سَائِرِ النِّعَم‏»([[30]]).

تأمّلوا الرواية جيّداً، إنّها كلمات سيّد الشهداء(عليه السلام)، وقد نصّ الحديث على محنة الاستتار، نعم هناك نسخة أخرى تضمنت كلمة (محبتنا) بدلاً من (محنتنا)، والأظهر أنّ الكلمة الصحيحة هي(محنتنا)، أي تورّط في محنتنا، وهي محنة الاستتار، واليوم هو يوم الاستتار، فكلام سيّد الشهداء(عليه السلام) يسلّط الضوء على وضع الجميع حالياً، «مَنْ كَفَلَ‏ لَنَا يَتِيماً قَطَعَتْهُ عَنَّا محنَتُنَا بِاسْتِتَارِنَا، فَوَاسَاهُ مِنْ عُلُومِنَا الَّتِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ»، والجملة الثانية للإمام(عليه السلام) تبيّن مسؤوليتكم الإعلامية على المنابر، وأنّ كلّ ما تلقونه على مسامع الناس من حديث، وكلّ ما تقدّمونه لهم من ثمار، ينبغي أن يكون من القطاف الطيبة لدوحة الوحي، هذا هو برنامجكم الإعلامي، وهو غني عن البيان والتوضيح؛ لأنّكم ممن تغنيهم الإشارة عن التصريح، فإن قمتم بأمر الكفالة وجب أن تكون بحيث لا تحدّثوهم بكلام زيد أو عمرو، بل حدّثوهم بكلام الله وكلام نبيّه|، وكلام الباقر والصادق÷، تلك الشجرة الطيبة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)([[31]])  (ملحق:3)، اقتطفوا من ثمارها وتفضّلوا بها على الأيتام، هذا هو البيان الثاني لسيّد الشهداء(عليه السلام)، ثمّ ما هو الأجر الذي يترتب على ذلك؟

إذا أردنا أن نتناول حديث سيّد الشهداء(عليه السلام) بالتفصيل من ناحية فقه الحديث، فإنّ حديثي فضلاً عن قصوري سيكون غير وافٍ بشرح ما يتضمّنه الحديث من لطائف، يقول الإمام(عليه السلام): من واسى يتامانا في زمن استتارنا بتعليمهم علومنا، فإنّ الله تعالى يقول لذلك العبد المواسي: أنا أولى بالمواساة، ثمّ يأمر الملائكة أن يعطوا كافل اليتيم بكلّ حرف من علوم أهل البيت^، يعلمه الجاهل المنقطع عن الإمام، ألف ألف قصر، وأن يُهيّئ لكلّ قصر ما يليق به من النِّعم، كلّ ذلك أجر حرف واحد، وهذا هو جزاء كفالة أيتام آل محمّد^ في هذا العصر.

العقائد الشيعية الأصيلة

ما أربحها من تجارة يمكنكم أن تظفروا بها في مثل هذه الأيام القيمة (ملحق:4)، إنّ كلّ هذا التأكيد والترغيب إنّما هو لمثل هذا الوقت، تحسباً من أن توجّه أيدي السنة والمتأثرين بأفكارهم ضربة لتلك الأفكار النورانية والعقائد المقدّسة، التي وصلتنا بفضل جهود السلف الصالح، من عهد أوتاد الأرض والأعلام الأربعة: بريد بن معاوية، ومحمّد بن مسلم، وأبي بصير، وزرارة، إلى يومنا هذا([[32]])، فإنّ هؤلاء الأوتاد الأربعة قد صانوا الأركان العقدية للتشيّع، فحذار أن تتعرض هذه العقائد لانتكاسة من قبِلنا أو في زمننا، إنّ أهم مسؤولية ينبغي أن توظّفوا لها كلّ ما لديكم من طاقة تتجسد في النقطتين التاليتين: الحفاظ على عقائد الناس، وتعليمهم مسائل الحلال والحرام.

عليكم أن تعلموا أنّ الحفاظ على الإسلام لا يتسنّى إلّا عن طريق التشيّع، بل لا دين في العالم أساساً سوى الإسلام، ولا إسلام إلّا في مذهب التشيّع، فالدين والإسلام محصوران في مذهب التشيّع فحسب (ملحق:5).

إنّ هؤلاء المنادين بالتوحيد في عصرنا الحالي هم أئمّة الشرك بحكم البرهان، وهم حملة راية التشبيه والتجسيم لله جلّ وعلا([[33]]) (ملحق:6)، فعقيدة الإسلام الصائبة في المبدأ والمعاد والنبوة محصورة في المذهب الجعفري الحقّ، ليس هذا كلاماً خطابياً، بل هو أمر برهاني، فلا توجد أُمّة بمنأى عن التلوّث بالأفكار الباطلة إلّا المعارف المنبثقة من هذا البيت الطاهر، ولنعم الحديث القائل: «كُلُّ ما لمْ يَخرُجْ منْ هَذا البَيتِ فَهوَ باطِلٌ»([[34]]) (ملحق:7)، وستثبت هذه الدعوى اليوم بالبرهان.

مصباح الهداية

لا ينبغي أن تغيب هذه النقطة عن أذهانكم: إذا أردتم أن تهدوا الناس فاعلموا «إنَّ الحُسَيْنَ مِصباحُ الهُدى وَسَفينَةُ النَّجاةِ»، فما لم تحملوا هذا المصباح لا يمكنكم أن تكونوا هداة للناس، فإنّه هو مصباح الهدى، ويا لها من كلمة!

في ليلة الإسراء لما عُرج بالنبي’ إلى العالم العلوي، اجتاز السماء الأولى والسماء الثانية، حتّى بلغ اللوح، فاجتازه كما اجتاز القلم والكرسي وقوائم العرش السبعين ألفاً، فلمّا بلغ إلى منتهى المطالب والمقاصد، رأى مكتوباً هناك: «إنَّ الحُسَيْنَ مِصباحُ الهُدى وَسَفينَةُ النَّجاةِ»([[35]]). (ملحق:8)

فلا بدّ من المحافظة على عظمة مراسم العزاء، ولا ينبغي أن تترك أفكار المتأثرين بالسنّة المعششة في قلوب السفهاء، أيّ تأثير، مما يؤدّي إلى الحطّ من عظمة هذه المراسم لدى الناس.

المُحبّ لسيّد الشهداء(عليه السلام) حبيب للّه

لديّ كلام أوجّهه إلى أعيان علماء العامة، سأبيّنه هنا باختصار، ففي كلّ قوم وجماعة محقّقون وباحثون، ولا شكّ في وجود من يعتمد الاستدلالات العقلية ويتقن العلوم النقلية بين علماء العامة أيضاً، وكلامي هنا موجّه إليهم فقط، أمّا المقلّدون فلا يُعبأ بهم عادةً؛ فإنّ باحثاً واحداً من ذوي الدقّة والإمعان لا يقارن بملايين من هؤلاء المقلّدين.

هناك رواية نصّت على ما يلي: «حُسينٌ مِنّي وأنا منْ حُسينٍ، أحبَّ اللهُ مَنْ أحبَّ حُسيناً»، والبحث فيها من جهتين: جهة السند، وجهة الدلالة، فمن ناحية السند ينبغي أن يلتفت الباحثون من أهل السنّة إلى أنّ هذه الرواية، برغم استغنائها عن البحث السندي بمستوى التأكيد الذي قمت به، ولكن لا بدّ من البحث السندي لسبب آخر.

لقد أخرج هذا الحديث كلٌّ من: ابن الأثير صاحب كتاب «أُسد الغابة»([[36]])، والإمام أحمد بن حنبل الشيباني([[37]])، وإمام المحدّثين الترمذي([[38]])، وإمام المحدّثين ابن ماجة ([[39]])، والحاكم النيسابوري([[40]])، والبخاري([[41]])، وسائر أعلام أهل السنّة، وعلى رأسهم شمس الدين الذهبي رأس المنتقدين الذي لم يألُ جهداً في نقد جميع النصوص الواردة في هذا المضمار، لما وصل إلى هذا الحديث قال: «هذا صحيح»([[42]])، وبهذا يتبيّن أنّ هذه الرواية تحظى بهذه القيمة من الاعتبار من الناحية السندية.

أمّا نص الحديث فهو: أنّ الرسول الكريم’ لقيَ الحسينَ(عليه السلام) يوماً وهو صبيّ، فضمّه إلى صدره، فوضع إحدى يديهِ تحتَ ذقنه والأُخرى تحتَ قفائه، ووضعَ شفاهه المباركة على شفتهِ وقبَّله، ثمّ قال: «حُسينٌ مِنِّي وأنا منْ حُسينٍ، أحبَّ اللهُ مَنْ أحبَّ حُسيناً»([[43]]). (ملحق:9)

تضمّن هذا الكلام ثلاث جمل: الأُولى: «حُسينٌ مِنّي»، والجملة الثانية: «وَأنا منْ حُسينٍ»، والجملة الثالثة: «أحبَّ اللهُ مَنْ أحبَّ حُسيناً»، وهذه الجملة الثالثة تضج بالدقة والحكمة؛ فهي إمّا جملة خبرية، أو إنشاء بمعنى الإخبار، ومعناها واضح وجليّ، وهو: أنّ من أحبّ الحسين(عليه السلام) أحبّه الله، ويا لَهُ من أمر عظيم! فما الذي حدث ليصبح محبّ الحسين(عليه السلام) محبوباً لله تعالى؟

الحقيقة الحسينية عين الحقيقة المحمّدية

إنّ فقه هذا الحديث في غاية الصعوبة، لكنّنا سنتناوله بالبيان بقدر المستطاع، وينبغي للباحثين والمحقّقين متابعة دراسة هذا الموضوع لاحقاً. على علماء أهل السنّة ومفكّريهم التمعّن في هذه الرواية والتأمّل في معناها، فما معنى «حُسينٌ مِنّي»؟ وما هو نوع الياء المتصلة بحرف الجرّ «مِنّي»، حيث وردت في الجملة التالية بصورة ضمير منفصل «وَأنا من...»؟ وعن أيّ معنى تعبّر؟ على علماء أهل السنّة ـ ممن لهم باع في الأُمور العقلية بعد الفراغ من الأُمور النقلية ـ الالتفات إلى أنّ حرف الجرّ «من» لا يعبّر عن جزء من هذا الجسم، بمعنى أنّ هذه عيني أو رأسي وقدمي، وجسمي، بل إنّ «من» هذه بمثابة المضاف إليه استيعاباً لجميع الأعضاء والقوى، فجملة «حُسينٌ مِنّي» تمثّل الانبثاق من حقيقة الحقائق ورقيقة الرقائق.

وإن لم يكونوا من أهل الكمالات العقلية العليا، فعليهم ـ على الأقل ـ أن يرجعوا إلى النمط الثالث من أنماط النفس الأرضية والسماوية لدى الشيخ الرئيس ابن سينا، حيث يقول: «ارجع إلى نفسك وتأمّل»([[44]]). فليقرؤوا هذا التنبيه الأوّل من إشارات الشيخ في بحث النفس إلى آخر جملة فيه؛ عندئذٍ سينتهون إلى حقيقة إنّيّة الإنسان التي تعدّ مبدأ للإدراك والحركة وجميع الأفعال والانفعالات، فعبارة «حُسينٌ مِنّي» تعني أنّ الحسين(عليه السلام) فرع من جوهر النبوة اللطيف، فللنبي’ حتّى في بدنه المثالي يد ورجل وعين وأُذن، ولكن لا قيمة لجميع ذلك إزاء إنّيّة الإنسان.

فـ«حُسينٌ مِنّي» مرتبة فوق مرتبة الجسم في هذه النشأة، وتلك النشأة، وقد ذكرت أنّ فقه الحديث في غاية الصعوبة. نعم، قد تصدّى لإخراج الحديث كلّ من الحاكم والذهبي وابن ماجة والترمذي والبخاري، لكننا نتساءل: ماذا فعلتم في مجال فقه الحديث؟ حبّذا لو كنتم تستوعبون معنى «حُسينٌ مِنّي»، ثمّ تبحثون عن مسألة أنّ الحسين(عليه السلام) منه وممّن هو؟ ثمّ عن مرجع الضمير في «منّي»، من أين تفرّع وانبثق؟ لوجدتم أنّه متفرّع من موضع تكسرت عنده جميع الأقلام، وتعطلت عنده جميع الكلمات؛ لأنّه منبثق من نور العظمة الإلهية([[45]]). (ملحق:10) عندها ستتضح أنّ الحقيقة الحسينية هي الحقيقة المحمّدية نفسها، (ملحق:11)، وأنّ الحقيقة المحمّدية هي تلك النقطة الأولى في مستهل قوس الوجود النزولي، ومنتهى قوسه الصعودي، وفي نهاية المطاف يفهم ذلك العالم والمفكر السنّي من هذا الحديث ما تعنيه الآية المباركة: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ([[46]]).

فإن ثبت ذلك بالبرهان، فما حلّ بهذا البدن يوم عاشوراء قد حلّ بالنبيّ الكريم’، وما نزل بشخص النبيّ’ قد نزل بنور العظمة الإلهية، يا لها من مصيبة كبرى ورزية عظمى، حيث إنّها: (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)([[47]])، ويقال فيها ما يقال في مصيبة أمير المؤمنين(عليه السلام): «تهدّمتْ واللهِ أركانُ الهُدى»([[48]]). (ملحق:12) إنّها المصيبة التي تركت بصماتها على نشأة الكون برمّته([[49]]). (ملحق:13)

وأيم الله تعالى! لو أصغى علماء أهل السنّة إلى حديثي بعين الإنصاف، وتتبّعوا ما ذكرته لهم وذكّرتهم به، لأدركوا ـ شاؤوا أم أبوا ـ أنّه يجب عليهم البكاء حفاةً حاسرين في يوم عاشوراء، ولأيقنوا أنّه ينبغي لهم أن يوصوا الأمّة الإسلامية بأسرها بإقامة العزاء بحيث لا تقارن بأيّ مناسبة أُخرى.

وهنا أسأل علماء العامة: اقرؤوا هذه الرواية، ثمّ راجعوا كلام ابن حجر العسقلاني([[50]])، وابن حجر الهيتمي([[51]])، وجلال الدين السيوطي([[52]])، وسائر أئمة أهل السنّة، لتروا أنّهم جميعاً قالوا: «لمّا قُتلَ الحسينُ بنُ عليٍّ كُسفتِ الشَّمسُ كَسفةً حتّى بَدتِ الكواكبُ نِصفَ النَّهارِ...»([[53]]). (ملحق:14)

مصيبة أثارت كلّ هذه الضجة في الملأ الأعلى، ماذا عساها أن تفعل في هذا العالم؟


يوم الحسين(عليه السلام)

أوجّه لكم ـ أيُّها الحاضرون ـ بضع كلمات أيضاً.

إن ّطريق علماء أهل السنّة هو ما ذكرته، أمّا أنتم ففكّروا في هاتين الكلمتين، روي في سيرة الإمام السادس جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) أنّه: «ما ذُكرَ الحسينُ بنُ عليٍّ‘ عندَ أبي عبد الله(عليه السلام) في يومٍ قطّ، فرُئيَ أبو عبد الله(عليه السلام) مُتبسّماً في ذلكَ اليومِ إلى الليلِ»([[54]]). (ملحق:15) فما الذي حدث؟ ومن هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وما الذي فعله؟!

هذا هو الفقيه. قال بعض الأعاظم: كان عدد من الأعلام إذا رأوا ثلاثة أشخاص قد اتّفقوا على مسألة معيّنة يفتون على طبقها، سأقول لكم كلمة بشأن الميرزا الشيرازي، الكلّ يعرف الميرزا محمّد تقي الشيرازي+، أعجوبة الفكر من حيث دقّة الرأي وقوّة الشخصية وصلابة العزيمة، وهو الذي تصدّى بمفرده للحكومة البريطانية، وقاد ثورة العشرين في العراق، لقد شوهد مثل هذا الرجل العظيم يوم عاشوراء حافي القدمين، حاسر الرأس، يلطم على صدره ورأسه في موكب عزاء طويريج، فأيّ عمل هذا؟ إنّه زعيم الشيعة وأُسوتهم، فأيّ أُسوة هذا الذي يشارك في العزاء الحسيني حافي القدمين، حاسر الرأس؟! إن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على علمه وفقاهته، والوجه في ذلك أنّه ـ بلا ريب ـ مؤمن بأنّ الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) قال: «إنَّ يومَ الحسينِ أقرحَ جُفونَنا وأسبلَ دُموعَنا»([[55]]).

العين هي أرقّ عضو في بدن الإنسان، فأيّ مصيبة تلك التي أقرحت جفون الإمام الثامن(عليه السلام)؟ إنّ الميرزا الشيرازي فقيه يعي أنّ المصيبة التي أقرحت جفون الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) ماذا ينبغي لها أن تنزل برأسه وصدره؟ هذه هي واقعة عاشوراء، وقد بلغت عظمة هذه المصيبة هذا الحدّ! فالميرزا بمكانة تجعله في غنى من تعريفي، وما قام به أجل شأناً من أن يصفه مثلي.

ولكنّي سأختم كلامي بجملة واحدة مأثورة عن الإمام السادس(عليه السلام)، ليكون افتتاح حديثنا بكلام لرئيس الدين وختامه بكلام لرئيس المذهب، فهو الذي ينبغي أن يقول لنا: من هو الحسين(عليه السلام).

لما سئل(عليه السلام) عن كيفية زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، قال: إذا ذهبتَ لزيارته فقف أمام قبره الشريف وقل: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله»، وبعد السلام عليه بعبارات مختلفة يأتي دور الشهادة، فكما يتشهّد المصلّي قائلاً: «أشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ»، قال الإمام الصادق(عليه السلام): يقول الزائر للحسين(عليه السلام): «أشهدُ أنَّكَ نُورُ اللهِ الذي لم يُطفأْ ولا يُطفأُ أبَداً، وأنّكَ وَجهُ اللهِ الذي لم يَهلكْ ولا يَهلكُ أبداً»([[56]])، ينبغي لكم أن تتأمّلوا في هذه الجمل.

الملاحق

(الملحق:1)

روي عن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) أنّه قال: «فَضْلُ كَافِلِ يَتِيمِ آلِ مُحَمَّدٍ، الْمُنْقَطِعِ عَنْ مَوَالِيهِ، النَّاشِبِ فِي تِيهِ الْجَهْلِ ـ يُخْرِجُهُ مِنْ جَهْلِهِ، وَيُوضِحُ لَهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ـ عَلَى فَضْلِ‏ كَافِلِ يَتِيمٍ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ‏ عَلَى‏ السُّهَا». (التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري(عليه السلام): ص341؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص7؛ عليّ بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص55؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص116؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص3).

وروي عن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) أيضاً أنّه قال: قال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): «مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا، فَأَخْرَجَ‏ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا مِنْ ظُلْمَةِ جَهْلِهِمْ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ الَّذِي حَبَوْنَاهُ بِهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ يُضِي‏ءُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ، وَحُلَّةٌ لَا تَقُومُ لِأَقَلِّ سِلْكٍ مِنْهَا الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا عِبَادَ الله! هَذَا عَالِمٌ مِنْ تَلَامِذَةِ بَعْضِ عُلَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ، أَلَا فَمَنْ أَخْرَجَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْرَةِ جَهْلِهِ فَلْيَتَشَبَّثْ بِنُورِهِ لِيُخْرِجَهُ مِنْ حَيْرَةِ ظُلْمَةِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ إِلَى نُزْهَةِ الْجِنَانِ، فَيُخْرِجُ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَّمَهُ فِي الدُّنْيَا خَيْراً، أَوْ فَتَحَ عَنْ قَلْبِهِ مِنَ الْجَهْلِ قُفْلاً، أَوْ أَوْضَحَ لَهُ عَنْ شُبْهَة». (الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص7؛ عليّ بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص55؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج1، ص17؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص2).

(الملحق:2)

 عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سألت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) عن شيءٍ من التفسير فأجابني، ثمّ سألته عنه ثانيةً فأجابني بجوابٍ آخر. فقلتُ: كنتَ أجبتني في هذه المسألة بجوابٍ غير هذا قبل اليوم! فقال: «يَا جَابِرُ! إِنَّ لِلْقُرْآنِ بَطْناً، وَلِلْبَطْنِ‏ بَطْناً، وَلَهُ ظَهْرٌ، وَلِلظَّهْرِ ظَهْرٌ. يَا جَابِرُ! لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَبْعَدَ مِنْ عُقُولِ الرِّجَالِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ. إِنَّ الْآيَةَ يَكُونُ أَوَّلُهَا فِي شَيْ‏ءٍ وَآخِرُهَا فِي شَيْ‏ءٍ، وَهُوَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوه‏». (البرقي، المحاسن: ج2، ص300؛ محمّد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي: ج1، ص12؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج27، ص192؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص91).

وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام) أيضاً أنّه قال: «إِنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِراً وبَاطِناً، ومَعَانِيَ وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَسُنَناً وَأَمْثَالاً، وَفَصْلاً وَوَصْلاً، وَأَحْرُفاً وَتَصْرِيفاً، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكِتَابَ‏ مُبْهَمٌ‏ فَقَدْ هَلَكَ وَأَهْلَك‏». (البرقي، المحاسن: ج1، ص270؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص90).

وروي كذلك: عن ابن مسعود قال: «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ مَا مِنْهَا إِلَّا وَلَهُ‏ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ‏، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عِندَهُ عَلمُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِن‏». (الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج1، ص27؛ والد البهائي العاملي، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار: ص4؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص1؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص47).

مصادر أهل السنّة: الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج1، ص53؛ السيوطي، الإتقان في علوم القرآن: ج2، ص493؛ فتح الدين الحنفي، فلك النجاة: ص174.


(الملحق:3)

 روي عن زرارة وحمران، عن أبي جعفر الباقر وأبى عبد الله الصادق÷ في قول الله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) إبراهيم، الآية 24]، قالَ: «يَعْنِي النَّبِيَّ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ هُمُ الْأَصْلُ الثَّابِتُ، وَالْفَرْعُ‏ الْوَلَايَةُ لِمَنْ دَخَلَ فِيهَا». (محمّد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي: ج2، ص224؛ محمّد بن الحسن الصفار، بصائر الدرجات: ص80؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج3، ص297؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص141).

وروي أيضاً عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر÷، عن قول الله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) ، قال: «أَمَّا الشَّجَرَةُ فَرَسُولُ‏ الله، وَفَرْعُهَا عَلِيٌّ(عليه السلام)، وَغُصْنُ الشَّجَرَةِ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ الله، وَثَمَرُهَا أَوْلَادُهَا^، وَوَرَقُهَا شِيعَتُنَا. ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ شِيعَتِنَا لَيَمُوتُ فَيَسْقُطُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَرَقَةٌ، وَإِنَّ الْمَوْلُودَ مِنْ شِيعَتِنَا لَيُولَدُ فَتُورِقُ الشَّجَرَةُ وَرَقَةً». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص400 ـ 401؛ عليّ بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: ج1، ص369 [مع اختلاف يسير]؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج3، ص85؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج3، ص298؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج16، ص363).

وروي كذلك: عن النبيّ أنّه قال: «مَثَلِي‏ مَثَلُ‏ شَجَرَةٍ أَنَا أَصْلُهَا، وَعَلِيٌّ فَرْعُهَا، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ثَمَرُهَا، وَالشِّيعَةُ وَرَقُهَا، فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الطَّيِّبِ إِلَّا الطَّيِّب‏». (ابن مردويه الأصفهاني، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص269؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص353؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج37، ص43).

وروي أيضاً: عن سلام الخثعمي قال: دخلتُ على أبي جعفر محمّد بن عليّ(عليه السلام) فقلتُ: يا بن رسول الله! قول الله تعالى: (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) ؟ قال: «يَا سَلَّامُ! الشَّجَرَةُ مُحَمَّدٌ، وَالْفَرْعُ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ، وَالثَّمَرُ الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ، وَالْغُصْنُ فَاطِمَةُ، وَشُعَبُ ذَلِكَ الْغُصْنِ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ^، وَالْوَرَقُ شِيعَتُنَا وَمُحِبُّونَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِذَا مَاتَ مِنْ شِيعَتِنَا رَجُلٌ تَنَاثَرَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَرَقَةٌ، وَإِذَا وُلِدَ لِمُحِبِّينَا مَوْلُودٌ اخْضَرَّ مَكَانَ تِلْكَ الْوَرَقَةِ وَرَقَة». فقلتُ: يا بن رسول الله! قول الله تعالى: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) ما يعني؟ قال: «يَعْنِي الْأَئِمَّةَ تُفْتِي شِيعَتَهُمْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِي كُلِّ حَجٍّ وعُمْرَة». (الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: ج1، ص406).

(الملحق:4)

 روي عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): «أَنَا التِّجَارَةُ الْمُرْبِحَةُ الْمُنْجِيَةُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ الَّتِي دَلَّ اللَهُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ فَقَال: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [ الصف، الآية 10]». (الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة: ج2، ص689؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص368؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص330).

(الملحق:5)

 حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل&، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب^ قال: قال رسول الله: «حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال: مَن علم أن لا إله إلّا أنا وحدي، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، وأنّ الأئمّة من ولده حججي، أدخلته الجنّة برحمتي، ونجّيته من النار بعفوي، وأبحت له جواري، وأوجبت له كلّ شيءٍ، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصّتي وخالصتي، إن ناداني لبّيته، وإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن سكت ابتدأته، وإن أساء رحمته، وإن فرّ منّي دعوته، وإن رجع إليّ قبلته، وإن قرع بابي فتحته. ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمّداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفر بآياتي وكتبي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيّبته، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلّام للعبيد. قال: فقام جابر بن عبد الله فقال: يا رسول الله! ومن الأئمة من ولد عليّ بن أبي طالب؟ فقال: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ، وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فاقرأه منّي السّلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر، ثمّ الرضا عليّ بن موسى، ثمّ التقيّ محمّد بن عليّ، ثمّ النقيّ عليّ بن محمّد، ثمّ الزكيّ الحسن بن عليّ، ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهديّ أمّتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً. هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص259؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص88؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص184؛ قطب الدين الراوندي، قصص الأنبياء: ص366؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج3، ص316؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج3، ص389؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ج1، ص163؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص120).

(الملحق:6)

 فمن ذلك: قال ابن تيمية: «جُمْلَةُ مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ الْإِقْرَارُ بِاَللَهِ...وَأَنَّ اللَهَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِلَا كَيْفٍ كَمَا قَالَ: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)، وَكَمَا قَالَ: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، وَأَنَّ لَهُ عَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ كَمَا قَالَ: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا)، وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً كَمَا قَالَ: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)...». (ابن تيمية، الفتاوى الكبرى: ج6، ص438 ـ 439؛ وانظر كذلك: الشنقيطي، أضواء البيان: ج7، ص282).

ومنه: «وأنّ له يدين بقوله: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، وأنّ له يميناً بقوله: (وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)، وأنّ له وجهاً بقوله: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، وقوله: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ». (محمّد بن أبي يعلى، طبقات الحنابلة: ج1، ص284).

ومنه: «... وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ، كَمَا قَالَ: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)». (ابن تيمية، الفتاوى الكبرى: ج5، ص46).

ومنه: «وجملة قولنا:...وأنّ الله مستوٍ على عرشه كما قال: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، وأنّ له وجهاً كما قال: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ». (ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ج2، ص304).

ومنه: «إنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا [كلّ ليلةٍ]...». (البيهقي، دلائل النبوة: ج6، ص294؛ النووي، شرح صحيح مسلم: ج9، ص117؛ الفخر الرازي، تفسير الرازي: ج25، ص34؛ ابن تيمية، مجموعة الفتاوى: ج27، ص129 وج 5، ص374 [مع اختلاف يسير]؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج8، ص208؛ المتقي الهندي، كنز العمّال: ج8، ص164).

(الملحق:7)

 قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الباقرُ(عليه السلام) لِسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ والْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: «شَرِّقَا وغَرِّبَا فَلَا تَجِدَانِ عِلْماً صَحِيحاً إِلَّا شَيْئاً خَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ». (محمّد بن الحسن الصفار، بصائر الدرجات: ص30؛ الكليني، الكافي: ج1، ص399؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص92).

(الملحق:8)

ورد في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) في النصف من شعبان: «أشهد أنّك قُتلتَ ولم تمتْ، بل برجاء حياتك حييتْ قلوب شيعتك، وبضياء نورك اهتدى الطالبون إليك». (الكفعمي، المصباح: ص498؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص342).

(الملحق:9)

 حدّثنا الحسن بن عرفة، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرّة قال: سمعت رسول الله يقول: «حسينٌ منّي وأنا من حسينٍ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص116؛ القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص112؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص127؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص425؛ الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج2، ص216؛ ابن حاتم الشامي، الدرّ النظيم: ص530؛ العلّامة الحلّي، كشف اليقين: ص305؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج37، ص74).

مصادر أهل السنّة: ابن طلحة الشافعي، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص377؛ الصفدي، الوافي بالوفيات: ج12، ص262؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص224؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج2، ص299؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج2، ص34.

(الملحق:10)

روي عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر÷: «كَانَ اللَهُ وَلَا شَيْ‏ءَ غَيْرُهُ، فَأَوَّلُ مَا ابْتَدَأَ مِنْ‏ خَلْقٍ‏ خَلَقَهُ‏ أَنْ‏ خَلَقَ مُحَمَّداً، وَخَلَقَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَعَهُ مِنْ نُورِهِ وَعَظَمَتِهِ، فَأَوْقَفَنَا أَظِلَّةً خَضْرَاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَيْثُ لَا سَمَاءَ وَلَا أَرْضَ وَلَا مَكَانَ وَلَا لَيْلَ وَلَا نَهَارَ وَلَا شَمْسَ وَلَا قَمَرَ...». (السيّد هاشم البحراني، حلية الأبرار: ج1، ص13؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج2، ص371؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص307 وج 15، ص23 وج 54، ص169).

(الملحق:11)

 روي عن محمّد بن سنان، عن زيد الشحّام، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أيّهما أفضل الحسن أو الحسين؟ قال: «إِنَّ فَضْلَ أَوَّلِنَا يَلْحَقُ‏ فَضْلَ‏ آخِرِنَا وفَضْلَ آخِرِنَا يَلْحَقُ فَضْلَ أَوَّلِنَا فَكُلٌّ لَهُ فَضْلٌ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَسِّعْ عَلَيَّ فِي الْجَوَابِ والله مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا مُرْتَاداً فَقَالَ: نَحْنُ مِنْ شَجَرَةٍ بَرَأَنَا اللَهُ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ فَضْلُنَا مِنَ الله وعِلْمُنَا مِنْ عِنْدِ الله ونَحْنُ أُمَنَاءُ الله عَلَى خَلْقِهِ والدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ والْحُجَّابُ فِيمَا بَيْنَهُ وبَيْنَ خَلْقِهِ، أَزِيدُكَ يَا زَيْدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: خَلْقُنَا وَاحِدٌ وعِلْمُنَا وَاحِدٌ وفَضْلُنَا وَاحِدٌ وكُلُّنَا وَاحِدٌ عِنْدَ الله} فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعِدَّتِكُمْ؟ فَقَالَ: نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا حَوْلَ عَرْشِ رَبِّنَا جَلَّ وعَزّ في مُبتدأِ خَلقِنا، أوَّلُنا مُحمّدٌ، وَأوسَطُنا مُحمَّدٌ، وَآخِرُنا مُحمَّدٌ». (النعماني، الغيبة: ص87 ـ 88؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص277؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص363).

وروي عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: «...فَنَظَرَ الْإِمَامُ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ(عليه السلام) وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُكَ. فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ. قَالَ: فَتَكَلَّمَ‏ بِكَلَامٍ‏ لَمْ‏ نَفْهَمْ‏ فَإِذَا مُحَمَّدٌ بِصُورَةِ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَإِذَا عَلِيٌّ بِصُورَةِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَهُ. فَقَالَ الْإِمَامُ(عليه السلام): لَا تَعْجَبُوا مِنْ قُدْرَةِ الله، أَنَا مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدٌ أَنَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا قَوْمُ! لَا تَعْجَبُوا مِنْ أَمْرِ الله، أَنَا عَلِيٌّ وَعَلِيٌّ أَنَا، وَكُلُّنَا وَاحِدٌ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، وَرُوحُنَا مِنْ أَمْرِ الله، أَوَّلُنَا مُحَمَّدٌ وَأَوْسَطُنَا مُحَمَّدٌ وَآخِرُنَا مُحَمَّدٌ وَكُلُّنَا مُحَمَّد...». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص16).

(الملحق:12)

 لما قُتل سيّد الشهداء(عليه السلام) نودي في السماء: «قُتلَ واللهِ الحسينُ بنُ عليّ بنِ أبي طالبٍ، قُتلَ واللهِ الإمامُ ابنُ الإمامِ، قُتلَ الأسَدُ الباسِلُ وكَهفُ الأراملِ». (القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص84، نقلاً عن أبي مخنف؛ العلّامة الشريف الكاشاني، تذكرة الشهداء: ج2، ص160، (بهذا المضمون)).

وروي أيضاً: «نادَى مُنادٍ مِنَ السّماءِ: قُتل واللهِ الإمامُ بنُ الإمامِ [و] أخُو الإمامِ [و] أبُو الأئمّةِ، الحسينُ بنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ÷». (البهبهاني، الدمعة الساكبة: ج4، ص359، نقلاً عن أبي مخنف).

وروي كذلك: «نادَى مُنادٍ مِنَ السّماءِ: قُتلَ واللهِ الإمامُ ابنُ الإمامِ أخُو الإمامِ، قُتلَ واللهِ الهُمامُ ابنُ الهمامِ، الحسينُ بنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ(عليه السلام)». (الدربندي، أسرار الشهادة: ص429).

(الملحق:13)

نماذج من آثار شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) في عالم الوجود:

أ ـ بكاء جميع المخلوقات

روي عن ميثم التمّار أنّه قال: أخبرني مولاي أمير المؤمنين(عليه السلام): «...يَبْكِي عَلَيْهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى الْوُحُوشُ‏ فِي‏ الْفَلَوَاتِ، ‏ وَالْحِيتَانُ فِي الْبِحَارِ، وَالطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، وَتَبْكِي عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالسَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، وَمُؤْمِنُو الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَجَمِيعُ مَلَائِكَةِ السَّمَاوَاتِ والأَرضينَ، وَرِضْوَانُ وَمَالِكٌ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ دَماً وَرَمَاداً...». (الشيخ الصدوق، الأمالي، ص189؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص227؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج11، ص77؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص203؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص457).

وروي أيضاً: عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «بَكَتِ الإنْسُ وَالجِنُّ وَالطَّيْرُ وَالوَحشُ عَلى الحُسينِ بنِ عَليٍّ‘ حَتّى ذَرَفتْ دُموعُها». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص165؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص164؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص205؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص459).

وروي قريب من هذا المضمون في المصادر التالية: الشيخ الصدوق، الأمالي: ص178؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص238؛ ابن نما الحلّي، ذوب النضار في شرح الثار: ص27؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص13؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج3، ص394؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص218.

ب ـ بكاء السماء والأرض

عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتينا مع عليّ [(عليه السلام)]، فمررنا بموضع قبر الحسين [(عليه السلام)]، فقال عليّ [(عليه السلام)]: «هَاهُنَا مُنَاخُ‏ رِكَابِهِمْ، وَمَوْضِعُ رِحَالِهِمْ، وَهَاهُنَا مُهَرَاقُ دِمَائِهِمْ، فِتْيَةٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يُقْتَلُونَ بِهَذِهِ الْعَرْصَةِ، تَبْكِي عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْض».

مصادر أهل السنّة: أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص97؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص126؛ ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص193.

كما ورد ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: ابن أبي حاتم الرازي، تفسير ابن أبي حاتم: ج10، ص3289؛ محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان: ج25، ص160؛ أبو إسحاق الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ج 8، ص353؛ البغوي، تفسير البغوي: ج4، ص152؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص225؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص353؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2634؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ القرطبي، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص222؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول: ص99؛ السيوطي، الدرّ المنثور: ج6، ص31؛ ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص101.

ج ـ بكاء السماوات السبع والأرضين السبع

قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إِنَّ أَبَا عَبْدِ الله الْحُسَيْنَ(عليه السلام) لَمَّا قَضَى [مَضى] بَكَتْ عَلَيْه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص166؛ الكليني، الكافي: ج4، ص575؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص54؛ محمّد تقي المجلسي، روضة المتقين: ج5، ص427؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص165؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص206؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص460).

د ـ احمرار السماء حين استشهاده (عليه السلام)

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)، قال: «إنَّ الحُسَينَ(عليه السلام) بَكى لِقتلِهِ السَّماءُ وَالأرضُ وَاحمَرَّتا...». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص181، باب 28، ح 4؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج3، ص701؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص143؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص209؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص464).

وروي قريب من هذا المضمون في المصادر التالية: القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص167؛ الشيخ الطبرسي، تفسير جوامع الجامع: ج2، ص444؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج6، ص405؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ الملا فتح الله الكاشاني، تفسير كبير منهج الصادقين في إلزام المخالفين (فارسي): ج8، ص281؛ الملا فتح الله الكاشاني، زبدة التفاسير: ج6، ص287؛ الطريحي، تفسير غريب القرآن: ص38؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص21.

مصادر أهل السنّة: يحيى بن معين الدوري، تاريخ ابن معين: ج1، ص361؛ ابن أبي شيبة، المصنّف: ج8، ص633؛ محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان: ج25، ص160؛ الحميري، جزء الحميري: ص31؛ ابن أبي حاتم الرازي، تفسير ابن أبي حاتم: ج10، ص3289؛ أبو إسحاق الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ج 8، ص353؛ البيهقي، دلائل النبوة: ج6، ص473؛ البغوي، تفسير البغوي: ج4، ص152؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص103؛ القرطبي، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص15؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول: ص98؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص221؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص226؛ السيوطي، الدرّ المنثور: ج6، ص31؛ ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص20.

هـ ـ كسوف الشمس وظهور الكواكب في النهار

روي في هذا المجال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبد الله بن علي الناقد، قال: حدّثني عبد الرحمن البلخي [السّلمي]، وقال لي أبو الحسين: وأخبرني عمّي، عن أبيه، عن أبي نصر، عن رجلٍ من أهل بيت المقدس، أنّه قال: «والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها عشيّة قتل الحسين بن عليّ‘، قلت: وكيف ذاك؟... وانكسفت الشمس ثلاثة أيّام، ثمّ تجلّت عنها، وانشبكت النجوم، فلمّا كان من غدٍ أُرجفنا بقتله، فلم يأتِ علينا كثير شيءٍ حتّى نُعي إلينا الحسين(عليه السلام)». (ابن قولويه، كامل الزيارات، ص161، باب 25، ح 2؛ العلّامة البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص186؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص205؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص456).

وروي عن أبي قبيل: «لما قُتل الحسين بن عليّ كُسفت (انكسفت) الشّمس كسفةً (حتّى) بدت الكواكب نصف النهار حتّى ظننّا أنّها هي».

مصادر أهل السنّة: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ البيهقي، السنن الكبرى: ج3، ص337؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص228؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص357؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197 (قال الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن)؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص443.

وروي ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص102؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص432؛ المقريزي، إمتاع الأسماع: ج12، ص242؛ ابن حجر العسقلاني، تلخيص الحبير: ج5، ص84؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص126؛ ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194.

و ـ احمرار الشمس

عن زرارة بن أعين عن الصادق(عليه السلام)، قال: «بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى‏ يَحْيَى‏ بْنِ زَكَرِيَّا وَعَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام) أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، وَلَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَيْهِمَا. قُلْتُ: فَمَا بُكَاؤُهَا؟ قَالَ: كَانَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَتَغِيبُ حَمْرَاء». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج9، ص109؛ الملا فتح الله الكاشاني، زبدة التفاسير: ج6، ص287؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج4، ص407؛ العلّامة البحراني، غاية المرام: ج4، ص375؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص215؛ الشيخ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج4، ص628؛ المشهدي، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب: ج12، ص130).

وورد قريباً من هذا المضمون في المصادر التالية: ابن قولويه، كامل الزيارات: ص186، باب 28، ح 20 وص 181، باب 28، ح 6؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص227؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص189؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص210.

وروي أيضاً: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال: حدّثنا خلّاد صاحب السمسم، وكان ينزل بني جحدر، قال: حدّثتني أُمّي قالت: «كُنّا زَماناً بَعدَ مَقتلِ الحُسينِ وَأنَّ الشَّمسَ تَطلعُ مُحمرّةً عَلى الحِيطانِ وَالجُدُرِ بِالغَداةِ وَالعَشيِّ». (ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد: ص91؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين، ص355؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص226).

وورد ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص15؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197.

ز ـ مطر السماء دماً ورماداً

قال الإمام الرضا(عليه السلام): «يَا بْنَ شَبِيبٍ! لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ جَدِّي الْحُسَيْنُ (صَلواتُ اللهِ عليهِ) أمَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وتُرَاباً أَحْمَر». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص268؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص29؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص286).

وروي أيضاً: عن جبلة المكّيّة، قالت: سمعت ميثماً التمّار (قدس الله روحه) يقول: «والله لتقتلنّ هذه الأُمّة ابن نبيّها في المحرّم لعشر يمضين منه، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركةٍ، وإنّ ذلك لكائن، قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلم ذلك بعهدٍ عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)... وتمطر السماء دماً ورماداً». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص227؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص189 ـ 190؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص213؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج11، ص78؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص203؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص457).

وورد ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: ابن قولويه، كامل الزيارات: ص184، باب 28، ح 14؛ الشيخ المفيد، الأمالي، ص323؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص93؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج4، ص407.

وروي: قالت نضرة الأزديّة: «لما قُتل الحسين(عليه السلام) أمطرت السماء دماً، وحبابنا وجرارنا صارت مملوءةً دماً». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص215؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص466).

مصادر أهل السنّة: المقريزي، إمتاع الأسماع: ج12، ص241؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص145؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج11، ص80؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص15.

وروي أيضاً: عن نضرة الأزديّة قالت: «لما أن قُتل الحسين(عليه السلام) مطرت السماء دماً، فأصبحتُ وكلّ شيءٍ لنا ملآن دماً». (القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص166؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص431؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص467).

مصادر أهل السنّة: ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين (من طبقات ابن سعد): ص90؛ ابن حبّان، الثقات: ج5، ص487؛ البيهقي، دلائل النبوة: ج6، ص471؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص357؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2638؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ السيوطي، المحاضرات والمحاورات: ص79؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص126.

وروي أيضاً: قال: جعفر بن سليمان: «حدّثتني خالتي أمّ سالم قالت: لما قُتل الحسين بن عليّ مطرنا مطراً كالدّم على البيوت والجدر».

مصادر أهل السنّة: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص16؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312.

وورد ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: البيهقي، دلائل النبوة: ج7، ص373؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج3، ص41؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص433.

وروي كذلك: أسامة بن شبيب، بإسناده عن أمّ سالم، أنّها قالت: «لما قُتل الحسين بن عليّ(عليه السلام) مطرت السّماء مطراً كالدّم احمرّت منه البيوت والحيطان». (القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص166؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص215؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص466).

ح ـ تحت كلّ حجر دم عبيط

روي عن الزُّهري، قال: «لما قُتل الحسين(عليه السلام) لم يبقَ ببيت المقدس حصاة إلّا وُجد تحتها دم عبيط». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص161؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص187؛ العلّامة المجلسي: ج45، ص205).

مصادر أهل السنّة: ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2637. ومع اختلاف يسير (لم يُرفع حجر ببيت المقدس إلّا وجد دم عبيط) في المصادر التالية: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص113؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص362؛ مجير الدين الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: ج1، ص285.

وروي أيضاً: عن الزُّهري، قال: قال لي عبد الملك بن مروان: أيّ واحدٍ أنت إن أخبرتني أيّ علامة كانت يوم قُتل الحسين بن علي(عليه السلام)؟! قال: قلت: «لم تُرفع [لا يُرفع ـ ما رُفعت] حصاة ببيت المقدس إلّا وجد تحتها دم عبيط». (القاضي النعمان المغربي شرح الأخبار: ج2، ص447؛ السيّد ابن طاووس، الملاحم والفتن: ص337؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص63؛ الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج2، ص61 و268؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص187).

مصادر أهل السنّة: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص119؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص363 (مع اختلاف يسير)؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2637؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص196 (قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات)؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص17.

وروي أيضاً: عن معمّر قال: «أوّل ما عُرف الزُّهري تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قُتل الحسين بن عليّ؟ فقال الزُّهري: بلغني أنّه لم يُقلب حجر إلّا وُجد تحته دم عبيط». (الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص430؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص472).

مصادر أهل السنّة: البيهقي، دلائل النبوة: ج6، ص471؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص314؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص16؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229؛ المزي، تهذيب الكمال، 6، ص434؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج2، ص305؛ المقريزي، إمتاع الأسماع: ج12، ص241؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص193.

وروي أيضاً: «يوم قُتل الحسين(عليه السلام) أظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلب حجر ببيت المقدس إلّا أصبح تحته دماً عبيطاً». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص102؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص362؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص434، ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2637؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص126.

وروي كذلك: «... لم يُرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلّا وُجد تحته دم عبيط، وأبصر الناس الشّمس على الحيطان حمراء، كأنّها الملاحف المعصفرة، إلى أن خرج عليّ بن الحسين‘ بالنسوة، وردّ رأس الحسين(عليه السلام) إلى كربلاء». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص231 ـ 232؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص192).

وروي أيضاً: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «بَعَثَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى أَبِي فَأَشْخَصَهُ‏ إِلَى‏ الشَّام... فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) لَمْ يُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْر... وكَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ‘». (ابن قولويه، كامل الزيارات، ص158 ـ 159؛ قطب الدين الراوندي، قصص الأنبياء: ص146؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج14، ص336؛ ج 42، ص302).

(الملحق:14)

حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبد الله بن علي النّاقد، قال: حدّثني عبد الرحمن البلخي [السُّلمي]، وقال لي أبو الحسين، وأخبرني عمّي، عن أبيه، عن أبي نصر، عن رجلٍ من أهل بيت المقدس أنّه قال: «والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها عشيّة قتل الحسين بن عليٍّ÷، قلت: وكيف ذاك؟...وانشبكت [وانكبّت] النجوم، فلمّا كان من غدٍ أُرجفنا بقتله، فلم يأتِ علينا كثير شيءٍ حتّى نُعي إلينا الحسين(عليه السلام)». (جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات: ص160 ـ 161، باب 24، ح 2؛ العلّامة البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص186؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص205؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص456).

وروي أيضاً: عن عثمان بن أبي شيبة، حدّثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث الكندي، قال: «لما قُتل الحسين مكثنا سبعة أيّام [أيّاماً سبعة) إذا صلينا العصر...ونظرنا (بصرنا) إلى الكواكب يضربُ بعضَها بعضاً». (الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص356؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص15؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197).

وورد قريباً من هذا المضمون في المصادر التالية: السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص226؛ ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194.

(الملحق:15)

 روى زرارة عن الإمام أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «... وَمَا زِلْنَا فِي عَبْرَةٍ بَعْدَهُ، وَكَانَ جَدِّي إِذَا ذَكَرَهُ بَكَى حَتَّى تَمْلَأَ عَيْنَاهُ‏ لِحْيَتَهُ، ‏ وَحَتَّى يَبْكِيَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ. وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَيَبْكُونَ، فَيَبْكِي لِبُكَائِهِمْ كُلُّ مَنْ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَة». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص168؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص207؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص462).

المحاضرة الثالثة

تربة الإمام الحسين(عليه السلام)

المرابطون في ثغور العقائد الشيعية

22/4/1998م= 24ذو الحجّة 1418هـ

نحن على أبواب عاشوراء، وقد كثرت الفتن في هذا العصر، وازدادت الشبهات والوساوس من قِبل الشياطين تجاه الأُسس والأصول العقائدية، مما يلقي على عاتق كلّ فردٍ منّا مسؤوليةً جسيمةً، وتكليفاً ثقيلاً جدّاً، البعض معذور، فلا حرج عليه، أمّا من لا عذر له فلا بدّ له من اغتنام هذه الفرصة، والتوجّه في أيام محرّم إلى المناطق التي ينتشر فيها اللصوص وقطّاع الطرق أمام التشيّع، ممن ينالون من عقائد البسطاء ويتلاعبون بأفكارهم.

وعليكم أن تنتبهوا أنّ أهمّ مسؤوليّة على عاتقنا اليوم هو الحفاظ على ثغور المذهب، ولا ريب في أنّ كلام الأئمة الميامين^ في هذا المجال خير من أيّ كلام آخر، قال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): «عُلَمَاءُ شِيعَتِنَا مُرَابِطُونَ‏ فِي الثَّغْرِ الَّذِي يَلِي إِبْلِيسَ وَعَفَارِيتَهُ»([[57]]) (الملحق: 1).

وباعتبار أنّ هذا الحديث مصداق لقولهم: «كلامُكُم نورٌ»([[58]]) فهو أفضل نبراس يضيء درب حياتكم جميعاً.

ثمّ لا يخفى عليكم أهمّيّة كتاب الجهاد في الفقه، وقد قسّم الفقهاء هذا الكتاب إلى فصلين: فصل في الجهاد، وفصل في المرابطة، وتعود جذور كلمة المرابطة إلى القرآن الكريم والسنّة عند الفريقين وإجماع الفرق، وهي من الناحية الفقهية دون الجهاد في الأهمية.

وتكمن أهمية الجهاد في أنّ من يخرج مجاهداً يدور أمره بين حالات ثلاث: إمّا أن يموت في الطريق، أو يُقتل، أو يرجع سالماً.

 فإن عاد سالماً شملته المغفرة الإلهية، وكان كيوم ولدته أُمّه([[59]])، وإن مات في طريق الجهاد كان مصداقاً للآية الشريفة: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)([[60]])، وإن قُتل فاز بالحياة الأبدية ونال رزقه في جوار ربّه بمقتضى الآية الكريمة: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)([[61]])، هذا هو حدّ الجهاد.

وقد تطلق المرابطة على حماية ثغور العقائد الدينية دون ثغور البلاد؛ ومن هنا فإنّ علماء الشيعة من المرابطين، إذ شأنهم في الذبّ عن حياض الدين شأن المرابط مقابل المجاهد. فعلى أيّ حدّ يرابط العلماء؟ فإنّ المرابط على حدود البلاد إنّما يرابط في الثغور بين الكفّار والمسلمين، أي الحدود الجغرافية التي يكون المسلمون في أحد طرفيها، والمشركون في الطرف الآخر، أمّا العلماء فإنّهم مرابطون في الثغور التي يتواجد ضعفاء الشيعة في أحد طرفيها، وفي الطرف المقابل إبليس وعفاريته.

وإذا أحاط الإنسان بدراية الحديث كان ذلك أعلى شأناً من رواية آلاف الأحاديث، ففي كلام الإمام(عليه السلام) من النقاط الدقيقة ما يقصر عنه بياننا، ولكن الواجب يحتم علينا أن نبيّن لكم عصارة جميع الروايات مما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة؛ لئلا نقف غداً مسؤولين عن عدم بيان ذلك.

لو قام جميع المتواجدين هنا اليوم بتنظيم مناهج حياتهم وفقاً لهذه الأقوال، لأدركوا نتائج ذلك بأنفسهم، غاية ما في الأمر أنّهم سيتذوقون حلاوة المطلب هنا، أمّا نتائجه فلها موضع آخر، ولكن ينبغي أن تعلموا أنّ هذه السعادة لا يفوز بها كلّ أحد.

طهارة العلماء المرابطين

حاولوا أوّلاً أن تتحلّوا بالتقوى، فالحقّ تعالى في منتهى الجلالة، ولا يمكن مع الدنس أن يشقّ إليه طريق: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)([[62]]).

 اتّقوا الله مهما استطعتم؛ ليوفّقكم الله، ويخلع عليكم لباس المرابطين والذابّين عن ثغور المذهب في عصر غيبة وليّ العصر(عجل الله فرجه الشريف)، ولتكونوا حماة لهذا الثغر، فشأن المرابط هو الرصد والمراقبة، فعليه أن يرصد المنافذ التي يتوخّى إبليس وعفاريته التسلل منها؛ وذلك بغية سدّها، وهذه هي مسؤوليتي ومسؤليتكم الأساسية اليوم.

ولكننا نتساءل: ما هو أجر هؤلاء المرابطين؟ مما يثير الدهشة أنّ الإمام(عليه السلام) قال: إنّ أجر العلماء المرابطين في الثغور، الذين يمنعون إبليس وعفاريته من التسلّط على قلوب الضعفاء من الشيعة، أفضل ألف ألف مرّة من أجر المجاهدين([[63]]).

إنّ تأكيد الروايات لهذا الجانب مثير للاستغراب، مما يدلّ على أنّ الأئمة الأطهار^ كانوا يتنبؤون بزمان تتعرّض فيه العقائد الشيعية الحقّة إلى مخاطر أساسية، فراجعوا تلكم الروايات في كتاب «بحار الأنوار» وغيره، ولا تكتفوا بقراءة ظاهر الروايات المذكورة، بل حاولوا فهمها بشكل صحيح؛ لتجدوا أنّ محطّ اهتمام الروايات هو الحفاظ على ضعفاء الشيعة من المخالفين والنواصب المُعبَّر عنهم بعفاريت إبليس، والتعبير بالعفاريت ينطوي على نقطة هامّة؛ حيث يدلّ على أنّ هناك قوى شيطانية في عصر الغيبة تحاول التغلغل داخل العقائد الشيعية. وفي مثل هذا الوقت الذي يجمع فيه إبليس جميع عفاريته للتغلغل في قلوب ضعفاء الشيعة، لا بدّ من تصدّي المرابطين في الثغور لهؤلاء الشياطين؛ بغية أن يثبت الشيعة على عقائدهم الحقّة.

العقائد الحقّة إرث اليد القطيعة لقمر بني هاشم

العقائد هي حصيلة للدماء الطاهرة، والجهود المضنية التي يهدّ ذكرها صبر الإنسان، فهل تعلمون حجم المشاق والجهود والمعاناة التي بذلت في سبيل الحفاظ عليها؟ وما هي مسؤوليتنا إزاء هذه المعاناة؟

وهل تعلمون أنّ الأمر بلغ بذرّية عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ـ إبان حكم المتوكّل العبّاسي ـ أن يجتمع كلّ أحفاده والمخدّرات الطاهرات في مكان واحد وقت الصلاة؛ لأنّهم لم يكونوا يمتلكون أكثر من ثوب واحد، فكانوا يتناوبون على ارتدائه والصلاة فيه؟([[64]])

لم يكتب لهذا المذهب البقاء إلّا من خلال هذه الجهود المضنية، وسيأتي يوم نحاسَب فيه على كلّ ذلك، إلّا أن تتداركنا رحمة من الله، فهذا المذهب ذكرى لدماء الحسين بن علي÷، وهذه العقائد بقية من شعر زينب الكبرى‘ الذي نشرته حداداً على أخيها، وهذه العقائد تراث اليد القطيعة لقمر بني هاشم أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)؛ من هنا لا بدّ من أن يعي الجميع حجم الخطر الكبير، والمسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقنا، ويدركوا النتيجة المترتّبة على ذلك.

التلقين الإلهي للدعاة والمبلغين

إنّكم تسافرون إلى المناطق المختلفة بغية الدعوة لهذا المذهب، فاعقدوا العزم منذ اللحظة التي تحزمون فيها حقائب السفر على تثبيت القلوب على هذا المذهب، فإن وجدتم قلباً أخذ منه الضعف مأخذاً فانتشلوه من تزلزله، وإن أثيرت شبهةٌ ما فردّوها، وليس أجركم ما تحصلون عليه في هذا السفر من دراهم ودنانير، إنّما أجركم هو ما ذكره أمير المؤمنين(عليه السلام) حينما قال: «مَنْ‏ قَوَّى‏ مِسْكِيناً فِي دِينِهِ ضَعِيفاً فِي مَعْرِفَتِهِ عَلَى نَاصِبٍ مُخَالِفٍ فَأَفْحَمَهُ، لَقَّنَهُ اللَهُ تَعَالَى يَوْمَ يُدْلَى فِي قَبْرِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَهُ رَبِّي وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي وَعَلِيٌّ وَلِيِّي وَالْكَعْبَةُ قِبْلَتِي وَالْقُرْآنُ بَهْجَتِي وَعُدَّتِي وَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَانِي‏»([[65]]).

لا يمكن تصوّر ما هو أسمى من هذا الكلام قطّ، حيث الباري تعالى هو الملقّن لكم حينما تكلّ الألسن وتعيا عن النطق، وهذا يعني أنّ كلّ من يسافر منكم في عشرة محرّم للتبليغ والدعوة إلى الدين مشمول بهذا الوعد من قبل أمير المؤمنين(عليه السلام)، فإن عملتم على تقوية المساكين والضعفاء في الدين والمعرفة، وثبتّم قلوبهم على المذهب الحقّ، كان أوّل أثر ذلك أنّ الله سيلقنكم في القبر أن تقولوا: الله ربّي، فسيكون الملقّن هو نفس الذات الأحدية المقدّسة، ثمّ يتابع الإمام(عليه السلام) كلامه قائلاً: «فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ أَنْزَهَ رِيَاضِ الْجَنَّة»، هذا هو أجركم، فالمسألة فوق مستوى التصور، وأسمى مما يتناوله بياننا.

من هنا، ينبغي أن تكرّسوا كلّ طاقاتكم في هذا السفر لنشر كلمات أئمة الدين^، وترويج فضائل أهل البيت^، واعلموا أنّ هذا هو السبيل الوحيد للتأثير في القلوب، وكلّ ما عدا ذلك خطأ، فلا تبطلوا الدعوة إلى المذهب، ولا تشوّهوا كلمات أئمة الدين^، فليكن همّكم الوحيد هو تعريف الناس بالقرآن والسنّة، وهدايتهم بالكتاب والعترة فحسب، ولا تنحرفوا عن هذين الطريقين القويمين، ولا تخلطوا كلام البشر بالكلمات الإلهية؛ فلا تقيسوا السماء بالأرض، ولا تمزجوا بين الأوهام والحقائق. هذا هو طريق الإرشاد، والسبيل إلى التبليغ والدعوة، ومن خلاله يمكن التأثير في القلوب.

عناية وليّ العصر التامّة بعاشوراء

إن قمتم بهذا العمل، فإنّ خير أجر ستنالونه هو أن تنقلبوا إلى أهليكم، والإمام صاحب العصر والزمان# راضٍ عنكم؛ فمن المؤكّد في هذا العصر أنّ نظر الإمام(عليه السلام) واهتمامه منصبّ على عاشوراء الإمام الحسين(عليه السلام)، ولا شك ـ وهذا الأمر واقعي ـ في أنّ عناية الإمام(عليه السلام) تشمل هذه البلاد ما دامت هناك عاشوراء، فإن تزلزلت فيها مكانة عاشوراء، فإنّ ما تبقّى لا قيمة له عنده(عليه السلام)، فكمال عنايته ومحط اهتمامه هو عاشوراء وحسب.

فلم ذلك؟ وما سرّ ذلك؟

إنّ هذا الأمر ممّا يصعب فهمه؛ والوصول إلى دقائق معارف المذهب ليس أُلعوبة، نكرر هنا السؤال: لم تمثل عاشواء محور الاهتمام ومركز الأنظار؟ إنّ سرّ ذلك يكمن فيما يلي:

إكسير تربة كربلاء

رُويَ عنِ الحارثِ بنِ المغيرةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَهِ(عليه السلام): «إِنِّي رَجُلٌ‏ كَثِيرُ الْعِلَلِ‏ وَالْأَمْرَاضِ، وَمَا تَرَكْتُ دَوَاءً إِلَّا تَدَاوَيْتُ بِهِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام)، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ»([[66]]) (الملحق:2).

فمن خواصّ تربة مزاره(عليه السلام) أنّها «شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ». ولمن هذا الكلام؟ إنّه كلام مَن نشر علم جميع الأنبياء والمرسلين^([[67]])، على أنّ تربة الإمام الحسين(عليه السلام) الطاهرة ليست شفاءً من الأمراض الجسدية فحسب، بل هي شفاء من كلّ داء.

إنّ منزلة الإمام الحسين(عليه السلام) وعظمته لم تُعرف بعد؛ فما كلّ قلب جديراً بمعرفته، ولفظ «كلّ» موضوع للعموم، وقد استخدم هذا اللفظ مَن هو معنيّ بالدرجة الأولى بطبّ الأنفس لا طبّ الأبدان قائلاً: «شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ».

ومجمل الكلام: أنّ بإمكانكم فتح باب العلم أمام وجوهكم من خلال تربته، فتربة مرقده نوع إكسير لا يشفي الأسقام الجسدية وحسب، بل الآلام الروحية والفكرية أيضاً، فجميع الأمراض الجسدية والروحية التي يعاني منها البشر تعالَج بتربة مرقده الشريف.

«...وَأَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ»، فما أكثر المخاوف التي تزول بتربته!

طالعوا الروايات بمزيد من التأمّل والفهم العميق، حيث إنّ من المستحبّات عند دفن الميّت ـ كما يعلم جميعكم ـ وضع قليل من تربة الحسين(عليه السلام) إلى جانب البدن داخل القبر([[68]]) (الملحق:3)، فقوله(عليه السلام): «وَأَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ» يعني الأمان من الخوف في الحياة، وبعد الممات أيضاً.

قبض النبيّ الخاتم لتربة كربلاء

هناك آداب خاصّة لقبض تربة هذا الإمام المظلوم(عليه السلام) الطاهرة، وهي كثيرة لا يسع الوقت لبسط الكلام فيها، لكنّنا سنشير إليها باختصار.

قال الإمام الصادق(عليه السلام) ضمن الحديث المتقدّم: «فَإِذَا أَخَذْتَهُ فَقُلْ هَذَا الْكَلَامَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الطِّينَةِ...»، فما هي هذه الطينة؟ وما حقّها؟ هل فكّرتم في ذلك؟ ثمّ قل: «وَبِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي أَخَذَهَا»، ثمّ قل: «وَبِحَقِّ النَّبِيِّ الَّذِي قَبَضَهَا».

أتعلمون إلام يشير هذا الكلام؟ إنّه يشير إلى ما ورد في الروايات الشريفة من أنّ جَبْرَئِيلَ(عليه السلام) نزلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ: «يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَهَ يُبَشِّرُكَ‏ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ‏ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فأَرْسَلَ النبيّ إِلَى فَاطِمَةَ أَنَّ اللَهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ لَكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ مِنِّي تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ اللَهَ قَدْ جَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَالْوَلَايَةَ وَالْوَصِيَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ»([[69]]) (الملحق:4).

الإمامة، وبسط المعرفة الكبرى، والعبادة العظمى: أجر لدماء سيّد الشهداء(عليه السلام)

إنّ جعل الإمامة في ذرّية الإمام الحسين(عليه السلام) يعني تحقيق نتيجة الخلقة المتمثّلة ببسط المعرفة الكبرى والعبادة العظمى في جميع أرجاء المعمورة، وقد أدركت السيّدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) هذا الأمر جيّداً، فالإمامة التي تمثّل تفسيراً للوحي بأسره، وبظهور موعودها ستكون تطبيقاً للوحي بكافته، وهي أجر لدماء نحر هذا الوليد، ولذا قالت هذه السيّدة: «قَدْ رَضِيتُ».

 وبعدما رضيت السيّدة فاطمة (سلام الله عليها)، جاء جبرئيل بقبضةٍ من ذلك التراب، فأعطاها للنبيّ([[70]]) (الملحق:5).

ثمّ إنّ هناك اهتماماً بالغاً في روايات كتاب «كامل الزيارات»: من جهة أنّ من الذي قبض هذه التربة، ومن الذي احتفظ بها، ومن الذي حضنها ([[71]]).

تربةٌ في مصاف جبرئيل الأمين

ورد في بعض الروايات التعبير بلفظ «حضَنَها»([[72]])، وفي بعض آخر «خزَنَها»([[73]])،  أي قام النبيّ الكريم بحضنها أو خزنها، المهم في الأمر أنّ هذه التربة بلغت من المرتبة بحيث يُقسَم بها في مصاف جبرئيل الأمين(عليه السلام)، وإلى جانب خاتم النبيين’.

والروايات في هذا الباب كثيرة، معتبرةً وغير معتبرة، تشير إلى أنّ القسَم بهذه التربة هو من آداب القبض عليها (الملحق:6)، فربما يبلغ التراب منزلة يقسم بها الباري} كما يقسم بجبرئيل الأمين(عليه السلام)، وخاتم النبيين’.

السجود على تربة مرقد سيّد الشهداء(عليه السلام) ينوّر الأرضين السبع

الأمر الأهم هو أنّ الشيخ الصدوق في كتابه «من لا يحضره الفقيه» يقول نقلاً عن الإمام الصادق(عليه السلام): «السجود على طين قبر الحسين(عليه السلام) ينوّر إلى الأرضين السبعة»([[74]])، فيا لَهُ من أمرٍ عظيمٍ! ولكن ما السرّ في ذلك؟ وما هو التأثير الكامن في تلك التربة ليقول الإمام الصادق(عليه السلام): «السجود على طين قبر الحسين(عليه السلام) ينوّر إلى الأرضين السبعة»؟

والقضية أسمى من ذلك بكثير؛ والذي يحيّر العقول عبارة: «كان لأبي عبدالله...» الدالة على الاستمرار، فقد كان لأبي عبد الله الصادق(عليه السلام) خريطة من الديباج الأصفر، فأيّ جوهرة كانت تضم تلك الخريطة؟ نظروا فإذا فيها حفنة من التراب، وعندما حضرت الصلاة نشر الإمام(عليه السلام) تلك الخريطة، وراح يسجد على ذلك التراب، والذي يقول فيه الإمام الصادق(عليه السلام) كلاماً يعجز عن شرحه بياني القاصر، وهو قوله(عليه السلام): «إِنَّ السُّجُودَ عَلَى تُرْبَةِ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) يَخْرِقُ‏ الْحُجُبَ‏ السَّبْعَ»([[75]]) (الملحق:7).

الراوي لهذا الحديث هو معاوية بن عمّار، وسند الشيخ إليه صحيح. فهل تأمّلتم في هذه الرواية؟ إنّ التربة التي تمطر الأرضين السبعة بأنوارها من هذه الجهة، تخرق الحجب السبع من الجهة العلوية، فما هي القدرة المخزونة في هذه التربة؟! ومن هو ذلك الشخص الذي ألقى بظلّه على هذه التربة؟!

إنّها التربة التي استعان بها الإمام السادس(عليه السلام)، الوليّ المطلق، ورئيس المذهب الجعفري، ليخترق بها الحجب السبعة أثناء سجوده، بعد أن وضع جبهته عليها، هذا ما لن يستطيع أن يفهمه إلّا فقيه واعٍ.

 سرّ التكبيرات السبع

اقرؤوا الروايات المتعلّقة بتكبيرة الافتتاح، ما السبب في كونها سبعاً؟ وما السرّ في ذلك؟ إنّ السرّ في التكبيرات السبع هو أنّ الحجب سبعة، فكانت التكبيرات المحدّدة سبعاً، نتساءل ثانية: ما الذي حدث لتكون التكبيرات المحدّدة سبعاً؟ تعود جذور ذلك إلى حادثة تُروى عن الرسول’، حيث وقف للصلاة، وإلى جواره صبي صغير، صبيّ قدر له أن يعرف به يوم عاشوراء، فكبّر النبي’، وكبّر الصبي، فلم يحسن التكبير، وكان الصبي قد أبطأ في الكلام، حتّى بلغ الرسول’ التكبيرة السابعة، فانطلق لسانه بالتكبير، وجرت السنّة على أن تكون التكبيرات سبعاً([[76]]) (الملحق:8). هذا هو سرّ التكبيرات السبع التي تخرق الحجب السبعة، ومن هنا كان لتربة الحسين(عليه السلام) مثل هذا الأثر.

هذا هو الوجود المقدّس للإمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)! اعرفوه كما في هذه الصورة، وعرّفوه إلى الناس كذلك؛ عسى أن تشملكم عناية ولده #.

الملاحق

(الملحق:1)

قال الإمام عليّ بن الحسين السجّاد(عليه السلام): «لَوْ لَا مَنْ يَبْقَى بَعْدَ غَيْبَةِ قَائِمِكُمْ‏(عجل الله فرجه الشريف) مِنَ الْعُلَمَاءِ، الدَّاعِينَ إِلَيْهِ، وَالدَّالِّينَ عَلَيْهِ، وَالذَّابِّينَ عَنْ دِينِهِ بِحُجَجِ الله، وَالْمُنْقِذِينَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ الله مِنْ شِبَاكِ إِبْلِيسَ وَمَرَدَتِهِ، وَمِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ، لَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِينِ الله، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سُكَّانَهَا، أُولَئِكَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ الله}». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(عليه السلام): ص345؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص9 وج 2، ص260؛ عليّ بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص56؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج1، ص19؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص320؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص6).

(الملحق:2)

 قال الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام): «طِينُ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وأَمَانٌ‏ مِنْ‏ كُلِّ‏ خَوْفٍ‏». (ابن بابویه القمّي، فقه الرضا: ص345؛ الحرّ العاملي، هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمة: ج5، ص104؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص123).

وروي أيضاً عن الإمام أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) قال: «فِي طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَهُوَ الدَّوَاءُ الْأَكْبَرُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص312؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص592؛ الشيخ المفيد، المزار: ص143؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص74؛ المشهدي، المزار: ص361؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص123).

وروي كذلك: عَنْ جَابِرِ بنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ(عليه السلام) يَقُولُ‏: «طِينُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَانٌ‏ مِنْ‏ كُلِّ خَوْفٍ‏، وَهُوَ لِمَا أُخِذَ لَه‏». (ابنا بسطام النيسابوري، طبّ الأئمة: ص52؛ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة في أصول الأئمة: ج3، ص34؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص132).

وروي أيضاً: قَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ «مِصْبَاحِ الزَّائِرِ وَجَنَاحِ الْمُسَافِرِ» أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الصَّادِقُ‏(عليه السلام) إِلَى الْعِرَاقِ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا مَوْلَانَا! تُرْبَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، فَهَلْ هِيَ أَمَانٌ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ آمِناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، فَلْيَأْخُذِ السُّبْحَةَ مِنْ تُرْبَتِهِ(عليه السلام) وَيَدْعُو بِدُعَاءِ لَيْلَةِ الْمَبِيتِ عَلَى الْفِرَاشِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُقَبِّلُهَا وَيَضَعُهَا عَلَى عَيْنِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحَقِّ صَاحِبِهَا، وَبِحَقِّ جَدِّهِ، وَبِحَقِّ أَبِيهِ، وَبِحَقِّ أُمِّهِ، وَبِحَقِّ أَخِيهِ، وَبِحَقِّ وُلْدِهِ الطَّاهِرِينَ، اجْعَلْهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ سُوءٍ. ثُمَّ يَضَعُهَا فِي جَيْبِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْغَدَاةِ فَلَا يَزَالُ فِي أَمَانِ الله حَتَّى الْعِشَاءِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْعِشَاءِ فَلَا يَزَالُ فِي أَمَانِ الله حَتَّى الْغَدَاة». (السيّد ابن طاووس، الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص47؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج11، ص427).

وروي كذلك: قال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): «إِنَّ طِينَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) مِسْكَةٌ مُبَارَكَةٌ، مَنْ‏ أَكَلَهُ مِنْ شِيعَتِنَا كَانَتْ لَهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْ عَدُوِّنَا ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْأَلْيَة». (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص166؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص132).

وروي أيضاً عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «لَوْ أَنَّ مَرِيضاً مِنَ الْمـُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ حَقَّ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) وَحُرْمَتَهُ وَوَلَايَتَهُ، أَخَذَ مِنْ طِينِ قَبْرِهِ مِثْلَ رَأْسِ‏ أَنْمُلَةٍ كَانَ‏ لَهُ دَوَاءً». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص465؛ الشيخ المفيد، المزار: ص143؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص732؛ المشهدي، المزار: ص361؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98: ص122).

وروي أيضاً عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): يَأْخُذُ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَيَأْخُذُ غَيْرُهُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ؟ فَقَالَ: «لَا والله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا يَأْخُذُهُ [أَخَذَهُ] أَحَدٌ وَهُوَ يَرَى أَنَّ اللَهَ يَنْفَعُهُ‏ بِهِ‏ إِلَّا نَفَعَهُ‏ [يَنْفَعُهُ] بِهِ». (الكليني، الكافي: ج4، ص588؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص461؛ الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص167؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص123).

وروي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أن قال: «حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ‏ بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَإِنَّهُ أَمَانٌ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص466؛ الشيخ المفيد، المزار: ص144؛ المشهدي، المزار: ص362؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص74؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص124).

(الملحق:3)

 كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ إِلَى الْقَائِمِ(عجل الله فرجه الشريف) سُئِلَ‏ عَنْ‏ طِينِ‏ الْقَبْرِ، يُوضَعُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ(عليه السلام): «يُوضَعُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ وَيُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللَهُ تَعَالَى». (الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص76؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص311؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج14، ص1531؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج3، ص29؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص165).

ورُوِيَ‏ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَزْنِي وَتَضَعُ أَوْلَادَهَا فَتُحْرِقُهُمْ بِالنَّارِ خَوْفاً مِنْ أَهْلِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا غَيْرُ أُمِّهَا، فَلَمَّا مَاتَتْ دُفِنَتْ فَانْكَشَفَ التُّرَابُ عَنْهَا وَلَمْ تَقْبَلْهَا الْأَرْضُ، فَنُقِلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى غَيْرِهِ فَجَرَى لَهَا ذَلِكَ، فَجَاءَ أَهْلُهَا إِلَى الصَّادِقِ(عليه السلام) وَحَكَوْا لَهُ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لِأُمِّهَا: مَا كَانَتْ تَصْنَعُ هَذِهِ فِي حَيَاتِهَا مِنَ الْمَعَاصِي؟ فَأَخْبَرَتْهُ بِبَاطِنِ أَمْرِهَا. فَقَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام): إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَقْبَلُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُعَذِّبُ خَلْقَ الله بِعَذَابِ الله، اجْعَلُوا فِي قَبْرِهَا مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَفُعِلَ ذَلِكَ بِهَا، فَسَتَرَهَا اللَهُ‏ تَعَالَى»‏. (الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج3، ص30؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج79، ص45).

(الملحق:4)

 رُويَ عن عالمِ أهلِ البيتِ^ أنّهُ قالَ: «إنَّ جبرئيلَ(عليه السلام) هبطَ على رسولِ اللهِ’ فأخبره أنّ فاطمةَ ابنتَهُ‏ تلدُ ابناً، وأمرَهُ أن يسمّيه الحسينَ، وعرّفهُ أنّ أكثرَ أمّتهِ يجتمعُ على قتلِهِ، فعرّفَ رسولُ اللهِ’ أميرَ المؤمنينَ وفاطمةَ‘ ذلكَ، فقالت فاطمةُ: لا حاجةَ لي فيهِ، وسألتِ اللهَ أن يُعفيَها من ذلكَ. فأوحى اللهُ جلّ وعلا إلى نبيّهِ’ أن يعرّفَهما أنّهُ يعوّضُ للحسينِ عن القتلِ أن يجعلَ الإمامةَ وميراثَ النبوّةِ والوصيّةِ والعلمِ والحكمةِ في وُلدهِ إلى يومِ القيامةِ. فعرّفهما النبيُّ’ ذلكَ، فقالا: قد رضينا بما يحكمُ اللهُ لنا». (المسعودي، إثبات الوصية للإمام عليّ بن أبي طالب: ص163).

وروي عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ‏: «لَمَّا عَلِقَتْ [أنْ حَمَلَتْ] فَاطِمَةُ÷ بِالْحُسَيْنِ(عليه السلام) قَالَ لَهَا رَسُولُ الله: يَا فَاطِمَةُ! إِنَّ اللَهَ قَدْ وَهَبَ لَكِ غُلَاماً اسْمُهُ الْحُسَيْنُ، تَقْتُلُهُ أُمَّتِي. قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي‏ فِيهِ. ‏ قَالَ: إِنَّ اللَهَ} قَدْ وَعَدَنِي فِيهِ أَنْ يَجْعَلَ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ. قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ يَا رَسُولَ الله». (ابن بابويه القمّي، الإمامة والتبصرة من الحيرة: ص50؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص205؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص416؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص221).

وروي أيضاً: ِ «...فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) عَلَى النَّبِيِّ، فَهَنَّأَهُ‏ كَمَا أَمَرَهُ‏ اللَهُ} وَعَزَّاهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: تَقْتُلُهُ أُمَّتِي؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ النَّبِيُّ: مَا هَؤُلَاءِ بِأُمَّتِي، أَنَا بَرِي‏ءٌ مِنْهُمْ، وَاللَهُ بَرِي‏ءٌ مِنْهُمْ. قَالَ جَبْرَئِيلُ: وَأَنَا بَرِي‏ءٌ مِنْهُم‏ يَا مُحَمَّدُ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ عَلَى فَاطِمَةَ÷، فَهَنَّأَهَا وَعَزَّاهَا، فَبَكَتْ فَاطِمَةُ÷ وَقَالَتْ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَلِدْهُ، قَاتِلُ الْحُسَيْنِ فِي النَّارِ. فَقَالَ النَّبِيُّ: وَأَنَا أَشْهَدُ بِذَلِكَ يَا فَاطِمَةُ، وَلَكِنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ إِمَامٌ يَكُونُ مِنْهُ الْأَئِمَّةُ الْهَادِيَةُ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَئِمَّةُ بَعْدِي الْهَادِي عَلِيٌّ، وَالْمُهْتَدِي الْحَسَنُ، وَالنَّاصِرُ الْحُسَيْنُ، وَالْمَنْصُورُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالشَّافِعُ‏ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالنَّفَّاعُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْأَمِينُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَالرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَالْفَعَّالُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْمُؤْتَمَنُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْعَلَّامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ(عليه السلام)، الْقَائِمُ(عجل الله فرجه الشريف)، فَسَكَتَتْ فَاطِمَةُ÷ مِنَ الْبُكَاءِ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص284؛ البحراني، مدينة المعاجز: ج3، ص435؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص249).

وروي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ÷ يَقُولَانِ: «إِنَّ اللَهَ (تَعَالَى) عَوَّضَ‏ الْحُسَيْنَ‏(عليه السلام) مِنْ قَتْلِهِ أَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَالشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَإجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ قَبْرِهِ، وَلَا تُعَدُّ أَيَّامُ زَائِرِيهِ جَائِياً وَرَاجِعاً مِنْ عُمُرِهِ». (الشيخ الطوسي، الأمالي: ص317؛ الطبري، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: ص327؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص431؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص617؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص221).

(الملحق:5)

 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ [‘] عَلَى رَسولِ اللهِ وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ الله وَهُوَ مُنْكَبٌّ عَلَى ظَهْرِهِ، فَقَالَ جَبْريلُ لرسول الله: أتُحِبُّهُ يا مُحمَّدُ؟ فَقَالَ: يا جِبريلُ! وَمالي لَا أُحِبُّ ابْنِي. قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ، فَمَدَّ جَبْريلُ يَدَهُ فَأتاهُ بِتُرْبَةٍ بَيْضَاءَ فَقَالَ: فِي هَذِهِ الأرْضِ يُقْتَلُ ابْنُكَ هَذا يَا مُحَمَّدُ، وَاسْمُهَا الطَّف‏...». (الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص107؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص187 ـ 188).

(الملحق:6)

 عَنِ الصّادقِ(عليه السلام): «إِنَّ اللهَ جَعَلَ تُرْبَةَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، فَإِذَا أخَذَها [تَنَاوَلَهَا] أَحَدُكُمْ فَلْيُقَبِّلْهَا وَلْيَضَعْهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَلْيُمِرَّهَا عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، وَلْيَقُلْ: اللَهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحَقِّ مَنْ حَلَّ بِهَا وَثَوَى فِيهَا، وَبِحَقِّ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَبِحَقِّ الْمَلَائِكَةِ الْحَافِّينَ بِهِ، إِلَّا جَعَلْتَهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَبَرْءاً مِنْ كُلِّ مَرَضٍ، وَنَجَاةً مِنْ كُلِّ آفَةٍ، وَحِرْزاً مِمَّا أَخَافُ وأَحْذَرُ. ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهَا. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: فَإِنِّي اسْتَعْمَلْتُهَا مِنْ دَهْرِيَ الْأَطْوَلِ، كَمَا قَالَ وَوَصَفَ أَبُو عَبْدِ اللَهِ، فَمَا رَأَيْتُ بِحَمْدِ الله مَكْرُوهاً». (الشيخ الطوسي، الأمالي: ص319؛ أبو القاسم الطبري، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: ص335؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص119).

ورويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «طِينُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَإِذَا أَكَلْتَهُ‏ فَقُلْ:‏ بِسْمِ الله وَبِالله، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رِزْقاً وَاسِعاً وَعِلْماً نَافِعاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص476؛ الشيخ المفيد، المزار: ص149؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص733؛ المشهدي، المزار: ص364؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج92، ص34).

وروي أيضاً: قَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام):‏ «إِذَا أَرَدْتَ‏ حَمْلَ‏ طِينِ‏ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَاقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ و( ) [وَ( )] و( ) وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَيس، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَحَبِيبِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ، وَبِحَقِّ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَبْدِكَ وَأَخِي رَسُولِكَ، وَبِحَقِّ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَلِيِّكَ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَبِحَقِّ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، وَبِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحَقِّ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهَا، وَبِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي هُوَ فِيهَا، وَبِحَقِّ الْجَسَدِ الَّذِي ضَمَّتْ، وَبِحَقِّ جَمِيعِ مَلَائِكَتِكَ وَأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ هَذَا الطِّينَ شِفَاءً لِي وَلِمَنْ يَسْتَشْفِي بِهِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ وَمَرَضٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ. اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ اجْعَلْهُ عِلْماً نَافِعاً، وَرِزْقاً وَاسِعاً، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ وَآفَةٍ وَعَاهَةٍ، وَمِنْ جَمِيعِ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ. وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ التُّرْبَةِ الْمُبَارَكَةِ الْمَيْمُونَةِ، وَالْمَلَكِ الَّذِي هَبَطَ بِهَا، وَالْوَصِيِّ الَّذِي هُوَ فِيهَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْفَعْنِي بِهَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص475؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص531؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص128).

كذلك رُوِيَ: «إِذَا أَخَذْتَهُ‏ فَقُلْ‏: بِسْمِ الله، اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ الطَّاهِرَةِ، وَبِحَقِّ الْبُقْعَةِ الطَّيِّبَةِ، وَبِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي تُوَارِيهِ، وَبِحَقِّ جَدِّهِ وَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ، وَالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِهِ، وَالْمَلَائِكَةِ الْعُكُوفِ عَلَى قَبْرِ وَلِيِّكَ يَنْتَظِرُونَ نَصْرَهُ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، اجْعَلْ لِي فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَعِزّاً مِنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَأَوْسِعْ بِهِ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، وَأَصِحَّ بِهِ جِسْمِي». (الكليني، الكافي: ج4، ص589؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص472؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص128).

ورُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «إِذَا تَنَاوَلَ‏ أَحَدُكُمْ‏ مِنْ‏ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ، وَالرَّسُولِ الَّذِي بَوَّأَهُ، وَالْوَصِيِّ الَّذِي ضُمِّنَ فِيهِ، أَنْ تَجْعَلَهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، كَذَا وَكَذَا، وَيُسَمِّي ذَلِكَ الدَّاءَ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص469؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص734؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص127).

(الملحق:7)

 رُويَ: «كَانَ الصَّادِقُ(عليه السلام) لَا يَسْجُدُ إِلَّا عَلَى تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) تَذَلُّلاً لِله وَاسْتِكَانَةً إِلَيْهِ». (الديلمي، إرشاد القلوب: ج1، ص115؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج3، ص608 وج 5، ص367؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص158).

ورُويَ كذلك: وَجَدْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشَّهِيدِ الثَّانِي، نَقَلْتُ عَنْ شَيْخِنَا الْأَجَلِّ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَالِي‏ المَيسِي‏ (أَدَامَ‏ اللَهُ تَعَالَى أَيَّامَهُ)، عَنِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَاجِّ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَامِعٍ الْكُوسِيِّ، عَنْ أَبِي سَيْفٍ الْحَاسِّيِّ، عَنِ الشَّهِيدِ&: «أَنَّ السُّجُودَ عَلَى التُّرْبَةِ الْحُسَيْنِيَّةِ تُقْبَلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ لَوْ لَا السُّجُودُ عَلَيْهَا». (الميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل: ج4، ص12).

(الملحق:8)

 رُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَى جَانِبِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ(عليه السلام)، فَكَبَّرَ رَسُولُ الله فَلَمْ‏ يُحِرِ الْحُسَيْنُ‏ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ كَبَّرَ رَسُولُ اللَهِ فَلَمْ يُحِرِ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) التَّكْبِيرَ، وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله يُكَبِّرُ وَيُعَالِجُ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) التَّكْبِيرَ، فَلَمْ يُحِرْ حَتَّى أَكْمَلَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، فَأَحَارَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) التَّكْبِيرَ فِي السَّابِعَةِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): فَصَارَتْ سُنَّةً». (الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج2، ص67؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج81، ص356).

المحاضرة الرابعة

معرفة عاشوراء

11/4/1999م= 24ذو الحجّة1419هـ

معرفة عاشوراء

ينبغي لمن يتحمّل مسؤوليّة الدعوة ونشر الدين في أيام عاشوراء، ويشدّ رحاله إلى المناطق المختلفة لأداء هذا الواجب الذي يعدّ من أهمّ التكاليف، أن يعرف ما معنى عاشوراء، وكيف يستفيد من هذه الفرصة التي تمثّل أهمّ فترة زمنية في عالم الإسلام؟ وأن يتأمّل في كلام الإمام(عليه السلام) المقطوع بصدوره حيث يقول: «لا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله»([[77]])؛ليعي ما هو يوم عاشوراء، وكيف يمكن الاستفادة من هذا اليوم العظيم على النحو الأكمل.

يوم التغابن

 لقد سُمِّيت كلّ سورة في القرآن الكريم بأمر مهم من الأُمور التي تتضمنها؛ ولذا ينبغي لأهل القرآن أن يعرفوا أساس البحث في كلّ سورة من خلال اسمها، ومن سور القرآن سورة «التغابن»، وفيها هذه الآية الشريفة: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ)([[78]]).

من المؤسف أنّنا نعاني الكثير من التقصير في فهم القرآن وفقهه، ولا نتمتّع بتلك الفقاهة الذي تليق بإدراك لطائف كتاب الله تعالى.

إنّ للقيامة أسماء متعدّدة في القرآن الكريم(الملحق:1)، وقد استخدم في هذه الآية اسمان منها، وهذه في حدّ ذاتها نقطة مهمّة جدّاً، ينبغي لأهل البحث والمطالعة أن ينظروا: هل التفت أصحاب التفاسير إلى هذه النقطة؟ ما هي الصلة بين هذين الاسمين؟ أحدهما «يوم الجمع» والآخر «يوم التغابن»، أمّا «يوم الجمع» فهو اليوم الذي يُجمع فيه الناس، و«ذلك» اسم إشارة للبعيد، لا بدّ أن نلحظ السرّ في استعمال لفظ الإشارة للبعيد في قوله جلّ وعلا: (ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ)، وقد سُمّيت السورة باسم التغابن، والتغابن من باب التفاعل، ثم نتساءل تارة أُخرى: ما السرّ في استعمال هيئة التفاعل هنا؟ والفعل من مادةّ «غَبَنَ»، والهيئة هيئة باب التفاعل، فما هي الدقائق واللطائف الكامنة في هذه الجهات؟ وأي غبن هذا الذي يعنيه تعالى في يوم التغابن؟

هنالك رواية في هذا الشأن، ولا بدّ في فهم القرآن من أن نستمدّ العون من كلمات الوحي، معتمدين على حصافة الفكر وقوّة الفقاهة في فهم كلام الله تعالى وأوليائه.

قال رسول الله’: «يُفْتَحُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ خِزَانَةً عَدَدَ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ». علينا أن نتأمّل في كلام الرسول الأعظم: كم هو عمر كلّ فرد؟ ولكلّ ساعة خزانة! خزانة ينبغي له أن يفتحها بيديه!

(اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) ([[79]])، «فَخِزَانَةٌ يَجِدُهَا مَمْلُوءَةً نُوراً وَسُرُوراً، فَيَنَالُهُ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ لَأَدْهَشَهُمْ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ النَّارِ...ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا مُظْلِمَةً مُنْتِنَةً مُفْزِعَةً، فَيَنَالُهُ مِنْهَا عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَزَعِ وَالجَزَعِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ لَنَقَّصَ عَلَيْهِمْ نَعِيمَهَا...ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا خَالِيَةً لَيْسَ فِيهَا مَا يَسُرُّهُ وَلَا يَسُوؤُهُ...فَيَنَالُهُ مِنَ الْغَبْنِ وَالْأَسَفِ عَلَى فَوَاتِهَا...وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:‏ (ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ)»([[80]]) (الملحق:2).

بهذا الحديث يتجلّى لنا تفسير كلمة التغابن في سورة «التغابن»، فما هو الغبن؟ الغبن: هو أن لا يكون هناك بديل بمقدار ما فات، وهذا المستوى من الغبن زعزع عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([[81]])، فجعل خيار الغبن مقابل أصالة اللزوم في العقد، لتدارك ما فات من المال، فالفقيه الذي يدرس خيار الغبن لا بدّ أن يدرك معنى التغابن في سورة التغابن، ويفهم الحديث النبوي المذكور، ثمّ يعرف أنّ ساعات العمر التي تنقضي في أزمنة معيّنة كيف يغتنمها؟

عاشوراء تمهيد لمواكبة أهل البيت^ في الرفيق الأعلى

إنّ للساعات التي تقضونها في عاشوراء تغابناً لا يقاس بأيّ غبن آخر، فما الذي ينبغي لعالم الدين أن يفعله؛ لئلا يبتلى بتلك الحسرة التي لا توصف: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ)([[82]])، فإن فات الأوان فليس للحسرة أن تعود بأيّ نفع، وإذا كان ثمّة تدارك للغبن فهو في كلام الإمام(عليه السلام)، وأنّى لنا أن نبلغ شرحه وبيانه! 

يقول حجّة الله على العباد: «أَلَا فَمَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِعُلُومِنَا، وَهَذَا الْجَاهِلُ بِشَرِيعَتِنَا الْمُنْقَطِعُ عَنْ مُشَاهَدَتِنَا يَتِيمٌ‏ فِي حِجْرِهِ، أَلَا فَمَنْ هَدَاهُ وَأَرْشَدَهُ وَعَلَّمَهُ شَرِيعَتَنَا كَانَ مَعَنَا فِي‏ الرَّفِيقِ‏ الْأَعْلَى‏»([[83]]).

تمثّل عاشوراء منجماً لنيل هذه الجوهرة، متاحاً لكلّ من ينهمك في الدعوة والتبليغ، فماذا ينبغي أن نعمل والحال هذه؟ وما هي المسؤولية؟ إن كان ثمّة شيء يذكر فإنّما هو في كلمات أئمة الدين^، أمّا كلام زيد وعمرو فليس حرياً بالذكر، والذي ينبغي أن يكون مرجعاً تستندون إليه ـ بعد عمر قضيتموه في الجدّ والاجتهاد ـ  إنّما يتلخّص في كلمتين، هما: الكتاب، والسنّة، انظروا ماذا يقول الله تعالى؟ وما هو بيان المعصومين^؟ تعلّموا علومهم، فإن تلقّيتم علومهم^ وعلّمتموا بها جاهلاً، ولو كان شخصاً واحداً، فهديتموه وأرشدتموه، فإنّكم معهم في الجنّة. فما الشيء الذي ينبغي أن تعلّموه؟ الجواب: «شريعتنا»، وما معنى «شريعتنا»؟ إنّ الهداية والإرشاد لا بدّ أن يكونا إلى سبيلنا. ثمّ ما أجر ذلك حينئذٍ؟ «كَانَ مَعَنَا فِي‏ الرَّفِيقِ‏ الْأَعْلَى‏»، ليس لنا أن نتصور ما هو أسمى من هذه المنزلة، منزلة المعيّة، ولكن أيّما معيّة؟

من يفارق أهله وأُسرته في عشرة عاشوراء، مهاجراً إلى منطقة يتواجد فيها الجهّال بهذه الشريعة، فيقوم بإرشاد شخص واحد إلى الشريعة الحقّة، فسينال منزلة المعيّة.

 ونلاحظ أنّ المعيّة قد أُضيفت إضافةً عجيبةً، حيث إنّ كلمة «مع» تشير إلى قمّة المقام الذي يفوق الإدراك: «كَانَ مَعَنَا»، ولم يُكتفَ بذلك فقط، وإنّما هناك إضافتان في الرواية: الأولى إضافة المعيّة، والثانية إضافة الظرفية:

أمّا إضافة المعيّة فهي قوله(عليه السلام): «مَعَنَا»، (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)([[84]]) (الملحق:3)، فاللطف والرحمة يجعلانك رفيقاً لهم.

وأمّا إضافة الظرفية فهي: «فِي‏ الرَّفِيقِ‏ الْأَعْلَى‏»، فما معنى الرفيق الأعلى؟ نؤجّل هذا البحث إلى وقت آخر، فالمهمّ أن تفهموا ما معنى عاشوراء؟ ولمَن هذا اليوم؟ فهذا هو الموضع الذي يحار فيه الكُمّل.

مقامات سيّد الشهداء(عليه السلام) في حديث اللوح

هناك حديث يدرك علماء الحديث فقط أنّه الأكسير الأحمر، أخرجه الكليني (أعلى الله مقامه) في «الكافي»([[85]]) والصدوق في «كمال الدين وتمام النعمة»([[86]]) وبقية المشايخ من المحدّثين، يُعرف بـ «حديث اللوح» (الملحق:4) حيث أهدى الباري} الصدّيقة الكبرى‘ تحفة سنية عند ولادة سيّد الشهداء(عليه السلام)، ألا وهي لوح مكتوب فيه حديث إلَهي، يشتمل على أسماء الأوصياء الاثني عشر وجميع خصائهم ومواصفاتهم، إنّ هذا الحديث تهنئة من قبل ربّ الأرباب إلى سيّدة النساء وأُمّ الأئمة الميامين^ بهذا المولود المبارك، وقد ذكر فيه تعالى ثمانية مقامات لأبي عبد الله الحسين(عليه السلام).

خزانة قلب سيّد الشهداء(عليه السلام)

مقامه(عليه السلام) الأوّل: أنّه خازن الوحي، حيث قال سبحانه في هذا الحديث: «وَجَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ‏ وَحْيِي‏»([[87]]). هذه هي القطرة الأولى، فمن أين تبدأ مساحة الوحي الإلهي الفسيحة؟ وإلى أين تنتهي؟ إنّ البداية تكمن هنا: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)([[88]])، وختامها في: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)([[89]]) (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)([[90]])، فهذا الوحي، من تلك البداية وحتّى هذه النهاية في خزانة قلب الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، «وَجَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ‏ وَحْيِي‏»، فمن ذا الذي عرف الحسين(عليه السلام) ليعرف معنى عاشوراء؟ ليدرك ماذا حدث في يوم عاشوراء؟ ودم من سفك؟ وعلام سفك؟

ليس هناك من يفهم معاني كلمات الله تعالى، لا أنا ولا غيري، إنّ ما ندركه لا يمثّل سوى شعاع من هذه الشمس فقط، فمن منّا يعلم معنى«خَازِنَ‏ وَحْيِي‏» ليعلم معنى الوحي؟ وليدرك ما يمتاز به الوحي من العقل؟ ليقف على الحد الفاصل بين الوحي والفكر؟ وليفهم كنه الوحي؟ كلمات على غرار قوله تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)([[91]])، من يدري ماذا كُنِزَ في المفعول المطلق هنا؟ على أنّ كلّ ذلك غيض من فيض، أمّا جميع تلك المطالب فإنّها مدخورة في خزانة قلب الحسين(عليه السلام)، ذلك القلب الذي أصابه السهم في ذلك اليوم، وأريق منه مثل ذلك الدم! هذه هي القضية.

معراج الملائكة ومزار الأنبياء^

اقرؤوا كتاب «كامل الزيارات» لتفهموا ما قاله الإمام(عليه السلام) هناك: «عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً روضة من رياض الجنّة، وفيه معراج الملائكة إلى السماء»، هذه إحدى العبائر، والأهمّ منها جميعاً قوله: «وَلَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ إِلَّا وَهُوَ يَسْأَلُ اللَهَ أَنْ يَزُورَهُ»([[92]]) (الملحق:5).

إنّ جملة: «لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ...» ليست بالهينة؛ فهذا هو سيّد الشهداء(عليه السلام)، وهذا هو بطل عاشوراء الذي جاء فيه: «لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله»([[93]])، هذا من ينبغي أن يزوره في كلّ ليلة جمعة جميع الأنبياء والأوصياء^ بلا اسثناء، من أوّلهم حتّى آخرهم، ليسلّموا عليه إلى جنب مرقده الطاهر([[94]]) (الملحق:6).

وكذلك الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يزوره ليلة كلّ جمعة إلّا أنّ له خصوصيّة، وهي أنه(عليه السلام) يتلو سورة الفاتحة على أرواح الراقدين في تربة كربلاء، فينال كلّ واحد منهم بعد تقسيمها عليهم ما لا يستوعبه بيان ولا يحيط به بنان.

هذا هو سيّد الشهداء(عليه السلام)، هذا هو الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا هو دمه الطاهر، فحذار أن تتخذوا من هذا الدم رأس مال في تجارة تبتغون بها مقاماً أو منصباً، ولا ينبغي لهذا الدم سوى أن يكون ثروة للحق، والحق لا يتجاوز ثلاث كلمات:

 الحق الأوّل: ([[95]])، فحريّ بدم الحسين(عليه السلام) أن يسفك لهذا الحق في المرحلة الأولى، والحق الثاني: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)([[96]]) (الملحق:7)، هذا هو الحق الثاني الذي ينبغي لدم الحسين(عليه السلام) أن يراق من أجله، والحق الثالث: «السَّلَامُ عَلَى الْحَقِّ الْجَدِيدِ»([[97]]).

والنتيجة التي ننتهي إليها أنّ عاشوراء لا ينبغي أن توظّف إلّا في ثلاث كلمات فقط: الله، دين الله، إمام العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف)، فإنّ الدم الذي قال أبو عبد الله الحسين(عليه السلام) حينما سال: «بِسمِ اللهِ وباللهِ وعلى مِلّةِ رسولِ اللهِ»([[98]]) يجب أن تنفقوه في سبيل الله؛ ليعود عليكم بخير الدنيا والآخرة، وإلّا خسرتم الدنيا والآخرة، و(ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)([[99]]).

الملاحق

(الملحق:1)

 وردت في القرآن الكريم عبارات كثيرة ومختلفة عن يوم القيامة، منها:

1.     يوم الحسرة (مريم، الآية 39).

2.     يوم القيامة (البقرة، الآية 85) (ورد هذا الاسم 70 مرّة في القرآن الكريم).

3.     يوم الدين (الفاتحة، الآية 4؛  الذاريات، الآية 12؛  الواقعة، الآية 56).

4.     يوم البعث (الروم، الآية 56).

5.     يوم الفصل (الصافات، الآية 21؛ الدخان، الآية 40؛ المرسلات، الآيتان 14، 38؛ النبأ، الآية 17).

6.     يوم الحساب (ص، الآيات 16، 26، 53؛ غافر، الآية 27).

7.     يوم التلاق (غافر، الآية 15).

8.     يوم الآزفة (غافر، الآية 18).

9.     يوم التناد (غافر، الآية 32).

10.    يوم الجمع (الشورى، الآية 7؛ التغابن، الآية 9).

11.    يوم الوعيد (ق، الآية 20).

12.    يوم التغابن (التغابن، الآية 9).

13.    الساعة (الأنعام، الآية 31) (ورد هذا الاسم 48 مرّة في القرآن الكريم).

14.    الواقعة (الواقعة، الآية 1؛ الحاقّة، الآية 15).

15.    الحاقّة (الحاقّة، الآيات 1 ـ 3).

16.    الطامّة (النازعات، الآية 34).

17.    الصاخّة (عبس، الآية 33).

18.    الغاشية (الغاشية، الآية 1).

19.    القارعة (القارعة، الآيات 1 ـ 3).

20.    اليوم الآخر (البقرة، الآية 8) (ورد هذا التعبير 26 مرّة في القرآن الكريم).

21.    يوم الخلود (ق، الآية 34).

22.    يوم الخروج (ق، الآية 42).

23.    اليوم الموعود (البروج، الآيتان 1 ـ 2).

24.    اليوم الحقّ (النبأ، الآية 39).

25.    يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ (البقرة، الآية 254).

26.    يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (إبراهيم، الآية 31).

27.    يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (إبراهيم، الآية 41).

28.    يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ (الأنعام، الآية 73؛ طه، الآية 102؛ النبأ، الآية 18).

29.    يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (المائدة، الآية 119).

30.    يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (الشعراء، الآية 88).

31.    يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ (غافر، الآية 52).

32.    يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (غافر، الآية 51).

33.    يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ الله (الروم، الآية 43؛ الشورى، الآية 47).

34.    يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ (الروم، الآيات 12، 14، 55؛ غافر، الآية 46؛ الجاثية، الآية 27).

35.    يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (المطففين، الآية 6).

36.    يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً (الدخان، الآية 41).

37.    يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً (الانفطار، الآية 19).

38.    يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (الطارق، الآية 9).

39.    يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ (هود، الآية 103).

40.    يَوْمٌ مَشْهُودٌ (هود، الآية 103).

(الملحق:2)

 وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَبَويِّ: «أَنَّهُ يُنْشَرُ لِلْعَبْدِ كُلَّ‏ يَوْمٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ خِزَانَةً مَصْفُوفَةً، فَتُفْتَحُ لَهُ مِنْهَا خِزَانَةٌ فَيَرَاهَا مَمْلُوَّةً نُوراً مِنْ حَسَنَاتِهِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ؛ فَيَنَالُهُ مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَالِاسْتِبْشَارِ بِمُشَاهَدَةِ تِلْكَ الْأَنْوَارِ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ عِنْدَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ لَأَدْهَشَهُمْ ذَلِكَ الْفَرَحُ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ النَّارِ، وَتُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ، يَفُوحُ نَتْنُهَا وَيَتَغَشَّاهُ ظُلَامُهَا، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي عَصَى اللَهَ فِيهَا؛ فَيَنَالُهُ مِنَ الْهَوْلِ وَالْفَزَعِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ لَتُنَغِّصُ عَلَيْهِمْ نَعِيمَهَا، وَتُفْتَحُ لَهُ بَابُ خِزَانَةٍ أُخْرَى فَارِغَةٍ، لَيْسَ فِيهَا مَا يَسُرُّهُ وَلَا مَا يَسُوؤُهُ، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي نَامَ فِيهَا أَوْ غَفَلَ عَنْهَا أَوِ اشْتَغَلَ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مُبَاحَاتِ الدُّنْيَا؛ فَيَتَحَسَّرُ عَلَى خُلُوِّهَا، وَيَنَالُهُ مِنْ غَبْنِ ذَلِكَ مَا يَلْحَقُهُ حُزْنٌ عَظِيمٌ‏. وناهيكَ بهِ من حسرةٍ وغبنٍ وهكذا على خزائنِ أوقاتِهِ طولَ عمرِه، فيقولُ لنفسهِ: اجتهدي اليومَ في أن تعمري خزائنَكِ ولا تدعها فارغةً عن كنوزكِ التي هي أسبابُ ملكِ الأبدِ، ولا تميلي إلى الكسلِ والدَّعةِ والاستراحةِ؛ فيفوتكِ من درجاتِ علّيين ما يدركهُ غيركِ وتبقى عندكِ حسرتُهُ لا تفارقُكِ، وإن دخلتِ الجنّةَ فألمُ الغبنِ وحسرتُهُ لا يُطاقُ». (ورام بن أبي فراس المالكي، تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ص241؛ ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة: ج2، ص320؛ الكفعمي، محاسبة النفس: ص38؛ الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء: ج8، ص152).

مصادر أهل السنّة: الغزالي، إحياء علوم الدين: ج15، ص7.

(الملحق:3)

عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ الله! هَلْ يُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ؟ قَالَ: «لَا وَالله، إِنَّهُ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا وَلِيَّ الله! لَا تَجْزَعْ فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَأَشْفَقُ عَلَيْكَ مِنْ وَالِدٍ رَحِيمٍ لَوْ حَضَرَكَ، افْتَحْ عَيْنَكَ فَانْظُرْ، قَالَ: وَيُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ الله‏ وَأَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ^، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا رَسُولُ الله وَأَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْأَئِمَّةُ^ رُفَقَاؤُكَ. قَالَ: فَيَفْتَحُ عَيْنَهُ فَيَنْظُرُ فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَقُولُ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ‏ فَادْخُلِي فِي عِبادِي، ‏ يَعْنِي مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ، ‏ وَادْخُلِي جَنَّتِي، ‏ فَمَا شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ‏ رُوحِهِ‏ وَاللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي‏». (الكليني، الكافي: ج3، ص127؛ الشيخ الصدوق، فضائل الشيعة: ص29؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص797؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص328؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج6، ص196).

(الملحق:4)

 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، قَالَ: قَالَ أَبِي لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَمَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا؟ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ: أَيَّ الْأَوْقَاتِ أَحْبَبْتَهُ. فَخَلَا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، فَقَالَ لَهُ: يَا جَابِرُ! أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدِ أُمِّي فَاطِمَةَ‘ بِنْتِ رَسُولِ الله، ومَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أُمِّي أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ. فَقَالَ جَابِرٌ: أَشْهَدُ بِالله أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ‘ فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله، فَهَنَّيْتُهَا بِوِلَادَةِ الْحُسَيْنِ، وَرَأَيْتُ فِي يَدَيْهَا لَوْحاً أَخْضَرَ، ظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنْ زُمُرُّدٍ، وَرَأَيْتُ فِيهِ كِتَاباً أَبْيَضَ شِبْهَ لَوْنِ الشَّمْسِ، فَقُلْتُ لَهَا: بِأَبِي وَأُمِّي يَا بِنْتَ رَسُولِ الله مَا هَذَا اللَّوْحُ؟ فَقَالَتْ: هَذَا لَوْحٌ أَهْدَاهُ اللَهُ إِلَى رَسُولِهِ، فِيهِ اسْمُ أَبِي وَاسْمُ بَعْلِي وَاسْمُ ابْنَيَّ وَاسْمُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي، وَأَعْطَانِيهِ أَبِي لِيُبَشِّرَنِي بِذَلِكَ. قَالَ جَابِرٌ: فَأَعْطَتْنِيهِ أُمُّكَ فَاطِمَةُ‘، فَقَرَأْتُهُ وَاسْتَنْسَخْتُهُ. فَقَالَ لَهُ أَبِي: فَهَلْ لَكَ يَا جَابِرُ أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَمَشَى مَعَهُ أَبِي إِلَى مَنْزِلِ جَابِرٍ، فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مِنْ رَقٍ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ! انْظُرْ فِي كِتَابِكَ لِأَقْرَأَ أَنَا عَلَيْكَ، فَنَظَرَ جَابِرٌ فِي نُسْخَةٍ فَقَرَأَهُ أَبِي، فَمَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً. فَقَالَ جَابِرٌ: فَأَشْهَدُ بِالله أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ‏ مِنَ الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِمُحَمَّدٍ، نَبِيِّهِ وَنُورِهِ وَسَفِيرِهِ وَحِجَابِهِ وَدَلِيلِهِ، ‏ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ‏ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَظِّمْ يَا مُحَمَّدُ أَسْمَائِي، وَاشْكُرْ نَعْمَائِي، وَلَا تَجْحَدْ آلَائِي، إِنِّي‏ أَنَا اللَهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ وَمُدِيلُ الْمَظْلُومِينَ وَدَيَّانُ الدِّينِ، إِنِّي‏ أَنَا اللَهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي أَوْ خَافَ غَيْرَ عَدْلِي عَذَّبْتُهُ‏ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ‏ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، ‏ فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً، وَإِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَفَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَأَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ‏ وَسِبْطَيْكَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، فَجَعَلْتُ حَسَناً مَعْدِنَ عِلْمِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ، وَجَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ‏ وَحْيِي، وَأَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ، وَخَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ وَأَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً، جَعَلْتُ كَلِمَتِيَ التَّامَّةَ مَعَهُ، وَحُجَّتِيَ الْبَالِغَةَ عِنْدَهُ، بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَأُعَاقِبُ، أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَزَيْنُ أَوْلِيَائِيَ الْمَاضِينَ‏، وَابْنُهُ شِبْهُ جَدِّهِ الْمَحْمُودِ مُحَمَّدٌ، الْبَاقِرُ عِلْمِي وَالْمَعْدِنُ لِحِكْمَتِي، سَيَهْلِكُ الْمُرْتَابُونَ فِي جَعْفَرٍ، الرَّادُّ عَلَيْهِ كَالرَّادِّ عَلَيَّ، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى جَعْفَرٍ وَلَأَسُرَّنَّهُ فِي أَشْيَاعِهِ وَأَنْصَارِهِ وأَوْلِيَائِهِ، أُتِيحَتْ‏ بَعْدَهُ لمُوسَى فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ حِنْدِسٌ؛ إلّا أَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ، وَحُجَّتِي لَا تَخْفَى، وَأَنَّ أَوْلِيَائِي يُسْقَوْنَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى، مَنْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ جَحَدَ نِعْمَتِي، وَمَنْ غَيَّرَ آيَةً مِنْ كِتَابِي فَقَدِ افْتَرَى عَلَيَّ، وَيْلٌ لِلْمُفْتَرِينَ الْجَاحِدِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ مُوسَى عَبْدِي وَحَبِيبِي وَخِيَرَتِي فِي عَلِيٍّ وَلِيِّي وَنَاصِرِي، وَمَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ أَعْبَاءَ النُّبُوَّةِ وَأَمْتَحِنُهُ بِالاضْطِلَاعِ بِهَا، يَقْتُلُهُ عِفْرِيتٌ مُسْتَكْبِرٌ، يُدْفَنُ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ‏ ذُو القَرْنَينِ إِلَى جَنْبِ شَرِّ خَلْقِي، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَسُرَّنَّهُ بِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ وَخَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَوَارِثِ عِلْمِهِ، فَهُوَ مَعْدِنُ عِلْمِي وَمَوْضِعُ سِرِّي وَحُجَّتِي عَلَى خَلْقِي، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ بِهِ إِلَّا جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ، وَشَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ، وَأَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ، وَلِيِّي وَنَاصِرِي وَالشَّاهِدِ فِي خَلْقِي وَأَمِينِي عَلَى وَحْيِي، أُخْرِجُ مِنْهُ الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي وَالْخَازِنَ لِعِلْمِيَ الْحَسَنَ، وَأُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنِهِ م‏ح‏م‏د رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى وَبَهَاءُ عِيسَى وَصَبْرُ أَيُّوبَ، فَيُذَلُّ أَوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ، وَتُتَهَادَى رُءُوسُهُمْ كَمَا تُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ، فَيُقْتَلُونَ وَيُحْرَقُونَ وَيَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ وَجِلِينَ، تُصْبَغُ الْأَرْضُ بِدِمَائِهِمْ، وَيَفْشُو الْوَيْلُ وَالرَّنَّةُ فِي نِسَائِهِمْ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقّاً، بِهِمْ أَدْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ، وَبِهِمْ أَكْشِفُ الزَّلَازِلَ وَأَدْفَعُ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ، ‏ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ‏ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ‏ وَرَحْمَةٌ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمٍ: قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: لَوْ لَمْ تَسْمَعْ فِي دَهْرِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ لَكَفَاكَ، فَصُنْهُ إِلَّا عَنْ‏ أَهْلِهِ.

المصادر: علي بن بابويه القمّي، الإمامة والتبصرة: ص104؛ الكليني، الكافي: ج1، ص528؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص310؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص49؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص211؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص255؛ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص176؛ شاذان بن جبرئيل القمّي، الروضة في فضائل أمير المؤمنين: ص63؛ الشعيري، جامع الأخبار: ص19؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج2، ص137؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص291؛ محمّد تقي المجلسي، روضة المتقين: ص7؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ص145 و220؛ الحرّ العاملي، الجوهرة السنية: ص203؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج2، ص297؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج36، ص196؛ محمّد رضا القمي المشهدي، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب: ص476؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج1، ص776.

مصادر أهل السنّة: المسعودي، إثبات الوصية للإمام عليّ بن أبي طالب: ص169؛ الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص137.

(الملحق:5)

عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا عَبدِ اللهِ(عليه السلام) يَقُولُ‏: «لِمَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) حُرْمَةٌ مَعْلُومَةٌ، مَنْ عَرَفَهَا وَاسْتَجَارَ بِهَا أُجِيرَ. قُلْتُ: صِفْ لِي مَوْضِعَهَا. قَالَ: امْسَحْ مِنْ مَوْضِعِ قَبْرِهِ الْيَوْمَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ قُدَّامِهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً عِنْدَ رَأْسِهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ خَلْفِهِ، وَمَوْضِعُ قَبْرِهِ مِنْ يَوْمَ دُفِنَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ مِعْرَاجٌ يُعْرَجُ مِنْهُ بِأَعْمَالِ زُوَّارِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَلَيْسَ مِنْ مَلَكٍ وَلَا نَبِيٍّ فِي السَّمَاوَاتِ إِلَّا وَهُمْ يَسْأَلُونَ اللَهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَفَوْجٌ يَنْزِلُ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ». (الكليني، الكافي: ج4، ص588؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص457؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص94 [لكنّ الشيخ الصدوق لم ينقل عبارة: وليس من ملك ولا نبي...]؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص511؛ ومع اختلاف يسير في المصادر التالية: الشيخ المفيد، المزار: ص141؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص72؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص722؛ المشهدي، المزار: ص339؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص110).

كذلك رُويَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) يَقُولُ:‏ «لَيْسَ [مِن] مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا وَهُم يَسْأَلُونَ اللَهَ} أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَفَوْجٌ‏ يَنْزِلُ‏ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص224؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص96؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص194؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص272؛ الشعيري، جامع الأخبار: ص26؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص61).

وروي أيضاً عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) يَقُولُ:‏ «لَيْسَ شَيْ‏ءٌ فِي السَّمَاوَاتِ إِلَّا وَهُمْ يَسْأَلُونَ اللَهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَوْجٌ‏ يَنْزِلُ‏ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ». (الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص46؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج14، ص1471).

وروي عَنْ أَبِي عَبْدِ الله وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ÷ قَالا: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ‏ يُصَافِحَهُ‏ مِئَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ فَلْيَزُرْ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام) فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؛ فَإِنَّ أَرْوَاحَ النَّبِيِّينَ^ يَسْتَأْذِنُونَ اللَهَ فِي زِيَارَتِهِ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. ‏قُلْنَا: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِين‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص334؛ الشيخ المفيد، المزار: ص42؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج11، ص33. وورد صدر هذه الرواية فقط في المصادر التالية: الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص830؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص48؛ المشهدي، المزار: ص346).

وروي أيضاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي(عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ(عليه السلام) لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ـ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُرْجَى أَنْ تَكُونَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ـ وَفِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، صَافَحَهُ‏ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَنَبِيٍّ، كُلُّهُمْ يَسْتَأْذِنُ اللَهَ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج1، ص383؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص474؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج95، ص166).

كذلك روي عَنِ الإمامِ الرِّضا(عليه السلام) «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَقَدْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ. قَالَ: قُلْتُ: يَطْرَحُ عَنْهُ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: لَا، هِيَ‏ حِجَّةُ الضَّعِيفِ‏ حَتَّى يَقْوَى ـ وَيَحُجَّ إِلَى بَيْتِ الله الْحَرَامِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْبَيْتَ يَطُوفُ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ـ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ صَعِدُوا وَنَزَلُوا غَيْرُهُمْ فَطَافُوا بِالْبَيْتِ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَإِنَّ الْحُسَيْنَ(عليه السلام) لَأَكْرَمُ عَلَى الله مِنَ الْبَيْتِ، وَإِنَّهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ لَا تَقَعُ عَلَيْهِمُ النَّوْبَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص299؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص454؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص40).

ورُويَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «زُورُوا كَرْبَلَاءَ وَلَا تَقْطَعُوهُ، فَإِنَّ خَيْرَ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ ضُمِّنَتْهُ، أَلَا وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ زَارَتْ كَرْبَلَاءَ أَلْفَ عَامٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْكُنَهُ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام)، وَمَا مِنْ لَيْلَةٍ تَمْضِي إِلَّا وَجَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ يَزُورَانِهِ، فَاجْتَهِدْ يَا يَحْيَى أَنْ لَا تُفْقَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْطِنِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص453؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص109).

كذلك مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي كِتَابٍ أَصْلِهِ فِي فَضْلِ زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) وَلَمْ يَذْكُرْ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ مَا لَفْظُهُ: «عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ‏: خَرَجْتُ فِي آخِرِ زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَنَا أُرِيدُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَانْتَهَيْتُ‏ إِلَى‏ الْغَاضِرِيَّةِ، حَتَّى إِذَا نَامَ النَّاسُ اغْتَسَلْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ عَلَى بَابِ الحَيْرِ [الْحَائِرِ] خَرَجَ إِلَيَّ رَجُلٌ جَمِيلُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، فَقَالَ: انْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ، فَانْصَرَفْتُ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَآنَسْتُ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ اغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ الْحَائِرِ خَرَجَ إِلَيَّ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: يَا هَذَا! انْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ، فَانْصَرَفْتُ. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ اغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ الْحَائِرِ خَرَجَ إِلَيَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا هَذَا! إِنَّكَ لَا تَصِلُ. فَقُلْتُ: فَلِمَ لَا أَصِلُ إِلَى ابْنِ رَسُولِ الله وَسَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ جِئْتُ أَمْشِي مِنَ الْكُوفَةِ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَخَافُ أَنْ أُصْبِحَ هَاهُنَا وَتَقْتُلَنِي مُصْلِحَةُ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَقَالَ: انْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ. فَقُلْتُ: وَلِمَ لَا أَصِلُ؟ فَقَالَ: إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَأَذِنَ لَهُ، فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي سَبْعِينَ أَلْفٍ، فَانْصَرِفْ، فَإِذَا عَرَجُوا إِلَى السَّمَاءِ فَتَعَالَ. فَانْصَرَفْتُ وَجِئْتُ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ اغْتَسَلْتُ وَجِئْتُ فَدَخَلْتُ فَلَمْ أَرَ عِنْدَهُ أَحَداً، فَصَلَّيْتُ عِنْدَهُ الْفَجْرَ وَخَرَجْتُ إِلَى الْكُوفَةِ». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص64؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص210؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص57).

(الملحق:6)

عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ‏ نَازِلاً بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ لِي جَارٌ كَثِيراً مَا كُنْتُ أَقْعُدُ إِلَيْهِ، وَكَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ؟ فَقَالَ لِي: بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. فَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَأَنَا مُمْتَلِئٌ غَيْظاً، وَقُلْتُ: إِذَا كَانَ السَّحَرُ أَتَيْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ مِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ مَا يَشْحَنُ‏ اللَهُ بِهِ عَيْنَيْهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ إِنَّهُ قَدْ قَصَدَ الزِّيَارَةَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً فَأَتَيْتُ الْحَيْرَ، فَإِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ سَاجِدٌ لَا يَمَلُّ مِنَ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ، فَقُلْتُ لَهُ: بِالْأَمْسِ تَقُولُ لِي بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَالْيَوْمَ تَزُورُهُ؟ فَقَالَ لِي: يَا سُلَيْمَانُ! لَا تَلُمْنِي فَإِنِّي مَا كُنْتُ أُثْبِتُ لِأَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ إِمَامَةً حَتَّى كَانَتْ لَيْلَتِي هَذِهِ، فَرَأَيْتُ رُؤْيَا أَرْعَبَتْنِي‏، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً لَا بِالطَّوِيلِ الشَّاهِقِ وَلَا بِالْقَصِيرِ اللَّاصِقِ، لَا أُحْسِنُ أَصِفُهُ مِنْ حُسْنِهِ وَبَهَائِهِ، مَعَهُ أَقْوَامٌ يَحُفُّونَ بِهِ حَفِيفاً وَيَزِفُّونَهُ زَفّاً، بَيْنَ يَدَيْهِ فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ذَنُوبٌ، عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ، لِلتَّاجِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ، فِي كُلِّ رُكْنٍ جَوْهَرَةٌ تُضِي‏ءُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقُلْتُ: وَالْآخَرُ، فَقَالُوا: وَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)، ثُمَّ مَدَدْتُ عَيْنِي فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ مِنْ نُورٍ، عَلَيْهَا هَوْدَجٌ مِنْ نُورٍ، تَطِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: لِمَنِ النَّاقَةُ؟ قَالُوا: لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: وَالْغُلَامُ؟ قَالُوا: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قُلْتُ: فَأَيْنَ يُرِيدُونَ؟ قَالُوا: يَمْضُونَ بِأَجْمَعِهِمْ إِلَى زِيَارَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً، الشَّهِيدِ بِكَرْبَلَاءَ، الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ قَصَدْتُ الْهَوْدَجَ وَإِذَا أَنَا بِرِقَاعٍ تَسَاقَطُ مِنَ السَّمَاءِ أَمَاناً مِنَ الله جَلَّ ذِكْرُهُ لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ هَتَفَ بِنَا هَاتِفٌ: أَلَا إِنَّنَا وَشِيعَتَنَا فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْجَنَّةِ، وَالله يَا سُلَيْمَانُ لَا أُفَارِقُ هَذَا الْمَكَانَ حَتَّى يُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي‏». (المشهدي، المزار: ص330؛ محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص523؛ الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص190؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص59 (نقلاً عن المزار للمشهدي)؛ ج 45، ص401 (وجدتُ في بعض مؤلَّفات أصحابنا...مضمون الرواية)؛ الميرزا النوري، دار السلام: ج1، ص299 (نقلاً عن منتخب الطريحي)).

(الملحق:7)

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله‏(عليه السلام) فِي قَوْلِ الله:‏ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) فَقَالَ: «وَالله مَا نَزَلَ‏ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ وَلَا يَنْزِلُ تَأْوِيلُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْقَائِمُ(عجل الله فرجه الشريف)، فَإِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ(عجل الله فرجه الشريف) لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ بِالله الْعَظِيمِ وَلَا مُشْرِكٌ بِالْإِمَامِ إِلَّا كَرِهَ خُرُوجَهُ، حَتَّى أَنْ لَوْ كَانَ كَافِراً أَوْ مُشْرِكاً فِي بَطْنِ صَخْرَةٍ لَقَالَتْ: يَا مُؤْمِنُ! فِي بَطْنِي كَافِرٌ فَاكْسِرْنِي وَاقْتُلْهُ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص670؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص688؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج52، ص324).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص240.

المحاضرة الخامسة

مراتب المعرفة والتوحيد الاثنتا عشرة

6/3/2002م= 21ذو الحجّة1422هـ

مسؤوليات المبلّغين

نحن على أعتاب شهر محرّم، وهذه آخر محاضرة لنا في السنة الهجرية الحالية، كلّ من يوفّق في هذه الأيام للقيام بخدمة التبليغ التي لها من الأجر ما لا يوصف، إنّما يتحمّلون مسؤوليات كبيرة، سنشير إلى بعضها فيما يلي:

 الأولى: افتتحوا كلّ مجلس من مجالسكم بزيارة «سلام على آل يس»؛ لتشعّ على ذلك المجلس شمس وجود المهدي الموعود(عجل الله فرجه الشريف).

الثانية: علّموا الناس الأحكام، وبلّغوهم الحلال والحرام؛ فإنّ مجلساً لا يتضمن إرشاداً لجاهل، أو تنبيهاً لغافل، لن يحظى بعناية أولياء الدين.

الثالثة: رسّخوا الأُصول العقائدية وعزّزوها بين الناس.

فإذا أُديرت المجالس بهذا النحو فستنطبق عليكم ثلاثة عناوين، الأوّل: عنوان المرابط والذابّ عن الثغور العقائدية في قلوب أهل الدين، والثاني: عنوان المجاهد في سبيل الله([[100]])، والثالث: عنوان الكافل لأيتام آل محمّد^([[101]])، فمن يسافر منكم لأداء التبليغ والدعوة الدينية ينطلق وهو خالي اليدين، لكنّه يعود بمثل هذا الزاد الثمين: مرابط في الثغور، ومجاهد في سبيل الله، وكافل لليتيم، على أن ذلك في عصر غيبة وليّ العصر وإمام الزمان(عجل الله فرجه الشريف).

الرابعة: ما ينبغي الالتفات إليه في هذا العام هو اقتران أيّام محرّم بعيد النوروز، ينبغي أن يعلم الناس أيّ عظمة يتصف بها هذا العزاء، وأيّ ثقل لهذه المصيبة الكبرى.

إنّ الناس على صنفين: صنف لا علاقة لهم بسيّد الشهداء(عليه السلام)، ونحن أيضاً لا علاقة لنا بهم، وصنف تربطهم بالحسين(عليه السلام) وشيجة، وأيّ امرء لا تربطه به وشيجة؟! عمّا قريب سيغمرنا الموت وسكراته، وسنكون صفر اليدين في تلك السكرات التي يعجز عنها الوصف، إنّ أجهل الناس من يتخيّل أنّه يملك شيئاً في تلك اللحظات، لو أنّنا نعرف ربّنا ونعرف أنفسنا، لعلمنا حينها أنّنا لا نملك أيّ شيء.

حاجاتنا إلى أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)

لدينا أمل وحيد، أن تطأ قدم والده العظيم أمير المؤمنين(عليه السلام) مواضع رؤوسنا أثناء تلك السكرات، هذه هي حاجتنا الأولى.

حاجتنا الثانية إلى سيّد الشهداء(عليه السلام) هي في الليلة الأُولى من ليالي القبر، في تلك الظلمات التي لا يتسنّى لنا أن نصف مدى وحشتها وظلمتها وحيرتها، فلا حبيب ولا قريب، لا شيء هناك سوى شموع تلك المجالس وأنوار تلك المحافل، وجمال الحسين(عليه السلام) الذي لا يضاهيه جمال، هذه هي الحاجة الثانية.

أمّا حاجتنا الثالثة ففي يوم القيامة، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ)([[102]])، يوم لا يجدي أيّ عمل نفعاً، إلّا تلك الأنوار المنبثقة من مشكاة الحسين بن عليّ÷، فإن عدمنا الاتّصال بها سادت الظلمات، وإذا ما أُمِّن الاتّصال بسيّد الشهداء(عليه السلام) غمر الضياء حينها جميع الأرجاء.

إنّنا لا نمتلك أيّ شيء، لا عند الاحتضار، ولا في أوّل ليلة من ليالي القبر، ولا يوم الحشر، ليس في سجلّنا شيء سوى كلمة واحدة، هي حبّ سيّد الشهداء(عليه السلام)([[103]])، ذلك الحب الذي تدرك جميع القلوب التي تقلّه مدى عظمة تلك الرزية وآثارها.

معرفة واقعة عاشوراء ومبدئها ونتيجتها

مسؤولية كلّ فرد منكم أن تفهموا الناس بأنّ: «لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله»([[104]])، وماذا تعني هذه العبارة؟ إنّ الوقوف على هذا الأمر بحاجة إلى الاستمداد من القرآن الكريم؛ والقرآن خير مرجع لإدراك مثل هذه المطالب، (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا)([[105]])، إنّ جميع الدرجات في نظام الحكمة والعدل تتطابق مع العمل، فلا بدّ من معرفة العمل، والعمل بالحكمة هو الطريق للمعرفة، وقواعد الحكمة تحتم علينا أن نلحظ ثلاث نقاط في كلّ عمل، الأولى: جذور العمل التي تمثّل منطلقاته، والثانية: ثمرة العمل التي تمثّل خاتمته، والثالثة: هي النظر إلى العمل نفسه.

 وما قام به سيّد الشهداء(عليه السلام) ينبغي أن يلحظ من ثلاثة أنظار، الأوّل: نظر الدليل، والثاني: نظر البرهان الإنّي([[106]])والبرهان اللمّي([[107]])، وبعد ذلك لا بدّ من النظر إلى العمل نفسه، فإن توجّهت إلى عاشوراء سيّد الشهداء(عليه السلام) هذه الأنظار الثلاثة، فسيتجلّى حينها للعالم بأسره من هو الإمام الحسين(عليه السلام) وما الذي فعله؛ إذ ليس ثمة أحد يدرك مقامه(عليه السلام) ولا مرتبة عمله!

عمل الإمام الحسين(عليه السلام) منبثق من جميع مراتب التوحيد

أوّلاً: ما هي جذور العمل؟

يرى أهل المعرفة من الكمّل في عرفان الله تعالى، أنّ منتهى السير والسلوك هو الذكر اليونسي: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ)([[108]]). فما هو نداء ذي النون في تلك الظلمات؟ لقد نادى الله تعالى قائلاً: (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ([[109]]).

لقد قال النبيّ يونس(عليه السلام) جملة واحدة: (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). إنّ المواظبة على هذا الذكر في السجود تنقل قلوب المستعدين للسير إلى الله إلى مقام لا يعرفه إلّا من أدركوا ذلك المقام وذاقوا حلاوة شهده، وهذا المقام يمثّل أوّل الطريق وبدايته.

