العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
العزاء في مرآة الاستدلال-الاستدلال على العزاء ورفع الشبهات عنه في الفقه الشيعي و السني

العزاء في مرآة الاستدلال-الاستدلال على العزاء ورفع الشبهات عنه في الفقه الشيعي و السني

  • المؤلف: السيد محمد هادي الحجازي

  • المترجم: محمد باقر الاسدي

  • الطبعة: الأولى

  • الناشر : مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

  • سنة الطبع: 1437هـ ـ2016م

إهداء..

إلى الذين يقيمون العزاء على أهل البيت عليهم السلام

ويريدون الاطّلاع على منزلة هذه الشعيرة وأصلها.


مقدّمة المؤسّسة

إنّ نشر المعرفة، وبيان الحقيقة، وإثبات المعلومة الصحيحة، غاياتٌ سامية وأهدافٌ متعالية، وهي من أهمّ وظائف النُّخب والشخصيات العلمية، التي أخذت على عاتقها تنفيذ هذه الوظيفة المقدّسة.

من هنا؛ قامت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة بإنشاء المؤسّسات والمراكز العلمية والتحقيقية؛ لإثراء الواقع بالمعلومة النقية؛ لتنشئة  مجتمعٍ واعٍ متحـضّر، يسير وفق خطوات وضوابط ومرتكزات واضحة ومطمئنة.

وممّا لا شكّ فيه أنّ القضية الحسينية ـ والنهضة المباركة القدسية ـ تتصدّر أولويات البحث العلمي، وضرورة التنقيب وتتبّع جزئيّاتها المتنوّعة والمتعدّدة، والتي تحتاج إلى الدراسة بشكلٍ تخصّصـي علمي، ووفق مناهج وخطط رصينة ودقيقة، ولأجل هذه الأهداف والغايات تأسّست مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، وهي مؤسّسة علميّة متخصّصة في دراسة النهضة الحسينية من جميع أبعادها: التاريخية، والفقهية، والعقائدية، والسياسية، والاجتماعية، والتربوية، والتبليغيّة، وغيرها من الجوانب العديدة المرتبطة بهذه النهضة العظيمة، وكذلك تتكفّل بدراسة سائر ما يرتبط بالإمام الحسين×.

 وانطلاقاً من الإحساس بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق هذه المؤسّسة المباركة؛ كونها مختصّة بأحد أهمّ القضايا الدينية، بل والإنسانية، فقد قامت بالعمل على مجموعة من المشاريع العلمية التخصّصية، التي من شأنها أن تُعطي نقلة نوعية للتراث، والفكر، والثقافة الحسينية، ومن جملة تلك المشاريع:

1ـ قسم التأليف والتحقيق: والعمل فيه جارٍ على مستويين:

أ ـ التأليف:والعمل فيه قائم على تأليف كتبٍ حول الموضوعات الحسينية المهمّة، التي لم يتمّ تناولها بالبحث والتنقيب، أو التي لم تُعطَ حقّها من ذلك. كما ويتمّ استقبال الكتب الحسينية المؤلَّفة خارج المؤسّسة، فتخضع للتقييم العلمي  من قبل اللجنة العلمية، وبعد إجراء التعديلات والإصلاحات اللازمة يتمّ العمل على إخراجها فنيّاً وطباعتها ونشرها.

ب ـ التحقيق: والعمل فيه جارٍ على جمع وتحقيق التراث المكتوب عن الإمام الحسين× ونهضته المباركة، سواء المقاتل منها، أو التاريخ، أو السيرة، أو غيرها، وسواء التي كانت بكتابٍ مستقل أو ضمن كتاب، تحت عنوان: (الموسوعة الحسينيّة التحقيقيّة). وكذا العمل جارٍ في هذا القسم على متابعة المخطوطات الحسينية التي لم تُطبع إلى الآن؛ لجمعها وتحقيقها، ثمّ طباعتها ونشرها. كما ويتم استقبال الكتب التي تم تحقيقها خارج المؤسّسة، لغرض طباعتها ونشـرها، وذلك بعد مراجعتها وتقييمها وإدخال التعديلات الّلازمة عليها وتأييد صلاحيتها للنشـر من قبل اللجنة العلمية في المؤسّسة.

2ـ مجلّة الإصلاح الحسيني: وهي مجلّة فصلية متخصّصة في النهضة الحسينية، تهتمّ بنشـر معالم وآفاق الفكر الحسيني، وتسليط الضوء على تاريخ النهضة الحسينية وتراثها، وكذلك إبراز الجوانب الإنسانية والاجتماعية والفقهية والأدبية في تلك النهضة المباركة.

قسم ردّ الشبهات عن النهضة الحسينية: ويتمّ فيه جمع الشبهات المثارة حول الإمام الحسين× ونهضته المباركة، ثمّ فرزها وتبويبها، ثمّ الرد عليها بشكل علمي تحقيقي.

4ـ الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين×: وهي موسوعة تجمع كلمات الإمام الحسين× في مختلف العلوم وفروع المعرفة، ثمّ تبويبها حسب التخصّصات العلمية، ووضعها بين يدي ذوي الاختصاص؛ ليستخرجوا نظريات علميّة ممازجة بين كلمات الإمام× والواقع العلمي.

5ـ قسم دائرة معارف الإمام الحسين×: وهي موسوعة تشتمل على كلّ ما يرتبط بالنهضة الحسينية، من أحداث ووقائع ومفاهيم ورؤى وأسماء أعلام وأماكن وكتب، وغير ذلك من الأُمور، مرتّبة حسب حروف الألف باء، كما هو معمول به في دوائر المعارف والموسوعات، وعلى شكل مقالات علميّة رصينة، تُراعى فيها كلّ شروط المقالة العلميّة، ومكتوبةٌ بلغةٍ عصـرية وأُسلوبٍ سلس.

6ـ قسم الرسائل الجامعية: وهو قسم مؤلَّف من كادر علمي حوزوي وأكاديمي ـ أساتذة دراسات عليا ـ والعمل فيه جارٍ على مستويين:

 أ ـ إعداد موضوعات حسينيّة ـ من عناوين وخطط تفصيلية و... ـ تصلح لأن تكون رسائل وأطاريح جامعية، في شتى المجالات والعلوم الدينية والإنسانية، تكون بمتناول طلّاب الدراسات العليا، كما تقوم بالإشراف على الرسائل والأطاريح، وذلك بالتوافق مع الجامعات أو الكليات المعنية. إضافة إلى تقديم مصادر مقترحة للبحث.

ب ـ إحصاء الرسائل الجامعية التي كُتبتْ حول النهضة الحسينية، ومتابعتها من قبل لجنة علمية متخصّصة؛ لرفع النواقص العلمية، وتهيئتها للطباعة والنشـر.

7ـ قسم الترجمة: والعمل فيه جارٍ على ترجمة التراث الحسيني من اللغات الأُخرى إلى اللغة العربيّة.

8 ـ قسم الرصد والإحصاء: ويتمّ فيه رصد جميع القضايا الحسينيّة المطروحة في الفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والكتب، والمجلات والنشريات، وغيرها؛ ممّا يعطي رؤية واضحة حول أهمّ الأُمور المرتبطة بالقضية الحسينية بمختلف أبعادها، وهذا بدوره يكون مؤثّراً جدّاً في رسم السياسات العامّة للمؤسّسة، ورفد بقيّة الأقسام فيها، وكذا بقية المؤسّسات والمراكز العلمية بمختلف المعلومات.

9ـ قسم الندوات والمؤتمرات: ويتمّ من خلاله إقامة ندوات علميّة تخصّصية في النهضة الحسينية، يحضـرها الباحثون، والمحقّقون، وذوو الاختصاص...

10ـ قسم المكتبة الحسينية التخصّصية: حيث قامت المؤسّسة بإنشاء مكتبة حسينيّة تخصّصية تجمع التراث الحسيني المطبوع والمخطوط كذلك.

11ـ قسم الموقع الألكتروني: وهو قسم مؤلّف من كادر علمي وفنّي؛ يقوم بنـشر وعرض النتاجات الحسينية التي تصدر عن المؤسسة، كما ويتكفل بتغطية الجنبة الإعلامية للمؤسسة ومشاريعها العلمية.

12ـ قسم المناهج الدراسية: ويحتوي على لجنة علمية فنية تقوم بعرض القضية الحسينية بشكل مناهج دراسية على ناشئة الجيل بالكيفية المتعارفة من إعداد دروس وأسئلة بطرق معاصرة ومناسبة لمختلف المستويات والأعمار؛ لئلا يبقى بعيداً عن الثورة وأهدافها.

13ـ القسم النسوي: ويتضمن كادراً علمياً وفنياً يعمل على استقطاب الكوادر العلمية النسوية، وتأهيلها للعمل ضمن أقسام المؤسسة؛ للنهوض بالواقع النسوي، وتغذيته بثقافة ومبادئ الثورة الحسينية.

وهناك مشاريع أُخرى سيتمّ العمل عليها قريباً إن شاء الله تعالى.

وتأسيساً على ما سبق توضيحه حرصت المؤسّسة على فتح أبوابها لاستقبال الكتب الحسينية التخصّصيّة، ومتابعتها متابعة علميّة وفنّية من قبل اللجنة العلمية المشرفة في المؤسّسة، وفي هذا السياق قام قسم الترجمة باختيار مجموعة من الكتب الحسينية القيمة والمكتوبة باللغة الفارسية لغرض ترجمتها ـ داخل القسم، أو بالتعاقد مع مترجمين محترفين ـ ومنها كتاب: (عزاداري در آينه استدلال) أي: (العزاء في مرآة الاستدلال) لمؤلفه الأستاذ في الحوزة والجامعة السيد محمد هادي الحجازي، وقد استعرض فيه المؤلّف أنواع العزاء، وبيّن حكمها الشرعي في الفقه الشيعي والسنّي، كما تعرّض للشبهات المثارة حول العزاء ومشروعيته والجواب عنها، كلّ ذلك مشفوعاً بالأدلة من النصوص القرآنية والروائية وأقوال فقهاء المسلمين، ودراستها دراسة فاحصة، والخروج بنتائج علميّة مهمّة ذات فوائد جمّة وجليلة؛ وقد قام بترجمته الأُستاذ محمد باقر الأسدي فكان هذا الكتاب القيّم الماثل بين يديك عزيزي القارئ.

وفي الختام نتمنّى للمؤلِّف والمترجم دوام السداد والتوفيق لخدمة القضية الحسينية، ونسأل الله تعالى أن يبارك لنا في أعمالنا، إنّه سميعٌ مجيبٌ.

اللجنة العلمية في

مؤسسة وارث الأنبياء

للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

«لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ| ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ بِقَتْلِ وَلَدِهَا الحُسَيْن وَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ ‏بَكَتْ فَاطِمَةُ بُكَاءً شَدِيداً،  وَقَالَتْ: يَا أَبَهْ، مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟

قَالَ: فِي زَمَانٍ خَالٍ مِنِّي وَمِنْكِ وَمِنْ عَلِيٍّ.

فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا، وَقَالَتْ: يَا أَبَهْ، فَمَنْ يَبْكِي عَلَيْهِ وَمَنْ يَلْتَزِمُ بِإِقَامَةِ الْعَزَاءِ لَهُ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ: يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ نِسَاءَ أُمَّتِي يَبْكُونَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ بَيْتِي، وَرِجَالَهُمْ يَبْكُونَ عَلَى رِجَالِ أَهْلِ بَيْتِي، وَيُجَدِّدُونَ الْعَزَاءَ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَإِذَا كَانَ الْقِيَامَةُ تَشْفَعِينَ أَنْتِ لِلنِّسَاءِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِلرِّجَالِ، وَكُلُّ مَنْ بَكَى مِنْهُمْ عَلَى مُصَابِ الحُسَيْن أَخَذْنَا بِيَدِهِ وَأَدْخَلْنَاهُ الْجَنَّةَ...».

(بحار الأنوار: ج44، ص292‏).

مقدّمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم

 إنّ إقامة العزاء من الأُمور التي نشأت منذ خلق الإنسان، فالتعاطف مع الآخرين والحزن على مصائبهم ولا سيّما الأقرباء أمرٌ مترسّخ في الفطرة الإنسانية، وهذا الأمر الفطري نلاحظه بوضوح في مصائب أعلام الدين وأئمّة المذهب^، وقد كان موجوداً في عهد النبي الخاتم|؛ حيث قام به النبي| نفسه.

ولمصائب أهل البيت^ منزلة جليلة في القلوب والنفوس، لا سيّما فاجعة كربلاء؛ حيث إنّ كلّ مَن يسمع بأحداث يوم عاشوراء أو سائر مصائب أهل البيت^ يشعر
ـ بكلّ تأكيد ـ بالحزن وتتكدّر صفوة عيشه؛ فإذاً إقامة العزاء على فقد الأحبة من الأُمور التي كانت محلّ ابتلاء الناس في كلّ زمان.

إنّ الكتاب الذي بين أيديكم مقتبس من رسالة دكتوراه كتبها المؤلِّف، محاولاً الإجابة عن تساؤل، حاصله: ما هو حكم إقامة العزاء على الميّت من منظار الفقه الإسلامي، الأعمّ من الفقه الشيعي أو السنّي. فقد ظهرت أطراف تتظاهر بالتنوير وتبثّ الشبهات وتعارض هذا الأمر الفطري والديني بإثارة شبهات حول جواز إقامة العزاء، ولا يخفى أنّ جزءاً من هذه الشبهات قد نشأ من الشبهات الوهابية التي تدَّعي حرمة إقامة العزاء.

ومن هذا المنطلق؛ فقد أصبح من الضروري تفنيد ودحض شبهات المشكّكين عبر دراسة استدلالية شاملة تبحث حول حكم إقامة العزاء من وجهة نظر الفقه عند الفريقين (الشيعي والسنّي).

منهج التأليف

تمّ تنظيم الكتاب في أربعة أقسام:

القسم الأوّل يتعلّق بشرح عشر مفردات مهمّة في موضوع العزاء؛ وذلك لأنّ الروايات التي سنستدلّ بها تشتمل على مفردات وألفاظ لا بدّ من إدراك معانيها؛ لكونها ضرورية جدّاً في استنباط حكم إقامة العزاء من هذه الروايات.

وبما أنّ الموضوع الرئيسي في هذا الكتاب هو حكم إقامة العزاء على الميّت من منظور الفقه الشيعي والسنّي، فإنّ القسم الثاني منه يتكفّل ببيان حكم إقامة العزاء من منظور الفقه الشيعي ويعرض القسم الثالث منه هذا الأمر من منظور الفقه السنّي. وبما أنّ إقامة العزاء على المعصومين^ تحتلّ مكانة خاصّة في الفقه الشيعي فقد ارتأينا أن نبحث مواضيع القسم الثاني من الكتاب في فصلين: الفصل الأوّل يهتمّ بدراسة حكم إقامة العزاء على المعصومين^، أمّا الفصل الثاني فيدور البحث فيه عن حكم إقامة العزاء لغير المعصومين^.

ونظراً لكثرة الشبهات التي أُثيرت ضدّ إقامة العزاء من قبل التنويريين الشيعة من جهة وأعداء المذهب الشيعي من جهة أُخرى، فقد اختصّ القسم الرابع من الكتاب ببيان هذه الشبهات والردّ عليها.

التذكير بعدة نقاط

1 ـ هناك روايات استُدلّ بها في ثنايا الكتاب، وقد تمّت دراستها من ناحية السند والدلالة بطريقة موضوعية ودقيقة.

2 ـ هناك استدلالات وتصريحات نُقلت عن العلماء، ولقد دقّقنا فيها وناقشناها ودرسناها.

3 ـ ذكرنا بعد بحث كلّ نظرية في الكتاب نتيجة ذلك البحث، وطرحنا بعد كلّ مصداق نتيجته النهائية. كما أنّنا ذكرنا في نهاية كلّ فصل نتائج عامّة تترتّب على مباحث ذلك الفصل.

4 ـ مصادر وعناوين الروايات التي استُدلّ بها والأقوال التي نُقلت عن الآخرين فقد ذكرناها بدقّة.

5 ـ أعددنا لمواضيع الكتاب فهرساً مفصّلاً في نهايته.

6 ـ ذكرنا في نهاية الكتاب قائمة بأسماء المصادر والمراجع التي استفدنا منها في هذا الكتاب.

وفي الختام أشكر وأُقدّر جميع الأساتذة والأحبّة الذين تحمّلوا العناء والجهد الكثير في سبيل إنجاز هذا الكتاب. كما أرجو من جميع الباحثين والأساتذة الكرام أن يتحفوني بآرائهم وتوجيهاتهم حول محتوى هذا الكتاب.

كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى سماحة الشيخ رافد التميمي مدير مؤسسة وارث الأنبياء فرع قم المقدّسة لما بذله من العناية الفائقة في ترجمة هذا الكتاب وطباعته.

نأمل أن نكون ممّن يقيم العزاء مع بقية الله الأعظم# حين يقيم عزاءه الأكبر..!

قم ـ السيد محمّد هادي الحجازي

شهر رمضان 1437 ـ خرداد 1395

القسم الأوّل

مصطلحات ومفاهيم

حول العزاء

مفهوم العزاء

يُطلق (العزاء)على معنيين مختلفين في اللغة والعرف:

معنى العزاء في اللغة

أمّا (العزاء) لغةً، فله معنى واحد وهو الصبر، كما صرّح به كثير من اللغويين حيث قالوا: (العَزَاءُ: الصَّبرُ). منهم الصاحب بن عباد في المحيط[1]، وابن فارس في معجم مقاييس اللغة[2]، والحميري في شمس العلوم[3]، والطريحي في مجمع البحرين[4].

وقد أضاف البعض متعلّق الصبر إلى هذا التعريف: منهم الخليل[5]، وابن منظور[6]، والزبيدي، فقد قالوا: بأنّ «العَزَاءُ: ...هُوَ الصَّبرُ عَن كُلِّ مَا فَقَدتَ»[7]. ويرى الفيومي أنّ متعلّق الصبر هو كلّ ما يصيب الإنسان من حوادث: «عَزِيَ، يَعزَى: ...صَبَرَ عَلَى مَا نَابَهُ»[8].

وعلى ضوء تفسير اللغويين لمعنى كلمة العزاء نقول: إنّ إحدى الوقائع التي يمكن أن تصيب الإنسان هي فقدان أعزائه والأشخاص المحبّبين إليه، فبفقدان أحدهم يُفجع الإنسان حيث عليه أن يلتزم الصبر في مصيبته ويعزّيه الآخرون من باب المواساة له، أي: يأمرونه بالصبر على هذه المصيبة.

معنى العزاء عرفاً

يدلّ (العزاء) على مفهوم واضح في العرف. فهو يعني الحزن على مصاب أحد والبكاء والنياح. والمعزّى هو المكروب والمهموم على فقدان أحد أحبّته.

أمّا إقامة العزاء في عرف عامّة الناس فهي تُطلق على معنيين:

المعنى الأوّل:الحزن على ما يُصيب الإنسان بالفعل من حوادث شخصيّة، كفقدان أحد الأحبّة والحداد عليهم.

المعنى الثاني:مراسم العزاء، وهي شعائر تقليدية تُقام منذ القِدَم لأعلام الدين.

وهما معنيان مختلفان تماماً. فالأوّل أمر غير اختياري ومصيبة حقيقية تُخرج المصابين بها من مسار حياتهم العادية، والتي لا بدّ لها من وقتٍ ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية تدريجياً.

أمّا مراسم العزاء، فهي أمر اختياري تماماً يخطّط له الأشخاص ويعتبرونه جزءاً من حياتهم العادية. إنّ الحزن حالة نفسية في داخل الفرد، لكن مراسم العزاء حالة اجتماعية؛ حيث إنّ هناك أموراً تساعد المفجوع على العودة للحياة الطبيعية، منها مراسم العزاء.

قد تكون الفجيعة مفاجئة ودون استعداد مسبق، كفقدان شخص محبوب في حادث سير، وقد تكون أمراً يتوقّعه الناس ويستعدّون له، كوفاة شخص محبوب بعد أن عانى مرضاً مستعصياً. ففقدان الأحباب فجيعة في كلا الحالين، لكن المفاجئ منه أشدّ إيلاماً.

نتيجة البحث في معنى (العزاء)

يطلق (العزاء) على معنيين:

الأوّل حقيقي والثاني مجازي. أمّا معناه الحقيقي، فهو الصبر كما صرّح به اللغويون. ولكن العزاء يستعمل في معنى مجازي أيضاً، وهو عبارة عن معناه العرفي الذي يرادف الحزن والغم. والسبب في هذا الاستعمال المجازي هو أنّ المصيبة يرافقها الحزن والنياح عادة، وهذه العلاقة أدّت إلى إيجاد معنى مجازي لكلمة العزاء.

وبناءً على ما سبق؛ فإنّ لفظ العزاء يصدق بمفهوميه اللغوي والعرفي على مَن أصابته المصيبة، أي: إنّه حزين ومهموم بسبب هذه المصيبة وهذا هو المعنى العرفي، كما أنّه ينبغي أن يلتزم الصبر رغم هذا الحزن والغمّ، وهذا هو المعنى الحقيقي.

الفصل الثاني

مفهوم البكاء

صرّح كثير من اللغويين بأنّ (البكاء) استُعمل بطريقين: ممدوداً (البُكاء) ومقصوراً (البُكا). ولكن هل يوجد فرق بينهما من ناحية المعنى؟ توجد خمس نظريات لأهل اللغة:

النظرية الأُولى: الممدود: الصوت الذي يكون مع البكاء. والمقصور: جريان الدموع فقط

ذهب فريقٌ من اللغويين إلى أنّ البكاء هو الصوت الذي يكون مع البكاء، والبكا هو خروج الدموع من العينين من دون صوت. قال الجوهري في الصحاح: «البُكا يُمَدّ ويُقصَرُ، فَإذَا مَدَدتَ أرَدتَ الصَّوتَ الّذِي يَكُونُ مَعَ البُكَاءِ، وإذَا قَصَرتَ أرَدتَ الدُّمُوعَ وَخُرُوجَهَا»[9]. وهذا ما أشار إليه ابن منظور في لسان العرب أيضاً[10].

النظرية الثانية: الممدود: الصوت. والمقصور: الحزن

اعتبر بعض اللغويين أنّ البكاء يعني الصوت، والبكا يعني الحزن. منهم الخليل كما نقل عنه لسان العرب: «قَالَ الخَليلُ: مَن قَصَرَهُ ذَهَبَ بِهِ إلَى مَعنَى الحُزنِ، ومَن مَدَّهُ ذَهَبَ بِهِ إلَى مَعنَى الصَّوتِ»[11].

النظرية الثالثة: الممدود: الحزن مع الصياح. والمقصور: الحزن بدون الصوت

ذهب فريقٌ آخر من أهل اللغة إلى أنّ البكاء حزنٌ مع الصياح، والبكا حزنٌ بدون الصوت. منهم الحميري؛ حيث قال في شمس العلوم: «بَكَاهُ بُكَاءً، مَمدُودٌ وقَد يُقصَرُ... إِذَا قَصَرتَ البُكَاءَ فَهُوَ بِمَعنَى الحُزنِ، أي: لَيسَ مَعَهُ صَوتٌ، وإِذَا كَانَ ثَمَّ نَشِيجٌ[12] وَصِيَاحٌ فَهُوَ مَمدُودٌ»[13].

النظرية الرابعة: الممدود: غلبة الصوت على الحزن. والمقصور: غلبة الحزن على الصوت

اعتبر بعض اللغويين أنّ البكاء هو سيلان الدمع عن حزن، ولكن إذا كان الصوت غالباً على الحزن. وفسَّروا البكا بأنّه سيلان الدمع أيضاً، ولكن حينما يكون الحزن غالباً على الصوت. قال الراغب في المفردات: «البُكَاءُ بِالمَدِّ: سَيَلانُ الدَّمعِ عَن حُزنٍ وَعَوِيلٍ، يُقَالُ إذَا كَانَ الصَّوتُ أغلَب ...وبِالقَصرِ يُقَالُ إذَا كَانَ الحُزنُ أغلَب»[14].

النظرية الخامسة: عدم الفرق بين الممدود والمقصور

قال فريقٌ من اللغويين: إنّه لا فرق بين البكاء والبكا، وكلاهما بمعنًى واحد. قال الزبيدي في تاج العروس: «بَكَى الرَّجُلُ يَبكِي بُكَاءً وبُكى، بِضَمِّهِمَا، يُمَدُّ وَيُقصَرُ. قَالَهُ الفَرَّاءُ وَغَيرُهُ، وَظَاهِرُهُ أنَّهُ لاَ فَرقَ بَينَهُما»[15].

 نتيجة البحث في معنى (البكاء)

لا شكّ في أنّ (البكاء) و(البكا) لفظان موضوعان لمعنًى يقابل الضحك، كما صرّح به المصطفوي؛ حيث قال: «إنَّ الأصلَ الوَاحِدَ فِي هَذِهِ المَادَّةِ هُوَ مَا يُقَابِلُ الضِّحك»[16]. وهذا المقدار يكفي للاستدلال في المباحث القادمة.

كما يمكن الجمع بين النظريات الأربع الأُولى بالنحو التالي: هناك شيئان في البكاء:

 الأوّل: هو الصوت الذي يصدر من البكاء.

 والثاني: هو الحزن والشعور الداخلي الموجود في البكاء. وعلى ضوء هذه النقطة؛ فإنّ (البكاء) الممدود يدلّ على الصوت الذي يكون في جريان الدمع عادة، وهذا ما أشارت إليه جميع النظريات الأربع.

لكن (البكا) المقصور يدلّ على الحزن الداخلي الذي يكون في انهمال الدمع عادةً، كما أشارت إليه جميع النظريات الأربع؛ فالحقيقة أنّ مضمون كلّ هذه النظريات الأربع يعود إلى نظريةٍ واحدة.

تنبيه: تصوّر البكاء في غير الإنسان

مفهوم البكاء في الإنسان واضحٌ كما قال بذلك المصطفوي، ولكن كيف يُتصوّر البكاء في غير الإنسان من الحيوانات وحتّى الجمادات، كالذي أشارت إليه بعض الروايات من بكاء البقاع على وفاة المؤمن؟ بينما نرى أنّ الله تعالى في القرآن الكريم ينفي البكاء عن السماء والأرض، حيث قال تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ) [17].

قال المصطفوي: «البكاء والضحك يختلف مفهومهما باختلاف الموارد: ففي الإنسان لا يحتاج إلى البيان، وفي سائر الموجودات على ما هومقتضى سرورها وحزنها وانبساطها وتأثّرها، أي: الحالة الّتي توجد بعد هذه البسطة والقبضة.(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ)[18]أي: ما تغيّرت حالهما ولم يوجد تغيير ولا اختلاف في نظم العالم وفي حركات السماء والأرض»[19].

وهذا ما أشارت إليه الروايات أيضاً:

«عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربّه، قال سمعت أبا عبد الله× يقول: لم يجعل الله له من قبلُ سمياً، الحسين بن علي÷ لم يكن له من قبلُ سمياً، ويحيى بن زكريا÷ لم يكن له من قبلُ سمياً، ولم تبك السماء إلّا عليهما أربعين صباحاً. قال: قلت: ما بكاؤها؟ قال كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء»[20].

الفصل الثالث

مفهوم التباكي

صرّح علماء اللغة بأن لفظ (التباكي) يُستعمل في معنيين:

المعنى الأوّل: تكلّف البكاء

قال كثير من علماء اللغة: إنّ التباكي يعني تكلّف البكاء ومحاولة اصطناعه. وهذا ما صرّح به الجوهري في الصحاح[21]، والحميري في شمس العلوم[22]، وابن منظور في لسان العرب[23]، والطريحي في مجمع البحرين[24]، والزبيدي في تاج العروس، حيث قالوا: إنّ التباكي هو تكلّف البكاء واصطناعه: «تَبَاكي: تَكَلّف البُكَاء»[25].

المعنى الثاني: تقمّص حالة البكاء

صرّح بعض اللغويين بأن: «التباكي هو تقمّص حالة البكاء، ولو لم يخرج الدمع من العين»[26].

ولقد أشار الطريحي إلى هذا الرأي وطرحه كنظرية في هذا المجال، حيث قال: «وَقِيلَ: مَعنَاهُ لاتَكَلّفُوا البُكَاءَ»[27].

والشاهد على هذا المعنى موجود في أشعار العرب:

إذَا انسَكبَت دُموُعٌ فِي خُدوُدٍ * تَبيّنَ مَن بَكى ممَّن تَبَاكى [28].

ولا شكّ في أن التباكي في البيت المذكور يدلّ على المعنى الثاني فحسب[29].

 نتيجة البحث في معنى (التباكي)

في الحقيقة أنّ المعنيين المذكورين للتباكي هما عبارة عن مصداقين لهذه الكلمة. فالذي يحبّ إقامة العزاء حقّاً، ويريد أن يشارك فيها بطريقةٍ ما، يحبُّ أن يبكي وإن لم يمكنه البكاء يستطيع أن يتكلّف البكاء، أو يتقمّص حالة البكاء، وبذلك يُعبّر عن الحزن الكامن بداخله.الفصل الرابع

مفهوم الجزع

ذكرَ أهل اللغة معنيين لكلمة (الجزع):

المعنى الأوّل: عدم الصبر

ذهب أكثر اللغويين إلى أنّ (الجزع) يعني عدم الصبر: «الجَزَعُ: نَقِيضُ الصَّبرِ»[30]، منهم الخليل، الجوهري[31]، الحميري[32]، ابن منظور[33]، الطريحي[34]، الزبيدي[35] والمصطفوي[36].

واستدلّ فريق منهم بآية شريفة لتأييد ما ذهبوا إليه، حيث إنّها تدلّ على تناقض هذين اللفظين: (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا) [37] كما صرّح به المصطفوي[38].

وبعض اللغويين ـ مضافاً إلى أنّه جعل معنى الجزع مقابلاً للصبر ـ أشار إلى معنى نفس الجزع أيضاً. كما نرى ذلك في معجم مقاييس اللغة[39]، والمصباح المنير: «الجَزَعُ: نَقِيضُ الصَّبرِ وهُوَ انقِطَاعُ المُنَّةِ[40] عَن حَملِ مَا نُزِلَ»[41].

المعنى الثاني: انقطاع الأمل

قال فريق آخر من اللغويين: بأنّ الجزع أبلغ من الحزن؛ فإنّ الحزن عام والجزع هو حزنٌ خاص، وهو يصرف الإنسان عما هو بصدده بحيث ينقطع أمله في إيجاد حلّ له. ولنضرب مثالاً لتوضيح هذا الفرق: إذا تألّم الإنسان من مرض طفله فإنّه حزين في الاصطلاح؛ لأنّه يأمل في تحسّن حاله، بخلاف ما إذا تألّم الإنسان على موت أحبّته، فإنّه حينئذ يجزع لانقطاع أمله في شفائه. وقد صرّح الراغب الأصفهاني بهذا المعنى[42] كما أشار إليه الزبيدي كنظرية مطروحة في هذا المجال (قيل)[43].

 نتيجة البحث في معنى (الجزع)

أصل مادة (ج ز ع) يعني قطع ما كان له امتداد. وإنّما فسّر اللغويون الجزع بأنّه ضدّ الصبر، باعتبار أنّ الجزع يقطع امتداد السكون وحالة الطمأنينة. ولقد أشار بعض اللغويين إلى هذه النقطة، قال المصطفوي: «إنَّ الأصلَ الوَاحِدَ فِي هَذِهِ المَادَّةِ: هُوَ القَطعُ المَخصُوصُ، أي: قَطعُ مَا كَانَ لَهُ امتِدَادٌ... فَالجَزَعُ ضِدُّ الصَّبرِ: وَهُوَ قَطعُ امتِدَادِ السُّكُونِ وَحَالَةِ الطُّمَأنِينَةِ وَالصَّبرِ، حَتَّى يَظهَرَ مِنهُ مَا يُخَالِفُ السُّكُونَ وَيَنقَطِعُ حَالُهُ المُمتَدُّ تَقدِيراً»[44].

الفصل الخامس

مفهوم النَّوح

ذكرت كتب اللغة أربعة معاني لكلمة (النَّوح):

المعنى الأوّل: تعداد محاسن الميت

ذهب بعض اللغويين إلى أن النَّوح يعني تعديد محاسن الميت وذكر خصاله الحسنة. كما صرّح به الحميري حيث قال: «نَاحَ، النَّوحُ وَالنِّيَاحَةُ: تَعدِيدُ مَحَاسِنِ المَيِّتِ»[45].

(a)     المعنى الثاني: الصياح بعويل

قال فريق آخر من اللغويين: بأنّ النَوح هو الصياح بعويل وبكاء. وهذا ما قاله الراغب الأصفهاني في المفردات: «والنَّوحُ: ... أي: صَاحَ بِعَوِيلٍ[46]»[47].

المعنى الثالث: الحزن والغم

ذهبت جماعة من اللغويين إلى أن النَّوح يعني الحزن والغم. وهذا ما أشار إليه ابن منظور في لسان العرب[48]، والزبيدي في تاج العروس: «المَنَاحَةُ وَالنَّوحُ: النِّسَاءُ يَجتَمِعنَ لِلحُزنِ»[49].

المعنى الرابع: البكاء

قال فريقٌ آخر من اللغويين بأنّ النَّوح يعني البكاء. وهذا ما ذهب إليه الصاحب بن عبّاد حيث قال: «يَقَعُ النَّوحُ عَلَى النِّسَاءِ اللَّاتِي اجتَمَعنَ فِي المَنَاحَةِ... وسُمِّيَت لِتَقَابُلِهِنَّ عِندَ البُكَاءِ»[50].

تنبيه

الوجه في قوله: «لِتَقَابُلِهِنّ...». هو أنّ أصل (ن وح) يدلّ على تقابل الشيء مع شيء آخر. كما صرّح به المصطفوي: «نوح: أصلٌ يدلّ على مقابلة الشيء للشيء، تناوحت الريحان: تقابلتا في المهبّ. وهذه الريح نيّحة لتلك، أي: في مقابلتها»[51]. وهذا ينطبق على ما نحن فيه أيضاً. بتعبيرٍ آخر: صحيح أنّ النوح يطلق على نوع من إقامة العزاء، ولكن بما أنّ إقامة العزاء تكون عند مقابلة الأشخاص عادة فقد لوحظ أصل معنى (ن وح) في النوح بمعنى إقامة العزاء.

 نتيجة البحث في معنى النوح

لايمكن القول: بأنّ واحدة من النظريات الأربع تدلّ على المعنى الحقيقي وبقية النظريات تدلّ على المعنى المجازي، بل الصحيح أنّ كلّ هذه النظريات تعود إلى نظرية واحدة. أي: إنّ كلّ واحدة من هذه النظريات تشير إلى جانب من معنى النوح؛ لأنّ النوح يعني البكاء مع الحزن، وهما يترافقان مع أمرين عادة، أحدهما الصياح والعويل والآخر تعداد محاسن الميت. أي: إنّ الأشخاص الذين ينوحون على الميت مضافاً إلى أنّهم يحزنون ويبكون، يعدّدون خصائص الميت الفردية.

التذكير بخصائص الميت الفردية قد يزيد المفجوع حزناً ويدفعه للعويل والصياح. وسبب تخصيص النوح بالنساء في كلام بعض أهل اللغة أنّ هذا التخصيص من باب الغلبة؛ لأنّ الغالب أنّ النساء هنّ اللواتي ينحنَ على الميت عند إقامة العزاء.

التنبيه الأول: كلمة (نوحه)

كلمة (نوحه) في اللغة الفارسية ترادف النوح في العربية، وتوصّلنا بعد دراسة كتب اللغة إلى أنّ استعمالها بهذه الطريقة يختصّ باللغة الفارسية، أمّا العرب فيعبّرون عن هذا المعنى بالنوح (دون الهاء) وهذا المعنى هو المراد في بحثنا. أمّا كلمة النوحة في العربية فتعني القوّة«النَّوحَةُ: القُوَّةُ»[52]. وهذا المعنى لا علاقة له بموضوعنا.

وبالتالي يتبيّن أنّ الهاء في نهاية كلمة (نوحه) أُضيفت في اللغة الفارسية، فالناطقون باللغة الفارسية يعبّرون عن النوح بـ(نَوحه كرد) بدل أن يقولوا: (نَوح كرد) أي: يضيفون الهاء إلى آخر الكلمة.

التنبيه الثاني: سبب تسمية النبي نوح×

قال البعض في سبب تسمية النبي نوح×: بأنّه كان يُكثر النوح على نفسه. منهم الطريحي في مجمع البحرين حيث قال: «سُمِّيَ نُوحاً؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ ونَحَّى[53] نَفْسَهِ عَمَّا كَانَ فِيهِ قَوْمُهِ مِنْ الضَّلَالَةِ»[54].

وقال المصطفوي نقلاً عن المطهر بن طاهر المقدسي[55]: «إنّما سُمّى نوحاً لكثرة نوحه على نفسه وقومه»[56].

الفصل السادس

مفهوم الصرخة

ذكر اللغويون أربع نظريات في معنى (الصرخة):

النظرية الأُولى: الصيحة الشديدة عند المصيبة

ذهب جماعة من اللغويين كالخليل[57] وابن منظور[58] والمصطفويإلى أنّ الصرخة تعني الصيحة الشديدة عند المصيبة: «الصَّرخَةُ: صَّيحَةُ شَّدِيدَةُ عِندَ فَزَعِةٍ أَوِ مُصِيبَةٍ»[59].

النظرية الثانية: مطلق الصوت

اعتبر بعض اللغويين أنّ الصرخة تعني مطلق الصوت. منهم الجوهري حيث قال: «الصُّرَاخُ: الصَّوتُ»[60]، وكذلك الحميري، قال: «صَرَخَ، الصُّرَاخُ: الصَّوتُ»[61].

النظرية الثالثة: مطلق الصوت المرتفع

ذهب فريقٌ آخر من اللغويين إلى أنّ الصرخة تعني الصوت والصياح. منهم ابن فارس: «صَرَخَ الصَّادُ وَالرَّاءُ وَالخَاءُ أَصِيلٌ يَدُلُّ عَلى صَوتٍ رَفِيعٍ»[62]. وابن منظور: «قيل: الصُّراخُ الصوت الشديد ما كان؛ صرخ يصرُخُ صُراخاً»[63]. وكذلك الفيومي[64] الطريحي: «صَرَخَ: يَصرُخُ... إِذَا صَاحَ»[65].

النظرية الرابعة: الأذان

قال بعض اللغويين: بأنّ الصرخة تعني الأذان. قال الزبيدي: «الصَّرخَةُ: الأَذَانُ»[66].

 نتيجة البحث: في معنى كلمة (الصرخة)

تدلّ مادّة (ص ر خ) على الصوت المرتفع والصياح، وهذا هو المعنى الذي ذكرته النظرية الثالثة، أمّا النظرية الأُولى فهي تقيّد المعنى الأصلي بوقت المصيبة، أي: الصياح عند المصيبة. وذكرت النظرية الثانية جزءاً من المعنى الأصلي، وهو مطلق الصوت ولم تذكر الجزء الأخر منه، أي: ارتفاع الصوت. أمّا النظرية الرابعة فهي تشير إلى أحد مصاديق المعنى الأصلي وهو الأذان؛ وذلك لأنّ الأذان يكون بصوتٍ مرتفع.

 الفصل السابع

مفهوم اللطم

توجد بين اللغويين أربع نظريات في معنى (اللطم):

النظرية الأُولى: ضرب الخد وظاهر الجسم باليد المبسوطة

قال الخليل في كتاب العين: «اللَطمُ: ضَربُ الخَدِّ وصَفَحَاتِ الجِسمِ بِبَسطِ اليَدِ»[67]. وقد وافقه ابن منظور في لسان العرب حيث صرّح بهذا المعنى[68].

النظرية الثانية: ضرب الوجه بباطن الراحة

قال الجوهري في الصحاح: «اللَّطمُ: الضَّربُ عَلَى الوَجهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ»[69]. وقد صرّح بهذا المعنى جمع من اللغويين، كالحميري في شمس العلوم[70]، والفيومي في المصباح المنير[71]، والطريحي في مجمع البحرين[72].

الفرق بين النظريتين الأُولى والثانية

هناك فرقان أساسيان بين هاتين النظريتين:

الفرق الأوّل: الفرق في المضروب

أوّلاً: حسب النظرية الأُولى فإنّ اللطم هو ضرب الخد وهو جزء من الوجه، بخلاف النظرية الثانية التي تفسِّر اللطم بأنّه ضرب الوجه سواء كان الخد أو غيره. فمن هذه الناحية تُعتبر النظرية الثانية أعم من الأُولى.

ثانياً: حسب النظرية الأُولى فإنّ المضروب هو الخد وظاهر الجسم، ولكن حسب النظرية الثانية فالمضروب هو الوجه خاصّة، ولايشمل سائر أعضاء الجسم.

الفرق الثاني: الفرق في الضارب

في النظرية الأُولى يكون الضرب ببسط اليد، فيشمل ما إذا بسط الشخص يده وضرب خدّه بأصابعه دون أن تتدخل راحة اليد في ذلك، خلافاً للنظرية الثانية فهي تشير إلى الضرب براحة اليد، ولاتشمل الضرب بالأصابع.

النظرية الثالثة: مطلق إلصاق الشيء بالشيء ولو بدون الضرب

قال الصاحب بن عبّاد في كتابه المحيط: «اللَّطمُ: الإلصَاقُ، ولَطَمتُ الشَّيءَ بالشَّيءِ»[73]. وهذا ما صرّح به الزبيدي في تاج العروس أيضاً[74].

النظرية الرابعة: مطلق الضرب بالكف

قال الزمخشري في الفائق: «اللَّطمُ: ...وَهُوَ الضَّربُ بِبَسطِ الكَفِّ»[75]. وقال ابن الأثير في النهاية: «وَهُوَ [اللَطم] الضَّربُ بِالكَفِّ»[76].

نتيجة البحث في معنى (اللطم)

في الواقع أنّ المعنى المذكور في النظرية الثالثة هو المعنى الحقيقي للطم، أي أنّ اللطم هو ملاصقة شيء لشيء، لكن بما أنّ في النظريات الثلاث الأُخرى، الضرب جزء من معنى اللطم يُعلم أنّ الضرب يكمن في معنى اللطم، وبتعبير آخر: فإن اللطم عبارة عن التصاق شيئين بالضرب وضرب الوجه بالكف أحد مصاديقه؛ لأنّه مصداق الالتصاق مع الضرب.

قال ابن فارس: «اللَامُ وَالطَّاءُ وَالمِيمُ أصلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُلاصَقَةِ شَيءٍ لِشَيءٍ... مِن ذَلِكَ اللّطمُ: الضَّربُ عَلَى الوَجهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ»[77]. أمّا ما ذكرته النظرية الأُولى من أن اللطم هو الضرب ببسط اليد، فالوجه فيه أنّ ضرب الوجه يكون ببسط اليد عادة. أمّا النظرية الرابعة فهي إشارة للمصداق.

 الفصل الثامن

مفهوم اللدم

توجد نظريتان بين اللغويين في معنى (اللَّدم):

النظرية الأُولى: ضرب الصدر والعضدين والوجه

قالت جماعة من علماء اللغة: بأنّ اللدم هو ضرب الوجه والصدر والعضدين مطلقاً، أو في النياحة. قال الخليل في العين: «اللّدمُ: ضَربُ المَرأةِ صَدرَهَا وَعَضُدَيهَا فِي النِّيَاحَةِ»[78].

وقد صرّح الصاحب بن عبّاد بهذا المعنى[79]. كما أشار إليه كلّ من النهاية[80] ولسان العرب[81]، وقال الطريحي في مجمع البحرين: «اللّدمُ: ضَربُ الوَجهِ والصَّدرِ ونَحوهِ»[82].

النظرية الثانية: مطلق الضرب

قال بعض اللغويين: بأن اللدم هو مطلق الضرب. منهم الجوهري، حيث قال في الصحاح: «يُسَمَّى الضَّربُ لَدماً»[83].

كما أشار إلى هذا المعنى كلّ من الحميري في شمس العلوم[84]، والزمخشري في الفائق[85]، والزبيدي في تاج العروس[86].

 نتيجة البحث في معنى (اللَّدم)

المعنى الحقيقي لكلمة (اللَّدم) هو مطلق التصاق شيء بشيء، ولو لم يكن بالضرب. وهذا هو الفرق بين (اللَّطم) و(اللَّدم)؛ حيث إنّ اللطم هو إلصاق الشيئين بالضرب، بخلاف اللدم فهو يدلّ على مطلق التصاق شيء بشيء، ولو لم يكن بالضرب. وهذا ما صرّح به ابن فارس في المعجم حيث قال: «اللَامُ وَالدّالُ وَالمِيمُ أصلٌ يَدُلُّ عَلَى إلصَاقِ شَيءٍ بِشَيءٍ، ضَرباً أو غَيرَهُ»[87].

فالواقع أن كلّا من النظريتين الأُولى والثانية تشير إلى أحد مصاديق هذا المعنى، أي: الضرب؛ لأنّ الضرب في الحقيقة هو إلصاق شيء بشيء. نعم تختلف النظرية الأُولى بأنّها قد تحدّد مصداق المضروب أيضاً.

الفصل التاسع

مفهوم الرنّة

ذكر أهل اللغة أربع نظريات حول معنى (الرَّنَّة):

النظرية الأُولى: مطلق الصوت

قال بعض اللغويين: بأن الرنّة تعني الصوت. منهم ابن الأثير، حيث قال في كتابه النهاية: «الرَّنِينُ: الصَّوتُ وقَد رَنَّ يَرِنُّ رَنِيناً»[88]. كما قال الطريحي في مجمع البحرين: «الرَّنَّةُ بِالفَتحِ وَالتَّشدِيدِ أعنِي: الصَّوتُ... يُقَالُ: رَنَّتِ المَرأةُ...: صَوَّتَت»[89]. وقال الجوهري في الصحاح: «الرَّنَّةُ: الصَّوتُ»[90].

النظرية الثانية: الصيحة الحزينة

ذهب بعض علماء اللغة إلى أن الرنة هي الصيحة في حال الحزن. قال الخليل في العين: «الرَّنَّةُ: الصَّيحَةُ الحَزِينَةُ»[91]. وقد صرّح بهذا المعنى جمع من أهل اللغة، منهم الصاحب بن عبّاد في المحيط[92]، ابن فارس في معجم مقاييس اللغة[93]، الحميري في شمس العلوم[94]، وابن منظور في لسان العرب[95].

النظرية الثالثة: الصوت في فرح أو حزن

نقل الزبيدي في تاج العروس عن ابن الأعرابي بأنّه فسّر الرنّة بالصوت الذي يكون في حال الفرح أو الحزن: «قَالَ ابنُ الأَعرَابِيِّ: الرَّنَّةُ: صَوتٌ فِي فَرَحٍ أَو حُزنٍ»[96].

النظرية الرابعة: الصيحة (الصوت المرتفع)

قال الفيومي في المصباح المنير: «رَنَّ: ... يَرِنُّ... وَلَهُ رَنَّةٌ، أي: صَيحَةٌ»[97].

 نتيجة البحث في معنى (الرَّنّة)

(ر ن ن) أصل يدلّ على الصوت، فكلمة الرنّ لها معنى حقيقي وهو الصوت. وهذا ما صرّح به ابن فارس حيث قال: إنّ حروف (ر ن ن) تدلّ على الصوت. أمّا ما نقله تاج العروس عن ابن الأعرابي من أنّ الرنّ يعني الصوت في فرح أو حزن، فهو لاينافي ما قلناه؛ لأنّه قبِلَ المعنى الأصلي للكلمة وأنّ الرنّة بمعنى الصوت، غير أنّه حدّد زمناً خاصّاً لهذا الصوت. ولكن هناك معنيان مجازيان لهذا اللفظ إضافةً إلى معناه الحقيقي، وهما في الواقع يقيّدان المعنى الحقيقي:

المعنى المجازي الأوّل: الصيحة الحزينة.

المعنى المجازي الثاني: الصيحة (الصوت المرتفع).

 فالحقيقة أنّ النظريتين الثانية والرابعة تشيران إلى المعنى المجازي.

تنبيهٌ: الوجه في تاء (الرَّنّة)

يُحتمل فيها وجهان:

الوجه الأول:إنّها تاء مصدرية؛ وهذا يعني أنّ الرنّة مصدر الثلاثي المجرّد.

الوجه الثاني:إنّها تاء التأنيث؛ لأنّ الرنّة تصدر من النساء عادةً. ولذلك عندما شرح بعض اللغويين معنى الرنّة جعلوا المرأة فاعلاً لها وقالوا: «رَنَّتِ المَرأةُ تَرِنُّ رَنِيناً»[98]. وبتعبير آخر: فقد أُضيفت التاء إلى نهاية الكلمة لغلبة استعمالها في النساء.

الفصل العاشر

مفهوم الشعائر

ذكر علماء اللغة أربع نظريات في معنى كلمة (الشعائر):

النظرية الأُولى: مطلق العلامات

قال بعض أهل اللغة: بأنّ الشعائر هي علامات الله وآياته. وهذا ما قاله الخليل في العين: «شَعَائِرُ اللهِ... أي: عَلامَاتُهُ»[99]. كما ذكره الطريحي في مجمع البحرين نقلاً عن الشيخ أبي علي[100].

النظرية الثانية: كلّ ما جُعل علماً لطاعة الله

اعتبر فريقٌ آخر من علماء اللغة أنّ الشعائر هي كلّ ما جُعل علامةً لطاعة الله. قال الجوهري: «الشَّعائِرُ: ... كُلُّ مَا جُعِلَ عَلَماً لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى»[101]. وهذا ما ذهب إليه ابن منظور[102] والزبيدي أيضاً[103].

النظرية الثالثة: خصوص أعمال الحج

قالت جماعةٌ من علماء اللغة: بأنّ الشعائر هي أعمال الحجّ فقط، قال ابن فارس في معجمه: «الشَّعِيرَةُ: وَاحِدَةُ الشَّعَائِرِ، وهِي أعلامُ الحَجّ»[104]. وهذا ما أشار إليه كلّ من الحميري في شمس العلوم[105]، والفيومي في المصباح المنير[106].

النظرية الرابعة: كلّ ما أمر الله بإقامته

ذهبت جماعة أُخرى من اللغويين إلى أنّ الشعائر هي كلّ ما أمر الله بأدائه. قال ابن الأثير في النهاية: «الشَّعَائِرُ: المَعَالِمُ الّتِي نَدَبَ اللهُ إلَيهَا وَأمَرَ بِالقِيَامِ عَلَيهَا»[107].

نتيجة البحث في معنى (الشعائر)

المعنى الحقيقي للشعائر هو ما ذكرته النظرية الأُولى، أي: العلامات. فالواقع أنّ كلّ علامة شعيرة، ولكن بما أنّ الشعائر في بحثنا تختصّ بالشعائر الدينية فإنّها تقيّد بتلك العلامات التي جعلت لطاعة الله أو العلامات التي أمر الله بها. وهذا ما ذكرته النظريتان الثانية والرابعة، أمّا النظرية الثالثة، فهي تبيّن مصاديق الشعائر، أي: إنّ أعمال الحجّ من مصاديق الشعائر.

القسم الثاني

حكم إقامة العزاء من لمنظور الشيعي

الفصل الأول

حكم إقامة العزاء على المعصومين^

قبل أن نبدأ بتبيين حكم إقامة العزاء على المعصومين^ لا بدّ من التنويه إلى نقطة كمقدّمة لهذا البحث.

مقدّمة: الفرق بين الإمام الحسين× وسائر المعصومين^ في حكم إقامة العزاء لهم

إذا نظرنا في الروايات الواردة عن أهل البيت^ يتضح لنا أنّه لا فرق بين المعصومين^ في حكم إقامة العزاء لهم؛ فإقامة العزاء لا تختصّ بالإمام الحسين× دون غيره، فكلّهم نور واحد وحجج الله على عباده.

وبالتالي؛ إذا ثبت أيّ حكم لإقامة العزاء على الإمام الحسين× فإنّه يثبت لسائر المعصومين^ أيضاً.

نعم، إنّ الشرع قد حثّ على إقامة العزاء لسيّد الشهداء× وأكّد عليها كثيراً، ولكن لا فرق بين الإمام الحسين× وسائر المعصومين^ في أصل حكم العزاء، كما قال الميرزا جواد التبريزي في الجواب على استفتاء عن حكم البكاء على مصائب معصوم غير الإمام الحسين× في أثناء الصلاة، حيث قال: «لا فرق بين الإمام الحسين وباقي الأئمة^ إذا كان البكاء للمودّة لهم^ الراجع إلى أمر الآخرة»[108].

رغم أنّ السؤال يتعلّق بالبكاء أثناء الصلاة، ولكن الظاهر أنّ هذا الحكم لا يختصّ بالصلاة، بل يشمل غير الصلاة أيضاً. وهذا يعني أنّ أصل جواز البكاء لا يختصّ بالإمام الحسين× بل يشمل سائر المعصومين^ أيضاً.

ولقد علّل المحقّق الخوئي لجواز البكاء على الإمام الحسين× في الصلاة، حيث قال: «ربّما يُقال بجواز البكاء على سيِّد الشُّهداء أرواحنا فداه في حال الصلاة... وأمّا البكاء لِما يترتّب على مصيبته واستشهاده× من حصول ثلمة لا تنجبر في الدين وضعف، بل تضعضع في أركان الإسلام والمسلمين... فلا ينبغي الإشكال في جوازه»[109]. يمكن أن نستفيد من عموم هذا التعليل ونعمِّم هذا الحكم على سائر الأئمة^ أيضاً؛ إذ إنّهم جميعاً حجج الله على عباده وإنّ استشهادهم أدّى إلى ثلمة في الدين وضعف في أركان الإسلام.

 وهذا نظير ما قاله كاشف الغطاء في رسالة أحكام الأموات، حيث صرّح بتحريم بعض أنواع العزاء ثمّ قال: «الظاهر تحريم اللطم، والخدش، وجزّ الشعر، وشقِّ الثوب، على غير الأب والأخ، خصوصاً لموت الوَلد والزوج، والظاهر اختصاص ذلك كلِّه حرامه ومكروهه بما كان للحزن على فراق الأحباب، أمّا ما كان لفقد أولياء الله وأُمنائه فلا بأس به»[110]. ونستفيد من هذا الكلام أنّ حكم العزاء لا يختصّ بإمام، بل يشمل جميع الأئمّة^؛ لأنّهم جميعاً من أولياء الله وأمنائه.

رواية مؤيِّدة لهذا الرأي: رواية عبد الله

«حَدّثَنَا عَبدُ اللهِ بنِ الفَضلِ الهَاشِمِيّ، قَالَ: قُلتُ لأبِي عَبدِ اللهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الصَّادِقِ÷: يَا بنَ رَسُولِ اللهِ، كَيفَ صَارَ يَومُ عَاشُورَاء يَومَ مُصِيَبةٍ وَغَمٍّ وَجَزَعٍ وَبُكَاءٍ دُونَ اليَومِ الّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ|، وَاليَومِ الّذِي مَاتَت فِيهِ فَاطِمَةُ‘ وَاليَومِ الّذِي قُتِلَ فِيهِ أمِيرُ المُؤمِنيِن×، وَاليَومِ الّذِي قُتِلَ فِيهِ الحَسَنُ× بِالسمِّ؟ فَقَالَ: إنَّ يَومَ الحُسَين× أعظَمُ مُصيِبَةً مِن جَمِيعِ سَائرِ الأيَّامِ... فَلَمَّا قُتِلَ الحُسَينُ× لَم يَكُن بَقِيَ مِن أهلِ الكِسَاءِ أحَدٌ... فَكَانَ ذِهَابُهُ كَذِهَابِ جَمِيعِهِم، كَمَا كَانَ بَقَاؤهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِم؛ فَلِذَلِكَ صَارَ يَومُهُ أعظَمُ مُصِيبَةً...»[111].

كلمة «أعظَمُ»في هذه الرواية صفة تفضيل وتفيد بأنّ سائر الأيّام (أيّام استشهاد سائر أولياء الله) هي أيضاً أيّام الحزن والمصيبة والبكاء لكن استشهاد الإمام الحسين× مصيبةٌ عظمى. فهذه الرواية تدلّ على أنّ العزاء لا يختصّ بالإمام الحسين× بل يشمل سائر المعصومين^ أيضاً.

وعلى ضوء هذه المقدّمة؛ نقول: إنّ هناك أربع نظريات بين الفقهاء حول حكم إقامة العزاء على المعصومين^: الجواز، الاستحباب، الاستحباب المؤكّد، والوجوب الكفائي.

النظرية الأُولى: جواز إقامة العزاء ـ ثلاثة شواهد من ثلاثة مواضع

إنّ الغالبية العظمى من الفقهاء لم يفردوا بحثاً خاصّاً لحكم إقامة العزاء على المعصومين^، ولكن إذا تتبّعنا كلماتهم في أبواب الفقه المختلفة نستفيد من مفهوم كلامهم أنّهم يجيزون إقامة العزاء على المعصومين^. وفيما يلي نشير إلى ثلاثة مواضع من كلامهم: الموضع الأوّل: استحباب صوم عاشوراء

قال كثيرٌ من الفقهاء في مبحث الصوم: إنّ صوم عاشوراء مستحبّ فيما إذا كان على وجه المصيبة والحزن. وصرّح كثير منهم بأنّ مصائب عاشوراء هي سبب هذا الحزن ولا شكّ في أنّ استشهاد الإمام الحسين× إحدى مصائب هذا اليوم، بل هو مصداقها الأتمّ. فيتّضح من كلام الفقهاء في صوم عاشوراء أنّهم يجيزون إقامة العزاء لاستشهاد الإمام الحسين× والتي تتمثّل في الحزن والغمّ والبكاء.

ولقد صرّح بهذا القول جماعة من كبار العلماء، منهم: الشيخ الطوسي في الاقتصاد[112]، وتهذيب الأحكام[113]، والجمل والعقود[114]، والمبسوط[115]، وابن البرّاج في المهذّب[116]، وابن إدريس في السرائر[117]، والعلّامة الحلّي في التذكرة[118]، والمنتهى[119]، والسيّد العاملي في المدارك[120]، والسبزواري في الذخيرة[121] والكفاية[122]، والطباطبائي في الرياض[123]، والحائري في الشرح الصغير[124]، والميرزا القمّي في غنائم الأيّام[125].

دليل الموضع الأوّل: الجمع بين الروايات الآمرة والناهية

لقد وردت روايات كثيرة حول صوم عاشوراء، فمنها ما تكرّه صوم هذا اليوم ومنها ما تحثّ عليه؛ فبالتالي هناك صنفان من الروايات في هذا المجال، ولقد بيّنهما الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب بشكل مستقل[126].واختار كثير من الفقهاء الجمع بين هذين الصنفين تبعاً للشيخ الطوسي، فقالوا: بأنّ صوم هذا اليوم جائز لو كان على وجه الحزن والمصيبة وليس مكروهاً. ولكن إذا كان على غير هذا الوجه فهو مكروه. فالروايات التي تحثّ على صوم عاشوراء تُحمل على الصوم حزناً وعزاءً. أمّا الروايات التي تدلّ على الكراهية فتحمل على الصوم لغير الحزن.