لقد وردت في دعاء عرفة عبارة: «لا إلهَ إلّا أنتَ» اثنتي عشرة مرّة على لسان سيّد الشهداء(عليه السلام)، ينبغي التأمّل في هذه النقطة لمن هم أهل لذلك، وعلى الكمّل من أهل العلم والفقه والعرفان دراسة هذه الكلمة التي ذكرتها اليوم في هذه المحاضرة، عليهم قراءة دعاء عرفة، والنظر في القرآن، وتلاوة سورة يونس.

إنّ النبيّ يونس (على نبيّنا وآله وعليه السلام) قال وهو سجين في بطن الحوت: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، أمّا سيّد الشهداء(عليه السلام) فقد أضاف إلى هذه الجملة إحدى عشرة جملة أُخرى، وهذا يعني أنّ يونس(عليه السلام) في المرتبة الأُولى، والحسين بن علي÷ في المرتبة الثانية عشرة، وليست هناك مرتبة فوق هذه المرتبة: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) ([[110]]) (الملحق:1)، فلا يمكننا أن نتصوّر مرحلة أُخرى، إنّ جميع مراحل شهور المعرفة التي تستبطنها هذه الآية قد طويت في دعاء عرفة، وفي الواقع يقول الإمام الحسين(عليه السلام) ليونس(عليه السلام): إنّك قلت: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، ولكن بقيت هناك مراتب أُخرى أنا من سيبيّنها.

«لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ‏ إِنِّي‏ كُنْتُ‏ مِنَ‏ الْمُسْتَغْفِرِينَ‏، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الْمُهَلِّلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرِينَ...»([[111]]).

إنّ كلّ واحدة من هذه الجمل تمثّل بحراً من المعارف الإلهية العظيمة، يغرق فيه آلاف الملائكة من أمثال جبرائيل وميكائيل وإسرافيل.

فمن ذا يعي كيف يطوي الإمام(عليه السلام) مراحل التوحيد الاثنتي عشرة حينما يقول: « لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ»؟ بدءاً بالتوحيد في مقام الأحدية، ومروراً بالتوحيد في مقام الأُلوهية، والتوحيد في مقام الربوبية، وصولاً إلى التوحيد في مقام المحبّة حيث يقول: «تَركْتُ النّاسَ طُرّاً في هَوَاكا»([[112]]).

ها هنا تكمن جذور عمله(عليه السلام)، ذلك العمل المستقى من اثنتي عشرة «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»، وقد توقّف جميع العرفاء من الأوّلين والآخرين عند جملة: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» الأُولى، فما بالك بالمراحل اللاحقة التي طواها الإمام(عليه السلام) في بيانه، هذه هي جذور عمله(عليه السلام).

عظمة واقعة عاشوراء

ولكن ما هو العمل نفسه؟ ها هنا تتلاشى القدرة على الكلام.

روي عن أبي بصير أنّه قال: «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، فقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ». أتدرون من قائل هذا الكلام؟ إنّه كلام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام).

ثمّ قال الإمام(عليه السلام): «يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِنَّ فَاطِمَةَ÷ لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ، أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ، فَيَحْفَظُونَهَا [فَيَكْبَحُونَهَا] مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا ويُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ».

وأردف أبو بصير قائلاً: «ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ! أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ÷؟»(الملحق: 2). لا إله إلّا الله، يطلب الإمام(عليه السلام) من أبي بصير أن يكون ممّن يسعد فاطمة الزهراء! فبكى أبو بصير بكاءً أيّما بكاء، ولم يطق الجلوس بعدها، قال أبو بصير: «فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ».

يا جعفر بن محمّد÷! إنّك تعلم أيّ يوم كان ذلك اليوم، وأيّ حادث ذلك الحادث. ثمّ يتابع أبو بصير قائلاً: «فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ، وَأَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلاً حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ»([[113]]).

ما الذي رآه الإمام(عليه السلام)؟ وكيف أصبح حاله؟ ليس هذا مما يذكر بكلام، وأنّى لنا أن ندرك ماذا حدث في ذلك اليوم؟ وما الذي جرى هناك؟ وأيّ عمل ارتُكب فيه؟

المدهش والغريب هو أنّ لسان العصمة الذي شاهد يوم إبراهيم(عليه السلام)، ويوم موسى(عليه السلام)، ويوم عيسى(عليه السلام)، يقول: «لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله»([[114]]). هذه هي جذور العمل، وهذا هو العمل نفسه.

طلب الملائكة والأنبياء^

 ولو تساءلنا: ما هي ثمرة العمل؟

روى شيخ المحدّثين الصدوق في «ثواب الأعمال»، وشيخ الطائفة في «تهذيب الأحكام»، وسند الطائفة ابن قولويه في «كامل الزيارات»، وثقة الإسلام الكليني في «الكافي»، جميعهم رووا هذه الرواية، فسندها في أعلى درجات الاعتبار والوثاقة، ومتنها في منتهى العظمة، أمّا السند فهو: «عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار». فالسند في غاية الاعتبار، حيث يضم رجالاً من أصحاب الإجماع، وأمّا المتن فهو:

قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:‏ «لِمَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) حُرْمَةٌ مَعْلُومَةٌ، مَنْ عَرَفَهَا وَاسْتَجَارَ بِهَا أُجِيرَ، قُلْتُ: صِفْ لِي مَوْضِعَهَا؟ قَالَ: امْسَحْ‏ مِنْ‏ مَوْضِعِ‏ قَبْرِهِ‏ الْيَوْمَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ قُدَّامِهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً عِنْدَ رَأْسِهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ، وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ خَلْفِهِ، وَمَوْضِعُ قَبْرِهِ مِنْ يَوْمَ دُفِنَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ مِعْرَاجٌ يُعْرَجُ مِنْهُ بِأَعْمَالِ زُوَّارِهِ إِلَى السَّمَاءِ».

لن أخوض في تفاصيل الحديث كلّه، ولكن أودّ التركيز على جملة واحدة فقط، حيث قال:

«وَلَيْسَ مِنْ مَلَكٍ وَلَا نَبِيٍّ فِي السَّمَاوَاتِ إِلَّا وَهُمْ يَسْأَلُونَ اللَهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَفَوْجٌ يَنْزِلُ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ»([[115]]).

يا ترى ما المراد من النفي والاستثناء؟ تأمّلوا ماذا يعني قوله(عليه السلام): «وَلَيْسَ مِنْ مَلَكٍ»؟ فجبرائيل مع أنّه ناموس الوحي، وميكائيل مع أنّه ناموس الرزق، وإسرافيل مع أنّه ناموس النفخ، وعزرائيل مع أنّه ناموس القبض، والكروبيين حملة العرش، وسكّان البيت المعمور حفظة الكرسي، جميع هؤلاء يشملهم «لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ» دون استثناء، وانظر كذلك «وَلَا نَبِيٍّ»، فإنّ آدم(عليه السلام) مع علمه بالأسماء، ونوحاً(عليه السلام) على ما هو عليه من مقام العبد الشكور، وإبراهيم(عليه السلام) على مرتبة خليل الله، وموسى(عليه السلام) على مقام كليم الله، وعيسى(عليه السلام) على منصب روح الله، كلّ هؤلاء الملائكة والأنبياء يقفون على بابه تعالى يسألونه أن يأذن لهم في زيارة قبر أبي عبد الله الحسين(عليه السلام). هذه ثمرة العمل.

إنّ عملاً هذه جذوره، وهذه حقيقته، وهذه ثمرته، تتحمّلون جميعاً مسؤولية تعريفه ونشره كما هو عليه.

إلغاء الأفراح عندما تتزامن أعياد الربيع مع عزاء سيّد الشهداء(عليه السلام)

إنّ جميع الأجهزة الحاكمة في هذا البلد، ممن حصلوا على مقاعد في المجلس، ومن تسنّموا مناصب في الوزارات، ومن بلغوا سدّة الرئاسة، لم يحصلوا على هذه المناصب إلّا ببركة تاسوعاء وعاشوراء، فلولا اسم الإمام(عليه السلام) فأنّى لكم يا أصحاب الكراسي أن تتربعوا على هذه المقاعد؟!

 إنّ شكر المنعم يحتّم علينا في هذه السنة التي تتزامن فيها أعياد الربيع مع أيّام العزاء على أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) أن نلغي جميع مراسم الفرح والابتهاج، فابدؤوا خطبكم ومحاضراتكم الدينية بعبارة: «السّلامُ عليكَ يا أبا عبدِ اللهِ»، ووشّحوا أرجاء البلد بالسواد في هذا الربيع الذي اقترن بخريف روضة الرسول’.

الملاحق

(الملحق:1)

 عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) الْمَدِينَةَ، فَقَالَ لِي: «...يَا دَاوُدُ! لَقَدْ ذَهَبَتْ بِكَ الْمَذَاهِبُ، ثُمَّ نَادَى: يَا سَمَاعَةَ بْنَ مِهْرَانَ! ايتِنِي بِسَلَّةِ الرُّطَبِ، فَأَتَاهُ بِسَلَّةٍ فِيهَا رُطَبٌ، ‏ فَتَنَاوَلَ‏ مِنْهَا رُطَبَةً، فَأَكَلَهَا وَاسْتَخْرَجَ النَّوَاةَ مِنْ فَمِهِ، فَغَرَسَهَا فِي أَرْضٍ، فَفَلَقَتْ وَأَنْبَتَتْ وَأَطْلَعَتْ وَأَعْذَقَتْ‏، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى بُسْرَةٍ مِنْ عِذْقٍ فَشَقَّهَا وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا رِقّاً أَبْيَضَ، فَفَضَّهُ‏ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: اقْرَأْهُ، فَقَرَأْتُهُ وَإِذَا فِيهِ سَطْرَانِ: السَّطْرُ الْأَوَّلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، وَالثَّانِي:‏ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)، ‏ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْخَلَفُ الْحُجَّةُ. ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): يَا دَاوُدُ! أَتَدْرِي مَتَى كُتِبَ هَذَا فِي هَذَا؟ قُلْتُ: اللَهُ أَعْلَمُ وَرَسُولُهُ وَأَنْتُمْ، قَالَ: قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَهُ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ‏». (النعماني، الغيبة: ص90؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج1، ص203؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص243؛ المشهدي، تفسير كنز الدقائق: ج5، ص452).

 (الملحق:2)

عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «...وَكَانَ جَدِّي إِذَا ذَكَرَهُ بَكَى حَتَّى تَمْلَأَ عَيْنَاهُ لِحْيَتَهُ، وَحَتَّى يَبْكِيَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَيَبْكُونَ‏ فَيَبْكِي‏ لِبُكَائِهِمْ‏ كُلُّ مَنْ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ...وَمَا مِنْ عَيْنٍ أَحَبّ إِلَى الله وَلَا عَبْرَةٍ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ وَدَمَعَتْ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ بَاكٍ يَبْكِيهِ إِلَّا وَقَدْ وَصَلَ فَاطِمَةَ÷ وَأَسْعَدَهَا عَلَيْهِ، وَوَصَلَ رَسُولَ الله وَأَدَّى حَقَّنَا. وَمَا مِنْ عَبْدٍ يُحْشَرُ إِلَّا وَعَيْنَاهُ بَاكِيَةٌ إِلَّا الْبَاكِينَ عَلَى جَدِّيَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)؛ فَإِنَّهُ يُحْشَرُ وَعَيْنُهُ قَرِيرَةٌ وَالْبِشَارَةُ تِلْقَاهُ وَالسُّرُورُ بَيِّنٌ عَلَى وَجْهِهِ، وَالْخَلْقُ فِي الْفَزَعِ وَهُمْ آمِنُونَ، وَالْخَلْقُ يُعْرَضُونَ وَهُمْ حُدَّاثُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي ظِلِّ الْعَرْشِ، لَا يَخَافُونَ سُوءَ يَوْمِ الْحِسَابِ، يُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَأْبَوْنَ وَيَخْتَارُونَ مَجْلِسَهُ وَحَدِيثَهُ، وَإِنَّ الْحُورَ لَتُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ مَعَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ، فَمَا يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ إِلَيْهِمْ لِمَا يَرَوْنَ فِي مَجْلِسِهِمْ مِنَ السُّرُورِ وَالْكَرَامَة». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص168؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص207؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص462).

المحاضرة السادسة

مرتبة أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام) الخاصّة

25/2/2003م= 23ذو الحجّة1423هـ

ثروة العمر وعوائدها

إنّ أيام المحرّم الحسيني على الأبواب، وقد تصرّم العمر ولم نفهم منه شيئاً، ولم نتوصّل فيه إلى شيء، ما أكثر المحفوظات، وأقلّ المدركات؛ وليست هناك جوهرة في هذا العالم أثمن من عمر الإنسان، فمن قوله تعالى: (رَبِّ ارْجِعُونِ)([[116]])  ندرك أيّ جوهرة خسرنا، إنّ قراءة القرآن وتلاوته كثيرة، ولكن أين التدبّر والفهم الصحيح؟ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ([[117]]).

ثمرة كلامنا اليوم في هذه المحاضرة تتلخص في كلمتين: إحداهما: ما هي الثروة التي ستفقدونها؟ والثانية: ما الذي ستحصلون عليه مقابل ذلك؟ ماذا سنربح؟ وماذا سنخسر؟ لو فهم أحد معنى هاتين الكلمتين: ما الربح؟ وما الخسارة؟ وما هي الثروة؟ وما هو ريعها وعوائدها؟ لكانت القضية منتهية ومحسومة، إذ كلّ شيءٍ مختزل في هاتين الكلمتين.

قضينا عمرنا في التعلّم والدراسة، ولم نفهم بعد هاتين الكلمتين في آية النفر: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)([[118]]).

لا بدّ من بحث الموضوع حرفاً بحرف وليس كلمة بكلمة، هل تساءلتم ما هو نظام الآية؟ ما هو مبدؤها؟ وما هو منتهاها؟ لقد بدأت الآية بحرف الفاء، ثمّ بكلمة «لولا»، وثمة لطائف في حرف الفاء وكلمة «لولا»، ثمّ وردت فيها كلمة «النفر» التي تنطوي على بحث مفصّل، ثمّ تضمنت الآية قسمين: الفرقة والطائفة، وفي كلّ منهما بحوث وافرة، ثمّ يصل الدور إلى نتيجة (نفر الطائفة) ابتداء بـ: «التفقّه في الدين»، ومروراً بـ«إنذار القوم»، وختاماً بـ«الحذر والتحذير».

ما أكثر التفاسير التي كُتبت للقرآن الكريم! إلّا أنّ المتضلّع لو طالع كلّ تلك التفاسير لوجد أنّ كلمات القرآن لا زالت في حجاب مستور ومخزون، وأنّ دقائق الكلمات لمّا تزل مكنوزة بعد.

وعلى أيّة حال، لو فُهمتْ هذه الآية، وعُمل بها، لزالت تلك الحسرة التي أشار إليها تعالى قائلاً: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ). ونحن هنا سنشير إلى بضعة أُمور فقط، ينبغي التركيز على كلمتين في الآية، الأُولى: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) والثانية: (ولِيُنْذِرُوا)، فما المراد بالتفقّه؟ وما المقصود من الإنذار؟ وما هي منزلة كلّ منهما؟

إنّ الحديث عن واقعة عاشوراء سهل يسير، غير أنّ عقول الكمّل من البشر متحيّرة في إدراك ما معنى عاشوراء؟ وما هي حقيقة هذه الواقعة؟ كيف ينبغي الاستفادة من هذا الزمن؟ فعلى من يُكتب اسمه هذه السنة في قائمة خدّام سيّد الشهداء(عليه السلام)، أن يهضم هاتين الجملتين المستفادتين من الآية جيّداً، وأن لا يضيع عمره هباءً، فهذه ثروة عظيمة سوف نتحسّر عليها غداً ونقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا) ([[119]]). علينا أن نفهم الآن ماذا ينبغي أن نفعل؟ فلو صرفتم العمر كلّه في هاتين الكلمتين فلا حسرة حينئذٍ.

الحكمة من فهم الدين

بكلمة واحدة: «التفقّه في الدين»، التفقّه كلمة ربما يسهل قولها، إلّا أنّ الذين قضوا عمراً في الجد والاجتهاد، حتّى وقفوا الآن على آخر النظريات في الفقه والأُصول، ينبغي لهم أوّلاً أن يفهموا بالإشارة أنّ التعبير قد جرى بـ «التفقّه»، والفقه هو الفهم ذاته، والفهم هو كمال العقل، والعقل «دِعَامَةُ الإنْسانِ»([[120]])، فإنسانية الإنسان بالعقل، وكمال العقل بالفهم، وذلك الفهم هو التفقّه.

فما هو متعلّق هذا الفهم؟ الفهم: «صفة إنسانية ذات تعلّق»، فالفهم تارةً يتعلّق بالأرض، فتصبح الأرض مفهوماً، وتارةً يتعلّق بالسماء، فتكون السماء مفهوماً. ولا ريب في أنّ قيمة الفقه والفهم مرتبطة بمتعلّق الفقه والفهم، فما هو متعلّق الفهم في الآية الشريفة؟ إنّه هو «الدّين».

ولو فهمتم معنى «الدّين» لأدركتم معنى التفقّه في الدين! الدين هو ما يقول عنه نبيٌّ مثل إبراهيم الخليل(عليه السلام): (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ)([[121]]). هذه هي الجملة الأُولى، وهي «التفقّه في الدّين».

إنّ الكتاب والسنّة متلازمان، ومفتاح فهم القرآن يكمن في الروايات المأثورة عن أهل البيت^([[122]]) (الملحق:1). وقد أولى القرآن الكريم كلمة «الحكمة» اهتماماً كبيراً، حيث قال تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)([[123]]).

سئل الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) عن معنى الحكمة، تلك الحكمة التي إن أُوتيها الإنسان فقد أوتي خيراً كثيراً، فإنّها ليست بالجوهرة التي تعطي لأيّ أحد: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)([[124]])، لما سئل(عليه السلام) أجاب: «إِنَّ الْحِكْمَةَ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّين‏»([[125]]). تلقّوا جواب الإمام(عليه السلام)، ثمّ قارنوه بالقرآن الكريم، ثمّ افهموه. هذا هو الركن الأوّل.

وعندما يكون الكلام عن كمال المسلم فإنّه يختزل في ثلاث كلمات: الأُولى: «التَّفَقُّهُ فِي الدِّين‏»، والثانية: «التَّقْدِيرُ فِي الْمَعِيشَةِ»، والثالثة: «الصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِبِ‏»([[126]]) (الملحق:2).

فإن صرفتم أعماركم في الجملة الأولى أمنتم من الحسرة في يوم يتحسّر فيه الأوّلون والآخرون. تدبّروا القرآن جيّداً؛ فإنّ للتفقّه من العظمة والجلال ما يجعل الفقيه الواحد أشدّ على إبليس من ألف عابد([[127]])، فالفقيه يتحلّى بمثل هذه المنزلة في الدين.

الإنذار نتيجة التفقّه

ما هي الكلمة الثانية؟ وما هي نتيجة التفقّه؟ إنّها هي «الإنذار».

لا بدّ لمن يتجهون في عشرة المحرّم للتبليغ والدعوة أن يكونوا قد هضموا هاتين الجملتين قبل الذهاب: أن يكونوا أوّلاً من المتفقّهين في الدين، يدركون ما يعلّمونه الناس، فهذا الوعي والفهم هو الإكسير الأحمر، ليتشرّفوا بعد ذلك بشرف الإنذار.

حقيقة الإنذار: أشعة شمس الخاتمية

إلى هنا تبيّن إلى حدٍّ ما معنى الكلمة الأولى، أي «التفقّه»، وأمّا الكلمة الثانية فلها بحث مفصّل، نختصره في جملة واحدة: لو أردتم معرفة ما تنطوي عليه كلمة: (وَلِيُنْذِرُوا) من مطالب عظيمة، فاقرؤوا سورة المدّثر حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِر)([[128]]). حينما يلتزم المتفقّه في الدين بهاتين الجملتين: «التفقّه في الدين» ثمّ «الإنذار» سيتمتع بمنصب النبوة، فالمقام هو مقام الخاتمية، إنّ أشعة شمس النبيّ الخاتم تشرق على قلب المتفقّه في الدين والمنذر لقومه. هنا تتجلّى قيمة عملكم، فلو أدركتم هذا الأمر جيّداً، وعرفتم ما هي وظيفتكم، فقد عملتم بهذه الآية.

فما هي حقيقة الإنذار الوارد في الآية؟ ينقسم هذا الإنذار إلى ثلاثة أقسام، إن عُمل بها جميعاً أدّت الغرض على الوجه الأكمل: «آيةٌ محكمةٌ»، «فريضةٌ عادلةٌ»، «سنّةٌ قائمةٌ»؛ فلا بدّ من العمل بهذه الجمل الثلاث في مقام الإنذار([[129]]) (الملحق:3)، فإن قمتم بهذه الأُمور الثلاثة، وذهبتم للتبليغ في عشرة المحرّم ثمّ عدتم، فقد دوّنتم أسماءكم في الدفتر الذي كُتب فيه اسم إبراهيم الخليل(عليه السلام).

فالقسم الأوّل هو ترسيخ عقائد الناس، وتبيين معارف الدين، وإطلاع الناس على مبدأ الوجود ووسائط فيض الوجود، هذا هو الأصل الأوّل، والأصل الثاني تعليم الأحكام، من الحلال والحرام، والواجبات والمحرّمات في الشريعة، أمّا الأصل الثالث فهو تهذيب النفوس، وتزكية القلوب بتعليم الأخلاق المستقاة من كلمات الأئمة المعصومين^.

هذا ما تربحونه من عملكم هذا، والخسارة تُعرف من خلال معرفة الربح بالضرورة، هذا كلّ ما أردنا قوله باختصار، ولكن ينبغي لكلّ واحد منكم التأمّل فيما قيل، والتدبّر في كلّ كلمة ذُكرت، ثمّ عليكم بالنتائج.

زيارة قبر أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام) تعدل إحدى وعشرين حجّة مقبولة

كلّ ما قيل آنفاً عبارة عن طعام ومائدة تحوي كلّ شيءٍ، لكنّها تفتقد الملح، فما هو هذا الملح؟ لا بدّ من العثور على ملح هذه الحكمة، وإن أردتم معرفة ملح الحكمة المذكورة فابحثوا عنه في الرواية التالية، وهي رواية صحيحة:

روي أنّ أعرابياً لقي النبي وهو راجع من مكّة، فقال له: «يا رسول الله! إنّي خرجت أُريد الحجّ فعاقني عائق...فمُرني ما أصنع في مالي ما أبلغ ما بلغ الحاجّ؟»، إنّه لحديث عجيب؛ لأنّ في سنده صفوان وابن أبي عمير ومعاوية بن عمّار، فأشار هذا الذي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)([[130]]) إلى جبل أبي قبيس وقال: «لو أنّ أبا قبيسٍ لك زنةَ ذهبةٍ حمراءَ أنفقتَهُ في سبيل الله ما بلغتَ ما بلغ الحاجّ»([[131]]).

عندما يتّجه قاصدوا البيت الحرام إلى الحجّ لا يرفعون قدماً ولا يضعونها إلّا كُتبت لهم بكلّ خطوة عشر حسنات، ومُحيت عنهم عشر سيئات، وأعطوا عشر درجات. ولما كان الناس آنذاك يستخدمون الجمال في التوجّه إلى الحجّ، ورد في الرواية الصحيحة عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال: «...لم تضع راحلتك خُفّاً ولم ترفع خُفّاً إلّا...كتب الله تعالى لك في كلّ تلبيةٍ عشر حسناتٍ ومحا عنك عشر سيئاتٍ»([[132]]). هذا هو الحجّ.

وقد رُويَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُور، قَالَ: «قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام):كَمْ‏ حَجَجْتَ؟‏ قُلْتُ:‏ تِسْعَةَ عَشَرَ. قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَتْمَمْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حِجَّةً لَكُنْتَ كَمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ(عليه السلام)»([[133]]) (الملحق:4).

إنّها لجملة عجيبة حقّاً، إذا حجّ الإنسان إحدى وعشرين حجّة، على أن تكون مقبولة، ينال حينئذٍ ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، فملح هذا الطعام هو اسمه(عليه السلام).

يا للأسف! ما عرفناه حقّ معرفته، ولا أدركنا عاشوراء، ولا علمنا من كان؟ وماذا فعل؟ وما الذي حدث؟ حسبنا هذا الحديث!

الدرجة التي لا ينالها سوى الإمام الحسين(عليه السلام)

إنّ كلمات الإمام(عليه السلام) قوالب للحقائق، فمن المستحيل أن يكون فيها ذرّة من الزيادة أو النقصان، وقد قال ثامن الحجج الإمام الرضا(عليه السلام) حول مصاب عاشوراء: «إنَّ يومَ الحسينِ أقرحَ جُفونَنا»، فما معنى هذه الجملة؟ ثمّ أردف الإمام(عليه السلام) قائلاً: «كانَ أبي إذا دخلَ شهرُ المحرّمِ لا يُرى ضاحكاً»([[134]]). هذه هي عاشوراء، وهذه هي الحادثة!

تقول أُم سلمة: كان النبيّ في بيتي، فقال: لا يدخل عليّ أحد، فجاء الحسين(عليه السلام) وهو طفل، فماذا ينبغي لها أن تفعل؟ هل تمنعه من الدخول على جدّه؟ إنّها امرأة قد تربّت في حجر الوحي، لقد أمر النبي أن لا يدخل عليه أحد، ولكن الذي جاء هو: «حُسينٌ منّي وَأنا مِن حُسينٍ»([[135]])، فدخل الإمام على النبيّ، وما لبثت أن دخلت على أثره، فرأت الحسين(عليه السلام) على صدر النبي وهو يبكي، وفي يده شيء يقبّله...ومن الواضح أنّ كلّ ذلك مقدّمة لكشف هذا السرّ المكنون، الرجل الأوّل في العالم على ذلك الحال مضطرباً باكياً، ولما استفسرت أم سلمة عن الموضوع، قال رسول الله: «يا أم سلمة! إنّ هذا جبرئيل يخبرني أنّ هذا مقتول وهذه التربة التي يُقتل عليها، فضعيه عندكِ، فإذا صارت دماً فقد قُتل حبيبي».

والغرض من نقل هذا الحديث هذه الجملة: «فقالت أُم سلمة: يا رسول الله، سلِ الله أن يدفع ذلك عنه»، فأنت صاحب الدعوة المستجابة، وأنت الرجل الأوّل في ميدان المباهلة، وأنت من يقلب بإرادته جميع صفحات الوجود، ادعُ الله القائل: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)([[136]]). هذا هو مراد أُم سلمة. فردّ الرسول عليها قائلاً: «قد فعلتُ فأوحى الله} إليّ أنّ له درجةً لا ينالها أحدٌ من المخلوقين»! فما هي تلك الدرجة؟ تأمّلوا في هذا الأمر جيّداً، هذا هو الأمر الأوّل، والأمر الثاني هو: «أنّ له شيعةً يَشفعون فيُشفّعون»، والأمر الثالث: هو «أنّ المهدي(عجل الله فرجه الشريف) من وُلده»([[137]]) (الملحق:5).

إنّ هذه الكلمات الثلاث مرتهنة بذلك اليوم، فإن قُتل تحقّقت هذه الأُمور الثلاثة، وإن لم يقتل فلا وجود لهذه النتائج الثلاث، وإنّني رضيت برضا الله وإرادته؛ فكففت عن الدعاء.

دولة وليّ العصر(عجل الله فرجه الشريف) ثمرة نهائية لعاشوراء

ها هنا تكمن المسألة، إنّ عاشوراء يوم قد أُنجز فيه عمل لا يمكن أحداً من الخلق أن يدرك المقام الذي بلغه صاحبه، وثمرته الأخيرة هي وليّ العصر(عجل الله فرجه الشريف)، ودولته العالمية العادلة، كلّ هذه الأمور ثمار ليوم عاشوراء.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: «تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ‏ عَلَى‏ سَبْعَةِ أَحْرُفٍ‏، مِنْهُ مَا كَانَ وَمِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ تَعْرِفُهُ الْأَئِمَّةُ». (محمّد الصفّار، بصائر الدرجات: ص216؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص98).

وروي أيضاً: قَالَ عَلِيٌّ(عليه السلام):‏ «وَالله مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ، وَأَيْنَ نَزَلَتْ، [أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهارٍ نَزَلَتْ، فِي سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ] إِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْباً عَقُولاً وَلِسَاناً سَؤُولاً [لِساناً طَلْقاً ـ لِساناً نَاطِقاً]». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص322؛ الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ: ص478؛ الأربلي، كشف الغمّة: ج1، ص114؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص274؛ العلّامة الحلّي، كشف اليقين: ص55؛ علي بن يونس العاملي البياضي، الصراط المستقيم، 1، ص219؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص2؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج40، ص157).

مصادر أهل السنّة: ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج2، ص338؛ البلاذري، أنساب الأشراف: ج2، ص99؛ الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: ج1، ص45؛ الموفّق الخوارزمي، المناقب: ص90؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص398؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج3، ص637؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص126؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص203؛ السيوطي، الإتقان في علوم القرآن: ج2، ص493؛ المتقي الهندي، كنز العمّال: ج13، ص128؛ ابن حجر، الصواعق المحرقة: ص127؛ القندوزي، ينابيع المودّة: ج1، ص214.

وروي أيضاً: عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): إِنَّ اللَهَ أَجَلُّ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِهِ‏ بَلِ‏ الْخَلْقُ‏ يُعْرَفُونَ‏ بِالله. قَالَ: صَدَقْتَ. قُلْتُ: إِنَّ مَنْ عَرَفَ أَنَّ لَهُ رَبّاً فَقَدْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ لِذَلِكَ الرَّبِّ رِضاً وَسَخَطاً، وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ رِضَاهُ وَسَخَطُهُ إِلَّا بِوَحْيٍ أَوْ رَسُولٍ، فَمَنْ لَمْ يَأْتِهِ الْوَحْيُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الرُّسُلَ، فَإِذَا لَقِيَهُمْ عَرَفَ أَنَّهُمُ الْحُجَّةُ وَأَنَّ لَهُمُ الطَّاعَةَ الْمُفْتَرَضَةَ، فَقُلْتُ لِلنَّاسِ: أَلَيْسَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ هُوَ الْحُجَّةَ مِنَ الله عَلَى خَلْقِهِ؟ قَالُوا: بَلَى. قُلْتُ: فَحِينَ مَضَى مَنْ كَانَ الْحُجَّةَ؟ قَالُوا: الْقُرْآنُ، فَنَظَرْتُ فِي الْقُرْآنِ فَإِذَا هُوَ يُخَاصِمُ بِهِ الْمُرْجِئُ وَالْقَدَرِيُّ وَالزِّنْدِيقُ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ بِهِ حَتَّى يَغْلِبَ الرِّجَالَ بِخُصُومَتِهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا بِقَيِّمٍ، فَمَا قَالَ فِيه‏ مِنْ شَيْ‏ءٍ كَانَ حَقّاً. فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ قَيِّمُ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ كَانَ يَعْلَمُ وَعُمَرُ يَعْلَمُ وَحُذَيْفَةُ يَعْلَمُ. قُلْتُ: كُلَّهُ؟ قَالُوا: لَا، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً يُقَالُ: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ إِلَّا عَلِيّاً صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الشَّيْ‏ءُ بَيْنَ الْقَوْمِ فَقَالَ هَذَا: لَا أَدْرِي وَقَالَ هَذَا: لَا أَدْرِي وَقَالَ هَذَا: لَا أَدْرِي وَقَالَ هَذَا: أَنَا أَدْرِي، فَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً(عليه السلام)كَانَ قَيِّمَ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً، وَكَانَ الْحُجَّةَ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ الله، وَأَنَّ مَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حَقٌّ. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ. فَقُلْتُ: إِنَّ عَلِيّاً(عليه السلام) لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى تَرَكَ حُجَّةً مِنْ بَعْدِهِ كَمَا تَرَكَ رَسُولُ الله، وَأَنَّ الْحُجَّةَ بَعْدَ عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى تَرَكَ حُجَّةً مِنْ بَعْدِهِ كَمَا تَرَكَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ، وَأَنَّ الْحُجَّةَ بَعْدَ الْحَسَنِ الْحُسَيْنُ وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ. فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَقُلْتُ: وَأَشْهَدُ عَلَى الْحُسَيْنِ(عليه السلام) أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى تَرَكَ حُجَّةً مِنْ بَعْدِهِ، عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ. فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَقُلْتُ: وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى تَرَكَ حُجَّةً مِنْ بَعْدِهِ، مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ. قُلْتُ: أَعْطِنِي رَأْسَكَ حَتَّى أُقَبِّلَهُ، فَضَحِكَ. قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَهُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ لَمْ يَذْهَبْ حَتَّى تَرَكَ حُجَّةً مِنْ بَعْدِهِ كَمَا تَرَكَ أَبُوهُ، وَأَشْهَدُ بِالله أَنَّكَ أَنْتَ الْحُجَّةُ وَأَنَّ طَاعَتَكَ مُفْتَرَضَةٌ. فَقَالَ: كُفَّ رَحِمَكَ اللَهُ. قُلْتُ: أَعْطِنِي رَأْسَكَ أُقَبِّلْهُ، فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: سَلْنِي عَمَّا شِئْتَ فَلَا أُنْكِرُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَداً. (الكليني، الكافي: ج1، ص188؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص192؛ الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي): ج2، ص718؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص17).

(الملحق:2)

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام)، قَالَ: «الْكَمَالُ كُلُّ الْكَمَالِ‏ التَّفَقُّهُ‏ فِي الدِّينِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ وَتَقْدِيرُ الْمَعِيشَةِ». (الكليني، الكافي: ج1، ص32؛ القاضي نعمان المغربي، دعائم الإسلام: ج2، ص255؛ ابن شعبة الحراني، تحف العقول: ص292؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج75، ص172).

وروي أيضاً: عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عَنْ أَبِيهِ÷ قَالَ: «لَا يَسْتَكْمِلُ‏ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ: التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَحُسْنُ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى الرَّزَايَا». (البرقي، المحاسن: ج1، ص5؛ ابن شعبة الحراني: ص446؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص213).

(الملحق:3)

قال المرحوم الفيض الكاشاني معقّباً على هذا الحديث: «وكأنّ الآية المحكمة إشارة إلى أصول العقائد، فإنّ براهينها الآيات المحكمات من العالم أو من القرآن‏...والفريضة العادلة إشارة إلى علوم الأخلاق التي محاسنها من جنود العقل ومساويها من جنود الجهل، فإنّ التحلّي بالأوّل والتخلّي عن الثاني فريضة، وعدالتها كناية عن توسّطها بين طرفي الإفراط والتفريط، والسنّة القائمة إشارة إلى شرائع الأحكام ومسائل الحلال والحرام، وانحصار العلوم الدينية في هذه الثلاثة معلوم‏». (الفيض الكاشاني، الوافي: ج1، ص133).

(الملحق:4)

عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، فَمَرَّ قَوْمٌ‏ عَلَى‏ حَمِيرٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يُرِيدُ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: قُبُورَ الشُّهَدَاءِ. قَالَ: فَمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ زِيَارَةِ الشَّهِيدِ الْغَرِيبِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ: وَزِيَارَتُهُ وَاجِبَةٌ؟ قَالَ: زِيَارَتُهُ خَيْرٌ مِنْ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، حَتَّى عَدَّ عِشْرِينَ حَجَّةً وَعُمْرَةً، ثُمَّ قَالَ: مَقْبُولَاتٍ مَبْرُورَاتٍ. قَالَ: فَوَ الله مَا قُمْتُ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ حَجَجْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً، فَادْعُ اللَهَ أَنْ يَرْزُقَنِي تَمَامَ الْعِشْرِينَ حَجَّةً. قَالَ: هَلْ زُرْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لَزِيَارَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حَجَّةً. (الكليني، الكافي: ج4، ص581؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص302؛ محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص333).

وروي أيضاً: ِعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لِمَنْ‏ أَتَى‏ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ÷ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ؟ قَالَ: «يُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حِجَّةٍ مَقْبُولَةٍ وَأَلْفُ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَقِيّاً كُتِبَ سَعِيداً، وَلَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ الله». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص274؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص43).

وروي كذلك: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام):‏ «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ حَجَّ مِئَةَ حِجَّةٍ مَعَ‏ رَسُولِ‏ الله’». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص304؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص92؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص450؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص34).

(الملحق:5)

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ [÷] عَلَى رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ) وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، فَنَزَا عَلَى رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ) وَهُوَ مُنْكَبٌّ، وَلَعِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ): أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، وَمَا لِي لَا أُحِبُّ ابْنِي». قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ. فَمَدَّ جِبْرِيلُ(عليه السلام) يَدَهُ، فَأَتَاهُ بِتُرْبَةٍ بَيْضَاءَ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ الْأَرْضِ يُقْتَلُ ابْنُكَ هَذَا يَا مُحَمَّدُ، وَاسْمُهَا الطَّفُّ. فَلَمَّا ذَهَبَ جِبْرِيلُ(عليه السلام) مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ)، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ) وَالتُّرْبَةُ فِي يَدِهِ يَبْكِي، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ! إِنَّ جِبْرِيلَ(عليه السلام) أَخْبَرَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ ابْنِي مَقْتُولٌ فِي أَرْضِ الطَّفِّ، وَأَنَّ أُمَّتِي سَتُفْتَتَنُ بَعْدِي...».

مصادر أهل السنّة: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص107؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص187 ـ 188.

وروي أيضاً: عن عائشة قال: بينا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم راقداً إذ جاء الحسين [(عليه السلام)] يحبو إليه، فنحّيته عنه، ثمّ قمت لبعض أمري، فدنا منه، فاستيقظ يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: إنّ جبريل أراني التربة التي يُقتل عليها الحسين، فاشتدّ غضب الله على من يسفك دمه، وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء، فقال: يا عائشة، والذي نفسي بيده إنّه ليحزنني، فمن هذا من أمّتي يقتل حسيناً بعدي؟!».

مصادر أهل السنّة: ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين (من طبقات ابن سعد): ص46؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص262؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص195؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2633؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج10، ص154؛ المتقي الهندي، كنز العمّال: ج12، ص127.

المحاضرة السابعة

إكسير وجود الإمام الحسين(عليه السلام)

14/2/2004م= 22ذو الحجّة1424هـ

الدعوة إلى اللّه، أحسن اختيار

بما أنّ عاشوراء على الأبواب وبعضنا سيوفّق للإرشاد والإنذار، ينبغي الالتفات إلى هذه النقطة التي يتّفق عليها العقل والنقل، وهي أنّه يجب على كلّ فرد منّا أن يختار الأفضل والأحسن: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)([[138]])، فأولئك هم الذين يحظون بالبشرى الإلهية.

وما معنى الأحسن على الإطلاق؟

المرجع هو القرآن والسنّة فقط، فمن وصل مرحلة البلوغ العلمي كان مرجعه كلام الله وكلام الأئمة المعصومين^، ولا يخضع فكرياً إزاء الأفكار غير المصونة عن الخطأ، على العكس من المفتقرين إلى البلوغ العقلي والعلمي، ممن يهمّهم كلام هذا وذاك.

ومن هنا ينبغي التدبّر بمنتهى الدقّة في هذه الكلمة التي تكشف أنّ الأحسن على الإطلاق في القرآن هو الدعوة إلى الله، حيث يقول تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)([[139]])، فمن يكتب لهم توفيق السفر في هذه الأيّام يجب أن يتّبعوا ما أمرهم به الله تعالى، فيكون قولهم أحسن الأقوال، وأحسن القول هو:«الدعوة إلى الله».

سبيل الدعوة إلى اللّه

حتّى سبيل الدعوة ينبغي أن نأخذه من الله، ومن كلام الله تعالى، وطريق الدعوة إلى الله هو: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ([[140]]).

تأمّلوا جيّداً في هاتين الآيتين الشريفتين، إنّهما توجّهان الدعوة ابتداء، ثمّ تقيمان الدليل؛ والآيات القرآنية في حدّ ذاتها قاصمة للظهر، فلو توقّفنا عمراً عند كلّ جملة منها لكان قليلاً، فلنتساءل: ماذا كنّا؟ وماذا صرنا؟ ومن حوّلنا مما كنّا عليه إلى ما نحن فيه؟ علينا أن نعود أدراجنا إلى مئة عام مضت لنرى ماذا كنّا؟ ولا بدّ من التأمّل والتدبّر كثيراً عند قراءة القرآن.

(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)، هنا يتضح تفسير الربّ: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)([[141]]). مضافاً إلى ذلك يجب أن نرى من الذي ربّانا عندما كنّا نطفة فعلقة فمضغة، فمن الذي كان يرعانا في جميع تلك المراحل؟([[142]])، ومن الذي صيّر هذه النطفة النتنة إنساناً يستغرق هدب واحد من أهداب عينيه عمراً من التفكير، ليُعلم ما هذا الهدب؟ وماذا يحدث لو لم يكن؟

 السير في الآفاق والأنفس

يجب أن نسير في الآفاق والأنفس: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ)([[143]]).

والآفاق هي التي قال عنها الباري : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)([[144]]).

كما ينبغي التأمّل في الأنفس؛ لندرك ما الذي فعله الربّ بنا: (خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ)([[145]]). فلا أحد سواه يعلم ماذا فعل، لقد جعلنا عرضة للتحويل والتحوّل إلى حد يقول عنه تعالى: (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)([[146]])، فتوجّهوا إلى الله، وادعوا الناس إلى التوجّه إليه، وانتهزوا هذه الأيّام؛ للاستفادة منها غاية الاستفادة، وأحيوا ذكر الله سبحانه.

فما هو سبيل الدعوة إلى الله؟ هذا أيضاً ممّا ينبغي أن نستمدّه من الله نفسه، ثمّ إنّكم بعد هذا العناء الطويل في التعلّم والدراسة تكفيكم الإشارة لتقفوا على كيفية دعوة الناس إلى الله جلّ اسمه، فدعوا عنكم جميع الأساليب المتكلّفة والمتصنّعة.

السبيل هو: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)([[147]])، ينبغي لمجالسكم ومنابركم ومحاضراتكم أن تتلخّص في كلمتين: كلمة التبشير وكلمة الإنذار: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)([[148]])، فالسبيل إلى الله هو: البشارة بالأعمال الصالحة، والإنذار من عواقب الأعمال السيئة.

يجب أن تشتمل محاضراتكم طيلة أيّام تواجدكم في أماكن الدعوة والتبليغ على ثلاث جمل، هي: «آيةٌ محكمةٌ»، «فريضةٌ عادلةٌ»، «سنّةٌ قائمةٌ»([[149]])، فلو قضيتم عشرة أيّام في منطقةٍ ما، ثمّ غادرتموها يجب أن يكون الناس فيها قد تربّوا على ثلاث نقاط:

الأُولى: «آيةٌ محكمةٌ»، وهي أصل الأُصول، والمبدأ، والمعاد، والنبوّة، والإمامة، هذه خلاصة تلك الآية المحكمة.

الثانية: «فريضةٌ عادلةٌ»، وهي الحلال والحرام، والفرائض الإلهية، وحدود الدين، والمعروف والمنكر في الدين، كلّ ذلك لا بدّ أن يبيَّن للناس.

الثالثة: «سنّةٌ قائمةٌ»، وهي تهذيب أخلاق النفوس.

إنّ مواعظ «بحار الأنوار» كنز يفوق التصوّر، فحدّثوا بتلك الروايات للناس.

اللّه والسبيل إلى اللّه

إنّ ما يغيّر نفوس الناس هو ما ترتبط به فطرتهم، وفطرة الناس متّصلة بكلام الله وكلام المنصوبين من قِبَله فقط، فما يقلّب القلوب عبارة عن القرآن وكلمات أهل بيت العصمة والطهارة^([[150]])، فلو تعلّمتم هذه الكلمات القليلة بدقّة، وفكّرتم فيها جيّداً، لكفاكم ذلك.

ثمّ إنّ الدعوة إلى الله، التي هي أحسن الأقوال، تحتوي على مادتين: الأولى: هي الله تعالى نفسه، والثانية: هي السبيل إلى الله، وعليه، فأحسن الأقوال يجتمع في كلمتين: «الله» و«السبيل إلى الله».

سيّد الشهداء(عليه السلام) سبيل اللّه الأعظم

لكن ما هو «سبيل الله» و«صراط الله»؟([[151]]) (ملحق:1).

إنّ سبيل الله هو من قُتل يوم عاشوراء، ونحن أقل شأناً من أن يتسنّى لنا أن نتصوّر مدى عظمة هذه القضية، فقد سمعنا وقرأنا عنها شيئاً، أمّا أنّنا تمكّنا من فهمها فهذا موضع تأمّل!

إنّ هذا الأمر من الرفعة والعمق بحيث نعجز فهمه، بل يعجز الجميع عن فهمه، فلا يستطيعون أن يدركوا أيّ يوم كان ذلك اليوم؟ وماذا فعل الإمام(عليه السلام)؟ وأيّ عمل كان ذلك العمل؟ وما هو مبدؤه؟ وما هو منتهاه؟ هذه مجموعة من البحوث المرتبطة بسبيل الله الأعظم.

لا بدّ أن نتخذ من النتيجة والثمرة جسراً للوصول إلى الجذور، فإنّ نيل مثل هذه الأُمور إنّما يكون بأحد طريقين: أحدهما: طريق «الإنّ»، والآخر: طريق «اللمّ»([[152]]). فلو أراد أحد فهم الموضوع عن طريق «الإنّ» فعليه أن يلحظ مدى الأثر الناتج عن عمله.

زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) تعدل ثلاثين حجّة مبرورة مقبولة زاكية مع رسول اللّه

روى الشيخ الصدوق عن شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن موسى بن القاسم الحضرمي، قال: «قَدِمَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام) فِي‏ أَوَّلِ‏ وَلَايَةِ أَبِي‏ جَعْفَرٍ، فَنَزَلَ النَّجَفَ فَقَالَ: يَا مُوسَى! اذْهَبْ إِلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَقِفْ عَلَى الطَّرِيقِ فَانْظُرْ، فَإِنَّهُ سَيَجِيئُكَ رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْقَادِسِيَّةِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكَ فَقُلْ لَهُ: هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ الله يَدْعُوكَ، فَسَيَجِي‏ءُ مَعَكَ. قَالَ: فَذَهَبْتُ حَتَّى قُمْتُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالْحَرُّ شَدِيدٌ، فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً حَتَّى كِدْتُ أَعْصِي وَأَنْصَرِفُ وَأَدَعُهُ إِذْ نَظَرْتُ إِلَى شَيْ‏ءٍ يُقْبِلُ شِبْهَ رَجُلٍ عَلَى بَعِيرٍ، فَلَمْ أَزَلْ أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى دَنَا مِنِّي، فَقُلْتُ: يَا هَذَا! هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ الله يَدْعُوكَ وَقَدْ وَصَفَكَ لِي. قَالَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ حَتَّى أَنَاخَ بَعِيرَهُ نَاحِيَةً قَرِيباً مِنَ‏ الْخَيْمَةِ، فَدَعَا بِهِ فَدَخَلَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَيْهِ، وَدَنَوْتُ أَنَا فَصِرْتُ إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ أَسْمَعُ الْكَلَامَ وَلَا أَرَاهُمْ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَقْصَى الْيَمَنِ. قَالَ: أَنْتَ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَنَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا».

اُنظروا ماذا حدث! إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) يخبر الرجل: من هو، ومن أين هو، ولِمَ جاء، هذا ونحن نغط في سبات عميق. هكذا يراقب الإمام الحجّة# أحوالنا.

 «قَالَ: فَبِمَا جِئْتَ هَاهُنَا؟ قَالَ: جِئْتُ زَائِراً لِلْحُسَيْنِ(عليه السلام). فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): فَجِئْتَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَيْسَ إِلَّا لِلزِّيَارَةِ؟ قَالَ: جِئْتُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا أَنْ أُصَلِّيَ عِنْدَهُ وَأَزُورَهُ فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَأَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): وَمَا تَرَوْنَ فِي زِيَارَتِهِ؟ قَالَ: نَرَى فِي زِيَارَتِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَنْفُسِنَا وَأَهَالِينَا وَأَوْلَادِنَا وَأَمْوَالِنَا وَمَعَايِشِنَا وَقَضَاءَ حَوَائِجِنَا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): أَفَلَا أَزِيدُكَ مِنْ فَضْلِهِ فَضْلاً يَا أَخَا الْيَمَنِ؟ قَالَ: زِدْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ الله، قَالَ: إِنَّ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) تَعْدِلُ حِجَّةً مَقْبُولَةً زَاكِيَةً مَعَ رَسُولِ الله’. فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِي وَالله وَحِجَّتَيْنِ مَبْرُورَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ زَاكِيَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ الله. فَتَعَجَّبَ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام) يَزِيدُ حَتَّى قَالَ: ثَلَاثِينَ حِجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً زَاكِيَةً مَعَ رَسُولِ الله»([[153]]) (ملحق:2).

وهناك سرٌّ في هذه المراتب، كما أنّ في عدد الثلاثين سرّاً، حيث يُبدأ بحجّة ويختم بثلاثين حجّة، وقد عبّر عن ذلك الإمام(عليه السلام) بقوله: «ثَلَاثِينَ حِجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً زَاكِيَةً مَعَ رَسُولِ الله’».

ويتضح أنّ الرواية تشتمل على خمس نقاط:

النقطة الأولى: أنّ زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) تعدل ثلاثين حجّة؛ لأنّ الحجّ لا يتكرّر، فإنّه مرّة في كلّ سنة، لا يزيد على ذلك، مع ما للحج من أهمّية وضجّة.

النقطة الثانية: الحجّة وُصفت بأنّها مبرورة، فماذا تعني الحجّة المبرورة؟ إنّها الحجّة الخالية من جميع المآثم والمعاصي، فأنّى لنا بمثل هذه الحجّة! هذه هي الكلمة الثانية.

النقطة الثالثة: قال الإمام(عليه السلام): «حِجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً»، وفي استعمال كلمة «مُتَقَبَّلَةً» بعد كلمة «مَبْرُورَةً» من المرتبة ما يثير الحيرة، قال تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا)([[154]])، فهذه الزيارة تعدل حجّة، وأيّ حجة؟ إنّها حجّة مبرورة، ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل هي «متقبّلة»، ذلك القبول الذي ذكره الله تعالى في سورة آل عمران.

النقطة الرابعة: أنّ الأمر لم يتوقّف كذلك عند هذا الحدّ، بل هي «زَاكِيَةً»، ولا يسع المجال هنا لشرح هذه الكلمات، فما المراد بالزاكية؟ أي هي المزكّاة والمصفّاة من الغل والغش.

النقطة الخامسة: وهي المهمّة، أنّ هذه الزيارة عبارة عن حجّة مبرورة متقبّلة زاكية، وفوق كلّ ذلك أنّها مع رسول الله، فإذا أمكن أن لا يحظى حجّ الرسول الكريم بالقبول، أمكن أن لا تحظى هذه الحجّة بالقبول أيضاً، فزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) بهذا القدر من الأهمّية.

إكسير وجود الإمام الحسين(عليه السلام)

ما الذي فعله سيّد الشهداء(عليه السلام) ليترك إكسير وجوده المقدّس كلّ هذا التأثير، ويُكسب قبرَه الشريف هذه الخصوصية الكيمياوية، لتحظى زيارة قبره بهذا القدر من العلوّ والارتفاع؟ فمن ذا الذي عرفه؟ ومن ذا أدرك ما الذي فعله سيّد الشهداء(عليه السلام)؟!

زائر الإمام الحسين(عليه السلام) في أعلى علّيّين

أختم كلامي هذا بحديث، وفيه الكفاية، أخرجه ابن قولويه عن مشايخه، علي بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن عُيينة، أو عُتيبة بحسب تعبير النجاشي، عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام). إنّ سند الحديث بمكان من القوّة بحيث إنّ كلّ فقيه يفتي على ضوء هذا السند في أدقّ المسائل الفقهية، حتّى في الدماء، أمّا نص الحديث فهو «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَتَبَهُ‏ اللَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّين‏»([[155]]). ها هنا يجف القلم وينقطع البيان!

أوَ تعلمون ما معنى «علّيّين» ليصل الأمر بعد ذلك إلى أعلى علّيّين؟ قد ورد معنى هذه الكلمة في سورة المطفّفين حيث قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)([[156]]). هذا هو معنى علّيّين، فالمقرّبون يشهدون علّيّين. وأمّا أعلى علّيّين فهي درجة «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ»، وإن كانت درجة «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ» في أعلى علّيّين فلا بدّ من أن نرى أين هي درجته هو؟

اعرفوا من هو الإمام الحسين(عليه السلام) وعرّفوه إلى الناس، ولا ينبغي أن يذهب خيال البعض إلى استكثار مراسم العزاء، فإنّ البكاء عليه دماً لقليل بحقّه(عليه السلام). (ملحق:3)، إلّا أنّنا لا ندرك ذلك ولا نعيه.

قال الإمام عليّ بن موسى الرضا÷: «إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَقْرَحَ‏ جُفُونَنَا»([[157]])، ذلك أنّه كان يعلم من هو سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ وماذا فعل؟ وكيف قُتل مظلوماً؟

ومن هنا، لا يسعنا أن نقول بشأن هذه الشخصية سوى ما قاله الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)([[158]]).

الملاحق

(الملحق:1)

ورد في زيارة الجامعة الكبيرة عن الإمام الهادي(عليه السلام): «أَنْتُمُ‏ الصِّرَاطُ الْأَقْوَم‏». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص613؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص97؛ المشهدي، المزار: ص528؛ مفاتيح الجنان).

كما ورد في نسخ أخرى من هذه الزيارة: «أَنْتُمُ‏ السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَمُ‏ وَالصِّرَاطُ الْأَقْوَم‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص307؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص217؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج14، ص157؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص129).

مصادر أهل السنّة: الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص181.

وروي أيضاً: «أَنْتُمْ يَا مَوَالِيَّ وَنِعَمِ الْمَوَالِي السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَمُ‏ وَالصِّرَاطُ الْأَقْوَم‏». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص151).

وروي كذلك: «أَنْتُمْ يَا سَادَاتِي السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَمُ‏ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيم‏». (المشهدي، المزار: ص249؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص344).

وروي في زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم الغدير: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا دِينَ‏ الله الْقَوِيمَ‏، وَصِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيم‏». (المشهدي، المزار: ص264؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص67؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص360).

وروي عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)، قَالَ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ هُمْ‏ صِرَاطُ الله، فَمَنْ أَبَاهُمْ سَلَكَ السُّبُل‏». (الفرات بن إبراهيم، تفسير الكوفي: ص137؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص16).

وروي عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) قَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الله وَبَيْنَ‏ حُجَّتِهِ‏ حِجَابٌ‏، فَلَا لِله دُونَ حُجَّتِهِ سِتْرٌ، نَحْنُ أَبْوَابُ الله وَنَحْنُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص35؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص114؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص12).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص395.

وروري عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، قَالَ: «صِرَاطَ مُحَمَّدٍ وآلِهِ [وَآلِ مُحَمَّد]». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج2، ص271؛ السيّد ابن طاووس، الطرائف: ص131؛ الأربلي، كشف الغمّة: ج1، ص316؛ ابن البطريق، العمدة: ص43؛ ابن البطريق، خصائص الوحي المبين: ص130؛ ابن جبر، نهج الإيمان، ص540؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص117؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص16).

مصادر أهل السنّة: الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: ج1، ص74.

وروي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ^، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’ لِعَلِيٍّ(عليه السلام): «يَا عَلِيُّ! أَنْتَ حُجَّةُ الله، وَأَنْتَ بَابُ الله، وَأَنْتَ‏ الطَّرِيقُ‏ إِلَى‏ الله، وَأَنْتَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ، وَأَنْتَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَأَنْتَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى‏...». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص9؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص273؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص565؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج36، ص4؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج4، ص180).

وروي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) فِي قَوْلِهِ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)، قَالَ: «نَحْنُ‏ السَّبِيلُ‏ فَمَنْ‏ أَبَى فَهَذِهِ السُّبُلُ فَقَدْ كَفَرَ». (علي بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: ج1، ص221؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص498؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص13).

وروي أيضاً: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، ‏ قَالَ: «قُولُوا مَعَاشِرَ الْعِبَادِ: أَرْشِدْنَا [اهْدِنَا] إِلَى حُبِّ النَّبِيِّ وَأَهْلِ بَيْتِه‏». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج2، ص271؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص540؛ العاملي البياضي، الصراط المستقيم: ج1، ص284).

مصادر أهل السنّة: الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: ج1، ص75.

وروي في مصادر أهل السنّة أيضاً: أخرج ابن مردويه ذيل قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) أنّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) قال: «إنَّ الصِّراطَ المستَقيمَ مَحَبّتُنا أهلَ البَيتِ». (ابن مردويه الأصفهاني، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص221).

(ملحق:2)

عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)؟ قَالَ: تُكْتَبُ‏ لَهُ‏ حِجَّةٌ مَعَ‏ رَسُولِ الله’. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ حِجَّةٌ مَعَ رَسُولِ الله’؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحِجَّتَانِ. قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ حِجَّتَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَثَلَاثٌ، فَمَا زَالَ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ عَشْراً. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ عَشْرُ حِجَجٍ مَعَ رَسُولِ الله’؟ قَالَ: نَعَمْ، وَعِشْرُونَ حِجَّةً. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَعِشْرُونَ؟ فَمَا زَالَ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ خَمْسِينَ فَسَكَتَ. (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص307؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج10، ص354؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص43).

(ملحق:3)

 جاء في زيارة الناحية المقدّسة: «فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِي‏ الدُّهُورُ، وَعَاقَنِي عَنْ نَصْرِكَ الْمَقْدُورُ، وَلَمْ أَكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَلِمَنْ نَصَبَ لَكَ الْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً، حَسْرَةً عَلَيْكَ وَتَأَسُّفاً عَلَى مَا دَهَاكَ وَتَلَهُّفاً، حَتَّى أَمُوتَ بِلَوْعَةِ الْمُصَابِ وَغُصَّةِ الِاكْتِيَاب‏». (محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص501؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص239). ‏

المحاضرة الثامنة

علم الإمام الحسين(عليه السلام) عين علم النبيّ’

25/1/2006م = 24 ذو الحجّة 1426هـ

حقيقة الإنذار ومنزلة المنذرين

إنّ شهر المحرّم على الأبواب، وفيه يوفَّق بعضكم للإنذار، ولا ريب في أنّ هذا التوفيق بحدّ ذاته في غاية الصعوبة، فالتوفيق لإنذار الأُمّة هو عمل الأنبياء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ)([[159]]). وقد جعل الله تعالى النتيجة للتفقّه في آية النفر هي عمل النبي الخاتم، فقال: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[160]]).

من يقدم على عمل ما فعليه أن يقف على حقيقة ذلك العمل، ومعرفة حقيقة الإنذار أمر عسير. فلو أدرك شخصٌ هذا الأمر، وعرف ماهية العمل الذي يزاوله وحقيقته، وعلم بما يترتّب عليه من نتائج، وهل يترتّب الغرض على هذا العمل «لا بشرط» أو «بشرط شيءٍ»؟ وإن كان «بشرط شيءٍ»، فما هو ذلك الشرط أو تلك الشروط؟ فمن أدرك هذه الأُمور أحاط إلى حدٍّ ما بحيثيات هذا الأمر. وهنا تتجلّى أهمّية فقه وفهم دقائق أحاديث أهل البيت^! فالمهمّ هو دراية الرواية لا روايتها فقط([[161]]).

حسبنا في هذا الموضوع وفهمها حديث واحد، شريطة أن يكون هناك من يعي، على أنّ الوقت لا يكفي لشرح كلّ ما ينطوي عليه هذا الحديث، غير أنّكم لستم بالمبتدئين، فلا بدّ من فهم المراد من لحن البيان والقول.

هذه الرواية نبويّة، وقد صُدِّرت بـ «ألا» التنبيهية، وكيفية البيان فيها مثيرة للدهشة، حيث قال: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ أَقْوَامٍ‏ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ»([[162]]) (الملحق:1).

ما يحيّر الألباب هو أنّ أيّ مقام لهؤلاء كي يغبطهم عليه الأنبياء والشهداء، وهم ليسوا من الأنبياء ولا الشهداء؟

«بِمَنَازِلِهِمْ مِنَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ»، هذا هو مقام هؤلاء، على أنّ هناك خصوصية لعبارة «منازلهم من الله»، فتارة تكون الدرجة في الجنّة، أو في جنّات عدن، أو في الفردوس الأعلى، وفي جميع هذه المنازل درجات لا يتسنّى لنا وصفها أو إدراكها، والمهم في الحديث أنّ هذا المقام قد عُبِّر عنه بـ «منازل عند الله»: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)([[163]])، فأصحاب هذه المناصب في منازل عند الله على منابر من نور، فما الذي فعله هؤلاء ليبلغوا تلك المرتبة؟ إنّه لأمر عجيب! لو فهمتم هذا الحديث فقط ففيه الكفاية إلى آخر عمركم، لتعرفوا أين تذهبون في أيّام المحرّم؟ وماذا تفعلون؟

إنّ هذا الحديث في جماعة يغبطهم الأنبياء والشهداء، وهم عند الله على منابر من نور، فماذا فعل هؤلاء؟ لما سئل النبيّ الكريم عن ذلك ذكر أنّهم قاموا بعملين: «يُحَبِّبُونَ عِبَادَ الله إِلَى الله...»، هذا فنٌّ بحدّ ذاته، والعمل الثاني في غاية الأهمّية، «وَيُحَبِّبُونَ الله إِلَى عِبَادِهِ»، إنّ تصوّر هذا الأمر يُدهش العقل فضلاً عن تحقّقه.

إنّ عمل هؤلاء يتمثّل في تحبيبين، ولكن كيف يحصل هذا التحبيب؟ قال: «يُحَبِّبُونَ عِبَادَ الله إِلَى الله وَيُحَبِّبُونَ اللَهَ إِلَى عِبَادِهِ»، وهذا يتوقّف على أمرين:

الأوّل: أنّهم يأمرون عباد الله بطاعة الله.

والثاني: أنّهم ينهونهم عن معصية الله، ليصبحوا إثر ذلك محبوبين عند الله ومحبّين لله، فهؤلاء هم السبب في إيجاد هذه المحبّة، فجزاؤهم أن ينزلهم الله يوم القيامة في منازل من نور في مقام عنديّته، وهي درجة رفيعة ومقام سامٍ يغبطهم عليه الأنبياء والشهداء على الرغم من أنّهم ليسوا بأنبياء ولا شهداء.

هذه السعادة ميسّرة لكم جميعاً في شهر المحرّم، فحذار أن يوسوس لكم الشيطان لتتشبّثوا بأعذار واهية وتُحرَموا من مثل هذا الفيض العظيم: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ)([[164]]).

الاتّصال بنور الوجود

إنّ ختام محاضرتنا لهذا اليوم باسم إمام العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف)، وهو أمر عجيب، فدعاء العهد الذي قُرئ وسورة الإخلاص التي تُليت أوّل المحاضرة([[165]]) هدية إلى وليّ العصر، وقطب عالم الإمكان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء).

ما هذه إلّا مقدّمة نشير فيها إلى أنّ مسؤوليّة الجميع في شهر محرّم الحرام، هي أن ينصبّ اهتمامهم على كلمتين حيثما اتّجهوا: الأُولى: ما ورد في هذا الحديث، وهو الأمر بما يرضى به الباري تعالى، والنهي عما يكره، والثانية: وهي العمدة، ربط القلوب الطاهرة بالله، فإنّ القلب ليطهر بالهداية والتقوى والامتثال لأوامر المولى والانتهاء عن نواهيه.

 وحدّ ذلك كلّه هو إخراج هذا القلب من حالة التحجّر والقسوة، وتبديله إلى زجاجة شفافة، ليتحوّل إلى مصباح قادر على أن يعكس النور، فإنّ الأمر يصل إلى هذه الدرجة، بحيث يصير هذا القلب مصباحاً نقياً من شوائب الذمائم والرذائل، بيد أنّ هذا المقدار ليس بكافٍ؛ فما يكتمل به هذا العمل هو ذلك الزرّ الكهربائي الذي يربط هذا المصباح بمحطة الكهرباء، فأين هي تلك المحطة؟ إنّ جميع ذلك في القرآن والسنّة، فالمحطة هي: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) ([[166]]).

مُظهر الجمال ومُخفي العجائب

آية النور هي مركز نور الوجود، ومفتاح الكهرباء قد ورد في آخر الآية المتقدّمة: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ)، وتفسير هذه الآية أنّ المقصود بهذه الجملة هو الإمام الحجّة(عجل الله فرجه الشريف)([[167]]). (الملحق:2) فهو الزرّ الكهربائي المذكور الذي يُوصِل القلوب المطهّرة بمبدأ النور، فلو أردتم السعادة الأبدية فإنّ الطريق إليها يمرّ عبر الكلمات التي أشرنا لها، غير أنّ ألطاف الباري سبحانه وعناياته بعباده لا حدّ لها ولا حصر، لو تفكّرتم بهذا لكفاكم، فمن هو؟ وماذا يفعل بنا؟ عرّفوا الناس بهذه الأُمور.

إنّ أبداننا جميعاً مليئة بالقذارة، فهل لاحظتم الهيكل العظمي للإنسان في المستشفيات والعيادات؟ كم هو مخيف ومقزّز، هذه هي أجسامنا، وما ألطف الباري تعالى حيث أخفى كلّ تلك القبائح المنفّرة، وغطّى أجسامنا بطبقة من بشرة الجسم؛ ليستر على كلّ ما يقزّز من الأدران والدماء والأوساخ، وأسبغ علينا صبغةً من الجمال والكمال: «سُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكبرُ»، «يا مَنْ أظهرَ الجميلَ وسَترَ القَبيحَ»([[168]]). لقد فعل الله تعالى ذلك بنا جميعاً، هذا ما يتعلّق بأبداننا.

وأمّا الروح فكيف هي؟ إنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) عارفٌ بحقيقة أرواحنا، حيث قال: «لَو تَكاشَفْتُم مَا تَدَافَنتُم»([[169]])، وما ذلك إلّا بسبب العيوب الروحية، فنحن نتصوّر أنّنا أناس صالحون، لكنّ هذا في الواقع يعكس مدى جهلنا، فلو عرفنا حجم مساوئنا لتعرّفنا حينئذٍ على الحقيقة، وقد أخفى الله كذلك كلّ معايبنا التي صدرت عنّا طوال فترة حياتنا، فلا يدري أحد ما يدور في خلدنا، وما يجول في أفكارنا، لا الأب ولا الأُم ولا الزوجة ولا الأطفال. هكذا ستر الله تعالى ظاهرنا وباطننا، فأيّ عطاء أعطانا؟ وأيّ رعاية رعانا؟ ليس لنا بعد ذلك إلّا العجز والفقر والحيرة والحياء، وإذا كان ثمّة كمال فذلك منه جلّ وعلا، وإذا ما وجد جمال فمنه أيضاً، هذه مسؤوليتنا في شهر المحرّم.

علم الإمام الحسين(عليه السلام) عين علم النبي

القضية المهمّة هي ضرورة أن تعرفوا ما هو المحرّم؟ وما هي عاشوراء؟ ما هي الواقعة؟ وهل يمكن الحديث عن ذلك؟ وهل هناك لسان يمتلك القدرة على أن يقول ماذا كان؟ وما جرى؟ وما الذي حدث في العالم؟ من هو الإمام الحسين(عليه السلام) نفسه؟ حسبنا حديث واحد في هذا المجال، وبعد ذلك فكّروا قدر ما تستطيعون.

روي عن حذيفة أنّه قال: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ÷ يَقُولُ: «وَالله لَيَجْتَمِعَنَّ عَلَى قَتْلِي طُغَاةُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَيَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ»، قالَ: فَتحيّرتُ من ذلك، وقُلتُ لَهُ: «أَنْبَأَكَ بِهَذَا رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ: لَا»، فزادت حيرته من قوله هذا، فَأتى النبيّo وسأله عما سمع من الحسين(عليه السلام)، وأخبره’ أنّه سأله(عليه السلام) عما إذا كان قد سمع ذلك منك يا رسول الله’، ولكن الحسين نفى ذلك، فماذا يعني ذلك؟فردّ النبيّ بعبارة يمكن أن تفهموا من خلالها من هو سيّد الشهداء(عليه السلام)، حيث قال: «عِلْمِي‏ عِلْمُهُ‏، وَعِلْمُهُ عِلْمِي»([[170]]). أي لا حاجة إلى سؤالي؛ لأنّ علمه علمي كما أنّ علمي علمه. وهذا الكلام صادر عن النبيّ الخاتم، وقد قاله لأعيان البشر.

ومعنى هذا الكلام أنّ عبادته عبادتي، وعبادتي عبادته، خُلقه خُلقي، وخُلقي خُلقه، وفي كلمة واحدة «حُسَيْنٌ‏ مِنِّي‏ وأَنَا مِنْ حُسَيْن‏»([[171]])، هكذا هو الإمام الحسين(عليه السلام).

سبب استجابة دعاء النبيّ زكريا(عليه السلام)

أخرج الشيخ الصدوق عن شيخه في كتاب «عيون أخبار الرضا» وفي كتاب «الأمالي» أيضاً، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن هاشم، عن الريّان بن شبيب، أنّه قال: دخلتُ على الإمام الرضا(عليه السلام) في أوّل أيّام المحرّم، فقال لي: «أَصَائِمٌ أَنْتَ؟»، فقلتُ لهُ: لا. فكأنّ الإمام(عليه السلام) وبّخه لعدم صيام هذا اليوم، حيث قال له:

«إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي دَعَا فِيهِ زَكَرِيَّا(عليه السلام) رَبَّهُ، فَقَالَ:‏ (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)، فَاسْتَجَابَ اللَهُ لَهُ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ زَكَرِيَّا (وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى) ‏، فَمَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَهَ} اسْتَجَابَ اللَهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا(عليه السلام)».

إنّ واقعة عاشوراء غيّرت مجرى الزمان قبل وقوعها، فكان أثر اليوم الأوّل من المحرّم هو: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)([[172]]). ففي مثل هذه الحال دعا زكريا(عليه السلام) ربّه، فوهبه يحيى(عليه السلام).

لكلّ واقعة ـ أيّاً كانت ـ أثر ما حين وقوعها، بمعنى أنّ أثرها يترتب عليها بعد زمان وقوعها، فلا يعقل ـ بحسب القاعدة ـ أن يكون للحادث تأثير قبل وجوده وتحققه، فأيّ واقعة هي واقعة كربلاء؟ وما الذي فعلته يا أبا عبد الله؟ وأيّ تحوّل وانقلاب أحدثته في عالم الوجود، فكان اليوم المنسوب لك سبباً في استجابة دعاء النبيّ زكريا(عليه السلام) قبل قدومك إلى الدنيا؟!

وحثّ الإمام(عليه السلام) ابن شبيب قائلاً:« مَن صَامَ هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَهَ} اسْتَجَابَ اللَهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا(عليه السلام)، ثمّ قال الإمام(عليه السلام): «يَا بْنَ شَبِيبٍ! لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جَدِّي(عليه السلام) مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَتُرَاباً أَحْمَرَ». أيّ واقعة هذه؟

ثمّ قال(عليه السلام) جملة مؤثِّرة، تلك الجملة هي: «يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ». لا إله إلّا الله! هذا كلام ثامن الحجج الإمام الرضا(عليه السلام)، وأضاف قائلاً: «فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ»([[173]]).

لكنّ الفارق أنّه بمقتضى الحكم الشرعي يستحبّ أن يسقى الكبش ماءً قبل ذبحه. قال(عليه السلام): «فَقَدْ تَفَتَّتَ كَبِدِي»([[174]]) (الملحق:3). لا إله إلّا الله!

الملاحق

(الملحق:1)

قَالَ رَسُول الله‏: «إِنَّ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ‏ قَوْماً عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ الله! مَنْ هُمْ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ فَسَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ(عليه السلام): مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ’: هُمْ شِيعَتُكَ وَأَنْتَ إِمَامُهُم‏». (عدّة محدثين (نخبة من الرواة)، الأصول الستة عشر: ص107).

(الملحق:2)

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام) فِي قَوْلِ الله تَعَالَى‏: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) «يَهْدِي‏ اللَهُ‏ لِلْأَئِمَّةِ مَنْ يَشَاءُ». (مسائل علي بن جعفر: ص316؛ الكليني، الكافي: ج1، ص195؛ علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص103؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات: ج1، ص360؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص305).

وروي أيضاً أنّ الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) قال في قوله تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ): «يَهْدِي‏ اللَهُ‏ لِوَلَايَتِنَا مَنْ أَحَبَّ». (علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص105؛ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج7، ص251؛ الملا فتح الله الكاشاني، زبدة التفاسير: ج4، ص512؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص70؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج4، ص23 و...).

كذلك رُويَ عَن مُوسى بنِ القَاسِمِ، عَن عَليِّ بنِ جَعفَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ(عليه السلام) عَنْ قَوْلِهِ‏: (كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ)‏َ قَالَ: «الْمِشْكَاةُ فَاطِمَةُ÷، وَالْمِصْباحُ‏ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، و(الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ كَوْكَباً دُرِّيّاً مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ‏، (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) الشَّجَرَةُ الْمُبَارَكَةُ إِبْرَاهِيمُ‏، (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) لَا يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) قَالَ: يَكَادُ الْعِلْمُ أَنْ يَنْطِقَ مِنْهَا، (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) قَالَ: فِيهَا إِمَامٌ بَعْدَ إِمَامٍ، (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) قَالَ: يَهْدِي اللَهُ لِوَلَايَتِنَا مَنْ يَشَاءُ». (ابن البطريق، العمدة: ص356؛ السيّد ابن طاووس، الطرائف: ص135؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج1، ص296؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص316).

مصادر أهل السنّة: ابن المغازلي، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص293.

وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال في تفسير هذه الآية الشريفة من سورة النور: «فَالْمِشْكَاةُ رَسُولُ الله، وَالْمِصْبَاحُ الْوَصِيُّ وَالْأَوْصِيَاءُ^، وَالزُّجَاجَةُ فَاطِمَةُ‘، وَالشَّجَرَةُ الْمُبَارَكَةُ رَسُولُ الله‏، وَالْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَر...». (الحرّ العاملي، إثبات الهداة: ج2، ص150؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج90، ص21).

(الملحق:3)

«فقال له [الشمر] الحسين(عليه السلام): إذا كان لا بدّ من ذلك اسقني شربةً من الماء، فقد نقضت [تفتّت] كبدي من الظمأ، فقال الملعون: الآن أسقيك ماء سيفي هذا، فلما سمعت زينب كلامه صاحت بصوت يقرح القلب وقالت: يا شمر دعني أودّعه، يا شمر دعني أغمّضه، يا شمر دعني أنادي البنيّات يتزوّدن منه، يا شمر دعني آتيه بولده العليل، يشتاق بلقائه. فغار عليها بالسيف، فوقعت على وجهها، بكلّ هذا ولم يعبأ اللعين بكلامها، ولا رقّ قلبه عليها، وجعل يطبر نحره الشريف بقطع عنيف وهو ينادي: وا جدّاه، وا أباه، وا أمّاه، وا أخاه. فأخذ الناس الزلازل، وأمطرت السماء دماً عبيطاً وتراباً أحمر». (القزويني، تظلّم الزهراء: ص265).

وروي «أنّه جاء إليه شمر بن ذي الجوشن وسنان بن أنس والحسين(عليه السلام) بآخر رمق يلوك‏ بلسانه [لسانه]‏ من العطش، ویطلب الماء، فرفسه شمر برجله، وقال: يا بن أبي تراب! ألست تزعم أنّ أباك على حوض النبيّ يسقي من أحبّه؟ فاصبر حتّى تأخذ الماء من يده». (محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص323؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص56؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص300؛ الدربندي، أسرار الشهادة: ص424 ـ 426؛ الدربندي، ترجمة أسرار الشهادة: ج2، ص1399؛ المازندراني، ترجمة معالي السبطين: ص706 (بهذا المضمون)).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص41.

وروي أيضاً: «فنادى ابن سعد من يأتيني برأسه وله ما يتهنّأ به؟ فقال الشمر: أنا أيّها الأمير! فقال: أسرع، ولك الجائزة العظمى. فأقبل إلى الحسين(عليه السلام)، وكان قد غُشي عليه، فدنا إليه وركب على صدره، فحسّ به(عليه السلام) وقال: يا ويلك من أنت، فقد ارتقيت مرتقى عظيماً؟ فقال: هو الشمر. فقال له: ويلك من أنا؟ فقال: أنت الحسين بن عليّ وابن فاطمة الزهراء، وجدّك محمّد المصطفى! فقال الحسين: ويلك إذا عرفت هذا وحسبي ونسبي فلمَ تقتلني؟ فقال الشمر: إن لم أقتلك فمن يأخذ الجائزة من يزيد؟ فقال(عليه السلام): إيّما أحبّ إليك الجائزة من يزيد أو شفاعة جدّي رسول الله؟ فقال اللعين: دانق من الجائزة أحبّ إليّ منك ومن جدّك! فقال الحسين(عليه السلام): إذا كان لا بدّ من قتلي فاسقني شربةً من الماء. فقال له: هيهات، والله لا ذقتَ قطرةً واحدةً من الماء حتّى تذوق الموت غصّةً بعد غصّةٍ». (الطريحي، المنتخب: ص452؛ البهبهاني، الدمعة الساكبة: ج4، ص358؛ العلّامة الشريف الكاشاني، تذكرة الشهداء: ج2، ص141؛ المازندراني، ترجمة معالي السبطين: ص706).

المحاضرة التاسعة

التوحيد والنبوّة والإمامة

 رهن دماء سيّد الشهداء(عليه السلام)

14/1/2007م= 24ذو الحجّة1427هـ

معرفة الإمام الحسين(عليه السلام) في الحياة البرزخيّة

أيّام عاشوراء من الأيّام التي لا يمكننا إدراكها ووصفها! ذلك أنّ هذه الواقعة خارجة عن حدّ إدراك البشر!

إنّ الرؤيا ليس لها حجّية شرعية، ولكنها قد تكون كرؤيا النبيّ يوسف(عليه السلام)، فتعدّ مصداقاً لتأويل الأحاديث.

 كان المرحوم الآخوند الخراساني+ ذا قدرة ذهنية وتسلّط علمي عميق، فإنّ حاشيتيه على الرسائل والمكاسب ـ بما يتحلّيان به من كمال الإيجاز ـ عبرة لأولى الأنظار، فهما تكشفان عن دقة نظره وحدّته، وقد بلغ هذا الرجل الضليع في المباحث الفقهية والأُصولية ذروة القمم الفكرية، وقد كنت في النجف الأشرف بعد سنين من مواراته الثرى، وذلك في أثناء دفن كريمته، فكُشف عن جثمانه، فإذا به سالم وكأنّه دفن لتوّه.

إنّ رجلاً بهذه المكانة العلمية والعملية قد شوهد في عالم الرؤيا، فقال: حينما كنّا في الحياة الدنيا لم نعِ من هو الحسين بن عليّ÷، فلما انتقلنا إلى هذه النشأة عرفنا ما هي الحقيقة! هذا البيان لرجل بمثل هذا العمق والدقة الفكرية.

 ولهذه الجملة علاوة على ذلك أبعاد أُخرى، والآخوند+ ملتفت لذلك، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ الآخوند قد اطلع على المقام البرزخي للإمام الحسين(عليه السلام)، فإذا ما جاء ذلك اليوم الذي يظهر فيه مقامه(عليه السلام) الأُخروي، فإنّ عقول الأنبياء ستقف هناك حائرة مندهشة! 

هداية أيتام آل محمّد

هذه الأيّام هي كما وصفت، فاغتنموا فيها الفرصة، ربما يعذر العاجز، لكن ينبغي لمن يتمكّن من هداية شخص ضالّ أو منقطع عن الإمام أن ينتهز الفرصة المواتية في هذه الأيّام لتعريفه بمقام الإمامة الكبرى.

ليس هذا المجلس مجلس خطابة؛ فإنّ جلّكم من العلماء، وممن بلغ مرتبة تجعله من مصاديق الرواية التي سأتلوها عليكم، غاية الأمر ينبغي التركيز على بعض النقاط فيها.

ربما تُقرأ هذه الرواية على مسامع العوام من الناس، فيكون لها شأن، وتارةً تُقرأ على أسماع جماعة بلغوا من المستوى العلمي ما يؤهّلهم لفهم آراء الشيخ الأنصاري والنائيني والعراقي والأصفهاني، ولهم القدرة على حلّ كلمات الآخوند وفصلها، فإنّ مثل هؤلاء ينبغي أن يكون فهمهم للحديث ودقتهم في النظر والقدرة على الاستنباط من الإشارات على غير ما عليه محافل العوام.

الحديث مرويّ عن الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)، حيث قال: «فَقِيهٌ‏ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ...»([[175]]) (الملحق:1).

هذا نموذج من كلام الإمام(عليه السلام)، جمع في فصوله المختلفة كلّ شيء، من المبدأ إلى المنتهى.

وأمّا فيما يتصل بدقائق الكلام في هذا الحديث فمنها: من هو المنقذ؟ إنّه «فقيه واحد»، علماً أنّ للفقه إطلاقين: الأوّل: إطلاق بالمعنى الأخصّ، «هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية»([[176]]). والثاني: إطلاق بالمعنى الأعمّ، والفقه الوارد في النصوص هو أعمّ من جهة المادّة ومن جهة المتعلّق أيضاً، هذا الفقه هو فهم الدين، فمن يفهم الدين فإنّه «ينقذ...» فيما لو قام بهذا العمل. تأمّلوا جيّداً في كلمة «الإنقاذ»! أين تستعمل كلمة الإنقاذ؟ إنّها تستعمل فيمن سقط في دوامة المياه، فيقال هنا: إنقاذ الغريق، وقد استعمل الحكيم الإلهي المطلق، سابع الحجج، الإمام الكاظم(عليه السلام)، كلمة الإنقاذ هنا.

وأمّا بالنسبة لمن ينقذ فقد عبّر الإمام(عليه السلام) بتعبير مدهش، وقال: «يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا»، حيث ابتدأ بعنوان اليتيم، ثمّ فصله بـ«من» التبعيضية عن «أيتامنا»، ثمّ تصدّى لبيان معنى الأيتام بياناً مذهلاً: «الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا».

وهاهنا بحث تفصيلي آخر، فما المقصود بالانقطاع عن الإمام؟ وما هو المراد من الانقطاع عن مشاهدة الإمام؟ هذا خاص وذاك عام، الأوّل سابق والثاني لاحق.

وبمَ يحصل الإنقاذ؟ «بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ»، فإنقاذ أيتامنا بتعليمهم ما هم بحاجة إليه، على أنّ إدراك ما هم بحاجة إليه يتطلّب بحثاً مفصّلاً أيضاً، لمعرفة المراد من «مَا هُوَ مُحتاجٌ إليهِ»!

إلى هنا كان الكلام عن العمل نفسه، ومسار العمل، ومبدأ العمل، وخصوصيات العمل، ثمّ تأتي مرحلة ثمرة العمل. ينبغي لكم أن تستوعبوا الدقائق والكنوز المكنونة في كلمات الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)!

تصديق الفقاهة

قلنا لكم مراراً وتكراراً أن لا تضيّعوا الفرص، واستفيدوا مما تعلّمتموه من هذا البحث العلمي في استخراج جواهر الأحاديث ودقائق كلمات أهل البيت^؛ لتصبحوا فقهاء ممن يعترف الإمام أبو جعفر الباقر(عليه السلام) بفقاهتهم حيث يقول: «إِنَّا لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ‏ فَقِيهاً عَالِماً حَتَّى يَعْرِفَ لَحْنَ الْقَوْلِ»([[177]]).

ثمرة الهداية

 أمّا فيما يرتبط بثمرة العمل، ففي مقام الثمرة بابان: باب لأعدى الأعداء، وباب لأحبّ الأحبّاء. بالنسبة إلى أعدى الأعداء، فإنّ التعبير الوارد هو: «أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ»، أي من ينقذ شخصاً واحداً فذلك أشدّ على إبليس من ألف عابد، ولا يلزم أن يهدي أكثر من شخص واحد، وإن كان الأكثر أفضل، لكنّ الحدّ الأدنى الذي تترتّب عليه كلّ هذه الآثار هو شخص واحد.

إن استطاع أحدكم في أيام عاشوراء هذه، توفير ما يحتاج إليه شخص من أيتام آل محمّد^، فقد اكتسب قوّة هائلة. هل تعلمون ما مدى قوّة الشيطان؟ إنّ لديه من القوّة ما جعله يقف إزاء الباري ويقسم بعزّته قائلاً: (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)([[178]])، هكذا استعرض قدرته أمام الربّ، ولكن الشخص المنقذ لهذا اليتيم سيحصل على قوّة يتهاوى الشيطان أمامها على الأرض، على الرغم من احتشاد قواه التي تمكّنه من التغلّب على ألف عابد! هذا هو الأثر الأوّل.

ثمّ يبيّن الإمام(عليه السلام) علّة ذلك، ومن هنا ينبغي أن يعرف الإمام(عليه السلام) بعلمه ومعارفه، وقد ذكرنا سابقاً أنّ هذا البحث يتضمّن من الدروس ما يتطلّب من الوقت أياماً عديدة، لتتضح أبعاد هذا الحديث، ثمّ قال(عليه السلام) بعد بيان العلة: «فَلِذَلِكَ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ الله مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ أَلْفِ عَابِدَة»([[179]]).

 حينما يسافر أحدكم في شهر المحرّم ثمّ يعود، ينال غنيمة يكون بموجبها أفضل من ألف ألف عابد وألف ألف عابدة! من العبّاد والعابدات الذين يقبل الله عبادتهم.

هذا هو المحرّم! وهذه هي بركة عاشوراء! فطوبى لمن يوفّق فيه!

إنقاذ اليتيم

سنتحدّث ببضع كلمات وبقدر ما يتسع الوقت عن الإنقاذ.

«يُنْقِذُ يَتِيماً»، اليتيم: قد يكون يتيم زيد أو عمرو، وقد يكون يتيم أمير المؤمنين(عليه السلام) أو يتيم موسى بن جعفر(عليه السلام)، أو يتيم ثامن الحجج(عليه السلام)! فهذا التعبير يدمي قلب كلّ من له إدراك ووعي!

قال(عليه السلام)ابتداء: «يَتِيماً»، ليلفت الأنظار إلى أنّ من يمسح بيده على رأس يتيمٍ رحمةً له، يعطيه الله تعالى يوم القيامة نوراً بكلّ شعرة مسحها([[180]])، كما يكتب له حسنة في صحيفة أعماله، ويهبه قصراً في الجنّة([[181]]).

ثمّ أراد(عليه السلام) أن يفهمنا كيف تكون كفالة أيتام الإمام(عليه السلام) إذا كانت هذه هي الحال في كفالة أيتام الناس؟ فمن تكفّل أيتامنا، فأنقذهم وانتشلهم من الدوامة التي وقعوا فيها، وعلّمهم ما هم بحاجة إليه، فسيحظى بكلّ تلك العظمة.

الحاجات الأساسية

ما الذي يحتاج إليه؟ يتلخّص ما يحتاج إليه كلّ إنسان بكلمتين اثنتين لا أكثر، الأولى: «مَن مِنْهُ الوجود»، والثانية: «مَن بِهِ الوجود»، ولا ثالثة لهما، فمَن مِنه الوجود بأسره هو الله تعالى، ومَن بهِ كلّ ما هو موجود إمام العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف)([[182]]) (الملحق:2). فما يحتاج إليه يتامى الناس من مشاهدة آبائهم المعنويين يتلخّص في هذين الأمرين.

حاولوا أن تقضوا أوقاتكم أينما ذهبتم وحللتم في هاتين الكلمتين، ثمّ خذوا ما تطلبونه من سابع الحجج الإمام الكاظم(عليه السلام) نقداً لا نسيئة، فلا تراجع ولا بخس، غاية ما عليكم أن تعثروا على الطريق، وتنقذوا أيتام آل محمّد^ وتخرجوهم من الدوامة التي هم فيها، ووفّروا لهم ما يحتاجون إليه.

وفيما يرتبط بالله تعالى ثمّة أُمور ثلاثة ينبغي الالتفات إليها في جميع مجالسكم ومحاضراتكم، فما نقوله هنا يمثّل عصارة القرآن والسنّة! ولو أردت ذكر الأدلّة وبيان البراهين على ذلك لتطلّب هذا الحديث سنة كاملة من بحث! الأمر الأوّل: محبّة الله، والثاني: خشية الله، والثالث: رحمة الله. ينبغي أن تقوم التربية على هذه الأسس.

نثر بذور محبّة اللّه

بدايةً انثروا بذور محبّة الله في العقول، وتأمّلوا في أنفسكم ماذا كنتم؟ وماذا صرتم؟ (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)([[183]]).

عودوا بخطاكم إلى الوراء، وتصفّحوا الماضي، وانظروا إلى ما قبل مئة عام، أين كنتم؟ وماذا كنتم؟ (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)، ثمّ تابعوا الرجوع إلى ما قبل المئة عام، إلى أيّ حدّ؟ لن يقف ذلك عند حدٍّ معيّن، حيث لا عين ولا أثر، (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)([[184]]).

ربّنا! اغفر لنا بحقّ ذلك الدم المقدّس، فلقد أخطأنا بحقّك، وما عرفناك ولا شكرنا نعمك وآلاءك، فقضينا عمراً طويلاً في ارتكاب المعاصي والذنوب!

(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)([[185]]).

(قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ)([[186]]).

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)([[187]]).

إنّ شعرة واحدة في أهداب عينيك قد أدهشت العالم بأسره، وقد وهبها الله لك مجّاناً دون مقابل! «يَا مُبْتَدِياً بِالنِّعَمِ‏ قَبْلَ‏ اسْتِحْقَاقِهَا»([[188]]). هكذا قوموا بنثر بذور محبّة الله في قلوب أيتام آل محمّد^.

هذا، مضافاً إلى عظمة الله سبحانه، تلك العظمة اللامتناهية التي أوجدت الكون بما فيه من مجرّات ونظم بأمر واحد: «كُنْ»، كما قال عزّ شأنه: (كُنْ فَيَكُونُ)([[189]])، ونهاية الكون بطرفة عين، وبين ذلك إبداعه وإنشاؤه وخلقه وبارئيته ومصوّريته([[190]])...فيا لها من ضجّة!

فهل تدرون ما معنى المعصية بعد كلّ ذلك؟ هي معصية واحدة، فقد تعصي العين أو يعصي اللسان، لكنّ جميع القوى في الكون ستساهم في هذه المعصية، حينما تتجسّد تلك المعصية في الخارج يكون للأرض حصّة وللشمس حصّة وللمطر حصّة، إلى أن تصل إلى المجرّات، فيكون لكلّ منها حصّة أيضاً. وها أنا ارتكبت معصية واحدة، غير أنّني خُنتُ جميع ما في عالم الوجود. (الملحق:3) هذه نتائج معصية واحدة!

ومن ناحية أُخرى، فإنّني بعملي هذا إلى من أسأت؟ أسأت للقادر الذي «خَضَعَتْ‏ لَهُ‏ كُلُ‏ خَلِيقَتِكَ‏»([[191]])، وللقاهر الذي «قَهَرَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ»([[192]])، وللعالِم الذي (وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ)([[193]])، ومن أيّ فقير بالذات قد صدرت تلك الإساءة؟! وإلى أيّ غنيّ بالذات؟!([[194]]).  

القميص الملطّخ بدم سيّد الشهداء(عليه السلام)

 المرحلة الثانية هي خشية الله، كيف يهدأ للإنسان بال مع كلّ تلك المعاصي التي اقترفها؟ فلو لم يرتفع يوم الجزاء ذلك القميص الملطّخ بالدم فوق رأس تلك الأُم المكسور ضلعها (الملحق:4) لتلكّأ أمر الأوّلين والآخرين! ها هنا يتجلّى معنى «رَحْمَة اللهِ الوَاسِعَةِ» و«بَابُ‏ نَجَاةِ الْأُمَّة»([[195]]).

إنّه هو المعني بسدّ ذلك النقص، وهو الذي ينبغي أن يأخذ بالأيدي. وأمّا القارورة المملوءة بدم منحره الشريف فلا بدّ للنبيّ الخاتم أن يأخذها بيده([[196]])، وعلى الصدّيقة الكبرى‘ أن تنشر فوق رأسها ذلك القميص الملطّخ بدمه([[197]]) (الملحق:5)، ثمّ يقول النبيّ: «يَا رَبِ‏ أُمَّتِي»([[198]]) (الملحق:6)، وتقول الصدّيقة الكبرى‘: «يَا رَبِّ شِيعَتِي»([[199]]) (الملحق:7).

التوحيد والنبوّة والإمامة رهن دماء سيّد الشهداء(عليه السلام)

الأمر الثالث الذي يجب إحياؤه في هذا الشهر هو قضية عاشوراء، لماذا؟ لأنّ كلمات الله تعالى وإمام العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف) التي هي بين أيدينا قد اتّفقت بلا شك على أنّه: لولا دمه(عليه السلام) لما بقي للتوحيد أثر، ولا للنبوّة عين، ولا للإمامة معلم! فالشخصية التي أحيت جميع آثار الأنبياء هو أبو عبد الله الحسين(عليه السلام)، فأنّى يمكن أن يبيّن أيّ شخص كان؟وماذا فعل؟

إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) أسمى من تصوّراتنا، ولا يرقى إليه إدراك من هم أسمى منّا؛ ولذا فأنا العبد الجالس هنا أقول بكلّ جدّ، ولديّ البرهان القاطع على ما أقول: لو اجتمع الفقهاء من الشيخ الطوسي+ حتّى الشيخ الأنصاري+ لم يعدلوا ظفراً من الإمام الحسين(عليه السلام)!

والذي سيتسلّم ذلك الجسد الطاهر، ويعرف قدره، ويؤدّيه حقّه، هو من لا يناله تصوّرنا وإدراكنا: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) ([[200]])، هذه هي منزلته(عليه السلام).

ودع عنك جسمه(عليه السلام) الطاهر، ولا تتكلّم، ذلك البدن الذي يضمحل أمامه الأنبياء^! وقِف على تربة مرقده وانظر ما الذي فعلته تلك التربة! وأنتم من أهل الفن والعلم، فتلقّفوا عظمة الأمر مما ذكر ثمّ انطلقوا.

السجود على تربة الحسين(عليه السلام)

سأقرأ لكم حديثين فقط، وبعدها تأمّلوا في ما قيل جيّداً!

أخرج الشيخ الصدوق هذه الرواية في كتابه «من لا يحضره الفقيه» تحت عنوان: «قال الصادق(عليه السلام)»، ولم يقل: «رُوي عن الصادق(عليه السلام)، فقال: «قالَ الصّادقُ(عليه السلام): السُّجُودُ عَلَى‏ طِينِ‏ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) يُنَوِّرُ إِلَى الْأَرَضِينَ السَّبْعَة...»([[201]]). أيّ تربة هذه؟! وماذا حلّ بهذه التربة لتكون كذلك؟!

هذا هو الدرس الابتدائي للمطلب، فأين هو الدرس النهائي؟ الدرس النهائي تتضمّنه رواية ينقلها شيخ الطائفة ورئيس الملّة في كتابه «مصباح المتهجد» بسنده إلى معاوية بن عمار، وسند الشيخ إلى معاوية بن عمّار صحيح أعلائي، بمعنى أنّ أكثر الفقهاء احتياطاً يفتي طبقاً لهذا السند في أعقد المسائل الفقهية. هذا بالنسبة إلى السند، وأمّا بالنسبة إلى المتن فهو:

«كَانَ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) خَرِيطَةُ دِيبَاجٍ‏ صَفْرَاءُ»([[202]]). وثمة سرّ في لونها أيضاً، وهي مع الإمام(عليه السلام) لا تفارقه، وكان عمار يتساءل عما يمكن أن يكون فيها، حتّى حان وقت الصلاة، فإذا: «فِيهَا تُرْبَةُ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ صَبَّهُ عَلَى سَجَّادَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ».

من الذي فعل ذلك؟ إنّه الشخص الذي بلغ به الحمد لله تعالى أن قال: ما زلت أردّد الآية الشريفة، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)([[203]])، على قلبي حتّى سمعتُها من متكلّمها([[204]]).

فلمّا بلغ هذا المقام من القرب انتقل من ذلك الحمد إلى سورة التوحيد، ومنها إلى الركوع، ثمّ انتصب قائماً وهوى إلى السجود، وهو «منتهى القرب»!([[205]]) بنصّ القرآن الكريم، حيث خاطب النبيّ الكريم قائلاً: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)([[206]]).

فمثل هذا الشخص يسجد على تلك التربة، فتحيّر معاوية بن عمّار، وهل ثمة أحد أعرف بالإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) من معاوية بن عمّار؟ إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) لم يكن ليسجد من دون هذه الخريطة! نظر إليه الإمام(عليه السلام)، فعلم بما يدور في قلبه، فقال له جملة، سأنقلها لكم وأنهي الموضوع، وأنا مندهش أيضاً!

قال له: «إِنَّ السُّجُودَ عَلَى تُرْبَةِ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) يَخْرِقْ الْحُجُبَ السَّبْعَ»، فلا يُبقي هذا السجود شيئاً بين العبد والربّ. هذه هي تربة سيّد الشهداء(عليه السلام).

دماء نحر الحسين(عليه السلام) في أكفّ النبيّ

إن كانت هذه هي تربة قبر الحسين(عليه السلام)، فما بالك بالحسين(عليه السلام) نفسه؟ وأين دمه؟

ولم يكن هذا الأمر ليختصّ بطائفة دون طائفة، فقد كتب أهل السنّة والشيعة على حدٍّ سواء: لما أُريق دمه(عليه السلام) الطاهر لم يكن أهل المدينة ليعلموا بالواقعة، فإذا بصوت أُمّ سلمة ـ زوج النبيّ وأُمّ المؤمنين ـ يرتفع بالبكاء والنحيب، فهُرع إليها كبار الصحابة يسألونها عن السبب، فقالت: رأيت في المنام رسول الله شعثاً مذعوراً حاسر الرأس حافي القدمين!

هذا حال خاتم النبيين، فقد بعثرت المصيبة الكبرى قلب عالم الوجود على هذا النحو!

قالت أُم سلمة: قلت: ما لكَ يا رسول الله؟

فقال: شهدت قتل الحسين(عليه السلام)، وإنّني لموافٍ من عند مرقده!([[207]]) (الملحق:8).


الملاحق

(الملحق:1)

قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا(عليه السلام): «يُقَالُ لِلْعَابِدِ يَوْمَ‏ الْقِيَامَةِ: نِعْمَ الرَّجُلُ كُنْتَ هِمَّتُكَ ذَاتُ نَفْسِكَ، وَكَفَيْتَ النَّاسَ مَئُونَتَكَ، فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. إِلَّا أَنَّ الْفَقِيهَ مَنْ أَفَاضَ عَلَى النَّاسِ خَيْرَهُ، وَأَنْقَذَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ نِعَمَ جِنَانِ الله، وَحَصَلَ لَهُمْ رِضْوَانُ الله تَعَالَى. وَيُقَالُ لِلْفَقِيهِ: يَا أَيُّهَا الْكَافِلُ لِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدِ، الْهَادِي لِضُعَفَاءِ مُحِبِّيهِ وَمَوَالِيهِ، قِفْ حَتَّى تَشْفَعَ لِكُلِّ مَنْ أَخَذَ عَنْكَ أَوْ تَعَلَّمَ مِنْكَ. فَيَقِفُ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَمَعَهُ فِئَاماً وَفِئَاماً، حَتَّى قَالَ عَشْراً، وَهُمُ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْهُ عُلُومَهُ، وَأَخَذُوا عَمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَانْظُرُوا كَمْ فَرْقٌ‏ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليه السلام): ص344؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص9؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص56؛ ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي: ج1، ص19؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص118؛ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة في أصول الأئمة: ج1، ص603؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص5).

(الملحق:2)

ورد في دعاء العديلة: «...هذا بقيّة الله‏ في‏ خلقه‏، ووجه الله في عباده، ووديعته المستحفظة، وكلمته الباقية...هذا السبب المتّصل من الأرض إلى السماء، هذا الوجه الذي يتوجّه إليه الأولياء، هذا الوليّ الذي بيُمنه رُزق الورى، وببقائه بقيت الدنيا، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، هذا الحجّة من الحجج، هذا نسخة الوجود والموجود». (البُرسي، مشارق أنوار اليقين: ص157؛ المرندي، مجمع النورين: ص290).

وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال: قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَعُلُوِّ شَأْنِي، لَوْلَاكَ وَلَوْلَا عَلِيٌّ وَعِتْرَتُكُمَا الْهَادُونَ الْمَهْدِيُّونَ الرَّاشِدُونَ، مَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا الْمَكَانَ وَلَا الْأَرْضَ وَلَا السَّمَاءَ وَلَا الْمَلَائِكَةَ وَلَا خَلْقاً يَعْبُدُنِي‏...فَنَحْنُ‏ أَوَّلُ‏ خَلْقِ‏ الله، وَأَوَّلُ خَلْقٍ عَبَدَ اللَه وَسَبَّحَهُ، وَنَحْنُ سَبَبُ خَلْقِ الْخَلْقِ وَسَبَبُ تَسْبِيحِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْآدَمِيِّينَ، فَبِنَا عُرِفَ اللَهُ، وَبِنَا وُحِّدَ اللَهُ، وَبِنَا عُبِدَ اللَهُ، وَبِنَا أَكْرَمَ اللَهُ مَنْ أَكْرَمَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ». (السيّد هاشم البحراني، حلية الأبرار: ج1، ص13؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص17).

(الملحق:3)

من دعاء الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) في أوّل أيّام شهر رمضان: «...وَاغْفِرْ لِيَ‏ الذُّنُوبَ‏ الَّتِي‏ تُغَيِّرُ النِّعَمَ‏، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيلُ الْأَعْدَاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعَاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي يُسْتَحَقُّ بِهَا نُزُولُ الْبَلَاءِ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطَاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ‏». (الكليني، الكافي: ج4، ص72؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص102؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج3، ص96؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج1، ص115؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج86، ص299 و...).

(الملحق:4)

جاء في بعض الروايات: «...فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى‏ قُنْفُذٍ اضْرِبْهَا، فَأَلْجَأَهَا إِلَى عِضَادَةِ بَيْتِهَا، فَدَفَعَهَا فَكَسَرَ ضِلْعاً مِنْ جَنْبِهَا، وَأَلْقَتْ جَنِيناً مِنْ بَطْنِهَا، فَلَمْ تَزَلْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ شَهِيدَةً». (سُليم بن قيس الهلالي، كتاب سُليم: ص153؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص109؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص283؛ ج 43، ص198).

وروي: «فَرَفَعَ عُمَرُ السَّيْفَ وَهُوَ فِي‏ غِمْدِهِ، ‏ فَوَجَأَ بِهِ‏ جَنْبَهَا، فَصَرَخَتْ يَا أَبَتَاهُ». (سُليم بن قيس الهلالي، كتاب سُليم: ص150؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص269؛ ج 43، ص197). ‏

وروي أيضاً: «السَّلامُ عَلَيْكِ يا أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ... الْمَكْسُورِ ضِلْعُها». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص166؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص200).

وروي أنّ رسول الله قال: «... اللَّهُمَّ الْعَنْ‏ مَنْ‏ ظَلَمَهَا... وَخَلِّدْ فِي نَارِكَ مَنْ ضَرَبَ جَنْبَهَا [جَنْبَيْهَا]». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص176؛ عماد الدين الطبري، بشارة المصطفى: ص307؛ السيّد ابن طاووس، الطرائف: ص379؛ الحسن بن سلمان الحلّي، المحتضر: ص197؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص39؛ ج 43، ص173).

مصادر أهل السنّة: الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص35.

وروي أنّ المقداد قال لعمر: «لقد ذهبتْ بنتُ رسولِ اللهِ منَ الدنيا وكان الدَّمُ يخرجُ من ظهرها وجَنْبِها بسببِ ضربِكَ لها بالسيفِ والسوطِ». (عماد الدين الطبري، كامل البهائي: ص314).

وروي أيضاً: عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «... وَهِيَ لَا تَشُكُ‏ أَنْ‏ لَا يُدْخَلَ‏ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا، فَضَرَبَ عُمَرُ الْبَابَ بِرِجْلِهِ فَكَسَرَهُ...ثُمَّ دَخَلُوا». (العياشي، تفسير العياشي: ج2، ص67؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص185؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص227).

(الملحق:5)

قال سليمان بن يسار الهلالي: وُجد حجر مكتوب عليه:

لا بدّ أن تَرِدَ القيامةَ فاطمُ
‏وقميصُها
بدمِ‏ الحسينِ‏ ملطّخُ‏
ويلٌ لمن شفعاؤه خصماؤه‏
والصورُ في يوم القيامةِ ينفخُ‏

سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص: ج2، ص235؛ السمهودي، جواهر العقدين: ج3، ص388؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين، ص219؛ القندوزي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص46.

وروي أيضاً: «إنّ فاطمة تجيء يوم القيامة بيدها قميص أخضر، وبأخرى قميص أحمر، فتقول: يا ربِّ! انتصف من قتلة وُلدي، لمَ سُمَّ أحدهما وذُبح الآخر؟ فيحكم الله لها أوّلاً، يعني الحسن(عليه السلام) من معاوية، وثانياً من يزيد (لعنه الله)». (عماد الدين الطبري، كامل البهائي: ص518).

وذكر صاحب اللطائف: «إذا كان يوم القيامة تجيء فاطمة وبيدها اليمنى الحسن وبيدها اليسرى الحسين، وعلى كتفها الأيمن قميص الحسن ملطّخ بالسمّ، وعلى الأيسر قميص الحسين ملطّخ بالدم، فتنادي وتقول: ربّ احكم بيني وبين قاتلي وُلدي، فيأمر الله الزبانية فيقول لهم: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ)، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)». (المرعشي النجفي، شرح إحقاق الحقّ: ج26، ص304، نقلاً عن كتاب التِّبْرُ المذاب).

وَرُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ(عليه السلام) قَالَ:‏ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى:‏ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ‏ وَنَكِّسُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ الصِّرَاطَ. قَالَ: فَتَغُضُّ الْخَلَائِقُ أَبْصَارَهُمْ، فَتَأْتِي فَاطِمَةُ÷ عَلَى نَجِيبٍ مِنْ نُجُبِ الْجَنَّةِ، يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَتَقِفُ مَوْقِفاً شَرِيفاً مِنْ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ تَنْزِلُ عَنْ نَجِيبِهَا، فَتَأْخُذُ قَمِيصَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘ بِيَدِهَا مُضَمَّخاً بِدَمِهِ، وَتَقُولُ: يَا رَبِّ! هَذَا قَمِيصُ وَلَدِي وَقَدْ عَلِمْتَ مَا صُنِعَ بِهِ. فَيَأْتِيهَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللهِ}: يَا فَاطِمَةُ! لَكِ عِنْدِي الرِّضَا. فَتَقُولُ: يَا رَبِّ! انْتَصِرْ لِي مِنْ قَاتِلِهِ، فَيَأْمُرُ اللَهُ تَعَالَى عُنُقاً مِنَ النَّارِ، فَتَخْرُجُ مِنْ جَهَنَّمَ، فَتَلْتَقِطُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الْحَبَّ، ثُمَّ يَعُودُ الْعُنُقُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، فَيُعَذَّبُونَ فِيهَا بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، ثُمَّ تَرْكَبُ فَاطِمَةُ÷ نَجِيبَهَا حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَمَعَهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُشَيِّعُونَ لَهَا، وَذُرِّيَّتُهَا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَأَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ النَّاسِ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا». (الشيخ المفيد، الأمالي: ص130؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص224).

وروي أيضاً: قال ابن نما: «وَرَأَتْ‏ سُكَيْنَةُ فِي‏ مَنَامِهَا وَهِيَ بِدِمَشْقَ كَأَنَّ خَمْسَةَ نُجُبٍ مِنْ نُورٍ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَعَلَى كُلِّ نَجِيبٍ شَيْخٌ، وَالْمَلَائِكَةُ مُحْدِقَةٌ بِهِمْ، وَمَعَهُمْ وَصِيفٌ يَمْشِي، فَمَضَى النُّجُبُ وَأَقْبَلَ الْوَصِيفُ إِلَيَّ وَقَرُبَ مِنِّي وَقَالَ: يَا سُكَيْنَةُ! إِنَّ جَدَّكِ يُسَلِّمُ عَلَيْكِ. فَقُلْتُ: وَعَلَى رَسُولِ الله السَّلَامُ، يَا رَسُولَ رَسُولِ الله! مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: وَصِيفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجَنَّةِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْمَشِيخَةُ الَّذِينَ جَاؤوا عَلَى النُّجُبِ؟ قَالَ: الْأَوَّلُ آدَمُ صَفْوَةُ الله، وَالثَّانِي إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الله، وَالثَّالِثُ مُوسَى كَلِيمُ الله، وَالرَّابِعُ عِيسَى رُوحُ الله. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الْقَابِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ يَسْقُطُ مَرَّةً وَيَقُومُ أُخْرَى؟ فَقَالَ: جَدُّكِ رَسُولُ الله’. فَقُلْتُ: وَأَيْنَ هُمْ قَاصِدُونَ؟ قَالَ: إِلَى أَبِيكِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام). فَأَقْبَلْتُ أَسْعَى فِي طَلَبِهِ لِأُعَرِّفَهُ مَا صَنَعَ بِنَا الظَّالِمُونَ بَعْدَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ خَمْسَةُ هَوَادِجَ مِنْ نُورٍ، فِي كُلِّ هَوْدَجٍ امْرَأَةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ النِّسْوَةُ الْمُقْبِلَاتُ؟ قَالَ: الْأُولَى حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ، وَالثَّانِيَةُ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ، وَالثَّالِثَةُ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَالرَّابِعَةُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَالْخَامِسَةُ الْوَاضِعَةُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا تَسْقُطُ مَرَّةً وَتَقُومُ مَرَّةً وَتَقُومُ أُخْرَى. فَقُلْتُ: مَنْ؟ فَقَالَ: جَدَّتُكِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ’ أُمُّ أَبِيكِ. فَقُلْتُ: وَالله لَأُخْبِرَنَّهَا مَا صُنِعَ بِنَا، فَلَحِقْتُهَا وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهَا أَبْكِي وَأَقُولُ: يَا أُمَّتَاهْ! جَحَدُوا وَالله حَقَّنَا، يَا أُمَّتَاهْ! بَدَّدُوا وَالله شَمْلَنَا، يَا أُمَّتَاهْ! اسْتَبَاحُوا وَالله حَرِيمَنَا، يَا أُمَّتَاهْ! قَتَلُوا وَالله الْحُسَيْنَ أَبَانَا. فَقَالَتْ: كُفِّي صَوْتَكِ يَا سُكَيْنَةُ، فَقَدْ أَقْرَحْتِ كَبِدِي وَقَطَعْتِ نِيَاطَ قَلْبِي، هَذَا قَمِيصُ أَبِيكِ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) مَعِي، لَا يُفَارِقُنِي حَتَّى أَلْقَى اللَهَ بِهِ. ثُمَّ انْتَبَهْتُ وَأَرَدْتُ كِتْمَانَ ذَلِكَ الْمَنَامَ، وَحَدَّثْتُ بِهِ أَهْلِي فَشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ». (ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص84؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص109 (ملخّصاً)؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص141؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص441).

(الملحق:6)

«بَيْنَمَا فَاطِمَةُ جَالِسَةٌ، إِذَا أَقْبَلَ أَبُوهَا حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ حَزِينَةً؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! وَكَيْفَ لَا أَحْزَنُ، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُفَارِقَنِي؟ فَقَالَ لَهَا: يَا فَاطِمَةُ! لَا تَبْكِي وَلَا تَحْزَنِي، وَلَا بُدَّ مِنْ فِرَاقِكِ. قَالَ: فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ! أَيْنَ أَلْقَاكَ؟ فَقَالَ: تَلْقَيْنَنِي عَلَى حَمْلِ لِوَاءِ الْحَمْدِ، أَشْفَعُ لِأُمَّتِي. قَالَتْ: يَا أَبَتِ! وَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ؟ قَالَ: تَلْقَيْنَنِي عِنْدَ الصِّرَاطِ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِي، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِي، وَإِسْرَافِيلُ آخِذٌ بِحُجْزَتِي‏، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خَلْفِي وَأَنَا أُنَادِي [أقولُ]: أُمَّتِي أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُهَوِّنُ اللَهُ عَنْهُمُ الْحِسَابَ، ثُمَّ أَنْظُرُ يَمِيناً وَشِمَالاً إِلَى أُمَّتِي وَكُلُّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشْتَغِلٌ بِنَفْسِهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ! نَفْسِي نَفْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي أُمَّتِي، فَأَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ». (ابن شاذان، الفضائل: ص121؛ شاذان بن جبرئيل القمّي، الروضة في فضائل أمير المؤمنين: ص92).

مصادر أهل السنّة: ابن المغازلي، مناقب علي بن أبي طالب: ص243.

وورد في حديث الشفاعة: «...فقال [الله] لي: يا محمّد! ارفع رأسك وقل يُسمع لك، وسلْ تُعطه، واشفع تُشفع، فأقول: يا ربّ! أمّتي أمّتي. فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من برّة أو شعير من إيمان فأخرجه منها. فأنطلق فأفعل، ثمّ أرجع إلى ربّي [أعوده] فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجداً. فيقال: يا محمّد! ارفع رأسك وقل يُسمع لك، وسلْ تُعطَ، واشفع تُشفع، فأقول: يا ربّ! أمّتي أمّتي. فيقال: انطلق فمن في قلبه مثقال حبّة من خردلة من إيمان فأخرجه منها. فأنطلق فأفعل، ثمّ أعود إلى ربّي، فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجداً فيقال: يا محمّد! ارفع رأسك، وقل يُسمع، وسلْ تُعطَ، واشفع تُشفع، فأقول: يا ربّ! أمّتي أمّتي، فيقول: انطلق من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردلة من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل».

مصادر أهل السنّة: البخاري، صحيح البخاري: ج8، ص201؛ مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1، ص126؛ الموصلي، مسند أبي يعلى: ج7، ص311؛ الباقلاني، تمهيد الأوائل: ص417؛ ابن عبد البرّ، التمهيد: ج19، ص66 و...

(الملحق:7)

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ(عليه السلام) قَالَ: «سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تُقْبِلُ ابْنَتِي فَاطِمَةُ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ‏ نُوقِ‏ الْجَنَّةِ، مُدَبَّجَةَ الْجَنْبَيْنِ، خَطْامُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ رَطْبٍ، قَوَائِمُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ، ذَنَبُهَا مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، عَيْنَاهَا يَاقُوتَتَانِ حَمْرَاوَانِ، عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ نُورٍ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، دَاخِلُهَا عَفْوُ الله وَخَارِجُهَا رَحْمَةُ الله، عَلَى رَأْسِهَا تَاجٌ مِنْ نُورٍ، لِلتَّاجِ سَبْعُونَ رُكْناً، كُلُّ رُكْنٍ مُرَصَّعٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، يُضِي‏ءُ كَمَا يُضِي‏ءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَعَنْ يَمِينِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، وَعَنْ شِمَالِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، وَجَبْرَئِيلُ آخِذٌ بِخِطَامِ النَّاقَةِ، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَلَا رَسُولٌ وَلَا صِدِّيقٌ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ، فَتَسِيرُ حَتَّى تُحَاذِيَ عَرْشَ رَبِّهَا جَلَّ جَلَالُهُ، فَتَزُجُّ بِنَفْسِهَا عَنْ نَاقَتِهَا وَتَقُولُ: إِلَهِي وَسَيِّدِي! احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَنِي، اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ قَتَلَ وُلْدِي. فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ الله جَلَّ جَلَالُهُ: يَا حَبِيبَتِي وَابْنَةَ حَبِيبِي! سَلِينِي تُعْطَيْ وَاشْفَعِي تُشَفَّعِي، فَوَ عِزَّتِي وَجَلَالِي لَا جَازَنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ. فَتَقُولُ: إِلَهِي وَسَيِّدِي! ذُرِّيَّتِي وَشِيعَتِي وَشِيعَةَ ذُرِّيَّتِي وَمُحِبِّيَّ وَمُحِبِّي ذُرِّيَّتِي. فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ الله جَلَّ جَلَالُهُ: أَيْنَ ذُرِّيَّةُ فَاطِمَةَ وَشِيعَتُهَا وَمُحِبُّوهَا وَمُحِبُّو ذُرِّيَّتِهَا؟ فَيُقْبِلُونَ وَقَدْ أَحَاطَ بِهِمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَتَقْدُمُهُمْ فَاطِمَةُ÷ حَتَّى تُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص69؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص148؛ عماد الدين الطبري، بشارة المصطفى: ص43؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص108؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص219؛ ومع اختلاف يسير في المصادر التالية: شاذان بن جبرئيل القمّي، الفضائل: ص11، عبارته: «عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ نُورٍ يُرَى بَاطِنُهَا مِنْ‏ ظَاهِرِهَا وَظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ عَفْوِ الله، وَظَاهِرُهَا مِنْ رَحْمَةِ الله»‏).

کما رُوي عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ(عليه السلام)، قَالَ:‏ قَالَ جَابِرٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ [(عليه السلام)]: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ الله حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ فِي فَضْلِ جَدَّتِكَ فَاطِمَةَ [‘] إِذَا أَنَا حَدَّثْتُ بِهِ الشِّيعَةَ فَرِحُوا بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عليه السلام): «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ رَسُولِ الله قَال‏:...فَيَقُولُ اللَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ! إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ‏ الْكَرَمَ‏ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ، يَا أَهْلَ الْجَمْعِ! طَأْطِئُوا الرُّءُوسَ وَغُضُّوا الْأَبْصَارَ، فَإِنَّ هَذِهِ فَاطِمَةُ تَسِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهَا جَبْرَئِيلُ بِنَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ مُدَبَّجَةَ الْجَنْبَيْنِ، خِطَامُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ الْمُحَقَّقِ الرَّطْبِ، عَلَيْهَا رَحْلٌ مِنَ الْمَرْجَانِ، فَتُنَاخُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَتَرْكَبُهَا، فَيَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهَا مِئَةَ أَلْفِ مَلَكٍ فَيَصِيرُوا عَلَى يَمِينِهَا، وَيَبْعَثُ إِلَيْهَا مِئَةَ أَلْفِ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِها، وَيَبْعَثُ إِلَيْهَا مِئَةَ أَلْفِ مَلَكٍ يَحْمِلُونَهَا عَلَى أَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يُصَيِّرُوهَا عَلَى‏ بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا صَارَتْ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ تَلْتَفِتُ فَيَقُولُ اللَهُ: يَا بِنْتَ حَبِيبِي مَا الْتِفَاتُكِ وَقَدْ أَمَرْتُ بِكِ إِلَى جَنَّتِي [الْجَنَّةِ] فَتَقُولُ: يَا رَبِّ أَحْبَبْتُ أَنْ يُعْرَفَ قَدْرِي فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فَيَقُولُ اللَهُ [تَعَالَى‏]: يَا بِنْتَ حَبِيبِي ارْجِعِي فَانْظُرِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حُبٌّ لَكِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكِ خُذِي بِيَدِهِ فَأَدْخِلِيهِ الْجَنَّةَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالله يَا جَابِرُ إِنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ لَتَلْتَقِطُ شِيعَتَهَا وَمُحِبِّيهَا كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الْحَبَّ الْجَيِّدَ مِنَ الْحَبِّ الرَّدِيِّ فَإِذَا صَارَ شِيعَتُهَا مَعَهَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ يُلْقِي اللَهُ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَلْتَفِتُوا فَإِذَا الْتَفَتُوا يَقُولُ [فَيَقُولُ‏] اللَهُ: يَا أَحِبَّائِي مَا الْتِفَاتُكُمْ وَقَدْ شَفَعَتْ فِيكُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ حَبِيبِي فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ أَحْبَبْنَا أَنْ يُعْرَفَ قَدْرُنَا فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فَيَقُولُ اللَهُ: يَا أَحِبَّائِي ارْجِعُوا وَانْظُرُوا مَنْ أَحَبَّكُمْ لِحُبِّ فَاطِمَةَ انْظُرُوا مَنْ أَطْعَمَكُمْ لِحُبِّ فَاطِمَةَ انْظُرُوا مَنْ كَسَاكُمْ لِحُبِّ فَاطِمَةَ انْظُرُوا مَنْ سَقَاكُمْ شَرْبَةً فِي حُبِّ فَاطِمَةَ انْظُرُوا مَنْ رَدَّ عَنْكُمْ غِيبَةً فِي حُبِّ فَاطِمَةَ خُذُوا بِيَدِهِ وَأَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالله لَا يَبْقَى فِي النَّاسِ إِلَّا شَاكٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مُنَافِق‏ [فِي وِلايَتِنَا]». (فرات بن إبراهيم الكوفي، تفسير فرات الكوفي: ص298؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج8، ص51؛ ومع اختلاف يسير في: القاضي نعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص62).

(الملحق:8)

عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ÷ قَالَ‏: «أَصْبَحَتْ يَوْماً أُمُّ سَلَمَةَ (رَحِمَهَا اللَهُ) تَبْكِي، فَقِيلَ‏ لَهَا: مِمَّ‏ بُكَاؤُكِ‏؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) اللَّيْلَةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّنِي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله’ مُنْذُ قُبِضَ إِلَّا اللَّيْلَةَ، فَرَأَيْتُهُ شَاحِباً كَئِيباً. قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ الله شَاحِباً كَئِيباً؟ قَالَ: مَا زِلْتُ اللَّيْلَةَ أَحْفِرُ قُبُوراً لِلْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ (عَلَيهِ وَعَلَيهِمُ السَّلامُ)». (الشيخ المفيد، الأمالي: ص319؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص90؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص230).

‏وَرَوَى أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَنَسٍ، وَالْغَزَالِيُّ فِي كِيمِيَاءِ السَّعَادَةِ، وَابْنُ بُطَّةَ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ طَرِيقاً، وَابْنُ حُبَيْشٍ التَّمِيمِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ‏، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي‏ إِذْ سَمِعْتُ‏ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ تَقُولُ: يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! أَسْعِدْنَنِي وَابْكِينَ مَعِي، فَقَدْ قُتِلَ سَيِّدُكُنَّ. فَقِيلَ: وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله السَّاعَةَ فِي الْمَنَامِ شَعِثاً مَذْعُوراً، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنِي الْحُسَيْنُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فَدَفَنْتُهُمْ. قَالَتْ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّتِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ، وَقَالَ: إِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكَ، فَأَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ فَقَالَ: اجْعَلِيهَا فِي زُجَاجَةٍ، فَلْيَكُنْ عِنْدَكِ، فَإِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً يَفُورُ». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص213؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص227؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص507).

ورُوي: «أَخْبَرَنَا ابْنُ خُشَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْجُعْفِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَوْثُ بْنُ مُبَارَكٍ الْخَثْعَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ’، فَخَرَجْتُ يَتَوَجَّهُ بِي قَائِدِي إِلَى مَنْزِلِهَا، وَأَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمـُؤْمِنِينَ! مَا بَالُكِ تصرِخِينَ وَتَغُوثِينَ؟ فَلَمْ تُجِبْنِي، وَأَقْبَلَتْ عَلَى النِّسْوَةِ الْهَاشِمِيَّاتِ وَقَالَتْ: يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! أَسْعِدْنَنِي وَابْكِينَ مَعِي، فَقَدْ وَالله قُتِلَ سَيِّدُكُنَّ وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَدْ وَالله قُتِلَ سِبْطُ رَسُولِ الله وَرَيْحَانَتُهُ الْحُسَيْنُ. فَقِيلَ: يَا أُمَّ الْمـُؤْمِنِينَ! وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله’ فِي الْمَنَامِ السَّاعَةَ شَعِثاً مَذْعُوراً، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ الْيَوْمَ فَدَفَنْتُهُمْ، وَالسَّاعَةَ فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِهِمْ. قَالَتْ: فَقُمْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَأَنَا لَا أَكَادُ أَنْ أَعْقِلَ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّتِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ، فَقَالَ: إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكَ، وَأَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ’، فَقَالَ: اجْعَلِي هَذِهِ التُّرْبَةَ فِي زُجَاجَةٍ ـ أَوْ قَالَ: فِي قَارُورَةٍ ـ وَلْتَكُنْ عِنْدَكِ، فَإِذَا صَارَتْ دَماً عَبِيطاً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ وَقَدْ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً تَفُورُ. قَالَ: وَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَلَطَخَتْ بِهِ وَجْهَهَا، وَجَعَلَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَأْتَماً وَمَنَاحَةً عَلَى الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَجَاءَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ: قَالَ أَبِي: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ‘ مَنْزِلَهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَذَكَرْتُ لَهُ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عليه السلام): حَدَّثَنِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ رَأَيْتُ رَسُولَ الله’ فِي مَنَامِي أَغْبَرَ أَشْعَثَ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ، فَقَالَ لِي: أَلَمْ تَعْلَمِي أَنِّي فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِ الْحُسَيْنِ وأَصْحَابِهِ». (الشيخ الطوسي، الأمالي: ص315؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص231؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص507).

ورُويَ أيضاً: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ‏ خَرَجَ رَسُولُ الله’ مِنْ عِنْدِنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَغَابَ‏ عَنَّا طَوِيلاً، ثُمَّ جَاءَنَا وَهُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَيَدُهُ مَضْمُومَةٌ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! مَا لِي أَرَاكَ شُعْثاً مُغْبَرّاً؟ فَقَالَ: أُسْرِيَ بِي فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْعِرَاقِ يُقَالُ لَهُ كَرْبَلَاءُ، فَأُرِيتُ فِيهِ مَصْرَعَ الْحُسَيْنِ ابْنِي وَجَمَاعَةٍ مِنْ وُلْدِي وَأَهْلِ بَيْتِي، فَلَمْ أَزَلْ أَلْقِطُ دِمَاءَهُمْ فَهَا هِيَ فِي يَدِي. وَبَسَطَهَا إِلَيَّ فَقَالَ: خُذِيهَا وَاحْتَفِظِي بِهَا، فَأَخَذْتُهَا فَإِذَا هِيَ شِبْهُ تُرَابٍ أَحْمَرَ، فَوَضَعْتُهُ فِي قَارُورَةٍ وَسَدَدْتُ رَأْسَهَا وَاحْتَفَظْتُ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) منْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْعِرَاقِ كُنْتُ أُخْرِجُ تِلْكَ الْقَارُورَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَأَشَمُّهَا وَأَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَبْكِي لِمُصَابِهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ ـ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ(عليه السلام) ـ أَخْرَجْتُهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَهِيَ بِحَالِهَا، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهَا آخِرَ النَّهَارِ فَإِذَا هِيَ دَمٌ عَبِيطٌ، فَصِحْتُ فِي بَيْتِي وَبَكَيْتُ وَكَظَمْتُ غَيْظِي مَخَافَةَ أَنْ يَسْمَعَ أَعْدَاؤُهُمْ بِالْمَدِينَةِ فَيُسْرِعُوا بِالشَّمَاتَةِ، فَلَمْ أَزَلْ حَافِظَةً لِلْوَقْتِ حَتَّى جَاءَ النَّاعِي يَنْعَاهُ فَحَقَّقَ مَا رَأَيْتُ». (الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص130؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، 428؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص193؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج2، ص217؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص239؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص127).

المحاضرة العاشرة

سقي شجرة المعرفة والعبادة

 بدم الإمام الحسين(عليه السلام)

كانون الأوّل2007م= ذو الحجّة1428هـ

جوهر العمر والحياة

إنّ أعمالكم ثمينة، فعلينا أن ندرك كيف يمكن أن نستفيد من كلّ لحظة من لحظات عمرنا؟

ليس في عالم الوجود جوهرة أغلى ثمناً من حياة الإنسان، غاية الأمر يجب أن نعرف أنّ هذا الماء الذي يجري في نهر الحياة، هل تُسقى به الأشواك لتنبت الطَّلْح؟ أو يروى به العشب والكلأ، لتنمو به نباتات ترعاها الحيوانات؟ أو يتحوّل إلى أزهار وورود يُعتصر منها ماء الورد، وتستخلص منها عطور يستنشق أريجها أولياء الله؟! هكذا يُصرف ماء الحياة.

كذلك هي أعمارنا، فإنّ مياه أعمار البشرية هذه قد صرف كلّ منها لإرواء شجرة، فمياه حياة عمر بن سعد قد ضاعت هباء تحت شجرة خبيثة، أمّا حبيب بن مظاهر فمياه حياته قد سكبت تحت شجرة طيبة.

معرفة الإمام الحسين(عليه السلام) فوق إدراك العظماء

إنّنا لم ندرك بعدُ ما هي حقيقة قضية سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ ومن هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ فالنطق بهذه الكلمة سهل، بيد أنّ إدراكها يعجز عنه عظماء العالم.

من هنا، قال الآخوند الخراساني+، أُستاذ جميع الفقهاء المتأخّرين، والنابغة في جميع علوم الحوزة العلمية الشيعية، عندما شوهد في المنام: حينما كنّا في الحياة الدنيا لم نعِ من هو الحسين بن عليّ÷، فلمّا انتقلنا إلى عالم البرزخ عرفنا ما هي حقيقة الأمر! فإن كان مثل الآخوند الخراساني+ ـ الذي يعدّ تلامذته من أعلام المجتهدين وفقهاء التشيّع ـ قاصراً عن معرفته(عليه السلام)، فما بالك بالآخرين؟ وعليه، يجب التأمّل في هذا الأمر؛ لما له من أهمّية بالغة!

ما كُتب عن يمين العرش

إنّ ليلة المعراج تضج بالعظمة! حيث يسبّح الله تعالى نفسه في القرآن الكريم ذاكراً إسراء النبيّ الخاتم: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)([[208]]). ثمّ إنّه عرج بنبيه الكريم من هنا إلى حيث: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)([[209]])، ثمّ بلغ مقاماً عجز جبرئيل أن يبلغه([[210]]) (الملحق:1). وبعدما اجتاز السماوات، وخرق جميع الحجب، وبعد عبور الكرسي واللوح والقلم والوصول إلى العرش، رأى مكتوباً عن يمينه: «إنَّ الحُسينَ مِصباحُ‏ الهُدى‏ وَسَفينةُ النَّجاةِ»([[211]]).

أيّ مقام هذا؟ وأيّ مرتبة هذه؟ فيا لها من جملة مدهشة، وهي عن يمين العرش، فما إن وقعت عينا النبيّ على ما كُتب حول العرش حتّى شاهد العرش مزيّناً باسم سيّد الشهداء(عليه السلام)! فما الذي فعله(عليه السلام)؟ وأيّ يوم هو يوم عاشوراء؟!

الغاية من الخلقة

إنّ جميع عالم الخلقة وكلّ هذه المنظومات والمجرّات إنّما خُلقت جميعاً لغاية واحدة هو: «كُنْتُ كَنْزاً مَخْفِيّاً، فَأَحْبَبْتُ أَنْ اعْرَفَ، فَخَلَقْتُ الخَلْقَ لِكَي أُعْرَفَ‏»([[212]]).

فعالم الخلقة برمّته مقدّمة لكلمتين: الأُولى: المعرفة، والثانية: العبادة([[213]]).

و الإنسان هو من تقع هذه الأمانة على عاتقه، قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)([[214]]) (الملحق:2). وتلك الأمانة الكبرى يجب أن تؤدّى على يد الإنسان.

إنّ الهدف من بعثة مئة وأربعة وعشرين ألف نبيّ هو البلوغ بعالم الخلقة إلى مقام معرفة الله وعبادة الله، والحسين بن عليّ÷ هو ذلك الشخص الذي سقى بدم نحره شجرة معرفة الله وعبادته؛ لتبقى مثمرة معطاءة إلى الأبد([[215]]). هذا ما قام به الإمام الحسين(عليه السلام)! وهذه هي القضية التي يحير عندها عقل كلّ حكيم وإدراك كلّ فقيه.

وسند هذه الرواية من الصحة بحيث يفتي على ضوئه في الأحكام الإلهية كلّ مجتهد كامل كالشيخ الأنصاري، فمثل هذه الرواية يُعدّ مستنداً للفقهاء العظام، وعليكم أن تتأمّلوا في هذه الرواية؛ لتعرفوا معنى هذه الجملة.

في حسرة الزيارة

قال الإمام(عليه السلام) في هذا الحديث: «لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ»، أي جميع الملائكة بلا استثناء، وأردف(عليه السلام): «وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ»، أي آدم(عليه السلام) مع ما له من مقام صفيّ الله، ونوح(عليه السلام) مع ما له من مقام نجيّ الله، وإبراهيم(عليه السلام) مع ما له من منصب خليل الله، وموسى(عليه السلام) مع ما له من مقام كليم الله، وعيسى(عليه السلام) بما يمتلك من موهبة روح الله؛ إنّ جميع الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين يسألون الله تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين بن عليّ÷([[216]]).

إنّها لكلمة يتحيّر عندها عقل كلّ حكيم! وإنّ عملكم لهو كذلك؛ لأنّكم تقيمون العزاء على من بكى عليه: «مَا يُرَى ومَا لَا يُرَى»([[217]])، وترفعون راية العزاء على من أقام الذات الإلهية المقدّسة له أوّل مجلس عزاء ([[218]])، (الملحق:3). فالمقام مثل هذا المقام، والعمل مثل هذا العمل! من هنا ينبغي أن تعرفوا ماذا تفعلون؟ وما هي طبيعة عملكم؟

شفاء عين آية اللّه البروجردي بتراب قدم زائر الإمام الحسين(عليه السلام)

من المعروف أنّ السيّد البروجردي+ فقيه متبحّر في الفقه، وقد عُرف في عالم التشيّع بدقّة الآراء العلمية والفقاهة، مثل هذه الشخصية هو صاحب القضية التالية، وسنعرف منها حقيقة ما حدث:

كان هذا السيّد الجليل حتّى التسعين من عمره يقرأ أدقّ الخطوط دون أن يستعين بالنظارة، ولما سئل عن سبب ذلك أجاب: أُصبتُ فيما مضى بألم في عيني، وباءت جميع محاولات العلاج بالفشل، فلم أجد بدّاً من زيارة سيّد الشهداء(عليه السلام)، ولمّا وصلتُ البصرة. كان هناك بعض العرب من سكان البادية، يأتون مشياً على الأقدام لزيارة سيّد الشهداء(عليه السلام) في يوم الأربعين، فيستقلّون القطار من هناك إلى بغداد، ثمّ يستأنفون المشي إلى كربلاء.

قال السيّد البروجردي: ركبت القطار المتّجه إلى بغداد، وكان مكتظاً بالركاب، فنام بعض هؤلاء البدو في الممرّات. تأمّلوا الآن في المعرفة، إنّها معرفة يتمتّع بها مثل هذا الرجل، فقد كان على علم بالأُمور!

قال: بينا كان أحدهم نائماً إذ مددتُ يدي إلى قدمه، وأخذت شيئاً من الطين العالق بين أصابع قدمه، ثمّ مسحتُ به عيني، وما إن فعلتُ ذلك حتّى زال عنها الداء، ومنذ ذلك الحين لم أحتج إلى نظارة.

المدهش في الأمر هو أنّ ذلك البدوي عندما يضع قدمه الحافية في الوحل على محبّة الحسين(عليه السلام) يغدو الطين العالق بين أصابعه علاجاً لداء في عين مرجع من مراجع التقليد، إنّ هذه المسألة لا تخضع لأيّ قانون طبي من وجهة نظر القوانين الطبيعية، فأيّ قدرة هذه التي عطّلت جميع قوانين الطبيعة؟!

التسجيل في سجل المعزّين على الإمام الحسين(عليه السلام)

المهم أن تكونوا يقظين دائماً، فتسجيل الاسم في دفتره(عليه السلام) أمر في غاية الصعوبة؛ إذ يتطلّب مرتبة عالية جدّاً من الخلوص والطهارة في العمل!

فالموكب هو موكب القرب الإلهي، وباب الله الأعظم([[219]]) (الملحق:4)، وفدائي التوحيد والمعرفة وعبادة الله جلّ وعلا، فهذا الوجود المقدّس هو خيرة عالم الخلقة، وليس من اليسير أن يجد الإنسان موضع قدم في مثل هذا الموكب.

يجدر بي أن أذكر لكم قضية عجيبة جدّاً: كان المرحوم السيّد عبد الهادي الشيرازي من أعلام النجف ومراجعه، حيث انتهت إليه المرجعية العامّة بعد السيّد البروجردي، وقد رأيتُ في مجلس درسه خمسة من كبار المجتهدين المسلّم لهم بالاجتهاد، على الرغم من كونه ضريراً، هكذا كانت منزلته العلمية، أمّا من الناحية العملية فقد كان موضع ثقة لدى جميع كبار العلماء، وقد عاد إلى النجف بعد أن أجريت له عملية جراحية في عينيه فقد على إثرها بصره، وقد كان أخو زوجته، وهو المرحوم السيّد جعفر، من كبار المحسنين وأهل الفضل والتقوى، قدم إلى إيران وتوفي فيها، فبلغنا خبر وفاته، وكنت حينها إلى جانب السيّد عبد الهادي الشيرازي+، فمال برأسه إلى أُذني وقال: طالما كان السيّد جعفر على قيد الحياة لم أُخبر أحداً بهذه القضية، أمّا وأنّه قد رحل الآن فإنّي سأذكرها.

   عندما قال ذلك انشددت إلى ما يقول؛ لأنّ كلّ كلمة كان يقولها كانت محسوبة ومدروسة، فلا تخرج من فيه كلمة إلّا وهي في غاية الدقّة العلمية والعملية، وقد وقفنا على أهمّية تلك القضية التي لم يفصح عنها من قبل ويريد أن يبوح بها الآن، فقال:

كانت الليلة الأولى من ليالي المحرم، وكنت حينها نائماً. .

والرؤيا إن كانت لشخص مثل السيّد عبد الهادي الشيرازي فحري بنا أن نعرف ما هي؟

قال: رأيت شخصاً جاء ومعه كرسيان، فوضعهما في الفناء ومضى، فنظرت فرأيت سيّد الشهداء(عليه السلام) والعباس(عليه السلام) قد أقبلا وجلسا على هذين الكرسيين، ففتح العباس(عليه السلام) دفتراً بين يدي سيّد الشهداء(عليه السلام).

قال المرحوم الشيرازي: نظرتُ إلى الدفتر وإذا بي أرى اسماً في أعلى الصفحة، فقال الإمام الحسين(عليه السلام) للعبّاس(عليه السلام): اشطب هذا الاسم، فشطبه، ثمّ قال له: اكتب بدلاً منه اسم السيّد جعفر، فكتبه، ثمّ أغلق الدفتر، ثمّ تقدّم سيّد الشهداء(عليه السلام) ذاهباً، فتبعه العبّاس(عليه السلام).

فاستيقظتُ من هول هذه الرؤيا، ولزمت مكاني مستيقظاً حتّى الصباح، متسائلاً: أيّ رؤيا كانت تلك الرؤيا؟ وما هي حقيقة الأمر؟ فبقيت رهن الحيرة والانتظار حتّى يأتي السيّد فأسأله عن ذلك، فلمّا طلع الصباح جاء السيّد جرياً على عادته في كلّ يوم، فقلت له: يا سيّد جعفر، إنّني لم أذق النوم إلى الصباح منذ البارحة، فقد رأيت هذه الرؤيا، فما هو الأمر؟ 

 ما إن قلت ذلك حتّى تغيّر حال السيّد، وقال: كلّ ما أعرفه هو أنّني ذهبت البارحة كعادتي في كلّ ليلة لزيارة مرقد أمير المؤمنين(عليه السلام)، وبينا أنا خارج من الحرم حدّثت نفسي متسائلاً: لطالما بكيتُ على سيّد الشهداء(عليه السلام)، غير أنّني لم أُبكِ عليه أحداً، فتألمت لأنّي حُرمتُ من ذلك الفيض، على أنّي لا أجيد الخطابة وارتقاء المنبر من جهة أخرى، ولا أحسن قراءة المقتل.

أحزنني هذا التفكير، وذهبت أطرق أبواب الأصدقاء، من باب إلى باب، لأجد مقتلاً لسيّد الشهداء(عليه السلام)، فأمضي به وأجمع زوجتي وأطفالي وأقرأ لهم العزاء في عشرة المحرم هذه، فتكون لي ولو خطوة في هذا الطريق، وكان لدى أحد الرفاق كتاب «جلاء العيون» للعلّامة المجلسي، فأخذته منه وانطلقت به البارحة إلى بيتي، فجمعت زوجتي وأطفالي وقلت لهم: من الليلة إلى ليلة عاشوراء سأقرأ لكم مجلس عزاء الإمام الحسين(عليه السلام)، فاستمعوا إلي. هذا كلّ ما عملته!

تأمّلوا: ففي تلك الليلة يرى المرحوم السيّد عبد الهادي الشيرازي+ تلك الرؤيا، ومن هو ذلك المنكوب الذي شُطب اسمه من دفتر الإمام(عليه السلام)؟ لست أدري! على أنّ السيّد قال: رأيتُ اسماً مكتوباً، فقال الإمام الحسين(عليه السلام) للعبّاس(عليه السلام): اشطبه، فشطبه. ولما كنتُ أعلم أنّ هذا الأمر مما لا يمكن أن يقال، لم أسأله عن ذلك الاسم، كما أنّ السيّد لم يذكره؛ إذ إنّه:

كلُّ من أُطلِع على أسرارِ الحق   

خِيطَ فمُه وخُتِمَ بالشمع([[220]])

فمن هو صاحب ذلك الاسم الذي شطب عليه يا ترى؟ الله العالم بذلك، لكنّ الاسم الذي سُجّل بدلاً منه هو اسم السيّد جعفر.

والنتيجة: أنّ العمل لو اقترن بالتقوى، على أن تكون التقوى والإخلاص مثل تقوى السيّد جعفر وإخلاصه، فسيُكتب الاسم في ذلك الدفتر منذ الليلة الأولى، كما أنّ نتيجة الإقدام على الخطأ كذلك.

أهمّية مواكب العزاء

ينبغي لكم جميعاً أن تتحلّوا باليقظة، فهذا المنصب مهم للغاية، ستُكتب أسماؤكم في دفتر سيّد الشهداء(عليه السلام) أوّلاً، ثمّ في دفتر الصديقة الكبرى‘.

ولا بدّ أن تعلموا أنّ إقامة مواكب العزاء في يوم استشهاد الصديقة الكبرى‘ بمثابة بلسم لجراح أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقد دفن(عليه السلام) تلك الجنازة في جوف الليل المظلم، ([[221]]) (الملحق:5) إنّ تلك الجوهرة التي كانت مهجة قلب خاتم النبيين([[222]]) قد دُفنت ليلاً.

فلو اتّشحت إيران بالسواد، وانطلقت مواكب العزاء في اليوم الثالث من جمادى الآخرة، فأيّ مقام سيكون لكم عند الإمام صاحب العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف)؟ وأيّ وجاهةٍ ستكتسبونها عند سيّد الشهداء(عليه السلام)؟

تقولون له: هذا العزاء لأُمّك الزهراء‘، وحينما تسافرون إلى مشهد تقولون للإمام الرضا(عليه السلام): خرجنا في موكب عزاء لجدّك الصادق(عليه السلام) يوم شهادته. هذه منزلتكم فلا تفرّطوا بها جزافاً.

هذا، ويجب أن تقترن تلك المواكب بالتقوى، حيث ورد في نصّ القرآن الكريم: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)([[223]]). فأداة «إنّما» تدل على الحصر في المنظومة الإلهية، وسيّد الشهداء(عليه السلام) هو الفاني في الله ؛ فهو الذي ضحّى بكلّ وجوده لإقامة معرفة الله وعبادة الله، ولما أُصيب قلبه بسهم ذي ثلاث شعب وضع كفه تحت الجرح، وقال: «بِسمِ اللهِ وباللهِ وعلى مِلّةِ رسولِ اللهِ»([[224]]). هذا هو الدم الذي سُقيت به شجرة القرآن الطيّبة.

رعاية شؤون العزاء

ينبغي لجميع المواكب أن تتحرّك على أساس التقوى، وحذارِ من سماع صوت مطرب من أيّ موكب، أو لحن يتناسب مع مجالس اللهو والطرب، ينبغي أن تكون مراسم العزاء طبقاً لأُسلوب السلف الصالح، كما كانت مفعمة بالإخلاص والتقوى والطهارة، فإنّ الألحان المبتذلة والأنغام المستخفّة التي لا تتناسب وعظمة أهل البيت^ تمثّل آفةً على مراسم العزاء.

وعليكم أن تعلموا جميعاً: كلّما كان العمل مهمّاً، وسبباً للنجاة، كان محطّاً لرحال الشيطان، حيث أقسم بعزّة الله قائلاً: (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)([[225]]). ونفوذ الشيطان في عمل كلّ شخص يتناسب وطبيعة ذلك العمل، فلا ينبغي للمواكب في أيام بكاء الزهراء‘ وعزائها أن تكون محلاً لتبادل النظرات بين الفتية والفتيات، تلك آفة، يجب أن تنطلق جميع المواكب على أساس التقوى والطهارة المتناسبة مع قضية سيّد الشهداء(عليه السلام)، تبدأ بالتقوى وتنتهي بالتقوى، فإن كانت كذلك فاعرفوا قدر أنفسكم.

الملاحق

(الملحق:1)

قال الفخر الرازي، المفسّر الكبير من مفسّري أهل السنّة في تفسيره: «مَا رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ(عليه السلام) أَخَذَ بِرِكَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَرْكَبَهُ عَلَى الْبُرَاقِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَفْضَلُ مِنْهُ، وَلَمَّا وَصَلَ مُحَمَّدٌ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) إِلَى بَعْضِ الْمَقَامَاتِ تَخَلَّفَ عَنْهُ جِبْرِيلُ(عليه السلام)، وَقَالَ: «لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لَاحْتَرَقْتُ». (الفخر الرازي، التفسير الكبير: ج2، ص234).

ورُويَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ^‏، قَالَ:‏ قَالَ رَسُولُ الله‏: «...لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَذَّنَ جَبْرَئِيلُ‏ مَثْنَى‏ مَثْنَى، ‏ وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ قَالَ لِي: تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ! أَتَقَدَّمُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ عَلَى مَلَائِكَتِهِ أَجْمَعِينَ، وَفَضَّلَكَ خَاصَّةً. فَتَقَدَّمْتُ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَلَا فَخْرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى حُجُبِ النُّورِ قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ، وَتَخَلَّفْ عَنِّي. فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ! فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ تُفَارِقُنِي؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ انْتِهَاءَ حَدِّيَ الَّذِي وَضَعَنِي اللَهُ فِيهِ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ، فَإِنْ تَجَاوَزْتُهُ احْتَرَقَتْ أَجْنِحَتِي بِتَعَدِّي حُدُودِ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص237؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص5؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص345؛ يوسف بن حاتم العاملي، الدرّ النظيم: ص110).

مصادر أهل السنّة: القندوزي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص377.

ورُويَ أنّ جبرائيلَ(عليه السلام) قال للنبيّ ليلة المعراج: «امْضِ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ! تَدَعُنِي‏ فِي‏ هَذَا الْمَوْضِعِ‏؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ! لَيْسَ لِي أَنْ أَجُوزَ هَذَا الْمَقَامَ، وَلَقَدْ وَطِئْتَ مَوْضِعاً مَا وَطِئَهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَلَا يَطَؤُهُ أَحَدٌ بَعْدَكَ». (محمّد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص160؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص575؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص430). ‏

وورد في الحديث أَنَّ جَبْرَئِيلَ(عليه السلام)‏ قَالَ: «لِله دُونَ‏ الْعَرْشِ‏ سَبْعُونَ‏ حِجَاباً، لَوْ دَنَوْنَا مِنْ أَحَدِهَا لَأَحْرَقَتْنَا سُبُحَاتُ وَجْهِ رَبِّنَا». (الفراهيدي، العين: ج3، ص152؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج55، ص45).

مصادر أهل السنّة: الزمخشري، الفائق في غريب الحديث: ج2، ص115؛ ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج2، ص332 و...

(الملحق:2)

عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا(عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله:‏ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا)، فَقَالَ: «الْأَمَانَةُ الْوَلَايَةُ، مَنِ ادَّعَاهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ كَفَرَ». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص110؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص279؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص500؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج4، ص311).

(الملحق:3)

قَالَ [اللهُ]: «يَا مُوسَى!‏ أَعْفُو عَمَّنِ‏ اسْتَغْفَرَنِي‏ إِلَّا قَاتِلَ الْحُسَيْنِ. قَالَ مُوسَى(عليه السلام)‏: يَا رَبِّ! وَمَنِ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ لَهُ: الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ عَلَيْكَ بِجَانِبِ الطُّورِ. قَالَ: يَا رَبِّ! وَمَنْ يَقْتُلُهُ؟ قَالَ: يَقْتُلُهُ أُمَّةُ جَدِّهِ الْبَاغِيَةُ الطَّاغِيَةُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ، وتَنْفِرُ فَرَسُهُ وَتُحَمْحِمُ وَتَصْهِلُ وَتَقُولُ فِي صَهِيلِهَا: الظَّلِيمَةَ الظَّلِيمَةَ مِنْ أُمَّةٍ قَتَلَتْ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا. فَيَبْقَى مُلْقًى عَلَى الرِّمَالِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَلَا كَفَنٍ، وَيُنْهَبُ رَحْلُهُ، وَيُسْبَى نِسَاؤُهُ فِي الْبُلْدَانِ، وَيُقْتَلُ نَاصِرُهُ، وَتُشْهَرُ رُءُوسُهُمْ مَعَ رَأْسِهِ عَلَى أَطْرَافِ الرِّمَاحِ. يَا مُوسَى! صَغِيرُهُمْ يُمِيتُهُ الْعَطَشُ، وَكَبِيرُهُمْ جِلْدُهُ مُنْكَمِشٌ، يَسْتَغِيثُونَ وَلَا نَاصِرَ، وَيَسْتَجِيرُونَ وَلَا خَافِرَ. قَالَ: فَبَكَى مُوسَى(عليه السلام)‏...». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص284؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص308؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام)، ص596).

من الأسئلة التي طرحها سعد بن عبد الله القمّي على الإمام القائم(عجل الله فرجه الشريف) في تَأْوِيلِ‏ كهيعص‏، فقَالَ: «هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، أَطْلَعَ اللَهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، ثُمَ‏ قَصَّهَا عَلَى‏ مُحَمَّدٍ‏، وَذَلِكَ أَنَّ زَكَرِيَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأَهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا، فَكَانَ زَكَرِيَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سُرِّيَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحُسَيْنَ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْبُهْرَةُ. فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا إِلَهِي! مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أَرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي، وَإِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْنِي وَتَثُورُ زَفْرَتِي؟ فَأَنْبَأَهُ اللَهُ تَعَالَى عَنْ قِصَّتِهِ وَقَالَ:‏ (كهيعص) فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلَاءَ، وَالْهَاءُ هَلَاكُ الْعِتْرَةِ، وَالْيَاءُ يَزِيدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، وَالْعَيْنُ عَطَشُهُ، وَالصَّادُ صَبْرُهُ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَرِيَّا لَمْ يُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنَعَ فِيهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَكَانَتْ نُدْبَتُهُ إِلَهِي! أَتُفَجِّعُ خَيْرَ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ؟ إِلَهِي! أَتُنْزِلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزِيَّةِ بِفِنَائِهِ؟ إِلَهِي! أَتُلْبِسُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ؟ إِلَهِي! أَتُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا؟ ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي عَلَى الْكِبَرِ، وَاجْعَلْهُ وَارِثاً وَصِيّاً، وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ مِنِّي مَحَلَّ الْحُسَيْنِ، فَإِذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنِّي بِحُبِّهِ، ثُمَّ فَجِّعْنِي بِهِ كَمَا تُفَجِّعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ. فَرَزَقَهُ اللَهُ يَحْيَى وَفَجَّعَهُ بِهِ، وَكَانَ حَمْلُ يَحْيَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَحَمْلُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) كَذَلِكَ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص461؛ الطبري الشيعي، دلائل الإمامة: ص513؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص272؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص237؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص422؛ السيّد شرف الدين الحسيني، تأويل الآيات: ج1، ص300؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج3، ص272؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج3، ص698؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج14، ص178). ‏

(الملحق:4)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «تَقُولُ‏ إِذَا أَتَيْتَ‏ [انْتَهَيْتَ‏] إِلَى قَبْرِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ...السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ الله وَحُجَّتَهُ وَبَابَ الله». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص383؛ الكفعمي، المصباح: ص501؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص166).

وَقَالَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام):‏ «أَنَا عَيْنُ‏ الله وَأَنَا يَدُ الله وَأَنَا جَنْبُ الله وَأَنَا بَابُ الله». (محمّد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: ص81؛ الكليني، الكافي: ج1، ص145). ‏

ورُويَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: «...فَإِنَّ رَسُولَ الله‏ بَابُ الله الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْهُ، وَسَبِيلُهُ‏ الَّذِي‏ مَنْ‏ سَلَكَهُ‏ وَصَلَ إِلَى الله، وَكَذَلِكَ كَانَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) مِنْ بَعْدِهِ وَجَرَى فِي الْأَئِمَّةِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ». (محمّد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: ص219؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص354).

وَرُويَ عَن أبِي عَبدِ اللهِ(عليه السلام) فِي زِيارَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين(عليه السلام)‏: «...أَشْهَدُ أَنَّكَ‏ جَنْبُ‏ الله، وَأَنَّكَ بَابُ الله، وَأَنَّكَ وَجْهُ الله الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى‏...». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص101؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص590؛ الشيخ المفيد، المزار: ص81؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص27؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص274).

ورُويَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله’:‏ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)‏ خَلِيفَةُ الله‏ وَخَلِيفَتِي‏ وَحُجَّةُ الله وَحُجَّتِي وَبَابُ الله وَبَابِي...‏». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص271؛ ابن شاذان، مئة منقبة: ص34؛ الكراجكي، كنز الفوائد: ص185؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص263).

ورُويَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَال‏ٌ: قَالَ رَسُولَ الله: «...فَنَحْنُ‏ بَابُ‏ الله الَّذِي‏ يُؤْتَى مِنْهُ، بِنَا يَهْتَدِي الْمُهْتَدِي، فَمَنْ أَحَبَّنَا أَحَبَّهُ اللَهُ وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا أَبْغَضَهُ اللَهُ وَأَسْكَنَهُ نَارَهُ، وَلَا يُحِبُّنَا إِلَّا مَنْ طَابَ مَوْلِدُهُ». (الشيخ الصدوق، فضائل الشيعة: ص7؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص509؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص346). ‏

(الملحق:5)

روي «أَنَّ عَلِيّاً دَفَنَ فَاطِمَةَ لَيْلاً». (عبد الرزاق الصنعاني، المصنّف: ج3، ص521؛ ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج3، ص226؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج8، ص29؛ الضحّاك، الآحاد والمثاني: ج5، ص355؛ الطبراني، المعجم الكبير: ج2، ص398؛ النووي، شرح مسلم: ج12، ص77).

ورُويَ: «لَمّا [فلَمَّا] تُوُفِّيَتْ دفَنَهَا [زَوْجُهَا] عَلِيٌّ [بنُ أبي طَالِبٍ] [(عليه السلام)] لَيْلاً». (البخاري، صحيح البخاري: ج5، ص82؛ مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5، ص154؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص128). «ولَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أبَا بَكْرٍ». (العيني، عمدة القاري: ج17، ص258؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج5، ص307؛ ابن كثير، السيرة النبوية: ج4، ص568؛ ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة: ج16، ص218 و280؛ الجوهري، السقيفة وفدك، ص107؛ الطبراني، مسند الشاميين: ج4، ص198؛ البيهقي، السنن الكبرى: ج4، ص29؛ ابن حبّان، صحيح ابن حبّان: ج11، ص153؛ ج 14، ص573).

ورويَ أيضاً: «دُفِنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَيْلاً، دَفَنَهَا عَلِيٌّ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دُفِنَتْ، وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ». (الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين: ج3، ص162).

وأخرج ابن حجر: «وَصَحَّ أَنَّ عَلِيّاً دَفَنَ فَاطِمَة لَيْلاً» (ابن حجر، فتح الباري: ج3، ص167)؛ وقال الشوكاني: «قالَ الحافظُ في الفتحِ: وَصَحَّ أَنَّ عَلِيّاً دَفَنَ فَاطِمَة لَيْلاً». (الشوكاني، نيل الأوطار: ج4، ص137).

كما ورد دفن الصديقة الزهراء‘ ليلاً وعدم تكلّمها مع أبي بكر في المصادر التالية:

الصنعاني، المصنّف: ج5، ص472؛ النميري، تاريخ المدينة: ج1، ص197؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج2، ص315؛ محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري: ج2، ص448؛ البيهقي، السنن الكبرى: ج6، ص300؛ النووي، شرح صحيح مسلم: ج12، ص73؛ الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة،: ج1، ص15.

المحاضرة الحادية عشرة

إشراقة شمس أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)

2كانون الثاني2008م= 23ذو الحجّة1428هـ

مقام الإنذار

كان بحثنا في تفسير القرآن، لكنّنا نعدل عنه تمهيداً لعاشوراء سيّد الشهداء(عليه السلام)، لا سيّما أنّ بعض الحاضرين من الدعاة والمبلّغين، وأمّا أولئك الذين لا ينوون الدعوة والتبليغ فعليهم أن يبادروا في هذه الأيّام إلى العمل بهذا الأمر المهم.

يجب على من يقوم بعملٍ ما أن يعي حيثيّات ذلك العمل؛ لأنّ معرفة حقيقة العمل من مبدئه إلى منتهاه من أهمّ الأُمور.

ومن هنا فإنّ من يمارسون العمل التبليغي في أيّام عاشوراء يعلمون أيَّ عملٍ يقومون به؟ وما الذي ينبغي فعله في هذا المجال؟

صحيح أنّ كلّ شيءٍ موجود في القرآن الكريم، غير أنّ استخراج الجواهر المكنونة في هذا الكتاب لا يتيسّر إلّا من خلال الاستمداد من الغيب، وقد بيّنت الآية الشريفة: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[226]]) أنّ غاية التفقّه هي الإنذار؛ ومنها يتّضح أنّ هذا الإنذار واجب على كلّ فقيه.

ومن المهم إدراك إشارات القرآن ولطائفه ودقائقه([[227]])، ولو سئل: ما المقصود بالتفقّه في الدين؟ فالجواب: إنّ هذا يتطلّب بحثاً طويلاً، لكنّ الغاية والثمرة هي الإنذار.

كلّ من يشدّ أحزمة السفر منكم فهو منذر، فهل تدرون أيّ مقام هو مقام الإنذار؟!

إنّ خصوصية الكلّي المشكّك المندرج تحت مقولة التشكيك هو أنّ لكلّ فرد من أفراده على اختلاف مراتبها حظاً من الطبيعة.

والإنذار مادّة جاءت على هيئة «إفعال»، وكلّ واحد منكم متّصف بصفة المنذر، وهذه هي المادّة والهيئة التي ذكرها الباري تعالى في قوله: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) ([[228]]). نعم، هذا هو فهم القرآن.

وقد استُعملت هذه المادّة وهذه الهيئة في هذه الآية المباركة أيضاً: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)، كما استُعلمت هذه المادّة وهذه الهيئة كذلك بشأن الشخص الذي فاق إدراك جميع العقول، وخمدت أمام نور عظمته جميع مشاعل الأفكار، فهو منذر وأنتم منذرون؛ ولذا لا بدّ أن تعوا قيمة العمل الذي تمارسونه!

وكونكم منذرين يعني الاشتراك في هذه الحقيقة المشكّكة التي تتجلّى ذروتها في مثل هذه الشخصية العظيمة: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)([[229]]). وقد ظلّ جميع الملائكة والأنبياء^ حائرين في ذلك السرّ الخفيّ في قوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)، فلم يطّلع على هذا السرّ سوى المُوحِي والمُوحَى إليه، وإنّ مقام خاتم الأنبياء يقع في الذروة من منزلة (أَوْ أَدْنَى)، وفي قوس النزول تصل النوبة إلى مرتبة: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ).

إحياء القلوب

بعد أن اتّضحت عظمة العمل نتساءل: ما الذي ينبغي فعله؟ لنرجع مرّة أُخرى إلى القرآن؛ فإنّ فيه تبيان كلّ شيء، ولكن ما هو السبيل؟ «الإنذار» إحياء للقلوب، ولهذا الإحياء لوازم ثلاثة لا يقع من دونها، وعلى كلّ منّا أن يلحظ هذه القواعد الثلاث بالنسبة إلى نفسه وبالنسبة إلى من يتحمّلون هذه المسؤولية، فتأمّلوا جيّداً في ذلك، ثمّ فكّروا في كلّ كلمة.

إنّ الحياة متوقّفة على ثلاثة أُمور هي: الهواء، والماء، ونور الشمس، هذه هي أركان الحياة.

كما أنّ حياة القلوب وحياة النفوس وحياة العقول متوقّفة على هذه الأُمور الثلاثة:

الأوّل: الهواء الذي يتنفّس العقل في أجوائه ثمّ ينجذب إلى البدن.

الثاني: الماء الذي يشكّل عصب الحياة.

الثالث: إشراق النور.

ولكن، كيف تتحقّق هذه الأركان الثلاثة في النفوس؟

تنفّس العقل بنور الوحي

إنّ الهواء الذي لا بدّ أن يتنفّس فيه العقل هو الوحي الإلهي، فهواء الجسم هو الهواء الموجود في الفضاء، أمّا هواء العقل فهو الوحي، فحينما تتلى آيات الله على العقول يتنفّس العقل.

وثمّة رواية مذهلة في هذا المجال، حيث قال الإمام(عليه السلام): «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَهُوَ شَابٌّ مُؤْمِنٌ، اخْتَلَطَ الْقُرْآنُ‏ بِلَحْمِهِ‏ وَدَمِهِ»([[230]])، هكذا يجب أن يتنفّس في أجواء الوحي.

ولو أنّ عقولنا ترعرعت على هذه الطريقة منذ أيام الطفولة لكنّا غير الذي نحن عليه الآن، ولو كان العقل يتنفّس في فضاء الوحي بهذا الشكل، بأن يتنفّس في أجواء القرآن بصورة مستمرّة ومتواصلة، لتحقّقت حياة القلب، ولبلغ مبلغاً لا يُدرك ولا يوصف.

هذا هو السبيل، وعلى كلّ من يريد الوصول أن يعمل بجدّ، أمّا النتيجة ففيها كلام مفصّل.

هذا هو الفضاء الذي ينبغي أن تتنفّس فيه الروح، فتأمّلوا جيّداً في هذه الروايات.

القرآن جلاء للقلوب

هناك رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) تنصّ على: «إِنَّ الْبَيْتَ إِذَا كَانَ فِيهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ يَتْلُو الْقُرْآنَ، يَتَرَاءَاهُ‏ أَهْلُ‏ السَّمَاءِ، كَمَا يَتَرَاءَى أَهْلُ الدُّنْيَا الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي السَّمَاءِ»([[231]]) (الملحق:1). فما معنى هذه الجملة؟

إنّ ذلك الكوكب الذي ينير، والذي يصل نوره إلى الأرض، يفوق نوره نور الشمس مئات الأضعاف، بل مئات الآلاف، ولكن المسافة الشاسعة التي تفصله عن الأرض هي التي جعلت المشهد يبدو كذلك.

ومن المعاني التي تشير إليها هذه الرواية، أنّ النور ليحتشد في ذلك البيت بحيث يصل إلى عرش الله تعالى، كما يصل نور ذلك الكوكب المنير إلى الأرض على الرغم من تلك المسافة التي تفصله عنها.

وهذا النور هو نور الوحي، حيث قال رسول الله: «نَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ‏ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ»([[232]]).

فالشرط الأوّل هو أن تبادروا ـ أينما ذهبتم ـ إلى الارتباط بالقرآن، وأن تحثّوا الناس على ذلك قدر المستطاع، فلو عكف الإنسان على سورة التوحيد ليل نهار، لأصبحت الروح الإنسانية إكسيراً أحمر([[233]]) (الملحق:2).

ولكي تؤثّر هذه المواعظ لا بدّ من توفّر شرط، وهو لزوم جلاء القلوب، وجلاؤها بالقرآن فقط([[234]]) (الملحق:3). فالقرآن ينقّي الأرواح، ثمّ تأتي الموعظة ليكون لها تأثيرها في الوقت المناسب. هذا فيما يتعلّق بالشرط الأوّل.

الاتّصال بالمنهل المعين لإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف)

وما هو الشرط الثاني؟ إنّه الماء الذي يحيي تلك البذرة بعد بذرها، فأين هو ذلك الماء؟ هو القرآن أيضاً، ذلك الكتاب المذهل، ولو أعاننا الله وتمكنّا من الاستفادة منه بالقدر الميسور لربّما بلغنا مبلغاً ما، فأين هذا الماء؟ (إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)([[235]]).

لقد ورد في التفسير المأثور عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّ هذا الماء المعين هو الحجّة بن الحسن العسكري#([[236]]) (الملحق:4). فهو ماء الحياة الذي يحيي هذه البذور في النفوس، والهواء المناسب لتنفّس العقل هو القرآن.

فالفيض المتدفق من ذلك النبع، الذي يمثّل عين الحياة للعلم والإيمان، يتحوّل إلى ماء الحياة الذي يبلغ ببذور تلك المواعظ مرحلة النضج والإثمار.

إشراق شمس أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)

وتصل النوبة إلى النور، فما هو ذلك النور الذي ينبغي أن يسطع؟ بحيث لا تتيسّر الحياة من دونه؟ إنّ ذلك الفضاء ضروري لتنفّس العقل، والاتّصال بعين حياة الوجود الذي: «بِيُمْنِهِ رُزِقَ‏ الْوَرَى‏ وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ»([[237]]) يمثّل الضرورة الثانية.

أمّا الضرورة الثالثة فهي الشمس التي يجب أن تشرق، وأين هي؟ إنّها هنا:

الرواية التي سأتلوها عليكم موثّقة، وسندها مما يفتي على ضوئه الفقيه النبيل، كما أنّ متنها يكشف عن حقائق ناصعة، فهي بحر من المعارف عميق متلاطم الأمواج! وراويها هو أبو حمزة الثمالي، صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان الكريم، والإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) قائلها.

قال الإمام(عليه السلام) لأبي حمزة الثمالي: «إِذَا أَرَدْتَ الْمَسِيرَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) فَصُمْ‏ يَوْمَ‏ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ»، ثمّ أمره بعدد من الأُمور الأُخرى، منها أن يغتسل في المكان الذي يريد الانطلاق منه، وأن يقرأ طيلة المسير أذكاراً خاصّة، من الأذكار المحيّرة للعقول. ثمّ قال له: «ثُمَّ تَأْتِي النَّيْنَوَى فَتَضَعُ رَحْلَكَ بِهَا» وأمره بالمشي حافياً.

وقد حان الوقت لتعرف تلك الشمس التي يجب أن تشرق، ولنعد لنص الرواية، فإنّ لها تأثيراً آخر، عندما تقف أمام القبر فقل: «مَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ‏ عِنْدَ جَدِّكَ‏ [أَبِيكَ‏] رَسُولِ الله، ‏ وَمَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللَهَ‏». ومعنى هذه الجملة أنّه ليس هناك من يدرك عظمة هذا الأمر، فلا يعرف ذلك إلّا نفر معدود.

«مَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ‏ عِنْدَ جَدِّكَ‏ [أَبِيكَ‏] رَسُولِ الله، ‏ وَمَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللَهَ}‏»، فأنّى لنا بمن قد «عَرَفَ اللهَ» ليتسنى له أن يعرف ما معنى عاشوراء؟ ما الذي فعله الإمام الحسين(عليه السلام) ليقال عنه: «...وَأَجَلَّ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ الْمَلَإِ الْأَعْلَى‏»، إنّ محيط الكرة الأرضية ليضيق عن استيعاب كلّ هذه العظمة!

وعندما يقول(عليه السلام): «...أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَعِنْدَ أَنْبِيَاءِ الله وَرُسُلِهِ‏» يبلغ الأمر منتهاه، فلا يبقى لي ولك أيّ وزن في الحسبان!

فعلى هذا البلد أن يضج في عاشوراء بالبكاء والنحيب ضجة واحدة، حتّى لو قمنا بكلّ ذلك فإنّها لا تعدّ شيئاً يذكر، فأين مراسم العزاء هذه مما يستحقّه عاشوراء!

هل تأمّلتم جيّداً؟ فقد بدأ الإمام(عليه السلام) في هذه الرواية برسول الله، وختم برسل الله’، فلا أحد دونهم يعي عمق الموضوع!

«السَّلَامُ مِنِّي إِلَيْكَ وَالتَّحِيَّةُ مَعَ عَظِيمِ الرَّزِيَّةِ عَلَيْكَ، كُنْتَ نُوراً...».

لقد آن الأوان أن نعرف تلك الشمس التي ينبغي أن تشرق، فلنعرف من هو سيّد الشهداء(عليه السلام)؛ وحيثما وطأت أقدامكم تلك مناطق عرِّفوا الناس بسيّد الشهداء(عليه السلام) كما هو.

«كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ، وَنُوراً فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ، وَنُوراً فِي الْهَوَاءِ، وَنُوراً فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، كُنْتَ فِيهَا نُوراً سَاطِعاً لَا يُطْفَأُ وَأَنْتَ النَّاطِقُ بِالْهُدَى‏».

هذه هي الشمس التي ينبغي أن تغمر العالم بنورها، وما لم تشرق لا يبقى أثر للحياة العقلانية، ولا يبقى وجود للإنسان الذي يجسد طموح الأنبياء، فأيّما شمس هي هذه الشمس؟!

دائرة شعاع نور الإمام الحسين(عليه السلام)

إنّ دائرة الشعاع لنور أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) تمتدّ من ظلمات الأرض إلى السماوات العلى. فكم هي دائرة شعاع الشمس؟ أمّا هذه الشمس فمن أين تبدأ دائرة شعاعها؟ إنّها تبدأ من «ظلمات الأرض»، وإلى أين تنتهي؟ إنّها تنتهي إلى «السماوات العلى».

ثمّ يصل الأمر إلى ما هو أسمى من ذلك، بحيث يتحيّر عنده عقل كلّ فقيه، وهو ما جاء في العبارة الأخيرة: «كُنْتَ فِيهَا نُوراً سَاطِعاً لَا يُطْفَأُ»([[238]]). فهذا النور لا ينطفئ أبداً!

ومعنى هذه الجملة في كلمة واحدة هو: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)([[239]])، فوجه الله هو تلك الشمس، والنور الذي لا يُطفأ هو الحسين بن علي÷.

«كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ، وَنُوراً فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ، وَنُوراً فِي الْهَوَاءِ، وَنُوراً فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، كُنْتَ فِيهَا نُوراً سَاطِعاً لَا يُطْفَأُ». إنّ الوقت لا يسع للكلام أكثر من ذلك، وإلّا لبيّنّا ما تنطوي عليه هذه الرواية من حقائق!

النبيّ حاسر الرأس حافي القدمين

روى أهل السنّة والشيعة عن ابن عباس مرّة وأُم سلمة مرّة أُخرى: رأيتُ النبيّ في المنام بنصف النهار، أشعثَ أغبرَ، معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبّع فيها شيئاً. قال: قلتُ: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه، أو دمه ودماء أصحابه أرفعهما إلى الله تعالى([[240]]). فقد رُفعت هذه القارورة من الدم بيد الرسول الكريم إلى العرش الأعلى.

ولقد قال الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) في هذا الخصوص: «أَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمَائِكُمْ‏ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ»([[241]])، فستبقى تلك القائمة التي وضعت عليها هذه القارورة مقشعرّةً إلى يوم القيامة.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ إِلَّا الذِّكْرَ...وَالْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَيُذْكَرُ اللَهُ فِيهِ تَكْثُرُ بَرَكَتُهُ، وَتَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَتَهْجُرُهُ‏ الشَّيَاطِينُ، ‏ وَيُضِي‏ءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِي‏ءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَلَا يُذْكَرُ اللَهُ فِيهِ تَقِلُّ بَرَكَتُهُ، وَتَهْجُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَتَحْضُرُهُ الشَّيَاطِين‏». (الكليني، الكافي: ج2، ص499؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص475؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج7، ص160).

(الملحق:2)

قَالَ رَسُولُ الله’: ‏«كُنْتُ أَخْشَى‏ الْعَذَابَ‏ بِاللَيْلِ‏ وَالنَّهَارِ حَتَّى جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ بَسُورَةِ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ، فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَهَ لَا يُعَذِّبُ أُمَّتِي بَعْدَ نُزُولِهَا، فَإِنَّهَا نِسْبَةُ اللهِ}...مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَقْرَأُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ إِلَّا وَقَدِ اسْتَوْجَبَ رِضْوَانَ الله الْأَكْبَرَ، وَكَانَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَهُ تَعَالَى فِيهِمْ‏: (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ) الْآيَةَ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِشْرِينَ مَرَّةً فَلَهُ ثَوَابُ سَبْعِ مِئَةِ رَجُلٍ أُهَرِيقَتْ دِمَاؤُهُمْ فِي سَبِيلِ الله، وَبُورِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَوُلْدِهِ وَمَالِهِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفَ قَصْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً جَاوَرَ النَّبِيَّ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا خَمْسِينَ مَرَّةً غَفَرَ اللَهُ لَهُ ذَنْبَهُ خَمْسِينَ سَنَةً، وَمَنْ قَرَأَهَا مِئَةَ مَرَّةٍ كَتَبَ اللَهُ لَهُ عِبَادَةَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا مِأَتَيْ مَرَّةٍ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ مِأَتَيْ رَقَبَةٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا أَرْبَعَ مِئَةِ مَرَّةٍ كَانَ لَهُ أَجْرُ أَرْبَعِ مِئَةِ شَهِيدٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا خَمْسَ مِئَةِ مَرَّةٍ غَفَرَ اللَهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ، وَمَنْ قَرَأَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فَقَدْ أَدَّى بَذْلَهُ إِلَى الله تَعَالَى وَقَدْ صَارَ عَتِيقاً مِنَ النَّارِ. اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِقِرَاءَتِهَا، وَلَا يَتَعَاهَدُ قِرَاءَتَهَا إِلَّا السُّعَدَاءُ، وَلَا يَأْبَى قِرَاءَتَهَا إِلَّا الْأَشْقِيَاءُ». (السيّد ابن طاووس، المجتبى من دعاء المجتبى: ص92؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص362؛ الميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل: ج4، ص283).

(الملحق: 3)

قَالَ رَسُولُ الله: «إِنَّ الْقُلُوبَ‏ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! وَمَا جَلَاؤُهَا؟ قَالَ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَذِكْرُ الْمَوْتِ». (قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص238؛ ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة: ج30، ص355؛ ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي: ج1، ص279). ‏

وروي أيضاً: «جَاهِدُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى شَهَوَاتِكُمْ تَحُلَّ‏ قُلُوبَكُمْ‏ الْحِكْمَةُ، جِلَاءُ هَذِهِ الْقُلُوبِ ذِكْرُ الله وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ‏». (ورّام بن أبي فراس المالكي، مجموعة ورّام: ج2، ص122).

وقال أمير المؤمنين(عليه السلام) في إحدى خطبه: «...وَتَعَلَّمُوا كِتَابَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَأَبْلَغُ الْمَوْعِظَةِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ‏ رَبِيعُ‏ الْقُلُوبِ، ‏ وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ‏ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلَاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْقَصَصِ‏». (نهج البلاغة، الخطبة 110).

(الملحق:4)

سأل عمّار بن ياسر النبيّ الكريم عن الإمام المهديّ#، قائلاً: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، مَا هَذَا الْمَهْدِيُّ؟ قَالَ: «يَا عَمَّارُ! إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ صُلْبِ‏ الْحُسَيْنِ‏ أَئِمَّةً تِسْعَةً، وَالتَّاسِعُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ:‏ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)، ‏ يَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ يَرْجِعُ عَنْهَا قَوْمٌ وَيُثْبِتُ عَلَيْهَا آخَرُونَ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْرُجُ فَيَمْلَأُ الدُّنْيَا قِسْطاً وَعَدْلاً، وَيُقَاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ». (الخزّاز القمّي، كفاية الأثر: ص121؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج33، ص18).

المحاضرة الثانية عشرة

الشعائر الحسينية

23شباط2008م= 15صفر1429هـ

معرفة اللّه بمعرفة سيّد الشهداء(عليه السلام)

نحن على أبواب أربعين الحسين(عليه السلام)، وبعض الدعاة والمبلّغين يتأهّبون للسفر، فيجب على كلّ من يوفَّق للإنذار والإرشاد الناتج عن التفقّه في الدين([[242]]) أن يكون همّه الأوّل هو معرفة الله تعالى، ولا تتسنّى معرفة الله إلّا بمعرفة من هو «سبيل الله»، و«صراط الله»([[243]])، و«باب الله»([[244]])، فقد نصّ على ذلك القرآن الكريم حيث يقول: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)([[245]]) (الملحق:1).

ومن هنا فإنّ لمعرفة الإمام(عليه السلام) جهتين:

الجهة الموضوعية: وهي أنّه هو «ما به الوجود» و«ما به النِّعم» و«كلّ ما في الكون به»([[246]]).

والجهة الطريقية: وهي الوسيلة لمعرفة مبدأ الوجود ومنتهاه، وبمعرفتها تتيسر معرفة «من منه الوجود»([[247]]) (الملحق:2). وبمعرفة الإمام(عليه السلام) نعرف تلك الذات القدسية التي هي أعلى وأجلّ من أن توصف.

معرفة حقّ الإمام(عليه السلام) طريق إلى معرفة النورانية

ما ورد في زيارات الأئمة الأطهار^ وحظي باهتمام كبير هو العرفان بحقّهم، كما تشير إلى ذلك عبارة «عارفاً بحقّه»([[248]]) (الملحق:3). ولهذا السبب يجب التأمّل كثيراً في مثل هذه الكلمات.

ويستفاد من هذه الجملة أمران، الأوّل: هو الحقّ العام المتمثّل بالإمامة الكبرى والولاية العظمى([[249]])، والثاني: هو الحقّ الخاصّ «عارفاً بحقّه»، فلكلّ إمام حقّ، ولا شكّ في أنّ معرفة ذلك الحقّ تعدّ أهم مبدأ في معرفته، كما أنّ المعرفة يجب أن تقوم على أساس الحكمة؛ إذ المعرفة لا تتيسّر من دون الحكمة.

والحكمة: هي عبارة عن معرفة الحقيقة إمّا عن طريق برهان اللمّ أو برهان الإنّ([[250]]). فهذان الطريقان يمثّلان جوهر الحكمة، كما أنّ أساس المعرفة لا بدّ أن يقوم على الحجّة، والحجّة عبارة عن العلم والعلمي.

فإن كانت معرفة الإمام(عليه السلام) قائمة على هذا الأساس فهي معرفة تنتهي إلى معرفة النورانية([[251]])، بحيث لا توصف، ومعرفة سيّد الشهداء(عليه السلام) ـ الذي نعيش هذه الأيّام ذكرى أربعينيته ـ ببرهان اللمّ وبرهان الإنّ من العظمة بحيث لا يستطيع إدراكها سوى خاصّة الأولياء.

حكاية حول عظمة مصيبة السيّدة زينب الكبرى

يعتبر الميرزا الشيرازي+ من الفحول بل هو فحل الفحول، وتتجلّى عظمة هذا الرجل من خلال تجليل الآخوند الخراساني+ والميرزا النائيني+ له، فهو مؤسّس مدرسة سامراء التي أنتجت الميرزا الثاني وأساطين الفقه المتأخّرين.

كان يقيم مجلس العزاء، يرتقي فيه المنبر أحد كبار العلماء، وكان الراثي في ذلك المجلس هو المحقّق الحائري، مؤسّس الحوزة العلمية في قم التي أمست حاضرة العلم والاجتهاد في عصرنا الراهن، فهذا العالم العظيم الشأن كان في تلك الفترة ناعياً في محضر الميرزا الشيرازي+، فقد كان المجلس على هذه المكانة!

لمّا صعد هذا العالم النحرير المنبر بحضور الميرزا الشيرازي قال جملةً، وهي جملة يسمعها الجميع، لكنّ المهم هو معرفة معنى تلك الجملة وإدراك مضمونها، فما إن بدأ بقراءة المقتل قائلاً: «دخلتْ زينبُ على ابنِ زيادٍ»([[252]])، حتّى نادى الميرزا: «حسبك هذا، كفى أيّها الشيخ»، وظلّ الميرزا يلطم على رأسه وصدره من الصباح إلى الظهر!

هذه هي المعرفة الحقيقية! إنّ هذه الحكاية تكشف كيف استطاع هذا الرجل إدراك حقيقة الموضوع. فأين مثل هذه المعرفة؟ ومن الذي عرف من هي السيّدة زينب‘؟ (الملحق:4) إنّه كان يعرف ذلك؛ فقال لذلك: كيف دخلتْ مثل هذه المرأة على مثل ذلك الرجل، وهذا ما قصم ظهره! فلسنا وحدنا الذائبين ها هنا، بل الجميع ذائبون من الأوّلين والآخرين!

فمن هي تلك الشخصيّة؟ وماذا فعلت؟ هاهنا موضوعان اثنان: أحدهما الفاعل والآخر الفعل، أو فقل: أحدهما المؤثِّر والآخر الأثر، أحدهما العلّة والآخر المعلول. ففي المحل بحثان على أساس قانون التناسب بين الفاعل والفعل أو بين المؤثِّر والأثر.

فالأوّل: من هو الحسين بن علي(عليه السلام)؟ ولا ريب في أنّه فوق طاقة البشرية! والآخر يتساءل: ما الذي فعله الحسين بن علي(عليه السلام)؟

التوحيد والنبوة والوصاية رهن دماء سيّد الشهداء(عليه السلام)

لقد شهد الدهر أيّاماً، شهد يوم النبي آدم(عليه السلام)، ويوم النبي نوح نجيّ الله(عليه السلام)، ويوم النبي إبراهيم خليل الله(عليه السلام)، ويوم النبي موسى كليم الله(عليه السلام)، ويوم النبي عيسى بن مريم كلمة الله(عليه السلام)، ويوم جوهرة عالم الوجود وعصارة الخلقة، أي قلب عالم الكون، خاتم النبيين.

فهذا الدهر قد شهد أيّام مئة وأربعة وعشرين ألف نبي، أوّلهم آدم(عليه السلام)، وآخرهم النبي الخاتم، كما شهد أيّام مئة وأربعة وعشرين ألف وصي، أوّلهم هبة الله وآخرهم أمير المؤمنين ويعسوب المسلمين(عليه السلام).

قد شهد الدهر جميع هذه الأيّام، وشهد جميع أيّام الشهداء من البدء إلى الختم، وأيّام جميع الصدّيقين من البداية إلى النهاية.

بيد أنّ الذي يحيّر العقول هو أنّ حجّة الله ولسان الله([[253]])، الذي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)([[254]])، قد قال: «لَا يَوْمَ‏ كَيَوْمِ‏ الْحُسَيْنِ‏»([[255]]).

ومن ذلك يتّضح أنّ أيّام مئة وأربعة وعشرين ألف نبي تقصر عن هذا اليوم فـ «لَا يَوْمَ‏ كَيَوْمِ‏ الْحُسَيْنِ‏»!

أنتم الحاضرون في المجلس، بما أنّ بعضكم  ـ من دون مجاملة ـ من أساتذة البحث الخارج في الفقه والأُصول، وبعضكم من أساتذة السطوح العليا في الحوزة العلمية، عليكم أن تستوعبوا هذه المطالب وتعلّموها الآخرين.

فحينما يقول الإمام(عليه السلام): «لَا يَوْمَ‏ كَيَوْمِ‏ الْحُسَيْنِ‏»، فإنّما يقول ذلك بعدما ينظر إلى جميع الأيّام ويتصوّر جميع الأحداث والوقائع، ثمّ يقول: «لَا يَوْمَ‏ كَيَوْمِ‏ الْحُسَيْنِ‏».

فماذا كان العمل؟ وماذا فعل؟

يتجسّد كلّ ذلك في كلمة واحدة: إنّ توحيد الله، والمبدأ والمعاد، ونبوة الأنبياء، ووصاية الأوصياء، وجميع الكتب السماوية، جميعها ممتنّة لدم سيّد الشهداء(عليه السلام)! فهذا الدم قد ترك مثل هذا الأثر!

دعاء الإمام الصادق(عليه السلام) للمعزّين وزائري سيّد الشهداء(عليه السلام)

ينبغي اليوم أن أبيّن لكم حديثاً، وإن كان شرحه أمراً شاقاً، ولكن لا بدّ من التأمّل والتدبّر لمن هم أهل لذلك؛ لأنّ الأساس قائم على الحكمة، وجذور المعرفة يجب أن تكون هي الحجّة القطعية.

الرواية التالية قد أُخرجت بطرق ثلاثة، منها طريقان لثقة الإسلام الكليني([[256]])، وطريق لشيخ المحدّثين الصدوق، وسأنقلها وفقاً لطريق الشيخ، لكن مع إعمال الدقّة في السند والمتن؛ لأنّ مجلسنا هذا ليس لعامّة الناس، ولا بدّ لكم أن تتسلّحوا بالمعرفة الكاملة، لتُحدِثوا انقلاباً في سائر الناس.

أخرج شيخ المحدّثين الصدوق، عن أبيه، علي بن موسى بن بابويه، الموثّق بتوثيق الشيخ والعلّامة والنجاشي، عن سعد بن عبد الله، الذي وثّقه كلّ من شيخ الطائفة وابن شهرآشوب والعلّامة، عن يعقوب بن يزيد، الذي وثّقه شيخ الطائفة والشيخ النجاشي، المتبحّر الأوّل في علم الرجال، والمعتمد عند الكلّ، عن ابن أبي عمير، وهو من أصحاب الإجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم([[257]])، عن معاوية بن أبي وهب، الذي وثّقه النجاشي والعلّامة، هذا هو حال السند!

ومثل هذا السند ـ كما يعرف أهل الاختصاص ـ يصدر على ضوئه مثل الشيخ الأنصاري+ فتاوى قاطعة في أدق المسائل المرتبطة بالنفوس والدماء والأعراض والأموال، أي في جميع صغريات أصالة الاحتياط.

أمّا متن هذه الرواية، فهو أنّ معاوية بن وهب قال:

«اسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) فَقِيلَ لِي: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ فِي مُصَلَّاهُ فِي بَيْتِهِ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ وَيَقُولُ: يَا مَنْ خَصَّنَا بِالكَرَامَةِ».

إنّها كلمات محيّرة للعقول، تأمّلوا جيّداً من أين يبدأ(عليه السلام) بالتكلّم مع الله جلّ وعلا! فالقضية مهمّة إلى هذا الحدّ!

«يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَخَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ، وَوَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ، وَأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا».

ذكر الإمام(عليه السلام) في هذه الرواية ثمانية أُمور مخاطباً بها الباري}، في كلّ أمر بحث طويل، ولا يسع الوقت لبيانها وشرحها، ثمّ قال(عليه السلام) بعد هذه الكلمات:

«اغْفِرْ لِي وَلِإِخْوَانِي وَلِزُوَّارِ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ(عليه السلام)».

ثمّ إنه(عليه السلام) لم يدعُ لأحد بعد ذلك، هذا هو الدليل الإنّي الذي أشرت إليه سابقاً. فما الذي حدث؟ وما الذي جعل زائر قبر الإمام الحسين(عليه السلام) يصل إلى هذه المرتبة؟

ثمّ كان للإمام(عليه السلام) مع الله تعالى كلام طويل، فعندما يتحدّث الإمام السادس(عليه السلام) مع ربّ الأرباب تعجز العقول عن إدراكه!

والمحيّر في الأمر هو قوله لاحقاً: «وَارْحَمْ تِلْكَ الْأَعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا»، فهل تدرون معنى الرحمة التي ذكرها؟ إنّها الرحمة المستمدّة من أرحم الراحمين، والقرآن يقول: (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)([[258]]).

فمثل هذا المُسترحِم يطلب هذه الرحمة من أرحم الراحمين، ولكن لمن؟ إنّي لأعجز عن البيان!

«جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا»، قوله: «رَحْمَةً لَنَا» ينطوي على كلام كثير، أي تلك الدموع التي جرت من هذه العيون مودّة ورحمةً لذلك الضلع المكسور، وللمحسن الذي أُسقط، وهو جنين (الملحق:5) وللهامة المفلوقة، وللنحر الذي أصابه السهم.

«وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ...» أيّ قلوب يقصد؟ «تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزِعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا». هذه هي المصيبة، فهل تعلمون لمن هذا الكلام؟!

الحفاظ على الشعائر الحسينية

تأمّلوا في كلام الإمام(عليه السلام): «احْتَرَقَتْ لَنَا»، ما الذي جرى؟ وماذا حدث؟ فلا تظنّوا أنّ مراسم العزاء هذه شيء يُذكر! «احْتَرَقَتْ لَنَا» فلو احترقت الدنيا برمّتها لكان ذلك قليلاً أيضاً! فهل تدرون ما الذي حدث؟!

الويل والثبور لمن يشكّك في هذه الشعائر ويسيء إليها! (الملحق:6) أيّها الشعب الإيراني! كونوا يقظين، واعلموا أنّ أدنى كلمة في الإساءة إلى الشعائر الحسينية وإضعافها تقصم ظهر خاتم النبيين، فلا بدّ من الحفاظ على مراسم العزاء هذه وعلى اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل في أعلى مستوياتها! فليست القضية بأُلعوبة، لمن هذا الكلام: «وَارْحَمِ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا»؟ إنّ بعض الجهلة ليتجاسرون حيث يقولون: ينبغي خفض الصوت في البكاء، فهذا رئيس المذهب الإمام الصادق(عليه السلام) يقول مثل هذا الكلام!

من هو الفقيه؟ قد انتهى الفقهاء، إنّ الفقيه هو مثل النائيني+ والبروجردي+ والحائري+، الفقهاء هم أولئك الذين يقولون: الطموا الصدور، واضربوا الظهور بالسلاسل، فإن سالت الدماء فليكن، هذا هو الفقيه وهذه هي الفقاهة.

قيل: ابكوا بصوت منخفض؟! ما هذه الحماقات؟ بل الصياح هو المطلوب، فما هي الصيحة؟ إنّ الصيحة هي العويل([[259]]). وما الصرخة الواردة في هذه الرواية؟ الصرخة: هي الصيحة الشديدة([[260]]) (الملحق:7).

قال الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): «وَارْحَمِ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا» أي: ارحم ذلك العويل في عزائنا.

وقال أيضاً: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ‏ الْأَنْفُسَ‏ وَتِلْكَ الْأَبْدَان ‏...‏»([[261]]).

قال المحقّق النائيني+، ذلك الفحل في الفقه والأُصول: «لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حدّ الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحدّ المذكور، بل وإن تأدّى كلّ من اللطم والضرب إلى خروج دم»([[262]]). والجواز هنا ليس بمعنى الإباحة، وأنتم من أهل الفقه. لمن هذه الفتوى، لأيّ فحل من الفحول؟

ولما أطلق هذا المرجع الكبير هذه الفتوى علّق عليها بعض أعاظم المذهب وأكابر الدين، من أمثال السيّد محسن الحكيم، صاحب المستمسك بما يدل على أنّها أرفع من أن تحتاج إلى توقيع شخص مثلي([[263]]).

وقال عنها مثل الفقيه الشاهرودي+: «حقٌّ في كمال التحقيق»([[264]]). وهذا هو شأن جميع الأعاظم الذين يرقد بعضهم في هذا المكان([[265]])، ويعدّون من أساطين الفقه، نظير آية الله الحائري+، وآية الله البروجردي+، وباقي فقهاء المذهب.

يقال للسيّد البروجردي في استفتاء: تُصنع في مدينتنا بعض الأضرحة، فتكسى بأستار في يوم عاشوراء، ثمّ تبرز بصفتها رمزاً، فيقول هذا الفقيه: «لا بدّ من إقامة مراسم العزاء في كلّ مدينة حسب ما هو مرسوم فيها».

هؤلاء هم فقهاء المذهب، على أنّ الفتوى قد صدرت ممن تناول بالدراسة جميع مباحث الإضرار بالنفس وبمنتهى الدقّة، واطّلع على جميع الأحاديث سنداً ودلالة، وطوى جميع العناوين الأوّلية والثانوية، وتخطّى كلّ المباحث في حديث «لا ضرر ولا ضرر»، ليقول بعد كلّ ذلك: إنّ هذا المقدار من الضرر لا إشكال فيه أبداً.

ففي يوم عاشوراء ينبغي أن تشخص أبصار الناس إلى كربلاء فقط، حيث كان فحل الفحول الميرزا الشيرازي، الميرزا الثاني، الذي كان المئات من أمثال البلاغي يفخرون بأنّهم من أصغر تلاميذه، كان يلطم صدره حاسراً حافياً في موكب عزاء طويريج! هذا هو الفقيه، هذا هو سند الأُمّة! فلتشخص إليه أبصاركم في يوم عاشوراء.

أمّا في أيّام الفاطمية فإلى من تصغون؟ يجب أن تصغوا إلى الشخص الذي يفتخر أمثال المرحوم آية الله الميلاني+ وآية الله الخوئي+ بأن يقتاتا على مائدته، ويكونا من تلامذته! اصغوا إليه حيث يردّد قائلاً:

ولستُ أدري خبرَ المسمارِ
سَلْ صدرَها خزانةَ الأسرارِ(
[[266]]).

ففي يوم عاشوراء وفي الثالث من شهر جمادى الآخرة يجب على جميع مواكب اللطم والعزاء والضرب بالسلاسل في البلد أن تخرج إلى الشوارع؛ ليلطموا بالأيدي والسلاسل على من قال فيها عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، بطل عالم الوجود، وقطب دائرة الإمكان، حينما وقف على قبرها:

نَفْسِـي عَلَى زَفَرَاتِهَا مَحْبُوسَةٌ
يَا لَيْتَهَا خَرَجَتْ مَعَ الزَّفَرَات(
[[267]])‏.

الملاحق

(الملحق:1)

قالَ الإمامُ أبو جعفرٍ الباقرُ(عليه السلام): «إِنَّ اللَهَ لَوْ شَاءَ لَأَرَاهُمْ شَخْصَهُ‏ حَتَّى‏ يَأْتُوهُ‏ مِنْ بَابِهِ، لَكِنْ جَعَلَ اللَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ الْأَبْوَابَ الَّتِي تُؤْتَى مِنْهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ‏: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)». (محمّد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: ص519؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص54؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص551؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ص50؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج8، ص336).

(الملحق:2)

قالَ الإمامُ أبو عبد اللهِ الصادقُ(عليه السلام): «...نَحْنُ‏ الْعَامِلُونَ‏ بِأَمْرِهِ‏ وَالدَّاعُونَ إِلَى سَبِيلِهِ، بِنَا عُرِفَ اللَهُ وَبِنَا عُبِدَ اللَهُ، نَحْنُ الْأَدِلَّاءُ عَلَى الله وَلَوْلَانَا مَا عُبِدَ اللَهُ». (الشيخ الصدوق، التوحيد: ص152؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص260).

وروي أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لسلمان الفارسي وأبي ذرّ الغفاري: «إِنَّهُ لَا يَسْتَكْمِلُ أَحَدٌ الْإِيمَانَ حَتَّى يَعْرِفَنِي‏ كُنْهَ‏ مَعْرِفَتِي‏ بِالنُّورَانِيَّةِ، فَإِذَا عَرَفَنِي بِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ فَقَدِ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، وَشَرَحَ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، وَصَارَ عَارِفاً مُسْتَبْصِراً، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَهُوَ شَاكٌّ وَمُرْتَابٌ. يَا سَلْمَانُ وَيَا جُنْدَبُ! قَالا: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ. قَالَ(عليه السلام): مَعْرِفَتِي بِالنُّورَانِيَّةِ مَعْرِفَةُ اللهِ، ‏وَمَعْرِفَةُ اللهِ مَعْرِفَتِي بِالنُّورَانِيَّةِ، وَهُوَ الدِّينُ الْخَالِصُ الَّذِي قَالَ اللَهُ تَعَالَى:‏ (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )». (محمّد بن علي بن الحسين العلوي، المناقب: ص67؛ الحافظ رجب البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص255؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص1).

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ أَتَى [قَبْرَ] الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَتَبَهُ‏ اللَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص279؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص581؛ المشهدي، المزار: ص326؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص70).

ورُويَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ أَتَى [قَبْرَ] الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ غَفَرَ [اللَهُ‏] لَهُ‏ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ». (الكليني، الكافي: ج4، ص582؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص263؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص309؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص86؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص22).

رُويَ عَن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرِيرٍ الْقُمِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام) يَقُولُ لِأَبِي: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَانَ‏ مِنْ‏ مُحَدِّثِي‏ اللَه فَوْقَ عَرْشِهِ، ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص268؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص73).

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَانَ‏ كَمَنْ‏ زَارَ اللَهَ‏ فِي عَرْشِهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص282؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص77). ‏

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام): «أَبْلِغْ شِيعَتِي أَنَّ زِيَارَتِي‏ تَعْدِلُ‏ عِنْدَ الله‏ أَلْفَ حِجَّةٍ. قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام): أَلْفَ حِجَّةٍ؟ قَالَ: إِي وَالله وَأَلْفَ أَلْفِ حِجَّةٍ لِمَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص510؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص120؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص98؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص583؛ أبو القاسم الطبري، بشارة المصطفى: ص48؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص33).

قَالَ الرّاوي: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ(عليه السلام) وَقَدْ ذُكِر أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‏(عليه السلام) فَقَالَ: «يَا بْنَ مَارِدٍ! مَنْ‏ زَارَ جَدِّي‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اللَهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةً مَقْبُولَةً وَعُمْرَةً مَبْرُورَةً. وَالله يَا بْنَ مَارِدٍ مَا يُطْعِمُ اللَهُ النَّارَ قَدَماً اغْبَرَّتْ فِي زِيَارَةِ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام)، مَاشِياً كَانَ أَوْ رَاكِباً. يَا بْنَ مَارِدٍ! اكْتُبْ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَاءِ الذَّهَبِ». (إبراهيم بن محمّد الثقفي، الغارات: ج2، ص854؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص214؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص202؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج56، ص176).

(الملحق:4)

نبذة من فضائل السيّدة زينب الكبرى‘

أ ـ علم السيّدة زينب÷

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام): «يَا عَمَّةِ!...أَنْتِ بِحَمْدِ الله عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ». (الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص31؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص164؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص370).

ب ـ النيابة الخاصّة من قبل الإمام الحسين(عليه السلام)

أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «دَخَلْتُ‏ عَلَى‏ حَكِيمَةَ بِنْتِ‏ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا، أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ(عليه السلام)، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بِالْمَدِينَةِ، فكَلَّمْتُهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَسَأَلْتُهَا عَنْ دِينِهَا، فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأْتَمُّ بِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: فُلَانُ بْنُ الْحَسَنِ(عليه السلام)، فَسَمَّتْهُ. فَقُلْتُ لَهَا: جَعَلَنِيَ اللَهُ فِدَاكِ، مُعَايَنَةً أَوْ خَبَراً؟ فَقَالَتْ: خَبَراً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام)، كَتَبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ. فَقُلْتُ لَهَا: فَأَيْنَ الْمَوْلُودُ؟ فَقَالَتْ: مَسْتُورٌ. فَقُلْتُ: فَإِلَى مَنْ تَفْزَعُ الشِّيعَةُ؟ فَقَالَتْ: إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام). فَقُلْتُ لَهَا: أَقْتَدِي بِمَنْ وَصِيَّتُهُ إِلَى الْمَرْأَةِ؟ فَقَالَتْ: اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)، إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ(عليه السلام) أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ÷ فِي الظَّاهِرِ، وَكَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ عِلْمٍ يُنْسَبُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ تَسَتُّراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص501؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج46، ص20). ‏

ج ـ أقوال العلماء فيها

السيّد الخوئي+:

«إنّها شريكة أخيها الحسين(عليه السلام) في الذبّ عن الإسلام والجهاد في سبيل الله، والدفاع عن شريعة جدّها سيّد المرسلين، فتراها في الفصاحة كأنّها تفرغ عن لسان أبيها، وتراها في الثبات تنبئ عن ثبات أبيها، لا تخضع عند الجبابرة، ولا تخشى غير الله سبحانه، تقول حقّاً وصدقاً، لا تحرّكها العواصف، ولا تزيلها القواصف، فحقّاً هي أخت الحسين(عليه السلام) وشريكته في سبيل عقيدته وجهاده». (المحقّق الخوئي، معجم رجال الحديث: ج24، ص219).

بعض علماء أهل السنّة:

 ـ «وكانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة، زوّجها أبوها عليG من عبد الله بن أخيه جعفر». (ابن الأثير، أسد الغابة: ج5، ص469).

 ـ «وكانت عاقلة لبيبة جزلة، زوّجها أبوها ابن أخيه عبد الله بن جعفر، فولدت له أولاداً، وكانت مع أخيها لما قُتل، فحُملت إلى دمشق، وحضرت عند يزيد بن معاوية، وكلامها ليزيد بن معاوية حين طلب الشامي أختها فاطمة مشهور، يدلّ على عقل وقوّة جنان». (ابن حجر، الإصابة: ج8، ص166 ـ 167).

 ـ «السيّدة زينب بنت علي، كانت من فضليات النساء وشريفات العقائل، ذات تقى وطهر وعبادة...». (فريد وجدي، دائرة المعارف: ج4، ص795).

 ـ «زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين عليّ بن أبي طالب (سلام الله عليهما)، أمّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، الطهر الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، بنت فخر الأمّة وسيّدها ونبيّها محمّدo. وهي الصدّيقة الكبرى، عقيلة بني هاشم، العالمة غير المعلّمة، والفهمة غير المفهّمة، عاقلة لبيبة جزلة، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضى وأمّها الزهراء (سلام الله عليهما)، وامتازت بمحاسنها الكثيرة، وأوصافها الجليلة، وخصالها الحميدة، وشيمها السعيدة، ومفاخرها البارزة، وفضائلها الطاهرة». (كحالة، أعلام النساء المؤمنات: ج2، ص92).

(الملحق:5)

 «إنّ عمر رفس‏ فاطمة÷ حتّى أسقطت محسناً‏».

مصادر أهل السنّة: الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1، ص139؛ ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج1، ص268 (بهذا المضمون).

«... وَصَاحَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ‏ بِفِضَّة: يَا فِضَّةُ! مَوْلَاتَكِ، فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النِّسَاءُ، فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ وَرَدِّ الْبَابِ، فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً». (الخصيبي، الهداية الكبرى: ص408؛ العلّامة البحراني، حلية الأبرار: ج2، ص669؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص19).

ورويَ أنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «وَأَمَّا ابْنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ...وَكُسِرَ جَنْبُهَا [وَكُسِرَتْ جَنْبَتُهَا] وَأَسْقَطَتْ‏ جَنِينَهَا...فَأَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ ظَلَمَهَا، وَعَاقِبْ مَنْ غَصَبَهَا، وَذَلِّلْ مَنْ أَذَلَّهَا، وَخَلِّدْ فِي نَارِكَ مَنْ ضَرَبَ جَنْبَهَا، حَتَّى أَلْقَتْ وَلَدَهَا...». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص99 ـ 101؛ أبو القاسم الطبري، بشارة المصطفى: ص197؛ ابن شاذان، الفضائل: ص8؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص110؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص38 ـ 39؛ ج 43، ص172 ـ 173؛ ج 31، ص620). ‏

مصادر أهل السنّة: الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص35.

كما وردت الإشارة إلى إسقاط فاطمة‘ لجنينها في المصادر التالية:

الطبري، دلائل الإمامة: ص26 ـ 27؛ الخصيبي، الهداية الكبرى: ص417؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص332 ـ 335؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص185.

مصادر أهل السنّة: المسعودي، إثبات الوصية: ص142؛ الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص59؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج14، ص319؛ الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1، ص139.

كلام الشيخ الصدوق حول إسقاط المحسن:

[قالَ الصدوقُ في معنى قولهِ: «إِنَّ لَكَ كَنْزاً فِي الْجَنَّةِ»]...وقد سمعتُ بعض المشايخ يذكرُ أنّ هذا الكنز هو ولده‏ المحسن(عليه السلام)، وهو السقط الذي ألقته فاطمةُ (علیها السلام) لما ضُغطت بين البابين‏». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص206).

كلام الشيخ الطوسي حول إسقاطه:

قال الشيخ الطوسي: «والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أنّ عمر ضرب على بطنها حتّى أسقطت، فسُمّي السقط محسناً، والرواية بذلك مشهورة عندهم». (الشيخ الطوسي، تلخيص الشافي: ج3، ص156 ـ 157).

(الملحق:6)

قَالَ الإمامُ السَّجّادُ(عليه السلام): «إِنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَطِيرُ فَرَحاً، فَيَجُولُ الْأَرْضَ‏ كُلَّهَا بِشَيَاطِينِهِ‏ وَعَفَارِيتِهِ، فَيَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ الشَّيَاطِينِ! قَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ الطَّلِبَةَ، وَبَلَغْنَا فِي هَلَاكِهِمْ الْغَايَةَ، وَأَوْرَثْنَاهُمُ النَّارَ إِلَّا مَنِ اعْتَصَمَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ؛ فَاجْعَلُوا شُغُلَكُمْ بِتَشْكِيكِ النَّاسِ فِيهِمْ، وَحَمْلِهِمْ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَإِغْرَائِهِم بِهِمْ وَأَوْلِيَائِهِمْ، حَتَّى تَسْتَحْكِمُوا ضَلَالَةَ الْخَلْقِ وَكُفْرَهُمْ، وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ نَاجٍ‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص266، منشورات دار المرتضوية؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص60؛ ج 45، ص183).

(الملحق:7)

صرخة السيّدة الزهراء‘ عند سماعها كلام رسول الله حول ظلم أهل البيت^: «...فَلَمَّا سَمِعَتْ فَاطِمَةُ÷ مَا قَالَ رَسُولُ الله’ صَرَخَتْ‏ وَبَكَتْ، ‏ فَبَكَى‏ رَسُولُ الله لِبُكَائِهَا». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص493).

صرخة السيّدة زينب‘ عند استشهاد أمير المؤمنين(عليه السلام): «...فعند ذلك‏ صرخت‏ زينب‏ بنت علي‘ وأمّ كلثوم وجميع نسائه، وقد شقّوا الجيوب ولطموا الخدود، وارتفعت الصيحة في القصر فعلم أهل الكوفة أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قد قُبض‏». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج42، ص293).

العويل:

«العَويلُ رفعُ الصوتِ بالبُكاءِ». (ابن منظور، لسان العرب: ج11، ص482؛ البغدادي، خزانة الأدب: ج2، ص75).

عويل السبايا عند قبر الإمام الحسين(عليه السلام) عند عودتهم من الشام: «ثمّ أصبحوا عند قبر الحسين(عليه السلام)، فأقاموا يوماً وليلةً يصلّون ويستغفرون، ثمّ ضجّوا ضجّة واحدة بالبكاء والعويل‏...». (ابن نما الحلّي، ذوب النضار: ص84؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص359).

عويل السيّدة الزهراء‘:

«يَا إِلَهِي عَجِّلْ‏ وَفَاتِي‏ سَرِيعاً
فَلَقَدْ تَنَغَّصَتِ الْحَيَاةُ يَا مَوْلَائِي

قَالَتْ: ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا وَأَخَذَتْ بِالْبُكَاءِ وَالْعَوِيلِ لَيْلَهَا وَنَهَارَهَا». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص177).

إخبار النبي بمصائب الحسين(عليه السلام) وعويل الناس: قَالَ رَسُولُ الله’: «قَدْ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنَّ وَلَدِي‏ هَذَا مَقْتُولٌ‏ بِالسَّمِ‏، وَالْآخَرُ شَهِيدٌ مُضَرَّجٌ بِالدَّمِ. اللَّهُمَّ فَبَارِكْ لَهُ فِي قَتْلِهِ، وَاجْعَلْهُ مِنْ سَادَاتِ الشُّهَدَاءِ. اللَّهُمَّ وَلَا تُبَارِكْ فِي قَاتِلِهِ وَخَاذِلِهِ، وَأَصْلِهِ حَرَّ نَارِكَ، وَاحْشُرْهُ فِي أَسْفَلِ دَرْكِ الْجَحِيمِ. قَالَ: فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالْعَوِيلِ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ: أَيُّهَا النَّاسُ! أَتَبْكُونَهُ وَلَا تَنْصُرُونَهُ‏». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص248؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص118).

عويل أهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام): «فلمّا نظر أخوات‏ الحسين‏ وبناته وأهله إلى الفرس ليس عليه أحد، رفعن أصواتهنّ بالبكاء والعويل، ووضعت أم كلثوم يدها على أمّ رأسها ونادت: وا محمّداه! وا جدّاه! وا نبيّاه! وا أبا القاسماه! وا عليّاه! وا جعفراه! وا حمزتاه! وا حسناه! هذا حسين بالعراء، صريع بكربلاء، مجزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والرداء، ثمّ غُشي عليها». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص60).

النحيب:

«النَّحْبُ‏ والنَّحِيبُ‏: رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ». (الجوهري، الصحاح: ج1، ص222؛ ابن منظور، لسان العرب: ج1، ص749؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج12، ص297؛ الزبيدي، تاج العروس: ج2، ص419).

نحيب الملائكة على مصاب الإمام الحسين(عليه السلام): قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِر(عليه السلام): «...لَمَّا قُتِلَ‏ جَدِّيَ‏ الْحُسَيْنُ‏(عليه السلام) ضَجَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الله تَعَالَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا! أَتَغْفَلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأَوْحَى اللَهُ} إِلَيْهِمْ: قَرُّوا مَلَائِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، ثُمَّ كَشَفَ اللَهُ} عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) لِلْمَلَائِكَةِ، فَسُرَّتِ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ اللَهُ}: بِذَلِكَ الْقَائِمُ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ‏». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص160).

نحیب الإمام الرضا(عليه السلام) عند وداع النبي الكريم: «عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي محول [مُخَوَّلٌ‏] السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: «لَمَّا وَرَدَ الْبَرِيدُ بِإِشْخَاصِ‏ الرِّضَا(عليه السلام) إِلَى خُرَاسَانَ كُنْتُ أَنَا بِالْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُوَدِّعَ رَسُولَ الله، فَوَدَّعَهُ مِرَاراً، كُلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْقَبْرِ وَيَعْلُو صَوْتُهُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ...‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص234؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج49، ص117).

المحاضرة الثالثة عشرة

مسؤوليّة الدعاة طلب الإصلاح في الأُمّة

25كانون الأوّل 2008م= 26 ذو الحجّة 1429هـ

(لقاء مع الدعاة والمبلّغين)

طلب الإصلاح في أُمّة النبي

على كلّ من يشتغل في عملٍ أن يعرف طبيعة عمله كما هو حقّه، ولو أنّكم عرفتم في أيّ طريق تسيرون، وأيّ عمل تمارسون لما توانيتم في ليل أو نهار، ولقد قال سيّد الشهداء(عليه السلام) نفسه: «إِنَّمَا خَرَجْتُ‏ لِطَلَبِ‏ الْإِصْلَاحِ‏ فِي‏ أُمَّةِ جَدِّي»([[268]])، حسبكم هذه الجملة فقط: إنّ الطريق الذي تسيرون فيه هو عين الطريق الذي سار فيه سيّد الشهداء(عليه السلام)، والعمل الذي تبغون القيام به هو الإصلاح في أُمّة جدّه، وهذا هو ذات العمل الذي ذكره الإمام(عليه السلام) مستعملاً أُسلوب الحصر: «إِنَّمَا خَرَجْتُ‏ لِطَلَبِ‏ الْإِصْلَاحِ‏ فِي‏ أُمَّةِ جَدِّي» كلّ ما في الأمر يكمن في هذه الجملة، وعليه ينبغي أن نعرف ما الذي يجب أن نفعله لإصلاح هذه الأُمّة؟

فما إن تغادروا هذا المكان يجب أن تفكّروا فيما أحدثته عاشوراء، وما قام به أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)، وما هو الهدف من كلّ ذلك؟

أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)

ما هو هدف أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)؟ إنّ مجرّد تصوّر ذلك يصيب الإنسان بالعجز، حيث لم يكن القتل آنذاك بهذه السهولة، لتكفي طلقة واحدة لإنهاء حياة الإنسان، فلأيّ أمرٍ كان مستعدّاً كلُّ من تقدّم للقتال؟ إنّ الإنسان ليصاب بالحيرة كلّما تذكّر تلك الكلمة التي قالها أحد أصحاب الإمام(عليه السلام)، كلمة ينبغي أن يدرك معناها شخص بمستوى الشيخ الأنصاري+ فقط، فإنّ تصوّرها يترك العقل حائراً مندهشاً، قال: يا بن رسول الله! لو كانت هذه الحياة أبدية، فإنّي أحبّ الفناء في سبيلك على البقاء حيّاً([[269]]).

هذا ما جعل شَعرة من رأس صاحب الإمام تعدل الدنيا وأهلها، هكذا كان أصحابه(عليه السلام)، فما بالك به(عليه السلام) هو؟ فلا أحد عرف سيّد الشهداء(عليه السلام)، ولا أحد فهم ما هي عاشوراء؟ ولا أحد أدرك من هم أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)؟([[270]]) (الملحق:1)

وما معنى الأبدية؟ فإنّ لها شرحاً طويلاً لا يتّسع له الوقت هنا، إنّ هذا الرجل من أصحاب الإمام(عليه السلام) يبيع الحياة الأبدية بالفناء والقتل، أي يضع الجنّة الأبدية جانباً ليفنى في سبيله، فما هي المسؤولية الملقاة على عاتقنا نحن؟ فهم قاموا بما عليهم، ولم يبق لنا إزاءهم سوى الشعور بالخجل، «يا ليتنا كنّا معكم»، فما الذي فعلناه من أجل هذا الدين؟ وما الخطوات التي اتّخذناها في طريق تحقيق الهدف الذي قُتل في سبيله سيّد الشهداء(عليه السلام)؟

تمهيد الأرضية للتأثير

ما إن تسافروا إلى مناطق عملكم التبليغي ينبغي لكم أن تمهّدوا الأرضية المناسبة منذ الليلة الأولى؛ لأنّ هذا الكلام يحتاج إلى الإعداد والتمهيد:

 أوّلاً: يجب عليكم التوكّل على الله وحده.

ثانياً: ينبغي لكم التوسّل بولي العصر والزمان(عجل الله فرجه الشريف)([[271]]) (الملحق:2)، ليعينكم في مبتغاكم.

فأيّ توفيق هذا لتخرج هذه القرعة باسمكم، لتذهبوا إلى تلك المناطق وترفعوا خطواتكم في طريق أهداف الإمام الحسين(عليه السلام)، لا ريب في أنّكم قمتم بعمل صالح دفعكم إلى هذا التوفيق.

قبل كلّ شيء يجب أن تمهّدوا الأرضية والأجواء، أي اطلبوا من جميع الناس أن يعملوا وفقاً لهذا البرنامج: ليقرؤوا سورة التوحيد بعد صلاة الصبح إحدى عشرة مرّة، ([[272]]) وقوموا أنتم بهذا العمل أيضاً، وليقرؤوها عند النوم أيضاً إحدى عشرة مرّة أُخرى([[273]]) (الملحق:3)، وفي طيلة اليوم والليلة أثناء أوقات الفراغ([[274]])؛ لأنّ هذه السورة هي نسبة الربّ([[275]]) (الملحق:4)، وهي سورة عظيمة.

نذكر هنا عصارة القول لتتهيّأ النفوس، فحينما يراد نثر البذور في الأرض لا بدّ من تحضير التربة أوّلاً، وما يمهِّد الأرضية هو كلام الله تعالى، وليس كلامنا نحن، فاعملوا بهذا التوجيه وانصحوا الجميع للعمل به، فكما ذكرت سابقاً اقرؤوا هذه السورة بعد صلاة الصبح إحدى عشرة مرّة، وعند النوم مثل ذلك، وفي أثناء اليوم في أوقات الفراغ، وفي حال المشي مثلاً، وكلّما قُرئت هذه السورة أكثر فذلك أفضل. ثمّ يهدي الجميع ثواب هذا العمل منذ اليوم الأوّل إلى إمام العصر والزمان#، ليشملهم برعايته ولطفه.

فلو قرأ الناس الكادحون في ذلك المكان سورة التوحيد مئة أو مئتي مرّة في اليوم الواحد، وأهدوها إلى إمام العصر والزمان#، فهل يمكن ألّا ينظر إليهم الإمام بعين الرحمة والرأفة؟ إنّ إمام العصر والزمان# هو الذي يعرف سورة التوحيد، هذا هو الطريق.

هذا أوّل عمل ينبغي الإعلان عنه منذ الليلة الأُولى، وينبغي لجميع الناس أن يزاولوه ولا يتركوه، ولا بدّ أن يواصلوا هذا العمل حتّى بعد عودتكم من مناطقهم؛ لأنّه كفيل بالحفاظ عليهم وحمايتهم من المخاطر، فحفظ الناس له طريق، وهذا عمل لا بدّ أن تقوموا به.

وظيفة المبلّغين والدعاة

أمّا البرنامج الذي ينبغي لكم العمل به فهو أن تغتنموا الفرصة وتفكّروا في الليل والنهار بما جرى على أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام) في تلك الدقائق، فإنّهم مضوا من أجل الحفاظ على هذه الأُمّة، وأنتم تنوون مواصلة الهدف ذاته.

موضوعات المنبر

أوّلاً: تعليم أحكام اللّه

اسعوا خلال مدّة تواجدكم في تلك المناطق إلى تعليم الناس الواجبات والمحرّمات والأحكام الإلهية المختلفة، هذه وظيفتكم الأُولى، هيّؤوا التربة بسورة التوحيد، ثمّ انثروا فيها البذور.

ثانياً: تعزيز الارتباط بإمام العصر والزمان# بواسطة زيارة آل يس.

اقرؤوا ـ أنتم أو من ينوب عنكم ـ زيارة «سلام على آل يس» في مستهلّ كلّ محاضرة حتماً، وليس من الضروريّ قراءة أدعيتها لئلّا يسأم الناس؛ لأنّ وليّ العصر# قال: «إِذَا أَرَدْتُمُ‏ التَّوَجُّهَ‏ بِنَا إِلَى الله وَإِلَيْنَا فَقُولُوا كَمَا قَالَ اللَهُ تَعَالَى: سَلَامٌ عَلَى آلِ يس‏»([[276]])، هذه هو تأثير هذه الزيارة.

ثالثاً: بيان أُصول العقائد

حاولوا أن تشتمل محاضراتكم على أُصول العقائد أيضاً.

رابعاً: إلقاء محبّة اللّه في القلوب

ذكّروا الناس بنعم الله جلّ وعلا؛ لأنّ الفطرة متى استيقظت انطلقت في مسيرها: «ذَكِّرْهُمْ‏ آلَائِي‏ وَنَعْمَائِي»، وهذه نقطة مهمّة جدّاً.

لقد أوحى الله إلى موسى بن عمران(عليه السلام): «حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي». تأمّلوا في لطف الله تعالى وكرمه، إنّه غنيّ على الإطلاق، فلم نكن جميعاً سوى نطفة، فانظروا كم نسمة على وجه الأرض الآن؟ كم مليارداً؟ ولو جمعت المادّة المكوّنة لجميع هؤلاء لما تعدّت عقد الأصبع، وقد تحوّلت مجموعةٌ من الذرات المجهرية الدقيقة في النطفة إلى مثل هذا الشكل، فمن الذي فعل ذلك؟ 

(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) ([[277]]).

ثمّ إنّه تعالى جعل هذه النطفة القذرة النجسة التافهة إلى أبعد حدّ تنمو في ظلمات بطن الأُم ورحمها ومشيمتها ([[278]])، حيث لم يعلم الأب بهذه النطفة ولا الأُم، هكذا خلق منها الأعضاء والجوارح والقوى والإدراكات المختلفة للبشر. وما يدهش الألباب أنّ الباري تعالى أوحى لنبيّه موسى(عليه السلام): «حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي»، مع أنّه غير محتاج إلى محبّة البشر، وهو غنيّ على الإطلاق.

لقد تكوّنت جميع عوالم الوجود بكلمة واحدة هي «كُنْ»، حيث قال تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)([[279]])، ولو أراد أن يُفني كلّ شيء لم يكن لأحد أن يعترض على ذلك؛ إذ (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)([[280]]).

غاية الأمر أنّ الله تعالى كلّه لطف، فهو يريد أن يحبّه الناس؛ ذلك أنّ محبّة الله تعالى تقود إلى الحياة الأبدية، فهو يريد أن يُظهر لطفه، ويتحدّث بهذا اللسان، وعندما قال النبي موسى(عليه السلام):: «يَا رَبِّ! كَيْفَ أَفْعَلُ؟»، فجاءه الخطاب منه تعالى قائلاً: «ذَكِّرْهُمْ‏ آلَائِي‏ وَنَعْمَائِي لِيُحِبُّونِي‏»([[281]]).

اُنظروا إلى القرآن الكريم حيث تبيّن آياته ما فعله الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)([[282]])، إنّه يقلّب الأوقات والفصول، من الربيع إلى الخريف، ومن الصيف إلى الشتاء، وهو يحرّك هذا النظام، وقد بسط مائدة عظيمة على وجه الأرض، وأجلس الجميع ليأكلوا منها، بيّنوا نِعَم الله إلى العباد، وأنّ الإنسان لم يكن إلّا نطفة نتنة! فكلّ ما لديه هو من الله سبحانه؛ فماذا بوسعه أن يدّعي. لو أدرك الإنسان لوجد أنّه ليس بشيءٍ، ولا يملك أيّ شيء، فما الذي نمتلكه ليدّعي المدّعي منّا أنّني عالم؟ أين هو العلم؟ وأين هو الفهم؟ فإذا نام الإنسان غاب عنه كلّ شيء، ولا يعرف عن الدنيا شيئاً، حتّى لو كان من أمثال الشيخ الأنصاري+، فلا يميّز أنّ كلمة الفقه تكتب بالقاف أو الغين، فالإنسان مسكين إلى هذا الحدّ، وهؤلاء الذين يصرخون بأنّنا نفعل كذا وكذا ما إن يحلّ الظلام حتّى يبعث الله عليهم جند النوم، فيصمت كلّ رئيس، وتخبو جميع الأصوات المرتفعة، وتتبدّد جميع هذه القوى في العالم! حتّى أولئك الذين يقولون لو نشاء لفعلنا كذا بالدنيا بواسطة القنبلة النووية، حينما ينتصف الليل ويخلدون إلى النوم لا يدرون عندئذٍ بما يحلّ بهم ولا بأزواجهم وأولادهم، فما بالك بقنبلتهم النووية!

(لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)، لا بدّ من فهم هذا جيّداً، فلآية الكرسي أهمّية كبرى([[283]])، (الملحق:5) (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ...)([[284]])، فسياق الآيات وتناسقها أمر عجيب.

خامساً: الردّ على الشبهات

ابتعدوا عن إثارة الشبهات في أحاديثكم، بل ترصّدوا تلك الشبهات الرامية إلى إغواء الناس، واعملوا على الردّ عليها ومعالجتها، والسبيل الأمثل في ردّها يتمثّل في طرح الجوانب الإيجابية فقط، من الأُسس الدينية وفضائل أهل البيت^، وعدم الخوض في شبهات المذاهب الباطلة؛ لأنّ الخوض فيها أمر خاطئ، احترسوا فقط لئلّا يقع أحد المؤمنين في شراك تلك الشبهات، عندئذٍ اعملوا على معالجتها وإزالتها، ولا شك في أنّ جميع القدرات العلمية في العالم تتلاشى أمام القدرة العلمية لمذهب أهل البيت^.

قصّة (ليلة عيسى) في رشت

إنّها قصّة معروفة في مدينة رشت، خلاصتها: أنّني عندما عدتُ من النجف الأشرف، وكنتُ في ريعان الشباب، توجّهت بصحبة المرحوم الشيخ نصر الله الخلخالي+ إلى مدينة رشت، فطلبوا منّا البقاء حتّى شهر رمضان الكريم، فكنتُ ألقي بعض المحاضرات في أحد مساجدها يُدعى مسجد «كاسه فروشان»، كنتُ حينها ذا عزيمة قويّة، فقال أهالي المدينة: إنّ المسيحيين يبشّرون لدينهم في مدينتنا، فشرعت في الردّ عليهم.

في الليلة الثالثة عشرة من شهر رمضان، اجتمع كبار المسيحيين من مختلف المناطق في مدينة رشت، ولم يُسمح لهم بالدخول في المسجد، وانتظروا خارجه، وقد تحدّثتُ في تلك الليلة عن السيّد المسيح(عليه السلام)، وذكرتُ بعض الإشكالات في هذا المجال، وطلبتُ منهم الإجابة عنها، حيث كانوا يستمعون إلى المحاضرة، بل قلتُ لهم: ارفعوا في هذا الأمر تقريراً إلى البابا، وإذا ما ورد الردّ منه فسأُذيعه من على هذا المنبر نفسه، ثمّ انتشرت هذه القصّة، وعُرفت حينها باسم (ليلة عيسى).

ومنذ ذلك الحين إلى اليوم لم يرد أيّ جواب، على الرغم من أنّهم أرسلوا الإشكالات المذكورة، وقد تابعتُ المسألة، لأنّها لم تكن ألعوبة. والخلاصة أنّني لم أتلقَّ أيّ جواب يُذكر على الرغم من المتابعة الحثيثة، وقد ثبت أنّهم عجزوا عن الردّ، فهذه هي قوّة مذهب أهل البيت^، لكنّنا نجهل قدرة هذا الدين وقوّة هذا المذهب، مع أنّ عظمته تفوق البيان.

لكنّ المصيبة أنّ شرذمةً تافهةً من الوهابيين بدؤوا يملؤون بعض المساحات التي رأوها فارغة؛ ليروّجوا للوهابيّة التي لا تعدّ شيئاً يذكر، أعني هؤلاء الذين يؤمنون بالتجسيم وأنّ الله تعالى جسم([[285]])، ومن الواضح أنّه حينما يعدّ الله جسماً يكون قابلاً للتجزئة، وإذا كان قابلاً للتجزئة كان مركّباً، وإذا مركّباً كان محتاجاً إلى الأجزاء، وكذا إلى من يركِّب تلك الأجزاء بعضها مع بعض، إنّ مستوى تفكير هؤلاء هو الاعتقاد بجسمية الله}.

ثمّ إنّ هؤلاء تغلغلوا في بعض مناطقنا لقصورنا، مع علمنا بقوّة مذهبنا حيث يقول أمير المؤمنين(عليه السلام):

«الْحَمْدُ لِله الَّذِي لَا يَبْلُغُ‏ مِدْحَتَهُ‏ الْقَائِلُونَ، ‏ وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ، وَلَا يُؤَدِّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ، الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَلَا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ. أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ، وَكَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ؛ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ»([[286]]). هذا هو بيان أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهذه هي العبودية لله تعالى، مما يكشف أنّ هذا الدين وهذا المذهب لم يعرف قدره أحد، وهذا هو سبيل الرد على الشبهات.

سادساً: الوقوف على القابليات وتنميتها

الأمر الآخر الجدير بالذكر هو أنّه لا ينبغي لكم الاكتفاء بالمنبر الحسيني، بل حاولوا جمع الشباب، واللقاء بهم؛ لمعرفة طاقاتهم وقابلياتهم، وتنشئتهم تنشئة دينية، وتفهيمهم عظمة هذا المذهب، فإذا اشتدّ ساعدهم وارتفع مستواهم فسيتمكّنون من إيصال الشبهات إليكم لتردّوا عليها وتعلّمونها لهم.

وأعدّوا أيضاً أفراداً عالمين بالأحكام الدينية ليملؤوا الفراغ، ويسدّوا النقص في غيابكم، فلو استطعتم القيام بمثل ذلك، فلا ريب أنّ اسمكم سيُكتب تحت اسم حبيب بن مظاهر، وتعودون من السفر ملأى اليدين.

حكاية الميرزا الشيرازي مع شيخ رثّ الثياب

ثمّة حكاية لا أنساها أبداً، وقد ذكرتها مراراً في أماكن متعدّدة، ولكن مهما ذكرتها يبقى قليلاً، وسأنقلها لكم بإذن الله تعالى.

كان الميرزا الشيرازي+ من كبار علماء التشيّع، بل هو فحل الفحول، ومن أبرز تلامذته الآخوند الخراساني+، الذي حضر درسه أربع سنوات، ليصبح إثر ذلك الآخوند المعروف. ولا يخفى أنّ الأُسس الفكرية للميرزا النائيني+ هي ذات الأُسس الفكرية للميرزا الشيرازي+، وكانت له منزلة علمية ومكانة اجتماعية كبيرة في الأوساط المختلفة، وفي السنوات الأخيرة لم يكن من السهل الوصول إلى الميرزا واللقاء به، بل كان بابه مغلقاً إلّا أمام بعض الخواص، من أمثال السيّد محمّد الفشاركي والشيخ محمّد تقي الشيرازي.

ذات يوم طرق بابه شيخ رثّ الثياب طالباً زيارته واللقاء به، فقال له الخادم: ماذا تقول أيّها الشيخ! يأتي إلى هنا الأعلام ولا تتوفر لدى الشيخ فرصة اللقاء بهم، وتريد أنت زيارته؟ فردّ الشيخ: ليس عليك سوى أن تخبر الميرزا أنّ الشيخ فلاناً على الباب، وبالفعل جاء الخادم وأخبر الميرزا بذلك، فما كان منه إلّا أن نهض من مكانه مسرعاً وارتدى ملابسه، ووضع عمامته على رأسه، وجاء نفسه لاستقباله، ثمّ أدخل الشيخ على رثاثة ثيابه، وأجلسه في صدر المجلس، وجلس بين يديه بكلّ أدب واحترام وسط تعجّب الجميع وتسائلهم: ماذا يعني هذا التصرّف؟ من هذا الشيخ؟ وما هي حكايته؟

وبعد مدّة تبادلا فيها أطراف الحديث، نهض الشيخ مستأذناً في الانصراف، فشيّعه الميرزا إلى باب الدار، وودّعه عندئذٍ، فسأله الأساطين من تلاميذ الميرزا: من هذا الرجل؟ ولماذا تصرّفت معه بهذه الطريقة؟

بينا هم ينظرون إليه إذ تنهد الميرزا الشيرازي، تأمّلوا ذلك جيّداً، فقد كانت للميرزا منزلته العلمية، بحيث كان تلامذته يبالغون في مراعاته، لوقوفهم على مكانته ومقامه، وبعد مضي فترة استعاد الميرزا فيها أنفاسه قال لهم: سأخبركم بخلاصة حكاية هذا الشيخ: إنّ أُمنيتي أن تنقل جميع الدروس التي درّستها، والتلاميذ الذين تخرّجوا على يديّ، والفتاوى التي أصدرتها، من سجلّي إلى سجل هذا الشيخ، وفي المقابل أن ينقل ما قام به هذا الشيخ إلى سجلّي، فأثار هذا الكلام مزيداً من الاستغراب لدى الحاضرين!

وتابع قائلاً: القصّة كما يلي، كان هذا الشيخ زميلي في الدرس والمباحثة، وذات يوم جاءني ليقول: عزمت على الرحيل، فقلت: إلى أين؟ قال: أُريد الذهاب إلى المنطقة الفلانية في إحدى القرى لأعيش فيها، فقلت له: إنّ مستقبلاً زاهراً ينتظرك بسبب نبوغك وألمعيتك، فكيف تريد أن تذهب إلى هذه المنطقة النائية؟ فردّ: أرى أنّ تكليفي يحتّم عليّ الرحيل، ورحل الشيخ. . تأمّلوا جيّداً ماذا فعل هؤلاء؟ فإنّ أيام هذه الدنيا في انصرام، ولا تمكث بعدها سوى الحسرة!

ذهب الشيخ إلى تلك القرية التي يقطنها أهل السنّة فقط، ولا يقطنها شيعي واحد، فجمع سكّانها، وقال لهم: أيّها الناس! جئت لتأسيس كتّاب لتعليم القرآن، فأرسلوا أبناءكم لأعلّمهم أحكام القرآن الكريم، ولا أُريد منكم أجراً مقابل ذلك، والناس في القرى والأرياف يسألون الله أن يأتيهم من يعلّم أبناءهم القرآن، ولا سيما إذا كان ذلك مجاناً، أولئك الفقراء الذين لا تقوى قلوبهم على التفريط بأزهد الأموال.

وهكذا افتتح الشيخ كتّاباً في مسجد القرية، وكان يخرج ليلاً لجمع فتات الخبز اليابس الذي يلقيه سكّان القرية أمام بيوتهم ليقتات عليه، وبدأ يعلّم الأطفال القرآن، ويربّيهم على مودّة أمير المؤمنين(عليه السلام)، يقول الميرزا: فبدأ هؤلاء الأطفال يؤثّرون في آبائهم وأُمهاتهم شيئاً فشيئاً، وأخيراً تمكّن هذا الشيخ أن يحوّل جميع تلك المنطقة إلى مذهب التشيّع بواسطة هذا العمل، فأيّ عمل عظيم هذا؟

فإذا بعث هذا الشيخ من قبره يوم القيامة فإنّ ألف شخص من أمثالنا لا يعدلون تراب قدميه، هذا هو الفن، لقد عمل هذا الشيخ بهذا النحو في تلك القرية، فلا ينبغي استصغار مثل هذه الأعمال، فمن الممكن القيام بأعمال مشابهة.

سابعاً: الأخلاق

إن جرى التحضير لعملكم بصورة جيّدة، وكان هذا العمل يسير وفق برنامج مدروس، فسيكون بوسعكم الاستفادة القصوى من جميع أسفاركم، ومن جملة الوظائف الملقاة على عاتقكم بيان الأُمور الأخلاقية للناس.

ثامناً: فضائل أهل البيت^

ومن وظائفكم الأُخرى في مجالس العزاء بيان فضائل أهل البيت^([[287]]) (الملحق:6)، فلتكن هذه الأُمور من أركان منابركم.

تاسعاً: بيان الروايات

لا تتجاوزوا الروايات أيضاً، فلا تقرؤوا للناس الصحف؛ لأنّ هناك الكثيرين ممن يتصدّون لهذا العمل، بل كرّسوا جميع جهودكم لنشر الدين فقط.

عاشراً: الدعوة إلى اللّه وأهل البيت^ فقط

لا تروّجوا لأحد مطلقاً، ولا أُجيز لكم أن تذكروا اسمي، أو تحاولوا الترويج لرسالتي العملية بين الناس، بل اعملوا على إحياء المذهب فقط، وليقلّد كلّ واحد من يشاء من المراجع.

وانقلوا إلى الناس المسلّمات من الدين والأحكام الدينية، ولا تذكروا إلّا اسم الله والمعصومين الأربعة عشر^.

الملاحق

(الملحق:1)

قالت السيّدة زينب‘ لأخيها الحسين(عليه السلام) ليلة عاشوراء: «أخي [يا بن أمّ]! هل استعلمتَ من أصحابك نيّاتهم؟ فإنّي أخشى أن يسلّموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة! فبكى(عليه السلام) وقال: أما والله لقد نهرتهم وبلوتهم، وليس فيهم إلّا الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن أمّه». (البهبهاني، الدمعة الساكبة: ج4، ص273؛ المقرّم، مقتل الحسين: ج1، ص226؛ المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص341).

نبذة من مناقب أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)

1 ـ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ:‏ «قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ(عليه السلام) لِأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ: إِنَّ رَسُولَ الله’ قَالَ: يَا بُنَيَّ! إِنَّكَ سَتُسَاقُ‏ إِلَى‏ الْعِرَاقِ، ‏وَهِيَ أَرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَأَوْصِيَاءُ النَّبِيِّينَ، وَهِيَ أَرْضٌ تُدْعَى عَمُورَا، وَإِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا، وَيُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، لَا يَجِدُونَ أَلَمَ مَسِّ الْحَدِيدِ، وَتَلَا: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)، ‏ تَكُونُ الْحَرْبُ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ بَرْداً وَسَلَاماً؛ فَأَبْشِرُوا فَوَ الله لَئِنْ قَتَلُونَا فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى نَبِيِّنَا». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص848؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص37 و50؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص62).

2 ـ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «خَرَجَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) يَسِيرُ بِالنَّاسِ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ كَرْبَلَاءَ عَلَى مَسِيرَةِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ، تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى صَارَ بِمَصَارِعِ‏ الشُّهَدَاءِ، ثُمَّ قَالَ: قُبِضَ فِيهَا مِئَتَا نَبِيٍّ وَمِئَتَا وَصِيٍّ وَمِئَتَا سِبْطٍ، كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ بِأَتْبَاعِهِمْ، فَطَافَ بِهَا عَلَى بَغْلَتِهِ خَارِجاً رِجْلُهُ مِنَ الرِّكَابِ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: مُنَاخُ رِكَابٍ وَمَصَارِعُ الشُّهَدَاءِ لَا يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَلَا يَلْحَقُهُمْ مَنْ أَتَى بَعْدَهُمْ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص453 و454؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص73).

3 ـ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن‏(عليه السلام): «...فَإِذَا بَرَزَتْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ إِلَى‏ مَضَاجِعِهَا، تَوَلَّى اللَهُ} قَبْضَ أَرْوَاحِهَا بِيَدِهِ، وَهَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، مَعَهُمْ آنِيَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ، مَمْلُوَّةً مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ وَحُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَطِيبٌ مِنْ طِيبِ الْجَنَّةِ، فَغَسَّلُوا جُثَثَهُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ، وَأَلْبَسُوهَا الْحُلَلَ، وَحَنَّطُوهَا بِذَلِكَ الطِّيبِ، وَصَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَيْهِمْ...». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص260 ـ 266؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص59؛ ج 45، ص128).

4 ـ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ(عليه السلام)، عَنْ أَبِيهِ‏، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (رِضْوَانُ الله عَلَيْهَا) «أَنَّهَا أَصْبَحَتْ يَوْماً تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا: مَا لَكِ؟ فَقَالَت: لَقَدْ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام)، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله’ مُنْذُ مَاتَ‏ إِلَّا اللَّيْلَةَ. فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا لِي أَرَاكَ شَاحِباً؟ فَقَالَ: لَمْ أَزَلْ مُنْذُ اللَّيْلَةِ أَحْفِرُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ وَقُبُورَ أَصْحَابِهِ [ما زِلتُ الليلَةَ أَحْفِرُ قُبوراً لِلحُسَيْنِ وَأَصْحابِهِ^]». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص202؛ الشيخ المفيد، الأمالي: ص319؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص90؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص170؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص230).

(الملحق:2)

عَنِ الإمامِ الحَسَنِ العَسْكَريِّ(عليه السلام)، عَن أَميرِ المُؤمِنينَ(عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «...اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ‏، وَقَدْ غَرِقَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَنَّ سَفِينَةَ نَجَاتِهَا آلُ مُحَمَّدٍ(عليه السلام)». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليه السلام): ص432؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج17، ص242).

کذلك: قَالَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ‏(عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعالى: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ): «أَنَا وَسِيلَتُهُ». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج2، ص273؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص292). ‏

ورُويَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَة) قَالَ: «هُمُ‏ النَّبِيُ‏ وَعَلِيٌ‏ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ^».

مصادر أهل السنّة: الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: ج1، ص446.

ورُويَ أيضاً قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا(عليه السلام)‏: قَالَ رَسُولُ الله: «الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، ‏مَنْ أَطَاعَهُمْ‏ فَقَدْ أَطاعَ‏ اللَهَ‏، وَمَنْ‏ عَصَاهُمْ‏ فَقَدْ عَصَى اللَهَ، هُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَهُمُ الْوَسِيلَةُ إِلَى اللهِ». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص63؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص165).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودة لذوي القربى: ج2، ص318.

وروي [قالت فاطمة الزهراء‘]: «ونحنُ [فنحنُ] وسيلتُهُ في خلقه، ونحنُ خاصّتُه، ومحلّ‏ قدسِهِ‏، [ونحنُ آلُ رسوله] ونحنُ حجّتُه في غيبِه، ونحنُ ورثةُ أنبيائه». (الطبري، دلائل الإمامة: ص114؛ ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة: ج5، ص105).

مصادر أهل السنّة: الجوهري، السقيفة وفدك: ص101؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج16، ص211.

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) يَقُولُ‏: «مَنْ قَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً حِينَ‏ يَأْوِي‏ إِلَى‏ فِرَاشِهِ‏ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَشُفِّعَ فِي جِيرَانِهِ، فَإِنْ قَرَأَهَا مِئَةَ مَرَّةٍ غُفِرَ ذَنْبُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ خَمْسِينَ سَنَةً». (السيّد ابن طاووس، فلاح السائل: ص275؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج73، ص205).

(الملحق:4)

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «إِنَّ اللَهَ الْعَزِيزَ الْجَبَّارَ عَرَجَ بِنَبِيِّهِ إِلَى سَمَائِهِ...فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" كَمَا أَنْزَلْتُ فَإِنَّهَا نِسْبَتِي‏ وَنَعْتِي...». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج2، ص315؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص358). ‏‏

ورويَ في الحديث‏: «لكلّ شي‏ءٍ نسبةٌ ونسبةُ الله‏ سورةُ الإخلاص». (الملا فتح الله الكاشاني، تفسير منهج الصادقين: ج10، ص391؛ الملا فتح الله الكاشاني، زبدة التفاسير: ج7، ص551؛ الشيخ محمّد القمي المشهدي، تفسير كنز الدقائق: ج14، ص505).

ورُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ الله’ فَقَالُوا: انْسُبْ‏ لَنَا رَبَّكَ‏ فَلَبِثَ ثَلَاثاً لَا يُجِيبُهُمْ ثُمَّ نَزَلَتْ‏ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)  إِلَى آخِرِهَا». (الكليني، الكافي: ج1، ص91؛ الشيخ الصدوق، التوحيد: ص93؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج10، ص485؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص390؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص220).

وقَالَ أَبُو هَاشِمٍ‏: إِنِّي قُلْتُ‏ فِي‏ نَفْسِي‏: أَشْتَهِي‏ أَنْ أَعْلَمَ مَا يَقُولُ أَبُو مُحَمَّدٍ(عليه السلام) فِي الْقُرْآنِ أَهُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْقُرْآنُ سِوَى الله؟ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: «أَمَا بَلَغَكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) لَمَّا نَزَلَتْ‏ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) خَلَقَ اللَهُ لَهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ جَنَاحٍ، فَمَا كَانَتْ تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا خَشَعُوا لَهَا وَقَالُوا: هَذِهِ نِسْبَةُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص686؛ يوسف بن حاتم العاملي الشامي، الدرّ النظيم: ص744؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج50، ص254).

وروي في مصادر أهل السنّة: «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ: يَا مُحَمَّدُ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ *)». (أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج5، ص134؛ الترمذي، سنن الترمذي: ج5، ص121؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج2، ص540؛ أحمد بن الحسين البيهقي، شعب الإيمان: ج1: ص114؛ الثعلبي، تفسير الثعلبي: ج10، ص332؛ فخر الدين الرازي، تفسير الرازي: ج32، ص176؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج7، ص146؛ ابن حجر، فتح الباري: ج8، ص568).

(الملحق:5)

قَالَ أَبَو جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ(عليه السلام):‏ «مَنْ‏ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِ‏ مَرَّةً صَرَفَ اللَهُ عَنْهُ أَلْفَ مَكْرُوهٍ مِنْ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا وَأَلْفَ مَكْرُوهٍ مِنْ مَكْرُوهِ الْآخِرَةِ، أَيْسَرُ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا الْفَقْرُ، وَأَيْسَرُ مَكْرُوهِ الْآخِرَةِ عَذَابُ الْقَبْرِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص158؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص262).

وَقَالَ أَميرُ المُؤمِنينَ(عليه السلام):«مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِ‏ فِي‏ دُبُرِ كُلِّ‏ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ تُقُبِّلَتْ صَلَاتُهُ وَيَكُونُ فِي أَمَانِ الله وَيَعْصِمُهُ اللَهُ». (قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص84؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج83، ص34). ‏

وَرُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ‏: «سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ عَلَى أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِ‏ فِي‏ دُبُرِ كُلِ‏ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ، وَلَا يُوَاظِبُ عَلَيْهَا إِلَّا صِدِّيقٌ أَوْ عَابِدٌ، وَمَنْ قَرَأَهَا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ آمَنَهُ اللَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَجَارِهِ وَجَارِ جَارِهِ وَالْأَبْيَاتِ حَوْلَهُ». (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص288؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج73، ص195). ‏

(الملحق:6)

عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): إِنِّي مَرَرْتُ‏ بِقَاصٍّ يَقُصُّ‏ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا الْمَجْلِسُ الَّذِي لَا يَشْقَى بِهِ جَلِيسٌ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! أَخْطَأَتْ‏ أَسْتَاهُهُمُ الْحُفْرَةَ، إِنَّ لِله مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ سِوَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، فَإِذَا مَرُّوا بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ قَالُوا: قِفُوا فَقَدْ أَصَبْتُمْ حَاجَتَكُمْ، فَيَجْلِسُونَ فَيَتَفَقَّهُونَ مَعَهُمْ، فَإِذَا قَامُوا عَادُوا مَرْضَاهُمْ وَشَهِدُوا جَنَائِزَهُمْ وَتَعَاهَدُوا غَائِبَهُمْ؛ فَذَلِكَ الْمَجْلِسُ الَّذِي لَا يَشْقَى بِهِ جَلِيسٌ». (الكليني، الكافي: ج2، ص186؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص345؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج71، ص259).

ورُويَ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ(عليه السلام) يَقُولُ‏: «لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَنْكَى‏ لِإِبْلِيسَ‏ وَجُنُودِهِ‏ مِنْ زِيَارَةِ الْإِخْوَانِ فِي الله بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قَالَ: وَإِنَّ الْمُؤْمِنَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَذْكُرَانِ اللَهَ، ثُمَّ يَذْكُرَانِ فَضْلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ إِبْلِيسَ مُضْغَةُ لَحْمٍ إِلَّا تَخَدَّدُ، حَتَّى إِنَّ رُوحَهُ لَتَسْتَغِيثُ مِنْ شِدَّةِ مَا يَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ، فَتَحُسُّ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَخُزَّانُ الْجِنَانِ، فَيَلْعَنُونَهُ حَتَّى لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ إِلَّا لَعَنَهُ، فَيَقَعُ خَاسِئاً حَسِيراً مَدْحُوراً». (الكليني، الكافي: ج2، ص188؛ الشيخ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص348؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج60، ص258).

وَقَالَ الإمامُ الصَّادِقُ(عليه السلام) قَالَ رَسُولُ الله‏: «إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ لِأَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏ فَضَائِلَ‏ لَا يُحْصِي‏ عَدَدَهَا غَيْرُهُ، فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرّاً بِهَا غَفَرَ اللَهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَلَوْ وَافَى الْقِيَامَةَ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ، وَمَنْ كَتَبَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام) لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِتِلْكَ الْكِتَابَةِ رَسْمٌ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللَهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالاسْتِمَاعِ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى كِتَابَةٍ فِي فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللَهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالنَّظَرِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله‏: النَّظَرُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام) عِبَادَةٌ، وَذِكْرُهُ عِبَادَةٌ، وَلَا يُقْبَلُ إِيمَانُ عَبْدٍ إِلَّا بِوَلَايَتِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص201؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص114؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص25؛ الشيخ محمّد السبزواري، معارج اليقين: ص55؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج38، ص196).

المحاضرة الرابعة عشرة

مصباح الهدى وسفينة النجاة

23كانون الأوّل 2008م= 24 ذو الحجّة 1429هـ

ثمرة بعثة الأنبياء ونزول الكتب متوقّفة على نهضة سيّد الشهداء(عليه السلام)

بما أنّنا على أعتاب شهر محرّم الحرام، لا بدّ من التأمّل الشديد والتدقيق العميق في هذه الآية الشريفة: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)([[288]])، ولا يخفى أنّ مادّة يتفقهوا هي الـ «فقه»، والهيئة هي التفعّل.

ينبغي أن يهضم العقل الإنساني معنى الفقه وفهم الدين، فلا بدّ أن يُعرف أوّلاً ما هو الدين؟ إذ ما لم تتحقّق معرفة الدين لا تتحقّق معرفة فقه الدين، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)([[289]]).

وهنا نتساءل: على أيّ درجة من الأهمّية يقع الفقه وفهم الدين الذي هو حصيلة بعثة جميع الأنبياء^؟

إنّ العلّة المبقية لهذا الدين هي نهضة سيّد الشهداء(عليه السلام) فقط([[290]])، فما مدى أهمّية فهم هذا الأمر العظيم الذي تتوقّف عليه بعثة جميع الأنبياء^، ونزول جميع الكتب السماوية؟

شبهة الوهن في العزاء

تثار اليوم شبهات حول إقامة مراسم العزاء، ومن اللازم عليكم جميعاً أن تستعدّوا لردّها على صعيدي النفي والإثبات، فمن الممكن أن يؤدّي تراكم الجهل أن يتصوّر البعض أنّ إقامة العزاء بهذه الطريقة من الحماس والعاطفة والصياح نحوٌ من التطرّف المفضي إلى الوهن.

لا بدّ أوّلاً من معرفة من هم أولئك الذين يعتبرون تكريم الثورة الحسينية وإجلال يوم عاشوراء موجباً للوهن؟ إنّهم لا يخرجون عن قسمين: قسم مرتبط بالإسلام، وقسم من غير المسلمين.

أمّا أولئك المنتسبون إلى الإسلام ممن يتصوّرون أن لا معنى لهذا الحماس والنياح في هذا اليوم، فإنّهم يتخبطون في دوّامة، بحيث لا يستطيع علماؤهم ـ وإن اجتمعوا ـ الردّ على ما سأقوله، فهؤلاء الذين يثيرون الإشكالات حول عاشوراء، ويعتبرون شعائر هذا المذهب موهنة للدين، يعتقدون أنّ الله ينزل من السماء إلى الأرض كلّ ليلة جمعة، وأنّه يبقى في الأرض من الغروب حتّى طلوع الشمس، فإذا طلع الفجر قفل عائداً إلى السماء([[291]]) (الملحق:1).

فهل يحقّ لهذه الزمرة ولهذا المذهب الموهوم أن ينظر إلى عاشوراء وشعائر التشيّع بعين الوهن؟!

لقد وصل بهم فقدان الإدراك وتدنّي الشعور إلى درجة أنّهم لا يعون أنّ الله لو كان ليلة الجمعة في الأرض فكيف تبقى السماء دون إله؟ وكيف تبقى الأرض من دونه حينما يكون طيلة أيّام الأُسبوع الأُخرى في السماء؟ هذا فضلاً عن الأُمور الفلسفية الدقيقة التي ذُكرت في إبطال مقولتهم.

فاعرفوا قدر هذا المذهب، فإنّ هذا المطلب يمثّل أساس المذهب لتلك الجماعة التي تناصب العداء للتشيّع، مدعية أنّها تحمل لواء التوحيد، إنّ هؤلاء غرقى في مستنقع الوهم والضلال، فأيّ حقّ لمثل هؤلاء أن تكون لهم وجهة نظر في واقعة عاشوراء؟!

والقسم الآخر هم الخارجون عن دائرة الإسلام، أعم من البابا وأتباعه، فإذا كانت لهؤلاء كفاءة علمية تمكّنهم من انتقاد الأديان والمذاهب الأُخرى، فلينتشلوا أنفسهم من دوّامة «العشاء الربّاني» الموهوم!([[292]])

إنّ أوهام هذه الفئة وضعف إدراكها العقلي بلغ حدّاً، بحيث إنّهم يعدون في مراسم العشاء الربّاني عجيناً، يصنعون منه خبزاً، ويأكلونه، ظنّاً من البابا وأتباعه أنّ عيسى المسيح الذي هو كلمة الله بنصّ الإنجيل أيضاً([[293]]) يحلّ في ذلك الخبز، وبعد أن يحلّ الإله فيه يتناوله أتباعه، فيمتزج لحمهم ودمهم بهذا الإله! هذا جزء من أوهام هؤلاء.

إضعاف الشعائر الحسينية

من كمال الحقارة ومنتهى الدناءة العمل على إضعاف الشعائر الحسينية في هذه البلاد؛ لئلّا تنظر مثل هذه الأُمم الغارقة في الأوهام والتخيّلات بعين الوهن والاستخفاف إلى هذه الشعائر، والمصيبة في أن يهيمن على الناس مستوى من الجهل يخيّل إليهم معه أنّ مراسم العزاء تحمل طابعاً من الإفراط، فلا بدّ من الحدّ منها.

من هنا ينبغي فقه الدين وفهمه؛ فجميع هذه المصائب ناجمة عن الجهل، فإنّ كلّ هذا الحماس الحسيني في مراسم العزاء في هذا البلد، وكلّ ما تقوم به المواكب والهيئات الدينية، ليس لها قيمة تذكر مقابل عظمة مصيبة عاشوراء! فلا الإمام الحسين(عليه السلام) قد عُرف حقّ معرفته، ولا العمل الذي قام به كذلك.

روى محمّد بن علي القمّي+، ذلك الشخص الذي صحّح العلّامة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي سندين من أسانيد الشيخ الصدوق بوجوده، ([[294]]) أي شيخ الشيخ الصدوق+، مثل هذا الرجل يروي عن علي بن إبراهيم القمّي، الثقة الثبت، عن إبراهيم بن هاشم([[295]]) العدل الثقة وشيخ القمّيين في عصره، عن الريّان بن شبيب الذي وثّقه النجاشي([[296]]). فالسند مثل هذا السند.

قال الريّان الموثّق بتوثيق النجاشي: «دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا(عليه السلام) فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ...‏». تأمّلوا جيّداً لتفهموا ما هي عاشوراء؟ وأيّ واقعة هي؟ ومن الذي نطق بهذا الكلام؟ وبهذا السند الموثّق؟

إنّ قائل هذا الكلام هو من تعدل زيارة قبره سبعين ألف حجّة لبيت الله الحرام، وفقاً لرواية صحيحة السند، وسندها من ذلك النوع الذي يفتي أمثال الشيخ الأنصاري طبقاً له([[297]])، والمتحدّث في هذا المجال مثل هذا الشخص! من هنا ينبغي أن تتأمّلوا، فإنّ الفقه في الدين يعني الالتفات إلى مثل هذه اللطائف والدقائق؛ بغية الوصول إلى عمق الموضوع.

قال كلاماً يصعب عليّ النطق به ـ فضلاً عن فهمه ـ حيث يقول(عليه السلام): «يَا بْنَ شَبِيبٍ‏! إِنْ‏ كُنْتَ‏ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏»([[298]]).

فهل ثمّة مفهوم أعمّ من الشيء؟ هذا يعني أنّ جميع مصائب الأنبياء والأوصياء والأولياء والشهداء^ مندرجة تحت مفهوم الشيء.

«إِنْ‏ كُنْتَ‏ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏»، من هو الحسين(عليه السلام)؟ وماذا فعل؟ وأيّ واقعة هي واقعة عاشوراء؟ تأمّلوا في ذلك جيّداً!

فإذا خطر ببالكم يوم إبراهيم(عليه السلام) فاعلموا أنّه «لَا يَومَ كَيَومِ‏ الحُسَيْنِ»، ‏وإذا خطر ببالكم يوم موسى(عليه السلام) فاعلموا أنّه «لَا يَومَ كَيَومِ‏ الحُسَيْنِ»، وإذا خطر ببالكم يوم عيسى(عليه السلام) فاعلموا أنّه «لَا يَومَ كَيَومِ‏ الحُسَيْنِ»([[299]]).


إمطار السماء دماً وتراباً أحمر

حسبكم جملة أُخرى، قال الإمام(عليه السلام) متابعاً كلامه في الرواية الماضية: «يَا بْنَ شَبِيبٍ! لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جَدِّي(عليه السلام) مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَتُرَاباً أَحْمَرَ». فأيّ واقعة هذه؟ وأيّ مصيبة؟

احمرار الأُفق بعد مصيبة عاشوراء

أخرج الذهبي، بل والسيوطي أيضاً، بل وأغلب المؤرِّخين والمحدِّثين والمفسِّرين من أهل السنّة، أخرجوا هذا الحديث: «احمرّت آفاق السّماء بعد قتل‏ الحسين‏ ستّة أشهرٍ»([[300]]) (الملحق:2)، أوجّه هذا الكلام بطبيعة الحال إلى أهل السنّة؛ ليعرفوا مسؤوليتهم في يوم عاشوراء، أمّا الشيعة فلديهم مسؤولية أُخرى.

وقد عزا ابن الجوزي سبب احمرار الأُفق إلى غضب الربّ، فحلّل ذلك قائلاً: «كأنّ الغضبان يحمرّ وجهه عند الغضب...الحقّ سبحانه وتعالى ليس بجسم، فأظهر تأثير عظمته [غضبه] على من قتل الحسين(عليه السلام) بحمرة الأُفق»([[301]]). هذا كلام أحد أكبر علماء أهل السنّة، وقد كانت القضية بنظر جميع علمائهم من المسلّمات، بحيث وصلت النوبة إلى التبرير العلمي.

مصيبة سيّد الشهداء(عليه السلام) أقرحت جفون الإمام الرضا(عليه السلام)

أمّا من جهة الخاصّة، ومن وجهة نظر الشيعة فما هو الواجب؟ لا بدّ هنا أيضاً من الرجوع إلى كلام ثامن الحجج(عليه السلام)، لمن يقول: لا تلطموا الصدور ولا تضربوا بالسلاسل؛ لأنّ في ذلك ضرراً، وهي شبهات يلقيها بعض العوام في أذهان الناس؛ ولذا يجب عليكم التسلّح بفقه هذا الدين بمنتهى القوّة والقدرة! فلو اجتمع جميع العلماء والفقهاء من الشيخ الطوسي+ حتّى الشيخ الأنصاري+ لما كانوا يعدلون نفَساً من أنفاس الإمام الرضا(عليه السلام)، بل لا بدّ من أن يفتديه من سلمان فصاعداً ليبقى نفَس واحد من أنفاسه الطاهرة، فمثل هذا الشخص يقول: «إنَّ يَومَ الحُسَينِ أقْرحَ جُفونَنا وَأسْبلَ دُموعَنا»([[302]]). وقد كان بكاء الإمام الرضا(عليه السلام) باختياره، فكم بكى(عليه السلام) حتّى أقرح البكاء جفونه، إنّه(عليه السلام) يعرف حقيقة تلك الواقعة وما جرى فيها؟

اسم الإمام الحسين(عليه السلام) في قائمة العرش

إن أردتم معرفة حقيقة هذه القضية فلا بدّ لكم من التدبّر في الآيات القرآنية التالية، ويلزم بدايةً معرفة العرش، فما هو العرش؟

لاحظوا كلمة العرش في أيّ آيات القرآن قد وردت؟ فقد وصف العرش بالكريم في بعض الآيات: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)([[303]])، ونعت في آية أُخرى بالعظيم: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)([[304]])، وفي آية أُخرى بالمجيد: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)([[305]]).

بالنسبة إلى أمره تعالى قال تعالى لما تحدّث عن تدبير الأمر: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ)([[306]])، وقال أيضاً: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) ([[307]]).