واعتبر العلماء أنّ سبب هذا الحزن والعزاء هو المصائب التي حلّت بعترة رسول الله| في هذا اليوم. كما صرّح به الشيخ في التهذيب[127]، والسيّد العاملي في المدارك[128]، والسبزواري في الذخيرة[129] والكفاية[130]، والطباطبائي في الرياض[131].

إنّ استشهاد الإمام الحسين× هو أعظم مصائبهذا اليوم، لذلك فقد قال العلّامة في التذكرة[132] والمنتهى في مقام التعليل للحزن: «يُستحبّ صوم يوم عاشوراء حزناً لا تبرّكاً؛ لأنّه يوم قتل أحد سيّدي شباب أهل الجنّة الحسين بن علي÷ وهتك حريمه، وجرت فيه أعظم المصائب على أهل البيت^؛ فينبغي الحزن فيه بترك الأكل والملاذّ»[133].

النتيجة: إذا دقّقنا في كلمات الفقهاء يتبيّن أنّهم صرّحوا بجواز الحزن والعزاء على استشهاد الإمام الحسين× عند تعليلهم لصوم عاشوراء، فإنّهم قالوا بجواز صوم عاشوراء على وجه الحزن والمصيبة، وسبب هذا الحزن هو استشهاد الإمام الحسين× في يوم عاشوراء. بالتالي يتبيّن أنّ الحزن (إقامة العزاء) على شهادة الإمام الحسين× جائز.

الموضع الثاني: مبحث البكاء على الإمام الحسين× في حال الصلاة

قال السيّد اليزدي في كتاب العروة في مبحث جواز أو عدم جواز البكاء أثناء الصلاة: «ربّما يُقال بجواز البكاء على سيِّد الشُّهداء أرواحنا فداه في حال الصلاة
وهو مشكل»
[134].

ظاهر كلام السيّد أنّه يجيز أصل البكاء على سيّد الشهداء× ولكنّه يرى الإشكال في البكاء أثناء الصلاة. فإنّه أيضاً ممَّن يجيزون أصل العزاء بطريقة البكاء على الإمام الحسين×.

علّق جمع من العلماء على كلام السيّد اليزدي، وقالوا بجواز البكاء على الإمام الحسين× أثناء الصلاة. وإن كان بعضهم قد قيّد الحكم بالجواز، إلّا أنّهم جميعاً قبلوا أصل الجواز. فنستفيد من كلامهم أيضاً أنّهم يجيزون إقامة العزاء (البكاء) على الإمام الحسين×، منهم: النجفي، والنائيني، وآل ياسين، وكاشف الغطاء، والحكيم، والخوئي[135]، واللنكراني[136].

بل قال صاحب الجواهر: «بل قد يمنع أيضاً كون البكاء لفقد الميت من الأُمور الدنيوية مطلقاً، فإنّ البكاء على الحسين× وغيره من الأئمة الهادين^ بل والعلماء المرضيين ونحوهم ممن كانت العلقة بينهم وبين الباكي أُخروية ليس من الدنيا في شيء»[137]. وظاهر كلامه أنّ البكاء على الإمام الحسين× وسائر الأئمّة^ جائز.

أمّا المحقّق الخوئي، فقد ذهب إلى التفصيل بين صور البكاء على الإمام الحسين× أثناء الصلاة وأجازه في صورة واحدة. قال: «وأمّا البكاء لما يترتّب على مصيبته واستشهاده× من حصول ثلمة لا تنجبر في الدين وضعف، بل تضعضع في أركان الإسلام والمسلمين فضلًا عن المثوبات الأُخرويّة المترتّبة في الأخبار على البكاء عليه× بحيث يرجع الكلّ إلى العبادة وقصد القربة والبكاء لأمر أُخروي لا دنيوي، فلا ينبغي الإشكال في جوازه»[138].

ويستفاد من كلامه أيضاً بأنّ أصل العزاء (البكاء) على مصائب الإمام الحسين× جائزٌ، وجديرٌ بالذكر أنّ السيّد الخوئي قد صرّح في فتوى له بأنّ البكاء على الإمام الحسين× من شعائر الله}[139]. وهذا الكلام أيضاً يدلّ على جواز إقامة العزاء على الإمام الحسين×.

قسّم السيّد السبزواري البكاء على الإمام الحسين× إلى أربعة أقسام، فقال: «البكاء على سيّد الشهداء× تارة: يكون لأنّه قُتل مظلوماً، وأُخرى: لأجل الاشتكاء إلى الله تعالى من ظالميه، وثالثة: لأنّه× ظُلِم في طريق الدعوة إلى الله تعالى، ورابعة: لأجل التوسّل به× إلى الله. والإشكال إنّما هو في القسم الأوّل فقط، وأمّا بقية الأقسام، فالظاهر عدم الإشكال فيها»[140].

قوله: «أمّا بقية الأقسام، فالظاهر عدم الإشكال فيها» يدلّ على أنّ أصل العزاء على الإمام الحسين× جائز.

دليل الموضع الثاني: جواز البكاء أمر مسلّم

مقدّمة: اختلف الفقهاء في جواز البكاء على الإمام الحسين× أثناء الصلاة ولا شكّ في أنّ الذين بحثوا حكم البكاء عليه في الصلاة قبلوا بأصل جوازه في غير الصلاة؛ إذ لو كانوا قائلين بعدم جوازه فلا معنى لبحث جوازه في الصلاة.

ونقول على ضوء هذه المقدّمة: لم يذكر الفقهاء دليلاً على أصل جواز البكاء على الإمام الحسين×، ويبدو أنّهم لم يروا داعياً للاستدلال على جوازه؛ لأنّه أمر مسلَّم عندهم جميعاً. ولعلّ السبب في تسليمهم بجواز البكاء عليه هو ما سنذكره من الأدلّة (الآيات والروايات المتواترة و...) وقد أفردنا لها جزءاً من المباحث القادمة.

إذن؛ العزاء(البكاء) على الإمام الحسين× جائز.

الموضع الثالث: جواز لبس السواد

لبس السواد من مصاديق إقامة العزاء. فكما أنّ الشخص المفجوع يبكي على مصيبته، فكذلك يلبس السواد تعبيراً عن حزنه في هذه المصيبة؛ بالتالي فإنّ لبس السواد من أشكال إقامة العزاء.

قال صاحب الحدائق عن لبس السواد في مأتم الإمام الحسين×: «لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين× من هذه الأخبار (الأخبار الناهية عن لبس السواد) لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان»[141].

وفي كلامه تصريح بأنّ إظهار شعائر الحزن بلبس السواد وغيره جائز. بالتالي فإن لبس السواد (إقامة العزاء) في مأتم الإمام الحسين× جائز.

إشكال: إن بعض عبارات العلماء في هذه المصاديق الثلاثة (صوم عاشوراء، والبكاء في الصلاة، ولبس السواد) ظاهرة في الاستحباب، رغم أنّ بحثنا في أصل الجواز.

الجواب: العبارات الظاهرة في الاستحباب تدلّ على الجواز أيضاً؛ لأنّ الجواز لازم الاستحباب والاستحباب يتفرّع على الجواز. وبالتالي؛ فإنّ هذه العبارات تدلّ على جواز إقامة العزاء على المعصوم× بالدلالة الالتزامية.

دليل الموضع الثالث: ثلاث روايات

قال بعض العلماء: بأنّ لبس السواد في مأتم الإمام الحسين× جائز، منهم: المحدّث البحراني؛ حيث علّل لهذا الأمر قائلاً: «لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين× من هذه الأخبار؛ لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان، ويؤيّده ما رواه شيخنا المجلسي عن البرقي في كتاب المحاسن أنّه روى عن عمر بن زين العابدين× أنّه قال: لما قُتل جدّي الحسين...»[142]. هذه الرواية هي معتبرة عمر بن علي وقد رواها البرقي في المحاسن. ولقد اعتمد البحراني على هذه الأدلّة للقول بجواز لبس السواد في مأتم الإمام الحسين×.

(b)     الرواية الأُولى: نساء بني هاشم يلبسن السواد في مأتم الإمام الحسين×

«وَعَنِ الحَسَنِ بنِ طَرِيفِ بنِ نَاصِحٍ[143]، عَن أَبِيهِ[144]، عَنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ[145]، عَن عُمرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ÷[146]، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ÷ لَبِسَ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ السَّوَادَ وَالمُسُوحَ، وَكُنَّ لاَ يَشتَكِينَ مِن حَرٍّ وَلاَ بَردٍ، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ÷ يَعمَلُ لَهُنَّ الطَّعَامَ لِلمَأتَمِ»[147].

دراسة سند الرواية الأُولى

يشتمل سند الرواية على رواة يمكن الاطمئنان بوثاقتهم عبر جملة من القرائن التي سبق ذكرها فى هامش سند الرواية. ولعلّ السبب الذي جعل المحدِّث البحراني هذه الرواية مؤيِّداً لمدعاه هو لأجل المباحث الرجالية في سندها.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

أوّلاً: النساء لبسن السواد عند الإمام السجّاد× ولم يمنعهنّ الإمام× عن ذلك، كما أنّه لم يأمرهنّ بإقامة العزاء بطريقة أُخرى. ولو كان لبس السواد في العزاء أمراً مرفوضاً في الشرع لوجب على الإمام× أن ينهاهنّ عن ذلك؛ لأنّ الإغراء بالجهل قبيح. ولكن الإمام× لم يفعل ذلك، ولو نهى الإمام× عن لبس السواد لكان من مصاديق المقولة الشهيرة: «لَو كانَ لَبَانَ». ولنُقل ذلك النهي إلينا بطرق مختلفة؛ فالدواعي لنقلها كثيرة.

ثانياً: لقد كانت السيّدة زينب‘ بين الهاشميات اللواتي لبسن السواد، وهي ذات منزلة رفيعة إلى درجة أنّ الإمام السجّاد× خاطبها قائلاً: «يا عمة... أنت ـ بحمد الله ـ عالِمة غير معلَّمة، فهمة غير مفهَّمة...»[148]. وهذه الرواية تدلّ على أنّ السيّدة زينب‘ حظيت بنوع متميّز من العلم. وجديرٌ بالذكر أنّ الأئمة^ أنفسهم استشهدوا بفعل الفاطميات لإثبات بعض مصاديق إقامة العزاء كجواز لطم الخدود: «وَقَد شَقَقنَ الجُيوبَ وَلَطَمنَ الخُدُودَ الفَاطِمِياتُ عَلى الحُسَينِ بنِ عَلي÷...»[149].

الرواية الثانية: الإمام الحسن× يلبس السواد في مأتم أمير­المؤمنين×

قَالَ ابنُ أبِي الحَدِيدِ: فِي شَرحِ نَهجِ البَلاغَةِ: «قَالَ المَدَائِنِي: ولَمَّا تُوُفّيَ عَلِيٌ× خَرَجَ عَبدُ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَلِّبِ إلى النَّاسِ فَقَالَ: إنَّ أمِيرَ المُؤمِنيِن× تُوُفّيَ وَقَد تَرَكَ خَلَفاً، فَإن أحبَبتُم خَرَجَ إلَيكُم وَإن كَرِهتُم فَلا أحَدَ عَلَى أحَدٍ. فَبَكَى النَّاسُ وقَالوُا: بَل يَخرُجُ إلَينَا. فَخَرَجَ الحَسَنُ× فَخَطَبَهُم... وَكَانَ خَرَجَ إلَيهِم وَعَلَيهِ ثِيَابٌ سُودٌ...»[150].

(c)     الرواية الثالثة: الهاشميات يلبسن السواد في مأتم الإمام الحسين×

«فَخرُ الدِّينِ الطُّرَيحِيُّ فِي المُنتَخَبِ وغَيرُهُ فِي غَيرِهِ مُرسَلاً أَنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللهُ استَدعَى بِحَرَمِ رَسُولِ الله| فَقَالَ لَـهُنَّ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيكُنَّ المُقَامُ عِندِي أَوِ الرُّجُوعُ إِلَى المَدِينَةِ؟... قَالُوا: نُحِبُّ أَوَّلاً أَن نَنُوحَ عَلى الحُسَينِ× قَالَ: افعَلُوا مَا بَدَا لَكُم. ثُمَّ أُخلِيَت لَهنَّ الحُجَرُ وَالبُيُوتُ فِي دِمَشقَ فَلَم تَبقَ هَاشِمِيَّةٌ وَلاَ قُرَشِيَّةٌ إِلاَّ وَلَبِسَتِ السَّوَادَ عَلَى الحُسَينِ× وَنَدَبُوهُ ـ عَلَى مَا نُقِلَ ـ سَبعَةَ أَيَّامٍ...»[151].

دراسة سند الروايتين الثانية والثالثة

الروايتان الثانية والثالثة تؤيّدان جواز لبس السواد في المأتم.

دراسة دلالة الروايتين الثانية والثالثة

دلالتهما على جواز لبس السواد في المأتم واضحة تماماً. ففي الرواية الثانية لبس الإمام الحسن× ثياباً سوداء في عزاء أبيه×، وفي الرواية الثالثة لبست الهاشميات السواد، ويبدو أنّهنّ فعلن هذا عند الإمام السجّاد× وبما أنّ الهاشميات ينتمينَ إلى أهل البيت فمن البعيد أن يرتكبنَ حراماً عند الإمام السجّاد×.

الدليل على النظرية الأُولى: دليلان

ذكرنا من استدلالات العلماء ثلاثة مواضع تدلّ على جواز إقامة العزاء، ولكن الأدلّة لا تنحصر على ما ذكر، فهناك أدلّة أُخرى يمكن الاستناد إليها لإثبات جواز إقامة العزاء. ألا وهي الأدلّة الموجودة في القرآن الكريم والروايات.

الدليل الأول: آية الجهر بالسوء على الظلم

 (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) [152].

تقريب الاستدلال بالآية

هذه الآية الشريفة تبيّن أنّ الله يحبّ للمظلوم أن يجهر بمساوئ الظالم ولا شكّ في أنّ أهل البيت^ الذين استُشهدوا على أيدي الظالمين تعرّضوا للظلم منهم، وحسب الآية الشريفة فإنّ الله يحبّ الجهر بمساوئ أُولئك الظلمة، ولا شكّ في أنّ إقامة العزاء على أهل البيت^ أحد مصاديق الجهر بمساوئ الظالمين وظلمهم؛ وبالتالي يحبّه الله}؛ لأنّ إقامة العزاء على أهل البيت^ تشتمل على بعدين: البُعد الأوّل: هو التولّي. والبُعد الثاني: هو التبرّي. فإذا نظرنا إلى البعد الثاني لإقامة العزاء نرى أنّه عبارة عن تبيين مساوئ الظالمين وخبثهم؛ وبالتالي نستنتج أنّ هذه الآية الشريفة تدلّ على جواز إقامة العزاء على المعصومين^.

إشكال على الدليل الأول

إنّما تدلّ الآية الشريفة على حقّ المعصومين^ للجهر بمساوئ الظالمين ولاتدلّ على أكثر من هذا؛ لأنّهم تعرّضوا لهذا الظلم دون غيرهم، ولا يحقّ للشيعة أن يجهروا بمساوئ الظالمين عن طريق إقامة العزاء؛ لأنّهم لم يتعرّضوا للظلم.

الجواب عن الإشكال

صحيحٌ أنّ المعصومين^ هم الذين تعرّضوا للظلم مباشرة، ولكن الشيعة أيضاً ظُلموا بشكل غير مباشر. فقد أدّى استشهاد الأئمّة^ وتعرّضهم للظلم إلى حرمان الناس ـ ولا سيّما الشيعة ـ من بركات حضورهم، (كالاستفادة من علومهم وإقامة القسط و...) فظلم الظالمين لأهل البيت^ هو في الواقع ظلم في حقّ الشيعة أيضاً.

وبتعبيرٍ آخر: فإنّ حياة الناس ومعيشتهم تأثّرت كثيراً بغياب أهل البيت والحياة بحضورهم الخارجي تختلف كثيراً عن الحياة في غيابهم. والظالمون الذين قتلوا أهل البيت^ ألحقوا ضرراً كبيراً بالشيعة وحتّى غير الشيعة. لذلك يمكن القول: بأنّ الظلم الذي تعرّض له أهل البيت^ هو ظلم للشيعة أيضاً. وبالتالي تنطبق عليهم الآية الشريفة؛ فيجوز لهم الجهر بمساوئ الظالمين لأنّهم ظلموا.

الدليل الثاني: الروايات  ـ طائفتان من الروايات

ثمة طوائف من الروايات تدلّ على جواز إقامة العزاء، نشير إلى طائفتين منها: الطائفة الأُولى: إقامة العزاء بالبكاء. الطائفة الثانية: إقامة العزاء باللطم.

الطائفة الأُولى: روايات جواز إقامة العزاء بالبكاء ـ ثلاثة أقسام

تنقسم الطائفة الأُولى من الروايات إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: روايات بكاء رسول الله| على أهل البيت^.

القسم الثاني: روايات بكاء سائر المعصومين على أهل البيت^.

القسم الثالث: الروايات التي أطلقت جواز البكاء على أيّ ميّت.

القسم الأوّل: روايات بكاء رسول الله’على أهل البيت^ ـ صنفان

روايات القسم الأوّل على صنفين:

الصنف الأول: في إقامة النبي| العزاء على الإمام الحسين× خاصّة.

الصنف الثاني: في إقامة النبي| العزاء على سائر المعصومين^.

الصنف الأوّل: جزع رسول الله وبكاؤه على الإمام الحسين× خاصّة ـ روايتان ومؤيّدان

روايات الصنف الأوّل كثيرة، ولكنا نكتفي بذكر روايتين معتبرتين منها:

الرواية الأُولى: صحيحة أبي بصير

«حَدَّثَنِي أبِي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعدُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ أبِي خَلَفٍ، عَن أحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَى، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ، عَن النَّضرِ بنِ سُوَيدٍ، عَن يَحيَى الحَلَبِي، عَن هَارُونِ بنِ خَارِجَةِ، عَن أبِي بَصِيرٍ، عَن أبِي عَبدِ الله× قَالَ: إنَّ جَبرَئيلَ أتَى رَسُولَ الله| والحُسَينُ× يَلعَبُ بَينَ يَدَيهِ، فَأخبَرَهُ أنَّ أُمَّتَهُ سَتَقتُلُهُ. قَالَ: فَجَزِعَ رَسُولُ الله|...»[153].

 دراسة سند الرواية الأُولى:

سند الرواية الأُولى صحيح؛ لأنّ كل رواتها إماميون ثقات.

الرواية الثانية: معتبرة محمّد بن سنان

«حَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ جَعفَرٍ الرَّزّازِ القُرَشِيّ الكُوفِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ أبِي الخَطَّابِ، عَن مُحَمّدِ بنِ سَنَانٍ، عَن سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ أو غَيرِهِ قَالَ: سَمِعتُ أبَا عَبدِ اللهِ× يَقُولُ: لَمَّا أن هَبَطَ جَبرَئيِلُ× عَلَى رَسُولِ اللهِ| بِقَتلِ الحُسَينِ× أخَذَ بِيَدِ عَليٍّ× فَخَلا بِهِ مَلِياً مِنَ النّهَارِ فَغَلَبَتهُمَا العَبرَة...»[154].

دراسة سند الرواية الثانية

نقلت هذه الرواية في كتاب كامل الزيارات بثلاثة أسانيد[155].أمّا السند الأوّل: ففيه شكّ حول أحد الرواة وهذا يضعف السند، فقد جاء في سند هذه الرواية: «عَن سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ أو غَيرِهِ». وظاهر هذه العبارة أنّ الراوي محتمل لشخصين، أحدهما سعيد بن يسار وهو إمامي ثقة والثاني مجهول. وهذا الشكّ يُسقط الرواية عن الحجّية. أمّا السندان الآخران فلا مشكلة فيهما إلّا وجود محمّد بن سنان بين رواتهما، وقد اختلف العلماء في وثاقة محمّد بن سنان[156].

قال بعض العلماء بوثاقة محمّد بن سنان، كالإمام الخميني[157]، وبعض علماء الرجال، كالمحقّق الزنجاني[158]. واستدلّوا بأنّ أحمد بن محمّد بن عيسى اعتبره من مشايخه وروى عنه كثيراً، وأحمد بن محمّد من أدقّ الرواة وأحرصهم على صحّة الروايات. كما تمسّك الكلباسي بمجموعة من القرائن لتوثيق محمّد بن سنان وهذه القرائن تفيد الاطمئنان بوثاقته[159].

المؤيّد الأول: زيارة الناحية المقدسة

«وَمِمَّا خَرَجَ مِنَ النَّاحِيَةِ... فَانزَعَجَ الرَّسُولُ وَبَكَى قَلبُهُ المَهُولُ[160] وعَزَّاهُ بِكَ المَلَائِكَةُ وَالأَنبِيَاءُ، وفُجِعَت بِكَ أُمُّكَ الزَّهرَاء... وأُقِيمَت لَكَ المَآتِمُ فِي أَعلَى عِلِّيِّينَ، ولَطَمَت عَلَيكَ الحُورُ العِينُ، وبَكَتِ السَّمَاءُ وَسُكَّانُهَا والجَنَانُ وَخُزَّانُهَا...»[161].

 دراسة دلالة الروايات الأُولى إلى الثالثة

هذه الروايات تدلّ على أنّ النبي’ جزع في مصيبة استشهاد الإمام الحسين× وبكى عليه. وبالتالي يُستفاد منها جواز إقامة العزاء على الإمام الحسين×.

المؤيِّد الثاني: مجموع الروايات

هناك روايات أُخرى إضافة إلى الروايات التي سبق ذكرها ودراستها ولا مشكلة في دلالة هذه الروايات على أنّ النبي’ أقام العزاء على الإمام الحسين× بالبكاء والحزن والجزع و... [162]. أمّا من ناحية السند فيمكن الاستدلال بهذه الروايات ببيانين:

البيان الأوّل: التجابر

يصحّ الاستدلال بهذه الروايات من باب التجابر، بمعنى أنّ سيرة العلماء العملية والنقلية قد درجت على تجويز إقامة العزاء على الإمام الحسين× وهذه السيرة تساعدنا في الأخذ بهذه الروايات؛ لأنّها تجبر ضعف أسانيدها. وتدلّ مجموع الروايات والسيرة على جواز إقامة العزاء. وبالتالي يصحّ الاستدلال بهذه الروايات من أجل إثبات المدعى.

البيان الثاني: التعاضد

بما أنّ عدد هذه الروايات يتجاوز العشر فنتأكّد من صدور مضمون واحدة منها عن النبي| على أقلِّ تقدير، فهناك طرقٌ مختلفة لهذه الأخبار، وإذا اعتمد على قانون الاحتمالات يمكن القول: إنّ تواطئ جميع رواة هذه الأسانيد على الكذب أمرٌ بعيد، أي أنّ احتمال كذبهم ضعيف جدّاً؛ وبالتالي يصحّ الاستدلال بهذه الروايات لنثبت أنّ النبي’ أقام العزاء للإمام الحسين×.

النتيجة:يشتمل الصنف الأوّل على روايتين ولا مشكلة في سنديهما، كما أنّنا ذكرنا مؤيِّدين لهما والمؤيِّد الثاني بدوره يشتمل على عدّة روايات ويمكن الاستدلال بها اعتماداً على التجابر والتعاضد.

الصنف الثاني: بكاء رسول الله| على أهل بيته ^  ـ أربع روايات

نكتفي في الصنف الثاني بذكر أربع روايات.

الرواية الأُولى: رواية كامل الزيارات

«حَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أحمَدَ بنِ الوَليِدِ، قَالَ: حَدّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أبِي القَاسَم مَاجِيلِوَيهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَليٍ القُرَشِيّ، عَن عُبَيدِ بنِ يَحيَى الثَّورِيّ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ عَليِ بنِ الحُسَينِ، عَن أبِيهِ، عَن جَدّهِ، عَن عَلِي بنِ أبِي طَالِبٍ^ قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللهِ| ذَاتَ يَومٍ فَقَدّمنَا إلَيهِ طَعَاماً... فَأكَلَ مِنهُ... ثُمَّ قَامَ إلَى مَسجِدٍ فِي جَانِبِ البَيتِ وصَلَّى وَخَرَّ سَاجِداً، فَبَكَى وَأطَالَ البُكَاءَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَمَا اجتَرَى مِنَّا أهلِ البَيتِ أحَدٌ يَسألهُ عَن شَيءٍ، فَقَامَ الحُسَينُ×... ثُمَّ قَالَ: يَا أبَتِ، مَا يُبكِيكَ؟ فَقَالَ: ... فَهَبَطَ إليَّ جَبرَئيِلُ فَأخبَرَنِي أنَّكُم قَتلَى وَأنَّ مَصَارِعَكُم شَتَّى...»[163].

دراسة سند الرواية الأُولى

لا بدّ من بيان مقدّمة قبل دراسة هذا السند:

مقدّمة: دراسة رجالية في رواة كامل الزيارات

إذا أردنا أن ندرس سند هذه الرواية فلا بدّ أوّلاً من إجراء دراسة وتحقيق حول أسناد روايات كتاب كامل الزيارات؛ لأنّنا استندنا إلى روايات هذا الكتاب في أكثر من موضع.

رأي المحقّق الخوئي

قال المحقّق الخوئي في مبحث التوثيقات العامّة في كتاب معجم الرجال: التوثيقات العامّة: قد عرفت فيما تقدّم أنّ الوثاقة تثبت بإخبار ثقة، فلا يفرق في ذلك بين أن يشهد الثقة بوثاقة شخص معيّن بخصوصه وأن يشهد بوثاقته في ضمن جماعة... وبما ذكرناه نحكم بوثاقة جميع مَن وقع في أسناد كامل الزيارات أيضاً؛ فإنّ جعفر بن قولويه قال في أوّل كتابه: وقد علمنا بأنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم...  وقد زعم بعضهم اختصاص التوثيق بمشايخه فقط، ولكنّه خلاف ظاهر عبارته، كما لا يخفى[164].

لكن المحقّق الخوئي عدل عن هذا الرأي في السنوات الأخيرة من حياته، وقال: بأنّ شهادة ابن قولويه تختصّ بمشايخه الذين أخذ عنهم بلا واسطة، ولا تشمل جميع رواة السند. وقد صرّح سماحته بهذا الأمر لدى جوابه على استفتاء في كتاب صراط النجاة[165].

وكذا قال قبله الميرزا النوري في خاتمة المستدرك، حيث قال بعد نقل كلام ابن قولويه: «فتراه رحمه الله نصّ على توثيق كلّ مَن رواه عنه فيه»[166]. فتوثيق ابن قولويه حسب ما ذهب إليه المحقّق الخوئي أخيراً يشمل 32 شخصاً من رواة هذا الكتاب ولكن حسب رأيه الأوّل يتمّ توثيق جميع رواة هذا الكتاب الذين يبلغ عددهم 388 راوياً.

إشكال الشيخ التبريزي على رأي المحقق الخوئي الأخير

قال الميرزا جواد التبريزي: «أمّا رجال كامل الزيارات، فما ذكره في مقدّمة الكتاب فهو راجع إلى عناوين الأبواب، ويكفي في ثبوت ما ذكره في عناوين الأبواب أن تكون رواية واحدة من روايات الباب رجالها ثقات وهذا مبني على التغليب، كما يظهر ذلك لمَن تتبّع سائر الكتب المؤلّفة في الأدعية والزيارات»[167].

جواب بعض الباحثين عن هذا الإشكال

قال بعض علماء الرجال: إنّ كلام الميرزا جواد التبريزي مجرّد دعوى، بل ثبت خلافه أيضاً، فعلى سبيل المثال: إذا نظرنا إلى الباب الأول من كتاب كامل الزيارات نرى أنّه روى خمس روايات، أمّا الرواية الأُولى ففي سندها قاسم بن يحيى والحسن بن راشد، ولا يوجد لهما توثيقٌ خاصّ. أمّا الروايتان الثانية والخامسة ففي سنديهما معلى بن أبي شهاب، وهو مجهول، كما أنّ الروايتين الثالثة والرابعة مرسلتان[168]؛ بالتالي لا توجد رواية معتبرة في الباب الأوّل من هذا الكتاب حتّى تثبت عنوانه[169].

 فالصواب هو ما ارتآه المحقّق الخوئي أخيراً، وهو أنّ شهادة ابن قولويه تختصّ بمشايخه الذين أخذ عنهم مباشرة، وهناك عدّة قرائن تؤيِّد هذا الرأي[170]؛ وعلى ضوء هذه القرائن يتبيّن عدم صحّة الاستدلال بهذه الشهادة لإثبات وثاقة جميع رواة أحاديث كامل الزيارات، بل هي تثبت وثاقة الرواة الذين روى عنهم المؤلِّف بلا واسطة.

وثبت بهذه المقدّمة أنّ الاستناد إلى أحاديث كامل الزيارات يحتاج إلى دراسة أحوال جميع الرواة وإثبات وثاقتهم واحداً واحداً إلّا المشايخ الذين روى المؤلِّف عنهم بلا واسطة.

في سند الرواية المذكورة عبيد بن يحيى الثوري، ومحمّد بن حسين بن علي، وهما لميوثّقا في كتب الرجال. وكذلك فيه محمّد بن علي أبوسمينة، وهو متّهمٌ بالغلو[171].

الرواية الثانية: رواية ابن عبّاس

«حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أحمَدِ بنِ مُوسَى الدَّقَّاقِ&، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أبِي عَبدِ اللهِ الكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ عِمرَانِ النَّخَعِي، عَن عَمّهِ الحُسَينِ بنِ يَزِيدِ النَّوفِلِي، عَن الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبِي حَمزَةِ، عَن أبِيهِ، عَن سَعيِدِ بنِ جُبَيرٍ، عَن ابنِ عَبّاسٍ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ| كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَومٍ إذ أقبَلَ الحَسَنُ× فَلَمَّا رَآهُ بَكَىٰ... ثَمَّ أقبَلَ الحُسَينُ× فَلَمَّا رَآهُ بَكَىٰ... ثُمَّ أَقبَلَت فَاطِمَةُ‘ فَلَمَّا رَآهَا بَكَىٰ... ثُمَّ أقبَلَ أمِيرُ المُؤمِنيِن× فَلَمَّا رَآهُ بَكَىٰ... فَقَالَ لَهُ أصحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَرَى وَاحِداً مِن هَؤلاءِ إلاَّ بَكَىتَ...؟ فَقَالَ: أمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ×... إنِّي بَكَىتُ حِينَ أقبَلَ لأنِّي ذَكَرتُ غَدرَ الأُمّةِ بِهِ بَعدِي... حَتّىٰ يُضرَبَ عَلَى قَرنِهِ ضَربَةً تُخضَبُ مِنهَا لِحيَتُهُ فِي أفضَلِ الشُّهُورِ شَهرِ رَمَضَان... وَأمَّا ابنَتِي فَاطِمَة... إنِّي لَمَّا رَأيتُهَا ذَكَرتُ مَا يُصنَعُ بِهَا بَعدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَد دَخَلَ الذُّلُّ بَيتَهَا، وَانتُهِكَت حُرمَتُهَا، وَغُصِبَت حَقُّهَا، وَمُنِعَت إرثُهَا، وَكُسِرَ جَنبُهَا (وَكُسِرَت جَنبَتُهَا) وَأُسقُطِت جَنِينُهَا... وَأمَّا الحَسَنُ×... إنِّي لَمَّا نَظَرتُ إلَيهِ تَذَكّرتُ مَا يجري عَلَيهِ مِنَ الذُّلِّ بَعدِي، فَلاَ  يَزَالُ الأمرُ بِهِ حَتّى يُقتَلُ بِالسَّمِّ ظُلماً وَعُدوَاناً، فَعِندَ ذَلِكَ تَبكِي المَلاَئكَةُ وَالسَّبُعُ الشِّدَادُ لِمَوتِهِ، وَيَبكِيهِ كُلُّ شَيءٍ حَتّىٰ الطَّيرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَالحِيتَانُ فِي جَوفِ المَاءِ... وَأمَّا الحُسَينُ×... إنِّي لَمَّا رَأيتُهُ تَذَكَّرتُ مَا يُصنَعُ بِهِ بَعدِي... آمُرُهُ بِالرِّحلَةِ عَن دَارِ هِجرَتِي وَأبَشِّرُهُ بِالشَّهَادَةِ فَيَرتَحِلُ عَنهَا إلى أرضِ مَقتَلِهِ... ثُمَّ يُذبَحُ كَمَا يُذبَحُ الكَبشُ مَظلُوماً. ثُمَّ بَكَىٰ رَسُولُ الله| وَبَكَىٰ مَن حَولَهُ وَارتَفَعَت أَصوَاتُهُم ِالضَّجِيجِ...»[172].

دراسة سند الرواية الثانية

فيه موسى بن عمران النخعي الذي لم يُذكر له اسم في كتب الرجال.

الرواية الثالثة: رواية عبد الرحمن

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أحمَدِ بنِ الوَليِدِ&، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمَدُ بنُ إدرِيس وَمُحَمَّدُ بنُ يَحيَى العَطّارِ جَمِيعاً، عَن مُحَمَّدِ بنِ أحمَدِ بنِ يَحيَى بنِ عِمرَانِ الأشعَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبوُ عَبدِ اللهِ الرّازِي، عَن الحَسَنِ بنِ عَليِّ بنِ أبِي حَمزَة، عَن سَيفِ بنِ عُمَيرَة، عَن مُحَمّدِ بنِ عُتبَة، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمٰنِ، عَن أبِيهِ، عَن عَلِيّ بنِ أبِي طَالِبٍ× قَالَ: بَينَا أنَا وَفَاطِمَةُ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عِندَ رَسُولِ اللهِ| إذ التَفَتَ إلَينَا فَبَكَى، فَقُلتُ: مَا يُبكِيكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! فَقَالَ: أبكِي مِمَّا يُصنَعُ بِكُم بَعدِي. فَقُلتُ: ومَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أبكِي مِن ضَربتِكَ عَلَى القَرنِ، وَلَطمِ فَاطِمَة خَدَّهَا، وَطَعنَةِ الحَسَن فِي الفَخِذِ وَالسَّمِّ الَّذِي يُسقَى، وَقَتلِ الحُسَينِ. قَالَ: فَبَكَىٰ أهلُ البَيتِ جَمِيعاً»[173].

دراسة سند الرواية الثالثة

في سند هذه الرواية محمّد بن عبد الرحمن، وهو من قضاة العامّة، ولم يرد فيه توثيق[174].

الرواية الرابعة: رواية جابر

«وَبِهَذَا الإسنَادِ (عَنِ الحُسَينِ بنِ إِبرَاهِيم القَزوِينِيِّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ وَهبَان، عَن عَلِيِّ بنِ حَبَشِيٍّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ، عَن أَبِيهِ، عَن صَفوَان بنِ يَحيَى)، عَن الحُسَينِ (ِبنِ أَبِي غُندَر)، عَن عَمروِ بنِ شِمرٍ، عَن جَابِرٍ، عَن أبِي جَعفَرٍ× قَالَ: قَالَ أمِيرُ المُؤمِنِين×: فِي حَدِيثٍ: أَنَّ رَسُولَ الله| بَكَىٰ بُكَاءً شَدِيداً، فَقَالَ لَهُ الحُسَينُ: لِمَ بَكَىتَ؟ قَالَ: أَخبَرَنِي جَبرَئِيلُ أَنَّكُم قَتلَى وَمَصَارِعَكُم شَتَّى...»[175].

دراسة سند الرواية الرابعة

في سند هذه الرواية علّتان، أوّلاً فيه العبّاس بن محمد، وهو لم يوثّق في كتب الرجال، وثانياً فيه عمرو ­بن شمر، ولم يشهد النجاشي بوثاقته[176].

الاستدلال بالروايات الأربع: باستعانة التعاضد

يمكن الاستدلال بهذه الروايات كما بيّنا سابقاً[177]، حيث تجتمع هذه الروايات وتتعاضد مع روايات أُخرى تشاركها في المعنى والمضمون؛ وبالتالي نطمئنّ بصدور مضمون إحداها عن النبي|، فهذه الروايات لها طرق متعدّدة، ويمكن أن نستعين بقانون الاحتمالات ونقول: من البعيد أن يتواطأ جميع رواة هذا الأسناد على الكذب واحتمال كذبهم ضعيف جدّاً. لذلك يمكن التمسّك بهذه الروايات لإثبات أنّ النبي| أقام العزاء على أهل بيته، وبالتالي يثبت جواز هذا العمل للآخرين.

تنبيه:لو افترضنا أنّ التمسّك بهذه الروايات الأربع ليس صحيحاً، فيمكن أن نعتمد على طريق آخر ونقول: إذا أردنا أن نثبت دعوانا (أي: نثبت أنّ النبي| أقام العزاء على المعصومين^) فيمكن أن نستعين بقاعدة إلغاء الخصوصية، ونتمسّك بالروايات التي دلّت على عزاء رسول الله| على الإمام الحسين×. وكما قلنا سابقاً فإنّ جميع المعصومين^نور واحد، ولهم حكم واحد، وإذا ثبت حكم لأحد منهم فإنّه يثبت لسائر المعصومين^ أيضاً إلّا إذا دلّ دليل على خلاف ذلك[178].وبما أنّنا لا نرى خصوصية لعزاء رسول الله| على الإمام الحسين× فجواز إقامة العزاء على الإمام الحسين× يُثبت جوازها بالنسبة إلى سائر المعصومين^ أيضاً؛ وبالتالي يثبت أنّ إقامة العزاء على المعصومين^ جائز للآخرين أيضاً.

دراسة دلالة الروايات

تدلّ هذه الروايات على أنّ رسول الله| بكى على مصائب أهل بيته^. أي: إنّ رسول الله| أقام العزاء وبكى على مقتل أهل بيته^ واستشهادهم، وبما أنّ هذه الروايات لا تختصّ بالإمام الحسين× بل تتعلّق بجميع أهل البيت^، فبالتالي تدلّ على جواز إقامة العزاء عليهم جميعاً.

النتيجة:الصنف الثاني يشتمل على أربع روايات ويمكن التمسّك بها من باب التعاضد والاطمئنان بصدور بعضها.

القسم الثاني: بكاء سائر المعصومين^ على أهل البيت^ ـ خمس روايات

هناك روايات كثيرة حول بكاء سائر المعصومين^ (سوى النبي|) على أهل البيت ولكنّنا نكتفي هنا بخمس روايات:

الرواية الأُولى: معتبرة ابن عبّاس ـ بكاء أميرالمؤمنين× على استشهاد أهل البيت^

«عَن ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ: لَقَد دَخَلتُ عَلَى عَلِيٍّ× بِذِي قَار، فَأخرَجَ إلَيَّ صَحِيفَةً... فَقُلتُ: يَا أمِيرَ المُؤمِنيِن، اقرَأهَا عَلَيَّ. فَقَرَأهَا، فَإذَا فِيهَا كُلُّ شَيءٍ كَانَ مُنذُ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ| إلَى مَقتَلِ الحُسَينِ×، وكَيفَ يُقتَلُ، وَمَن يَقتُلُهُ، وَمَن يَنصُرُهُ، وَمَن يُستَشهدُ مَعَهُ، فَبَكَىٰ بُكَاءً شَدِيداً وَأبكَانِي. فَكَانَ فِيمَا قَرَأَهُ عَلَيَّ كَيفَ يُصنَعُ بِهِ وَكَيفَ يُستَشهَدُ فَاطِمَةُ وَكَيفَ يُستَشهَدُ الحَسَنُ ابنُهُ وَكَيفَ تَغدِرُ بِهِ الأمَّةُ، فَلَمَّا أن قَرَأ كَيفَ يُقتَلُ الحُسَينُ وَمَن يَقتُلُهُ أكثَرَ البُكَاء...»[179].

دراسة سند الرواية الأُولى

هذه الرواية أخرجها سليم بن قيس في كتابه، وهو من الرواة الثقات، وكتابه من الأُصول المعتبرة[180]. أمّا الذي روى عنه سليم وهو ابن عبّاس (عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب) فقد قال المحقِّقون: بأنّه إمامي ثقة جليل[181]. إذاً، الرواية معتبرة من ناحية السند.

الرواية الثانية: معتبرة ابن ميمون القدّاح ـ بكاء أميرالمؤمنين× على شهداء كربلاء

«حَدَّثَنِي أبِي وَجَمَاعَةُ مَشَايِخِي رَحِمَهُمُ الله، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللهِ، عَن أحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبِيدِ اللهِ[182]، عَن عَبدِ اللهِ بنِ مَيمُونِ القَدّاحِ[183]، عَن
أبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: مَرَّ أمِيرُ المُؤمِنيِن× بِكَربَلاء فِي أُنَاسٍ مِن أصحَابِهِ، فَلَمَّا مَرَّ بِهَا اغرَورَقَت[184] عَينَاهُ بِالبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ: ... هَذَا مُلقى رِحَالِهِم وهُنَا تُهرَقُ دِمَاؤهُم...»[185].

دراسة سند الرواية الثانية

في سند هذه الرواية سعد بن عبد الله وأحمد بن محمد بن عيسى، وهما ثقتان جليلان، أمّا جعفر بن محمد بن عبيد الله الأشعري، فليس له توثيقٌ خاصّ في كتب الرجال. ولكن هناك قرائن على وثاقته كما مرّت في هامش سند الرواية. وبالتالي؛ هذه الرواية معتبرةٌ من ناحية السند.

الرواية الثالثة: معتبرة حمران ـ بكاء الإمام السجّاد× على شهداء كربلاء

«حَدَّثَنَا المُظَفّرُ بنُ جَعفَرِ بنِ المُظَفَّرِ بنِ العَلَوِيّ السَّمَرقَندِيّ[186]، حَدَّثَنَا جَعفَرُ بنُ مَحَمَّدِ بنِ مَسعُودِ العَيَّاشِي[187]، عَن أبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ الطَّيَالَسِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي[188] عَن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ الأزدِي (مُحَمّدِ بنِ أبِي عُمَير زِيَادٍ)، عَن حَمزَةِ بنِ حِمرَان[189]، عَن أبِيهِ حِمرَانِ بنِ أعيَن، عَن أبِي جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ البَاقِرِ÷ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ÷ يُصَلِّي فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ ألفَ رَكعَةٍ... وَلَقَد كَانَ بَكَىٰ عَلَى أبِيهِ الحُسَينِ× عِشرِينَ سَنَةٍ، وَمَا وُضِعَ بَينَ يَدَيهِ طَعَامٌ إلاَّ بَكَىٰ؛ حَتّىٰ قَالَ لَهُ مَولَى لَهُ: يَا بنَ رَسُولِ اللهِ، أمَا أنَ لِحُزنِكَ أن يَنقَضِي؟ فَقَالَ لَهُ: وَيحَكَ! إنَّ يَعقُوبَ النَّبِيّ× كَانَ لَهُ اثنَا عَشَرَ ابناً فَغَيَّبَ اللهُ عَنهُ وَاحِداً مِنهُم فَابيَضَّت عَينَاهُ مِن كَثرَةِ بُكَائِهِ عَلَيهِ وَشَابَ رَأسُهُ مِنَ الحُزنِ وَاحدَودَبَ ظَهرُهُ مِنَ الغَمِّ وَكَانَ ابنُهُ حَيّاً فِي الدُّنيَا، وَأَنَا نَظَرتُ إِلَى أَبِي وَأَخِي وَعَمِّي وَسَبعَة عَشَرَ مِن أَهلِ بَيتِي مَقتُولِينَ حَولِي، فَكَيفَ يَنقَضِيَ حُزنِي؟!»[190].

دراسة سند الرواية الثالثة

بعض رجال السند إماميون ثقات، بل بعضهم من أصحاب الإجماع نظير محمّد بن زياد الأزدي.ورغم ذلك يوجد في سند الرواية مَن ليس لهم توثيق في كتب الرجال وهم: المظفر بن جعفر، وجعفر بن محمد، ومحمد بن خالد الطيالسي، وحمزة بن حمران. ولكن هناك قرائن على وثاقتهم، وقد مرّت في هامش سند الرواية، وإذا جمعنا هذه القرائن يمكن القول: بأنّهم ثقات على التحقيق. وبالتالي؛ تكون هذه الرواية معتبرة من ناحية السند.

الرواية الرابعة: معتبرة هارون ـ بكاء الإمام الصادق× على سيّد الشهداء×

«حَدّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى، عَن مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ البَرقِيِّ[191]، عَن أَبَانِ الأَحمَرِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ الخَزَّاز[192]، عن هَارُون بنِ خَارِجَةِ عَن أَبِي عَبدِ الله×، قَالَ: كُنَّا عِندَهُ فَذَكَرنَا الحُسَين‏× وَعَلَى قَاتِلِهِ لَعنَةُ اللهِ فَبَكَى أَبُو عَبدِ الله× وَبَكَىنَا، قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: قَالَ الحُسَينُ×: أَنَا قَتِيلُ العَبرَةِ لَا يَذكُرُنِي مُؤمِنٌ إِلّا بَكَى‏»[193].

دراسة سند الرواية الرابعة

كلّ رجال السند ثقات إلّا محمّد بن خالد البرقي ومحمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز، فالأوّل مختلَف فيه والثاني لم يُذكر اسمه في كتب الرجال. ولكن يمكن توثيقهما اعتماداً على القرائن المذكورة التي مرّت في هامش سند الرواية، وبالتالي نقول: إنّ سند الرواية خالٍ من العلّة والرواية معتبرة.

الرواية الخامسة: رواية إبراهيم ـ بكاء الإمامين الكاظم والرضا على سيّد الشهداء^

«حَدّثَنَا جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ مَسرُورٍ& قَالَ: حَدّثَنَا الحُسَينُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَامِر، عَن عَمّهِ عَبدِ الله بنِ عَامِر، عَن إبرَاهِيم بنِ أبِي مَحمُودٍ، قَالَ: قَالَ الرّضَا×: ... إِنَّ يَومَ الحُسَينِ× أَقرَحَ جُفُونَنَا وَأَسبَلَ دُمُوعَنَا وَأَذَلَّ عَزِيزَنَا بِأَرضِ كَربٍ وَبَلَاءٍ... ثُمَّ قَالَ×: كَانَ أَبِي‏× إِذَا دَخَلَ شَهرُ المُحَرَّمِ لَا يُرَىٰ ضَاحِكاً، وَكَانَتِ الكَآبَةُ تَغلِبُ عَلَيهِ حَتَّىٰ يَمضِيَ مِنهُ عَشرَةُ أَيَّامٍ، فَإِذَا كَانَ يَومُ العَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ اليَومُ يَومَ مُصِيبَتِهِ وَحُزنِهِ وَبُكَائِهِ، وَيَقُولُ: هُوَ اليَومُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الحُسَين×»[194].

دراسة سند الرواية الخامسة

رغم أنّ جميع رجال الرواية إماميون ثقات إلّا أنّ السيّد الخوئي قال في حقّ جعفر بن محمد بن مسرور: «جعفر بن محمد بن مسرور: من مشايخ الصدوق، وقد ترحّم عليه... أقول: لا دلالة في شي‏ء من ذلك، على وثاقة الرجل ولا على حسنه‏»[195]. ولكنّه من مشايخ الإجازة، وقد ذهب البعض إلى توثيق مشايخ الإجازة بشكل مطلق؛ وبالتالي يُعتبر هذا الرواي ثقة حسب مذهبه.

دراسة دلالة الروايات

إذا دقّقنا في هذه الروايات ونظائرها يتبيّن أنّ الأئمة المعصومين كأمير­المؤمنين والإمام الرضا وأبيه الإمام الكاظم^ بكوا جميعاً على مصائب الإمام الحسين× وأقاموا العزاء عليه بالبكاء، بل وهناك روايات تتكلّم عن بكاء أمير­المؤمنين× على مصائب السيّدة الزهراء والإمام الحسن÷. بالتالي؛ هذه الروايات تفيد بأنّ إقامة العزاء على مصائب أهل البيت^ ولا سيّما الإمام الحسين× جزء من سيرة المعصومين^ وسنّتهم.

النتيجة: كما ذكرنا سابقاً هناك خمس روايات في القسم الثاني، ويصحّ الاستدلال بها لإثبات بكاء المعصومين على أهل البيت^.

القسم الثالث: الروايات التي أطلقت جواز البكاء على أيّ ميّت

مضافاً إلى الروايات التي مرّت بنا في جواز البكاء على المعصومين^ خاصّة، فهناك روايات كثيرة تدلّ على جواز البكاء على الميت مطلقاً، وهي روايات كثيرة جدّاً إلى درجة أنّ الشيخ محمد تقي الآملي قال بوجود التواتر المعنوي في روايات جواز البكاء على الميت[196]، وسنحقّق هذه الروايات في المباحث القادمة[197]. وبما أنّ هذه الروايات مطلقة فهي تشمل المعصومين^ أيضاً، أي: إنّ هذه الروايات المتواترة تدلّ على جواز البكاء على المعصومين^؛ لأنّ إطلاقها يعم الحكم على المعصومين^ وغيرهم.

تنبيه: كلامٌ حول التباكي

إنّ التباكي من مصاديق إقامة العزاء على مصائب أهل البيت وقد صرّحت الروايات بهذا الأمر[198]، والتباكي هو تكلّف البكاء وتقمّص حالة البكاء، فإذا لم يستطِع المتفجّع أن يبكي عند ذكر مصائب أهل البيت^ فيُستحسن له أن يتقمّص حالة الباكين ومظهرهم (كأن يضع يده على عينيه ويُطرق برأسه) ويتكلّف البكاء.

الطائفة الثانية: الروايات التي تدلّ على جواز إقامة العزاء باللطم ـ روايتان

نكتفي بذكر روايتين من الطائفة الثانية.

الرواية الأُولى: معتبرة جابر مدعومة بصحيحة معاوية

«عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ[199]، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ[200] جَمِيعاً، عَن أَبِي جَمِيلَةٍ[201]، عَن جَابِرٍ[202]، عَن أَبِي جَعفَرٍ× قَالَ: قُلتُ: لَهُ مَا الجَزَعُ؟ قَالَ: أَشَدُّ الجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالوَيلِ وَالعَوِيلِ وَلَطمُ الوَجهِ وَالصَّدرِ وَجَزُّ الشَّعرِ مِنَ النَّوَاصِي...»[203].

دراسة سند الرواية الأُولى

يوجد في سند هذه الرواية رواة اختلف الفقهاء في وثاقتهم، ولكن يمكن الاستعانة بالقرائن التي مرّت في هامش سند الرواية لتصحيحه؛ وبالتالي تكون الرواية معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

اعتبر الإمام الصادق× في هذه الرواية أنّ لطم الوجه أحد مصاديق الجزع، وإذا ضممنا هذه الرواية إلى صحيحة معاوية بن وهب نتوصّل إلى جواز ضرب الجسد (اللطم) في مصيبة الإمام الحسين×.

صحيحة معاوية بن وهب

«الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيهِ، عَن أَبِيهِ (مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِي الطُّوسي)، عَنِ المُفِيدِ، عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ، عَن أَبِيهِ، عَن سَعدٍ(سَعدِ بنِ عَبدِ اللهِ القُمّي)، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ، عَن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنصَارِيِّ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× فِي حَدِيثٍ قَالَ: كُلُّ الجَزَعِ وَالبُكَاءِ مَكرُوهٌ سِوَى الجَزَعِ وَالبُكَاءِ عَلَى الحُسَينِ×»[204].

دراسة سند صحيحة معاوية

هذه الرواية كلّ رواتها إماميون ثقات؛ فهذه الرواية صحيحة[205].

دراسة دلالة صحيحة معاوية

هذه الرواية تدلّ بوضوح على أنّ لطم الوجه من مصاديق الجزع، وإذا ضممنا هذه الرواية إلى صحيحة معاوية بن وهب، يتّضح أنّ ضرب الجسد (اللطم) في مصيبة الإمام الحسين× جائز.

الرواية الثانية: معتبرة خالد بن سدير

«وَذَكَرَ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى (بنِ عُبَيدٍ) عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سَدِير أَخِي حَنَانِ بنِ سَدِير، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللهِ× عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلَى أَبِيهِ... فَقَالَ: لاَ بَأسَ بِشَقِّ الجُيُوبِ قَد شَقَّ مُوسَى بنُ عِمرَان÷ عَلَى أَخِيهِ هَارُون×... وَقَد شَقَقنَ الجُيُوبَ وَلَطَمنَ الخُدُودَ الفَاطِمِيَّاتُ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ÷، وَعَلَى مِثلِهِ تُلطَمُ الخُدُودُ وَتُشَقُّ الجُيُوبُ»[206].

دراسة سند الرواية الثانية

لا علّة في سند هذه الرواية إلّا وجود خالد بن سدير، فهو لم يوثّق في كتب الرجال إلّا أنّ السيّد الخوانساري قال في كتابه جامع المدارك: «ولا شي‏ء في اللّطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة... المنجبر بالعمل»[207]. وكما هو ثابت في علم الأُصول ومشهور بين الفقهاء، فإنّ ضعف السند ينجبر بعمل الأصحاب. إذن؛ لا مشكلة في هذا السند والرواية معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الثانية

لقد صرّحت هذه الرواية بجواز اللطم، واستشهد الإمام× بما فعله أهل بيت الإمام الحسين× حيث إنّهن لطمنَ على الإمام الحسين×، ولو كان اللطم حراماً لما ذكره الإمام في مقام الاستشهاد والتأييد.

إشكال:رُوي في كتب المقاتل أنّ سيّد الشهداء× أوصى أُخته السيدة زينب‘ وأهل بيته قائلاً:

«يَا أُختَاهُ، يَا أُمَّ كُلثُوم، وَأنتَ يَا زَينَبُ، وَأنتَ يَا فَاطِمَةُ، وَأنتَ يَا رُبَابُ، اُنظُرنَ إذَا أنَا قُتِلتُ فَلاَ تَشقُقنَ عَلَيَّ جَيباً، وَلاَ تَخمِشنَ عَلَيَّ وَجهاً»[208].

الجواب:

 أوّلاً: هذه الرواية ليست مسندة، فضلاً عن كونها معتبرة، فما ذُكر في المقاتل مرسل، وإذا كانت عندنا رواية معتبرة تدلّ على الجواز فلا يُلتفت إلى كلام يفتقد السند.

ثانياً: لو فُرضت صحّة هذه الرواية وتعارضت مع الرواية التي ذكرناها فمقتضى القاعدة أن نحمل رواية النهي على عدم إظهار الذلّة أمام الأعداء، وهذا لا يضرّ ببحثنا، أي: أصل جواز إقامة العزاء باللطم.

كما أنّ هناك روايات تدلّ على استحباب إقامة العزاء، بل وتؤكّد استحبابها وسنذكرها في النظريتين الثانية والثالثة، وهذه الروايات لها دلالة التزامية على جواز إقامة العزاء؛ لأنّ الاستحباب والاستحباب المؤكّد يتفرعان على الجواز.

النتيجة: ذكرنا في الطائفة الثانية روايتين معتبرتين لا مشكلة سندية فيهما؛ وبالتالي يصح التمسّك بهما.

نتيجة البحث في النظرية الأُولى

لقد ذكر الدليل على النظرية الأُولى (جواز إقامة العزاء) بثلاثة مواضع من كلام الفقهاء (صوم عاشوراء، البكاء في الصلاة، ولبس السواد)، كما ذكرنا لها دليلاً من القرآن الكريم ودلالته تامّة، وأشرنا إلى طائفتين من الروايات التي تدلّ على أنّ النبي| وبعض أهل بيته^ أقاموا العزاء على سائر المعصومين^ بالبكاء والجزع واللطم و... إذن؛ نستنتج أنّ إقامة العزاء على المعصوم× جائز.

النظرية الثانية: استحباب إقامة العزاء

ذهب كثير من الفقهاء إلى أنّ البكاء على مصائب أهل البيت^ مستحب، فهو نوع من إقامة العزاء عليهم. قال الحرّ العاملي في هداية الأُمّة: «يستحبّ البكاء لمصابهم^»[209]. كما أفرد لهذا الموضوع باباً في وسائل الشيعة يحمل عنوان: «بَابُ اسْتِحْبَابِ الْبُكَاءِ لِقَتْلِ الحُسَيْن× وَمَا أَصَابَ أَهْلَ الْبَيْتِ^»[210].

قال المولى محمد النراقي في كتاب مشارق الأحكام: «ما ورد في متظافرة الأخبار، من استحباب البكاء والإبكاء على الحسين×»[211]. كما قال الملّا حبيب الله الكاشاني في كتاب ذريعة الاستغناء: «البكاء على الحسين× وسائر المظلومين من أهل البيت^ وأصحابهم والتفجّع في مصائبهم ورزاياهم أمر مطلوب شرعاً؛ لتواتر الأخبار بالحثّ عليه»[212]. ويظهر من قوله: «مطلوب شرعاً» أنّه يعتبر البكاء مستحبّاً.

وقال المحدّث البحراني في الحدائق ما نصّه: «ليس في شيء من أفراد البكاء ما يوجب الثواب الجزيل والأجر الجميل مثل البكاء عليه والبكاء على آبائه وأبنائه^»[213].

وقال آل عصفور البحراني في كتاب سداد العباد، باب مبطلات الصلاة: «الأوّل: في مبطلاتها... والبكاء على ميّت، ما لم يكن مندوباً للبكاء عليه كالبكاء على الحسين× ومَن ضاهاه، فهو كالبكاء من خشية الله في الثواب والأجر»[214].

وقال المولى أحمد النراقي في مستند الشيعة ما نصّه: «ما في بعض أخبارنا من أنّ كلّ بكاء مكروه سوى البكاء على الحسين× مبالغة في عظم أجره»[215]. ويُستفاد من كلامه أنّ البكاء على الإمام الحسين× مستحبّ؛ لأنّه قال: «مبالغة في عظم أجره». وإذا ترتّب الثواب على عمل رغم عدم وجوبه، فنستنتج أنّه مستحبّ.

قال كاشف الغطاء: «وأحسن الأعمال وأنزهها في ذكرى الحسين السبط× هو النياحة والندبة والبكاء لريحانة الرسول|»[216]. وظاهر هذه العبارة أنّ البكاء على الإمام الحسين× مستحبّ.

ولقد عقد العلّامة المجلسي باباً في كتاب بحار الأنوار لاستحباب البكاء على الإمام الحسين وسائر المعصومين^ وسمّاه: «باب ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمة^...»[217]. ثمّ قال بعد نقل أحد الأحاديث بأنّه: «ويدلّ على استحباب النوحة»[218].

وكما سيأتي في المباحث القادمة، فقد قالت جماعة من العلماء: بأنّ البكاء على الميّت المؤمن مستحبّ، وفي المورد الذي تكون المصيبة سبباً لشدّة الحزن والبكاء مسكناً للحزن[219].منهم العلّامة المجلسي في بحار الأنوار[220]، الحرّ العاملي في هداية الأُمّة[221] ووسائل الشيعة[222]، والشيخ محمد حسن النجفي في نجاة العباد[223]، والنراقي في مستند الشيعة[224]، والسيد اليزدي في العروة[225].