وبالنسبة إلى النبي الكريم فقد أمره تعالى بإظهار مقام التوكّل قائلاً: (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)([[308]]). وحينما وصل الدور لمرحلة التسبيح قال تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)([[309]])، (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)([[310]])، (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)([[311]]). فهذه الآيات تكشف عن عظمة العرش الإلهي.

وفي ليلة المعراج التي أشار الباري إلى عظمتها بقوله: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا)([[312]]) قد عرج الله تعالى بحبيبه المصطفى إلى الملأ الأعلى([[313]]) وغاية مراتب القرب: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)([[314]])، فقال النبي الكريم حينئذٍ: نظرتُ إلى العرش، فرأيتُ أنه قد كُتب على قائمة من قوائمه: «إنَّ الحُسَيْنَ مِصباحُ الهُدى وَسَفينَةُ النَّجاةِ»([[315]]).

إنّ لسيّد الشهداء(عليه السلام) من العظمة والمقام الرفيع ما دعا الباري جلّ وعلا إلى تزيين عرشه المتّصف بالصفات المذكورة باسم الإمام الحسين(عليه السلام)؛ ومنه ينبغي أن يُفهم سبب قول الإمام الرضا(عليه السلام): «إنَّ يَومَ الحُسَينِ أقْرحَ جُفونَنا وَأسْبلَ دُموعَنا».

وعلى هذا الأساس، فمراسم العزاء الحالية لا تتناسب مع ما يستحقّه الإمام(عليه السلام)؛ ولذا ينبغي الاحتفاء بعاشوراء في كلّ سنة أكثر من السنة السابقة لها، ويجب زيادتها كمّاً وكيفاً([[316]]).

شهقة السيّدة الزهراء في مصيبة سيّد الشهداء(عليه السلام)

ثمّة حديث محيّر للألباب، وعلى الناس أن يعلموا أنّ هذه الواقعة المذكورة فيه تتكرّر في كلّ يوم، نصّ الحديث كما يلي:

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «إِذَا زُرْتُمْ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) فَالْزَمُوا الصَّمْتَ‏ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، وَإِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الْحَفَظَةِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ بِالْحَائِرِ، فَتُصَافِحُهُمْ فَلَا يُجِيبُونَهَا مِنْ شِدَّةِ الْبُكَاءِ، فَيَنْتَظِرُونَهُمْ حَتَّى‏ تَزُولَ الشَّمْسُ وَحَتَّى يُنَوِّرَ الْفَجْرُ، ثُمَّ يُكَلِّمُونَهُمْ وَيَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ. فَأَمَّا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ وَلا يَفْتُرُونَ‏ عَنِ الْبُكَاءِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا يَشْغَلُونَهُمْ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، فَإِنَّمَا شُغُلُهُمْ بِكُمْ إِذَا نَطَقْتُمْ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا الَّذِي يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ، وَأَيُّهُمْ يَسْأَلُ صَاحِبَهُ الْحَفَظَةُ أَوْ أَهْلُ الْحَائِرِ؟ قَالَ أَهْلُ الْحَائِرِ يَسْأَلُونَ الْحَفَظَةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَائِرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَبْرَحُونَ وَالْحَفَظَةُ تَنْزِلُ وَتَصْعَدُ. قُلْتُ: فَمَا تَرَى يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ يَمُرُّونَ إِذَا عَرَجُوا بِإِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ الْهَوَاءِ، فَرُبَّمَا وَافَقُوا النَّبِيَّ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْأَئِمَّةُ مَنْ مَضَى مِنْهُمْ، فَيَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَمَنْ حَضَرَ مِنْكُمُ الْحَائِرَ، وَيَقُولُونَ: بَشِّرُوهُمْ بِدُعَائِكُمْ. فَتَقُولُ الْحَفَظَةُ: كَيْفَ نُبَشِّرُهُمْ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ كَلَامَنَا؟ فَيَقُولُونَ لَهُمْ: بَارِكُوا عَلَيْهِمْ وَادْعُوا لَهُمْ عَنَّا، فَهِيَ الْبِشَارَةُ مِنَّا، فَإِذَا انْصَرَفُوا فَحِفُّوهُمْ بِأَجْنِحَتِكُمْ حَتَّى يُحِسُّوا مَكَانَكُمْ، وَإِنَّا نَسْتَوْدِعُهُمُ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي زِيَارَتِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَيَعْلَمُ ذَلِكَ النَّاسُ لَاقْتَتَلُوا عَلَى زِيَارَتِهِ بِالسُّيُوفِ، وَلَبَاعُوا أَمْوَالَهُمْ فِي إِتْيَانِهِ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ÷ إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِمْ وَمَعَهَا أَلْفُ نَبِيٍّ وَأَلْفُ صِدِّيقٍ وَأَلْفُ شَهِيدٍ وَمِنَ الْكَرُوبِيِّينَ أَلْفُ أَلْفٍ يُسْعِدُونَهَا عَلَى الْبُكَاءِ، وَإِنَّهَا لَتَشْهَقُ شَهْقَةً فَلَا يَبْقَى فِي السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ إِلَّا بَكَى رَحْمَةً لِصَوْتِهَا، وَمَا تَسْكُنُ حَتَّى يَأْتِيَهَا النَّبِيُّ [أَبُوهَا] فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّةِ! قَدْ أَبْكَيْتِ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَشَغَلْتِهِمْ عَنِ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، فَكُفِّي حَتَّى يُقَدِّسُوا فـَ(إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) ، وَإِنَّهَا لَتَنْظُرُ إِلَى مَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ، فَتَسْأَلُ اللَهَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَلَا تَزْهَدُوا فِي إِتْيَانِهِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِي إِتْيَانِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى»([[317]]) (الملحق:3).

وقد ذكر الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) عبارة ليعي الجميع حجم المصيبة، حيث قال: «يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ»([[318]]).

فالمصيبة أنّه ذُبح عطشاناً ومحروماً من الماء: «حَتَّى يَحُولَ الْعَطَشُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ‏ السَّمَاءِ كَالدُّخَانِ»([[319]]).

الملاحق

(الملحق:1)

قالَ رسولُ اللهِ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): «إنَّ اللهَ يُمهلُ حتّى إذا ذهبَ ثلثُ اللّيلِ الأوّلِ [ثمّ] نزلَ [ينزلُ] إلى السَّماءِ الدُّنيا فيقولُ: هل من مستغفرٍ، هل من تائبٍ...». (مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج2، ص176؛ الطيالسي، مسند أبي داود الطيالسي: ص296؛ ابن أبي شيبة الكوفي، المصنف: ج7، ص90؛ ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج2، ص182؛ النسائي، سنن النسائي: ج6، ص124؛ ابن حبّان، صحيح ابن حبّان: ج3، ص202؛ الطبراني، الدعاء: ص62؛ السيوطي، الجامع الصغير: ج1، ص296).

وورد ما يشبه هذا المضمون في المصادر التالية: ابن أبي عاصم، السنّة: ص219؛ السمعاني، أدب الإملاء والاستملاء: ص62؛ الرازي، تفسير الرازي: ج25، ص34؛ ابن الأثير، أسد الغابة: ج5، ص181؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج4، ص251؛ العيني، عمدة القاري: ج7، ص198؛ المتّقي الهندي، كنز العمال: ج2، ص104.

ورووا أيضاً حديث النزول وهو: «أنّهُ تعالى ينزلُ إلى السَّماء الدُّنيا في كلّ ليلةٍ، وفي روايةٍ في كلّ ليلة جمعةٍ، فيقول: هل من تائبٍ فأتوبُ عليه، هل من مستغفرٍ فأغفرُ لهُ». (الإيجي، المواقف: ج3، ص37).

«وذهب بعضهم إلى أنّه تعالى ينزل في كلّ ليلة جمعةٍ على شكل أمرد حسن الوجه، راكباً على حمار، حتّى أنّ بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلّقاً، يضع كلّ ليلة جمعةٍ فيه شعيراً وتبناً؛ لتجويز أن ينزل الله تعالى على حماره على ذلك السطح، فيشتغل الحمار بالأكل، ويشتغل الربّ بالنداء: هل من تائب، هل من مستغفر». (العلّامة الحلّي، منهاج الكرامة: ص39؛ ابن الصلاح البحراني، إلزام النواصب: ص120 (مع اختلاف يسير)).

(الملحق:2)

الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ‏: «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) ارْتَفَعَتْ‏ حُمْرَةٌ مِنْ‏ قِبَلِ‏ الْمَشْرِقِ وَحُمْرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، فَكَادَتَا يَلْتَقِيَانِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ». (القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص167؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص467).

حدّثنا جرير، عن زيد بن أبي زياد، قال: «لما قُتل الحسين بن عليّ [(عليه السلام)] احمرّت آفاق السَّماء أربعة أشهر. قال زيد: واحمرارها بكاؤها...». (القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص544).

مصادر أهل السنّة: القرطبي، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج4، ص154؛ السيوطي، الدرّ المنثور: ج6، ص31.

كذلك ما رواه في أوّل الجزء الخامس من صحيح مسلم في تفسير قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ)، قال: «لما قُتل الحسين بن عليّ [‘] بكت السماء، وبكاؤها حمرتها». (السيّد ابن طاووس، الطرائف: ص203؛ العلّامة الحلّي، نهج الحقّ وكشف الصدق: ص257).

ونقل أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب (التبصرة)، عن ابن سيرين، قال: «لما قُتل الحسين أظلمت الدُّنيا ثلاثة أيامٍ، ثمّ ظهرت هذه الحمرة في السماء». (الزرندي الحنفي، معارج الوصول: ص98؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص221؛ سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص: ص246).

وروي عن يعقوب بن سفيان، عن إسماعيل بن الخليل، عن علي بن مُسهِر، عن جدّته قالت: «كنتُ أيّام الحسين جاريةً شابّةً فكانت السماء أيّاماً علقة». (البيهقي، السنن الكبرى: ج3، ص337؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص228؛ عبد الكريم الرافعي، فتح العزيز: ج5، ص84؛ ابن حجر، تلخيص الحبير: ج5، ص84).

وَرويَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ». (الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197).

وَفي تَارِيخِ النَّسَوِيِّ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:‏ «تَعْلَمُ‏ هَذِهِ‏ الْحُمْرَةُ فِي الْأُفُقِ مِمَّ هِيَ؟ ثُمَّ قَالَ: مِنْ يَوْمِ قُتِلَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام)». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص467).

مصادر أهل السنّة: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص228؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين، ص358؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص15.

كذلك: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: «أُخْبَرَنَا أَنَّ حُمْرَةَ أَطْرَافِ‏ السَّمَاءِ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص215 و216).

مصادر أهل السنّة: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص20 (مع اختلاف يسير).

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) أُحَدِّثُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ، فَقَالَ لَهُ: مَرْحَباً، وَضَمَّهُ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: حَقَّرَ اللَهُ‏ مَنْ‏ حَقَّرَكُمْ‏، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللَهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللَهُ مَنْ قَتَلَكُمْ، وَكَانَ اللَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَنَاصِراً، فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ، ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ. يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِنَّ فَاطِمَةَ÷ لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ، فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا، وَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ، أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ، فَيَحْفَظُونَهَا [فَيَكْبَحُونَهَا] مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا وَيُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ، وَإِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ‏ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا بِأَجْنِحَتِهِ، وَحَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ يَبْكُونَهُ لِبُكَائِهَا، وَيَدْعُونَ اللَهَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ، وَيَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ لِله مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. وَلَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَتَقَطَّعَتِ الْجِبَالُ، وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ! قَالَ: غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ! أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ÷؟ فَبَكَيْتُ حِينَ قَالَهَا، فَمَا قَدَرْتُ عَلَى الْمَنْطِقِ وَمَا قَدَرَ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُو، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ، وَأَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلاً حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ، وَحَمِدْتُ اللَهَ حَيْثُ لَمْ تَنْزِلْ بِي عُقُوبَةٌ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص171؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص170؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص208).

المحاضرة الخامسة عشرة

عشرة الأربعين والمراكز الأربعة لعوالم الوجود

10شباط 2009م= 14صفر 1430هـ

تكفّل أيتام آل محمّد^

لا ريب في أنّ كلمات أهل بيت العصمة والطهارة^ تمثّل مصدر الحكمة، غير أنّ فهمها في غاية الصعوبة([[320]]).

ثمّة رواية عن الإمام التاسع(عليه السلام) يطول شرحها، لكنّنا نشير إليها إجمالاً؛ لتتّضح مدى أهمية التبليغ الديني والمقدّمات اللازم توفّرها لتحقيقه.

قال الإمام الجواد(عليه السلام): «مَنْ تَكَفَّلَ بِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْقَطِعِينَ‏ عَنْ‏ إِمَامِهِمْ». إنّه لكلام مدهش، حيث بدأ الإمام(عليه السلام) كلامه بقوله: «مَنْ تَكَفَّلَ»، ثمّ أضاف التكفّل إلى أيتام آل محمّد^، بمعنى أنّه اعتبر هذه الطبقة من أيتامه(عليه السلام).

إنّ أهل القرآن والحديث يعلمون بأنّ كفالة اليتيم من أهمّ الأُمور عند الله وعند أوليائه؛ ولها أهمّية عظيمة ممّا يجعلني متحيّراً كلّما تذكّرتُ هذا الحديث.

ثمّ إنّ الإمام(عليه السلام) قد نعت هؤلاء اليتامى بـ «الْمُنْقَطِعِينَ‏ عَنْ‏ إِمَامِهِمْ».

والجملة الثانية هي: «الْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَهْلِهِمْ»، فبعد الانقطاع عن إمامهم قد ابتلوا بحيرة جهلهم، تأمّلوا جيّداً، فإنّ المناطق التي تذهبون إليها للدعوة الدينية هي أظهر مصداق من مصاديق هذه الرواية.

والجملة الثالثة من الرواية عجيبة للغاية، حيث قال الإمام(عليه السلام): «الأُسَرَاءِ فِي أَيْدِي شَيَاطِينِهِمْ، وَفِي أَيْدِي النَّوَاصِبِ مِنْ أَعْدَائِنَا»([[321]]).

وبهذا فقد ذكر الإمام(عليه السلام) ثلاثة أسباب لليُتم، هي: الانقطاع عن الإمام، والحيرة في الجهل، والأسر في أيدي الشياطين والنواصب. ومن الجملة الأخيرة يتبيّن أنّ الإمام(عليه السلام) قد لاحظ الوضع الحالي في بلداننا الإسلامية، حيث استطاعت الزمرة الوهابية السيطرة على جزء من المسلمين جرّاء التقصير في بعض الجوانب بحقّ أيتام آل محمّد^ وتأييد الأجانب لذلك.

ويُستشف من هذه الجمل أنّ الإمام(عليه السلام) كان آنذاك ناظراً إلى خصوصية أيتام آل محمّد^ في هذه الأيام، فقال في وصفهم: «الْمُنْقَطِعِينَ‏ عَنْ‏ إِمَامِهِمْ، الْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَهْلِهِمْ، الْأُسَرَاءِ فِي أَيْدِي شَيَاطِينِهِمْ، وَفِي أَيْدِي النَّوَاصِبِ مِنْ أَعْدَائِنَا».

مسؤوليّتنا تجاه أيتام آل محمّد^

ثمّ بدأ الإمام(عليه السلام) ببيان طريقة كفالتهم، فذكر أنّ الكفالة إنّما تتحقّق فيما إذا عرّف الكفيل هؤلاء المنقطعين عن إمامهم، هذا أوّلاً، وثانياً: إذا أخرجهم من حيرة جهالتهم وأنقذهم من أسر الشياطين والناصبين لنا أهل البيت العداء بالردّ على شبهاتهم.

وبهذا البيان من الإمام التاسع(عليه السلام) تتضح لكم معالم عملكم.

أجر ردّ الشبهات وحيرة الجهل

لو تساءلنا: ما هو أجر هذا العمل؟ مع أنّ الفرصة لا تسمح ببيان هذا الموضوع بالتفصيل، وسأشرح هذه الكلمات في محاضرة أُخرى إن مَنَّ الله تعالى علينا بالصحة والعافية.

إلّا أنّ الأجر هو أنّ الله تعالى فضّل هذا الكافل على عُبّاده، فمَن أولئك الذين يعدّون من عبّاد الله؟ ليصبح هذا الشخص الكفيل لأيتام أهل البيت^ خيراً منهم بتفضيل الله تعالى، وما هو مقدار فضله عليهم؟ إنّه أكثر من فضل السماء على الأرض، وأكثر من فضل العرش والكرسي على السماء والأرض. هذا هو العمل، وهذه هي النتيجة.

مرافقة النبيّ الخاتم

لا شك في أنّ عظمة كلّ كلام تابعة لعظمة المتكلّم، فكلّما زادت عظمته ازدادت عظمة الكلام بقدر ذلك، وسأنقل لكم هنا حديثاً لعظيم العظماء، الشخص الأوّل في عالم الوجود، الذي يعدّ إماماً لمئة وأربعة وعشرين ألف نبيّ؛ لأنّه «إمام الأنبياء والمرسلين»([[322]]) (الملحق:1)، وهو بذلك إمام لإبراهيم الخليل(عليه السلام) وموسى بن عمران(عليه السلام) وعيسى بن مريم(عليه السلام)، على أنّ إدراك هذا الأمر دونه خرط القتاد.

قال هذا الرجل العظيم: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ‏ كَهَاتَيْنِ‏ فِي الْجَنَّةِ»، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى‏. ([[323]]) فما هي النسبة بينهما؟ وكيف يكون كافل اليتيم مرافقاً للرجل الأوّل في عالم الوجود؟ علماً أنّ إطلاق كلام النبي’ شامل لكفالة مطلق اليتيم.

إنّ المتفقّهين في كلمات أهل البيت^ لَيعلمون ما هو تأثير كفالة اليتيم إن كان من أيتام أمير المؤمنين(عليه السلام)، أو من أيتام الحسين بن علي÷، أو من أيتام علي بن الحسين÷، ولكن من الذي يدرك ذلك؟ ومن الذي يُعدُّ نفسه لهذا العمل؟

من أبرز المعضلات التي نواجهها أنّنا لم نعرف قيمة هذا العمر، ولا نعي ذلك حتّى يفوت الأوان، فلو أدركتم قدر الدعوة إلى الدين، وقمتم هذه الأيام بمهمّة التبليغ، وأعددتم العدّة اللازمة لذلك، فقد استفدتم من بعض هذا العمر فائدة يعجز عنها الوصف الآن، ولا يمكن أن ندرك حجم الفائدة إلّا بعد أن نتخطّى هذه النشأة.

الشكر على التوفيق

أدعو جميع المزمعين على حزم حقائب السفر من أجل الدعوة والتبليغ إلى العمل بالوصايا التي سأذكرها.

 ما إن تغادروا هذا المكان ينبغي لكم أن تصلّوا ركعتين، وأن تسجدوا سجدة الشكر على أنّ القرعة قد خرجت باسمكم، وعلى ما أولاكم الله تعالى من نعمة عظيمة؛ فإنّ الحظّ لا يحالف الجميع في نيل مثل هذا التوفيق، والحصول على مثل هذه السعادة، فإنّ كثيراً من الأفراد يقولون: «ما الداعي إلى تحمّل أعباء السفر، والتغرّب على أبواب هذا أو ذاك»، فهم يؤثرون الاستراحة في دار الدنيا على سواها: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ). ([[324]]) ولو مكّنتم واحداً بأن يعمل بمضمون هذه الرواية، فسيغفر الله لكم ولوالديكم أيضاً، وتفوزون بالسعادة الأبدية أنتم وآباؤكم وأجدادكم، قال تعالى:  (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)([[325]]). وقد قال حجّة الله في تأويل هذه الآية وتفسير الإحياء: «أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى»([[326]]).

صلّوا تلك الصلاة، واشكروا الله على نعمائه: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)([[327]])؛ لئلّا تُسلب منكم هذه السعادة.

السير إلى اللّه وأوليائه عن طريق كلمات أهل البيت^

وما الذي ينبغي لكم فعله هناك بعد ذلك؟ اعلموا أنّ السير إلى الله وأوليائه ليس بهذه البساطة، فلا تصغوا إلى كلّ حديث ينسج، فالطريق إلى السعادة هو كلّ ما يستشف من كلمات أهل البيت^، وتكون له جذور في الكتاب أو السنّة.

طبّقوا هذه المطالب التي أنقلها لكم؛ لأنّها حصيلة عمر طويل، وإن كانت كلّ كلمة بحاجة إلى كتاب مستقل لشرحها.

دعاء العهد ونسيم الربيع لسورة التوحيد

بدايةً لا بدّ لكم من إعداد أنفسكم وإعداد الناس أيضاً، فما الذي ينبغي لكم فعله في الليلة الأولى من التبليغ حينما يجتمع الناس حولكم؟ عليكم أوّلاً أن تطلعوا الجميع على هذا البرنامج، وينبغي لكم أن تلتزموا به كذلك: اقرؤوا جميعاً دعاء العهد بعد صلاة الصبح، ([[328]]) وعلى جميع الناس المتواجدين في تلك المنطقة أن يقرؤوا سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إحدى عشرة مرّة، وإحدى عشرة مرّة أُخرى عند النوم([[329]]). وكذلك طيلة ساعات النهار، سواء كانوا في محلّ عملهم أم كانوا عاطلين عن العمل، وإهدائها لإمام العصر والزمان#.

وليكن هذا في طليعة أعمالكم، لماذا؟ لأنّ الشيخ الأنصاري+ هو من يعلم بتأثير هذه السورة، إنّها كنسيم الربيع الذي يحيي الأرض الميتة ما إن يهبّ عليها، فهذه التربة مهما حرثتموها ومهما نثرتم فيها البذور لا يطرأ عليها أيّ تغيير، وما إن تهب نسمة من أنسام الربيع حتّى تحيي تلك الأرض، وما سوى ذلك بمثابة العامل على تلك الأرض.

ولا غرو أنّ هذه السورة تُحيي أرواحكم وأرواح المستمعين مثل نسيم الربيع الذي يحيي الأرض، لا سيما حينما تقترن بدعاء العهد، وتكون كذلك مهداة إلى إمام الزمان الحجّة بن الحسن#، فلكلّ هذه الأُمور أسرار، لها مثل تأثير الإكسير في التحوّل والتغيير، مما يجعل كلامكم مؤثراً في نفوس المخاطبين.

إنّ الروح التي تتلو سورة الإخلاص من الصباح إلى المساء مئة مرّة، تلك السورة التي هي نسبة الربّ، ([[330]]) والتي تشتمل على كلمة (أَحَدٌ) وكلمة (الصَّمَدُ)([[331]])، وتُهديها إلى إمام العصر والزمان#، إنّ روح ذلك القارئ وروح المستمع لتثير عجباً بواسطة هذه السورة.

عشرة الأربعين منسوبة إلى المراكز الأربعة لعوالم الوجود

ثمّ تصل النوبة إلى الأمر الثاني: عندما تصلون إلى هناك لا بدّ أن تفكّروا، فإنّكم قد درستم مدّة طويلة، فلستُ أخاطب العوام هنا، لأنّكم ممّن يتلقّون المطالب بأدنى إشارة، فهل تعلمون أيّ سفر هذا الذي ستقومون به؟ إنّه سفر ترتبط أيامه بالمراكز الأربعة لعوالم الوجود.

زيارة الأربعين من علامات الإيمان

المركز الأوّل من المراكز الأربعة المذكورة هو أربعين سيّد الشهداء(عليه السلام)، لا شكّ في أنّ هذا الأمر مما لا يمكن التصريح به، فأنا عاجز عن بيان هذه الأُمور، فمَن الذي يفهم أربعين الإمام الحسين(عليه السلام)، ويعي حقيقة ذلك؟ لا يفهم ذلك إلّا من عرف الإمام الحسين(عليه السلام)، ثمّ أدرك أربعينه؛ وعليه فلا يدرك الأربعين ولايفهم عظمته إلّا من أدرك الحديث الصحيح السند الذي لا يتوانى مثل الشيخ الأنصاري+ عن الإفتاء طبقاً لسنده، وهو الحديث الذي يصرح فيه حجّة الله على العباد(عليه السلام) بأنّ زيارة الأربعين من علامات المؤمن الخمسة([[332]]). ذلك الإيمان الذي قال عنه جلّ وعلا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)([[333]]). فزيارة الأربعين من علامات الإيمان لدى مثل هؤلاء المؤمنين.

معرفة الإمام الحسن(عليه السلام)

النسبة الثانية لعشرة الأربعين هي ارتباط هذه الأيام بالإمام الحسن بن علي÷، فمن هو الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)؟ فهل عرفتم هذا الإمام الهمام؟

إنّ جميع الأنبياء الإلهيين البالغ عددهم مئة وأربعة وعشرين ألف نبيّ يسألون الله تعالى أن يأذن لهم في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)([[334]])، وكان الإمام الحسين(عليه السلام) نفسه يذهب كلّ ليلة جمعة لزيارة الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)([[335]]). نحن لم نعرف الأئمة الميامين^ بعد.

زيارة الإمام الرضا(عليه السلام) زيارة لخاتم الأنبياء

وتصل النوبة إلى زيارة ثامن حجج الله على الأرضين، الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام)، الذي تعدل زيارته زيارة خاتم النبيّين([[336]]). حيث تصادف شهادته في مثل هذه الأيام.

شهادة قلب عالم الوجود، خاتم الأنبياء

الأمر الذي يفوق كلّ شيءٍ هو أنّنا على أعتاب شهادة قلب عالم الوجود، خاتم الأنبياء والمرسلين. (الملحق:2)، فأنتم في هذه العشرة تحظون بمثل هذه السعادة الكبرى.

التعريف بهذه المحاور الأربعة

من الوظائف الملقاة على عاتقكم في هذه العشرة هي ضرورة أن تسفر لقاءاتكم بالناس عن معرفتهم بسيّد الشهداء(عليه السلام)، والإمام الحسن(عليه السلام) (الملحق:3)، والإمام الرضا(عليه السلام) (الملحق:4)، وخاتم الأنبياء والمرسلين (الملحق:5).

فلا تألو جهداً في ذكر مناقبهم وفضائلهم للناس، والتعرّض للروايات المأثورة عنهم، وتعريف أيتام آل محمّد^ بهم. هذا هو البرنامج الثاني.

بيان المسائل الشرعية والأحكام

البرنامج الثالث: هو لزوم انتشال أيتام آل محمّد^ من حيرة الجهل والضلال، فاعملوا في هذه العشرة على بيان المسائل والأحكام الضرورية للناس، من الصلاة والغسل والوضوء والتيمم وأحكام النساء وما شاكل ذلك.

دفع الشبهات

الأمر الرابع: هو ضرورة الاحتراس من وقوع هؤلاء الأيتام في شباك الشياطين والنواصب، فلو تسلّلت إلى أذهانهم شبهةٌ ما فعليكم بالردّ عليها وإبطالها.

إذا قمتم بذلك فلا قيمة للأموال التي تتلقونها إزاء إقامة المجالس الدينية، بل القيمة كلّ القيمة لما ذكره الإمام(عليه السلام)، فلو عملتم بما ذُكر فستُعطون مقاماً يفوق مقام أيّ عابد، بل هو أفضل منه كفضل العرش والكرسي على الأرض([[337]]). إنّ هذا المقام أجلّ من أن يوصف.

تنمية المواهب والطاقات

لا تغفلوا عن هذه الفرصة لحظة واحدة، ولا تكتفوا بالمجالس المسائية، عندما تصلون إلى هناك حاولوا أوّلاً أن تكتشفوا ذوي الاستعداد والمواهب، وعلّموهم تلك المسائل في غضون عشرة أيام، وذلك من خلال دروس تعليمية، أعني المسائل المرتبطة بالواجبات، مارسوا هذا النشاط كلّ يوم، ليملأ هؤلاء الفراغ الذي يتركه غيابكم بعد عودتكم.

وما أثر ذلك كلّه؟ أثره أنّكم عندما ترتحلون من هذا العالم سترون أنّه قد كُتب في صحيفة أعمالكم أنّكم قمتم بالتبليغ ألف عام، فالمستفاد من كلام الإمام(عليه السلام) هو أنّ كلّ مسألة يبيّنها هؤلاء الأشخاص الذين تربّوا على أيديكم سوف تسجّل في صحيفة أعمالكم، وكلّ ما ينشرون من فضائل أهل البيت^ يُكتب في تلك الصحيفة أيضاً، وكلّ أب يتعلّم منكم شيئاً ثمّ يعلّمه ولده ويعرّفه بهذا المذهب، يسجّل كذلك في صحيفة أعمالكم([[338]]).

هكذا تتحقق من خلال هذه الرحلة التي تتضمّن هذا البرنامج مثل هذه النتائج المبهرة، وخلاصة القول: إنّنا لم ندرك قيمة أعمارنا.

إحياء النفوس في المناطق المحرومة

المهمّ هو العمل في تلك المناطق النائية؛ فالأجر الذي يناله من يشد الرحال إلى المناطق التي لم يصلها رجال الدين سابقاً، والمفتقرة إلى التنشئة الدينية، لا يمكن أن يقاس بأجر من يقوم بالخدمة في محافظة قم أو طهران مثلاً، فمثَل من يلقي محاضراته في هذه المدن كمن يغرس البذرة في الأرض الخصبة، أمّا من يسافر إلى تلك المناطق فهو كمن يحيي الأموات([[339]])؛ فلا يقاس أجره بغيره، إنّ تربية شخص واحد هناك أفضل من التأثير في ألف شخص في مدينة قم، ينبغي أن تلحظ مثل هذه الأمور.

الموضوع الآخر الضروري في هذا المجال هو العمل على إيقاظ الناس وتنبيههم، وجعلهم يشعرون بمسؤولياتهم، ليفكّروا في أنفسهم، فإنّ الأيام تمرّ شئنا أم أبينا، فحينما يحلّ الصباح ينقطع خيط من خيوط هذا الغزل، ولما يحلّ المساء ينقطع خيط آخر.

وتلك مصيبة كبرى، كلّ ما في الأمر هو أنّ تلك الخيوط إنّما تنسج من ذلك الغزل، فغزل السنة 360 يوماً، فلو قدّر للعمر أن يمتد مئة سنة، فإنّ هذا الغزل المكوّن من مئة عام سيتقطّع شيئاً فشيئاً كما في الماضي، فنحن الذين نجلس هنا الآن ماذا نملك من الماضي؟ لا شيء، قد تقطّع الغزل كلّه، غاية الأمر أنّ أحدنا قد تبقّى النصف من خيوط غزله، والآخر ثلثه، ومن ثالث بقي عشره، وأخيراً ستتقطع جميع هذه الخيوط، (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)([[340]]).

هَذَا النَّبِيُّ وَلَمْ يَخْلُدْ لِأُمَّتِهِ‏
لَوْ خَلَّدَ اللَهُ خَلْقاً قَبْلَهُ خَلَدَا(
[[341]]).

فإن كان هذا هو مصير النبي الكريم فما بالك بمصير الآخرين؟

إحياء النفوس بمعرفة إمام العصر والزمان#

النتيجة هي لزوم الاستفادة القصوى من هذا السفر من خلال تلك التعليمات والوصايا، وليعمل كلّ واحد منكم ـ كما ذكرتُ سابقاً ـ على إحياء المنطقة والقرية التي يذهب لممارسة العمل الدعوي فيها على الأقل، فإنّ حياة النفس ليست بحياة هذا الجسم فقط؛ فالجلد واللحم والعظم والدم عناصر موجودة في كلّ كائن حيّ، بل الحياة بالعلم والإيمان، وبمعرفة إمام العصر والزمان#، فأحيوا النفوس بتلك الحياة، فلو عملتم جميعاً بهذا البرنامج، وحصلتم على هذه النتيجة، فسترون اسمكم حين الموت مكتوباً تحت اسم حبيب بن مظاهر، وأنّ عملكم مصداق لإحياء أمر آل محمّد^.

حقيقة الصلاة

حاولوا تفهيم الناس هناك أهمّية الصلاة، وضرورة تقديمها على أيّ عمل آخر، فحقيقة الصلاة أنّها «معراجُ المؤمنِ»([[342]])، و«قُربانُ كلِّ تقيٍّ»([[343]])، و«الصلاةُ منهاجُ الأنبياءِ...بالصَّلاةِ يبلغُ العبدُ إلى الدَّرجةِ العُليا»([[344]]). ضعوهم أمام هذه الحقيقة، لئلّا يبقى في تلك المناطق بعدكم تارك للصلاة.

معرفة إمام الزمان# والسلام على الإمام الحسين(عليه السلام)

عرّفوا الناس هناك جميعاً بإمام العصر والزمان#، لئلّا يُمحَى ذكره من بعدكم. وبما أنّ الناس في تلك المناطق من طبقة الفلاحين والعمّال الكادحين، علّموهم ما هو مختصر ومفيد، فعلى سبيل المثال علّموهم قراءة دعاء إمام الزمان: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَليِّكَ‏ الحُجَّةِ بنِ الحَسَنِ»([[345]]) بعد كلّ صلاة، وليولّوا وجوههم صوب القبلة، وليقولوا ثلاث مرّات: «صَلَّى اللَهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله وَعَلى المُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ»؛ وبذلك يُكتب في صحيفة أعمالهم ثوابُ زيارة سيّد الشهداء(عليه السلام). ([[346]])

وأوصوهم بأن لا يتركوا سورة التوحيد طيلة حياتهم؛ فبهذه الطريقة أحيوا نفوسهم، وحافظوا على حياتهم في هذه الدنيا أيضاً. ونبتهل إلى الله تعالى في أن يجعل أجر الجميع على إمام العصر والزمان#.

توخّي الحذر في أوساط أهل السنّة

ينبغي لكم توخّي الحيطة والحذر في الأوساط التي يكثر فيها أبناء العامّة، (الملحق:6) واسعوا إلى تفهيم الناس بحقيقة أهل البيت^، فإن عرفوا أمير المؤمنين(عليه السلام) فهل يمكن للظلمة أن تبقى بعد بزوغ الشمس؟ فلا داعي للتعرّض للظلمات، ومنع الناس منها، بل تحدّثوا عن النور؛ فإنّ النور يمحو الظلام.

فالسبيل الأمثل هو التحلّي باليقظة في تلك المناطق، فلكلّ منطقة ظروفها الخاصّة بها، نعم لو ألقيت شبهةٌ ما من قبل النواصب، فلا بدّ لكم من الردّ عليها بقوّة؛ فإنّ هذا المذهب من القوّة بحيث يعجز أمثال الفخر الرازي ـ على فرض خروجه من قبره ـ عن الردّ على الرواية التي نشرت على راية السيّدة فاطمة الزهراء‘([[347]]).

هذه الراية المصنوعة باسم فاطمة الزهراء‘ مستلهمة من مسلّمات الكتاب والسنّة، وإنّني هنا أتحدّث إليكم بأُسلوب يؤيّده علماء المذهب من الشيخ الطوسي+ إلى الشيخ الأنصاري+ فيما لو كانوا حاضرين، فلا شمس الدين الذهبي، ولا فخر الدين الرازي، ولا الزمخشري، ولا البيضاوي، جميعهم ليسوا بقادرين على الردّ على هذه اللافتة للسيّدة الزهراء‘.

أسفاً لكأس العمر كنت تملكه ‏
ولكنك لم تعرف حقه فما يجديك الآخرون
كنت عبداً وقد جاءك الخلاص ‏
وقد خـسرت فماذا يفعل الآخرون(
[[348]]).

فلم نعرف قيمة هذه الحياة، ولا قيمة هذا المذهب، ولا مقامات الأئمة الميامين^، ولا رجالات الدين، والخلاصة أنّ حالنا يجسّده قوله تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)([[349]]).

الملاحق

(الملحق:1)

وردَ في الروايةِ: «فَخَرَجَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ الله إِمَامٌ‏ حَيّاً وَمَيِّتاً». (الكليني، الكافي: ج1، ص451؛ علي بن بابويه، فقه الرضا: ص19؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص206؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص518، 524، 529، 536).

وَعَنْ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: «أَنَا سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ سَيِّدُ الْخَلَائِقِ بَعْدِي، أَوَّلُنَا كَآخِرِنَا وَآخِرُنَا كَأَوَّلِنَا». (محمّد بن أحمد القمّي، مئة منقبة: ص18؛ البحراني، غاية المرام: ج6، ص173؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص316).

ورُوي في مساواته مع النبيّ’: «جعله الله إمام الأنبياء ليلة المعراج وجعل علياً إمام‏ الأوصياء ليلة الفراش‏». (ابن شهرآ شوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص54؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج39، ص74).

(الملحق:2)

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) قَالَ: «...وَمَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا وَصِيٍ‏ إِلَّا شَهِيدٌ». (حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص15؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج3، ص723؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج17، ص405).

وَرُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ^ «أَنَّ الْحَسَنَ(عليه السلام) قَالَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ: إِنِّي أَمُوتُ بِالسَّمِ‏ كَمَا مَاتَ‏ رَسُولُ‏ الله’». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص241؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص175؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص327).

ورُويَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «تَدْرُونَ مَاتَ النَّبِيُّ أَوْ قُتِلَ؟ إِنَّ اللَهَ يَقُولُ:‏ (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، فَسُمَّ‏ قَبْلَ الْمَوْتِ، إِنَّهُمَا سَمَّتاهُ [سَقَتَاهُ]. فَقُلْنَا: إِنَّهُمَا وَأَبُوهُمَا شَرُّ مَنْ خَلَقَ اللَهُ». (محمّد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص200؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص389؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص700؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص516؛ ج 31، ص641).

ورُويَ أَنَّ أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْماً: «(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، ‏ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً’ رَسُولُ‏ الله‏ مَاتَ‏ شَهِيداً». (الكليني، الكافي: ج1، ص533؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص712).

(الملحق:3)

من جملة فضائل الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) ما روي عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله’ آخِذاً بِيَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام) وَهُوَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا ابْنُ عَلِيٍّ فَاعْرِفُوهُ، فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفِي الْجَنَّةِ وَمُحِبُّوهُ فِي الْجَنَّةِ وَمُحِبُّو مُحِبِّهِ‏ فِي‏ الْجَنَّةِ». (الحافظ رجب البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص78؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص136).

(الملحق:4)

عن محمّد بن صدقة، قال: دخلتُ على الرضا(عليه السلام)، فقال: «لقيتُ رسول الله’ وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وأبي (صلّى الله عليهم أجمعين) في ليلتي هذه وهم يحدّثون الله}، فقلتُ: الله! قال: فأدناني رسول الله’ وأقعدني بين أمير المؤمنين وبينه، فقال لي: «كأنّي‏ بالذريّة من‏ أوّل‏ قد أصاب لأهل السماء ولأهل الأرض، بخ بخ لمن عرفوه حقّ معرفته! والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، العارف به خير من كلّ ملك‏ مقرّب وكلّ نبيّ مرسل، وهم والله يشاركون الرسل‏ في درجاتهم». ثمّ قال(عليه السلام) لي: يا محمّد بن صدقة! بخ بخ لمن عرف محمّداً وعليّاً! والويل‏ لمن ضلّ عنهم، (وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) ». (الطبري، دلائل الإمامة: ص376؛ الطبري، نوادر المعجزات: ص171).

(الملحق:5)

نبذة من فضائل النبيّ الكريم

عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ^، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’:‏ «مَا خَلَقَ اللَهُ‏ خَلْقاً أَفْضَلَ‏ مِنِّي‏ وَلَا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي. قَالَ عَلِيٌّ(عليه السلام): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! فَأَنْتَ أَفْضَلُ أَمْ جَبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ’: يَا عَلِيُّ! إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَفَضَّلَنِي عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَالْفَضْلُ بَعْدِي لَكَ يَا عَلِيُّ، وَلِلْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَخُدَّامُنَا وَخُدَّامُ مُحِبِّينَا». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص5؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص255؛ السيّد هاشم البحراني، حلية الأبرار: ج1، ص10؛ ج 2، ص398؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص345؛ ج 54، ص58).

وروي أنّ رسول الله’ قال: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ‏ اللَهُ‏ نُورِي‏». (المحقق الداماد، الرواشح السماوية: ص64؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج15، ص24).

مصادر أهل السنّة: ابن عربي، تفسير ابن عربي: ج1، ص97 و417؛ ج 2، ص144؛ الحلبي، السيرة الحلبية: ج1، ص240؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج1، ص45؛ ج 3، ص214.

(الملحق:6)

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) يَقُولُ:‏ «...فَكُلُّ شَيْ‏ءٍ يَعْمَلُ‏ الْمُؤْمِنُ‏ بَيْنَهُمْ‏ لِمَكَانِ‏ التَّقِيَّةِ مِمَّا لَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَسَادِ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ». (الكليني، الكافي: ج2، ص168؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص216؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج69، ص128).

وَعَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ [الإمامِ البَاقرِ(عليه السلام)]: فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ‏ تَقِيَّةٌ؟ فَقَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا أَتَّقِي فِيهِنَّ أَحَداً: شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَمَسْحُ الْخُفَّيْنِ وَمُتْعَةُ الْحَج‏». (الشيخ الكليني، الكافي: ج3، ص32؛ الشيخ الطوسي، الاستبصار: ج1، ص76؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج1، ص362؛ العلّامة الحلّي، منتهى المطلب: ج2، ص81).

المحاضرة السادسة عشرة

زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) زيارة اللّه

كانون الأوّل 2009م = 25 ذو الحجّة 1430هـ

هداية النفوس

ثمّة ثلاثة أُمور مهمّة في أيّام عاشوراء: الأوّل يتعلّق بنا، والثاني بالناس، والثالث بصاحب هذه الأيّام؛ وفي كلّ واحد من هذه الأُمور بحث تفصيلي.

إجمالاً نقول: أمامكم فرصة تمرّ مرّ السحاب، وتخلّف في قلب كلّ فرد منّا حسرة كبيرة، وهي أنّ كلّ واحد منكم بوسعه التصدّي لأمر هداية النفوس، على أنّ التفوه بهذه الكلمة سهل يسير، لكنّ بلوغ كنهها أمر في غاية المشقّة ومنتهى الصعوبة، ومما يشير إلى ذلك التحضيض في آية النفر، حيث قال جلّ وعلا: (فَلَوْلَا نَفَرَ)، فما الغاية من النفر؟ (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)([[350]]).

بطبيعة الحال لا يتسنّى شرح هذه الآية شرحاً وافياً هنا، إلّا أنّنا نقول إجمالاً: متعلّق الأمر هو التفقّه، وللتفقّه هيئة ومادّة، الهيئة هي التفعّل، أمّا المادّة المندرجة تحت هذه الهيئة فهي الفقه، والفقه من الأُمور ذات النسبة والتعلّق، وهو في القرآن بمعنى الفهم، فبأيّ شيءٍ يتعلّق هذا الفهم؟ إنّه يتعلّق بالدين، وما هو الدين؟ إنّه الدين الذي قال عنه الباري: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)([[351]])، وهو الدين الذي كان يحلم به النبيّ إبراهيم الخليل(عليه السلام) بعظمته أثناء بناء البيت، فقال: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ)([[352]]). فوظيفتكم هي التفقّه في هذا الدين، بيد أنّ ذلك ليس بالأمر الهيّن.

فوا أسفا على العمر الذي انقضى وتصرّم! فحينما كنّا قادرين لم نفهم جيّداً، ولما فهمنا عجزنا ولم نعد قادرين على شيء، فطوبى لمن فهم ووعى إبّان القوّة والاقتدار!

حملة القرآن وأصحاب الليل

إنّ السبيل إلى بلوغ هذا الهدف لا ينحصر بالدرس والبحث، بل لا بدّ من أمر آخر، فما هو؟ لو التزمتم بهذا البرنامج اعتباراً من اليوم لشعرتم بالتحوّل والانقلاب في نفوسكم، فافهموا هذا الحديث جيّداً، وهو قول النبي الأكرم: «أَشْرَافُ‏ أُمَّتِي...». ولهذا الحديث شرح مفصّل، فمن هي أُمّة النبيّ المصطفىأوّلاً؟

قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)([[353]])، هذه هي قيمة أُمّته’ ومنزلتها، فأبناء أُمّته هم الشهداء على عامّة البشر، ثمّ لا بدّ أن نعرف من هم أشراف هذه الأُمة؟ أولئك الأشراف الذين يضع النبيّ الخاتم وسام الشرف على صدورهم، يقول: «أَشْرَافُ‏ أُمَّتِي:‏ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ، وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ»([[354]]) (الملحق:1). فالشرف ذلك الشرف الذي يعتبره أشرف المخلوقات شرفاً يتلخّص في كلمتين، هما: «حَمَلَةُ الْقُرْآنِ، وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ». بادروا من اليوم، فلا يفوتنّكم نهارٌ أو ليلة دون القيام بذلك العمل.

ففي النهار «حَمَلَةُ الْقُرْآنِ»، (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)([[355]])، وينبغي قطع المسافة بطريقة تنتهي إلى الهدف بسرعة، فقد بيّنت الروايات المختلفة جميع دقائق الكمال، ولا بدّ من جمعها في مكان واحد، ففي هذا الموضع قد ذكر هذه الجملة، وقد بيّن في موضع آخر كيف يمكنكم أن تصبحوا حملةً للقرآن، فاقرؤوا ما تيسّر لكم من القرآن، واهدوا تلاوته إلى صاحب العصر والزمان#([[356]])، أي اقطعوا العمل عن أنفسكم وصلوه به. أتعلمون ماذا يحقق لكم قطع العمل عن النفس وربطه بالإمام المهدي#؟ إنّ هذا الأمر بحاجة إلى بحث فنّي مهم؛ لأنّ قطع العمل عن النفس وربطه بمبدأ فيض الوجود مثله مثل الإكسير الذي يحوّل المعادن، وهذا القرآن يغيّر الروح. هذه هي الكلمة الأولى.

الكلمة الثانية «أَصْحَابُ اللَّيْلِ». استيقظوا آخر الليل على أي حال من الأحوال، تأمّلوا فيما أقول جيّداً وفكّروا فيه بدقّة: في أنّه ما هو أعلى مقام؟ إنّه المقام الذي حدّده الباري تعالى للشخص الأوّل في عالم الوجود، ولا يُعقل سوى ذلك عقلاً ونقلاً، لقد وعد الله نبيه الكريم بمثل هذا المقام، ولكن مع توفّر خصوصية فيه، حيث قال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)([[357]]). من هنا ينبغي أن نفهم كيف انقضى عمرنا دون أن نقطع الطريق الصحيح، ودون أن نحصل على هذا الشرف.

«أَشْرَافُ‏ أُمَّتِي‏: حَمَلَةُ الْقُرْآنِ، وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ»، فإن حصل ذلك اتصلت النفس بمبدأ النور، واستمدّت منه، حينها سيفهم الإنسان الأثر التربوي لهذا الدين. على أنّ هذه الوصفة هي وصفة عملية، لا تتحقّق بمجرّد الكلام، بل لا بدّ من اقترانها بالعمل.

هداية الضالّين وتعريف الناس بإمام العصر والزمان#

أمّا فيما يتصل بالناس لئلا تفوت هذه الفرصة المواتية، فحاولوا في هذه العشرة التي تمثّل ربيع القلوب القيام بعملين أساسيين مهما كلّفا من ثمن؛ إذ لا عمل أفضل منهما عند الله تعالى، الأوّل: ردّ عبد آبق أو ضالّ إلى المولى، وإرجاعه إلى عبوديته. هذه هي الكلمة الأولى.

الكلمة الثانية: هي تعريف الإنسان البعيد عن إمام زمانه به#؛ وعليه فاجعلوا محاضراتكم منصبّة على هاتين الكلمتين؛ لما لهما من أهمّية كبيرة، ولا تفوتنّكم هذه الفرصة، فكونوا أوّلاً من حملة القرآن وأصحاب الليل، ثمّ تصدّوا لهداية الناس، لتشاهدوا آثارها، ولئن جعلتم مذنباً واحداً يتوب عن ذنوبه، أو عرّفتم متباعداً عن إمام زمانه به#، كان لكم من الأجر ثواب مئة سنة من العبادة بصيام نهارها وقيام ليلها([[358]]). فاغتنموا الفرصة([[359]])، ولا تفوتنَّ من بين أيديكم.

دم الحسين(عليه السلام) زينة الملأ الأعلى

أمّا الأمر الثالث فهي مسؤوليتنا تجاه صاحب هذه الأيّام، فهل أدركنا أيّ دم أُريق فيها؟ وهل فهمنا أيّ شخص قُتل؟

أخرج كلّ من الشيخ الطوسي+ والشيخ الصدوق+ وابن قولويه+ رواية سأنقل لكم منها موضع الشاهد فقط، إنّها تبيّن منزلة دم سيّد الشهداء(عليه السلام)، أمّا منزلته هو فلا أحد يعلم بها! هذا ما يسعنا قوله.

فما سنذكره حديث صحيح يفتي مثل الشيخ الأنصاري+ طبقاً لهذا السند في مواضع الاحتياط من الدماء والنفوس، وهو من كلام حجّة الله، ومن ذلك اللسان المعصوم: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ»([[360]]).

من هو القادر على أن يفهم من هو الحسين بن علي(عليه السلام)؟ وأين هو الخُلد؟ إنّ دم الحسين(عليه السلام) زينة الملأ الأعلى، ذلك العالم الذي هو مركز القدّيسين في العالم، ومن كان جسده هناك فأين تسكن روحه([[361]])؟ من بوسعه أن يعي من هي الشخصية التي قُتلت؟ وكيف قُتلت؟ ولماذا قُتلت؟

منزلة الزائر لكربلاء بعد إشراق أشعة النور الحسيني

من هنا ينبغي لنا أن نفهم حقيقة الأمر.

لسنا بمستوى يؤهّلنا لمعرفته نفسه؛ يجب أن نتقّصى بأبصارنا آخر أُفق بلغه شعاع وجود الإمام(عليه السلام)؛ ليتسنّى لنا أن نكتشف ما هي حقيقة تلك الشمس؟ وأين هي؟ وهذا ما يحصل عند وصول شعاعه إلى زوّار قبره الشريف.

قال الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) للحسين بن علي بن ثُوَير: «يَا حُسَيْنُ! مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحـُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِنْ كَانَ‏ مَاشِياً كَتَبَ‏ اللَهُ‏ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً، وَمَحَى عَنْهُ سَيِّئَةً، وَإِنْ كَانَ رَاكِباً كَتَبَ اللَهُ لَهُ بِكُلِّ حَافِرٍ حَسَنَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ سَيِّئَة»([[362]]) (الملحق:2). ولهذا الكلام دلالات، منها أنّك تُنقَّى في ذلك الموضع، وتُجرَّد من كلّ شائبة؛ لتكتسب الأهلية اللازمة.

زائر مرقد الحسين(عليه السلام) في مقام المفلحين

وما هو مدهشٌ هنا هو قول الإمام(عليه السلام): «حَتَّى إِذَا صَارَ فِي الْحَائِرِ كَتَبَهُ اللَهُ مِنَ الْمُفْلِحينَ».

ولا زلت مندهشاً مذهولاً من هذا الأمر! فما المراد من كونه من المفلحين؟ ارجعوا إلى القرآن الكريم، ولاحظوا ما هي شروط الوصول إلى الفلاح؟ لتعوا ما هذا النظام الذي يجعل الناس من المفلحين؟ اقرؤوا سورة «المؤمنون» لتروا فيها قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)([[363]])، ومن هم المؤمنون؟ (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)([[364]])، أي الذين لهم تلك الصفات المذكورة إلى قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ([[365]])، فإذا بلغوا هذه الصفة صاروا من المفلحين.

وما أعظم مقام المفلحين حيث قال تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)([[366]]).

فما إن يصل الزائر إلى باب الحائر الحسيني حتّى يصبح من المفلحين، فما هذا الإكسير الذي يحوّل الأشياء بهذا النحو، ويصير الحديد الذي يضع خطاه في طريق الزيارة ذهباً أحمر؟

زيارة اللّه

الأهمّ من ذلك كلّه أن تفكّروا وتتأمّلوا في هذه الأُمور الدقيقة، واعلموا أنّ حجّ بيت الله الحرام حجٌّ للبيت، في حين أنّ زيارة قبر أبي عبد الله(عليه السلام) هي حجٌّ لله نفسه؛ إذ الحجّ معناه القصد، والمقصود هناك هي الكعبة، بينما المقصود في الزيارة هو الله ذاته؛ وذلك ما ورد في النصّ الصحيح من أنّه: «مَنْ زَارَ الْحـُسَيْنَ(عليه السلام) كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَهَ‏ فِي‏ عَرْشِهِ»([[367]]).

مقام الفائزين

ما الذي يحصل بعد الانتهاء من حجّ الله؟ ما يحيّر العقول هو قول الإمام(عليه السلام): «وَإِذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اللَهُ مِنَ الْفَائِزِينَ»، مما يعني أنّ حال الزائر ينقلب، فيسمو من مقام المفلحين إلى مقام الفائزين بانتقاله من باب مرقده الشريف إلى موضع الرأس، ولكن ما المراد من مقام الفائزين؟ لا بدّ هنا من ملاحظة نصّ كلام الله المجيد ليتسنّى لنا فهم الحديث.

تأمّلوا الأُمور الدقيقة التي تؤدّي إلى هذه المكانة: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)([[368]])، هذا هو مقام الفائزين. (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ([[369]]). عندها تتحقّق هذه المرتبة، وهي مرتبة كمال السعادة البشرية، بالتواجد عند موضع الرأس من مرقد الإمام الحسين(عليه السلام).

فلئن كانت زيارة مرقده تحدث مثل هذا الانقلاب في وضع الإنسان، فما الذي سيجري يوم القيامة، حين تقدم أُمّه بضلعها المكسور([[370]])، وفي عضدها كمثل الدملج، (الملحق:3) وعليها ذلك القميص الملطّخ بالدم([[371]])؟

ومن هنا، يجب أن يتّشح هذا البلد بأكمله هذا العام بالسواد، ويرفع راية «يا حسين»، ويصرخ الجميع وينادون باسمه؛ فإنّ العالم بأسره يتغيّر في عزاء مثل هذا الإنسان العظيم. يتصوّر البعض أنّ في مراسم العزاء هذه نحواً من الإفراط، أين العقل من هؤلاء؟ وأين الشعور؟ كلّ ما هنالك إنّما هو تفريط وليس إفراطاً.

بكاء جميع الخلائق وتدفّق الدم من الأرض

الواقعة هي واقعة أبكت جميع الخلائق كما في النص الصحيح: «وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى»([[372]]).

فعلى الناس أن يتحلّوا باليقظة، فهذا ابن حجر الهيتمي([[373]])، وسائر المحدّثين والمؤرّخين من أهل السنّة، يصرّح جميعهم: لما حمل رأس الحسين بن عليّ(عليه السلام) على الرمح، لم يُرفع حجر إلّا وُجد تحته دم عبيط([[374]]).

حياة التوحيد والدين والقرآن بدم سيّد الشهداء(عليه السلام)

ما هي وظيفة الناس في أيام عاشوراء؟ ينبغي لشيعة علي بن أبي طالب(عليه السلام) أن لا يصغوا إلى هذه الخزعبلات، فإن لم تتشبّثوا به(عليه السلام) خسرتم الدنيا والآخرة؛ فلا حياة لهذا التوحيد وهذا الدين وهذا القرآن إلّا بدم سيّد الشهداء(عليه السلام)، فهو من حصّن بثورته العظيمة هذا الدين إلى يوم القيامة.

«وَأَوْضَحَ‏ بِكَ‏ الْكِتَابَ»([[375]])، فهو الذي كشف النقاب عن القرآن، وهو الذي أحيى الإيمان والدين، فهلّا تأمّلتم! لماذا يطوف حول قبره مئة وأربعة وعشرون ألف نبي؟([[376]]) إذ لولا عاشوراء لذهب كلّ ما جاء به الأنبياء والمرسلون أدراج الرياح.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) قَالَ: «شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ‏ اسْتِغْنَاؤُهُ‏ عَنِ النَّاسِ». (الكليني، الكافي: ج2، ص148؛ علي الطبرسي، مشكاة الأنوار: ص226؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج9، ص448؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج72، ص109).

(الملحق:2)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ(عليه السلام) مِنْ‏ شِيعَتِنَا لَمْ‏ يَرْجِعْ‏ حَتَّى‏ يُغْفَرَ لَهُ كُلُّ ذَنْبٍ، وَيُكْتَبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا وَكُلِّ يَدٍ رَفَعَتْهَا دَابَّتُهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ أَلْفُ سَيِّئَةٍ، وَتُرْفَعُ لَهُ أَلْفُ دَرَجَةٍ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص257؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص25).

وَعَنْ أَبِي الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) وَهُوَ يَقُولُ:‏ «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) مَاشِياً كَتَبَ‏ اللَهُ‏ لَهُ‏ بِكُلِ‏ خُطْوَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ دَرَجَة». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص255؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص440؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص142).

(الملحق: 3)

«...وَضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ [بِسَوْطِ أَبِي بَكْرٍ] عَلَى‏ عَضُدِهَا حَتَّى‏ صَارَ كَالدُّمْلُجِ الْأَسْوَدِ الْمُحْتَرِقِ‏». (الخصيبي، الهداية الكبرى: ص40؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص19).

ورُويَ عن سلمانَ وابنِ عبّاسٍ قالا: «...فَضَرَبَهَا قُنْفُذٌ الْمَلْعُونُ‏ بِالسَّوْطِ فَمَاتَتْ حِينَ مَاتَتْ وَإِنَّ فِي عَضُدِهَا كَمِثْلِ الدُّمْلُجِ مِنْ ضَرْبَتِهِ». (سليم بن قيس الهلالي، كتاب سليم: ص151؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص109 (مع اختلاف يسير)؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص270).

المحاضرة السابعة عشرة

اختتام قضيّة المباهلة بنفَس سيّد الشهداء(عليه السلام)

14كانون الأوّل 2009م= 26ذو الحجّة 1430هـ

سجل سيّد الشهداء(عليه السلام)

قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ) ([[377]]) هذا نصّ القرآن الكريم، ومعنى قول الباري: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا) أنّه لا شيء في منظومة الوجود بأكملها أحسن من هذا العمل، وهذا هو عملكم شريطة أن تعرفوا قدر هذه النعمة، رأيت بعض الفقهاء الكبار، ممن كان كلامهم هو الواقع، وقد رأوا في عالم الرؤيا أنّ أبا الفضل العباس(عليه السلام) يشطب بأمر من الإمام الحسين(عليه السلام) بعض الأسماء من سجلّه، ويسجّل أسماء أشخاص آخرين؛ ولذا عليكم أن تعملوا على تسجيل أسمائكم في هذا السجل، والأهم من ذلك إيّاكم أن تُحذف أسماؤكم من هذا السجل؛ فإنّ لذلك لحسرةً لا تدانيها حسرة.

الدعوة إلى اللّه وبيان آلائه وألطافه

ما هي مسؤوليتنا؟ قبل كلّ شيء لا بدّ أن تعرفوا طبيعة عملكم ؛ فإنّ لكلّ عمل شروطاً، فالصلاة مشروطة بالوضوء، ومن دونه تبطل، حتّى لو استغرق الركوع فيها ألف عام، وعملكم الدعوة إلى الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)، والدعوة إلى الله ذات شُعَب، ومن شُعَبِها لزوم التحدّث عن آلاء الله وألطافه وتوضيحها للناس في جميع المجالس والمحاضرات، ليعوا أنّ الله هو المبدأ وهو المنتهى، وأنّ كلّ شيءٍ فانٍ إلّا وجهه الكريم([[378]])، وكلّ شيء مرتبط به، ولتكن دعوتكم بحيث لا ينسى الناس ذكر الله تعالى بعد عودتكم إلى دياركم.

لا بدّ أن تبيّنوا للناس أنّنا خُلقنا من نطفة قذرة، بحيث يجب غسلها وإزالتها فيما لو سقطت على ثوب الأب أو الأُم، ثمّ ينتهي بها الأمر إلى الكنيف، فمن أين خلقنا؟ ومن الذي خلقنا على هذه الصورة؟ فنحن تلك النطفة([[379]]) التي تحوّلت إلى هذا الشكل، ولو تعرّض عرق من عروق دماغنا لأدنى اهتزاز لفقدنا الذاكرة، بحيث لا نميّز بين اليد اليمنى واليد اليسرى! فنحن مغمورون بنعمه وآلائه في كلّ لحظة وآن؛ من هنا ينبغي لكم أن تعملوا في ظل رعايته وإشرافه على أن تترك أقوالكم وأفعالكم تأثيراً في تغيير الناس، ليتذكّروا الله ليلاً ونهاراً، واعملوا على أن لا يبقى أحد تاركاً للصلاة في تلك المناطق.

التبشير والإنذار هما الطريق إلى الدعوة

إنّ السبيل إلى الدعوة محصور بما حدّده الله جلّ وعلا حينما قال:  (مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)([[380]]) ، فالهدف كلّ الهدف يكمن في هذا الأُسلوب، من هنا نعرف كيف فقدت المنابر أثرها وضاع الجوهر الأساسي من كلّ شيءٍ، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ)([[381]]). هذا هو الطريق إلى الدعوة، ولا شيء إلّا وهو في القرآن، كالبشارة والإنذار، وذكّروا الناس من على المنابر بالآيات المرتبطة بالجنّة وبالآيات المتعلّقة بالنار، والروايات المتعلّقة برحمة الله تعالى (الملحق:1) وعذابه؛ لكي يستيقظوا من سباتهم.

افتحوا القرآن واقرؤوا سورة الملك، لتروا عمّ تحدّثت، واقرؤوا سورة الواقعة أيضاً: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا)([[382]]). أيّ يوم ينتظرنا؟ يومٌ يُهدُّ فيه جبل دماوند هذا، ويتلاشى حتّى يصبح (هَبَاءً مُنْبَثًّا)، كذرات الغبار التي تتراءى تحت أشعة الشمس. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)([[383]]). فالطريق إلى الدعوة يمرّ عبر التبشير والإنذار، وقراءة آيات الرحمة وآيات العذاب؛ ليعرف الناس أنّ لكلّ عمل جزاءً.

من هنا، فالمهم أن يعلم الجميع طبيعة هذا العمل، وعليكم أن تمهّدوا الأرضية المناسبة له، فابدؤوا بأنفسكم أوّلاً، ثمّ أوصوا الناس بالعمل به، وابدؤوا اعتباراً من هذه الليلة، ثمّ أوصوا الناس به هناك، واعلموا بأنّه لا ينبغي لنا أن نغترّ بأنفسنا، وبمدى تأثير كلامنا في الناس، بل يجب إعداد التربة كما ينبغي، ومن ثمّ نثر البذور فيها، ويجب أن نبدأ بأنفسنا ونسعى إلى تغييرها.

الصلاة ورعاية المملوكين

ما هو السبيل الصحيح؟ السبيل هو لزوم تقديم الصلاة على كلّ عمل، ([[384]]) (الملحق:2). لا بدّ أن نفهم مسالك الدين، وأن ندرك مثل هذه الأُمور الدقيقة، فلربما يسهل علينا النطق بكلمة خاتم الأنبياء’، إلّا أنّ الشيء الذي يحيّر العقول هو أنّ حقيقة الخاتم، وهو من يمثّل الشخصيّة الأولى في عالم الإمكان، قد ذكر حين احتضاره، في تلك اللحظات الحساسة في حياة كلّ إنسان، وقبل أن ينطفئ ذلك السراج المنير الذي أوقده الله، قد ذكر كلمتين كانتا آخر جملة نطق بها، إحداهما: الوصية بالصلاة، والأُخرى: الوصية بالنساء وما ملكت الأيمان([[385]]).

خلاصة الكلام: أنّ بيان هاتين الكلمتين بحاجة إلى تدوين كتاب، ومن الضروري الالتفات إلى تينك النقطتين: الأُولى تمثّل أقوى الموجودات، أعني الذات القدسية، والطريق إليه هو الصلاة، والثانية تمثّل أضعف الأفراد، أو الضعيفين بحسب تعبير الحديث، وهما النساء وما ملكت الأيمان، وقد أنهى الرسول’ مسؤوليته ببيان كلا الأمرين.

وذلك هو ذات العمل الذي قام به رئيس المذهب الجعفري لما دنت وفاته(عليه السلام)، حيث قال في وصىته الأخيرة: «لَا يَنَالُ شَفَاعَتَنَا مَنِ‏ اسْتَخَفَ‏ بِالصَّلَاةِ»([[386]]) (الملحق:3).

اعملوا ما في وسعكم؛ كي لا يبقى في تلك المناطق تارك للصلاة، فهذه هي المسؤولية التي تقع على عاتقنا تجاه الله سبحانه.

القرآن شمس الروح الإنسانية

ذكرنا سابقاً أنّ الأمر الثاني الذي ينبغي أن يتجسد فينا شخصياً وفيهم كذلك هو إعداد النفوس، ومن ثمّ نثر بذور الآيات والروايات، فما الذي يسهم في تهيئة الأرضية وإعداد النفوس؟ يجب فهم هذا الأمر جيّداً، والتأمّل كثيراً في الآيات القرآنية: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ)([[387]]).

الجملة الأولى في الآية المباركة هي (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ)، لا بدّ للفقيه أن يفتح أبواباً متعدّدةً عبر الدقائق والإشارات القرآنية، فأوّل ما ينبغي للناس هو تلاوة آيات الله. فلمّا يزل القرآن مجهولاً بعد. أتعلمون ما الذي تفعله الشمس بالأرض؟ إنّ إشراق نور الشمس على الأرض يقضي على جميع الموجودات الضارّة، ويستخرج منها تلك القوى الكامنة فيها، كذلك الحال في أرواحنا، فشمس أرواحنا هي القرآن الكريم، وهذا الكلام ثابت بالدليل والبرهان، وليس مجرّد خطابة. طبّقوا هذا البرنامج، واعملوا على أن يتربّى الناس على ذلك في تلك المناطق، من يحسن منهم تلاوة القرآن فمن الضروري له القيام بذلك، فعندما يذكر الباري أمراً ما في القرآن يتحتّم علينا إدراك أهمّية هذا الأمر (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)([[388]])، فلا تدعوا يوماً من الأيام دون أن تقرؤوا فيه القرآن([[389]])، (الملحق:4). وقوموا بختم القرآن لإمام العصر والزمان#؛ لما لذلك من آثار وخصوصيات، فما نذكره لكم إنّما هو عصارة عمر طويل، واعلموا بأنّ هذا القرآن حينما يُنسب إلى إمام الزمان# سيؤدّي بكم إلى نقلة نوعية. يجب أن يعزّز الناس ارتباطهم بالله تعالى وإمام زمانهم، وكلّ ما سوى ذلك فهو خطأ، وأحد طرق الارتباط هو ختمُ القرآن الكريم وإهداؤه إلى إمام العصر والزمان#. فأين نحن من هذا الإمام الهمام؟ وأنّى لنا أن نتصوّر من هو إمام العصر والزمان#؟

دوران العالمَيَن حول محور إمام العصر والزمان#

قصة الشيخ الكفائي+

هناك قصّة نقلها لي المرحوم الحاج الميرزا أحمد الكفائي+، نجل المرحوم الآخوند+ صاحب الكفاية، الذي درس الكفاية عند والده، ثمّ حفّنا بألطافه فقام بتدريسنا هذا الكتاب، وقد كان نموذجاً للتقوى، ومع رحيل هؤلاء الأتقياء شهدت الساحة فراغاً كبيراً.

قال الميرزا أحمد+: مرضت والدتي، وباءت جميع محاولات علاجها بالفشل، ثمّ قيل لنا: هناك سيّد يجيد علم الرمل، وينبئ عن كلّ ما يُطلب منه، فأخذت أنا وأخي المرحوم آقا زاده في طلبه، وبينا نحن ذات يوم في صحن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) إذ شاهدنا سيّداً يرتدي ملابس رثّة، وهو يصعد بعض سلالم الصحن، فقال لنا شخص من الحاضرين: ذاك هو السيّد الذي تبحثان عنه.

قال: فتقدّمنا تجاهه أنا وأخي الابن الأكبر للآخوند والحائز على شهادة الاجتهاد من الآخوند+ نفسه، فسلّمنا عليه، وقلنا له: أنت السيّد الذي نبحث عنه، واتّضح لنا أنّه هو. ثمّ قال: نويت شيئاً ولم أبح به لأحد، فأخذ السيّد سبحته وبدأ يدير حبّاتها، ثمّ ما لبث أن قال لي: نيّتك ترتبط بامرأة استحوذ عليها المرض، ولم تشفَ على الرغم من جميع المحاولات، وإنّها ستموت بعد ثلاثة أيّام.

فعرف أخي الذي كان يقف إلى جانبي بما نويت، وأنّها تتعلّق بوالدتي، وبعد برهة قال أخي لهذا السيّد: أنا أيضاً نويت، وأريد منك أن تحدّثني عمّا نويت! قال: فما إن أخذ السبحة وأدار حبّاتها حتّى تغيّر لون وجهه وردّ على أخي قائلاً: نيّتك ترتبط بشخص هو الآن في مكّة، وهو الآن في الشام، وهو الآن في الكوفة، وبعدما ذكر كلمة «الآن» مرّتين أو ثلاث مرّات قال: إنّ نيّتك ترتبط بمن يدور العالمَيَن حول محور وجوده. ثمّ قال في كلمة ثالثة: ترتبط نيّتك بإمام العصر والزمان#.

فذُهل أخي وذُهلت أنا أيضاً، وأصررنا عليه أن يعلّمنا هذا العلم، فقال: أنتما من أولاد العلماء، وهذا العلم ملازم للفقر المدقع الذي لا حول معه ولا قوّة وأنتما لا تتحمّلانه، قال ذلك ثمّ انصرف ذاهباً. وعلى إثر ذلك قصصنا الحكاية على المرحوم الآخوند+، وهو بدوره ظلّ حائراً من قصّة هذا الرجل على الرغم من عظمته، ثمّ بحثنا عنه فلم نعثر له على أثر. هذا هو حال إمام العصر والزمان#، فأين أنا وأنت من هذا الرجل العظيم؟

القرآن ثمرة فؤاد إمام العصر والزمان# ونور عينيه

ما هذه إلّا ذريعة نتعلل بها لنهدي له ما تيسر لنا من قراءة القرآن، وهذا الأمر يؤدّي إلى شمولنا بعنايته ولطفه؛ ذلك أنّ له ارتباطاً وثيقاً بالقرآن الكريم، بل هو ثمرة فؤاده، ونور عينيه. فلمّا تقرؤون القرآن وتهدونه له، وحينما تُعرض عليه صحيفة أعمالكم عصر يوم الجمعة، ([[390]]) (الملحق:5) فيرى فيها أنّكم قرأتم القرآن، وأهديتموه له طيلة أيام الأُسبوع، تُرى ماذا سيكون موقفه منكم؟ فلكم أن تتخيّلوا حساب ذلك.

 فإذا كانت أعمالكم على هذه الشاكلة طيلة أيام السنة، فهو أدرى بما يكافئكم، عندما يُعرض عليه كتاب التقدير في ليلة القدر التي (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) ([[391]])، ولفظ «كلّ» فيها موضوع للعموم، ممّا يعني أنّ جميع الأمور بيده وبإمضائه([[392]])، فيرى حينها صحيفة أعمالكم، وهي مليئة بهذه الأعمال طيلة أيام السنة.

كونوا قدوةً للآخرين في تطبيق هذا الكلام، ومروا الناس المتعلّمين منهم في تلك المناطق بلزوم العمل به، أمّا الأُميون فأوصوهم بقراءة سورة التوحيد إحدى عشرة مرّة صباحاً، ومثلها مساءً عند الخلود إلى النوم، وليقرؤوها ما استطاعوا في باقي ساعات اليوم([[393]])، وليهدوها إلى إمام العصر والزمان#.

اعملوا على أن يأنس الناس في تلك المناطق بالصلاة وبالقرآن وبإمام العصر والزمان# في كلّ يوم وفي كلّ سنة، هذا هو السبيل إلى الدعوة والتبليغ، ولا بدّ من تطبيق هذه الطريقة بصورة عملية.

زيارة آل ياسين

حاولوا في جميع مجالسكم أن تقرؤوا أنتم أو شخص آخر زيارة «سلام على آل ياسين» قبل ارتقاء المنبر، وليس من الضروري قراءة الدعاء المذكور بعدها، لأنّه طويل، فاكتفوا بقراءة الزيارة فقط؛ لئلّا يطول المقام بالمستمعين، فقد قال وليّ العصر#: «إِذَا أَرَدْتُمُ‏ التَّوَجُّهَ‏ بِنَا إِلَى الله وَإِلَيْنَا فَقُولُوا كَمَا قَالَ اللَهُ تَعَالَى: سَلَامٌ عَلَى آلِ يس‏»([[394]])ا). ولا ريب في أنّ نظر الإمام(عليه السلام) سيطال هذه المجالس، حينها سيكون لكلامي وكلامك تأثير في الناس. واختموا تلك المجالس بالدعاء للإمام الحجّة بن الحسن#([[395]]).

تعريف الناس بالمعصومين الأربعة عشر^

اعملوا على أن تعرفوا الناس هناك في هذه الليالي والأيام بالمعصومين الأربعة عشر(عليه السلام)، أي تناولوا بالحديث في كلّ ليلة فضائل ومناقب واحد من الأئمة الميامين^([[396]])، بحيث يكون الناس على دراية ومعرفة بالإمام علي النقي(عليه السلام) (الملحق:6) بعدما تعودون إلى دياركم، فلا ينبغي ترك ذلك، بل لا بدّ من اغتنام الفرصة ومعرفة قدر هذه النعمة التي منّ الله تعالى بها عليكم ووفقكم للحصول عليها، فإنّ الحفاظ على أيتام آل محمّد^([[397]]) من الأُمور البالغة في الأهمية، ولاسيما في مثل هذه الأيام.

وستتجلّى أهمية هذه الكلمات حين الموت، فلو توفّرت لكم فرصة هداية شخصٍ ما، وفرّطتم فيها، فستتحسّرون على ذلك عند الموت. كلما تذكّرت ذلك أصابتني الحيرة، كم هو أجر الإنسان لو استطاع تعريف شخصٍ ما إلى إمام زمانه، أو أسهم في توبة إنسان مذنب؟ إنّ أجر هذا العمل هو ثواب عبادة مئة سنة بصيام نهارها وقيام ليلها([[398]]). إنّ الحظّ قد حالفكم، فاغتنموا هذه الفرصة، ولا تفرطوا فيها.

ترسيخ العقائد وذكر الروايات الأخلاقية والأحكام الشرعية

ثمّة أركان ثلاثة يجب العمل بها في مناطق التبليغ:

الركن الأوّل: ترسيخ عقائد الناس، أي تعريفهم بالله تعالى والأئمة المعصومين^؛ كي لا تؤثّر فيهم الشبهات، ولا يزعزعهم أصحابها.

الركن الثاني: الروايات الأخلاقية، فمن اللازم أن تحملوا معكم كتاب «بحار الأنوار» لتقرؤوا منه تلك الروايات، فإنّ كلام الأئمة^ مؤثّر جدّاً، أمّا كلامي وكلامكم فإنّه لا يحلّ عقدةً، ينبغي أن تكون الكلمات التي تجري على لساننا هي كلمات الإمام الخامس والإمام السادس÷، تلك هي الكلمات المؤثّرة.

الركن الثالث: الأحكام. حاولوا أن تختاروا النخب والأذكياء في المناطق التي تذهبون إليها، لتعلموهم المسائل الشرعية؛ فيتسنّى للناس الوصول إلى الأحكام الشرعية ومعرفة المسائل الأخلاقية والعقائدية بواسطتهم بعد عودتكم إلى دياركم.

هذا هو برنامج المجالس، ونسأل الله بعد العمل بهذه التوصيات، والتوسّل بسيّد الشهداء(عليه السلام)، وببركة هذه الأيّام المباركة، أن تُحلّ مشاكلكم ومشاكل الناس هناك أيضاً. ومجمل الكلام: بوسعكم السفر إلى تلك المناطق، والعودة منها، وقد عمّرتم آخرتكم، وسرتم في الطريق الصحيح.

تدفّق الدم تحت كلّ حجر في عاشوراء

الأمر الأخير هو أن تولوا قضية عاشوراء منتهى الأهمّية، فلا ينبغي أن توسوس للناس أنفسهم بأنْ لا معنى لكلّ هذا الضجيج والنحيب بعد زهاء ألف وأربعمئة سنة؟ لا بدّ أن يعي هؤلاء الناس أنّ واقعة عاشوراء على قدر كبير من الأهمّية، إلى درجة أنّ جميع المخالفين أخرجوا هذه الرواية: «وَمِمَّا ظهر يَوْم قَتله...لَم يُرفعْ حجرٌ إِلَّا وُجدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبيطٌ»([[399]]). إنّ الواقعة على مثل هذه العظمة، فما قيمة دموعنا مقابل ذلك؟ فإذا كان الجماد يبكي عليه دماً عبيطاً([[400]])، فما الذي ينبغي أن يفعله الإنسان؟

انتهاء قضية المباهلة بأنفاس سيّد الشهداء(عليه السلام)

من هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ إنما يعرفُ الإمامَ الحسين(عليه السلام) من يفهم معنى المباهلة: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ)([[401]]). ومعنى قضية المباهلة هو أنّ دعاء خاتم النبيين، ودعاء أمير المؤمنين(عليه السلام)، ودعاء الصدّيقة الكبرى‘، ودعاء الإمام المجتبى(عليه السلام)، إنما يُؤثّر ويختتم بنفَس خامس آل العباء وتأمينه، حينها يسدل الستار على مشهد المباهلة.

هذا هو الإمام الحسين(عليه السلام)، وهل يمكن الحديث عن عظمة شخص يمتلك مثل هذا المقام السامي وهذه الدرجة الرفيعة عند الله تعالى؟!

البكاء على سيّد الشهداء(عليه السلام) أقرح جفون الإمام الرضا(عليه السلام)

من هو الإمام الرضا(عليه السلام)؟ هو من يذهب الفقهاء من الشيخ الطوسي+ حتّى الشيخ الأنصاري+ فداءً لأهداب عينيه، ولقد قال هذا الإمام الهمام(عليه السلام): «إنَّ يَومَ الحُسَينِ أقْرحَ جُفونَنا»([[402]]). فقد كان بكاؤه(عليه السلام) من الكثرة بحيث تقرّحت جفونه، تلك هي قضية سيّد الشهداء(عليه السلام).

حذارِ أن يطلق بعض الناس التخرّصات والشبهات، ولا ينبغي أن يُصغى لكلامهم، فمهما عظم العزاء، واشتد العويل والبكاء في الهيئات والمواكب، فإنّ ذلك لقليل بحقّ هذه المصيبة الكبرى.

الملاحق

(الملحق:1)

 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله عَنْ قَوْلِ اللهِ: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) . قَالَ: «كَتَبَ اللَهُ كِتَاباً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ‏ بِأَلْفَيْ‏ عَامٍ‏ فِي‏ وَرَقِ‏ آسٍ، أَنْبَتَهُ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى الْعَرْشِ، ثُمَّ نَادَى: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، أَعْطَيْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي، وَغَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغْفِرُونِي، فَمَنْ لَقِيَنِي مِنْكُمْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدِي وَرَسُولِي أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي». (الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص10؛ الديلمي، أعلام الدين: ص358).

وروي أيضاً: قَالَ رَسُولُ الله: «إِنَّمَا بُعِثْتُ‏ رَحْمَةً، وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَاباً». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص243).

(الملحق:2)

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «فَضْلُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخِيرِ [خَيْرٌ] لِلْمُؤْمِنِ [مِنْ‏] وُلْدِهِ وَمَالِهِ». وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام): «فَضْلُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ‏ عَلَى‏ الْأَخِيرِ كَفَضْلِ‏ الْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا». (الكليني، الكافي: ج3، ص274؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص36؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج2، ص41؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج4، ص123).

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: «لَا يَنَالُ شَفَاعَتِي‏ مَنِ‏ اسْتَخَفَ‏ بِصَلَاتِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، لَا وَالله». (البرقي، المحاسن: ج1، ص79؛ الكليني، الكافي: ج6، ص400؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج81، ص241). ‏

(الملحق:4)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «الْقُرْآنُ‏ عَهْدُ الله إِلَى خَلْقِهِ، فَقَدْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي عَهْدِهِ، وَأَنْ يَقْرَأَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِينَ آيَةً». (الكليني، الكافي: ج2، ص609؛ ابن فهد الحلّي، عدّة الداعي: ص273؛ ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي: ج4، ص22).

(الملحق:5)

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ(عليه السلام) قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ}:‏ (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ)، قَالَ: «إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ الله’ كُلَ‏ صَبَاحٍ‏، أَبْرَارَهَا وَفُجَّارَهَا، فَاحْذَرُوا». (الصفّار، بصائر الدرجات: ص444؛ الكليني، الكافي: ج1، ص219 (مع اختلاف يسير)؛ علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي: ج1، ص304؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص191؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج17، ص149).

وَقَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام): «يَا مُفَضَّلُ!...وَعُرِضَ عَلَيْنَا أَعْمَالُهُمْ، فَرَأَيْنَا لَهُمْ ذُنُوباً وَخَطَايَا، فَبَكَى جَدُّنَا رَسُولُ الله’ وَبَكَيْنَا رَحْمَةً لِشِيعَتِنَا». (الخصيبي، الهداية الكبرى: ص428).

(الملحق:6)

عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ(عليه السلام) إِلَى ظَاهِرِ سُرَّ مَنْ‏ رَأَى‏ يَتَلَقَّى بَعْضَ الْقَادِمِينَ، فَأَبْطَئُوا، فَطُرِحَ لِأَبِي الْحَسَنِ(عليه السلام) غَاشِيَةُ السَّرْجِ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا، وَنَزَلْتُ عَنْ دَابَّتِي وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ قِصَرَ يَدِي وَضِيقَ حَالِي، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَمْلٍ كَانَ عَلَيْهِ جَالِساً، فَنَاوَلَنِي مِنْهُ كَفّاً وَقَالَ: اتَّسِعْ بِهَذَا يَا أَبَا هَاشِمٍ وَاكْتُمْ مَا رَأَيْتَ. فَخَبَأْتُهُ مَعِي وَرَجَعْنَا، فَأَبْصَرْتُهُ فَإِذَا هُوَ يَتَّقِدُ كَالنِّيرَانِ ذَهَباً أَحْمَرَ، فَدَعَوْتُ صَائِغاً إِلَى مَنْزِلِي وَقُلْتُ لَهُ: اسْبُكْ لِي هَذِهِ السَّبِيكَةَ فَسَبَكَهَا، وَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ ذَهَباً أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَهُوَ كَهَيْئَةِ الرَّمْلِ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا فَمَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: كَانَ عِنْدِي قَدِيماً». (الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص118؛ ابن حمزة الطوسي، الثاقب في المناقب: ص532؛ العاملي، الدرّ النظيم: ص727؛ الأربلي، كشف الغمة: ج3، ص192؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج50، ص138).

المحاضرة الثامنة عشرة

أهل البيت^ سبيل اللّه الأعظم

21كانون الثاني 2011م= 15صفر 1432هـ

(لقاء مع المبلّغين)

عمر الدنيا المحدود حيال آخرة بلا حدود

(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ)([[403]])، أتعلمون أيّ عمل قد تيسّر لكم؟ وأيّ حظّ أقبل عليكم؟ بيد أنّ العمر قد انقضى دون أن نفهم مسؤوليتنا، أو نعمل بها. إنّ العمر يمرّ كالبرق الخاطف، ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي عقدنا مثل هذا الاجتماع في المكان ذاته، وها نحن نجتمع مرّة أُخرى هذا العام، كيف انقضى هذا العام؟ وكأن لم يكن شيئاً مذكوراً، هذا هو عمر الإنسان، فإنّ غاية ما يصل إليه مئة عام.

هكذا تمرّ الأيام، فما الذي يحصل مقابل ذلك؟ لو أدرك الإنسان حقيقة الأمر لأُصيب بالحيرة والذهول، فمحل وقوع الأعمال محدود جدّاً، في حين أنّ أثرها غير محدود؛ إذ هناك الأبدية التي لا انقضاء لها. فما الذي ينبغي فعله ليكون مقابلاً لتلك الحياة؟ عندما قلت لكم: إنّنا لم نفهم شيئاً، عنيتُ ذلك حقّاً لم نفهم، فلم ندرك أي يوم هذا الذي يقع قبال أيام الدنيا القلائل؟ ولم نفهم أي مكان هو هذا المكان، كما لم نعرف الدنيا ولا الآخرة!

إشراق شمس الجنّة من تبسّم أمير المؤمنين(عليه السلام)

على أيّة حال، من هو أمير المؤمنين(عليه السلام)؟ إنّه الشخص الذي يقف أصحاب الجنّة متحيرين أمام عظمته، حيث يتفاجؤون في الجنّة إذ يرون فيها شمساً تشرق، يقولون: (لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا)([[404]])، فما هذه الشمس المشرقة؟ فيأتيهم الجواب: لقد تبسّم أمير المؤمنين(عليه السلام)، فأشرقت الجنان بنور ثغره وشفتيه([[405]]).

زاد سفر الآخرة

كان هذا الرجل العظيم إذا جنّ عليه الليل يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: «آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَطُولِ الطَّرِيقِ وَبُعْدِ السَّفَرِ»([[406]]). هذا ما يدعونا إلى القول بأنّنا لم نفهم شيئاً من الحياة وأنّ العمر قد انتهى؛ فلا بدّ من أن نستفيق في أقرب فرصة. أمّا أنتم فلو اغتنمتم الفرصة المتاحة لكم، وعرفتم قدرها، وعملتم بما يتوجّب عليكم العمل به، فستنالون سعادةً لا حدّ لها ولا حصر.

أهل البيت^ هم السبيل الأعظم إلى اللّه

كما ذكرت لكم سابقاً، قد طلب الله تعالى من نبيّه الخاتم الدعوة إلى سبيله، حيث قال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ)، وعملكم هو الدعوة إلى سبيل الربّ؛ ولذا يتعيّن علينا أن ندرك مدى أهمّية هذا العمل، وما الذي ينبغي إعداده لهذا الغرض؟

فما هو السبيل إلى الله؟ إنّ الطرق إلى الله متعدّدة، اقرؤوا زيارة الجامعة لتفهموا ذلك جيّداً، حيث ورد فيها: «أَنْتُمُ‏ السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَم‏»([[407]])، فلا يُعقل استخدام اسم التفضيل إلّا مع وجود فاضل ومفضول، فلا يقال: أعظم إلّا مع وجود عظيم.

ذكر اللّه والأحكام الإلهية

من أين يبدأ السبيل إلى الله؟ يبدأ أوّلاً من إيقاظ القلب بذكر الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)([[408]]).

ثمّ يصل الدور إلى تعليم الأحكام الإلهية، فكلّ حكم منها يمثّل سبيلاً إلى الله جلّ وعلا، فالوضوء والصلاة والصيام و...كلّ واحد منها سبيل من السبل إلى الله.

مسؤوليتنا الكبيرة في المناطق المحرومة

إنّ مسؤوليتنا في تلك المناطق شاقّة للغاية؛ لأنّ الناس هناك أيتام إمام العصر والزمان#([[409]])، ومن هو اليتيم؟ اليتيم هو المنقطع عن أبيه؛ ونحن جميعاً أيتام؛ إذ الإمام(عليه السلام) هو الوالد الشفيق([[410]])، وقد افتقدناه جميعاً في عصر الغيبة.

الخواص من عباد اللّه

إنّنا نظنّ أنّ لنا قيمةً تُذكر، فلربما يتوهّم أحدنا بأنّه أنهى كلّ هذه المراحل الدراسيّة وقام بكلّ هذه الأعمال، فكيف يتقدّم علينا يوم القيامة شخص ما يقطن منطقة من تلك المناطق النائية، مع كلّ ذلك التاريخ الحافل الذي نتمتّع به؟! إنّما تكمن الخطورة في جهلنا بالواقع، فلربما يكون خاصّة عباد الله في تلك المناطق؛ لأنّ الله تعالى أخفى عباده عن الأعين: «لله تحت قباب العزّ طائفة...أخفاهم عن عيون الناس إجلالاً»([[411]]) (الملحق:1).

من المحتمل أن ترى بعض الأفراد في تلك المناطق قد بلغوا مقاماً سامياً ودرجةً رفيعةً نتيجة جهادهم في سبيل الله؛ فإنّ للجهاد أشكالاً مختلفةً، فالجهاد الذي أقوم به أنا ـ مثلاً ـ يختلف عن جهاد ذلك الفلاح المسكين في تلك المناطق؛ فمن يزاول الزراعة هناك، ويبذل طاقة كبيرة من الصباح حتّى المساء، فضلاً عن ابتلائه بالمخالفين له في المذهب والعقيدة، على أنّه لو اعتنق عقيدتهم لتوفّرت له جميع وسائل الراحة والنِّعَم، ولكنّه يؤثر الصبر على محبّة أهل البيت^ ومذهب الحقّ([[412]])، فإنّ مثل هذا الشخص تتلاشى جميع أعمالي مقابل عمله يوم القيامة، وإنّكم ستشدون الرحال إلى مثل هذه المناطق.

نكران الذات

لا تنظروا إلى أيّ شخص بعين الاحتقار([[413]]) من منطلق أنّني مثقّف ومتعلّم وهو من عوام الناس مثلاً، فلا عبرة بذلك يوم القيامة، قال تعالى: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ)([[414]]). فما هي أعمالنا وما هي قيمتها؟ ومن نحن قبل أن نتكلّم عن أعمالنا؟ فالإنسان الكامل هو من لا يعجب بنفسه، ويرى نفسه أدنى من كلّ شيء.

تواضع سلمان

ذات يوم قيل لسلمان ـ ومن هو سلمان؟ إنّه من «أُعطي علم الأوّل والآخر»([[415]]) (الملحق:2)، وكان يحمل اسم الله الأعظم([[416]]) ـ قيل له: أيّهما أفضل لحيتك أم ذنب الكلب؟ فردّ سلمان: مادمت لم أعبر الصراط لست أعلم أيّهما أفضل، فقد أراد ذلك السائل أن يسخر من سلمان، إلّا أنّه بحر من العلم، حيث أجابه بهذا الجواب: إذا ما عبرت الصراط فسيتضح حينها أيّنا أفضل. من هنا ينبغي لكم أن تصرفوا جميع طاقاتكم في تلك المناطق؛ لعلّكم تحظون بعناية الباري تعالى، ووليّ الله الأعظم#، وتنالوا من سفركم هذا زاداً لآخرتكم؛ ولذا يجب أن تكون دعوتكم منصرفة إلى سبيل الله فقط.

سبيل اللّه

ما هو السبيل إلى الله؟ علّموا الناس أحكام الدين الإلهي كالوضوء والصلاة. . قولاً وعملاً، إنّنا ـ في الحقيقة ـ في حيرة من أمرنا، بم نجيب الله سبحانه؟ فالمشكلة تكمن في أنّنا نعيش ونقضي أيام حياتنا هنا، بينما يعيش هؤلاء في مناطق نائية، بعيدة عن التعاليم الدينية. فماذا سيقول الله لهؤلاء المعممين غداً؟ لماذا لم تذهبوا إلى تلك المناطق؟ لماذا لم تعلّموا الناس واجباتهم؟ نسأل الله أن يعفوا عنّا!

وعلى أيّة حال، اعملوا ليلاً ونهاراً، فلا ينبغي أن تبذلوا جهودكم أثناء ارتقاء المنبر فقط، وتخلدوا إلى الراحة في باقي الأوقات، فلا قيمة لمتاع الدنيا، إنّما قيمة عملكم في أن تهدوا شخصاً واحداً إلى الله تعالى هناك، أن تعلّموا أحدهم الأحكام والتعاليم الدينية، أن تحثّوا الناس على قراءة القرآن، ([[417]]) والتوسّل بأهل البيت^([[418]]). عندئذٍ ستكون النتيجة ما قاله رسول الله لأمير المؤمنين(عليه السلام): «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ»([[419]]).

ثواب عبادة مئة عام

قد نجد طالباً حوزويّاً مغموراً من طلاب العلوم الدينية، يذهب في العشرة الأخيرة من شهر صفر إلى منطقة نائية ليس فيها رجل دين، فيتوب على يديه مذنب، أو يتعرّف بواسطته ضالّ على إمام العصر والزمان#، فيعود من سفره وقد ادّخر لنفسه ثواب عبادة مئة عام([[420]])، بينما تمضي حياتنا وتنقضي أعمارنا دون أن نستفيد منها أيّ شيءٍ.

تعليم الأحكام الإلهية وتعريف الناس بأهل البيت^

من أهم الأعمال التي ينبغي القيام بها في تلك المناطق، تعليم الأحكام الإلهية؛ فعليكم أن تتفقدوا المدارس، وتتحدّثوا إلى اليافعين والشباب؛ بغية تحصينهم من الشبهات، وليكن ذلك على نحو يشدّهم إلى هذا الطريق بعدما ترجعون من مناطقهم، هذا هو الأمر الأوّل.

والأمر المهم الآخر هو لزوم تعريف الناس هناك بأئمة المذهب، فاذكروا لهم فضائل أهل البيت^، واسردوا لهم مناقبهم، حتّى تكون لهم دراية تامّة بالمعصومين الأربعة عشر^ بعد عودتكم من مناطقهم، وعليكم أن تخصّصوا في كلّ ليلة محاضرة لأحد الأئمة المعصومين الأربعة عشر^([[421]]).

تعطّر الملائكة بالمجالس المعقودة لذكر فضائل أهل البيت^

ثمّة حديث محيّر للعقول حقّاً، وإنّي لأُصابُ بالحيرة كلّما فكّرت فيه، وهو الحديث المرويّ عن أُمّ سلمة، عن رسول الله.

ماهي مقامات الملائكة؟ إنّ الفارق بيننا وبين الملائكة كالفارق بين السماء والأرض، فمقام الملائكة هو أنّهم (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)([[422]])، ومن الملائكة من قال عنهم أمير المؤمنين(عليه السلام): «مِنْ مَلَائِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ‏ سَمَاوَاتِكَ‏ وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ، هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ، وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْك‏»([[423]]).

المحيّر للعقول أنّ هذه الملائكة تهبط من السماء إلى الأرض عندما يجتمع الناس في مجلس لذكر فضائل عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فتحضر في ذلك المجلس، ثمّ تعرج إلى السماء عند تفرّق الحاضرين. الأمر المحيّر للألباب حقّاً هو هذا المقطع من الرواية: «فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّا نَشَمُّ مِنْ رَائِحَتِكُمْ مَا لَا نَشَمُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَلَمْ نَرَ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْهَا. فَيَقُولُونَ: كُنَّا عِنْدَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ، فَعَلِقَ فِينَا مِنْ رِيحِهِمْ فَتَعَطَّرْنَا».

فالحقيقة أنّ الملائكة هم الذين يدركون أهمّية بيان فضائل أهل البيت^، لا نحن، ولا ريب في أنّ هذا الكلام محيّر للعقول، خصوصاً الفقرة الأخيرة من الرواية التي ورد فيها: «فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا إِلَيْهِمْ، فَيَقُولُونَ: تَفَرَّقُوا وَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا حَتَّى نَتَعَطَّرَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ»([[424]]). إنّ هذا لأمر لعجيب حقّاً ومحيّر للألباب!

تعليم الأحكام وبيان حقيقة الصلاة والنِّعَم الإلهية

أسفاً على العمر الذي ولّى ولم نفهم ما نفعله؟ فاستغلّوا وقتكم هناك في مثل هذه الأُمور، علّموا الناس الأحكام الدينية، وحثّوهم على الصلاة، والسبيل إلى ذلك هو تذكير الناس بآلاء الله تعالى ونعمه؛ كيف خلق الإنسان من نطفة ثمّ علقة؟ وكيف ردّ الإنسان على هذا المعروف في المقابل؟ ما الذي منحنا الله إيّاه؟ وما الذي أخذه منّا؟ على أنّ الذي يأخذه منّا يدّخره لنا، وإلّا فهو الغنيّ المطلق: «فَإِنَّ اللَهَ خَلَقَ الْخَلْقَ‏ حِينَ‏ خَلَقَهُمْ‏ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ، وَلَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْهُمْ‏»([[425]]).

ولئن أمرنا بعدم ارتكاب المعصية، فلأجل الحفاظ علينا من الرذائل والموبقات؛ كي نبقى جديرين بالقرب منه تعالى، ولئن أمرنا بالطاعات وبتلاوة كلامه المجيد، فلأنّ درجات الجنّة بعدد آيات القرآن، فيجب علينا تعلّم هذه الآيات؛ بغية الوصول إلى تلك الدرجات([[426]]).

عرّفوا الله تعالى إلى الناس، وذكّروهم بما فعله لهم، وما هو واجبهم تجاهه، وفهّموهم حقيقة الصلاة (الملحق:3). فإنّ لها من الأهمّية ما جعل خاتم النبيين وخير المرسلينيلهج بها في آخر أنفاسه قائلاً: «الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ»([[427]]).

وكانت الأنفاس الأخيرة لرئيس المذهب هي: «لَا يَنَالُ شَفَاعَتَنَا مَنِ‏ اسْتَخَفَ‏ بِالصَّلَاةِ»([[428]])؛ فالشفاعة التي يحتاج إليها الجميع من الأوّلين والآخرين لا ينالها المستخفّ بصلاته، فاسعوا إلى تعريف الناس بعظمة الصلاة.

إهداء قراءة القرآن إلى إمام العصر والزمان#

ثمّة أمر مهم للغاية، وهو ضرورة أن تحثّوا الناس المتعلّمين منهم على ختم القرآن الكريم في كلّ شهر، وذلك من خلال قراءة جزء واحد منه في كلّ يوم، وإن تيسّر قراءة أكثر من ذلك فهو أفضل، وإهداء ذلك إلى إمام العصر والزمان#، فهذا يضمن لكم سبيل السعادة. وباختصار: لا بدّ من الاتصال بالبحر بنحوٍ من الأنحاء، والتطهّر من نجاسات المعاصي.

فالسبيل إلى الاتصال بذلك البحر هو قراءة القرآن، وإهداؤه إلى الإمام الحجّة#([[429]])، أمّا الأُمّيون وغير المتعلّمين فليقرؤوا سورة التوحيد ليلاً ونهاراً بقدر ما يستطيعون([[430]])، وليهدوها إلى الإمام على كلّ حال، وإذا قام المتعلّمون بالجمع بين الأمرين فهو نور على نور. وبادروا أنتم إلى فعل ذلك، وادعوا الناس جميعاً إلى القيام به؛ لتصبح سنّة حسنة: اقرؤوا القرآن واهدوه إلى الإمام المنتظر#.

هذا هو جوهر العلم، ننقله إليكم، بل هو تجسيد للحديث النبوي: «إِنِّي تَارِكٌ‏ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ‏ كِتَابَ اللهِ} وَعِتْرَتِي»([[431]])، فالقرآن الذي تتلونه يمثّل الارتباط بكتاب الله، والهدية التي تقدّمونها لإمام العصر والزمان# تمثّل الارتباط بالعترة، فلا ريب في أنّ قراءة القرآن أمداً طويلاً وإهداءها له، هي مصداق للتمسّك بالقرآن والعترة. وهذا ما سيتجلّى أثره عند الاحتضار، وفي أوّل ليلة من ليالي القبر. فاعملوا على نشر ذلك وتجسيده بين الناس، وعطّروا مجالسكم بذكر فضائل أهل البيت^، ومعرفة الأئمة الميامين^، فإنّ شذى عطرها تبلغ إلى العرش الأعلى([[432]]).

الكتاب التدويني والتكويني

المهم أن يتعرّف الناس على كلام الله المجيد، ويعزّزوا ارتباطهم بكلام الله الناطق، فإنّ لله كتابين: كتاب تدويني، وكتاب تكويني، الكتاب التدويني هو القرآن الكريم، والكتاب التكويني هو إمام العصر والزمان#([[433]]) (الملحق:4).

فإذا ما جرت تربية الناس على هذا الأمر، فسيعيشون مع كتاب الله، والعترة الطاهرة دائماً، ومن يصبح كذلك يعد شخصاً آخر مختلفاً عما كان عليه قبل هذا الارتباط.

وعلى سبيل المثال، ضعوا باقة ورد إلى جانب حفنة من الطين، فبمرور الزمن وبعد بضعة أيّام سترون الطين وقد تعطّر بعطر الورد. لكننا ـ للأسف ـ لم يكن لدينا من يربّينا على ذلك منذ البداية، فلم نقف على تلك اللطائف حتّى انقضى العمر. فإن كانت هذه الروح تأنس بالقرآن الكريم منذ مرحلة الشباب، ذلك القرآن الذي يُهدى إلى إمام العصر والزمان#، فإنّ رائحة العطر التي تفوح منها بعد بلوغ عامها السبعين ستحيّر ملائكة السماء. فابدؤوا بأنفسكم في العمل بذلك، ثمّ ادعوا الناس إليه، لتكون النتيجة هي: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ)([[434]])، والخاتمة هي: «أَنْتُمُ‏ السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَمُ»([[435]]).

الملاحق

(الملحق:1)

«وأوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري». (السيّد حيدر الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ج4، ص181؛ محمّد تقي المجلسي، روضة المتقين: ج9، ص285).

وروي أيضاً: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ، قَالَ: «إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْفَى‏ أَرْبَعَةً فِي‏ أَرْبَعَةٍ: أَخْفَى رِضَاهُ فِي طَاعَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ طَاعَتِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ رِضَاهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ. وَأَخْفَى سَخَطَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَتِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطُهُ مَعْصِيَتَهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ. وَأَخْفَى إِجَابَتَهُ فِي دَعْوَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ دُعَائِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ إِجَابَتَهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ. وَأَخْفَى وَلِيَّهُ فِي عِبَادِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ عَبْداً مِنْ عَبِيدِ الله، فَرُبَّمَا يَكُونُ وَلِيَّهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ». ‏ (الشيخ الصدوق، الخصال: ص209؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص296؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص112؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج66، ص274).

(الملحق:2)

جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ:‏ قَالَ لِي: «تَرْوِي‏ مَا يَرْوِي‏ النَّاسُ‏ أَنْ عَلِيّاً(عليه السلام) قَالَ فِي سَلْمَانَ: أَدْرَكَ عِلْمَ الْأَوَّلِ وَعِلْمَ الْآخِرِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي مَا عَنَى؟ قُلْتُ: يَعْنِي عِلْمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعِلْمَ النَّبِيِّ. فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا يَعْنِي، وَلَكِنْ عِلْمَ النَّبِيِّ وَعِلْمَ عَلِيٍّ(عليه السلام)، وَأَمْرَ النَّبِيِّ وَأَمْرَ عَلِيٍّ(عليه السلام)». (الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال: ج1، ص64).

وروي في كتاب "الطبقات": «أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ سَلْمَانَ، فَقَالَ: أُوتِيَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الْآخِرَ، لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَهُ...قالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زَاذَانَ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ [(عليه السلام)] عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، فَقَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الْآخِرَ، وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْآخَرَ، وَكَانَ بَحْراً لَا يُنْزَفُ». (ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج4، ص85).

وقال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في كتابه "حلية الأولياء": «حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن، حدّثنا بشر بن موسى، حدّثنا خلاد بن يحيى، حدّثنا مسعر، حدّثنا عمرو بن مرّة، عن أبي البختري، قال: سُئل عليّ بن أبي طالب [(عليه السلام)] عن سلمان (رضي الله تعالى عنهما) فقال: تابع العلم الأوّل والعلم الآخر ولا يدرَك ما عنده». (أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء: ج1، ص187).

وروي: «قال عليّ [(عليه السلام)]: سلمان أدرك العلم الأوّل والعلم الآخر، بحر لا يدرَك قعره، وهو منّا أهل البيت. وقال: وعن عليّ [(عليه السلام)]، وذكر سلمان فقال: ذاك مثل لقمان الحكيم بحر لا يُنزف». (الذهبي، تاريخ الإسلام: ج2، ص515).

وورد كذلك: «قال: قالوا يعني لعلي [(عليه السلام)]: يا أمير المؤمنين! فحدّثنا عن سلمان الفارسي. قال: ذاك رجل منّا أهل البيت، أدرك علم الأوّلين والآخرين، من لكم بلقمان الحكيم». (ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج21، ص421؛ المزي، تهذيب الكمال: ج11، ص251).

(الملحق:3)

قالَ عليٌّ(عليه السلام): «...أَنَا صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ، ‏ أَنَا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، أَنَا حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، أَنَا حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ‏». (ابن شاذان، الفضائل: ص83؛ السيّد هاشم البحراني، حلية الأبرار: ج2، ص124).

(الملحق:4)

عن أبي عبد الله(عليه السلام)‏ في قوله: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) ، قال: «كتابُ [الكتابُ] عليٌّ‏ لا ريبَ‏ فيهِ [لا شكَّ فيهِ]». (محمّد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص26؛ علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي: ج1، ص30؛ البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص253؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص91؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص123؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص21). ‏

المحاضرة التاسعة عشرة

منزلة قمر بني هاشم في مقام عنديّة اللّه

3كانون الأوّل 2010م= 26 ذو الحجّة 1431هـ

تبليغ الرسالات الإلهية

قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)([[436]])، ينبغي لمن يأخذ على عاتقه الدعوة إلى الدين والمذهب في هذه الأيّام أن يعلم بأنّ هذا العمل هو عمل الأنبياء: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ)([[437]])، فهذا العمل أرفع شأناً من أن يناله بياننا أو تطاله كلماتنا، فالمهم في عصرنا الحالي هو الحفاظ على أيتام آل العصمة([[438]]).

فإنّ للحفاظ على أولئك المنقطعين عن إمام زمانهم#، في ظلّ هذه الابتلاءات المتنوّعة في الحياة، والحرمان من تعلّم أُصول المذهب والدين، إنّ لذلك من الأهمّية ما يعجز عنه الكلام، فإن استطعتم في سفركم هذا أن تعرّفوا ضالّاً بإمام زمانه#، أو تعيدوا إلى الصلاة تاركاً لها، كان لكم من الأجر ما لا يوصف؛ ذلك أنّ الرسول الكريم’ قال لأمير المؤمنين(عليه السلام): «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ»([[439]]).

فإنّ كلّ ما طلعت عليه الشمس منذ أن نشأت هذه المنظومة الشمسية إلى يوم (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ)([[440]]) في طرفٍ وهداية إنسان واحد في طرف آخر، فهي أفضل من جميع ذلك.

شجرة الدين الطيّبة

غاية ما في الأمر أنّ الدعوة إلى الدين ينبغي أن تكون بالنحو الذي أراده صاحب هذا الدين: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)([[441]]).

إنّ لشجرة الدين الطيّبة جذوراً، ولها جذع وأغصان وأوراق وثمار؛ فعلى من يمضون لأداء مهمّة التبليغ أن يعلموا ما هو واجبهم؟

فجذور شجرة الدين هي العقائد الحقّة، ومعارف أهل البيت^، فهي تمثّل أصل هذه الشجرة الطيّبة وجذورها، أمّا جذعها فهو الأخلاق الفاضلة والملكات النفسانية الحميدة، وأغصانها عبارة عن الأعمال الصالحة. فإذا أصبحت العقيدة هي العقيدة الحقّة، وأضحت الملكات النفسانية أخلاقاً فاضلة، وصار السلوك أعمالاً صالحة، فإنّ ثمرة هذه الشجرة ستكون السعادة الأبدية التي لا حدّ لها ولا حصر، ولا بدّ من التنقيب عن هذه الحياة الأبديّة من هنا ومنذ الآن.

علاج مختلف الشبهات

من أهم واجبات المبلّغين في تلك المناطق الردّ على الشبهات، فكما أنّ البدن يصاب بأنواع الفيروسات، كذلك الروح تبتلى بأنواع الشبهات؛ فإنّ شبهات المخالفين للدين، ممن تؤازرهم الشياطين، تترك ـ بلا شكّ ـ أمراضاً روحيةً في عقول الضعفاء في الدين، ومسؤوليتكم هي الردّ على تلكم الشبهات.

فإذا رأيتم من تلوّثت روحه بشبهة من شبهات الفرق والمذاهب الباطلة، ينبغي أن تسخّروا كلّ ما لديكم من طاقة في علاجها، كما يفعل الطبيب الحاذق، ثمّ اعملوا على ترسيخ عقيدة الناس بهذا المذهب الذي جثا العالم بين يديه، والذي أخرس بقوّة منطقه ومتانة استدلاله أتباع الديانات الأُخرى، من يهود ونصارى وملحدين، وجميع أهل المذاهب الباطلة، حيث وقفوا عاجزين أمام قدرته وهيبته.

الكفاءة العلمية للعلّامة الحلّي

إلّا أنّ ذلك يتطلّب منكم أن تتحلّوا بالكفاءة العلمية، وعندئذٍ يصبح كلّ واحد منكم كالحسن بن يوسف بن المطهّر، العلّامة الحلّي([[442]]).

فقد جمع سلطان عصره علماء المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، وحضر رجل ذو كفاءة علمية، فحاججهم وألقم الجميع حجراً، ورفع لواء التشيّع عالياً في هذا البلد، ففي حين كان المذهب السنّي هناك هو المذهب الرسمي السائد، انقلب الأمر ظُهراً رأساً على عقب، فتغيّرت خطب الجمعة إثر ذلك في سائر أرجاء البلد([[443]]). هذه هي الكفاءة والقدرة لأحد أبطال الدين، فعليكم بتقوية أُسسكم العلمية.

تعزيز العقائد والأحكام والأخلاق في ضوء عاشوراء

المسؤولية الثانية التي تقع على عاتق الدعاة والمبلّغين في ظل هذا البرنامج هي لزوم تعزيز العقائد، وتعليم الأحكام، وتهذيب الأخلاق، ولا شكّ في أنّ عاشوراء الإمام الحسين(عليه السلام) كفيلة بتحقيق كلّ ذلك. أيقظوا الناس ليدركوا الحقيقة، وليعرفوا ما هو يوم عاشوراء؟ وليفهموا أيّ قيامة قامت في ذلك اليوم؟ إنّنا نطلق كلمة عاشوراء ونتفوّه بها، ولكن أنّى لنا أن نفهم من هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وما الذي فعله؟

إنّه بحر لجّي يغرق فيه أمثال الشيخ الأنصاري+، ويتحيّر فيه أمثال المحقّق الحلّي+، والعلّامة الحلّي+، فكيف لنا فهم حقيقة عاشوراء؟ أوَ يستطيع أحد أن يعرف أصحاب الإمام(عليه السلام)([[444]]) حقّ معرفتهم، ليتسنّى له معرفته(عليه السلام)؟

الخلد الأعلى موطن دم سيّد الشهداء(عليه السلام)

لمن هذا الكلام؟ إنّه حديث لرئيس المذهب الجعفري، الإمام السادس(عليه السلام)، ذلك الشخص الذي يعود إليه الفضل في كلّ ما بأيدينا، من المبدأ إلى المعاد، ومن الطهارة إلى الديات، ذلك الذي قدم للدنيا جوهر دعوة الأنبياء المئة والأربعة وعشرين ألفاً متمثّلة بصورة المذهب الجعفري.

لقد عبّر الإمام(عليه السلام) في هذا الحديث بكلمة «أشهد»، وأهل الفنّ والمختصّون يعلمون مدى صعوبة الشهادة؟ فليس للشاهد أن يشهد حتّى يكون المشهود به واضحاً كعين الشمس، والمحيّر للعقول هو أنّ الإمام(عليه السلام) قال: «أَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمَائِكُمْ‏ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ»([[445]])، وأردف: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ»([[446]]).

إنّ العقل ليحار في كلّ كلمة من هذه الكلمات، فهذا هو كلام الإمام السادس(عليه السلام) يشهد أنّ دم الحسين(عليه السلام) قد سكن الخلد، فمن كان الخلد مسكناً لدمه فأين مستقرّ روحه؟ تلك هي منزلة دماء سيّد الشهداء(عليه السلام).

اهتزاز أظلّة العرش وبكاء جميع الخلائق

ثمّ يبلغ الأمر إلى أن تقشعرّ لدمائه ودماء أصحابه أظلّة العرش «واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ»، و«الخلائق»: جمع محلّى بالألف واللام، تشمل كلّ ما هو مخلوق ولا يستثنى منه أحد سوى الله جلّ وعلا؛ فقد بكوا عليه(عليه السلام).

ما هذه الضجّة العظمى؟ ما الذي فعله الحسين(عليه السلام)؟ «وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى»([[447]]). إنّ العقول لتحيّرت إذ بكت عليه السماوات السبع، فإنّ جميع هذه الكواكب والمجرّات إنّما هي في السماء الأولى، فقد قال تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ)([[448]])، ففي السماء الأولى تسبح المليارات من الكواكب المنتشرة في الفضاء، فما بالك بما تضمّه السماوات السبع؟ بينما يقول الإمام الصادق(عليه السلام): «وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى».

وسط كلّ ذلك يظهر جماعة فيقولون: هنالك إفراط في مراسم العزاء! وما ذلك إلّا خطأ سببه الجهل، فمن الذي يفهم أيّ يوم هو يوم عاشوراء؟ ومن الذي يدرك أيّ رأسٍ قد حمل على الرمح؟ ومن الذي يعي أيّ يدٍ قُطعت إلى جانب نهر العلقمي؟ عليكم أن تنقلوا إلى الناس هذه الحقائق.

حديث رفاعة

روي عن رفاعة بن موسى النخّاس الموثّق بتوثيق الشيخ النجاشي([[449]]) وابن شهرآشوب([[450]]) والعلّامة([[451]]) أنّه دخل على الإمام الصادق(عليه السلام)، والإمام(عليه السلام) لا يكلّم في هذه الأُمور كلّ من هب ودب، حتّى يكون الشخص على مثل هذه المنزلة، فسأله الإمام(عليه السلام): «يَا رِفَاعَةُ! أَمَا حَجَجْتَ‏ الْعَامَ‏؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَا كَانَ عِنْدِي مَا أَحُجُّ بِهِ، وَلَكِنِّي عَرَّفْتُ عِنْدَ قَبْرِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام)‏».

ولا يخفى أنّ للحجّ من المنزلة والعظمة ما دعا الرسول’ أن يواجه أعرابياً لم يدرك الحج بمثل هذه الرواية: «لَمَّا أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ تَلَقَّاهُ أَعْرَابِيٌ‏ فِي‏ أَفْطَحَ‏ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي خَرَجْتُ أُرِيدُ الْحَجَّ فَعَاقَنِي عَائِقٌ، وَأَنَا رَجُلٌ مَلِيٌّ كَثِيرُ الْمَالِ، فَمُرْنِي مَا أَصْنَعُ فِي مَالِي مَا أَبْلُغُ مَا بَلَغَ الْحَاجُّ. قَالَ: فَالْتَفَتَ رَسُولُ الله إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ أَبَا قُبَيْسٍ لَكَ زِنَةَ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءَ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ الله مَا بَلَغْتَ مَا بَلَغَ الْحَاجُّ»([[452]]).

السرّ في عظمة زيارة قبر الإمام الحسين(عليه السلام)

ما يحيّر العقول حقّاً هو أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) تابع كلامه مع رفاعة قائلاً: «لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ‏ أَنْ‏ يَدَعَ‏ النَّاسُ‏ الْحَجَّ لَحَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ لَا تَدَعُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏ أَبَدَاً».

سأقول لكم شيئاً فاذهبوا وتأمّلوا فيه ملياً، بعدما ذكر الإمام(عليه السلام) هذا الكلام قال: الراوي: «سَكَتَ طَوِيلاً»، لا بدّ من الوقوف هنا والتأمّل كثيراً في مثل هذه النكات الدقيقة، لقد سكت الإمام(عليه السلام) طويلاً، فما هي دلالات هذا السكوت؟ إنّني وجميع الفقهاء والعلماء لعاجزون عن إدراك الأسرار الكامنة في هذا السكوت!

ألف ملكٍ عن يمين الزائر وألف عن يساره

وبعد فترة من السكوت، رفع الإمام(عليه السلام) رأسه وقال: «مَنْ خَرَجَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ، صَحِبَهُ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَمِينِهِ وَأَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ‏».

إنّ سيّد الشهداء(عليه السلام) هو من أرسل الباري تعالى عقل الكل نبيّه الخاتم إلى الأرض، ليلتقط دمه ودماء أصحابه في قارورة ويرفعها إلى العرش([[453]]).

الكلام هنا للإمام أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)، فهو الذي يقول: «مَنْ خَرَجَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ، صَحِبَهُ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَمِينِهِ وَأَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ‏».

فإذا كان هذا هو الأثر فمن هو ذلك المؤثّر الذي ترك مثل هذا الأثر؟ هذا ما ينبغي لكم أن تكتشفوه بواسطة البرهان الإنّي عبر الانتقال من المعلول إلى العلّة، فعلينا أن نعرف الشجرة من خلال الثمرة، والمعدن من خلال الجوهر؛ لا بدّ لنا أن نفهم من عظمة زيارة قبره(عليه السلام) عند الله تعالى ما هي درجته وما هي أهمّية ثورته، لتكون زيارة قبره على هذا القدر من الأهمّية، بحيث يصحب الزائر ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن يساره حتّى يعود إلى داره.

ثواب ألف حجّة وألف عمرة مع رسول اللّه وأمير المؤمنين(عليه السلام)

نصّ كلام الإمام السادس(عليه السلام) هو: «كَتَبَ لَهُ أَلْفَ حِجَّةٍ وَأَلْفَ عُمْرَةٍ مَعَ نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ»([[454]]) (الملحق:1). أيّ كلام هذا؟ إنّه نصّ الكلام الذي أورده شيخ الطائفة ورئيس الفرقة الشيخ الطوسي+ في «مصباح المتهجّد»، والذي مضى على تأليفه أكثر من ألف عام، فهذا الخبر قد ورد بهذا السند، وفي مثل هذا الكتاب، وبقلم مثل هذا الرجل الذي ظلّ رئيساً لجميع علماء الطائفة لأكثر من ألف عام.

فنلاحظ أنّ الله جلّ وعلا يعطي لزائر هذا القبر الشريف ثواب ألف حجّة، وثواب ألف عمرة، وأيّ حجّة هي؟ وأيّ عمرة؟ إنّها حجّة مع نبي من أنبياء الله، وعمرة مع وصيّ من أوصيائه، هذا ما نص عليه الإمام السادس(عليه السلام)، والمقصود هو الحج والعمرة تحت راية خاتم النبيين، ومع أمير المؤمنين(عليه السلام). هذا هو سيّد الشهداء(عليه السلام)، فما الذي فعله ليُعطى هذا المقام الرفيع؟

الإكسير الأحمر لمراسم العزاء المقترنة بمظاهر التقوى

ينبغي للمواكب الحسينية التحلّي باليقظة؛ لئلّا تُرتكب فيها معصية، والمهم في الأمر هو ضرورة أن لا يبطل مفعول هذا الإكسير الأحمر: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)([[455]]). فعلى مقيمي العزاء الحسيني أن يتنزّهوا عن الحرام، وأن يلتزموا بالواجبات، كما يجب أن تمثّل جميع المواكب والهيئات مظهراً من مظاهر التقوى، ولا ينبغي لتلك الرايات والأعلام المرفوعة أن ترفرف فوق نظرة خاطئة، أو كلمة بذيئة، أو عمل فاسد؛ فإنّ تلك الهيئات هي موضع عناية خاتم الأنبياء والمرسلين. فاجتنبوا الحرام، واعملوا بالواجبات، واعلموا أن كلّ ما تقومون به في عزائه إنّما يمثّل ما أنتم أهل له، وليس ما هو أهل له.

فاجعة الرسول ونحيب الزهراء

«فُجِعَ‏ بِكَ‏ الرَّسُولُ، ‏ وَأُزْعِجَتِ الْبَتُولُ، وَطَاشَتِ الْعُقُولُ‏»([[456]]) (الملحق:2). إنّي لفي حيرة من أمري، ماذا عساني أن أقول؟ فالرسول الأكرم مفجوع في عزاء سيّد الشهداء(عليه السلام)، وقد بلغ الحزن بالبتول فاطمة الزهراء‘ أن تنوح عليه وتعوّل كلّ يوم، حتّى رقّت لها ملائكة السماء، وباتت العقول طائشة بفعل هذه المصيبة.

سورة  (الفجر) سورة الحسين(عليه السلام)

أيّ مقام هو مقام سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ ليس بوسعنا أن نتحدّث عن الإمام(عليه السلام) نفسه، وإنّما لله تعالى أن يأتي على ذكره؛ فجاءت سورة «والفجر»؛ تعبيراً منه تعالى عن صاحب الرأس القطيع سيّد الشهداء(عليه السلام)، حيث قال: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)([[457]]). وقد قال حجّة الله(عليه السلام): «فَإِنَّهَا سُورَةُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ»([[458]]).

لا يوم كيوم الحسين(عليه السلام)

دعك عن حديثنا نحن، وليحدّثنا عنه الإمام زين العابدين(عليه السلام)، صاحب زبور آل محمّد^، حيث نظر إلى عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) فاستعبر، تأمّلوا جيّداً في كلام الإمام(عليه السلام)، فإنّه قال بعد أن استعبر: «مَا مِنْ يَوْمٍ‏ أَشَدَّ عَلَى‏ رَسُولِ‏ الله مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قُتِلَ فِيهِ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، أَسَدُ الله وَأَسَدُ رَسُولِهِ» هذا هو نصّ كلام الإمام الرابع(عليه السلام) عن الرجل الأوّل في عالم الإمكان، ثمّ أردف قائلاً: «وَبَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ، قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ». وبعد أن جاء على ذكر كلا هذين اليومين قال(عليه السلام): «وَلَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)‏»، فلم يمض على الرسول’ يوم كيوم عاشوراء، والله وحده هو العالم بما حلّ برسول الله في ذلك اليوم.

منزلة قمر بني هاشم(عليه السلام) عند اللّه

المهم في الحديث الماضي، أنّ الإمام السجّاد(عليه السلام) بعد تلك الكلمات ترحّم على عمّه العباس(عليه السلام) قائلاً: «رَحِمَ اللَهُ الْعَبَّاسَ، فَلَقَدْ آثَرَ وَأَبْلَى، وَفَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ». ليس لأحد أن يصف شهادة قمر بني هاشم، فقد ضرب مثالاً في التضحية، تخيّلوا ماذا فعل بعد قطع يديه؟ لما قُطعت يمينه قال:

وَالله إِنْ قَطَعْتُمُ يَمِينِي‏
إِنِّي
أُحَامِي‏ أَبَداً عَنْ دِينِي‏
وَعَنْ إِمَامٍ صَادِقِ الْيَقِينِ‏
نَجْلِ النَّبِيِّ الطَّاهِرِ الْأَمِينِ‏

ولما قُطعت شماله، أنشد قائلاً:

يَا نَفْسُ لَا تَخْشـَيْ مِنَ الْكُفَّارِ
وَأَبْشـِرِي بِرَحْمَةِ الْجَبَّارِ
مَعَ النَّبِيِّ السَّيِّدِ الْمُخْتَارِ
قَدْ قَطَعُوا بِبَغْيِهِمْ يَسَارِي
‏فَأَصْلِهِمْ يَا رَبِّ حَرَّ النَّارِ(
[[459]])

هكذا كان العباس(عليه السلام)، وهكذا كانت تضحيته وشهادته.

بيد أنّ الذي يحيّر عقول جميع الحكماء، وأفهام جميع الفقهاء، هو أنّ الإمام(عليه السلام) قال بعد ذلك: «وَإِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً»، وكلمة عند الله تعني منزلة فوق الجنّة وفوق الخلد الأعلى، بحيث: «يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

إنّه لأمر محيّر وعجيب حقّاً، فمنذ أوّل الخلقة ابتداءً بزمان النبي آدم(عليه السلام) لما استشهد هابيل، ومروراً بيوم أُحُد لما استشهد حمزة بن عبد المطّلب سيّد الشهداء(عليه السلام)، إلى الشهداء الذين تساقطوا بعد يوم أُحُد، فأين هي النهاية؟ ستكون النهاية يوم ظهور الإمام صاحب الزمان#، ليندرج تحت هذه الكلمة «جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ» أولئك الشهداء الذين يسقطون في ركابه، فأيّ منزلة تلك التي يغبطه عليها جميع الشهداء([[460]])؟ إنّها منزلة حامل لواء الحسين(عليه السلام) (الملحق:3)، فما بالك بمنزلته هو(عليه السلام)؟

قمر بني هاشم(عليه السلام) أسمى من التمثيل والتصوير

تناهى إلى أسماعنا ـ ونتمنّى أن لا يكون الخبر صحيحاً ـ أنّ البعض بصدد القيام بعمل خاطئ؛ وهو ما يفرض علينا التحذير من مغبته، فإن كان هؤلاء من السعداء، سيصبحون من التعساء في هذه الدنيا، وإن كانوا من الأشقياء فلن يصيبهم مكروه في دار الدنيا، ولكن ستُقصم ظهورهم ويُحرمون إلى الأبد من الرحمة الإلهية، حينما يؤتى بيدي أبي الفضل العباس المقطوعتين يوم القيامة([[461]]).

مفاد الخبر أنّ البعض  ـ لا إله إلّا الله ـ يريد تجسيد قمر بني هاشم(عليه السلام) في دور يمثّله أحد الفنانين، فمن يقف حجّة الله على الخلق أمام قبره قائلاً: «سَلَامُ الله وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَجَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ فِيمَا تَغْتَدِي وَتَرُوحُ، عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ»([[462]])، ومن يسلّم عليه الله} ومئة وأربعة وعشرون ألف نبيّ في كلّ صباح ومساء، مثل هذا الشخص يبتغون أن يظهروه في دور أحد الفنانين، أسأل الله أن لا يرتكبوا مثل هذه الهفوة، فإذا ما أقدموا على ذلك نقول لهم: قد أُعذر من أنذر.

إقامة القيامة في عزاء قمر بني هاشم(عليه السلام)

ينبغي للشباب المؤمن والغيور، المتفاني في قمر بني هاشم(عليه السلام)، أن يقيموا القيامة في عزاء قمر بني هاشم في تاسوعاء هذه السنة أكثر من السنين الماضية؛ رداً على هذا الكلام الخاطئ، ليقولوا لأبي الفضل(عليه السلام): يا قطيع اليدين في كربلاء، ويا مهشوم الرأس بالعمود في سبيل الله، إنّك لأسمى من كلّ ذلك.

يا له من زمان، ويا لها من غِيَر الزمان، كُتب لنا أن نعيش لنشاهد في هذه الأيام من ينوي تمثيل دور هذا الرجل العظيم للناس بواسطة الممثلين والفنانين؟

اعلموا أيّها الناس أنّ عرضَ شخصية قمر بني هاشم(عليه السلام) في مثل هذه الأعمال الفنّية وتمثيل دوره، إنّما يهدف إلى التقليل من قيمته وتحطيم هيبته في مراسم العزاء ومجالس الرثاء؛ فمن يرَ تلك المشاهد التمثيلية، وينظر إلى الفنان الذي يمثّل الدور، فسيفقد الحماس المطلوب في العزاء. وليعلم هؤلاء أنّ الذين حاولوا إخماد هذا السراج من ذوي الجزمات الجلدية وربطات العنق لم يتسنَّ لهم ذلك، فلن يُطفأ هذا السراج بواسطة هذه اللحى والجيوب المفتوحة.

سيّد الشهداء(عليه السلام) عند رأس قمر بني هاشم(عليه السلام)

نتساءل في ختام الكلام: من الذي يحمي العالم ويكون ظهيراً له؟ من الذي يحمي الأوّلين والآخرين ويكون ظهيراً لهم؟ من هو أمل العالم كلّه؟ من هو أمل الأوّلين والآخرين؟ إنّ أمل العالم والحامي له هو من تحمل أُمّه قميصه الملطخ بالدماء يوم القيامة([[463]])! ربّاه كيف لي أن أقول: إنّ من يمثّل الحامي والظهير لعالم الإمكان، لمّا وقف بجانب نهر العلقمي ردّد قائلاً: «الآن انكسر ظهري»([[464]]).

فيا قمر بني هاشم(عليه السلام)! ما الذي فعلتَه؟ ومن أنت ليقول الإمام الحسين(عليه السلام) لما سقطتَ على الأرض صريعاً: «انقَطَعَ رَجَائِي»([[465]])، في حين كان وجهه يزداد تألُّقاً وإشراقاً كلّما اشتدّ عليه الأمر وازدادت المصائب([[466]])؟ (الملحق:4)

يا قمر بني هاشم(عليه السلام)! من أنت ليقف زينة عرش الله على نهر العلقمي قائلاً:

اليومَ نامتْ أعينٌ بكَ لم تنمْ
 
وتسهّدتْ أُخرى فعزَّ منامها([[467]]).

أما وقد رحلت ولم تعرف النوم بعدك عينا السيّدة زينب الكبرى‘.

الملاحق

(الملحق:1)

قالَ الإمامُ الصَّادقُ(عليه السلام) لمعاويةَ بنِ وهبٍ: «لَا تَدَعْ‏ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ‏(عليه السلام)‏ لِخَوْفٍ؛ فَإِنَّ مَنْ تَرَكَهُ رَأَى مِنَ الْحَسْرَةِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّ قَبْرَهُ كَانَ عِنْدَهُ. أَمَا تُحِبُّ أَنْ يَرَى اللَهُ شَخْصَكَ وَسَوَادَكَ فِيمَنْ يَدْعُو لَهُ رَسُولُ الله’ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْأَئِمَّةُ^‏؟ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَا مَضَى وَيُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُ سَبْعِينَ سَنَةً؟ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يُتْبَعُ بِهِ؟ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ غَداً مِمَّنْ يُصَافِحُهُ رَسُولُ الله». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص230؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص47؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص53).

(الملحق:2)

رُويَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ الثُّمَالِيِّ قَالَ‏: «سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ(عليه السلام):‏...فَلَسْتُمْ‏ كُلُّكُمْ‏ قَائِمِينَ‏ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: فَلِمَ سُمِّيَ الْقَائِمُ قَائِماً؟ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) ضَجَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الله تَعَالَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا! أَتَغْفَلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأَوْحَى اللَهُ} إِلَيْهِمْ: قَرُّوا مَلَائِكَتِي، فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، ثُمَّ كَشَفَ اللَهُ} عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) لِلْمَلَائِكَةِ، فَسُرَّتِ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ اللَهُ}: بِذَلِكَ الْقَائِمُ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص160؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص221؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص474). ‏

(الملحق:3)

نبذة من فضائل أبي الفضل العباس(عليه السلام)

ورد في الرواية: «قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ (رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ): يَا أَخِي! أَتَاكَ الْقَوْمُ، فَنَهَضَ ثُمَّ قَالَ: يَا عَبَّاسُ!‏ ارْكَبْ‏ بِنَفْسِي‏ أَنْتَ يَا أَخِي حَتَّى تَلْقَاهُمْ وَتَقُولَ لَهُمْ: مَا لَكُمْ؟ وَمَا بَدَا لَكُمْ؟ وَتَسْأَلَهُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِمْ». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص105؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص90؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص454).