ويتّضح من كلمات هؤلاء العظام أنّ البكاء على الأئمة^ مستحبّ بطريق أوْلى؛ لأنّهم المصداق الحقيقي للمؤمن، وكذلك الحزن عليهم ولا سيّما الإمام الحسين× شديد جدّاً؛ لأنّهم أركان الدين وقُتلوا مظلومين واستُشهدوا بأُسلوب فظيع.

الاستدلال على النظرية الثانية: دليلان

استدلّ العلماء بمجموعة من الآيات والروايات لاستحباب البكاء على المعصومين^:

الدليل الأوّل: آيتان من القرآن

نذكر آيتين من القرآن الكريم لإثبات استحباب إقامة العزاء على المعصومين^:

الآية الأُولى: تعظيم حرمات الله

 (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [226].

تقريب الاستدلال بالآية الأُولى

 أوّلاً: لا بدّ من بيان مقدّمة: وردت كلمة: «حُرُماتِ» في هذه الآية الشريفة وهي جمع الحرمة، وقد جاء في لسان العرب: «الحُرُماتُ جمع حُرْمَة... الحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه»[227].

 ولقد ذكرت كتب التفسير رواية في ذيل هذه الآية، فيها يسأل الراوي عن معنى الحرمات في هذه الآية الشريفة فيقول×: «هي ثلاث حرمات واجبة، فمن قطع منها حرمة فقد أشرك بالله. الأُولى: انتهاك حرمة الله في بيته الحرام، والثانية: تعطيل الكتاب والعمل بغيره، والثالثة: قطيعة ما أوجب الله من فرض مودتنا وطاعتنا»[228].

 إذن؛ يتّضح من هذه الرواية أنّ محبّة ومودّة أهل البيت^ من حرمات الله، بمعنى أنّه لا يجوز انتهاك حرماتهم، وقطع مودّتهم موجبٌ للشرك.

ونقول على ضوء هذه المقدّمة: من جهة أنّ مودّة رسول الله| وأهل بيته^من الأُمور التي يعتبرها الإسلام من حرمات الله ولا يجوز انتهاكها. ومن جهة أُخرى تدلّ الآية الشريفة على استحباب تعظيم حرمات الله، لإطلاق الخير عليه، وبالتالي يستحبّ تعظيم رسول الله| وأهل بيته^ ومودّتهم.

ولا شكّ في أنّ إقامة العزاء على الأئمة^ تُعتبر تعظيماً لهم وتعبيراً عن حبّنا ومودّتنا لهم. فبكاؤنا على مصائب المعصومين^ هو في الواقع احترامهم وتعظيمهم وتعبير عن حبّنا لهم؛ فنستنتج من هذه الآية الكريمة أنّ إقامة العزاء على أهل البيت^ مستحبّ شرعاً.

الآية الثانية: مودّة أهل البيت ^

 (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[229].

تقريب الاستدلال بالآية الثانية

كلمة «المودّة» مشتقّة من مادّة (ودد) وتعني المحبّة[230]،هذه الآية الكريمة تبيّن لنا أنّ أجر رسول الله| مودّة أهل بيته^، وهو أمرٌ محبوب عند الله، ولا شكّ في أنّ إقامة العزاء في مصائب أهل بيت النبي من أظهر مصاديق المودّة لهم، وبتعبيرٍ آخر: إنّنا نواسي أهل بيت النبي^ بإقامة العزاء؛ لأنّنا نحبّهم ونريد أن نعبّر عن مودّتنا لهم.

 وعلى ضوء ذلك؛ فإنّ إقامة العزاء من مظاهر المودّة لأهل البيت^ وهو أمر محبوب عند الله تعالى وله رجحان، وهكذا تدلّ الآيتان المذكورتان بوضوح على استحباب إقامة العزاء على المعصومين^.

الدليل الثاني: الروايات  ـ سبع طوائف

استدلّ بطوائف من الروايات لإثبات استحباب إقامة العزاء على المعصومين^:

الطائفة الأُولى: الروايات الدالّة على كراهة الجزع إلاّ على الإمام الحسين×  ـ رواية واحدة

نكتفي بذكر رواية صحيحة واحدة من هذه الطائفة:

صحيحة معاوية بن وهب

سبق الكلام في صحيحة معاوية [231]، وقد بحثناها من ناحية السند وقلنا: إنّها رواية صحيحة السند[232].

دراسة دلالة صحيحة معاوية

استدلّ النراقي بهذه الرواية في كتابه مستند الشيعة، حيث قال: «ما في بعض أخبارنا من أنّ كلّ بكاء مكروه سوى البكاء على الحسين× مبالغة في عظم أجره»[233].

ولا يخفى أنّ هذا الاستنباط لا يصحّ إلّا إذا فسّرنا الرواية اعتماداً على روايات أُخرى، فهذه الرواية وحدها لا تدلّ على الاستحباب وعظم الأجر، نعم إذا لاحظنا هذه الرواية مع سائر الروايات الواردة في إقامة العزاء على الإمام الحسين× نستنتج أنّها ليست مكروهة فحسب، بل مستحبّة أيضاً.

تنبيه: حدّ الجزع ومقداره

تدلّ صحيحة معاوية بن وهب مع سائر الروايات على جواز البكاء والجزع على الإمام الحسين× بل واستحبابهما. والسؤال المطروح هنا: ما هو حدّ الجزع ومقداره؟ وقد جاء الجواب عن هذا السؤال في رواية جابر عن الإمام الباقر×.

معتبرة جابر بن يزيد

سبق البحث في سند رواية جابر[234]، واتضح أنّها رواية معتبرة السند[235].

دراسة دلالة معتبرة جابر

هذه الرواية تدلّ بوضوح على أنّ الجزع هو الصراخ بالويل والحزن والبكاء ولطم الوجه والصدر وجزّ الشعر من النواصي. فإذا ضممنا هذه الرواية إلى الروايات الدالّة على جواز الجزع نستنتج أنّ جميع هذه الأعمال جائزة عند إقامة العزاء على الإمام الحسين×، بل ومستحبّة أيضاً.

النتيجة:استدللنا برواية صحيحة واحدة من الطائفة الأُولى، ودلالتها على الاستحباب تامّة.

الطائفة الثانية: دعاء الإمام× لمَن يقيمون العزاء  ـ رواية واحدة

 نكتفي بذكر رواية صحيحة واحدة من هذه الطائفة أيضاً:

صحيحة عقبة بن خالد  ـ دعاء الإمام الصادق× للباكين على الإمام الحسين×

«حَدّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مَسعُودٍ، قَالَ: حَدّثَنِي عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الوَشَّاءِ، قَالَ: حَدّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُقبَةٍ عَن أَبِيهِ قَالَ: قُلتُ لِأَبِي عَبدِ الله×: إِنَّ لَنَا خَادِماً لَا تَعرِفُ مَا نَحنُ عَلَيهِ فَإِذَا أَذنَبَت ذَنباً وَأَرَادَت أَن تَحلِفَ بِيَمِينٍ قَالَت: لاَ! وَحَقِّ الَّذِي إِذَا ذَكَرتُمُوهُ بَكَىتُم. قَالَ: فَقَالَ: رَحِمَكُمُ الله مِن أَهلِ البَيت»[236].

دراسة سند صحيحة عقبة

جميع رواة السند من الإماميين الثقات، ولا مشكلة سندية فيها.

دراسة دلالة صحيحة عقبة

ظاهر الرواية أنّ الذي يُبكى عليه هو الإمام الحسين× والإمام الصادق× يدعو لهم. وهذا نوع من التأييد والتقرير لفعلهم.

إذن؛ الإمام× أيّد إقامة العزاء ودعا لمَن يقيمون العزاء، وهذا الدعاء يدلّ على استحباب فعلهم، وإلّا فما معنى أن يدعو الإمام× لشخص لأنّه قام بفعل مباح؟!

النتيجة:ذكرنا رواية صحيحة السند من الطائفة الثانية، ودلالة هذه الرواية على الاستحباب تامة.

الطائفة الثالثة: الروايات الدالة على ثواب البكاء ـ ثمان روايات

نكتفي في الطائفة الثالثة بذكر ثمان روايات تدلّ على ثواب البكاء:

الرواية الأُولى: معتبرة ريّان بن شبيب

«حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيه‏[237]&، قَالَ: حَدّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم بنِ هَاشِمٍ، عَن
أَبِيه[238]، عَنِ الرَّيَّانِ بنِ شَبِيبٍ، قَالَ: دَخَلتُ عَلَى الرِّضَا× فِي أَوَّلِ يَومٍ مِنَ المُحَرَّمِ‏... فَقَالَ لِي: يَا بنَ شَبِيبٍ‏، إِن كُنتَ بَاكِياً لِشَي‏ءٍ فَابكِ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ÷؛ فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذبَحُ الكَبشُ‏... يَا بنَ شَبِيبٍ، إِن بَكَىتَ عَلَى الحُسَين‏× حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيكَ غَفَرَ اللهُ لَكَ كُلَّ ذَنبٍ أَذنَبتَهُ‏، صَغِيراً كَانَ أَو كَبِيراً قَلِيلاً كَانَ أَو كَثِيراً... يَا بنَ شَبِيبٍ‏، إِن سَرَّكَ أَن تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ العُلَى مِنَ الجِنَانِ فَاحزَن لِحُزنِنَا وَافرَح لِفَرَحِنَا...»[239].

دراسة سند الرواية الأُولى

لا توجد علّة في سند هذه الرواية، ولكن هناك بحث في اثنين من الرواة، الأوّل محمّد بن علي ماجيلويه الذي اختُلف في وثاقته، والثاني إبراهيم بن هاشم الذي لا يوجد نصّ خاصّ في توثيقه. ولكن كما قلنا في هامش سند الرواية: إنّ هناك قرائن يمكن الاعتماد عليها لتوثيق هذين الراويين.

الرواية الثانية: المعتبرة الأُولى لحسن بن علي بن فضّال

«حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ إبرَاهِيم بنِ إسحَاقِ (الطّالِقَانِي)[240]، قَالَ: أخبَرَنَا أحمَدُ بنُ مُحَمّدِ الهَمِدَانِيّ[241]، عَن عَلِي بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِي بنِ فَضّالٍ[242]، عَن أبِيه[243]، عَن أبِي الحَسَنِ عَلِي بنِ مُوسَى الرّضَا÷ قَالَ: ... وَمَن كَانَ يَومُ عَاشُورَاء يَومَ مُصِيبَتِه وَحُزنِهِ وَبُكَائِهِ جَعَلَ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ يَومَ فَرَحِهِ وَسُرُورِهِ...»[244].

دراسة سند الرواية الثانية

لا علّة في سند هذه الرواية، ولكن هناك خلاف في بعض رواتها، وكما قلنا في سند الرواية السابقة: هناك قرائن تفيد وثاقتهم. إذن؛ لا علّة في سند الرواية، وهي رواية معتبرة.

الرواية الثالثة: المعتبرة الثانية لحسن بن علي بن فضّال

«حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ إبرَاهِيم بنِ إسحَاقِ&، قَالَ: أخبَرَنَا أحمَدُ بنُ مُحَمّدِ الهَمِدَانِيّ عَن عَلِي بنِ الحَسنِ بنِ عَلِي بنِ فَضّالِ، عَن أبِيهِ قَالَ: قَالَ الرّضَا×: مَن تَذَكّرَ مُصَابَنَا وَبَكَى لِمَا ارتُكِبَ مِنّا كَانَ مَعَنَا فِي دَرَجَتِنَا يَومَ القِيَامَةِ، وَمَن ذُكِّرَ بِمُصَابِنَا فَبَكَى وَأبكَى لَم تَبكِ عَينُهُ يَومَ تَبكِي العُيوُن...»[245].

دراسة سند الرواية الثالثة

سند هذه الرواية كسند الرواية الثانية تماماً. إذن؛ الكلام الذي قلناه هناك ينطبق على هذا السند أيضاً، فلا مشكلة في السند والرواية معتبرة.

الرواية الرابعة: المعتبرة الأُولى لمحمّد بن مسلم

«حَدّثَنَا أبِي قَالَ: حَدّثَنَا سَعدُ بنُ ­عَبدِ اللهِ، قَالَ: حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ عِيسَى بنِ عُبَيدِ اليَقطِينِي[246]، عَن القَاسِمِ بنِ يَحيَى[247]، عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ[248]، عَن أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ، عَن أبِي عَبد اللهِ×، قَالَ: حَدّثَنِي أبِي×، عَن جَدّي×، عَن آبَائِه^: أنّ أمِيرَ المُؤمِنِين× عَلَّمَ أَصحَابَهُ فِي مَجلِسٍ وَاحِدٍ أَربَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا يَصلُحُ لِلمُؤمِنِ فِي دِينِهِ ودُنيَاهُ قَالَ×: ... كُلُّ عَينٍ يَومَ القِيَامَةِ بَاكِيَةٌ وَكُلُّ عَينٍ يَومَ القِيَامَةِ سَاهِرَةٌ [249] إِلاَّ عَينَ مَنِ اختَصَّهُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ وَبَكَى عَلَى مَا يُنتَهكُ مِنَ الحُسَينِ× وآلِ مُحَمَّد^...»[250].

 دراسة سند الرواية الرابعة

في سند هذه الرواية محمّد بن عيسى بن عبيد، والقاسم بن يحيى بن الحسن، والحسن بن راشد مولى بني العبّاس، وقد وردت فيهم تضعيفات، إلّا أنّ هناك قرائن يمكن الاعتماد عليها لتوثيقهم، فعلى ضوء القرائن التي مرّت في هامش سند الرواية لا مشكلة في هذا السند والرواية معتبرة.

الرواية الخامسة: المعتبرة الثانية لمحمّد بن مسلم

«حَدّثَنِي الحَسَنُ بنُ عَبدِ الله بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسىَ، عَن أبِيهِ[251]، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ، عَن العَلاءِ بنِ رَزِينٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ، عَن أبِي جَعفَرٍ× قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ÷ يَقُولُ: أَيُّمَا مُؤمِنٍ دَمَعَت عَينَاهُ لِقَتلِ الحُسَينِ بنِ عَلِي÷ دَمعَةً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللهُ بِهَا فِي الجَنَّةِ غُرَفاً يَسكُنُهَا أَحقَاباً، وَأَيُّمَا مُؤمِنٍ دَمَعَت عَينَاهُ دَمعاً حَتَّى يَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ لِأَذىً مَسَّنَا مِن عَدُوِّنَا فِي الدُّنيَا بَوَّأَهُ اللهُ مُبَوَّأَ صِدق‏ٍ...»[252].

دراسة سند الرواية الخامسة

إنّ رواة السند كلّهم إماميون ثقات، بل إنّ بعضهم من أصحاب الإجماع[253]؛ لأنّ الحسن بن عبد الله من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة، وهو شهد بوثاقة جميع مشايخه بلا واسطة. ولكن يوجد في السند راوٍ واحد قد يشكّل علّة للسند، وهو عبد الله بن محمّد والد الحسن بن عبد الله، حيث لم يرد فيه توثيق خاص في كتب الرجال. ولكن كما مرّ في هامش سند الرواية توجد قرائن تدلّ على وثاقته. إذن؛ هذه الرواية معتبرة السند.

الرواية السادسة: رواية ابن عبّاس

«حَدّثَنَا عَلِيُّ بنُ أحمَدِ بنِ مُوسَى الدّقَاقِ&، قَالَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ أبِي عَبدِ اللهِ الكُوفِيّ، قَالَ: حَدّثَنَا مُوسَى بنُ عِمرَانِ النّخَعِي، عَن عَمّهِ الحُسَينِ بنِ يَزيِدِ النّوفِلِيّ، عَن الحَسَنِ بنِ عَلِي بنِ أبِي حَمزَةٍ، عَن أبِيهِ، عَن سَعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عَن ابنِ عَبّاسٍ قَالَ: إنّ رَسُولَ الله| كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَومٍ إذ أقبَلَ الحَسَنُ× فَلمّا رَآهُ بَكَى ثُمّ قَالَ: ... وأمّا الحَسَنُ×... فَمَن بَكَاهُ لَم تَعمَ عَينُهُ يَومَ تَعمَى العُيُونُ، وَمَن حَزِنَ عَلَيهِ لَم يَحزَن قَلبُهُ يَومَ تَحزَنُ القُلُوب‏...»[254].

دراسة سند الرواية السادسة

في سند هذه الرواية الحسن بن علي بن أبي حمزة، وهو لم يوثّق[255].

الرواية السابعة: رواية أبي بصير

«حَدّثَنِي أبِي، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللهِ، عَن الحَسَنِ بنِ مُوسَى الخَشّابِ، عَن إسمَاعِيلِ بنِ مِهرَان، عَن عَلِي بنِ أبِي حَمزَةٍ، عَن أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبدِ الله×: قَالَ الحُسَينُ بنُ عَليٍ÷: أَنَا قَتِيلُ العَبرَةِ لاَ يَذكُرُنِي مُؤمِنٌ إِلاَّ استَعبَرَ»[256].

دراسة سند الرواية السابعة

في سند هذه الرواية الحسن بن موسى الخشّاب، ولم يرد فيه توثيق.

الرواية الثامنة: رواية إبراهيم

«حَدّثَنَا جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ مَسرُورٍ&، قَالَ: حَدّثَنَا الحُسَينُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَامِرٍ، عَن عَمّهِ عَبدِ الله بنِ عَامِر (الأشعَرِي)، عَن إبرَاهِيمَ بنِ أبِي مَحمُودٍ، قَالَ: قَالَ الرّضَا×: ... فَعَلَى مِثلِ الحُسَينِ× فَليَبكِ البَاكُونَ؛ فَإِنَّ البُكَاءَ يَحُطُّ الذُّنُوبَ العِظَامَ‏»[257].

دراسة سند الرواية الثامنة

كلّ رجال هذه الرواية إماميون ثقات، إلّا جعفر بن محمّد بن مسرور، وقد سبق الكلام عنه[258]. وطبقاً لما ذهب إليه البعض يمكن الاعتماد على الروايات الثلاث الأخيرة كمؤيّد للروايات السابقة.

دراسة دلالة الروايات الثمانية

تدلّ الرواية الثالثة والرابعة والخامسة على أنّ للبكاء في مصائب أهل البيت^ أجراً عظيماً. كما أنّ الرواية الأُولى والثانية والسابعة والثامنة تبيّن أجر البكاء على الإمام الحسين× بالذات. أمّا الرواية السادسة فتشير إلى ثواب البكاء على الإمام الحسن×.

إذن؛ يمكن الاستنتاج من هذه الروايات أنّ البكاء على مصائب أهل البيت^ ليس جائزاً فحسب، بل له أجر وثواب عظيم؛ وبالتالي يكون مستحباً أيضاً.

النتيجة:لقد ذكرنا في الطائفة الثالثة ثمان روايات وأسناد الروايات الخمس الأُولى خالية من العلّة، ويمكن الاعتماد عليها، كما أنّ دلالة جميع هذه الروايات الثمانية على ثواب البكاء على المعصومين^ تامّة، فالاستدلال بها صحيح، والروايات الثلاث الأخيرة خير مؤيّد للمطلب.

الطائفة الرابعة: تأييد إقامة مجلس العزاء ـ  روايتان

الطائفة الرابعة من الروايات تدلّ على تأييد إقامة مجلس العزاء على أهل البيت^ وسنكتفي بذكر روايتين:

الرواية الأُولى: معتبرة الحسن بن فضّال

 «حَدّثَنَا أَحمَدُ بنُ الحَسَنِ القَطَّانِ‏[259]، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكرَانِ النَّقَّاشِ[260]، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبرَاهِيمِ بنِ إِسحَاقِ[261]، قَالوُا: حَدّثَنَا أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيد الهَمدَانِيّ‏ قَالَ: أخبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ فَضَّالٍ عَن أَبِيهِ‏[262] قَالَ: قَالَ الرِّضَا×: مَن تَذَكَّرَ مُصَابَنَا فَبَكَى وَأَبكَى لَم تَبكِ عَينُهُ يَومَ تَبكِي العُيُونُ، وَمَن جَلَسَ مَجلِساً يُحيىٰ فِيهِ أَمرُنَا لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَمُوتُ القُلُوبُ‏»[263].

دراسة سند الرواية الأُولى

سند هذه الرواية يواجه مشاكل بسبب بعض الرواة، كأحمد بن حسن، الذي لم يُذكر اسمه في كتب الرجال، ومحمّد بن بكران الذي لم يوثّق في الرجال، ومحمّد بن إبراهيم بن إسحاق وهو أيضاً لم يُذكر في كتب الرجال، ولكن كما قلنا في سند الرواية هناك قرائن تدلّ على وثاقتهم؛ وبالتالي سند الرواية معتبر ولا مشكلة فيه؛ فيصح الاستدلال بها.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

في صدر هذا الحديث أيّد الإمام× إقامة العزاء والبكاء على مصائبهم وذكر ثوابهما الأُخروي. وفي ذيل الحديث تكلّم الإمام× عن المجالس التي يُحيى فيها أمرهم. فصدر الحديث يشكّل قرينة تدلّ على أنّ ذيل الحديث يشمل مجالس العزاء أيضاً، أي: إنّها من المجالس التي يُحيى فيها أمر أهل البيت^. فيثبت أنّ أهل البيت^ أمروا بإقامة مجالس العزاء لهم، وهذا يدلّ على استحبابها.

الرواية الثانية: رواية مالك الجهني

«حَدّثنَي حَكيمُ بنُ دَاوُدِ بنِ حَكيمِ وَغَيرُهُ، عَن مُحَمَّدِ بنِ مُوسَى الهَمدَانِيِّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ، عَن سَيفِ بنِ عُمَيرَة وَصَالِحِ بنِ عُقبَةٍ جَمِيعاً، عَن عَلقَمَةِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَضرَمِيِّ وَمُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعِيل‏(بِن بَزِيعٍ)، عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةٍ، عَن مَالِكٍ الجُهَنِيّ‏ (مَالِك بنِ أعينِ الجُهَنِي)، عَن أَبِي جَعفَرٍ البَاقِر× قَالَ: مَن زَارَ الحُسَينَ× يَومَ عَاشُورَاء... قَالَ: قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ فَمَا لِمَن كَانَ فِي بُعدِ البِلَادِ وَأَقَاصِيهَا وَلَم يُمكِنهُ المَصِير (المَسِير) إِلَيهِ فِي ذَلِكَ اليَوم‏؟ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ اليَوم بَرَزَ إِلَى الصَّحرَاءِ... ثُمَّ ليَندُبِ الحُسَينَ× ويَبكِيهِ وَيَأمُرُ مَن فِي دَارِهِ بِالبُكَاءِ عَلَيه‏ وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ مُصِيبَتَهُ بِإظهَارِ الجَزَعِ عَلَيهِ وَيَتَلَاقَونَ بِالبُكَاءِ بَعضُهُم بَعضاً فِي البُيُوتِ، وليُعِزّ بَعضُهُم بَعضاً بِمُصَابِ الحُسَين× فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُم إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللهِ جَمِيعَ هَذَا الثَّوَابِ‏...»[264].

 وأخرجها الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد بإسناد آخر: «رَوَى مُحَمّدُ بنُ إسمَاعِيلِ بنِ بَزِيعٍ، عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةٍ، عَن أبِيهِ، عَن أبِي جَعفَرٍ× قَالَ: مَن زَارَ الحُسَينُ بنُ عَليٍ÷ فِي يَومِ عَاشُورَاء...»[265].

دراسة سند الرواية الثانية

أُخرجت هذه الرواية في كتابين وبسندين مختلفين. السند الأوّل في كامل الزيارات، والثاني في مصباح المتهجّد.

أمّا السند الأوّل ففيه حكيم بن داود بن حكيم، وهو من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة؛ وبالتالي تثبت وثاقته عن طريق شهادة ابن قولويه بوثاقة رواة كتابه. وفيه أيضاً محمّد بن موسى بن عيسى الهمداني، وهو مضافاً إلى أنّه لم يوثّق في الرجال، رُمي بالغلو أيضاً[266]. أمّا السند الثاني ففيه عقبة بن قيس، وهو أبو صالح، ولم يرد فيه توثيق. وبالتالي تصلح هذه الرواية لتكون بسنديها مؤيّدة لسائر الروايات.

دراسة دلالة الرواية الثانية

أمر الإمام الباقر× الراوي بإقامة العزاء في بيته يوم عاشوراء، فهذه الرواية تدلّ على جواز إقامة العزاء على الإمام الحسين×، بل واستحبابها أيضاً، وبما أنّ جميع الأئمّة^ نورٌ واحد، ولا فرق بين الإمام الحسين× وسائر الأئمّة^ في حكم إقامة العزاء لهم، فتدلّ هذه الرواية على جواز ـ بل استحباب ـ إقامة مجالس العزاء على أهل البيت^.

النتيجة:ذكرنا روايتين من الطائفة الرابعة. أمّا الرواية الأُولى فلا مشكلة سندية فيها، وأمّا الرواية الثانية فهي خير مؤيّد للطائفة الرابعة من الروايات.

 الطائفة الخامسة: الأمر بإنشاد الشعر في مصائب الإمام الحسين×  ـ  خمس روايات

هناك عدّة روايات تدلّ على استحباب إنشاد الشعر في مصيبة الإمام الحسين× ونستدلّ بخمس روايات:

الرواية الأُولى: رواية صالح بن عقبة

«حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ أحمَدِ بن الحُسَينِ العَسكَرِيّ، عَن الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ مَهزِيَارٍ، عَن أبِيه، عَن مُحَمّدِ بنِ سَنَانٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعِيلٍ، عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: مَن أَنشَدَ فِي الحُسَينِ‏× بَيتَ شِعرٍ فَبَكَى وَأَبكَى عَشرَةً فَلَهُ وَلَهُمُ الجَنَّةُ، وَمَن أَنشَدَ فِي الحُسَينِ× بَيتاً فَبَكَى وَأَبكَى تِسعَةً فَلَهُ وَلَهُمُ الجَنَّةُ، فَلَم يَزَل حَتَّى قَالَ: مَن أَنشَدَ فِي الحُسَينِ× بَيتاً فَبَكَى وَأَظُنُّهُ قَالَ: أَو تَبَاكَى فَلَهُ الجَنَّة»[267].

دراسة سند الرواية الأُولى

في سند هذه الرواية الحسن بن علي بن مهزيار، ولم يرد فيه توثيق في كتب الرجال.

الرواية الثانية: رواية عبد الله بن غالب

«حَدّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ جَعفَرٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ حَسَّان، عَن‏ (ابنِ‏) أَبِي شُعبَة، عَن عَبدِ اللهِ بنِ غَالِبٍ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى أَبِي عَبدِ الله× فَأَنشَدتُهُ مَرثِيَةَ الحُسَينِ× فَلَمَّا انتَهَيتُ إِلَى هَذَا المَوضِع‏:

لَبَلِيَّةٌ تَسقُوا حُسَيناً       

بِمِسقَاةِ الثَّرَى غَيرِ التُّرَابِ‏

فَصَاحَت بَاكِيَةٌ مِن وَرَاءِ السَّترِ يَا أَبَتَاه»[268].

دراسة سند الرواية الثانية

في سند هذه الرواية عبد الله بن حسّان، وهو لم يوثّق في كتب الرجال.

الرواية الثالثة: رواية أبي عمارة

«حَدّثَنِي أبُو العَبّاسِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ،‏ِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي عُثمَان،‏ عَن حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بن‏ أبِي المُغَيرَةِ، عَن أَبِي عمَارَةِ المُنشِدِ، عَن أَبِي عَبدِ الله× قَالَ: قَالَ لِي: يَا أَبَا عمَارَةِ، أَنشِدنِي‏ فِي الحُسَينِ×. قَالَ: فَأَنشَدتُهُ فَبَكَى، ثُمَّ أَنشَدتُهُ فَبَكَى، ثُمَّ أَنشَدتُهُ فَبَكَى... فَقَالَ: لِي يَا أَبَا عمَارَة... وَمَن أَنشَدَ فِي الحُسَين‏× شِعراً فَأَبكَى وَاحِداً فَلَهُ الجَنَّةُ، وَمَن أَنشَدَ فِي الحُسَين‏× شِعراً فَبَكَى فَلَهُ الجَنَّةُ، وَمَن أَنشَدَ فِي الحُسَين‏× شِعراً فَتَبَاكَى فَلَهُ الجَنَّةُ»[269].

 دراسة سند الرواية الثالثة

في سند هذه الرواية الحسن بن علي بن أبي عثمان الذي قال النجاشي في حقّه: «ضعفه أصحابنا»[270].وكذلك أبوعمارة المنشد نفسه، فلم يرد فيه توثيق في كتب الرجال وبين الرجاليين.

الرواية الرابعة: رواية أبي هارون

 «حَدّثَنَا أبُو العَبّاس القُرَشِي، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ‏ بنِ أبِي الخَطّابِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعِيلٍ، عَن صَالِحِ بن‏ عُقبَةٍ، عَن أَبِي هَارُونِ المَكفُوفِ ‏(مُوسَى بنِ عُمَيرٍ)، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبدِ الله×‏: يَا أَبَا هَارُون، أَنشِدنِي فِي الحُسَينِ× قَالَ: فَأَنشَدتُه‏ فَبَكَى... قَالَ لِي: يَا أبَا هَارُون... وَمَن أَنشَدَ فِي الحُسَين× شِعراً فَبَكَى وَأَبكَى وَاحِداً كُتِبَت لَهُمَا الجَنَّةُ»[271].

 دراسة سند الرواية الرابعة

في سند هذه الرواية رواة من أمثال صالح بن عقبة الذي قال في حقّه ابن الغضائري: «صالح بن عقبة بن قيس... غالٍ كذاب لا يُلتفت إليه»[272]. وأبوهارون المكفوف (موسى بن عمير) الذي قد نقل الكشي رواية في ذمّه[273].

 الرواية الخامسة: رواية زيد الشحّام

«حَدَّثَنِي نَصرُ بنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى، عَن يَحيَى بنِ عِمرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ، عَن زَيدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: كُنَّا عِندَ أَبِي عَبدِ اللهِ× وَنَحنُ جَمَاعَةٌ مِنَ الكُوفِيِّينَ، فَدَخَلَ جَعفَرُ بنُ عَفَّانَ عَلَى أَبِي عَبدِ اللهِ× فَقَرَّبَهُ وَأَدنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَعفَرُ، قَالَ: لَبَّيكَ! جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ الشِّعرَ فِي الحُسَينِ× وَتُجِيدُ! فَقَالَ لَهُ: نَعَم جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ. فَقَالَ: قُل. فَأَنشَدَهُ وَمَن حَولَهُ حَتّى صَارَت لَهُ الدُّمُوعُ عَلَى وَجهِهِ وَلِحيَتِهِ... ثُمَّ قَالَ: مَا مِن أَحَدٍ قَالَ فِي الحُسَينِ× شِعراً فَبَكَى وَأَبكَى بِهِ إِلاَّ أَوجَبَ اللهُ لَهُ الجَنَّةَ وَغَفَرَ لَهُ»[274].

دراسة سند الرواية الخامسة

في سند الرواية نصر بن الصّبّاح وهو غالٍ بشهادة النجاشي[275]، والكشي[276].

الاستدلال بمجموع الروايات الخمس ـ التجابر والتعاضد

صحيح أنّنا لا نستطيع الاستدلال بكلّ واحدة من هذه الروايات مستقلاً، ولكن يمكن كما مرّ سابقاً[277] أن نستدلّ بمجموع الروايات عن طريقين:

الطريق الأول: التجابر

لقد درجت سيرة الفقهاء العملية وفتاواهم على جواز إقامة العزاء على الإمام الحسين× بإنشاد الشعر، وهذه السيرة تساعد الروايات الضعيفة وتجبر ضعف أسنادها. فإذا ضُمّت السيرة إلى الروايات تدلّ بمجموعها على جواز إقامة العزاء بإنشاد الشعر، إذن؛ يجوز إقامة العزاء على المعصومين^ بإنشاد الشعر.

الطريق الثاني: التعاضد

يبلغ عدد الروايات الضعيفة سنداً أكثر من خمس روايات، وهكذا نطمئنّ على أقل تقدير من صدور مضمون إحدى الروايات عن الإمام الصادق×؛ حيث إنّ كلّ هذه الروايات مرويّة عن الإمام الصادق× ولها طرق مختلفة، وإذا اعتمدنا على قانون الاحتمالات يمكن أن نقول: من البعيد جدّاً أن يتواطأ جميع الرجال الواقعين في هذه الأسانيد على الكذب، واحتمال كذبهم ضعيف جدّاً. إذن؛ يصحّ التمسّك بمجموع هذه الروايات لإثبات جواز ـ وحتّى استحباب ـ إقامة العزاء على الإمام الحسين× بإنشاد الشعر.

دراسة دلالة الروايات الخمس

تدلّ هذه الروايات بوضوح على جواز إنشاد الشعر في مصيبة الإمام الحسين×، بل تدلّ على أنّ لها ثواباً، وهذا الثواب يكشف عن استحباب هذا العمل.

النتيجة:ذكرنا خمس روايات للطائفة الخامسة، ولكن أسانيدها ضعيفة لا تخلو من القدح، إلّا أنّه يمكن التمسّك بها لإثبات المدعى عن طريق التجابر والتعاضد.

الطائفة السادسة: ترحّم الإمام× على الصرخة لأهل البيت^  ـ رواية واحدة ومؤيّد واحد

نكتفي للطائفة السادسة (استحباب الصرخة في العزاء على المعصومين^) بذكر رواية واحدة صحيحة السند.

صحيحة معاوية بن وهب

«وَبِهَذَا الإسنَادِ (أي: حَدّثَنِي أبِي& وَمُحَمّدُ بنُ عَبدِ الله وَعَلِيُّ بنُ الحُسَينِ وَمُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ رَحِمَهُمُ الله جَمِيعاً، عَن عَبدِ اللهِ بنِ جَعفَرِ الحِميَرِي)، عَن مُوسَى بنِ عُمَر (مُوسَى بنِ عُمَرِ بنِ يَزِيدِ بنِ ذِبيَان)، عَن حَسَّانِ البَصرِي (الصّحِيحُ غَسَّانُ البَصرِي)، عَن مُعَاوِيَة بنِ وَهبٍ، قَال‏: استَأذَنتُ عَلَى أَبِي عَبدِ اللهِ× فَقِيلَ لِي: اُدخُل. فَدَخَلتُ، فَوَجَدتُهُ فِي مُصَلّاه فِي بَيتِهِ، فَجَلَستُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، فَسَمِعتُهُ‏ يُنَاجِي رَبَّهُ وَهُوَ يَقُولُ: ... وَارحَم تِلكَ الأَعيُنَ الَّتِي جَرَت دُمُوعُهَا رَحمَةً لَنَا، وَارحَم تِلكَ القُلُوبَ الَّتِي جَزِعَت وَاحتَرَقَت لَنَا، وَارحَم تِلكَ الصَّرخَةَ الَّتِي كَانَت لَنَا»[278].

دراسة سند الرواية الأُولى

في سند هذه الرواية حسّان البصري، وحسّان غلط بل الصحيح غسّان. فيضعّف سند الرواية بسبب وجود غسّان البصري؛ إذ أنّه لم يُذكر اسمه في المجاميع الرجالية. ولقد أخرجها ابن قولويه بإسنادٍ آخر[279]، ولكنّه أيضاً لا يخلو من علّة؛ وذلك لوجود عبد الله بن عبد الرحمان الأصمّ فيه، الذي قال النجاشي في حقه: «ضعيف غالٍ ليس بشي‏ء»[280]. وكذلك فيه علي بن محمد بن سالم، وعبد الله بن حمّاد البصري، وهما لم يُذكرا في كتب الرجال.

ولقد أخرج الكليني نفس الرواية بإسنادين (مع اختلاف يسير) ولكنّهما ضعيفان أيضاً. أمّا السند الأوّل، ففيه غسّان البصري الذي لم يُذكر له اسم في كتب الرجال، وأمّا السند الثاني ففيه عبارة «بَعضُ أصحَابِنَا». وهذا يضعّف سند الرواية[281].

وعلى الرغم من أنّ الأسانيد المذكورة ضعيفة إلّا أنّ الشيخ الصدوق أخرج هذه الرواية بسند آخر، مع اختلاف يسير في لفظ الرواية، إلّا أنّه لا يضرّ بالمدعى. ورواية الصدوق صحيحة؛ إذ أنّ جميع رواتها إماميون ثقات[282].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

 هذه الرواية تصرّح بجواز الصرخة لأهل البيت^؛ لأنّ الإمام الصادق× ترحّم على مَن يصرخ في مصيبتهم، وترحُّمُ الإمام× يدلّ على استحباب هذا العمل، فلا معنى للترحّم على أحد لقيامه بعمل جائز ومباح.

المؤيّد: دعاء الندبة

«قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي قُرَّة: نَقَلتُ مِن كِتَابِ أَبِي جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ سُفيَانِ البَزُوفَرِيِّ هَذَا الدُّعَاءَ... فَعَلَى الأطَائبِ مِن أهلِ بَيتِ مُحَمّدٍ وَعَلِيّ صَلّى الله عَلَيهِمَا وَآلِهِمَا فَليَبكِ البَاكُونَ، وَإيّاهُم فَليَندُبِ النّادِبوُنَ، وَلِمِثلِهِم فَلتُذرَفِ (فَلتُدِر) الدّموُعَ وَليَصرُخِ الصّارِخوُنَ وَيَضِجّ الضّاجّوُنَ...»[283].

دراسة سندية لدعاء الندبة: في ثلاث مراحل

ذكر ابن المشهدي في المزار الكبير نقلاً عن محمّد بن أبي قرّة، أنّه روى هذا الدعاء عن كتاب أبي جعفر محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفري، ثمّ قال: «ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَجَّلَ فَرَجَهُ وَفَرَجَنَا بِهِ»[284]. ولكن قال العلّامة المجلسي في البحار: «قَالَ السَّيِّدُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي قُرَّةَ: نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دُعَاءَ النُّدْبَة[285]»[286]. ولعلّ مراد السيد الرضي من بعض الأصحاب، هو ابن المشهدي. ويؤيّده كلام العلّامة المجلسي حيث قال: «أظنّ أنّ السيّد أخذه منه»[287].

إذن؛ علينا دراسة سند دعاء الندبة في ثلاث مراحل:

المرحلة الأُولى: ترجمة ابن المشهدي واعتبار كتابه

قال السيّد الخوئي: «لم يظهر اعتبار هذا الكتاب في نفسه، فإنّ محمّد بن المشهدي لم يظهر حاله، بل لم يُعلَم شخصه، وإن أصرّ المحدّث النوري: على أنّه محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري، فإنّ ما ذكره في وجه ذلك لا يورث إلّا الظنّ»[288].

ولكن في المقابل، قال بعض الأعاظم بوثاقة ابن المشهدي واستدلّ كما يلي:

أوّلاً: قال بعض المحقّقين في الرجال: «إنّ هذا العنوان قد أُطلق على ثلاثة أشخاص...

الأوّل: ... السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، فقيه محدّث ثقة...

الثاني: ... الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، كان فاضلاً محدِّثاً صدوقاً...

الثالث: ... الشيخ محمد بن جعفر الحائري فاضل جليل... فكلّهم ثقات؛ لما ورد من ألفاظ المدح والوثاقة في حقّهم»[289].

ثانياً: قال صاحب الوسائل: «الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، كان فاضلاً محدِّثاً صدوقاً له كتب...»[290].

ثالثاً: رغم أنّ ابن المشهدي كان مشهوراً وألّف مجموعة من الكتب إلّا أنّه لم يقدح فيه أحد، ولو ورد في مثله قدح لوصلنا قطعاً فهو من باب (لَو كانَ ­لَبَانَ).

رابعاً: اعتبر صاحب الوسائل أنّ كتاب ابن المشهدي من الكتب المعتمدة التي روى عنها بلا واسطة[291].

المرحلة الثانية: ترجمة ابن أبي قرّة

شهد ابن المشهدي في مقدّمة كتابه بوثاقة مَن روى عنهم، حيث قال: «فَإِنِّي قَدْ جَمَعْتُ فِي كِتَابِي هَذَا مِنْ فُنُونِ الزِّيَارَاتِ لِلْمَشَاهِدِ المُشَرَّفَاتِ... مِمَّا اتَّصَلَتْ بِهِ مِنْ ثِقَاتِ الرُّوَاةِ إِلَى السَّادَاتِ»[292]. لكن السيّد الخوئي استشكل على شهادة ابن المشهدي وقال: إنّ محمد بن المشهدي من المتأخّرين، وقد سبق أنّ توثيقات المتأخّرين ليست معتبرة؛ لأنّها تعتمد على الحدس والرأي.

نعم، صحيح أنّ شهادة ابن المشهدي لا تفيدنا هنا، ولكن يمكن إثبات وثاقة ابن أبي قرّة عن طريق آخر. فإنّ محمد بن علي بن يعقوب القنائي (ابن أبي قرّة) ثقة؛ لأنّ النجاشي قال في حقّه: «كان ثقة، وسمع كثيراً وكتب كثيراً، وكان يورق لأصحابنا ومعنا في المجالس. له كتب منها: [كتاب‏] عمل يوم الجمعة، كتاب عمل الشهور، كتاب معجم رجال أبي المفضّل، كتاب التهجّد. أخبرني وأجازني جميع كتبه»[293]. وهذا المقدار يكفي لإثبات وثاقته.

المرحلة الثالثة: ترجمة محمد بن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري

كنيته أبو­جعفر، والظاهر أنّه حَسَنٌ، بل ثقة أيضاً، فهناك قرائن تدلّ على وثاقته:

القرينة الأُولى: قال المحقّق الخوئي: كان من مشايخ المفيد[294]. وكان المفيد يثق بأبي جعفر وكتابه، وقد روى عنه[295].

القرينة الثانية: رواية ابن الغضائري عنه، رغم أنّ كثيراً من الرواة لم يسلموا من تضعيفه وجرحه.

القرينة الثالثة: توثيق ابن المشهدي لجميع رواة كتاب المزار[296]. نعم، صحيح أن توثيقات ابن المشهدي ليست حجّة؛ لأنّه من المتأخّرين وتوثيقاته تقوم على الحدس والظنّ، ولكن تكمن فائدتها في تقوية سائر القرائن.

القرينة الرابعة: أنّ ابن المشهدي قد اعتمد على كتابه؛ حيث إنّه أفتى باستحباب هذا الدعاء.

تنبيه: استبعاد رواية البزوفري عن الإمام العسكري× أو النواب الأربعة

يتضح من رواية البزوفري عن المفيد أنّه كان معاصراً له. فمن البعيد أن يكون قد روى عن الإمام العسكري×. فقد استُشهد الإمام العسكري× سنة مئتين وستين هجري، وتوفّي المفيد بعدها بمئة وثلاث وخمسين سنة. فلا بدّ من القول: بأنّ البزوفري قد أرسل دعاء الندبة عن أحد الأئمة^.

أما احتمال روايته عن أحد النواب الأربعة فهو ممكن زماناً؛ لأنّ الغيبة الصغرى امتدّت (69) سنة. ولكنّه مرفوض أيضاً؛ لأنّ النواب الأربعة لم يرووا إلّا عن الإمام الحجّة#، وكذلك لا معنى لأن يكون دعاء الندبة مروياً عن الإمام الحجّة#؛ لأنّه يشتمل على عبارات يمتنع صدورها عنه. كعبارة: «لَيتَ شِعرِي أينَ استَقَرّت بِك النّوَى؟!».

ولكن يمكن الجواب عن هذا الإشكال: بأنّ الإمام# استعمل هذه العبارة؛ لأنّه كان في مقام التعليم لشيعته، نظير دعاء كميل الذي علّمه أمير­المؤمنين× لكميل. رغم أنّه يشتمل على عبارات الاستغفار التي لا تنسجم مع عصمة الإمام×. ولكن هذا لا يخلّ بصحّة الدعاء، فقد كان الإمام× في مقام تعليم كيفية الدعاء والاستغفار.

نتيجة البحث:أنّ ما يضمّه دعاء الندبة من مضامين عالية حول إقامة العزاء، يمكن أن تكون مؤيّدة للرواية الأُولى.

دراسة دلالة دعاء الندبة

لقد وردت في هذا الدعاء عبارات تدلّ بوضوح على استحباب إقامة العزاء (البكاء والصرخة وغيرهما).

النتيجة:ذكرنا للطائفة السادسة رواية واحدة صحيحة سنداً ودلالةً، وذكرنا دعاء الندبة كمؤيّد لها؛ لأنّه يشتمل على مضامين عالية تتعلّق بإقامة العزاء على المعصومين^.

الطائفة السابعة: إطلاقات استحباب البكاء على المؤمن

هناك روايات أُخرى يمكن التمسّك بها لإثبات استحباب البكاء على المعصومين^. هذه الروايات تدلّ على استحباب البكاء، ولكنّها لا تختصّ بالمعصومين بل تعمّ جميع الأموات؛ وبالتالي تعمّ المعصومين^ أيضاً. وسنذكر هذه الروايات في المباحث القادمة ونقوم بدراستها.

نتيجة البحث في النظرية الثانية

استُدلّ بآيتين شريفتين لإثبات استحباب إقامة العزاء على المعصومين^، ولقد كانت دلالتهما تامّة. كما ذكرنا سبع طوائف من الروايات تدلّ على ثواب إقامة العزاء على المعصوم× بالبكاء وإقامة المجالس وإنشاد الشعر والصرخة. وبما أنّ الثواب يلازم الاستحباب فيثبت استحباب إقامة العزاء على المعصوم×.

 النظرية الثالثة: إقامة العزاء مستحبٌّ مؤكّد

قال السيّد جعفر الطباطبائي الحائري: «ربّما يظهر من بعض فقرات الزيارة الواردة عن الناحية المقدّسة... ما يدلّ على الجواز بل الرجحان المفرط من نحو الجزع والندبة والصياح والنياح فى مصابه×... فإنّ منها قوله× ولأندبنّك صباحاً ومساءً»[297]. ويُستفاد من عباراته أنّ إقامة العزاء على الإمام الحسين× ليس جائزاً فحسب، بل هو مستحبّ مؤكّد.

وقال الشيخ محمد تقي الآملي في مبحث البكاء على المؤمن: «لا إشكال ولا خلاف في جواز البكاء على الميت... وأمّا بكاء فاطمة  على أبيها | فخارج عن مورد البحث، كبكاء مولانا السجّاد× على أبيه×؛ فإنّهما من أفضل العبادات»[298]. وهذا الكلام يدلّ على أنّ البكاء على أهل البيت^مستحب مؤكّد؛ حيث إنّه قال: إنّهما من أفضل العبادات.

الدليل على النظرية الثالثة: دليل واحد

سنذكر للنظرية الثالثة دليلاً واحداً.

زيارة الناحية المقدسة

«وَمِمَّا خَرَجَ مِنَ النَّاحِيَةِ #... فَلَأَندُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً»[299].

دراسة سند زيارة الناحية

روى هذه الرواية ابن المشهدي في كتاب المزار. إذن يمكن الاعتماد عليها كمؤيّد لإثبات الاستحباب المؤكّد لإقامة العزاء.

دراسة دلالة زيارة الناحية

قال الإمام الحجّة #: «فَلَأَندُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً». ونظراً إلى أنّ كلام الأئمة^ يخلو من الغلو، فنستنتج أنّ ما فعله الإمام× يدلّ على تأكيد استحباب إقامة العزاء على الإمام الحسين×.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

لقد تمسّكنا بدليل واحد لإثبات الاستحباب المؤكّد لإقامة العزاء على المعصومين وهو زيارة الناحية المقدسة. إذن يمكن لهذه الزيارة أن تكون مؤيّدة لحكم الاستحباب المؤكّد.

النظرية الرابعة: إقامة العزاء واجب كفائي

لم يتحدّث معظم العلماء عن وجوب إقامة العزاء، إلّا أنّ بعض الفقهاء قالوا بوجوبه الكفائي. قال المحقّق الطباطبائي: «بل ذكرنا في جواب بعض الأسئلة: أنّ إقامة العزاء في الجملة واجبة كفائية»[300].

الدليل على النظرية الرابعة: دليل واحد  ـ تعظيم الشعائر واجب كفائي

لم يذكر العلماء مستنداً للنظرية الرابعة، ولكن يمكن الاستدلال على وجوب العزاء بقاعدة تعظيم الشعائر، وقبل ذلك لا بدّ من بحث هذه القاعدة.

مقدّمة: توضيح قاعدة تعظيم الشعائر

 توجد في شريعتنا الإسلامية المقدّسة قاعدة تُسمّى بقاعدة تعظيم الشعائر، وهنا سنقوم بتسليط الضوء على أبعاد هذه القاعدة بإيجاز.

معنى الشعائر

كما مرّ في القسم الأوّل (مفاهيم العزاء) فإنّ للشعائر معنىً حقيقياً وهو العلامات، فالواقع أنّ كلّ علامة شعيرة، ولكن بما أنّ الشعائر في بحثنا تختصّ بالشعائر الدينية فإنّها تقيّد بتلك العلامات التي جعلت لطاعة الله أو العلامات التي أمر الله بها.

معنى التعظيم

قال السيّد المراغي في العناوين الفقهية: «إنّ التعظيم قسمان:

أحدهما: مراعاة مرتبة الشيء والسلوك معه على مقتضى شأنه ومرتبته عرفاً وعادةً أو شرعاً، وترك هذا يُسمّى إهانة، وهي محرّمة.

وثانيهما: مراعاته زائداً على ذلك، فإنّه أمرٌ مطلوب، فإنّه لو جاء عالم فالقيام له وجعل مكانٍ لائقٍ له حفظٌ لمرتبته، وأمّا تقبيل يده والقعود عنده في غاية التأدّب... وإحضار بعض التعارفات له زيادة تعظيم لو تُرك لا يُسمى إهانة، فهذا القسم من التعظيم لا يمكن القول بوجوبه باستلزام تركه الإهانة؛ لما قد عرفت أنّه لا يُعد تركه إهانة، إلّا أن يقوم دليل على وجوب التعظيم»[301].

ويتّضح من كلام السيّد المراغي أن المقصود بالتعظيم في بحثنا هو القسم الأوّل الذي يُعتبر تركه إساءة، خلافاً للقسم الثاني، فإنّ تركه لا يُعتبر إساءة.

الدليل على هذه القاعدة: القرآن الكريم  ـ ثلاث آيات

استدلّ الباحثون بثلاث آيات قرآنية لإثبات قاعدة تعظيم الشعائر:

الآية الأُولى: النهي عن إحلال الشعائر

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)[302].

موضوع هذه الآية الشريفة هو الشعائر، وإذا كان الحكم إيجابياً فإنّ متعلّقه التعظيم، أمّا إذا كان الحكم تحريمياً فيكون متعلّقه التهاون.

الآية الثانية: الصفا والمروة من الشعائر

 (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)[303].

هذه الآية الشريفة تبيّن مصاديق شعائر الله.

الآية الثالثة: تعظيم الشعائر من تقوى القلوب

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[304].

معنى الشعائر في آيات القرآن: آراء الفقهاء والمفسِّرين

نبحث آراء الفقهاء والمفسّرين في معنى الشعائر.

رأي الفقهاء في معنى الشعائر: نظريتان

لفقهاء الإمامية نظريتان في معنى الشعائر:

النظرية الأُولى: خصوص مناسك الحج

ذهب النراقي في العوائد إلى أنّ المراد من الشعائر في آيات القرآن، خصوص مناسك الحج[305]، ولم يوافقه غيره من فقهاء الإمامية على هذا الرأي.

النظرية الثانية: عموم علامات الدين

ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ الشعائر حقيقة لغوية تنطبق على كلّ شيء جُعِل علامة للدين. قال السيّد البجنوردي في القواعد الفقهية: «المراد من حرمات الله وشعائر الله مطلق ما هو محترم في الدين، وتطبيقها على مناسك الحجّ ومشاعره من باب تطبيق الكلّي على بعض مصاديقه»[306].

رأي المفسّرين في معنى الشعائر

للمفسّرين في معنى الشعائر رأيان أساسيان:

رأي المفسِّر الإمامي: الشيخ الطوسي

قال الشيخ الطوسي: «الشعائر: المعالم للأعمال، فشعائر الله: معالم الله التي جعلها مواطن للعبادة... فشعائر الله أعلام متعبّداته»[307].

 رأي المفسّر السنّي: الفخر­الرازي

قال الفخر الرازي: «وأما شَعائِر اللهِ فهي أعلام طاعته وكلّ شي‏ء جُعِل علماً من أعلام طاعة الله فهو من شعائر الله... ومنه الشعائر في الحرب، وهو العلامة التي يتبيّن بها إحدى الفئتين من الأُخرى»[308].

مصاديق الشعائر:

إذا نظرنا إلى كلمات الفقهاء في الكتب الفقهية المختلفة، يتبيّن أنّهم عدّوا أُموراً كثيرة من مصاديق الشعائر. وفيما يلي نُشير إلى عدّة منها:

المصداق الأوّل: بناء القبور للمعصومين^ والعلماء

قال المحقّق الأردبيلي: «فالكراهة ـ بعد الاندراس... ـ غيربعيد، ثمّ ­إنّه قيل: إنّ ­قبور المعصومين^ مستثنىً من ذلك، لتعظيم شعائر الله»[309].

وقال السيّد العاملي في مبحث كراهة بناء القبور: «وكيف كان فيُستثنى من ذلك قبور الأنبياء والأئمة^... لا يبعد استثناء قبور العلماء والصلحاء أيضاً؛ استضعافاً لخبر المنع والتفاتاً إلى أنّ في ذلك تعظيماً لشعائر الإسلام»[310].

وقال الفيض الكاشاني في نفس المبحث: «وقبور الأنبياء والأئمة^ مستثناة عن ذلك... وربّما يلحق بها قبور العلماء والصلحاء؛ استضعافاً لخبر المنع وتعظيماً لشعائر الإسلام»[311].

المصداق الثاني: احترام المكتوبات الدينية

قال المحدّث البحراني في الحدائق: «ما يحرم الاستنجاء به... وجوب إكرام التربة المشرّفة وحرمة إهانتها... وما كُتب عليه شي‏ء من علوم الدين فلدخوله في الشعائر المأمور بتعظيمها في قوله تعالى:(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ) [312]»[313].

المصداق الثالث: حرمة تنجيس المقدسات

قال السيّد الطباطبائي في الرياض: «ويلحق باسمه تعالى اسم الأنبياء والأئمّة^... لما دلّ على استحباب تعظيم شعائر الله تعالى»[314].

وقال صاحب الجواهر في مبحث تحريم تنجيس المصحف: بأنّ حرمة الهتك ووجوب التعظيم يشملان جميع حرمات الدين، حيث قال: «وأَلْحقَ الشهيدان والمحقّق الثاني وغيرهم بالمساجد الضرائح المقدّسة والمصحف المعظّم؛ فيجب إزالة النجاسة عنه، كما يحرم تلويثه أو مطلق المباشرة، وهو جيّد فيهما وفي كلّ ما عُلم من الشريعة وجوب تعظيمه وحرمة إهانته وتحقيره»[315].

المصداق الرابع: تنظيف المساجد وعدم هتك المشاهد

قال صاحب الجواهر: «ويُستحبّ كنس المساجد قطعاً بمعنى جمع كناستها ـ بضمِّ الكاف ـ وإخراجها؛ لما فيه من تعظيم الشعائر»[316].

وقال الشهيد الصدر: «إنّ المستفاد من مجموع ذلك كون المشاهد المشرفة لا تقلّ مكانة واحتراماً عن المسجد الاعتيادي على أقلّ تقدير... هذا فيما إذا لم يلزم الهتك، والّا فلا إشكال في ثبوت الحكم؛ لأنّ صيانة المشهد الشريف من الهتك والإهانة داخلة في المراتب المتيقن وجوبها من مراتب تعظيم شعائر الله تعالى»[317].

المصداق الخامس: الشهادة الثالثة في الأذان

قال السيّد الحكيم في المستمسك: «بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيّع؛ فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً، بل قد يكون واجباً، لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان»[318].

المصداق السادس: صلاة العيدين وصلاة الجماعة

قال العلّامة الحلّي في التذكرة: «صلاة العيدين واجبة على الأعيان... لأنّها من شعائر الدين الظاهرة وأعلامه؛ فتكون واجبة على الأعيان كالجمعة. وقال أحمد بن حنبل: إنّها واجبة على الكفاية لا على الأعيان»[319].

كما قال في مبحث صلاة الجماعة: «الجماعة مشروعة في الصلوات المفروضة اليومية بغير خلاف بين العلماء كافّة، وهي من جملة شعائر الإسلام وعلاماته»[320].

المصداق السابع: احترام المؤمن

قال الشهيد الأوّل في القواعد: «يجوز تعظيم المؤمن بما جرت به (عادة الزمان)... لدلالة العمومات عليه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[321] وقال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)[322]»[323].

المصداق الثامن: الأذان

قال العلّامة المجلسي: «وقال في كنز العرفان: اتّفق المفسّـرون على أنّ المراد بالنداء
[في الآية:
(وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ)[324] الأذان [325]. ففيه دليل على أنّ الأذان والنداء إلى الصلاة مشروع بل مرغوب فيه من شعائر الإسلام»[326].

النتيجة: إذا تأمّلنا في كلمات الفقهاء يتّضح أنّ الشعائر عنوان عام يمكن إطلاقه على كلّ ما هو علامة للدين. وبتعبيرٍ آخر: فإنّ الشعائر ليست توقيفية، بل تشمل كلّ الأُمور التي توجد فيها ملاك الشعارية. ويدلّ على ذلك ظهور إطلاقات الأمر بالشعائر في مطلق الشعائر.

ومن الأُمور التى توجد فيها ملاك الشعارية نفس المعصومون^ أنفسهم الذين هم من شعائر الله، ويدلّ على ذلك ما ورد في النصوص الشرعية من إطلاق صفات على الأئمّة^ نظير: (أعلام الهدى)[327]، و(منار الهدى)، و(حجج الله)، و(أركان الإيمان)[328]، وهذه التعابير ترادف الشعائر، فهم شعائر الله تعالى وتنطبق عليهم أحكام الشعائر، وبالتالي فإنّ إقامة العزاء على المعصومين^ شعيرة وعلامة للتشيّع.

إثبات وجوب تعظيم الشعائر: دليلان

وعلى ضوء هذه المقدّمة يمكن التمسّك بدليلين لإثبات وجوب إقامة العزاء:

الدليل الأوّل: آيات القرآن الكريم ـ ثلاث آيات

الدليل الأوّل يشتمل على ثلاث آيات شريفة من القرآن الكريم:

الآية الأُولى: تعظيم الشعائر من تقوى القلوب

(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [329].