مصادر أهل السنّة: البلاذري، أنساب الأشراف: ج3، ص184؛ الطبري، تاريخ الطبري: ج4، ص315؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص56؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص433.

وروي أيضاً: «لما قُتل العباس...بان الانكسار في وجه الحسين(عليه السلام)». (البهبهاني، الدمعة الساكبة: ص328؛ المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص409 (نقلاً عن أبي مخنف)).

في «معالي السبطين» عن منتخب التواريخ أنّ الشيخ الأُزري (رحمة الله تعالى عليه) لما كان ينظم في أبي الفضل العباس(عليه السلام) قصيدته الهائية المعروفة ووصل في نظمه إلى قوله: يومٌ أبو الفضلِ استجارَ به الهُدى. توقّف في ذلك وفكّر في نفسه أنّه لا يكون قد غالى في ذلك في حقّ أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وقال بما لا يناسب مقام الإمام الحسين(عليه السلام)، وعلى إثره تصوّر بأنّ هذا المصراع من البيت لعله لا يكون مقبولاً عند الإمام الحسين(عليه السلام)؛ ولذلك توقّف في نظم مصراعه الآخر ولم يكمل البيت محاولاً تعديله أو حذفه. فلمّا جنّه الليل ونام، رأى في منامه الإمام الحسين(عليه السلام) وهو يثنى على مصراعه الذي نظمه ويقول له: «لنعمَ ما قلتَ يا أُزري وأحسنت وأجدت»، ثمّ أضاف(عليه السلام) قائلاً: «نعم، لقد استجرتُ بأخي أبي الفضل العباس(عليه السلام) يوم عاشوراء، وذلك حين اشتدّ الضرّ وعظم البلاء». ثمّ قال له: أفلا أكملت البيت وأتممته وقلتَ بعده: «والشّمسُ من كَدرِ العَجاجِ لِثامُها». (الحائري المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص441).

(الملحق:4)

لما قُتل العبّاس قال الحسين(عليه السلام): «الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي‏ وَقَلَّتْ‏ حِيلَتِي»‏. (محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص310؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص42؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص285؛ المقرّم، مقتل الحسين: ص424؛ الشيخ محمّد السماوي، إبصار العين في مقتل الحسين(عليه السلام): ص225).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص34. كما وردت هذه العبارة في أغلب كتب التواريخ الأخرى.

المحاضرة العشرون

كربلاء عرش اللّه

21 تشرين الثاني 2011م= 24ذو الحجّة 1432هـ

لا يوم كيومك

قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)([[468]]). أيّام عاشوراء أمامنا، عاشوراء التي لم يستطع ولن يستطيع أحدٌ أن يفهم حقيقتها.

فإنّ ما قام به الإمام الحسين(عليه السلام) هو الذي دعا الإمام الحسن(عليه السلام) أن يقول: «لَا يَوْمَ‏ كَيَوْمِكَ‏ يَا أَبَا عَبْدِ الله‏»([[469]])، قال ذلك بعد أن رأى أيّام جميع الأنبياء وأيّام جميع الأوصياء وأيّام جميع الأولياء.

قيمة جوهر الحياة الإنسانية

ماذا فعل(عليه السلام)؟ فقد أفهم البشرية أنّ الحياة الإنسانية هي أغلى جوهرة يمتلكها الإنسان، وأنّ المساومة على هذه الجوهرة بأيّ ثمن إنّما هي خسارة تورث الحسرة والندامة، وإنّما يتجنّب هذه الخسارة من لا يرضى ببيع عقل الجواهر هذا إلّا بثمن واحدٍ وهو الله تعالى: «بَذَلَ مُهْجَتَهُ‏ فِيكَ»([[470]]).

المداومة على تلاوة سورة الفجر

ثمّ إلامَ بلغ الأمر؟ لقد بلغ حدّاً أكّد معه حجّة الله على العباد على ضرورة المداومة على قراءة سورة الفجر([[471]]): (الملحق:1) (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)([[472]]). فما هي تلك الليالي العشر؟ وما هو الشفع؟ والوتر؟ وأيُّ فجر ذلك الفجر؟([[473]]) (الملحق:2).

 والذي أمرنا بالمداومة على سورة الفجر هو الذي يعلم من أين تبدأ هذه السورة؟ وإلى أين تنتهي؟ فالبداية هي من الفجر: (وَالْفَجْرِ)، وختامها قوله جلّ وعلا: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) ([[474]]). ثمّ يكلّ البيان ويخرس اللسان وينكسر القلب إزاء من باع نفسه لله تعالى: (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) .

شهر محرّم شهر اللّه

إنّ شهر محرّم هو شهرُ الله، وأيّامَه هي أيّامُ الله، حيث ورد في نصّ القرآن الكريم: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)([[475]]). ينبغي اغتنام الفرصة في هذه الأيّام، فأيّام عاشوراء ربيع تنتعش فيه القلوب، إنّ أقصى ما يستفيده الفقهاء من الفقاهة أن يبالغ الفقهاء والعلماء بالدين في اغتنام هذه الفرصة، وأن يقضوا هذا العمر في الدعوة إلى الله، ولو كان هناك شيء أفضل وأعلى من ذلك لما قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)، فادعوا الناس إلى الله تعالى.

قولوا للناس ماذا كانوا؟ وماذا صاروا؟ وماذا سيصبحون؟ (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ)، فتأمّلوا أنتم أوّلاً، ثمّ ذكّروا الناس: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)([[476]])، من الذي (أَنْشَأَكُمْ)، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)([[477]])، إلى أن قال: (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)([[478]]). لقد أعطى الله الإنسان ما أعطى، لكنّنا لم نجنِ سوى الخسارة؛ لأنّنا قضينا الحياة الدنيا بعيداً عنه، فاستيقظوا من سباتكم الآن، فالطريق صعب جدّاً([[479]])، ولا سبيل للعودة([[480]])، وانتهت دار العمل، وحلّ يوم الجزاء، ولا شيء ينفع سوى العون الإلهي.

تلاوة القرآن تضفي النورانية على الروح

لا تفارقوا القرآن الكريم، وابدؤوا بتلاوته في جميع أيّامكم، وأوصوا الناس به أيضاً، فاقرؤوا منه كلّ يوم([[481]]) جزءاً واحداً على الأقل، ونوّروا أرواحكم بكلام الله تعالى، ففي الحديث النبوي المأثور: «نَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ‏ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ»([[482]]) (الملحق:3). (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)([[483]])، نوّروا دار قلوبكم المظلمة بهذا المصباح المنير، ولا تغفلوا عن ذلك الحديث الصحيح، واهدوا تلاوتكم إلى إمام العصر والزمان#([[484]])؛ لتكون هذه الهدية سبباً للطفه ورعايته، علّ نظرة منه إلينا تحدث انقلاباً وتغييراً جوهرياً في وجودي ووجودكم، فلولا يلامس إكسير عنايته ونظره أفئدتنا المتصدّئة، لظلّت قاسية كالحجارة.

حبّ الإمام الصادق(عليه السلام) لمجالس إحياء أمر أهل البيت^

اعملوا على إحياء أمر آل محمّد^ في المجالس والمحافل المختلفة، فقد روي حديث طريف في هذا المجال عن الفُضَيل بن يسار، وهو من أعيان أصحاب الأئمة^، وبيان الأئمة^ مع الرواة الفقهاء جدير بالدقة والتأمّل؛ فاجعلوا هذا الحديث ضمن برامجكم في جميع مجالس عاشوراء.

ثمّة خصوصيّة لنصّ كلام الإمام(عليه السلام)، حيث قال: «يَا فُضَيْلُ! تَجْلِسُونَ‏ وَتُحَدِّثُونَ؟‏» فقد سأله أوّلاً عن الجلوس والاجتماع، ثمّ عن تزيين تلك المجالس بأحاديث أهل البيت^. «قَالَ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا». طوبى لمن صارت مجالسه محبوبة له(عليه السلام).

لا تضيّعوا أوقات الناس بقراءة الصحف، ولا تقايضوا أنفسكم ولا الناس بهذه الألاعيب السياسيّة، بل اعكفوا على قراءة القرآن وروايات أهل البيت^: «إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا، فَأَحْيُوا أَمْرَنَا». لا ينبغي أن نكون حمّالين لغيرنا، فمن سوء حظّنا أنّنا نقايض حياتنا مع من ضيّعناه، ذلك هو جزاؤنا: (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)([[485]]). فلا بدّ أن تكون المجالس مشحونة بإحياء أمر أهل البيت^.

«يَا فُضَيْلُ، فـَرَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا»، من السهل النطق بهذا الكلام، إنّ الذي تتصرّف أنفاسه بعالم الإمكان، ومَن لا تتسنّى معرفته إلّا بواسطة علمه واستجابة دعوته([[486]]) (الملحق:4)، قد قال مستعملاً النسبة التحقّقية في (الفعل الماضي): «رَحِمَ اللهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا»، ولم يستعمل النسبة الترقّبية في (الفعل المضارع)، إذ لم يقل: «يَرْحَمُ اللهُ»، فما معنى الرحمة التي ذكرها الإمام(عليه السلام)؟ اقرؤوا القرآن لتدركوا معناها، حيث قال تعالى: (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)([[487]])، «تَجْلِسُونَ‏ وَتُحَدِّثُونَ؟‏» حدّثوا بنا، وأحيوا أمرنا «رَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا».

دمعة مثل جناح الذباب

قال الإمام(عليه السلام) في ذلك الحديث: «يَا فُضَيْلُ! مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِثْلُ جَنَاحِ الذُّبَابِ غَفَرَ اللَهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ»([[488]]) (الملحق:5).

ما الذي دعا الإمام(عليه السلام) إلى قول ذلك؟ وما الذي جرى ليتحدّث بهذا الحديث؟ اعرفوا صاحب هذه الذكرى وعرّفوه إلى الناس، من هو ليكون البكاء عليه بمقدار جناح الذباب سبباً لغفران جميع الذنوب؟ إنّ ذلك ليكشف بالبرهان الإنّي عن عظمة هذا العمل.

الحديث إلى اللّه فوق عرشه

إنّ برهان الإمام الصادق(عليه السلام) عبارة عن هذا الحديث: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَرِيرٍ الْقُمِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام)‏ يَقُولُ لِأَبِي: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ‘‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ‏، كَانَ‏ مِنْ‏ مُحَدِّثِي‏ اللَهِ فَوْقَ عَرْشِهِ»([[489]]).

من هو الحسين(عليه السلام)؟ وما الذي فعله ليكون زائره من محدّثي الله تعالى فوق عرشه؟ ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)([[490]])، فالذهاب لزيارته(عليه السلام) تبلغ بأقدام الزائر مقام العندية (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) ، فإن كان زائر قبرك يا أبا عبد الله (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)، فأين محلّك أنت مع ذلك الرأس القطيع؟

كربلاء عرش اللّه

هناك رواية صحيحة، بسند يفتي أمثال الشيخ الأنصاري+ في أعظم المسائل اعتماداً عليه، وهي أنّ زيداً الشحّام قال: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)؟ قَالَ: كَانَ كَمَنْ‏ زَارَ اللَهَ‏ فِي‏ عَرْشِهِ. قَالَ: قُلْتُ: مَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ [أَحَدَكُمْ‏]؟ قَالَ: كَمَنْ زَارَ رَسُولَ الله»([[491]]) (الملحق:6).

ها هنا ينقطع البيان؛ فمن زار أحداً من الأئمة^ كان كمن زار رسول الله، بينما من زار أبا عبد الله الحسين(عليه السلام) كان كمن زار الله في عرشه! فكربلاؤه قد أضحت عرش الله، وزيارته أمست زيارة الله، فيا للأسف!إنّنا لم نفهم من هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وماذا فعل؟ وما الذي حدث في يوم مقتله؟

مقتطفات من زيارة أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)

حسبكم هذه الكلمات التي سأنقلها، فجميعكم من أهل الفضل والعلم، ولا داعي لشرحها:

«لَقَدْ صُرِعَ‏ بِمَصْرَعِكَ‏ الْإِسْلَامُ، وَتَعَطَّلَتِ الْحُدُودُ وَالْأَحْكَامُ، وَأَظْلَمَتِ الْأَيَّامُ، وَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَأَظْلَمَ الْقَمَرُ، وَاحْتَبَسَ الْغَيْثُ وَالْمَطَرُ، وَاهْتُزَّ الْعَرْشُ وَالسَّمَاءُ، وَاقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَالْبَطْحَاءُ، وَشَمِلَ الْبَلَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ، وَفُجِعَ بِكَ الرَّسُولُ، وَأُزْعِجَتِ الْبَتُولُ، وَطَاشَتِ الْعُقُولُ...السَّلَامُ عَلَى مَنْ طَهَّرَهُ‏ الْجَلِيلُ‏، السَّلَامُ‏ عَلَى مَنِ افْتَخَرَ بِهِ جَبْرَئِيلُ». ‏

یا أبا عبد الله! من أنت؟ ومن تكون؟ وما الذي فعلتَ؟

«السَّلَامُ عَلَى مَنْ نَاغَاهُ‏ فِي‏ الْمَهْدِ مِيكَائِيلُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ نُكِثَتْ ذِمَّتُهُ وَذِمَّةُ حَرَمِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ انْتُهِكَتْ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ فِي إِرَاقَةِ دَمِهِ...فَنَزَعَ‏ الرَّسُولُ‏ الرِّدَاءَ وَعَزَّاهُ بِكَ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ‏».

أمّا الكلمة التي تقصم الظهر فهي قول الإمام(عليه السلام): «وَفُجِعَتْ بِكَ أُمُّكَ».

«وَفُجِعَتْ بِكَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَاخْتَلَفَتْ جُنُودُ الْمَلَائِكَةِ الْمـُقَرَّبِينَ، تُعَزِّي أَبَاكَ أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ، وَأُقِيمَتْ عَلَيْكَ الْمَأْتَمُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، تَلْطِمُ عَلَيْكَ فِيهَا الْحـُورُ الْعِينُ، وَتَبْكِيكَ السَّمَاوَاتُ وَسُكَّانُهَا، وَالْجِبَالُ وَخُزَّانُهَا، وَالسَّحَابُ وأَقْطَارُهَا، وَالْأَرْضُ وَقِيعَانُهَا، وَالْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا، وَمَكَّةُ وَبُنْيَانُهَا، وَالْجِنَانُ وَوِلْدَانُهَا، وَالْبَيْتُ وَالْمَـقَامُ وَالْمـَشْعَرُ الْحَرَامُ‏»([[492]]).

يا مولانا يا صاحب الزمان#! أنت صاحب العزاء، وأنت المعزّى: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا)([[493]]). يا وليّ ذلك الدم الذي ملأ منه سيّد الشهداء(عليه السلام) كفّيه قائلاً: «بِسمِ اللهِ وباللهِ وعلى مِلّةِ رسولِ اللهِ»([[494]])، تعال فأخبرنا من هو الحسين(عليه السلام)؟ وقل لنا ما الذي حدث؟ وارفع بيدك ذلك القميص الملطّخ بالدم.

اقرؤوا في هذه السنة دعاء الفرج ابتداء من يوم عاشوراء إلى يوم الأربعين، وليقرأه الناس أيضاً في مجالسهم، فإنّه هو صاحب العزاء، ولا بدّ له من الظهور وإحياء أمره.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)‏ قَالَ: «اقْرَؤوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي‏ فَرَائِضِكُمْ‏ وَنَوَافِلِكُمْ، فَإِنَّهَا سُورَةٌ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘‏، مَنْ قَرَأَهَا كَانَ مَعَ الْحـُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَرَجَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ». (الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص123؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج10، ص341؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص144؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص39).

ورُويَ عنِ النبيِّ أنّه قال: «مَن قرأَ هذه السّورة غَفرَ الله له بعدد من قرأها، وجعل له نوراً يوم القيامة، ومن‏ كتبها وعلّقها على وسطه، وجامع زوجته حلالاً، رزقه الله ولداً ذكراً قرّة عينٍ». (السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص649).

وعَن النبيّ الكريمِ أيضاً: «مَنْ قَرَأَهَا فِي‏ لَيَالٍ‏ عَشْرٍ غَفَرَ اللَهُ لَهُ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ كَانَتْ لَهُ نُوراً فِي الْقِيَامَةِ». (الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج10، ص341؛ الكفعمي، المصباح: ص450؛ الشيخ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج5، ص571).

(الملحق:2)

جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ الإِمامِ البَاقِرِ(عليه السلام)‏ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ‏: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، «يَا جَابِرُ! (وَالْفَجْرِ) جَدِّي‏، (وَلَيَالٍ عَشْر) عَشْرَةُ أَئِمَّةٍ، (وَالشَّفْعِ) أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ، (وَالْوَتْرِ) اسْمُ الْقَائِمِ#». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص281).  

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ:‏ ««﴿الْحـَسَنُ‏ وَالْحـُسَيْنُ، (وَالْوَتْرِ) أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ». (علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص419؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص350).

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)‏ قَالَ: «إِنَّ الْبَيْتَ‏ إِذَا كَانَ‏ فِيهِ‏ الْمـَرْءُ الـْمُسْلِمُ يَتْلُو الْقُرْآنَ، يَتَرَاءَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ كَمَا يَتَرَاءَى أَهْلُ الدُّنْيَا الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي السَّمَاءِ». (ابن فهد الحلّي، عدّة الداعي: ص269؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص199؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، 200).

كَذلكَ رُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام): الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ‏ الْقُرْآنُ‏ وَيُذْكَرُ اللَهُ فِيهِ تَكْثُرُ بَرَكَتُهُ، وَتَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَتَهْجُرُهُ الشَّيَاطِينُ، وَيُضِي‏ءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِي‏ءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَلَا يُذْكَرُ اللَهُ فِيهِ، تَقِلُّ بَرَكَتُهُ، وَتَهْجُرُهُ الْمـَلَائِكَةُ وَتَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ‏». (الكليني، الكافي: ج2، ص610؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص199).

(الملحق:4)

قَالَ الإمامُ الصَّادِقُ(عليه السلام): «إِنَّ الْإِمَامَ‏ مُؤَيَّدٌ بِرُوحِ‏ الْقُدُسِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الله عَمُودٌ مِنْ نُورٍ، يَرَى فِيهِ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، وَكُلَّمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ لِدَلَالَةٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ...وَدَلَالَتُهُ فِي خَصْلَتَيْنِ: فِي الْعِلْمِ وَاسْتِجَابَةِ الدَّعْوَةِ. وَكُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ قَبْلَ كَوْنِهَا فَذَلِكَ بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنْ رَسُولِ الله، تَوَارَثَهُ مِنْ آبَائِهِ». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص193؛ الشيخ الصدوق، الخصال: ص528 (مع اختلاف يسير)؛ الأربلي، كشف الغمّة: ج3، ص83).

(الملحق:5)

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ÷ قَالَ: «اجْتَمِعُوا وَتَذَاكَرُوا تَحُفَّ بِكُمُ‏ الْمَلَائِكَةُ، رَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا». (الشيخ الصدوق، مصادقة الإخوان: ص38؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج12، ص22).

وَرُويَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، قَالَ لِخَيْثَمَةَ وَأَنَا أَسْمَعُ‏: «يَا خَيْثَمَةُ! اقْرَأْ مَوَالِيَنَا السَّلَامَ‏، وَأَوْصِهِمْ بِتَقْوَى الله الْعَظِيمِ، وَأَنْ يَعُودَ غَنِيُّهُمْ عَلَى فَقِيرِهِمْ، وَقَوِيُّهُمْ عَلَى ضَعِيفِهِمْ، وَأَنْ يَشْهَدَ أَحْيَاؤُهُمْ جَنَائِزَ مَوْتَاهُمْ، وَأَنْ يَتَلَاقَوْا فِي بُيُوتِهِمْ، فَإِنَّ لُقْيَاهُمْ حَيَاةٌ لِأَمْرِنَا. ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَقَالَ: رَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا». (الحميري القمّي، قرب الإسناد: ص32؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص29؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص135؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج71، ص223؛ الراوندي، الدعوات: ص225 (مع اختلاف يسير)).

وَرُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ:‏ «تَلَاقَوْا وَتَحَادَثُوا الْعِلْمَ، فَإِنَّ بِالْحَدِيثِ تَجَلِّيَ الْقُلُوبِ الرَّائِنَةِ وَبِالْحَدِيثِ إِحْيَاءَ أَمْرِنَا، فَرَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا». (ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج4، ص67؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص202).

(الملحق:6)

 عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ َ الْحُسَيْن‏ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) بِشَطِّ الْفُرَاتِ‏ كَانَ‏ كَمَنْ‏ زَارَ اللَهَ فَوْقَ [فِي‏] عَرْشِهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص279؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص85؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص46؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص272؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص69 و76).

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ÷ قَالَ: «...وَمَنْ زَارَهُ [أي الحُسَيْنَ(عليه السلام)] يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَكَأَنَّمَا زَارَ اللَهَ فَوْقَ [فِي‏] عَرْشِهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص325؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص93).

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَانَ‏ كَمَنْ زَارَ اللَهَ فِي عَرْشِهِ». (الشيخ المفيد، المزار: ص51؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص51؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص771؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص64).

وَرُويَ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ(عليه السلام) قَالَ لِبَشيرِ الدَّهّانِ: «يَا بَشِيرُ! مَنْ‏ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَهَ فِي عَرْشِهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص282؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص77).

وَقَالَ(عليه السلام) أيْضاً مُخاطِبَاً بَشيرَ: «يَا بَشِيرُ! اسْمَعْ‏ وَأَبْلِغْ‏ مَنِ احْتَمَلَ قَلْبُهُ، مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ(عليه السلام) يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَهَ فِي عَرْشِهِ». ‏ (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص320؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص87).

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الله الْبَرْقِيِّ، قَالَ:‏ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): مَا لِمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ÷ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنَ الثَّوابِ؟ فَقَالَ: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ(عليه السلام)‏ يُرِيدُ بِهِ‏ اللَهَ‏}، وَمَا عِنْدَهُ لَا مَا عِنْدَ النَّاسِ، غَفَرَ اللَهُ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ذُنُوبَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا بِعَدَدِ شَعْرِ مِعْزَى كَلْبٍ...إلى أنْ قَالَ: وَهُوَ فِي حَدِّ مَنْ زَارَ اللَهَ فِي عَرْشِهِ». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص340؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص471). ‏

المحاضرة الحادية والعشرون

تقرّح الجفون إثر البكاء على سيّد الشهداء(عليه السلام)

23 تشرين الثاني 2011م= 26 ذو الحجّة 1432هـ

الحياة بين عدمين

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «انْتَهِزُوا فُرَصَ‏ الخَيْرِ؛ فَإنَّهَا تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ»([[495]]). كيف مضت الأيام من عامنا الماضي إلى هذا العام؟ كأنّ شيئاً لم يكن؛ هكذا قد انقضت سنة أُخرى من حياتنا، وطويت صفحة من صحيفة أعمارنا، إنّها الحياة تمر أيامها شئنا أم أبينا، وأيّ حياة هي!  

ما فاتَ‏ مَضـى‏ وما سَيأتيكَ فأين
قُم فاغتنم الفُرصةَ بينَ العدَمَين(
[[496]])

فحياتنا محفوفة بعدمين، وهذا بدوره مركب، سنفتقده بأسرع من لمح البصر، غير أنّه يخيل إلينا أنّنا نعيش عمراً طويلاً، فلولا تساءلنا: ما الذي بقي بين أيدينا من الماضي؟ لا شيء، وماذا نملك من المستقبل؟ لا شيء، وهذه اللحظة التي نعيشها سرعان ما تلتحق هي الأُخرى بما مضى.

لم يتمكّن أحد أن يدرك حقيقة هذه الحياة الدنيا، سوى أولئك الذين بايعوا الله تعالى، فيالها من تجارة رابحة! ويالها من أرباح حققوها إزاء ما قدموه!

عمل الأنبياء والنبيّ الخاتم

إنّكم لا تعلمون ما الذي حدث لكم وما هذا التوفيق الذي نلتموه؟ فلقد حالفكم من الحظّ ما يكلّ الوصف عن بيانه، إنّ ما تنوون القيام به إنّما هو عمل الأنبياء^:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)([[497]])، وعمل النبيّ الخاتم: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ)([[498]])، (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). فقد خاطب الباري تعالى النبيّ قائلاً: (قُمْ فَأَنْذِرْ)، ويخاطبكم كذلك بقوله: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[499]]). فالعمل إذن هو عمل النبيّ المصطفى.

فاغتنموا هذه الفرصة، واشكروا هذه النعمة، غير أنّ المهمّ هو أن تدركوا حقيقة هذا العمل، ثمّ تتصدوا لتحقيق شروطه وتزيلوا العقبات الجاثمة في هذا الطريق؛ فلا يتسنّى تحقيق النتائج المطلوبة إلّا بالوقوف على الشروط اللازمة وإدراك المعوّقات والعراقيل.

وتتجلّى أهمّية هذا العمل أكثر فأكثر من خلال قول النبيّ الخاتم لأمير المؤمنين(عليه السلام): «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ»([[500]]). ويزداد الأمر وضوحاً إذا لاحظنا أنّ القائل هو خاتم النبيّين، وأنّ المخاطَب هو سيّد الوصيين(عليه السلام).

بوسعكم الحصول على مثل هذه السعادة في هذا السفر بإنقاذكم ضالّاً، بأن تعلّموا الصلاة أو الوضوء لمن لا يحسن الصلاة، أو لا يجيد الوضوء. إنّ العقل يندهش من مدى أهمّية هذا العمل!

إحياء النفوس

ورد في نصّ القرآن الكريم: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ([[501]]). وإحياء جميع النفوس صفة يتحلّى بها من ذكره الإمام(عليه السلام) في تأويل هذه الآية قائلاً: «مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى ذَاكَ تَأوِيلُها الأَعْظَمُ»([[502]]). فكلمة «ضلال» نكرة وكلمة «هدى» نكرة أيضاً، فلئن أخرج أحدكم شخصاً من أيّ شكل من أشكال الضلال إلى أيّ شكل من أشكال الهدى يحصل على أجر لا يُدرك، هذا نصّ كلام الباري جل ّوعلا، وذاك تفسير حجّة الله(عليه السلام).

فهذا السفر يوفّر لكم مثل هذه الفرصة الكبيرة، فاعملوا ما استطعتم على تعليم الأشخاص الجاهلين بالعقائد والأحكام والأخلاق؛ لأنّ الأجر المترتب على هذا التعليم يفوق مستوى الفهم.

علماء أفضل من ألف عابد

ورد في الرواية المأثورة عن الإمام الكاظم(عليه السلام): «فَقِيهٌ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ».([[503]]) ولا يذكر الإمام(عليه السلام) العابد حتّى تكون عبادته مقبولة عند الله تعالى، ويبقى عالم واحد على الرغم من ذلك أفضل من ألف عابد. ولكن أنّى لنا بذلك العالم؟ ذلك العالم الذي قد بلغ أوّلاً جوهر العلم وحقيقته.

بلوغ حقيقة القرآن عن طريق الطهارة

متى يبلغ الفقيه جوهر العلم؟ حينما يفهم القرآن. ومتى يفهم القرآن؟ إنّ فهم القرآن ليس متاحاً للجميع، فإنّ القرآن في متناول يدي ويدك، لكنّ الباري تعالى يقول: (ذَلِكَ الْكِتَابُ) مشيراً إليه باسم الإشارة الموضوع للبعيد، ولم يقل: «هذا الكتاب»، لماذا؟ لأنّ ما بين أيدينا إنّما هو جلد القرآن وأديمه، أمّا حقيقة القرآن ففي كتاب مكنون على حدّ تعبير القرآن نفسه: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)([[504]]). فلم يفهم القرآن سوى الذين اكتسبوا أوّلاً تلك الطهارة التي تتناسب مع القرآن، فإنّه وحي من الله، لا تطاله الأيدي بسهولة.

التقوى والإخلاص شرط في تأثير الكلام

أوّل ما ينبغي للإنسان أن يتصف به هو التقوى، فقد قال تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)([[505]]). لم لا يكون لكلامنا أيّ تأثير في الناس؟ لأنّنا أنفسنا غير متأثِّرين، فالمُتأثِّر هو من يكون مؤثِّراً، فلو لم يشعر الشخص بالتأثير فكيف يترك تأثيراً في غيره؟إنّ فاقد الشيء لا يعطيه. فالشرط الأوّل لهذا العمل إذاً هو التقوى والإخلاص، (الملحق:1) فإن أخلصتم النية، واتقيتم الله، فستحيطكم من حيث لا تشعرون هالة من أنوار القرآن والروايات أينما حللتم؛ لأنّ القرآن نور: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)([[506]]).

اتّباع رضوان اللّه

ينبغي لكم التركيز في قوله تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ)([[507]]). عليكم أوّلاً أن تتبعوا أنفسكم رضوان الله تعالى، ثمّ احزموا حقائب السفر، متسلّحين بالقرآن الكريم وكلمات أهل البيت^، فإنّ ذلك النور سينوّر القلوبَ ويغيرها في أيّ أرض وطأتم.

لا يبقى من القرآن إلّا دَرْسُه

إنّنا نعيش في زمن حرج، ولا تتصوروا أنّنا نعيش في فترة مواتية، إنّها الفترة التي يصفها الرسول الكريم قائلاً: «لَا يَبْقَى مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا اسْمُهُ، وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا رَسْمُهُ، وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ‏ إِلَّا دَرْسُهُ، ‏ مَسَاجِدُهُمْ مَعْمُورَةٌ مِنَ البِنَاءِ وَقُلُوبُهُمْ خَرَابٌ عَنِ الْهُدَى». ([[508]]) (الملحق:2) فجميع ما ذكره’ معجزة.

ما أكثر ما يُردَّد اسم الإسلام، ولكن أين حقيقة الإسلام؟ وما أكثر محافل تعليم القرآن! اُنظر كيف يتلون الكتاب بتلك الألحان المتعددة، وفقاً لتلك القواعد، ولكن بتلك الوجوه والأذقان الحليقة، ذلك هو قول الرسول’: «وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ‏ إِلَّا دَرْسُهُ»، ترى المساجد عامرة بالبناء، ولكن القلوب خاوية من ذكر الله.

عظمة الشيخ كاشف الغطاء+ العلمية والعملية

لم يزل هناك عظماء مجهولون، لقد رحل العلماء الكبار، وانقطعت أخبارهم، فلم يبقَ منهم أحد، من كان أولئك العظماء؟ إنّهم من أمثال الشيخ الأنصاري+ أعجوبة الدهر، فليس من الهيّن لكلّ أحد أن يعرف من هو الشيخ الأنصاري، ذلك الشيخ الذي تتسم كلّ كلمة من كلماته بمنتهى الدقة، اعلموا ذلك جيّداً، ثمّ افهموا الدين.

كان هذا الشيخ الجليل يعبّر في كتابه المكاسب عن صاحب الجواهر+ بـ «بعض المعاصرين»، ومن هو صاحب الجواهر؟ إنّه الشخص الذي أقام ضجة كبرى متناولاً كتاب الطهارة إلى آخر الديات، وقد تميّز بأنّه حينما يريد بيان مسألةٍ ما يبدأ بنقل جميع الأقوال وآراء القدماء والمتأخرين فيها، ثمّ يبحث فيها من جهة القواعد الأصوليّة ويبيّن أدلّتها.

وقد كان المرحوم النائيني+ لا يمنح أحداً إجازة الاجتهاد حتّى يختبر مدى فهمه لكتاب الجواهر، وعلى الرغم من ذلك فقد كان الشيخ الأنصاري+ يطلق على صاحب الجواهر اسم «بعض المعاصرين»، بينما يعبّر عن الشيخ كاشف الغطاء+ بـ «بعض الأساطين»([[509]])، فقد كان كاشف الغطاء+ من أكابر الفحول؛ حتّى أنّ صاحب الجواهر نفسه كان يلقبه بـ «الأُستاذ الأكبر» كلّما ذكره.

كلمتان للشيخ كاشف الغطاء+ تقلبان طهران رأساً على عقب

ذات مرّة قدم المرحوم كاشف الغطاء+ إلى طهران، فقيل له: إنّ سكّان طهران باتوا أبعد ما يكون عن الدين، فسألهم أن يجمعوا له الناس ليخطب فيهم، ثمّ ارتقى المنبر، واستطاع أن يقلب الأُمور رأساً على عقب، ويترك تأثيراً واسعاً في الناس بكلمتين اثنتين، بينما لا نجد أثراً لكلامنا اليوم مهما تحدّثنا. هكذا كان أولئك العظماء، فإنّ للتقوى والعلم مثل هذا التأثير من حيث لا نشعر.

لم يذكر الشيخ كاشف الغطاء في تلك الكلمة أيّ مقدّمة، وإنّما قال: أيُّها الناس! أرى طهران على حال، وكأنّه ليست هناك قيامة! فما كان من الناس إلّا أن ضجّوا بالبكاء والعويل، فقد تمكّن أن يغيّر المدينة بكلمة واحدة، فيالها من أنفاس مؤثّرة!

كرامة للمرحوم كاشف الغطاء+ في لاهيجان

لما سافر المرحوم كاشف الغطاء+ إلى مدينة لاهيجان حدثت له قصّة طريفة ذكرها المرحوم اللاهيجي+، وهو من العلماء المحترمين في النجف الأشرف، التقيته إبّان شيخوخته وقال لي شخصياً: إنّه رأى في أيام شيخوخته الشخص الذي حدثت له تلك القصّة.

مجمل القصّة: أنّه لما وصل المرحوم كاشف الغطاء+ إلى مدينة لاهيجان أحضروا عنده شابّاً في منتهى الجمال والوسامة، لكنّه أصيب بداء جعله نحيفاً جدّاً حتّى التصق جلده بعظمه، فسأله الشيخ كاشف الغطاء+ ما بالك؟ فقال له: كنت شابّاً في غاية القوّة والعنفوان، وأتمتع بقدر كبير من الجمال، ذات يوم وبينما كنت أتجوّل في حدائق لاهيجان ومزارعها، إذ قدمت نحوي فتاة في منتهى الحسن والجمال، فنشأت بيننا علاقة انتهت إلى المعاشرة الجنسية، وما إن حدث ذلك حتّى سُلبت منّي عصارة جسمي، واستمرّ ذلك الوضع أيّاماً عديدة، كانت تلك الفتاة حينما تقدم تظهر من بعيد وكأنّها جبل أسود، ثمّ تتضاءل تدريجياً، فإذا دنت منّي تحوّلت إلى فتاة جميلة لا نظير لها، وحين أضاجعها أخسر عصارة جسمي. فكيف لي بعلاج هذا الداء؟

مما يحير العقل أنّ الشيخ كاشف الغطاء+ طلب ورقة وقلماً، فكتب عليها بعض الكلمات ثمّ طواها، وقال للشاب: حينما تحضر تلك الفتاة افتح هذه الورقة وأعطها إيّاها، وقل لها: إنّها من الشيخ جعفر+، فقال الشاب: إنّ هذه الفتاة قد أعطتني أيضاً مجوهراتٍ وحليّاً كثيرةً، فكتب له الشيخ ورقة أُخرى وقال له: ضعها فوق تلك الحليّ، فأخذ الشاب الورقتين من الشيخ.

كان المرحوم اللاهيجي+ يأتي في بعض الأمسيات إلى حجرة الحاج نصر الله الخلخالي+ في مدينة النجف الأشرف، وقد نقل هذه القصّة في ذلك المكان، وأكّد أنّه التقى بالشابّ المذكور أيّام شيخوخته.

قال هذا الشاب: أخذتُ الورقتين وذهبت إلى مزارع المنطقة، فلاحَ لي من بعيد ما يشبه الجبل الأسود، ثمّ اقترب وإذا هو تلك الفتاة، إنّها كانت من عفاريت الجنّ. قال: ففتحتُ الورقة وأعطيتها إيّاها، فقالت لي: ذهبتَ إلى كاشف الغطاء+؟ قال: قلتُ: نعم. فتوجهتْ إلى المجوهرات والحليّ، فشاهدتْ الورقة الأُخرى، ثمّ رجعت إلى الوراء، وما لبثتْ أن تحوّلتْ إلى دخان صعد إلى عنان السماء، وانتهى كلّ شيء.

بعد ذلك، سُئل الشيخ كاشف الغطاء+: ماذا كتبتَ في الورقتين بحيث كان لهما هذا التأثير العظيم؟ فردّ قائلاً: كتبتُ في كلّ ورقة منهما عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم» فقط، وأمرته أن يعرضهما عليها.

إنّ بسملة الشيخ فقط قد فعلت كلّ هذا، ونحن نتلو القرآن بأكمله دون أن نرى لذلك أيّ تأثير، فما السرّ في ذلك؟ لا شكّ في أنّ السرّ يكمن في قوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)([[510]])، فوجود تلك الطهارة يستلزم وجود ذلك الأثر؛ فإن أردتم أن يكون كلامكم مؤثِّراً فلا بدّ لكم من التحلّي بالتقوى أوّلاً، ثمّ استمداد الغيب الإلهي بسبب التغيّر الذي طرأ على زماننا، وإلّا لم يكن لكلامنا أيّ تأثير.

والسبيل إلى ذلك أوّلاً في أن تواظبوا أنتم على هذا العمل، وتوصوا الناس هناك بالمداومة عليه وعدم تركه، كذلك أوصوا كلّ من يجيد القراءة والكتابة بالشروع في تلاوة القرآن، وأن لا يتركه في أيّ يوم، واطلبوا من جميع الناس الالتزام بتلاوته.

ثانياً، اقرؤوا القرآن الكريم، واهدوا تلاوته إلى وليّ العصر#؛ لتشملكم رعايته، فلئن كنّا نتخبّط في الفساد من جميع الجهات، فإنّ هذه الهدية تجعل من سليمان عالم الإمكان ينظر إلينا بعين الرأفة والرحمة، فتشملكم والناس كذلك عنايته ولطفه من حيث لا تشعرون. هذا هو الطريق الثاني.

الطبيب الجوّال

لا تلتزموا بارتقاء المنبر مساءً فقط، بل بكّروا منذ الصباح لعلاج الناس مثل طبيبٍ دوّار بطبّه([[511]])، واغتنموا هذه الفرصة جيّداً، واستفيدوا منها غاية الاستفادة، فلا تتركوا ذكر المواعظ والعِبَر، والتذكير بالأُمور العقائدية والأخلاقية والأحكام الدينية أينما حللتم، وحيثما نزلتم، فلئن التزمتم بهذه الأُمور الثلاثة في مسيرتكم الدعوية فستنالون سعادة الدنيا والآخرة.

المهم أن تبذلوا جهوداً كبيرةً في مناطق تواجدكم، وتزوروا المدارس فيها؛ لتعلّموا الأطفال حقيقة هذا المذهب، وانقلوا إلى الناس سيرة الأئمة الأطهار^، وعرّفوهم بفضائلهم ومناقبهم([[512]]). فعلى سبيل المثال، تناولوا في كلّ ليلة من ليالي عاشوراء الحديث عن سيرة أحد الأئمة الميامين^؛ ليكون الناس قد تعرّفوا خلال هذه الفترة إلى الأئمة الاثني عشر^.

لقد تطرّقنا في مقدّمة كتاب «منهاج الصالحين» إلى سيرة الأئمة المعصومين^ بصورة مختصرة، فإن لم يكن لديكم متّسع من الوقت، فخذوا نسخة من هذا الكتاب، واقرؤوه على مسامع الناس للتعريف بهم، ولا يفوتنّكم بيان عظمة عاشوراء؛ فهذا العمل يضمن لكم السعادة الأبدية إن شاء الله.

تقرّح جفون الإمام الرضا(عليه السلام) في مصيبة كربلاء

من كلمات الإمام الثامن(عليه السلام)، أنّه قال: «يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ»([[513]]). هذه الجملة التي قالها الإمام التفوّه بها صعب للغاية.

من هو الإمام الرضا(عليه السلام)؟ إنّه الشخص الذي قال عنه الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) لولده الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام): «إِنَّ عَالِمَ آلِ مُحَمَّدٍ لَفِي‏ صُلْبِكَ‏، وَلَيْتَنِي أَدْرَكْتُهُ‏»([[514]])، إنّه لكلام محيّر حقّاً، هذا هو علي بن موسى الرضا(عليه السلام).

وقد قال الإمام علي بن موسى الرضا÷: «إنَّ يومَ الحسينِ أقرحَ جُفونَنا»([[515]])، مع أنّ عالم الإمكان برمّته فداء لكلّ جفن من أجفان الإمام الرضا(عليه السلام). إنّنا لا نعلم ما يوم عاشوراء؟ ذلك اليوم الذي قال عنه الإمام علي بن موسى الرضا÷: «إنَّ يومَ الحسينِ أقرحَ جُفونَنا»، فأيّ مصيبة تلك التي أقرحت جفونه(عليه السلام)؟

بيان عظمة عاشوراء

لا تصغوا إلى كلمات العوام الواهية، فمهما ازدادت عظمة العزاء لسيّد الشهداء(عليه السلام) يبقى ذلك قليلاً بحقّه، فلا يغرنّكم من يصف هذا العزاء بالإفراط، أنّى لنا ببلوغ حقيقة هذه القضية؟ إنّها في غاية الأهمّية والعظمة، حتّى ورد في الرواية الصحيحة: «وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، والأَرَضُونَ السَّبْعُ...ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى»([[516]]). هذه هي عظمة قضية عاشوراء، فاسعوا إلى حثّ الناس في تلك المناطق على عدم نسيان سيّد الشهداء(عليه السلام) طوال أيام السنة، على أمل أن تعودوا من هذا السفر ببركات وفيرة وفوائد جمّة.

الملاحق

(الملحق:1)

قَالَ أبَو عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ(عليه السلام): «مَنِ اتَّقَى‏ مِنْكُمْ‏ وَأَصْلَحَ‏ فَهُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ». (القاضي نعمان المغربي: ج1، ص62؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص391). ‏

وَقَالَ الإمَامُ أبُو جَعْفَرٍ البَاقِرِ: «وَالله يَا أَبَا خَالِدٍ لَا يُحِبُّنَا عَبْدٌ وَيَتَوَلَّانَا حَتَّى يُطَهِّرَ اللَهُ قَلْبَهُ، وَلَا يُطَهِّرُ اللَهُ قَلْبَ عَبْدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ لَنَا وَيَكُونَ سِلْماً لَنَا؛ فَإِذَا كَانَ سِلْماً لَنَا سَلَّمَهُ اللَهُ مِنْ شَدِيدِ الْحِسَابِ، وَآمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَكْبَرِ». (علي بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: ج2، ص372؛ الكليني، الكافي: ج1، ص194؛ القاضي نعمان المغربي، دعائم الإسلام: ج1، ص73؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص96؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص396؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص308).

(الملحق:2)

قَالَ أمِيرُ المُؤْمِنِينَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى فِيهِمْ مِنَ‏ الْقُرْآنِ‏ إِلَّا رَسْمُهُ‏، وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ، وَمَسَاجِدُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ، خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى...‏». (نهج البلاغة، الحكمة 369؛ الكليني، الكافي: ج8، ص308؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص253؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص66؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص109).

مصادر أهل السنّة: البيهقي، شُعب الإيمان: ج2، ص311؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص283.

المحاضرة الثانية والعشرون

إحياء نفوس البشر

9 كانون الثاني 2012م= 14 صفر 1433هـ

عصارة بعثة الأنبياء^ هداية البشر

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ([[517]]).

لا عمل أفضل عند الله من هداية الناس إلى الحقّ([[518]])، فهذه الجملة هي عصارة بعثة جميع الأنبياء^، وتتلخّص وظيفة المنتسبين إلى عنوان أهل العلم والدين في عصر الغيبة في هاتين الكلمتين: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[519]])، ويتلخّص القول في كلمتين: التفقّه في الدين([[520]])، وهذا يمثّل أساس الأُمور وأسُّ المطالب.

ولكننا نجهل أيّ دينٍ هو، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)([[521]])، فالدين الذي يجب أن يتعبّد به كلّ شخص عند الله تعالى إنّما هو الإسلام فقط، والتفقّه أساس الإسلام.

الوظيفة الأولى للمسلم هي التفقّه في الدين، ولا تفقّه في الدين إلّا إذا هُضم الدين بالعقل والفهم، فما هي حدود دائرة الدين؟ (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)([[522]]). إنّ دائرة الدين تبتدئ بالمبدأ وتختتم بالمعاد، وتتوسّطهما النبوّة والإمامة، والأخلاق، والأحكام التي منها الطهارة إلى الديات، فالفقيه الحقيقي هو من يتمكّن من معالجة آلام الناس بواسطة معرفة الله ومعرفة النبيّ ومعرفة الإمام(عليه السلام)، ويكون قادراً على تعليمهم الأحكام الإلهية، فمثل هذا الفقيه محترم عند الله تعالى إلى درجة أنّه أشدّ على إبليس من ألف عابد([[523]])؛ لأنّ كلّ ما تنسجه أذهان الملحدين يغدو هشيماً تذره الرياح بواسطة التفقّه في الدين، وعملكم في هذا السفر هو الدعوة إلى الدين، ولا ريب في أنّ الدعوة إلى الدين متوقّفة على فهم الدين، ومن ثمّ تفهيمه الآخرين، ولكلٍّ من هذه العناوين بحث مفصّل، لكنّنا نكتفي بالإشارة فقط.

التمسّك بالكتاب والعترة

يمكن اختزال السبيل إلى الفهم والتفهيم بكلمتين، فمتى ما جسدناهما فُتح في وجهنا باب الفهم والتفهيم معاً، فما هاتان الكلمتان؟ هما الكلمتان اللتان أوصى بهما خاتم الأنبياء وعقل الكل’ جميع أمّته قبيل رحيله من هذه الدنيا، وهما: «إِنِّي تَارِكٌ‏ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ‏: كِتَابَ الله وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، لَنْ تَضِلّوا مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا أبَدَاً»([[524]]).

والنتيجة هي أنّنا لو تمسّكنا بالقرآن وإمام العصر# لانفتح أمامنا باب الفهم وباب التفهيم أيضاً، ولا بدّ أن نبدأ بإلزام أنفسنا بالتمسّك بهاتين الكلمتين قبل أن نوصي بهما الآخرين، فقد هُدينا إلى الطريق، بيد أنّنا قضينا أعمارنا بالبطالة والغفلة.

الطريق إلى مجالسة الأئمة المعصومين^

رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ [الكَاظِمِ](عليه السلام) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «إِنَّ أَبِي سَأَلَ جَدَّكَ عَنْ‏ خَتْمِ‏ الْقُرْآنِ‏ فِي‏ كُلِّ‏ لَيْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ جَدُّكَ: كُلَّ لَيْلَةٍ. فَقَالَ لَهُ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ لَهُ جَدُّكَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ أَبِي: نَعَمْ مَا اسْتَطَعْتُ، فَكَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ أَرْبَعِينَ خَتْمَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ خَتَمْتُهُ بَعْدَ أَبِي فَرُبَّمَا زِدْتُ وَرُبَّمَا نَقَصْتُ، عَلَى قَدْرِ فَرَاغِي وَشُغُلِي وَنَشَاطِي وَكَسَلِي، فَإِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ جَعَلْتُ لِرَسُولِ الله خَتْمَةً وَلِعَلِيٍّ(عليه السلام) أُخْرَى، وَلِفَاطِمَةَ÷ أُخْرَى، ثُمَّ لِلْأَئِمَّةِ^ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْكَ فَصَيَّرْتُ لَكَ وَاحِدَةً مُنْذُ صِرْتُ فِي هَذَا الْحَالِ؛ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قُلْتُ: اللهُ أَكْبَرُ فَلِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»([[525]]).

ولو أنّنا قد عملنا بهذا الكلام منذ شبابنا وتزامناً مع شروعنا بطلب العلم، لكان حالنا غير ما نحن عليه اليوم؛ لأنّ ذلك يحتاج إلى العمل ولا يكتفى فيه على القول، فهذه الروايات بمثابة الإكسير الأحمر، فلو قدّر للمؤمن أن يقرأ القرآن إبّان شبابه، اختلط القرآن بلحمه ودمه([[526]])، وذلك متوقّف على مواصلة القراءة؛ لأنّ المهمّ هو العمل، ثمّ المداومة عليه([[527]])، فكيف لا تحيى الأرض الميتة إذا ما هبّ عليها نسيم الربيع كلّ يوم؟ «فَإِنَّهُ‏ رَبِيعُ‏ الْقُلُوبِ»([[528]])، لكنّ هذه الكلمات لم تُفهم بعد.

فعندما قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) «فَإِنَّهُ‏ رَبِيعُ‏ الْقُلُوبِ»، يعني بذلك أنّ تلاوة القرآن تحيي قلوبنا كما يحيي نسيم الربيع الأرض الميتة، فلمّا يُتلى القرآن الكريم ويُهدى إلى الإمام صاحب العصر والزمان# ينقطع العمل عن الشخص ويرتبط بالإمام، ومتى ارتبط به انقلب إلى إكسير أحمر.

لقد أنزل الله تعالى سورة التوحيد، وجعل لها أهمّية كبرى، فاقرؤوا الروايات الواردة في هذه السورة، لتعلموا مدى عظمتها، حيث ورد في رواية صحيحة السند، يفتي أمثال الشيخ الأنصاري+ طبقاً لسندها في أهم المسائل كالدماء، أنّ سورة التوحيد تعدل ثلث القرآن([[529]])، وعندئذٍ تكون قراءتها ثلاث مرّات بمثابة ختم القرآن([[530]]) (الملحق:1).

لماذا لا يتأثّر الناس بالقرآن؟ السرّ في ذلك أنّه لا القارئ يحمل شروط التأثير، ولا المستمع يمتلك شروط التأثّر، ولو قمنا بذلك لتوفّرت شروط التأثير والتأثّر في القارئ والمستمع معاً؛ لكن ينبغي أن نهتمّ بفقه الرواية، أي: بدراية الرواية([[531]])، لا مجرّد الرواية، فقراءة الرواية لا تعدّ كمالاً، وإنّما الكمال في فهم الحديث، وعندما قال الإمام(عليه السلام) عن القرآن الكريم: «فَإِنَّهُ‏ رَبِيعُ‏ الْقُلُوبِ»([[532]])، احتوت هذه الجملة على كلّ ما يجب أن تحتويه؛ فإنّ القرآن يحيي نفوسنا، ويحيي نفوس المستمعين لتلاوته، كما يحيي نسيمُ الربيع الأرضَ الميتة.

ولا شكّ في أنّ الرواية التي تنقلونها للناس بمثابة بذرة تنبض بالحياة؛ لأنّها خرجت من أفواهكم، تلك الأفواه والأرواح التي أحييت بالقرآن، ومن يستمع إليكم يحيى بتلاوته القرآن؛ وبالتالي تنبت هذه البذرة في تلك القلوب.

إمام الزمان# يمثّل عصارة جميع الأنبياء وخلاصة جميع الأوصياء

السبيل إلى التأثير يكمن في أن تتقيّدوا بقراءة القرآن على مدار السنة، وتهدوه إلى الإمام صاحب العصر والزمان#، والسبب في إصرارنا على إهدائه له هو أنّه عصارة جميع الأنبياء^، وخلاصة جميع الأوصياء^([[533]])، فالهدية له هدية لجميع الأنبياء والأولياء، وعندئذٍ تكون نتيجة ذلك هي العمل بقوله: «إِنِّي تَارِكٌ‏ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ‏: كِتَابَ الله وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي»([[534]])، وبذلك يحيى قلب القائل وروح المستمع أيضاً. هذا هو سبيل التبليغ وسبيل التفقّه في الدين، بل هذا هو فقط سبيل التأثير في أرواح الناس.

إحياء الناس جميعاً

لا بدّ من تعلّم طرق التربية من القرآن والروايات، فحينما نسلك هذا السبيل نحصل على الاستفادة القصوى، والنتيجة هي أنّكم تحيون أنفسكم، وتحيون أنفس مستمعيكم.

ثمّ لاحظوا ماذا تكون نتائج أعمالكم هذه؟ فمن نتائج عملكم خلال هذه الأيام أنّ قلوب الناس الذين هم أيتام آل محمّد^([[535]]) تتعرّف بواسطتكم على الدين. وقد يتّفق أن يسافر الداعية منكم ثمّ يعود إلى بلده، وهو لا يدري ما كُتب في صحيفة أعماله، والحال أنّه قد كُتب فيها: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)([[536]])، فربما نرى أنّه قد كُتب له أجر إحياء الناس جميعاً؛ ذلك أنّ المفسّر لحقائق القرآن ـ وهو الإمام الصادق(عليه السلام) والإمام الباقر(عليه السلام)، لا أنا ولا أنت ـ قد ذكر في تفسير هذه الآية وفيما يخصّ إحياء النفس الوارد فيها أنّه: «أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى»([[537]]).

فالطالب الذي شدّ الرحال إلى تلك القرية وأعاد إلى الصلاة شخصاً كان قد تركها، أو جعل مذنباً يتوب إلى ربّه، «أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى»، مثل هذا الطالب ربما يسافر وصحيفة أعماله بيضاء فارغة، ثمّ يعود وفي صحيفته أنّه قد أحيى الناس جميعاً.

أو ربما يهدي ضالاً، فيعرّفه بإمام العصر والزمان#، فيُكتب له في صحيفة أعماله ثواب مئة سنة من الصلاة والصيام([[538]]). إنّكم عرضة لهذه الفرص، ولا بدّ لكم من معرفة قدرها.

التأكيد على الصلاة وتلاوة القرآن

ينبغي لكم من الليلة الأولى وفي أيّ مجلس ومحاضرة أن تهتمّوا بأمرين، وتحثّوا الناس على الالتزام بهما، هما: الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، فالصلاة هي صلة الإنسان بالله تعالى؛ فلا بدّ من إحياء هذا العهد، لاحظوا دعائم الإسلام([[539]])، فإقامة الصلاة أوّلاً، «الصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّينِ»([[540]]). فاحرصوا على أن لا يبقى في المنطقة التي تذهبون إليها تارك للصلاة.

وادعوا الجميع لتلاوة القرآن طيلة أيام السنة، ولا ينبغي أن ينقطع عن قراءته أحد، سواء كان متعلِّماً أم أُمّياً، وزوروا المدارس، فإنّ أطفالها أيتام إمام العصر والزمان#، وعرّفوهم بالله والمعصومين الأربعة عشر^ بلغة تتناسب مع أعمارهم، وذكّروهم بآلاء الرحمن ونِعَم المنّان([[541]]).

فلا بدّ من إيقاظ كلّ فرد، واسألوا: ماذا كنتَ؟ وماذا صرتَ؟ ومن الذي سوّاك بهذا الشكل؟ ماذا كنت أنا وأنت؟ اقرؤوا القرآن الكريم: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)([[542]])؛ لتروا كيف خلقني الله وخلقك بعد أن لم نكن شيئاً؟ لقد سخّر الكون بأسره لكي يخلقني ويخلقك.

نطفة الإنسان في ظلماتٍ ثلاثٍ

إنّ النطفة التي توجد في صلب الأب حصيلة لجميع الآفاق الكونية؛ فثمّة دور للّيل والنهار، والشمس والقمر، والفصول الأربعة، والسماء والأرض، لإيجاد جوهرٍ في لقمة الطعام، ثمّ ينتقل إلى صلب الأب، ومنه إلى رحم الأم، في تلك الظلمات الثلاث: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ)([[543]]).

إنّ في هذه التعبيرات لدقّة، في ظلماتٍ ثلاثٍ: بطن الأُم، رحم الأُم، المشيمة؛ حيث قام بتنشئة تلك النطفة في هذه الظلمات، فمن الذي منح الإنسان هذا الدماغ؟ ومن الذي أعطاه هذه العين المبصرة؟([[544]])

الأسرار الكامنة في جلد الإنسان وشعره

مضت آلاف السنين، والعالم يحاول، ولم يتمكّنوا من الوصول إلى الأسرار الكامنة في هذا الجلد، فهذا الجلد الذي تشاهدونه يحتوي على ملايين المسامات والغدد التي تسهل عملية التعرّق، وينمو عليه الشعر الذي يرتبط بالجلد عن طريق البصيلة، وهذا يستدعي منّا التأمّل والتدبّر في الصلاة وفي مختلف الأوقات، والتساؤل: ماذا كنتُ؟ وماذا صرتُ؟

لا زال الطبّ وعلم التشريح يعمل منذ آلاف السنين، ولم يتوصّل بعد إلى أسرار جلد الإنسان. كما أنّ كلّ شعرة تنمو من بصيلة في أسفلها، أو فقل: كلّ شعرة عبارة عن شجرة، لها جذورها الخاصّة بها، وأمّا اللون فهو في حدّ ذاته أمر عجيب، فلون شعر الشاب إكسير عظيم، لا يعرفه إلّا جابر بن حيان الذي وصل شيئاً فشيئاً إلى نتيجة، ووضع القطرة على القنطار، وقد تعلّم ذلك من الإمام جعفر الصادق(عليه السلام).

ولكن، لعن الله من أغلق باب هذا العلم في وجوهنا؛ فلو كان هذا الباب قد فُتح للإمام الصادق(عليه السلام)، وسمح له بتعليم جابر بن حيان السرّ في شعر الإنسان واستخراج الإكسير الأعظم منه، ونشر تلك العلوم والمعارف، لبلغت البشرية مراقي الكمال، وغاية السموّ، فما الذي جنته البشرية من إغلاق هذا الباب؟

انشروا الوعي بين الناس، وقولوا لهم: ماذا كانت تلك النطفة القذرة؟ وماذا صارت؟ لقد أصبحت إنساناً، يحتوي شعر رأسه فقط على أسرار جمّة، فضلاً عن دماغه وباقي أعضائه.

تعريف الناس بالمعصومين الأربعة عشر^

حاولوا أينما حللتم أن لا تحزموا حقائب العودة إلّا وقد عرف الناس ليلتها سيرة المعصومين الأربعة عشر^، والسبيل إلى ذلك هو التطرّق في كلّ أُمسية من الأُمسيات إلى فضائل ومناقب واحد من هؤلاء الأعلام، حدّثوهم عن معاجزهم، وانقلوا لهم أحاديثهم وكلماتهم؛ ليفهموا من هو خاتم الأنبياء؟ ومن هو عليّ المرتضى(عليه السلام)؟ (الملحق:2) ومن هي فاطمة الزهراء‘؟

من المؤسف أنّنا لم نعِ ذلك جيّداً، ولربما يمضي أحد طلاب العلوم الدينية ثمّ يعود، وقد كُتب اسمه في دفتر المعصومين الأربعة عشر^، فلو أنّكم تناولتم في كلّ محاضرة من محاضراتكم سيرة أحد هؤلاء المعصومين^، وعرّفتم الناس بهم، فسيُكتب اسمكم حينها في سجل النبي الخاتم، وأمير المؤمنين(عليه السلام)، والإمام العسكري(عليه السلام)، وباقي الأئمة الميامين^. فالطريق إلى ذلك سهل يسير، وقد تطرّقنا في مقدّمة كتاب «منهاج الصالحين» إلى سيرة الأئمة^ باختصار، فيمكنكم الرجوع إليه وقراءة الروايات الواردة في هذا المجال.

لا تشترط الأجر على العبادة كما يفعل المتسوّلون فإنّ المولى نفسه يعلم كيف يربّي العبد([[545]]).

رجل جرادة هدية لسليمان عالم الوجود(عليه السلام)

جاءت نملة برجل جرادة ثمّ أخذ الهدهد رجل الجرادة وقدّمها هدية إلى نبيّ الله سليمان(عليه السلام)، فقبلها النبي(عليه السلام) ومسح على رأسه، ودعا له بالبركة، فحدثت له القنزعة التي على رأسه، ومنذ ذلك الحين وعلى الرغم من تطاول الزمن وكلّ هدهد يحمل على رأسه القنزعة ببركة مسحة النبي سليمان(عليه السلام)([[546]]) (الملحق:3).

ولو أهدى أحدكم في طريق التبليغ والدعوة جرادةً إلى سليمان هذا العالم، ألا وهو الحجّة بن الحسن#، فسيمسح الإمام بيده على رأسه، ويضع عليه تاجاً يبقى على رؤوس أولاده إلى يوم القيامة؛ ولكن للأسف قد ضاعت أعمارنا هباءً منثوراً، ولم ندرك كيف نصرف هذه الثروة؟ وفي طريق مَن ننفقها؟

والخلاصة: ينبغي أن تكون نتيجة سفركم كلمتين: تعريف الناس بالله تعالى، وتعريفهم بوليّ العصر والزمان#، فالموضوع كلّه يتلخّص في هاتين الكلمتين؛ لأنّ كلّ ما هو موجود فهو من الله جلّ وعلا، وكلّ ما هو منه تعالى فهو ببركة الإمام المعصوم(عليه السلام): «بِيُمْنِهِ رُزِقَ‏ الْوَرَى‏ وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ»([[547]]).

معلّم الخيرات

حاولوا أينما ذهبتم وحيثما حللتم أن لا يخلو أيّ مجلس من مجالسكم، وأيّ أُمسية من أُمسياتكم من بيان الأحكام الدينية، فعلّموا الناس الصلاة والوضوء والطهارة والنجاسة؛ فهل تعلمون ما هو تأثير ذلك؟ سيكون حينها لكلّ كلمة منكم تأثير كبير، وستحصلون على الأجر الوفير؛ فقد ورد في الرواية أنّ معلّم الخير ـ ومنه الأحكام الإلهية طبعاً ـ يستغفر له جميع أهل السماء والأرض([[548]]). هذا هو أجركم.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلَ‏ لَيْلَةٍ ثُلُثَ‏ الْقُرْآنِ؟‏ قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" ثُلُثُ الْقُرْآنِ». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص191؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص225؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص348).

وَرُويَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ قَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَثُلُثَ التَّوْرَاةِ وَثُلُثَ الْإِنْجِيلِ‏ وَثُلُثَ‏ الزَّبُورِ». (الشيخ الصدوق، التوحيد: ص95؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص225؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص795؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص348).

(الملحق:2)

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ آمَنَ بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، وَهُوَ يُبْغِضُ عَلِيّاً، فَهُوَ كَاذِبٌ‏ لَيْسَ‏ بِمُؤْمِنٍ». (ابن عقدة الكوفي، فضائل أمير المؤمنين: ص29؛ القاضي نعمان المغربي، شرح الأخبار: ج1، ص153؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص249؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص455؛ العلّامة الحلّي، كشف اليقين: ص227؛ الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج1، ص103؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج39، ص253). ‏

مصادر أهل السنّة: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص280؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج7، ص391.

وقد روى الشيعة وأهل السنّة هذه الرواية عن ابن عقدة الشيعي، وكانت كلمات أهل السنّة حول ابن عقدة كالتالي:

قال ابن عساكر: «الدارقطني يقول: كان أبو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلم الناس ما عنده». (الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج5، ص221).

قال الذهبي: «ابن عقدة حافظ العصر والمحدّث البحر، أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، مولى بني هاشم، وكان أبوه نحوياً صالحاً يلقّب بعقدة...». (الذهبي، تذكرة الحفّاظ: ج3، ص839).

وقال أيضاً: «قال ابن عدي: كان ابن عقدة صاحب معرفة وحفظ متقدّماً في هذه الصناعة». (الذهبي، تذكرة الحفّاظ: ج3، ص840 ـ 841).

قال ابن حجر: «وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ هُوَ ابْنُ عُقْدَةَ حَافِظٌ كَبِيرٌ...». (ابن حجر، تلخيص الحبير: ج2، ص137).

وقال العيني: «هُوَ أَبُو الْعَبَّاس بن عقدَة أحد الْحفّاظ لكنّه شيعيّ». (العيني، عمدة القاري: ج7، ص149).

(الملحق:3)

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام)، عَنْ أَبِيهِ(عليه السلام)، عَنْ جَدِّهِ(عليه السلام)، قَالَ: «لَا تَأْكُلُوا الْقُنْبُرَةَ وَلَا تَسُبُّوهَا وَلَا تُعْطُوهَا الصِّبْيَانَ يَلْعَبُونَ بِهَا؛ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ التَّسْبِيحِ لِله تَعَالَى، وَتَسْبِيحُهَا: لَعَنَ اللَهُ مُبْغِضِي آلِ مُحَمَّدٍ^». (الكليني، الكافي: ج6، ص225؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج9، ص19؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج61، ص303).

وعَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام) أَيْضاً، قَالَ: «فِي كُلِ‏ جَنَاحِ‏ هُدْهُدٍ مَكْتُوبٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ: آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ». (الكليني، الكافي: ج6، ص224؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص236؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص350؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص164؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص261).

المحاضرة الثالثة والعشرون

البكاء على مصيبة سيّد الشهداء(عليه السلام)

7 تشرين الثاني 2012م= 22 ذو الحجّة 1433هـ

المحبّة المكنونة

إنّ فهم حقيقة عاشوراء من أهمّ القضايا على الإطلاق، على أنّ هذه القضية غير المسبوقة وغير الملحوقة في تاريخ البشرية لم تُفهم ولم تُبيّن بالشكل المطلوب، والأهمّ من ذلك هو أنّ هذه الأيّام هي أيام الربيع، غير أنّ ربيع القلوب الذي يوافيها بنسيم فيضه، هو أن يزدهر ذلك الحب ـ لا شعورياً ـ في هذه الأيام، وذلك بمقتضى: «إنَّ لِلْحُسَيْنِ(عليه السلام) محَبَّةً مَكْنُونَةً»([[549]]) (الملحق:1)، فلا بدّ أن نستفيد إلى أبعد حدود من هذه الفرصة المتاحة.

إنّ أعظم مصيبة على كلّ شخص هي مصيبة الحسرة([[550]])، الحسرة على أنّنا كنّا قادرين على الاستفادة من هذه الحياة بصورة أفضل فلم نفعل، ولا يأمن من هذه الحسرة إلّا من كانت حياته تجسيداً لجملتين قد جاءتا في الآية الشريفة: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[551]])؛ فإنّ كلّ ما نبتغيه هو في القرآن الكريم، ولكن أين من يفهمه ويدركه؟ كلّ ما في الأمر يكمن في هاتين الجملتين، حيث لا حسرة لمن كانت حياته مطابقة لهاتين الجملتين: الأولى التفقّه في الدين، والثانية إنذار القوم.

يتصوّر البعض أنّه يكفيهم الاشتغال بالدراسة طيلة أيّام السنة، وهذا يمثّل نوعاً من وساوس الشيطان، (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)، فكلّ من فوّت من يديه الفرصة في هذه الأيّام فسيبتلى بحسرة لا توصف، فما هي هذه الحسرة؟ أفضل بيان لذلك هو نصّ كلام الإمام(عليه السلام)؛ فإنّ كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل([[552]])، فالحكمة كلّ الحكمة والمعرفة كلّ المعرفة هي في تلك الجمل، وحسبكم الرواية التالية بما تضمّه من إشارات لمن هم أهل لذلك.

هداية الضعفاء من ظلمة الجهل إلى نور العلم

روى الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) عن جدّه أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام): مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا». تأمّلوا في الرواية فقرةً فقرةً، فإنّ شرحها يطول، لكنّنا سنكتفي بالنصّ فقط، قال(عليه السلام): «مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا»، فليس المقصود أيّ شخص كان، بل لا بدّ أن يكون متحلّياً بهذه الصفة: «عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا، فَأَخْرَجَ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا مِنْ ظُلْمَةِ جَهْلِهِمْ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ الَّذِي حَبَوْنَاهُ بِهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

ينبغي معرفة المؤثِّر من خلال الأثر، وللعلم طريقان: الطريق «الإنّي» والطريق «اللمّي»، فـ«الإنّي» يكون بالانتقال من المعلول إلى العلّة، وذلك حيث يُسأل: ما هي العلّة التي نتج عنها هذا المعلول؟

قال الإمام(عليه السلام): «مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا، فَأَخْرَجَ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا مِنْ ظُلْمَةِ جَهْلِهِمْ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ الَّذِي حَبَوْنَاهُ بِهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ يُضِي‏ءُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ»، تأمّلوا، فهذا الوصف صادر ممن كلامه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق، فأيّ مقام هذا؟ وأيّ منصب هو؟ يجتمع في عرصات يوم القيامة الأوّلون والآخرون، من الجنّ والإنس، فإذا التاج الذي يوضع على رأس هذا الشخص يضيء لجميع أهل العرصات.

«وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ»، فما هي قيمتها؟ قال الإمام(عليه السلام) في وصفها: «لَا تَقُومُ لِأَقَلِّ سِلْكٍ مِنْهَا الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»، علماً أنّ الدنيا لا تقتصر على الأرض وحسب، قال تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا)([[553]])، ما يعني أنّها شاملة لجميع هذه المنظومة، فجميع هذه الدنيا من السماء العلوية إلى الأرض السفلية لا تعدل خيطاً واحداً من تلك الحلّة!

«ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ [مِنْ عِنْدِ اللهِ]: يَا عِبَادَ اللهِ! هَذَا عَالِمٌ مِنْ بَعْضِ تَلَامِذَةِ عُلَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ»، هذا هو التعريف به، والمهم هو فهم هذه الجمل: «أَلَا فَمَنْ أَخْرَجَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْرَةِ جَهْلِهِ فَلْيَتَشَبَّثْ بِنُورِهِ لِيُخْرِجَهُ مِنْ حَيْرَةِ ظُلْمَةِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ إِلَى نُزْهَةِ الْجِنَانِ»، ثمّ ماذا يفعل؟

أوّلاً: «فَيُخْرِجُ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَّمَهُ فِي الدُّنْيَا خَيْراً»، «فَلْيَتَشَبَّثْ بِنُورِهِ لِيُخْرِجَهُ مِنْ حَيْرَةِ ظُلْمَةِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ إِلَى نُزْهَةِ الْجِنَانِ».

ثانياً: «أَوْ فَتَحَ عَنْ قَلْبِهِ مِنَ الجَهْلِ قُفْلاً».

 ما أعظم هذا الكلام؟ يقوم هذا الشخص بإخراج من فتح عن قلبه قفلاً من أقفال الجهل في مجال الأحكام الإلهية أو العقائد الحقّة، يقوم بإخراجه من ظلمة تلك العرصات إلى النّور.

ثالثاً: «أوْ أَوْضَحَ لَهُ عَنْ شُبْهَةٍ»([[554]]). بمعنى أنقذ روحه الغارقة في تلك الشبهة من ظلمتها، ولسوف ينقذه أيضاً من ظلمة تلك العرصات.

نشاهد اليوم شياطين الجنّ والإنس يلقون مختلف أنواع الشبهات في النفوس الضعيفة، ولا شكّ في أنّ النفوس الضعيفة تتأثّر شئنا أم أبينا بهذه الأمراض، فإذا ما فتح المرض لنفسه مجالاً للنفوذ تكون النتيجة هي العلّة والسقم. ها هنا يملي الواجب عليكم جميعاً بعد التفقّه في الدين العمل على إنقاذ أيتام آل محمّد^([[555]]) من الأمراض والأسقام المختلفة في هذا الزمان المليء بالظلمات، لتنالوا إثر ذلك ما ذكرنا من أجر.

ترسيخ العقائد وتهذيب الأخلاق وتعليم الأحكام الإلهية

ينبغي لكم القيام بأُمور ثلاثة:

الأوّل: ترسيخ العقائد، فلا بّد لكم أينما ذهبتم وحيثما حللتم من تأصيل عقائد الأُمّة وتلك الجماعة، بحيث تبقى قلوبهم راسخة ومصرّة على العقائد الحقّة حتّى بعد عودتكم إلى دياركم.

الثاني: تهذيب الأخلاق، فاقرؤوا للناس روايات أهل البيت^ من مواعظ «بحار الأنوار»، وهذّبوا نفوس الأُمّة بتلك الكلمات.

الثالث: تعليم الأحكام الإلهية، لتكون مجالسكم مشحونة بما عبّر عنه النبي قائلاً: «إِنَّمَا الْعِلْمُ‏ ثَلَاثَةٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ»([[556]]). فإن قصّرتم في عملكم، وآثرتم الدعة والراحة، فستحتملون غداً تلك الحسرة، أنّا كنّا قادرين أن نضع مثل هذا التاج على رؤوسنا، وأن ننال من الله مثل هذه الحلّة، فوا أسفاه إذ لم نفعل ذلك: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ)([[557]])، ولا سبيل حينها إلى الرجوع.

حكاية مشاهدة روح لميّت بعين برزخية

حكى أحد أساتذتنا ـ وقد كان من العلماء الأخيار والأبرار ـ أنّه كان يحمل جنازة لأحد الموتى، وقد شاهد شخص ممن يمتلكون عيناً برزخية روح ذلك الميت فوق تلك الجنازة وهي تردد البيتين التاليين:

أسفاً لكأس العمر كنت تملكه   

ولم تعرف حقه فما يجديك الآخرون

كنت عبداً وقد جاءك الخلاص  

وقد خسرت فماذا يفعل الآخرون([[558]])

«اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ‏ وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ‏»([[559]]). يا للحسرة، فقد انقضى العمر ولم نفهم ماذا نفعل! وكيف يمكننا الاستفادة المثلى من هذه الدنيا؟!

عاشوراء الحدث الصاخب في عالم الخلقة

حاولوا تقوية القلوب، وفهّموا هذه الأُمّة أنّ عاشوراء هي الحدث الصاخب في عالم الخلقة([[560]])، واقضوا عن طريق البراهين العلمية والفقهية على هذه الأباطيل التي يتناقلها العوام عن الخواصّ والخواصّ عن العوام بين الناس؛ ليعي الناس ما معنى عاشوراء؟ ومن هو الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وماذا فعل؟

من خصائص الملائكة أنّها تنجذب إلى الملأ الأعلى؛ ولذا قال أمير المؤمنين(عليه السلام) في خلق الملائكة: «مِنْ مَلَائِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ‏ سَمَاوَاتِكَ، وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ، هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ، وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ‏». ([[561]]) لكنّ شيخ الطائفة ورئيس الفرقة، الشيخ الطوسي+، أخرج في كتابه قبل أكثر من ألف عام زيارةً لأصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام) تحيّر عقل كلّ حكيم وذي لبّ، فمما ورد فيها أنّ الملائكة قد حفّت بهم، وسكنت معسكرهم، وحلّت في مصارعهم، ليس لها فراق إلى يوم التلاق([[562]]). فإن كانت هذه هي منزلة أصحابه(عليه السلام)، فأين هي منزلة ذلك الغلام الذي هو: «أَشْبَهُ النَّاسِ‏ خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِكَ([[563]])»؟ (الملحق:2).

الدموع الجارية على الخدود

هناك رواية صحيحة السند، وهي من الروايات التي يعتمد على سندها مثل الشيخ الأنصاري+، وليس كلّ من تحدّث عن الفقه، فيرفع بموجبها اليد عن أصالة الاحتياط في المسائل المبنية على الاحتياط، وسند هذه الرواية كالتالي:

حدّثني أبي، أي علي بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم. إنّ هذا السند لعجيب عند الفقهاء؛ إذ يشتمل على اثنين من أصحاب الإجماع، فهو في غاية الصحّة. أمّا نصّ الرواية فهو:

«عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ‘ يَقُولُ:‏ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘ دَمْعَةً، حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ، بَوَّأَهُ اللَهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً، يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً»([[564]]) (الملحق:3). هذا أجر من تدمع عيناه على مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، فأيّ مقام هذا؟

المنكر لفضيلة البكاء محروم من حوض الكوثر

نقل العلّامة المجلسي، وهو فحل الفحول، عن بعض العلماء قصّة عجيبة فيمن ينكر فضل البكاء على سيّد الشهداء(عليه السلام)، فقال:

«رَأَيْتُ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ حُكِيَ عَنِ السَّيِّدِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيِّ قَالَ: كُنْتُ‏ مُجَاوِراً فِي‏ مَشْهَدِ مَوْلَايَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا(عليه السلام) مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمـُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ عَاشُورَاءَ ابْتَدَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقْرَأُ مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، فَوَرَدَتْ رِوَايَةٌ عَنِ الْبَاقِرِ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: مَنْ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ عَلَى مُصَابِ الْحُسَيْنِ وَلَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ غَفَرَ اللَهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ([[565]])، (الملحق:4) وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ مَعَنَا جَاهِلٌ مُرَكَّبٌ، يَدَّعِي العِلْمَ وَلَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، وَالعَقْلُ لَا يَعْتَقِدُهُ، وَكَثُرَ البَحْثُ بَيْنَنَا، وَافْتَرَقْنَا عَنْ ذَلِكَ المَجْلِسِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى العِنَادِ فِي تَكْذِيبِ الحَدِيثِ، فَنَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَحُشِرَ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ صَفْصَفٍ‏ لا تَرى‏ فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً، وَقَدْ نُصِبَتِ المَوَازِينُ، وَامْتَدَّ الصِّرَاطُ، وَوُضِعَ الحِسَابُ، وَنُشِرَتِ الكُتُبُ، وَأُسْعِرَتِ النِّيرَانُ، وَزُخْرِفَتِ الجِنَانُ، وَاشْتَدَّ الحَرُّ عَلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ قَدْ عَطَشَ عَطَشاً شَدِيداً، وَبَقِيَ يَطْلُبُ المَاءَ فَلَا يَجِدُهُ، فَالْتَفَتَ يَمِيناً وَشِمَالاً، وَإِذَا هُوَ بِحَوْضٍ عَظِيمِ الطُّولِ وَالعَرْضِ، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا هُوَ الكَوْثَرُ، فَإِذَا فِيهِ مَاءٌ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ العَذْبِ، وَإِذَا عِنْدَ الحَوْضِ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ، أَنْوَارُهُمْ تُشْرِقُ عَلَى الخَلَائِقِ، وَمَعَ ذَلِكَ لُبْسُهُمُ السَّوَادُ، وَهُمْ بَاكُونَ مَحْزُونُونَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ لِي: هَذَا مُحَمَّدٌ المُصْطَفَى، وَهَذَا الْإِمَامُ عَلِيٌّ المُرْتَضَى، وَهَذِهِ الطَّاهِرَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَاهُمْ لَابِسِينَ السَّوَادَ وَبَاكِينَ وَمَحْزُونِينَ؟ فَقِيلَ لِي: أَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، يَوْمَ مَقْتَلِ الحُسَيْنِ؟ فَهُمْ مَحْزُونُونَ لِأَجْلِ ذَلِكَ. قَالَ: فَدَنَوْتُ إِلَى سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ، وَقُلْتُ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُولِ الله! إِنِّي عَطْشَانُ، فَنَظَرَتْ إِلَيَّ شَزْراً، وَقَالَتْ لِي: أَنْتَ الَّذِي تُنْكِرُ فَضْلَ البُكَاءِ عَلَى مُصَابِ وَلَدِيَ الحُسَيْنِ، وَمُهْجَةِ قَلْبِي، وَقُرَّةِ عَيْنِيَ، الشَّهِيدِ المَقْتُولِ ظُلْماً وَعُدْوَاناً؟ لَعَنَ اللَهُ قَاتِلِيهِ، وَظَالِمِيهِ، وَمَانِعِيهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. قَالَ الرَّجُلُ: فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي فَزِعاً مَرْعُوباً، وَاسْتَغْفَرْتُ اللَهَ كَثِيراً، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي، وَأَتَيْتُ إِلَى أَصْحَابِيَ الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ وَخَبَّرْتُ بِرُؤْيَايَ، وَتُبْتُ إِلَى اللهِ}([[566]])».

يا أبا عبد الله! ماذا فعلتَ؟ حتّى قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): «إنَّ يومَ الحسينِ أقرحَ جُفونَنا([[567]])» (الملحق:5). ربّما تحمرّ العيون من كثرة البكاء، بيد أنّ جفون الإمام الرضا(عليه السلام) قد تقرّحت؛ فأنّى لنا أن نبيّن حجم المصيبة وهي ليست مما يناله البيان؟! إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ÷ قَالَ‏: «نَظَرَ النَّبِيُّ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‘ وَهُوَ مُقْبِلٌ، ‏ فَأَجْلَسَهُ‏ فِي‏ حِجْرِهِ، ‏ وَقَالَ: «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمـُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً. ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ. قِيلَ: وَمَا قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ يَا بْنَ رَسُولِ الله؟ قَالَ: لَا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلَّا بَكَى». (الميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل: ج10، ص318؛ البروجردي، جامع أحاديث الشيعة: ج12، ص555 ـ 556).

وَقَالَ عَليُّ بْنُ الحُسَينِ÷: «أَيُّهَا النَّاسُ‏ أُعْطِينَا سِتّاً وَفُضِّلْنَا بِسَبْعٍ، أُعْطِينَا الْعِلْمَ وَالْحِلْمَ وَالسَّمَاحَةَ وَالْفَصَاحَةَ وَالشَّجَاعَةَ وَالْمَحَبَّةَ فِي قُلُوبِ الْمـُؤْمِنِينَ...». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص137 ـ 138؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص438).

وَرُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ أَرَادَ اللَهُ بِهِ الْخَيْرَ قَذَفَ‏ فِي‏ قَلْبِهِ‏ حُبَّ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) وَحُبَّ زِيَارَتِهِ...». (ابن قولويه، كامل الزيارات، 269؛ الحرّ العاملي، هداية الأمّة إلى أحكام الأئمة: ج5، ص497؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص76).

(الملحق:2)

فتقدّم عليّ بن الحسين [÷]، وأمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وهو يومئذ ابن ثمان عشرة سنة، فلمّا رآه الحسين [(عليه السلام)] رفع شيبته نحو السماء وقال: «اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه النّاس خَلْقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، كنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، اللهمّ فامنعهم بركات الأرض، وإن منعتهم ففرّقهم تفريقاً ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا تُرضِ الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا ليقاتلونا ويقتلونا».

ثمّ صاح الحسين [(عليه السلام)] بعمر بن سعد: «ما لكَ قطع الله رحمك، ولا بارك لك في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)».

ثمّ رفع صوته وقرأ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) » [آل عمران: 33 ـ 34].

ثمّ حمل عليّ بن الحسين [÷] وهو يقول:

أنا عليّ بن الحسين بن عليّ
والله لا يحكم فينا ابن الدعيّ
أضربكم بالسيف حتّى يلتوي
نحن وبيت الله أولى بالنبيّ
أطعنكم بالرمح حتّى ينثني
ضرب غلام هاشميّ علويّ

فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ أهل الكوفة [الناس] لكثرة من قتل منهم، حتّى روي أنّه قتل على ما هو فيه من العطش مئتين وعشرين رجلاً، ثمّ رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة، فقال: «يا أبت! العطش قد قتلني، وثقل الحديد أجهدني، فهل إلى شربةٍ من الماء سبيل، أتقوّى بها على الأعداء؟

فبكى الحسين [(عليه السلام)] وقال: «واغوثاه! يا بُنيّ قاتل قليلاً، فما أسرع أن تلقى جدّك محمّداً (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظمأ بعدها أبداً».

ثمّ قال: «يعزّ على محمّد وعلى عليّ وعلى أبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث بهم فلا يغيثونك، يا بُني! هاتِ لسانك». فأخذ لسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه وقال: «أمسكه في فيك وارجع إلى قتال عدوّك؛ فإنّي أرجو أن لا تمسي حتّى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربةً لا تظمأ بعدها أبداً». فرجع إلى القتال وشدّ على الرجال وهو يقول:

الحرب قد بانت لها حقائق
والله ربّ العرش لا نفارق
وظهرت من بعدها مصادق
جموعكم أو تغمد البوارق

فلم يزل يقاتل حتّى قتل تمام المئتين، ثمّ ضربه منقذ بن مرّة العبدي على مفرق رأسه ضربة صرعته وتناوشه الناس بأسيافهم، ثمّ إنّه اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء، فقطّعوه بأسيافهم إرباً إرباً، فلمّا بلغت روحه التراقي نادى رافعاً صوته: «يا أبتاه! هذا جدّي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربةً لا أظمأ بعدها أبداً، وهو يقول: العجل العجل، فإنّ لك كأساً مذخورةً حتّى تشربها الساعة».

فصاح الحسين [(عليه السلام)] وقال:«قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا».

قال حميد بن مسلم: فكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعةً، كأنّها الشمس الطالعة، تنادي بالويل والثبور، وتقول: واحبيباه، يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه، يا ابن أخاه. فسألتُ عنها، قيل لي: هي زينب بنت عليّ [÷]، وجاءت وانكبّت على جسد عليّ بن الحسين [÷]، فجاء الحسين [(عليه السلام)] إليها وأخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط، وأقبل بباقي فتيانه وقال: «احملوا أخاكم رحمكم الله». فحملوه من مصرعه فجاؤوا به حتّى وضعوه عند الفسطاط الذي يقاتلون أمامه.

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص34 ـ 36.

وروي أيضاً: كان أوّل قتيل من بني أبي طالب يومئذ عليّ الأكبر ابن الحسين بن عليّ [÷]، وأمّه ليلى ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي. وذلك أنّه أخذ يشدّ على الناس وهو يقول:

أنا عليّ بن الحسين بن عليّ
 نحن وربّ البيت أولى بالنبيّ

تالله لا يحكم فينا ابن الدعيّ

قال: ففعل ذلك مراراً، فبصر به مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي، ثمّ الليثي، فقال: عليّ آثام العرب إن مرّ بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكله أباه. فمرّ يشدّ على الناس بسيفه، فاعترضه مرّة بن منقذ فطعنه، فصُرع واحتووا له الناس فقطّعوهم بأسيافهم.

قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزري، قال: سماع أذنى يومئذٍ من الحسين يقول: قتل الله قوماً قتلوك، يا بنيّ ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا. قال: وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعةً كأنّها الشمس الطالعة، تنادي: يا أخياه ويا بن أخاه! فقيل: هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول اللهo، فجاءت حتّى أكبّت عليه، فجاءها الحسين [(عليه السلام)] فأخذ بيدها فردّها إلى الفسطاط. وأقبل الحسين [(عليه السلام)] إلى ابنه وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص160 ـ 164).

وورد أيضاً: «فلم يزل يقاتل حتّى‏ قتل‏ تمام‏ المئتين، ‏ ثمّ ضربه منقذ بن مرّة العبدي على مفرق رأسه ضربةً صرعته، وضربه الناس بأسيافهم، ثمّ اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء، فقطّعوه بسيوفهم [بأسيافهم] إرباً إرباً». (أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج4، ص282؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص44؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص286).

وكفى في عظمة عليّ الأكبر(عليه السلام) أنّ ما قاله فيه الإمام الحسين(عليه السلام)، من أنّه «أَشْبَهُ النَّاسِ‏ خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِكَ»، ورد في شأن ومنزلة الإمام صاحب العصر والزمان# أيضاً، حيث ورد عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله:‏ «الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، ‏ أَشْبَهُ‏ النَّاسِ‏ بِي خَلْقاً وَخُلْقاً، تَكُونُ بِهِ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الْأُمَمُ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ، يَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً». (علي بن بابويه القمّي، الإمامة والتبصرة: ص120؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص286؛ الخزاز القمّي، كفاية الأثر: ص67؛ الأربلي، كشف الغمّة: ج3، ص327؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج36، ص309).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص386.

(الملحق:3)

«مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ‏ أَنَّ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ دَمْعَةً أَوْ قَطَرَتْ قَطْرَةً بَوَّأَهُ‏ اللَهُ‏} الْجَنَّة». (السيّد ابن طاووس، الطرائف، 202 ـ 203؛ العلّامة الحلي، نهج الحق وكشف الصدق: ص257).

وَرُويَ أيضاً: قَالَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام): «مَنْ قَطَرَتْ عَيْنَاهُ‏ فِينَا قَطْرَةً وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً بَوَّأَهُ اللَهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً وَأَحْقَاباً». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص202؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص292).

عن الربيع بن منذر، عن أبيه، قال: كان حسين بن علي يقول: «مَن دمعتْ عيناه فينا دمعةً أو قطرتْ عيناه فينا قطرةً، آتاه الله الجنّة»، أخرجه أحمد في المناقب.

مصادر أهل السنّة: أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ص19.

(الملحق:4)

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ(عليه السلام) فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ لَهُ‏: «وَمَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) عِنْدَهُ، فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ [عَيْنَيْهِ‏] مِنَ الدُّمُوعِ‏ مِقْدَارُ جَنَاحِ‏ ذُبَابٍ، كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللهِ}، وَلَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص202؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص507؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص291).

(الملحق:5)

عظمة البكاء على مصائب الإمام الحسين(عليه السلام)

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، فِي حَدِيثٍ قَالَ: «كُلُّ الْجَزَعِ وَالْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ‏ سِوَى‏ الْجَزَعِ وَالْبُكَاءِ عَلَى الْحُسَيْنِ(عليه السلام)». (الشيخ الطوسي، الأمالي: ص162؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج2، ص923؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص280).

إنشاد الشعر في مصائب الإمام الحسين(عليه السلام)

عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، فَدَخَلَ‏ جَعْفَرُ بْنُ‏ عَفَّانَ‏ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَعْفَرُ! قَالَ: لَبَّيْكَ جَعَلَنِيَ اللَهُ فِدَاكَ. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ الشِّعْرَ فِي الْحُسَيْنِ وَتُجِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ جَعَلَنِيَ اللَهُ فِدَاكَ. قَالَ: قُلْ، فَأَنْشَدَهُ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ، فَبَكَى وَمَنْ حَوْلَهُ حَتَّى صَارَتِ الدُّمُوعُ عَلَى وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَعْفَرُ! وَالله لَقَدْ شَهِدَتْ مَلَائِكَةُ الله الْمُقَرَّبُونَ هَاهُنَا يَسْمَعُونَ قَوْلَكَ فِي الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، وَلَقَدْ بَكَوْا كَمَا بَكَيْنَا وَأَكْثَرَ، وَلَقَدْ أَوْجَبَ اللَهُ تَعَالَى لَكَ يَا جَعْفَرُ فِي سَاعَتِهِ‏ الْجَنَّةَ بِأَسْرِهَا وَغَفَرَ اللَهُ لَكَ. فَقَالَ: يَا جَعْفَرُ! أَلَا أَزِيدُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي. قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ قَالَ فِي الْحُسَيْنِ شِعْراً فَبَكَى وَأَبْكَى بِهِ إِلَّا أَوْجَبَ اللَهُ لَهُ الْجَنَّةَ وَغَفَرَ لَهُ». (الشيخ الطوسي، رجال الكشي: ج2، ص574؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص282؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص541).

وَرُويَ [عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ] قَالَ رَسُولُ الله: «لَمَّا نَزَلَتْ (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ) الْآيَةَ فِي الْيَهُودِ، أَيِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَ الله وَكَذَّبُوا رُسُلَ الله وَقَتَلُوا أَوْلِيَاءَ الله، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَنْ‏ يُضَاهِيهِمْ‏ مِنْ‏ يَهُودِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله. قَالَ: قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَنْتَحِلُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِي، يَقْتُلُونَ أَفَاضِلَ ذُرِّيَّتِي وَأَطَايِبَ أَرُومَتِي، وَيُبَدِّلُونَ شَرِيعَتِي وَسُنَّتِي، وَيَقْتُلُونَ وَلَدَيَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، كَمَا قَتَلَ أَسْلَافُ الْيَهُودِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى. أَلَا وَإِنَّ اللَهَ يَلْعَنُهُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ، وَيَبْعَثُ عَلَى بَقَايَا ذَرَارِيِّهِمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَادِياً مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ، يُحْرِقُهُمْ بِسُيُوفِ أَوْلِيَائِهِ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ. أَلَا وَلَعَنَ اللَهُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) وَمُحِبِّيهِمْ وَنَاصِرِيهِمْ وَالسَّاكِتِينَ عَنْ لَعْنِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ يُسْكِتُهُمْ. أَلَا وَصَلَّى اللَهُ عَلَى الْبَاكِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ رَحْمَةً وَشَفَقَةً وَاللَّاعِنِينَ لِأَعْدَائِهِمْ وَالْمُمْتَلِئِينَ عَلَيْهِمْ غَيْظاً وَحَنَقاً. أَلَا وَإِنَّ الرَّاضِينَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ شُرَكَاءُ قَتَلَتِهِ. أَلَا وَإِنَّ قَتَلَتَهُ وَأَعْوَانَهُمْ وَأَشْيَاعَهُمْ وَالْمُقْتَدِينَ بِهِمْ بِرَاءٌ مِنْ دِينِ الله. إِنَّ اللَهَ لَيَأْمُرُ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ أَنْ يَتَلَقَّوْا دُمُوعَهُمُ الْمَصْبُوبَةَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ إِلَى الْخُزَّانِ فِي الْجِنَانِ، فَيَمْزُجُوهَا بِمَاءِ الْحَيَوَانِ، فَتَزِيدُ عُذُوبَتُهَا وَطِيبُهَا أَلْفَ ضِعْفِهَا، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيَتَلَقَّوْنَ دُمُوعَ الْفَرِحِينَ الضَّاحِكِينَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ، يَتَلَقَّوْنَهَا فِي الْهَاوِيَةِ، وَيَمْزُجُونَهَا بِحَمِيمِهَا وَصَدِيدِهَا وَغَسَّاقِهَا وَغِسْلِينِهَا، فَيَزِيدُ فِي شِدَّةِ حَرَارَتِهَا وَعَظِيمِ عَذَابِهَا أَلْفَ ضِعْفِهَا، يُشَدِّدُ بِهَا عَلَى الْمَنْقُولِينَ إِلَيْهَا مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَذَابَهُمْ». (التفسير المنسوب للإمام العسكري(عليه السلام): ص369؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص268؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص304؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص598).

بكاء وشهقة الزهراء‘ وتغيّر عوالم الوجود

رُويَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) أُحَدِّثُهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ‏ فَقَالَ‏ لَهُ‏: مَرْحَباً، وَضَمَّهُ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: حَقَّرَ اللَهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللَهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللَهُ مَنْ قَتَلَكُمْ، وَكَانَ اللَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَنَاصِراً، فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ، ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ. يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِنَّ فَاطِمَةَ÷ لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ، فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْلَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا، وَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ، أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ، فَيَحْفَظُونَهَا [فَيَكْبَحُونَهَا] مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا وَيُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ. وَإِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ‏ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا بِأَجْنِحَتِهِ، وَحَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ يَبْكُونَهُ لِبُكَائِهَا، وَيَدْعُونَ اللَهَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ، وَيَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ لِله مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَتَقَطَّعَتِ الْجِبَالُ وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ! قَالَ: غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ! أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ÷؟ فَبَكَيْتُ حِينَ قَالَهَا، فَمَا قَدَرْتُ عَلَى الْمَنْطِقِ، وَمَا قَدَرَ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ. ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُو، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص169؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص208).

بكاء النبيّ الأكرم

عَنْ عَبْدِ الله يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ عَلَى مَطْهَرَةِ عَلِيٍّ، قَالَ:‏ «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ إِلَى صِفِّينَ، فَلَمَّا حَاذَانَا نَيْنَوَى‏ نَادَى: صَبْراً أَبَا عَبْدِ الله بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ! مَا قَوْلُكَ صَبْراً أَبَا عَبْدِ الله؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، مَا لِعَيْنَيْكِ تَفِيضَانِ دُمُوعاً، أَغْضَبَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا، فَلَمْ تَمْلِكْ عَيْنَايَ أَنْ فَاضَتَا». (ابن نما الحلّي، مثیر الأحزان: ص9؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج2، ص270؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص247).

وروي حدّثنا محمّد بن عبيد، قال: حدّثني شرحبيل بن مدرك الجعفي، عن عبد الله بن يحيى الحضرمي، عن أبيه، أنّه سافر مع عليّ، وكان أحبّ مطهرته حتّى حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفّين، فنادى: صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله! فقلت: ماذا أبا عبد الله؟ قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وعيناه تفيضان، قال: قلت: يا رسول الله! ما لعينيك تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال: «قام من عندي جبريل فأخبرني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات، [فقال: هل لك أن أريك من تربته؟ فقلت: نعم. فمدّ يده فقبض قبضةً من ترابٍ فأعطانيها ما ملكت] فلم أملك عينيّ أن فاضتا».

مصادر أهل السنّة: ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج8، ص632؛ الضحّاك، الآحاد والمثاني: ج1، ص308.

بكاء أمير المؤمنين(عليه السلام)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ(عليه السلام) فِي خُرُوجِهِ [فِي خَرْجَتِهِ‏] إِلَى صِفِّينَ، فَلَمَّا نَزَلَ بِنَيْنَوَى وَهُوَ شَطُّ الْفُرَاتِ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بْنَ عَبَّاسٍ! أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَوْضِعَ؟ قُلْتُ لَهُ: مَا أَعْرِفُهُ يَا أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ. فَقَالَ(عليه السلام): لَوْ عَرَفْتَهُ‏ كَمَعْرِفَتِي‏ لَمْ‏ تَكُنْ‏ تَجُوزُهُ حَتَّى تَبْكِيَ كَبُكَائِي، قَالَ: فَبَكَى طَوِيلاً حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وَسَالَتِ الدُّمُوعُ عَلَى صَدْرِهِ، وَبَكَيْنَا مَعاً وَهُوَ يَقُولُ: أَوْهِ أَوْهِ مَا لِي وَلِآلِ أَبِي سُفْيَانَ؟ مَا لِي وَلِآلِ حَرْبٍ؟ حِزْبِ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَاءِ الْكُفْرِ، صَبْراً يَا أَبَا عَبْدِ الله، فَقَدْ لَقِيَ أَبُوكَ مِثْلَ الَّذِي تَلْقَى مِنْهُمْ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّهُ نَعَسَ عِنْدَ انْقِضَاءِ صَلَاتِهِ وَكَلَامِهِ سَاعَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَالَ: يَا بْنَ عَبَّاسٍ! فَقُلْتُ: هَا أَنَا ذَا. فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِمَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي آنِفاً عِنْدَ رَقْدَتِي؟ فَقُلْتُ: نَامَتْ عَيْنَاكَ وَرَأَيْتَ خَيْراً يَا أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ. قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي بِرِجَالٍ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ، مَعَهُمْ أَعْلَامٌ بِيضٌ، قَدْ تَقَلَّدُوا سُيُوفَهُمْ وَهِيَ بِيضٌ تَلْمَعُ، وَقَدْ خَطُّوا حَوْلَ هَذِهِ الْأَرْضِ خَطَّةً، ثُمَّ رَأَيْتُ كَأَنَّ هَذِهِ النَّخِيلَ قَدْ ضَرَبَتْ بِأَغْصَانِهَا الْأَرْضَ تَضْطَرِبُ بِدَمٍ عَبِيطٍ، وَكَأَنِّي بِالْحُسَيْنِ سَخِيلِي وَفَرْخِي وَمُضْغَتِي وَمُخِّي قَدْ غَرِقَ فِيهِ، يَسْتَغِيثُ فَلَا يُغَاثُ، وَكَأَنَّ الرِّجَالَ الْبِيضَ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ يُنَادُونَهُ وَيَقُولُونَ: صَبْراً آلَ الرَّسُولِ، فَإِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ عَلَى أَيْدِي ‏شِرَارِ النَّاسِ، وَهَذِهِ الْجَنَّةُ يَا أَبَا عَبْدِ الله إِلَيْكَ مُشْتَاقَةٌ...». (الشيخ الصدوق، الأمالي، ص694؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص533؛ أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج2، ص552؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج3، ص1145؛ العاملي، الدرّ النظيم: ص538؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص197؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص252).

مصادر أهل السنّة: أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني، مناقب علي بن أبي طالب: ص209.

بكاء النبيّ إبراهيم(عليه السلام) وبلوغه الدرجة الرفيعة للصابرين في المصائب

عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا(عليه السلام) يَقُولُ:‏ «لَمَّا أَمَرَ اللَهُ} إِبْرَاهِيمَ(عليه السلام) أَنْ يَذْبَحَ‏ مَكَانَ‏ ابْنِهِ‏ إِسْمَاعِيلَ الْكَبْشَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ، تَمَنَّى إِبْرَاهِيمُ(عليه السلام) أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَبَحَ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَبْحِ الْكَبْشِ مَكَانَهُ؛ لِيَرْجِعَ إِلَى قَلْبِهِ مَا يَرْجِعُ‏ إِلَى قَلْبِ الْوَالِدِ الَّذِي يَذْبَحُ أَعَزَّ وُلْدِهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ، فَيَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَى الْمَصَائِبِ. فَأَوْحَى اللَهُ} إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ! مَنْ أَحَبُّ خَلْقِي إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ! مَا خَلَقْتَ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ. فَأَوْحَى اللَهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: أَفَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ نَفْسُكَ؟ قَالَ: بَلْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. قَالَ: فَوُلْدُهُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ وُلْدُكَ؟ قَالَ: بَلْ وُلْدُهُ. قَالَ: فَذَبْحُ وُلْدِهِ ظُلْماً عَلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِكَ أَوْ ذَبْحُ وُلْدِكَ بِيَدِكَ فِي طَاعَتِي؟ قَالَ: يَا رَبِّ! بَلْ ذَبْحُ وُلْدِهِ ظُلْماً عَلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِي. قَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ! فَإِنَّ طَائِفَةً تَزْعُمُ أَنَّهَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ سَتَقْتُلُ الْحُسَيْنَ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ ظُلْماً وَعُدْوَاناً كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ، وَيَسْتَوْجِبُونَ بِذَلِكَ سَخَطِي. فَجَزِعَ إِبْرَاهِيمُ(عليه السلام) لِذَلِكَ وَتَوَجَّعَ قَلْبُهُ وَأَقْبَلَ يَبْكِي، فَأَوْحَى اللَهُ} إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ! قَدْ فَدَيْتُ جَزَعَكَ عَلَى ابْنِكَ إِسْمَاعِيلَ لَوْ ذَبَحْتَهُ بِيَدِكَ بِجَزَعِكَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَقَتْلِهِ، وَأَوْجَبْتُ لَكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَى الْمَصَائِبِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ:‏ (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)‏». (الشيخ الصدوق، الخصال: ص58؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص187؛ الحرّ العاملي، الجواهر السنيّة: ص251؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج4، ص279؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص618؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج12، ص124).

بكاء موسى والخضر÷

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام): «أَتَى مُوسَى‏ الْعَالِمَ‏ فَأَصَابَهُ‏ وَهُوَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، إِمَّا جَالِساً وَإِمَّا مُتَّكِئاً، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَأَنْكَرَ السَّلَامَ؛ إِذْ كَانَ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا سَلَامٌ. قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ. قَالَ: أَنْتَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ اللَهُ تَكْلِيماً؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ‏ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً. قَالَ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِأَمْرٍ لَا تُطِيقُهُ، وَوُكِّلْتَ أَنْتَ بِأَمْرٍ لَا أُطِيقُهُ، ثُمَّ حَدَّثَهُ الْعَالِمُ بِمَا يُصِيبُ آلَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْبَلَاءِ وَكَيْدِ الْأَعْدَاءِ حَتَّى اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا، ثُمَّ حَدَّثَهُ الْعَالِمُ عَنْ فَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ حَتَّى جَعَلَ مُوسَى يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَحَتَّى ذَكَرَ فُلَاناً وَفُلَاناً وَفُلَاناً وَمَبْعَثَ رَسُولِ الله إِلَى قَوْمِهِ، وَمَا يَلْقَى مِنْهُمْ وَمِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ». (علي بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: ج2، ص38؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج3، ص648؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج13، ص279؛ الشيخ محمّد القمّي المشهدي، تفسير كنز الدقائق: ج8، ص107).

بكاء النبيّ زكريا(عليه السلام)

عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الله الْقُمِّيِّ قَالَ:...قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا بْنَ رَسُولِ الله عَنْ تَأْوِيلِ‏ كهيعص. قَالَ: «هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، أَطْلَعَ اللَهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، ثُمَ‏ قَصَّهَا عَلَى‏ مُحَمَّدٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ زَكَرِيَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأَهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا، فَكَانَ زَكَرِيَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ سُرِّيَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحُسَيْنَ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْبُهْرَةُ. فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا إِلَهِي! مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أَرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي، وَإِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْنِي وَتَثُورُ زَفْرَتِي؟ فَأَنْبَأَهُ اللَهُ تَعَالَى عَنْ قِصَّتِهِ، وَقَالَ:‏ كهيعص‏، فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلَاءَ، وَالْهَاءُ هَلَاكُ الْعِتْرَةِ، وَالْيَاءُ يَزِيدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام)، وَالْعَيْنُ عَطَشُهُ، وَالصَّادُ صَبْرُهُ‏. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَرِيَّا لَمْ يُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنَعَ فِيهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَكَانَتْ نُدْبَتُهُ: إِلَهِي! أَتُفَجِّعُ خَيْرَ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ؟ إِلَهِي! أَتُنْزِلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزِيَّةِ بِفِنَائِهِ؟ إِلَهِي! أَتُلْبِسُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ؟ إِلَهِي! أَتُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا؟ ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي عَلَى الْكِبَرِ، وَاجْعَلْهُ وَارِثاً وَصِيّاً، وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ مِنِّي مَحَلَّ الْحُسَيْنِ، فَإِذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنِّي بِحُبِّهِ، ثُمَّ فَجِّعْنِي بِهِ كَمَا تُفَجِّعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ. فَرَزَقَهُ اللَهُ يَحْيَى وَفَجَّعَهُ بِهِ، وَكَانَ حَمْلُ يَحْيَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَحَمْلُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) كَذَلِكَ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص461؛ محمّد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة: ص513؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص272؛ السيّد شرف الدين، تأويل الآيات: ج1، ص300؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج14، ص178).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص320 (أخرجه ذيل الحديث المذكور).

بكاء الملائكة

عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «إِنَّ اللَهَ وَكَّلَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) أَرْبَعَةَ آلَافِ‏ مَلَكٍ‏ شُعْثاً غُبْراً، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكُونَهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَطَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَصَعِدَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكُونَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَيَشْهَدُونَ لِمَنْ زَارَهُ، وَيُشَيِّعُونَهُ بِالْوَفَاءِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَعُودُونَهُ إِذَا مَرِضَ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص352).

بكاء البوم

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ وَجَمَاعَةُ مَشَايِخِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الله، ‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ فِي‏ الْبُومَةِ: قَالَ: «هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَآهَا بِالنَّهَارِ؟ قِيلَ لَهُ: لَا تَكَادُ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ وَلَا تَظْهَرُ إِلَّا لَيْلاً. قَالَ: أَمَا إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَأْوِي الْعُمْرَانَ أَبَداً، فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ(عليه السلام) آلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ لَا تَأْوِيَ الْعُمْرَانَ أَبَداً، وَلَا تَأْوِيَ إِلَّا الْخَرَابَ، فَلَا تَزَالُ نَهَارَهَا صَائِمَةً حَزِينَةً حَتَّى يَجُنَّهَا اللَّيْلُ، فَإِذَا جَنَّهَا اللَّيْلُ فَلَا تَزَالُ تَرِنُّ [تَرِثُ‏] عَلَى الْحُسَيْنِ(عليه السلام) حَتَّى تُصْبِحَ». (ابن قولويه، كامل الزيارات، ص199؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص213).

المحاضرة الرابعة والعشرون

بذل دم المهجة

10 تشرين الثاني 2012م= 25 ذو الحجّة 1433هـ

التبليغ شأن خاتم الأنبياء

من المهمّ جدّاً فهم معنى التبليغ، فما هو التبليغ؟ وما هي شروطه؟ وما الذي ينبغي فعله؟ من المؤسف أنّنا لم نفهم القرآن، فحسبنا منه آية واحدة، وهي قوله جلّ وعلا: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)([[568]]).

إنّ الوظيفة التي حدّدها الله تعالى لأوّل شخصيّة في عالم الإمكان، وإمام جميع الأنبياء والمرسلين^ هي التبليغ الديني: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ). فلا بدّ لكم أن تدركوا أيّ عمل هذا العمل؟ وعمل من كان؟ وما هي الشروط التي ينبغي توفيرها؟ على أنّ إدراك هذا الأمر في غاية الصعوبة، وكلّ ما لدينا في هذه الروايات، وكلّما قرأناها استفدنا منها الجديد.

التقوى وتهذيب الباطن

الشرط الأوّل هو التقوى، لأنّ السبيل سبيل الله السبّوح القدّوس، والمقام مقام النبوة والإمامة المقرون بالعصمة المطلقة. ومن المسلّم أنّ الشرط الأوّل لمن يروم القيام بعمل الأنبياء والقيام بما يرضي الله تعالى هو التناسب، فهذه المصابيح التي ترونها مضيئة ما كانت لتلتقط التيار الكهربائي لو لم تنفصل الزجاجات عن الأحجار ولم نقم بتصفيتها، فالتيار موجود في جميع أرجاء هذه الحسينية، ولكن ليس بوسع غير هذه المصابيح ذات الزجاج المصفّى الاتصال به والإنارة.

والنتيجة أنّه يجب علينا أن ندرك أنّ الفيض الإلهي لا يتأتّى إلّا بتنقية الباطن؛ فالشرط الأوّل هو التقوى وخلوص النية.

بذل المهجة في سبيل سيّد الشهداء(عليه السلام)

ثمّ إنّه لا بدّ أن نرى ما هذه الأيّام؟ وإلى من تنتسب؟ وما الذي فعله هذا الشخص؟ ولماذا؟ لا بدّ أن نفهم ذلك جيّداً.

لقد أطلق الإمام الحسين(عليه السلام) جملةً هزّت دنيا العلم، حيث قال(عليه السلام): «مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ، وَمُوَطِّناً عَلَى لِقَائِنَا [لِقَاءَ اللهِ] نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ مَعَنا»([[569]]). فليس كلّ أحد يليق بمرافقتنا، والملاحظ أنّه قال: «فِينَا» ولم يقل: «في سبيلنا»، وكلّ ذلك يشتمل على نكات.

«مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ» فالذي يبذل مهجته فينا.

«مُوَطِّناً عَلَى لِقَاءَ اللهِ نَفْسَهُ» ويوطّن نفسه على لقاء الله.

«فَلْيَرْحَلْ معنا» فذلك هو الذي يرحل معنا، ولا يليق كلّ أحد بمقامنا.

الغلام الأسود لسيّد الشهداء(عليه السلام)

أيّ مقام أحرزه أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)؟ وأيّ سعادة قد نالوا؟ إنّ العقل ليحار أمام ذلك! فقد بلغوا مرتبة لم يبلغ شأوها أحد من الأوّلين والآخرين([[570]])، حيث يقف 124 ألف نبي أمام ذلك الغلام الأسود ليقولوا: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ‏ يا أَوْلِياءَ الله وَأحِبَّاءَهُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ دِينِ الله»([[571]]). لقد بلغ غلام أسود هذه المرتبة العليا حينما توفّرت فيه تلك الدرجة من التقوى والتضحية، حيث خاطب الإمام(عليه السلام) بطريقة محيّرة للألباب، مستأذناً في القتال قائلاً: «يَا بْنَ رَسُولِ الله! وَاللهِ إِنَّ رِيحِي لَمُنْتِنٌ، وَإِنَّ حَسَبِي لَلَئِيمٌ، وَلَوْنِي لَأَسْوَدُ، فَتَنَفَّسْ عَلَيَّ بِالجَنَّةِ»([[572]]).

ثمّ جاء الإمام(عليه السلام) فوقف على رأسه قائلاً: «اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ‏ وَطَيِّبْ‏ رِيحَهُ». وبعد عشرة أيّام تمّ العثور على جنازته كأنّه البدر في ليلة تمامه([[573]]).

السير على خطى أصحاب سيّد الشهداء(عليه السلام)

إنّ السير في هذا الطريق وبلوغ هذه الدرجات الرفيعة متيسّر في زماننا أيضاً، فإنّ الفيض الإلهي لا ينقطع؛ وعليه يمكن القيام بعمل يبلغ بالإنسان تلك المراتب، وإن تعذّرت مجاراتهم ولكن يمكن الاقتداء بهم بالسير على خطاهم. هذا هو الطريق.

تحبيب اللّه إلى الخلق وتحبيب الخلق إلى اللّه

ثمّة رواية عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) كلّما وقع نظري عليها أرى أنّها حاوية لجميع الدقائق والرقائق واللطائف في سطور عدّة، ولم تسنح لي الفرصة لشرحها إلى الآن، وسأقوم بشرحها لو أُتيح لي المجال في المسجد الأعظم إن شاء الله. لقد اجتمعت في هذه الرواية جميع وظائف المبلِّغ الديني.

روى الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام). تأمّلوا في هذه الكلمات جيّداً، فإنّ الخطاب فيها لموسى بن عمران(عليه السلام)، فلا بدّ أن يُنظر أوّلاً من هو القائل؟ ومن هو المخاطب؟ القائل هو الله جلّ وعلا، والمخاطب كليم الله، والخطاب هو: (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا)  ([[574]]).

والنبيّ موسى(عليه السلام) هو من سادة الأنبياء^، وسادة الأنبياء خمسة([[575]])، وسيّد السادات هو خاتم الأنبياء([[576]])، أحدهم موسى بن عمران(عليه السلام).

جاء الخطاب إلى موسى(عليه السلام) أن اعمل عملين: «حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي، وَحَبِّبْ خَلْقِي إِلَيَّ»، فجميع وظائفكم تتلخّص في هاتين الكلمتين، هذا هو السبيل الصائب، ولا جدوى لقراءة الصحف للناس، لا بدّ من معرفة الدستور الإلهي.

خطابٌ يحيّر العقول، يوجّه مثل هذا الخطاب إلى النبي موسى(عليه السلام) وهو كليم الله؟ ممّا يجعله مندهشاً وهو يتساءل عن نوع هذا العمل الذي يحبّب الله إلى الخلق، ويحبّب الخلق إلى الله، فورد الخطاب: «ذَكِّرْهُمْ‏ آلَائِي‏ وَنَعْمَائِي لِيُحِبُّونِي».

حينما ترتقون المنبر عرّفوا الناس بما منحهم الله تعالى؛ لتتحقّق عندئذٍ الكلمة الأُولى، فتحبّبون الله إلى الخلق، وذكّروهم ماذا كنّا؟ وماذا كان من هو أفضل الفضلاء وأعلم العلماء؟ لم يكن سوى نطفة نتنة، فهل هناك من هو مستثنى من هذه القاعدة؟! ولو سقطت هذه النطفة على ثوب أحد لبادر إلى غسلها وإلقائها في الكنيف، فمن الذي صوّرها بهذه الصورة؟ (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)([[577]]).

مراحل خلقة الإنسان وأسرارها

(ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)([[578]])، يبدأ السير بحسب القرآن الكريم من هذا السؤال: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ)([[579]])، والكلام هنا للباري جلّ وعلا، فينبغي للإنسان أن ينظر في كلّ لحظة من أيّ شيءٍ خُلق: (خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ)([[580]])، (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)([[581]])، وقال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)([[582]]).

ثمّ إنّ هذه النطفة التي لا يعلم بها الأب ولا الأُم تستقرّ في رحم المرأة، وتأخذ مسيرها في النموّ في ظلماتٍ ثلاثٍ: المشيمة والرحم وبطن الأُم، وعلى الرغم من مضيّ آلاف السنين على اكتشاف علم الطبّ، وعلم التشريح على وجه الخصوص، لا زال الإنسان حائراً في أسرار الجلد، ولم تقتصر الحيرة على الجلد فقط، بل تعدّته إلى كلّ بصيلة من بصيلات الشعر وما تكتنفها من أسرار؛ لأنّ كلّ شعرة تنبت من بصيلة، فكيف غُرست هذه البصيلة في جلد الإنسان؟ وكيف تنبت الشعرة من تلك البصيلة؟ وما السر في لون الشعر؟ لقد علّم الإمام الصادق(عليه السلام) جابر بن حيّان أحد أسرار لون الشعر، فتوصّل جابر إلى الإكسير الأعظم، هذا فيما يتّصل بشعر الإنسان، فما بالك بدماغه؟ وكيفية الحفظ والفهم؟ كيف يستحضر دماغ الإنسان الكلمات ويربط بعضها ببعض؟ إنّ أدنى خلل في تلافيف الدماغ قد يؤدّي إلى تعطّله وتوقّفه عن العمل.

ذكرنا أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى(عليه السلام): «حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي»، ومن أعظم مسؤولياتكم خلال التبليغ تذكير الناس بنعَم الله وآلائه؛ ليعوا ما الذي فعله تعالى في الآفاق والأنفس: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)([[583]]). فمن المؤسف أنّ القرآن الكريم بات مهجوراً([[584]]).

هذا هي مسؤوليتك الأولى، ومسؤوليتك الأُخرى هي أن تحبّب الخلق إليّ، «قَالَ [مُوسَى(عليه السلام)]: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: ذَكِّرْهُمْ‏ آلَائِي‏ وَنَعْمَائِي لِيُحِبُّونِي، فَلَئِنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ بَابِي، أَوْ ضَالًّا عَنْ فِنَائِي، أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِئَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا. قَالَ مُوسَى(عليه السلام): وَمَنْ هَذَا العَبْدُ الْآبِقُ مِنْكَ؟ قَالَ: الْعَاصِي الْمُتَمَرِّدُ. قَالَ: فَمَنِ الضَّالُّ عَنْ فِنَائِكَ؟ قَالَ: الجَاهِلُ بِإِمامِ زَمانِهِ تُعَرِّفُهُ، وَالغَائِبُ عَنْهُ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ، الجَاهِلُ بِشَرِيعَةِ دِينِهِ تُعَرِّفُهُ شَرِيعَتَهُ».

فواجبكم في هذا السفر هو أن تحبّبوا الله إلى الناس، وتحبّبوا الناس إلى الله تعالى، هذان أمران اثنان ينبغي لكم القيام بهما، وعليكم أن تعرّفوا الضالّ الغافل عن إمام العصر والزمان# به. هذا هو الطريق، فانتهجوا هذا السبيل بالتقوى، والإخلاص في النية، وفكّروا جيّداً قبل القيام بأيّ خطوة.

قافلة كربلاء وسقي شجرة التوحيد

إنّ القافلة التي تحرّكت في مثل هذه الأيّام من المدينة تصل إلى كربلاء بعد بضعة أيّام، فمن هم هؤلاء؟ وماذا فعلوا؟ لقد سقوا شجرة توحيد الله تعالى بمياه حياتهم: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)([[585]]).

التوحيد والمعاد ببركة دم سيّد الشهداء(عليه السلام)

لولا دم سيّد الشهداء(عليه السلام) في يوم عاشوراء لما بقي أثر لكلمة «لا إله إلّا الله» على وجه الكرة الأرضية في عصرنا الحالي؛ فكلّ ما هو موجود من الصلاة والصيام، ومن التوحيد، ومن المبدأ والمعاد، إنّما هو ببركة دمه الطاهر. تلك هي مسؤوليتكم.

عبادةٌ أفضل من صلاة مئة سنة وصومها

ثمّ ذكر الله سبحانه للنبي موسى(عليه السلام) ثواب هذا العمل بقوله: «فَلَئِنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ بَابِي، أَوْ ضَالّاً عَنْ فِنَائِي، أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِئَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا». وعند سؤاله عن العبد الآبق، خاطبه تعالى بأنّه: «العَاصِي المُتَمَرِّدُ»، وعن الضالّ عن فنائه، قال له: «الجَاهِلُ بِإِمَامِ زَمَانِهِ تُعَرِّفُهُ، وَالغَائِبُ عَنْهُ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ، الجَاهِلُ بِشَرِيعَةِ دِينِهِ تُعَرِّفُهُ شَرِيعَتَهُ، وَمَا يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ، وَيَتَوَصَّلُ‏ [بِهِ‏] إِلَى مَرْضَاتِهِ‏».

فأيّ تجارة تنتظركم في هذا السفر؟ شريطة أن تدركوا ذلك، وتوفّروا الظروف المناسبة. فما هو السبيل إلى ذلك؟ وما الذي ينبغي فعله؟

السبيل إلى ذلك يبدأ ـ كما ذكر الباري ـ من تعريف الناس بالله تعالى، ثمّ بإمام العصر والزمان# ([[586]]). فالكلام كلّ الكلام ينصبّ على كلمتين: الله، وإمام العصر والزمان#؛ فإنّ كلّ ما هو موجود هو من الله، وكلّ ما هو موجود هو ببركة إمام الزمان#([[587]])، ولذا يجب تربية الناس على هاتين الكلمتين.

دعاء الفرج وزيارة آل ياسين

ابدؤوا جميع مجالسكم بالدعاء لإمام العصر والزمان#: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَليِّكَ‏ الحُجَّةِ بنِ الحَسَنِ([[588]])، وعندما تُقام المجالس فلتقرأ زيارة آل ياسين؛ لأنّ من خصوصياتها أنّ الإمام(عليه السلام) يلقي بقراءتها نظرةً على ذلك المجلس، فإن نظر الإمام إلى مجلسكم يكون كلامكم أكثر تأثيراً، ويصبح قلب المستمع أكثر استعداداً لاستقبال الكلام. فابدؤوا مجالسكم بقراءة هذه الزيارة([[589]]).

الطبيب الدوّار

استغلّوا جميع الأوقات أينما كنتم، ولا تجلسوا عاطلين عن العمل إلى أن يحين موعد ارتقائكم المنبر ليأتيكم الناس، كونوا كالطبيب الدوّار([[590]]) الذي يبحث عن مريض لعلاجه.

اذهبوا إلى المدارس لتفتحوا باب المعرفة للشباب واليافعين الوافدين إلى الحياة، وانقلوا لهم فضائل أهل البيت^، ونوّروا قلوبهم بنور ولاية أئمة الدين^؛ فإذا ما فعلتم ذلك، وعالجتم هؤلاء المرضى، كان لكم من الأجر والثواب ما لا يوصف؛ لأنّ تعريف الناس بالأئمة المعصومين^، وتعليمهم المسائل الشرعية، خير لكم ممّا طلعت عليه الشمس، هذا كلام الرسول الأعظم’ لأمير المؤمنين(عليه السلام) حيث قال: «وَايْمُ اللَهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ»([[591]]).

منذ أن وجدت هذه الشمس إلى يومٍ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)([[592]])، حيث لا يعرف أحد أوّله ولا آخره إلّا الله والشهداء على الخلق، وهم الأربعة عشر([[593]]). عندئذٍ، يكون تعليم مسألة دينية وذكر فضيلة من فضائل الأئمة الميامين^ خير للإنسان ممّا طلعت عليه المنظومة الشمسية من أوّل الخلقة إلى نهايتها.

ختم القرآن وإهداؤه إلى إمام الزمان#

أنتم أمام تجارة لن تبور في هذه الأيّام، ولكن شريطة أن تعرفوا قدرها، فهذا هو السبيل من البداية. ابدؤوا من هذه الليلة ولا تتركوا العمل بذلك في أيّ يوم، اقرؤوا القرآن على مدار السنة مهما أمكن، ثمّ اهدوه إلى إمام العصر والزمان#؛ لتشملكم عنايته ورعايته.

دوران عالم الإمكان حول محور إمام الزمان#

إنّ نظرة واحدة من الإمام الحجّة المنتظر# كفيلة أن تغيّر العالم بأسره، فمن الذي يعرفه(عليه السلام)؟ لا أحد عرفه، ولا أدرك من هو؟ وما هو مقامه ([[594]])؟

وليست منظومة عالم الإمكان هي الوحيدة التي تدور حول محور هذا الإمام الهمام، (الملحق:1) إنّنا قضينا أعمارنا في الدراسة والتعلّم ولم ندرك أنّ: «بِيُمْنِهِ رُزِقَ‏ الْوَرَى‏ وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ»([[595]]).

قوام جميع عوالم الوجود بوليّ العصر#

إنّ ثبات جميع عوالم الوجود وقوامها وقيامها متوقّف على الإمام المهديّ#، أتعلمون ما هي نسبة الروح إلى البدن؟ إنّ نسبته(عليه السلام) إلى عالم الإمكان برمّته كنسبة الروح إلى البدن([[596]])، فاعملوا على كسب رعايته وعنايته، على أنّ السبيل إلى ذلك يكون باهتمامكم بالأيتام([[597]])، والذين تشدّون الرحال إلى مناطقهم هم أيتام آل محمّد^.

تعليم ذوي الاستعداد وتعريف الناس بأهل البيت^

الأمر الآخر الذي يلزم الالتفات إليه هو ضرورة تشخيص ذوي الاستعداد والطاقات أينما حللتم، والبدء بتدريسهم، فليقم الرجال بتدريس الرجال، والنساء بتدريس النساء. علّموهم أحكام الدين، لتسجَّل الحسنات في صحيفة أعمالكم حتّى بعد عودتكم إلى دياركم، فإذا قام هذا الفرد بتعليم الناس ما تعلّمه منكم تسجَّل حسنة له وأُخرى لكم في كلّ مرّة. زوروا المدارس حتماً، وتكلّموا مع الشباب واليافعين ممن لديهم نفوس متأهّبة، واعطفوا أنظارهم إلى الله وأئمة الدين^.

حاولوا أن تستفيدوا من أيام تواجدكم في تلك المناطق، بحيث لا تعودون منها حتّى يكون الناس بعد عودتكم قد عرفوا من هو الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) (الملحق:2) ومن هو الإمام علي النقي(عليه السلام) (الملحق:3)، تناولوا في كلّ محاضرة من محاضراتكم الحديث عن واحد من الأئمة الميامين^، وبيان فضائله ومعجزاته، وقراءة الروايات المأثورة عنه في باب الأخلاق والآداب.

شبهة البكاء على سيّد الشهداء(عليه السلام)

كثر في زماننا هذا الحديث والنقاش في البكاء، وإقامة المراثي واللطم على الصدور، (الملحق:4) ولا شكّ في أنّ ذلك من أعظم علامات الغضب الإلهي. إنّ ما يضمن الحفاظ على هذه الدولة هو فقط وفقط يوم عاشوراء والأيّام الفاطمية، ولهذه القضية جذورها وتفاصيلها.

حكاية أحد المرتبطين بأصحاب إمام الزمان#

حينما كنت أحضر بحث المرحوم الميرزا كان يحضر معنا الدكتور الشيخ حسن خاني، وذات يوم أخبرني الحاج الشيخ علي أكبر نوغاني أنّ لهذا الرجل حكاية طريفة، وهي حكاية طويلة، خلاصتها:

أنّ الروس كانوا قد دخلوا إيران قبل حكم رضا خان، وكان الدكتور الشيخ حسن خاني طبيباً في الفرقة التي تشكّلت للتصدّي للروسيين، قال: كنت موجوداً في العيادة أعالج الجنود، فإذا بجندي قادم، شعرت أنّه يختلف عن الآخرين، حيث كان في جبهته أثر السجود، فقال: أُصبت بعيار ناري، وقد جئت لتخرجه لي.

فقلت له: ليس الأمر بهذه السهولة، فلا بدّ من تخدير بدنك لفترةٍ ما قبل إخراج العيار الناري منه، قال: لا داعي لذلك، سأقوم أنا بتخدير جسدي وسأُفيقه أنا كذلك.

قال الطبيب: بقينا متحيّرين من هذا الأمر، وبالفعل جاء هذا الرجل واستلقى على السرير، ثمّ حدّق في السقف، وسمعناه يتمتم بكلمات فهمنا منها: «بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور...»، وأكمل كلامه بصوت منخفض، فلم نفهم ما قال.

نظرنا إلى بدنه، فوجدناه بلا روح متصلّباً كجذع شجرة، فبدأنا بالعملية، واستخرجنا العيار الناري، ثمّ قطبنا الجرح، وتنحّينا عنه جانباً، وإذا به قد فتح عينيه، ثمّ ردّد تلك الكلمات ذاتها، فنهض جالساً، ما أثار فينا الحيرة والاستغراب.

سألناه: من تكون؟ ومن أين أنت؟ قال: اسمي حسين، من سكّان منطقة ساوجبلاغ، فسألناه: على أيّ مذهب أنت؟ قال: الحنفي. ثمّ فهمنا لاحقاً أنّه يقصد بذلك «ملّة إبراهيم حنيفاً».

ثمّ ذهب وعاود المجيء بعد يومين أو ثلاثة، ففتحنا له الضماد، وسألناه: ما هو عملك؟ إنّك لست جندياً، أمرك غامض كما اللغز.

 فجاء على لساني أن قلت له: هل أنت من أصحاب إمام الزمان#؟ وما إن قلت ذلك حتّى ارتعدت فرائصه، وقال: أيّ غلطة هذه التي تتفوّه بها؟ أين أنا من الإمام؟ إنّه لا يلتقي به سوى سبعة أشخاص، ونحن مرتبطون بهؤلاء السبعة، وهذا هو محلّ الشاهد.

والحكاية طويلة، فقد قال: إنّنا مرتبطون بهؤلاء السبعة، وأنا مسؤول عن هذه المنطقة. فقلنا له: لمَ لا يشمل إمام العصر والزمان# هذه الدولة برعايته، ولا ينظر إليها بعين الرأفة والرحمة، حتّى أنّها أصبحت تحت سلطة الروس؟ فردّ: إنّه غير راضٍ عنها. قال هذا الكلام في ذلك الزمان، فكيف الحال الآن؟ وأردف: إنّه يرعى هذه الدولة لأجل عاشوراء فقط. هذا هو عاشوراء.

حاولوا تعريف الناس بعظمة عاشوراء، وأهمّية إقامة مراسم العزاء، (الملحق:5) وفهّموهم ما هي قضية عاشوراء؟ وما معنى قول الإمام(عليه السلام): «بَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ...ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى»([[598]]). فعناية الإمام الحجّة#إنّما هي ببركة هذا اليوم؛ ولذا ينبغي تعريف الناس بعظمة عاشوراء.