تقريب الاستدلال بالآية الأُولى:

قال السيّد المراغي: «إنّ الآية على فرض ثبوت العموم في الشعائر لا يثبت الوجوب، بل ظاهرها أنّ تعظيمها من تقوى القلوب، وأين ذلك من الوجوب؟ والجواب عنه: بأنّ ذلك إذا علم أنّه من التقوى فيمكن إثبات الوجوب بأحد أمرين:

أحدهما: أنّ التقوى إنّما هو الحذر عن أمر مخوف، فعُلم من ذلك أنّ هناك شيئاً يُخاف منه، فينبغي الحذر عنه بتعظيم الشعائر وكلّ ما هو كذلك فهو واجب؛ إذ لا خوف في مخالفة المستحب حتّى يُحذر عنه، فكونه من التقوى والحذر أمارة العقاب على تركه.

وثانيهما: أنّ هذه الآية نجعلها صغرى ونُثبت وجوب التقوى بقول مطلق بالآيات الكثيرة الآمرة بالتقوى، كقوله تعالى: (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) [330]. وقوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[331]. وغير ذلك ممّا لا يُحصى. وبما دلّ على الذمّ بمخالفة التقوى والعتاب واللوم على غير المتقين في الآيات والروايات[332]. فنقول: تعظيم الشعائر من التقوى للآية وكلّ تقوى واجب للإطلاق في الأوامر، فتعظيم الشعائر واجب وهو المطلوب»[333].

ونظراً إلى أنّ إقامة العزاء من مصاديق الشعائر فنستنتج من كلام السيّد المراغي أنّ تعظيم العزاء واجب.

إشكال على الاستدلال بالآية الأُولى

صحيح أنّ التقوى يعني الابتعاد عن كلّ ما يترتّب عليه خوف العقاب، كما صرّح به الراغب فى المفردات[334]، لكن الآية الشريفة لا تتكلّم عن مطلق التقوى، بل تقوى القلوب، ولو أُضيفت التقوى إلى القلب فلا تفيد هذا المعنى (أي: الابتعاد عمَّا يعاقب الله عليه)، بل تعني تطهير القلب من الرذائل والأفكار والنِّيات القبيحة.

ولقد ذكر الطبرسي هذا الاحتمال في مجمع البيان، حيث قال: «أضاف التقوى إلى القلوب؛ لأنّ حقيقة التقوى تقوى القلوب»[335]. وإذا فُرض هذا الاحتمال فكيف يمكن أن نستفيد وجوب التقوى من هذه الآية الشريفة؟

الجواب عن الإشكال

إنّ الآية السابقة تتضمّن قرينة تدعم المدّعى، حيث إنّها تبيّن أنّ المقصود بتقوى القلب هو اتّقاء الشرك، وهو ذنب قلبي يجب اتقاؤه. وهذا يقوّي احتمال وجوب تعظيم الشعائر: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[336].

إشكال على الجواب:

لا يصحّ الجواب عن الإشكال السابق، فغاية الأمر أنّ الآية المذكورة قرينة سياقية والقرينة السياقية ليست حجّة إلّا إذا بلغت حدّ الظهور، فيبقى الإشكال السابق على قوّته، ولا يصحّ الاستدلال بهذه الآية على وجوب تعظيم الشعائر؛ وبالتالي لا يمكن التمسّك بها لإثبات وجوب إقامة العزاء.

الآية الثانية: تعظيم حرمات الله

(وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)[337].

تقريب الاستدلال بالآية الثانية

كما مرّ سابقاً فإنّ إقامة العزاء على المعصومين^ من الشعائر؛ لذلك فهي من حرمات الله التي لا بدّ أن تُحترم، وبالتالي تكون مصداقاً لهذه الآية ويجب تعظيمها بموجب هذه الآية الشريفة.

إشكال على الاستدلال بالآية الثانية

 وردت كلمة (خَيرٌ) في هذه الآية وهي لا تدلّ على الوجوب، بل ظهورها في الاستحباب. فهذه الآية لا تدلّ على وجوب تعظيم حرمات الله والتي تشمل مصاديق متعدّدة، منها إقامة العزاء على المعصومين^.

الآية الثالثة: عدم تحليل الشعائر

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) [338].

تقريب الاستدلال بالآية الثالثة

هذه الآية تدلّ بوضوح على عدم جواز التهاون والتساهل تجاه الشعائر وتحليلها، فهذه الآية تدلّ على وجوب تعظيم الشعائر وتحريم تركه، ولكنّها لا تدلّ على تحريم ترك التعظيم بشكل مطلق، بل يحرم الترك فيما إذا أدّى إلى الهتك، كما صرّح بذلك الشهيد الثاني في المسالك[339].

 وبتعبيرٍ آخر: إذا دقّقنا في معنى الإحلال فيمكن أن نستنتج منه الظهور في معنى التعظيم، فقد اتّفق المفسِّرون وكثيرٌ من أهل اللغة[340] على أنّ الإحلال يعني الإباحة والتحليل. والمقصود أنّ لكلّ أمرٍ حرمةً وحدوداً.

فللمسجد حرمته الخاصّة، وللعالِم حرمته الخاصّة أيضاً، ويجب على كلّ شخص أن يلتزم بهذه الحرمات، والمقصود بعدم إباحة هذه الحرمات هو الالتزام بها وعدم التهاون بها. وهذا ما أشار إليه جمع من المفسِّرين:

فقد قال الفيض الكاشاني في تفسير الصافي: «(لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)[341]، لا تتهاونوا بحرمات الله»[342]. وقال المشهدي في كنز الدقائق: «( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)[343]، أي: لا تتهاونوا بحدودها الّتي حدّها للعباد وجعلها شعائر الدّين وعلامته»[344]. وصرّح الزمخشري في الكشاف بذلك في قوله: «وإحلال هذه الأشياء أن يُتهاون بحرمة الشعائر»[345].

وإذا تأمّلنا في كلام المفسِّرين نتوصّل إلى أنّ إحلال شعائر الله لا يعني هتك هذه الشعائر فقط؛ لأنّ الآية ليست في مقام تبيين حرمة هتك الشعائر فحسب، بل تشير إلى لزوم تعظيم الشعائر أيضاً، فمعنى الإحلال أعمّ وأوسع من الهتك وهو التهاون. فالآية لا تنهى عن هتك الشعائر فحسب الذي هو مصداقها اليقيني، بل تنهى عن التهاون بها أيضاً. إذن؛ يجب تعظيم الشعائر الذي يتمثّل في الاهتمام بالشعائر وعدم التهاون بها.

الدليل الثاني: الروايات  ـ ثلاث روايات

هناك ثلاث روايات يُستدلّ بها لإثبات وجوب إقامة العزاء:

الرواية الأُولى: معتبرة الكافي

«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَن ابنِ أَبِي عُمَيرٍ وَمُحَمَّدُ بنُ إِسمَاعِيل، عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَان، عَن ابنِ أَبِي عُمَيرٍ وَصَفوَان بنِ يَحيَى، عَن مُعَاوِيَة بنِ عَمَّارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ×: إِذَا رَمَيتَ الجَمرَةَ فَاشتَر هَديَك... وَعَظِّم شَعَائِرَ اللهِ»[346].

دراسة سند الرواية الأُولى

في سند هذه الرواية إبراهيم بن هاشم وقد سبق القول: بأنّه إمامي ثقة على التحقيق[347]. أمّا بقية رواة السند فهم كذلك إماميون ثقات؛ وبالتالي الرواية معتبرة.

الرواية الثانية: رواية الدعائم

«رُوينَا عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ÷، عَن أبِيهِ×، عَن آبَائِهِ^: أنّ رَسُولَ اللهِ| خَطَبَ يَومَ النّحرِ فَقَالَ: أُيّهَا النّاسُ، مَن كَانَ عِندَهُ سِعَةٌ فَليُعَظّم شَعَائرَ الله»[348].

دراسة سند الرواية الثانية

هذه الرواية أخرجها القاضي النعمان المغربي في دعائم الإسلام بسند مرسل.

الرواية الثالثة: رواية بصائر الدرجات

«حَدّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم بنِ هَاشِم، قَالَ: حَدّثَنَا القَاسِمُ بنُ الرَّبِيعِ الوَرّاقِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ سَنَانٍ، عَن صَبَاحِ المَدَائِنِيِّ، عَنِ المُفَضَّلِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عَبدِ الله×، فَجَاءَهُ هَذَا الجَوَابُ مِن أَبِي عَبدِ الله×: أَمَّا بَعدُ، فَإِنِّي أُوصِيكَ وَنَفسِي بِتَقوَى الله‏... وَتَعظِيمِ حُرُمَاتِ اللهِ وَشَعَائِرِهِ، وَتَعظِيمِ البَيتِ الحَرَامِ وَالمَسجِدِ الحَرَامِ وَالشَّهرِ الحَرَام‏» [349].

دراسة سند الرواية الثالثة

في سند هذه الرواية القاسم بن الربيع، ولم تثبت وثاقته، كما أنّ ابن الغضائري لم يوثِّقه في رجاله[350]. وفيه أيضاً صباح المدائني وهو غلط، والصحيح ميّاح المدائني، وهذا الراوي لم يرد فيه توثيق ولم يوثقه النجاشي[351] وابن الغضائري[352].

إشكال على دلالة الروايات الثلاث

 صحيح أنّ هذه الروايات تأمر بتعظيم الشعائر، ولكن هناك ثلاث قرائن تدلّ على أنّ المقصود بالشعائر هو (الهَدي)، وهذه القرائن كما يلي:

القرينة الأُولى: التصريح بشرائه في صحيحة معاوية بن عمّار.

القرينة الثانية: رواية دعائم الإسلام تتعلّق بخطبة رسول الله| في يوم النحر.

القرينة الثالثة: رواية البصائر تتطرّق بعد ذكر الشعائر إلى تعظيم البيت الحرام والمسجد الحرام.

وفضلاً عن ذلك، فإنّ هذه الراويات لا تخلو من مشاكل سندية؛ وبالتالي لا تدلّ هذه الروايات على وجوب تعظيم الشعائر.

 نتيجة البحث في النظرية الرابعة

نظراً إلى الأدلّة التي ذكرناها فلا يوجد دليل على وجوب تعظيم الشعائر بشكل مطلق، وهذا ما صرّح به السيّد الخوئي[353]إلّا إذا أدّى ترك تعظيم الشعائر إلى هتكها وإهانتها، فعندئذ يجب تعظيم الشعائر كما مرّ.

وهذا ما ذكره صاحب الجواهر في مسألة لمس الجُنب للدراهم والعملات التي نُقش عليها اسم الله، حيث خالف رأي الذين جوزوا ذلك وقالوا بكراهته فقط، وقال: «وأمّا ما ذكره من عدم وجوب التعظيم فهو مسلّم إن أُريد به زيادة التعظيم، وكذا يمكن تسليمه في التعظيم الذي لا يكون تركه تحقيراً، وأمّا التعظيم الذي يكون تركه تحقيراً فلا ينبغي الإشكال في وجوبه، بل لعلّه من ضروريات المذهب بل الدين»[354].

وكذا قال النراقي ـ وهو من الفقهاء الذين لا يقولون بوجوب تعظيم الشعائر بشكل مطلق، إلّا أنّه قال ـ في العوائد: «قد ثبت بالعقل والنقل حرمة الاستخفاف والإهانة بأعلام دين الله مطلقاً وانعقد عليها الإجماع، بل الضرورة، بل يوجب في الأكثر الكفر وترك التعظيم، قد يكون بما يكون إهانة واستخفافاً وقد لا يكون كذلك... فما كان من الأوّل يكون حراماً لإيجابه الإهانة، دون ما كان من الثاني»[355].

إذن؛ إقامة العزاء على المعصومين^ من شعائر الله ويحرم التهاون بها حسب الآية الشريفة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) [356]، كما مرّ في الدليل الثاني.

لو حصل التهاون يوماً ما بإقامة العزاء على المعصومين^ وعُدّ نوع من الاستخفاف بمصائبهم يمكن أن نقول على ضوء الآية الشريفة: إنّ إقامة العزاء واجب كفائي حتّى يقوم به مَن به الكفاية، وينتفي التهاون عنها.

النتيجة الكلية للفصل الأوّل

حكم إقامة العزاء على المعصوم×

نظراً إلى الأدلّة التي ذكرناها فإنّ إقامة العزاء على المعصومين^ ولا سيّما الإمام الحسين× جائز بل راجح. حتّى إنّه يرقى إلى الوجوب الكفائي في بعض الظروف؛ وهذا يعني أنّ إقامة العزاء على أهل البيت^ ليس محرّماً من المنظور الشرعي.

الفصل الثاني

حكم إقامة العزاء على غير المعصوم×

أمّا حكم إقامة العزاء على غير المعصوم× فسنسلّط الضوء عليه من بُعدين:

الأوّل: آراء الفقهاء ونظرياتهم فيه.

والثاني: أدلّتهم. وندرس كلاً منهما بدقّةٍ وتفصيل.

لم يفرد العلماء بحثاً لحكم إقامة العزاء على الميت (غير المعصوم×) بشكلٍ عام، بل اكتفوا بذكر مصاديق ذلك ودراسة حكم هذه المصاديق. إذن؛ سنذكر أقوال العلماء في مصاديق العزاء وندرس أدلّتهم.

المصداق الأوّل: البكاء ـ ثلاث نظريات

ذهب جميع علماء الإمامية إلى جواز إقامة العزاء على الميت بالبكاء، وأضاف البعض أنّه غير مكروه، بل وقال بعضهم باستحبابه. إذن؛ يمكن أن نقول: إنّ لفقهاء الشيعة ثلاث نظريات في حكم البكاء على غير المعصوم×: (الجواز، عدم الكراهة والاستحباب).

النظرية الأُولى: جواز البكاء

قال عددٌ كبير من العلماء بجواز البكاء على الميت. منهم القاضي النعمان المغربي في تأويل الدّعائم[357] ودعائم الاسلام[358]، والشيخ الطوسي في المبسوط[359]، وابن إدريس الحلّي في السرائر[360]، والمحقّق الحلّي في المعتبر[361]، والشهيد الأوّل في البيان[362] والدروس[363] والذكرى[364]، والمحقِّق الأردبيلي في الزبدة[365] والمجمع[366]، والسبزواري في الذخيرة[367]، والحرّ العاملي في الهداية[368] والوسائل[369]، ويوسف البحراني في الحدائق[370]، والنراقي في المعتمد[371]، وحسين البحراني في السداد[372]، والميرزا القمّي في الغنائم[373]، والمحقّق الخوئي في الموسوعة[374].

ولا يخفى أنّ بعض العلماء جوّزوا البكاء على الميت، ولكن بشرط أن لا يشتمل على أُمور محرّمة، منهم:ابن الأشعث في الأشعثيات[375]، وصاحب الجواهر في نجاة العباد[376]، والآملي في مصباح الهدي[377].

الدليل على النظرية الأُولى: أربعة أدلّة

ذكر العلماء أربعة أدلّة على جواز البكاء على الميّت:

الدليل الأول: الأصل العملي

قبل أن نرجع إلى الأدلّة الاجتهادية لبيان حكم المسألة، رأينا من المناسب أن نبحث حكم المسألة اعتماداً على الأُصول العملية. فلا مانع من التمسّك بأصل البراءة لإثبات حلّية هذا العمل؛ لأنّه مستند إلى القواعد الأُصولية. كما صرّح بذلك صاحب الجواهر حيث قال: «ثمّ إنّه لا ريب في جواز البكاء على الميت نصّاً وفتوى؛ للأصل»[378].

ويبدو أنّ مقصوده بالأصل هو ما ذكره السيّد الخوئي في بحث الأموات، حيث قال: «يجوز البكاء على الميت، والوجه في ذلك أُمور: الأوّل: الأصل؛ فإنّ كلّ ما لم يقم دليل على حرمته في الشريعة المقدّسة فهو محكوم بالحلّية، ولم يدلّنا دليل على حرمة البكاء على الميِّت...»[379]. وكذلك قال السيّد شرف الدين في كتاب المجالس الفاخرة: «الأصل العملي يقتضي إباحة البكاء على مطلق الموتى... ولا دليل على خلاف هذا الأصل»[380].

أما الأدلّة الاجتهادية التي استُدلّ بها على جواز البكاء على الميت فهي عبارة عن ثلاثة أدلّة، أي: السيرة، والإجماع، والروايات. ونبحث عن ذلك تحت عنوان الدليل الثاني والثالث والرابع.

الدليل الثاني: السيرة

 استدلّ السيّد الخوئي بالسيرة لإثبات جواز البكاء على الميت، حيث قال: «الثاني: السيرة المستمرّة المتصلة بزمان المعصومين^ ولم يردعوا عنها بوجه، فلو كان البكاء على الميِّت محرّماً لانتشرت حرمته ووصلت إلينا متواترة؛ لكثرة الابتلاء بالأموات والبكاء عليهم»[381]. وقال السيّد شرف الدين: «بل السيرة القطعية والأدلّة اللفظية حاكمان بمقتضاه»[382].

إذا تأمّلنا في هذه السيرة نتوصّل إلى أنّه لا مشكلة في التمسّك بها، فقد درجت السيرة والعادة على البكاء في مصيبة الموتى في زماننا، ولا شكّ في أنّ هذه السيرة كانت موجودة في العصور الماضية أيضاً، فهي ليست سيرة جديدة مستحدثة، والدليل على ذلك أنّ فقدان الأحبّة مصيبة تصيب الجميع، وكان الناس على مرّ العصور يفقدون أحبّتهم ويبكون لفقدهم، ولا شكّ في أنّ هذه السيرة كانت مستمرّة إلى عصر المعصومين^ ولم يردعوا عنها، ولو أرادوا الردع عنها فعلاً، لوجب أن يكون الردع بطرق مختلفة وتعابير متعدّدة حتّى يرتدع الناس عن هذه السيرة المهمّة والسائدة بينهم، ولو كان الأمر كذلك لبلغنا خبره، ولكن لم يبلغنا مثل هذا الخبر؛ فيتبيّن أنّ المعصومين^ لم يردعوا عن هذه السيرة، وهذا يكشف عن موافقة المعصومين^ وتقريرهم لهذه السيرة.

إشكال على الدليل الثاني: الأدلّة الناهية عن البكاء تردع عن هذه السيرة

هناك أدلّة تنهى عن البكاء[383]. (سنبحث هذه الأدلّة في القسم الثالث، أي: حكم إقامة العزاء من منظور أهل السنّة)[384]، وهذه الأدلّة تستطيع أن تردع عن هذه السيرة. وبالتالي صحيح أنّ هناك سيرة مستمرّة للبكاء على الموتى إلّا أنّها ليست حجّة لوجود الردع عنها.

الجواب عن الإشكال: عدم صلاحية هذه الأدلّة للردع

رغم أنّ هنالك أدلّة قد يُتوهّم بأنّها رادعة عن السيرة، إلّا أنّ هذه الأدلّة ـ كما سنُثبت في المباحث القادمة ـ لا تصلح للرادعية؛ فتبقى السيرة على حجّيتها وقوّتها[385].

الدليل الثالث: الإجماع وعدم الخلاف

ادّعى فريقٌ من العلماء الإجماع على جواز البكاء على الميت، منهم الشهيد في الذكرى[386]، والمولى مهدي النراقي في معتمد الشيعة[387]، والمولى أحمد النراقي في مستند الشيعة[388]. كما قال المحدّث البحراني في الحدائق[389]، والسبزواري في الذخيرة[390] بعدم الخلاف في ذلك.

إشكال على الدليل الثالث: ثلاثة إشكالات

وردت ثلاثة إشكالات على ادّعاء الإجماع وعدم الخلاف:

الإشكال الأول: عدم حجّية الإجماع المدركي ومحتمل المدركية

لقد ذكر علماء الأُصول في مبحث الإجماع أنّ الإجماع المدركي ومحتمل المدركية ليسا حجّة، والإجماع الموجود في موضوعنا مدركي أو محتمل المدركية على الأقل؛ لأنّه يُحتمل أن يكون مدرك المُجمعين ودليلهم هو نفس الأدلّة والروايات التي سيأتي الكلام عنها في المباحث القادمة.

الجواب عن الإشكال الأوّل: حجّية الإجماع المدركي ومحتمل المدركية

هذا الإشكال غير وارد؛ لأنّ أهم الأدلّة على حجّية الإجماع هو تقرير المعصوم×، فإذا تحقّق الإجماع فهو حجّة ولو كان مدركياً، أي: وجد الدليل من الكتاب والسنّة مع الإجماع. وهذا ما ذهب إليه المحقّق الزنجاني في كتاب النكاح، حيث قال بعد نقل هذا الإشكال: «لا بدّ من القول: بأنّ الإجماع يصلح للاستدلال إذا ثبت اتصاله بزمان المعصوم×، وسواء في ذلك الإجماع المدركي وغير المدركي. فيصحّ الاستناد إلى الإجماع ولو كان مدركياً، وحتّى إذا لم يمتلك المدرك المذكور صلاحية الاستدلال بحدّ ذاته؛ لأنّ عمدة الأدلّة على حجّية الإجماع هي تقرير المعصوم×، فإذا انتشر أمرٌ بين الناس وكان موضع ابتلائهم في مختلف العصور ومنها عصر المعصوم× ولم يردع المعصوم× عنه فيكون ذلك حجّة، ولا يمكن حمله على التقية؛ لأنّ التقية في مسألة واحدة لم تكن في كلّ الأزمنة»[391].

الإشكال الثاني: عدم حجّية الإجماع المنقول

حتّى لو فرضنا أنّ هذه الإجماعات ليست مدركية أو محتملة المدرك فهي لا تستطيع أن تكون حجّة، فقد ثبت في علم الأُصول أنّ الإجماعات المنقولة ليست حجّة، وهذا ما اختاره المحقّقون من الأُصوليين.

الإشكال الثالث: عدم حجية ادعاء عدم الخلاف

ثبت في علم الأُصول أنّ ادّعاء عدم الخلاف ليس حجّة شرعاً، بل وكذلك ادّعاء الإجماع (الإجماع المنقول) ليس حجّة رغم أنّه أقوى من ادّعاء عدم الخلاف، فبطريق أوْلى لا يكون ادّعاء عدم الخلاف حجّة.

الدليل الرابع: الروايات ـ أربع روايات

الروايات الدالّة على جواز البكاء كثيرة إلى درجة أنّ المولى مهدي النراقي في معتمد الشيعة[392] والمولى أحمد النراقي في مستند الشيعة[393] قالا: بأنّ هذه الروايات مستفيضة. بل وقال صاحب الجواهر: «ثمّ إنّه لا ريب في جواز البكاء على الميّت نصّاً وفتوى؛ للأصل والأخبار التي لا تقصر عن التواتر معنىً»[394]. وهنا سنشير إلى بعض هذه الروايات:

الرواية الأُولى: معتبرة علي بن رئاب  ـ بكاء الملائكة على المؤمن

 «(عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا[395]، حَدَّثَنَا) سَهلُ بنُ زِيَادٍ[396] وَعَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم عَن
أَبِيهِ‏[397]
  جَمِيعاً، عَن ابنِ مَحبُوبٍ، عَن عَلِيِّ بنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ الأَوَّلَ× يَقُولُ: إِذَا مَاتَ المُؤمِنُ بَكَت عَلَيهِ المَلَائِكَةُ وَبِقَاعُ الأَرضِ الَّتِي كَانَ يَعبُدُ اللهَ عَلَيهَا وَأَبوَابُ السَّمَاءِ الَّتِي كَانَ يُصعَدُ أَعمَالُهُ فِيهَا...»[398].

دراسة سند الرواية الأُولى

في سند هذه الرواية الحسن بن محبوب وعلي بن رئاب وهما ثقتان، ولكن فيه سهل بن زياد وإبراهيم بن هاشم، وقد اختلف علماء الرجال فيهما وتردّد المحدّث البحراني في هذا الحديث بأنّه صحيح أو حسن[399]، ولكن هناك قرائن على وثاقة هذين الراويين، كما مرّت في هامش سند الرواية.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

 استدلّ المحدّث البحراني بهذه الرواية[400] ودلالتها على الدعوى واضحة؛ لأنّها تصرّح ببكاء الملائكة والبقاع و... على موت المؤمن وهو نوع من العزاء. إذن؛ نستفيد من هذه الرواية أنّ البكاء (العزاء) في وفاة المؤمن جائزٌ، ولو لم يكن ذلك جائزاً لما كان هناك معنى لقوله×: «بَكَت عَلَيهِ المَلَائِكَةُ وَبِقَاعُ الأَرضِ».

الرواية الثانية: معتبرة حمران ـ بكاء الإمام السجّاد× على شهداء كربلاء

لقد ذكرنا هذه الرواية سابقاً[401] ودرسنا سندها وقلنا: إنّها رواية معتبرة، ولا مشكلة في سندها[402].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ السيّد الخوئي بهذه الرواية[403] واستدلاله صحيح، ففي هذه الرواية يصرّح الإمام السجّاد× بأنّ استشهاد شهداء كربلاء هو السبب في بكائه؛ وبالتالي يدلّ فعل الإمام× على جواز إقامة العزاء على الموتى.

الإشكال الأوّل على دلالة الرواية الثانية: اختصاص البكاء بالشهداء

هذه الرواية تختصّ بالبكاء على شهداء كربلاء؛ وبالتالي يختصّ الجواز بالبكاء على الشهداء، ولا يشمل البكاء على سائر الموتى الذين لم يُستشهَدوا.

الجواب عن الإشكال الأوّل: عدم الاختصاص

صحيح أنّ هذه الرواية تحكي عن بكاء الإمام السجّاد× على الشهداء، ولكن يمكن إلغاء خصوصيتها بالشهداء، فلا يحتمل أن يكون للشهادة دخل في جواز البكاء، والذي بعث الإمام× على البكاء هو فقدان هؤلاء الشهداء وفراقهم.

والدليل على ذلك إشارة الإمام السجّاد× إلى قصّة بكاء سيّدنا يعقوب× على سيّدنا يوسف×؛ حيث إنّه لم يبكِ على وفاة سيّدنا يوسف×، بل بكى لفقدانه وغيابه وبُعده عنه، فليس خصوص شهادة شهداء كربلاء سبباً للبكاء عليهم بل سبب البكاء هو الفراق والبُعد.

الإشكال الثاني على دلالة الرواية الثانية: اختصاص البكاء بأولياء الله

كلا الموردين يتعلّقان بالبكاء على فقدان أولياء الله، فالمورد الأول يحكي عن بكاء الإمام السجّاد× على شهداء كربلاء، والمورد الثاني يحكي عن بكاء سيّدنا يعقوب× على سيّدنا يوسف×، الذي هو بكاء على فقد وليٍّ من أولياء الله؛ وبالتالي لا علاقة لهما بالبكاء على فقدان شخصٍ عادي؛ فإذن الدليل أخصّ من المدّعى؛ لأنّ الدليل يُثبت البكاء على أولياء الله خاصّة، ولكن المدّعى هو أنّ البكاء على الموتى جائز مطلقاً وإن لم يكونوا من أولياء الله. وبعبارةٍ أُخرى: ربّما هناك خصوصية لشهداء كربلاء؛ لمنزلتهم الرفيعة؛ ولذلك لا يمكن تعميم حكم البكاء على سائر الموتى.

الجواب عن الإشكال الثاني: عدم الاختصاص

صحيح أنّ هذه الرواية تختصّ بالبكاء على أولياء الله، ولكن هناك روايات أُخرى تدلّ على جواز البكاء على الناس العاديين وبقرينة هذه الروايات يتضح أنّه لا خصوصية لأولياء الله، ويجوز للإنسان أن يبكي حزناً على فراق أحبّته.

الرواية الثالثة: معتبرة ابن القدّاح  ـ بكاء رسول الله| على إبراهيم

«عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا[404]، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ[405]، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ[406]، عَنِ ابنِ القَدَّاحِ[407]، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: ... فَلَمَّا مَاتَ إِبرَاهِيمُ بنُ رَسُولِ الله| هَمَلَت عَينُ رَسُولِ اللهِ| بِالدُّمُوعِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ|: تَدمَعُ العَينُ وَيَحزَنُ القَلبُ، وَلا نَقُولُ مَا يُسخِطُ الرَّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ...»[408].

دراسة سند الرواية الثالثة

في سند هذه الرواية رواة اختلف الفقهاء في وثاقتهم، منهم سهل بن زياد، وجعفر بن محمد، وفيه أيضاً جعفر بن محمد بن عبيد الله الأشعري الذي لم يرد فيه توثيق خاصّ، ولكن هناك قرائن على وثاقتهم كما مرّت في هامش سند الرواية، فيمكن أن نعدّ هذا السند معتبراً.

دراسة دلالة الرواية الثالثة

استدلّ بهذه الرواية الشهيد الأوّل[409]، والمحدّث البحراني[410]، وصاحب الجواهر[411]، والسيّد الخوئي[412]، واستدلالهم صحيح، فهذه الرواية تدلّ بوضوح على جواز إقامة العزاء على الميّت بالبكاء والحزن، بدليل أنّ النبي’ نفسه أقام العزاء على ابنه بالبكاء.

الرواية الرابعة: معتبرة أبي­ بصير ـ بكاء السيّدة فاطمة‘ على رقيّة

«حُمَيدُ بنُ زِيَادٍ[413]، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَمَاعَة[414]، عَن غَيرِ وَاحِدٍ[415]، عَن أَبَان[416]، عَن أَبِي بَصِيرٍ[417]، عَن أَحَدِهِمَا÷ قَالَ: لَمَّا مَاتَت رُقَيَّةُ ابنَةُ رَسُولِ اللهِ| قَالَ رَسُولُ اللهِ|: الحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثمَانِ بنِ مَظعُونٍ وَأَصحَابِهِ قَالَ: وَفَاطِمَةُ‘ عَلَى شَفِيرِ القَبرِ تَنحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي القَبرِ...»[418].

دراسة سند الرواية الرابعة

وثاقة بعض رواة السند موضع نقاش بين الفقهاء، ويمكن تصحيح السند بمعونة القرائن التي تقدّمت فى هامش سند الرواية، ونعدّها معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الرابعة

استدلّ بهذه الرواية صاحب الحدائق[419]، وصاحب الجواهر[420]، والمحقّق الخوئي[421]، واستدلالهم تامٌّ وصحيح. فهذه الرواية تدل على جواز البكاء على الميت؛ لأنّها تقول: إنّ السيّدة فاطمة‘ أقامت العزاء على أُختها بالبكاء.

نتيجة البحث في النظرية الأُولى

 اعتماداً على الأدلّة المذكورة يمكن القول: بأنّ النظرية الأُولى (جواز البكاء) صحيحة. وهذا يعني أنّ إقامة العزاء على الميت بالبكاء جائز؛ وذلك أولاً: لقيام السيرة القطعية عليه ولم يُردع عنها، وما زعمه البعض ردع هذه السيرة لا يصلح للردع. وثانياً: تدلّ روايات كثيرة على ذلك، وهي تامّةٌ سنداً ودلالةً.

النظرية الثانية: عدم كراهة البكاء

صرّح العلّامة الحلّي في التحرير[422]والتذكرة[423]والمنتهى[424] والنهاية[425]، والشهيد الأوّل في الذكرى بأنّ: «البكاء على الميت جائزٌ، بل هو غير مكروهٍ أيضاً»[426].

تنبيه: الفرق بين النظريتين الأُولى والثانية

إنّ للجواز معنيين في اصطلاح الفقهاء:

الأوّل: الجواز بالمعنى الأعمّ، وهو ما يقابل عدم الجواز، أي: الحرمة.

الثاني: الجواز بالمعنى الأخصّ، وهو يعني الإباحة وتساوي الطرفين. صرّح بعض الفقهاء بأنّ إقامة العزاء جائزٌ بالمعنى الثاني، وبذلك أخرجوه من دائرة الكراهة. بينما قالت جماعة أُخرى بالجواز مقابل الحرمة، كما مرّ في النظرية الأُولى.

الدليل على النظرية الثانية: دليلان

ذكر العلماء دليلين على عدم كراهة البكاء على الميت:

الدليل الأول: الإجماع

قال العلّامة الحلّي في منتهى المطلب: «البكاء على الميّت جائزٌ غير مكروه إجماعاً»[427]. ويبدو أنّه قصد بقوله الإجماع القولي، وليس الإجماع العملي (السيرة).

كما قال العلّامة& في نهاية الأحكام: «البكاء جائز إجماعاً وليس بمكروه»[428]. أمّا ادعاء الإجماع في هذه العبارة فلا يمكن التأكّد من أنّه يشمل عدم الكراهة أيضاً؛ لأنّه ذكر كلمة الإجماع قبل قوله: «ليس بمكروه».

إشكال على الدليل الأول

ليس الإجماع المنقول حجّة كما مرّ[429]، فلا يصح الاستدلال به.

الدليل الثاني: الروايات ـ أربع روايات

الدليل الثاني على عدم كراهة البكاء على الميّت عبارة عن أربع روايات، وهي كالتالي:

الرواية الأُولى: معتبرة ابن القدّاح  ـ بكاء رسول الله| على إبراهيم

لقد ذكرنا معتبرة ابن القدّاح[430] سابقاً وبحثنا سندها، وقلنا: إنّها رواية معتبرة ولا مشكلة في سندها[431].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

ذكر العلّامة الحلّي هذا الدليل في تحرير الأحكام[432]، ولكنّه لم يُبين طريقة الاستدلال بهذه الرواية. والظاهر أنّ تقريب الاستدلال بهذه الرواية كما يلي: بكاء رسول الله| يدلّ على عدم كراهة هذا العمل؛ لأنّ رسول الله| لا يقوم بعمل مكروه. إذن؛ استدلال العلّامة بهذه الرواية صحيح.

الرواية الثانية: المرسلة الأُولى للصدوق ـ بكاء رسول الله’ على جعفر وزيد

 «وَقَالَ الصَّادِقُ×: إنَّ النَّبِيَّ| حِينَ جَاءَتهُ وَفَاةُ جَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ× وَزَيدِ بنِ حَارِثَة كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيتَهُ كَثُرَ بُكَاؤُهُ عَلَيهِمَا جِدّاً وَيَقُولُ: كَانَا يُحَدِّثَانِي وَيُؤَانِسَانِي، فَذَهَبَا جَمِيعاً»[433].

 دراسة سند الرواية الثانية

أخرج الصدوق هذه الرواية بسندٍ مرسل[434].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ العلّامة الحلّي بهذه الرواية في منتهى المطلب[435] والتذكرة[436]، ودلالتها على المُدّعى واضحة، وهي كما مرّ في تقريب الاستدلال بالرواية السابقة: من أنّ قيام النبي’ بفعل يدلّ على عدم كراهته.

الرواية الثالثة: المرسلة الثانية للصدوق  ـ أمر النبي| بالبكاء على حمزة

«وَقَالَ الصَّادِقُ×: ... وَلَمَّا انصَرَفَ رَسُولُ اللهِ| مِن وَقعَةِ أُحُدٍ إِلَى المَدِينَةِ سَمِعَ مِن كُلِّ دَارٍ قُتِلَ مِن أَهلِهَا قَتِيلٌ نَوحاً وَبُكَاءً، ولَم يَسمَع مِن دَارِ حَمزَة عَمِّهِ فَقَالَ|: لَكِنَّ حَمزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. فَآلَى أَهلُ المَدِينَةِ أن لاَ يَنُوحُوا عَلَى مَيِّتٍ وَلاَ يَبكُوهُ حَتّى يَبدَءُوا بِحَمزَة فَيَنُوحُوا عَلَيهِ وَيَبكُوهُ، فَهُم إِلَى اليَومِ عَلَى ذَلِكَ»[437].

دراسة سند الرواية الثالثة

أخرج الصدوق هذه الرواية بسند مرسل.

دراسة دلالة الرواية الثالثة

استدلّ بها العلّامة الحلّي في كتاب منتهى المطلب بعد ذكر الدليل السابق[438]. وإنّ دلالتها على مطلوبنا واضحة؛ لأنّه يظهر من قوله’: «لَكِنَّ حَمزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ». أنّ رسول الله| كان يحبّ البكاء على حمزة؛ وهذا يعني أنّ البكاء على الميّت جائزٌ بل إنّه ليس مكروهاً أيضاً؛ لأنّ النبي’ لا يأمر بفعلٍ مكروه.

إشكال على دلالة الرواية الثالثة

يرد عليه الإشكال السابق[439]من أنّ سيّدنا حمزة لم يكن شخصاً عادياً، بل كان شهيداً ذا منزلة رفيعة، وأكثر ما يثبته هذا الدليل هو أنّ البكاء على فقدان أولياء الله جائز وليس مكروهاً، ولكنّه لا يشمل كلّ الموتى، رغم أنّنا نبحث الآن عن حكم البكاء على مطلق الميّت وإن لم يكن من أولياء الله.

الجواب عن الإشكال الأوّل

أوّلاً: بداية الحديث تقول: إنّ رسول الله| سمع من كلّ دار قُتل من أَهلها قتيل نَوحاً وبكاءً ولم يسمع من دار حمزَة، فقال: «لَكِنَّ حَمزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ». ويظهر من هذا الكلام أنّ رسول الله| لم يكره عملهم.

ثانياً: لو فرض أنّ بداية الحديث لا تظهر في المعنى المذكور بل تُشعر به، فنقول: إنّ نهاية الحديث تدلّ بوضوح على جواز البكاء على الأشخاص العاديين حيث قال الإمام الصادق×: «فآلى أهل المدينة... فَهُم إِلَى اليَومِ عَلَى ذَلِكَ». وهذا يدلّ على أنّ فعلهم ليس مكروهاً بل هو جائز؛ لأنّ ظاهر كلامه× أنّه يؤيّد فعلهم.

الرواية الرابعة: المرسلة الثالثة للصدوق  ـ أمر الإمام الصادق× بالبكاء

قَال (الصَّادِق) ×: «مَن خَافَ عَلَى نَفسِهِ مِن وَجدٍ بِمُصِيبَةٍ فَليُفِض مِن دُمُوعِهِ؛ فَإِنَّهُ يسكنُ عَنهُ»[440].

دراسة سند الرواية الرابعة

أخرج الشيخ الصدوق هذه الرواية بسندٍ مرسل في كتاب مَن لايحضره الفقيه.

دراسة دلالة الرواية الرابعة

هذا الدليل أيضاً من جملة الأدلّة التي ذكرها العلّامة الحلّي في منتهى المطلب[441]. لم يذكر العلّامة تقريب الاستدلال بهذه الرواية، ولكن يبدو أنّه كما يلي: هذه الرواية تدلّ على أنّ البكاء على الميت ليس مكروهاً؛ لأنّه لو كان كذلك لما أمره به الإمام المعصوم×.

الإشكال الأول على دلالة الرواية الرابعة

تقول الرواية: إنّ الإمام× أمر بالبكاء فيما إذا خاف الشخص على نفسه، وهذا فيه خصوصية وضرورة تُجوّز الأمر بالمكروه، ولولا هذه الخصوصية والضرورة لدلّ الحديث على عدم كراهة البكاء؛ لأنّ الإمام× لا يأمر بمكروه، لكنّ نلاحظ أنّ الإمام× أمر بالبكاء لخصوصيةٍ وهي خوف المصاب على نفسه، وهنا لا إشكال في أمر الإمام× بعمل مكروه؛ لأنّ الخوف على النفس أمرٌ أهمّ من العمل المكروه، ولو كان المكروه يدفع خطراً عن النفس لجاز فعله، وهذا هو الذي يجوّز أمر الإمام× بالمكروه. بل يمكن القول بأنّ البكاء على الميّت مكروه بالعنوان الأوَّلي، ولكنّه واجب بالعنوان الثانوي عند الخوف على النفس. وبالتالي؛ لا تدلّ هذه الرواية على عدم كراهة البكاء على الميّت.

الإشكال الثاني على دلالة الرواية الرابعة

لو غضضنا الطرف عن الإشكال الأوّل فهناك إشكالٌ ثانٍ يرد على دلالة الرواية، وهو أنّ هذه الرواية تدلّ على عدم كراهة البكاء حين الخوف على النفس، وهذا أخصّ من المدعى؛ لأنّنا نبحث عن حكم البكاء على الميّت بشكل مطلق، لا خصوص البكاء عند الخوف على النفس.

نتيجة البحث في النظرية الثانية

فيما يتعلّق بعدم كراهة البكاء على الميّت فقد اُدعي الإجماع على ذلك، وبيّنا أنّ هذه الإجماعات ليست حجّة. ولكنّنا في هذا البحث استدللنا بمعتبرة ابن القدّاح (بكاء رسول الله’ على إبراهيم)، وهي رواية معتبرة لا مشكلة في سندها وتدلّ على عدم كراهة البكاء على الميّت. فهذه الرواية تصرّح بأنّ رسول الله’ بكى على الميّت، وبكاؤه | يدلّ على عدم كراهته؛ إذ لو كان هذا العمل مكروهاً لما قام به النبي| أبداً. وكذلك ذكرنا روايات أُخرى ولكنّها ضعيفة من ناحية السند، ولكن يمكن التمسّك بها كمؤيّد لمعتبرة ابن القدّاح. وهكذا نستنتج أنّ إقامة العزاء على الميّت بالبكاء ليس مكروهاً.

النظرية الثالثة: استحباب البكاء  ـ فريقان

قالت جماعة من العلماء باستحباب البكاء على الميّت ـ فضلاً عن جوازه ـ وهم فريقان:

أمّا الفريق الأوّل: فقد ذهب إلى أنّه مستحبّ مطلقاً.

وأمّا الفريق الثاني: فقد قال باستحباب البكاء فيما إذا كان الحزن شديداً وكان البكاء مسكّناً للشخص ومهدّئاً له. إذن؛ لا بدّ من دراسة كلا النظريتين مستقلاً.

 الفريق الأول: استحباب البكاء مطلقاً

ذهب فريق من العلماء ـ كالحرّ العاملي[442]، والعلّامة المجلسي[443] ـ إلى أنّ البكاء مستحبّ مطلقاً، ولو لم يكن هناك حزن شديد.

دليل الفريق الأول: دليلان

ذكر القائلون بالاستحباب مطلقاً دليلين لإثبات مدعاهم:

الدليل الأول: معتبرة الواسطي  ـ  دعاء سيّدنا إبراهيم×

«أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن عَلِيِّ بنِ الحَكَمِ، عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الوَاسِطِيِّ[444]، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: إنَّ إِبرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحمَنِ× سَأَلَ رَبَّهُ أن يَرزُقَهُ ابنَةً تَبكِيهِ بَعدَ مَوتِهِ»[445].

دراسة سند الرواية الأُولى

رجال سند هذه الرواية كلّهم إماميون ثقات، إلّا محمّد الواسطي (محمّد بن الحسن الواسطي)؛ حيث لم يرد فيه توثيقٌ خاصّ في كتب الرجال، ولكن يمكن توثيقه اعتماداً على القرائن التي ذكرناها في هامش سند الرواية.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

دلالة هذه الرواية على استحباب البكاء على الميّت واضحةٌ تماماً، فلو لم يكن البكاء على الميّت مستحبّاً ـ بل كان مباحاً ـ لما كان هناك معنى لدعاء النبي إبراهيم× بأن يرزقه الله بنتاً لتقوم بعمل مباح. فطلب هذا الأمر في دعاء سيّدنا إبراهيم× يدلّ على أنّ البكاء على الميّت مستحبّ.

نعم، صحيح أنّ هذه الرواية تختصّ بالبكاء على الأب، ولكن يمكن إلغاء خصوصيتها؛ حيث إنّ ظاهر الرواية يدلّ على أنّ ذكر الموتى بعد الوفاة أمر مرغوب فيه، وهذا الأمر لا يختصّ بالأب بل يشمل الجميع، كما قال العلّامة المجلسي بعد ذكر هذه الرواية: «بيان: يدلّ على رجحان البكاء في المصائب لا سيّما على الأب، وعلى استحباب إقامة المأتم، وعلى رجحان طلب ما يوجب بقاء الذكر بعد الموت»[446].

إشكال على دلالة الرواية الأُولى: نسخ الشرائع السابقة

ما فعله النبي إبراهيم× يخص الشريعة الإبراهيمية ولا علاقة له بالشريعة المحمدية. وبتعبيرٍ آخر: ربما كان البكاء على الميّت مستحباً في شريعة النبي إبراهيم×، ولكنّه ليس مستحبّاً في شريعة النبي محمّد’؛ وبالتالي لا يمكن الاستناد إلى فعل النبي إبراهيم× لإثبات حكم في الشريعة الإسلامية.

الجواب عن الإشكال: تأييد الإمام× لفعل النبي إبراهيم×

أوّلاً: أحكام الشرائع السابقة نافذة في الشريعة الإسلامية بحكم الاستصحاب إلّا ما عُلِم بنسخه.

ثانياً: حتّى لو فُرض أنّ أحكام الشرائع السابقة لا تستمرّ في الشريعة الإسلامية فظاهر الرواية يدلّ على أنّ الإمام الصادق× أيّد ما قام به النبي إبراهيم×؛ وبالتالي تدلّ هذه الرواية على استحباب البكاء على الميّت في الشريعة النبوية والمذهب الجعفري.

الدليل الثاني: معتبرة علي بن رئاب ـ بكاء الملائكة على المؤمن

لقد ذكرنا معتبرة علي بن رئاب سابقاً[447]، وقمنا بدراسة سندها وذكرنا القرائن على وثاقة رواتها وقلنا: إنّها رواية معتبرة حسب هذه القرائن[448].

دراسة دلالة الراوية الثانية

استدلّ الحرّ العاملي بهذه الرواية لإثبات استحباب البكاء على الميّت[449]، كما قال الشيخ الآملي بعد الاستدلال بها: «ولا يخفى أنّ التأسّي بالملائكة وببقاع الأرض وأبواب السماء مرغوب فيه، والبكاء على المؤمن مثل بكائهم مندوب»[450].

ولا مشكلة في استفادة الاستحباب من هذه الرواية؛ فقد قال الإمام×: «بَكَت عَلَيهِ المَلَائِكَةُ وَبِقَاعُ الأَرضِ». وعلى هذا؛ لا يمكن أن يكون البكاء مبغوضاً عند الله. بل إنّ كلام الإمام× يدل على أنّ ما فعلته الملائكة والبقاع أمر مرغوب فيه. أمّا القول: بأنّ هذه الرواية تدل على جواز البكاء للملائكة والبقاع خاصة، ولا يشمل البكاء الإنسان على المؤمن فهو بعيد عن الصواب.

إشكال على دلالة الراوية الثانية: الدليل أخصّ من المدعى

إنّ البحث في استحباب البكاء على مطلق الميّت وإن لم يكن مؤمناً، ولكن هذه الرواية تثبت استحباب البكاء في خصوص الميّت المؤمن. إذن الدليل أخصّ من المدعى. وبتعبير آخر: فإنّ ظاهر هذه الرواية أنّ البكاء على الميّت المؤمن أمر مرغوب فيه؛ لأنّه مؤمن، ولأنّ الأرض حُرمت من وجود شخص مؤمن، وليس لأنّه شخصٌ عاديّ. وعلى هذا؛ فإنّ الدليل أخصّ من المدّعى.

الفريق الثاني: استحباب البكاء عند اشتداد الحزن

 قال بعض العلماء ـ كالنراقي[451]، والشيخ محمد حسن النجفي[452]، والسيّد اليزدي ـ: بأنّ البكاء على الميّت مستحبّ فيما إذا أدّت المصيبة إلى حزن شديد وساعد البكاء على تهدئة الشخص والتخفيف من حزنه[453].

دليل الفريق الثاني: دليلان

 ذكر القائلون باستحباب البكاء عند اشتداد الحزن دليلين لإثبات مدّعاهم:

الدليل الأول: رواية منصور الصيقل ـ الأمر بالبكاء عند اشتداد الحزن

«أَ بُو عَلِيٍّ الأَشعَرِيُّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الجَبَّارِ، عَن أَبِي مُحَمَّدٍ الهُذَلِيِّ، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ خَالِد القَطَّانِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ مَنصُور الصَّيقَلِ، عَن أَبِيهِ قَالَ: شَكَوتُ إِلَى أَبِي عَبدِ اللهِ× وَجداً وَجَدتُهُ عَلَى ابنٍ لِي هَلَكَ، حَتّى خِفتُ عَلَى عَقلِي، فَقَالَ: إِذَا أَصَابَكَ مِن هَذَا شَيءٌ فَأَفِض مِن دُمُوعِكَ؛ فَإِنَّهُ يَسكُنُ عَنكَ».[454]

دراسة سند الرواية الأُولى

لم يوثق رواة هذا السند في كتب الرجال إلّا اثنين منهم (أبو علي الأشعري، ومحمد بن عبدالجبّار) وهما إماميان ثقتان. وبالتالي سند الرواية ضعيف.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

ذكر بعض العلماء هذه الرواية في كتبهم، وأفتوا على أساسها باستحباب البكاء عند اشتداد الحزن. منهم الحرّ العاملي في هداية الأُمّة[455] ووسائل الشيعة[456].

وصرّح فريقٌ آخر من العلماء ـ كالنراقي في مستند الشيعة[457]، والسيّد اليزدي في العروة الوثقى[458] ـ بأنّ البكاء في هذا الحال مستحبٌّ دون أن يذكروا دليلهم على ذلك، ويبدو أنّهم استندوا إلى هذه الرواية في ما ذهبوا إليه.

أمّا بيان دلالة هذه الرواية على استحباب البكاء عند الحزن الشديد، فإنّه يستند إلى أمر الإمام× بالبكاء؛ حيث إنّ الأمر بالبكاء يدلّ على استحبابه، ولو كان البكاء حراماً أو مكروهاً لما أمر به الإمام المعصوم×.

الدليل الثاني: مرسلة الصدوق ـ الأمر بالبكاء عند اشتداد الحزن

«وَقَالَ [الصَّادِقُ]×: مَن خَافَ عَلَى نَفسِهِ مِن وَجدٍ بِمُصِيبَةٍ فَليُفِض مِن دُمُوعِهِ؛ فَإِنَّهُ يسكنُ عَنهُ»[459].

دراسة سند الرواية الثانية

سند هذه الرواية لا يخلو من مشكلة؛ لأنّها رواية مرسلة، وبالتالي فسندها ضعيف.

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ بهذه الرواية الشيخ الحرّ العاملي في هداية الأُمّة[460] ووسائل الشيعة[461]، ودلالتها على المطلوب كالرواية السابقة، وبنفس الطريقة التي بينّاها هناك.

إشكال على دلالة الدليل الأوّل والدليل الثاني: الأمر إرشاديٌّ وليس مولوياً

مجرّد الأمر بالبكاء لا يدلّ على استحبابه؛ لأنّ الأمر في هاتين الروايتين إرشاديٌّ وليس مولوياً، وبالتالي لا يُستفاد منه الاستحباب. والمقصود بكون الأمر إرشادياً هو أنّه يرشدك إلى أن في البكاء خلاص من حزنك الشديد.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

نظرية الفريق الأوّل (الاستحباب مطلقاً) صحيحة، أمّا نظرية الفريق الثاني (الاستحباب عند الحزن الشديد) فليست صحيحة؛ لأنّ الروايتين اللتين استدلّ بهما أصحاب النظرية الثانية ضعيفتان كما أنّ دلالتهما ليست تامّة.

أمّا الروايتان اللتان استدلّ بهما أصحاب النظرية الأُولى فهما معتبرتان، كما أنّ دلالة الرواية الأُولى تامّة. وعلى هذا الأساس؛ فإنّ نظرية الفريق الأوّل وهو القول باستحباب البكاء مطلقاً صحيحة؛ وبالتالي يُستحبّ إقامة العزاء على الموتى بالبكاء.

النتيجة النهائية للمصداق الأوّل من مصاديق العزاء ـ البكاء

 بعد استقصاء آراء العلماء ـ والتأمّل في الأقوال والأدلّة التي ساقوها ـ يتبيّن أنّه لا خلاف بين علماء الإمامية في إقامة العزاء على الميّت بالبكاء، وجميعهم قائل بجوازه بالمعنى الأعم (عدم الحرمة) ولم يقل أحد بتحريمه؛ إذن يمكن أن يُقال: لقد أجمع علماء الإمامية على أنّ إقامة العزاء على الميّت بالبكاء جائز وليس محرّماً. بل بعضهم مَن قال بعد تجويزه بأنّه ليس مكروهاً، وذهب بعضٌ آخر إلى أنّه مستحبّ.

المصداق الثاني: التميّز عن الآخرين  ـ قسمان

أحد مصاديق العزاء هو أن يميّز صاحب العزاء نفسه عن الآخرين (بأن لا يلبس الرداء، أو يرسل طرفاً من عمامته، أو يضع مئزراً عليها، أو يمشي حافياً و...)، وهذا التميز عن الآخرين نوع من إقامة العزاء على الميت؛ لأنّ صاحب العزاء يعبّر به عن مصابه وحزنه.

تنبيه: المقصود بالتميّز

 لقد ذكر العلماء مصاديق التميّز ضمن أدلّتهم (كعدم لبس الرداء، والمشي حافياً و...)، ويظهر من كلامهم أنّ التميّز لا ينحصر بهذه الأُمور، وإنّما ذكروا مصاديق للتميّز دون حصره عليها. إذن؛ يمكن أن نعمّم هذا الحكم على مصاديق أُخرى، كلبس السواد. وبالتالي؛ فإنّ ما درجت عليه العادة في بعض المناطق من التميّز بأُمور أُخرى يدخل في هذا البحث، كوضع فوطة بيضاء على عنق صاحب العزاء و...

قال المحدّث البحراني[462]، وصاحب الجواهر: «والمراد بوضعه عدم نزعه إن كان ملبوساً، وعدم لبسه إن كان منزوعاً، بل يقتضي التعليل المذكور استحباب تغيير هيئة اللباس سيّما في البلاد التي لا يعتاد فيها لبس الرداء»[463].

وعلى ضوء هذه النقطة؛ يُطرح السؤال التالي: هل يجوز أن يتميّز أصحاب العزاء ومَن يتعلّق بالميّت عن الآخرين أم لا؟ للعلماء أقوال مختلفة في الردّ على هذا السؤال، وسنذكر هذه الأقول ضمن قسمين تميّز غير صاحب العزاء وتميّز صاحب العزاء:

القسم الأول: تميّز غير صاحب العزاء ـ ثلاث نظريات

هل يجوز لغير صاحب العزاء أن يتميّز عن الآخرين أم لا؟ للعلماء ثلاث نظريات: (الحرمة، والكراهة، والاستحباب).

النظرية الأُولى: حرمة تميّز غير صاحب العزاء

نقل بعض العلماء ـ كالشهيد الأوّل[464]، والمحقّق السبزواري[465] ـ عن ابن حمزة أنّه كان يقول بحرمة المشي دون الرداء لغير صاحب العزاء. ويظهر من كلام الشهيد والسبزواري أنّهما استندا في هذا النقل إلى ما قاله ابن حمزة في كتاب الوسيلة، باب أحكام الأموات، حيث قال: «والمحظور ثمانية أشياء: اللطم، والخدش، وجز الشعر، والنياحة...»[466]، كما قال كاشف الغطاء: «ويكره الضرب... ومشي غير صاحب المصيبة بغير رداء، ولا يبعد تحريمه»[467].

الدليل على النظرية الأُولى: دليلان

نُسبت هذه النظرية إلى ابن حمزة في كتاب الوسيلة، ولم يذكر ابن حمزة دليلاً على مدّعاه. ولكن يمكن أن نذكر دليلين على ما ذهب إليه:

الدليل الأول: معتبرة السكوني  ـ التميّز جرم

يمكن الاستدلال لإثبات الحرمة بمعتبرة السكوني[468]، وهي رواية استدلّ بها القائلون بكراهة التميّز (وسيأتي بيان ذلك في أدلّة النظرية الثانية)، وغاية دلالتها هي حرمة التميّز. ولعلّ معتبرة السكوني هي التي استند إليها ابن حمزة لإثبات الحرمة، وسنثبت أنّ هذه الرواية تدلّ على الكراهة دون الحرمة.

الدليل الثاني: مرسلة الصدوق  ـ من تميّز ملعون

«وَقَالَ [الصادق]×: مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن وَضَعَ رِدَاءَهُ فِي مُصِيبَةِ غَيرِهِ».[469]

دراسة سند الرواية الثانية

سند هذه الرواية ضعيف؛ لأنّها رواية مرسلة.

دراسة دلالة الرواية الثانية

ذكر العلامة هذه الرواية في المنتهى[470]، ولعل هذه الرواية هي التي استند إليها ابن حمزة؛ حيث إنّها تدلّ على لعن مَن تميّز في مصيبة غيره، واللعن يدلّ على حرمة الفعل.

إشكال على دلالة الرواية الثانية: عدم دلالة اللعن على الحرمة

هناك مشكلة في دلالة هذه الرواية؛ لأنّ اللعن في هذه الرواية ليس ظاهراً في الحرمة، فهناك روايات كثيرة وردت فيها كلمة: «مَلعُونٌ»، ولكن لم يقل أحد: بأنّها تدلّ على الحرمة. كالروايات التي تتضمّن اللعن على مَن أخّر صلاة العشاء إلى أن تشتبك النجوم، وكذا مَن لم ينصح أخاه فقد أُطلق عليه: «مَلعُونٌ مَلعُونٌ» [471]، ومع ذلك لم يقل أحد من الفقهاء بتحريمهما. وبالتالي فإنّ عبارة: «مَلعُونٌ مَلعُونٌ» في هذه الرواية لا تدلّ على حرمة التميّز لغير صاحب العزاء.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

لقد ذُكر دليلان لهذه النظرية، ولكنّهما لا يصلحان للاستدلال على الحرمة. أمّا الدليل الأوّل، فرغم أنّه حديث معتبر إلّا أنّ دلالته ليست تامّة، يعني الدليل الأوّل (معتبرة السكوني) ظاهر في الكراهة، وسيأتي الكلام في ذلك. كما أنّ هناك جماعة من الفقهاء والعلماء استفادوا الكراهة من هذه الرواية. أمّا الدليل الثاني، فهو ضعيف السند، وليست دلالته على الحرمة تامّة، ولذلك لا تصلح للاستدلال. وعلى هذا؛ فلا يوجد دليل لنظرية تحريم التميّز لغير صاحب العزاء.

 النظرية الثانية: كراهة التميز لغير صاحب العزاء

قالت جماعة من العلماء: بأنّ التميّز مكروه لغير صاحب العزاء. وقد نقل ابن حمزة هذا الرأي كنظرية مطروحة في هذا المجال بقوله: «رُوِي»[472]، أمّا الشهيد[473] والسبزواري[474] فقد صرّحا بكراهته. وقد نسب العلّامة المجلسي هذا الرأي إلى المشهور[475].

ومن القائلين بكراهة التميّز ابن الأشعث؛ حيث إنّه أفرد لذلك باباً في كتابه بعنوان: «بَابُ كَرَاهِيَةِ الصِّيَاحِ حَوْلَ النَّعْشِ وَالْمَشْيِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ»[476]، وفيه عطف المشي بغير الرداء على الصياح حول النعش وقال بكراهتهما، فكلامه يحتمل أمرين:

الاحتمال الأوّل: كراهته لصاحب العزاء فقط

يُحتمل أن يكون المقصود بالكراهة، صاحب العزاء فقط؛ حيث إنّه ذكر الصياح حول النعش قبل المشي، وهذه قرينة تدعم هذا الاحتمال؛ لأنّ صاحب العزاء هو الذي يصيح عادةً، وبالتالي؛ فإنّ المراد بالمشي بغير الرداء الذي عطفه على الصياح هو خصوص صاحب العزاء.