ثمّ قال ذلك الطبيب لهذا الشخص: اطلب من الأشخاص الذين ترتبط بهم أن يطلبوا من الإمام حلّ هذه المشكلة، فأجابه: إنّ إمام الزمان# لا يريد ذلك، ثمّ نهض من مكانه وصرخ قائلاً: اذهبوا. حدث ذلك قبل الظهر، وما إن حلّ وقت العصر حتّى شهدنا ضجة في معسكر الجيش الروسي، وبدأ الجنود بحزم أمتعتهم، فسألنا: ما الذي يجري؟ قيل: وصلت برقية من القيصر بلزوم التحرّك فوراً. كلّ هذه الضجة إنّما حدثت بنفس من أنفاس شخص له علاقة بالأشخاص السبعة المرتبطين بالإمام الغائب#.

تلاوة القرآن وسورة التوحيد هدية لإمام الزمان#

فهّموا الناس ذلك جيّداً، وواصلوا السير في هذا الطريق بإذن الله تعالى، فلا تتركوا تلاوة القرآن في أيّ يوم، بل اقرؤوا القرآن واهدوه إلى إمام العصر والزمان#، وأينما ذهبتم أوصوا المتعلّمين بتلاوته، وأوصوا الأُميين والأقلّ تعليماً بتكرار قراءة سورة التوحيد([[599]])، وإهدائها إلى الإمام#؛ فبهذا تشملكم عنايته، وتشمل جميع مستمعيكم أيضاً إن شاء الله تعالى.

الملاحق

(الملحق:1)

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «إِنَّ اللَهَ‏ خَلَقَنَا فَأَحْسَنَ‏ خَلْقَنَا، وَصَوَّرَنَا فَأَحْسَنَ صُوَرَنَا، وَجَعَلَنَا عَيْنَهُ فِي عِبَادِهِ، وَلِسَانَهُ النَّاطِقَ فِي خَلْقِهِ، وَيَدَهُ الْمَبْسُوطَةَ عَلَى عِبَادِهِ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَوَجْهَهُ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، وَبَابَهُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَخُزَّانَهُ فِي سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ. بِنَا أَثْمَرَتِ الْأَشْجَارُ، وَأَيْنَعَتِ الثِّمَارُ، وَجَرَتِ الْأَنْهَارُ، وَبِنَا يَنْزِلُ غَيْثُ السَّمَاءِ، وَيَنْبُتُ عُشْبُ الْأَرْضِ، وَبِعِبَادَتِنَا عُبِدَ اللَهُ، وَلَوْلَا نَحْنُ مَا عُبِدَ اللَهُ». (الكليني، الكافي: ج1، ص144؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص228؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص294؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص197).

(الملحق:2)

من فضائل الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ طَرِيفٍ:‏ اخْتَلَجَ‏ فِي‏ صَدْرِي مَسْأَلَتَانِ أَرَدْتُ الْكِتَابَ بِهِمَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام)، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أَسْأَلُهُ عَنِ الْقَائِمِ إِذَا قَامَ بِمَ يَقْضِي؟ وَأَيْنَ مَجْلِسُهُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ؟ وَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ لِحُمَّى الرِّبْعِ، فَأَغْفَلْتُ ذِكْرَ الْحُمَّى، فَجَاءَ بِالْجَوَابِ: «سَأَلْتَ عَنِ الْقَائِمِ، فَإِذَا قَامَ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ(عليه السلام)، لَا يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ، وَكُنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ حُمَّى الرِّبْعِ، فَأُنْسِيتَ، فَاكْتُبْ فِي وَرَقَةٍ وَعَلِّقْهُ عَلَى الْمَحْمُومِ:‏ (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)». فَكَتَبْتُ ذَلِكَ وَعَلَّقْتُهُ عَلَى مَحْمُومٍ، فَبَرَأَ وَأَفَاقَ. (الكليني، الكافي: ج1، ص509؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص331؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص432؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج3، ص208؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج92، ص31).

وَرُويَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام) الْحَاجَةَ، فَحَكَّ بِسَوْطِهِ الْأَرْضَ، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ غَطَّاهُ بِمِنْدِيلٍ، وَأَخْرَجَ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فِيهَا نَحْوَ الخَمِسْمائَةِ دِينَارٍ]، فَقَالَ: «يَا أَبَا هَاشِمٍ! خُذْ وَأَعْذِرْنَا». (الكليني، الكافي: ج1، ص507؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص328؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص531؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج3، ص207؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج50، ص279).

(الملحق:3)

من فضائل الإمام الهادي(عليه السلام):

«حَدَّثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ أَصْفَهَانَ، مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ النَّصْرِ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلَوِيَّةَ، قَالُوا: كَانَ بِأَصْفَهَانَ‏ رَجُلٌ‏ يُقَالُ‏ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ شِيعِيّاً. قِيلَ لَهُ: مَا السَّبَبُ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْكَ بِهِ الْقَوْلَ بِإِمَامَةِ عَلِيٍّ النَّقِيِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ؟ قَالَ: شَاهَدْتُ مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ رَجُلاً فَقِيراً، وَكَانَ لِي لِسَانٌ وَجُرْأَةٌ، فَأَخْرَجَنِي أَهْلُ أَصْفَهَانَ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ مَعَ قَوْمٍ آخَرِينَ إِلَى بَابِ الْمُتَوَكِّلِ مُتَظَلِّمِينَ. فَكُنَّا بِبَابِ الْمُتَوَكِّلِ‏ يَوْماً إِذْ خَرَجَ الْأَمْرُ بِإِحْضَارِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا^، فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ أُمِرَ بِإِحْضَارِهِ؟ فَقِيلَ: هَذَا رَجُلٌ عَلَوِيٌّ تَقُولُ الرَّافِضَةُ بِإِمَامَتِهِ، ثُمَّ قِيلَ: وَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ يُحْضِرُهُ لِلْقَتْلِ. فَقُلْتُ: لَا أَبْرَحُ مِنْ هَاهُنَا حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيُّ رَجُلٍ هُوَ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ رَاكِباً عَلَى فَرَسٍ، وَقَدْ قَامَ النَّاسُ يَمْنَةَ الطَّرِيقِ وَيَسْرَتِهِ صَفَّيْنِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَعَ حُبُّهُ فِي قَلْبِي، فَجَعَلْتُ‏ أَدْعُو لَهُ فِي نَفْسِي بِأَنْ يَدْفَعَ اللَهُ عَنْهُ شَرَّ الْمُتَوَكِّلِ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى عُرْفِ‏ دَابَّتِهِ، لَا يَنْظُرُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً، وَأَنَا دَائِمُ‏ الدُّعَاءِ لَهُ، فَلَمَّا صَارَ بِإِزَائِي‏ أَقْبَلَ إِلَيَّ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: اسْتَجَابَ اللَهُ دُعَاءَكَ وَطَوَّلَ عُمُرَكَ وَكَثَّرَ مَالَكَ وَوُلْدَكَ. قَالَ: فَارْتَعَدْتُ مِنْ هَيْبَتِهِ، وَوَقَعْتُ بَيْنَ أَصْحَابِي، فَسَأَلُونِي وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقُلْتُ: خَيْرٌ، وَلَمْ أُخْبِرْهُمْ بِذَلِكَ. فَانْصَرَفْنَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَصْفَهَانَ، فَفَتَحَ اللَهُ عَلَيَّ الْخَيْرَ بِدُعَائِهِ وَوُجُوهاً مِنَ الْمَالِ حَتَّى أَنَا الْيَوْمَ أُغْلِقُ بَابِي عَلَى مَا قِيمَتُهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، سِوَى مَا لِي خَارِجَ دَارِي، وَرُزِقْتُ عَشَرَةً مِنَ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ بَلَغْتُ الْآنَ مِنْ عُمُرِي‏ نَيِّفاً وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَأَنَا أَقُولُ بِإِمَامَةِ هَذَا الَّذِي عَلِمَ مَا فِي قَلْبِي‏ وَاسْتَجَابَ اللَهُ دُعَاءَهُ فِيَّ وَلِيَ». (ابن حمزة الطوسي، الثاقب في المناقب: ص550؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص392؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج3، ص183؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج50، ص141).

(الملحق:4)

حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عليه السلام): «...إِنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَطِيرُ فَرَحاً، فَيَجُولُ‏ الْأَرْضَ كُلَّهَا بِشَيَاطِينِهِ وَعَفَارِيتِهِ، فَيَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ الشَّيَاطِينِ! قَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ الطَّلِبَةَ، وبَلَغْنَا فِي هَلَاكِهِمْ الْغَايَةَ، وَأَوْرَثْنَاهُمُ النَّارَ، إِلَّا مَنِ اعْتَصَمَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ؛ فَاجْعَلُوا شُغُلَكُمْ بِتَشْكِيكِ النَّاسِ فِيهِمْ، وَحَمْلِهِمْ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ، وَإِغْرَائِهِم بِهِمْ وَأَوْلِيَائِهِمْ، حَتَّى تَسْتَحْكِمُوا ضَلَالَةَ الْخَلْقِ وَكُفْرَهُمْ، وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ نَاجٍ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص266؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص60؛ ج 45، ص183؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص365).

(الملحق:5)

ورد في زيارة الناحية المقدّسة: «...وَفُجِعَتْ‏ بِكَ‏ أُمُّكَ‏ الزَّهْرَاءُ، وَاخْتَلَفَتْ جُنُودُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، تُعَزِّي أَبَاكَ أَمِيرَ الْمـُؤْمِنِينَ، وَأُقِيمَتْ لَكَ الْمَآتِمُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَلَطَمَتْ عَلَيْكَ الْحُورُ الْعِينُ، وَبَكَتِ السَّمَاءُ وَسُكَّانُهَا، وَالْجِنَانُ وَخُزَّانُهَا...». (محمّد المشهدي، المزار: ص506؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص323).

قال صاحب مستدرك سفينة البحار: «في جواهر الكلام، عن منتخب الطريحي: روي عن مولانا الصادق(عليه السلام) أنّه كان إذا هلّ هلال عاشوراء اشتدّ حزنه، وعظم بكاؤه على مصاب جدّه الحسين(عليه السلام)، والناس يأتون إليه من كلّ جانب ومكان يعزّونه بالحسين(عليه السلام)، ويبكون وينوحون معه على مصاب الحسين(عليه السلام)، ثمّ يقول: اعلموا أنّ الحسين(عليه السلام) حيّ عند ربّه يُرزق من حيث يشاء، وهو دائماً ينظر إلى معسكره ومصرعه، ومن حلّ فيه من الشهداء. وينظر إلى زوّاره والباكين عليه، والمقيمين العزاء عليه، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنّة. وأنّه لَيرى من يبكي عليه، فيستغفر له، ويسأل جدّه وأباه وأمّه وأخاه أن يستغفروا للباكين على مصابه والمقيمين العزاء عليه، ويقول: لو يعلم زائري والباكين عليّ ما له من الأجر عند الله تعالى لكان فرحه أكثر من جزعه. وأنّ زائري والباكي عليّ لَينقلب إلى أهله مسروراً، وما يقوم من مجلسه إلّا وما عليه ذنب، وصار كيوم ولدته أمّه». (النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار: ج7، ص212).

المحاضرة الخامسة والعشرون

الملك فُطْرُس يلوذ بمهد الإمام الحسين(عليه السلام)

30 كانون الأوّل 2012م= 16 صفر 1434هـ

تجديد العهد مع إمام الزمان#

اليوم من مقدّمات يوم الأربعين، وقد قرأتم جميعاً في هذا الدرس وعلى مدار سنة كاملة: «اللَّهُمَّ إنِّي أُجَدِّدُ لَهُ‏ فِي‏ هَذَا اليَومِ‏ وَفِي كُلِّ يَومٍ...».

إنّ النطق بذلك صعب جدّاً، ومقدّمته هي: «اللَّهُمَّ إنّي أُجَدِّدُ لَهُ‏ فِي‏ هَذَا اليَومِ‏ وَفِي كُلِّ يَومٍ...». هذا ما قرأتموه جميعاً في جميع الأيام، فمن مفاخر هذا الدرس أن يُفتتح بهذه الزيارة([[600]]) التي تُقرأ بعد صلاة الصبح، ومن الجمل الواردة في هذه الزيارة: «اللَّهُمَّ إنّي أُجَدِّدُ لَهُ‏ فِي‏ هَذَا اليَومِ‏ وَفِي كُلِّ يَومٍ...»، وفي دعاء العهد([[601]]) أيضاً: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ‏ فِي‏ صَبِيحَةِ يَومِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي». فما الذي أُجدّده في محضر الباري تعالى؟ «عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي‏ رَقَبَتِي».

إلى أن يصل إلى قوله: «اللَّهُمَّ فَكَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذَا التَّشْرِيفِ، وَفَضَّلْتَنِي بِهَذِهِ الفَضِيلَةِ، وَخَصَصْتَنِي بِهَذِهِ النِّعْمَةِ»([[602]]). أيُّ شرف هذا؟ وأيُّ تشريف؟ قرأنا هذا الدعاء، فهل فهمنا معناه؟! «وَفَضَّلْتَنِي بِهَذِهِ الفَضِيلَةِ، وَخَصَصْتَنِي بِهَذِهِ النِّعْمَةِ»، أيُّ نعمة هذه؟ إنّها العهد والعقد والبيعة.

الأمر الأوّل: ما المراد من العهد؟ ومن كنت تعاهده كُلّ يوم؟ إنّك تعاهد بقولك «عَهْداً» قطب دائرة عالم الإمكان، ومَن «بِيُمْنِهِ رُزِقَ‏ الوَرَى، ‏ وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ»([[603]])، ثمّ اتلوا القرآن الكريم، لتجده يقول: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)([[604]]).

الأمر الثاني: «عَقْدَاً»، أُجدّد العقد له في كلّ يوم، اقرأ القرآن حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([[605]]).

الأمر الثالث: «وَبَيْعَةً فِي‏ رقبتي»، كلّ مفردة من هذه المفردات بحاجة إلى كتاب لشرحها، العهد ثمّ العقد ثمّ البيعة، فما معنى البيعة؟ البيعة من مادة «بيع» بمعنى أن يبيع الإنسان نفسه للإمام، وعندما يصل الأمر إلى هنا يصبح الموضوع دقيقاً وعميقاً جدّاً.

لا ريب في لزوم الدعاء، فلا سبيل سواه، وقد ورد في مقدّمة الدعاء المذكور: «اللَّهُمَّ فَكَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذَا التَّشْرِيفِ»، فأيّ شرف أعظم من أن يكون هو أحد طرفي المعاهدة، والطرف الآخر عبارة عن النطفة والعلقة المليئة بالذنوب والأخطاء؟ في الطرف الأوّل عصارة جميع الأنبياء^ «المُنْتَهَى إِلَيْهِ‏ مَوَارِيثُ‏ الأَنْبِيَاءِ، وَلَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثَارُ الأَصْفِيَاءِ»([[606]])، وفي الطرف الآخر أنا وأنت، فأيّ شرف أفضل من هذا الشرف؟ وأيّة نعمة أفضل من هذه النعمة؟ فأعنّا أنت يا ربّ! فما هو متعلّق هذا العهد والعقد والبيعة؟

متعلّق العهد والعقد والبيعة

ها هنا متعلّق العهد والعقد والبيعة: «اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ»، وبما أنّ هذا المتعلّق مرهق جدّاً فقد ذُكر بصورة الدعاء. وهنا أُمور عدّة أيضاً، تبدأ من الأنصار: «اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ»، ثمّ تصل النوبة إلى «أَشْيَاعِهِ»، ثمّ «الذَابِّينَ عَنْهُ»، وتنتهي عند قوله: «المُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ»([[607]]).

نصرة أهل البيت^ بالقلب واللسان واليد

«اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ»، وقد قال الباري تعالى في محكم كتابه الكريم: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[[608]])، فما معنى هذه النصرة؟ «اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ». تنقسم النصرة إلى ثلاثة أقسام: بالقلب وباللسان وباليد.

طوبى لمن بلغوا جميع أنواع النصرة، فأصبحوا من أنصاره قلباً ولساناً ويداً أيضاً، وفي المقابل ما مصير من أحجم منكم عن هذه النصرة؟ مع أنّه(عليه السلام) يقول: « من سمع واعيتنا ثمّ لم يجبنا أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى مِنْخَرَهِ فِي النَّارِ»([[609]]) (الملحق:1). هذا هو الطرف الآخر للقضية.

معيّة أهل البيت^

أمّا لو نصر الأئمة الميامين من أهل البيت^، فقد قال الإمام(عليه السلام): «مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَنَصَرَنَا بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَهُوَ مَعَنَا»([[610]]) (الملحق:2). وليست هذه المعية كنسبة هذا الشعاع إلى الشمس، فإنّ هذا الشعاع مع الشمس، أمّا من ينصرنا بقلبه ولسانه ويده، فهو في درجتنا؛ ولذا قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «فِي دَرَجَتِنَا»([[611]]).

قرأتم هذا الدعاء على مدار سنة كاملة، وقد حلّ في هذه العشرة وقت العمل به، فالنصرة باللسان هي وظيفة كلّ فرد منكم في هذه الأيّام.

لزوم التصدّي للوهابية والبهائية والمسيحية

يثير الوهابية والبهائية والمسيحية ضجّة كبيرة في بلدنا، ونحن في صمت مطبق، والحكومة مشغولة بأجهزتها، فمتى تتفرّغ لإنقاذ هؤلاء الشباب الذين وقعوا ضحيةً للانحرافات في مستنقعات الغيّ، نتيجة التضليل الممنهج من قبل (الكنائس المنزلية)؟! لقد امتدّ طمع البهائية إلى درجة السعي لامتلاك الصيدليات في هذا البلد، ولا أحد يفكّر بمتابعة هذه القضايا وهي من مسؤوليّات الحكومة وعليها أن تقف في وجه هذه الهجمة الإعلاميّة.

يعاني الشباب العاطل عن العمل اليوم مشكلتين أساسيتين: بلوغهم سنّ الزواج من جهة، والفقر الذي يعصف بالمجتمع من جهة ثانية. لقد بلغ الفقر مرحلة أن تقوم امرأة في عامها الثاني والعشرين ببيع إحدى كليتيها لتوفير مستلزمات الحياة، وفي مثل هذه الظروف تقوم المسيحية والبهائية بإغراء الشباب بالنساء، وتقوم الوهابية بدفع الأموال لهم، والجميع غارقون في نوم عميق، ونحن في نوم أعمق.

إمام الزمان# قلقٌ على أيتام آل محمّد^

من واجبكم نصرة هذا الغريب في هذه العشرة، فالإمام الغائب# قلق على أيتامه من أن يقعوا فريسةً للذئاب؛ وليس ثمّة من يلبّي نداءه وأنينه: «هَلْ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرُنِي؟»([[612]]) (الملحق:3). فانطلقوا إلى المدن والقرى؛ وحافظوا على شباب الشيعة، وطوبى لكم.

نشر علوم أهل البيت^

«عَالِمٌ‏ يُنْتَفَعُ‏ بِعِلْمِهِ‏ أَفْضَلُ‏ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ عَابِدٍ»([[613]]). فلا تكونوا بمنأى عن هذه السعادة، قال تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)([[614]])، وقد قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أَيْ مِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ يَبُثُّونَ»([[615]]).

على أنّ العلم الذي أعطاكموه الله على ثلاثة أقسام: «آيَةٌ مُحْكَمَةٌ»، أي ترسيخ عقائد الناس، و«سُنَّةٌ قَائِمَةٌ»، أي تهذيب أخلاق الناس، و«فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ»، أي تعليم الأحكام للناس، «وَمَاسِوَاهُنَّ فَضْلٌ»([[616]]). هذا هو العلم، والعالم الذي يبلغ هذه المرتبة أفضل من ألف عابد، فقوام الدين «بِعَالِمٍ‏ نَاطِقٍ‏ مُسْتَعْمِلٍ‏ لِعِلْمِهِ»([[617]])، فإنّ العالم الناطق غير الأبكم العامل بعلمه هو الذي ينشغل بتحصيل العلم في الأيّام الدراسيّة وينشغل بالتبليغ أيّام التبليغ، واحصلوا على هذه السعادة، وكونوا حين الاشتغال بالدراسة مصداقاً لقوله تعالى: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)، وفي أيّام الفراغ مصداقاً لقوله جلّ وعلا: (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) ([[618]]).

إنّنا على أعتاب الأربعين، فعرّفوا الناس بمن قُتل؟ ولم قُتل؟ وكيف قُتل؟

دعاء يوم ميلاد سيّد الشهداء(عليه السلام)

القاسم بن العلاء هو وكيل الناحية المقدّسة، [وكيل الإمام الحادي عشر الحسن العسكري(عليه السلام)]، عاش 117 سنةً، وقد عاصر ثلاثةً من الأئمة المعصومين: الإمام علي النقي الهادي(عليه السلام)، والإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، حتّى أدرك الإمام الحجّة بن الحسن#([[619]]). روى عنه كلّ من الشيخ الكليني+، وعلي بن إبراهيم القمّي+([[620]])، ومناقبه مما لا يمكن إحصاؤها وتقريرها، وقد ذكر الشيخ الطوسي+ في «مصباح المتهجّد» أنّ التوقيع خرج من الناحية المقدّسة إلى هذا الرجل. ونظراً لضيق الوقت، وعدم اتساعه لقراءة متن التوقيع كاملاً، سنشير إلى بعض فقراته؛ لتعلموا: ما هي حقيقة الأربعين؟ وما هي وظيفتكم تجاه صاحب يوم الأربعين؟فإنّ التأثير إنّما هو لكلام الإمام(عليه السلام).

نصّ كلام الإمام أبي محمّد الحسن العسكري(عليه السلام) هو: «خَرَجَ إلَى القَاسِمِ بْنِ العَلَاءِ الهَمَدَانِيِّ، ‏ وَكِيلِ‏ أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام)، ‏ أَنَّ مَوْلَانَا الحُسَيْنَ(عليه السلام)‏ وُلِدَ يَوْمَ الخَمِيسِ لِثَلَاثٍ خَلَونَ مِنْ شَعْبَانَ، فَصُمْهُ وَادْعُ فِيهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هَذَا اليَوْمِ، المَوعُودِ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلَالِهِ وَوِلَادَتِهِ».

الأئمة التسعة^ من نسل الإمام الحسين(عليه السلام)

تكمن الأهمّية في قول الإمام(عليه السلام): «بَكَتْهُ السَّمَاءُ وَمَنْ فِيهَا، وَالأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَلمَّا يَطَأْ لَابَتَيْهَا، قَتِيلِ العَبْرَةِ، وَسَيِّدِ الأُسْرَةِ، المَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الكَرَّةِ، المُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ». ما الذي فعله(عليه السلام) ليكون تسعة أئمة من ذريته عوضاً من دمه؟ ليكون أجره زين العابدين(عليه السلام) والصحيفة السجادية، وباقر العلوم(عليه السلام) والمآثر الباقرية، والصادق(عليه السلام) والآثار الجعفرية، والكاظم(عليه السلام) والعلوم الكاظمية، وعلي بن موسى الرضا(عليه السلام) والحجج الرضوية، ومحمّد بن علي الجواد(عليه السلام) والجُود والتقوى، وعلي بن محمّد الهادي(عليه السلام) والنقاء النقوي، والحسن بن علي العسكري(عليه السلام) والهيبة العسكرية؟ كلّ ذلك تعويضاً من شهادته.

والمهم في الأمر: مَن الذي يجسّد ثمرة الخلقة، ونتيجة بعثة جميع الأنبياء^، فما الذي فعله(عليه السلام) ليكون «المُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ»؟ لقد منح جميع ذلك في قبال شهادته.

سيّد الشهداء(عليه السلام) هبة اللّه لخاتم الأنبياء

ماذا فعل بعد؟ إنّ ما ورد في الرواية لعجيب، نختم كلامنا بهذه الجملة: «اللَّهُمَّ وَهَبْ لَنَا فِي هَذَا اليَومِ خَيْرَ مَوهِبَةٍ، وَأَنْجِحْ لَنَا فِيهِ كُلَّ طَلَبَةٍ، كَمَا وَهَبْتَ الحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ». إنّها لجملة محيّرة، تتضمن حشراً من المعاني، منها أنّ سيّد الشهداء(عليه السلام) هبة الله لخاتم الأنبياء.

الملك فُطْرُس يلوذ بمهد الإمام الحسين(عليه السلام)

«وَعَاذَ فُطْرُسَ بِمَهْدِهِ، فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرِهِ»([[621]]). لا بدّ أن نرى ما الذي وجده فُطْرَس في مهده(عليه السلام) ليستعيذ به؟ وما الذي يجده أولئك الذين يستجيرون بقبره؟

الملاحق

(الملحق:1)

عَنْ [أَمِيرِ الْمـُؤْمِنِينَ‏] عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏](عليه السلام)‏ قَال‏: «مَنْ سَمِعَ‏ وَاعِيَتَنَا فَلَمْ‏ يَنْصُرْنَا أَكَبَّهُ اللَهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ، نَحْنُ الْبَابُ إِذَا بُعِثُوا فَضَاقَتْ بِهِمُ الْمَذَاهِبُ، نَحْنُ بَابُ حِطَّةٍ وَهُوَ بَابُ الْإِسْلَامِ [السَّلَامِ السِّلْمِ‏]، مَنْ دَخَلَهُ نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوَى‏». (فرات بن إبراهيم الكوفي، تفسير فرات الكوفي: ص367؛ ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول: ص115؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج65، ص61).

وورد: [قال الحسين بن علي÷]: «وأنت يا بن الحرّ فاعلم أنّ الله} مؤاخذك بما كسبتَ وأسلفتَ من الذنوب في الأيّام الخالية، وأنا أدعوك في وقتي هذا إلى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب، وأدعوك إلى نصرتنا أهل البيت، فإن أُعطينا حقّنا حمدنا الله على ذلك وقبلناه، وإن مُنعنا حقّنا وركبَنا الظلم كنتَ من أعواني على طلب الحقّ. فقال عبيد الله بن الحرّ: والله يا بن بنت رسول الله! لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معك لكنتُ أنا أشدّهم على عدوّك، ولكنّي رأيتُ شيعتك بالكوفة وقد لزموا منازلهم خوفاً من بني أميّة ومن سيوفهم، فأنشدك بالله أن تطلب منّي هذه المنزلة، وأنا أواسيك بكلّ ما أقدر عليه، وهذه فرسي ملجمة، والله ما طلبتُ عليها شيئاً إلّا أذقته حياض الموت، ولا طُلبتُ وأنا عليها فلُحقتُ، وخذ سيفي هذا، فوالله ما ضربتُ به إلّا قطعت. فقال الحسين(عليه السلام): يا بن الحرّ! ما جئناك لفرسك وسيفك، إنّما أتيناك لنسألك النصرة، فإن كنتَ قد بخلتَ علينا بنفسك، فلا حاجة لنا في شيءٍ من مالك، ولم أكن بالذي أتّخذ المضلّين عضداً؛ لأنّي قد سمعتُ رسول الله وهو يقول: من سمع داعية أهل بيتي ولم ينصرهم على حقّهم إلّا أكبّه الله على وجهه في النّار. ثمّ سار الحسين(عليه السلام) من عنده ورجع إلى رحله. فلمّا كان من الغد رحل الحسين(عليه السلام)، وندم ابن الحرّ على ما فاته من نصرته». (أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص74).

وروي أيضاً: قال الإمام الحسين(عليه السلام): «سمعتُ جدّي رسولَ الله يقول: من سمع نداء أهل البيت ولم يجبْهُ أكبّه الله على منخريه في النّار». (الطريحي، المنتخب: ص427).

(الملحق:2)

عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ÷‏ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «فِي الْجَنَّةِ ثَلَاثُ‏ دَرَجَاتٍ‏ وَفِي النَّارِ ثَلَاثُ دَرَكَاتٍ، فَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ لِمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَنَصَرَنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَفِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَنَصَرَنَا بِلِسَانِهِ، وَفِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ؛ وَفِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَفِي الدَّرْكِ الثَّانِيَةِ مِنَ النَّارِ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ، وَفِي الدَّرْكِ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّارِ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ». (البرقي، المحاسن: ج1، ص153؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص93).

ومما ورد في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام): «إِنْ كَانَ لَمْ يُجِبْكَ‏ بَدَنِي‏ عِنْدَ اسْتِغَاثَتِكَ، وَلِسَانِي عِنْدَ اسْتِنْصَارِكَ، فَقَدْ أَجَابَكَ قَلْبِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَرَأْيِي وَهَوَايَ عَلَى التَّسْلِيمِ لِخَلَفِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ وَالسِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص403؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص179).

(الملحق:3)

«فَقَامَ وَنَادَى‏: هَلْ‏ مِنْ‏ ذَابٍ‏ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ الله؟ هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ؟ هَلْ مِنْ مُغِيثٍ؟ هَلْ مِنْ مُعِينٍ؟ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ». (ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص52).

«وَنَادَى [الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ‘]:‏ «هَلْ‏ مِنْ‏ ذَابٍّ‏ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ الله؟ هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ يَخَافُ اللَهَ فِينَا؟ هَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَرْجُو اللَهَ بِإِغَاثَتِنَا؟ هَلْ مِنْ مُعِينٍ يَرْجُو مَا عِنْدَ الله فِي إِعَانَتِنَا؟ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النِّسَاءِ بِالْعَوِيلِ». (السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص69؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، 46؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص289).

وروي أيضاً: «فجعل الحسين [(عليه السلام)] ينظر يميناً وشمالاً، فلم يرَ أحداً يبارز أعداءه، فبكى بكاءً شديداً وهو ينادي: وامحمّداه! واعلياه! واحمزتاه! واجعفراه! واعبّاساه! يا قوم! أما من معينٍ يعيننا؟ أما من خائفٍ من عذاب الله فيذبّ عنّا؟». (القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص75).

وروي كذلك: ثُمَّ صَاحَ [الحسين(عليه السلام)]: «أَمَا مِنْ مُغِيثٍ يُغِيثُنَا لِوَجْهِ الله [تَعَالَى]؟ أَمَا مِنْ ذَابٍّ‏ يَذُبُّ‏ عَنْ‏ حَرَمِ‏ رَسُولِ اللهِ؟». (أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص101؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص61؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص12؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص256).

مصادر أهل السنّة: ابن الصبّاغ، الفصول المهمّة: ج2، ص823؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص12.

المحاضرة السادسة والعشرون

سلام اللّه على قمر بني هاشم

28 تشرين الأوّل 2013م= 23 ذو الحجّة 1434هـ

يومٌ أفضل من جميع الأيّام

إنّ الأيّام التي أمامنا عظيمة جدّاً، إلى درجة أنّ العقل يعجز عن إدراكها، ويقصر اللسان عن بيانها؛ إذ لم يفهم أحد ما هو يوم عاشوراء؟ وما الذي جرى فيه؟ وما هو الأثر المترتّب عليه؟

«لَا يَومَ كَيَومِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ»، إنّ هذا الكلام صادر من حجّة الله. لقد انطوت الأيام على حوادث جمة، حيث شهد الدهر يوم نوح(عليه السلام) وسفينته، ويوم إبراهيم(عليه السلام) وتلك المقامات، ويوم موسى وعيسى÷، ويوم خاتم الأنبياء’، ويوم أمير المؤمنين(عليه السلام)، إلّا أنّ الإمام(عليه السلام) يقول: «لَا يَومَ كَيَومِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ»([[622]]).

لكنّنا ـ وللأسف ـ لم نستفد من هذه الأيّام كما ينبغي؛ أيّامٌ هبّ فيها نسيمٌ عبقٌ من كربلاء، وهي الربيع الذي ينعش القلوب، أيّام مناسبة لمن ارتدى هذا الزيّ المقدّس لكي ينتهز هذه الفرصة لينثر بذور حقائق المذهب في عقول عامّة الناس.

ولا يخفى أنّ الروايات المأثورة عن كلّ واحد من الأئمة المعصومين من أهل البيت^ بمثابة مدينة علم، وهي حقّاً بحر متلاطم للمتفقّهين.

نشر العلم

ثمّة جملة لرسول الله، رواية تضمّنت سطراً واحداً جمع في طيّاته كتباً عديدة، قال: «أَرْبَعَةٌ تَلْزَمُ‏ كُلَّ ذِي‏ حِجى‏ مِنْ أُمَّتِي. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا هُنَّ؟ قَالَ: اسْتِمَاعُ العِلْمِ، وَحِفْظُهُ، وَالعَمَلُ بِهِ، وَنَشْرُهُ»([[623]]). أوّلاً: «اسْتِمَاعُ العِلْمِ»، فلا بدّ أن نفهم ما معنى هذه الهيئة من مادّة (سمع) حينما ترتبط بالعلم؟

أوّلاً: استماع العلم، ومن الواضح أن لا مجال هنا لبيان فقه الحديث، فحسبنا الإشارة فقط.

ثانياً: (حِفْظُهُ)، ما المراد بحفظ العلم؟

ثالثاً: (وَالعَمَلُ بِهِ)، ومع ذلك كلّه فإنّ الكمال في الكلمة التالية.

رابعاً: «وَنَشْرُهُ»، فالمهمّ هو نشر العلم.

لو عمل العلماء وطلبة الحوزة العلمية بهذا الحديث، فهل يبقى للمخالفين في المذهب مجال للتبليغ ضدّه؟ والويل لنا إن سُئلنا يوم الحساب: إنّكم قد ارتديتم هذا الزيّ وانتسبتم إلى هذا السلك، وتزوّدتم من موائدنا، فهل عملتم على نشر تراثنا؟ مأساتنا هي البحث عن الراحة.

لقد انقضت أيّام التفقّه، وبتنا في أيّام الإنذار([[624]]). فمن يقصّر في هذا الزمان مع تمكّنه من القيام بمسؤوليّته فعليه أن يستعد للجواب غداً، وإلّا فحسرة الفوت آتية([[625]]) بأنّي كنت قادراً بهذه العلوم أن أنتشل ضالّاً من هاوية الضلالة في أيّام عاشوراء فلِمَ لمْ أفعل؟

ما أعظم هذا الحديث حيث تكمن خصوصيّته في متنه، والميزة في أن نقرأه ثمّ نستوعبه، وليس في نسج الخيال.

لؤلؤ بحجم الثرى إلى العرش

وردت عن أبي محمّد العسكري(عليه السلام) رواية أودّ الإشارة إليها، حيث قال: «حَضَرَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ الصِّدِّيقَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ÷، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي‏ وَالِدَةً ضَعِيفَةً، وَقَدْ لُبِسَ عَلَيْهَا فِي أَمْرِ صَلَاتِهَا شَيْ‏ءٌ، وَقَدْ بَعَثَتْنِي إِلَيْكِ أَسْأَلُكِ، فَأَجَابَتْهَا فَاطِمَةُ÷ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ثَنَّتْ، فَأَجَابَتْ، ثُمَّ ثَلَّثَتْ [فَأَجَابَتْ‏] إِلَى أَنْ عَشَّرَتْ، فَأَجَابَتْ». لمن وجِّه السؤال؟ لقد وجِّه لمن هي مستغرقة في الله، وفي سبيل الله([[626]])، وعلى الرغم من الانشغال تكرّر السؤال عشر مرّات، وكانت السيّدة الزهراء‘ تردّ عليه في كلّ مرّة، «ثُمَّ خَجِلَتْ مِنَ الكَثْرَةِ، فَقَالَتْ: لَا أَشُقُّ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ رَسُولِ الله»، أصغوا جيّداً إلى ما قالته‘ في ردّة فعل مذهلة: «قَالَتْ فَاطِمَةُ÷: هَاتِي وَسَلِي عَمَّا بَدَا لَكِ، أَرَأَيْتِ مَنِ اكْتُرِيَ يَوْماً يَصْعَدُ إِلَى سَطْحٍ بَحَمْلٍ ثَقِيلٍ، وَكِرَاؤُهُ مِئَةُ أَلْفِ دِينَارٍ، أَيَثْقُلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَتْ: لَا»، وأردفت‘: «اكْتُرِيتُ أَنَا لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْ مِلْ‏ءِ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى العَرْشِ لُؤْلُؤاً، فَأَحْرَى أَنْ لَا يَثْقُلَ عَلَيَّ»، ما يعني أنّكِ أنتِ مَن تمنّين عليّ بالسؤال، ولست أنا!

فهل تعاملنا مع أيتام آل محمّد^ في مجال الأحكام والعقائد وفي القضايا الدينية على هذه الشاكلة؟ لقد أخلد البعض إلى الراحة في هذه الأيّام، بينما هبّ البعض الآخر لتعليم الأحكام الدينية لأولئك المنقطعين عن إمام زمانهم، ولأيتام آل محمّد^([[627]])، ماذا ربح هؤلاء؟ وماذا خسر أولئك؟

عبارات مدهشة: إنّني اكتُريت للنهوض بأعباء هذا الحمل، فماذا أُعطيت إزاء ذلك؟ «اكْتُرِيتُ أَنَا لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْ مِلْ‏ءِ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى العَرْشِ لُؤْلُؤاً». فإنّ جميع هذه المجرّات والكواكب في السماء الأُولى، حتّى تصل النوبة إلى السماء السابعة، حيث اللوح والقلم والكرسي: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)([[628]])، ثمّ تليها نوبة العرش، فأجر كلّ مسألة: «مِلْ‏ءِ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى العَرْشِ لُؤْلُؤاً»!

أجر علماء الشيعة

عظيمة هي تلك الرواية، حيث تقول الصدّيقة الطاهرة‘: «سَمِعْتُ أَبِي [رَسُولَ الله] يَقُولُ: إِنَّ عُلَمَاءَ شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ، فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ الكَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ، وَجِدِّهِمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اللهِ». فأيّ خلع تلك التي يخلعها الله عليهم؟ إنّ هذه الخِلَع تتناسب مع علم الشخص، هذا أوّلاً، وتتناسب من جهة ثانية مع مقدار نشر ذلك العلم بين الناس، فيقال يومئذٍ: أيّ شخصٍ علّمت؟ وأيّ شبهةٍ رددت؟ وأيّ مسألة لجاهلٍ بيّنت؟ وأيّ عقيدةٍ رسّخت؟ فالخِلَعُ بقدر ما قدّمتَ في هذه المجالات: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ)([[629]])، (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ)([[630]]).

الحديث طويل، وفيه تفاصيل كثيرة، ولا يتسع الوقت لتناولها، غير أنّ المهمّ هو ما ورد في نهايته، حيث قالت الصديقة فاطمة الزهراء‘: «سَمِعْتُ أَبِي [رَسُولَ اللهِ‏] يَقُولُ: إِنَّ عُلَمَاءَ شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ، فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ الكَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ، وَجِدِّهِمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اللهِ، حَتَّى يُخْلَعَ عَلَى الوَاحِدِ مِنْهُمْ أَلْفُ أَلْفِ خِلْعَةٍ مِنْ نُورٍ...إِنَّ سِلْكاً مِنْ تِلْكِ الخِلَعِ لَأَفْضَلُ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ‏ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ»([[631]]). فهل يمكن إحصاء ثواب مثل هذا الشخص؟ يعطى ألف ألف خلعة من نور، كلّ سلكٍ فيها أفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرّة!

هذا أجر من يشدّ الرحال في عاشوراء من أجل التبليغ في المناطق المحرومة، والعمل على حلّ مشاكل أيتام آل محمّد^. فماذا فعل هؤلاء لحفظ الدين؟ وماذا فعلنا نحن؟

زين العابدين

من هو الإمام الرابع من أئمة الهدى^؟ ورد في الرواية أنّ منادياً ينادي في عرصات يوم القيامة: «أَيْنَ زَيْنُ العَابِدِينَ؟»([[632]])، هذا والنبيّ الكريم ينظر، وعليّ بن الحسين÷ يمشي بين صفوف الأنبياء^، وصفوف سائر الخلائق.

إنّ نتيجة الخلقة هي عبادة الله تعالى([[633]])، وليس هناك من يكون زين العابدين بين جميع العابدين من الأوّلين والآخرين إلّا الإمام زين العابدين(عليه السلام).

لقد بلغ انقطاعه إلى الله في العبادة إلى درجة أنّ ابنه سقط في البئر والإمام(عليه السلام) في الصلاة وسمع صراخ الحريم وعويلهنّ ولم يتحرّك حتّى أكمل صلاته بتعقيباتها، ثمّ جاء إلى البئر فمدّ يده وأخرج الطفل، فقيل يا بن رسول الله’ لِمَ لم تقطع الصلاة؟ فقال(عليه السلام): «كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ لَوْ مِلْتُ بِوَجْهِي عَنْهُ لَمَالَ بِوَجْهِهِ عَنِّي»([[634]]). فما قيمة العالم برمّته إزاء هذه الكلمة.

لا يوم كيوم الحسين(عليه السلام)

ورد في الرواية: نَظَرَ سَيِّدُ العَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ(عليه السلام) إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَاسْتَعْبَرَ ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَشَدُّ عَلَى رَسُولِ الله’ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قُتِلَ‏ فِيهِ‏ عَمُّهُ‏ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَبَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ، قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): وَلَا يَوْمَ كَيَوْمِ الحُسَيْنِ(عليه السلام)([[635]]).

جميع الشهداء يغبطون منزلة قمر بني هاشم(عليه السلام)

ثُمَّ ماذا قال الإمام زين العابدين(عليه السلام)؟ أعاد النظر إلى وجه ذلك اليتيم، وقال: «إِنَّ لِلعَبَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ»([[636]])، فأيّ منزلة هذه التي يتحسّر عليها جميع الشهداء، ابتداءً من حمزة سيّد الشهداء(عليه السلام)، ومروراً بجعفر الطيّار(عليه السلام) الذي أبدله الله تعالى عن يديه المقطوعتين بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة؟ فجميع الشهداء يغبطون منزلته العظيمة عند الله تعالى.

تذكّر عطش أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)

ماذا فعل العبّاس بن علي÷ حتّى نال هذا المقام؟ إنّ العقل ليحتار واللسان لينعقد، لقد طرد العسكر، ونزل إلى الفرات، وعلى الرغم من أنّه كان أشدّ عطشاً من الجميع وقف إلى جانب الماء، وأخذ منه غرفةً بيده ليشرب، هنا يكمن الإيثار الذي أوجب له تلك المنزلة، فقد كان النبي الكريم راضياً بشربه الماء، وكذا أمير المؤمنين(عليه السلام)، وسيّد الشهداء(عليه السلام)، وكان عالماً بكلّ ذلك، ولكن «فَذَكَرَ عَطَشَ الحُسَيْنِ(عليه السلام)»، حينئذٍ أنشد قائلاً:

يا نَفْسُ مِنْ بَعْدِ الحُسَينِ هُوني ‏
وبَعْدَهُ لا كُنْتِ أنْ تَكُوني

فرمى الماء من يديه، وملأ القربة، وخرج قاصداً معسكر الحسين(عليه السلام)، فكمن له الجميع، ثمّ ماذا؟ إنّ اللسان لا ينطلق هنا؛ ولذا أكتفي بهذا القدر لتُعرف منزلة هذا الشخص العظيم.

يا أخاه أدرك أخاك

لقد ضربوا العبّاس بن علي÷ على يمينه فبرؤوها، فارتجز قائلاً:

وَاللهِ إِنْ قَطَعْتُمُوا يَمِينِي‏
إِنِّي أُحَامِي‏ أَبَداً عَنْ‏ دِينِي
‏وَعَنْ إِمَامٍ صَادِقِ اليَقِيْنِ‏
نَجْلِ النَّبِيِّ الطَّاهِرِ الأَمِيْنِ‏

ثمّ ضربوه على يساره فبرؤوها أيضاً، فقال:

يَا نَفْسُ لَا تَخْـشَيْ مِنَ الكُفَّارِ ‏
وَأَبْشـِرِي بِرَحْمَةِ الجَبَّارِ
مَعَ النَّبِيِّ السَّيِّدِ المُخْتَارِ

قَدْ قَطَعُوا بِبَغْيِهِمْ يَسَارِي

فَأَصْلِهِمْ يَا رَبِّ حَرَّ النَّارِ([[637]]) (الملحق:1)

والأهمّ من ذلك كلّه، أنّه لما قُطعت كلتا يديه نظر إلى القربة التي كان همّه إيصالها إلى المخيّم، فرأى أنّ الماء قد سال منها إلى الأرض، تأمّلوا كيف تحوّل الأمل إلى اليأس، وفي تلك الأثناء أصابه سهم في عينه، (الملحق:2) ما الذي كنّا سنفعله لو أنّ شوكة أصابت زاوية من أعيننا؟ فما بالكم بسهم يصيب العين! لكنّ أبا الفضل العباس(عليه السلام) تماسك، وما هي إلّا لحظات حتّى ضُرب بعمود على رأسه، فحان وقت السقوط، ومن يهوِ إلى الأرض يتلقّ الأرض بيديه، فكيف هوى(عليه السلام)؟ فقال حينها عبارة لم يقلها طيلة حياته، فقد كان ينادي أخاه: «يا سيدي، يا مولاي»، أمّا في تلك اللحظة فقد نادى: «يا أَخَاهُ! أدْرِكْ أخَاكَ»([[638]]) (الملحق:3).

الآن انكسر ظهري

وقف الإمام الحسين(عليه السلام)، وهو ملاذ العالم الوحيد، وموئل عالم الإمكان، وقف إلى جانب جسد أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، وقال كلاماً لا بدّ أن نفهم منه حجم المصيبة؛ فمن اكتوى فؤاده بولده علي الأكبر(عليه السلام)، وحمل بيديه جسده إلى المخيم، لم يقل مثل هذه الجملة التي قالها حينما وقف إلى جانب جسد أخيه العباس(عليه السلام):«الآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي وَانْقَطَعَ رَجَائِي»([[639]])، ثمّ عاد وحيداً إلى الخيام.

لماذا لم يحمل الحسين(عليه السلام) جسد العبّاس(عليه السلام) إلى الخيام؟ فقد جمعت هناك جميع الأجساد، إلّا ذلك الجسد الذي بقي في مكانه، لست أقوى على ذكر السبب؛ فإنّ جسده الطاهر كان مقطع الأعضاء، متى ما حُمل منه عضو سقط العضو الآخر. ولما وصل الحسين(عليه السلام) إلى الخيام هرع إليه النساء والأطفال، يسألونه عن العبّاس(عليه السلام)، فلم ينبس ببنت شفة، بل ذهب إلى خيمة أخيه، فأزال عمودها لتهوي([[640]]).

سلام اللّه على قمر بني هاشم(عليه السلام)

ومما جاء على لسان صادق أهل البيت^ مسلّماً على أبي الفضل العباس(عليه السلام): «سَلَامُ اللهِ، وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِهِ المُرْسَلِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَجَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ، فِيمَا تَغْتَدِي وَتَرُوحُ، ‏ عَلَيْكَ‏ يَا بْنَ‏ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ...».

ذكر أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) في علّيّين

وأردف الإمام الصادق(عليه السلام) قائلاً: «وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيِّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ‏ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِين‏»([[641]]). فأين هي علّيّون؟ حيث رفع الله تبارك وتعالى إليها ذكر أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، ذلك الذي جاد بنفسه الكريمة في سبيل الدين بتلك الصورة.

دم سيّد الشهداء(عليه السلام) عند أظلّة العرش

هذه الأيّام هي أيّام عاشوراء، فاسعوا فيها إلى تعريف الناس بعظمة المصيبة، تلك المصيبة الكبرى. فقد كُلّف النبيّ الخاتم بعملٍ ليس لأحد أن ينهض به سواه، فما هي تلك المسؤولية؟ لقد أعطاه الله تعالى قارورةً، وأمره أن يجمع فيها دم نحر الحسين(عليه السلام)، فجاء النبيّ إلى موضع نحره(عليه السلام)، فلمّا حُزَّ رأسه الشريف كان النبيّ’ جالساً عند منحره، فوضع الدم في القارورة([[642]])، هذا كلام حجّة الله في أرضه، ثمّ رفع القارورة إلى السماء، فما بلغ سماءً من السماوات السبع حتّى اقشعرّت، وبلغ الكرسي فاقشعرّ أيضاً، إلى أن انتهى إلى العرش، فوضع القارورة عند أظلّته، وستبقى تلك الأظلّة مقشعرّةً إلى يوم القيامة([[643]]).

الملاحق

(الملحق:1)

«فقال العبّاس لأخيه الحسين: يا أخي! ما ترى ما حلّ بنا من العطش، وأشدّ الأشياء علينا عطش الأطفال والحرم؟ فقال الإمام(عليه السلام): امضِ إلى الفرات وآتنا بشيءٍ من الماء. فقال: سمعاً وطاعةً. فضمّ إليه رجالاً وسار حتّى أشرفوا على المشرعة، فتوثّبوا عليهم الرجال، وقالوا لهم: ممن القوم؟ قالوا: نحن من أصحاب الحسين. قالوا: وما تصنعون؟ قالوا: فقد كظّنا العطش، وأشدّ ذلك علينا عطش الحرم والأطفال. فلمّا سمعوا ذلك حملوا عليهم فمنعوهم، فحمل عليهم العبّاس، فقتل منهم رجالاً وجدّل أبطالاً حتّى كشفهم عن المشرعة، ونزل فملأ قربته ومدّ يده ليشرب، فذكر عطش الحسين(عليه السلام)، فنفض يده وقال: والله لا ذقتُ الماء وسيّدي الحسين عطشان. ثمّ صعد المشرعة، فأخذه النبل من كلّ مكان حتّى صار جلده كالقنفذ من كثرته، فحمل عليه رجل من القوم، فضربه ضربةً قطع بها يمينه، فأخذ السيف بشماله، فحمل عليه آخر فقطعها، فانكبّ وأخذ السيف بفمه، فحمل عليه رجل، فضربه بعمود من حديد على رأسه، ففلق هامته، فوقع على الأرض وهو ينادي: يا أبا عبد الله! عليك منّي السلام. فلمّا رأى الحسين(عليه السلام) أخاه وقد انصرع صرخ: وا أخاه! واعبّاساه! وا مهجة قلباه! يعزّ والله عليّ فراقك. ثمّ حمل على القوم وكشفهم عنه، ثمّ نزل إليه فحمله على ظهر جواده، وأقبل به إلى الخيمة، فطرحه وهو يبكي حتّى أغمي عليه». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص430).

(الملحق:2)

في بعض الكتب: «أنّ العضّاب بن الأسود الكندي (لعنه الله) رماه [العبّاس] بسهمٍ على عينه الشريفة». (المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص454؛ ترجمة معالي السبطين: ص641).

ولما وصل الإمام الحسين(عليه السلام) إلى مصرع أبي الفضل العباس(عليه السلام) رآه: «مقطوع اليمين واليسار، مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهمٍ». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص179؛ الشيخ محمّد السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين(عليه السلام): ص62).

«وحكي أنّ المرحوم السيّد محمّد إبراهيم القزويني (المتوفى سنة 1360هـ) كان يؤمّ الناس في صلاة الجماعة في مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وأنّ المرحوم الشيخ محمّد علي الخراساني (المتوفى سنة 1383هـ) الذي يعدّ من الوعّاظ البارزين كان يرتقي المنبر لإلقاء محاضرة دينية بعد تلك الصلاة. وذات ليلة تطرّق المرحوم الواعظ الخراساني إلى مصيبة أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وأشار إلى إصابة السهم لعينه الشريفة، فكان لذلك تأثير كبير على المرحوم القزويني، فبكى بكاء شديداً ثمّ قال له: لماذا تقرأ مثل هذه المصيبة الكبيرة التي لا ترتكز إلى سند قوي جدّاً؟ فشاهد في عالم الرؤيا أنّه واقف بين يدي أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، فقال له: سيّد إبراهيم! هل كنت حاضراً في كربلاء لترى ماذا فعل بي القوم يوم عاشوراء؟ فلمّا قطعوا يديّ انهالت عليّ السهام من كلّ حدب وصوب، منها سهم أصاب عيني [وربما قال: عيني اليمنى]، وكلّما حرّكت رأسي ليخرج السهم ما كان ليخرج وسقطت عمامتي من على رأسي، ثمّ رفعت ركبتيّ وانحنيت لإخراجه، لكنّ العدوّ ضربني بعمود من الحديد على رأسي». (ترجمة معالي السبطين: ص632).

(الملحق:3)

«.... فرمى الماء وملأ القربة وحملها على‏ كتفه الأيمن وتوجّه نحو الخيمة، فقطعوا عليه‏ الطريق وأحاطوا به من كلّ جانب، فحاربهم حتّى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها، فحمل القربة على كتفه الأيسر، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند، فحمل القربة بأسنانه، فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها، ثمّ جاءه سهم آخر فأصاب صدره، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين: أدركني، فلمّا أتاه رآه صريعاً، فبكى وحمله إلى الخيمة». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص41).

وقال المؤرّخون في هذا المجال أيضاً: «...فضربه بعمود على رأسه، فخرّ صريعاً إلى الأرض، ونادى بأعلى صوته: أدركني يا أخي. فانقضّ عليه أبو عبد الله كالصقر، فرآه مقطوع اليمين واليسار، مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم، مرتثّاً بالجراحة، فوقف عليه منحنياً، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه، ثمّ حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذئب، وهو يقول: أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟! أين تفرّون وقد فتتّم عضدي؟! ثمّ عاد إلى موقفه منفرداً». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص179؛ الشيخ محمّد السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين(عليه السلام): ص62).

وورد في بعض الكتب: «لما نادى يا أخاه! أدرك أخاك، ساق الريح صوت العباس(عليه السلام) إلى مسامع الحسين(عليه السلام)». (المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص449 ـ 452).

وذكروا: أنّ العباس(عليه السلام) لما سقط من على فرسه إثر جراحَي منكبه قال: يا أخا أدرك أخاك. وقد سمع صوته الحسين(عليه السلام) وعلم أنّه سيلتحق بجدّه وأبيه. وقد تأوّه الإمام المظلوم(عليه السلام) بآه مهيبة قد زلزلت أرض كربلاء. (ملا حسين الكاشفي، روضة الشهداء: ص418).

وذكروا أيضاً: «روى أبو مخنف أنّ أحد الظلمة ضربه بعمودٍ من الحديد على رأسه ففلق هامته، فلم تعد لديه القدرة على البقاء على ظهر الجواد، فانصرع عقيراً على الأرض وهو يخور بدمه، عندئذ صاح: يا أخا! أدرك أخاك، وفي رواية: يا أخي يا حسين! عليك منّي السلام». (الملّا حبيب الكاشاني، تذكرة الشهداء: ج1، ص595).

وقالوا: «فانقلب عن فرسه، وصاح إلى أخيه الحسين(عليه السلام) وقال: أدركني يا أبا عبد الله». (الدربندي، أسرار الشهادة: ص334؛ ترجمة أسرار الشهادة: ج2، ص1088).

المحاضرة السابعة والعشرون

أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)

هم الربّانيّون وخاصّة اللّه

17 كانون الأوّل 2013م= 13 صفر 1435هـ

التفقّه والإنذار

إنّنا على أعتاب العشرة الأخيرة من شهر صفر، وبرنامج أهل العلم يتلخّص في كلمتين، فعلى الرغم من أجهزة إداريّة عديدة لوضع برامج لطلاب العلوم الدينية، لا نرى لذلك أيّ أثر وأيّ نتيجة، لماذا؟ لأنّ البرنامج الصحيح هو الذي عيّنه الله تعالى، فبرامج هؤلاء الطلّاب قد تمّ تعيينها من قبله جلّ وعلا، ولا حاجة إلى تعيين زيد أو عمرو، ويتلخّص هذا البرنامج في جملتين اثنتين: الجملة الأُولى: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)، والجملة الثانية: (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)([[644]])، فلا ثالث لهما، ولكن لا بدّ من المثابرة والعمل الدؤوب لفهم هاتين الكلمتين.

ينبغي استغلال الوقت وانتهاز الفرصة، فما هي أعمارنا؟ إنّها عبارة عن نسيج من حبل مكوّن من مجموعة من الخيوط، فما هو ذلك الحبل؟ هو هذه الأنفاس التي نستنشقها، وفي كلّ نفس ينقطع خيط من تلك الخيوط، حتّى نصل إلى الخيط الأخير شئنا أم أبينا: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)([[645]])؛ لأنّ عمر ذلك النسيج قد انتهى.

ولا بدّ لكلّ نفَس من الأنفاس أن تكون له ثمرة ونتيجة، فما هي تلك الثمرة؟ إنّها لا تعدو كلمتين: الكلمة الأُولى: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)ووقتها الأيّام الماضية، والكلمة الثانية: (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)، ووقتها هذه العشرة الأخيرة من شهر صفر. فطوبى لمن فهم ذلك واستفاد من عمره!

تبجيل الميرزا الشيرازي لشيخ ذي ثياب رثة

للميرزا الشيرازي+ خصوصيات كثيرة، ومعرفة رجال العلم في حدّ ذاتها فنّ. إنّ جذور أفكار الميرزا النائيني+ الذي يعدّ فحل الفحول بين المتأخّرين تتجلّى في أفكار الميرزا الشيرازي+، الذي لم يكن يمتلك الفرصة الكافية لاستقبال الناس؛ لانشغالاته العلمية واهتماماته الاجتماعية المتعدّدة.

ذات يوم طرق باب الميرزا+ شيخ معمّم يرتدي ثياباً رثّة، فقال للحاجب: أُريد مقابلة الميرزا، فردّ عليه الحاجب بأنّ الوصول إلى الميرزا غير سهل للأعلام الأفاضل فضلاً عنك؟ فقال الشيخ: ما عليك سوى إخباره بأنّ فلاناً على الباب. فجاء الحاجب وأخبر الميرزا بذلك، فما إن سمع الميرزا اسمه حتّى تغيّر لونه، ونهض من مكانه مسرعاً، وارتدى ملابسه، وجاء بنفسه إلى الباب لاستقبال هذا الشيخ، فقدّم الشيخ على نفسه، وهو يسير من خلفه، وسط تعجّب جميع الأعلام، من أمثال الأُستاذ الحاج الشيخ عبد الكريم+، والميرزا محمّد تقي الشيرازي+، وغيرهم من الأعيان.

ثمّ أجلسه في مكانه، وجلس هو أمامه، وتبادلا أطراف الحديث في خلوة مدّة من الزمن، ثمّ تحرّك الشيخ للخروج، فشيّعه الميرزا إلى باب الدار وودّعه، وظلّ ينظر إليه حتّى اختفى عن الأنظار.

هذا ما جعل الجميع يندهشون من هذا التصرّف! فسأله المقرّبون منه: لم تصرّفت على هذا النحو؟ ومن هذا الشخص؟ فردّ+ قائلاً: أقولها كلمة واحدة، أنا مستعدّ لأن أُعطي كلّ ما قمت به في حياتي مقابل أن تُسجَّل أعمال هذا الشيخ في صحيفة أعمالي.

فازدادت دهشة خواصّ الميرزا وسألوا: وما حكاية هذا الشيخ؟ ـ تأمّلوا كيف فاز هؤلاء وكيف خسرنا نحن؟ ـ قال الميرزا: كان هذا الشيخ زميلي في الدراسة والمباحثة، وكان مستقبله الدراسي أكثر إشراقاً من مستقبلي، فجاءني ذات يوم ليقول: لقد حدّدت تكليفي، وما ينبغي لي القيام به، فقلت: وما هو تكليفك؟ فقال: وجدت منطقة لا يُذكر فيها أهل البيت^، وجميع سكّانها ليسوا على مذهب التشيّع، أُريد أن أشدّ الرحال إليها. قلت: وماذا تعمل هناك؟ قال: سأذهب وأسكن في مسجد تلك المنطقة، وأفتح فيه كُتّاباً لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، وسيكون هذا هو عملي فيما بعد.

وواصل الميرزا الشيرازي+ حديثه، وهو متأثّر، قائلاً: لقد ذهب هذا الشيخ إلى تلك المنطقة، فكانت حياته أن اتّخذ المسجد وكراً له، وأسّس فيه كُتّاباً لتعليم الأطفال، وأعلن للناس أنّه مستعدّ لتعليم أبنائهم مجاناً، دون أيّ مقابل، وقد كان الناس ينتظرون مثل هذه الفرصة.

فبدأ بتعليم الأطفال القراءة والكتابة، وكانت حياته صعبة للغاية، فقد كان يخرج ليلاً إلى الشوارع والأزقة ليجمع فتات الخبز اليابس الذي يلقيه سكّان القرية أمام بيوتهم فيقتات عليه، ولم يزل هذا قوته وعمله حتّى استطاع التأثير في الأطفال، وتعليمهم مودّة أهل البيت^، فتغيّرت المنطقة برمّتها.

قال الميرزا الشيرازي+: إنّني أطلب من الله تعالى أن يسجّل جميع أعمالي، من علم وعمل وصلاة ليل وغيرها، في صحيفة أعماله، ويسجّل عمله هذا في صحيفة أعمالي: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ)([[646]]).

فإن كانت منزلة هذا الشيخ عند الميرزا بهذا القدر، فما هي منزلته عند الإمام صاحب العصر والزمان#؟

من هنا، ينبغي لكم أن تغتنموا العشرة الأخيرة من شهر صفر، فانطلقوا إلى المناطق المحرومة والنائية من أجل إحياء المذهب؛ فلئن تمكّنتم من إقناع شخص واحد بالتوبة، أو تعليم جاهل حكماً شرعيّاً، كان أجركم كأجر من أحيى الناس جميعاً: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)([[647]]). وقد قال حجّة الله على الخلق، الإمام الصادق(عليه السلام)، في معنى إحياء النفس الوارد في الآية الشريفة: «أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى»([[648]]) (الملحق:1). فلا يفوتنّكم هذا الفوز العظيم.

عجز جميع الفقهاء عن إدراك أرواح أصحاب أبي عبد اللّه(عليه السلام)

ما معنى السلام الذي نردّده في مستهلّ هذه المحاضرات كلّ يوم منذ العاشر من محرّم؟ أيّ سلام؟ هل عرفتم ما هذا السلام؟ إنّ مجرّد ذكره يمثّل عبئاً ثقيلاً: «السَّلَامُ عَلَيْكَ ُ يَا أَبَا عَبْدِ الله، وَعَلَى الأَرْوَاحِ الَّتِي‏ حَلَّتْ‏ بِفِنَائِكَ»([[649]]) (الملحق:2). فمن هو المخاطب؟ أعرفتموه؟ «وَعَلَى الأَرْوَاحِ الَّتِي‏ حَلَّتْ‏ بِفِنَائِكَ»، فهل عرفنا تلك الأرواح؟

أقول وأنا مستعدّ لإثبات قولي بالبرهان العلمي: لو اجتمع الفقهاء من الشيخ الطوسي+ حتّى الشيخ الأنصاري+ لعجزوا عن إدراك روح واحدة من تلك «الْأَرْوَاحِ الَّتِي‏ حَلَّتْ‏ بِفِنَائِكَ». هذه هي الدائرة، فما هو قطرها؟ ومن يقف في مركزها؟ ومن هم أصحابه وأنصاره؟ إنّ هذا لأمر عظيم ومحيّر للألباب.

سيّد الشهداء(عليه السلام) هو اللوح المحفوظ والكتاب المبين وقلب عالم الإمكان

قال الإمام الحسين(عليه السلام) ليلة عاشورء مخاطباً أصحابه: «وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ‏ جَمَلاً، وَلْيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَتَفَرَّقُوا فِي سَوَادِ هَذَا اللَّيْلِ»([[650]]).

سأنقل لكم كلام اثنين من أصحاب الإمام(عليه السلام)؛ ليتضح أنّ الجميع عاجز عن إدراك حقيقة شخصية هؤلاء وما قاموا به.

ومن هو المخاطب في كلام الأصحاب؟ هو الجالس على الكرسي، وهو لوح الوجود المحفوظ([[651]])، وكتاب الله المبين([[652]])، وقلب عالَم الإمكان، والعالِم بالسرّ والعلن. إنّهم يخاطبون من هذه منزلته، وبهذا النحو:

كلام مسلم بن عوسجة وزهير ليلة عاشوراء

لما قال الإمام الحسين(عليه السلام) هذا الكلام، نهض مسلم بن عوسجة، وقال كلمات محسوبة، فذكر الله تعالى، ثمّ قال: «وَاللهِ لَوْ عَلِمْتُ‏ أَنِّي‏ أُقْتَلُ، ‏ ثُمَّ‏ أُحْيَا، ثُمَّ أُحْرَقُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُذْرَى، يُفْعَلُ ذَلِكَ بِي سَبْعِينَ مَرَّةً، مَا فَارَقْتُكَ»([[653]])، قال ذلك ثمّ جلس، أوليس أهل العالم عاجزين عن إدراك هذه الروح؟

ثمّ قام زهير وقال: «وَاللهِ! لَوَدِدْتُ‏ أَنِّي‏ قُتِلْتُ‏، ثُمَّ‏ نُشِرْتُ، ثُمَّ قُتِلْتُ، حَتَّى أُقْتَلَ هَكَذَا أَلْفَ مَرَّةٍ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَدْفَعُ بِذَلِكَ القَتْلَ عَنْ نَفْسِكَ، وَعَنْ أَنْفُسِ هَؤُلَاءِ الفِتْيَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ»([[654]]). أي كان يتمنّى أن يدفع عن أهل بيت الحسين(عليه السلام)، ومنهم القاسم بن الحسن، وإن أدّى ذلك إلى قتله بهذا الشكل.

منازل أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)

مرتبة تتبعها مرتبة، ردّ سيّد الشهداء(عليه السلام) على موقف الأصحاب بأن أراهم منازلهم من الجنّة، فقال لهم: «ارْفَعُوا رُؤوسَكُمْ وَانْظُرُوا، فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى مَوَاضِعِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ مِنَ الجَنَّةِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: هَذَا مَنْزِلُكَ يَا فُلَانُ»([[655]]). إنّ العالم في قبضة قدرته، فمن هو سيّد الشهداء؟ وهؤلاء هم أصحابه، وقد أرى كلّ واحد منهم مكانه في الجنّة.

المهم في الأمر أن نعرف: من هؤلاء؟ كيف كانوا؟([[656]]) وكيف أصبحوا؟ كيف كان أوّلهم؟ وكيف أصبح آخرهم؟ ولهذا قلت: إنّ جميع العلماء من شيخ الطائفة+ إلى الشيخ الأنصاري+، ليعجزون عن إدراك حقيقة كلّ فرد من هذه «الأَرْوَاحِ الَّتِي‏ حَلَّتْ‏ بِفِنَائِكَ وَحَلَّتْ بِرَحْلِكَ»([[657]]).

تراب قدمي سيّد الشهداء(عليه السلام)

رُوِيَ‏ أَنَّ عُصارَةَ الخلقِ رَسُول اللهِ كَانَ يَوْماً مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَارّاً فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، وَإِذَا هُمْ‏ بِصِبْيَانٍ‏ يَلْعَبُونَ‏ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ عِنْدَ صَبِيٍّ مِنْهُمْ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَيُلَاطِفُهُ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى حِجْرِهِ، وَكَانَ يُكْثِرُ تَقْبِيلَهُ، فَسُئِلَ عَنْ عِلَّةِ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ هَذَا الصَّبِيَّ يَوْماً يَلْعَبُ مَعَ الحُسَيْنِ، وَرَأَيْتُهُ يَرْفَعُ التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ وَيَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَعَيْنَيْهِ؛ فَأَنَا أُحِبُّهُ لِحُبِّهِ لِوَلَدِيَ الحُسَيْنِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَنْصَارِهِ فِي وَقْعَةِ كَرْبَلَاءَ»([[658]]). فهذا الصبي هو محبوب الرسول’، إنّ مثل سلمان(عليه السلام) يدرك معنى ذلك، حيث يقول حبيب الله’: «أَنَا أُحِبُّهُ لِحُبِّهِ لِوَلَدِيَ الحُسَيْنِ»، حينها نزل جبرئيل ليخبره’ بأنّ هذا الصبي سيقتل يوم عاشوراء مع ركب الحسين(عليه السلام)، هكذا كان أوّلهم فكان كذلك آخرهم، هؤلاء هم أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)، فمن هو الحسين نفسه(عليه السلام) يا ترى؟

الربّانيون وشيعة اللّه

لم ينتهِ الأمر عند هذا الحدّ، ومن المؤسف أنّ العمر قد انقضى وتصرّم ولم نفهم ما معنى عاشوراء؟ ما معنى كربلاء؟ من هو سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ ومن هم أصحابه؟ فقد كان حجة الله الإمام الصادق(عليه السلام) يقف مقابل قبورهم قائلاً: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّبَّانِيُّونَ»([[659]])، «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا شِيعَةَ اللهِ»([[660]]). كلّ جملة من هذه الجمل مذهلة للعقول، ومحيّرة للألباب، فمن هم هؤلاء ليسلّم عليهم الإمام(عليه السلام) بهذا الشكل؟ ومن يستطيع فهم هذه الكلمات؟

خاصّة اللّه

«أَنْتُمْ خِيَرَةُ اللهِ»، إن كانت ذرّةٌ من الضوء بهذه العظمة فكيف تكون عظمة الشمس؟ لم يكن هؤلاء سوى ذرّات تدور حول سيّد الشهداء(عليه السلام)، وقد حصلوا على هذه الدرجة، فما هي مكانته هو(عليه السلام)؟

«أَنْتُمْ خِيَرَةُ اللهِ، اخْتَارَكُمُ اللهِ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ»، والجملة التي تضج بالعظمة حيث يقول(عليه السلام): «وَأَنْتُمْ خَاصَّةُ اللهِ»([[661]]). على أنّ شرح هذه الكلمات مما لا يمكن في هذا الوقت المحدود، وإنما يتطلّب فرصة أُخرى.

دم سيّد الشهداء(عليه السلام) وأصحابه عند العرش الإلهي

وخاتمة القول: إنّي سأُشير هنا إلى رواية لتعلموا ما القضية؟ ومن هو سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ والمهم هو نص الرواية، فقد روى شيخ المحدّثين الصدوق+ أنّ ابن عباس رأى النبي في الرؤيا ليلة قتل سيّد الشهداء(عليه السلام)، والظاهر أنّ ذلك كان في الليلة الحادية عشرة من المحرّم، قال: «رَأيْتُ النَّبِيَّ اللَّيْلةَ التِي قُتِلَ فِيها الحُسَيْنُ وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ». ولما سأله ابن عباس عنها، قال: «هَذهِ دِمَاءُ الحُسَيْنِ(عليه السلام) وَأَصْحَابِهِ أرْفَعُهَا إلَى اللهِ تَعَالَى»([[662]]).

ها هنا يتضح لكم أنّ جميع الفقهاء من الشيخ الطوسي+ إلى الشيخ الأنصاري+ ألهم أن يدركوا ما فعله هؤلاء الأصحاب الذين اختلطت دماؤهم بدم سيّد الشهداء(عليه السلام)؟ حتّى يأتي الإنسان الأوّل في عالم الإمكان، النبي الخاتم، إلى كربلاء، فيأخذ تلك الدماء، قائلاً لابن عباس: «أرْفَعُهَا إلَى اللهِ تَعَالَى»؛ فأيّ منزلة تلك التي بلغها دم ذلك العبد الأسود؟([[663]]) فما بالك بذلك الإكسير الذي حوّل كلّ هؤلاء إلى جواهر؟ فأين هي منزلته(عليه السلام)؟ وما الذي فعله(عليه السلام)؟ وإلى أين بلغ؟ إنّنا لعاجزون عن البيان: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)([[664]]). ونهاية المطاف: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)([[665]]).

فإذا كان دم أصحابه(عليه السلام) قد رُفع إلى العرش، فأين رفع دمه هو(عليه السلام)؟ هذا الأمر مما لا يُدرك ولا يوصف: (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً).

جراح الرماح والسيوف والسهام

أيّ نبيّ فعل ما فعله الإمام الحسين(عليه السلام)؟ تصوّروا كم المساحة بين الرأس والصدر؟ وكم يمكن أن تتحمّل من الجراح والإصابات؟ قال الإمام الخامس من أئمة الهدى^: «أُصِيبَ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ‘، وَوُجِدَ بِهِ ثَلَاثُ مِئَةٍ وَبِضْعَاً وَعِشْرينَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ‏ أَوْ ضَرْبَةً بِسَيْفٍ‏ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، فَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مُقَدَّمِهِ»([[666]]) (الملحق:3).

ولكن كيف كان حاله هو(عليه السلام)؟ كان يردّد: «إلهي! رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك، لا معبود سواك، يا غياث المستغيثين»([[667]]).

الملاحق

(الملحق:1)

 عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام): قَوْلُ الله فِي كِتَابِهِ: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، قَالَ: «مِنْ‏ حَرَقٍ‏ أَوْ غَرَقٍ». ‏ قُلْتُ: فَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلَالٍ إِلَى هُدًى؟ قَالَ: «ذَاكَ تَأْوِيلُهَا الْأَعْظَمُ». (الكليني، الكافي: ج2، ص210 ـ 211؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص186).

وَرُويَ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام): أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللَهُ؟ فَقَالَ(عليه السلام): «نَعَمْ». فَقُلْتُ: كُنْتُ عَلَى حَالٍ وَأَنَا الْيَوْمَ‏ عَلَى‏ حَالٍ‏ أُخْرَى، ‏كُنْتُ أَدْخُلُ الْأَرْضَ فَأَدْعُو الرَّجُلَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْمَرْأَةَ، فَيُنْقِذُ اللَهُ مَنْ شَاءَ، وَأَنَا الْيَوْمَ لَا أَدْعُو أَحَداً. فَقَالَ: «وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، فَمَنْ أَرَادَ اللَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ ظُلْمَةٍ إِلَى نُورٍ أَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا عَلَيْكَ إِنْ آنَسْتَ مِنْ أَحَدٍ خَيْراً أَنْ تَنْبِذَ إِلَيْهِ الشَّيْ‏ءَ نَبْذاً». قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). قَالَ: «مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ»، ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «تَأْوِيلُهَا الْأَعْظَمُ أَنْ دَعَاهَا فَاسْتَجَابَتْ لَهُ». (الكليني، الكافي: ج2، ص211؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص186).

ورُويَ أيضاً: عَنْ نَصْرِ بْنِ قَابُوسَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «لَإِطْعَامُ مُؤْمِنٍ‏ أَحَبُ‏ إِلَيَ‏ مِنْ‏ عِتْقِ‏ عَشْرِ رِقَابٍ وَعَشْرِ حِجَجٍ». قَالَ: قُلْتُ: عَشْرِ رِقَابٍ وَعَشْرِ حِجَجٍ؟ قَالَ: فَقَالَ: «يَا نَصْرُ! إِنْ لَمْ تُطْعِمُوهُ مَاتَ أَوْ تَدُلُّونَهُ فَيَجِي‏ءُ إِلَى نَاصِبٍ فَيَسْأَلُهُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ نَاصِبٍ. يَا نَصْرُ! مَنْ أَحْيَى مُؤْمِناً فَكَأَنَّما أَحْيَى النَّاسَ جَمِيعاً، فَإِنْ لَمْ تُطْعِمُوهُ فَقَدْ أَمَتُّمُوهُ، وَإِنْ أَطْعَمْتُمُوهُ فَقَدْ أَحْيَيْتُمُوهُ». (الكليني، الكافي: ج2، ص204؛ الحرّ لعاملي، وسائل الشيعة: ج24، ص303 ـ 304).

ورُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «مَنْ سَقَى‏ الْمَاءَ فِي‏ مَوْضِعٍ‏ يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى‏ الْمَاءَ فِي‏ مَوْضِعٍ‏ لَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَحْيَى نَفْساً، وَمَنْ أَحْيَى نَفْساً فَكَأَنَّما أَحْيَى النَّاسَ جَمِيعاً». (الكليني، الكافي: ج4، ص57؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص64 ـ 65).

(الملحق:2)

قال شيخنا ثقة الإسلام النّوري&: «أمّا زيارة عاشوراء فكفاها فضلاً وشرفاً أنّها لا تسانخ سائر الزّيارات الّتي هي من إنشاء المعصوم وإملائه في ظاهر الأمر، وإن كان لا يبرز من قلوبهم الطّاهرة إلاّ ما تبلغها من المبدأ الأعلى، بل تسانخ الأحاديث القدسيّة التي أوحى الله جلّت عظمته بها إلى جبرئيل بنصّها، بما فيها من اللّعن والسّلام والدّعاء، فأبلغها جبرئيل إلى خاتم النّبيين، وهي ـ كما دلّت عليه التجارب ـ فريدة في آثارها من قضاء الحوائج ونيل المقاصد ودفع الأعادي، لو واظب عليها الزّائر أربعين يوماً أو أقلّ، ولكن أعظم ما أنتجته من الفوائد ما في كتاب دار السّلام، وملّخصه: أنّه حدّث الثّقة الصّالح التّقي الحاج المولى حسن اليزدي، المجاور للمشهد الغرويّ، وهو من الّذين وفوا بحقّ المجاورة وأتعبوا أنفسهم في العبادة، عن الثّقة الأمين الحاج محمّد عليّ اليزدي، قال: كان في يزد رجل صالح فاضل، مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه، يبيت في اللّيالي بمقبرة خارج بلدة يزد تُعرف بالمزار، وفيها جملة من الصّلحاء، وكان له جار نشأ معه من صغر سنّه عند المُعلّم وغيره إلى أن صار عشّاراً، وكان كذلك إلى أن مات ودُفن في تلك المقبرة قريباً من المحلّ الَّذي كان يبيت فيه الرّجل الصّالح المذكور، فرآه بعد موته بأقلّ من شهر في المنام في زيّ حسن وعليه نضرة النّعيم، فتقدّم إليه وقال له: إنّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك، ولم تكن ممّن يحتمل في حقّه حسن الباطن، ولم يكن عملك مقتضياً إلّا العذاب والنكال، فبم نلت هذا المقام؟ قال: نعم، الأمر كما قلت، كنت مقيماً في أشدّ العذاب من يوم وفاتي إلى أمس، وقد توفّيت فيه زوجة الأستاذ أشرف الحدّاد، ودُفنت في هذا المكان، وأشار إلى طرف بينه وبينه قريب من مئة ذراع، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله(عليه السلام) ثلاث مرّات، وفي المرّة الثّالثة أمر برفع العذاب عن هذه المقبرة، فصرت في نعمة وسعة وخفض عيش ودعة. فانتبه متحيّراً ولم تكن له معرفة بالحدّاد ومحلّه، فطلبه في سُوق الحدّادين فوجده، فقال له: ألك زوجة؟ قال: نعم، توفّيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني، وذكر الموضع الَّذي أشار إليه. قال: فهل زارت أبا عبد الله(عليه السلام)؟ قال: لا. قال: فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال: لا. قال: فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه؟ قال: لا. فقال الرّجل: وما تريد من السّؤال؟ فقصّ عليه رؤياه، قال: كانت مواظبة على زيارة عاشوراء». (الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان: ص463).

(الملحق:3)

 قَالَ الصَّادِقُ [جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ÷]: «وُجِدَ [فِيهِ] بِالْحُسَيْنِ(عليه السلام) ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ‏ طَعْنَةً، وَأَرْبَعٌ‏ وثَلَاثُونَ ضَرْبَةً». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص200؛ محمّد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة: ص178؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص58؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص76؛ العاملي، الدرّ النظيم: ص572؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص57).

مصادر أهل السنّة: البلاذري، أنساب الأشراف: ج3، ص203؛ المسعودي، مروج الذهب: ج3، ص62؛ محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري: ج4، ص346؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص79؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص460؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص42.

ورُويَ أيضاً: «قِيلَ: أَلْفٌ وَتِسْعُمِائَةِ جِرَاحَةٍ، وَكَانَتِ السِّهَامُ فِي‏ دِرْعِهِ‏ كَالشَّوْكِ‏ فِي‏ جِلْدِ الْقُنْفُذِ». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص258؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص52).

وَوَرَدَ: «أَمَرَ [شِمْرٌ] الرُّمَاةَ أَنْ يَرْمُوهُ، ‏ فَرَشَقُوهُ‏ بِالسِّهَامِ‏ حَتَّى صَارَ كَالْقُنْفُذِ فَأَحْجَمَ عَنْهُم‏». (الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص111؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص468؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص189؛ يوسف بن حاتم العاملي، الدرّ النظيم: ص558).

ورُويَ في كِتَابُ النَّوَادِرِ لِعَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: «...وَلَقَدْ قَتَلُوهُ قَتْلَةً نَهَى‏ رَسُولُ‏ الله أَنْ يُقْتَلَ بِهَا الْكِلَابُ، لَقَدْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ وَبِالْحِجَارَةِ وَبِالْخَشَبِ وَبِالْعَصَا، وَلَقَدْ أَوْطَؤوهُ الْخَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ». (عدّة محدّثين (نخبة من الرواة)، الأصول الستة عشر: ص122؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص91؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين(عليه السلام): ص317).

المصادر والمراجع

وخير ما نبتدئ به القرآن الكريم.

أوّلاً: المصادر الشيعية

1.          إبصار العين في أنصار الحسين(عليه السلام)، الشيخ محمّد السماوي (م. 1370)، تحقيق: الشيخ محمّد جعفر الطبسي، الطبعة الأولى 1419، الناشر: مرکز الدراسات الإسلامية لممثلية الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلامية.

2.          إثبات الهداة، الحر العاملي (م. 1104).

3.          الاحتجاج، أحمد بن علي الطبرسي (م. 560)، تحقيق: السيّد محمّد باقر الخرسان، سنة الطبع: 1386، الناشر: دار النعمان النجف الأشرف.

4.          الاختصاص، الشيخ مفيد (م. 413)، تحقيق: علي أکبر الغفاري ـ السيّد محمّد الزرندي، الطبعة الثانية 1414، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع.

5.          اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي (م.460)، تصحيح وتعليق: ميرداماد الأسترآبادي، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، سنة الطبع: 1404، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

6.          الإرشاد، الشيخ المفيد (م. 413)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لتحقيق التراث، الطبعة الثانية 1414، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

7.          إرشاد الأذهان، العلّامة الحلّي (م. 726)، تحقيق: الشيخ فارس الحسون، الطبعة الأولى 1410 ،  الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

8.          إرشاد القلوب، الحسن بن محمّد الديلمي (م. ق 8)، الطبعة الثاني 1415، الناشر: الشريف الرضي.

9.          الإشارات والتنبيهات، أبو علي سينا (م. 428)، (الشرح: نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي ـ شرح الشرح: العلّامة قطب الدين محمّد بن محمّد أبي جعفر الرازي، الطبعة الأولى 1383 ش، الناشر: نشر البلاغة ـ قم.

10.    الأصول الستة عشر، عدّة محدثين (م. ق 2)، الطبعة الثانية 1405، الناشر: دار الشبستري للمطبوعات ـ قم.

11.    الاعتقادات في دين الإمامية، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: عصام عبد السيّد، الطبعة الثانية 1414، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت.

12.    أعلام الدين في صفات المؤمنين، الديلمي (م. ق 8)، نشر وتحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

13.    إعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطبرسي (م. 548)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى 1417، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

14.    إقبال الأعمال، السيّد ابن طاووس (م. 664 أو 668)، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.

15.    إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب، الشيخ علي اليزدي الحائري (م. 1333)، تحقيق: السيّد علي عاشور.

16.    ألقاب الرسول’ وعترته، مجموعة من قدماء المحدّثين (م. ق 4)، سنة الطبع: 1406، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

17.    الأمالي، الشريف المرتضى (م. 436)، تصحيح وتعليق: السيّد محمّد بدر الدين النعساني الحلبي، الطبعة الأولى 1325، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي.

18.    أمالي الصدوق، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة ـ قم، الطبعة الأولى 1417، الناشر: مؤسسة البعثة.

19.    الإمامة والتبصرة، ابن بابويه القمي (م. 329)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة، الطبعة الأولى 1404، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

20.    ، الأنوار القدسية، الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (م. 1320)، تصحيح وتعليق: الشيخ علي النهاوندي، الطبعة الأولى 1415، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

21.    الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، الحرّ العاملي (م. 1104)، تحقيق: مشتاق المظفر، الطبعة الأولى 1422، الناشر: دليل ما ـ قم.

22.    بحار الأنوار، العلّامة المجلسي (م. 1110)، الطبعة الثانية 1403، الناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان.

23.    البرهان في تفسير القرآن، السيّد هاشم البحراني (م. 1107)، الطبعة الأولى1417، الناشر: مؤسسة دار التفسير.

24.    بشارة المصطفى، محمّد بن علي الطبري (م. 525)، التحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأولى 1420، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة.

25.    بصائر الدرجات، محمّد بن الحسن بن فروخ، الصفار، (م. 290)، تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن کوچه باغي، سنة الطبع: 1404، الناشر: منشورات الأعلمي ـ طهران.

26.    بغية الطلب في تاريخ حلب، عمر بن أحمد العقيلي الحلبي، ابن العديم، (م. 660)، حققه وقدم له: الدکتور سهيل زکار، سنة الطبع: 1408، الناشر: مؤسسة البلاغ، بيروت ـ لبنان.

27.    البلد الأمين والدرع الحصين، الشيخ إبراهيم الکفعمي (م. 905)، سنة الطبع: 1383، الناشر: مكتبة الصدوق، طهران ـ بازار سراى ارديبهشت.

28.    بيت الأحزان، الشيخ عباس القمي (م. 1359)، الطبعة الأولى1412، الناشر: دار الحکمة ـ قم.

29.    تاريخ آل زرارة، أبو غالب الزراري (م. 368)، سنة الطبع: 1399، المطبعة: رباني.

30.    تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، شرف الدين الحسيني الأسترآبادي (م. ن 965)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1407، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

31.    تحرير الأحکام، العلّامة الحلّي (م. 726)، تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري، إشراف: جعفر السبحاني، الطبعة الأولى1420، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام).

32.    تحفة السنية في شرح نخبة المحسنية، السيّد عبد الله الجزائري (م. 1173)، مخطوط.

33.    تذکرة الشهداء.

34.    . تسلية المجالس، محمّد بن أبي طالب.

35.    . التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، السيّد ابن طاووس (م. 664)،  الطبعة الأولى 1416 ، الناشر: مؤسسة صاحب الأمر#.

36.    تفسير أبي حمزة الثمالي، أبو حمزة الثمالي (م. 148)، الطبعة الأولى1420 ، الناشر: دفتر نشر الهادي.

37.    تفسير الإمام العسکري(عليه السلام)، المنسوب إلى الإمام العسکري(عليه السلام) (م. 260)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1409، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

38.    تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل کتاب الله العزيز المحکم، السيّد حيدر الآملي (م. 782)، تحقيق: السيّد محسن الموسوي التبريزي، الطبعة الرابعة 1428، الناشر: مؤسسه فرهنگى ونشر نور على نور.

39.    تفسير الميزان، السيّد الطباطبائي (م. 1402)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

40.    تفسير العاملي، إبراهيم العاملي (م. 1388)، تصحيح: علي أکبر الغفاري، الناشر: مكتبة الصدوق.

41.    تفسير کبير منهج الصادقين في إلزام المخالفين، الملا فتح الله الکاشاني (م. 988)، فارسي، سنة الطبع: 1333 ش، المطبعة: محمّد حسن علمي.

42.    تفسير کنز الدقائق وبحر الغرائب، الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمي المشهدي (م. 1125)، تحقيق: حسين درگاهي، الطبعة الأولى 1407 ، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.

43.    تفسير الصافي، فيض کاشاني (م. 1091)، الطبعة الثانية 1416، الناشر: مكتبة الصدر ـ طهران.

44.    تفسير العياشي، أبو النظر محمّد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي (م. 320 هـ. ق)، تحقيق وتعليق وتصحيح: السيّد هاشم الرسولي المحلاتي، الناشر والمطبعة، المكتبة العلمية الإسلامية.

45.    تفسير جوامع الجامع، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (م. 548)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى 1418، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

46.    تفسير فرات الکوفي، فرات بن إبراهيم الکوفي (م. 352)، تحقيق: محمّد الکاظم، الطبعة الأولى1410 ، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران.

47.    تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي (م. 307)، الناشر: مؤسسة دار الکتاب ـ قم.

48.    تفسير مجمع البيان، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (م. 548)، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، الطبعة الأولى 1415، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ـ لبنان.

49.    تفسير نور الثقلين، الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي (م. 1112)، تحقيق: السيّد هاشم الرسولي المحلاتي، الطبعة الرابعة 1412، الناشر: مؤسسة إسماعيليان ـ قم.

50.    التمحيص، محمّد بن همام الإسکافي (م. 336)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

51.    تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ورام بن أبي فراس المالکي الأشتري (م. 605)، مجموعة ورام، الطبعة الثانية 1368 ش، الناشر: دار الکتب الإسلامية.

52.    تهذيب الأحکام، الشيخ الطوسي (م. 460)، تحقيق وتعليق: السيّد حسن الخرسان، الطبعة الرابعة 1365 ش، الناشر: دار الکتب الإسلامية.

53.    الثاقب في المناقب، ابن حمزة الطوسي (م. 560)، تحقيق: نبيل رضا علوان، الطبعة الثانية 1412، الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر ـ قم المقدّسة.

54.    ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق (م. 381)، تقديم: السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان، الطبعة الثانية 1368 ش، الناشر: الشريف الرضي ـ قم.

55.    جامع الأسرار ومنبع الأنوار، السيّد حيدر الآملي (م. 8)، الطبعة الثانية 1368ش، الناشر: شرکت انتشارات علمى وفرهنگى وابسته به وزارت فرهنگ وآموزش عالى وانجمن ايرانشناسى فرانسه.

56.    جامع عباسى، الشيخ البهائي العاملي (م. 1031)، فارسي، الناشر: مؤسسة انتشارات فراهاني ـ طهران.

57.    الجواهر السنية، الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (م. 1104)، سنة الطبع: 1384، المطبعة: النعمان ـ النجف الأشرف.

58.    الحدائق الوردية، المحلي (م.652).

59.    حقائق الإيمان، الشهيد الثاني (م. 965)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، إشراف: السيّد محمود المرعشي، الطبعة الأولى 1409، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي ـ قم المقدّسة.

60.    حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهار، السيّد هاشم البحراني (م. 1107)، سنة الطبع: 1356 ش، الناشر: دار الکتب العلمية ـ قم.

61.    الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي (م. 573)، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي#، إشراف: السيّد محمّد باقر الموحد الأبطحي، الطبعة الأولى 1409، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

62.    الخصال، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: علي أکبر الغفاري، سنة الطبع: 1403، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

63.    خلاصة الأقوال، العلّامة الحلّي (م. 726)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الطبعة الأولى 1417، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

64.    الدر النظيم، حاتم العاملي (م. 664)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

65.    الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة، الشهيد الأوّل (م. 786)، الطبعة الأولى1379 ش، الناشر: زائر.

66.    الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الشهيد الأوّل (م. 786)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية 1417، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

67.    الدعوات، قطب الدين الراوندي (م. 573)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى1407، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم.

68.    دلائل الإمامة، الشيخ أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري (م. قرن 4)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، الطبعة الأولى 1413، الناشر: مؤسسة البعثة ـ قم.

69.    ذخيرة المعاد، المحقق السبزواري (م. 1090)، الطبعة: حجرية، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

70.    ذکرى الشيعة في أحکام الشريعة، الشهيد الأوّل (م. 786)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى 1419، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

71.    رجال ابن داود، ابن داود الحلّي (م. 740)، تحقيق وتقديم: السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم، سنة الطبع: 1392، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، الشريف الرضي ـ قم.

72.    رسائل الشهيد الثاني، الشهيد الثاني (م. 965)، الطبعة: حجرية، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

73.    رسائل الکرکي، المحقق الکرکي (م. 940)، تحقيق: الشيخ محمّد الحسون، إشراف: السيّد محمود المرعشي، الطبعة الأولى 1409، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

74.    رسائل ومسائل، ملا أحمد النراقي (م. 1345)، فارسي، تحقيق: رضا الأستادي، الطبعة الأولى1380 ش، الناشر: کنگره بزرگداشت ملا مهدى وملا أحمد نراقى.

75.    الرواشح السماوية، المحقق الداماد (م. 1041)، تحقيق: غلام حسين قيصريه ها، نعمة الله الجليلي، الطبعة الأولى 1422، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.

76.    روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، الشيخ أبو الفتوح الرازي (م. ق 6)، فارسي، تصحيح: الدکتور محمّد جعفر ياحقّي ـ الدکتور محمّد مهدي ناصح، سنة الطبع: 1371 ش، الناشر: آستان قدس رضوى.

77.    روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، محمّد تقي المجلسي (م. 1070)، نمّقه وعلّق عليه: السيّد حسين الموسوي الکرماني والشيخ علي پناه الإشتهاردي، الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي حاج محمّد حسين کوشانپور.

78.    روضة الواعظين، محمّد بن الفتال النيشابوري الشهيد (م. 508)، تحقيق: السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان، الناشر: الشريف الرضي ـ قم.

79.    الروضة في فضائل أمير المؤمنين، شاذان بن جبرئيل القمي، (م. 660)، تحقيق: علي الشکرچي، الطبعة الأولى 1423.

80.    زبدة التفاسير، الملا فتح الله الکاشاني (م. 988)، تحقيق: مؤسسة المعارف، الطبعة الأولى1423، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

81.    شرح إحقاق الحق، السيّد المرعشي (م. 1411)، تعليق: السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي، تصحيح: السيّد إبراهيم الميانجي، الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

82.    شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي (م. 363)، تحقيق: السيّد محمّد الحسيني الجلالي، الطبعة الثانية 1414، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

83.    شرح الأسماء الحسنى، ملا هادي السبزواري (م. 1289)، الطبعة: حجرية، الناشر: مكتبة بصيرتي، قم.

84.    شرح تبصرة المتعلمين، آقا ضياء العراقي (م. 1361)، کتاب القضاء، تحقيق: محمّد هادي معرفة، المطبعة: مهر ـ قم.

85.    شرح توحيد الصدوق، القاضي سعيد القمي (م. 1103).

86.    الصحيفة السجادية الکاملة، الإمام زين العابدين(عليه السلام) (م. 94)، خط: عبد الرحيم أفشاري زنجاني، سنة الطبع: 1404، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

87.    الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، زين الدين أبو محمّد علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (م. 877)، تحقيق: محمّد الباقر البهبودي، الطبعة الأولى 1384، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.

88.    الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، السيّد ابن طاووس (م. 664)، الطبعة الأولى 1399، المطبعة: الخيام ـ قم.

89.    عدّة الداعي ونجاح الساعي، ابن فهد الحلّي (م. 841)، تصحيح: أحمد الموحدي القمي، الناشر: مكتبة وجداني ـ قم.

90.    العقد النضيد والدر الفريد، محمّد بن الحسن القمي (م. 7)، تحقيق: علي أوسط الناطقي، الطبعة الأولى 1423، الناشر:  دار الحديث للطباعة والنشر.

91.    علل الشرايع، الصدوق (م. 381)، تحقيق وتقديم: السيّد محمّد صادق بحر العلوم، سنة الطبع: 1385، الناشر: المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.

92.    عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار، ابن البطريق الأسدي الحلّي (م. 600)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

93.    العوالم- الإمام الحسين(عليه السلام)، الشيخ عبد الله البحراني (م. 1130)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1407، الناشر: مدرسة الإمام المهدي#.

94.    عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، ابن أبي جمهور الأحسائي (م. 880)، تحقيق: الشيخ مجتبي العراقي، الطبعة الأولى 1403 المطبعة: سيّد الشهداء ـ قم.

95.    العويص، الشيخ المفيد (م. 413)، تحقيق: الشيخ محسن أحمدي، ، الطبعة الثانية 1414، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

96.    عيون الحکم والمواعظ، علي بن محمّد الليثي الواسطي (م. ق 6)، تحقيق: الشيخ حسين الحسيني البيرجندي، الطبعة الأولى، الناشر: دار الحديث.

97.    عيون المعجزات، حسين بن عبد الوهاب (م. ق 5)، سنة الطبع: 1369، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

98.    عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، الطبعة الأولى 1404، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

99.    الغارات، إبراهيم بن محمّد الثقفي الکوفي (م. 283)، تحقيق: السيّد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث.

100.       غاية المرام، السيّد هاشم البحراني (م. 1107)، تحقيق: السيّد علي عاشور.

101.       الغدير، الشيخ الأميني (م. 1392)، الطبعة الرابعة 1397، الناشر: دار الکتاب العربي، بيروت ـ لبنان.

102.       الغرر الحکم، التميمي الآمدي.

103.       الغيبة، ابن أبي زينب النعماني (م. 380)، تحقيق: فارس حسون کريم، الطبعة الأولى 1422، الناشر: أنوار الهدى.

104.       الغيبة، شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م. 460)، تحقيق: عباد الله الطهراني والشيخ علي أحمد ناصح، الطبعة الأولى 1411، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية - قم المقدّسة.

105.       الفتوح، أحمد بن أعثم الکوفي (م. 314)، تحقيق: علي شيري، الطبعة الأولى 1411، الناشر: دار الأضواء.

106.       الفرج بعد الشدّة، القاضي التنوخي (م. 384)، الطبعة الثانية 1364 ش، الناشر: الشريف الرضي ـ قم.

107.       الفصول المهمّة في أصول الأئمة، الحر العاملي (م. 1104)، تحقيق وإشراف: محمّد بن محمّد الحسين القائيني، الطبعة الأولى 1418، الناشر: مؤسسة معارف إسلامي إمام رضا(عليه السلام).

108.       الفضائل، شاذان بن جبرئيل (م. 660)، سنة الطبع: 1381، الناشر: المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.

109.       فقه الرضا(عليه السلام)، علي بن بابويه القمي (م. 329)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى 1406، الناشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا(عليه السلام) ـ مشهد المقدّسة.

110.       فلاح السائل، السيّد ابن طاووس (م. 664).

111.       فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي)، النجاشي (م450)، الطبعة الخامسة 1416، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

112.       قاموس الرجال، الشيخ محمّد تقي التستري، الطبعة الأولى 1419، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

113.       قرب الإسناد، الحميري القمي (م. 304)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى1413، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

114.       قصص الأنبياء، الراوندي (م. 573)، تحقيق: الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني، الطبعة الأولى 1418، الناشر: الهادي.

115.       قواعد الأحکام، العلّامة الحلّي (م. 726)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى1413، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

116.       القواعد والفوائد، الشهيد الأوّل (م. 786)، تحقيق: السيّد عبد الهادي الحکيم، الناشر: مكتبة المفيد ـ قم.

117.       کامل الزيارات، جعفر بن محمّد بن قولويه (م. 367)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الطبعة الأولى 1417 ، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

118.       کامل البهائي، عماد الدين الطبري.

119.       کتاب الطهارة، الشيخ الأنصاري (م. 1281)، الناشر: مؤسسة آل البيت^ للطباعة والنشر.

120.       کتاب المکاسب، الشيخ الأنصاري (م. 1281)، تحقيق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم، الطبعة الأولى 1415، الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذکرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري.

121.       کتاب سليم بن قيس، سليم بن قيس الهلالي الکوفي (م. ق 1)، تحقيق: محمّد باقر الأنصاري الزنجاني، الطبعة الأولى1422، الناشر: دليل ما.

122.       کشف الغمة في معرفة الأئمة، علي بن عيسى ابن أبي الفتح الأربلي (م. 693)، الطبعة الثانية 1405، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت،

123.       کشف اللثام، الفاضل الهندي (م. 1137)، سنة الطبع: 1405، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

124.       کشف المحجة لثمرة المهجة، السيّد ابن طاووس (م. 664)، فارسي، المترجم: أسد الله مبشري، الطبعة الثانية1374ش، الناشر: دفتر نشر فرهنگ إسلامي.

125.       کفاية الأثر، الخزاز القمي (م. 400)، تحقيق: السيّد عبد اللطيف الحسيني الکوهکمري الخوئي، سنة الطبع: 1401، الناشر: بيدار.

126.       کمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أکبر الغفاري، سنة الطبع: 1405، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

127.       کنز الفوائد، أبو الفتح الکراجکي (م. 449)، الطبعة الثانية 1369 ش، الناشر: مكتبة المصطفوي ـ قم.

128.       الکنى والألقاب، الشيخ عباس القمي (م. 1359)، الناشر: مكتبة الصدر ـ طهران.

129.       اللهوف في قتلى الطفوف، السيّد ابن طاووس (م. 664)، الطبعة الأولى1417 ، الناشر: أنوار الهدى ـ قم.

130.       لواعج الأشجان، السيّد محسن الأمين (م. 1371)، سنة الطبع: 1331، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

131.       مئة منقبة، ابن شاذان (م. 412)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1407، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

132.       مثير الأحزان، ابن نما الحلّي (م. 645)، سنة الطبع: 1369، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

133.       المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة، السيّد شرف الدين (م. 1377)، مراجعة وتحقيق: محمود البدري، الطبعة الأولى1421، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية.

134.       مجمع البحرين، الشيخ فخر الدين الطريحي (م. 1085)، الطبعة الثانية 1362 ش، الناشر: مرتضوي.

135.       مجمع النورين، الطبعة: حجرية، الشيخ أبو الحسن المرندي.

136.       المحاسن، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (م. 274)، تصحيح وتعليق: السيّد جلال الدين الحسيني المحدث، سنة الطبع: 1370، الناشر: دار الکتب الإسلامية ـ طهران.

137.       المحتضر، عز الدين الحسن بن سليمان الحلّي (م. ق  9)، تحقيق: السيّد علي أشرف، الطبعة الأولى 1424 ، الناشر: المكتبة الحيدرية.

138.       المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، الفيض الکاشاني (م. 1091)، صححه وعلّق عليه: علي أکبر الغفاري، الطبعة الثانية، الناشر: دفتر انتشارات إسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم.

139.       مختصر بصائر الدرجات، عز الدين الحسن بن سليمان الحلّي (م. ق 9)، الطبعة الأولى1370، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

140.       مختلف الشيعة، العلّامة الحلّي (م. 726)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية 1413، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

141.       مدينة المعاجز، السيّد هاشم البحراني (م. 1107 هـ. ق)، تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، الطبعة الأولى1413، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية.

142.       مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلّامة المجلسي (م. 1111)،  تقديم: السيّد مرتضى العسکري، إخراج ومقابلة وتصحيح: السيّد هاشم الرسولي، الطبعة الثانية 1404، الناشر: دار الکتب الإسلامية.

143.       المزار، محمّد بن المشهدي (م. ق 6)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، الطبعة الأولى 1419، الناشر: نشر القيوم ـ قم.

144.       المسائل العکبرية، الشيخ المفيد (م. 413)، تحقيق: علي أکبر الإلهي الخراساني، الطبعة الثانية 1414، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

145.       مسائل علي بن جعفر، علي بن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) (م. ق 2)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى 1409، الناشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا(عليه السلام) مشهد المقدّسة.

146.       مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري (م. 1320)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأولى 1408، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

147.       مسند الرضا(عليه السلام)، داود بن سليمان الغازي (م. 203)، تحقيق: محمّد جواد الحسيني الجلالي، الطبعة الأولى 1418، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.

148.       مشارق أنوار اليقين، الحافظ رجب البرسي (م. ح 813)، تحقيق: السيّد علي عاشور، الطبعة الأولى 1419 ، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

149.       مشرق الشمسين، البهائي العاملي (م. 1031)، الطبعة: حجرية، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

150.       مشکاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي (م. ق 7)، تحقيق: مهدي هوشمند، الطبعة الأولى 1418 ، الناشر: دار الحديث.

151.       مصادقة الإخوان، الشيخ الصدوق (م. 381)، إشراف: السيّد علي الخراساني الکاظمي، الناشر: مكتبة الإمام صاحب الزمان# العامّة.

152.       المصباح (جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية)، الشيخ إبراهيم الکفعمي (م. 905)، الطبعة الثالثة 1403، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

153.       مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)، الميرجهاني (م. 1388)، سنة الطبع: 1388.

154.       مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة، المنسوب للإمام الصادق(عليه السلام) (م. 148)، الطبعة الأولى1400، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

155.       مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي (م. 460)، الناشر: مؤسسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان.

156.       معالم الدين وملاذ المجتهدين (قسم الفقه)، حسن بن زين الدين العاملي (م. 1011)، تحقيق: السيّد منذر الحکيم، الطبعة الأولى 1418، الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر.

157.       معالي السبطين، الشيخ محمّد مهدي المازندراني (م. 1385).

158.       معاني الأخبار، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: علي أکبر الغفاري، سنة الطبع: 1361ش، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

159.       معجم رجال الحديث، السيّد الخوئي (م. 1413)، الطبعة الخامسة 1413.

160.       مفتاح الفلاح، البهائي العاملي (م. 1031)، الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

161.       مقتل الحسين(عليه السلام)، أبو مخنف الأزدي (م. 157)، تعليق: حسن الغفاري، المطبعة: العلمية ـ قم.

162.       المقنع، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: لجنة التحقيق التابعة لمؤسسة الإمام الهادي(عليه السلام)، سنة الطبع: 1415، الناشر: مؤسسة الإمام الهادي(عليه السلام).

163.       المقنعة، الشيخ المفيد (م. 413)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية 1410، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

164.       مکارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي (م. 548)، الطبعة السادسة 1392، الناشر: الشريف الرضي.

165.       من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق (م. 381)، تحقيق: علي أکبر الغفاري، الطبعة الثانية 1404 ، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

166.       المناقب، محمّد بن علي بن الحسين (م. ق 5).

167.       مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب (م. 588)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، سنة الطبع: 1376، الناشر: مطبعة الحيدرية - النجف الأشرف،.

168.       مناقب آل محمّد، عبد الواحد الموصلي.

169.       مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، محمّد بن سليمان الکوفي (م. 300)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحمودي، الطبعة الأولى 1412، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم المقدّسة.

170.       منتهى المطلب، العلّامة الحلّي (م. 726)، الطبعة: حجرية.

171.       منية المريد، الشهيد الثاني (م. 966)، تحقيق: رضا المختاري، الطبعة الأولى 1409، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.

172.       نشوار المحاضرة وأخبار المذاکرة، القاضي التنوخي (م. 384)، تحقيق: عبود الشالجي المحامي، سنة الطبع: 1393.

173.       نفس الرحمن في فضائل سلمان، حسين النوري الطبرسي (م. 1320)، تحقيق: جواد القيومي الجزه¬اي الإصفهاني، الطبعة الأولى 1411، الناشر: مؤسسة الآفاق.

174.       نهج الإيمان، ابن جبر (م. ق 7)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، الطبعة الأولى 1418، الناشر: مجتمع إمام هادي(عليه السلام)، مشهد.

175.       نهج البلاغة، خطب الإمام علي (م. ق 40)، شرح: الشيخ محمّد عبده، الطبعة الأولى 1412، الناشر: دار الذخائر، قم ـ إيران.

176.       نهج الحق وکشف الصدق، العلّامة الحلّي (م. 726)، تقديم: السيّد رضا الصدر، تعليق: الشيخ عين الله الحسني الأرموي، سنة الطبع: 1421، الناشر: مؤسسة الطباعة والنشر دار الهجرة ـ قم.

177.       النوادر، فضل الله الراوندي (م. 571)، تحقيق: سعيد رضا علي العسکري، الطبعة الأولى  1377ش، الناشر: مؤسسة دار الحديث الثقافية.

178.       نوادر المعجزات، محمّد بن جرير الطبري الشيعي، (م. ق 4)، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1410، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

179.       الهداية الکبرى، الحسين بن حمدان الخصيبي (م. 334)، الطبعة الرابعة 1411، الناشر: مؤسسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

180.       الوافي، الفيض الکاشاني (م. 1091)، عُنيَ بالتحقيق والتصحيح والتعليق عليه والمقابلة مع الأصل: ضياء الدين الحسيني الإصفهاني، الطبعة الأولى 1406، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) العامّة - إصفهان.

181.       وسائل الشيعة، الحر العاملي (م. 1104)، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الثانية 1414، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

182.       اليقين، السيّد ابن طاووس (م. 6)، تحقيق: الأنصاري، الطبعة الأولى 1413، الناشر: مؤسسة دار الکتاب (الجزائري)، قم.

ثانياً: مصادر  أهل السنّة

183.       الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي (م. 911)، تحقيق: سعيد المندوب، الطبعة الأولى 1416، الناشر: دار الفکر ـ بيروت.

184.       إثبات الوصية، المسعودي.

185.       الآحاد والمثاني، ابن أبي عاصم الضحاك، (م. 287)، تحقيق: باسم فيصل أحمد الجوابرة، الطبعة الأولى 1411، الناشر: دار الدراية للطباعة والنشر والتوزيع.

186.       إحياء علوم الدين، الغزالي (م. 505)، الناشر: دار الکتاب العربي ـ بيروت.

187.       الأدب المفرد، البخاري (م. 256)، الطبعة الأولى 1406، الناشر: مؤسسة الکتب الثقافية، بيروت ـ لبنان.

188.       الاستيعاب، ابن عبد البر (م. 463)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، الطبعة الأولى 1412، الناشر: دار الجيل، بيروت.

189.       اُسد الغابة، عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير (م. 630)، الناشر: إسماعيليان، طهران.

190.       الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (م. 852)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأولى 1415، الناشر: دار الکتب العلمية ـ بيروت،.

191.       إمتاع الأسماع، المقريزي (م. 845)، تحقيق وتعليق: محمّد عبد الحميد النميسي، الطبعة الأولى 1999م، سنة الطبع: 1420، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

192.       البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن کثير الدمشقي (م. 774)، تحقيق وتدقيق وتعليق: علي شيري، الطبعة الأولى 1408 هـ. ق، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت.

193.       تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي (م. 911)، تحقيق: لجنة  من الأدباء، توزيع: دار التعاون عباس أحمد الباز، مکّة المکرّمة.

194.       التاريخ الکبير، البخاري (م. 256)، الناشر: المكتبة الإسلامية.

195.       تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (م. 463)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1417، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

196.       تاريخ ابن معين الدوري، يحيى بن معين (م. 233)، تحقيق: عبدالله أحمد حسن، الناشر: دار القلم.

197.       تاريخ الإسلام، الذهبي (م. 748)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، الطبعة الأولى 1407، الناشر: دار الکتاب العربي، بيروت.

198.       تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك)، ابن جرير الطبري (م. 310)، مراجعة وتصحيح: نخبة من العلماء الأجلاء، الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت.

199.       تاریخ مدینة دمشق، ابن عساکر (م. 571)، تحقیق: علي شیري، سنة الطبع 1415، الناشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت ـ لبنان.

200.       التذکرة الحمدونیة، ابن حمدون (م. 562)، تحقیق: إحسان عبّاس وبکر عبّاس، الطبعة الأولى 1996م، الناشر: دار صادر للطباعة والنشر.

201.       ترجمة الإمام الحسین(عليه السلام)، ابن عساکر (م. 571)، تحقیق: الشیخ محمّد باقر المحمودي، الطبعة الثانیة 1414، الناشر: مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة.

202.       تفسير ابن عربي، ابن عربي (م. 638)، ضبطه وصححه وقدّم له: الشیخ عبد الوارث محمّد علي، الطبعة الأولى 2001 م، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت - لبنان.

203.       تفسير أبي السعود، أبو السعود (م. 951)، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

204.       تفسير الآلوسي، الآلوسي (م1270).

205.       تفسير الثعلبي، الثعلبي (م. 427)، تحقيق: أبو محمّد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: الأستاذ نظير الساعدي، الطبعة الأولى 1422،  الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.

206.       تفسير الرازي (التفسير الکبير)، الرازي (م. 606).

207.       تفسير القرطبي، القرطبي (م. 671)، تصحيح: أحمد عبد العليم البردوني، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان.

208.       تلخيص الحبير، ابن حجر (م. 852)، الناشر: دار الفکر.

209.       تهذيب الکمال، المزي (م. 742)، تحقيق وضبط وتعليق: الدکتور بشار عواد معروف، الطبعة الرابعة 1406، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت ـ لبنان،

210.       تهذيب التهذيب، شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (م. 852)، الطبعة الأولى 1404، الناشر: دار الفکر.

211.       جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمّد بن جرير الطبري (م. 310)، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، سنة الطبع: 1415، الناشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

212.       الجامع الصغير، جلال الدين السيوطي (م. 911)، الطبعة الأولى 1401، الناشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت.

213.       جواهر العقدين، السمهودي.

214.       جواهر المطالب في مناقب الإمام علي(عليه السلام)، محمّد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي (م. 871)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحمودي، الطبعة الأولى 1415، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم.

215.       الجوهرة في نسب الإمام علي وآله، البري (م. ق 7)، تحقيق: الدکتور محمّد التونجي، الطبعة الأولى 1402، الناشر: مكتبة النوري ـ دمشق.

216.       خصائص أمير المؤمنين(عليه السلام)، النسائي (م. 303 هـ. ق)، تحقيق وتصحيح الأسانيد ووضع الفهارس: محمّد هادي الأميني، الناشر: مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران.

217.       دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، أحمد بن الحسين البيهقي (م. 458)،  وثّق أصوله وخرّج حديثه وعلّق عليه: الدکتور عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى 1405، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

218.       ذخائر العقبى، أحمد بن عبد الله الطبري (م. 694)، سنة الطبع: 1356، الناشر: مكتبة القدسي -  القاهرة.

219.       الذرية الطاهرة النبوية، محمّد بن أحمد الدولابي (م. 310)، تحقيق: سعد المبارك الحسن، الطبعة الأولى 1407، الناشر: الدار السلفية ـ الکويت.

220.       ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، الزمخشري (م. 538)، تحقيق: عبد الأمير مهنا، الطبعة الأولى 1412، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

221.       الرياض النضرة في مناقب العشرة، أبو جعفر أحمد المحب الطبري (م. 694)، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

222.       سبل الهدى والرشاد، الصالحي الشامي (م. 942)، تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمّد معوض، الطبعة الأولى 1414، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

223.       سنن ابن ماجة، محمّد بن يزيد القزويني (م. 273)، تحقيق وترقيم وتعليق: محمّد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع.

224.       سنن أبي داود، ابن الأشعث السجستاني (م. 275)، تحقيق وتعليق: سعيد محمّد اللحام، الطبعة الأولى 1410، الناشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع.

225.       السنن الکبرى، النسائي (م. 303)، تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري وسيد کسروي حسن، الطبعة الأولى 1411، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

226.       السنن الکبرى، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (م. 458 هـ. ق)، الناشر: دار الفکر ـ بيروت.

227.       سنن الترمذي، أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (م. 279)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، سنة الطبع: 1403، الناشر: دار الفکر ـ بيروت.

228.       السيرة الحلبية، الحلبي (م. 1044)، سنة الطبع: 1400، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

229.       سير أعلام النبلاء، الذهبي (م. 748)، إشراف وتخريج: شعيب الأرنؤوط، تحقيق: حسين الأسد، الطبعة التاسعة 1413، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

230.       شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد (م. 656)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار إحياء الکتب العربية.

231.       شعب الإيمان، أحمد بن الحسين البيهقي (م. 458)، تحقيق: أبو هاجر محمّد السعيد بن بسيوني زغلول، تقديم: عبد الغفار سليمان البنداري، الطبعة الأولى 1410، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

232.       صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، محمّد بن حبان بن أحمد (م. 354)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الطبعة الثانية 1414، الناشر: مؤسسة الرسالة.

233.       صحيح البخاري، محمّد بن إسماعيل البخاري (م. 256)، سنة الطبع: 1401، الناشر: دار الفکر ـ بيروت.

234.       صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيشابوري (م. 261)، الناشر: دار الفکر ـ بيروت.

235.       الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة، أحمد بن حجر الهيتمي المکي (م. 974)، خرّج أحاديثه وعلّق حواشيه وقدّم له: عبد الوهاب عبد اللطيف، الطبعة الثانية 1385، الناشر: مكتبة القاهرة.

236.       الطبقات الکبرى، ابن سعد (م. 230)، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

237.       عمدة القاري، العيني (م. 855)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

238.       العين، الخليل الفراهيدي (م. 175)، تحقيق: الدکتور مهدي المخزومي والدکتور إبراهيم السامرائي، الطبعة الثانية 1409، الناشر: مؤسسة دار الهجرة.

239.       الفايق في غريب الحديث، الزمخشري (م. 538)، الطبعة الأولى 1417، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت - لبنان.

240.       الفتاوى الکبرى، ابن تيمية (م. 728)، تحقيق: محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1408، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت - لبنان.

241.       فتح الباري، ابن حجر العسقلاني (م. 852)، الطبعة الثانية، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت.

242.       فضائل الصحابة، النسائي (م. 303)، الناشر: دار الکتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

243.       فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي (م. 1031)، تحقيق وتصحيح: أحمد عبد السلام، الطبعة الأولى 1415، الناشر: دارالکتب العلمية ـ بيروت.

244.       الکامل في التاريخ، ابن الأثير (م. 630).

245.       کفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب (الخصائص الکبرى)، جلال الدين السيوطي (م. 911)، سنة الطبع: 1320، الناشر: دار الکتاب العربي.

246.       کنز العمال، المتقي الهندي (م. 975)، ضبط وتفسير: الشيخ بکري حياني، تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا، سنة الطبع: 1409، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

247.       لسان العرب، ابن منظور (م. 711)، سنة الطبع: 1405، الناشر: أدب الحوزة.

248.       لسان الميزان، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (م. 825)، الطبعة الثانية1390، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

249.       مجمع الزوائد، نور الدين علي بن أبي بکر الهيثمي (م. 807)، سنة الطبع: 1408، الناشر: دار الکتب العلمية ـ بيروت.

250.       مجموعة الفتاوى، ابن تيمية (م. 728).

251.       المحاضرات والمحاورات، جلال الدين السيوطي (م. 911)، تحقيق: الدکتور يحيى الجبوري، الطبعة الأولى 1424، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان.

252.       المستدرك على الصحيحين، محمّد بن عبدالله المعروف بالحاکم النيسابوري (م. 405)، تحقيق: الدکتور يوسف المرعشلي، سنة الطبع: 1406، الناشر: دار المعرفة، بيروت.

253.       مسند أبي يعلي الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي (م. 307)، تحقيق: حسين سليم أسد، الناشر: دار المأمون للتراث.

254.       مسند أبي داود الطيالسي، سليمان بن داود الطيالسي (م. 204)، الناشر: دار المعرفة، بيروت ـ لبنان.

255.       مسند أحمد، أحمد بن حنبل (م. 241)، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

256.       المصنف، ابن أبي شيبة الکوفي (م. 235 هـ. ق)، تحقيق: سعيد محمّد اللحام، الطبعة الأولى 1409، الناشر: دار الفکر.

257.       مطالب السؤول في مناقب آل الرسول^، محمّد بن طلحة الشافعي (م. 652)، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية.

258.       معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول^، الشيخ محمد الزرندي الحنفي (م. 750)، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية.

259.       معالم التنزيل فى تفسير القرآن (تفسير البغوي)، البغوي (م. 510)، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، الناشر: دار المعرفة.

260.       المعجم الکبير، سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني (م. 360)، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

261.       معرفة السنن والآثار، البيهقي (م. 458)، تحقيق: سيّد کسروي حسن، الناشر: دار الکتب العلمية.

262.       مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الإصفهاني (م. 356)، تقديم وإشراف: کاظم المظفر، الطبعة الثانية 1385، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

263.       المناقب، الموفق الخوارزمي (م. 568)، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، مؤسسة سيّد الشهداء(عليه السلام)، الطبعة الثانية 1414، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

264.       مناقب علي بن أبي طالب، ابن المغازلي (م. 483)، الطبعة الأولى 1426، الناشر: انتشارات سبط النبي ‘.

265.       منتخب مسند عبد بن حميد، عبد بن حميد بن نصر الکسي (م. 249)، حققه وضبط نصه وخرّج أحاديثه: السيّد صبحي البدري السامرائي ومحمود محمّد خليل الصعيدي، الطبعة الأولى 1408، الناشر: مكتبة النهضة العربية.

266.  موارد الظمآن، الهيثمي (م. 807)، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، الطبعة الأولى 1411، الناشر: دار الثقافة العربية.

267.       المواقف، الإيجي (م. 756)، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، الطبعة الأولى 1417، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

268.       نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، الحلواني (م. 5)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الطبعة الأولى 1408، الناشر: مدرسة الإمام المهدي# ـ قم المقدّسة.

269.       نظم درر السمطين، محمّد الزرندي الحنفي (م. 750)، الطبعة الأولى 1377.

270.       نهاية الأرب في فنون الأدب، النويري (م. 733)، الناشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي المؤسسة المصرية العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.

271.       الوافي بالوفيات، الصفدي (م. 764)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وترکي مصطفى، سنة الطبع: 1420، الناشر: دار إحياء التراث.

272.       ينابيع المودّة لذوي القربي، الشيخ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي (م. 1294)، التحقيق: السيّد علي جمال أشرف الحسيني، الطبعة الأولى 1416، الناشر: دارالأسوة.

قصيدة سماحة آية اللّه العظمى الوحيد الخراساني

في وصف الإمام الحسين(عليه السلام)

وز عاشورا است یا صبح ازل
مشـرق
الانوار وجه لم یزل
مطلع
الفجر شب قدر وجود
شد
برون از پرده هر سرّی که بود
دوش
سر خیل رسالت بی رداست
چون
عزای خامس آل عباست
من
چه گویم بارالها روز کیست
آن
قدر گویم که روز آن کسی است
که
خریدار متاع او خداست
خون
او را خود خدایش خونبهاست
درج
عصمت گوهرش را پرورید
حق
در آن تن روح قدسی را دمید
شیر
نوشید از زبان مصطفی
پرورش
دادش دو دست مرتضی
مهد
جنبانش بود روح الامین
رفت
در گهواره تا خلد برین
روز
اول پر گشود او تا فلک
بال
و پر بگرفت از فرش ملک
روز
آخر درگذشت از ما سوی
رفت
با سر تا حریم کبریا
از
همه کون و مکان دامن کشید
خود
خدا داند کجا او آرمید
تشنه
لب جان داد بر شط فرات
خاک
درگاهش بشد آب حیات
کاروان
سالار عشاق خدا است
در
صراط الله مصباح الهدی است
عرش
اعلی منزل آب و گلش
تا
کجا رفته دگر جان و دلش
هست
دست عالمی بر دامنش
ماه
و پروین خوشه چین خرمنش
قطب
هستی نقطۀ خال لبش
گردن
گردون اسیر زینبش
در
سپهر معرفت شمس الضحی است
در
مدار بندگی بدر الدجی است
کشتی
طوفان گرداب بلا است
شاهد
محشر شهید کربلا است
عقل
حیران، عشق سرگردان که کیست
آنکه
نام او حسین بن علی است
پرده
خیمه چو افکند از جمال
وجه
حق برداشت سبحات جلال
سوره
توحید یزدان شد برون
قل
تعالی الله عما یشرکون
آفتابی
ز آسمان آواره گشت
چرخ
عصمت آن زمان بیچاره گشت
ناگهان
عقد ثریا را گسیخت
پیش
پایش هر چه اختر داشت ریخت
آه
طفلان گشت سد راه شاه
حلقه
زد چون هاله گرد روی ماه
نوگلان
در پیش آن عالیجناب
ریختند
از نرگس چشمان گلاب
کای
پدر شاید ز ما رنجیده ای
بس
که بانگ العطش بشنیده ای
هین
مرو بابا فدایت جان ما
پا
بنه بر دیدۀ گریان ما
اشک
و آه جمله را با این کلام
داد
پاسخ که علیکن السلام
چون
وداع شاه با زینب رسید
محشـری
اندر حرم آمد پدید
زینب
ای اعجوبة صبر و ظفر
دخت
رد الشمسی و شق القمر
ای
بلند اختر چکیده عقل و دین
دخت
زهرا و امیر المؤمنین
نی
فقط شمس و قمر را دختری
بلکه
ناموس خدای اکبری
رو
ی زانوی نبی بنشسته ای
اندر
آغوش علی پرورده ای
شیر
از پستان عصمت خورده ای
گوی
سبقت را ز عالم برده ای
زین
اَب هست ی اگر در خانه ای
گنج
حقی گرچه در ویرانه ای
همدم
و همراه سلطان وجود
با
امین الله در غیب و شهود
آمد
آندم راه را بر شه ببست
سوز
آهش قلب عالم را شکست
مهلتی
ای زینت عرش برین
جز
تو سبطی نیست بر روی زمین
ا
ی تو تنها یادگار جدّ من
می
رود با رفتن تو پنج تن
مهلتی
ای شمع جمع اولین
وی
ز تو روشن چراغ آخرین
می
روی آهسته تر مرکب بران
می
رود با رفتنت جان از جهان
گفتنی
ها را به خواهر شاه گفت
زان
مسیحا دم گل زهرا شکفت
با
زبان حال با بنت رسول
گفت
ای پروردة دست بتول
هان
نپنداری که پایان یافت راه
راه
ما را منتهی باشد اله
رفتم
و هستی تو میر کاروان
این
امانت را به جدّ من رسان
پاسداری
کن پس از من از حریم
خود
نگهداری کن از درّ یتیم
غنچ
ۀ نشکفتۀ باغ مرا
کن
تو با خار مغیلان آشنا
این
یتیمان را کجا آرامش است
مشعل
شام غریبان آتش است
روز
پیک حق تو در بازار باش
شب
پرستار تن بیمار باش
دختر
رنجور اگر بیدار شد
خواب
دید و تشنۀ دیدار شد
چون
به دیدارم سپارد جان پاک
در
خرابه گنج را بسپر به خاک
هر
کجا باشی دلم همراه توست
این
سر خونین چراغ راه توست
زان
سفر چون دید نبود چاره ای
رفت
زینب جانب گهواره ای
شیرخوار
آورد آندم در برش
تا
که قرآن را بگیرد بر سرش
چون
کلام الله را بر سر گرفت
سرور
دین افـسر از اصغر گرفت
طفلی
افـسرده دل و خشکیده لب
بر
سر دست پدر در تاب و تب
خواست
تا بوسد لب خشک پـسر
یر
کین بوسید حلقش زودتر
شه
رخ از خون پـسر گلگون نمود
چهر
ۀ خورشید غرق خون نمود
ارغوانی
رخ ز داغ اکبرش
لاله
گون گشتی ز خون اصغرش
نازمت
ای برده از عالم سبق
خون
تو شد آبروی وجه حق
پس
به سوی آسمان آن خون بریخت
رشت
ۀ صبر ملائک را گسیخت
غنچ
ۀ نشکفه ای پژمرده گشت
قلب
عالم از غمش افسرده گشت
بر
ذبیح عشق خواند آن دم نماز
عقل
حیران شد از آن راز و نیاز
با
نمازی که بر آن پیکر گذاشت
پرده
های عرش را از هم شکافت
بانگ
تکبیرش بر آن گلگون پـسر
زد
به جان عالم امکان شرر
گنج
هستی را به زیر خاک کرد
خاک
را تاج سر افلاک کرد
گلشن
خلقت از این غنچه شکفت
راز
هستی را عیان کرد و نهفت
دل
نمی کند از کنار تربتش
تا
خطاب دع بشد از حضرتش
پس
ز جا برخاست بر زین زد قدم
با
قدر گفتا قضا جف القلم
شاه
چون بر پشت مرکب جا گرفت
عرش
بر کرسی زین مأوی گرفت
ذو
الجناح آندم براق راه شد
ذو
الجناحین از دو پای شاه شد
از
دو زانوی شه دین پر گرفت
شهپر
روح القدس دربر گرفت
طایر
توحید در پرواز شد
شهسوار
عشق میدان تاز شد
کرد
عزم شهریار آن شهریار
گشت
صحرا از قدومش لاله زار
فرش
زیر پای شه رخسار حور
بر
سر شه افسر الله نور
مهر
تابان از جمال او خجل
عقل
فعال از کمالش منفعل
نور
حق را شمع رخسارش مثل
طلعتش
آئینۀ صبح ازل
ملک
امکان خطّه فرمان او
گوی
چرخ اندر خم چوگان او
نیست
شد در هستی او هر چه بود
همچو
ماهیات در نور وجود
انبیاء
و مرسلین در هر طرف
بهر
یاریش دل و جان رو ی کف
پیش
روی وی ملائک سر به دست

لیک او سرگرم سودای الست
پیک
نصرت آمد و دادش جواب
هین
مشو بین من و ربم حجاب
چون
خریدار ولای او شدم
عاشق
کرب و بلای او شدم
شه
سوار و زینبش اندر رکاب
چون
مهی تحت الشعاع آفتاب
او
چو شمع و خواهرش پروانه بود
هر
دو را از سوختن پروا نبود
دید
چون خالی است جا ی مادرش
جای
مادر خواست بوسد حنجرش
بوسه
زد چون بر گلوی خشک شاه
گشت
هم آغوش آندم مهر و ماه
بر
گلوی خشک شاه چون لب نهاد
آتشی
اندر دل زینب فتاد
کآن
گلو را مصطفی بوسیده است
مرتضی
آن را چو گل بوییده است
چشم
ۀ جوشان عشق ذات هوست
پس
چرا خشکیده یا رب این گلوست

پس ببوسید و به میدان شد روان
سنگباران
شد تن جان جهان
سنگ
کین چون بر جبین شه نشست
حق
نما آئینه ای درهم شکست
روز
شد بر اهل عالم شام تار
منکسف
شد شمس در نصف النهار
در
حجاب خون نهان شد ماهتاب
از
خسوف ماه بگرفت آفتاب
دامنش
را بر کشید و ناگهان
گشت
سرّ مستتر حق عیان
سینه
ای کو مخزن توحید بود
برتر
از ترسیم و از تحدید بود
سینه
یا گنجینۀ گنج وجود
رازدار
عالم غیب و شهود
مظهر
اعلای ستار العیوب
پرده
دار حضرت غیب الغیوب
قلب
عالم اندر او بگرفته جا
وه
چه قلبی خانه ذات خدا
دل
مگو جان جهان در او نهان
دل
مگو نور خدا از او عیان
دل
مگو گنجینۀ علم و یقین
مخزن
اسرار رب العالمین
ناگهان
تیری برون شد از کمان
خورد
بر قلب شه کون و مکان
منهدم
شد قبله کروبیان
گشت
ویران کعبه لاهوتیان
خون
ز قلب عالم امکان چو ریخت
ناگهان
شیرازه قرآن گسیخت
خون
دل را چون به گردون برفشاند
عالم
و آدم به خاک غم نشاند
بر
ملائک شد عیان سرّ سجود
کاین
چنین گوهر به کان خاک بود؟
فی
سبیل الله خونش را بداد
افسـر
ثاراللهی بر سر نهاد
زینت
خلد برین شد خون او
خون
مگو نقش و نگار عرش هو
پس
به حال سجده بر خاک اوفتاد
تربتش
شد خارق سبع الشداد
شد
جگر تفدیده از سوز عطش
رفته
نور از چشم و خشکیده لبش
شرحه
شرحه دل ز داغ دلبران
قطعه
قطعه تن ز شمشیر و سنان
در
هیاهو خلق و او در ذکر هو
بود
بسم الله و بالله ورد او
وای
از آن ساعت که او در قتلگاه
جان
بداد و دیده ها بر خیمه گاه
پیش
چشمش عترت دور از وطن
از
قفا می شد جدا سر از بدن
عرش
می لرزید و کرسی می تپید
از
فلک در ماتمش خون می چکید
بود
تسلیماً لامرک بر لبش
یا
غیاث المستغیثین مطلبش
ارجعی
بشنید آن دم از خدا
با
لب خندان سر از تن شد جدا
سَر
مگو سِر خدا در آن نهان
تن
مگو روح خدا در آن روان
آن
خداوندی که او را آفرید
قبض
روحش کرد و جانش را خرید
مطمئن
نفسی به حق پیوست و رفت
او
طلسم خلق را بشکست و رفت
شد
غبار آلود روی عقل کل
مو
پریشان جامع الشمل رسل
پا
برهنه پایۀ کون و مکان
سر
برهنه سرور پیغمبران
خون
بجوشید از زمین و آسمان
غرق
ماتم شد جهان بیکران
انبیاء
سرگشته در آن سرزمین
گوئیا
گم گشته از خاتم نگین
اولیاء
بر سینه و بر سر زنان
بارالها
کو نشان بی نشان
اندر
آن غوغا و در آن شور و شین
گفت
زینب ناگهان هذا حسین؟
بانگ
یا جدّا چو از دل برکشید
قلب
عقل کل ز آه او تپید
رو
به جدش کرد و گفت اینجا نگر
کاین
حسین توست در خون غوطه ور
آنکه
روی سینه پروردی به ناز
بر
سر دوشت نشاندی در نماز
این
تو و این غرقه در خون پیکرش
می
روم شاید کنم پیدا سرش
یوسف
زهراست اندر کنج چاه
یا
ذبیح الله اندر قتلگاه
گوی
سبقت برد اندر روزگار
کنز
مخفی شد به دستش آشکار
گفت
یا رب این عمل از ما پذیر
در
ره تو او شهید و من اسیر
زان
شهادت حق و عدل آباد شد
زین
اسارت عقل و دین آزاد شد
شرح
این ماتم نگنجد در بیان
هم
قلم بشکست و هم کَلَّ اللسان
ما
یری، ما لا یری، بر او گریست
جن
و انس، ارض و سماء بر او گریست

تا صف محشـر عزای او بپاست
اوست
ثار الله، خدا صاحب عزاست
همچو
قرآن خاک قبر او شفاست
سجده
گاه انبیاء و اوصیاست
چون
نباشد بین او با حق حجاب
شد
دعا در قبه او مستجاب
کربلای
او چو عرش کبریاست
زائرش
چون زائر ذات خداست

 



[1] البقرة: آية31.