الاحتمال الثاني: حكم الكراهة يشمل غير صاحب العزاء أيضاً

يُحتمل أن يكون هذان المكروهان موضوعين مختلفين لا علاقة بينهما، وهذا يعني أن يكون المقصود بكراهة نزع الرداء أعمّ من صاحب العزاء وغيره، وأن لا يكون عطفه على الصياح قرينة على اختصاص الحكم بصاحب العزاء. بل يمكن أن نقول: بأنّ المقصود بكراهة الصياح أعمُّ أيضاً؛ لأنّه يحدث أحياناً أن يصيح غير صاحب العزاء حزناً على الميّت. فالصياح لا يخصّ صاحب العزاء حتى يكون قرينة على اختصاص كراهة المشي بغير الرداء بصاحب العزاء.

والصحيح هو الاحتمال الثاني، وأنّ مقصود ابن الأشعث أعمّ، ولا ينحصر على صاحب العزاء. والدليل على ذلك:

أوّلاً: إطلاق كلامه. ثانياً: أنّه روى حديثاً واحداً في هذا الباب، وهذا الحديث مطلق لا يختصّ بصاحب العزاء، بل يشمل غير صاحب العزاء أيضاً، وهذه قرينة على أنّ مقصوده في عنوان الباب مطلق. وعلى هذا؛ فإنّ كلام ابن الأشعث يدلّ على كراهة التميّز لغير صاحب العزاء.

الدليل على النظرية الثانية: معتبرة السكوني ـ التميّز جرم

«مُحَمَّدُ بنُ أَحمَد بنِ يَحيَى، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ[477]، عَنِ النَّوفَلِيِّ[478]، عَنِ
 السَّكُونِيِّ[479]، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ×، عَن أَبِيهِ×، عَن آبَائهِ^ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ|: ثَلَاثَةٌ مَا أَدرِي أَيُّهُم أَعظَمُ جُرماً؟ الَّذِي يَمشِي مَعَ الجَنَازَةِ بِغَيرِ رِدَاءٍ، أَوِ الَّذِي يَقُولُ: قِفُوا أَوِ الَّذِي يَقُولُ: استَغفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللهُ لَكُم»[480].

دراسة سند الرواية

اختلف العلماء في جميع رجال هذا السند إلّا محمّد بن أحمد بن يحيى، وهو إماميٌّ ثقة. ولكن يمكن توثيقهم اعتماداً على القرائن التي ذكرناها في هامش سند الرواية؛ وبالتالي يكون سند الرواية معتبراً.

دراسة دلالة الرواية

استدلّ بها الشهيد الأوّل في الذكرى[481]، والسبزواري في الذخيرة[482]، واستنبطا منها الكراهة، ولكنّهما لم يذكرا الدليل على ذلك. ولقد استدلّ ابن الأشعث في الأشعثيات برواية قريبة من هذا المضمون[483].

لعلّ ما فكّر فيه هؤلاء الأعاظم هو أنّ هذه الرواية أطلقت الجرم على ثلاثة أعمال، ولا شكّ في عدم تحريم العملين الثاني والثالث، فيمكن أن نقول ـ اعتماداً على القرينة السياقية ـ: إنّ العمل الأوّل (المشي مع الجنازة بغير رداء) وهو الموضوع البحث (تميّز غير صاحب العزاء) ليس محرّماً أيضاً، بل هو مكروه فقط. ولو كان محرّماً للزم أن يُستعمل لفظ الجرم في أكثر من معنى.

وهذا يعني أنّ عبارة «أعظَمُ جُرماً» تدلّ على الحرمة (طلب الترك) والكراهة (رجحان الترك) معاً. وهذا هو استعمال اللفظ في أكثر من معنى، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لا يجوز، أمّا الذين قالوا بجوازه فقد قالوا: بأنّ هذا النوع من الاستعمال لم يقع في الشرع. ولعلّ هؤلاء الأعاظم لم يجوّزوا استعمال اللفظ في أكثر من معنى؛ وبالتالي إن لم يكن العمل الثاني والثالث محرّمين فإنّ العمل الأوّل ليس محرّماً أيضاً، وإن لم يكن محرّماً فهو مكروه؛ لإطلاق الجرم عليه.

إشكال على دلالة الرواية: الإطلاق وعدم الاختصاص

 استدلّ الشهيد والسبزواري بهذه الرواية لإثبات كراهة التميّز لغير صاحب العزاء، ورغم أنّ هذه الرواية مطلقة ولا تختصّ بغير صاحب العزاء لكنّهما قيّدا الحكم بغير صاحب العزاء، ولم يتّضح لنا دليلهما على ذلك، ويبدو أنّه كان من الأفضل لهما أن يُصدرا حكماً مطلقاً: بأنّ التميّز مكروه لصاحب العزاء وغيره، كما فعل ابن الأشعث.

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

ذُكر لهذه النظرية دليل واحد، وهو معتبرة السكوني التي لا مشكلة فيها سنداً ودلالة. واستُنتج أنّ إقامة العزاء على الميت بالتميّز عن الآخرين مكروه لغير صاحب العزاء.

النظرية الثالثة: استحباب التميّز لغير صاحب العزاء

ذهب جمع من العلماء إلى أنّ التميّز مستحبّ لغير صاحب العزاء في بعض الحالات: كأن يكون لأولياء الله والعلماء، وهذا ما قاله صاحب الجواهر: «قد يُستفاد من مرسل الفقيه وضع رسول الله’ رداءه في جنازة سعد بن معاذ... استحباب نزعه لغيره في جنازة الأعاظم من الأولياء والعلماء»[484].

الدليل على النظرية الثالثة: دليلان

أمّا الذين قالوا باستحباب التميّز لخصوص الأعلام وأولياء الله، فقد استدلّوا بدليلين:

الدليل الأول: مرسلة الصدوق ـ تميّز النبي| في جنازة سعد

«وَقَد وَضَعَ رَسُولُ اللهِ| رِدَاءَهُ فِي جِنَازَةِ سَعدِ بنِ مَعَاذٍ &، فَسُئِلَ عَن ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنِّي رَأَيتُ المَلَائِكَةَ قَد وَضَعَت أَردِيَتَهَا؛ فَوَضَعتُ رِدَائِي»[485].

 ولقد روى هذه الرواية البرقي في المحاسن باختلاف يسير، وسنذكرها كدليل ثانٍ على هذه النظرية.

الدليل الثاني: معتبرة إسحاق ـ تميّز النبي| في جنازة سعد

«عَنهُ (أحمَدِ بنِ أبِي عَبدِ اللهِ البَرقِيّ‏)، عَن أبِيهِ[486]، عَن مُحسِنِ بنِ أحمَد[487]، عَن أبَان[488]، عَن إسحَاق بنِ عَمَّار[489] قَالَ: قَالَ أبُو عَبدِ الله×: أنَّ رَسُولَ الله| مَشَى فِي جِنَازَة سَعدٍ بِغَيرِ رِدَاءٍ. فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، تَمشِي بِغَيرِ رِدَاءٍ؟ فَقَالَ: إنِّي رَأيتُ المَلائِكَةَ تَمشِي بِغَيرِ أردِيَة فَأحبَبتُ أن ­أتَأسِّي بِهِم» [490].

دراسة سندية للروايتين الأُولى والثانية

أُخرجت الروايتان في كتابين مختلفين، وهما متقاربتان من ناحية المضمون، أمّا الأُولى، فقد رويت في كتاب الفقيه بسندٍ مرسل؛ وعلى هذا فهو ضعيف. وأمّا الثانية، فقد رويت في محاسن البرقي بسندٍ معتبر، فهناك قرائن تثبت وثاقة رواتها، وقد ذكرت هذه القرائن في هامش سند الرواية.

دراسة دلالة الروايتين الأُولى والثانية

استدلّ صاحب الجواهر بالرواية الأُولى[491] دون أن يذكر طريقة الاستدلال بها، وربما اعتمد هذه الطريقة في استدلاله:

فمن جهة أنّ النبي’ نزع رداءه في تشييع جنازة سعد بن معاذ، وهو من سادة المسلمين، وتميّز النبي’ عن الآخرين، وعلّل ذلك بأنّه تأسّى بالملائكة، وهذا يعني أنّ فعل الملائكة مرغوبٌ فيه وراجح؛ ولهذا تأسّى بهم النبي’.

ومن جهةٍ أُخرى، فإنّ النبي| لم يكن صاحب العزاء؛ فنستنتج أنّ التميّز في مصيبة الأعلام وأولياء الله مستحبّ لغير صاحب العزاء.

وكان من الأفضل لصاحب الجواهر أن يستدلّ بالرواية الثانية؛ لأنّها معتبرة من ناحية السند.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

 لقد ذُكر دليلان على هذه النظرية. أمّا الدليل الأول ففي سنده ضعفٌ، ولكن يمكن القول باستحباب التميّز؛ استناداً لأخبار: «مَن بلغ» على بعض المباني.

أمّا الدليل الثاني، فهو صحيح السند وتامّ الدلالة. وعلى هذا؛ يمكن القول: بأن التميّز في مصيبة الأعلام وأولياء الله مستحبّ لغير صاحب العزاء.

القسم الثاني: تميّز صاحب العزاء  ـ ستُّ نظريات

ستُّ نظريات في تميّز صاحب العزاء عن الآخرين: الحرمة مطلقاً[492]، الكراهة مطلقاً، الجواز مطلقاً، الاستحباب مطلقاً، الجواز في مصيبة أبيه وأخيه خاصّة، الجواز في مصيبة أبيه وجده لأبيه خاصّة.

النظرية الأُولى: حرمة التميّز على صاحب العزاء مطلقاً

قال بعض العلماء: بأن تميّز صاحب العزاء والمصيبة عن الآخرين حرام مطلقاً. نقل ابن إدريس في السرائر رأي الشيخ بأنّه يجوز لصاحب الميّت أن يتميّز عن غيره، بإرسال طرف العمامة، أو أخذ مئزر فوقها على الأب والأخ، ثمّ قال: «لم يذهب إلى هذا سواه&، والذي يقتضيه أُصول مذهبنا أنّه لا يجوز اعتقاد ذلك وفعله، سواء كان على الأب، أو الأخ، أو غيرهما»[493].

الدليل على النظرية الأُولى: عدم الدليل على الجواز

علّل ابن إدريس لمدّعاه قائلاً: «والذي يقتضيه أُصول مذهبنا أنّه لا يجوز اعتقاد ذلك وفعله، سواء كان على الأب، أو الأخ، أو غيرهما؛ لأنّ ذلك حكم شرعي، يحتاج إلى دليلٍ شرعيّ ولا دليل على ذلك، فيجب إطراحه؛ لئلّا يكون الفاعل له مبدعاً؛ لأنّه اعتقاد جهل»[494].

ومقصوده من القواعد (أُصول مذهبنا) هو: (أصالة المنع) أو بعبارة أُخرى: (أصالة الاحتياط)، ولقد كان يعتقد بإجراء هذا الأصل في الشبهات التحريمية. وبعبارة أُخرى: فقد كان إبن إدريس يعتقد بأنّ الأصل في الأشياء هو الحظر والمنع، وأمّا الإباحة فتحتاج إلى الدليل، وادعى أنّه لا دليل فيما نحن فيه على الجواز فهو محكومٌ بالحرمة.

الإشكال الأول على الدليل: من المحقّق الحلّي

استشكل المحقّق الحلّي على كلام ابن إدريس قائلاً: «وما ذكره المتأخّر غلط؛ لأنّ الشيخ لم يدّعِ استحبابه، بل ادّعى جوازه، وكلّما لم يوجبه العقل والشرع ولم يحرّمه، فإنّه جائز، فلا يجوز أن يعتقد إلّا ذلك...»[495].

وبتعبيرٍ آخر: فقد استشكل المحقّق على ابن إدريس بأنّ إشكاله على الشيخ غير وارد؛ لأنّه لم يقل بالاستحباب حتّى يُطالَب بالدليل، بل قال بالجواز. ولو قال الشيخ بالاستحباب لاستُشكل عليه بعدم الدليل على ذلك؛ حيث إنّ الاستحباب يحتاج إلى الدليل. ولكنّه قال بالجواز، والقول بالجواز يعتمد على القواعد والمعايير، فإذا لم يوجد دليل على حرمة الشيء يُحكَم بجوازه، ولايُعتَبر فاعله مبدعاً.

الجواب عن الإشكال الأوّل

لو فرضنا أنّ مستند الشيخ في الجواز هو عدم الدليل على الحرمة فلماذا خصّ الجواز بالأب والأخ؟ فلو كان مستند الحكم عدم الدليل يلزم أن يجري هذا الحكم على غير الأب والأخ أيضاً. فيتّضح من تخصيص الجواز بالأب والأخ أنّ مستند الشيخ في هذا الحكم ليس عدم الدليل على الحكم، بل هناك دليلٌ آخر. ويبدو أنّه نفس الأدلّة التي سنذكرها لاحقاً التي تختصّ بجواز التميّز على الأب والأخ.

الإشكال الثاني على الدليل: من المحقّق البحراني

 قال المحدّث البحراني في الحدائق: «نعم، ظاهر ابن الجنيد القول بما قاله الشيخ، حيث ذكر التميّز بطرح بعض زيّه بإرسال طرف العمامة ـ أو أخذ مئزر من فوقها ـ على الأب والأخ، ولا يجوز على غيرهما، فقول ابن إدريس ـ : إنّه لم يذهب إلى هذا سواه ـ ليس في محلّه»[496].

ولقد بحثنا فيما بلغنا من كتب ابن الجنيد ولم نعثر على شيء ممّا ذُكر، ولكن يمكن أن يكون المحدّث البحراني قد نقل هذا الكلام عمّا لم يبلغنا من كتب ابن الجنيد.

الإشكال الثالث على الدليل: من المحقّق الحلّي

لقد ثبت في علم الأُصول أنّ الأصل الأوّلي هو جواز الأفعال وليس عدمه، يعني إذا شككنا في حكم فعل فإنّ الأصل جواز ذلك الفعل، وليس الأصل حرمته، كما صرّح بذلك المحقّق الحلّي[497].

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

لا شكّ في أنّ نظرية تحريم التميّز ليست صحيحة، فهناك دليلٌ واحد عليها وهو عدم الدليل على الجواز، وقد ثبت أنّ هذا الدليل ليس صحيحاً؛ وعلى هذا فإنّ تميّز صاحب العزاء ليس حراماً مطلقاً.

النظرية الثانية: كراهة تميّز صاحب العزاء مطلقاً

كما تقدّم في مبحث تميّز غير صاحب العزاء، فقد ذهب ابن الأشعث إلى أنّ التميّز مكروه؛ لأنّه جعل باباً بعنوان «بَاب كَرَاهِيَةِ الصِّيَاحِ حَوْلَ النَّعْشِ وَالْمَشْيِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ»[498] وقلنا: إنّ ظاهر كلامه مطلق ويشمل صاحب العزاء وغيره. وعلى هذا؛ فإنّه يقول: بأنّ تميّز صاحب العزاء مكروه أيضاً.

دليل النظرية الثانية: دليلان

ذكر العلماء دليلين على كراهة التميّز لصاحب العزاء:

الدليل الأول: رواية إسماعيل ـ التميّز جرمٌ

«أخبَرَنَا عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمّدٍ، قَالَ: أخبَرَنَا مُحَمّدُ بنُ مُحَمّدٍ، قَالَ: حَدّثَنِي مُوسَى بنُ إسمَاعِيلٍ، قَالَ: حَدّثَنَا أبِي، عَن أبِيهِ، عَن جَدّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ÷، عَن أبِيهِ×، عَن جَدّهِ عَلِي بنِ الحُسَينِ÷، عَن أبِيهِ×، عَن عَلِيِ بنِ أبِي طَالِبٍ× قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ|: مَا أدرِي أيُّهُم أعظَمُ جُرماً؟ الّذِي يَمشِي مَعَ الجِنَازَةِ بِغَيرِ رِدَاءٍ أوِ الّذِي يَقُولُ: ارفَعُوا أوِ الّذِي يَقُولُ: استَغفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللهُ لَكُم» [499].

دراسة سند الرواية الأُولى

في سند هذه الرواية موسى بن إسماعيل وأبوه، ولم يرد فيهما توثيق في كتب الرجال.

الدليل الثاني: معتبرة السكوني ـ التميّز جرم

لقد ذكرنا معتبرة السكوني[500] سابقاً، وقلنا: إنّ سندها معتبر[501].

دراسة دلالة الروايتين الأُولى والثانية

نقل الدليل الأوّل عن الأشعثيات[502]، وهو دليل مطلق يشمل موضوع البحث أيضاً، غير أنّه لم يذكر طريقة الاستدلال بهذه الرواية، ولكن يمكن القول بأنّ تقريب الاستدلال بها كما مرّ في الاستدلال بمعتبرة السكوني[503]. وكان من الأفضل أن يستدلّ لإثبات مدّعاه بمعتبرة السكوني؛ لأنّها روايةٌ معتبرةٌ سنداً.

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

 ذُكر دليلان لهذه النظرية، وقلنا: إنّ الدليل الأوّل ضعيفٌ سنداً. ولكن الدليل الثاني معتبرٌ، وكلاهما يدلّان على كراهة التميّز. وبالتالي؛ نستنتج أنّ التميّز مكروه لصاحب العزاء مطلقاً، كما أنّه مكروه لغير صاحب العزاء مطلقاً أيضاً.

النظرية الثالثة: جواز التميّز لصاحب العزاء مطلقاً

ذهب جمع من العلماء إلى أنّ التميّز جائز لصاحب العزاء مطلقاً، منهم العلّامة في التلخيص[504] والنهاية[505]، والشهيد الأوّل في الذكرى[506] والبيان[507]، والسبزواري في الذخيرة[508]، ويوسف البحراني في الحدائق[509]، وحسين البحراني في السداد[510].

الدليل على النظرية الثالثة: أربعة أدلّة

استُدلّ على جواز التميّز لصاحب العزاء مطلقاً بأربعة أدلّة:

الدليل الأوّل: معتبرة ابن أبي عمير ـ التميّز لكي يُعرف

«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَن بَعضِ أَصحَابِهِ، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: ينبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن يَضَعَ رِدَاءَهُ؛ حَتّى يَعلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ صَاحِبُ المُصِيبَةِ» [511].

دراسة سند الرواية الأُولى

تردّد صاحب الحدائق في أنّ هذه الرواية صحيحة أو حسنة [512]، وأطلق الأردبيلي[513] والسبزواري[514] على هذه الرواية بأنّها حسنة، واعتبرها صاحب الجواهر مرسلة[515]. ولكن لا توجد مشكلة في سند هذه الرواية؛ لأنّ رواتها إماميون ثقات إلّا إبراهيم بن هاشم الذي اختلف فيه العلماء، وقد ثبت سابقاً أنّه إماميٌّ ثقة[516]. وفي سندها يروي ابن أبي عمير عن  «بَعضِ أصحَابِنَا»، وهذا لا يخلّ بسند الرواية؛ لأنّ ابن أبي عمير لا يروي ولا يُرسل إلّا عن الثقة[517]؛ وبالتالي فهذه الرواية معتبرة السند.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

تمسّك بهذا الدليل في النهاية[518] والذكرى[519] والحدائق[520]، واستدلال هؤلاء الأعاظم صحيح؛ لأنّ هذه الرواية تدلّ بالصراحة على أنّ التميّز جائزٌ لصاحب المصيبة مطلقاً.

الدليل الثاني: المعتبرة الأُولى لأبي بصير ـ التميّز لكي يُعرف

 «الحُسَينُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن أَحمَدَ بنِ إِسحَاق، عَن سَعدَانَ بنِ مُسلِمٍ[521]، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن لاَ يَلبَسَ رِدَاءً، وَأن يَكُونَ فِي قَمِيصٍ حَتّى يُعرَفَ»[522].

دراسة سند الرواية الثانية

لا مشكلة في سند هذه الرواية، غير أنّ العلماء اختلفوا في وثاقة سعدان، وبملاحظة القرائن التي ذُكرت في هامش سند الرواية يمكن القول: إنّه ثقة، وهذه الرواية معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الثانية

يُحتمل أن يكون الدليل الثاني من كتاب الذكرى؛ حيث قال الشهيد: «أمّا صاحب الجنازة، فيخلعه ليتميّز عن غيره؛ لما مرّ، ولخبر ابن أبي عمير المرسل عن الصادق× وخبر أبي بصير عنه×...»[523]. ولكنّه لم يذكر نصّ الرواية، رغم أنّ المقصود بخبر أبي بصير متردّد بين هذه الرواية والرواية التالية التي سنذكرها كدليلٍ ثالث. إذن؛ لا يمكن أن نقول جزماً ما هي الرواية التي قصدها الشهيد عند الاستدلال بخبر أبي بصير.

وقد يحتمل أن تكون كلتا الروايتين رواية واحدة، بمعنى أنّ أبا بصير قد رواها بلفظين. ولكن في نهاية المطاف، فإنّ هذه الرواية تدلّ كالرواية الأُولى على أنّ التميّز جائزٌ لصاحب العزاء مطلقاً.

الدليل الثالث: المعتبرة الثانية لأبي بصير ـ التميّز لكي يُعرف

«عَنهُ (أحمَدِ بنِ أبِي عَبدِ اللهِ البَرقِيّ‏)، عَن أبِيهِ، عَن سُعدَانَ، عَن أبِي بَصير، عَن أبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ الجِنَازَةِ أن يُلقِي رِدَاءَهُ حَتّى يُعرَفَ، وَيَنبَغِي لِجِيرَانِهِ أن يُطعِمُوا عَنهُ ثَلاثَةَ أيّامٍ»[524].

دراسة سند الرواية الثالثة

لا مشكلة في سند هذه الرواية أيضاً. نعم، في سندها سعدان كالرواية السابقة، وقد مرّ الكلام هناك عن وثاقته؛ وبالتالي فهذه رواية معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الثالثة

كما سبق البيان في الدليل السابق، فهذا الدليل أيضاً يمكن أن يكون من كتاب الذكرى للشهيد الأوّل[525]، وهذه الرواية كالروايتين السابقتين تدلّ بوضوح على جواز التميّز لصاحب العزاء مطلقاً.

الدليل الرابع: معتبرة القاسم ـ تميّز الإمام الصادق× في جنازة إسماعيل

«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ[526]، عَنِ الحُسَينِ بنِ عُثمَان قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِسمَاعِيلُ بنُ أَبِي عَبدِ اللهِ× خَرَجَ أَبُو عَبدِ اللهِ× فَتَقَدَّمَ السَّرِيرَ بِلاَ حِذَاءٍ وَلاَ رِدَاءٍ»[527].

دراسة سند الرواية الرابعة

لا مشكلة في سند هذه الرواية؛ لأنّ كلّ رواتها إماميون ثقات، إلّا القاسم بن محمّد الذي اختلف العلماء في وثاقته، ولكن هناك قرائن على وثاقته كما مرّت في هامش سند الرواية، وإذا اعتمدنا عليها فيمكن أن نقول: إنّ هذا الراوي ثقة وهذه الرواية معتبرة.

دراسة دلالة الرواية الرابعة

استدلّ بها العلّامة الحلّي[528] على جواز التميّز مطلقاً ودلالتها على ذلك واضحة. فهي تدلّ على أنّ صاحب العزاء وهو الإمام الصادق× تميّز عن غيره بخلع الرداء، كما أنّ الميّت في هذه الرواية هو ابن الإمام× وليس أباه أو أخاه أو جدّه لأبيه. وبالتالي؛ نستفيد من هذه الرواية أنّ التميّز جائزٌ لصاحب العزاء مطلقاً، ولا يختصّ الجواز بمصيبة أبيه أو أخيه أو جدّه لأبيه، كما أنّه لا يحتمل وجود خصوصية لمصيبة الابن.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

نظرية جواز التميّز لصاحب العزاء مطلقاً نظرية صحيحة تماماً؛ حيث إنّ الروايات الأربع المذكورة لإثباتها معتبرة ودلالتها تامّةٌ، وبالتالي فهذه النظرية صحيحة.

النظرية الرابعة: استحباب التميّز لصاحب العزاء مطلقاً

ذهب فريقٌ من العلماء بأنّ تميّز صاحب العزاء ليس جائزاً فحسب، بل هو مستحبٌّ أيضاً منهم ابن حمزة في الوسيلة[529]، العلّامة الحلّي في التذكرة[530]، المجلسي في بحار الأنوار[531] ومرآة العقول[532] وزاد المعاد[533]، والشيخ محمد حسن النجفي في الجواهر [534]. كما أن بعض العلماء وإن لم يصرّح باستحباب ذلك غير أنّ ظاهر كلامه يُوحي بذلك كالأردبيلي في المجمع، والسبزواري في الذخيرة، حيث قالا: «ينبغي هذا العمل لصاحب الميت»[535]، والظاهر من لفظ (ينبغي) هو مطلوبية الفعل واستحبابه.

الدليل على النظرية الرابعة: ثلاثة أدلّة

ذكر ثلاثة أدلّة على استحباب التميّز لصاحب العزاء:

الدليل الأوّل: الروايات التي علّلت التميّز بأنّه سبب لمعرفة صاحب العزاء

الروايات التي ذُكرت فيها علّة التميّز عبارة عن:

أوّلاً: معتبرة ابن أبي عمير[536] التي مرّ الكلام عنها[537]، وقد استدلّ بها في التذكرة[538]، والمجمع[539]، والذخيرة[540]، والجواهر[541].

ثانياً: المعتبرة الأُولى لأبي بصير[542]، وقد سبق الكلام عنها أيضاً[543]، واستدلّ بها في المجمع[544]، والذخيرة[545]، والجواهر[546].

ثالثاً: المعتبرة الثانية لأبي بصير[547] التي سبق بيانها[548]، وهي الرواية التي استدلّ بها صاحب الحدائق[549]، وتقدم أنّ جميع هذه الروايات معتبرة[550].

دراسة دلالة هذه الروايات

إنّ الذين استدلّوا بهذه الروايات لم يبيّنوا تقريب الاستدلال بها، إلّا صاحب الجواهر، ولكن يمكن استفادة الاستحباب من هذه الروايات اعتماداً على وجود أمرين فيها:

1. كلمة (ينبغي): حيث يظهر من هذه الكلمة أنّ هذا العمل مستحبّ ومرغوب فيه.

2. التعليل: يدلّ على الاستحباب، كما قال صاحب الجواهر: «بل يقتضي التعليل المذكور استحباب تغيير هيئة اللباس»[551].

الدليل الثاني: معتبرة إسحاق ـ تميّز النبي| في جنازة سعد

لقد ذكرنا هذه الرواية[552] سابقاً، وقمنا بدراسة سندها وتوصلنا إلى أنّها رواية
معتبرة السند[553].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ أعاظم العلماء بهذه الرواية: كالعلّامة الحلّي في التذكرة[554]، والأردبيلي في المجمع[555]، والسبزواري في الذخيرة[556]. وبيان الاستدلال بها كما يلي: لقد مشى النبي| في جنازة سعد بغير رداء، ولا توجد صلة قرابة بين النبي| وسعد (أي: إنّه ليس أخاه، أو أباه، أو جدّه لأبيه). ثمّ علّل رسول الله| موقفه بأنّه تأسّى بالملائكة، وهذا يعني أنّ ما فعله النبي| أمرٌ مرغوبٌ فيه. إذن؛ نستفيد من هذه الرواية أنّ التميّز مستحبٌّ لغير صاحب العزاء، فيثبت استحبابه لصاحب العزاء بطريقٍ أوْلى؛ إذ لا معنى لاستحباب التميّز لغير صاحب العزاء، وعدم استحبابه لصاحب العزاء؛ لأنّه المفجوع وصاحب المصيبة الحقيقي، فهذه الرواية تدلّ على استحباب التميّز للجميع.

إشكال على دلالة الرواية الثانية: الدليل أخصّ من المدّعى

كما تقدم سابقاً[557] فإنّ هذه الرواية أخصّ من المدّعى؛ وذلك لأنّ سعد بن معاذ لم يكن شخصاً عادياً، بل كان من الأعاظم؛ ولذلك يمكن أن يكون التميّز مستحبّاً في خصوص مصائب الأعاظم، وليس كلّ الناس، فغاية ما تدلّ عليه الرواية هو أنّ التميّز مستحبٌّ في مصيبة الأعاظم وأولياء الله. والحال أنّ البحث ليس في خصوص الأعاظم، بل في مطلق الناس، إذن؛ لا يمكن الاستدلال بالأولوية لتعميم الحكم على صاحب العزاء إلّا إذا كان الميّت من الأعاظم.

الدليل الثالث: معتبرة القاسم ـ تميّز الإمام الصادق× في جنازة إسماعيل

لقد ذكرنا هذه الرواية[558] سابقاً وقمنا بدراسة سندها، وتبيّن أنّها رواية معتبرة السند[559].

دراسة دلالة الرواية الثالثة

جاء هذا الدليل في تذكرة الفقهاء[560] ومجمع الفائدة[561] وذخيرة المعاد[562]، ودلالتها على المطلوب واضحةٌ، فالإمام الصادق× صاحب العزاء وفعله يدلّ على استحباب التميّز، هذا من جهة، ومن جهةٍ أُخرى فإنّ إسماعيل ابن الإمام× ولم يكن والده أو أخاه؛ وبالتالي لا يختصّ حكم الاستحباب بمصيبة الأب أو الأخ، بل التميّز مستحبّ مطلقاً، ولا توجد خصوصية للابن قطعاً؛ إذ لا يحتمل الخصوصية فيه. إذن؛ يمكن أن نقول: هذه الرواية تدلّ على أنّ التميّز مستحبّ لصاحب العزاء مطلقاً، ولو في مصيبة أشخاص غير الأب والأخ.

 نتيجة البحث في النظرية الرابعة

هذه النظرية صحيحة تماماً، فقد ذُكر لإثباتها ثلاثة أدلّة (خمس روايات) كلّها معتبرة، وتامّة الدلالة، إلّا الدليل الثاني؛ لوجود مشكلة في دلالته. وعلى هذا؛ نستنتج أنّ هذه النظرية صحيحة، فثبت استحباب التميّز لصاحب العزاء بشكل مطلق.

النظرية الخامسة: التفصيل الأوّل  ـ جواز التميّز في مصيبة الأب والأخ خاصّة

ذهب معظم المفصِّلين ـ كالشيخ الطوسي في المبسوط[563]، والعلّامة الحلّي في المنتهى[564] والتحرير[565] ـ إلى جواز التميّز لصاحب العزاء في مصيبة الأب والأخ، أمّا غيرهما فلا يجوز التميّز في مصيبتهم.

الدليل على النظرية الخامسة: روايات التميّز

 نقل العلامة الحلّي في المنتهى قول الشيخ بالتفصيل بين الأب والأخ وغيرهما، ثمّ نقل قول ابن إدريس على تحريم التميّز مطلقاً، فقال: «والأقرب عندي ما قاله الشيخ؛ لأنّه قد ورد استحباب التميّز بنزع الرداء، وكذا بإرسال طرف العمامة، أو أخذ مئزرٍ فوقها، ويؤيّده تعليل الصادق×»[566].

ومراد العلّامة بالمؤيّد، تلك الروايات التي مرّ ذكرها، أي: معتبرة ابن أبي عمير[567] والمعتبرة الأُولى[568] والثانية[569] لأبي بصير. ولقد قمنا بدراسة أسانيد هذه الروايات وتبيّن أنّها روايات معتبرة السند[570].

إشكالان على الدليل

الإشكال الأوّل: قال العلّامة: بأنّ الجواز يختصّ بمصيبة الأب والأخ، ولكنّه لم يذكر دليلاً على مدّعاه؛ لأنّ الروايات التي استدلّ بها على التميّز مطلقة، ولا تختصّ بمصيبة الأب أو الأخ.

الإشكال الثاني: الروايات المؤيّدة التي أشار إليها العلّامة لا تؤيّد تفصيل الشيخ؛ لأنّها تجوّز التميّز بشكلٍ مطلق دون أي تفصيل؛ وبالتالي فهي دليلٌ على بطلان القول بالتحريم المطلق، والذي ذهب إليه ابن إدريس، ولا تؤيّد نظرية اختصاص الجواز بمصيبة الأب والأخ.

 نتيجة البحث في النظرية الخامسة

ليست هذه النظرية تامّة، فالأدلّة التي ذُكرت لا تدلّ على التفصيل الذي قالوا به (اختصاص الجواز بمصيبة الأب والأخ) بل هي مطلقة. فإذن؛ التفصيل الأوّل بدون دليل.

النظرية السادسة: التفصيل الثاني ـ جواز التميّز في مصيبة الأب وأب الأب

قال أبوالصلاح الحلبي في الكافي: «ويستحبّ للرجل أن يحفي ويحلّ أزراره في جنازة أبيه وجدّه لأبيه، دون مَن عداهم»[571].

الدليل على النظرية السادسة: لا دليل له

تفرّد الحلبي بهذا النوع من التفصيل[572]، ولم يذكر دليلاً على ما ذهب إليه.

 نتيجة البحث في النظرية السادسة

لم يُذكر لهذه النظرية دليل، فكلام الحلبي ليس مصحوباً بدليل، وبعد البحث والتأمّل في الروايات تبيّن أنّ هذا النوع من التفصيل لا يعتمد على دليل.

النتيجة النهائية للمصداق الثاني من مصاديق إقامة العزاء: التميّز عن الآخرين

بالنسبة لغير صاحب العزاء

لا شكّ في أنّ نظرية التحريم ليست تامة؛ لأنّ دليلها الأوّل مرفوض لمشكلة في دلالته ودليلها الثاني مرفوض لمشكلة في سنده، ولكن نظرية الكراهة صحيحة، فالرواية التي تعتمد عليها هذه النظرية صحيحةٌ وتامّةُ الدلالة.

كما أنّ نظرية استحباب التميّز لخصوص أولياء الله صحيحة أيضاً؛ لأنّها تستند إلى رواية صحيحة سنداً وتامّةٍ دلالةً. إذن؛ هذه الرواية تخصّص أدلّة الكراهة فتختصّ الكراهة بالتميّز لغير أولياء الله؛ لأنّ التميّز في مصيبة أولياء الله مستحبّ.

بالنسبة لصاحب العزاء

النظرية الأُولى (التحريم مطلقاً) ليست تامّة. ولكن النظريات الثانية والثالثة والرابعة (الكراهة مطلقاً، الجواز مطلقاً، والاستحباب مطلقاً) صحيحة؛ لأنّها تستند إلى روايات معتبرةٍ تامة الدلالة. أمّا النظريتان الخامسة والسادسة (التفصيل الأوّل والثاني) فلا دليل عليهما.

ويمكن الجمع بين أدلّة الكراهة والاستحباب بأن نقول: صحيح أنّ أدلّة نظريتي الكراهة والاستحباب تامّة، ولكن الروايات الدالّة على الكراهة مطلقة وتشمل غير صاحب العزاء أيضاً، والروايات الدالّة على الاستحباب تختصّ بصاحب العزاء؛ فنستنتج أنّ الروايات الدالّة على الكراهة لا تريد الإطلاق بل تختصّ بغير صاحب العزاء أي: تُحمل روايات الكراهة على غير صاحب العزاء، وتُحمل روايات الاستحباب على صاحب العزاء من دون معارض.

نعم، هناك تفصيلٌ آخر يتعلّق بغير صاحب العزاء، فالتميّز في مصيبة أولياء الله والأعاظم مستحبٌّ، ولكنّه مكروهٌ في مصيبة عامّة الناس، وروايات الكراهة هذه تتعلّق بعامّة الناس. وبالتالي؛ فهي لا تتعارض مع الروايات الدالّة على استحباب التميّز لغير صاحب العزاء في خصوص مصائب أولياء الله.

ونستنتج أنّ تميّز غير صاحب العزاء في المصيبة ليس محرّماً، بل هو مستحبٌّ في بعض الحالات (أي: في مصائب أولياء الله والأعاظم)، ولكنّه مكروهٌ في مصيبة غيرهم. كما أنّ تميّز صاحب العزاء ليس محرّماً، بل هو مستحبٌّ مطلقاً (سواء أكان في مصيبة الأب والجد والأخ، أو غيرهم).

المصداق الثالث: النوح  ـ ثلاث نظريات

ذكر العلماء ثلاث نظريات في حكم إقامة العزاء بالنوح، وهي: التحريم مطلقاً[573]، الكراهة مطلقاً، والتفصيل بين النوح بالحقّ أو بالباطل.

النظرية الأُولى: تحريم النوح مطلقاً

قال الشيخ في المبسوط[574] وابن حمزة في الوسيلة[575] بتحريم النوح، وظاهر كلامهما الإطلاق؛ حيث إنّهما لم يقيّدا حكم التحريم بالنوح الباطل، وهذا يعني أنّ النوح حرام ولو كان بالحقّ.

الدليل على النظرية الأُولى: دليلان

لحرمة النوح مطلقاً تُمسّك بدليلين.

الدليل الأول: الإجماع

ادّعى الشيخ الإجماع على تحريم النوح[576]، وكلامه مطلق يشمل النوح بالحقّ أيضاً.

إشكال على الدليل الأوّل

يرد عليه نفس الإشكال السابق على الإجماعات المنقولة[577].

الدليل الثاني: إطلاق الروايات الناهية

أشار النراقي إلى الدليل الثاني كنظرية في هذا المجال (قيل) حيث قال: «والحقّ جواز النوح عليه بالحقّ لا بالباطل... والجمع بين المستفيضة المجوّزة الواردة في موارد مختلفة والأخبار الناهية عنه، بحمل الأُولى على الحقّ والثانية على الباطل. وقيل بتحريمه مطلقاً أخذاً بإطلاق الثانية[578]، وضعفه ظاهر»[579].

إشكالٌ على الدليل الثاني

أشار النراقي إلى هذا الدليل ثمّ ضعّفه، أمّا السبب في ضعفه فيعود إلى وجود إطلاقات مجوّزة مقابل الإطلاقات الناهية، فلا بدّ من الجمع بين هذين الفريقين من الروايات.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

لا شكّ في أنّ النظرية الأُولى ليست تامّة؛ وذلك لضعف دليليها.

النظرية الثانية: كراهة النوح مطلقاً

قال السيّد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة: «والقول بالكراهية مطلقاً غير بعيد، كما نصّ عليه في التهذيب[580] وغيره[581]؛ لمكان الموثّقة المذكورة، موثّقة سماعة من قوله: سألته عن كسب المغنّية والنائحة، فكرهه»[582].

الدليل على النظرية الثانية: معتبرة سماعة ـ كراهة كسب المغنّية

«رَوَى الحُسَينُ بنُ سَعِيدٍ، عَن عُثمَانَ بنِ سَعِيدٍ، عَن سمَاعَةَ قَالَ: سَأَلتُهُ [أَبَا عَبْدِ اللهِ×] عَن كَسبِ المُغَنِّيَةِ والنَّائِحَةِ فَكَرِهَهُ»[583].

دراسة سند الرواية

أخرج الشيخ هذه الرواية في التهذيب، وذكر في سندها اسم عثمان بن سعيد. ولكن إذا اعتمدنا على قرينة (الراوي والمروي عَنه) نكتشف أنّه في الحقيقة عثمان بن عيسى. كما أنّ الشيخ نفسه ذكر في سندها اسم عثمان بن عيسى، عندما نقل الرواية في الاستبصار[584]، أما فيما يتعلّق بوثاقته، فقد شهد النجاشي والشيخ بأنّه قال بالوقف بعد استشهاد الإمام الكاظم×[585]، وكان من رؤساء الواقفة، ولكن حسب رواية الكشي فإنّه قد تاب عن الوقف[586]، وأنّه ثقة. كما ذهبت جماعة إلى أنّه من أصحاب الإجماع [587]. إذن؛ هذه الرواية معتبرة السند، كما عدّها في مفتاح الكرامة موثقة[588].

دراسة دلالة الرواية

استدلّ بها السيّد محمد جواد العاملي لإثبات كراهة النوح بالباطل وقال: «والقول بالكراهية مطلقاً غير بعيد... لمكان الموثّقة المذكورة»[589].

إشكالٌ على دلالة الرواية

تختصّ هذه الرواية بمَن تمتهن النوح وتكسب المال عن طريق النوح على موتى الآخرين، وهذا لا علاقة له بصاحب العزاء الذي ينوح على فقيده. إذن؛ لا يصحّ استدلاله بهذه الرواية.

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

النظرية الثانية صحيحة؛ لأنّ الرواية المذكورة معتبرة السند وتامّة الدلالة؛ وعلى هذا فإنّ النوح على الميّت مكروه مطلقاً، حتّى لو كان بالحقّ.

النظرية الثالثة: التفصيل بين النوح بالحق والنوح بالباطل

قال كثيرٌ من العلماء بالتفصيل، فجوّزوا النوح بالحقّ وحرّموا النوح الباطل. وصرّح بهذا التفصيل فريقٌ من هؤلاء، كالمحقّق الحلّي في المختصر[590]، والعلّامة الحلّي في التذكرة[591] والنهاية[592] والمنتهى[593]، والشهيد الأوّل في البيان[594]، والشهيد الثاني في الروضة[595]، والسبزواري في الذخيرة[596]، والمجلسي في البحار[597] وزاد المعاد[598]، والنراقي في المعتمد[599]، والبحراني في السداد[600]، والشيخ محمد حسن النجفي في النجاة[601].

وهناك فريق آخر من المفصّلين لم يصرّحوا بالتفصيل، ولكن مفهوم كلامهم يُوحي بذلك، من قبيل: ابن إدريس في السرائر[602]، العلّامة الحلّي في التحرير[603]، الشهيد الأوّل في الذكرى[604]، المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان[605]، الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع[606] والنخبة[607]، والمحقّق القمي في غنائم الأيّام[608].

الدليل على النظرية الثالثة: ثلاثة أدلّة

نظرية التفصيل بين النوح بالحقّ والنوح بالباطل، تشتمل على دليلين:

الدليل الأول: الإجماع وعدم الخلاف

اعتبر بعض العلماء أن نظرية التفصيل تستند إلى الإجماع، كما قال العلّامة في منتهي المطلب[609]، والمجلسي في البحار [610]. بينما البعض الآخر لم يدّع الإجماع على ذلك، بل نقل الإجماع عن الآخرين، منهم النراقي في معتمد الشيعة [611]. ونقل ابن إدريس في السرائر الإجماع على أحد طرفي التفصيل (أي: تحريم النوح بالباطل فقط)[612]. ويثبت من مفهوم كلامه الإجماع على الطرف الأخر أيضاً، كما أنّ السبزواري ادّعى عدم الخلاف على القول بالتفصيل[613].

إشكال على الدليل الأوّل

إنّ الإجماع المنقول ليس حجّة كما مرّ، وكذلك ادّعاء عدم الخلاف؛ فالعلماء طعنوا في حجّية الإجماع المنقول، رغم أنّه أفضل من ادّعاء عدم الخلاف؛ فلا يبقى شكٌّ في عدم حجّية ادّعاء عدم الخلاف[614]، وفضلاً عن ذلك فقد ثبت في علم الأُصول أنّ ادّعاء عدم الخلاف ليس حجّةً شرعاً، ولا يمكن الاعتماد عليه.

الدليل الثاني: الروايات  ـ ثلاث روايات

يتضمّن الدليل الثاني على القول بالتفصيل ثلاث روايات:

الرواية الأُولى: صحيحة أبي حمزة ـ نوح أُم سلمة بين يدي رسول الله|

«أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن عَلِيِّ بنِ الحَكَمِ، عَن مَالِكِ بنِ عَطِيَّة، عَن أَبِي حَمزَة، عَن أَبِي جَعفَرٍ× قَالَ: مَاتَ الوَلِيدُ بنُ المُغَيرَةِ فَقَالَت أُمُّ سَلَمَة لِلنَّبِيِّ|: إنّ آلَ المُغيرَةِ قَد أَقَامُوا مَنَاحَةً فَأَذهَبُ إِلَيهِم؟ فَأَذِنَ لَهَا، فَلَبِسَت ثِيَابَهَا وَتَهَيَّأَت... فَنَدَبَتِ ابنَ عَمِّهَا بَينَ يَدَي رَسُولِ اللهِ|... قَالَ×: فَمَا عَابَ ذَلِكَ عَلَيهَا النَّبِيُّ| وَلَا قَالَ شَيئاً»[615].

دراسة سند الرواية الأُولى

سند هذه الرواية صحيح؛ لأنّ جميع رواتها إماميون ثقات. ورغم أنّه أسند الرواية إلى «عِدَّةٍ مِن أصحَابِنَا» إلا أنّه لا يخلّ بصحة السند، كما مرّ بيانه[616].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

ذكر هذا الدليل في كتاب غنائم الأيّام[617]، ولكن الميرزا القمي لم يتطرّق إلى تقريب الاستدلال، ولعلّ تقريبه بأنّ أُمّ سلمة أرادت الذهاب إلى مجلس النوح، وندبت بين يدي رسول الله|، فلم ينهَ عن ذلك. ثمّ لا شكّ في أنّ أُمّ سلمة لا تنوح بكلمات قبيحة وباطلة؛ لأنّ صدور هذا الفعل عن أُمّ سلمة بعيد، خاصّةً عندما تكون بين يدي رسول الله|؛ فيتّضح أنّ فعلها جائزٌ ويؤيّده النبي’. إذن؛ نستنتج أنّ النوح بالحقّ جائزٌ، والنوح بالباطل حرامٌ.

إشكال على دلالة الرواية الأُولى: الدليل أخصّ من المدّعى

لا شكّ في أنّ أُمّ سلمة ناحت بالحقّ؛ ولذلك فإنّ هذه الرواية سكتت عن النوح بالباطل، وعلى هذا؛ فإنّ الدليل أخصّ من المدّعى. وبتعبيرٍ آخر: فإنّ غاية ما تثبته هذه الرواية هي أنّ النوح بالحقّ جائزٌ، ولكنّها لا تدلّ على حرمة النوح بالباطل.

الرواية الثانية: رواية علي بن أحمد ـ نوح السيّدة فاطمة على رسول الله |

«وَعَن عَلِيِّ بنِ أَحمَد العَاصِمِيِّ، بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَى بنِ جَعفَرٍ÷، عَن آبَائِهِ^، عَن عَلِيٍّ×: أنّ فَاطِمَةَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ| كانَت تَقُولُ: وَا أَبَتَاه! مِن رَبِّهِ مَا أَدنَاهُ! وَا أَبَتَاه! جَنَانُ الخُلدِ مَثوَاهُ! وَا أَبَتَاه! يُكرِمُهُ رَبُّهُ إِذَا أَتَاهُ! يَا أَبَتَاه! الرَّبُّ والرُّسُلُ تُسَلِّمُ عَلَيهِ حِينَ تَلقَاهُ!»[618].

دراسة سند الرواية الثانية

في سند هذه الرواية علي بن أحمد العاصمي الذي لم يُذكر اسمه في كتب الرجال.

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ بها الشهيد الأوّل في الذكرى[619]، والميرزا القمّي في الغنائم[620]، لكن دلالتها على المدّعى ليست تامّة، فهي أخصّ من المدّعى كالدليل السابق؛ وتختصّ بجواز النوح بالحقّ.

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق ـ تأييد الإمام الصادق × للنوح

سبقت هذه الرواية[621] وبحثنا سندها وقلنا: إنّها رواية مرسلة[622].

دراسة دلالة الرواية الثالثة

هذا الدليل استدلّ به في الذكرى[623] والغنائم[624] أيضاً، ولكن يرد عليه نفس الإشكال الذي ورد على دلالة الدليل السابق، أي: أنّه أخصّ من المدّعى.

الدليل الثالث: الجمع بين الروايات

الجمع بين الروايات المجوّزة والروايات الناهية يدلّ على أنّ النوحَ بالحقّ جائزٌ، والنوح بالباطل حرامٌ. وبعبارةٍ أُخرى: فإنّ الروايات المجوزة تُحمَل على النوح بالحقّ، والروايات الناهية تُحمَل على النوح بالباطل.

دراسة الدليل الثالث

 ذُكر هذا الدليل في معتمد الشيعة[625]، وأشار إليه غنائم الأيام أيضاً[626]، ويبدو أنّه دليل ٌصحيح؛ لوجود الشاهد على صحّته:

شاهد الجمع: نياحة الجاهلية

قال الآملي: «بل الشهيد في الذكرى[627] استظهر من كلام المبسوط وابن حمزة إرادتهما النوح بالباطل؛ ممّا حرّماه، مستشهداً بأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً»[628].

بمعنى أنّ النياحة لما كانت في الجاهلية تترافق غالباً مع أقوال باطلة؛ ولذلك ورد النهي عنها في روايات أهل البيت^، وهكذا يتبيّن أنّ أصل النوح جائزٌ، ولكن يجب أن لا يترافق مع أقوالٍ باطلة.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

ذكرنا ثلاثة أدلّة للنظرية الثالثة (التفصيل بين النوح بالحقّ أو بالباطل):

 الدليل الأوّل (الإجماع) : وهو غير معتبر في ما نحن فيه.

 والدليل الثاني (الروايات) : ضعيفٌ؛ لوجود مشاكل في السند أو الدلالة أو كليهما.

أمّا الدليل الثالث (الجمع بين الروايات):  فلا مشكلة فيه.

النتيجة النهائية للمصداق الثالث من مصاديق العزاء: النوح

نظرية التحريم المطلق ليست صحيحة كما تقدّم؛ لأنّها تستند إلى الإجماع وعدم الخلاف، ولا حجّية لهما، كما أنّه لا يصحّ الاستدلال بخصوص إطلاقات الروايات الناهية لإثبات الحرمة.

أمّا نظرية الكراهة مطلقاً فهي صحيحة؛ لأنّها تستند إلى رواية صحيحة السند وتامّة الدلالة، تبقى نظرية التفصيل بين النوح بالحقّ والباطل، وقد ذكرنا لها ثلاثة أدلّة وقلنا: إنّ الدليلين الأوّلين ضعيفان؛ لعدم الحجّية، أو لأنّهما أخصّ من المدّعى، ولكن يبقى له دليلٌ آخر صحيح، وهو الجمع بين الروايات الناهية والروايات المجوزة، وهو مدعومٌ بشاهد جمعٍ كما سبق.

إذن؛ نستنتج أنّ إقامة العزاء بالنوح جائزٌ إذا لم يشتمل على أقوالٍ باطلة، وإلّا فليس بجائز. وبناءً على الدليل المذكور في نظرية الكراهة يمكن القول: بأنّ النوح من دون أقوال باطلة جائزٌ، ولكنّه في نفس الوقت مكروهٌ.

المصداق الرابع: الصراخ ـ ثلاث نظريات

للفقهاء ثلاث نظريات حول حكم الصراخ في مصيبة الميت، وهي: الكراهة مطلقاً[629]، التحريم مطلقاً، والتفصيل بين الصراخ المعتدل والخارج عن حدّ الاعتدال.

النظرية الأُولى: كراهة الصراخ مطلقاً

قال فريقٌ من العلماء: بأنّ الصراخ في مصيبة الميّت مكروه، وإن كان بصوتٍ معتدل، منهم: الشهيد الأوّل في الذكرى[630]، والشيخ البهائي في الحبل المتين[631]، والحرّ العاملي في الوسائل[632]، والعلّامة المجلسي في البحار[633] وزاد المعاد[634]، والمحدِّث النوري في المستدرك[635].

الدليل على النظرية الأُولى: أربعة أدلّة

 ذكر العلماء أربعة أدلّة لإثبات كراهة الصراخ في مصيبة الميّت:

الدليل الأوّل: صحيحة زرارة ـ الصراخ عملٌ باطلٌ

«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَن ابنِ مَحبُوبٍ، عَن عَلِيِّ بنِ رِئَابٍ، عَن زُرَارَةَ، قَالَ: حَضَرَ أَبُو جَعفَرٍ× جَنَازَةَ رَجُلٍ مِن قُرَيشٍ وَأَنَا مَعَهُ، وَكَانَ فِيهَا عَطَاءٌ، فَصَرَخَت صَارِخَةٌ، فَقَالَ عَطَاءٌ: لَتَسكُتِنَّ أَو لَنَرجِعَنَّ. قَالَ: فَلَم تَسكُت. فَرَجَعَ عَطَاءٌ، قَالَ: فَقُلتُ: لِأَبِي جَعفَرٍ× أنّ عَطَاءً قَد رَجَعَ. قَالَ: وَلِمَ؟ قُلتُ: صَرَخَت هَذِهِ الصَّارِخَةُ فَقَالَ لَهَا: لَتَسكُتِنَّ أَو لَنَرجِعَنَّ. فَلَم تَسكُت، فَرَجَعَ، فَقَالَ: امضِ بِنَا؛ فَلَو أَنَّا إِذَا رَأَينَا شَيئاً مِنَ البَاطِلِ مَعَ الحَقِّ تَرَكنَا لَهُ الحَقَّ؟ لَم نَقضِ حَقَّ مُسلِمٍ»[636].

دراسة سند الرواية الأُولى

سند هذه الرواية صحيحٌ؛ لأنّ جميع رواتها إماميون ثقات.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

ذُكر هذا الدليل في كتاب الحبل المتين[637] للشيخ البهائي، وقد استفاد من كلمة «باطل» تأكُّد كراهة الصراخ على الميّت، وهذه الاستفادة صحيحة والقرينة على ذلك: أنّ إطلاق كلمة «الحقّ» على أمرٍ لا يعني بالضرورة أنّه واجب؛ إذ يصح إطلاقها على كلّ أمر صحيح، ونقول  ـ اعتماداً على قرينة المقابلة ـ : إنّ كلمة الباطل كذلك لا تختصّ بالأُمور المحرّمة، بل تُطلق على المكروه أيضاً. إذن؛ لا يمكن استفادة التحريم من هذه العبارة، والصواب أنّها تدلّ على الكراهة.

أمّا قوله×: «لَم نَقضِ حَقَّ مُسلِمٍ». فإنّ المراد منه حضور جنازة هذا الميّت؛ حيث إنه لا شكّ في أنّ الحضور ليس واجباً، بل مستحبٌّ تدعو إليه الأخلاق الإسلامية. وعلى هذا؛ يمكن أن نقول: يتبيّن بالاعتماد على قرينة السياق أنّ كلمة «باطل» في هذه الرواية لا تدلّ على حرمة الفعل، بل تدلّ على كراهته، وهكذا تتّضح صحّة الاستدلال بهذه الرواية على كراهة الصراخ.

الدليل الثاني: رواية امرأة الحسن الصيقل ـ لا ينبغي الصياح

«عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، عَن عَلِيِّ بنِ عُقبَة، عَنِ امرَأَةِ الحَسَنِ الصَّيقَلِ، عَن أَبِي ­عَبدِ اللهِ× قَالَ: لاَ يَنبَغِي ­الصِّيَاحُ­ عَلى ­المَيِّتِ­، وَلاَ شَقُّ الثِّيَابِ»[638].

دراسة سند الرواية الثانية

سند هذه الرواية ضعيف؛ لوجود امرأة الحسن الصيقل، حيث إنّها لم تُذكر في كتب الرجال، ولقد صرّح السيّد الخوئي بضعف هذه الرواية[639]. إذن؛ لا بدّ من الاستدلال بمعتبرة جرّاح المدائني؛ لأنّ مضمونها قريب من هذه الرواية، وسيأتي الكلام عنها كدليل ثالث على هذه النظرية.

دراسة دلالة الرواية الثانية

ذكر هذه الرواية الشهيد في الذكرى[640]، ولكنّه أسندها إلى الحسن الصفّار، ويبدو أنّ هذا سهو قلم منه؛لأنّها مروية عن امرأة الحسن الصيقل[641]، ورغم أنّ العلّامة المجلسي رواها عن الحسن الصفّار أيضاً إلّا أنّ الصحيح أنّها رواية امرأة الحسن الصيقل، وقد أشار إليه صاحب الجواهر بقوله: «أنّ المعروف في كتب الفروع عن الحسن الصيقل، وفي الذكرى الصفّار بدل الصيقل، والأمر سهل»[642].

وقد كان من الأفضل أن يستدلّ الشهيد بمعتبرة جرّاح المدائني، والتي تحمل مضموناً مماثلاً ولا مشكلة في سندها. ورغم ذلك، فإنّ دلالة هذه الرواية على المدّعى واضحة، وكما سيأتي في المباحث القادمة فقد اعتبر بعض العلماء أنّ عبارة «لا ينبغي» ظاهرة في التحريم، ولكن الحقيقة أنّها ظاهرة في الكراهة، كما استظهره الشهيد.

الدليل الثالث: معتبرة جرّاح المدائني ـ لا ينبغي الصياح

«مُحَمَّدُ بنُ يَحيَى، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضرِ بنِ سُوَيدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ سُلَيمَان[643]، عَن جَرَّاحِ المَدَائِنِيِّ[644]، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: لاَ يَصلُحُ الصِّيَاحُ عَلَى المَيِّتِ وَلاَ يَنبَغِي، وَلَكِنَّ النَّاسَ لاَ يَعرِفُونَهُ، وَالصَّبرُ خَيرٌ»[645].

دراسة سند الرواية الثالثة

لا مشكلة في سند هذه الرواية، ولكن فيه القاسم بن سليمان وجرّاح المدائني، وكما مرّ في هامش سند الرواية يمكن توثيقهما عبر مجموعة من القرائن. إذن؛ هذه الرواية معتبرة ولا علّة في سندها.

دراسة دلالة الرواية الثالثة

وردت في هذه الرواية عبارتا «لا يصلح» و«لا ينبغي» وظاهرهما كراهة الصياح.

الدليل الرابع: معتبرة جابر ـ الصراخ جزع

تقدمت هذه الرواية[646]، وبحثنا سندها، وقلنا: إنّها رواية معتبرة السند[647].

دراسة دلالة الرواية الرابعة

نقل العلّامة المجلسي هذه الرواية في بحار الأنوار[648]، ولها دلالة واضحة على الكراهة؛ لأنّها لا تصرّح بالنهي، بل هي في مقام تبيين أمر أخلاقي.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

ذكرنا لهذه النظرية أربعة أدلّة، وكلّ هذه الأدلّة تامٌّة وصحيحة من ناحية السند والدلالة، إلّا الدليل الثاني. وبناءً على هذا؛ فلا توجد مشكلة في النظرية الأُولى.

النظرية الثانية: تحريم الصياح مطلقاً

ذهب جمع من العلماء إلى تحريم الصياح في مصيبة الميّت، منهم: المحدِّث البحراني في الحدائق[649]، والآملي في مصباح الهدى[650]، والخوئي في الموسوعة[651].

الدليل على النظرية الثانية: دليلان

ذكر القائلون بتحريم الصياح دليلين لإثبات مدّعاهم:

الدليل الأول: الإجماع

يظهر من كلام الشيخ محمد تقي الآملي أنّ العلماء قد أجمعوا على تحريم الصياح؛ حيث إنّه نسب حكم التحريم إلى الأصحاب[652].