[2] الريشهري، محمّد، العلم والحكمة في الكتاب والسنّة: ص36، نقلاً عن قرّة العيون للفيض الكاشاني: ص 438.

[3] المجادلة: آية11.        

[4] البقرة: آية129.

[5] آل عمران: آية164.

[[6]][6] الكفعمي، إبراهيم، المصباح: ص280.

[7] البقرة: آية253.

[8] قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص842. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص272، وج109، ص73. الشيخ عبدالله البحراني، العوالم (الإمام الحسين×): ص11.

[9] البقرة: آية 124.

[10] سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمّد الصادق× عن تفسير هذه الآية : وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ)، فقال×: «إنّ الله سبحانه لما خلق إبراهيم× كشف له عن بصره، فنظر، فرأى نوراً إلى جنب العرش، فقال: إلهي، ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمّد صفوتي من خلقي. ورأى نوراً إلى جنبه، فقال: إلهي، وما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني. ورأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي، وما هذه الأنوار؟ فقيل له: هذا نور فاطمة، فطمت محبيها من النار، ونور ولديها: الحسن، والحسين. ورأى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ فقال: إلهي، وما هذه الأنوار التسعة؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة.

فقال إبراهيم: إلهي، بحق هؤلاء الخمسة، إلّا ما عرفتني من التسعة؟ فقيل: يا إبراهيم، أوّلهم علي بن الحسين، وابنه محمّد، وابنه جعفر، وابنه موسى، وابنه علي، وابنه محمّد، وابنه علي، وابنه الحسن، والحجة القائم ابنه.

فقال إبراهيم: إلهي وسيّدي، أرى أنواراً قد أحدقوا بهم، لا يحصي عددهم إلّا أنت؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. فقال إبراهيم: وبم تعرف شيعته؟ فقال: بصلاة إحدى وخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، والتختم في اليمين. فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم، اجعلني من شيعة أمير المؤمنين . قال: فأخبر الله في كتابه، فقال: : وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ)».

السيّد الأسترابادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ص485. السيّد هاشم البحراني، البرهان في تفسير القرآن: ج4، ص600.

[11]. الصافات: آية 83.

[12] «عن أبي عبد الله× في قول الله: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) ، قال: حسب فرأى ما يحل بالحسين×، فقال: إنّي سقيم لما يحل بالحسين×». الشيخ الكليني، الكافي: ج1، ص465. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص220. السيّد هاشم البحراني، البرهان في تفسير القرآن: ج4، ص608.

[13] عن بريد الرزّاز، عن أبي عبد الله×، قال: «يا بنيّ، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم؛ فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان. إنّي نظرت في كتاب لعليّ× فوجدت في الكتاب أنّ: قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا». (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص1؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 1، ص106؛ عدّة محدّثين (نخبة من الرواة)، الأُصول الستّة عشر: ص3).

[14] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا ويُونُسُ بْنُ ظَبْيَانَ والْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وأَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله×، وكَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنَّا يُونُسَ، وكَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً، فَقَالَ لَه: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَحْضُرُ مَجْلِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، يَعْنِي: وُلْدَ الْعَبَّاسِ، فَمَا أَقُولُ؟ فَقَالَ: إِذَا حَضَرْتَ فَذَكَرْتَنَا فَقُلِ: اللَهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ والسُّرُورَ؛ فَإِنَّكَ تَأْتِي عَلَى مَا تُرِيدُ. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ×، فَأَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ؟ فَقَالَ: قُلْ: صَلَّى الله عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله، تُعِيدُ ذَلِكَ ثَلَاثاً، فَإِنَّ السَّلَامَ يَصِلُ إِلَيْه مِنْ قَرِيبٍ ومِنْ بَعِيدٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الله الْحُسَيْنَ× لَمَّا قَضَى بَكَتْ عَلَيْه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى، بَكَى عَلَى أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ× إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْه. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! ومَا هَذِه الثَّلَاثَةُ الأَشْيَاءِ؟ قَالَ: لَمْ تَبْكِ عَلَيْه الْبَصْرَةُ ولَا دِمَشْقُ ولَا آلُ عُثْمَانَ (عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَه). قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَزُورَه، فَكَيْفَ أَقُولُ؟ وكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إِذَا أَتَيْتَ أَبَا عَبْدِ الله× فَاغْتَسِلْ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، ثُمَّ الْبَسْ ثِيَابَكَ الطَّاهِرَةَ، ثُمَّ امْشِ حَافِياً؛ فَإِنَّكَ فِي حَرَمٍ مِنْ حَرَمِ الله وحَرَمِ رَسُولِه، وعَلَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ والتَّهْلِيلِ والتَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ والتَّعْظِيم لله كَثِيراً، والصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِه حَتَّى تَصِيرَ إِلَى بَابِ الْحَيْرِ، ثُمَّ تَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِه، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلَائِكَةَ الله وزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبِيِّ الله. ثُمَّ اخْطُ عَشْرَ خُطُوَاتٍ، ثُمَّ قِفْ وكَبِّرْ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، ثُمَّ امْشِ إِلَيْه حَتَّى تَأْتِيَه مِنْ قِبَلِ وَجْهِه، فَاسْتَقْبِلْ وَجْهَكَ بِوَجْهِه، وتَجْعَلُ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، ثُمَّ قُل: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله وابْنَ حُجَّتِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ الله وابْنَ قَتِيلِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ الله وابْنَ ثَارِه، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَتْرَ الله الْمَوْتُورَ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى، أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ الله وابْنُ حُجَّتِه، وأَشْهَدُ أَنَّكَ قَتِيلُ الله وابْنُ قَتِيلِه، وأَشْهَدُ أَنَّكَ ثَائِرُ الله وابْنُ ثَائِرِه، وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَتْرُ الله الْمَوْتُورُ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ...».

(الشيخ الكليني، الكافي: ج4، ص575؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص363؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص55؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص151).

ولم يُنقل في بعض المصادر إلّا الجزء الأوّل من الرواية؛ اُنظر: الشيخ المفيد، المقنعة: ص491؛ الشيخ المفيد، المزار: ص214.

[15] البيت بالفارسية:

هزار مرتبه شستن دهان به عطر وگلاب  

 هنوز نام تو بردن كمال بى ادبى است

[16] من دعاء علقمة المأثور عن الإمام الصادق×: «أسألكَ بحقِّ محمّدٍ خاتمِ النّبيينَ، وعليٍّ أميرِ المؤمنينَ، وبحقِّ فاطمةَ بنتِ نبيّكَ، وبحقِّ الحسنِ والحسينِ، فإنّي بهم أتوجّهُ إليكَ في مقامي هذا، وبهم أتوسّل، وبهم أتشفّع إليك، وبحقّهم أسألكَ وأقسمُ وأعزمُ عليكَ، وبالشّأنِ الذي لهم عندكَ، وبالقدرِ الذي لهم عندكَ، وبالّذي فضّلتَهُم على العالمينَ، وباسمكَ الذي جعلتَهُ عندَهُم، وبهِ خصصتهم دونَ العالمينَ، وبهِ أبنْتَهُم وأبنتَ فضلَهُم من فضلِ العالمينَ، حتّى فاقَ فضلُهُم فضلَ العالمينَ جميعاً...».

(الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص778؛ المشهدي، المزار: ص223؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص55؛ الكفعمي، المصباح: ص486؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص308).

[17] عن أبي عبد الله×، قال: «إنّ الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً، فأعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفاً، وأعطى نوحاً منها خمسة عشر حرفاً، وأعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف، وأعطى موسى منها أربعة أحرف، وأعطى عيسى منها حرفين، وكان يحيي بهما الموتى ويبرئ بهما الأكمه والأبرص، وأعطى محمّداً اثنين وسبعين حرفاً، واحتجب حرفاً؛ لئلا يُعلم ما في نفسه ويعلم ما [في] نفس العباد».

(محمّد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: ص228 - 229؛ حسن بن سليمان الحلي، مختصر بصائر الدرجات: ص125؛ الكفعمي، المصباح: ص312؛ البحراني، تفسير البرهان: ج 4، ص218؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 4، ص211).

[18] «... فوقف يستريح ساعةً، وقد ضعف عن القتال، فبينا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته، فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب، فوقع على قلبه، فقال: بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي أنت تعلم إنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبيّ غيره، ثمّ أخذ السهم، فأخرجه من وراء ظهره، فانبعث الدم كأنّه ميزاب، فضعف عن القتال ووقف».

(السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص71؛ ابن نما الحلي، مثير الأحزان: ص55 (مع اختلاف يسير)؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص53؛ الشيخ البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص295).

وورد كذلك: «فوقف× يستريح ساعةً وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته، فسالت الدماء من جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب، فوقع السهم في صدره - وفي بعض الروايات: على قلبه - فقال الحسين×: بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله، ورفع رأسه إلى السماء، وقال: إلهي إنّك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره، ثمّ أخذ السهم، فأخرجه من قفاه، فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح، فلمّا امتلأت رمى به إلى السماء، فما رجع من ذلك الدم قطرة، وما عُرفت الحمرة في السماء حتّى رمى الحسين× بدمه إلى السماء، ثمّ وضع يده على الجرح ثانياً، فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته، وقال: هكذا أكون حتّى ألقى جدّي رسول الله وأنا مخضوب بدمي وأقول: يا رسول الله، قتلني فلان وفلان».

(العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص53؛ محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج 2، ص320؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم، الإمام الحسين×: ص295)

ومن مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج 2، ص39.

[19] هذه العبارة مقتبسة من زيارة آل ياسين: «السلامُ عليكَ أيّها العلَمُ المنصوبُ، والعلْمُ المصبوبُ، والغوثُ والرحمةُ الواسعةُ، وعداً غيرَ مكذوبٍ».

[20] روى ابن عبّاس عن النبيّ الكريم أنّه قال: «... وأمّا الحسين، فإنّه منّي، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجيرين، وحجّة الله على خلقه أجمعين، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وباب نجاة الأُمّة، أمره أمري، وطاعته طاعتي، من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي».

(الشيخ الصدوق، الأمالي: ص177؛ محمّد بن أبي القاسم الطبري، بشارة المصطفى: ص308؛ ابن شاذان، الفضائل: ص10؛ حسن بن سليمان الحلي، المحتضر: ص198؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج 2، ص296؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 28، ص39).

[21] فاطر: الآية 10.

[22] اُنظر: ص26، الهامش رقم 1.            

[23] وردت هذه الحكاية عن ابن عباس بهذا المضمون، مع اختلاف بسيط في العبارات، وذلك في المصادر التالية:

القاضي نعمان المغربي، شرح الأخبار: ج 3، ص168؛ السيّد ابن طاووس، الملاحم والفتن: ص334.

مصادر أهل السنّة: أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج 1، ص242؛ ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين (من طبقات ابن سعد): ص47؛ عبد بن حميد بن نصر، مسند عبد بن حميد: ص235؛ الطبراني، المعجم الكبير: ج 3، ص110 وج 12، ص143؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج 4، ص398 (قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)؛ ابن عبد البرّ، الاستيعاب: ج 1، ص396؛ البيهقي، دلائل النبوة: ج 6، ص471 وج 7، ص48؛ ابن المغازلي الشافعي، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص317؛ ابن حمدون، التذكرة الحمدونية: ج 9، ص245؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج 1، ص152؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج 2، ص107؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج 14، ص237؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص386؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج 6، ص2635؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص148؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة: ج 2، ص22؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص315؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص17؛ البري، الجوهرة في نسب الإمام عليّ وآله: ص46؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج6، ص258 وج 8، ص218 (قال ابن كثير: إسناده قويّ)؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص218؛ المزي، تهذيب الكمال: ج 6، ص439؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج 2، ص306؛ ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة: ج 2، ص71؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج 9، ص194 (قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح)؛ المقريزي، إمتاع الأسماع: ج 12، ص241؛ السيوطي: تاريخ الخلفاء: ص227؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج 2، ص126؛ الهيتمي، الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة: ص193؛ المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج 1، ص265.

وحول رفع دم الإمام× إلى العرش ورد:

«استيقظ ابن عبّـاس من نومه، فاسترجع، وقال: قُتل الحسين والله! فقال له أصحابه: حلاء [كلا] [لمَ] يا بن عبّـاس. قال: رأيتُ رسول الله’ في النوم، ومعه زجاجة من دم. فقال: ألا تعلم ما صنعتْ أُمّتي من بعدي، قتلوا ابني الحسين، وهذا دمه ودماء أصحابه أرفعه إلى الله تعالى».

وردت هذه الرواية بهذا المضمون مع اختلاف يسير في العبارة، وذلك في المصادر التالية: يوسف بن حاتم الشامي العاملي، الدرّ النظيم: ص567.

مصادر أهل السنّة: الغزالي، إحياء علوم الدين: ج16، ص18؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج 14، ص237؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص218؛ الدمشقي الباعوني الشافعي، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب: ج 2، ص298؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج 11، ص75.

[24] القمر: الآية 55.

[25] قال الإمام الصادق×: «... ثمَّ قبّـِل الضريحَ واستقبلْ قبرَ الحسينِ بنِ عليٍّ÷ بوجهكَ، واجعل القبلةَ بينَ كتفيْكَ، وقُل: السَّلامُ عليكَ يا أبا عبدِ اللهِ... أشهدُ لقدْ طيّبَ اللهُ بكَ التّرابَ وأوضحَ بكَ الكتابَ». (الشهيد الأوّل، المزار: ص45- 46؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 97، ص287)

[26] قالَ الصادقُ×: «كتابُ اللهِ على أربعةِ أشياءَ، على العبارةِ والإشارةِ واللطائفِ والحقائقِ، فالعبارةُ للعوامِ والإشارةُ للخواصِّ واللطائفُ للأولياءِ والحقائقُ للأنبياءِ». (مصباح الشريعة المنسوب إلى الإمام الصادق×: ص459؛ الطبرسي، تفسير جوامع الجامع: ج 1، ص5؛ ابن أبي جمهور الأحسائي: عوالي اللئالي: ج4، ص105؛ الديلمي، أعلام الدين: ص303؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 75، ص278).

مصادر أهل السنّة: الحلواني، نزهة الناظر وتنبيه الخواطر: ص110.

وقال الإمام أبو جعفر الباقر×: قَالَ رَسُولُ الله: «إِنَّ حَدِيثَ آلِ مُحَمَّدٍ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لَا يُؤْمِنُ بِه إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ الله قَلْبَه لِلإِيمَانِ، فَمَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَدِيثِ آلِ مُحَمَّدٍ فَلَانَتْ لَه قُلُوبُكُمْ وعَرَفْتُمُوه، فَاقْبَلُوه، ومَا اشْمَأَزَّتْ مِنْه قُلُوبُكُمْ وأَنْكَرْتُمُوه، فَرُدُّوه إِلَى الله وإِلَى الرَّسُولِ، وإِلَى الْعَالِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وإِنَّمَا الْهَالِكُ أَنْ يُحَدَّثَ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْه لَا يَحْتَمِلُه، فَيَقُولَ: والله مَا كَانَ هَذَا، والله مَا كَانَ هَذَا، والإِنْكَارُ هُوَ الْكُفْرُ». (الصفّار، بصائر الدرجات: ص41؛ الكليني، الكافي: ج 1، ص401؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج 2، ص793؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص123؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 2، ص189).

[27] قال رسول الله: «أنا وَكافلُ اليتيمِ كهاتيْنِ في الجنّةِ- وأشارَ بإصبعيْهِ السبّابةِ وَالوسْطى». (الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج 10، ص352؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج 1، ص336؛ الملّا فتح الله الكاشاني، تفسير منهج الصادقين: ص242؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج 5، ص597).

مصادر أهل السنّة: أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج 5، ص333؛ السجستاني، سنن أبي داوود: ج 2، ص508؛ البيهقي، شُعب الإيمان: ج 7، ص470؛ ابن عبد البرّ، الاستيعاب: ج 3، ص1382؛ ابن حجر، فتح الباري: ج 5، ص294.

[28] عن الإمام الحسن العسكريّ×، قال: حدّثني أبي عن آبائه^، عن رسول الله، قال: «أشدُّ من يُتمِ [هذا] اليتيمِ الذي انقطعَ عَن [أمّهِ و] أبيهِ، يُتمُ يَتيمٍ انقطعَ عَن إمامهِ، وَلا يقدرُ عَلى الوصولِ إليهِ، وَلا يَدري كيفَ حُكمهَ فيما يُبتلى من شرائعِ دينهِ. ألا فَمن كانَ مِن شيعتِنا عالِماً بعلومِنا، وهذا الجاهلُ بشريعتِنا، المنقطعُ عَن مُشاهدتِنا، يَتيمٌ في حِجْرِهِ. ألا فَمن هداهُ وأرشدَهُ وعَلّمهُ شريعتنا، كانَ معَنا في الرَّفيقِ الأعلَى». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص339؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج 1، ص7؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج 3، ص55؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج 1، ص16؛ السيّد شرف الدين الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ص74؛ الشهيد الثاني، حقائق الإيمان: ص268؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 2، ص2 وج 105، ص171).

[29] جاء في رواية عن الإمام أبي عبد الله الصادق×: «إِنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِراً وبَاطِناً». (الكليني، الكافي: ج 4، ص549؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص486؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 24، ص361).

وقال رسول الله أيضاً: «إنَّ للقُرآنِ ظَهراً وبطناً، ولبطنِهِ بطنٌ إلى سبعةِ أبطنِ». (السيّد حيدر الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ص11؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج 4، ص107؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج 1، ص31).

[30] عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ×، قال: قال الحسين بن عليّ×: «مَن كَفلَ لنا يتيماً قطعَتْهُ عنّا محنتُنا [محبّتنا]...». (التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري×: ص341؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج 1، ص8؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج 3، ص55؛ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة في أصول الأئمة: ج 1، ص601؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 2، ص4).

[31] إبراهيم: الآيتان 24- 25.

عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله× عَنْ قَوْلِ الله: (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) قَالَ: فَقَالَ: «رَسُولُ الله أَصْلُهَا، وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ× فَرْعُهَا، والأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أَغْصَانُهَا، وعِلْمُ الأَئِمَّةِ ثَمَرَتُهَا، وشِيعَتُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَرَقُهَا، هَلْ فِيهَا فَضْلٌ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا والله. قَالَ: والله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُولَدُ فَتُورَقُ وَرَقَةٌ فِيهَا، وإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَمُوتُ فَتَسْقُطُ وَرَقَةٌ مِنْهَا». (الكليني، الكافي: ج 1، ص428؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج 3، ص85؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج 3، ص297؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 24، ص143).

[32] عن الصادق× أنّه قال: «أوتادُ الأرضِ وأعلامُ الدّينِ أربعةٌ: محمّدُ بنُ مسلم وبريدُ بنُ معاويةَ وليثُ بنُ البَختريّ المراديّ وزرارةُ بنُ أعين». (الشيخ الطوسي، رجال الكشّيّ: ج 2، ص507؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج 1، ص26؛ المحدّث القمّي، الكنى والألقاب: ج 2، ص446؛ المحقّق الخوئي، معجم رجال الحديث: ج 4، ص196؛ التستري، قاموس الرجال: ج 9، ص573؛ ابن حجر، لسان الميزان: ج 2، ص10).

[33] من القائلين بالتجسيم، ابن تيمية، المتوفّى عام 728هـ، وهو من كبار شيوخ الوهابية وزعمائها، أخذ هذه العقيدة عن أحمد بن حنبل، أُستاذ البخاري ومسلم؛ ومن الأمثلة على قوله بالتجسيم أنّه قال:

«وَجُمْلَةُ قَوْلِنَا: أَنَّا نُقِرُّ بِاَلله... وَأَنَّ اللَهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً كَمَا قَالَ: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ كَمَا قَالَ: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، وَقَالَ: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)، وَأَنَّ لَهُ عَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ كَمَا قَالَ: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا)...». (الفتاوى الكبرى: ج 6، ص655- 656).

وقال أيضاً: «قَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ أَبْطَالِ التَّأْوِيلَاتِ لِأَخْبَارِ الصِّفَاتِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَه بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: إنَّ اللَهَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخَوِّفَ عِبَادَهُ أَبْدَى عَنْ بَعْضِهِ إلَى الْأَرْضِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تُزَلْزَلُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُدَمِّرَ عَلَى قَوْمٍ تَجَلَّى لَهَا... ثُمَّ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: أَبْدَى عَنْ بَعْضِهِ، فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ». (الفتاوى الكبرى: ج 6، ص413).

وقال أيضاً: «هَذَا مَذْهَبُ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ الْمَعْرُوفِينَ بِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه والحميدي وَغَيْرِهِمْ. كَانَ قَوْلُهُمْ: إنَّ اللَهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَيْفَ شَاءَ وَكَمَا شَاءَ». (مجموعة الفتاوى: ج 5، ص393).

وقال العلّامة الحلّي في هذا الصدد: «والحنابلة كافة، فإنّهم قالوا: إنّه تعالى جسم، يجلس على العرش، ويفضل عنه من كلّ جانب ستّة أشبار بشبره، وأنّه ينزل في كلّ ليلة جمعة على حمارٍ، وينادي إلى الصباح: هل من تائبٍ...». (العلّامة الحلّي، نهج الحقّ وكشف الصدق: ص55).

[34] عَن فُضَيلِ بنِ يَسارٍ، قالَ سمعتُ أبا جعفرٍ× يقولُ: «كُلُّ ما لمْ يخرجْ منْ هذا البَيتِ فَهوَ باطلٌ». (محمّد بن الحسن الصفار، بصائر الدرجات: ص531؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص31 (لكن ورد فيه: فهوَ وَبالٌ)؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص15؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 2، ص94).

[35] روي عن أبي عبد الله الحسين× أنّه قال: «أتيتُ يوماً جدّي رسولَ اللهِ، فرأيتُ أُبيّ بن كعب جالساً عندَهُ، فقالَ جدّي: مرحباً بكَ يا زينَ السماواتِ والأرضِ. فقال أُبيّ: يا رسولَ الله! وهل أحدٌ سواكَ زينُ السماواتِ والأرضِ؟ فقال النبيّ: يا أُبيّ بن كعب! والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، إنّ الحسينَ بنَ عليٍّ في السماواتِ أعظمُ ممّا هوَ في الأرضِ، واسمُهُ مكتوبٌ عن يمينِ العرشِ: إنّ الحسينَ مصباحُ الهُدى وسَفينةُ النَّجاةِ». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص198؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج 4، ص51).

وروي كذلك: عن موسى بنِ جعفرٍ، عن أبيهِ جعفرِ بنِ محمّدٍ، عن أبيهِ محمّدِ بنِ عليٍّ، عن أبيهِ عليّ بنِ الحسينِ، عن أبيهِ الحسينِ بنِ عليّ بنِ أبي طالبٍ^، قالَ: «دخلتُ على رسول الله وعندهُ أُبيُّ بن كعب، فقال لي رسول الله: مرحباً بك يا أبا عبد الله يا زينَ السماوات والأرضين! قال له أُبيّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرضين أحدٌ غيرك؟ قال: يا أُبيّ! والذي بعثني بالحقّ نبياً، إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض، وإنّه لمكتوب عن يمين عرش الله: مصباحُ هدى وسفينةُ نجاةٍ...  يا أُبيّ! طوبى لمن لقيه، وطوبى لمن أحبّه، وطوبى لمن قال به، ينجّيهم الله به من الهلكة، وبالإقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة يفتح الله لهم الجنّة، مثَلُهم في الأرض كمثَل المسك الذي يسطع ريحه ولا يتغيّر أبداً، ومثَلُهم في السّماء كمثَل القمر المنير الذي لا يُطفى نوره أبداً» (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج 1، ص62؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص265؛ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج 2، ص186؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج 2، ص551 وج 3، ص1166؛ قطب الدين الراوندي، قصص الأنبياء: ص359؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ص150 و203 و265؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 36، ص205 و412 وج 91، ص184).

[36] ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة: ج 2، ص19.

[37] أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج 4، ص172.

كذلك أخرجه بلفظ: «حُسينٌ مِنّي وأنا منْ حُسينٍ، اللهمَّ أحِبَّ مَنْ أحبَّ حُسيناً»، أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ح 1361.

[38] الترمذي، سنن الترمذي: ج 5، ص324. (قال الترمذي ذيل الحديث: هذا حديث حسن).

[39] محمّد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجة: ج 1، ص51. (قال ابن ماجة ذيل الحديث: إسناده حسن، رجاله ثقات).

[40] الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج 3، ص177. (قال الحاكم في ذيل هذا الحديث: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه).

[41] البخاري، الأدب المفرد: ص85؛ البخاري، التاريخ الكبير: ج 8، ص415.

[42] الذهبي، تاريخ الإسلام: ج 5، ص97. (قال الذهبي ذيل هذا الحديث: قال الترمذي: هذا حديث حسن).

[43] حدّثني محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبي سعيد الحسن بن عليّ بن زكريا العدوي البصري، قال: حدّثنا عبد الأعلى [عبد الله] بن حمّاد البرسي، قال: حدّثنا وهب، عن عبد الله بن عثمان، عن سعيد ابن أبي راشد، عن يعلَى العامري، أنّهُ خرجَ من عندِ رسولِ اللهِ إلى طعامٍ دُعيَ إليهِ، فإذا هوَ بحسينٍ× يلعبُ مع الصبيان، فاستقبلهُ النبيّ أمامَ القومِ، ثمّ بسطَ يديهِ فطفرَ الصبيُّ هاهنا مرّةً وهاهنا مرّةً، وجعلَ رسولُ الله يضاحكُهُ حتّى أخذهُ فجعلَ إحدى يديهِ تحتَ ذقنهِ والأخرى تحتَ قفائهِ، ووضعَ فاهُ على فيهِ وقبّلهُ، ثمّ قالَ: «حسينٌ منّي وَأنا مِنْ حسينٍ، أحبَّ اللهُ مَنْ أحبَّ حسيناً، حسينٌ سبْطٌ منَ الأسباطِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص117؛ الشريف المرتضى، الأمالي: ج1، ص157؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص226؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج2، ص273؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص271؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص33).

مصادر أهل السنّة: ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج7، ص515؛ ابن حبان، صحيح ابن حبان: ج15، ص428؛ الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص33؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص149؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص133؛ الهيثمي، موارد الظمآن: ج7، ص196؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص402؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول: ص88؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج11، ص72؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج2، ص207.

[44] قال: «تنبيه: بل ارجع إلى نفسك وتأمّل، هل إذا كنت صحيحاً بل وعلى بعض أحوالك غيرها، بحيث تفطن للشيء فطنةً صحيحةً، هل تغفل عن وجود ذاتك ولا تثبت نفسك؟ ما عندي أنّ هذا يكون للمستبصر، حتّى أنّ النائم في نومه والسكران في سكره لا يعرف ذاته عن ذاته، وإن لم يثبت تمثّله لذاته في ذكره، ولو توهّمت أنّ ذاتك قد خُلقت أوّل خلقها صحيحة العقل والهيئة، وفُرض أنّها على جملة من الوضع والهيئة لا تبصر أجزاءها ولا تتلامس أعضاؤها، بل هي منفرجة ومعلّقة لحظةً ما في هواء طلق، وجدتها قد غفلت عن كلّ شيء إلّا عن ثبوت إنّيّتها». (ابن سينا، الإشارات والتنبيهات: ج2، ص292).

[45] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ× يَقُولُ: «إِنَّ اللَه خَلَقَ مُحَمَّداً وعَلِيّاً وأَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِه مِنْ نُورِ عَظَمَتِه، فَأَقَامَهُمْ أَشْبَاحاً فِي ضِيَاءِ نُورِه، يَعْبُدُونَه قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ، يُسَبِّحُونَ اللَه ويُقَدِّسُونَه، وهُمُ الأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ الله». (أبو حمزة الثمالي، تفسير أبي حمزة الثمالي: ص80؛ الكليني، الكافي: ج1، ص530- 531؛ نخبة من الرواة، الأصول الستة عشر: ص15).

[46] النور، آية35.

[47] (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) (الأعراف، آية187).

* صحيح أنّ الآية الشريفة تتحدث ظاهراً عن القيامة، لكنّها تتجلى في مصيبة أبي عبد الله الحسين×، كما ينطبق «النبأ العظيم» الذي يعني القيامة على الوجود المقدّس لأمير المؤمنين×.

وورد فيها كذلك: «يا أبا عبدِ اللهِ! لقدْ عظمتِ الرزيّةُ وجَلّتِ المصيبةُ بكَ عَلينا وعَلى جميعِ أهلِ السَّماواتِ والأرضِ...». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص328؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص774؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص1؛ محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص481؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص179؛ الكفعمي، المصباح: ص483؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص270؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص294).

[48] «نادى جَبرئيلُ× بين السّماء والأرض بصوتٍ يسمعه كلّ مستيقظٍ: تهدّمتْ واللهِ أركانُ الهدى، وانطمسَت واللهِ نُجومُ السَّماءِ وأعلامُ التُّقى، وانفصمَت واللهِ العُروةُ الوُثقى...». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج42، ص282؛ السيّد شرف الدين، المجالس الفاخرة: ص328).

[49] روي عن زرارة قال: قال أبو عبد الله×: «يَا زُرَارَةُ! إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالدَّمِ، وَإِنَّ الْأَرْضَ بَكَتْ‏ أَرْبَعِينَ‏ صَبَاحاً بِالسَّوَادِ، وَإِنَّ الشَّمْسَ بَكَتْ‏ أَرْبَعِينَ‏ صَبَاحاً بِالْكُسُوفِ وَالْحُمْرَةِ، وَإِنَّ الْجِبَالَ تَقَطَّعَتْ وَانْتَثَرَتْ، وَإِنَّ الْبِحَارَ تَفَجَّرَتْ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَكَتْ‏ أَرْبَعِينَ‏ صَبَاحاً عَلَى الْحُسَيْنِ×، وَمَا اخْتَضَبَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ وَلَا ادَّهَنَتْ وَلَا اكْتَحَلَتْ وَلَا رَجَّلَتْ حَتَّى أَتَانَا رَأْسُ عُبَيْد الله بْنِ زِيَاد». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص167- 168؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص167؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص206؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص462).

[50] ابن حجر، تلخيص الحبير: ج5، ص84.

[51] ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194.

[52] السيوطي، المحاضرات والمحاورات: ص405.

[53] قال أبو قُبَيْل: «لما قُتلَ الحسينُ بنُ عليٍّ كُسفتِ [انكَسفت] الشَّمسُ كَسفةً [حتّى] بدتِ الكواكبُ نصفَ النَّهارِ...». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص212- 213؛ يوسف بن حاتم الشامي العاملي، الدرّ النظيم: ص567؛ الشهيد الأوّل، الذكرى: ج4، ص225؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص216؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص467).

مصادر أهل السنّة: الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص114؛ البيهقي، السنن الكبرى: ج3، ص337؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص228؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص433؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص197 (قال الهيثمي في ذيل هذا الحديث: رواه الطبراني وإسناده صحيح)؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص19.

[54] عن أبي عمارة المنشد، قال: «ما ذُكر الحسينُ بنُ عليٍّ÷ عند أبي عبد الله× في يومٍ قطّ، فرُئيَ أبو عبد الله× متبسّماً في ذلكَ اليومِ إلى اللّيلِ، وكانَ يقولُ: الحسينُ× عَبرةُ كلّ مؤمنٍ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص214؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص280؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص537).

[55] قال الرضا×: «إنَّ الْمُحَرَّمَ‏ شَهْرٌ كَانَ‏ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ، فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا، وَهُتِكَ فِيهِ حُرْمَتُنَا، وَسُبِيَ فِيهِ ذَرَارِيُّنَا وَنِسَاؤُنَا، وَأُضْرِمَتِ النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا، وَانْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثَقَلِنَا، وَلَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ الله حُرْمَةٌ فِي أَمْرِنَا. إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا، وَأَسْبَلَ دُمُوعَنَا، وَأَذَلَّ عَزِيزَنَا، بِأَرْضِ كَرْبٍ وبَلَاءٍ، وَأَوْرَثَتْنَا [يَا أَرْضَ كَرْبٍ وبَلَاءٍ أَوْرَثْتِنَا] الْكَرْبَ [وَ] الْبَلَاءَ إِلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ، فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ، فَإِنَّ الْبُكَاءَ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ. ثُمَّ قَالَ×: كَانَ أَبِي× إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَى ضَاحِكاً، وَكَانَتِ الْكآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَحُزْنِهِ وَبُكَائِهِ، وَيَقُولُ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ (صلوات الله عليه)». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص190- 191؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص238؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص169؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص28؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص284؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص538).

[56] «ما روي عن الصادق× ـ بعد الغسل والاستئذان والتكبير مئة ـ الحمد لله العليّ العظيم، والسّلام عليك أيّها العبد الصالح الزكيّ، أودّعك (أودعك) شهادةً منّي لك، تقرّبني إليك في يوم شفاعتك. أشهد أنّك قُتلتَ ولم تمت، بل برجاء حياتك حييتْ (حيّتْ) قلوب شيعتك، وبضياء نورك اهتدى الطالبون إليك. وأشهد أنّك نور الله الذي لم يُطفأ ولا يُطفأ أبداً، وأنّك وجه الله الذي لم يَهلك ولا يَهلك (لم يُهلك ولا يُهلك) أبداً. وأشهد أنّ هذه التربة تربتك، وهذا الحرم حرمك، وهذا المصرع مصرع بدنك، لا ذليل والله معزّك، ولا مغلوب والله ناصرك. هذه شهادة لي عندك إلى يوم قبض روحي بحضرتك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثمّ قل: ما روي عن الهادي×: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حجّة الله في أرضه وشاهده على خلقه، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن عليّ المرتضى، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء، أشهد أنّك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل الله حتّى أتاك اليقين، فصلّى الله عليك حيّاً وميّتاً. ثمّ ضع خدّك الأيمن على القبر وقل: أشهد أنّك على بيّنةٍ  من ربّك، جئتك مقرّاً بالذنوب لتشفع لي عند ربّك يا بن رسول الله. ثمّ سلّم على الأئمّة^ بأسمائهم واحداً واحداً وقل: أشهد أنّكم حجّة الله، فاكتب لي يا مولاي عندك ميثاقاً وعهداً أنّي أتيتك أجدّد الميثاق، فاشهد لي عند ربّك أنّك أنت الشاهد...». (الكفعمي، المصباح: ص498- 499؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص342).

[57] قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق÷: «عُلَمَاءُ شِيعَتِنَا مُرَابِطُونَ‏ فِي الثَّغْرِ الَّذِي يَلِي إِبْلِيسَ وَعَفَارِيتَهُ، يَمْنَعُونَهُمْ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا وَعَنْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ وَشِيعَتُهُ النَّوَاصِبُ، أَلَا فَمَنِ انْتَصَبَ لِذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ جَاهَدَ الرُّومَ وَالتُّرْكَ وَالْخَزَرَ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ أَدْيَانِ مُحِبِّينَا، وَذَلِكَ يَدْفَعُ عَنْ أَبْدَانِهِم‏». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري×: ص343؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص8 وج 2، ص155؛ السيّد ابن طاووس، اليقين: ص8؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص55؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج1، ص18؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص5).

[58] فقرة من الزيارة الجامعة. (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص616؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرّضا: ج2، ص309؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص100؛ المشهدي، المزار: ص533؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص219؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص302؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص132 و...).

[59] رُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَه× قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ الله فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي رَاغِبٌ فِي الْجِهَادِ نَشِيطٌ. قَالَ: فَقَالَ لَه النَّبِيُّ: فَجَاهِدْ فِي سَبِيلِ اللَه، فَإِنَّكَ إِنْ تُقْتَلْ تَكُنْ حَيّاً عِنْدَ الله تُرْزَقْ، وإِنْ تَمُتْ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُكَ عَلَى الله، وإِنْ رَجَعْتَ رَجَعْتَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا وُلِدْتَ. قَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ لِي وَالِدَيْنِ كَبِيرَيْنِ يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا يَأْنَسَانِ بِي، ويَكْرَهَانِ خُرُوجِي. فَقَالَ رَسُولُ الله: فَقِرَّ مَعَ وَالِدَيْكَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لأُنْسُهُمَا بِكَ يَوْماً ولَيْلَةً خَيْرٌ مِنْ جِهَادِ سَنَةٍ». (الكليني، الكافي: ج2، ص160؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص547؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص367؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج11، ص13؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج71، ص52).

[60] النساء، آية100.

[61] آل عمران، الآيتان 169- 170.

* روي في تفسير هذه الآية الشريفة أنّ الإمام الباقر× قال: «أتى رجلٌ رسولَ الله فقال: إنّي راغبٌ نشيطٌ في الجهادِ. قال: فجاهدْ في سبيلِ اللهِ، فإنّك إن تُقتل كنتَ حيّاً عندَ اللهِ تُرزقُ، وإن متَّ فقد وقعَ أجرُكَ على اللهِ، وإن رجعتَ خرجتَ من الذّنوب إلى اللهِ». (محمّد بن مسعود العيّاشي، تفسير العيّاشي: ج1، ص206؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص712؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص14).

[62] الواقعة، آية79.

[63] قال الإمام الصادق×: «أَلَا فَمَنِ انْتَصَبَ لِذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ جَاهَدَ الرُّومَ وَالتُّرْكَ وَالْخَزَرَ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ». وقد تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذا الحديث في بداية المحاضرة.

[64] [قال صاحب المقاتل]: «واستعمل [المتوكّل] على المدينة ومكّة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرّض لمسألة الناس، ومنع الناس‏ من‏ البرّ بهم‏، وأن لا يبلغه أنّ أحداً أبرّ أحداً منهم بشي‏ءٍ وإن قلّ إلّا أنهكه عقوبةً وأثقله غرماً، حتّى كان القميص يكون بين جماعةٍ من العلويات يصلّين فيه واحدةً بعد واحدةٍ، ثم يرقّعنه [يرفضنه] و[يجلس] يجلسن [على مغازلهنّ] عواري حواسر، إلى أن قُتل المتوكّل». (عليّ بن محمّد العلوي العمري، المجدي في أنساب الطالبيين: ص372؛ العلّامة المجلسي، مرآة العقول: ج6، ص106؛ المحدّث القمّي، الكنى والألقاب: ج3، ص144).

مصادر أهل السنّة: القاضي التنوخي، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: ج6، ص323؛ القاضي التنوخي، الفرج بعد الشدّة: ص19؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص396.

[65] قال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ×: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب×: «مَنْ‏ قَوَّى‏ مِسْكِيناً فِي دِينِهِ ضَعِيفاً فِي مَعْرِفَتِهِ عَلَى نَاصِبٍ مُخَالِفٍ فَأَفْحَمَهُ، لَقَّنَهُ اللَهُ تَعَالَى يَوْمَ يُدْلَى فِي قَبْرِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَهُ رَبِّي وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي وَعَلِيٌّ وَلِيِّي وَالْكَعْبَةُ قِبْلَتِي وَالْقُرْآنُ بَهْجَتِي وَعُدَّتِي وَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَانِي، فَيَقُولُ اللَهُ: أَدْلَيْتَ بِالْحُجَّةِ فَوَجَبَتْ لَكَ أَعَالِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ أَنْزَهَ رِيَاضِ الْجَنَّة». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص346؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص10؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص57؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص266؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص7 وج 6، ص228).

ولمزيد من التحقيق في هذا الموضوع، انظر: المحاضرة الثانية.

[66] عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، قَالَ:«قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله×: إِنِّي رَجُلٌ‏ كَثِيرُ الْعِلَلِ‏ وَالْأَمْرَاضِ، وَمَا تَرَكْتُ دَوَاءً إِلَّا تَدَاوَيْتُ بِهِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ×، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، فَإِذَا أَخَذْتَهُ فَقُلْ هَذَا الْكَلَامَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الطِّينَةِ، وَبِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي أَخَذَهَا، وَبِحَقِّ النَّبِيِّ الَّذِي قَبَضَهَا، وَبِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَافْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا". قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله×: أَمَّا الْمَلَكُ الَّذِي قَبَضَهَا فَهُوَ جَبْرَئِيلُ×، وَأَرَاهَا النَّبِيَّ، فَقَالَ: هَذِهِ تُرْبَةُ ابْنِكَ الْحُسَيْنِ، تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَالَّذِي قَبَضَهَا فَهُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله(صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَأَمَّا الْوَصِيُّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا فَهُوَ الْحُسَيْنُ× وَالشُّهَدَاءُF. قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُ- جُعِلْتُ فِدَاكَ- الشِّفَاءَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، فَكَيْفَ الْأَمْنُ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ؟ فَقَالَ: إِذَا خِفْتَ سُلْطَاناً أَوْ غَيْرَ سُلْطَانٍ فَلَا تَخْرُجَنَّ مِنْ مَنْزِلِكَ إِلَّا وَمَعَكَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ×، فَتَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَخَذْتُهُ مِنْ قَبْرِ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ، فَاجْعَلْهُ لِي أَمْناً وَحِرْزاً لِمَا أَخَافُ وَمَا لَا أَخَافُ" فَإِنَّهُ قَدْ يَرُدُّ مَا لَا يَخَافُ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: فَأَخَذْتُ كَمَا أَمَرَنِي، وَقُلْتُ مَا قَالَ لِي فَصَحَّ جِسْمِي، وَكَانَ لِي أَمَاناً مِنْ كُلِّ مَا خِفْتُ وَمَا لَمْ أَخَفْ، كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الله×، فَمَا رَأَيْتُ مَعَ ذَلِكَ بِحَمْدِ الله مَكْرُوهاً ولَا مَحْذُوراً». (الشيخ الطوسي، الأمالي: ص318؛ محمّد بن أبي القاسم الطبري، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: ص322؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص118).

ووردت هذه الرواية بسند آخر: بإسنادهِ عَن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلَّانٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله×: إِنِّي رَجُلٌ‏ كَثِيرُ الْعِلَلِ‏ والْأَمْرَاض‏...» (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص473؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص74؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص524). (وردت في هذه المصادر بهذه العبارة: َ «أمّا الْوَصِيُّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا فَهُوَ الْحُسَيْنُ× سَيِّدُ [شَبَابِ] الشُّهَدَاء».

[67] عن أمير المؤمنين×: «... عِلْمُ الْأَنْبِيَاءِ فِي‏ عِلْمِهِمْ، ‏ وَسِرُّ الْأَوْصِيَاءِ فِي سِرِّهِمْ، وَعِزُّ الْأَوْلِيَاءِ فِي عِزِّهِمْ، كَالْقَطْرَةِ فِي الْبَحْرِ وَالذَّرَّةِ فِي الْقَفْرِ، وَالسَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَيَدِهِ مِنْ رَاحَتِهِ، يَعْرِفُ ظَاهِرَهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَيَعْلَمُ بَرَّهَا مِنْ فَاجِرِهَا، وَرَطْبَهَا وَيَابِسَهَا؛ لِأَنَّ اللَهَ عَلَّمَ نَبِيَّهُ عِلْمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَوَرِثَ ذَلِكَ السِّرَّ الْمَصُونَ الْأَوْصِيَاءُ الْمُنْتَجَبُون‏ ...». (الحافظ البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص178؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص173).

[68] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْمِصْبَاحِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِيسَى، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْحَسَنِ× يَقُولُ:‏ «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِذَا دَفَنَ الْمَيِّتَ وَوَسَّدَهُ التُّرَابَ أَنْ يَضَعَ مُقَابِلَ وَجْهِهِ‏ لَبِنَةً مِنَ‏ الطِّينِ وَلَا يَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص735؛ الفاضل الهندي، كشف اللثام: ج2، ص386؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج2، ص742 وج 3، ص30). وعلّق صاحب البحار على هذه الرواية، قائلاً: «أَقُولُ: الْمُرَادُ الطِّينُ الْمَعْهُودُ لِلتَّبَرُّكِ، وَهُوَ طِينُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ×، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ، وَقَدْ فَهِمَ الشَّيْخُ ذَلِكَ أَيْضاً، فَأَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي جُمْلَةِ أَحَادِيثِ تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ×». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج79، ص45).

كَذلكَ: ورد عن السيّد ابنِ طاووسٍ في مصباحِ الزّائرِ، رَوى جَعْفَرُ بْنُ عِيسَى، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْحَسَنِ× يَقُولُ:‏ «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِذَا دَفَنَ الْمَيِّتَ وَوَسَّدَهُ التُّرَابَ أَنْ يَضَعَ مُقَابِلَ وَجْهِهِ‏ لَبِنَةً مِنَ‏ الطِّينِ وَلَا يَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص136؛ الميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل: ج2، ص216).

[69] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَهِ× قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ× نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَهَ يُبَشِّرُكَ‏ بِمَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ‏ فَاطِمَةَ، تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ! وَعَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ، تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَعَرَجَ ثُمَّ هَبَطَ× فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ! وَعَلَى رَبِّيَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. فَعَرَجَ جَبْرَئِيلُ× إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيُبَشِّرُكَ بِأَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَالْوَلَايَةَ وَالْوَصِيَّةَ. فَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ أَنَّ اللَهَ يُبَشِّرُنِي بِمَوْلُودٍ يُولَدُ لَكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِي فِي مَوْلُودٍ مِنِّي تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ اللَهَ قَدْ جَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَالْوَلَايَةَ وَالْوَصِيَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ...». (الكليني، الكافي: ج1، ص464؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص124؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ص563؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص39).

[70] عَنْ عَبْدِ الله بن يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ؛ وَكَانَ عَلَى مَطْهَرَةِ عَلِيٍّ×، قَالَ‏: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ× إِلَى صِفِّينَ، فَلَمَّا حَاذَانَا نَيْنَوَى‏ نَادَى: صَبْراً أَبَا عَبْدِ الله بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا قَوْلُكَ: صَبْراً أَبَا عَبْدِ الله؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، مَا لِعَيْنَيْكِ تَفِيضَانِ دُمُوعاً أَغَضَبَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ. فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا، فَلَمْ تَمْلِكْ عَيْنَايَ أَنْ فَاضَتَا». (محمّد بن سليمان الكوفي، مناقب الإمام أمير المؤمنين: ج2، ص253؛ السيّد ابن طاووس، الملاحم والفتن: ص334؛ يوسف بن حاتم العاملي، الدرّ النظيم: ص538؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج2، ص270).

مصادر أهل السنّة: أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج1، ص85؛ الضحاك، الآحاد والمثاني: ج1، ص309؛ أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى: ج1، ص298؛ ابن المغازلي، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص313؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص188؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص148؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2596؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص407؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص217؛ الهيثمي، مجمع الزوائد، ج9، ص187 (قال الهيثمي معلّقاً على هذا الحديث: رواه أحمد وأبو يعلى والبزاز والطبراني ورجاله ثقات)؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج2، ص300؛ المتقي الهندي، كنز العمّال: ج12، ص127.

[71] «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الطِّينَةِ، وَبِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي أَخَذَهَا، وَبِحَقِّ النَّبِيِّ الَّذِي قَبَضَهَا، وَبِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَافْعَلْ بِي كَذَا وكَذَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله×: أَمَّا الْمَلَكُ الَّذِي قَبَضَهَا فَهُوَ جَبْرَئِيلُ×، وَأَرَاهَا النَّبِيَّ’، فَقَالَ: هذِهِ تُرْبَةُ ابْنِكَ الْحُسَيْنِ، تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَالَّذِي قَبَضَهَا فَهُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله’ ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا فَهُوَ الْحُسَيْنُ× وَالشُّهَدَاءُF». هذا جزء من رواية الحارث بن المغيرة المتقدّمة في هذه المحاضرة، ولمعرفة المزيد، انظر: (الملحق:6) في الصفحات القادمة.

[72] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «إِذَا أَخَذْتَ مِنْ تُرْبَةِ الْمَظْلُومِ وَوَضَعْتَهَا فِي‏ فِيكَ‏ فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي قَبَضَهَا، وَالنَّبِيِّ الَّذِي حَضَنَهَا، وَالْإِمَامِ الَّذِي حَلَّ فِيهَا، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي فِيهَا شِفَاءً نَافِعاً، وَرِزْقاً وَاسِعاً، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَدَاءٍ. فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ وَهَبَ اللَهُ لَهُ الْعَافِيَةَ وَشَفَاهُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص477؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص129).

[73] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَهِ×، قَالَ:‏ «إِنَّ طِينَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× مِسْكَةٌ مُبَارَكَةٌ، مَنْ أَكَلَهُ مِنْ شِيعَتِنَا كَانَ لَهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْ عَدُوِّنَا ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْأَلْيَةُ، فَإِذَا أَكَلْتَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي قَبَضَهَا، وَبِحَقِّ النَّبِيِّ الَّذِي خَزَنَهَا، وَبِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي هُوَ فِيهَا، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَعَافِيَةً مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وَتَقُولُ أَيْضاً: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ التُّرْبَةَ تُرْبَةُ وَلِيِّكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَانٌ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَلِي بِرَحْمَتِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ مَا قِيلَ فِيهِمْ وَفِيهَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، وَصَدَقَ الْمُرْسَلُون‏». (الشيخ المفيد، المزار: ص148؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص166؛ المشهدي، المزار: ص363؛ الكفعمي، المصباح: ص508؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج24، ص229؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص132).

[74] قالَ الإمامُ الصّادقُ×: «السُّجُودُ عَلَى‏ طِينِ‏ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× يُنَوِّرُ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَةٌ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× كُتِبَ مُسَبِّحاً وَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ بِهَا». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص268؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج5، ص366؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج8، ص731).

[75] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: كَانَ لِأَبِي عَبْدِ الله× خَرِيطَةُ دِيبَاجٍ صَفْرَاءُ، فِيهَا تُرْبَةُ أَبِي عَبْدِ الله×، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ صَبَّهُ عَلَى سَجَّادَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ×: «إِنَّ السُّجُودَ عَلَى تُرْبَةِ أَبِي عَبْدِ الله× يَخْرِقُ‏ الْحُجُبَ‏ السَّبْعَ‏». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص733؛ قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص188؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج5، ص366؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص153).

[76] عَن زُرارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ الله إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ كَانَ الْحُسَيْنُ× أَبْطَأَ عَنِ الْكَلَامِ‏ حَتَّى‏ تَخَوَّفُوا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَأَنْ يَكُونَ بِهِ خَرَسٌ، فَخَرَجَ بِهِ حَامِلاً عَلَى عَاتِقِهِ، وَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَأَقَامَهُ عَلَى يَمِينِهِ، فَافْتَتَحَ رَسُولُ الله الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ×، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ الله تَكْبِيرَهُ عَادَ فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ×، حَتَّى كَبَّرَ رَسُولُ الله سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ×، فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج2، ص332؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص305؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص21؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج81، ص356).

وروي أيضاً: عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَهِ× قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ الله الصَّلَاةَ وَمَعَهُ الْحُسَيْنُ×، قَالَ: فَكَبَّرَ وَلَحَظَهُ الْحُسَيْنُ×، فَلَمْ يَنْطِقْ‏ لِسَانُهُ‏ بِالتَّكْبِيرِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ الله الثَّانِيَةَ، وَلَحَظَهُ فَلَمْ يَنْطِقْ‏ لِسَانُهُ‏ بِالتَّكْبِيرِ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ الله يُكَبِّرُ وَيَلْحَظُهُ حَتَّى كَبَّرَ السَّابِعَةَ، فَلَمَّا كَبَّرَ السَّابِعَةَ أَطْلَقَ اللَهُ لِسَانَ الْحُسَيْنِ× بِالتَّكْبِيرِ، وَاسْتَحْضَرَ رَسُولَ الله فِي الْقِرَاءَةِ فَصَارَتْ سُنَّة». (الميرزا حسين النوري، مستدرك الوسائل: ج4، ص140، نقلاً عن كتاب دُرُستَ بنْ أبي مَنصورٍ).

[77] عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^، ‏ «أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (÷)‏ دَخَلَ يَوْماً إِلَى‏ الْحَسَنِ×، ‏ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ‏ بَكَى، ‏ فَقَالَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله؟ قَالَ: أَبْكِي لِمَا يُصْنَعُ بِكَ. فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ×‏: إِنَّ الَّذِي يُؤْتَى إِلَيَّ سَمٌّ يُدَسُّ إِلَيَّ فَأُقْتَلُ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ، يَزْدَلِفُ إِلَيْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ، وَيَنْتَحِلُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ، فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى قَتْلِكَ وَسَفْكِ دَمِكَ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِكَ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّكَ وَنِسَائِكَ وَانْتِهَابِ ثَقَلِكَ، فَعِنْدَهَا تَحِلُّ بِبَنِي أُمَيَّةَ اللَّعْنَةُ، وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ رَمَاداً وَدَماً، وَيَبْكِي عَلَيْكَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى الْوُحُوشُ فِي الْفَلَوَاتِ وَالْحِيتَانُ فِي الْبِحَارِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص177؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص238؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص13؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص19؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج3، ص394؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص218).

[78] التغابن، آية9.

[79] الإسراء، آية14.

[80] فِي الْخَبَرِ النَّبَوِيِّ أَنَّهُ «يُفْتَحُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ خِزَانَةً عَدَدَ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَخِزَانَةٌ يَجِدُهَا مَمْلُوءَةً نُوراً وَسُرُوراً، فَيَنَالُهُ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ لَأَدْهَشَهُمْ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ النَّارِ، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي أَطَاعَ فِيهَا رَبَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا مُظْلِمَةً مُنْتِنَةً مُفْزِعَةً، فَيَنَالُهُ مِنْهَا عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَزَعِ وَالْجَزَعِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ لَنَقَّصَ [لَنَغَّضَ‏] عَلَيْهِمْ نَعِيمَهَا، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي عَصَى فِيهَا رَبَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا خَالِيَةً لَيْسَ فِيهَا مَا يَسُرُّهُ وَلَا يَسُوؤُهُ، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي نَامَ فِيهَا أَوِ اشْتَغَلَ فِيهَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مُبَاحَاتِ الدُّنْيَا، فَيَنَالُهُ مِنَ الْغَبْنِ وَالْأَسَفِ عَلَى فَوَاتِهَا- حَيْثُ كَانَ مُتَمَكِّناً مِنْ أَنْ يَمْلَأَهَا حَسَنَاتٍ مَا لَا يُوصَفُ- وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:‏ (ﯵ ﯶ ﯷ) »‏. (ابن فهد الحلّي، عدّة الداعي: ص103؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج7، ص262).

[81] المائدة، آية1.

[82] مريم، آية39.

[83] راجع: المحاضرة الثانية: ص40، الهامش رقم 1.

[84] الفجر، الآيتان 27- 28.

[85] الكليني، الكافي: ج1، ص528.

[86] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص310.

[87] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: قَالَ أَبِي لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ:... أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدِ أُمِّي فَاطِمَةَ‘ بِنْتِ رَسُولِ الله، وَمَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أُمِّي أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ... فَقَالَ جَابِرٌ: فَأَشْهَدُ بِالله أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ‏ مِنَ الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِمُحَمَّدٍ، نَبِيِّهِ... إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً، وَإِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَفَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَأَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ‏ وَسِبْطَيْكَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، فَجَعَلْتُ حَسَناً مَعْدِنَ عِلْمِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ، وَجَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ‏ وَحْيِي، وَأَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ، وَخَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ...». (علي بن بابويه القمي، الإمامة والتبصرة: ص104؛ الكليني، الكافي: ج1، ص528؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص310؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص49؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص211؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص255؛ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص176؛ شاذان بن جبرئيل القمي، الروضة في فضائل أمير المؤمنين: ص63؛ الشعيري، جامع الأخبار: ص19؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج2، ص137؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص291؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ص145 و220؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج36، ص196).

مصادر أهل السنّة: المسعودي، إثبات الوصية للإمام عليّ بن أبي طالب: ص169؛ الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص137.

[88] البقرة، آية31.

[89] النجم، آية10.

[90] النجم، الآيتان 3- 4.

[91] النساء، آية164.

[92] عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏: «قَبْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ÷ عِشْرُونَ‏ ذِرَاعاً فِي عِشْرِينَ ذِرَاعاً مُكَسَّراً رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ [وَمِنْهُ‏] مِعْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى السَّمَاءِ، وَلَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ إِلَّا وَهُوَ يَسْأَلُ اللَهَ أَنْ يَزُورَهُ، فَفَوْجٌ يَهْبِطُ وَفَوْجٌ يَصْعَدُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص222 و225؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص204؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص60).

وَرُويَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله× يَقُولُ:‏ «لَيْسَ نَبِيٌّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا يَسْأَلُونَ اللَهَ تَعَالَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ×، فَفَوْجٌ‏ يَنْزِلُ‏ وَفَوْجٌ يَصْعَدُ [يَعْرُجُ‏]». (الكليني، الكافي: ج4، ص588؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص220؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص96؛ الشيخ المفيد، المزار: ص141؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص272؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص110).

[93] اُنظر الصفحة الأولى من هذه المحاضرة.

[94] عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله× لَمَّا أَتَى الْحِيرَةَ: «هَلْ‏ لَكَ‏ فِي قَبْرِ الْحُسَيْنِ×؟ قُلْتُ: وَتَزُورُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَزُورُهُ وَاللَهُ يَزُورُهُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ، يَهْبِطُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْهِ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْصِيَاءُ، وَمُحَمَّدٌ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَنَحْنُ أَفْضَلُ الْأَوْصِيَاءِ؟ فَقَالَ: صَفْوَانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَتَزُورُهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ حَتَّى تُدْرِكَ زِيَارَةَ الرَّبِّ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا صَفْوَانُ، الْزَمْ ذَلِكَ يُكْتَبْ لَكَ زِيَارَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ×، وَذَلِكَ تَفْضِيلٌ وَذَلِكَ تَفْضِيل‏». (جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات: ص222؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص208؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص60).

[95] طه، آية114.

[96] التوبة، آية33.

* عَن مُحمّد بنِ الفُضَيلِ، قالَ: قُلْتُ: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)؟ قَالَ: «هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ بِالْوَلَايَةِ لِوَصِيِّهِ، وَالْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ. قُلْتُ: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)؟ قَالَ: يُظْهِرُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ‏ عِنْدَ قِيَامِ‏ الْقَائِم‏...». (الكليني، الكافي: ج1، ص432؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج2، ص279؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص567؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج2، ص74؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص318).

[97] «... السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ الله، ائْذَنْ لِوَلِيِّكَ فِي الدُّخُولِ إِلَى حَرَمِكَ، صَلَوَاتُ الله عَلَيْكَ وَعَلَى آبَائِكَ الطَّاهِرِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ. فَإِذَا نَزَلْتَ السِّرْدَابَ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَى الْحَقِّ‏ّ الْجَدِيدِ، وَالْعَالِمِ الَّذِي عِلْمُهُ لَا يَبِيدُ، السَّلَامُ عَلَى مُحْيِي الْمُؤْمِنِينَ، وَمُبِيرِ الْكَافِرِينَ، السَّلَامُ عَلَى مَهْدِيِّ الْأُمَم‏...». (الشهيد الأوّل، المزار: ص208؛ الكفعمي، المصباح: ص497؛ الشيخ البهائي العاملي، جامع عباسي: ص185؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص101).

[98] راجع المحاضرة الأولى: ص31، الهامش رقم 1.

[99] الحج، آية11؛ الزمر، آية15.

[100] اُنظر: المحاضرة الثالثة: ص77  الهامش رقم 1.

[101] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص39.

[102] الشعراء، آية88.

[103] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «مَنْ أَرَادَ اللَهُ بِهِ الْخَيْرَ قَذَفَ‏ فِي قَلْبِهِ حُبَّ الْحُسَيْنِ× وَحُبَّ زِيَارَتِهِ...» (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص269؛ الشيخ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص496؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص76).

[104] اُنظر: المحاضرة الرابعة: ص103، الهامش رقم 1.

[105] الأنعام، آية132؛ الأحقاف، آية19.

[106]كشف العلّة من المعلول.

[107]كشف المعلول من العلّة.

[108] الأنبياء، آية87.

[109] الأنبياء، الآيتان 87- 88.

[110] التوبة، آية36.

رَوَى جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ قَالَ‏: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ× عَنْ تَأْوِيلِ قَوْلِ الله‏ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، قَالَ: فَتَنَفَّسَ سَيِّدِي الصُّعَدَاءَ ثُمَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ! أَمَّا السّنَةُ فَهِيَ جَدِّي رَسُولُ الله، وَشُهُورُهَا اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [وَ] إلَيَّ وَإِلَى ابْنِي جَعْفَرٍ وَابْنِهِ مُوسَى وَابْنِهِ عَلِيٍّ وَابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَابْنِهِ عَلِيٍّ وَإِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ وَإِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ، اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، حُجَجُ الله فِي خَلْقِهِ، وَأُمَنَاؤُهُ عَلَى وَحْيِهِ وَعِلْمِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْحُرُمُ الَّذِينَ هُمُ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ يَخْرُجُونَ بِاسْمٍ وَاحِدٍ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ^، فَالْإِقْرَارُ بِهَؤُلَاءِ هُوَ (الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)  أَيْ قُولُوا بِهِمْ جَمِيعاً تَهْتَدُوا». (الشيخ الطوسي، الغيبة: ص149؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص240؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص774؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج2، ص215؛ محمّد القمّي المشهدي، تفسير كنز الدقائق: ص455).

[111] من دعاء الإمام الحسين× يوم عرفة: «... فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يَا إِلَهِي‏ فَبِذُنُوبِي‏ بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، ‏ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، ‏ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ». (الكفعمي، المصباح: ص362؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج2، ص84 (مع اختلاف يسير)؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص256؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج95، ص222).

[112] المحدّث القمّي، منتهى الآمال: ج1، ص699:

تركتُ النّاس طُرّاً في هواكا
وَأيتمتُ العيالَ لكي أراكا
فَلو قطّعتني في الحبّ إرباً

لما حنّ الفؤاد إلى سواكا

 

[113] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله× أُحَدِّثُهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ، فَقَالَ لَهُ: «مَرْحَباً وَضَمَّهُ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: حَقَّرَ اللَهُ‏ مَنْ‏ حَقَّرَكُمْ، ‏ وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللَهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللَهُ مَنْ قَتَلَكُمْ، وَكَانَ اللَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَنَاصِراً؛ فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ. ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ. يَا أَبَا بَصِيرٍ! إِنَّ فَاطِمَةَ لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ، أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ، فَيَحْفَظُونَهَا [فَيَكْبَحُونَهَا] مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا ويُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ، وَإِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ‏ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا بِأَجْنِحَتِهِ، وَحَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ يَبْكُونَهُ لِبُكَائِهَا، وَيَدْعُونَ اللَهَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ وَيَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ لِله مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَتَقَطَّعَتِ الْجِبَالُ وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ. قَالَ: غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ! أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ؟» فَبَكَيْتُ حِينَ قَالَهَا، فَمَا قَدَرْتُ عَلَى الْمَنْطِقِ وَمَا قَدَرت عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُو، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ، وَأَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلاً حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ. (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص171؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص170؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص208).

[114] اُنظر: المحاضرة الرابعة: ص103، الهامش رقم 1.

[115] الكليني، الكافي: ج4، ص588؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص457؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص94 (لكنّ الشيخ الصدوق لم ينقل عبارة: وليس من ملك ولا نبيّ...)؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص511.

وورد مع اختلاف في عبارة «فليس ملك في السماوات ولا في الأرض...» في المصادر التالية: الشيخ المفيد، المزار: ص141؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص72؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص722؛ المشهدي، المزار: ص339؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص110.

كذلك انظر: المحاضرة الرابعة: ص109، الهامش رقم3.

[116] (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ)، (المؤمنون، آية99).

[117] مريم، آية39.

[118] التوبة، آية122.

[119] (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ، (المؤمنون، الآيتان 99- 100).

[120] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله×:‏ «دِعَامَةُ الْإِنْسَانِ‏ الْعَقْلُ‏، وَالْعَقْلُ مِنْهُ الْفِطْنَةُ وَالْفَهْمُ وَالْحِفْظُ وَالْعِلْمُ، وَبِالْعَقْلِ يَكْمُلُ، وَهُوَ دَلِيلُهُ وَمُبْصِرُهُ وَمِفْتَاحُ أَمْرِهِ، فَإِذَا كَانَ تَأْيِيدُ عَقْلِهِ مِنَ النُّورِ كَانَ عَالِماً حَافِظاً ذَاكِراً فَطِناً فَهِماً، فَعَلِمَ بِذَلِكَ كَيْفَ وَلِمَ وَحَيْثُ، وَعَرَفَ مَنْ نَصَحَهُ وَمَنْ غَشَّهُ، فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ عَرَفَ مَجْرَاهُ وَمَوْصُولَهُ وَمَفْصُولَهُ وَأَخْلَصَ الْوَحْدَانِيَّةَ لِله وَالْإِقْرَارَ بِالطَّاعَةِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُسْتَدْرِكاً لِمَا فَاتَ وَوَارِداً عَلَى مَا هُوَ آتٍ، يَعْرِفُ مَا هُوَ فِيهِ، وَلِأَيِّ شَيْ‏ءٍ هُوَ هَاهُنَا، وَمِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِ، وَإِلَى مَا هُوَ صَائِرٌ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ تَأْيِيدِ الْعَقْلِ». (الكليني، الكافي: ج1، ص25؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص103 [مع اختلاف في ذيل الرواية]؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص90 نقلاً عن علل الشرائع).

[121] (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ) (البقرة، آية132).

[122] مما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة المرويّة عن الإمام الهادي×: «... وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ‏ وَتَرَاجِمَةً لِوَحْيِه‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص306؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص611؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص97؛ المشهدي، المزار: ص526؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار : ج99، ص16).

[123] البقرة، آية269.

[124] لقمان، آية12.

[125] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله× عَنْ قَوْلِ الله:‏ (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) فَقَالَ: «إِنَّ الْحِكْمَةَ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ، فَمَنْ فَقُهَ مِنْكُمْ فَهُوَ حَكِيمٌ، وَمَا أَحَدٌ يَمُوتُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبَّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنْ فَقِيهٍ». (محمّد بن مسعود العياشي، تفسير العيّاشي: ج1، ص151؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص549؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص215).

[126] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×: «ثَلَاثٌ بِهِنَ‏ يَكْمُلُ‏ الْمُسْلِمُ‏: التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَالتَّقْدِيرُ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِبِ». (الشيخ الصدوق، الخصال: ص124؛ الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ: ص214؛ علي الطبرسي، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: ص194؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص210).

[127] قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الكَاظِمُ×: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ؛ لِأَنَّ الْعَابِدَ هَمُّهُ ذَاتُ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَهَذَا هَمُّهُ مَعَ ذَاتِ نَفْسِهِ ذَوَاتُ عِبَادِ الله وَإِمَائِهِ، لِيُنْقِذَهُمْ مِنْ يَدِ إِبْلِيسَ وَمَرَدَتِهِ؛ فَلِذَلِكَ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ الله مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ أَلْفِ عَابِدَة». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص343؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص8؛ ج 2، ص170؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص56؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللئالي: ج1، ص18؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص117؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص5).

[128] المدّثر، الآيتان 1- 2.

[129] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى الكاظم× قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ الله’ الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا بِرَجُلٍ، ‏ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: عَلَّامَةٌ. فَقَالَ: وَمَا الْعَلَّامَةُ؟ فَقَالُوا لَهُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ وَوَقَائِعِهَا وَأَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْأَشْعَارِ الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ: ذَاكَ عِلْمٌ لَا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهُ وَلَا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ: إِنَّمَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَمَا خَلَاهُنَّ فَهُوَ فَضْلٌ». (الكليني، الكافي: ج1، ص32؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص340؛ علي الطبرسي، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: ص242؛ المجلسي الأوّل، روضة المتقين: ص158؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج17، ص327.

[130] النجم، آية3.

[131] حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ (&) قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «لَمَّا أَفَاضَ رَسُولُ الله’ تَلَقَّاهُ أَعْرَابِيٌ‏ فِي‏ أَفْطَحَ‏ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! إِنِّي خَرَجْتُ أُرِيدُ الْحَجَّ فَعَاقَنِي عَائِقٌ، وَأَنَا رَجُلٌ مَلِيٌّ كَثِيرُ الْمَالِ، فَمُرْنِي مَا أَصْنَعُ فِي مَالِي مَا أَبْلُغُ مَا بَلَغَ الْحَاجُّ؟ قَالَ: فَالْتَفَتَ رَسُولُ الله إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ أَبَا قُبَيْسٍ لَكَ زِنَةَ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءَ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ الله مَا بَلَغْتَ مَا بَلَغَ الْحَاجُّ». (الكليني، الكافي: ج4، ص258؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص48؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج5، ص19).

[132] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ‏ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ× يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَكَّةَ قَال‏: «... إِذَا تَوَجَّهْتَ إِلَى سَبِيلِ‏ الْحَجِ، ‏ ثُمَ‏ رَكِبْتَ‏ رَاحِلَتَكَ وَقُلْتَ: بِسْمِ الله، وَمَضَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ، لَمْ تَضَعْ رَاحِلَتُكَ خُفّاً وَلَمْ تَرْفَعْ خُفّاً إِلَّا كَتَبَ اللَهُ} لَكَ حَسَنَةً وَمَحَا عَنْكَ سَيِّئَةً، فَإِذَا أَحْرَمْتَ وَلَبَّيْتَ كَتَبَ اللَهُ تَعَالَى لَكَ فِي كُلِّ تَلْبِيَةٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْكَ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ...». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص203؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص643؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص360؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص515؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج96، ص4).

[133] ابن قولويه، كامل الزيارات: ص303؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص92؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص717.

[134] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص52، هامش رقم 2.

[135] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص47، هامش رقم4.

[136] الرعد، آية39.

[137] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ×، قَالَ:« كَانَ النَّبِيُّ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ لَهَا: لَا يَدْخُلْ عَلَيَّ أَحَدٌ. فَجَاءَ الْحُسَيْنُ× وَهُوَ طِفْلٌ، فَمَا مَلَكَتْ مَعَهُ شَيْئاً حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، فَدَخَلَتْ‏ أُمُّ سَلَمَةَ عَلَى‏ أَثَرِهِ، ‏ فَإِذَا الْحُسَيْنُ عَلَى صَدْرِهِ، وَإِذَا النَّبِيُّ يَبْكِي، وَإِذَا فِي يَدِهِ شَيْ‏ءٌ يُقَبِّلُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ! إِنَّ هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ هَذَا مَقْتُولٌ وَهَذِهِ التُّرْبَةُ الَّتِي يُقْتَلُ عَلَيْهَا، فَضَعِيهِ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ حَبِيبِي. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! سَلِ اللَهَ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْهُ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ فَأَوْحَى اللَهُ إِلَيَّ أَنَّ لَهُ دَرَجَةً لَا يَنَالُهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَأَنَّ لَهُ شِيعَةً يَشْفَعُونَ فَيُشَفَّعُونَ، وَأَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِهِ؛ فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْحُسَيْنِ، وَشِيعَتِهِ هُمْ وَالله الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص203؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص225).

[138] (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر، آية18).

[139] فصّلت، آية33.

[140] البقرة، الآيتان 21- 22.

[141] الإنسان، الآيتان 1- 2.

[142] (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون، آية14).

[143] فصلت، آية53.

[144] البقرة، آية22.

[145] الزمر، آية6.

[146] المؤمنون، آية14.

[147] الفتح، آية8.

[148] الفتح، آية8؛ الأحزاب، آية45.

[149] اُنظر: المحاضرة السادسة: ص146، الهامش رقم1.

[150] روى الإمام الحسن العسكري× عن النبي الأكرم، قال: «... فَإِنَّ الله} جَعَلَ ذِكْرَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ‏ شِفَاءً لِلصُّدُورِ، وَجَعَلَ الصَّلَوَات عَلَيْنَا مَاحِيَةً لِلْأَوْزَارِ وَالذُّنُوبِ، وَمُطَهِّرَةً مِنَ الْعُيُوبِ، وَمُضَاعِفَةً لِلْحَسَنَات‏». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص585؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص233).

[151] فُسّر «سبيل الله» و«الصراط المستقيم» في الروايات بأمير المؤمنين والأئمة الميامين^، منها على سبيل المثال:

عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ فِي قَوْلِ اللهِ‏: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) قَالَ: «هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×، وَمَعْرِفَتُهُ‏ وَالدَّلِيلُ‏ عَلَى‏ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×‏ قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)، وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ× فِي أُمِّ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ:  (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) »‏. (علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي: ج1، ص28؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص32؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص107؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص12؛ الشيخ الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج1، ص21).

ومنها أيضاً: َ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ×‏ قَالَ: «نَحْنُ‏ الطَّرِيقُ‏ وَصِرَاطُ [اللهِ] الْمُسْتَقِيمُ إِلَى الله، وَنَحْنُ مِنْ نِعْمَةِ الله عَلَى خَلْقِهِ، وَنَحْنُ الْمِنْهَاجُ، وَنَحْنُ مَعْدِنُ النُّبُوَّةِ، وَنَحْنُ مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ، وَنَحْنُ الَّذِينَ إِلَيْنَا مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ، وَنَحْنُ السِّرَاجُ لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِنَا، وَنَحْنُ السَّبِيلُ لِمَنِ اقْتَدَى بِنَا، وَنَحْنُ الْهُدَاةُ إِلَى الْجَنَّة». (الصفّار، بصائر الدرجات: ص83؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص206؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص654؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص337؛ الحسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص227؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص418؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص720؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص249).

مصادر أهل السنّة: الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص254؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج1، ص77.

[152] اُنظر: المحاضرة الخامسة: ص 129.

[153] قالَ الشيخُ الصدوقُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الحِيرِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ... (ثواب الأعمال: ص94)؛ كذلك أخرجها ابن قولويه في كامل الزيارات : (ص 306) بهذا السند: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْخَيْبَرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِي‏؛ اُنظر كذلك: المشهدي، المزار: ص332؛ محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ص525؛ الشيخ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14: ص450؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98: ص38.

[154] آل عمران، آية37.

[155] حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةُ مَشَايِخِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُيَيْنَةَ بَيَّاعِ الْقَصَبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ× عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ كَتَبَهُ‏ اللَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص279؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص85؛ الشيخ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص417؛ المشهدي، المزار: ص325؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص70).

[156] المطففين، الآيات 18 21.

عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّماليّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ×، قَالَ:‏ «إِنَّ اللَهَ خَلَقَنَا مِنْ‏ أَعْلَى‏ عِلِّيِّينَ، وَخَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنَا مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ، وَخَلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ، فَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْنَا؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ، ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)». (أبو حمزة الثمالي، تفسير أبي حمزة الثمالي: ص355؛ خالد البرقي، المحاسن: ج1، ص132؛ الصفّار، بصائر الدرجات: ص35؛ الكليني، الكافي: ج1، ص390؛ علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج2، ص411؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص116؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص301؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج5، ص235).

[157] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص 52، الهامش رقم2.

[158] الفجر، الآيتان 27- 28.

فسّرت بعض الروايات «النفس المطمئنّة» بسيّد الشهداء×، منها ما روي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× فِي قَوْلِهِ: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) «يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ×». (علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص422؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص219؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص98).

[159] المدّثر، الآيتان 1- 2.

[160] التوبة، آية122.

[161] اُنظر: المحاضرة الأولى: ص24، الهامش رقم1.

[162] قَالَ رَسُولُ الله:‏ «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ أَقْوَامٍ‏ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ بِمَنَازِلِهِمْ مِنَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ؟ قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يُحَبِّبُونَ عِبَادَ الله إِلَى الله وَيُحَبِّبُونَ الله إِلَى عِبَادِهِ. قُلْنَا: هَذَا حَبَّبَ اللَهَ إِلَى عِبَادِهِ، فَكَيْفَ يُحَبِّبُونَ عِبَادَ الله إِلَى الله؟ قَالَ: يَأْمُرُونَهُمْ بِمَا يُحِبُّ اللَهُ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَمَّا يَكْرَهُ اللَهُ، فَإِذَا أَطَاعُوهُمْ أَحَبَّهُمُ اللَه‏». (الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص12؛ علي الطبرسي، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: ص240؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص24).

[163] القمر، آية55.

[164] مريم، آية39.

[165] يشرع درس سماحته في كلّ يوم بقراءة دعاء العهد، وإهداء التوحيد ثلاث مرّات لأحد الأئمة المعصومين^.

[166] النور، آية35.

[167] عَن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريّ، قالَ: دخلتُ إلى مسجد الكوفة، وأمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) يكتبُ بإصبعهِ ويتبسّمُ، فقلتُ لهُ: يا أمير المؤمنين! ما الذي يضحكك؟ فقال: «عجبتُ لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقَّ معرفتها». فقلتُ لهُ: أيّ آية، يا أمير المؤمنين؟ فقالَ:

«قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) ، المشكاة: محمّد’، (فِيهَا مِصْبَاحٌ)، أنا المصباح‏. (فِي زُجَاجَةٍ) الزجاجة الحسن والحسين÷، (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) وهو عليّ بن الحسين×، (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) محمّد بن عليّ×، (زَيْتُونَةٍ) جعفر بن محمّد× (لَا شَرْقِيَّةٍ) موسى بن جعفر×، (وَلَا غَرْبِيَّةٍ)  عليّ بن موسى×، (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) محمّد بن عليّ×، (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) عليّ بن محمّد×، (نُورٌ عَلَى نُورٍ) الحسن بن عليّ×، (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) القائم المهديّ×». (القاضي سعيد القمّي، شرح توحيد الصدوق: ج2، ص633؛ البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص72).

[168] الكليني، الكافي: ج2، ص578؛ الشيخ الصدوق، التوحيد: ص221؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج3، ص84؛ الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص345 و...

[169] عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ الله الْحَسَنِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا×: يَا بْنَ رَسُولِ الله! حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ عَنْ آبَائِكَ^ فَقَال‏: «... حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ^ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×: لَوْ تَكَاشَفْتُمْ مَا تَدَافَنْتُم‏...». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص531؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص58؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج74، ص383 و...).

[170] عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ÷ يَقُولُ: «وَالله لَيَجْتَمِعَنَّ عَلَى قَتْلِي طُغَاةُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَيَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ». وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْبَأَكَ بِهَذَا رَسُولُ الله؟ فَقَالَ: لَا. فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «عِلْمِي‏ عِلْمُهُ‏، وَعِلْمُهُ عِلْمِي، وإِنَّا لَنَعْلَمُ‏ بِالْكَائِنِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ». (محمّد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة: ص183؛ محمّد بن جرير الطبري، نوادر المعجزات: ص109؛ الشامي العاملي، الدرّ النظيم: ص532؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج3، ص453؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص186).

[171] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص47، الهامش رقم4.

[172] مريم، آية4.

[173] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ&، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا× فِي أَوَّلِ‏ يَوْمٍ‏ مِنَ‏ الْمُحَرَّمِ‏، فَقَالَ لِي: يَا بْنَ شَبِيبٍ! أَصَائِمٌ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: لَا. فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي دَعَا فِيهِ زَكَرِيَّا× رَبَّهُ ، فَقَالَ:‏ (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)، فَاسْتَجَابَ اللَهُ لَهُ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ زَكَرِيَّا (وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى)‏، فَمَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَهَ اسْتَجَابَ اللَهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا×. ثُمَّ قَالَ: يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا مَضَى يُحَرِّمُونَ فِيهِ الظُّلْمَ وَالْقِتَالَ لِحُرْمَتِهِ، فَمَا عَرَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ حُرْمَةَ شَهْرِهَا وَلَا حُرْمَةَ نَبِيِّهَا، لَقَدْ قَتَلُوا فِي هَذَا الشَّهْرِ ذُرِّيَّتَهُ، وَسَبَوْا نِسَاءَهُ، وَانْتَهَبُوا ثَقَلَهُ، فَلَا غَفَرَ اللَهُ لَهُمْ ذَلِكَ أَبَداً. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ÷، فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ، وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ، وَلَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لِنَصْرِهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ، فَيَكُونُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ، وَشِعَارُهُمْ يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ. يَا بْنَ شَبِيبٍ! لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ^ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جَدِّي× مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَتُرَاباً أَحْمَرَ. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ× حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ، صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَهَ} وَلَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ×. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ وَآلِهِ فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ سَرَّكَ أَنْ یَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ× فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ‏: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً. يَا بْنَ شَبِيبٍ! إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَافْرَحْ لِفَرَحِنَا وَعَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً تَوَلَّى حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص192؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص268؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص29؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص285).

[174] «إنّ الحسين× أقبل على عمر بن سعد وقال له: أخيّرك في ثلاث خصال. قال: وما هي؟ قال: تتركني حتّى أرجع إلى المدينة إلى حرم جدّي رسول الله. قال: ما لي إلى ذلك سبيل. قال: اسقوني شربةً من الماء فقد نشفت [تفتّت] كبدي من [شدّة] الظمأ. قال: ولا إلى الثانية سبيل. قال: وإن كان لا بدّ من قتلي فليبرز إليّ رجل بعد رجل. فقال: ذلك لك». (الطريحي، المنتخب: ص439؛ البهيهاني، الدمعة الساكبة: ج4، ص341؛ المازندراني، ترجمة معالي السبطين: ص69).

[175] قَالَ الإمامُ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الكاظِم×: «فَقِيهٌ‏ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ‏ عَابِدٍ؛ لِأَنَّ الْعَابِدَ هَمُّهُ ذَاتُ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَهَذَا هَمُّهُ مَعَ ذَاتِ نَفْسِهِ ذَوَاتُ عِبَادِ الله وَإِمَائِهِ، لِيُنْقِذَهُمْ مِنْ يَدِ إِبْلِيسَ وَمَرَدَتِهِ؛ فَلِذَلِكَ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ الله مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ أَلْفِ عَابِدَة». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص343؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص8؛ ج 2، ص170؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص56؛ ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي: ج1، ص18؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص117؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص5).

[176] العلّامة الحلّي، منتهى المطلب: ج1، ص7؛ الشهيد الأوّل، القواعد والفوائد: ج1، ص30 و...

[177] قالَ أبُو جَعفَرٍ×: «إِنَّا لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ‏ فَقِيهاً عَالِماً حَتَّى يَعْرِفَ لَحْنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ}: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)». (السيّد ابن طاووس، كشف المحجّة: ص19؛ الشهيد الثاني، حقائق الإيمان، ص176؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص203؛ الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء: ج1، ص107؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص137).

[178] ص، آية82.

[179] تتمّة رواية الإمام موسى بن جعفر×، انظر: ص145، الهامش رقم1.

[180] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مَسَحَ‏ يَدَهُ‏ عَلَى‏ رَأْسِ‏ يَتِيمٍ رَحْمَةً لَهُ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص188؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص199؛ الشيخ الصدوق، المقنع: ص71؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص444؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج72، ص4 و...).

[181] عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ^، قَالَ: قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ×: «وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ يَضَعُ‏ يَدَهُ‏ عَلَى‏ رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّماً لَهُ إِلَّا كَتَبَ اللَهُ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ يَدُهُ عَلَيْهَا حَسَنَةً». (الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص199؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج72، ص5 و...).

كَما ذَكرَ الإمامُ الحَسنُ العَسكريُّ× أنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «حَثَّ اللَهُ تَعَالَى عَلَى بِرِّ الْيَتَامَى‏ لِانْقِطَاعِهِمْ‏ عَنْ آبَائِهِمْ، فَمَنْ صَانَهُمْ صَانَهُ اللَهُ، وَمَنْ أَكْرَمَهُمْ أَكْرَمَهُ اللَهُ، وَمَنْ مَسَحَ يَدَهُ بِرَأْسِ يَتِيمٍ رِفْقاً بِهِ جَعَلَ اللَهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْجَنَّةِ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ تَحْتَ يَدِهِ قَصْراً أَوْسَعَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِي‏ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُن‏ُ، وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ». (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري×: ص328؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص265؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج72، ص12).

[182] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ×، قَالَ: «لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ يَوْماً وَاحِداً بِلَا إِمَامٍ مِنَّا لَسَاخَتِ‏ الْأَرْضُ‏ بِأَهْلِهَا، وَلَعَذَّبَهُمُ اللَهُ‏ بِأَشَدِّ عَذَابِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَهَ جَعَلَنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَأَمَاناً فِي الْأَرْضِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، لَنْ يَزَالُوا بِأَمَانٍ مِنْ‏ أَنْ تَسِيخَ بِهِمْ الْأَرْضُ مَا دُمْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ اللَهُ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، ثُمَّ لَا يُمْهِلَهُمْ، وَلَا يُنْظِرَهُمْ، ذَهَبَ بِنَا مِنْ بَيْنِهِمْ وَرَفَعَنا إلِيهِ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللَهُ (تَعَالَى) بِهِمْ مَا يَشَاء [مَاشاءَ وَأحَبَّ]». (عدّة محدثين (نخبة من الرواة)، الأصول الستة عشر: ص16؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص204؛ الطبري، دلائل الإمامة: ص436؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص37).

[183] الإنسان، آية1.

[184] الأنعام، آية91؛ الحج، آية74؛ الزمر، آية67.

[185] الإنسان، الآيات 1- 3..

[186] عبس، الآيات 17- 21.

[187] الطارق، الآيات 5- 7.

[188] من دعاء أهل بيت المعمور: «يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يَا عَظِيمَ الْعَفْوِ، يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ، يَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يَا صَاحِبَ كُلِّ حَاجَةٍ، يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يَا مُفَرِّجَ كُلِّ كُرْبَةٍ، يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ، يَا كَرِيمَ الصَّفْحِ، يَا عَظِيمَ الْمَنِّ، يَا مُبْتَدِياً بِالنِّعَمِ‏ قَبْلَ‏ اسْتِحْقَاقِهَا...». (الكفعمي، البلد الأمين: ص18، العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج83، ص76 و...).

[189] البقرة، آية117؛ آل عمران، الآيات 47 و59؛ و...

[190] (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ) الحشر، آية24.

[191] من أدعية ليلة الجمعة: «فَسُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى عِزَّةِ سُلْطَانِكَ الَّذِي خَشَعَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَشْفَقَ مِنْهُ كُلُّ عِبَادِكَ، وَخَضَعَتْ‏ لَهُ‏ كُلُ‏ خَلِيقَتِك‏». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص491؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص70؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص133 و...).

وورد في دعاء كميل الذي علّمه إيّاه أمير المؤمنين×: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ‏ بِرَحْمَتِكَ‏ الَّتِي‏ وَسِعَتْ‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ‏ءٍ، وَخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ، وَذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص844؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص331 و...).

[192] عن أبي عبد الله×: «... أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حِفْظُكَ، وَقَهَرَ كُلَّ‏ شَيْ‏ءٍ عِزُّكَ، وَنَفَذَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَمْرُكَ، وَقَامَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِكَ، وَتَوَاضَعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعَظَمَتِكَ‏». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص513؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج3، ص133 و...).

[193] البروج، آية20.

[194] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×:‏ «اللَّهُمَّ أَنْتَ‏ الْغَنِيُ‏ عَنِّي‏، وَبِيَ الْفَاقَةُ إِلَيْكَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ إِلَيْك‏». (الكليني، الكافي: ج2، ص545؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص326؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص48؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج87، ص18).

[195] اُنظر: المحاضرة الأولى: ص32، هامش رقم2.

[196] اُنظر: المحاضرة الأولى: ص33، هامش رقم1.

[197] عَن رَسولِ اللهِ قَالَ: «تُحْشَرُ فَاطِمَةُ وَتُخْلَعُ‏ عَلَيْهَا الْحُلَلُ‏ وَهِيَ آخِذَةٌ بِقَمِيصِ الْحُسَيْنِ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ وَقَدْ تَعَلَّقَتْ بِقَائِمِ الْعَرْشِ تَقُولُ: رَبِّ احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ قَاتِلِ وَلَدِيَ الْحُسَيْن». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص108؛ محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج1، ص60).‏

کما روي عن الإمام الرضا× عن آبائه عن الرسول الكريم، قال: «تُحْشَرُ ابْنَتِي‏ فَاطِمَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهَا ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ بالدَّمِ [بِدَمٍ]، فَتَتَعَلَّقُ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَتَقُولُ: يَا عَدْلُ [يَا جَبّارُ] [أحكَمَ الحَاكِمِينَ] احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ قَاتِلِ وَلَدِي‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص12 و29؛ حميد المحلي، الحدائق الوردية: ج1، ص203؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج3، ص62؛ الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص17؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص220؛ ج 37، ص70).

مصادر أهل السنّة: ابن المغازلي، مناقب عليّ بن أبي طالب: ص295؛ عبد الواحد الموصلي، مناقب آل محمّد: ص217؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص90؛ السمهودي، جواهر العقدين: ج3، ص389؛ الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص225؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودة لذوي القربى: ج2، ص323؛ ج 3، ص47.

[198] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ:‏ «أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَهَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِذَا وَقَفَ الْخَلَائِقَ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ، أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِئَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ، وَلَهَا هَدَّةٌ وَتَحَطُّمٌ‏ وَزَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، وَإِنَّهَا لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَلَوْ لَا أَنَّ اللَهَ} أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلَائِقِ الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ، فَمَا خَلَقَ اللَهُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ مَلَكٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا ويُنَادِي: يَا رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، وَأَنْتَ تَقُولُ: يَا رَبِ‏ أُمَّتِي‏ أُمَّتِي‏». (الكليني، الكافي: ج8، ص312؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص652).

[199] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍE قَالَ: سَمِعْتُ [أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ‏] عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ× يَقُولُ:‏ «دَخَلَ رَسُولُ الله ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى فَاطِمَةَ وَهِيَ حَزِينَةٌ، فَقَالَ لَهَا: مَا حَزَنَكِ يَا بُنَيَّةِ؟ قَالَتْ: يَا أَبَتِ!‏ ذَكَرْتَ‏ الْمَحْشَرَ وَوُقُوفَ النَّاسِ عُرَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: يَا بُنَيَّةِ! إِنَّهُ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ [×‏] عَنِ اللهِ}... ثُمَّ يَقُولُ جَبْرَئِيلُ×: يَا فَاطِمَةُ! سَلِي حَاجَتَكِ. فَتَقُولِينَ: يَا رَبِّ! شِيعَتِي. فَيَقُولُ اللَهُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَتَقُولِينَ: يَا رَبِّ! شِيعَةَ وُلْدِي. فَيَقُولُ اللَهُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَتَقُولِينَ: يَا رَبِّ! شِيعَةَ شِيعَتِي. فَيَقُولُ اللَهُ: انْطَلِقِي فَمَنِ اعْتَصَمَ بِكِ فَهُوَ مَعَكِ فِي الْجَنَّةِ. فَعِنْدَ ذَلِك يَوَدُّ الْخَلَائِقُ أَنَّهُمْ كَانُوا فَاطِمِيِّينَ، فَتَسِيرِينَ وَمَعَكِ شِيعَتُكِ وَشِيعَةُ وُلْدِكِ وَشِيعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ آمِنَةً رَوْعَاتُهُمْ...». (فرات بن إبراهيم الكوفي، تفسير فرات الكوفي: ص446؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج8، ص45؛ ج 43، ص227).

[200] الفجر، الآيتان 27- 28. وقد تقدّم تفسير هذه الآيات الشريفة في المحاضرة السابعة: ص168، الهامش رقم2.

[201] قَالَ×: «السُّجُودُ عَلَى طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× يُنَوِّرُ إِلَى الْأَرْضِينَ السَّبْعَةِ [الأرْضِ السَّابِعَة]ِ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ‏ سُبْحَةٌ مِنْ‏ طِينِ‏ قَبْرِ الْحُسَيْنِ× كُتِبَ مُسَبِّحاً وَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ بِهَا». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص268؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج5، ص366؛ الفيض الكاشاني، الوافي: ج8، ص731).

وانظر كذلك: المحاضرة الثالثة: ص84.

[202] رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ:‏ كَانَ لِأَبِي عَبْدِ الله× خَرِيطَةُ دِيبَاجٍ‏ صَفْرَاءُ، فِيهَا تُرْبَةُ أَبِي عَبْدِ الله×، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ صَبَّهُ عَلَى سَجَّادَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ×: «إِنَّ السُّجُودَ عَلَى تُرْبَةِ أَبِي عَبْدِ الله× يَخْرِقْ الْحُجُبَ السَّبْعَ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص733؛ قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص188؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج5: ص366؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص153).

وانظر أيضاً: المحاضرة الثالثة: ص84.

[203] الفاتحة، آية5.

[204] «قد سألوهُ عن حالةٍ لحقتهُ‏ في‏ الصلاة حتّى خرّ مغشياً عليه، فلمّا سرى [أفاق] عنه قيل له في ذلك، فقال: ما زلتُ اردّد الآية على قلبي و[على سمعي] حتّى سمعتُها من المتكلّم بها، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته»‏. (ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة: ج1، ص217؛ الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ج2، ص339؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص73).

مصادر أهل السنّة: أبو طالب المكي، قوّة القلوب: ج1، ص89؛ الغزالي، إحياء علوم الدين: ج3، ص522.

وروي أيضاً: أَنَّ مَوْلَانَا الصَّادِقَ× كَانَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي صَلَاتِهِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ سُئِلَ: مَا الَّذِي أَوْجَبَ مَا انْتَهَتْ حَالُهُ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ‏ مَا مَعْنَاهُ:‏ مَا زِلْتُ‏ أُكَرِّرُ آيَاتِ الْقُرْآنِ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى حَالٍ كَأَنَّنِي سَمِعْتُهَا مُشَافَهَةً مِمَّنْ أَنْزَلَهَا عَلَى الْمُكَاشَفَةِ وَالْعِيَان‏. (السيّد ابن طاووس، فلاح السائل: ص107؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج47، ص58).

[205] الحَسَنُ بنُ عليٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا× يَقُولُ:‏ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ‏ الْعَبْدُ مِنَ‏ الله‏} وَهُوَ سَاجِد...». (الشيخ الكليني، الكافي: ج3، ص264؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص10).

كما روي عن الإمام الصادق× بهذا المضمون في المصادر التالية: الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص34؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص163.

[206] العلق، آية19.

[207] عَنْ أُمِّ سَلْمَى، امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَتْ:‏ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ [زوج النبيّ] وَهِيَ تَبْكِي. قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ [الْآنَ] النبيّ فِي الْمَنَامِ وَعَلَى رَأسِهِ [بِرَأسِهِ] وَلِحْيَتِهِ التُّرابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ‏ الْحُسَيْنِ‏ آنِفاً». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص213؛ ابن البطريق، العمدة: ص404؛ الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج2، ص220؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص227 و232؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص507).

مصادر أهل السنّة: البخاري، التاريخ الكبير: ج3، ص324؛ الترمذي، سنن الترمذي: ج5، ص323؛ الطبراني، المعجم الكبير: ج23، ص373؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4، ص19؛ البيهقي، دلائل النبوة: ج7، ص48؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص238؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص388؛ ابن الأثير، أسد الغابة: ج2، ص22؛ محمّد بن طلحة الشافعي، مطالب السؤول: ص378؛ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2644؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص148؛ البري، الجوهرة في نسب الإمام علي وآله: ص46؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص316 (حدّثنا رزين، حدّثتني سلمى قالت: دخلتُ على أمّ سلمة... رزين هو ابن حبيب، وثّقه ابن معين)؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص17؛ الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص217؛ الصفدي، الوافي بالوفيات: ج12، ص265؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص219؛ الباعوني الشافعي، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب: ج2، ص298؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص227؛ السيوطي، الخصائص الكبرى: ج2، ص126؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج11، ص75؛ القندوزي، ينابيع المودة لذوي القربى: ج3، ص13.

[208] الإسراء، آية1.

[209] النجم، الآيتان 8- 9.

[210] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي خَبَرٍ: «... فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى‏ فَانْتَهَى‏ إِلَى‏ الْحُجُبِ‏، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: تَقَدَّمْ يَا رَسُولَ الله، لَيْسَ لِي أَنْ أَجُوزَ هَذَا الْمَكَانَ، وَلَوْ دَنَوْتُ أَنْمُلَةً لَاحْتَرَقَت‏». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص155؛ يوسف بن حاتم الشامي، الدرّ النظيم: ص104؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج18، ص382).

[211] اُنظر: المحاضرة الثانية: ص45، الهامش رقم1.

[212] حديث قدسي أخرجه: السيّد حيدر الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ص324؛ الحافظ رجب البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص39؛ الملا فتح الله الكاشاني، تفسير كبير منهج الصادقين في إلزام المخالفين (فارسي): ص403؛ المجلسي الأوّل، روضة المتقين: ج2، ص710؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج84، ص199 وص 344؛ الملا أحمد النراقي، رسائل ومسائل: ج3، ص26.

مصادر أهل السنّة: أبو السعود، تفسير أبي السعود: ج2، ص130؛ الآلوسي، تفسير الآلوسي: ج14، ص216 و...

[213] قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات، آية56).

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ:‏ «خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ× عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَهَ جَلَّ ذِكْرُهُ مَا خَلَقَ الْعِبَادَ إِلَّا لِيَعْرِفُوهُ، ‏ فَإِذَا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ، فَإِذَا عَبَدُوهُ اسْتَغْنَوْا بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَنْ سِوَاهُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا بْنَ رَسُولِ الله! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَمَا مَعْرِفَةُ الله؟ قَالَ: مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ‏». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص9؛ الكراجكي، كنز الفوائد: ص151؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج5، ص312).

[214] الأحزاب، آية72.

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ فِي قَوْلِ الله: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)، قَالَ: «هِيَ‏ وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ×». (الصفّار، بصائر الدرجات: ص96؛ الكليني، الكافي: ج1، ص413؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج1، ص288؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص275 و280؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص498).

[215] مما ورد في زيارة للإمام الحسين×: «بَذَلَ‏ مُهْجَتَهُ‏ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْجَهَالَةِ وَالْعَمَى وَالشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ إِلَى بَابِ الْهُدَى مِنَ الرَّدَى‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص401؛ الشيخ المفيد، المزار: ص108؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص59؛ المشهدي، المزار: ص376؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص177 و210).

[216] اُنظر: المحاضرة الرابعة، الصفحة109، الهامش رقم3؛ المحاضرة الخامسة، الصفحة134.

[217] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة26، الهامش رقم1.

[218] جاء في زيارة الناحية المقدسة: «السَّلَامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ الله مِنْ خَلِيقَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى‏ شَيْثٍ‏ وَلِيِ‏ الله وَخِيَرَتِهِ... وَأُقِيمَتْ لَكَ الْمَآتِمُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَلَطَمَتْ‏ عَلَيْكَ‏ الْحُورُ الْعِينُ، وَبَكَتِ السَّمَاءُ وَسُكَّانُهَا، وَالْجِنَانُ وَخُزَّانُهَا‏». (محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص506؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص323).

[219] عَنْ أَسْوَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ×‏ فَأَنْشَأَ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْأَلَ: «نَحْنُ حُجَّةُ الله، وَنَحْنُ بَابُ الله، وَنَحْنُ‏ لِسَانُ‏ الله، ‏ وَنَحْنُ وَجْهُ الله، وَنَحْنُ عَيْنُ الله فِي خَلْقِهِ، وَنَحْنُ وُلَاةُ أَمْرِ الله فِي عِبَادِهِ». (الصفار، بصائر الدرجات: ص81؛ الكليني، الكافي: ج1، ص145؛ الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص288؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص384 و...).‏

[220] البيت باللغة الفارسية:

هر كه را اسرار حق آموختند

مهر كردند ودهانش دوختند     

[221] «وَأَنَّ فَاطِمَةَ دُفِنَتْ‏ لَيْلاً». (محمّد بن سليمان الكوفي، مناقب الإمام أمير المؤمنين: ج2، ص195؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص137؛ الأربلي، كشف الغمّة: ج2، ص125؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج3، ص79؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج29، ص389؛ ج 43، ص183).

مصادر أهل السنّة: ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج3، ص226؛ ج 8، ص62؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج8، ص29؛ الضحاك، الآحاد والمثاني: ج5، ص355؛ البيهقي، السنن الكبرى: ج4، ص31؛ البيهقي، معرفة الآثار والسنن: ج3، ص161؛ ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهح البلاغة: ج16، ص280.

[222] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ^ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: فَاطِمَةُ مُهْجَةُ قَلْبِي‏...». (ابن شاذان، مئة منقبة: ص76؛ علي بن يونس العاملي، الصراط المستقيم: ج2، ص32؛ العلامة الحلّي، نهج الحقّ: ص227؛ ابن جبير، نهج الإيمان: ص205؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج29، ص649).

[223] المائدة، آية27.

[224] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة31، الهامش رقم1.

[225] الحجر، الآيتان 39- 40.

[226] (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة، آية122).

[227] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39، الهامش رقم1.

[228] المدّثر، الآيتان 1- 2.

[229] النجم، الآيات 8- 10.

[230] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: «‏مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَهُوَ شَابٌّ مُؤْمِنٌ، اخْتَلَطَ الْقُرْآنُ‏ بِلَحْمِهِ‏ وَدَمِهِ، وَجَعَلَهُ اللَهُ} مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَكَانَ الْقُرْآنُ حَجِيزاً عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ‏: يَا رَبِّ! إِنَّ كُلَّ عَامِلٍ قَدْ أَصَابَ أَجْرَ عَمَلِهِ غَيْرَ عَامِلِي، فَبَلِّغْ بِهِ أَكْرَمَ عَطَايَاكَ‏. قَالَ: فَيَكْسُوهُ اللَهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ حُلَّتَيْنِ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَيُوضَعُ عَلى‏ رَأْسِهِ تَاجُ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: هَلْ أَرْضَيْنَاكَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: يَا رَبِّ! قَدْ كُنْتُ أَرْغَبُ لَهُ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هذَا، فَيُعْطَى الْأَمْنَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِيَسَارِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ دَرَجَةً، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَغْنَا بِهِ وَأَرْضَيْنَاكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. قَالَ: وَمَنْ قَرَأَهُ‏ كَثِيراً، وتَعَاهَدَهُ‏ بِمَشَقَّةٍ مِنْ شِدَّةِ حِفْظِهِ، أَعْطَاهُ اللَهُ} أَجْرَ هذَا مَرَّتَيْنِ». (الكليني، الكافي: ج2، ص603؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص100؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج7، ص305).‏

[231] الكليني، الكافي: ج2، ص110؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص200.

[232] قَالَ النَّبِيُّ:‏ «نَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ‏ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً، كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ والنَّصَارَى، صَلَّوْا فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَعَطَّلُوا بُيُوتَهُمْ؛ فَإِنَّ الْبَيْتَ إِذَا كَثُرَ فِيهِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ كَثُرَ خَيْرُهُ، وَاتَّسَعَ أَهْلُهُ، وَأَضَاءَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِي‏ءُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا». (الكليني، الكافي: ج2، ص610؛ ابن فهد الحلّي، عدّة الداعي: ص268؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص69؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص200).

[233] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: «مَنْ قَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" مَرَّةً بُورِكَ‏ عَلَيْهِ‏، وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ بُورِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بُورِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَعَلَى جِيرَانِهِ، وَمَنْ قَرَأَهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَنَى اللَهُ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ قَصْراً فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ الْحَفَظَةُ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى قُصُورِ أَخِينَا فُلَانٍ فَنَنْظُرَ إِلَيْهَا، وَمَنْ قَرَأَهَا مِئَةَ مَرَّةٍ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مَا خَلَا الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ، وَمَنْ قَرَأَهَا أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ كَانَ لَهُ أَجْرُ أَرْبَعِمِائَةِ شَهِيدٍ- كُلُّهُمْ قَدْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُرِيقَ دَمُهُ، وَمَنْ قَرَأَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ يُرَى لَهُ». (الكليني، الكافي: ج2، ص619؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص221).

[234] قال أمير المؤمنين× في إحدى خطبه: «... وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ‏ هُوَ النَّاصِحُ‏ الَّذِي لَا يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ، وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ زِيَادَةٍ فِي هُدىً، أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمىً. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلَا لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنىً؛ فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْغَيُّ وَالضَّلَالُ، فَاسْأَلُوا اللَهَ بِهِ وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ‏... وَإِنَّ اللَهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ الله الْمَتِينُ وَسَبَبُهُ الْأَمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جِلَاءٌ غَيْرُهُ‏». (نهج البلاغة، الخطبة 176).

[235] الملك، آية30.

[236] عَنْ أَبِي بَصِير، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× فِي قَوْلِ اللهِ}: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ). فَقَالَ: «هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ، يَقُولُ: إِنْ أَصْبَحَ‏ إِمَامُكُمْ‏ غَائِباً عَنْكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيْنَ هُوَ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ ظَاهِرٍ، يَأْتِيكُمْ بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ والْأَرْضِ وَحَلَالِ الله جَلَّ وَعَزَّ وَحَرَامِهِ». ثُمَّ قَالَ×: «وَالله مَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَجِي‏ءَ تَأْوِيلُهَا‏». (علي بن بابويه القمّي، الإمامة والتبصرة: ص116؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص326؛ الشيخ الطوسي، الغيبة: ص158؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص206؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج51، ص52).

[237] من دعاء العديلة.

[238] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ×: «إِذَا أَرَدْتَ الْمَسِيرَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ× فَصُمْ‏ يَوْمَ‏ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ فَاجْمَعْ أَهْلَكَ وَوُلْدَكَ، وَادْعُ بِدُعَاءِ السَّفَرِ، وَاغْتَسِلْ قَبْلَ خُرُوجِكَ، وَقُلْ حِينَ تَغْتَسِلُ: اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَطَهِّرْ قَلْبِي، وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَأَجْرِ عَلَى لِسَانِي ذِكْرَكَ وَمِدْحَتَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قِوَامَ دِينِي التَّسْلِيمُ لِأَمْرِكَ، وَالِاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ إِلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ نُوراً وَطَهُوراً وَحِرْزاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ وَآفَةٍ وَعَاهَةٍ، وَمِنْ شَرِّ مَا أَخَافُ وَأَحْذَرُ... ثُمَّ تَأْتِي‏ النَّيْنَوَى‏ فَتَضَعُ رَحْلَكَ بِهَا، وَلَا تَدَّهِنْ وَلَا تَكْتَحِلْ وَلَا تَأْكُلِ اللَّحْمَ مَا دُمْتَ مُقِيماً بِهَا، ثُمَّ تَأْتِي الشَّطَّ بِحِذَاءِ نَخْلِ الْقَبْرِ وَاغْتَسِلْ وَعَلَيْكَ الْوَقَار... السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله، إِنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏، مَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ‏ عِنْدَ جَدِّكَ‏ [أَبِيكَ‏] رَسُولِ الله، وَمَا أَعْظَمَ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللَهَ}، وَأَجَلَّ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَعِنْدَ أَنْبِيَاءِ الله وَرُسُلِهِ [عِنْدَ رُسُلِ الله‏]. السَّلَامُ مِنِّي إِلَيْكَ وَالتَّحِيَّةُ مَعَ عَظِيمِ الرَّزِيَّةِ عَلَيْكَ، كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ، وَنُوراً فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ، وَنُوراً فِي الْهَوَاءِ، وَنُوراً فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، كُنْتَ فِيهَا نُوراً سَاطِعاً لَا يُطْفَأُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص402؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص178).

[239] الرحمن، الآيتان 26- 27.

[240] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة33، الهامش رقم1؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة200.

[241] مما ورد في زيارة الإمام الحسين× ليلة النصف من شعبان: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ الله، لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَجَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَلَعَنَ اللَهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَعَنَ اللَهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ وَأَزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَهُ فِيهَا، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ الله، أَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمَائِكُمْ‏ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ مَعَ أَظِلَّةِ الْخَلَائِقِ، وَبَكَتْكُمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَسُكَّانُ الْجِنَانِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْكَ عَدَدَ مَا فِي عِلْمِ الله». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص342؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص144؛ الكفعمي، المصباح: ص492؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص282؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص337).‏

وكذلك روي: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ». وقد تقدّمت الإشارة إلى المصادر في المحاضرة الأولى، الصفحة26، الهامش رقم1.

[242] (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)  (التوبة، آية122).

[243] اُنظر: المحاضرة السابعة، الصفحة162، الهامش رقم2.

[244] اُنظر: المحاضرة العاشرة، الصفحة226، الهامش رقم1.

[245] البقرة، آية189.

فُسّر باب الله في الروايات بالأئمة الميامين^، منها:

عَنِ الْأَصْبَغِ [أَصْبَغَ‏] بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ× فَجَاءَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى:(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا). فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×: «نَحْنُ‏ الْبُيُوتُ‏ الَّتِي‏ أَمَرَ اللَهُ أَنْ يُؤْتَى [تُؤْتَى‏] مِنْ أَبْوَابِهَا، وَنَحْنُ بَابُ الله وَبَيْتُهُ [وَبُيُوتُهُ‏] الَّذِي [الَّتِي‏] يُؤْتَى مِنْهُ فَمَنْ يأتينا [يَأْتِنَا] وَآمَنَ بِوَلَايَتِنَا فَقَدْ أَتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَمَنْ خَالَفَنَا وَفَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَقَدْ أَتَى الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ‏! (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ)، فَقَالَ: نَحْنُ الْأَعْرَافُ نَعْرِفُ أَنْصَارَنَا بِأَسْمَائِهِمْ، وَنَحْنُ الْأَعْرَافُ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُ اللَهُ إِلَّا بِسَبِيلِ مَعْرِفَتِنَا، وَنَحْنُ الْأَعْرَافُ نُوقَفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَنَا وَعَرَفْنَاهُ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَنَا وأَنْكَرْنَاهُ، رِزْقٌ مِنَ الله لَوْ شَاءَ عَرَّفَ النَّاسَ نَفْسَهُ حَتَّى يَعْرِفُوا حَدَّهُ وَيَأْتُوهُ مِنْ بَابِهِ، وَلَكِنَّا جُعِلْنَا أَبْوَابَهُ وَشِراطَ رُسُلِهِ [وَصِرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ‏] وَبَابَهُ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، قَالَ: فَمَنْ عَدَلَ عَنْ وَلَايَتِنَا وَفَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَإِنَّهُمْ [وَإِنَّهُمْ‏] (عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)». (القاضي نعمان المغربي، شرح الأخبار: ج2، ص343؛ فرات بن إبراهيم الكوفي، تفسير فرات الكوفي: ص143؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص338؛ السيّد شرف الدين الحسيني، تأويل الآيات: ص86؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص228؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص408؛ العلّامة المجلسي، بحارا لأنوار: ج24، ص248).

[246] اُنظر: المحاضرة التاسعة، الصفحة196، الهامش رقم1.

[247] سأل شخص الإمام الحسين× فقال: يَا بْنَ رَسُولِ الله! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي‏ فَمَا مَعْرِفَةُ الله؟ قَالَ: «مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهِ‏». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص9؛ الكراجكي، كنز الفوائد: ص151؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج5، ص312).

[248] رُويَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لِمَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ× زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّهِ‏ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ‏ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ؟ قَالَ: «يُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حِجَّةٍ مَقْبُولَةٍ وَأَلْفُ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَقِيّاً كُتِبَ سَعِيداً وَلَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ الله». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص274؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص454؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص20).

[249] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله×: «يُقْتَلُ‏ حَفَدَتِي‏ بِأَرْضِ‏ خُرَاسَانَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: طُوسُ، مَنْ زَارَهُ إِلَيْهَا عَارِفاً بِحَقِّهِ أَخَذْتُهُ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ. قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا عِرْفَانُ حَقِّهِ؟ قَالَ: يَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ غَرِيبٌ شَهِيدٌ، مَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ أَعْطَاهُ اللَهُ} أَجْرَ سَبْعِينَ شَهِيداً مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله عَلَى حَقِيقَةٍ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص183؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص290؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص584؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص235؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص35).

وَرُويَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ×: مَا حَقُّ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ؟ قَالَ: «حَقُّهُ‏ عَلَيْهِمْ‏ أَنْ‏ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا». (الکلیني، الكافي: ج1، ص405؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص244).

[250] اُنظر: الصفحة 129.

[251] اُنظر: الصفحة269، ملحق رقم2 الرواية الثانية.

[252] «وَأُدْخِلَ‏ عِيَالُ‏ الْحُسَيْنِ‏× عَلَى ابْنِ زِيَادٍ، فَدَخَلَتْ زَيْنَبُ أُخْتُ الْحُسَيْنِ فِي جُمْلَتِهِمْ مُتَنَكِّرَةً، وَعَلَيْهَا أَرْذَلُ ثِيَابِهَا». (الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص115؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص471؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص117).

كما وردت روايات بهذا المضمون في مصادر أهل السنّة، من قبيل: ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص296؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص193؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص87.

[253] عَنْ أَسْوَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ× فَأَنْشَأَ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْأَلَ: «نَحْنُ حُجَّةُ الله، وَنَحْنُ بَابُ الله، وَنَحْنُ‏ لِسَانُ‏ الله، ‏وَنَحْنُ وَجْهُ الله، وَنَحْنُ عَيْنُ الله فِي خَلْقِهِ، وَنَحْنُ وُلَاةُ أَمْرِ الله فِي عِبَادِهِ». (محمّد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: ص81؛ الكليني، الكافي: ج1، ص145؛ الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص288؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص384 و...).

[254] النجم، آية3.

[255] نَظَرَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ× إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَاسْتَعْبَرَ ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَشَدَّ عَلَى رَسُولِ الله مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قُتِلَ‏ فِيهِ‏ عَمُّهُ‏ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَسَدُ الله وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَبَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ×: وَلَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ×، ازْدَلَفَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، كُلٌّ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ} بِدَمِهِ، وَهُوَ بِالله يُذَكِّرُهُمْ فَلَا يَتَّعِظُونَ حَتَّى قَتَلُوهُ بَغْياً وَظُلْماً وَعُدْوَاناً». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص176؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص547؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص274؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص349).

[256] «مُحَمَّدُ بْنُ‏ يَحْيَى‏ وَغَيْرُهُ‏، عَنْ‏ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، جَمِيعاً عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ، عَنْ غَسَّانَ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ» و«عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ» قَالَ:.... (الكليني، الكافي: ج4، ص582).‏

[257] الشيخ الطوسي، رجال الكشي: ج2، ص673؛ العلّامة الحلّي، خلاصة الأقوال: ص93 و...

[258] الزخرف، آية32.

[259] قال ابن منظور: «الصِّياحُ: الصوتُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: صوتُ كُلِّ شَيْءٍ إِذا اشْتَدَّ. صاحَ يَصِيحُ صَيْحة وصِياحاً وصُياحاً، بِالضَّمِّ، وصَيْحاً وصَيَحاناً، بِالتَّحْرِيكِ، وصَيَّحَ: صَوَّتَ بأَقصى طَاقَتِهِ». (لسان العرب: ج 2، ص521).

صيحة الإمام الحسين× في كربلاء: «... ثمّ‏ صاحَ الحسينُ×: أما من مغيثٍ يغيثنا لوجه الله، أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله». (أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص101؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف: ص61؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص12).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص12.

[260] قال ابن منظور: «الصَّرْخَةُ: الصَّيْحَةُ الشَّدِيدَةُ عِنْدَ الْفَزَعِ أَو الْمُصِيبَةِ». (لسان العرب: ج3، ص33).

[261] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله× وَهُوَ فِي مُصَلَّاهُ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَيَقُولُ: «يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَوَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ، وَحَمَّلَنَا الرِّسَالَةَ، وَجَعَلَنَا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَخَتَمَ بِنَا الْأُمَمَ السَّالِفَةَ، وَخَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ، وَأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا بَقِيَ، وَجَعَلَ‏ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي‏ إِلَيْنَا! اغْفِرْ لِي وَلِإِخْوَانِي وَزُوَّارِ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ×، الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَشْخَصُوا أَبْدَانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنَا، وَرَجَاءً لِمَا عِنْدَكَ فِي صِلَتِنَا، وَسُرُوراً أَدْخَلُوهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ، وَإِجَابَةً مِنْهُمْ لِأَمْرِنَا، وَغَيْظاً أَدْخَلُوهُ عَلَى عَدُوِّنَا، أَرَادُوا بِذَلِكَ رِضْوَانَكَ، فَكَافِهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوَانِ، وَاكْلَأْهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَاخْلُفْ عَلَى أَهَالِيهِمْ وَأَوْلَادِهِمُ الَّذِينَ خُلِّفُوا بِأَحْسَنِ الْخَلَفِ، وَاصْحَبْهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وكُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَشَدِيدٍ، وَشَرَّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَأَعْطِهِمْ أَفْضَلَ مَا أَمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أَوْطَانِهِمْ، وَمَا آثَرُوا عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ وَقَرَابَاتِهِمْ. اللَّهُمَّ إِنَّ أَعْدَاءَنَا أَعَابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُمْ فَلَمْ يَنْهَهُمْ ذَلِكَ عَنِ النُّهُوضِ وَالشُّخُوصِ إِلَيْنَا خِلَافاً عَلَيْهِمْ، فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي غَيَّرَتْهَا الشَّمْسُ، وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتِي تَقَلَّبَتْ عَلَى قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ×، وَارْحَمْ تِلْكَ الْعُيُونَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا، وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزِعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا، وَارْحَمْ تِلْكَ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ‏ تِلْكَ‏ الْأَنْفُسَ‏ وَتِلْكَ الْأَبْدَانَ حَتَّى تُرَوِّيَهُمْ مِنَ الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ. فَمَا زَالَ× يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْكَ كَانَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ اللَهَ لَظَنَنْتُ أَنَّ النَّارَ لَا تَطْعَمُ مِنْهُ شَيْئاً أَبَداً، وَالله لَقَدْ تَمَنَّيْتُ أَنْ كُنْتُ زُرْتُهُ وَلَمْ أَحُجَّ». (الكليني، الكافي: ج4، ص582؛ جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات: ص228؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص95؛ محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص334؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص412؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص8 و51).

[262] «بسم الله الرحمن الرحيم. إلى البصرة وما والاها: بعد السلام على إخواننا الأماجد العظام أهالي القطر البصري ورحمة الله وبركاته، قد تواردت علينا في (الكرادة الشرقية) برقياتكم وكتبكم المتضمّنة للسؤال عن حكم المواكب العزائية وما يتعلّق بها، إذ رجعنا بحمده سبحانه إلى النجف الأشرف سالمين، فها نحن نحرّر الجواب عن تلك السؤالات ببيان مسائل... الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد ّالاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحدّ المذكور، بل وإن تأدّى كلّ من اللطم والضرب إلى خروج دم ...». (الانتصار: ج9، ص427؛وانظر: العلّامة ميرجهاني، البكاء للحسين: ص444).

[263] «بسم الله الرحمن الرحيم، وله الحمد. ما سطّره أستاذنا الأعظم+ في نهاية المتانة، وفي غاية الوضوح، بل هو أوضح من أن يحتاج إلى أن يعضد بتسجيل فتوى الوفاق ...». (الانتصار: ج9، ص415؛ وانظر: العلّامة ميرجهاني، البكاء للحسين: ص446).

[264] كما قال في ردّ على أحد الاستفتاءات: «بسم الله الرحمن الرحيم. ما حرّر هنا شيخنا العلّامة (قدّس الله تربته الزكية) من الأجوبة عن المسائل المندرجة في هذه الصحيفة هو الحقّ المحقّق عندنا، ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لإقامة شعائر مذهب الإمامية ...». (اُنظر: العلّامة ميرجهاني، البكاء للحسين: ص447).

[265] المقصود الفقهاء المدفونون في ضريح كريمة أهل البيت السيّدة فاطمة المعصومة‘ في قم، حيث يلقي سماحته محاضراته هناك. [المترجم]

[266] الشيخ محمّد حسين الأصفهاني، الأنوار القدسية: ص44.

[267] ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص207؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص547؛ ج 43، ص213؛ المرندي، مجمع النورين: ص156؛ المحدّث القمّي، بيت الأحزان: ص118.

[268] «بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏. هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌ، ‏ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَأَنَّ اللَهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ... وَإِنَّمَا خَرَجْتُ‏ لِطَلَبِ‏ الْإِصْلَاحِ‏ فِي‏ أُمَّةِ جَدِّي، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَأَبِي‏ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ×، فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِ، ‏ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.‏ وَهَذِهِ وَصِيَّتِي يَا أَخِي إِلَيْكَ‏... ثُمَّ طَوَى الْحُسَيْنُ الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ودَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ وَدَّعَهُ وَخَرَجَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ». (أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص21؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص241؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص329).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص273.

[269] بعد ما أذن أبو عبد الله الحسين× لأصحابه بالانسحاب من المعركة يوم عاشوراء وأكّد لهم أنّهم في حلٍّ من بيعته، قَامَ إِلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ فَقَالَ: «أَنَحْنُ‏ نُخَلِّي‏ عَنْكَ‏؟ وَبِمَا نَعْتَذِرُ إِلَى الله فِي أَدَاءِ حَقِّكَ؟ لَا وَالله حَتَّى أَطْعَنَ فِي صُدُورِهِمْ بِرُمْحِي وَأَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلَاحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ. وَالله لَا نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعْلَمَ اللَهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَيْبَةَ رَسُولِ اللهِ فِيكَ. أَمَا وَاللهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُحْرَقُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُذْرَى، يُفْعَلُ ذَلِكَ بِي سَبْعِينَ مَرَّةً، مَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَلْقَى حِمَامِي دُونَكَ، فَكَيْفَ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ هِيَ الْكَرَامَةُ الَّتِي لَا انْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً؟!». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص109؛ أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص95؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص92؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص184؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص456؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص56؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص393).

مصادر أهل السنّة: ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص58؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص435؛ الخوارزمي، مقتل الحسين: ج1، ص350. وبهذا المضمون ورد في المصادر التالية أيضاً: محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري: ج4، ص318؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص191.

[270] قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ× سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ [ليلةَ عاشوراء]: «فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ‏ أَصْحَاباً أَوْفَى‏ وَلَا خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي، وَلَا أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَلَا أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَجَزَاكُمُ اللَهُ عَنِّي خَيْراً. أَلَا وَإِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّهُ آخِرُ يَوْمٍ لَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ، أَلَا وَإِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذِمَامٌ، هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلاً».‏ (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص107؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص91؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين: ص183؛ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص455؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص392).

مصادر أهل السنّة: محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري: ج4، ص317.

كما نُقل ذلك عن غير الإمام السجّاد× أيضاً في المصادر التالية: أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص95؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص55.

مصادر أهل السنّة: أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص74؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص57؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص434؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3، ص65.

[271] قالَ رَسُولُ اللهِ: «يَا عَلِيُّ! مَنْ تَوَسَّلَ إِلَى الله بِحُبِّكُمْ‏ فَحَقٌ‏ عَلَى‏ الله أَنْ لَا يَرُدَّه‏». (الخزّاز القمّي، كفاية الأثر: ص70؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص415؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج6، ص160).

[272] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ× يَقُولُ‏: «مَنْ قَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً فِي دُبُرِ الْفَجْرِ لَمْ‏ يَتْبَعْهُ‏ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَنْبٌ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ الشَّيْطَانِ». (الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص129؛ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج10، ص480؛ الكفعمي، المصباح: ص453. وبهذا المضمون في المصادر التالية: مسائل علي بن جعفر: ص309؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص45؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج83، ص135).

[273] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «مَنْ آوَى إِلَى‏ فِرَاشِهِ‏ فَقَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً حَفِظَهُ اللَهُ فِي دَارِهِ وَفِي دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ». (الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص128؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص366؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج73، ص201؛ ج 89، ص349).

[274] اُنظر: المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة243، الهامش رقم 2.

[275] رَوَى عَبْدُ الله بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ لَهُ:‏ «... وَقُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ نِسْبَةُ الرَّبِ‏}». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج1، ص470؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج2، ص116؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص342).

[276] المشهدي، المزار: ص568؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص316؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص171.

[277] الإنسان، الآيتان 1- 2.

[278] قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) (الحج، آية5).

[279] يس، آية82.

[280] الأنبياء، آية23.

[281] قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ×: «أَوْحَى اللَهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى×: حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي، وَحَبِّبْ خَلْقِي إِلَيَّ. قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: ذَكِّرْهُمْ‏ آلَائِي‏ وَنَعْمَائِي لِيُحِبُّونِي، فَلَئِنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ بَابِي، أَوْ ضَالّاً عَنْ فِنَائِي، أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِئَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا. قَالَ مُوسَى×: وَمَنْ هَذَا الْعَبْدُ الْآبِقُ مِنْكَ؟ قَالَ: الْعَاصِي الْمُتَمَرِّدُ. قَالَ: فَمَنِ الضَّالُّ عَنْ فِنَائِكَ؟ قَالَ: الْجَاهِلُ بِإِمَامِ زَمَانِهِ تُعَرِّفُهُ، وَالْغَائِبُ عَنْهُ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ، الْجَاهِلُ بِشَرِيعَةِ دِينِهِ تُعَرِّفُهُ شَرِيعَتَهُ، وَمَا يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ، وَيَتَوَصَّلُ‏ [بِهِ‏] إِلَى مَرْضَاتِهِ‏». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري×: ص342؛ الحرّ العاملي، الجواهر السنية: ص77؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص4).

[282] الجاثية، آية13.

[283] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ذِرْوَةً، وَذِرْوَةُ الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ. مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً صَرَفَ اللَهُ عَنْهُ أَلْفَ مَكْرُوهٍ مِنْ مَكَارِهِ الدُّنْيَا، وَأَلْفَ مَكْرُوهٍ مِنْ مَكَارِهِ الْآخِرَةِ، أَيْسَرُ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا الْفَقْرُ، وَأَيْسَرُ مَكْرُوهِ الْآخِرَةِ عَذَابُ الْقَبْرِ ...». (محمّد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي: ج1، ص136؛ قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص217؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج11، ص396؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص267).