إشكال على الدليل الأوّل

حتّى لو افترضنا أنّ عبارة الشيخ محمد تقي الآملي تفيد ادّعاء الإجماع فإنّه ليس دليلاً تاماً؛ إذ يرد عليه نفس الإشكال السابق على الإجماعات[653]؛ وبالتالي لا يصلح لأن يكون مستنداً للتحريم.

الدليل الثاني: رواية امرأة الحسن الصيقل ـ لا ينبغي الصياح

لقد ذكرنا هذه الرواية[654] سابقاً، وبحثنا في سندها، وقلنا: إنّ سندها ضعيفٌ؛ لوجود امرأة الحسن الصيقل، حيث إنّها لم تُذكر في كتب الرجال[655].

دراسة دلالة الرواية: ثلاثة طرق للاستدلال

أمّا الاستدلال بهذه الرواية، فيمكن بثلاثة تقريبات:

التقريب الأول: للمحقق الآملي

قال الشيخ محمد تقي الآملي: «يمكن استفادة الحرمة منه هاهنا بقرينة العطف على الصراخ على الميّت الذي عرفت أنّه حرام؛ لظاهر ما دلّ على حرمته من الأخبار، وعليه فتوى الأصحاب»[656].

التقريب الثاني: للمحقِّق الخوئي

قال السيّد الخوئي: «أُورد على الاستدلال به أنّ كلمة (لا ينبغي) (في خبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله× أنّه قال: لا ينبغي الصياح على الميِّت ولا شقّ الثياب) ظاهرة في الكراهة أو في استحباب الترك، لا في الحرمة. ولكن قدّمنا نحن أنّ الكلمة ظاهرة في الحرمة؛ لأنّ معنى (لا ينبغي) لا يتيسّر ولا يتمكّن»[657].

التقريب الثالث: للمحقِّق البحراني

قال المحدِّث البحراني: «أقول: لا يخفى أنّ الظاهر من قوله× في رواية الحسن الصيقل: لا ينبغي بمعونة ما نقلناه عن التهذيب[658] إنّما هو التحريم.

أمّا أوّلاً؛ فلأنّ استعمال هذا اللفظ في التحريم شائع في الأخبار كما عرفت في غير موضع من هذا الكتاب.

وأمّا ثانياً؛ فلأنّ الظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب أنّ الصراخ محرّم، وإنّما الجائز النوح بالصوت المعتدل والقول بحقّ، فكذا يجب القول في الشقّ، والّا لزم استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو حقيقته ومجازه، وهم لا يقولون به»[659].

وبما أنّ سند هذه الرواية ضعيفٌ فلا جدوى في دراسة دلالتها أكثر من هذا.

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

ذكرنا دليلين للنظرية الثانية، وبيّنا ضعف كلّ واحد منهما؛ وبالتالي لا يوجد دليل صحيح يدعم النظرية الثانية.

النظرية الثالثة: التفصيل بين الصياح المعتدل والخارج عن حدّ الاعتدال

قال بعض العلماء بالتفصيل بين نوعي الصراخ، منهم: صاحب الجواهر في نجاة العباد[660]، والسيّد اليزدي في العروة؛ إذ قالوا: «لا يجوز... الصّراخ الخارج عن حدّ الاعتدال»[661].

الدليل على النظرية الثالثة: ليس لها دليل

يظهر من كلام صاحب الجواهر[662] والسيّد اليزدي[663] أنّهما يقولان بهذا التفصيل؛ إذ قيّد كل منهما الحرمة بخروج الصياح عن حد الاعتدال، ومفهوم كلامهما أنّ الصياح بصوتٍ معتدلٍ حلالٌ. ولكنّهما لم يذكرا دليلاً على هذا المدّعى.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

لم يذكر أصحاب النظرية دليلاً على مدّعاهم، فنحن لم نعثر على دليلٍ واضحٍ في كلامهم، وكما قلنا في القسم الأوّل من هذا الكتاب (المفاهيم): فإنّ لفظ (صرخ) يعني الصياح والصوت المرتفع، ولا يكمن فيه الخروج عن حدّ الاعتدال.

النتيجة النهائية للمصداق الرابع من مصاديق العزاء: الصياح

لا شكّ في أنّ نظرية التحريم ليست صحيحة؛ لأنّها تعتمد على دليلين ضعيفين وهما الإجماع ورواية امرأة الحسن الصيقل. أمّا نظرية التفصيل فهي كذلك ليست صحيحة؛ لأنّها لا تستند إلى دليل. أمّا القول بالكراهة فهو صحيح؛ لأنّه يعتمد على روايات معتبرة السند، وتامّة الدلالة. وعلى هذا؛ فإنّ الصياح في مصيبة الميّت ليس محرّماً، ولكنّه مكروه ولا فرق بين الصياح المعتدل أو الخارج عن الاعتدال.

المصداق الخامس: لطم الجسد، وخدش الجلد، وجزّ الشعر ـ نظريتان

عادةً يبحث الفقهاء هذه الأُمور الثلاثة (لطم الجسد، وخدش الجلد، وجزّ الشعر) ضمن بحثٍ فقهيٍّ واحدٍ؛ ولذلك سنقوم بدراسة كلّ هذه الأُمور تحت عنوان المصداق الخامس، وللعلماء نظريتان حول اللطم، والخدش، وجزّ الشعر: (الجواز، والحرمة).

النظرية الأُولى: جواز اللطم والخدش وجزّ الشعر

ذهب بعض المتأخّرين إلى جواز هذه الأُمور، قال السيّد المرعشي: «والأقوى جواز اللطم»[664]. كما قال السيّد الخوئي بأنّ كل هذه الأُمور الثلاثة (أي: لطم الجسد، خدش الجلد، وجزّ الشعر) ليست محرّمة [665].

الدليل على النظرية الأُولى: دليلان

ذكر القائلون بالجواز دليلين على مدّعاهم:

الدليل الأوّل: عدم الدليل على الحرمة

قال السيّد الخوئي: وإن ورد النهي عنه في بعض الأخبار... إلّا أنّ الأخبار لضعف أسنادها لا يمكن الاعتماد عليها[666].

وقال عن حكم جزّ الشعر: «ورد النهي عن ذلك (جزّ الشعر) في رواية خالد[667]... إلّا أنّ خالداً هذا ضعيفٌ؛ لعدم توثيقه... ومعه لا يمكن الحكم بحرمة الجزّ»[668].

إشكال على الدليل الأول

إنّ استدلال المحقّق الخوئي صحيح حسب مبناه؛ لأنّه يرى ضعف رواية خالد. والحقّ ـ كما سيأتي بيانه ـ أنه سيتمّ تصحيح سند رواية خالد؛ وبالتالي فهذه الرواية معتبرةٌ. إذن؛ يمكن استفادة حرمة هذه الموارد منها.

الدليل الثاني: معتبرة جابر وصحيحة معاوية

تقدّمت معتبرة جابر[669]، وقلنا: إنّها معتبرة السند[670]. وذكرنا كذلك صحيحة معاوية بن وهب[671]، وكذلك ثبت أنّها رواية صحيحة[672]، إلا أنّه استُشكل على سندها بسبب وجود أبي محمد الأنصاري (عبد الله بن إبراهيم بن حمّاد الأنصاري)، حيث نقل الكشي عن نصر بن صباح أنّ هذا الرواي مجهول[673]، ولكن قدّمنا ثلاثة أجوبة عن هذا الإشكال[674].

دراسة دلالة رواية جابر ورواية معاوية

ذكر الإمام الباقر× في رواية جابر أنّ لطم الوجه وجزّ الشعر من مصاديق الجزع، وإذا ضممنا هذه الرواية إلى صحيحة معاوية نستنتج أنّه يجوز لطم الوجه وجزّ الشعر في مصائب جميع الناس، ولكنّهما مكروهان إلّا في مصيبة الإمام الحسين×.

إشكال على دلالة صحيحة معاوية: الكراهة تعني النهي مطلقاً

رغم أنّ الكراهة في اصطلاح الفقهاء أحد الأحكام الخمسة المعروفة، ولكنّها في الروايات تعني النهي مطلقاً. إذا علمنا هذه النقطة فلا بدّ أن نقول: صحيحٌ أنّ هذه الرواية في مقام بيان المصاديق فحسب، إلّا أنّ كلمة (مكروه) في صحيحة معاوية بن وهب لا تعني الكراهة الموجودة في اصطلاح الفقهاء بل هي أعمّ من الكراهة والحرمة. وبتعبيرٍ آخر: فإنّ الكراهة في لسان الروايات تعني النهي مطلقاً، والنهي يتلاءم مع الحرمة ومع الكراهة.

إشكال على دلالة معتبرة جابر: الدليل أخصّ من المدّعى

هذا الدليل أخصّ من المدّعى؛ لأنّه وإن كان يدلّ على جواز لطم الوجه وجزّ الشعر، إلّا أنّه لا يدلّ على خدش الجلد، وبالتالي؛ فإنّ هذا الدليل أخصّ من المدّعى من هذه الناحية.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

ذكرنا لهذه النظرية دليلين:

أمّا الدليل الأوّل فليس تامّاً، فرغم أنّ الروايات الناهية ضعيفة السند ـ كما سيتضح في المباحث اللاحقة ـ إلّا أنّ رواية خالد مدعومة بعمل المشهور؛ وبالتالي يجبر ضعف سندها، فتكون رواية معتبرة. وبناءً على هذا؛ تثبت حرمة هذه الأفعال.

أمّا الدليل الثاني فرغم أنّه كان صحيح السند إلّا أنّه لا يشتمل على جواز خدش الجلد؛ وبالتالي فإنّه أخصّ من المدّعى من هذه الجهة.

كما أنّ كلمة (مكروه) في صحيحة معاوية لا تدلّ على الكراهة المصطلحة، بل تدلّ على مطلق النهي، وبقرينة معتبرة خالد بن سدير يُحمل لفظ المكروه على الحرمة، وليس الكراهة المصطلحة. إذن؛ لا يوجد دليل على جواز هذه الأفعال.

النظرية الثانية: حرمة اللطم والخدش وجزّ الشعر

ذهبت الأغلبية العظمى من العلماء إلى تحريم لطم الجسد، وخدش الجلد، وجزّ الشعر، منهم: الشيخ في المبسوط[675]، وابن حمزة في الوسيلة[676]، وابن إدريس في السرائر[677]، والعلّامة الحلّي في التحرير[678]، والشهيد الأوّل في البيان[679] والذكرى[680]، والفيض الكاشاني في المفاتيح[681] والنخبة[682]، والعلّامة المجلسي في البحار[683]، والنراقي في المعتمد[684]، والبحراني في السداد[685]، وكاشف الغطاء في كشف الغطاء[686]، والميرزا القمّي في الغنائم[687]، والنجفي في الجواهر[688] والنجاة[689]، والمامقاني في غاية الآمال[690]، والسيّد اليزدي في العروة[691]، والسيّد الحكيم في المستمسك[692]، والآملي في مصباح الهدى[693].

الدليل على النظرية الثانية: ثلاثة أدلّة

ذكر القائلون بالتحريم ثلاثة أدلّة على حرمة هذه الأُمور:

الدليل الأول: الإجماع

ذُكر هذا الدليل في المبسوط[694]، والسرائر[695]، والمفاتيح[696]، فقد تطرّقت هذه الكتب إلى تحريم اللطم والخدش وجزّ الشعر، وادُّعي الإجماع عليه.

إشكال على الدليل الأوّل

يرد عليه نفس الإشكال السابق على ادعاء الإجماع؛ من أنّ الإجماع المنقول ليس حجّة[697].

الدليل الثاني: السخط لقضاء الله

ذُكر هذا الدليل في ذكرى الشيعة[698]، ومفاتيح الشرائع[699]، ومعتمد الشيعة[700]، وغنائم الأيّام[701]، وجواهر الكلام[702]؛ حيث قالوا بحرمة هذه الأفعال؛ لما فيها من السخط لقضاء الله.

إشكال على الدليل الثاني

كما سيأتي في مبحث شقّ الثوب على الميّت؛ فإنّ هذا الدليل ليس تامّاً؛ لأنّ السبب في هذه الأفعال هو الحزن لفقدان الأقارب، وليس السخط لقضاء الله، كأن يبكي الإنسان على فراق أصدقائه، فهذا البكاء بسبب الفراق، وليس بسبب السخط لقضاء الله.

الدليل الثالث: الروايات  ـ  خمس روايات

الدليل الثالث عبارة عن خمس روايات، وهي كما يلي:

الرواية الأُولى: معتبرة جابر  ـ هذه الأفعال من مصاديق الجزع

ذكرنا معتبرة جابر[703] سابقاً، وبحثنا سندها، وثبت أنّها رواية معتبرة[704].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

استدلّ بها الشيخ محمد تقي الآملي في مصباح الهدى لإثبات حرمة هذه الأفعال[705].

إشكال على دلالة الرواية الأُولى

لا يمكن استفادة الحرمة من هذه الرواية؛ لأنّها في مقام بيان مصاديق الجزع دون إصدار حكم عليها. نعم، لقد ذُكر حكم هذه المصاديق في روايةٍ أُخرى، وهي صحيحة معاوية بن وهب[706] التي مرّت سابقاً، وبيّنا أنّها رواية صحيحة تدلّ على أنّ الجزع مكروه. وقلنا: إنّ المكروه في هذه الرواية يعني المنهي عنه، والنهي أعمّ من الحرمة والكراهة[707].وبناءً على هذا؛ فإنّ المصاديق المذكورة مكروهة (منهي عنها) فلا يمكن استفادة الحرمة من هذه الرواية، بل يُستفاد منها النهي مطلقاً، وهو أعمّ من الكراهة والحرمة.

الرواية الثانية: معتبرة خالد بن سدير ـ وجوب الكفارة على مَن قام بهذه الأفعال

«وَذَكَرَ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللهِ×... وإذَا خَدَشَتِ المَرأَةُ وَجهَهَا أَو جَزَّت شَعرَهَا أَو نَتَفَتهُ، فَفِي جَزِّ الشَّعرِ عِتقُ رَقَبَةٍ، أَو صِيَامُ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ، أَو إِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناً. وَفِي الخَدشِ إِذَا دَمِيَت وفِي النَّتفِ كَفَّارَةُ حِنثِ يَمِينٍ. وَلَا شَيءَ فِي اللَّطمِ عَلَى الخُدُودِ سِوَى الِاستِغفَارِ وَالتَّوبَةِ»[708].

دراسة سند الرواية الثانية

تقدمت معتبرة خالد بن سدير، وقمنا بدراسة سندها، وقلنا: إنّ خالداً ضعيف، ولكن عمل المشهور بهذه الرواية يجبر ضعف سندها[709].

دراسة دلالة الرواية الثانية

 استُدلّ بها في الذكرى[710]، والغنائم[711]، والجواهر[712] لإثبات حرمة هذه الموارد، فهذه الرواية تدلّ بوضوح على حرمة اللطم والخدش وجزّ الشعر؛ لأنّها وضعت لكلّ واحد منها كفارة؛ ولا يمكن وضع الكفارة لفعلٍ جائز. إذن؛ وضع الكفارة لأيّ عمل يدلّ على حرمته.

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق ـ نصيحة النبي| للسيّدة فاطمة

«وَقَالَ|: لِفَاطِمَةَ‘ حِينَ قُتِلَ جَعفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ لاَ تَدعِي بِذُلٍّ وَلاَ ثُكلٍ وَلاَ حَرَبٍ، وَمَا قُلتِ فِيهِ فَقَد صَدَقتِ»[713].

دراسة سند الرواية الثالثة

سند هذه الرواية ضعيف؛ لأنّها رواية مرسلة.

دراسة دلالة الرواية الثالثة

استدلّ بها الشهيد بعد ذكر مجموعة من الأدلّة على تحريم اللطم والخدش وجزّ الشعر[714].

إشكال على دلالة الرواية الثالثة

لا علاقة لهذه الرواية بالأُمور المذكورة؛ لأنّها تنهى عن النوح فقط.

الرواية الرابعة: مرسلة مسكِّن الفؤاد ـ ليس منّا مَن ضرب الخدود

«الشَّهِيدُ الثَّانِي فِي مُسَكِّنِ الفُؤَادِ، عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ|: لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ وشَقَّ الجُيُوبَ»[715].

دراسة سند الرواية الرابعة

سند هذه الرواية ضعيفٌ؛ لأنّ الشهيد الثاني رواها مرسلاً.

دراسة دلالة الرواية الرابعة

استدلّ بهذه الرواية الشيخ محمد تقي الآملي في مصباح الهدى[716].

إشكال على دلالة الرواية الرابعة

هناك مشكلة في دلالتها على المدّعى؛ لأنّها تقول: إنّ مَن يقوم بهذه الأعمال ليس منا، وهذا ليس ظاهراً في التحريم، بل يتناسب مع الكراهة أيضاً. إذن؛ دلالة هذه الرواية على موضوع البحث ليست تامّة، ولا يصحّ الاستدلال بها لضعف سندها ودلالتها.

الرواية الخامسة: رواية أبي أيّوب  ـ مَن لطم الخدّ فقد عصى الله

«عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَى، عَن أَبِي أَيُّوبِ الخَزَّازِ، عَن رَجُلٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× فِي قَولِ اللهِ: (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) [717]، قَالَ: المَعرُوفُ أن لاَ يَشقُقنَ جَيباً، وَلاَ يَلطِمنَ خَدّاً»[718].

دراسة سند الرواية الخامسة

سند هذه الرواية ضعيف؛ لأنّها مرسلة، وذلك لوجود عبارة «عَن رَجُلٍ» في سند الرواية.

دراسة دلالة الرواية الخامسة

تمسّك بهذه الرواية في كتاب مصباح الهدى[719].

إشكال على دلالة الرواية الخامسة

في دلالتها على المدّعى مشكلة؛ لأنّ البحث في المقام عن حكم اللطم والخدش وجزّ الشعر بشكلٍ مطلق سواء عند الرجل أو المرأة، إلّا أنّ هذه الرواية تختصّ بالمرأة، وكما أنها تبيّن حرمة اللطم فقط، وساكتة عن حكم بقية الأُمور (الخدش، وجزّ الشعر، ولطم الجسد).

نتيجة البحث في النظرية الثانية ـ حرمة اللطم والخدش وجزّ الشعر

ذكرنا لهذه النظرية ثلاثة أدلّة (الإجماع، السخط لقضاء الله، والروايات). والدليلان الأوّل والثاني ضعيفان. أمّا الدليل الثالث (الروايات) ففيها مشاكل سندية ودلالية، إلّا الرواية الثانية التي هي صحيحة سنداً وتامّة الدلالة. وهذه الرواية تستطيع أن تكون دليلاً قوياً على صحّة هذه النظرية؛ وبالتالي يحرم القيام بهذه الأعمال عند إقامة العزاء على الموتى.

النتيجة النهائية للمصداق الخامس من مصاديق العزاء: اللطم، والخدش، وجزّ الشعر

قلنا: إنّ نظرية التحريم تعتمد على دليلٍ واحد صحيح السند والدلالة (معتبرة خالد) هذا من جهة. ومن جهة أُخرى هناك دليل صحيح السند على الجواز ولكنّه ضعيف الدلالة. فنستنتج أنّ إقامة العزاء باللطم والخدش وجزّ الشعر حرام إلّا في مصائب المعصومين^.

المصداق السادس: شقّ الثوب ـ ثمان نظريات

للعلماء ثمان نظريات في حكم شقّ الثوب على الميّت:

النظرية الأُولى: حرمة شقّ الثوب مطلقاً[720]

ذهب بعض العلماء إلى تحريم شقّ الثوب على الميّت، منهم: ابن إدريس؛ حيث قال في السرائر: «ولا يجوز للرّجل أن يشقّ ثوبه في موت أحد من الأهل والقرابات... فأمّا المرأة، فلا يجوز لها أن تشقّ ثوبها على موت أحد من النّاس»[721]. وقال المحقّق الطباطبائي في الرياض[722] والشرح الصغير: «ثمّ مقتضى الأصل المستفاد من الأدلّة القاطعة حرمة شقّ الثوب مطلقاً، ولو على الأب والأخ»[723].

كما أن عدّة من العلماء ـ كالنجفي في نجاة العباد[724]، والسيّد اليزدي في العروة[725]، والسيّد الحكيم في المستمسك ـ وإن لم يفتوا بالحرمة بنحو مطلق ولكن في نفس الوقت احتاطوا وقالوا: «لا يجوز شقّ الثوب على غير الأب والأخ، والأحوط تركه فيهما أيضاً»[726].

 الدليل على النظرية الأُولى: ثلاثة أدلّة

استدلّ القائلون بالحرمة بثلاثة أدلّة لإثبات ما ذهبوا إليه:

الدليل الأوّل: وجوب حفظ المال

استدلّ به ابن إدريس؛ حيث قال ـ لإثبات حرمة شقّ الثوب ـ: «والأصل حفاظ المال»[727].

إشكال على الدليل الأوّل   

ليس دليل ابن إدريس صحيحاً؛ لأنّه إذا قصد بقوله: إنّ حفظ المال واجب، فهذا الدليل ليس تاماً؛ إذ لا يوجد دليل على وجوب حفظ المال، ولكن إذا كان قصدُه حرمة تضييع المال وتبذيره فهذا هو الدليل الثاني الذي سنقوم بدراسته. ولا يستبعد أن يكون مراد ابن إدريس هذا الاحتمال الثاني؛ لأنّه فسَّر مراده بالعطف حيث قال: «والأصل حفاظ المال وتضييعه سفه». فإذن؛ ظاهره أنّ الدليلين الأوّل والثاني هما في الحقيقة دليل واحد.

الدليل الثاني: حرمة تضييع المال

قال ابن إدريس في مقام التعليل لحرمة شقّ الثوب: «والأصل حفاظ المال وتضييعه سفه؛ لأنّه إدخال ضرر، والعقل يقبّح ذلك»[728]. كما قال صاحب الرياض عند التعليل لحكم التحريم: «لما فيه من إضاعة المال المحترم المحرّمة جدّاً»[729].

إشكال على الدليل الثاني

إنّ دليل السرائر والرياض ليس تامّاً؛ والسبب هو ما قاله السيّد الخوئي، حيث لاحظ على الدليل قائلاً: «وفيه: أنّه إذا كان له غرض عقلائي في شقّ ثوبه لم يُعدّ من التبذير المحرّم؛ فإنّ الإنسان قد يريد إظهار تأثّره في موت أقربائه أو صديقه، وإظهار ذلك قد يكون بضرب اليد على اليد، وأُخرى بشقّ الجيب، فلا محذور فيه من هذه الجهة»[730].

الدليل الثالث: تعاضد الروايات الضعيفة وتجابرها ـ  أربع روايات

تمسّك المحقّق الهمداني بالروايات الضعيفة المتعاضدة والمنجبرة بفتوى الأصحاب، وأفتى على أساس ذلك بحرمة شقّ الثوب مطلقاً[731]، وهذه الروايات الضعيفة كما يلي:

الرواية الأُولى: مرسلة دعائم الإسلام ـ وصية الإمام الصادق×

«دَعَائِمُ الإِسلَامِ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ÷ أَنَّهُ أَوصَى عِندَمَا احتضرَ فَقَالَ: لا يُلطَمَنَّ عَلَيَّ خَدٌّ، وَلا يُشَقَّنَّ عَلَيَّ جَيبٌ، فَمَا مِن امرَأَةٍ تَشُقُّ جَيبَهَا إِلَّا صُدِعَ لَهَا فِي جَهَنَّمَ صَدعٌ كُلَّمَا زَادَت زِيدَت»[732].

الرواية الثانية: مرسلة أبي أمامة ـ لعن رسول الله

«وَعَن أَبِي أُمَامَةَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ| لَعَنَ الخَامِشَةَ وَجهَهَا وَالشَّاقَّةَ جَيبَهَا...»[733].

الرواية الثالثة: مرسلة المحاسن ـ مَن شقّ ثوبه فقد عصى اللّه

«سِبطُ الشَّيخِ الطَّبرِسِيِّ فِي مِشكَاةِ الأَنوَارِ، نَقلاً مِن كِتَابِ المَحَاسِنِ: عَن أَبِي عَبدِ اللهِ× فِي قَولِ اللهِ : (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)[734] قَالَ: المَعرُوفُ أن لاَ يَشقُقنَ جَيباً...»[735].

الرواية الرابعة: مرسلة مسكِّن الفؤاد ـ ليس منا مَن شقّ الجيوب

تقدمت مرسلة مسكِّن الفؤاد[736]، وبحثنا سندها، وقلنا: إنّها رواية ضعيفة؛ لأنّ الشهيد الثاني رواها بسند مرسل[737].

دراسة أسانيد الروايات

كلّ هذه الروايات ضعيفة؛ لأنّها مرسلة.

قال المحقّق الهمداني بعد نقل هذه الروايات: «ولا يبعد كفاية هذه الروايات ـ بعد التجابر والتعاضد واعتضادها بفتوى الأصحاب وغيرها ـ لإثبات الحرمة»[738].

ولكن هل يُجبر ضعف السند بعمل الأصحاب أم لا؟ اختلف فيه العلماء كما مرّ[739]، وذهب مشهور الأُصوليين إلى أنّ عمل الفقهاء يجبر ضعف السند، وبالتالي؛ فإنّ مرجع هذا الدليل إلى مبنى الفقهاء، فيكون الدليل مبنائياً، فمن اعتبر عمل المشهور جابراً للسند يكون هذا الدليل تاماً عنده. والحقّ مع القائلين بجبر السند؛ لأنّ عمل مشهور الفقهاء يؤدّي إلى تراكم الظنون ويفيد الاطمئنان.

دراسة دلالة الروايات

هذه الروايات تدلّ بوضوح على حرمة شقّ الجيوب مطلقاً؛ لأنّ بعض هذه الروايات جعلت جزاء مَن شقّ الجيب النار، وفي بعض آخر وصف هذا الفعل بأنّه عصيان الله. نعم، صحيحٌ أنّ الرواية الأُولى والثانية والثالثة تختصّ بالنساء، ولكن الحقيقة أنّه لا توجد خصوصية للنساء، وتركيز روايات المعصومين^ عليهِنّ إنّما بسبب انتشار هذا الفعل لدى النساء، والشاهد على ذلك إطلاق الرواية الرابعة، إذن؛ لا يختصّ الحكم بالنساء، بل يشمل الرجال أيضاً.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

الدليل الأوّل والثاني لهذه النظرية ضعيفان، أمّا الدليل الثالث فقد اختلفت مباني العلماء في جبر سنده بعمل المشهور، وعلى مبنى المشهور (جبر ضعف السند بعمل المشهور) يكون شقّ الثوب حراماً مطلقاً.

النظرية الثانية: حرمة شقّ الثوب إلاّ شقّ الرجل على الأب والأخ

قال في كشف اللثام: «ويحرم شقّ الرجل الثوب على غير الأب والأخ»[740]. وهذا ما صرّح به في المقنعة[741]، والنهاية[742]، والمنتهى[743]، وجامع المقاصد[744]، والبحار[745].

 الدليل على النظرية الثانية: سبعة أدلّة

تُمسّك بسبعة أدلّة لاثبات حرمة شقّ الرجل الثوب على غير الأب والأخ:

الدليل على المستثنى ـ جواز شقّ الثوب للرجل على الأب والأخ ـ دليلان

أقام القائلون بهذه النظرية دليلين على المستثنى:

الدليل الأوّل: الروايات التي تدلّ على شقّ موسى على أخيه، والإمام العسكري على أبيه^ـ روايتان

هناك روايتان تدلان على أنّ موسى× قد شقّ ثوبه على أخيه هارون×، وأنّ الإمام العسكري× شقّ ثوبه على أبيه الإمام الهادي×، وهاتان الروايتان هما الدليل الأوّل على المستثنى.

الرواية الأُولى: صحيحة كشف الغمّة

«عَلِيُّ بنُ عِيسَى فِي كِتَابِ كَشفِ الغُمَّةِ، نَقلاً مِن كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبدِ اللهِ بنِ جَعفَرٍ الحِميَرِيِّ، عَن أَبِي هَاشِمٍ الجَعفَرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ× فِي جَنَازَةِ أَبِي الحَسَنِ× وَقَمِيصُهُ مَشقُوقٌ، فَكَتَبَ إِلَيهِ ابنُ عَونٍ مَن رَأَيتَ أَو بَلَغَكَ مِنَ الأَئِمَّةِ شَقَّ قَمِيصَهُ فِي مِثلِ هَذَا؟ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ×: يَا أَحمَقُ! وَمَا يُدرِيكَ مَا هَذَا؟! قَد شَقَّ مُوسَى× عَلَى هَارُونَ×»[746].

دراسة سند الرواية الأُولى

سند هذه الرواية صحيح، ففيه الحميري والجعفري وهما إماميان ثقتان. كما أنّ علي بن عيسى الإربلّي، أي: صاحب كتاب كشف الغمّة من علماء الشيعة ومحدّثيهم[747].

الرواية الثانية: رواية إبراهيم بن الخصيب

 «وَعَنهُ (أَحمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ كُلثُوم‏)، عَن إِسحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ الخَضِيبِ قَالَ: كَتَبَ أَبُو عَون الأَبرَشُ قَرَابَةُ نَجَاحِ بنِ سَلَمَةَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ×: أَنَّ النَّاسَ قَدِ استَوهَنُوا مِن شَقِّكَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ×. فَقَالَ: يَا أَحمَقُ! مَا لَكَ وَذَاكَ؟! قَد شَقَّ مُوسَى× عَلَى هَارُونَ×»[748].

دراسة سند الرواية الثانية

في سند هذه الرواية إسحاق بن محمد بن أحمد النخعي، وهو لم يوثَّق في كتب الرجال[749]. وفيه إبراهيم بن الخضيب الأنباري ـ والصحيح أنّه ابن الخصيب وليس الخضيب ـ وهو كذلك لم يوثّق في كتب الرجال.

دراسة دلالة الروايتين

استدلّ بهاتين الروايتين الفاضل الهندي في كشف اللثام[750]، ودلالتهما على موضوع البحث واضحة تماماً؛ لأنّها تدلّ على جواز شقّ الثوب على الأب والأخ؛ وذلك لأنّ الإمام× شقّ الثوب على أبيه×، والنبي موسى× شقّ الثوب على أخيه×.

إشكال على دلالة الروايتين

استدلّ الإمام× في هاتين الروايتين بفعل موسى× في مصيبة أخيه× (شقّ الثوب على الأخ) لإثبات جواز فعله (شقّ الثوب على الأب)، رغم أنّه لا توجد علاقة بين الأمرين؛ حيث إنّ مدعى الإمام× هو جواز شقّ الثوب على الأب، لكنّه استدلّ بما يدلّ على جواز شقّ الثوب على الأخ. إذن؛ لا بدّ من القول: بأنّ مقصود الإمام× هو أن فعل سيّدنا موسى× يدلّ على جواز شقّ الثوب مطلقاً، ولو كان على غير الأخ. وهكذا، فإنّ استدلاله يشمل شقّ الثوب على الأب، ويمكن أن يكون دليلاً على جواز فعل الإمام×. وإذا دلّ هذا الدليل على الجواز مطلقاً فإنّه يشمل غير الأب أيضاً (كالعم، والخال، والأُمّ، و...)، وهكذا لا يصلح لأن يكون دليلاً على ما نحن فيه؛ لأنّنا نبحث عن جواز شقّ الثوب على الأب والأخ فقط، ولكن هذا الدليل يُثبت جواز ذلك في نطاق أعم منهما.

الجواب عن الإشكال

إذا ثبت جواز شقّ الثوب على الأخ فيثبت جواز الشقّ على الأب بطريقٍ أوْلى. ولعلّ الراوي لم يسأل الإمام× عن علاقة عزاء موسى× على أخيه× بعزاء الإمام× على أبيه×، وقد يرجع ذلك إلى ثبوت هذه الأولوية القطعية عند الراوي.

الدليل الثاني: رواية الحسن بن الحسن ـ شقّ الإمام العسكري× جيبه

«وَعَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيَى وَغَيرِهِ، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللهِ، عَن جَمَاعَةٍ مِن بَنِي هَاشِمٍ مِنهُمُ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ الأَفطَسِ: أَنَّهُم حَضَرُوا يَومَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ بَابَ أَبِي الحَسَنِ× يُعَزُّونَهُ... إِذ نَظَرَ إِلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ÷ قَد جَاءَ مَشقُوقَ الجَيبِ»[751].

دراسة سند الرواية الثانية

في سند الدليل الثاني الحسن بن الحسن الأفطس، وهو لم يُذكر في كتب الرجال.

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ بها المحدّث البحراني في الحدائق[752]، فهذه الرواية تدلّ على جواز شقّ الثوب على الأخ؛ لأنّ الإمام العسكري× شقّ ثوبه على وفاة أخيه السيّد محمّد.

إشكال على دلالة الرواية الثانية

يرد على دلالتها أنّها أخصّ من المدّعى، فالمدّعى هو جواز شقّ الثوب على الأب والأخ بينما تثبت هذه الرواية جواز شقّ الثوب على الأخ فقط، ولا علاقة لها بجواز الشقّ على الأب. وبالتالي؛ فإنّ هذا الدليل يثبت جزءاً من المدّعى.

الجواب عن الإشكال

نجيب عن هذا الإشكال كما أجبنا سابقاً، فإذا ثبت جواز شقّ الثوب على الأخ يثبت جواز شقّ الثوب على الأب بطريقٍ أوْلى[753].

 وعلى هذا؛ نستنتج أنّه يجوز للرجل أن يشقّ الجيب في مصيبة الأب والأخ؛ لأنّ الإمام العسكري× شقّ الجيب على أبيه×، والنبي موسى× شقّ الجيب على أخيه×.

الدليل على المستثنى منه ـ تحريم شقّ الثوب على الجميع ـ ثلاثة أدلّة

أقام أصحاب هذه النظرية ثلاثة أدلّة على المستثنى منه:

الدليل الأول: حرمة تضييع المال

تمسّك الفاضل الهندي بهذا الدليل في كشف اللثام[754].

الدليل الثاني: السخط لقضاء الله

وهذا دليل آخر تمسّك به الفاضل الهندي في كشف اللثام[755].

دراسة دلالة الدليلين

لقد بحثنا الدليل الأوّل ضمن أدلّة التحريم مطلقاً، حيث نقلناه عن ابن إدريس وقلنا: إنّ دلالته موضع إشكال[756]. أمّا الدليل الثاني، فقد ذكرناه أيضاً ضمن أدلّة المصداق الخامس، وقمنا بدراسته، وقلنا: إنّ دلالته على المدّعى ليست تاّمة[757].

الإشكال الأوّل على دلالة الدليلين: للمحقّق الأردبيلي

قال المحقّق الأردبيلي: «وحصول الإضاعة المحرّمة هنا ممنوع، وكذا السخط، فإنّه قد يفعل بمجرّد الحزن، لا لذلك، وإلّايحرم عليهما أيضاً»[758].

وقد نقل السبزواري هذين الدليلين في الذخيرة، ثمّ قال: «وفيه تأمّل»[759]. ولعلّه يشير إلى نفس هذا الإشكال، كما قال في الغنائم: «وهو أيضاً مطلقاً ممنوع؛ لأنّه قد يكون لا لذلك»[760].

 الإشكال الثاني على دلالة الدليلين: للمحقّق الهمداني

قال المحقّق الهمداني: «وللنظر فيهما (تضييع المال، والسخط على قضاء الله) مجال، والأوْلى جعل مثل هذه الأُمور من مؤيّدات الدليل، كما صنعه بعض، لا دليلاً يُعتمد عليه، بعد وضوح إقدام العقلاء في مقاصدهم العقلائيّة على ارتكاب مثل هذه الأُمور من دون أن يُعدّ تبذيراً وسرفاً؛ كي يكون محرّماً، وإمكان تحقّقه على وجه لا يكون ساخطاً بقضاء الله جلّ جلاله»[761].

الإشكال الثالث على دلالة الدليلين: للمحقّق الخوئي

استشكل المحقّق الخوئي على الدليل الثاني بقوله: «وفيه: أنّ بين الشقّ والسخط عموماً وخصوصاً من وجه؛ فإنّه قد لا يشقّ ثوبه على الميِّت لكونه ثميناً ومحبوباً لديه، إلّا أنّه ساخط لقضائه جدّاً، وقد يشقّ ثوبه مع الرضا بقضاء الله سبحانه، وقد يجتمعان، وكلامنا في حرمة الشقّ في نفسه»[762].

كما استشكل على الدليل الأوّل قائلاً: «وفيه: أنّه إذا كان له غرض عقلائي في شقّ ثوبه لم يُعدّ من التبذير المحرّم؛ فإنّ الإنسان قد يريد إظهار تأثّره في موت أقربائه أو صديقه، وإظهار ذلك قد يكون بضرب اليد على اليد، وأُخرى بشقّ الجيب؛ فلا محذور فيه من هذه الجهة»[763].

والحقّ مع هؤلاء الأجلّاء؛ إذ لا يمكن التمسّك بهذين الدليلين (الدليل الأوّل والثاني)؛ والسبب في ذلك هو ما جاء في كلامهم، حيث قالوا: إنّ شقّ الثوب هو من أجل فقدان الأحبّة والأقارب، وليس من أجل السخط لقضاء الله. وهذا نظير البكاء في فراق الأحبّة؛ حيث إنّ فراق الأحبّة هو السبب في البكاء، وليس السخط لقضاء الله.

الدليل الثالث: الروايات ـ ثلاث روايات

يشتمل هذا الدليل على ثلاث روايات:

الرواية الأُولى: مرسلة مسكّن الفؤاد  ـ ليس منا مَن شقّ الجيوب

قد تقدّمت هذه المرسلة [764]، وقمنا بدراسة سندها، وقلنا: إنّ سندها ضعيف؛ لأنّها رواية مرسلة[765].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

استُدلّ بها في كشف اللثام[766]، ولكن الاستدلال بها غير صحيح، فقد جاء في الرواية: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وشَقَّ الْجُيُوبَ». وكما مرّ سابقاً، فإنّ هذه العبارة ليست ظاهرة في التحريم، بل تنسجم مع الكراهة أيضاً[767].

الرواية الثانية: رواية أبي أيّوب  ـ مَن شقّ الجيب فقد عصى الله

تقدمت رواية أبي أيّوب[768]، وقمنا بدراسة سندها، وقلنا: إنّها رواية ضعيفة؛ لوجود عبارة: «عَن رَجُلٍ». في سندها[769].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ كاشف اللثام بهذه الرواية أيضاً[770]، ولكن دلالتها موضع إشكال، فهي أخصّ من المدّعى؛ لاختصاصها بالنساء، بينما نحن نبحث حكم شقّ الثوب مطلقاً، أي: بالنسبة للرجل والمرأة، إلّا إذا قيل: إنّ الإمام الصادق× تكلّم في خصوص النساء من باب غلبة هذا الفعل لديهنّ. أيّ: أنّ الإمام× ركّز على شقّ الثوب لدى النساء؛ لكثرة قيامهنّ بهذا الفعل مقارنةً بالرجال، وإلّا فالحكم يشمل الرجال أيضاً.

الرواية الثالثة: مرسلة الدعائم ـ وصية الإمام الصادق ×

سبق بيان هذا الدليل[771] ودراسة سنده، وقلنا: إنّه ضعيف؛ لأنّه روي مرسلاً[772]. قال السيّد الخوئي بعد نقل بعض هذه الروايات: «... هذه الروايات المجوزة والمانعة ضعيفة السند، ولا يمكن الاعتماد عليها»[773].

دراسة دلالة الرواية الثالثة

ذكر كاشف اللثام هذه الرواية أيضاً[774]، ولكن دلالتها على المدّعى تواجه نفس مشكلة الرواية السابقة، أي: إنّها أخصّ من المدّعى، إلّا إذا تمسّكنا بالوجه المذكور هناك، فلا يبعد القول بعدم خصوصية المرأة في هذه المسألة، وإنّ الإمام× ذكر النساء من باب غلبة هذا الفعل لديهنَّ، وإلّا فالحكم يشمل الرجال أيضاً.

نتيجة البحث في النظرية الثانية

لقد بيّنا فيما مرّ أنّ جميع الأدلّة التي ساقها أصحاب النظرية لإثبات المستثنى منه ضعيفة السند، كما أنّ بعضها ضعيفة الدلالة أيضاً؛ وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها. ثمّ ذكرنا دليلين على المستثنى (جواز شقّ الثوب للرجل في مصيبة أبيه وأخيه) وقلنا: إنّ أحد الدليلين صحيح السند وتامّ الدلالة (صحيحة كشف الغمّة)، وهذا يعني أنّه يجوز للرجل أن يشقّ ثوبه على أخيه وأبيه، ولكن هذه الأدلّة لا تثبت جواز شقّ الثوب للآخرين.

النظرية الثالثة: جواز شقّ الرجل ثوبه على الأب والأخ، وجواز شقّ المرأة ثوبها على الأقرباء

قال آل العصفور البحراني: «ويحرم شقّ الثوب على غير الأب والأخ للرجال، ويحلّ للنساء على سائر أرحامها وقرابتها»[775].

الدليل على النظرية الثالثة: ليس لها دليل

اختار آل العصفور البحراني هذه النظرية في كتاب السداد[776]، ولكنّه لم يذكر دليلاً عليها.

نتيجة البحث في النظرية الثالثة

دليل هذه النظرية غير واضحٍ لنا، وبمراجعة الأدلّة يتضح لنا أنّه لا يُستفاد هكذا نظرية من الأدلّة.

النظرية الرابعة: جواز شقّ الرجل ثوبه على الأب والأخ، وجواز شقّ المرأة ثوبها مطلقاً[777]

وهذا ما ذهب إليه العلّامة الحلّي؛ حيث قال: «يجوز شقّ الثوب على موت الأب والأخ... ولا يجوز للرجل شقّه على غيرهما، أمّا المرأة فيجوز مطلقاً»[778].

الدليل على النظرية الرابعة: دليلان

تعتمد النظرية الرابعة على دليلين:

الدليل الأوّل: مرسلة الصدوق  ـ شقّ الإمام العسكري ×  على أبيه ×

«وَلَمَّا قُبِضَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَسكَرِيُّ÷ رُئِيَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ÷ قَد خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَقَد شُقَّ قَمِيصُهُ مِن خَلفٍ وَقُدَّامٍ»[779].

دراسة سند الرواية الأُولى

أخرجها الشيخ الصدوق بسندٍ مرسل في كتاب مَن لايحضره الفقيه.

دراسة دلالة الرواية الأُولى

ذكر هذا الدليل العلّامة الحلّي في نهاية الأحكام؛ حيث استدلّ بهذه الرواية على الجزء الأوّل من مدّعاه (جواز شقّ الثوب للرجل في مصيبة أبيه وأخيه)[780]، ولكنّه لم يذكر دليلاً على الجزء الثاني من مدّعاه (جوازه للمرأة مطلقاً)، ولعلّ دليله على الجزء الثاني من مدعاه هو نفس ما أشار إليه الشهيد، وسنبيّن ذلك في الدليل الثاني.

إشكال على دلالة الرواية الأُولى

 دلالتها على المدّعى موضع إشكال، فهذه الرواية أخصّ من المدّعى، وتختصّ بشقّ الثوب على الأب، ولا تشمل حكم شقّ الثوب على الأخ.

الدليل الثاني: معتبرة خالد بن سدير  ـ شقُّ الفاطميات على الإمام الحسين ×

«وَذَكَرَ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللهِ× عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلَى أَبِيهِ، أَو عَلَى أُمِّهِ، أَو عَلَى أَخِيهِ، أَو عَلَى قَرِيبٍ لَهُ؟ فَقَالَ: لا بَأسَ بِشَقِّ الجُيُوبِ؛ قَد شَقَّ مُوسَى بنُ عِمرَانَ÷ عَلَى أَخِيهِ هَارُونَ×، ولا يَشُقَّ الوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ، وَلا زَوجٌ عَلَى امرَأَتِهِ، وتَشُقُّ المَرأَةُ عَلَى زَوجِهَا، وإِذَا شَقَّ زَوجٌ عَلَى امرَأَتِهِ أَو وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ فَكَفَّارَتُهُ حِنثُ يَمِينٍ، ولا صَلَاةَ لَهُمَا حَتَّى يُكَفِّرَا وَيَتُوبَا مِن ذَلِكَ، وإِذَا خَدَشَتِ المَرأَةُ وَجهَهَا أَو جَزَّت شَعرَهَا أَو نَتَفَتهُ، فَفِي جَزِّ الشَّعرِ: عِتقُ رَقَبَةٍ، أَو صِيَامُ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ، أَو إِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناً، وفِي الخَدشِ إِذَا دَمِيَت وَفِي النَّتفِ كَفَّارَةُ حِنثِ يَمِينٍ، ولا شَي‏ءَ فِي اللَّطمِ عَلَى الخُدُودِ، سِوَى الِاستِغفَارِ وَالتَّوبَةِ، وقَد شَقَقنَ الجُيُوبَ وَلَطَمنَ الخُدُودَ الفَاطِمِيَّاتُ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ÷، وعَلَى مِثلِهِ تُلطَمُ الخُدُودُ وَتُشَقُّ الجُيُوبُ»[781].

دراسة سند الرواية الثانية

لا مشكلة في سند هذه الرواية إلّا خالد بن سدير؛ إذ لم يرد له توثيقٌ في كتب الرجال. ولكن عمل الأصحاب بهذه الرواية يجبر ضعف سندها كما مرّ[782].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ الشهيد بهذه الرواية في الذكرى؛ حيث نقل كلام العلّامة في النهاية ثمّ قال: «وفي الخبر إيماءٌ إليه» [783]. وكما قال البحراني: «أراد بالخبر ما يأتي من شقّ الفاطميات على الحسين×» [784].

إشكال على دلالة الرواية الثانية

المدّعى: يجوز للرجل أن يشقّ ثوبه على الأب والأخ، ويجوز ذلك للمرأة مطلقاً. والحال أنّ صدر هذه الرواية يجوّز للرجل أن يشقّ ثوبه على أبيه وأُمه وأخيه وأقربائه، ولايختصّ الجواز بالأب والأخ. كما أنّ الرواية تدلّ على جواز شقّ الثوب للمرأة في وفاة زوجها خاصّةً لا مطلقاً، وعلى هذا؛ فإنّ دلالة الرواية على المدّعى ناقصة.

ولا يمكن الاستدلال بفعل الفاطميات؛ لأنّ عبارة: «عَلَى مِثلِهِ». قرينة على وجود خصوصية في الموضوع، بمعنى أنّ هذا الفعل يجوز على مثل الإمام الحسين× ولا يجوز على أيّ شخص. إذن؛ لا يمكن تعميم الحكم على الآخرين.

 نتيجة البحث في النظرية الرابعة

لقد ذكرنا دليلين على هذه النظرية. أمّا الدليل الأوّل، فهو مرفوض؛ لضعف سنده ودلالته. وأمّا الدليل الثاني، فرغم أنّه تامٌّ سنداً، إلّا أنّ دلالته على المدّعى ناقصة.

النظرية الخامسة: جواز شقّ الثوب على خصوص الأب والأخ مطلقاً[785]

ذهب العديد من العلماء إلى أنّ شقّ الثوب على خصوص الأب والأخ جائزٌ مطلقاً (للرجل والمرأة)، منهم: الشيخ في المبسوط[786]، وابن حمزة في الوسيلة[787]، والمحقّق الحلّي في الشرائع[788]، والعلّامة الحلّي في الإرشاد[789] والتحرير[790] والتذكرة[791] والتلخيص[792]، والشهيد الأوّل في البيان[793] وغاية المراد[794]، والفاضل المقداد في التنقيح[795]، وابن فهد الحلّي في المهذب[796]، والشهيد الثاني في الحاشية[797] والمسالك[798]، والمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان[799]، والسيّد العاملي في المدارك[800]، والسبزواري في الذخيرة[801]، والفيض الكاشاني في النخبة[802]، والحرّ العاملي في الهداية[803]، والمازندراني في شرح فروع الكافي[804]، والنراقي في المعتمد[805]، وكاشف الغطاء في كشف الغطاء[806]، والميرزا القمي في الغنائم[807]، والنجفي في الجواهر[808]، والشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة[809]، والمحقّق الهمداني في مصباح الفقيه[810]، والخوانساري في رسالة أحكام الأموات[811]، والسيّد عبد الأعلى السبزواري في المهذّب[812]، والشيخ محمد تقي الآملي في مصباح الهدى[813].

الدليل على النظرية الخامسة: ثلاثة أدلّة

قال أصحاب هذه النظرية بجواز شقّ الثوب على خصوص الأب والأخ مطلقاً، واستدلّوا بثلاثة أدلّة:

الدليل الأول: الإجماع وعدم الخلاف

أشار الميرزا القمي في غنائم الأيّام إلى احتمال وجود الإجماع على هذا القول [814]، وادّعى المازندراني عدم الخلاف عليه في شرح فروع الكافي[815].

إشكال على الدليل الأوّل

لقد مرّ أنّ هذا النوع من الإجماع ليس حجّة، ولا يصلح للاستدلال[816]، وإذا لم يكن الإجماع المنقول حجّة فما بالك بادّعاء عدم الخلاف الذي هو أخس منه[817]، وبالتالي؛ فإنّ ادّعاء عدم الخلاف لا يصلح للاستدلال أيضاً.

الدليل الثاني: النهي عن الإسراف

استدلّ السبزواري في المهذّب بإطلاقات أدلّة النهي عن الإسراف الذي هو من الكبائر[818]. ويبدو أنّ المحقّق السبزواري قصد أنّ هناك دليلاً خاصّاً لجواز شقّ الثوب على الأب والأخ؛ ولذلك فلا تشمله أدلّة النهي عن الإسراف، وهذا يعني أنّ الدليل الخاصّ (جواز شق الثوب على الأب والأخ) حاكم على أدلّة الإسراف. أمّا في غير الأب والأخ فلا يوجد دليلٌ خاصٌّ على الجواز؛ وبالتالي تشملها إطلاقات أدلّة الإسراف، ويُحكم عليها بالحرمة.

إشكال على الدليل الثاني

إنّ ما استدلّ به السيّد السبزواري ليس تامّاً، ولقد بيّنا[819] سبب ذلك نقلاً عن السيّد الخوئي، حيث قال: «إذا كان له غرض عقلائي في شقّ ثوبه لم يُعدّ من التبذير المحرّم؛ فإنّ الإنسان قد يريد إظهار تأثّره في موت أقربائه أو صديقه، وإظهار ذلك قد يكون بضرب اليد على اليد، وأُخرى بشقّ الجيب، فلا محذور فيه من هذه الجهة»[820].

كما قال المحقّق الهمداني عند رفضه لبعض أدلّة تحريم شقّ الثوب: «لا دليل يُعتمد عليه، بعد وضوح إقدام العقلاء في مقاصدهم العقلائيّة على ارتكاب مثل هذه الأُمور، من دون أن يُعدّ تبذيراً وسرفاً؛ كي يكون محرّماً»[821].

الدليل الثالث: الروايات  ـ  خمس روايات

يشتمل الدليل الثالث على خمس روايات:

الرواية الأُولى: مرسلة الصدوق  ـ شقّ الإمام العسكري ×  على أبيه ×

سبق الكلام عن رواية الصدوق[822]، حيث قمنا بدراسة سندها، وقلنا: إنّها رويت بسندٍ مرسل[823].

دراسة دلالة الرواية الأُولى

استُدل بهذه الرواية في تذكرة الفقهاء[824]، ومجمع الفائدة [825]. ويُلاحَظ عليه: بأنّه أخصّ من المدّعى؛ لأنّه يُثبت جواز شقّ الثوب على الأب، ولا يشمل حكم الشقّ على الأخ.

كلام المحقّق الهمداني: الروايات المستفيضة

قال المحقّق الهمداني في مصباح الفقيه: «وأمّا الشقّ عليهما (الأب والأخ) فلم يُنقل الخلاف في جوازه من أحد، عدا ما سمعته من الحلّي، وهو ضعيف؛ لما روي مستفيضاً بطرقٍ متعدّدة من شقّ العسكري× قميصه عند موت أبيه×»[826].

الحديث الأول: صحيحة كشف الغمّة

تقدّمت صحيحة كشف الغمّة[827]، وقمنا بدراسة سندها، وتبيّن أنّها رواية صحيحة السند؛ لأنّ جميع رواتها إماميون ثقات[828].

الحديث الثاني: حديث محمّد بن الحسن بن شمون

«أحمَدُ بنُ عَلِي بنِ كُلثُومِ السَّرَخسِي، قَالَ: حَدّثَنِي أبُو يَعقُوب إسحَاقُ بنُ مُحَمّدٍ البَصِري، قَالَ: حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ شَمُونِ وغَيرُهُ، قَالَ: خَرَجَ أبُو مُحَمّدٍ× فِي جِنَازَةِ أبِي الحَسَنِ× وَقَمِيصُهُ مَشقُوقٌ، فَكَتَبَ إلَيهِ أبُو عَونِ الأبرَشِ قَرَابَةَ نَجَاحِ بنِ سَلمَةِ: مَن رَأيتَ أو بَلَغَكَ مِنَ الأئمَةِ شَقَّ ثَوبَهُ فِي مِثلِ هَذَا؟! فَكَتَبَ إلَيهِ أبُو مُحَمّدٍ× يَا أحمَقُ! وَمَا يُدرِيكَ مَا هَذَا؟! قَد شَقَّ مُوسَى× عَلَى هَارُون×»[829].

الحديث الثالث: حديث إبراهيم بن الخصيب الأنباري

لقد مرّ الكلام عن رواية إبراهيم[830]، وقمنا بدراسة سندها، وقلنا: إنّ فيه إسحاق وإبراهيم، ولم يرد فيهما توثيق[831].        

الحديث الرابع: حديث الفضل بن الحارث

«أحمَدُ بنُ عَلِي بنِ كُلثُوم، قَالَ: حَدَّثَنِي إسحَاقُ بنُ مُحَمّدٍ البَصِري، قَالَ: حَدّثَنِي الفَضلُ ابنُ الحَارِثِ، قَالَ: كُنتُ بِسُرِّ مَن رَأى وَقتَ خُرُوجِ سَيّدِي أبِي الحَسَنِ× فَرَأينَا أبَا مُحَمّدٍ× مَاشِياً قَد شُقَّ ثِيَابُهُ»[832].

وهذه هي نهاية كلام المحقّق الهمداني في المسألة[833].

الإشكال الأول على كلام الهمداني: اختصاص الجواز بأولياء الله

أورد المحقّق الهمداني إشكالاً على رأيه دون أن يدفعه بجوابٍ واضح؛ حيث إنّه قال: «واحتمال اختصاص الجواز بكونه على الأنبياء والأئمّة^...». ثمّ اكتفى في الرد عليه بقوله: «لا يُلتفت إليه»[834].

الجواب عن الإشكال الأوّل: قاعدة الاشتراك في التكليف

وقد أجاب السيّد الخوانساري عن هذا الإشكال: «واحتمال اختصاص ذلك بالنبيّ والوصي، مدفوع بقاعدة الاشتراك في التكليف»[835]، أي: لا يختصّ هذا الحكم بالأنبياء والأئمة^، بل إنّ التكاليف مشتركة بين أولياء الله وغيرهم بموجب قاعدة الاشتراك في التكليف. ولعلّ هذا الجواب كان في مخيلة المحقّق الهمداني؛ ممّا دفعه إلى أن يقول: «لا يُلتفت إليه».

الإشكال الثاني على كلام الهمداني: الدليل أخصّ من المدّعى

دليل الهمداني أخصّ من المدّعى؛ لأنّ المدّعى هو جواز شقّ الثوب على الأب والأخ، بينما تختصّ هذه الروايات (روايات شقّ ثوب الإمام العسكري×) بجواز الشقّ على الأب ولا تشمل شقّ الثوب على الأخ.

الجواب عن الإشكال الثاني: الدليل يساوي المدّعى

صحيحٌ أنّ الإمام العسكري× شقّ ثوبه على أبيه×، ولكنّه استدلّ بفعل سيّدنا موسى×؛ إذ شقّ ثوبه على أخيه هارون×، وبالتالي؛ فإنّ هذا الدليل يشمل الأخ أيضاً.

النتيجة:نقل المحقّق الهمداني أربع روايات وكلّها ضعيفة السند، إلّا الرواية الأُولى، ولقد بيّنا سبب ضعف الرواية الثالثة[836]. أمّا الرواية الثانية، فهي ضعيفة أيضاً؛ لعدم توثيق أبي يعقوب إسحاق بن محمّد البصري ومحمد بن الحسن بن شمون في كتب الرجال، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرواية الرابعة، فهي ضعيفة أيضاً؛ لوجود إسحاق بن محمد البصري في سندها، ولكن رغم أنّ ثلاث روايات من مجموع الأربع ضعيفة إلّا أنّه لا يضرّ باستفاضة الروايات.

الرواية الثانية: معتبرة خالد بن سدير ـ فعل الفاطميات

لقد مرّ الكلام عن معتبرة خالد بن سدير[837] ودراسة سندها، وقلنا: إنّ خالداً ضعيف، ولكن عمل المشهور بهذه الرواية يجبر ضعف سندها[838].

دراسة دلالة الرواية الثانية

استدلّ المحقّق الأردبيلي بمعتبرة خالد بن سدير في كتابه مجمع الفائدة[839]، ثمّ أضاف: «و(لا ينبغي)[840]، ظاهر في الكراهة»[841]. ولكن يرد على دليله ثلاثة إشكالات:

الإشكال الأوّل على دلالة الرواية الثانية: الدليل أخصّ من المدّعى

هذا الدليل أخصّ من المدّعى؛ لأنّه يختصّ بالنساء ولا يشمل الرجال، بينما موضوع البحث في حكم شقّ الثوب بالنسبة إلى الجميع نساءً ورجالاً.

الجواب عن الإشكال الأوّل: اشتراك الأحكام

يمكن الاعتماد على إلغاء الخصوصية بأن يُقال: إنّ حكم الجواز يشمل الرجال أيضاً، ولا يقتصر على النساء. وبتعبيرٍ آخر: لا يوجد هنا احتمال الخصوصية، وبالتالي فالحكم يشمل الرجال أيضاً.

الإشكال الثاني على دلالة الرواية الثانية: الدليل أخصّ من المدّعى

هذا الدليل أخصّ من المدّعى من ناحية أُخرى أيضاً، فقد مرّ أنّ الاستدلال بفعل الفاطيمات لإثبات جواز شقّ الثوب على الجميع ليس صحيحاً؛ لأنّ عبارة: «وَعَلى مِثلِهِ». قرينة على وجود الخصوصية لموضوع هذه الرواية. بمعنى أنّ هذا الفعل يجوز في مصيبة الإمام الحسين× ومَن كان مثله. إذن؛ الدليل أخصّ من المدّعى، ويختص ببعض الأفراد فقط.

الإشكال الثالث على دلالة الرواية الثانية: الدليل أعمّ من المدّعى

إن هذا الدليل أعمّ من المدّعى من بُعدٍ آخر، فقد كانت بين الفاطيمات سيّدات تربطهنّ صلات أُخرى بالإمام الحسين× غير صلة الأبوة والأُخوّة  ـ كالعمومة مثلاً ـ وبالتالي؛ فإنّ هذا الدليل لا يختصّ بالأب والأخ، بل يشمل غيرهما أيضاً (كالعمّ).

الرواية الثالثة: معتبرة خالد بن سدير ـ يجوز شقّ الثوب

تقدّمت معتبرة خالد[842]، وقلنا: إنّ في سندها خالد بن سدير الذي لم يرد فيه توثيق في كتب الرجال، ولكن عمل الأصحاب بهذه الرواية يجبر ضعف سندها كما مرّ[843].

دراسة دلالة الرواية الثالثة

جاء الاستدلال بها في كتاب التنقيح الرائع[844]، ولكن دلالتها موضع إشكال؛ لأنّ هذا الدليل لا يختصّ بالأب والأخ، بل يشمل الأُمَّ وسائر الأقرباء أيضاً، مع أنّ المدّعى هو جواز شقّ الثوب على الأب والأخ فقط.

الرواية الرابعة: الروايتان اللتان تدلّان على شقّ موسى ثوبه على هارون÷

لقد ذكرنا هاتين الروايتين فيما سبق[845]، وبحثنا سنديهما، وقلنا ـ هناك ـ: إنّ رواية كشف الغمّة صحيحة. أمّا رواية إبراهيم بن الخصيب ففي سندها رواة لم يُوثّقوا في كتب الرجال[846].

دراسة دلالة الرواية الرابعة

استُدلّ بهذه الرواية في التنقيح الرائع[847]، ومجمع الفائدة[848]، ولكن يُلاحظ على دلالة هذه الرواية: بأنّها تدلّ على شقّ الثوب بواسطة الرجال (الإمام العسكري× وسيّدنا موسى×). أي: إنّها لا تشمل النساء. ولكن المدّعى أنّ شقّ الثوب على الأب والأخ جائز مطلقاً (أي: للرجال والنساء).

نعم، قد يقال: صحيحٌ أنّ الرواية تتكلّم عن شقّ الثوب بواسطة الرجال، إلّا أنّنا نلغي الخصوصية عن الرجل لتشمل النساء أيضاً، وهذا ليس بعيداً فيما نحن فيه؛ لأنّه لا يُحتمل وجود خصوصية للرجل.

الرواية الخامسة: رواية المبسوط  ـ جواز تخريق الثوب

«وَقَد رُوِي جَوَازُ تَخرِيقِ الثَّوبِ عَلَى الأبِ وَالأخِ، وَلاَ يَجُوزُ عَلَى غَيرِهِم»[849].

دراسة سند الرواية الخامسة

أخرج هذه الرواية الشيخ الطوسي من دون أن يُسندها، حيث قال: «رُوِي...». وبالتالي؛ فهي ضعيفة السند.

دراسة دلالة الرواية الخامسة

لا مشكلة في دلالة هذه الرواية على المدّعى؛ فإنّ المدّعى هو أنّ شقّ الثوب على الأب والأخ جائزٌ للرجل والمرأة، وهذه الرواية تقول: إنّ شقّ الثوب على خصوص الأب والأخ جائزٌ مطلقاً، وبالتالي؛ فإنّ هذه الرواية تشمل النساء أيضاً.

قال المحقّق الهمداني في مصباح الفقيه: «واستُدلّ أيضاً بروايات أوثقها في النفس ما حُكي عن المبسوط من نسبته إلى الرواية لانجبار مثل هذه الرواية المرسلة بفتوى الأصحاب؛ إذ من المستبعد عادةً التزامهم بمثل هذا الفرع من دون عثور على رواية مقبولة لديهم»[850]. وقال المحقّق الخوئي: «لم يُعلم أنّ الشيخ أراد بذلك غير الأخبار المتقدّمة الدالّة على النهي عن شق الثياب»[851]. أي: يُحتمل أن يكون مراد الشيخ نفس الروايات الناهية التي مرّت، لا روايات غيرها.

 نتيجة البحث في النظرية الخامسة

ذكرنا ثلاثة أدلّة على هذه النظرية وبيّنا ضعف الأوّل والثاني، ثمّ بيّنا الدليل الثالث الذي يشتمل على عدّة روايات، فأمّا الرواية الأُولى فهي ضعيفة السند والدلالة، وأمّا الثانية والثالثة فرغم صحّة السند إلّا أنّ دلالتهما موضع إشكال، والرواية الخامسة تامّة الدلالة ولكنّها ضعيفة السند. تبقى الرواية الرابعة التي تشتمل على روايتين وإحداهما صحيحة كشف الغمّة، وهي رواية صحيحة السند والدلالة. وعلى هذا؛ يمكن للرواية الرابعة أن تكون مستنداً لهذه النظرية.

النظرية السادسة: جواز شقّ الثوب على الأقرباء دون غيرهم

اختار بعض العلماء هذه النظرية، منهم ابن سعيد الحلّي في الجامع، حيث قال: «لا بأس بشقّ الإنسان ثوبه لموت أخيه ووالديه وقريبه»[852]. كما روى الشهيد الأوّل في الدروس رواية تُشير إلى هذا الأمر[853].

الدليل على النظرية السادسة: معتبرة خالد بن سدير  ـ جواز شقّ الثوب على الأقرباء

ذكرنا معتبرة خالد بن سدير[854] فيما سبق وبحثنا سندها، وقلنا: إنّ خالد بن سدير لم يوثّق في كتب الرجال، ولكن الأصحاب عملوا بهذه الرواية؛ وعملهم يجبر ضعف السند[855].

دراسة دلالة الرواية

يبدو من كلام الشهيد في الدروس أنّه مال إلى هذه النظرية؛ لأنّه ذكر هذه الرواية في كتاب الدروس[856]، ولكنّه أسند الرواية إلى حنان بن سدير، وهذا سهو منه؛ لأنّها مروية عن خالد بن سدير، وليست عن أخيه حنان.

الإشكال الأوّل على دلالة الرواية: إطلاق كلام الإمام×

دلالة الرواية على المدّعى ليست تامّة؛ فقد جاءت كلمة (القريب) في كلام السائل (الرواي)، وليس في كلام الإمام×. وكلام السائل لا يخصِّص كلام الإمام×، بل إنّ كلام الإمام× مطلق ويشمل الجميع، وإن لم يكونوا من الأقرباء. وعلى هذا؛ فلا تناسب بين الدليل والمدّعى. وبعبارة أُخرى: تخصيص الحكم بالقريب لا يستند إلى دليل؛ لأنّ كلام الإمام× عن جواز شقّ الثوب مطلق، ويشمل غير الأقرباء أيضاً.

الإشكال الثاني على دلالة الرواية: الدليل أخصّ من المدّعى

المدّعى هو جواز شق الثوب على القريب مطلقاً، إلّا أنّ هذه الرواية لا تدلّ على جواز شقّ الثوب على القريب بشكلٍ مطلق. فرغم أنّ العرف يعتبر أنّ الابن قريب الأب، والمرأة قريبة زوجها، إلّا أنّها تصرّح بعدم جواز شقّ الأب على ابنه والزوج على امرأته. إذن؛ هذا الدليل أخصّ من المدّعى.

نتيجة البحث في النظرية السادسة

 ذُكر لهذه النظرية دليل واحد، وسند هذا الدليل معتبر لعمل الأصحاب به، لكن دلالته على المدّعى موضع إشكال. إذن؛ لا يمكن أن يكون مستنداً لهذه النظرية.

النظرية السابعة: استحباب شقّ الثوب على خصوص الأب

ذهب الملّا محمد تقي المجلسي في روضة المتقين إلى ما هو أعلى من الجواز، حيث قال: «وشقّ الثوب من الإمام× يدلّ على استحبابه على الأب»[857].

 الدليل على النظرية السابعة: الروايات التي تدلّ على أنّ الإمام العسكري× شقّ ثوبه على أبيه×

هذه الروايات عبارة عن صحيحة كشف الغمّة[858]، ومرسلة الصدوق[859]، ورواية إبراهيم بن الخصيب[860]، ورواية الحسن بن الحسن[861]. ولقد تقدمت هذه الروايات وثبت أنّ جميع هذه الروايات ضعيفة إلّا صحيحة كشف الغمّة[862].

دراسة دلالة الروايات

استدلّ الملّا محمد تقي المجلسي بهذه الروايات في روضة المتقين، واعتبر أنّ عمل الإمام× يدلّ على استحباب شقّ الثوب على الأب.

 نتيجة البحث في النظرية السابعة

جميع الروايات التي تعتمد عليها هذه النظرية ضعيفة السند، إلّا صحيحة كشف الغمّة، ولكن هذه الرواية الواحدة تكفي للاستدلال على الاستحباب.

النظرية الثامنة: جواز شقّ الثوب مطلقاً[863]

قال السيّد الخوئي[864]، والمحقّق القمي: «لا دليل على ­حرمة شقّ الجيب في موت أحدٍ من الأموات، ومقتضى القاعدة الأوّلية هو الجواز»[865].


الدليل على النظرية الثامنة: عدم الدليل على التحريم

قال المحقّق الخوئي: «إنّها أفعال لم تثبت حرمتها مطلقاً. إذن؛ لا مانع شرعاً من الإتيان بها في مصائب الأئمّة الطاهرين^ وغير الأئمّة» [866]. ونقل السيّد محمّد العاملي في المدارك رواية الصيقل، وحمل عبارة: «لا ينبغي». على الكراهة، ثمّ قال: «مقتضى الأصل الجواز»[867]. واستفاد صاحب الحدائق من كلام العاملي أنّه لا يوجد في الأخبار دليل على حرمة شقّ الثوب[868].

 نتيجة البحث في النظرية الثامنة

إنّ دليل النظرية الثامنة صحيح وفقاً لمباني بعض الفقهاء؛ لأنّه لا يوجد دليل صحيح وتامّ الدلالة على التحريم؛ لأنّ النظرية الثامنة تعتمد على دليل واحد صالح للنقاش، وهو تعاضد الروايات الضعيفة وانجبارها بعمل الأصحاب، مع أنّ المحقّق الخوئي لا يقول بانجبار ضعف الروايات بعمل الأصحاب، وفي المقابل ذهب الكثير من الأعاظم إلى جبر السند بعمل المشهور، وقد مرّ أنّ القول بالجبر أقوى؛ لأنّه يؤدّي إلى تراكم الظنون[869].

النتيجة النهائية للمصداق السادس من مصاديق العزاء: شقّ الثوب

كلّ النظريات باطلة إلّا الأُولى والخامسة والسابعة. أمّا النظرية الأُولى (الحرمة مطلقاً) فهي صحيحة؛ لأنّ إطلاق الروايات يدلّ على حرمة شقّ الثوب، والنظرية الخامسة صحيحة أيضاً (جواز الشقّ على خصوص الأب والأخ مطلقاً، أي: للرجل والمرأة)؛ لأنّها تعتمد على أدلّة خاصّة تدلّ على جواز شقّ الثوب على الأب والأخ فقط. إذن؛ لا بدّ من الجمع بين أدلّة النظريتين عن طريق التخصيص. فالروايات التي تدلّ على جواز شقّ الثوب على خصوص الأب والأخ تخصِّص إطلاق الروايات الدالّة على الحرمة مطلقاً. وبناء على الأدلّة المذكورة في النظرية السابعة (استحباب شقّ الثوب على الأب)؛ يتبيّن أنّ شقّ الثوب على الأب مستحبّ. وعلى هذا، يجوز للرجل والمرأة أن يقيما العزاء على الأب والأخ بشقّ الثوب، ولا يجوز الشقّ على غيرهما. كما أنّ شقّ الثوب على الأب مستحبّ أيضاً.

 النتيجة الكلية للفصل الثاني

 حكم إقامة العزاء على غير المعصوم×

سلّطنا الضوء في هذا الفصل على ستّة من مصاديق العزاء على الميّت، وثبت جواز القيام بجميع هذه المصاديق، إلّا المصداق الخامس الذي ثبتت حرمته (وهو عبارة عن اللطم والخدش وجزّ الشعر). وهذا يعني أنّه يجوز للإنسان أن يبكي في العزاء، ويتميّز عن الآخرين، وينوح، ويصيح على كلّ ميّت، كما يجوز له أن يشقّ الثوب على موت الأب والأخ فقط. وبالتالي نستنتج أنّ إقامة العزاء جائزٌ من وجهة نظر الشيعة بصورة كبرى كلّية.

القسم الثالث

حكم إقامة العزاء من منظور أهل السنّة

الفصل الأول

آراء أهل السنّة

إنّ الغالبية العظمى من علماء السنّة (على غرار علماء الشيعة) لم يبحثوا بشكلٍ كلّي عن حكم إقامة العزاء على الميّت، بل اكتفوا بذكر المصاديق ودراسة أحكامها. لذا؛ سنقوم بتسليط الضوء على آرائهم في مصاديق العزاء.

المصداق الأوّل: البكاء  ـ خمس نظريات

 اختلف علماء السنّة في حكم البكاء على الميت، كما صرّح بذلك الجزيري. فذهبت المالكية والحنفية إلى تحريمه، بينما جوّزته الشافعية والحنبلية[870].منهم مَن قال بالتفصيل. إذن؛ يمكن أن نقول: إنّ لعلماء السنّة خمس نظريات في البكاء على الميت:

(التحريم مطلقاً[871]، الكراهة مطلقاً، الاستحباب، الجواز مطلقاً، والتفصيل).

النظرية الأُولى: تحريم البكاء مطلقاً

اعتبر بعض أهل السنّة أنّ البكاء على الميّت حرام مطلقاً. كما ورد التصريح بحرمة البكاء على الميّت في موسوعة الفقه الإسلامي[872].

النظرية الثانية: كراهة البكاء مطلقاً

قال الشافعي: بأنّ البكاء على الميّت يُباح إلى أن تخرج الروح، ويكره بعد ذلك، وهذا ما صرّح به ابن قدامة في المغني[873]، وذكره الشربيني نقلاً عن الشافعي[874]. ونقل المحقّق في المعتبر[875] والعلّامة في التذكرة هذه الفتوى عن الشافعي[876].

النظرية الثالثة: جواز البكاء مطلقاً

قال أحمد بن حنبل: بأنّ البكاء على الميّت جائز مطلقاً. كما صرّح بذلك عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير[877]، وعبد الله بن قدامة في المغني[878]، وابن تيمية في المحرّر [879]. كما أنّ العلّامة نسب إليه هذا القول في التذكرة[880]، وذكر الجزيري أنّ الشافعية يقولون بجواز البكاء[881]، كما صرّح القرافي[882] وكوكب عبيد: بأنّ البكاء على الميّت جائز[883].

النظرية الرابعة: استحباب البكاء

ذهب بعض علماء السنّة إلى أنّ البكاء على الميّت مستحبّ في بعض الأحيان. فقد قال الشربيني في المغني ـ نقلاً عن بعض علماء السنّة ـ: «قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ كَانَ (البكاء) لِمَا فُقِدَ مِنْ عِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ وَبَرَكَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، فَيَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ»[884].

النظرية الخامسة: التفصيل ـ البكاء مع الندب والنياحة مكروهٌ، وبدون ذلك مباح

صرّح عبد الله بن قدامة بأنّ البكاء غير مكروه إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة[885].

المصداق الثاني: الندب  ـ أربع نظريات

سبق أنّ (الندب) يعني تعداد محاسن الميّت، وهذا ما صرّح به ابن قدامة في المغني[886]. ولعلماء أهل السنّة أربع نظريات في إقامة العزاء بالندب.

«الكراهة مطلقاً[887]، التحريم مطلقاً، التفصيل الأوّل، التفصيل الثاني».

النظرية الأُولى: كراهة الندب مطلقاً

نسب عبد الله بن قدامة في المغني[888]، وعبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير[889]، القول بكراهة الندب (تعداد محاسن الميت) إلى بعض أهل السنّة.

النظرية الثانية: تحريم الندب مطلقاً

قال العلّامة في التذكرة: «لا بأس بالنوح والندب بتعدّد فضائله... وجماعة من أصحاب الحديث من الجمهور حرّموه» [890]. وقال منصور بن يونس: «يَحْرُمُ النَّحِيبُ وَالتَّعْدَادُ، أَيْ: تَعْدَادُ الْمَحَاسِنِ وَالْمَزَايَا وَإِظْهَارُ الْجَزَعِ»[891]، كما قال ابن قدامة في الشرح الكبير: «ولا يجوز الندب... الندب: هو تعداد محاسن الميّت»[892].

النظرية الثالثة: التفصيل الأوّل  ـ التفصيل بين الندب المهيّج للحزن وغير المهيّج

قال القسطلاني في كتاب إرشاد الساري باب رثاء النبي| على سعد بن خولة: «والمراد هنا: توجّعه عليه الصلاة والسلام وتحزّنه على سعد؛ لكونه مات بمكّة بعد الهجرة منها، لا مدح الميّت وذكر محاسنه، الباعث على تهييج الحزن وتجديد اللوعة، إذ الأوّل مباح، بخلاف الثاني؛ فإّنه منهي عنه. وقد أطلق الجوهري الرثاء على عدّ محاسن الميّت مع البكاء وعلى نظم الشعر فيه. والأوجه حمل النهي على ما فيه تهييج الحزن... دون ما عدا ذلك، فما زال كثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه...»[893].

النظرية الرابعة: التفصيل الثاني  ـ التفصيل بين الندب بالحقّ والندب بالباطل

قال أحمد بن حنبل بجواز الندب بشرط أن لا يكون بالباطل، ويكون بتعداد الفضائل وقول الصدق. وهذا ما أشار إليه عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير[894]، وعبد الله بن قدامة في المغني[895].كما نقل العلّامة هذا القول عن أحمد[896].

كذلك نقل ابن قدامة في الشرح الكبير، عن حرب، عن أحمد كلاماً يحتمل إباحة النوح والندب[897]. والظاهرأنّ مراده هو التفصيل والجواز مشروط بأن لا يكون مع الباطل، حتّى لا يتعارض مع سائر كلمات أحمد بن حنبل. فقد نقل ابن قدامة نفسه عن أحمد أنّه قال: «وَقَالَ أَحْمَدُ: إذَا ذَكَرَتْ الْمَرْأَةُ مِثْلَ مَا حُكِيَ عَنْ فَاطِمَةَ، فِي مِثْلِ الدُّعَاءِ، لَا يَكُونُ مِثْلَ النَّوْحِ. يَعْنِي لَا بَأْسَ بِهِ»[898].

 يظهر من هذه العبارة أنّ أحمد أراد القول بالتفصيل المذكور. أي: إذا ذكرت النائحة كلاماً مثل كلام فاطمة‘ (وهو ليس بباطل) فلا بأس به، ولكن إذا ترافق نوحها مع كلمات باطلة فلا يجوز.

المصداق الثالث: شقّ الجيوب، واللطم وخمش الوجه، وجزّ الشعر ـ  نظريتان

يشتمل المصداق الثالث على عدّة عناوين. ولكن بما أنّ حكمها مشترك بحثها علماء السنّة في بحث واحد فنقوم بدراسته تحت عنوان مصداق واحد.

النظرية الأُولى: الكراهة

قال ابن قدامة في المغني: «خَمْشُ الْوُجُوهِ وشَقُّ الْجُيُوبِ وضَرْبُ الْخُدُودِ والدُّعَاءُ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُوَ مَكْرُوهٌ»[899].

النظرية الثانية: التحريم

يبدو أنّ الأغلبية الساحقة من علماء السنّة يعتقدون بتحريم شقّ الثوب واللطم والخدش وجزّ الشعر ونشره على الميت. ولقد جاء التصريح بهذا الحكم في الموسوعة الفقهية[900]. وقال منصور بن يونس البهوتي في كشاف القناع بتحريم هذه الأفعال[901]، كما صرّحت به موسوعة الفقه الإسلامي حيث جاء فيها: «يحرم شقّ الثوب ولطم الخد»[902]. وجاء كذلك: «يحرم على أهل الميت وأقاربه وغيرهم ما يلي: ... لطم الخدود، وشقّ الجيوب»[903]. وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: «لا يجوز... لطم الخدود، وشقّ الجيوب»[904].

كلام ابن تيمية

قال ابن تيمية في منهاج السنّة: «ومن حماقتهم: إقامة المأتم والنياحة على مَن قتل من سنين عديدة، ومن المعلوم أنّ المقتول وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرّمه الله ورسوله... وهؤلاء يأتون من لطم الخدود، وشقّ الجيوب، ودعوى الجاهلية، وغير ذلك من المنكرات بعد موت الميت بسنين كثيرة، ما لو فعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التي حرّمها الله ورسوله، فكيف بعد هذه المدّة الطويلة؟! ومن المعلوم أنّه قد قُتل من الأنبياء وغير الأنبياء ظلماً وعدوناً مَن هو أفضل من الحسين...»[905].

ويُستفاد من كلام ابن تيمية أنّه يحرّم إقامة العزاء والمأتم (أي: لطم الوجوه، وشقّ الجيوب)، سواء أكان للإمام الحسين× أو لغيره. ولا يجوز لأحد أن يقيم المأتم على الميت حتّى عقب وفاته؛ لأنّه من المنكرات والمحرّمات الشرعية.

نقد كلام ابن تيمية

يرد على كلامه إشكالان:

الإشكال الأول: لقد ذهب كبار علماء السنّة إلى جواز إقامة العزاء، واستدلّوا لذلك بروايات كثيرة عن رسول الله|. وكما سيأتي في تكملة هذا البحث (الفصل الثاني)، فإنّ فتوى ابن تيمية تخالف روايات معتبرة ومقبولة لدى أهل السنّة، كما أنّها تخالف مشهور علماء أهل السنّة.

الإشكال الثاني: أوّلاً هناك روايات صحيحة عن أهل البيت^ في هذه المسألة، وقد بلغت حدّ التواتر المعنوي، وكلّها تدلّ على جواز إقامة المأتم على سيّد الشهداء× بل واستحبابها. ومن جهةٍ أُخرى، فإنّ العامة لا يشترطون العصمة في اتباع أهل البيت ويكفي أن يعتقدوا بأنّهم أئمّة في الإفتاء؛ حيث إنّهم لا يقلّون عن الأئمة الأربعة بشيء. فإذا ثبت أنّ إقامة المأتم أمر قطعي في مدرسة أهل البيت^، فلماذا ينكره بعض العامّة كابن تيمية؟!

النتيجة الكلية للفصل الأول

آراء أهل السنّة

تبيّن بعد الدقّة في آراء أهل السنّة أنّهم اختلفوا في جواز إقامة العزاء، وهناك نظريات مختلفة حول مصاديق العزاء. فقد ذهب البعض إلى حرمة إقامة العزاء، بينما البعض الآخر يعتقد بجوازه أو كراهته.

الفصل الثاني

أدلّة أهل السنّة

نبحث أدلّة أهل السنّة في كلّ واحد من مصاديق العزاء مستقلاً:

أدلّة المصداق الأوّل: البكاء

هناك عدّة نظريات حول حكم البكاء على الميت، وسنقوم بدراسة هذه النظريات وأدلّتها.

الدليل على النظرية الأُولى: تحريم البكاء مطلقاً[906] ـ أربعة أدلّة

قال بعض أهل السنّة بتحريم البكاء على الميّت، واستدلّوا بمجموعة من الأدلّة. وفيما يلي سنقوم ببيان هذه الأدلّة ودراستها.

الدليل الأوّل: الروايات التي تدلّ على أنّ الميّت يُعذّب ببكاء أهله عليه ـ سبع روايات

إنّ العمدة في أدلّة أهل السنّة لتحريم البكاء على الميّت هي تلك الأخبار التي تروي نهي عمر بن الخطّاب وابنه عن البكاء على الميّت. قال الترمذي في السنن: «وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ البُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالُوا: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وذَهَبُوا إِلَى هَذَا الحَدِيثِ»[907].

ويبدو أنّ مقصود الترمذي بالكراهة هو التحريم، وليس الكراهة المصطلحة التي هي من الأحكام الخمسة. وهناك قرينتان تؤيّدان هذا الأمر:

القرينة الأُولى: إنّ الحديث الذي رواه الترمذي ظاهر في التحريم، ففيه تصريح بأنّ البكاء على الميّت يؤدّي إلى تعذيبه، والتعذيب يدلّ على حرمة الفعل. فالحديث الذي استدلّ به الترمذي لا يدلّ على الكراهة.

القرينة الثانية: كلّ مَن استدلّ بهذا الحديث من علماء أهل السنّة استفاد منه الحرمة لا الكراهة، وسيأتي تفصيل هذا البحث في المباحث القادمة. إذن؛ هاتان القرينتان تدلّان على أنّ المراد من الكراهة في عبارة الترمذي هو التحريم، وليس الكراهة التي تقابل الاستحباب.

الرواية الأُولى: عن عمر بن الخطّاب

«حَدَّثَنَا عَبدَانُ، قَالَ: أَخبَرَنِي أَبِي، عَن شُعبَةَ، عَن قَتَادَةَ، عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَن أَبِيهِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ»[908].

تنبيه: إن النوح في مصطلح أهل السنّة يعني البكاء كما جاء في موسوعة الفقه الإسلامي[909].

الرواية الثانية: عن عمر بن الخطّاب

«حَدَّثَنَا أَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ ومُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ بِشرٍ، قَالَ أَبُو بَكرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشرٍ العَبدِيُّ، عَن عُبَيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَن عَبدِ اللهِ، أَنَّ حَفصَةَ بَكَت عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَهلاً يَا بُنَيَّةُ! أَلَم تَعلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ؟!»[910].

الرواية الثالثة: عن عمر بن الخطّاب

«حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ حُجرٍ السَّعدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسهِرٍ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا طُعِنَ[911] عُمَرُ أُغمِيَ عَلَيهِ، فَصِيحَ عَلَيهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَمَا عَلِمتُم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، قَالَ: إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الحَيِّ؟!»[912].

الرواية الرابعة: عن عمر بن الخطّاب

«حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعقُوبُ بنُ إِبرَاهِيمَ بنِ سَعدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَن صَالِحِ بنِ كَيسَانَ، عَنِ الزُّهرِيِّ، عَن سَالِمِ بنِ عَبدِ اللهِ، عَن أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ... »[913].

الرواية الخامسة: عن عبد ­الله بن عمر

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ وعَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قَالَ ابنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنَا ابنُ جُرَيجٍ، أَخبَرَنِي عَبدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَتِ ابنَةٌ لِعُثمَانَ بنِ عَفَّانَ بِمَكَّةَ، قَالَ: فَجِئنَا لِنَشهَدَهَا، قَالَ: فَحَضَرَهَا ابنُ عُمَرَ وابنُ عَبَّاسٍ... فَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ لِعَمرِو بنِ عُثمَانَ: وَهُوَ مُوَاجِهُهُ، أَلَا تَنهَى عَنِ البُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ»[914].

الرواية السادسة: عن عبد الله بن عمر

«حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَن هِشَامٍ، عَن أَبِيهِ قَالَ: ذُكِرَ عِندَ عَائِشَةَ أَنَّ ابنَ عُمَرَ يَرفَعُ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبرِهِ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ. فَقَالَت: وَهِلَ! إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ أَو بِذَنبِهِ، وَإِنَّ أَهلَهُ لَيَبكُونَ عَلَيهِ الآنَ»[915].

الرواية السابعة: عن عبد الله بن عمر

«حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ المُهَلَّبِيُّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَمرٍو، عَن يَحيَى بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ. فَقَالَت عَائِشَةُ: يَرحَمُهُ اللهُ، لَم يَكذِب وَلَكِنَّهُ وَهِمَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لِرَجُلٍ مَاتَ يَهُودِيّاً: إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ وإِنَّ أَهلَهُ لَيَبكُونَ عَلَيهِ»[916].

دراسة دلالة الرويات

يعتقد علماء العامة بأنّ هذه الروايات تدلّ على حرمة البكاء على الميّت؛ لأنّه يتسبّب في تعذيب الميّت.

إشكال على الدليل الأوّل: خمسة إشكالات

لقد حاول البعض توجيه هذه الروايات، فقد قال الطريحي في مجمع البحرين تعليقاً على هذه الروايات: «فِي الْخَبَرَ: الْمَيِّتِ يُعَذِّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ... قِيل: المراد بالميت المشرف على الموت؛ فإنّه يشتدّ حاله بالبكاء»[917]. ولكن يبدو بناءً على الإشكالات التي ستطرح أنّ هذه الرواية ليست صحيحة أصلاً.

الإشكال الأوّل: إنكار عائشة لهذه الرواية

قال النووي (شارح صحيح المسلم) بعد نقل هذه الروايات: «هذه الروايات من رواية عمر بن الخطّاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وأنكرت عائشة، ونَسبتها إلى النسيان والاشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم قال ذلك، واحتجّت بقوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .   قالت: وإنّما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في يهودية: إنّها تعذّب وهم يبكون عليها، يعني: تعذّب بكفرها في حال بكاء أهلها، لا بسبب البكاء»[918].

وقد أخرج البخاري الرواية المذكورة في صحيحه: «قال ابن عباس: فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيبٌ يَبكِي... فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا صُهَيبُ، أَتَبكِي عَلَيّ وَقَد قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعضِ بُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ؟! قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه ذَكَرتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ. فَقَالَت: رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، واللهِ، مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِنَّ اللهَ لَيُعَذِّبُ المُؤمِنَ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: إِنَّ اللهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ. وَقَالَت: حَسبُكُمُ القُرآنُ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)»[919].

كما أخرج مسلم مثل هذه الرواية في صحيحه:

«حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ شَيْئاً فَلَمْ يَحْفَظْهُ، إِنَّمَا مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ وهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتُمْ تَبْكُونَ وإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ»[920].

وأخرجها أبو ­داود في سننه نقلاً عن عبد الله بن عمر:

«حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ وأَبِي مُعَاوِيَةَ الْمَعْنَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: وَهِلَ ـ تَعْنِي ابْنَ عُمَرَ ـ إِنَّمَا مَرَّ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا لَيُعَذَّبُ وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ»[921].

نلاحظ في هذه الروايات أن عائشة زوجة رسول الله| أنكرت هذه الرواية، وهذا يقدح في صحّة الرواية. ودليل ذلك ما بيّنه العلّامة المجلسي في البحار؛ حيث قال ما نصّه: «وفي هذا نسبة الراوي إلى الخطاء، وهو علّة من العلل المخرجة للحديث عن شرط الصحّة»[922].

وكما سيأتي فقد قال الشافعي في اختلاف الحديث: «وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظاً عَنْهُ صلّى الله عليه وسلّم بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ»[923].

الإشكال الثاني: انحصار الراوي

 لقد كان البكاء على الميت أمراً شائعاً على مدى العصور وحتّى في عهد رسول الله|. وإذا كانت هذه الرواية صدرت عن النبي| فعلاً، ونهى عن البكاء فلا بدّ أن يطلع عليه جمع كبير من الناس، فكيف يُعقل أن يتفرّد عمر وابنه بمثل هذه الرواية ولا يرويها شخصٌ آخر؟ وبتعبيرٍ آخر: هناك دواعي كثيرة إلى تناقل مثل هذه الرواية؛ لأنّها تنهى عن عادة شائعة بين الناس، وهذا الشيوع يؤدّي إلى كثرة الرواية وطرقها. فلا يعقل أن يتفرّد بها شخصان فقط.

الإشكال الثالث: تعارض الحديث مع الآيات القرآنية

لقد بيّن رسول الله| معياراً لمعرفة الأحاديث الضعيفة، وهو مخالفة الحديث لكتاب الله. فإن كان الحديث مخالفاً للقرآن فلا يؤخذ به. ومن الواضح أنّ هذا الحديث يعارض كتاب الله حيث قال: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)  [924].

فلا يعقل أن يُعذّب الميّت ببكاء غيره؛ لأنّه حينئذ يزر وزر شخص آخر. وهذا هو التعارض الموجود بين هذا الحديث والقرآن. وبالتالي؛ لا بدّ من ردّ هذا الحديث وتركه اعتماداً على المعيار الذي قدّمه رسول الله|. كما أنّ عائشة نفسها استدلّت بهذه الآية لردّ هذا الحديث.

ثمّ إنّ هذا الحديث يعارض آيات أُخرى أيضاً، فقد قال الشافعي في اختلاف الحديث: «قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظاً عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ دَلَالَةُ الْكِتَابِ؟ قِيلَ: فِي قَوْلِهِ : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)  [925]. (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [926].  (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [927].(لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) [928]»[929].

وعلى هذا؛ يمكن أن نقول: إنّ هذا الحديث يخالف أربع آيات قرآنية؛ لأنّ هذه الآيات تدلّ على أنّ الإنسان يعذّب بفعله لا بأفعال الآخرين.

الإشكال الرابع: تعارض هذا الحديث مع روايات أُخرى

يتعارض هذا الحديث مع روايات أُخرى كما قال صاحب الجواهر[930]. ويبدو أنّ صاحب الجواهر قصد تلك الروايات التي رواها أهل السنّة أنفسهم، وسنذكرها في النظرية الثانية بالتفصيل. وهي روايات تدلّ على جواز البكاء، بل تدلّ كذلك على أنّ رسول الله| نفسه بكى على الموتى.

الإشكال الخامس: لم يعمل عمر بهذا الحديث

حتّى لو افترضنا أنّ هذا الحديث الذي تفرّد به عمر وابنه حديث صحيح صدر عن رسول الله|، فهناك سؤال يطرح نفسه: لماذا لم يعمل عمر بهذا الحديث في مواقف مختلفة؟ وهنا نشير إلى ثلاثة مواقف منها:

الموقف الأول: بكاء عمر على أخيه

«لَمّا استُشهدَ زيدُ بنُ الخَطّابِ بِاليَمَامَةِ، وكَانَ صَحِبَهُ رَجُلٌ مِن بَنِي عَدِي بنِ كَعبٍ؛ فَرَجَعَ إلَى المَدِينَةِ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ دَمَعَت عَينَاهُ وقَالَ: وخَلّفتَ زَيداً ثَاوِياً وأتَيتَنِي؟!»[931].

الموقف الثاني: بكاء عمر على النعمان بن مقرن

«حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن عَلِيِّ بنِ زَيدٍ، عَن أَبِي عُثمَانَ، قَالَ: أَتَيتُ عُمَرَ بِنَعيِ النُّعمَانِ بنِ مُقَرِنٍ قَالَ: فَجَعَلَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ وجَعَلَ يَبكِي»[932].

الموقف الثالث: تجويز عمر للبكاء

«وَلَمَّا تُوُفّيَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ أيَّامَ عُمَرِ بنِ الخَطّاب ـ وَكَانَ بَينَهُمَا هَجرَة ـ امتنَعَ النسَاءُ مِنَ البُكَاءِ عَلَيهِ، فَلَمَّا انتَهَى ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، قَالَ: ومَا عَلَى نِسَاءِ بَنِي المغيرَة أن يَرِقنَ مِن دَمعِهِنَّ عَلَى أبِي سُلَيمَان مَا لَم يَكُن نَقعٌ[933] وَلاَ لَقلَقَةٌ[934]»[935].

هذه الروايات تدلّ بوضوح على أنّ عمر بكى على الموتى وجوّز البكاء عليهم، وهذا يعني أنّ فعل عمر لا يوافق قوله.

الدليل الثاني: أمر رسول الله| برمي التراب على وجوه النساء الباكيات

«حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ نُمَيرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسحَاقَ، عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَن أَبِيهِ، عَن عَائِشَةَ، قَالَت: لَمَّا أَتَت وَفَاةُ جَعفَرٍ عَرَفنَا فِي وَجهِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الحُزنَ، فَدَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النِّسَاءَ يَبكِينَ. قَالَ: فَارجِع إِلَيهِنَّ فَأَسكِتهُنَّ، فَإِن أَبَينَ فَاحثُ فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ»[936].

دراسة دلالة الدليل الثاني

هناك أمران في هذه الرواية يدلّان على تحريم البكاء على الميّت، الأوّل نهي رسول الله| عن البكاء؛ حيث إنّه أمر بالسكوت، والثاني أمره برمي التراب على وجوه النساء اللواتي يبكين على الميت.

الإشكال على الدليل الثاني: إشكالان

 النقد الذي يوجَّه إلى هذا الدليل يتمثّل في إشكالين:

الإشكال الأوّل: ضعف السند

في سنده محمد بن إسحاق، وقد ضعّفه المحدثون وعلماء الرجال من أهل السنّة كالمزي، واعتبر هؤلاء أنّ ما رواه محمد بن إسحاق ضعيف وموضوع[937].

الإشكال الثاني: تعارض الشاذ مع المشهور

يتعارض هذا الحديث مع عشرات الأحاديث المشهورة التي رويت عن رسول الله| في هذا الموضوع، والتي تشير إلى بكاء رسول الله| على بعض المسلمين[938]، ولا سيّما جعفر بن أبي طالب بعد استشهاده[939]. وهذه الأحاديث تعارض الحديث المذكور. وبما أنّ هذا الحديث شاذ والأحاديث التي تعارضه مشهورة؛ فلا بدّ من ردّ الحديث الشاذ، وهذا من مباني أهل السنّة والجماعة.

الدليل الثالث: النياحة من الجاهلية

«حَدَّثَنَا أَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بنُ يَزِيدَ وحَدَّثَنِي إِسحَاقُ بنُ مَنصُورٍ، أَخبَرَنَا حَبَّانُ بنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحيَى، أَنَّ زَيداً، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلامٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشعَرِيَّ، حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: أَربَعٌ فِي أُمَّتِي مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ، لاَ يَترُكُونَهُنَّ: الفَخرُ فِي الأَحسَابِ، والطَّعنُ فِي الأَنسَابِ، والاستِسقَاءُ بِالنُّجُومِ، والنِّيَاحَةُ»[940].

وأخرجه أبو ­يعلى الموصلي بسندٍ آخر، وقال: إنّه حديثٌ صحيح[941].

دراسة دلالة الدليل الثالث

جاء الاستدلال بهذه الرواية في موسوعة الفقه الإسلامي[942]، وفيها دلالة على النهي عن البكاء؛ لأنّه من عادات الجاهلية.

الإشكال على الدليل الثالث: تعارض الشاذ مع المشهور

وإن كان سند هذا الحديث صحيحاً وفق مباني أهل السنّة، ورغم ذلك فلا بدّ من ردّه؛ لأنّه يخالف روايات مشهورة كثيرة تدلّ على جواز البكاء، بل وتدلّ بعضها على بكاء النبي| نفسه وموافقته على بكاء الآخرين. إذن؛ يجب ردّ هذا الحديث الشاذ اعتماداً على الروايات المشهورة.

الدليل الرابع: التعهّد بعدم النوح

«حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، حَدَّثَنَا أَ يُّوبُ، عَن مُحَمَّدٍ، عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، قَالَت: أَخَذَ عَلَينَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عِندَ البَيعَةِ أَن لاَ نَنُوحَ»[943].

دراسة دلالة الدليل الرابع

تمسك التويجري بهذه الرواية لإثبات حرمة البكاء في موسوعة الفقه الإسلامي[944]؛ لنهي النبي| عنه.

الإشكال على الدليل الرابع: تعارض الشاذ مع المشهور

سند هذه الرواية وإن كان صحيحاً أيضاً حسب معايير أهل السنّة، ولكن يرد عليها نفس الإشكال السابق، من أنّ هذه الرواية تعارض الروايات الكثيرة التي تدلّ على جواز البكاء.

نتيجة البحث في النظرية الأُولى

ذُكر أربعة أدلّة على النظرية الأُولى  (تحريم البكاء):

 أمّا الدليل الأوّل (تعذيب الميت) فترد عليه خمسة إشكالات أساسية؛ حيث إنّ عائشة أنكرته، وتفرّد به عمر وابنه، كما أنّه يتعارض مع آيات القرآن وسائر الروايات، ولم يعمل به عمر نفسه.

أمّا الدليل الثاني (رمي التراب على وجوه الباكيات)، فإنّه ضعيف السند، فضلاً عن تعارضه مع الروايات المشهورة.

وكذلك الدليلان الثالث والرابع؛ إذ إنّهما يتعارضان مع روايات كثيرة تدلّ على جواز البكاء. وبالتالي؛ لا يوجد دليلٌ تامٌّ على تحريم البكاء على الميت وفقاً لمعايير الفقه السنّي.

الدليل على النظرية الثانية: كراهة البكاء مطلقاً[945] ـ دليلان (روايتان)

استدلّ القائلون بكراهة البكاء بروايتين:

الرواية الأُولى: حديث جابر ـ نهي النبي| عن البكاء

«أَخبَرَنَا عُتبَةُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ عُتبَةَ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ جَابِرِ بنِ عَتِيكٍ، أَنَّ عَتِيكَ بنَ الحَارِثِ وهُوَ جَدُّ عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ أَبُو أُمِّهِ أَخبَرَهُ، أَنَّ جَابِرَ بنَ عَتِيكٍ أَخبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم جَاءَ يَعُودُ عَبدَ اللهِ بنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَد غُلِبَ عَلَيهِ، فَصَاحَ بِهِ، فَلَم يُجِبه شيء، فَاستَرجَعَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَقَالَ: قَد غُلِبنَا عَلَيكَ أَبَا الرَّبِيعِ[946]. فَصِحنَ النِّسَاءُ وَبَكَىنَ، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: دَعهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبكِيَنَّ بَاكِيَةٌ. قَالُوا: وَمَا الوُجُوبُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: المَوتُ»[947].

الرواية الثانية: حديث ربيع ـ  نهي النبي| عن البكاء

«حَدَّثَنَا عُبَيدُ بنُ غَنَّامِ بنِ حَفصِ بنِ غِيَاثٍ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ الحَضرَمِيُّ، قَالَا: ثَنَا أَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ، وحَدَّثَنَا الحُسَينُ بنُ إِسحَاقَ التُّستَرِيُّ، ثَنَا عُثمَانُ بنُ أَبِي شَيبَةَ، قَالَا: ثَنَا جَرِيرٌ، عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ عُمَيرٍ، عَن رَبِيعِ الأَنصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَادَ ابنَ أَخِي جَبرَ الأَنصَارِيَّ، فَجَعَلَ أَهلُهُ يَبكُونَ عَلَيهِ، فَقَالَ لَهُم جَبرٌ: لَا تُؤذُوا رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: دَعهُنَّ فَليَبكِينَ مَا دَامَ حَيّاً، فَإِذَا وَجَبَ فَليَسكُتنَ»[948].

ذكر مجمع الزوائد ومنبع الفوائد هذه الرواية نقلاً عن الطبراني، ثمّ قال: جميع رواتها ثقات[949].

دراسة دلالة الرواية الأُولى والثانية

تدلّ هاتان الروايتان على كراهة البكاء على الميت بعد خروج الروح؛ وذلك لأنّ النبي| قد نهى عنه.

إشكال على دلالة الرواية الأُولى والثانية

أوّلاً: إنّهما روايتان شاذّتان؛ وذلك بالنظر إلى الأحاديث النبوية الكثيرة التي تدلّ على جواز البكاء بعد الموت والتي لم يرد فيها النهي عنه. إذن؛ لا بدّ من ردّ هاتين الروايتين الشاذتين، ولا يخفى أنّ ردّ الشاذ بالمشهور من مباني أهل السنّة في الحديث.

ثانياً: حتّى لو سلّمنا بعدم شذوذهما وقبلنا دلالتهما على كراهة البكاء، فتطرح إشكالية أُخرى، وهي: أنّ النبي| نفسه بكى على وفاة أصحابه وأقربائه في مواقف متعدّدة. وإن كان هذا الفعل مكروهاً حقّاً، فلا يُعقل أن يقوم به النبي|. إذاً؛ فعلُ النبي| يكشف لنا عن عدم كراهته. وبتعبيرٍ آخر: كيف يُعقل أن ينهى النبي عن البكاء ثمّ يقوم به؟! أليس هذا تناقضاً بين الفعل والقول الذي يستحيل على النبي|؟!

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

لقد ذكرنا دليلين (روايتين) على النظرية الثانية (كراهة البكاء) وأوردنا عليهما إشكالين:

الإشكال الأوّل: هو أنّهما روايتان شاذّتان.

والإشكال الثاني: هو أنّهما مخالفتان لسيرة النبي| العملية والقولية.

وعلى هذا؛ فلا يوجد دليلٌ تامٌّ على كراهة البكاء على الميت وفقاً لمذهب أهل السنّة ومبانيهم.

الدليل على النظرية الثالثة: جواز البكاء مطلقاً[950] ـ دليلان

وقد تمسك بجواز البكاء بنحو مطلق بدليلين:

الدليل الأول: آية قرآنية ـ بكاء سيّدنا يعقوب×

(وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) [951].

تقريب الاستدلال بهذه الآية

قال الآلوسي في تفسير روح المعاني: «استُدلّ بالآية على جواز التأسّف والبكاء عند النوائب»[952]. فهذه الآية تدلّ على أنّ سيّدنا يعقوب× حزن وبكى على فراق سيّدنا يوسف× إلى درجة أنّه فقد بصره. وبالتالي؛ يتّضح أنّ البكاء على فراق الأعزّاء والأحبّاء جائز.

وقال القرطبي في تفسيره: «وَإِنَّمَا ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْبُكَاءِ، ولَكِنَّ سَبَبَ الْبُكَاءِ الْحُزْنُ، فَلِهَذَا قَالَ: ﴿مِنَ الْحُزْنِ ﴾»[953]. وروى السيوطي في الدرّ المنثور: «كان منذ خرج يوسف× من عند يعقوب× إلى يوم رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه، ودموعه على خدّيه، ولم يزل يبكي حتّى ذهب بصره»[954]. وقال الزمخشري في الكشاف: «قِيل: ما جفّت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاماً»[955].

وقال الآلوسي: «وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنِ،‏ أي: بسببه، وهو في الحقيقة سبب للبكاء، والبكاء سبب لابيضاض عينه؛ فإنّ العبرة إذا كثرت محقت سواد العين وقلبته إلى بياض كدر»[956]. كما صرّح بذلك الزمخشري؛ حيث قال: «الحزن كان سبب البكاء الذي حدث منه البياض»[957].

 وروى الزمخشري حديثاً عن رسول الله| في هذا الشأن:

«وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه سأل جبريل×: ما بلغ من وجْد يعقوب على يوسف؟ قال: وجْد سبعين ثكلى. قال: فما كان له من الأجر؟ قال: أجر مائة شهيد، وما ساء ظنّه بالله ساعة قط»[958].

إشكال: أورد الزمخشري إشكالاً حيث قال: «فإن قلت: كيف جاز لنبيّ الله أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ؟»[959].

الجواب:     

أوّلاً: لقد أجاب الزمخشري عن هذا الإشكال بعد إيراده فقال: «قلت: الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن؛ ولذلك حُمِد صبره، وأن يضبط نفسه حتّى لا يخرج إلى ما لا يحسن، ولقد بكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على وَلَده إبراهيم».[960]

ثانياً: لقد كان لبكاء يعقوب× أجرٌ كبير؛ لأنّه بكى على مفقودٍ عزيز عند الله، وفقدان مثله يستحقّ هذا التأسّف والحسرة.

النتيجة: تدلّ هذه الآية الشريفة على جواز الحزن والبكاء على فراق الأحباب؛ لأنّه إذا جاز البكاء لأنبياء الله^ كسّيدنا يعقوب× فلا يُعقل أن يُشكّك في جوازه لغيرهم.

الدليل الثاني: الروايات ـ ثلاث طوائف، فعل النبي| وتقريره وفعل الخلفاء

يشتمل الدليل الثاني على ثلاث طوائف من الروايات: فعل النبي|، تقرير النبي|، وفعل الخلفاء.

الطائفة الأُولى: فعل النبي| ـ تسعة موارد

سنشير إلى تسعة موارد من بكاء رسول الله| على الموتى، وسنعتمد في ذلك على مصادر أهل السنّة:

المورد الأوّل: بكاء رسول الله| على استشهاد الإمام الحسين× ـ روايتان

هناك روايات كثيرة في كتب أهل السنّة تدلّ على بكاء رسول الله| على الإمام الحسين×[961]. وسنكتفي هنا بذكر اثنتين منها:

الرواية الأُولى: بكاء رسول الله| عندما أخبره جبريل باستشهاد الإمام الحسين×

قَالَ الطّبَرَانِي: «حَدّثَنَا أحمَدُ بنُ رُشدين المِصرِي، حَدَّثَنَا عَمرُو بنُ خَالِدِ الحَرّانِي، حَدّثَنَا ابنُ لُهَيعَة، عَن أبِي الأسوَدِ، عَن عُروَةِ بنِ الزّبَيرِ، عَن عَائشَةَ رَضِي الله عَنهَا قَالَت: دَخَلَ الحُسَينُ بنُ عَلِي رضي الله عنهما عَلى رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم وهُوَ يُوحَى إلَيهِ... فَقَالَ جَبرِيلُ لِرَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم: أتُحِبّهُ يَا مُحَمّدُ؟ قَالَ: يَا جَبرِيل، وَمَا لِي لاَ أحِبّ ابنِي؟! قَالَ: فَإنّ أُمّتَكَ سَتَقتُلُهُ مِن بَعدِك. فَمَدّ جَبرِيل× يَدَهُ، فَأتَاهُ بِتُربَةٍ بَيضَاء، فَقَالَ: فِي هَذِه الأرضِ يُقتَلُ ابنُكَ هَذا يَا مُحَمّدُ! وَاسمُهَا الطّفُ، فَلَمّا ذَهَبَ جَبرِيلُ× مِن عِندِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم خَرَجَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وَالتّربَةُ فِي يَدِهِ ـ يبكِي ...»[962].

الرواية الثانية: بكاء رسول الله| عند الإخبار باستشهاد الإمام الحسين×

«قَالَ الطّبَرِي: ... فَلَمّا كَانَ بَعدَ حَولٍ وُلِدَ الحُسَينُ، فَجَاءَ النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم... وجَعَلَهُ فِي حِجرِهِ، فَبَكَى صلّى الله عليه وسلّم، قُلتُ: فِدَاكَ أبِي وأمِّي! مِمَّ بُكَاؤكَ؟ فَقَالَ­: ابنِي هَذا يَا أسمَاءُ! إنّهُ ­تَقتُلُهُ­ الفِئَةُ البَاغِيَةُ مِن أُمّتِي، لاَ أنَالَهُمُ الله شَفَاعَتِي، يَا أسمَاءُ! لاَ تُخبِرِي فَاطِمَةَ؛ فَإنّهَا قَريِبَةُ عَهد بِوِلاَدَة»[963].

المورد الثاني: بكاء رسول الله| على سيّدنا حمزة ـ روايتان

هناك روايات تدلّ على بكاء رسول الله| على استشهاد سيّدنا حمزة، ونكتفي هنا بذكر روايتين:

الرواية الأُولى: رواية ابن عبد­ البر

 «وَرَوَى عَبدُ الله بنِ نُمَيرٍ، عَن أبِي حَمّادِ الحَنَفِي، عَن عَبدِ الله بنِ مُحَمّد عَقِيلٍ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ الله: لَمّا رَأى النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم حَمزَةَ قَتيِلاً بَكَى، فَلَمّا رَأى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهِقَ»[964].

الرواية الثانية: رواية ابن أبي الحديد

«قَالَ الوَاقِدِي: ورُوِي أنّ صَفِيّةَ لَمّا جَاءَت، حَالَتِ الأنصَارُ بَينَهَا وبَينَ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: دَعُوهَا. فَجَلَسَت عِندَهُ، فَجَعَلَت إذَا بَكَت يَبكِي رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، وإذَا نَشِجَت[965] يَنشَجُ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، وَجَعَلَت فَاطِمَة تَبكِي، فَلَمّا بَكَت، بَكَى رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم...»[966].

المورد الثالث: بكاء رسول الله| على زيد وجعفر وابن رواحة  ـ ثلاث روايات

إن النبى| بكى لشهادة زيد وجعفر وابن رواحة؛ نكتفي بذكر ثلاث روايات:

الرواية الأُولى: رواية البخاري

«حَدَّثَنَا أَحمَدُ بنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، عَن أَيُّوبَ، عَن حُمَيدِ بنِ هِلاَلٍ، عَن أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِي صلّى الله عليه وسلّم نَعَى زَيداً وَجَعفَراً وَابنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبلَ أَن يَأتِيَهُم خَبَرُهُم، فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ـ وَعَينَاهُ تَذرِفَانِ ـ ....»[967].

إشكال: إنّ الضمير في عبارة «عَينَاهُ». يرجع إلى ابن رواحة، وليس إلى النبي|، بمعنى أنّ ابن رواحة استُشهد وعيناه تذرفان. وبالتالي؛ لا تدلّ هذه الرواية على بكاء رسول الله|.

الجواب: يدلّ سياق الرواية على أنّ عبارة: «وَعَينَاهُ تَذرِفَانِ». تحكي عن حال رسول الله|. ويؤيّد ذلك ما نقله ابن­ قدامة في المغني؛ حيث استدلّ بهذه الرواية، ولم يذكر الضمير، بل صرّح بأنّ رسول الله| هو الذي بكى، وبالتالي؛ فهو مرجع الضمير في الرواية المذكورة[968].

الرواية الثانية: رواية ابن عبد­ البرّ

«لَمّا أتَى رَسُول الله صلّى الله عليه وسلّم نَعيُ جَعفَرِ بنِ أبِي طَالِبٍ وزِيدِ بنِ حَارِثَة بَكَىٰ»[969].

الرواية الثالثة: رواية الذهبي

«عَنِ الوَاقِدِي، حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ مُسلِم، عَن يَحيَى بنِ يَعلَى، سَمِعتُ عَبدَ الله بنَ جَعفَر يَقُولُ: أنَا أحفَظُ حِينَ دَخَلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أُمّي، فَنَعَى لَهَا أبِي، فَأنظُرُ إلَيهِ وَهُوَ يَمسَحُ عَلَى رَأسِي ورَأسِ أخِي، وعَينَاهُ تُهرقَانِ الدّمُوع»[970].

المورد الرابع: بكاء النبي|  على عثمان بن مظعون

«حَدَّثَنا أبو بَكرِ بنِ أبي شَيْبَة وَعَليّ بن مُحمّد، قَالا: حَدَّثَنا وَكيع، عَن سُفْيان، عَن عَاصم ابن عُبيد الله، عَن القاسِم بنِ مُحمّد، عَن عائشَة، قَالت: قَبَّل رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُثمانَ بنِ مَظْعُون وَهوَ مَيّتٌ، فَكأنّي أَنظُر إلى دُمُوعِهِ تَسيِلُ عَلى خَدَّيه»[971].

نقل العلّامة الحلّي في التذكرة عن أحمدقوله بجواز البكاء؛ لأنّ رسول الله| قبّل عثمان بنمظعون وهو ميّت، ثمّ رفع رأسه والدموع تسيل من عينيه [972]. وقال ابن قدامة ـ بعد نقل هذه الرواية في الشرح الكبير ـ: «هذا حديثٌ صحيح»[973].

المورد الخامس: بكاء رسول الله على سعد بن عبادة

 «حَدَّثَنَا أَصبَغُ، عَنِ ابنِ وَهبٍ، قَالَ: أَخبَرَنِي عَمرو، عَن سَعِيدِ بنِ الحَارِثِ الأَنصَارِيِّ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: اشتَكَى سَعدُ بنُ عُبَادَةَ شَكوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَعُودُهُ مَعَ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وسَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وعَبدِ اللهِ بنِ مَسعُود، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهلِهِ، فَقَالَ: قَد قَضَى؟ قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَبَكَى النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمَّا رَأَى القَومُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم بَكَوا، فَقَالَ: أَلاَ تَسمَعُونَ؟ إِنَّ اللهَ لاَ  يُعَذِّبُ بِدَمعِ العَينِ، ولاَ بِحُزنِ القَلبِ، ولَكِن يُعَذِّبُ بِهَذَا ـ وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ـ أَو يَرحَمُ»[974].

واستدلّ بهذه الرواية ابن قدامة في المغني[975]، والقرافي في الذخيرة[976].

المورد السادس: بكاء رسول الله| على بنته

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيحُ بنُ سُلَيمَانَ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بنُ عَلِيٍّ، عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدنَا بِنتَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ورَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم جَالِسٌ عَلَى القَبرِ، فَرَأَيتُ عَينَيهِ تَدمَعَانِ...»[977].

استدلّ عبد الله بن قدامة بهذه الرواية في المغني[978]، وقال عبد الرحمن بن قدامة ـ في الشرح الكبير بعد نقل الرواية ـ: هذا حديثٌ صحيح[979].

المورد السابع: بكاء رسول الله| على ابنيه إبراهيم وطاهر ـ ثلاث روايات

أمّا فيما يتعلّق ببكاء رسول الله| على ابنيه إبراهيم وطاهر، فقد استُدلّ بثلاث روايات:

الرواية الأُولى: رواية البخاري عن وفاة إبراهيم

«حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَحيَى بنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا قُرَيشٌ ـ هُوَ ابنُ حَيَّانَ ـ عَن ثَابِتٍ، عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ... إِبرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفسِهِ، فَجَعَلَتْ عَينَا رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم تَذرفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ رضي الله عنه: وَأَنتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! فَقَالَ: يَا بنَ عَوفٍ، إِنَّهَا رَحمَةٌ. ثُمَّ أَتبَعَهَا بِأُخرَى[980]، فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ العَينَ تَدمَعُ، وَالقَلبَ يَحزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرضي رَبّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ ـ يَا إِبرَاهِيمُ ـ لَمَحزُونُونَ»[981].

وقد أخرج عبد الله بن قدامة هذه الرواية ثمّ قال: «مُتَّفَقٌ عَلَيْهِا»[982]. كما أخرج مسلم روايةً قريبةً من هذا المضمون[983].

إشكالٌ:

ظاهر التعبير بـ: «يجُودُ بِنَفسِهِ». أنّ إبراهيم كان حيّاً ومشرفاً على الموت، لا أنّه كان بعد وفاته. فإذن؛ هذه الرواية لا تدلّ على أنّ البكاء على الميت جائز.

الجواب:

أوّلاً: صحيحٌ أنّ بكاء رسول الله| في هذه الرواية كان حينما أشرف إبراهيم على الموت وليس بعد مماته، ولكنّ الأمر الذي لا شكّ فيه هو أنّ النبي| بكى ترحّماً على إبراهيم وحزناً على فراقه. كما صرّح النبي| بذلك في نهاية الرواية. وهذا المقدار يكفي للاستدلال؛ لأنّ سبب البكاء (الفراق والترحّم) موجود بعد وفاة إبراهيم أيضاً.

ثانياً: لقد روى ابن ماجة هذه القصّة، وفي روايته تصريح بأنّ رسول الله’ بكى على إبراهيم بعد وفاته وقبل أن يُكفن.

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسمَاعِيلَ بنِ سَمُرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شَيبَةَ، عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ إِبرَاهِيمُ بنُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: لَا تُدرِجُوهُ فِي أَكفَانِهِ حَتّى أَنظُرَ إِلَيهِ. فَأَتَاهُ، فَانكَبَّ عَلَيهِ وبَكَى»[984].