[284] البقرة، آية255.

[285] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة43، الهامش رقم2.

[286] نهج البلاغة، الخطبة الأولى.

[287] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيَطَّلِعُونَ‏ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَهُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ^ فَيَقُولُونَ: أَمَا تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ^؟ فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)». (الكليني، الكافي: ج2، ص187؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ج5، ص149).

[288] التوبة، آية122.

[289] آل عمران، آية19.

[290] قال العلّامة الأميني: «إنّ دين الإسلام كما أنّه محمّدي الحدوث فهو حسيني البقاء، هذه حقيقة راهنة مدعمة بالبراهين». (الغدير: ج3، ص247).

[291] «إِنَّ اللَهَ} سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلِيمٌ خَبِيرٌ، يَتَكَلَّمُ وَيَرْضَى وَيَسْخَطُ وَيَضْحَكُ وَيَعْجَبُ وَيَتَجَلَّى لِعِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَاحِكاً، وَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كَيْفَ شَاءَ، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ». (ابن تيمية، مجموع الفتاوى: ج5، ص61؛ ج 6، ص174).

كذلك رُويَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ)، قَالَ: «... فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ، نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ؟». (أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2، ص433).

اُنظر أيضاً: المحاضرة الثانية، الصفحة43، الهامش رقم2.

[292] أوجدت الكنائس تغييرات في كيفية العشاء الربّاني على مرّ الأزمان والعصور، ولكن بقي عنصران أساسيان ثابتين في جميع المراسم: الأوّل: قراءة مقطعين أو ثلاثة مقاطع من الكتاب المقدّس. والثاني: تناول الخبز والشراب (الضحية المقدّسة). الخبز بصفته رمزاً لبدن عيسى المسيح الذي صُلب في سبيل إنقاذ البشرية، والشراب باعتباره رمزاً لدم عيسى المسيح الذي أريق في هذا المجال. على أنّ كثيراً من البروتستانت يؤكّدون على أهمّية العشاء الربّاني؛ ولذا يقولون: يجب التهيّؤ الكامل لإقامة تلك المراسم بصورة صحيحة وتامّة، وعلى هذا الأساس ينظمون هذا العشاء في بعض المناسبات فقط (وبعضهم يقيمه في السنة أربع مرّات أو في الشهر مرّة واحدة). بينما يرى الكاثوليكيون العشاء الربّاني قلب العبادة اليومية؛ ولهذا السبب يقيمون هذه المراسم كلّ يوم ليتسنّى المشاركة فيه لكلّ من يريد. وفي المقابل، لا يقيم الإرثوذكسيون مراسم العشاء الربّاني إلّا في أيام الأحد من كلّ أسبوع، مضافاً إلى الأعياد. وتؤمن الكنيسة الكاثوليكية والإرثوذكسية بأنّ الخبز والشراب يتحوّل في الحقيقة وإثر قراءة الدعاء إلى لحم ودم للنبي عيسى؛ ولذا فحضوره في هذه المراسم حضور واقعي. وأمّا أصل وأساس هذا المعتقد في الكتاب المقدّس فيعود إلى هذا القول: «وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ:خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي. وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ؛ لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا». (إنجيل متّي، الأصحاح 26، الفقرة 26- 28).

[293] «في البداية كان كلمة، كلمة عند الله، وكلمة إلهية؛ فمنذ البداية كان عند الله». (إنجيل يوحنّا، الأصحاح الأوّل، الفقرة 1- 2).

[294] «محمّد بن علي من مشايخ إجازة الصدوق، الذي أكثر من الرواية عنه في المشيخة، والخصال، والأمالي، والعيون، والتوحيد، مترحّماً مترضّياً في جميع المواضع. وصحّح العلّامة [الحلّي] طريق الفقيه إلى: منصور بن حازم، ومعاوية بن وهب، وفيهما محمّد بن علي، ووثّقه الأميرزا محمّد في باب الألقاب من كتابه تلخيص الرجال». (الميرزا حسين النوري، خاتمة المستدرك: ج4، ص151- 152).

[295] «إنّ السيّد ابن طاووس ادّعى الاتّفاق على وثاقته، حيث قال عند ذكره رواية عن أمالي الصدوق في سندها ابراهيم بن هاشم: ورواة الحديث ثقات بالاتّفاق». (السيّد الخوئي، معجم رجال الحديث: ج1، ص291).

[296] «ريّان بن شبيب خال المعتصم، ثقة، سكن قم، وروى عنه أهلها، وجمع مسائل الصباح بن نصر الهندي للرضا×». (النجاشي، رجال النجاشي: ص165).

[297] مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى×‏، قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَلَدِي‏ عَلِيٍ‏ كَانَ‏ لَهُ عِنْدَ اللَهِ كَسَبْعِينَ حَجَّةً مَبْرُورَةً. قَالَ: قُلْتُ: سَبْعِينَ حَجَّةً؟ قَالَ: نَعَمْ، وَسَبْعِينَ أَلْفَ حَجَّةٍ. قَالَ: قُلْتُ: سَبْعِينَ أَلْفَ حَجَّةٍ؟ قَالَ: رُبَّ حَجَّةٍ لَا تُقْبَلُ، مَنْ زَارَهُ وَبَاتَ عِنْدَهُ لَيْلَةً كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَهَ فِي عَرْشِهِ. قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَ عَلَى عَرْشِ الرَّحْمَنِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ فَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى^‏، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْآخِرِينَ فَمُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ والْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ)، ثُمَّ يُمَدُّ الْمِضْمَارُ فَيَقْعُدُ مَعَنَا مَنْ زَارَ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ^‏ إِلَّا أَنَّ أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً وَأَقْرَبَهُمْ حَبْوَةً زُوَّارُ قَبْرِ وَلَدِي عَلِيٍّ×‏». (الشيخ الكليني، الكافي: ج4، ص585؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص512؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص182؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص290؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص85؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص234؛ المشهدي، المزار: ص547؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج7، ص292).

[298] اُنظر: المحاضرة الثامنة، الصفحة182، الهامش رقم1.

[299] اُنظر: المحاضرة الثانية عشرة، الصفحة260، الهامش رقم1.

[300] «عن علي بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس، قال: احمرّت آفاق السّماء بعد قتل‏ الحسين‏ ستّة أشهر، يُرى فيها كالدم، فحدّثتُ بذلك شريكاً. فقال لي: ما أنت من الأسود؟ فقلتُ: هو جدّي أبو أمّي. فقال: أما والله إنّه لصدوق». (القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج3، ص542).

مصادر أهل السنّة: ابن سعد، ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد، ص91؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص356؛ المزي، تهذيب الكمال: ج6، ص432؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص15؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص226؛ ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ص194؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودة لذوي القربى: ج3، ص20.

وروي عن السُّدِّي قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ× بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَبُكَاؤُهَا حُمْرَتُهَا». (العاملي البياضي، الصراط المستقيم: ج3، ص124؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ج4، ص373؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص217).

مصادر أهل السنّة: الطبري، جامع البيان: ج25، ص160؛ الثعلبي، تفسير الثعلبي: ج8، ص353؛ البغوي، معالم التنزيل (تفسير البغوي): ج4، ص152؛ القرطبي، تفسير القرطبي: ج16، ص141؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول: ص99؛ ابن حجر المكي، الصواعق المحرقة: ص194؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودة لذوي القربى: ج3، ص20.

[301] قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي: «كأنّ الغضبان يحمرّ وجهه عند الغضب، فيستدلّ على غضبه، وهو إمارة الشخص، الحقّ سبحانه وتعالى ليس بجسم فأظهر تأثير عظمته على من قتل الحسين× بحمرة الأفق، وذلك دليل على عظيم الجناية. وقال أيضاً: لما أُسر العباس يوم بدر سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) أنينه فما نام تلك الليلة، وكيف لو سمع أنين الحسين». (الزرندي الحنفي، نظم درر السمطين: ص222؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول: ص99؛ سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص: ص246؛ السمهودي، جواهر العقدين: ج3، ص380).

وقال ابن الجوزي أيضاً: «وحكمته أَنّ غضبنا يُؤثر حمرَة الْوَجْه، والْحقّ منزّه عَن الجسمية، فأظهر تَأْثِير غَضَبه على من قتل الْحُسَيْن بحمرة الْأُفق إِظْهَاراً لعظم الْجِنَايَة. قَالَ: وأنين الْعَبَّاس وَهُوَ مأسور ببدر منع النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) النّوم فَكيف بأنين الْحُسَيْن» (ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ص194؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص21).

[302] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة52، الهامش رقم2.

[303] المؤمنون، آية116.

[304] النمل، آية26.

[305] البروج، الآيتان 14- 15.

[306] يونس، آية3.

[307] الزمر، آية75.

[308] التوبة، آية129.

[309] الأنبياء، آية22.

[310] غافر، آية7.

[311] التكوير، الآيتان 19- 20.

[312] الإسراء، آية1.

[313] (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)  (النجم، الآيتان 8- 9).

[314] النجم، آية10.

[315] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة45، هامش رقم1.

[316] «رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ بِقَتْلِ وَلَدِهَا الْحُسَيْنِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ، بَكَتْ فَاطِمَةُ بُكَاءً شَدِيداً وَقَالَتْ: يَا أَبَهْ! مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: فِي زَمَانٍ‏ خَالٍ‏ مِنِّي‏ وَمِنْكِ وَمِنْ عَلِيٍّ. فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا وَقَالَتْ: يَا أَبَهْ! فَمَنْ يَبْكِي عَلَيْهِ وَمَنْ يَلْتَزِمُ بِإِقَامَةِ الْعَزَاءِ لَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ: يَا فَاطِمَةُ! إِنَّ نِسَاءَ أُمَّتِي يَبْكُونَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ بَيْتِي، وَرِجَالَهُمْ يَبْكُونَ عَلَى رِجَالِ أَهْلِ بَيْتِي، وَيُجَدِّدُونَ الْعَزَاءَ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَإِذَا كَانَ الْقِيَامَةُ تَشْفَعِينَ أَنْتِ لِلنِّسَاءِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِلرِّجَالِ، وَكُلُّ مَنْ بَكَى مِنْهُمْ عَلَى مُصَابِ الْحُسَيْنِ أَخَذْنَا بِيَدِهِ وَأَدْخَلْنَاهُ الْجَنَّةَ. يَا فَاطِمَةُ! كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا عَيْنٌ بَكَتْ عَلَى مُصَابِ الْحُسَيْنِ، فَإِنَّهَا ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص293؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص534).

[317] ابن قولويه، كامل الزيارات: ص177؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص160؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص224؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص503.

[318] اُنظر: المحاضرة الثامنة، الصفحة182، هامش رقم1.

[319] رَوَى صَاحِبُ الدُّرِّ الثَّمِينِ‏ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) «أَنَّهُ رَأَى سَاقَ الْعَرْشِ وَأَسْمَاءَ النَّبِيِّ وَالْأَئِمَّةِ^، فَلَقَّنَهُ جَبْرَئِيلُ قُلْ: يَا حَمِيدُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ، يَا عَالِي بِحَقِّ عَلِيٍّ، يَا فَاطِرُ بِحَقِّ فَاطِمَةَ، يَا مُحْسِنُ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَمِنْكَ الْإِحْسَانُ. فَلَمَّا ذَكَرَ الْحُسَيْنَ سَالَتْ دُمُوعُهُ وَانْخَشَعَ قَلْبُهُ وَقَالَ: يَا أَخِي جَبْرَئِيلُ! فِي ذِكْرِ الْخَامِسِ يَنْكَسِرُ قَلْبِي وَتَسِيلُ عَبْرَتِي! قَالَ جَبْرَئِيلُ: وَلَدُكَ هَذَا يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ تَصْغُرُ عِنْدَهَا الْمَصَائِبُ. فَقَالَ: يَا أَخِي! وَمَا هِيَ؟ قَالَ: يُقْتَلُ عَطْشَاناً غَرِيباً وَحِيداً فَرِيداً، لَيْسَ لَهُ نَاصِرٌ وَلَا مُعِينٌ، وَلَوْ تَرَاهُ يَا آدَمُ وَهُوَ يَقُولُ: وَا عَطَشَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ، حَتَّى يَحُولَ الْعَطَشُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ‏ السَّمَاءِ كَالدُّخَانِ‏، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَّا بِالسُّيُوفِ وَشُرْبِ الْحُتُوفِ، فَيُذْبَحُ ذَبْحَ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهُ، وَيَنْهَبُ رَحْلَهُ أَعْدَاؤُهُ، وَتُشْهَرُ رُءُوسُهُمْ هُوَ وَأَنْصَارُهُ فِي الْبُلْدَانِ وَمَعَهُمُ النِّسْوَانُ كَذَلِكَ، سَبَقَ فِي عِلْمِ الْوَاحِدِ الْمَنَّانِ. فَبَكَى آدَمُ وَجَبْرَئِيلُ بُكَاءَ الثَّكْلَى». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص140؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص245؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص104).

[320] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة48.

[321] رُوي عن الإمام الجواد× أنّه قال: «مَنْ تَكَفَّلَ بِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْقَطِعِينَ‏ عَنْ‏ إِمَامِهِمْ، الْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَهْلِهِمْ، الْأُسَرَاءِ فِي أَيْدِي شَيَاطِينِهِمْ، وَفِي أَيْدِي النَّوَاصِبِ مِنْ أَعْدَائِنَا، فَاسْتَنْقَذَهُمْ مِنْهُمْ، وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ حَيْرَتِهِمْ، وَقَهَرَ الشَّيَاطِينَ بِرَدِّ وَسَاوِسِهِمْ، وَقَهَرَ النَّاصِبِينَ بِحُجَجِ رَبِّهِمْ، وَدَلِيلِ أَئِمَّتِهِمْ، لَيُفَضَّلُونَ عِنْدَ الله تَعَالَى عَلَى الْعَابِدِ بِأَفْضَلِ الْمَوَاقِعِ بِأَكْثَرَ مِنْ فَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْحُجُبِ [عَلَى السَّمَاءِ]، وَفَضْلُهُمْ عَلَى هَذَا الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى أَخْفَى كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ». (الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص9؛ السيّد ابن طاووس، اليقين: ص9؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص118؛ الشيخ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة: ج1، ص603؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص6).

وللمزيد، انظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39؛ المحاضرة الثالثة، الصفحة77؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة191.

[322] قَالَ الإمامُ الصّادِقُ×: «يَا مُفَضَّلُ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ رَسُولَ اللهِ وَهُوَ رُوحٌ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَهُمْ‏ أَرْوَاحٌ‏ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ ...». (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص163؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص128؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج15، ص14؛ ج 39، ص195).

وَرُويَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ÷ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ×:‏ «مِنَّا سَبْعَةٌ خَلَقَهُمُ‏ اللَهُ‏} لَمْ يَخْلُقْ فِي الْأَرْضِ مِثْلَهُمْ، مِنَّا رَسُولُ الله سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَوَصِيُّهُ خَيْرُ الْوَصِيِّينَ ...». (الحميري، قرب الإسناد: ص25؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص275).‏

[323] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39، هامش رقم2.

[324] مريم، آية39.

[325] المائدة، آية32.

[326] عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللهِ}: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) . قَالَ: «مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدى فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا، وَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدى إِلَى ضَلَالٍ فَقَدْ قَتَلَهَا». (الكليني، الكافي: ج2، ص210؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص226؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج3، ص322؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص281؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص20).

[327] إبراهيم، آية7.

[328] رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ× أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى الله أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا الْعَهْدِ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائِمِنَا×، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَخْرَجَهُ اللَهُ تَعَالَى مِنْ قَبْرِهِ، وَأَعْطَاهُ اللَهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَهُوَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ، ورَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ ...». (المشهدي، المزار: ص663؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص111).

[329] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة284، هامش رقم3.

[330] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة284، هامش رقم5.

[331] قالَ الإمامُ الباقرُ×: «لَوْ وَجَدْتُ‏ لِعِلْمِيَ‏ الَّذِي آتَانِيَ اللَهُ حَمَلَةً لَنَشَرْتُ التَّوْحِيدَ وَالْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ وَالدِّينَ وَالشَّرَائِعَ مِنَ الصَّمَدِ». (الشيخ الصدوق، التوحيد: ص92؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص7؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص224).

[332] رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ× أَنَّهُ قَالَ‏: «عَلَامَاتُ‏ الْمُؤْمِنِ‏ خَمْسٌ‏: صَلَاةُ الْإِحْدَى وَالْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِـ(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص788؛ الشيخ المفيد، المزار: ص53؛ المشهدي، المزار: ص352؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص100؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج82، ص76).

[333] الأنفال، آية2.

[334] اُنظر: المحاضرة الرابعة، الصفحة109، هامش رقم3.

[335] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ÷، ‏ «إنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ× كَانَ‏ يَزُورُ قَبْرَ الْحَسَنِ‏ بْنِ عَلِيٍّ× كُلَّ عَشِيَّةِ جُمُعَةٍ». (الحمیري، قرب الإسناد: ص139؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص150).

[336] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا× أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِخُرَاسَانَ‏ لَبُقْعَةً يَأْتِي‏ عَلَيْهَا زَمَانٌ تَصِيرُ مُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ، فَلَا يَزَالُ فَوْجٌ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَفَوْجٌ يَصْعَدُ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّورِ. فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ الله! وَأَيَّةُ بُقْعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: هِيَ بِأَرْضِ طُوسَ وَهِيَ وَالله رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، مَنْ زَارَنِي فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ كَانَ كَمَنْ زَارَ رَسُولَ الله، وَكَتَبَ اللَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ ثَوَابَ أَلْفِ عُمْرَةٍ مَقْبُولَةٍ، وَكُنْتُ أَنَا وَآبَائِي شُفَعَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص286؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص119؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص108).

[337] اُنظر: بداية هذه المحاضرة.

[338] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله:‏ الْعَالِمُ‏ وَالْمُتَعَلِّمُ‏ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ، لِلْعَالِمِ أَجْرَانِ وَلِلْمُتَعَلِّمِ أَجْرٌ، وَلَا خَيْرَ فِي سِوَى ذَلِكَ». (الصفار، بصائر الدرجات: ص24؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج1، ص173).

[339] اُنظر: مطلع هذه المحاضرة.

[340] الزمر، آية30.

[341]من أبيات منسوبة إلى الإمام عليّ× (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص204).

[342] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج79، ص248؛ ج 81، ص255.

[343] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا× قَالَ: «الصَّلَاةُ قُرْبَانُ‏ كُلِ‏ تَقِيٍّ». (الكليني، الكافي: ج3، ص265؛ الشيخ الصدوق، الخصال: ص620؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص10؛ الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج4، ص416؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج75، ص60).

[344] سُئِلَ النَّبِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ مِنْ شَرَائِعِ الدِّينِ، وَفِيهَا مَرْضَاةُ الرَّبِّ}، فَهِيَ‏ مِنْهَاجُ‏ الْأَنْبِيَاءِ... بِالصَّلَاةِ يَبْلُغُ الْعَبْدُ إِلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْبِيحٌ وَتَهْلِيلٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَكْبِيرٌ وَتَمْجِيدٌ وَتَقْدِيسٌ وَقَوْلٌ وَدَعْوَةٌ». (الشيخ الصدوق، الخصال: ص522؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج79، ص232).

[345] مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِينَ÷ قَالَ: قَالَ: «وَكَرِّرْ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذَا الدُّعَاءَ سَاجِداً وَقَائِماً وَقَاعِداً وَعَلَى‏ كُلِّ حَالٍ وَفِي الشَّهْرِ كُلِّهِ وَكَيْفَ أَمْكَنَكَ وَمَتَى حَضَرَكَ مِنْ دَهْرِكَ، تَقُولُ بَعْدَ تَمْجِيدِ الله تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ (عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ): اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ‏ فُلَانِ‏ بْنِ‏ فُلَانٍ‏ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَقَائِداً وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً َوَتُمَتِّعَه ‏[وَتُمَكِّنَهُ] فِيهَا طَوِيلاً». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص630؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج3، ص103؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج1، ص191).

[346] رُويَ أنّ يونسَ بنَ ظَبْيانَ قالَ للإمامِ الصّادقِ×: «جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَحْضُرُ مَجْلِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ- يَعْنِي وُلْدَ الْعَبَّاسِ- فَمَا أَقُولُ؟ فَقَالَ: إِذَا حَضَرْتَ‏ فَذَكَرْتَنَا فَقُلِ‏: اللَّهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ وَالسُّرُورَ فَإِنَّكَ تَأْتِي عَلَى مَا تُرِيدُ. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ× فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ أَقُولُ؟ فَقَالَ: قُلْ: صَلَّى اللَهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله، تُعِيدُ ذَلِكَ ثَلَاثاً، فَإِنَّ السَّلَامَ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَمِنْ بَعِيدٍ ...». (الکلیني، الكافي: ج4، ص575؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص363؛ الشيخ المفيد، المقنعة: ص491؛ الشيخ المفيد، المزار: ص214؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص103؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص151).

[347] رُوَي أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي‏». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص112؛ السيّد ابن طاووس، الطرائف، ص262؛ العلّامة الحلّي، مختلف الشيعة: ج1، ص121؛ العلّامة الحلّي، إرشاد الأذهان: ج1، ص143؛ العلّامة الحلّي، قواعد الأحكام: ج1، ص122؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج29، ص236 و...).

مصادر أهل السنّة: البخاري، صحيح البخاري: ج4، ص210 و219؛ العيني، عمدة القاري: ج16، ص223؛ ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج7، ص526؛ الضحاك، الآحاد والمثاني: ج5، ص361؛ النسائي، السنن الكبرى: ج5، ص97؛ النسائي، خصائص أمير المؤمنين: ص121؛ النسائي، فضائل الصحابة: ص78؛ الطبراني، المعجم الكبير: ج22، ص404؛ السيوطي، الجامع الصغير: ج2، ص208؛ المتقي الهندي، كنز العمال: ج12، ص108 (وبهذا المضمون في: ج 12، ص112)؛ الزرندي، نظم درر السمطين: ص176 (بهذه العبارة: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي‏»)؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج3، ص156 (بهذه العبارة: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا وَيُغْضِبُني ما أَغْضَبَهَا»).

[348] الأبيات بالفارسية:

حيف، سالها جام جم بدست تو بود
چون تو نشناختی، کسی چه کند
برده بودی ودوات آمده بود                              
چون کج باختی، کسی چه کند

 

[349] الزمر، آية56.

وقد فُسّر «جنب الله» في الروايات بأمير المؤمنين× والأئمة المعصومين^، منها:

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ× فِي خُطْبَتِهِ‏: «وَأَنَا جَنْبُ‏ الله الَّذِي يَقُولُ‏: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ». (الشيخ الصدوق، التوحيد: ص165؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص17؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص717؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج4، ص9).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص401.

وكذلك: قالَ الإمامُ الصّادقُ× مُعقّباً عَلى الآيةِ الشَّريفةِ: «نَحْنُ جَنْبُ اللهِ». (تفسیر القمّي: ج2، ص251؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج4، ص717؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص194).

[350] قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة، آية122).

[351] آل عمران، آية19.

[352] البقرة، آية128.

[353] البقرة، آية143.

[354] الشيخ الصدوق، الأمالي: ص305؛ الشيخ الصدوق، الخصال: ص7؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص178؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج84، ص138.

[355] المزمل، آية20.

[356] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ× قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «إِنَّ أَبِي سَأَلَ جَدَّكَ عَنْ‏ خَتْمِ‏ الْقُرْآنِ‏ فِي‏ كُلِ‏ لَيْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ جَدُّكَ: كُلَّ لَيْلَةٍ. فَقَالَ لَهُ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ لَهُ: جَدُّكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ أَبِي: نَعَمْ مَا اسْتَطَعْتُ، فَكَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ أَرْبَعِينَ خَتْمَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ خَتَمْتُهُ بَعْدَ أَبِي فَرُبَّمَا زِدْتُ وَرُبَّمَا نَقَصْتُ، عَلَى قَدْرِ فَرَاغِي وَشُغُلِي وَنَشَاطِي وَكَسَلِي، فَإِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَهِ’ خَتْمَةً ولِعَلِيٍّ× أُخْرَى، وَلِفَاطِمَة‘ أُخْرَى، ثُمَّ لِلْأَئِمَّةِ^ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْكَ فَصَيَّرْتُ لَكَ وَاحِدَةً مُنْذُ صِرْتُ فِي هَذَا الْحَالِ؛ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قُلْتُ: اللَهُ أَكْبَرُ فَلِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ». (الكليني، الكافي: ج2، ص618؛ الشيخ المفيد، المقنعة: ص312؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج1، ص231؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج6، ص218).

[357] الإسراء، آية79.

[358] أَوْحَى اللَهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى×: «... فَلَئِنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ‏ بَابِي‏، أَوْ ضَالًّا عَنْ فِنَائِي، أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِئَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وقِيَامِ لَيْلِهَا». تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذه الرواية في المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة288، هامش رقم1.

[359] قال أمير المؤمنين×: «إنّ عمرك وقتك الّذي أنت فيه، ما فات مضى وما سيأتيك فأين، قم فاغتنم الفرصة بين‏ العدمين‏». (التميمي الآمدي، غرر الحكم ودرر الكلم: ص222).

كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ:‏ «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ‏ نَفَحَاتٍ‏ أَلَا فَتَعَرَّضُوا لَهَا». (الفيض الكاشاني، الوافي: ج1، ص552؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج68، ص221).

[360] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة26، هامش رقم1.

[361] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «إِنَّ اللَهَ‏ خَلَقَنَا مِنْ‏ عِلِّيِّينَ، ‏ وَخَلَقَ أَرْوَاحَنَا مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ، وَخَلَقَ أَرْوَاحَ شِيعَتِنَا مِنْ عِلِّيِّينَ، وَخَلَقَ أَجْسَادَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ؛ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْقَرَابَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَقُلُوبُهُمْ تَحِنُّ إِلَيْنَا». (محمّد بن الحسن الصفار، بصائر الدرجات: ص40؛ الكليني، الكافي: ج1، ص389؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص117؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج5، ص243).

[362] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله×: «يَا حُسَيْنُ! مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ [بْنَ أَبي طَالِبٍ×] إِنْ كَانَ‏ مَاشِياً كَتَبَ‏ اللَهُ‏ [كُتِبَ] لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً، وَحَطَّ بِها [مُحِيَ] [مَحَى] عَنْهُ سَيِّئَةً، (وَإِنْ كَانَ رَاكِباً كَتَبَ اللَهُ لَهُ بِكُلِّ حَافِرٍ [خُطْوَةٍ] حَسَنَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ سَيِّئَة) حَتَّى إِذَا صَارَ فِي الْحَائِرِ كَتَبَهُ اللَهُ مِنَ الْمُصْلِحِينَ [الْصَّالِحينَ] [الْمُفْلِحينَ الْمُنْجِحِينَ‏] وَإِذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اللَهُ مِنَ الْفَائِزِينَ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ الله يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ [غَفَرَ اللهُ] لَكَ مَا مَضَى». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص253 وعبارته هي (كَتَبَهُ اللَهُ مِنَ الْمُصْلِحِينَ الْمُنْتَجَبِينَ [الْمُفْلِحينَ الْمُنْجِحِينَ‏]...)؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص43؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص91؛ الشيخ المفيد، المزار: ص30؛ المشهدي، المزار: ص340؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص439؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص24).

جدير بالذكر أنّ العبارة الواردة بين الأقواس ذكرها كلّ من الشيخ الصدوق في «ثواب الأعمال»، والشيخ المفيد في «المزار»، والشيخ المشهدي في «المزار»، المرحوم الحرّ العاملي في «وسائل الشيعة».

[363] المؤمنون، آية1.

[364] المؤمنون، آية2.

[365] المؤمنون، آية3.

[366] البقرة، الآيات2- 5.

[367] عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله×: مَا لِمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ×؟ قَالَ: «كَمَنْ زَارَ اللَهَ‏ فِي‏ عَرْشِهِ».‏ قَالَ: قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ؟ قَالَ: «كَمَنْ زَارَ رَسُولَ الله». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص278؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص119).

وَرُويَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا× قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ [أَبِي عَبْدِ اللهِ]× بِشَطِّ الْفُرَاتِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَهَ‏ فَوْقَ‏ عَرْشِهِ‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص279؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص85؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص46؛ المشهدي، المزار: ص325؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص69).

[368] التوبة، آية20.

[369] التوبة، الآيتان 21- 22

[370] اُنظر: المحاضرة التاسعة، الصفحة201، هامش رقم1.

[371] اُنظر: المحاضرة التاسعة، الصفحة200، هامش رقم3.

[372] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة26، هامش رقم1.

[373] قالَ: «وَمِمَّا ظهر يَوْم قَتله [أي الحُسَينِ بنِ عليٍّ×] من الْآيَات أَيْضاً أَنّ السَّمَاءّ اسوَدَّت اسوداداً عَظِيماً حَتَّى رُؤيت النُّجُومُ نَهَاراً، وَلم يُرفع حجرٌ إِلَّا وُجدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبيطٌ... وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: مَا رُفعَ حَجَرٌ من الدُّنْيَا إِلَّا وُجدَ تَحْتَهُ دمٌ عَبيطٌ، وَلَقَد مطرَت السَّمَاءُ دَماً بَقِي أَثَره فِي الثِّيَابِ مُدَّةً حَتَّى تقطّعَتْ». (ابن حجر الهيتمي المكّي، الصواعق المحرقة: ص194).

[374] «حَدَّثَني عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ابْنِ رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ: هَلْ كَانَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: مَا كُشِفَ يَوْمَئِذٍ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ».

مصادر أهل السنّة: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص230؛ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص364؛ الذهبي، تاريخ الإسلام: ج5، ص16.

[375] قال الإمام الصادق×: «ثُمَّ قَبِّلِ الضَّرِيحَ وَاسْتَقْبِلْ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ÷ بِوَجْهِكَ، وَاجْعَلِ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، وَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله... أَشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ اللَهُ بِكَ التُّرَابَ، وَأَوْضَحَ‏ بِكَ‏ الْكِتَابَ‏». (الشهيد الأوّل، المزار: ص46؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص287).

[376] اُنظر: المحاضرة الرابعة، الصفحة109، الهامش رقم3.

[377] فصلت، آية33.

[378] (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)  (الرحمن، الآيتان26-27).

[379] (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (الإنسان، آية2).

[380] (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الإسراء، آية105).

[381] الأحزاب، الآيتان 45- 46.

[382] الواقعة، الآيات 1- 6.

[383] الحجّ، آية1.

[384] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ× يَقُولُ‏: «... إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ، فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِلَ مَا سِوَاهَا. إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا ارْتَفَعَتْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا رَجَعَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَهِيَ‏ بَيْضَاءُ مُشْرِقَةٌ، تَقُولُ‏: حَفِظْتَنِي حَفِظَكَ اللَهُ، وَإِذَا ارْتَفَعَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا بِغَيْرِ حُدُودِهَا رَجَعَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ، تَقُولُ: ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَهُ». (الكليني، الكافي: ج3، ص268؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج2، ص239؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج80، ص25).

[385] روى الإمام الكاظم× عن وصية أمير المؤمنين×، قال: «إنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ نَبِيُّكُمْ أَنْ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ‏ النِّسَاءِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمُ، الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، لَا تَخَافُوا فِي الله لَوْمَةَ لَائِمٍ‏». (الكليني، الكافي: ج7، ص52؛ ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص199؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج42، ص249).

[386] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ×: «إِنَّهُ لَمَّا حَضَرَ أَبِيَ الْوَفَاةُ قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ! إِنَّهُ لَا يَنَالُ شَفَاعَتَنَا مَنِ‏ اسْتَخَفَ‏ بِالصَّلَاةِ». (الكليني، الكافي: ج3، ص270؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج9، ص107؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج47، ص8).

[387] آل عمران، آية164.

[388] المزمل، آية20.

[389] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ× فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّة: «... وَعَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ‏ وَالْعَمَلِ‏ بِمَا فِيهِ‏، وَلُزُومِ فَرَائِضِهِ وَشَرَائِعِهِ، وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَالتَّهَجُّدِ بِهِ‏ وَتِلَاوَتِهِ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ؛ فَإِنَّهُ عَهْدٌ مِنَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى خَلْقِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْظُرَ كُلَّ يَوْمٍ فِي عَهْدِهِ وَلَوْ خَمْسِينَ آيَةً، وَاعْلَمْ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ، فَلَا يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْهُ‏». (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج2، ص628؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج15، ص171).

[390] قالَ الإمامُ الرِّضَا× لمُوسَى بْنِ سَيَّارٍ: «يَا مُوسَى بْنَ سَيَّارٍ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا مَعَاشِرَ الْأَئِمَّةِ تُعْرَضُ‏ عَلَيْنَا أَعْمَالُ‏ شِيعَتِنَا صَبَاحاً وَمَسَاءً، فَمَا كَانَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي أَعْمَالِهِمْ سَأَلْنَا اللَهَ تَعَالَى الصَّفْحَ لِصَاحِبِهِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْعُلُوِّ سَأَلْنَا اللَهَ الشُّكْرَ لِصَاحِبِهِ‏». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص452؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج7، ص229؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج49، ص99).

[391] القدر، آية4.

[392] قالَ الإمامُ الباقرُ×: «... إِنَّهُ لَيَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ تَفْسِيرُ الْأُمُورِ سَنَةً سَنَةً، يُؤْمَرُ فِيهَا فِي أَمْرِ نَفْسِهِ بِكَذَا وَكَذَا، وَفِي أَمْرِ النَّاسِ بِكَذَا وَكَذَا». (الكليني، الكافي: ج1، ص248؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص821؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج4، ص404؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص705؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص79).

[393] اُنظر: المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة243؛ المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة284.

[394] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة286,هامش رقم1.

[395] قالَ الإمامُ الحسنُ العسكريُّ×: «وَالله‏ لَيَغِيبَنَ‏ غَيْبَةً لَا يَنْجُو فِيهَا مِنَ الْهَلَكَةِ إِلَّا مَنْ ثَبَّتَهُ اللَهُ} عَلَى الْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِ، وَوَفَّقَهُ فِيهَا لِلدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ فَرَجِهِ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص384؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص248؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج52، ص24).‏

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص317.

[396] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة294, هامش رقم1.

[397] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة41، هامش رقم1.

[398] قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ×: «أَوْحَى اللَهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى×:... فَلَئِنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ بَابِي، أَوْ ضَالًّا عَنْ فِنَائِي، أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِئَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري×: ص342؛ الحرّ العاملي، الجواهر السنية: ص77؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص4).

[399] اُنظر: المحاضرة السادسة عشرة، الصفحة355، هامش رقم3.

[400] إشارة إلى هذه الرواية: «وَبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى». (اُنظر: المحاضرة الرابعة عشرة، الصفحة316، الهامش رقم7.).

[401] آل عمران، آية10.

[402] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة52، الهامش رقم2.

[403] (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (النحل، آية 125).

[404] الإنسان، آية13.

[405] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَبَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ إِذْ رَأَوْا مِثْلَ‏ الشَّمْسِ [ضَوْءاً كَضَوءِ الشَّمْسِ]‏ قَدْ أَشْرَقَتْ لَهَا الْجِنَانُ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: يَا رَبِّ! إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ‏: (لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا) [يَا رِضْوانُ‏! قَالَ‏ رَبُّنا}: ( لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) فَيُرْسِلُ اللَهُ جَلَّ اسْمُهُ إِلَيْهِمْ جَبْرَئِيلَ، فَيَقُولُ: لَيْسَ هَذِهِ بِشَمْسٍ [وَلا قَمَرٍ] وَلَكِنَّ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ضَحِكَا [هِذِهِ فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ ضَحِكَا ضَحِكَاً] فَأَشْرَقَتِ الْجِنَانُ مِنْ نُورِ ضَحِكِهِمَا، وَنَزَلَتْ‏ [وَفِيهِما أَنْزَلَ اللهُ سُبْحانَهُ] (هَلْ أَتَى) فِيهِمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:‏ (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا)». (محمّد بن سليمان الكوفي، مناقب الإمام أمير المؤمنين: ج1، ص183؛ الشيخ الصدوق، الأمالي، ص333؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص163؛ ابن البطريق، العمدة: ص349؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص175؛ السيّد شرف الدين، تأويل الآيات: ج2، ص752؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج35، ص241).

مصادر أهل السنّة: الثعلبي، تفسير الثعلبي: ج10، ص102؛ القرطبي، تفسير القرطبي: ج19، ص138.

[406] سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ضِرَارَ بْنَ ضَمْرَةَ الشَّيْبَانِيَّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ× فَقَالَ: فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ‏ مَوَاقِفِهِ‏ وَقَدْ أَرْخَى‏ اللَيْلُ سُدُولَهُ، ‏ وَهُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ، قَابِضٌ عَلَى‏ لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ‏ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ، وَيَقُولُ: «يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا! إِلَيْكِ عَنِّي، أَبِيَ تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَيَّ [تَشَوَّفْتِ] تَشَوَّقْتِ، لَا حَانَ حِينُكِ، هَيْهَاتَ غُرِّي غَيْرِي، لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِيهَا، فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ. آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَطُولِ الطَّرِيقِ وَبُعْدِ السَّفَرِ وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ». (نهج البلاغة، الحكمة 77؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص333؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص441؛ محمّد بن سليمان الكوفي، مناقب الإمام أمير المؤمنين: ج2، ص52؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص371؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج33، ص275).

[407] من زيارة الجامعة المأثورة عن الإمام الهادي×: «وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِالله، أَنْتُمُ‏ السَّبِيلُ‏ الْأَعْظَمُ‏ وَالصِّرَاطُ الْأَقْوَمُ‏». (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص307؛ حسن بن سليمان الحلّي، المحتضر: ص217؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص299؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص129).

[408] الرعد، آية28.

[409] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة40، الهامش رقم1، والملحق رقم 1؛ المحاضرة الثالثة، الصفحة77، الهامش رقم1؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة192، الهامش رقم1.

[410] عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ الرِّضَا×‏... قَالَ: «... الْإِمَامُ‏ الْأَنِيسُ‏ الرَّفِيقُ‏ وَالْوَالِدُ الشَّفِيقُ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ...». (الكليني، الكافي: ج1، ص200؛ النعماني، الغيبة: ص227؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص131).

[411]«للّـه تحــت قبــاب العـزّ طـائفـــــة ‏

                أخفــاهم عـن عيــون النـاس إجـلالا

هم السلاطين في أطمار مسكنة
استبعدوا من ملوك الأرض إقبالا
غير ملابسهم سمّ مطاعمهم
جرّوا على الفلك الخضـراء أذيالا

ومع ذلك كلّه حيث إنّ الأنبياء والرسل الّذين كانوا من عند الله ما خلصوا من الشنّ (السنّ) الطاعنين والجاحدين؛ لأنّهم كانوا ينسبونهم إلى الشعر والسحر والكهانة والجنون وغير ذلك كما قالوا: (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)  [الشعراء: 27]». (حيدر الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ج4، ص183؛ الميرزا حسين النوري، نفس الرحمن: ص333).

[412] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ×‏ فِي قَوْلِهِ: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)  فَقَالَ: «اسْتَثْنَى‏ أَهْلَ‏ صَفْوَتِهِ‏ مِنْ خَلْقِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ×‏ وَتَواصَوْا بِالْحَقِ‏ ذُرِّيَّاتِهِمْ، وَمَنْ خَلَّفُوا بِالْوَلَايَةِ وَتَوَاصَوْا بِهَا وَصَبَرُوا عَلَيْهَا». (علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي: ج2، ص441؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج5، ص372؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص753؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص215؛ ج 36، ص183).

[413] عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:‏ «قَالَ اللَهُ}: لِيَأْذَنْ بِحَرْبٍ‏ مِنِّي‏ مَنْ‏ أَذَلَ‏ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ، وَلْيَأْمَنْ غَضَبِي مَنْ أَكْرَمَ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ». (البرقي، المحاسن: ج1، ص97؛ الكليني، الكافي: ج2، ص350؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص238؛ الحرّ العاملي، الجواهر السنية: ص331؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج6، ص160).

[414] النحل، آية96.

[415] «عاش سلمان ثلاث مئة وخمسين سنة، فأمّا [إلى] مئتين وخمسين فلا يشكون فيه وكان من المعمّرين، قيل: إنّه أدرك وصي عِيسَى بْن مريم، وأعطي علم الأوّل والآخر وقرأ الكتابين».

مصادر أهل السنّة: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج1، ص176؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج21، ص459.

ورُويَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ‏: خَطَبَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ×‏ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ... قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَأَخْبِرْنِي‏ عَنْ‏ سَلْمَانَ‏ الْفَارِسِيِ.‏ قَالَ: «بَخْ بَخْ سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ عَلِمَ عِلْمَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ». (الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص387؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص330).

[416] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏: «إِنَّ سَلْمَانَ‏ عَلِمَ‏ الِاسْمَ‏ الْأَعْظَمِ‏». (الشيخ المفيد، الاختصاص: ص11؛ الشيخ الطوسي، رجال الكشي: ج1، ص56؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص346).

[417] اُنظر: المحاضرة السابعة عشرة، الصفحة365.

[418] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة284، الهامش رقم1.

[419] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ): بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ! لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ، وَايْمُ الله لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ». (الكليني، الكافي: ج5، ص28؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص141؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج21، ص361).

[420] اُنظر: المحاضرة السابعة عشرة، الصفحة370، الهامش رقم1.

[421] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة294، الهامش رقم1.

[422] التحريم، آية6.

[423] نهج البلاغة، الخطبة 109.

[424] عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَI أَنَّهَا قَالَتْ‏: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «مَا قَوْمٌ‏ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ‏ فَضْلَ‏ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَّا هَبَطَتْ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ حَتَّى تَحُفَّ بِهِمْ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّا نَشَمُّ مِنْ رَائِحَتِكُمْ مَا لَا نَشَمُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَلَمْ نَرَ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْهَا. فَيَقُولُونَ: كُنَّا عِنْدَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ، فَعَلِقَ فِينَا مِنْ رِيحِهِمْ فَتَعَطَّرْنَا. فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا إِلَيْهِمْ. فَيَقُولُونَ: تَفَرَّقُوا وَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا حَتَّى نَتَعَطَّرَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ». (محمّد بن الحسن القمي، العقد النضيد: ص25؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج38، ص199).

[425] نهج البلاغة، الخطبة 193؛ الإسكافي، التمحيص: ص70؛ الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق: ص476؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج64، ص315.

[426] عَنْ حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ× يَقُولُ لِرَجُلٍ: «أَتُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِقِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ، فَسَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ: يَا حَفْصُ! مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا وَشِيعَتِنَا وَلَمْ يُحْسِنِ الْقُرْآنَ عُلِّمَ فِي قَبْرِهِ؛ لِيَرْفَعَ اللَهُ بِهِ مِنْ دَرَجَتِهِ، فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ [عَدَدِ] آيَاتِ الْقُرْآنِ، يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْقَى. قَالَ حَفْصٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشَدَّ خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ×، وَلَا أَرْجَى النَّاسِ مِنْهُ، وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ حُزْناً، فَإِذَا قَرَأَ فَكَأَنَّهُ‏ يُخَاطِبُ‏ إِنْسَاناً». (الكليني، الكافي: ج2، ص606؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص129؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج89، ص188).

[427] اُنظر: المحاضرة السابعة عشرة، الصفحة364، الهامش رقم1.

[428] اُنظر: المحاضرة السابعة عشرة، الصفحة364، الهامش رقم2.

[429] اُنظر: المحاضرة السادسة عشرة، الصفحة349، الهامش رقم1.

[430] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة284.

[431] قالَ رسولُ اللهِ في المتواترِ بينَ العامّةِ والخاصّةِ في عرفاتٍ ومسجدِ الخَيفِ بمنى وغديرِ خمّ: «إِنِّي تَارِكٌ‏ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ‏: كِتَابَ الله وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ‏». وقد ورد هذا الحديث الشريف بهذا المضمون في المصادر التالية:

مصادر الشيعة: داود بن سليمان الغازي، مسند الرضا: ص206؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص500؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص68؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص64 و235؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص90؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج1، ص76؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص548؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص252؛ السيّد ابن طاووس، الطرائف: ص115؛ ابن البطريق، العمدة: ص72؛ العلّامة الحلّي، كشف اليقين: ص335؛ ابن جبر، نهج الإيمان: ص204؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص226؛ ج 23، ص108.

مصادر أهل السنّة: أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3، ص17؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج2، ص194؛ علي بن جعد، مسند ابن جعد: ص397؛ ابن المغازلي الشافعي، مناقب علي بن أبي طالب: ص329؛ أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص16؛ المتقي الهندي، كنز العمال: ج1، ص186؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد: ج12، ص232؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج1، ص115 و...

[432] اُنظر: الصفحات السابقة في هذه المحاضرة.

[433] قَالَ الإمامُ مُوسَى الكاظِمُ× في تَفسيرِ قَولِهِ تَعالَى: (* ﮂ ﮃ) فِي الْبَاطِنِ: «أَمَّا حم‏ فَهُوَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ، وَأَمَّا الْكِتابُ الْمُبِينُ فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ× ...». (الكليني، الكافي: ج1، ص478؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج6، ص298؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج48، ص85).

[434] (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) (النحل، آية125).

[435] وردت الإشارة إلى مصادر هذا الحديث في بداية هذه المحاضرة.

[436] فصلت، آية33.

[437] الأحزاب، آية39.

[438] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39.

[439] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ): بَعَثَنِي رَسُولُ الله إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ! لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ، وَايْمُ الله لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ». (الكليني، الكافي: ج5، ص28؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص141؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج21، ص361).

[440] التكوير، الآيتان 1- 2.

[441] إبراهيم، الآيتان 24- 25.

تقدّم تفسير هذه الآية الشريفة في المحاضرة الثانية، الصفحة42، الهامش رقم1.

[442] هو العلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، ولد في التاسع والعشرين من شهر رمضان الكريم سنة 648 هجري، وتوفي سنة 726 هجري. قال عنه صلاح الدين الصفدي الشافعي المتوفي سنة 764 هجري في كتابه ذيل «الحسين بن يوسف بن المطهر»: «الشيخ الإمام العلّامة ذو الفنون، جمال الدين بن المطهر الأسدي الحلّي المعتزلي، عالم الشيعة... وكان يصنّف وهو راكب، ويزاحم بعظمته الكواكب». (الصفدي، أعيان العصر وأعوان النصر: ج1، ص309).

وقال أيضاً: «الْحُسَيْن [كذا والصواب الحسن] بن يُوسُف بن المطهَّر، الإِمَام العلاّمة ذُو الْفُنُون، جمال الدّين ابْن المطهَّر الأسديّ الحلَّي المعتزليّ، عَالم الشِّيعَة وفقيههم، صَاحب التصانيف الَّتِي اشتهرت فِي حَيَاته... وَكَانَ يصنِّف وَهُوَ رَاكب، شرحَ مُخْتصر ابْن الْحَاجِب وَهُوَ مشهورٌ فِي حَيَاته». (الصفدي، الوافي بالوفيات: ج13، ص54).

[443] «كان سبب إيمان سلطان محمّد ألجايتو& أنّه غضب على امرأته، وقال لها: أنت طالق ثلاثاً، ثمَّ ندم، وجمع العلماء، فقالوا: لا بدّ من المحلّل. فقال: عندكم في كلّ مسألة أقاويل مختلفة، أفليس لكم هنا اختلاف؟ فقالوا: لا، وقال أحد وزرائه: إنّ عالماً بالحلّة، وهو يقول ببطلان هذا الطلاق، فبعث كتابه إلى العلّامة وأحضره، ولما بعث إليه قال علماء العامّة: إنّ له مذهباً باطلاً، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل. قال الملك: حتّى يحضر.

فلمّا حضر العلّامة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم، فلمّا دخل العلّامة أخذ نعليه بيده ودخل المجلس، وقال: السلام عليكم، وجلس عند الملك، فقالوا للملك: ألم نقل لك إنّهم ضعفاء العقول؟ قال الملك: اسألوا عنه في كلّ ما فعل، فقالوا له: لمَ ما سجدت للملك وتركت الآداب؟ فقال: إنّ رسول الله كان ملكاً، وكان يُسلَّم عليه، وقال الله تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً)، ولا خلاف بيننا وبينكم أنّه لا يجوز السجود لغير الله. قالوا له: لمَ جلست عند الملك؟ قال: لم يكن مكان غيره، وكلّ ما يقوله العلّامة بالعربي كان يترجم المترجم للملك.

قالوا له: لأيّ شيءٍ أخذت نعلك معك، وهذا مما لا يليق بعاقل، بل إنسان؟ قال: خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله، فصاحت الحنفية: حاشا وكلا، متى كان أبو حنيفة في زمن رسول الله، بل كان تولّده بعد المئة من وفاة رسول الله، فقال: فنسيت لعلّه كان السارق الشافعي، فصاحت الشافعية، وقالوا: كان تولّد الشافعي في يوم وفاة أبي حنيفة، وكان أربع سنين في بطن أمّه، ولا يخرج رعايةً لحرمة أبي حنيفة، فلمّا مات خرج، وكان نشؤه في المئتين من وفاة رسول الله، فقال: لعلّه كان مالك، فقالت المالكية بمثل ما قالته الحنفية، فقال: لعلّه كان أحمد بن حنبل، فقالوا بمثل ما قالته الشافعية.

فتوجّه العلّامة إلى الملك فقال: أيّها الملك! علمت أنّ رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمان رسول الله’، ولا في زمان الصحابة، فهذا أحد بدعهم أنّهم اختاروا من مجتهديهم هؤلاء الأربعة، ولو كان منهم من كان أفضل منهم بمراتب لا يجوّزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم. فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله والصحابة؟ فقال الجميع: لا، فقال العلّامة: ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين× نفس رسول الله وأخيه وابن عمّه ووصيه.

وعلى أيّ حال، فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل؛ لأنّه لم يتحقّق شروطه، ومنها العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال: لا، وشرع في البحث مع علماء العامّة حتّى ألزمهم جميعاً، فتشيّع الملك، وبعث إلى البلاد والأقاليم حتّى يخطبوا للأئمة الاثني عشر في الخطبة، ويكتبوا أساميهم^ في المساجد والمعابد، والذي في أصبهان موجود الآن في الجامع القديم الذي كتب في زمانه في ثلاث مواضع، وعلى منارة دار السيادة التي تممها سلطان محمّد بعد ما أحدثها أخوه غازان أيضاً موجود، وفي محاسن أصفهان موجود، إنّ ابتداء الخطبة كان بسعي بعض السادات اسمه (ميرزا قلندر).

ومن المعابد التي رأيت، معبد (پيربكران) الذي في لنجان وبُني في زمانه، الأسامي موجودة الآن، وكذا في معبد قطب العارفين نور الدين عبد الصمد النطنزي الذي لي نسبة إليه من جانب الأم، موجود الآن». (المجلسي الأوّل، روضة المتقين: ج10، ص30- 32؛ ضياء الدين العراقي، شرح تبصرة المتعلّمين: ج1، ص57).

[444] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة283، الهامش رقم1.

[445] من زيارة سيّد الشهداء× في النصف من شعبان: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ الله، أَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمَائِكُمْ‏ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ مَعَ أَظِلَّةِ الْخَلَائِقِ، وَبَكَتْكُمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَسُكَّانُ الْجِنَانِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ». تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذه الزيارة في المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة248، الهامش رقم2.

[446] «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى». (اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة26، الهامش رقم1).

[447] المصدر المتقدّم.

[448] فصلت، آية12.

[449] «رفاعة بن موسى الأسدي النخّاس‏ روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن÷، كان ثقةً في‏ حديثه‏ مسكوناً إلى روايته‏». (النجاشي، رجال النجاشي: ص166).

وقال أيضاً: «رفاعة بن موسى النخّاس، ثقة». (الشيخ الطوسي، الفهرست: ص129).

[450] «رفاعة بن موسى النخّاس ثقة له أصل». (ابن شهرآشوب، معالم العلماء: ص85).

[451] «أمّا رفاعة فإنّه ثقة صحيح المذهب». (العلّامة الحلّي، مختلف الشيعة: ج2، ص356).

[452] اُنظر: المحاضرة السادسة، الصفحة147، الهامش رقم2.

[453] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة33، الهامش رقم1.

[454] بَشِيرٌ الدَّهَّانُ، عَنْ رِفَاعَةَ النَّحَّاسِ، قَالَ‏: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله×‏ فَقَالَ لِي: «يَا رِفَاعَةُ! أَمَا حَجَجْتَ‏ الْعَامَ‏؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا كَانَ عِنْدِي مَا أَحُجُّ بِهِ، وَلَكِنِّي عَرَّفْتُ عِنْدَ قَبْرِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ×‏. فَقَالَ لِي: يَا رِفَاعَةُ! مَا قَصُرْتَ عَمَّا كَانَ أَهْلُ مِنى فِيهِ، لَوْ لَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَدَعَ النَّاسُ الْحَجَّ لَحَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ لَا تَدَعُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ×‏ أَبَداً، ثُمَّ نَكَتَ الْأَرْضَ وَسَكَتَ طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: مَنْ خَرَجَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ×‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ، صَحِبَهُ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَمِينِهِ وَأَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَكَتَبَ لَهُ أَلْفَ حِجَّةٍ وَأَلْفَ عُمْرَةٍ مَعَ نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص715؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج14، ص463؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص91).‏

[455] المائدة، آية27.

[456] زِيَارَةٌ أُخْرَى لَهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، أَوْرَدَهَا السَّيِّدُ وَغَيْرُهُ... قَالَ فِي مِصْبَاحِ الزَّائِرِ: زِيَارَةً بِأَلْفَاظٍ شَافِيَةٍ، يُذْكَرُ فِيهَا بَعْضُ مَصَائِبِ يَوْمِ الطَّفِّ، يُزَارُ بِهَا الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، زَارَ بِهَا الْمُرْتَضَى عَلَمُ الْهُدَى رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ، وَسَأَذْكُرُهَا عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي أَشَارَ هُوَ إِلَيْه، قَالَ: «...‏ لَقَدْ صُرِعَ بِمَصْرَعِكَ الْإِسْلَامُ، وَتَعَطَّلَتِ الْحُدُودُ وَالْأَحْكَامُ، وَأَظْلَمَتِ الْأَيَّامُ، وَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَأَظْلَمَ الْقَمَرُ، وَاحْتَبَسَ الْغَيْثُ وَالْمَطَرُ، وَاهْتُزَّ الْعَرْشُ وَالسَّمَاءُ، وَاقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَالْبَطْحَاءُ، وَشَمِلَ الْبَلَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ، وَفُجِعَ‏ بِكَ‏ الرَّسُولُ‏ وَأُزْعِجَتِ الْبَتُولُ وَطَاشَتِ الْعُقُولُ؛ فَلَعْنَةُ الله عَلَى مَنْ جَارَ عَلَيْكَ وَظَلَمَكَ، وَمَنَعَكَ الْمَاءَ وَاهْتَضَمَكَ، وَغَدَرَ بِكَ وَخَذَلَكَ وأَلَّبَ عَلَيْكَ وَقَتَلَكَ، وَنَكَثَ بَيْعَتَكَ وَعَهْدَكَ، وَأَخْلَفَ مِيثَاقَكَ وَوَعْدَكَ، وَأَعَانَ عَلَيْكَ ضِدَّكَ، وَأَغْضَبَ بِفِعَالِهِ جَدَّكَ، وَسَلَامُ الله وَرِضْوَانُهُ وَبَرَكَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَزْكِيَاءِ مِنَ ذُرِّيَّتِكَ، وَالنُّجَبَاءِ مِنْ عِتْرَتِكَ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص231- 234).

[457] الفجر، الآيتان 27- 28.

[458] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله×: «اقْرَؤوا الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَنَوَافِلِكُمْ‏، فَإِنَّهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَارْغَبُوا فِيهَا رَحِمَكُمُ اللَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَكَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِلْحُسَيْنِ خَاصَّةً؟ فَقَالَ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى‏: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي)؟‏ إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ÷، فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ الرَّاضُونَ عَنِ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، وَهَذِهِ السُّورَةُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ وَشِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ الْفَجْرَ كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ». (الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص796؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص657- 658؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص93؛ ج 44، ص218- 219؛ الشيخ محمّد المشهدي، تفسير كنز الدقائق: ج14، ص280؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص97- 98).

[459] أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص179؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص256؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص40؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص283.

[460] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْيَقْطِينِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ، قَالَ: نَظَرَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ×‏ إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاسْتَعْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ‏ أَشَدَّ عَلَى‏ رَسُولِ‏ اللهِ‏ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قُتِلَ فِيهِ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَسَدُ الله وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَبَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. ثُمَّ قَالَ×: وَلَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ×‏، ازْدَلَفَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، كُلٌّ يَتَقَرَّبُ إِلَى الله} بِدَمِهِ، وَهُوَ بِالله يُذَكِّرُهُمْ فَلَا يَتَّعِظُونَ حَتَّى قَتَلُوهُ بَغْياً وَظُلْماً وَعُدْوَاناً. ثُمَّ قَالَ×‏: رَحِمَ اللَهُ الْعَبَّاسَ فَلَقَدْ آثَرَ وَأَبْلَى، وَفَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ، فَأَبْدَلَهُ اللَهُ} بِهِمَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص176؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص547؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص274).

[461] «إنّه كان يوم القيامة واشتدّ الأمر على الناس، بعث رسول الله أمير المؤمنين× إلى فاطمة‘ لتحضر مقام الشفاعة، فيقول أمير المؤمنين×: يا فاطمة! ما عندك من أسباب الشفاعة، وما ادّخرتِ لأجل هذا اليوم الذي فيه الفزع الأكبر؟ فتقول فاطمة‘: يا أمير المؤمنين! كفانا لأجل هذا المقام اليدان المقطوعتان من ابني العباس». (الدربندي، أسرار الشهادة: ص339؛ الدربندي، ترجمة أسرار الشهادة: ج2، ص1100؛ المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص276).

[462] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ×‏:‏ «إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ قَبْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ÷‏ وَهُوَ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ‏ بِحِذَاءِ الْحَائِرِ [الْحَيْرِ] فَقِفْ عَلَى بَابِ السَّقِيفَةِ وَقُلْ: سَلَامُ الله وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَجَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ فِيمَا تَغْتَدِي وَتَرُوحُ، عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْوَفَاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ، وَالسِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ، وَالدَّلِيلِ الْعَالِمِ، وَالْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ؛ فَجَزَاكَ اللَهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ بِمَا صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ وَأَعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ. لَعَنَ اللَهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَهُ‏ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ، وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللَهُ مَنْ حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَأَنَّ اللَهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ، جِئْتُكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ... ثُمَّ ادْخُلْ وَانْكَبَّ عَلَى الْقَبْرِ وَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ، الْمُطِيعُ لِله وَلِرَسُولِهِ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص440؛ الشيخ المفيد، المزار: ص121؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص724؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص66؛ المشهدي، المزار، ـ ص389؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص131؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص426).‏‏

[463] اُنظر: المحاضرة التاسعة، الصفحة200، الهامش رقم3.

[464] لمّا قُتلَ العَبّاسُ قَالَ الحُسينُ×‏: «الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي‏ وقَلَّتْ‏ حِيلَتِي‏». (محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص310؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص42؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص285؛ المقرّم، مقتل الحسين: ص424؛ الشيخ محمّد السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين×: ص225).

مصادر أهل السنّة: الخوارزمي، مقتل الحسين: ج2، ص34.

[465] «في (القمقام) للمرحوم فرهاد ميرزا: لما قُتل العبّاس× وأقبل إليه الحسين×، قال: الآن انكسر ظهري وانقطع رجائي». (المازندراني، معالي السبطين: ج1، ص438).

[466] قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ×: «لَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ بِالْحُسَيْنِ‏ بْنِ‏ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ÷ نَظَرَ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّمَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ وَوَجَبَتْ‏ قُلُوبُهُمْ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ× وَبَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ خَصَائِصِهِ تُشْرِقُ أَلْوَانُهُمْ وَتَهْدَأُ جَوَارِحُهُمْ وَتَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا لَا يُبَالِي بِالْمَوْتِ». (الشيخ الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية: ص52؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص289؛ الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء: ج8، ص255؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص297؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص351).

[467] السيّد شرف الدين العاملي، المجالس الفاخرة: ص324.

[468] فصلت، آية33.

[469] اُنظر: المحاضرة الرابعة، الصفحة103.

[470] من زيارة الأربعين لسيّد الشهداء×: «السَّلَامُ عَلَى وَلِيِّ الله وَحَبِيبِهِ، السَّلَامُ عَلَى خَلِيلِ‏ الله وَنَجِيبِهِ، ‏ السَّلَامُ عَلَى صَفِيِّ الله وَابْنِ صَفِيِّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيد... وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلَالَةِ». (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص788؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص113؛ المشهدي، المزار: ص514- 515؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص101- 102؛ الكفعمي، المصباح: ص489؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص331).

كما ورد في زيارة أخرى للإمام الحسين×: «بَذَلَ مُهْجَتَهُ‏ فِيكَ‏ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْجَهَالَةِ وَالْعَمَى وَالشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ إِلَى بَابِ الْهُدَى مِنَ الرَّدَى‏». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص401؛ الشيخ المفيد، المزار: ص108؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص59؛ المشهدي، المزار: ص376؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص177؛ ج 98، ص210).

[471] اُنظر: المحاضرة التاسعة عشرة، الصفحة407، الهامش رقم2.

[472] الفجر، الآيتان 1- 2.

[473] عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ:‏ «قَوْلُهُ‏: (وَالْفَجْرِ)، وَالْفَجْرُ هُوَ الْقَائِمُ‏# وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الْأَئِمَّةُ^ مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الْحَسَنِ، وَالشَّفْعُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ× وَفَاطِمَةُ‘، وَالْوَتْرُ هُوَ اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ)  هِيَ دَوْلَةُ حَبْتَرٍ، فَهِيَ تَسْرِي إِلَى قِيَامِ الْقَائِمِ#». (الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2، ص792؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج5، ص650؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج24، ص78؛ ج 31، ص591).

[474] الفجر، الآيتان 27- 28.

[475] فصّلت، آية33.

[476] الطارق، الآيات 5- 7.

[477] غافر، آية64؛ التغابن، آية3.

[478] المؤمنون، آية14.

[479] عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ^، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله:‏ «اعْلَمُوا أَنَّ أَمَامَكُمْ‏ طَرِيقاً مَهُولاً وَسَفَراً بَعِيداً، وَمَمَرَّكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ، وَلَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ مِنْ زَادٍ، فَمَنْ لَمْ يَتَزَوَّدْ وَسَافَرَ عَطَبَ وَهَلَكَ، و(خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص353؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص446؛ علي الطبرسي، مشكاة الأنوار: ص450؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج38، ص99).‏

[480] قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (الروم، آية43).

وقال أيضاً: (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) (الشورى، آية47).

[481] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «مَنْ‏ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ‏ فِي‏ لَيْلَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الذَّاكِرِينَ، وَمَنْ قَرَأَ مِئَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ مِئَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْخَاشِعِينَ، وَمَنْ قَرَأَ ثَلَاثَ مِئَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسَمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنْ تِبْرٍ، الْقِنْطَارُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِثْقَالٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَالْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطاً، أَصْغَرُهَا مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَأَكْبَرُهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ». (الشيخ الكليني، الكافي: ج2، ص612؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص115؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص103؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص147؛ ابن فهد الحلّي، عدّة الداعي: ص271).

مصادر أهل السنّة: جلال الدين السيوطي، ، الإتقان في علوم القرآن: ج1، ص189.

[482] اُنظر: المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة243، الهامش رقم1.

[483] المائدة، آية15.

[484] اُنظر: المحاضرة السادسة عشرة، الصفحة349، الهامش رقم1.

[485] إبراهيم، آية27.

[486] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: «حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ يَوْماً وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا×، وَقَدِ اجْتَمَعَ الْفُقَهَاءُ وَأَهْلُ الْكَلَامِ مِنَ الْفِرَقِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَسَأَلَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله! بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ تَصِحُّ الْإِمَامَةُ لِمُدَّعِيهَا؟ قَالَ: «بِالنَّصِّ وَالدَّلِيلِ. قَالَ لَهُ: فَدَلَالَةُ الْإِمَامِ فِيمَا هِيَ؟ قَالَ: فِي الْعِلْمِ‏ وَاسْتِجَابَةِ الدَّعْوَةِ». (أبو غالب الزراري، تاريخ آل زرارة: ص191؛ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج2، ص216؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج25، ص134).

[487] الزخرف، آية32.

[488] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏ قَالَ لِفُضَيْلٍ: «تَجْلِسُونَ‏ وَتُحَدِّثُونَ؟‏ قَالَ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ: إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا، فَأَحْيُوا أَمْرَنَا يَا فُضَيْلُ، [فـَ] رَحِمَ اللَهُ مَنْ أَحْيَى أَمْرَنَا. يَا فُضَيْلُ! مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِثْلُ جَنَاحِ الذُّبَابِ غَفَرَ اللَهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ». (الحميري القمي، قرب الإسناد: ص36؛ الشيخ الصدوق، مصادقة الإخوان: ص32؛ الشيخ الصدوق، الاختصاص: ص29؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج10، ص92؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص135؛ قطب الدين الراوندي، الدعوات: ص10، العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج71؛ ص351).

[489] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَرِيرٍ الْقُمِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا×‏ يَقُولُ لِأَبِي: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ÷‏ عَارِفاً بِحَقِّهِ‏، كَانَ‏ مِنْ‏ مُحَدِّثِي‏ اللَهِ فَوْقَ عَرْشِهِ، ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص267- 268؛ العلّامة المجلسي، بحارا لأنوار: ج98، ص73).

[490] القمر، آية54.

[491] جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات: ص278؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص119.

[492] مقتطفات من زيارة الناحية المقدّسة. (محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص496؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص231).

[493] الإسراء، آية33.

[494] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة32، الهامش رقم4.

[495] الخزاز القمّي، كفاية الأثر: ص70؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص415.

[496] التميمي، غرر الحكم: ص222.

[497] الأحزاب، آية39.

[498] المدّثر، الآيتان 1- 2.

[499] التوبة، آية122.

[500] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ×‏ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ): بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ! لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ، وَايْمُ الله لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ». (الكليني، الكافي: ج5، ص28؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص141؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج21، ص361).

[501] المائدة، آية32.

[502] اُنظر: المحاضرة الخامسة عشرة، الصفحة329، الهامش رقم3.

[503] اُنظر: المحاضرة التاسعة، الصفحة192، الهامش رقم1.

[504] الواقعة، الآيات 77- 79.

[505] البقرة، آية2.

ورد في بعض التفاسير في تفسير هذه الآية: عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×‏‏ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)، ‏ قَالَ: «كِتَابُ عَلِيٍّ لَا رَيْبَ فِيهِ.‏ (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) قَالَ: الْمُتَّقُونَ‏ شِيعَتُنَا الَّذِينَ‏ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ وَمِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ يَبُثُّونَ». (محمّد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص26؛ علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج1، ص30؛ البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص253؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي: ج1، ص91؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص123؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص21).

كذلك انظر: المحاضرة الثامنة عشرة.

[506] المائدة، آية15.

[507] المائدة، آية16.

[508] قَالَ رَسُولُ اللهِ:‏ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ بُطُونُهُمْ آلِهَتُهُمْ، وَنِسَاؤُهُمْ قِبْلَتُهُمْ، وَدَنَانِيرُهُمْ دِينُهُمْ، وَشَرَفُهُمْ مَتَاعُهُمْ، لَا يَبْقَى مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا اسْمُهُ، وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا رَسْمُهُ، وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ‏ إِلَّا دَرْسُهُ، ‏ مَسَاجِدُهُمْ مَعْمُورَةٌ مِنَ البِنَاءِ وَقُلُوبُهُمْ خَرَابٌ عَنِ الْهُدَى ...‏». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص453؛ الميرزا حسين النوري، مستدرك الوسائل: ج11، ص376).

[509] ورد التعبير بـ «بعض الأساطين» بقلم الشيخ الأنصاري في كتاب المكاسب 32 مرّة؛ في المجلد الأوّل في أحد عشر موضعاً: ص48، 101، 107، 113، 181، 186، 272، 320، 334، 345، 349؛ وفي المجلد الثاني في سبعة مواضع: ص15، 93، 130، 139، 198، 214، 223؛ وفي المجلد الثالث في ثلاثة مواضع: ص35، 44، 56؛ وفي المجلد الرابع في تسعة مواضع: ص36، 54، 58، 190، 198، 238، 252، 299، 323؛ وفي المجلد الخامس في موضعين: ص114، 215.

[510] الواقعة، آية79.

[511] قال أمير المؤمنين× واصفاً النبيّ الكريمo: «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ، وَأحْمَى مَوَاسِمَهُ، يَضَعُ ذلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، مِنْ قُلُوبٍ عُمْي، وَآذَانٍ صُمٍّ، وَأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ; مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ، وَمَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ ...». (نهج البلاغة، الخطبة 108).

[512] انظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة285.

[513] اُنظر: المحاضرة الثامنة، الصفحة182، الهامش رقم1.

[514] قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، ‏ أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ÷ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: «هَذَا أَخُوكُمْ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَالِمُ آلِ مُحَمَّدٍ، فَسَلُوهُ عَنْ أَدْيَانِكُمْ، وَاحْفَظُوا مَا يَقُولُ لَكُمْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ÷ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ لِي: إِنَّ عَالِمَ آلِ مُحَمَّدٍ لَفِي‏ صُلْبِكَ‏، وَلَيْتَنِي أَدْرَكْتُهُ، فَإِنَّهُ سَمِيُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ×». (الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2، ص65؛ الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج3، ص111؛ العاملي، الصراط المستقيم: ج2، ص164؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج49، ص100).

[515] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة52، الهامش رقم2.

[516] «وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ، ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا، ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى». تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذه الرواية في المحاضرة الأولى، الصفحة26، الهامش رقم1.

[517] النحل، آية125.

[518] اُنظر: المحاضرة الثامنة عشرة، الصفحة384، عنوان «سبيل الله».

[519] التوبة، آية122.

[520] اُنظر: المحاضرة السادسة، الصفحة144، الهامش رقم4.

[521] آل عمران، آية19.

[522] التوبة، آية122.

[523] قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الكَاظِمُ×: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا الْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَعَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ». تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذا الحديث في المحاضرة التاسعة، الصفحة192، الهامش رقم1.

[524] اُنظر: المحاضرة الثامنة عشرة، الصفحة389.

[525] اُنظر: المحاضرة السادسة عشرة، الصفحة349، الهامش رقم1.

[526] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: «‏مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَهُوَ شَابٌّ مُؤْمِنٌ، اخْتَلَطَ الْقُرْآنُ‏ بِلَحْمِهِ‏ وَدَمِهِ». تقدّمت الإشارة إلى مصادر هذا الحديث في المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة241.

[527] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ} مَا دَاوَمَ‏ عَلَيْهِ‏ الْعَبْدُ وَإِنْ قَلَّ». (الكليني، الكافي: ج2، ص82؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج68، ص219).

[528] قال أمير المؤمنين× في إحدى خطبه: «... وَتَعَلَّمُوا كِتَابَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَأَبْلَغُ الْمَوْعِظَةِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ‏ رَبِيعُ‏ الْقُلُوبِ، ‏وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ‏ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ‏». (نهج البلاغة، الخطبة 110؛ انظر كذلك: المحاضرة الحادية عشرة، الصفحة243، الهامش رقم3).

[529] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله× قَالَ: «كَانَ أَبِي× يَقُولُ‏: "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" ثُلُثُ‏ الْقُرْآنِ‏، و"قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ‏" رُبُعُ الْقُرْآنِ». (الكليني، الكافي: ج2، ص621؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص191؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج84، ص229).

[530] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ^، فِي حَدِيثٍ عَنْ سَلْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللهيَقُولُ‏: «مَنْ قَرَأَ "قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ" مَرَّةً فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثاً فَقَدْ خَتَمَ الْقُرْآنَ». (الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص542؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص106؛ العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار: ج39، ص288).

[531] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة24، الهامش رقم1.

[532] تمّ تخريج الحديث قبل أسطر.

[533] وَردَ في روايةٍ عنِ الإمامِ الصَّادقِ×: «... وَسَيِّدُنَا الْقَائِمُ# مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ‏ إِلَى‏ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ! أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وَشَيْثٍ، فَهَا أَنَا ذَا آدَمُ وَشَيْثٌ. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوحٍ وَوَلَدِهِ سَامٍ، فَهَا أَنَا ذَا نُوحٌ وَسَامٌ. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، فَهَا أَنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى وَيُوشَعَ، فَهَا أَنَا ذَا مُوسَى وَيُوشَعُ. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وَشَمْعُونَ، فَهَا أَنَا ذَا عِيسَى وَشَمْعُونُ. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ  وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ×، فَهَا أَنَا ذَا مُحَمَّدٌ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا). أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ÷، فَهَا أَنَا ذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ÷. أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ^، فَهَا أَنَا ذَا الْأَئِمَّةُ^». (حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص184؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج53، ص9).

[534] تقدّمت الإشارة إلى هذا الحديث في الصفحات السابقة من هذه المحاضرة.

[535] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة191.

[536] المائدة، آية32.

[537] عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللهِ}: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). قَالَ: «مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا، وَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلَى ضَلَالٍ فَقَدْ قَتَلَهَا». (الكليني، الكافي: ج2، ص210؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص226؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج3، ص322؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص281؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص20).

[538] اُنظر: المحاضرة اسادسة عشرة، الصفحة350؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة191.

[539] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله×، قَالَ: «بُنِيَ‏ الْإِسْلَامُ‏ عَلَى‏ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالْوَلَايَةِ. قَالَ زُرَارَةُ: فَأَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْوَلَايَةُ أَفْضَلُهُنَّ؛ لِأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ وَالْوَالِي هُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِنَّ». (البرقي، المحاسن: ج1، ص286؛ الكليني، الكافي: ج2، ص18؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج1، ص13؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج65، ص332).

[540] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ÷ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّينِ، مَثَلُهَا كَمَثَل‏ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ، إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ يَثْبُتُ الْأَوْتَادُ وَالْأَطْنَابُ، وَإِذَا مَالَ الْعَمُودُ وَانْكَسَرَ لَمْ يَثْبُتْ وَتِدٌ وَلَا طُنُبٌ». (البرقي، المحاسن: ج1، ص44؛ القاضي نعمان المغربي، دعائم الإسلام: ج1، ص133؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص739؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج79، ص218).‏

[541] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة288، الهامش رقم1.

[542] الإنسان، آية1.

[543] الزمر، آية6.

[544] قَالَ الإمامُ الصَّادِقُ× لِلمُفَضَّلِ بنِ عمرٍ: «نَبْدَأُ يَا مُفَضَّلُ بِذِكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ‏ فَاعْتَبِرْ بِهِ‏، فَأَوَّلُ ذَلِكَ مَا يُدَبَّرُ بِهِ الْجَنِينُ فِي الرَّحِمِ، وَهُوَ مَحْجُوبٌ‏ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ‏: ظُلْمَةِ الْبَطْنِ وَظُلْمَةِ الرَّحِمِ وَظُلْمَةِ الْمَشِيمَةِ؛ حَيْثُ لَا حِيلَةَ عِنْدَهُ فِي طَلَبِ غِذَاءٍ، وَلَا دَفْعِ أَذًى، وَلَا اسْتِجْلَابِ مَنْفَعَةٍ، وَلَا دَفْعِ مَضَرَّةٍ، فَإِنَّهُ يَجْرِي إِلَيْهِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ مَا يَغْذُوهُ الْمَاءُ وَالنَّبَاتُ، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ غِذَاؤُهُ‏ حَتَّى إِذَا كَمَلَ خَلْقُهُ وَاسْتَحْكَمَ بَدَنُهُ وَقَوِيَ أَدِيمُهُ‏ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْهَوَاءِ وَبَصَرُهُ عَلَى مُلَاقَاةِ الضِّيَاءِ، هَاجَ الطَّلْقُ‏ بِأُمِّهِ، فَأَزْعَجَهُ أَشَدَّ إِزْعَاجٍ وَأَعْنَفَهُ حَتَّى يُولَدَ». (المفضّل بن عمر، توحيد المفضّل: ص12؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج3، ص62).

 

[545] البيت بالفارسية:

تو بندگی چو گدايان به شرط مزد مکن ‏
که خواجه خود روش بنده پروری داند

 

[546] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا× قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ÷: «الْقُنْزُعَةُ الَّتِي عَلَى رَأْسِ الْقُنْبُرَةِ مِنْ مَسْحَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ÷؛ وَذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ أَرَادَ أَنْ يَسْفَدَ أُنْثَاهُ‏ فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: لَا تَمْتَنِعِي فَمَا أُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَ اللَهُ} مِنِّي نَسَمَةً تُذْكَرُ بِهِ، فَأَجَابَتْهُ إِلَى مَا طَلَبَ. فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَبِيضَ قَالَ لَهَا: أَيْنَ تُرِيدِينَ أَنْ تَبِيضِي؟ فَقَالَتْ لَهُ: لَا أَدْرِي أُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ. قَالَ لَهَا: إِنِّي خَائِفٌ أَنْ يَمُرَّ بِكِ مَارُّ الطَّرِيقِ، وَلَكِنِّي أَرَى لَكِ أَنْ تَبِيضِي قُرْبَ الطَّرِيقِ، فَمَنْ يَرَاكِ قُرْبَهُ تَوَهَّمَ أَنَّكِ تَعْرِضِينَ لِلَقْطِ الْحَبِّ مِنَ الطَّرِيقِ، فَأَجَابَتْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَبَاضَتْ وَحَضَنَتْ‏ حَتَّى أَشْرَفَتْ عَلَى النِّقَابِ، ‏ فَبَيْنَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ÷ فِي جُنُودِهِ وَالطَّيْرُ تُظِلُّهُ، فَقَالَتْ لَهُ: هَذَا سُلَيْمَانُ قَدْ طَلَعَ عَلَيْنَا فِي جُنُودِهِ، وَلَا آمَنُ أَنْ يَحْطِمَنَا وَيَحْطِمَ بَيْضَنَا. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ سُلَيْمَانَ× لَرَجُلٌ رَحِيمٌ بِنَا، فَهَلْ عِنْدَكِ شَيْ‏ءٌ هَيَّئْتِهِ‏ لِفِرَاخِكِ إِذَا نَقَبْنَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ جَرَادَةٌ خَبَّأْتُهَا مِنْكَ أَنْتَظِرُ بِهَا فِرَاخِي إِذَا نَقَبْنَ، فَهَلْ عِنْدَك أَنْتَ شَيْ‏ءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ عِنْدِي تَمْرَةٌ خَبَّأْتُهَا مِنْكِ لِفِرَاخِي. قَالَتْ: فَخُذْ أَنْتَ تَمْرَتَكَ وَآخُذُ أَنَا جَرَادَتِي وَنَعْرِضُ لِسُلَيْمَانَ× فَنُهْدِيهِمَا لَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يُحِبُّ الْهَدِيَّةَ، فَأَخَذَ التَّمْرَةَ فِي مِنْقَارِهِ وَأَخَذَتْ هِيَ الْجَرَادَةَ فِي رِجْلَيْهَا، ثُمَّ تَعَرَّضَا لِسُلَيْمَانَ×، فَلَمَّا رَآهُمَا وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ بَسَطَ يَدَيْهِ لَهُمَا، فَأَقْبَلَا فَوَقَعَ الذَّكَرُ عَلَى الْيَمِينِ وَوَقَعَتِ الْأُنْثَى عَلَى الْيَسَارِ، وَسَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا فَأَخْبَرَاهُ، فَقَبِلَ هَدِيَّتَهُمَا وَجَنَّبَ جُنْدَهُ عَنْهُمَا وَعَنْ بَيْضِهِمَا، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِمَا وَدَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ، فَحَدَثَتِ الْقُنْزُعَةُ عَلَى رَأْسِهِمَا مِنْ مَسْحَةِ سُلَيْمَانَ×».‏ (الكليني، الكافي: ج6، ص225؛ الشهيد الثاني، الروضة البهية: ج7، ص284؛ المجلسي الأوّل، روضة المتقين: ج7، ص470؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج14، ص82).

[547] من دعاء العديلة.

[548] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ:‏ «إِنَّ مُعَلِّمَ‏ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ دَوَابُّ الْأَرْضِ وَحِيتَانُ الْبَحْرِ وَكُلُّ ذِي رُوحٍ فِي الْهَوَاءِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ يَزْدَحِمَانِ». (الصفار، بصائر الدرجات: ص23؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص131؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص17).

[549] العلّامة الشوشتري، فوائد المشاهد: ص191؛ الملّا حبيب الله الشريف الكاشاني، تذكرة الشهداء: ج1، ص42.

كذلك قَالَ النَّبِيُّ: «إِنَّ لِلْحُسَيْنِ× فِي بَوَاطِنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةً مَكْتُومَةً». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص842؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص272؛ ج 109، ص73).

[550] قال المرحوم الطبرسي في تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ): «يوم يتحسّر المسيء هلا أحسن العمل والمحسن هلا ازداد من العمل». (الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج6، ص424).

[551] التوبة، آية122.

[552] قَالَ الإمامُ الباقِرُ×: «كُلُّ مَا [كُلَّمَا] لَمْ يَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ‏ فَهُوَ بَاطِلٌ‏». (الصفّار، بصائر الدرجات: ص531؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص62؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج27، ص75).

[553] الملك، آية5.

[554] عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ× قَالَ: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ×: مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا، فَأَخْرَجَ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا مِنْ ظُلْمَةِ جَهْلِهِمْ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ الَّذِي حَبَوْنَاهُ [بِهِ]، ‏ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ يُضِي‏ءُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ، و[عَلَيْهِ] حُلَّةٌ لَا تَقُومُ لِأَقَلِّ سِلْكٍ مِنْهَا الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ [مِنْ عِنْدِ اللهِ]: يَا عِبَادَ اللَهِ! هَذَا عَالِمٌ مِنْ بَعْضِ تَلَامِذَةِ عُلَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَلَا فَمَنْ أَخْرَجَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْرَةِ جَهْلِهِ فَلْيَتَشَبَّثْ بِنُورِهِ لِيُخْرِجَهُ مِنْ حَيْرَةِ ظُلْمَةِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ إِلَى نُزْهَةِ الْجِنَانِ، فَيُخْرِجُ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَّمَهُ فِي الدُّنْيَا خَيْراً أَوْ فَتَحَ عَنْ قَلْبِهِ مِنَ الْجَهْلِ قُفْلًا أَوْ أَوْضَحَ لَهُ عَنْ شُبْهَةٍ». (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري×: ص339؛ الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص7؛ العاملي، الصراط المستقيم: ج3، ص55؛ الإحسائي، عوالي اللئالئ: ج1، ص17؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص2).

[555] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة40، الهامش رقم1.

[556] اُنظر: المحاضرة السادسة، الصفحة146، الهامش رقم1.

[557] مريم، آية39.

[558] البيتان بالفارسية:

حيف، سالها جام جم بدست تو بود
چون تو نشناختی، کسی چه کند
برده بودی ودوات آمده بود                              
چون کج باختی، کسی چه کند

 

[559] نهج البلاغة، الخطبة 109.

[560] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة50،الهامش رقم4، والملحق13؛ المحاضرة الرابعة عشرة، الصفحة313؛ المحاضرة السادسة عشرة، الصفحة355، الهامش رقم3.

[561] نهج البلاغة، الخطبة 109.

[562] مما ورد في زيارة الإمام الحسين× المطلقة: «فَلَقَدْ بَكَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَحَفَّتْكُمْ وَسَكَنَتْ مُعَسْكَرَكُمْ، وَحَلَّتْ مَصَارِعَكُمْ، وَقَدَّسَتْ وَصَفَّتْ‏ بِأَجْنِحَتِهَا عَلَيْكُمْ، ‏ لَيْسَ لَهَا عَنْكُمْ فِرَاقٌ إِلَى يَوْمِ التَّلَاقِ، وَيَوْمِ الْمَحْشَرِ وَيَوْمِ الْمَنْشَرِ طَافَتْ عَلَيْكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ الله، وَبَلَغْتُمْ بِهَا شَرَفَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص422؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص724؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص189).

[563] كَتَبَ أربابُ المقاتِلِ: «خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ÷، وَكَانَ مِنْ أَصْبَحِ النَّاسِ وَجْهاً وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقاً، فَاسْتَأْذَنَ أَبَاهُ فِي الْقِتَالِ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَ‏ نَظَرَ إِلَيْهِ نَظَرَ آيِسٍ مِنْهُ وَأَرْخَى× عَيْنَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ النَّاسِ‏ خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِكَ، وَكُنَّا إِذَا اشْتَقْنَا إِلَى نَبِيِّكَ نَظَرْنَا إِلَيْهِ. فَصَاحَ وَقَالَ: يَا بْنَ سَعْدٍ! قَطَعَ اللَهُ رَحِمَكَ كَمَا قَطَعْتَ رَحِمِي. فَتَقَدَّمَ نَحْوَ الْقَوْمِ فَقَاتَلَ قِتَالاً شَدِيداً وَقَتَلَ جَمْعاً كَثِيراً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: يَا أَبَتِ! الْعَطَشُ قَدْ قَتَلَنِي وَثِقْلُ الْحَدِيدِ قَدْ أَجْهَدَنِي، فَهَلْ إِلَى شَرْبَةٍ مِنَ الْمَاءِ سَبِيلٌ؟ فَبَكَى الْحُسَيْنُ× وَقَالَ: وَا غَوْثَاهْ يَا بُنَيَّ! قَاتِلْ قَلِيلاً فَمَا أَسْرَعَ مَا تَلْقَى جَدَّكَ مُحَمَّداً فَيَسْقِيَكَ بِكَأْسِهِ الْأَوْفَى شَرْبَةً لَا تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَداً. فَرَجَعَ إِلَى مَوْقِفِ النُّزَّالِ وَقَاتَلَ أَعْظَمَ الْقِتَالِ، فَرَمَاهُ مُنْقِذُ بْنُ مُرَّةَ الْعَبْدِيُّ (لَعَنَهُ اللَهُ تَعَالَى) بِسَهْمٍ فَصَرَعَهُ، فَنَادَى: يَا أَبَتَاهْ! عَلَيْكَ السَّلَامُ، هَذَا جَدِّي يُقْرِئكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: عَجِّلِ الْقَدُومَ عَلَيْنَا، ثُمَّ شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ. فَجَاءَ الْحُسَيْنُ× حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ وَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَى خَدِّهِ وَقَالَ: قَتَلَ اللَهُ قَوْماً قَتَلُوكَ، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الله وَعَلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ، عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَاءُ». (ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص51؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص67؛ أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص114 (مع اختلاف يسير)؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص43 (مع اختلاف يسير)؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص285).

[564] [قَالَ عَلِيُّ بْنُ إبْراهِيمَ] حَدَّثَنِي أَبِي [إبْراهِيمُ بنُ هَاشِمٍ] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ÷ يَقُولُ:‏ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ÷ دَمْعَةً، حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ، بَوَّأَهُ اللَهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً، يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً. وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ‏ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ، لِأَذًى مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا، بَوَّأَهُ اللَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ. وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ دَمْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا، صَرَفَ اللَهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَى، وَآمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَالنَّارِ». (علي بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: ج2، ص291؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص201 (حدّثني الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب ...)؛ الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال: ص83 (حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب ...) ؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص5؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص281).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3، ص102.

[565] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: «مَنْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ‏ فَفَاضَتْ‏ عَيْنَاهُ‏ وَلَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الذُّبَابِ، غَفَرَ اللَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». (خالد البرقي، المحاسن: ج1، ص63؛ ابن قولويه، كامل الزيارات: ص207؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص285).

[566] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص293- 296؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص535.

[567] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة52، الهامش رقم2.

[568] المائدة، آية99.

[569] مِنْ كَلَامِهِ× لَمَّا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى الْعِرَاقِ قَامَ خَطِيباً فَقَالَ‏: «الْحَمْدُ لِله وَمَا شَاءَ اللَهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله، صَلَّى اللَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسَلَّمَ، خُطَّ الْمَوْتُ‏ عَلَى‏ وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلَادَةِ عَلَى جِيدِ الْفَتَاةِ، وَمَا أَوْلَهَنِي إِلَى أَسْلَافِي اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إِلَى يُوسُفَ، وَخُيِّرَ لِي مَصْرَعٌ أَنَا لَاقِيهِ، كَأَنِّي بِأَوْصَالٍ يَتَقَطَّعُهَا عُسْلَانُ الْفَلَوَاتِ بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلَاءَ، فَيَمَلَأْنَ مِنِّي أَكْرَاشاً جَوْفاً وَأَجْرِبَةً سُغْباً، لَا مَحِيصَ عَنْ يَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ، رِضَى الله رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ، نَصْبِرُ عَلَى بَلَائِهِ وَيُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِينَ، لَنْ يَشُذَّ عَنْ رَسُولِ الله لَحْمَتُهُ، وَهِيَ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِي حَظِيرَةِ الْقُدُسِ، تَقَرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ وَيَتَنَجَّزُ لَهُمْ وَعْدُهُ، مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ [بَاذِلاً فِينَا مُهْجَتَهُ] وَمُوَطِّناً عَلَى لِقَائِنَا [لِقَاءَ اللهِ] نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ فَإِنِّي رَاحِلٌ مُصْبِحاً إِنْ شَاءَ اللَهُ». (السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص38؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص29؛ الأربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمة: ج2، ص239؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص367).

مصادر أهل السنّة: الحلواني، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ص86؛ الزرندي الحنفي، معارج الوصول: ص94.

[570] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة283، الهامش رقم1.

[571] مما ورد في زيارة الشهداء. (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص722؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج2، ص65؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص7؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص129؛ الكفعمي، المصباح: ص503؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص201).

[572] «ثُمَّ بَرَزَ جُونٌ، مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ عَبْداً أَسْوَدَ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ×: «أَنْتَ فِي إِذْنٍ مِنِّي؛ فَإِنَّمَا تَبِعْتَنَا طَلَباً لِلْعَافِيَةِ، فَلَا تَبْتَلِ بِطَرِيقِنَا». فَقَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ الله! أَنَا فِي الرَّخَاءِ أَلْحَسُ‏ قِصَاعَكُمْ، وَفِي الشِّدَّةِ أَخْذُلُكُمْ، وَالله إِنَّ رِيحِي لَمُنْتِنٌ، وَإِنَّ حَسَبِي لَلَئِيمٌ، وَلَوْنِي لَأَسْوَدُ، فَتَنَفَّسْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ، فَتَطِيبَ رِيحِي، وَيَشْرُفَ حَسَبِي، وَيَبْيَضَّ وَجْهِي، لَا وَالله لَا أُفَارِقُكُمْ حَتَّى يَخْتَلِطَ هَذَا الدَّمُ الْأَسْوَدُ مَعَ دِمَائِكُمْ، ثُمَّ قَاتَلَ (رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ) حَتَّى قُتِلَ». (ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: ص47؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص64؛ محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص292؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص23؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص266).

[573] رُويَ أنَّ جُونَ قاتَلَ حتّى قُتِلَ، فَوقفَ الحُسَينُ× وَقالَ: «اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ‏ وَطَيِّبْ‏ رِيحَهُ‏ وَاحْشُرْهُ مَعَ الْأَبْرَارِ وَعَرِّفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ».

وَرُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ×، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ÷ «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَحْضُرُونَ الْمَعْرَكَةَ وَيَدْفِنُونَ الْقَتْلَى، فَوَجَدُوا جَوْناً بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، يَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ (رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ)». (محمّد بن أبي طالب، تسلية المجالس: ج2، ص293؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص23؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص266).

[574] مريم، آية52.

[575] عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله× يَقُولُ:‏ «سَادَةُ النَّبِيِّينَ‏ وَالْمُرْسَلِينَ خَمْسَةٌ، وَهُمْ‏ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، ‏وَعَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَى: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ’وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ». (الكليني، الكافي: ج1، ص175؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج16، ص357).

[576] مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ^، قَالَ: «كُنَّا جُلُوساً فِي الْمَسْجِدِ إِذْ صَعِدَ الْمُؤَذِّنُ الْمَنَارَةَ... وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، يَقُولُ: أُشْهِدُ اللَهَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ وَصَفِيُّهُ وَنَجِيُّهُ، أَرْسَلَهُ إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏ (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ)، وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ أَنَّ مُحَمَّداً سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ». (الشيخ الصدوق، التوحيد: ص239؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: ص39؛ السيّد ابن طاووس، فلاح السائل: ص144؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج81، ص131).

[577] (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)  (المؤمنون، آية14).

[578] المؤمنون، آية14.

[579] الطارق، آية5.

[580] الطارق، آية6

[581] الطارق، آية7.

[582] الإنسان، آية2.

[583] فصلت، آية53.

[584] قال تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا). (الفرقان، آية30).

[585] إبراهيم، آية24.

تقدّمت الإشارة إلى تفسير هذه الآية في المحاضرة الثانية، الصفحة42، الهامش رقم1.

 [586] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة288، الهامش رقم1.

[587] من دعاء العديلة: «( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)... ثُمَ‏ الْحُجَّةُ الْخَلَفُ‏ الصَّالِحُ‏ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الْمَهْدِيُّ الْمُرْجَى، الَّذِي بِبَقَائِهِ بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَبِيُمْنِهِ رُزِقَ الْوَرَى، وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَبِهِ يَمْلَأُ اللهُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً». (الحافظ رجب البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص157).

[588] اُنظر: المحاضرة الخامسة عشرة، الصفحة337.

[589] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة286.

[590] اُنظر: المحاضرة الحادية والعشرون، الصفحة443.

[591] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ×‏ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ): بَعَثَنِي رَسُولُ الله إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ! لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ، وَايْمُ اللَهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَهُ عَلَى يَدَيْكَ‏ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ». (الكليني، الكافي: ج5، ص28؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج6، ص141؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج15، ص43؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج21، ص361).

[592] التكوير، آية1.

[593] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ× قَالَ: «إِنَّ اللَهَ‏ طَهَّرَنَا وَعَصَمَنَا وَجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ وَحُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ، وَجَعَلَنَا مَعَ الْقُرْآنِ وَجَعَلَ الْقُرْآنَ مَعَنَا، لَا نُفَارِقُهُ وَلَا يُفَارِقُنَا». (كتاب سليم بن قيس: ص169؛ الصفار، بصائر الدرجات: ص103؛ الكليني، الكافي: ج1، ص191؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص240؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص343).

كذلك ورد في زيارة الجامعة: «... وَأَرْكَاناً لِتَوْحِيدِهِ‏ وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ وَأَعْلَاماً لِعِبَادِهِ».

[594] أشرنا في هذا الخصوص إلى حكاية عن المرحوم الكفائي في المحاضرة السابعة عشرة، فلتراجع.

[595] من دعاء العديلة.

[596] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله×: تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ قَالَ: «لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ‏ لَسَاخَتْ‏». (الصفار، بصائر الدرجات: ص508؛ ابن بابوية القمي، الإمامة والتبصرة: ص30؛ الكليني، الكافي: ج1، ص179؛ الشيخ الصدوق، علل الشرئع: ج1، ص196؛ النعماني، الغيبة: ص139؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج23، ص24).

[597] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة39؛ المحاضرة التاسعة، الصفحة191.

[598] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة26، الهامش رقم1.

[599] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة285.

[600] يُستهلّ درس سماحة المرجع في كلّ يوم بقراءة دعاء العهد وتلاوة التوحيد ثلاث مرّات وإهدائها إلى أحد الأئمة المعصومين^.

[601] اُنظر: المحاضرة الخامسة عشرة، الصفحة330، الهامش رقم1.

[602] محمّد بن جعفر المشهدي، المزار: ص662؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص110.

[603] مقطع من دعاء العديلة.

[604] المؤمنون، آية8.

[605] المائدة، آية1.

[606] فَإِذَا نَزَلْتَ السِّرْدَابَ فَقُلْ: «السَّلَامُ عَلَى الْحَقِّ الْجَدِيدِ وَالْعَالِمِ الَّذِي عِلْمُهُ لَا يَبِيدُ... السَّلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ اللهِ فِي بِلَادِهِ، وَحُجَّتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَالْمُنْتَهَى إِلَيْهِ‏ مَوَارِيثُ‏ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثَارُ الْأَصْفِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُؤْتَمَنِ عَلَى السِّرِّ وَالْوَلِيِّ لِلْأَمْرِ، وَالسَّلَامُ عَلَى الْمَهْدِيِّ الَّذِي وَعَدَ اللَهُ تَعَالَى بِهِ الْأُمَمَ أَنْ يَجْمَعَ بِهِ الْكَلِمَ ...». (الشهيد الأوّل، المزار: ص209؛ الشيخ البهائي، جامع عباسي: ص185؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج99، ص84).

[607] فقرات من دعاء العهد وزيارة إمام العصر والزمان#، أشرنا إلى بعضها في بداية المحاضرة.

[608] محمّد، آية7.

[609] «ثُمَّ سَارَ الْحُسَيْنُ× حَتَّى نَزَلَ الْقُطْقُطَانِيَّةَ، فَنَظَرَ إِلَى فُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ؟ فَقِيلَ: لِعُبَيْدِ الله بْنِ الْحُرِّ الْحَنَفِيِّ [الْجُعْفِيِ‏]، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ×، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ! إِنَّكَ مُذْنِبٌ‏ خَاطِئٌ، إِنَّ اللَهَ} آخِذُكَ بِمَا أَنْتَ صَانِعٌ إِنْ لَمْ تَتُبْ إِلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي سَاعَتِكَ هَذِهِ، فَتَنْصُرَنِي وَيَكُونَ جَدِّي شَفِيعَكَ بَيْنَ يَدَيِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَقَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ! وَالله لَوْ نَصَرْتُكَ لَكُنْتُ أَوَّلَ مَقْتُولٍ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَكِنَّ هَذَا فَرَسِي خُذْهُ إِلَيْكَ، فَوَ الله مَا رَكِبْتُهُ قَطُّ وَأَنَا أَرُومُ شَيْئاً إِلَّا بَلَغْتُهُ، وَلَا أَرَادَنِي أَحَدٌ إِلَّا نَجَوْتُ عَلَيْهِ، فَدُونَكَ فَخُذْهُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ الْحُسَيْنُ× بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ وَلَا فِي فَرَسِكَ: (وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)، وَلَكِنْ فِرَّ فَلَا لَنَا وَلَا عَلَيْنَا، فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يُجِبْنَا كَبَّهُ اللَهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص219؛ ابن نما الحلّي، ذوب النضار: ص72 (باختصار)؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص315؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص164).

[610] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ÷ أَنَّهُ قَالَ‏: «مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَنَصَرَنَا بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْغُرْفَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَنَصَرَنَا بِلِسَانِهِ فَهُوَ دُونَ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَكَفَّ بِيَدِهِ وَلِسَانِه فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ». (الشيخ المفيد، الأمالي: ص33؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج27، ص101).

[611] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ^ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ× عَلَّمَ‏ أَصْحَابَهُ‏ فِي‏ مَجْلِسٍ‏ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا يُصْلِحُ لِلْمُسْلِمِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ... مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ‏ وَقَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ‏ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ‏ وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَتَيْنِ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِي النَّارِ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ ...». (الشيخ الصدوق، الخصال: ص629؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج10، ص107).

[612] «فلمّا كانَ اليومُ العاشرُ، وقُتلَ أصحابُ الحسينِ×، وجعلَ الحسينُ ينادي: ألا ناصر فينصرنا؟...». (السيّد محسن الأمين، أعيان الشيعة: ج2، ص319؛ الشيخ عباس القمّي، الكنى والألقاب: ج1، ص45؛ الشيخ محمّد السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين×: ص159).

[613] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: «عَالِمٌ‏ يُنْتَفَعُ‏ بِعِلْمِهِ‏ أَفْضَلُ‏ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ عَابِدٍ». (الكليني، الكافي: ج1، ص33؛ ابن شعبة الحراني، تحف العقول: ص294؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص347؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج75، ص173).

[614] البقرة، الآيتان 2- 3.

[615] عن أبي عبد الله الصادق× في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) قال: «مِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ‏ يَبُثُّونَ‏ وَمِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ يَتْلُونَ». (محمّد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي: ج1، ص26؛ علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج1، ص30؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج1، ص123؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص17).

[616] اُنظر: المحاضرة السادسة، الصفحة146، الهامش رقم1.

[617] عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: لَمَّا جَلَسَ عَلِيٌّ× فِي الْخِلَافَةِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَخَطَبَ فِي النَّاسِ قَائِلاً: «... قَامَتِ الدُّنْيَا بِثَلَاثَةٍ: بِعَالِمٍ‏ نَاطِقٍ‏ مُسْتَعْمِلٍ‏ لِعِلْمِهِ، وَبِغَنِيٍّ لَا يَبْخَلُ بِمَالِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِ اللهِ}، وَبِفَقِيرٍ صَابِرٍ؛ فَإِذَا كَتَمَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ وَبَخِلَ الْغَنِيُّ وَلَمْ يَصْبِرِ الْفَقِيرُ فَعِنْدَهَا الْوَيْلُ وَالثُّبُورُ، وَعِنْدَهَا يُعْرَفُ الْعَارِفُونَ بِاللهِ، إِنَّ الدَّارَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى بَدْئِهَا، أَيْ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص422؛ الشيخ الصدوق، التوحيد: ص304؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: ص235؛ الطبرسي، الاحتجاج: ج1، ص389 (مع اختلاف يسير).

[618] (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة، آية122).

[619] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّفْوَانِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ الْعَلَاءِ وَقَدْ عُمِّرَ مِئَةَ سَنَةٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ، مِنْهَا ثَمَانُونَ سَنَةً صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ، فِيهَا لَقِيَ مَوْلَانَا أَبَا الْحَسَنِ وَمَوْلَانَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّ÷، وَحُجِبَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ وَرُدَّتْ عَيْنَاهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ مُقِيماً عِنْدَهُ بِمَدِينَةِ أَرَّانَ مِنْ أَرْضِ آذَرْبِيجَانَ، وَكَانَ لَا تَنْقَطِعُ عَنْهُ تَوْقِيعَاتُ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) عَلَى يَدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ وَبَعْدَهُ عَلَى يَدِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رُوحٍ (قَدَّسَ اللَهُ رُوحَيْهِمَا)». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج1، ص467؛ السيّد ابن طاووس، فرج المهموم: ص249؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج51، ص313).

وَرُويَ أَيْضَاً: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيِّ& قَالَ: «رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ الْعَلَاءِ وَقَدْ عُمِّرَ مِئَةَ سَنَةٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْهَا ثَمَانُونَ سَنَةً صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ، لَقِيَ مَوْلَانَا أَبَا الْحَسَنِ وَأَبَا مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّيْنِ÷». (الشيخ الطوسي، الغيبة: ص310).

[620] قال السيّد الخوئي: «القاسم بن العلاء: روى عن إسماعيل بن علي الفزاري، وروى عنه محمّد بن أحمد تفسير القمي: الملك، في تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ). كذا في الطبعة القديمة وتفسير البرهان... من أهل آذربايجان، من وكلاء الناحية، وممن رأى الحجة (سلام الله عليه)، ووقف على معجزته. ذكره الصدوق في كمال الدين: الجزء 2 ، الباب 47، في ذكر من شاهد القائم×، الحديث 17. وتقدّم في ترجمة أحمد بن هلال، خروج التوقيع في لعنه على يد القاسم بن العلاء، وهو من مشايخ الكليني، ذكره مترحمّاً عليه، الكافي: الجزء 1 ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته، من كتاب الحجة 15، الحديث 1، وباب مولد الصاحب× 125، الحديث 9، وفي الأوّل كنّاه بأبي محمّد. وروي عن محمّد بن محمّد بن النعمان، والحسين بن عبيد الله، عن محمّد بن أحمد الصفواني&، قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مئة سنة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريين÷». (السيّد أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث: ج15، ص35- 36).

[621] خَرَجَ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ الْهَمَدَانِيِ، ‏ وَكِيلِ‏ أَبِي مُحَمَّدٍ×‏ «أَنَّ مَوْلَانَا الْحُسَيْنَ×‏ وُلِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ، فَصُمْهُ وَادْعُ فِيهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَوْلُودِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، الْمَوْعُودِ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلَالِهِ وَوِلَادَتِهِ، بَكَتْهُ السَّمَاءُ وَمَنْ فِيهَا وَالْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَلَمَّا يَطَأْ لَابَتَيْهَا، قَتِيلِ الْعَبَرَةِ وَسَيِّدِ الْأُسْرَةِ، الْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ، الْمُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ، وَالشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَالْفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ، وَالْأَوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ، بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ، حَتَّى يُدْرِكُوا الْأَوْتَارَ وَيَثْأَرُوا الثَّارَ، وَيُرْضُوا الْجَبَّارَ وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصَارٍ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِمْ، مَعَ اخْتِلَافِ اللَيْلِ وَالنَّهَارِ. اللَّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ، وَأَسْأَلُ سُؤَالَ مُقْتَرِفٍ مُعْتَرِفٍ مُسِي‏ءٍ إِلَى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ، يَسْأَلُكَ الْعِصْمَةَ إِلَى‏ مَحَلِّ رَمْسِهِ. اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَبَوِّئْنَا مَعَهُ دَارَ الْكَرَامَةِ وَمَحَلَّ الْإِقَامَةِ. اللَّهُمَّ وَكَمَا أَكْرَمْتَنَا بِمَعْرِفَتِهِ، فَأَكْرِمْنَا بِزُلْفَتِهِ، وَارْزُقْنَا مُرَافَقَتَهُ وَسَابِقَتَهُ‏، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لِأَمْرِهِ، وَيُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ أَوْصِيَائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيَائِهِ، الْمَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالْعَدَدِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، النُّجُومِ الزُّهْرِ وَالْحُجَجِ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ. اللَّهُمَّ وَهَبْ لَنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ، وَأَنْجِحْ لَنَا فِيهِ كُلَّ طَلَبَةٍ، كَمَا وَهَبْتَ الْحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ، وَعَاذَ فُطْرُسَ بِمَهْدِهِ، فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ».‏ ثمّ تدعو بعد ذلك‏ بِدُعَاءِ الْحُسَيْنِ×‏، وَهُوَ آخِرُ دُعَاءٍ دَعَا بِهِ×‏ يَوْمَ كَوْثَرٍ: «اللَّهُمَّ مُتَعَالِيَ الْمَكَانِ، عَظِيمَ الْجَبَرُوتِ، شَدِيدَ الْمِحَالِ، غَنِيٌّ عَنِ الْخَلَائِقِ، عَرِيضُ الْكِبْرِيَاءِ، قَادِرٌ عَلَى مَا تَشَاءُ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ، صَادِقُ الْوَعْدِ، سَابِغُ النِّعْمَةِ، حَسَنُ الْبَلَاءِ، قَرِيبٌ إِذَا دُعِيتَ، مُحِيطٌ بِمَا خَلَقْتَ، قَابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْكَ، قَادِرٌ عَلَى مَا أَرَدْتَ، وَمُدْرِكٌ مَا طَلَبْتَ، وَشَكُورٌ إِذَا شَكَرْتَ، وَذَكُورٌ إِذَا ذَكَرْتَ، أَدْعُوكَ مُحْتَاجاً، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً، وَأَفْزَعُ إِلَيْكَ خَائِفاً، وَأَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً، وَأَسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كَافِياً، احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا؛ فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَخَدَعُونَا وَخَذَلُونَا وَغَدَرُوا بِنَا وَقَتَلُونَا، وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ وَوُلْدُ حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسَالَةِ، وَائْتَمَنْتَهُ عَلَى وَحْيِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ». قَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله×‏ يَدْعُو بِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَقَالَ: هُوَ مِنْ أَدْعِيَةِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَعْبَانَ، وَهُوَ مَوْلِدُ الْحُسَيْنِ×. (الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص826؛ الكفعمي، البلد الأمين: ص185؛ حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص35).

[622] اُنظر: المحاضرة الرابعة، الصفحة103.

[623] عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفرِ عَنْ آبائِهِ^، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «أَرْبَعَةٌ تَلْزَمُ‏ كُلَ‏ ذِي‏ حِجًى‏ مِنْ أُمَّتِي. قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! مَا هُنَّ؟ قَالَ: اسْتِمَاعُ الْعِلْمِ وَحِفْظُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَنَشْرُهُ». (القاضي نعمان المغربي، دعائم الإسلام: ج1، ص79؛ ابن شعبة الحراني، تحف العقول: ص57؛ الكراجكي، كنز الفوائد: ص239؛ الراوندي، النوادر: ص132؛ الديلمي، أعلام الدين: ص81؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص24؛ ج 74، ص160).

[624] قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة، آية122).

[625] قال أمير المؤمنين×: «اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَحَسْرَةُ الْفَوْت». (نهج البلاغة، الخطبة 109).

[626] قَالَ رَسُولُ اللهِ: «... وَأَمَّا ابْنَتِي فَاطِمَةُ... مَتَى قَامَتْ‏ فِي‏ مِحْرَابِهَا بَيْنَ‏ يَدَيْ رَبِّهَا جَلَّ جَلَالُهُ ظَهَرَ نُورُهَا لِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ، كَمَا يَظْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَيَقُولُ اللَهُ} لِمَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي! انْظُرُوا إِلَى أَمَتِي فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ إِمَائِي قَائِمَةً بَيْنَ يَدَيَّ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهَا مِنْ خِيفَتِي، وَقَدْ أَقْبَلَتْ بِقَلْبِهَا عَلَى عِبَادَتِي‏». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص176؛ شاذان بن جبريل، الفضائل: ص9؛ عماد الدين الطبري، بشارة المصطفى: ص307؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان وروح الجنان: ج4، ص318؛ الديلمي، إرشاد القلوب: ج2، ص295؛ السيّد هاشم البحراني، غاية المرام: ج1، ص171؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج28، ص38؛ ج 43، ص172).

مصادر أهل السنّة: الجويني، فرائد السمطين: ج2، ص35.

[627] اُنظر: المحاضرة الثانية، الصفحة41، الهامش رقم1.

[628] البقرة، آية255.

[629] الرعد، آية8.

[630] الأعراف، آية8.

[631] قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ×: «حَضَرَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ الصِّدِّيقَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ‘ فَقَالَتْ: إِنَّ لِي‏ وَالِدَةً ضَعِيفَةً، وَقَدْ لُبِسَ عَلَيْهَا فِي أَمْرِ صَلَاتِهَا شَيْ‏ءٌ، وَقَدْ بَعَثَتْنِي إِلَيْكِ أَسْأَلُكِ. فَأَجَابَتْهَا فَاطِمَةُ‘ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ثَنَّتْ، فَأَجَابَتْ، ثُمَّ ثَلَّثَتْ [فَأَجَابَتْ‏] إِلَى أَنْ عَشَّرَتْ فَأَجَابَتْ، ثُمَّ خَجِلَتْ مِنَ الْكَثْرَةِ، فَقَالَتْ: لَا أَشُقُّ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ. قَالَتْ فَاطِمَةُ‘: هَاتِي وَسَلِي عَمَّا بَدَا لَكِ، أَرَأَيْتِ مَنِ اكْتُرِىَ يَوْماً يَصْعَدُ إِلَى سَطْحٍ بَحَمْلٍ ثَقِيلٍ، وَكِرَاؤُهُ مِئَةُ أَلْفِ دِينَارٍ، أَيَثْقُلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَتْ: لَا. فَقَالَتْ: اكْتُرِيتُ أَنَا لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْ مِلْ‏ءِ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى الْعَرْشِ لُؤْلُؤاً، فَأَحْرَى أَنْ لَا يَثْقُلَ عَلَيَّ. سَمِعْتُ أَبِي [رَسُولَ اللهِ‏] يَقُولُ: إِنَّ عُلَمَاءَ شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ، فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ الْكَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ، وَجِدِّهِمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اللهِ، حَتَّى يُخْلَعَ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَلْفُ أَلْفِ خِلْعَةٍ مِنْ نُورٍ. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي رَبِّنَا}: أَيُّهَا الْكَافِلُونَ لِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ، النَّاعِشُونَ‏ لَهُمْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَنْ آبَائِهِمُ الَّذِينَ هُمْ أَئِمَّتُهُمْ، هَؤُلَاءِ تَلَامِذَتُكُمْ، وَالْأَيْتَامُ الَّذِينَ كَفَلْتُمُوهُمْ ونَعَشْتُمُوهُمْ، فَاخْلَعُوا عَلَيْهِمْ [كَمَا خَلَعْتُمُوهُمْ‏] خِلَعَ الْعُلُومِ فِي الدُّنْيَا. فَيَخْلَعُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَيْتَامِ عَلَى قَدْرِ مَا أَخَذُوا عَنْهُمْ مِنَ الْعُلُومِ، حَتَّى إِنَّ فِيهِمْ- يَعْنِي فِي الْأَيْتَامِ- لَمَنْ يُخْلَعُ عَلَيْهِ مِئَةُ أَلْفِ خِلْعَةٍ، وَكَذَلِكَ يَخْلَعُ هَؤُلَاءِ الْأَيْتَامِ عَلَى مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ. ثُمَّ إِنَّ اللَهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَعِيدُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ الْكَافِلِينَ لِلْأَيْتَامِ حَتَّى تُتِمُّوا لَهُمْ خِلَعَهُمْ، وَتُضَعِّفُوهَا. فَيُتِمُّ لَهُمْ مَا كَانَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلَعُوا عَلَيْهِمْ، وَيُضَاعَفُ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ بِمَرْتَبَتِهِمْ‏ مِمَّنْ يُخْلَعُ عَلَيْهِ عَلَى مَرْتَبَتِهِمْ. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ‘ يَا أَمَةَ الله! إِنَّ سِلْكاً مِنْ تِلْكِ الْخِلَعِ لَأَفْضَلُ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ‏ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ، وَمَا فَضَلَ‏ فَإِنَّهُ مَشُوبٌ بِالتَّنْغِيصِ‏ وَالْكَدَرِ». (تفسير الإمام العسكري×: ص340؛ الشهيد الثاني، منية المريد: ص115؛ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة في أصول الأئمة: ج1، ص600؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص3).

[632] عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ^، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله:‏ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ‏ زَيْنُ‏ الْعَابِدِينَ؟‏ فَكَانَ [فَكَأَنِّي‏] أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ^ يَخْطِرُ بَيْنَ الصُّفُوفِ». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص410؛ الشيخ الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص230؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص304؛ السيّد هاشم البحراني، مدينة المعاجز: ج4، ص241؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج46، ص3).

[633] اُنظر: المحاضرة العاشرة: ص222.

[634] «كِتَابُ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ× كَانَ قَائِماً يُصَلِّي حَتَّى وَقَفَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ× وَهُوَ طِفْلٌ‏ إِلَى‏ بِئْرٍ فِي‏ دَارِهِ بِالْمَدِينَةِ بَعِيدَةِ الْقَعْرِ، فَسَقَطَ فِيهَا، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ فَصَرَخَتْ وَأَقْبَلَتْ نَحْوَ الْبِئْرِ تَضْرِبُ بِنَفْسِهَا حِذَاءَ الْبِئْرِ وَتَسْتَغِيثُ وَتَقُولُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله! غَرِقَ وَلَدُكَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ لَا يَنْثَنِي عَنْ صَلَاتِهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ اضْطِرَابَ ابْنِهِ فِي قَعْرِ الْبِئْرِ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا ذَلِكَ قَالَتْ حُزْناً عَلَى وَلَدِهَا: مَا أَقْسَى قُلُوبَكُمْ يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إِلَّا عَنْ كَمَالِهَا وَإِتْمَامِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا وَجَلَسَ عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَى قَعْرِهَا، وَكَانَتْ لَا تُنَالُ إِلَّا بِرِشَاءٍ طَوِيلٍ‏، فَأَخْرَجَ ابْنَهُ مُحَمَّداً× عَلَى يَدَيْهِ يُنَاغِي‏ وَيَضْحَكُ، لَمْ يَبْتَلَّ لَهُ ثَوْبٌ وَلَا جَسَدٌ بِالْمَاءِ... فَضَحِكَتْ لِسَلَامَةِ وَلَدِهَا... فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكِ الْيَوْمَ، لَوْ عَلِمْتِ أَنِّي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ لَوْ مِلْتُ بِوَجْهِي عَنْهُ لَمَالَ بِوَجْهِهِ عَنِّي، أَفَمَنْ يُرَى رَاحِماً بَعْدَهُ». (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص278؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج46، ص35؛ ج 81، ص246).

[635] أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص176؛ الشيخ الصدوق، الأمالي: ص547؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج22، ص274؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص349.

[636] اُنظر: المحاضرة التاسعة عشرة: الصفحة409.

[637] اُنظر: المحاضرة التاسعة عشرة، الصفحة408.

[638] فقال الحسين× للعباس×: يا أخي! امضِ إلى الفرات، وائتنا شربةً من الماء. فقال له العباس: سمعاً وطاعةً. قال: فضمّ إليه رجالاً، فسار العباس× والرجال عن يمينه وعن شماله، حتّى أشرفوا على الفرات، فرآهم أصحاب ابن زياد (لعنه الله) وقالوا: من أنتم؟ فقالوا: نحن أصحاب الحسين×. فقالوا: ما تريدون؟ قالوا: كظّنا العطش، وأشدّ الأشياء علينا عطش الحسين×. فلمّا سمعوا كلامهم حملوا عليهم حملة رجلٍ واحدٍ، فقاتلهم العباس وأصحابه، فقتل منهم رجالاً وهو يقول:

أقاتلُ القومَ بقلبٍ مهتدِ
أذبّ عن سبط النبيّ أحمد
أضربكم بالصّارم المهنّدِ
حتّى تحيدوا عن قتال سيّدي
إنّي أنا العبّاس ذو التودّدِ
نجل عليّ المرتـضى المؤيّدِ

قال: وحمل عليهم ففرّقهم يميناً وشمالاً، وقتل رجالاً وهو يرتجز ويقول:

لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رقا
حتّى أوارى ميّتاَ عند اللقا
نفـسي لنفس الطاهر الطهر وِقا
إنّي صبور صابر للملتقى
بل أضربُ الهامَ وأفري المفرقا
إنّي أنا العبّاس صعب باللقا

قال: فكشفهم عن المشرعة، ونزل ومعه القربة، فملأها ومدّ يده ليشرب، فذكر عطش الحسين×، فقال: لا والله لا ذقتُ الماء وسيّدي الحسين عطشان، ثمّ رمى الماء من يده، وخرج والقربة على ظهره، ويقول:

يا نفسُ من بعد الحسين هوني
فبعدهُ لا كنتِ أو تكوني
هذا الحسين شارب المنونِ
وتـشربينَ بارد المعينِ
هيهات ما هذا فعال ديني
ولا فعال صادق اليقينِ

قال: ثمّ صعد من المشرعة، فأخذه النبل من كلّ مكان، حتّى صارت درعه كالقنفذ، فحمل عليه أبرص بن شيبان (لعنه الله) فضربه على يمينه، فطارت مع السيف، فأخذ السيف بشماله، وحمل على القوم وهو يقول:

والله إن قطعتموا يميني
إنّي أحامي أبداً عن ديني

وعن إمامٍ صادق اليقينِ
سبط النبيّ الطاهر الأمينِ
نبيّ صدقٍ جاءنا بالدّينِ
مصدّقاً بالواحد الأمينِ

قال: فحمل على القوم، وقتل منهم رجالاً، ونكّس أبطالاً، والقربة على ظهره، فلمّا نظر ابن سعد (لعنه الله) قال: ويلكم! ارشقوا القربة بالنّبل، فوالله إن شرب الحسين الماء أفناكم عن آخركم. قال: فحملوا على العباس× حملةً منكرةً، فقتل منهم مئة وثمانين فارساً، فضربه عبد الله بن يزيد الشيباني على شماله فقطعها، فأخذ السيف بفيه، وحمل عليهم وهو يقول:

يا نفس لا تخشـي من الكفّارِ
وأبشري برحمة الجبّارِ
مع النبيّ سيّد الأبرارِ
مع جملة السّادات والأطهارِ
قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا ربِّ حرّ النّارِ

قال: ثمّ حمل على القوم ويداه ينضحان دماً، فحملوا عليه جميعاً، فقاتلهم قتالاً شديداً، فضربه رجل منهم بعمودٍ من حديد، ففلق هامته وخرّ صريعاً إلى الأرض يخور بدمه، وهو ينادي: يا أبا عبد الله! عليك منّي السلام.

فلمّا سمع الحسين× صوته، نادى: وا أخاه! وا عبّاساه! وا مهجة قلباه! ثمّ حمل على القوم، فكشفهم عنه، ونزل إليه وحمله على ظهر جواده، وأقبل إلى الخيمة وطرحه، وبكى عليه بكاءً شديداً، حتّى بكى جميع من كان حاضراً، وقال (صلوات الله عليه): جزاك الله من أخٍ خيراً، لقد جاهدتَ في الله حقّ جهاده. (اُنظر: ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص256؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص40؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص283).

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص67.

[639] اُنظر: المحاضرة التاسعة عشرة، الصفحة412، الهامش رقم3.

[640] روي: «... وأقبل به إلى الخيمة، وطرحه وبكى عليه بكاءً شديداً، حتّى بكى جميع من كان حاضراً، وقال (صلوات الله عليه): جزاك الله من أخٍ خيراً، لقد جاهدتَ في الله حقّ جهاده».

مصادر أهل السنّة: القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص67.

وروي أيضاً: «فلمّا رأى الحسين× أخاه وقد انصرع، صرخ: وا أخاه! وا عبّاساه! وا مهجة قلباه! يعزّ والله عليّ فراقك. ثمّ حمل على القوم وكشفهم عنه، ثمّ نزل إليه فحمله على ظهر جواده، وأقبل به إلى الخيمة، فطرحه وهو يبكي حتّى أغمي عليه». (الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص430).

[641] ابن قولويه، كامل الزيارات: ص441؛ الشيخ المفيد، المزار: ص123؛ الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص726؛ المشهدي، المزار: ص178؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج97، ص427.

[642] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة33.

[643] تنويه بالرواية المأثورة عن الإمام الصادق×: «أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ ...»، وقد تقدّمت الإشارة إلى مصادرها في المحاضرة الأولى، الصفحة26.

[644] (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). (التوبة، آية122).

[645] الأعراف، آية34؛ النحل، آية61.

[646] الحج، آية78.

[647] المائدة، آية32.

[648] عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ× قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللهِ: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) . قَالَ: «مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ‏ ضَلَالٍ‏ إِلَى هُدًى فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا، وَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلَى ضَلَالٍ فَقَدْ قَتَلَهَا». (الكليني، الكافي: ج2، ص210؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: ص226؛ الشيخ الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج3، ص322؛ السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان: ج2، ص281؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج2، ص20).

[649] من زيارة عاشوراء.

[650] جمع الإمام الحسين× أصحابه ليلة عاشوراء، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «... وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ‏ جَمَلاً، وَلْيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، ‏وَتَفَرَّقُوا فِي سَوَادِ هَذَا اللَّيْلِ [سَوادِكُم وَمَدائِنِكُم]، وَذَرُوني وَهَؤلاءِ القَوْمِ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ غَيْرِي [فَإنَّ الْقَمْمَ إِنَّمَا يَطْلُبُونَني]‏». (أبو مخنف، مقتل الحسين: ص109؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص183؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص248؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص5).

مصادر أهل السنّة: الطبري، تاريخ الطبري: ج4، ص317؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص57؛ النويري، نهاية الأرب: ج20، ص434؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص191؛ وبهذا المضمون في: الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص301.

وروي ما يشبه هذا المضمون مع اختلاف يسير عن الإمام السجاد× أيضاً. (اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة283، الهامش رقم1).

[651] «أَنَا اللَّوْحُ المحْفُوظُ...». (السيّد حيدر الآملي، تفسير المحيط الأعظم: ج1، ص254؛ البرسي، مشارق أنوار اليقين: ص257).

وروي أيضاً: «أَنَا صَاحِبُ‏ اللَّوْحِ‏ الْمَحْفُوظِ أَلْهَمَنِي اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ عِلْمَ مَا فِيهِ» (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج26، ص4).

[652] اُنظر: المحاضرة الثامنة عشرة، الصفحة390، الهامش رقم2.

[653] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة282، الهامش رقم1.

[654] أبو مخنف الأزدي، مقتل الحسين: ص109؛ أحمد بن الأعثم الكوفي، الفتوح: ج5، ص95؛ الشيخ المفيد، الإرشاد: ج2، ص92؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص184؛ الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1، ص456؛ السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص56؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص393؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص244.

مصادر أهل السنّة: النويري، نهاية الأرب: ج20، ص435.

[655] قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ×: «كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ فِي صَبِيحَتِهَا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَذَا اللَّيْلُ‏ فَاتَّخِذُوهُ‏ جُنَّةً؛ فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُرِيدُونَنِي، وَلَوْ قَتَلُونِي لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْكُمْ، وَأَنْتُمْ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ. فَقَالُوا: وَاللهِ لَا يَكُونُ هَذَا أَبَداً. فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ غَداً كُلُّكُمْ وَلَا يُفْلِتُ مِنْكُمْ رَجُلٌ. قَالُوا: الْحَمْدُ لِله الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْقَتْلِ مَعَكَ. ثُمَّ دَعَا فَقَالَ لَهُمُ: ارْفَعُوا رُؤوسَكُمْ وَانْظُرُوا، فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى مَوَاضِعِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: هَذَا مَنْزِلُكَ يَا فُلَانُ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَسْتَقْبِلُ الرِّمَّاحَ وَالسُّيُوفَ بِصَدْرِهِ وَوَجْهِهِ لِيَصِلَ إِلَى مَنْزِلَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ». (قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح: ج2، ص847- 848؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص298؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص350).

[656] اُنظر: المحاضرة الثالثة عشرة، الصفحة283، الهامش رقم1.

[657] فقرة من زيارة الإمام الحسين× يوم عاشوراء. (جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات: ص328؛ المشهدي، المزار: ص481؛ السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص342؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص183؛ الكفعمي، المصباح: ص491).

[658] الطريحي، المنتخب في جمع المراثي والخطب: ص197؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص242؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص133.

[659] مما ورد في زيارة الشهداء: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّبَّانِيُّونَ، ‏ أَنْتُمْ خِيَرَةُ اللهِ، اخْتَارَكُمُ اللَهُ لِأَبِي عَبْدِ الله×، وَأَنْتُمْ خَاصَّتُهُ اخْتَصَّكُمُ اللَهُ». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص346؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص154؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص341).

[660] «السَّلَامُ عَلَى الْأَرْوَاحِ الْمُنِيخَةِ بِقَبْرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ×، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا شِيعَةَ اللهِ‏ ...». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص330، نقلاً عن مصباح الزائر).

[661] مما ورد في زيارة الشهداء: «أَنْتُمْ خِيَرَةُ اللهِ‏، اخْتَارَكُمُ اللَهُ لِأَبِي عَبْدِ الله×، وَأَنْتُمْ خَاصَّتُهُ اخْتَصَّكُمُ اللَهُ». (السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال: ج3، ص346؛ الشهيد الأوّل، المزار: ص154؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص341).

وقال الإمام الصادق× أيضاً: «إذَا أَرَدْتَ المَسِيرَ إلى قَبْرِ الحُسَيْنِ×... وَتَقُولُ:... أَنْتُمْ خَاصَّةُ اللهِ‏، اخْتَصَّكُمُ‏ اللَهُ لِأَبِي عَبْدِ الله، أَنْتُمُ الشُّهَدَاءُ وَأَنْتُمُ السُّعَدَاءُ». (ابن قولويه، كامل الزيارات: ص421؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج98، ص188).

[662] اُنظر: المحاضرة الأولى، الصفحة33، الهامش رقم1.

[663] اُنظر: المحاضرة الرابعة والعشرين، الصفحة495، الهامش رقم4.

[664] الفجر، الآيات 1- 3.

[665] الفجر، الآيتان 27- 28.

تقدّمت الإشارة إلى التفاسير والروايات المتعلّقة بهذه الآية الشريفة في المحاضرة السابعة، الصفحة168، الهامش رقم2.

[666] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ× قَالَ: «أُصِيبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ÷ وَوُجِدَ بِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَاً [بِضْعٌ‏] وَعِشْرينَ [عِشْرُونَ‏] طَعْنَةً بِرُمْحٍ‏ أَوْ ضَرْبَةً بِسَيْفٍ‏ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، فَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مُقَدَّمِهِ؛ لِأَنَّهُ× كَانَ لَا يُوَلِّي». (الشيخ الصدوق، الأمالي: ص228؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص189؛ العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص82؛ الشيخ عبد الله البحراني، العوالم: الإمام الحسين×: ص330؛ وبهذا المضمون في: ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص258).

[667] «صبراً على قضائك وبلائك يا ربّ، لا معبود سواك، يا غياث المستغيثين». (المازندراني، معالي السبطين: ج2، ص35).

قال أبو مخنف: «وبقي الحسين× ثلاث ساعات من النهار ملطّخاً بدمه، رامقاً بطرفه إلى السماء وينادي: يا إلهي! صبراً على قضائك، ولا معبود سواك، يا غياث المستغيثين». (القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى: ج3، ص82).