الرواية الثانية: رواية الترمذي عن وفاة إبراهيم

«رَوَى جَابِرٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَخَذَ ابنَهُ، فَوَضَعَهُ فِي حِجرِهِ، فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ: أَتَبكِي؟! أَو لَم تَكُن نَهَيت عَن البُكَاءِ؟ قَالَ: لاَ، ولَكِن نَهَيت عَن صَوتَينِ أَحمَقَينِ فَاجِرَينِ؛ صَوتٍ عِندَ مُصِيبَةٍ، وخَمشِ وُجُوهٍ، وشَقِّ جُيُوبٍ، ورَنَّةِ شَيطَانٍ»[985].

لقد استدلّ عبد الله بن قدامة بهذه الرواية، ثمّ قال: «وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ مُطْلَقِ الْبُكَاءِ، وإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ مَوْصُوفاً بِهَذِهِ الصِّفَاتِ»[986].

الرواية الثالثة: رواية الطبراني عن وفاة طاهر

«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَصرٍ الصَّائِغُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسحَاقَ المُسَيَّبِيُّ، ثَنَا يَحيَى بنُ يَزِيدَ بنِ عَبدِ المَلِكِ، عَن أَبِيهِ، عَن يَزِيدَ بنِ خُصَيفَةَ، عَن أَبِيهِ، عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا هَلَكَ ابنُهُ طَاهِرٌ ذَرَفَت عَينُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَكَىتَ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ العَينَ تَذرِفُ، وإِنَّ الدَّمعَ يَغلِبُ، وإِنَّ القَلبَ يَحزَنُ، ولا نَعصِي اللهَ عزَّ وجلَّ»[987].

 لا يخفى أنّ سند هذه الرواية ضعيفٌ بشهادة مجمع الزوائد؛ وذلك لوجود يحيى بن يزيد، وهو ضعيف[988].

المورد الثامن: بكاء رسول الله |  على ابن إحدى بناته ـ روايتان

لقد ذكرت كتب الحديث روايات عن بكاء النبي| على ابن إحدى بناته، وفيما يلي نشير إلى اثنتين منها:

الرواية الأُولى: رواية البخاري

«حَدَّثَنَا عَبدَانُ وَمُحَمَّدٌ، قَالاَ: أَخبَرَنَا عَبدُ اللهِ، أَخبَرَنَا عَاصِمُ بنُ سُلَيمَانَ، عَن أَبِي عُثمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ، قَالَ: أَرسَلَت ابنَةُ النَّبِي صلّى الله عليه وسلّم إِلَيهِ أنَّ ابناً لِي قُبِضَ فَائتِنَا. فَأَرسَلَ يُقرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: إِنَّ لِلهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعطَى وَكُلٌّ عِندَهُ بِأَجَلٍ مُسَمّىً، فَلتَصبِر وَلتَحتَسِب... فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم الصَّبِي... فَفَاضَت عَينَاهُ. فَقَالَ سَعدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذَا! فَقَالَ: هَذِهِ رَحمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وإِنَّمَا يَرحَمُ اللهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»[989].

الرواية الثانية: رواية الهيثمي

«وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: ثَقُلَ ابنٌ لِفَاطِمَةَ، فَأَرسَلَت إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم تَدعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: ارجِع؛ فَإِنَّ لَهُ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبقَى، وكَلٌّ لِأَجَلٍ بِمِقدَارٍ. فَلَمَّا احتُضِرَ بَعَثَت إِلَيهِ، وَقَالَ لَنَا: قُومُوا. فَلَمَّا جَلَسَ جَعَلَ يَقرَأُ: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)[990]حَتّى قُبِضَ، فَدَمَعَت عَينَا رَسُولِ ­اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ سَعدٌ: يَا رَسُولَ ­اللهِ، أَتَبكِي وَتَنهَى عَنِ البُكَاءِ؟! قَالَ: إِنَّمَا هِيَ رَحمَةٌ، وإِنَّمَا يَرحَمُ اللَهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»[991].

ثمّ علّق الهيثمي قائلاً: «رَوَاهُ الْبَزَّارُ[992] وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْمَكِّيُّ، وفِيهِ كَلَامٌ، وقَدْ وُثِّقَ»[993].

ويبدو أنّ هذا سهو منه؛ لأنّ إسماعيل بن موسى لم يُذكر في سند هذه الرواية، بل هو إسماعيل بن مسلم، وقد قال عنه البزار: روى عنه الأعمش والثوري؛ لأنّه ذكر المزي في تهذيب الكمال أسماء مَن روى عن إسماعيل بن مسلم، وبهذه القرينة يتبيّن أنّ راوي هذه الرواية هو إسماعيل بن مسلم، وهو لم يُوثّق حسبما نقل المزي[994]. أمّا إسماعيل بن موسى فقد وُثّق[995]، ولكنّه لم يروِ هذا الحديث. وعلى هذا؛ فإنّ سند هذه الرواية ضعيفٌ؛ لوجود إسماعيل بن مسلم.

المورد التاسع: بكاء رسول الله| عند قبر أُمه آمنة

«حَدَّثَنَا أَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ وزُهَيرُ بنُ­ حَربٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدٍ، عَن يَزِيدَ بنِ كَيسَانَ، عَن أَبِي حَازِمٍ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم قَبرَ أُمِّهِ، فَبَكَىٰ وَأَبكَىٰ مَن حَولَهُ»[996].

دراسة دلالة الروايات

هذه الروايات تدلّ بوضوح على أنّ النبي| بكى على وفاة أصحابه وأبنائه، حتّى أنّه بكى عند قبر أُمه أيضاً.

الطائفة الثانية: قول النبي| وتقريره ـ أربع موارد

نُشير إلى أربعة موارد تدلّ على تقرير النبي| للبكاء وموافقته على جوازه:

المورد الأول: ترخيص النبي| في البكاء عند المصيبة

«وَعَن عَامِرِ بنِ سَعدٍ، قَالَ: دَخَلتُ عَرِيشاً[997] وفِيهِ قَرَظَةُ بنُ كَعبٍ وأَبُو مَسعُودٍ الأَنصَارِيُّ، قَالَ: فَذَكَرَ حَدِيثاً لَهُمَا قَالَا فِيهِ: إِنَّهُ رُخِّصَ لَنَا فِي البُكَاءِ عِندَ المُصِيبَةِ»[998].

ويظهر من قوله: «ذَكَرَ حَدِيثاً لَهُمَا». أنّه روى حديثاً عن النبي|، وهذه الرواية صحيحةٌ بشهادة الهيثمي[999].

المورد الثاني: موافقة رسول الله| على البكاء لمصيبة جعفر

«ولَمّا أتَى النّبِي صلّى الله عليه وسلّم نَعيُ جَعفَر أتَى امرَأتَهُ ­أسمَاء بِنتَ عُمِيس، فَعزّاهَا فِي زَوجِهَا جَعفَر وَدَخَلَت فَاطِمَةُ وَهِي تَبكِي وَتَقوُلُ: وَاعَمّاهُ! فَقَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: عَلَى مِثلِ جَعفَرٍ فَلتَبكِ البَوَاكِي»[1000].

 المورد الثالث: أمر رسول الله| بالبكاء على حمزة

«حَدَّثَنَا زَيدُ بنُ الحُبَابِ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا رَجَعَ مِن أُحُدٍ فَجَعَلَت نِسَاءُ الأَنصَارِ يَبكِينَ عَلَى مَن قُتِلَ مِن أَزوَاجِهِنَّ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: وَلَكِن حَمزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ. قَالَ: ثُمَّ نَامَ فَاستَنبَهَ وَهُنَّ يَبكِينَ، قَالَ: فَهُنَّ اليَومَ إِذا يَبكِينَ يَندُبنَ بِحَمزَةَ»[1001].

المورد الرابع: نهي النبي| لعمر عن ضرب الباكيات ـ  روايتان

لقد نهى رسول الله| عمر عن ضرب الباكيات في مواقف عدّة، ونذكر هنا موقفين منها:

الرواية الأُولى: نهي النبي| عن ضرب الباكيات بالسوط

«حَدَّثَنَا عَبدُ الصَّمَدِ وَحَسَنُ بنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَن عَلِيِّ بنِ زَيدٍ، قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا ابنُ سَلَمَةَ، أَخبَرَنَا عَليُّ بنُ زَيدٍ، عَن يُوسُفَ بنِ مِهرَانَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثمَانُ بنُ مَظعُونٍ... حَتّى مَاتَت رُقَيَّةُ ابنَةُ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: الحَقِي بِسَلَفِنَا الخَيرِ عُثمَانَ بنِ مَظعُونٍ. قَالَ: وَبَكَت النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ يَضرِبُهُنَّ بِسَوطِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم لِعُمَر: دَعهُنَّ يَبكِينَ»[1002].

الرواية الثانية: نهي النبي| عن منع الباكيات وطردهن

«أَخبَرَنَا عَلِيُّ بنُ حُجرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ هُوَ ابنُ جَعفَرٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ حَلحَلَةَ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَطَاءٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بنَ الأَزرَقِ قَالَ: سَمِعتُ أَبَا هُرَيرَةَ قَالَ: مَاتَ مَيِّتٌ مِن آلِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَاجتَمَعَ النِّسَاءُ يَبكِينَ عَلَيهِ، فَقَامَ عُمَرُ يَنهَاهُنَّ وَيَطرُدُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: دَعهُنَّ يَا عُمَرُ؛ فَإِنَّ العَينَ دَامِعَةٌ والقَلبَ مُصَابٌ والعَهدَ قَرِيبٌ»[1003].

دراسة دلالة الروايات

هذه الروايات تدلّ بوضوح على تقرير النبي| للبكاء على الميت؛ لأنّه| أيّد بكاء الآخرين، بل أمر به، وكذلك نهى الذين يمنعون عن البكاء على الموتى.

الطائفة الثالثة: فعل الخلفاء ـ موردين

لقد ورد في سيرة الخلفاء أنّهم بكوا على الموتى وأقاموا العزاء عليهم. وفيما يلي نُشير إلى موردين يدلّان على ذلك:

المورد الأول: بكاء أبي بكر على رسول الله|

«حَدَّثَنَا بِشرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنَا عَبدُ اللهِ، قَالَ: أَخبَرَنِي مَعمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهرِيِّ، قَالَ: أَخبَرَنِي أَبُوسلمةَ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوجَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَخبَرَتهُ، قَالَت: أَقبَلَ أَبُو بَكرٍ رضي الله عنه... فَدَخَلَ المَسجِدَ، فَلَم يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنهَا، فَتَيَمَّمَ[1004] النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم... فَكَشَفَ عَن وَجهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيهِ، فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى...»[1005].

لقد نقل عبد الله بن قدامة هذه الرواية ونظائرها في المغني، ثمّ قال: «كلّها أحاديث صحيحة»[1006]. وقال عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير: «هذا حديثٌ صحيح»[1007].

المورد الثاني: بكاء أبي ­بكر وعمر على سعد ­بن معاذ

«وَرَوَى الأُمَوِيُّ، فِي المَغَازِي، عَن عَائِشَةَ: أَنَّ سَعدَ بنَ مُعَاذٍ لَمَّا مَاتَ، جَعَلَ أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ يَنتَحِبَانِ[1008]، حَتّى اختَلَطَت عَلَيَّ أَصوَاتُهُمَا»[1009].

دراسة دلالة الروايتين

إنّ دلالة الروايتين واضحة، فهما تدلّان على بكاء أبي­ بكر وعمر على الميّت.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

لقد ذكرنا دليلين على النظرية الثالثة (جواز البكاء). أمّا الدليل الأوّل، فيتمثّل في آية قرآنية شريفة. وأمّا الدليل الثاني، فهو يتمثّل في الروايات التي مرّ ذكرها. وكلا الدليلين يدلّان بوضوح على جواز البكاء على الميت؛ لأنّهما يكشفان عن بكاء رسول الله| على الموتى وموافقته على بكاء الآخرين.

الدليل على النظرية الرابعة: استحباب البكاء مطلقاً[1010] ـ لا دليل عليها

ذهب البعض إلى استحباب البكاء على الميت، ولكنّه لم يذكر دليلاً على مدّعاه، بل اكتفى ببيان بعض المصاديق، ولا يُستبعد أن يكون استدلاله في الاستحباب قائماً على الروايات السابقة التي دلّت على بكاء رسول الله| على بعض أصحابه الذين عُرفوا بالشجاعة والفضيلة.

 نتيجة البحث في النظرية الرابعة

بما أنّ القائلين بالاستحباب لم يقيموا دليلاً على ما ذهبوا إليه، فتبقى هذه النظرية من دون دليل.

الدليل على النظرية الخامسة: التفصيل بين البكاء مع الندب وغيره، فالأوّل مكروه والثاني جائز  ـ لا دليل عليها

لم يذكر أصحاب هذه النظرية دليلاً على رأيهم.

نتيجة البحث في النظرية الخامسة

بما أنّ النظرية الخامسة (التفصيل) ليست مصحوبة بدليل، فيُحكم عليها بالبطلان.

النتيجة النهائية للمصداق الأوّل: البكاء

ذكرنا خمس نظريات في حكم المصداق الأوّل، ومرّ الكلام عن ضعف أدلّة نظريتي التحريم والكراهة. أمّا الاستحباب والتفصيل فلا دليل عليهما.

إذن؛ تبقى نظرية الجواز وهي مستندة إلى دليلين تامّين، وبالتالي؛ فهي النظرية المقبولة في حكم المصداق الأوّل. وعلى هذا يجوز البكاء على الميّت وفقاً لما يصح من أدلّة أهل السنّة.

أدلّة المصداق الثاني: الندب

إنّ لعلماء السنّة خمس نظريات في حكم الندب على الميت، وسنقوم بدراسة أدلّة كلّ نظرية مستقلاً.

الدليل على النظرية الأُولى: كراهة الندب ـ لا دليل عليها

لم يُذكر دليل على هذه النظرية. نعم، قد يقول قائل: إنّ الأدلّة الناهية عن الندب تدلّ على الكراهة. ولكن أدلّة النهي لا تدلّ على الكراهة، بل تدلّ على التحريم، كما سيأتي تفصيل ذلك لاحقاً.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

لم يذكر القائلون بهذه النظرية دليلاً على مذهبهم، فيتّضح أنّها مجرد دعوى لا دليل عليها.

الدليل على النظرية الثانية: تحريم الندب ـ دليلان

أقام القائلون بالتحريم دليلين لإثبات حرمة الندب على الميت.

الدليل الأوّل: التعهّد بعدم النوح عند مبايعة النبي|

«حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَن مُحَمَّدٍ، عَن أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَت: أَخَذَ عَلَينَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عِندَ البَيعَةِ أَن لاَ نَنُوحَ»[1011].

جاء هذا الدليل في كتاب المعتبر، وقد نسبه إلى كثيرٍ من أصحاب الحديث[1012].

الإشكال الأوّل على الدليل الأوّل

هذا الحديث لا علاقة له بالندب (تعداد محاسن الميت)، بل هو يتعلّق بالنوح، وقد مرّ أنّ النوح في اصطلاح أهل السنّة يعني البكاء، وليس بمعنى تعداد محاسن الميت. وبالتالي؛ لا علاقة لهذا الحديث بموضوعنا.

الإشكال الثاني على الدليل الأوّل

وإن فُرض أن يقول قائل: بأنّ هذه الرواية تتعلّق بالندب، ولكن حتّى في هذه الحالة يمكن أن نقول: بأنّ هذه الرواية تشير إلى النوح الذي يترافق مع الجزع والسخط، أو القول الباطل. كما أشار المعتبر إلى ذلك[1013]. وبتعبيرٍ آخر: يمكن أن نعتمد على قرينة الروايات المجوّزة، فنحمل هذه الرواية على الندب الذي يكون مع القول الباطل.

الدليل الثاني: السخط لقضاء الله

جاء هذا الدليل في كتاب كشاف القناع لمنصور ­بن­ ­يونس؛ حيث علّل تحريم الندب وتعداد محاسن الميت بقوله: «ذَلِكَ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ مِنْ الظَّالِمِ، وهُوَ عَدْلٌ مِنْ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ»[1014]. بمعنى أنّ الندب يُشبه تظلّم المظلوم من الظالم، وكأنّه طعن في تقدير الله وسخط عليه. ولقد نسب المعتبر هذا الدليل إلى أصحاب الحديث أيضاً[1015].

إشكال على الدليل الثاني

لقد أجاب المعتبر عن هذا الدليل كما يلي: «وأما قولهم: يشبه التسخط والاستعابة. فنحن نحرّم ذلك، لكن ليس كلّ النوح كذلك وإنّما نبيح منه ما يتضمّن ذكر خصائصه وفضائله وفواضله وحكاية التألّم بفقده، وهذا لا يتضمّن ما ذكروه»[1016].

وبتعبيرٍ آخر: إذا اشتمل الندب على الغضب بتقدير الله فهو حرام. ولكن ليس كلّ ندب هكذا، ففي كثير من الأحيان يشتمل الندب على ذكر محاسن الميت وفضائله، ولا يكون له علاقة بالغضب على تقدير الله.

 نتيجة البحث في النظرية الثانية

ذكرنا دليلين على النظرية الثانية ولكنّهما ضعيفان. وبالتالي؛ لادليل على تحريم الندب مطلقاً.

الدليل على النظرية الثالثة: التفصيل الأوّل ـ التفصيل بين الندب المهيّج للحزن وغيره ـ الأدلّة الناهية

جاء هذا التفصيل في كتاب إرشاد الساري للقسطلاني. حيث استدلّ على هذه النظرية بالأدلّة الناهية، لكنّه لم يقل ما هي الأدلّة الناهية التي يقصدها بالتحديد. ولكن يبدو أنّه قصد نفس الأدلّة التي مرّت في نظرية التحريم.

إشكال على الدليل

يلاحَظ على هذا الدليل: بأنّه ليس تامّاً؛ إذ لا توجد قرينة على حمل الأدلّة الناهية على هذا التفصيل.

 نتيجة البحث في النظرية الثالثة

لقد أقام أصحاب هذه النظرية (التفصيل الأوّل) دليلاً واحداً على مدّعاهم، وقد مرّ أنّه ليس تاماً.

الدليل على النظرية الرابعة: التفصيل الثاني ـ التفصيل بين الندب بالحقّ والندب بالباطل ـ  ثلاثة أدلّة

ذهب البعض إلى التفصيل بين الندب بالباطل والندب بالحقّ. ولقد ساقوا ثلاثة أدلّة على مدعاهم:

الدليل الأول: ندب السيّدة الزهراء

«أَخبَرَنَا إِسحَاقُ بنُ إِبرَاهِيمَ، قَالَ: أَنبَأَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعمَرٌ، عَن ثَابِتٍ، عَن أَنَسٍ، أَنَّ فَاطِمَة بَكَت عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حِينَ مَاتَ فَقَالَت: يَا أَبَتَاهُ! مِن رَبِّهِ مَا أَدنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ! إِلَى جِبرِيلَ نَنعَاه، يَا أَبَتَاهُ! جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأوَاهُ»[1017].

وجاء في الشرح الكبير[1018] والمغني[1019] أنّ أحمد بن حنبل استدلّ بفعل السيّدة الزهراء‘ قائلاً: «إذا ذكرت المرأة مثل ما حُكي عن فاطمة في مثل الدعاء لا يكون مثل النوح، يعني لا بأس به»[1020]. ويظهر من هذه العبارة أنّه قال بالتفصيل بين الندب بالحقّ ـ كندب السيدة الزهراء‘ ـ والندب الذي يشتمل على أقوال باطلة، فقال بجواز الأوّل وحرمة الثاني.

الدليل الثاني: ندب السيّدة الزهراء

«وَرُوِيَ عَن عَلِيّ عَن فَاطِمَةَ أنّهَا أخَذَت قَبضَةً مِن تُرَابِ قَبرِ النّبِي صلّى الله عليه وسلّم فَوَضَعَتهَا عَلَى عَينِهَا ثُمّ قَالَت: ...

صُبَّت عَلَيّ مَصَائبُ لَو أنّهَا

صُبَّت عَلَى الأيّامِ عُدنَ لَيَالِيَا»[1021].

لم نعثر على هذه الرواية في مصادر الحديث السنّية، ورغم ذلك فقد استدلّ بها ابن قدامة لإثبات ما ذهب إليه. ولعلّه لذلك لم يسندها، بل نقلها بقوله: «رُوِي».

الدليل الثالث: ندب ابن عمر

«قد رَثَى ابنُ عُمَرَ أَخَاهُ عَاصِماً... وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مِثلِهِ مِنَ المَرَاثِي...»[1022].

إشكال على دلالة الروايات الثلاث ـ الدليل أخصّ من المدّعى

إنّ فعل السيّدة الزهراء‘ وابن عمر دليلٌ على صحّة هكذا مراثي. ولكنّه كيف يدلّ على حرمة الرثاء والندب إذا اشتملا على أقوال باطلة؟

وبتعبيرٍ آخر: فإنّ هذا الدليل أخصّ من المدّعى؛ إذ قد يكون مطلق الندب جائزاً حتى الندب بالباطل، ولكنّهم ندبوا بالحقّ خاصّة.

نتيجة البحث في النظرية الرابعة

لقد ذكرنا ثلاثة أدلّة على النظرية الرابعة (التفصيل الثاني)، ولكن دلالتها ضعيفة؛ لأنّها أخصّ من المدّعى، وبالتالي؛ لا يوجد دليلٌ تامٌّ على النظرية الرابعة.

النتيجة النهائية للمصداق الثاني: الندب

ذكرنا أربع نظريات لحكم المصداق الثاني (الندب) ولقد مرّ أنّ نظرية الكراهة مجرّد دعوى لا دليل عليها. كما ذكرنا دليلين على نظرية التحريم وبيّنا ضعفهما. أمّا التفصيل الأوّل فذكرنا له دليلاً واحداً وقلنا: إنّه ليس تامّاً أيضاً. ثمّ تطرّقنا إلى النظرية الرابعةوأقمنا عليها ثلاثة أدلّة، وقلنا: إنّ هذه الأدلّة تُثبت جزءاً من المدّعى، وهو جواز الندب بالحقّ، ولكنّها لا تبثت حرمة الندب بالباطل. وعلى هذا؛ نقول: إنّ الندب على الموتى جائزٌ مطلقاً؛ وفقاً لأدلّة أهل السنّة والجماعة.

أدلّة المصداق الثالث: شقّ الثوب، واللطم، والخدش، وجزّ الشعر، و...

لعلماء السنّة نظريتان في حكم المصداق الثالث، وسنبحث كلّ واحدة منهما مستقلاً.

الدليل على النظرية الأُولى: كراهة هذه الأفعال ـ لا دليل عليها

لم يذكر القائلون بكراهة هذه الأفعال دليلاً على مذهبهم، ولعلّهم اعتمدوا على الأدلّة التي ستأتي في النظرية التالية. بمعنى أنّهم استفادوا الكراهة من هذه الأدلّة.

 نتيجة البحث في النظرية الأُولى

بما أنّ هذه النظرية ليست مصحوبة بدليل، فنعتبرها مجرّد دعوى لا دليل عليها.

الدليل على النظرية الثانية: تحريم هذه الأفعال ـ خمسة أدلّة

إنّ القائلين بتحريم هذه الأفعال استدلّوا بخمسة أدلّة لإثبات الحرمة:

الدليل الأول: ليس منّا مَن قام بهذه الأفعال

«حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيمٍ، حَدَّثَنَا سُفيَانُ، حَدَّثَنَا زُبَيدٌ اليَامِيُّ، عَن إِبرَاهِيمَ، عَن مَسرُوقٍ، عَن عَبدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: لَيسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ»[1023].

واستدلّ بها ابن قدامة في الشرح الكبير، وقال: إنّها روايةٌ متّفقٌ عليها[1024]. كما جاء التصريح بذلك في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة[1025]، وموسوعة الفقه الإسلامي[1026].

الدليل الثاني: براءة رسول الله| ممَّن قام بهذه الأُمور

«وَقَالَ الحَكَمُ بنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا يَحيَى بنُ حَمزَةَ، عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ جَابِرٍ: أَنَّ القَاسِمَ بنَ مُخَيمِرَةَ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُردَةَ بنُ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعاً شَدِيداً، فَغُشِيَ عَلَيهِ... فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّن بَرِئَ مِنهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ»[1027].

قال مصطفى ديب البغا ـ في تحقيقه للبخاري تعليقاً على ذيل هذه الرواية ـ: «الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة... الحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة... الشاقّة التي تشقّ ثيابها عند المصيبة»[1028].

الدليل الثالث: أخذ النبي| العهد بعدم القيام بهذه الأفعال

«حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُمَيدُ بنُ الأَسوَدِ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ ـ عَامِلٌ لِعُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَلَى الرَّبَذَةِ ـ حَدَّثَنِي أَسِيدُ بنُ أَبِي أَسِيدٍ، عَنِ امرَأَةٍ مِنَ المُبَايِعَاتِ، قَالَت: كَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي المَعرُوفِ الَّذِي أَخَذَ عَلَينَا أَن لاَ نَعصِيَهُ فِيهِ: أَن لاَ نَخمُشَ وَجهاً، ولاَ نَدعُوَ وَيلاً، ولاَ نَشُقَّ جَيباً، وأَن لاَ نَنشُرَ شَعراً»[1029].

ولقد استدلّ بهذه الرواية في موسوعة الفقه الإسلامي[1030].

الدليل الرابع: السخط لقضاء الله

استدلّ به عبد الرحمن بن قدامة على تحريم هذه الأُمور؛ حيث قال في مقام التعليل للحرمة: «لأنّ ذلك يُشبه التظلّم، والاستغاثة، والتسخّط بقضاء الله»[1031].

إشكالٌ على الدليل الرابع

لا تلازم بين التظلّم وهذه الأُمور، فقد يقوم شخصٌ بهذه الأعمال لشعوره بالحزن والحنين، دون أن يقصد بها التظلمّ والسخط لقضاء الله. إذن؛ القيام بهذه الأعمال لا يعني بالضرورة أنّ الشخص يتظلّم حتّى يكون فعله محرّماً.

وبتعبيرٍ آخر: إنّ السبب الحقيقي لهذه الأعمال هو الحزن على فقد الأقرباء والأحبّة، وليس السخط لقضاء الله. وهذا نظير البكاء على فراق الأصحاب؛ حيث إنّه بسبب الحزن على فقدهم وليس الغضب لقضاء الله.

الدليل الخامس: تضييع المال

هذا دليلٌ آخر تمسّك به عبد الرحمن بن قدامة لإثبات تحريم شقّ الثوب؛ حيث قال: إنّ شقّ الجيوب إفساد المال من دون مسوّغٍ لذلك[1032].

إشكال على الدليل الخامس

يرد عليه نفس الإشكال الذي مرّ في أدلّة الشيعة[1033]: من أنّه إذا كان شقّ الثوب لغرض عقلائي فليس من التبذير الحرام.

نتيجة البحث في النظرية الثانية

ذكرنا خمسة أدلّة للنظرية الثانية (التحريم)، وقلنا: إنّ الدليلين الأخيرين ضعيفان. أمّا بقية الأدلّة فهي صحيحة وفق مباني أهل السنّة، وتدلّ على حرمة هذه الأُمور.

النتيجة النهائية للمصداق الثالث: شقّ الثوب واللطم والخدش وجزّ الشعر

لقد ذكرنا نظريتين في حكم المصداق الثالث. أمّا نظرية الكراهة، فهي مجرّد دعوى لا دليل عليها. وأمّا نظرية التحريم، فقد ساق علماء السنّة خمسة أدلّة لإثباتها، وقد بيّنا ضعف اثنين منها، فتبقى ثلاثة أدلّة صحيحة. وبناءً على هذا؛ فإنّ إقامة العزاء بشقّ الثوب، واللطم، والخدش، وجزّ الشعر، حرامٌ وفق مباني أهل السنّة.

النتيجة الكلية للفصل الثاني

 أدلّة أهل السنّة

على ضوء الأدلّة التي ساقها أهل السنّة يتّضح أنّ إقامة العزاء على الميت جائزٌ بحدّ ذاته، إذا كان بطريقة البكاء والندب. نعم، صحيحٌ أنّهم لا يجوّزون بعض مصاديق العزاء ـ كشقّ الثوب، واللطم، والخدش، وما شابهها ـ ولكنّه لا يُخلُّ بأصل جواز إقامة العزاء بصورةٍ كبرى كلية، وعلى هذا؛ يمكن أن نقول: يجوز إقامة العزاء على الميت وفق وجهة نظر أهل السنّة والجماعة.

وبالتالي؛ فإنّ نظرية الوهابية القائمة على تحريم العزاء على الميت لا تستند إلى دليل، ولا يمكن إثباتها بالأدلّة المعتبرة لدى أهل السنّة.


القسم الرّابع الردّ على شبهات العزاء


 الفصل الأول

الردّ على شبهات من داخل الأوساط الشيعية

هناك شبهات حول العزاء يمكن أن يثيرها مَن ينتمي إلى التشيّع، وفي هذا القسم سنكتفي بذكر أربع شبهات، ومن ثمّ نردّ عليها:

الشبهة الأُولى: إقامة العزاء مخالفة لآيات الصبر في القرآن الكريم ـ آيتان

 قد يُلاحظ على جواز إقامة العزاء بأنّه يتنافى مع الصبر الذي أمرت به الشريعة الإسلامية المقدّسة؛ فإنّ الآيات القرآنية الشريفة أمرتنا بالصبر، بينما يدلّ العزاء بمختلف مصاديقه على الجزع وعدم الصبر.

الآية الأُولى: بشارة الصابرين

 ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )[1034].

الآية الثانية: الصبر الجميل

 (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) [1035].

الردّ على الشبهة الأُولى: ثلاثة أجوبة

هناك ثلاثة أجوبة للردّ على الشبهة الأُولى (جوابٌ نقضيّ، وجوابان حلّيان)

الجواب الأوّل: الجواب النقضي

الصغرى: إذا كان هناك تعارض بين إقامة العزاء والصبر فيلزم من ذلك أن يكون سيّدنا يعقوب× قد ارتكب فعلاً قبيحاً؛ حيث إنّه بكى في فراق سيّدنا يوسف×، كما جاء في القرآن الكريم. بل يلزم قبح بكاء رسول الله|، فقد بكى على الإمام الحسين× كما جاء في رواياتٍ كثيرة.

الكبرى: اللازم باطل، أي: لا شكّ في أنّ سيدنا يعقوب× والنبي الأكرم| كانا من الصابرين، ولم يكن فعلهما قبيحاً.

النتيجة: فالملزوم مثله في البطلان، فلا تعارض بين الصبر وإقامة العزاء.

الجواب الثاني: الجواب الحلّي الأوّل

إنّ الصبر في هذه الآيات الشريفة يعني التسليم لقضاء الله، والاعتقاد بأنّ المصيبة من قضاء الله وقدره، وهذا لا يتنافى مع إقامة العزاء والبكاء على الميّت.

وبتعبيرٍ آخر: فإنّ صاحب المصيبة يبكي ويقيم العزاء على أقربائه شفقةً وحزناً على فراقهم، ولكنّه في نفس الوقت يرضي بأمر الله ويسلّم لقضائه. ويؤيّده ما رُوي عن رسول الله|، حيث قال في مصيبة ابنه إبراهيم: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، ولَا نَقُولُ‏ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ، وإِنَّا بِكَ ـ يَا إِبْرَاهِيمُ ـ لَمَحْزُونُونَ...»[1036].

الجواب الثالث: الجواب الحلّي الثاني

لو افترضنا أنّ الصبر يتنافى مع إقامة العزاء، فيمكن أن نقول: إنّ أدلّة الصبر تقيّد بغير مصائب أهل البيت من باب حمل المطلق على المقيّد؛ وذلك لأنّ هناك أدلّة قطعية على جواز إقامة العزاء على أهل البيت^ (كما سبق في القسم الثاني من الكتاب)، وآيات الصبر مطلقة، وبالتالي؛ فإنّها تُقيّد بتلك الأدلّة القطعية. وقد ثبت في علم الأُصول أنّ تقييد القرآن بالسنّة القطعية صحيحٌ ولا إشكال فيه[1037].

الشبهة الثانية: إقامة العزاء إيذاءٌ للجسم، وإضرارٌ بالنفس

من جملة الإشكالات الموجّهة إلى إقامة العزاء أنّ بعض أساليب العزاء تؤدّي إلى الإضرار بالجسم؛ وهذا حرامٌ. ولذلك؛ حتّى إذا كان العزاء جائزاً بالعنوان الأوَّلي فإنّ بعض أساليبه حرام بالعنوان الثانوي.

الردّ على الشبهة الثانية: ثلاثة أجوبة

يمكن أن نردّ على هذه الشبهة بثلاثة أجوبة أيضاً:

الجواب الأوّل: عدم شمول أدلّة نفي الضرر  ـ أربعة شواهد

مقدّمة: الضرر عرفاً هو أن يفقد الإنسان شيئاً من دون أن يحصل على مقابل. كأن يقوم بتجارة ويفقد أمواله ولا يحصل على ربحٍ مقابل فقدان تلك الأموال، وهذا ما ينطبق عليه عنوان الضرر عرفاً. ولكن إذا فقد الإنسان شيئاً وحصل في المقابل على شيءٍ أفضل فلا يُسمّى ذلك ضرراً في العرف، ومثال ذلك: الحجامة، فهي بالنظرة الأُولى ضرر؛ لأنّها عبارة عن أخذ الدم من الجسم، ولكن لا يصدق عليها عنوان الضرر؛ لأنّها تفيد صحّة الجسم. وكذلك الجهاد في سبيل الله؛ حيث إنّه قد يعرّض الإنسان للموت أو أضرار جسمية أُخرى. ولكن بما أنّ المجاهد يحصل في المقابل على أجر دنيوي وأُخروي فلا يصدق عليه عنوان الضرر. وقد صرّح المحقّق النراقي بهذه النقطة في عوائد الأيّام؛ حيث قال: «والنفع والعوض أعم من أن يكون دينياً أو دنيوياً، في الآخرة أو الدنيا»[1038].

وهناك شواهد كثيرة تؤيّد هذا المدعى:

الشاهد الأوّل: جواز التضرّر في سبيل الدفاع عن النفس والمال

هناك أدلّة على جواز أو رجحان أو وجوب الدفاع عن المال والعرض والنفس. ومنها هذه الرواية عن النبي الأكرم| حيث قال: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهِيد»[1039].

ولم يشكّك أحدٌ من الفقهاء في جواز أو وجوب هكذا دفاع، رغم أنّه يُحتمل قتل الشخص، أو أضرار جسمية أُخرى[1040].

 إذن؛ يجوز للإنسان أن يعرّض نفسه للخطر من أجل حفظ المال وأن لا يخضع للظلم، وإن تعرّض للموت أو لأضرار جسمية أُخرى، ويُعتبر ذلك نوعاً من النهي عن المنكر. فكيف إذا كان الشخص في مقام حفظ شعائر الدين والدفاع عنها لبقاء الدين والمذهب؟! لا شكّ في أنّه يجوز بطريقٍ أوْلى، ولا يمنع عنه ترتّب الضرر عليه.

الشاهد الثاني: بكاء النبيّ يعقوب × وفقدان البصر

 (وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) [1041].

تقريب الاستدلال: تدلّ هذه الآية على أنّ النبيّ يعقوب× حزن على فراق النبيّ يوسف× وبكى كثيراً، إلى درجة أنّه فقد بصره وهو من أهمّ أعضاء جسم الإنسان. ولعلّ النبيّ يعقوب× كان يعلم أنّ البكاء بهذه الطريقة يؤدّي إلى فقدان بصره، ولكنّه لم يكفف عن البكاء واستمرّ في ذلك، إلى درجة أنّه عرّض حياته للخطر، وقد حذّره أبناؤه من خطرٍ كهذا: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) [1042].

فالبكاء بهذه الطريقة لا ينقص من منزلة النبيّ يعقوب×؛ لأنّه بكى على فقدان يوسف×، وهو ذو منزلة رفيعة عند الله، وفراق مثله يستحقّ هذا الحزن، بل إنّ الله أثنى على يعقوب× وذكر قصّته؛ ليكون عبرةً للآخرين: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [1043].

فإذن؛ هذه الآية تدلّ على جواز إقامة العزاء على أولياء الله، وإن أدّى إلى الضرر (فقدان البصر)، وهذا الضرر لا يضرّ بمقام نبوة يعقوب×؛ بل يترتّب الثواب عليه؛ لأنّ ما فات عنه ويقيم العزاء لأجله كان أمراً عظيماً موجعاً مستحقّاً للعزاء.

ونفس هذا الكلام يجري في إقامة العزاء على الأئمّة^ أيضاً، لا سيّما الإمام الحسين×؛ إذ لا شكّ في أنّهم أفضل وأجلّ منه منزلة وشأناً. وعلى هذا؛ فإنّ هذه الآية تدلّ على جواز الإضرار بالجسم في مصائب الأولياء.           

إشكال:

إنّ الآية المذكورة تدلّ على حكمٍ يختصّ بالأُمم السابقة، ولا شكّ في أنّ بعض أحكام الشرائع السابقة نُسخت بعد ظهور الشريعة الإسلامية. فلا يصحّ ـ حينئذٍ ـ إسراء هذا الحكم إلى الشريعة الإسلامية.

الجواب:

هذا البحث متوقّف على مسألة أُصولية طُرحت من قِبَل الفقهاء والأُصوليين، وهي: هل أحكام الشرائع السابقة حجّة للشريعة الإسلامية أم لا؟ وقد اختلف الأُصوليون في هذه المسألة، فقد قال البعض بنسخ جميع أحكام الشرائع السابقة بظهور الشريعة الإسلامية، بينما قال فريقٌ آخر  بنسخ بعض من أحكام الشرائع السابقة. وبناءً على النظرية الثانية؛ إذا شككنا في حكمٍ خاصٍّ هل نُسخ أم لا؟ فهناك رأيان للعلماء، فقد ذهب البعض إلى إجراء استصحاب عدم النسخ، بينما استشكل بعضٌ آخر على هذا الاستصحاب، ورفضوا إجراءه هنا. وبناءً على إجراء الاستصحاب؛ فيصحّ الاستدلال بهذه الآية في بحثنا.

الشاهد الثالث: بكاء الإمام السجّاد × وتعرّضه لتلف النفس

بكى الإمام السجّاد× في مصيبة أبيه المظلوم إلى درجة أنّه كاد يُقبض من شدّة البكاء؛ وهذا يعني أنّه تعرّض لتلف النفس. ولقد أشارت الروايات إلى هذا الأمر: «فِي الخِصَالِ: عَن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، عَنِ الصَّفَّارِ، عَنِ‏ العَبَّاسِ بنِ مَعرُوفٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ سَهلٍ البَحرَانِيِّ، يَرفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبدِ اللهِ× قَالَ: البَكَّاءُونَ خَمسَةٌ: آدَمُ، وَيَعقُوبُ، وَيُوسُفُ، وَفَاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بنُ الحُسَينِ^... وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ÷ فَبَكَى... عَلَى الحُسَينِ×... ‏حَتَّى قَالَ لَهُ مَولىً لَهُ: جُعِلتُ فِدَاكَ! إِنِّي أَخَافُ عَلَيكَ أَن تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ. قَالَ: إِنَّما أَشكُوا بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللهِ، وَأَعلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعلَمُونَ، إِنِّي لَم أَذكُرمَصرَعَ بَنِي فَاطِمَةَ إِلَّاخَنَقَتنِي لِذَلِكَ عَبرَةٌ»[1044].

وعلى هذا؛ نستنتج أنّ أدلّة الضرر لا تشمل فعل الإمام السجّاد×، رغم أنّه فعلٌ ضرري.

الشاهد الرابع: وفاة همّام بعد سماع أوصاف المتقين من أمير المؤمنين ×

عندما سمع همّام صفات المتقين من أمير المؤمنين صعِقَ صعقةً وفارق الحياة، فقال الإمام×: «هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا»[1045]. لقد كان الإمام× يعلم أنّ حياة همام تتعرّض للخطر في مثل هذا الموقف؛ ولذلك فقد امتنع عن ذكر صفات المتقين في بداية الأمر، ولم يجب عن سؤاله. لكن هماماً أصرّ على ذلك، فأجابه الإمام× ووصف له المتقين؛ حتّى صعق همام وفارق الحياة.

تدلّ هذه الشواهد على أنّ أدلّة نفي الضرر لا تشمل ما إذا تضرّر الإنسان في سبيل تحقيق أُمورٍ مستحسنة في الشرع.

ونقول ـ على ضوء هذه المقدّمة ـ: إنّ الحزن الشديد والبكاء الطويل قد يؤدّيان إلى فقدان البصر. وهذا يُعدّ ضرراً في النظرة الأُولى، ولكنّهما قد يتّصفان بالرجحان ويخرجان من عنوان الضرر، وكذلك الأمر فيما يتعلّق بإقامة العزاء على سيّد الشهداء×؛ حيث إنّ هناك روايات كثيرة تدلّ على ثوابها الأُخروي، وقد ذكرنا بعضها في مبحث إقامة العزاء على المعصوم. وعلى هذا؛ لا يتضرّر الذين يقيمون العزاء على الإمام الحسين×. وبتعبيرٍ آخر: صحيحٌ أنّ إقامة العزاء تبدو في بادئ الأمر وكأنّها تشكّل ضرراً لمن يقيم العزاء، ولكنّه في المقابل يحصل على أجرٍ كبير، ويبلغ منزلةً رفيعة. وعلى هذا؛ فلا يصدق عليه عنوان الضرر.

الجواب الثاني: عدم دلالة أدلّة لا ضرر على التحريم

حتّى إذا قلنا: إنّ عنوان الضرر يصدق على بعض مصاديق العزاء وتشملها أدلّة لا ضرر أيضاً، فمع ذلك لا تدلّ أدلّة لا ضرر على تحريمها.

مقدّمة: هناك أربع نظريات أساسية بين الفقهاء حول مفاد أدلّة لا ضرر:

النظرية الأُولى: للشيخ الأنصاري  ـ نفي الحكم

يعتقد الشيخ الأنصاري بأنّ أدلّة لا ضرر تفيد نفي الحكم الضرري. أي: ينفى الحكم الذي ينشأ منه الضرر[1046].

النظرية الثانية: للآخوند الخراساني  ـ نفي الحكم بلسان نفي الموضوع

يرى الآخوند أنّ نفي أدلّة لا ضرر من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع. والقصد منه التأكيد على أنّه لا حكم للموضوع الضرري[1047].

النظرية الثالثة: لشيخ الشريعة  ـ النفي يعني النهي التحريمي

يعتقد شيخ الشريعة بأنّ النفي في أدلّة لا ضرر يعني النهي التحريمي[1048].

النظرية الرابعة: للإمام الخميني  ـ النفي يعني النهي الحكومي

ذهب الإمام الخميني بأنّ النفي في أدلّة لا ضرر بمعنى النهي، ولكنّه ليس بمعنى النهي الإلَهي ـ كالنهي عن الغصب والكذب ـ بل يعني النهي المولوي والسلطاني الذي صدر عن رسول الله| بصفته حاكماً وسلطاناً[1049].

على ضوء هذه المقدّمة؛ يتضح أنّ ما يؤدّي إلى الضرر من أساليب إقامة العزاء، لا يحرم إلّا حسب النظرية الثالثة (مذهب شيخ الشريعة)، وقد ثبت في علم الأُصول أنّ مذهب شيخ الشريعة ليس صحيحاً[1050].

تنبيهٌ: حتّى لو قال قائل: بأنّ أدلّة لا ضرر تدلّ على التحريم فليس كلّ ضرر محرّماً. وإلّا يلزم منه أن يحرم كثير من الأطعمة؛ لأنّه يضرّ بالجسم. إذن؛ المقصود بالضرر هو الضرر المعتدّ به وليس كلّ ضرر. كما أنّ أدلّة لا ضرر تخصّص بالأدلّة التي تثبت جواز اللطم وغيره من أساليب العزاء التي تضرّ بالجسم. وبالتالي؛ نستنتج أنّ الإضرار بالجسم حرامٌ بحدّ ذاته، ولكن لا بأس في ذلك إن كان في مصيبة أهل البيت والأئمّة الطاهرين^.

الجواب الثالث: تزاحم أدلة حرمة الإضرار مع أدلة إقامة العزاء وأولوية الثانية

حتّى لو فرضنا أنّ عنوان الضرر يصدق على إقامة العزاء وأدلّة حرمة الإضرار تشملها، وأنّ دلالة هذه الأدلّة على الحرمة تامّة، فمع ذلك يمكن أن نقول: إنّ أدلّة حرمة الإضرار تتزاحم مع أدلّة الأُمور التي تُعرِّض الإنسان للضرر؛ وعندئذٍ يقدّم الأهمّ، ولا شكّ أنّ ملاك إقامة شعائر الدين أقوى إلى درجةٍ لا يمنع عنها ضررٌ شخصيّ مهما كان. فهناك أدلّة وشواهد كثيرة على الأهمّية القصوى لشعائر الدين، ولقد مرّ الكلام عنها في مبحث الشعائر[1051]. كما أنّ هناك أحاديث كثيرة حول إقامة العزاء على الإمام الحسين× بشتّى الأساليب، ولها مصاديقٌ مختلفة، يحمل البعض منها عنوان الضرر مثل لطم الوجه، والصياح، وقرح الجفون، و... وقد يؤدّي البعض منها إلى الإضرار بالنفس، ورغم ذلك فقد وردت روايات كثيرة في جوازها.

وعلى هذا؛ فإنّ إقامة العزاء على المعصومين^ جائزٌ، وإن أدّى إلى الضرر بالنفس. كما صرّح بذلك كثيرٌ من الفقهاء والمحقّقين.

فتاوى بعض الفقهاء حول الإضرار بالجسم عند إقامة العزاء

قال المحقّق النائيني ردّاً على استفتاء أهل البصرة: «لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حدّ الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحدّ المذكور، بل وإن أدّى كلّ من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأمّا إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان من مجرّد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها...»[1052].

وقد أجاب آل ياسين على نفس الاستفتاء السابق بقوله: «ولا فرق في اللطم المندوب إليه عموماً وخصوصاً بين أن يكون بالأكف على الخدود أو الصدور أو سلاسل الحديد على الظهور... ولا فرق أيضاً في اللطم المندوب بين أن يكون بهدوء وسكينة أو بعنف وشدّة، بل يجوز وإن بلغ حدّ الاحمرار والاسوداد قطعاً، بل وإن أوجب انبعاث شيء من الدم أيضاً، بل وإن أدّى إلى الإغماء أحياناً أو تقرّح موقع الدم قليلاً بنحوٍ يُتحمّل...»[1053].

وقال المامقاني: «لا ينبغي الشبهة في جواز الأُمور المذكورة في السؤال، بل وإدماء الرأس بالسيف...»[1054].

وقال المحقّق الأصفهاني: «ليس في شيء من تلك الأعمال المعمولة في المواكب العزائية دليل قوي على حرمته، حتّى الضرب بالقامات ما لم يؤدِّ إلى تلف النفس وشبهه... فالأقوى جوازها جميعاً، بل رجحانها...»[1055].

 الشبهة الثالثة: إقامة العزاء تؤدّي إلى إهانة وإذلال وتضعيف المذهب

من جملة الانتقادات الموجّهة إلى بعض أساليب العزاء هي أنّها تؤدّي إلى إهانة وإذلال وتضعيف المذهب الحقّ، وتُعرّضه لاستهزاء الآخرين. وبتعبيرٍ آخر: فإنّ بعض مصاديق إقامة العزاء تؤدّي إلى تشويه التشيّع في نظرة شعوب العالم وإهانته. وعندما يشاهد غير المسلمين وحتّى بعض المسلمين مشاهد إقامة العزاء بهذه الأساليب يتنفّرون من المذهب الحقّ، ويحملون انطباعاً سلبياً عنه. ونتيجة لذلك؛ فإنّ الشعائر التي من المفترض أن تُساهم في ترويج الدين والدعوة إلى المذهب الحقّ، تمنع عن انتشار الدين ونشر معارفه، بل تشوّهه وتؤدّي إلى إهانته وإذلاله وتضعيفه. وعلى هذا؛ يحرم هذا النوع من العزاء بالعنوان الثانوي؛ لأنّه يضرّ بأصل الدين.

الرد على الشبهة الثالثة: جواب واحد

سنردّ على هذه الشبهة بجوابٍ واحدٍ فقط:

أنواع الاستهزاء: ثلاثة أنواع

إنّ الاستهزاء ليس بالضرورة ملازماً مع الهتك والتوهين، أي: لا يمكن القول بأنّ كلّ سخرية واستهزاء يكون سبباً لتضعيف المذهب ودليل على وهنه؛ فإنّ المستهزئ إذا أراد أن يسخر من شيء، فإنّه يكرهه أولا ويستهجنه، ثمّ يبدأ الاستهزاء به. وهذا التصرّف قد يكون نتيجة لأحد الأُمور التالية:

النوع الأول: الاستهزاء نتيجة لخلو الشخص من مكارم الأخلاق

قد ينشأ الاستهزاء من عدم الأدب والأخلاق والثقافة، كالمشركين الذين ظلّوا يسخرون من المسلمين على مدى التأريخ، بسبب قيامهم بالفرائض الدينية، ومن الواضح أنّ استهزاء هؤلاء لا يدلّ على وجود وهنٍ أو انحراف، ولا يستلزم الهتك والتوهين، ولا ينبغي أبداً أن يؤثّر في الإنسان. بل يجب على الإنسان أن يمضي في طريقه بعزيمةٍ أقوى وجدّية أكثر، وأن لا يخشى في ذلك لومة لائم، ولا يتأثّر باستهزاء الآخرين.

النوع الثاني: الاستهزاء نتيجة لاختلاف الأعراف

قد ينشأ الاستهزاء من اختلاف الأعراف ووجهات النظر، فقد يكون العمل الواحد جميلاً ومستحسناً في وجهة نظر شخص، بينما يكون نفس العمل قبيحاً ومستهجناً من وجهة نظر شخصٍ آخر. وقد يكون هناك أمرٌ يتقبّله أحد المجتمعات كسلوك شائع وشعيرة من شعائره، ولكن بقية المجتمعات تحمل انطباعاً خاطئاً عنه؛ بسبب عدم معرفة العادات والتقاليد السائدة في ذلك المجتمع، وبالتالي تسخر منه. ومن الواضح أنّ هذا النوع من الاستهزاء والاستهجان لا يستلزم هتك المذهب وتوهينه، ولا يمنع عن القيام بتلك الشعيرة.

النوع الثالث: الاستهزاء نتيجة لأسباب حقيقة

قد يكون قبح الفعل ذاتياً وحقيقياً، ويتحوّل هذا الفعل رغم قبحه إلى شعيرة من شعائر أحد المذاهب. فحينئذٍ يؤدّي استهجان الآخرين واستهزاؤهم إلى هتك ذلك المذهب وتوهينه.

وعلى ضوء هذا التقسيم؛ يمكن أن نقول: إنّ النوع الثالث من الاستهزاء هو وحده يؤدّي إلى توهين المذهب واستهجانه.أمّا النوعان الآخران، فلا يترتّب عليهما توهين المذهب، وعادةً يكون الاستهزاء من النوعين الأوّل والثاني. أمّا فيما يتعلّق بإقامة العزاء على الإمام الحسين× وسائر أهل البيت^؛ فإنّ الاستهزاء به ناجم عن السببين الأوّل والثاني؛ وذلك لأنّ حقيقة العزاء ليست قبيحة. وعلى هذا؛ لا ينبغي التخلّي عن إقامة العزاء بسبب استهزاء الآخرين؛ حيث إنّ استهزاءهم ناتجٌ عن عدم فهم هذه الشعائر بشكلٍ صحيح. كما أنّ أتباع سائر الديانات والمذاهب لا يتخلّون عن طقوسهم التي قد تبدو باطلة وتافهة في نظرتنا.

التنبيه الأوّل: إذا أردنا دعوة الآخرين إلى المذهب الحقّ فلا بدّ من توظيف الطرق الصحيحة التي تكون على قدر عقولهم وتجتذبهم، كحسن الخلق، والوفاء بالعهد والأمانة، والصدق و... ولكن هذا لا يعني التخلّي عن شعائرنا؛ لأنّ كثيراً من الشعائر وضعت ليمارسها المسلمون داخل البيئة الإسلامية وفي أوساط المؤمنين، والهدف منها تعزيز وحفظ الهوية الإلهية والملكوتية للمؤمنين. ولذلك نرى أنّ الذين يبتعدون عن أجواء المساجد ومجالس العزاء والنعي ومناجاة الأسحار و... يفقدون مشاعرهم الإيمانية شيئاً فشيئاً، وتضعف صلتهم بالدين. لذلك؛ فقد أمر الإسلام بحفظ شعائر الدين وإقامتها، ولم يكتفِ بذلك، بل أمر بتعظيم هذه ­الشعائر أيضاً.

وبالتالي؛ لا ينبغي أن يؤدّي الخوف من استهزاء الآخرين وإساءتهم إلى القضاء على شعائر الدين وطمسها، فهو ذنبٌ لا يُغتفر؛ لأنّه سيقضي على الهوية الإيمانية لدى الناس، ويخلّ بمعتقداتهم. وبتعبيرٍ آخر: فإنّ تعطيل بعض الشعائر خاصّة الشعائر الحسينية في إقامة العزاء وتهميشها بحجّة إهانة وإذلال وتضعيف المذهب، هو في الحقيقة هدم لأصل المذهب.

التنبيه الثاني: إذا كان هناك مجتهدٌ فقيهٌ جامعٌ للشرائط وكان أعلم بمصالح الإسلام، وأشفق عليه من غيره، واعتبر هذا الفقيه أنّ بعض أساليب العزاء من النوع الثالث الذي له قبح ذاتي، واعتبره إهانةً وتضعيفاً لمذهب التشيّع، وحرّمه من باب الحكم الثانوي؛ فيجب على المعزيّن والموالين اتِّباعه والتخلّي عن تلك الأساليب.

الشبهة الرابعة: كراهة لبس السواد في العزاء

لقد وردت روايات كثيرة في النهي عن لبس السواد، إلى درجة أنّ صاحب الوسائل أفرد باباً مستقلاً له، وروى فيه قرابة عشر روايات[1056].فكيف يمكن الجمع بين هذه الروايات والقول بجواز لبس السواد في عزاء أهل البيت^؟

بعبارة أُخرى: وردت روايات في لباس المصلّي ومضمونها أنّ اللباس الأسود لباس الأعداء وأهل النار والعبّاسيين؛ ولذلك فقد قال أكثر الفقهاء: بأنّ لبس السواد مكروه لا سيّما في الصلاة. وبالتالي؛ تدلّ هذه الروايات على أنّ إقامة العزاء بلبس السواد أمرٌ مكروهٌ ومرجوح.

الردّ على الشبهة الرابعة: أربعة أجوبة

يمكن أن نقدّم أربعة أجوبة للردّ على الشبهة الرابعة:

الجواب الأوّل: السيرة العملية لأهل البيت ^

إذا تتبّعنا سيرة أهل البيت^ومَن يتعلّق بهم نجد أنّهم لبسوا السواد تعبيراً عن حزنهم؛ ولإقامة العزاء على موتاهم، فقد اعتُبر لبس السواد في نظرتهم نوعاً من إقامة العزاء، وهناك روايات كثيرة تدلّ على هذا الأمر، وقد مرّت في المباحث السابقة[1057]، مثل موثقة عمر ­بن ­علي[1058]، ورواية ابن أبي الحديد[1059].

وبناءً على هذه الروايات؛ يستحبّ لبس السواد على الميّت.

الجواب الثاني: عدم شمول أدلة الكراهة

حتّى لو فرضنا أنّ هناك روايات في كراهة لبس السواد، وأنّه لا يوجد في سيرة أهل البيت^ ما يؤيّد لبس السواد، فمع ذلك يمكن أن نقدّم جواباً آخر ونقول: إنّ الكراهة التي تفيدها هذه الرويات تشمل ما إذا لبس السواد بعنوان اللبس، ولكن إذا لبس السواد للتعبير عن الحزن، ولإظهار شعائر العزاء فلا تشمله روايات الكراهة؛ ولذلك فقد قال كثير من العلماء المحقّقين: «لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين× من هذه الأخبار؛ لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان»[1060]. نظير الملابس المهنية وسترات العمل الخاصة التي يرتديها أصحاب الوظائف المختلفة، ومنها زي الشرطة، وهذه الملابس ليست لباساً عادياً، بل إنّها شعار ورمز يشير إلى انتماء الشخص إلى وظيفة معيّنة.

الجواب الثالث: النهي إرشادي

إنّ التتبّع والدقّة في الروايات الواردة في هذا الباب يوضّح لنا أنّ النهي عن لبس السواد ليس نهياً تعبّدياً؛ حيث إنّها نهت عن التشبّه بفرعون، وأهل النار، والعبّاسيين، (وقد ورد في الروايات أنهّم اتخذوا السواد لباساً لهم). وعلى هذا؛ فقد تعلّق النهي بالتشبّه والتشبّه أمرٌ قصديّ، فإذا لبس السواد وقصد بذلك أن يتشبّه بهم فهو أمرٌ مرجوح، ولكن إذا لم يقصد التشبّه ـ بل أراد التعبير عن الحزن والعزاء ـ فيصبح لبس السواد راجحاً.

الجواب الرابع: عدم تنافي الكراهة مع الجواز بالمعنى الأعم

حتّى لو فرضنا أنّ لبس السواد مكروه، والنهي عنه تعبّدي فإنّه لا يضرّ بالمدّعى؛ لأنّ البحث في جواز إقامة العزاء بلبس السواد والقول بالكراهة لا يخلّ بالجواز. وبتعبيرٍ آخر: حتّى إذا قلنا بكراهة لبس السواد، فهذا لا يعني أن إقامة العزاء بلبس السواد حرام.

الفصل الثاني

الردّ على شبهات من خارج الأوساط الشيعية

سنذكر في هذا القسم بعض الشبهات التي تُثار من قِبل سائر المذاهب، ومن ثمّ نردّ عليها. وسنكتفي في هذا الباب بأربع شبهات:

الشبهة الأُولى: الروايات الناهية عن البكاء

 رغم أنّ الأصل في البكاء على الموتى هو الإباحة ولم يرد في الشريعة ما ينهى عنه. ولكن يوجد من الوهابية مَن يتمسّك ببعض الروايات؛ ليثبت أنّ البكاء على الموتى أمر مرفوض في الدين وهي الروايات التي تدلّ على أنّ الميّت يُعذَّب ببكاء أهله عليه[1061]، قد تقدّمت هذه الروايات محلّها في القسم الثالث من هذا الكتاب[1062].

الردّ على الشبهة الأولى: جواب واحد

لقد أجبنا عن هذه الشبهة في القسم الثالث من هذا الكتاب[1063]، وخلاصة الجواب كما يلي: فمن جهةٍ هناك روايات كثيرة تصرّح بجواز البكاء، والمصادر التاريخية والحديثية الشيعية والسنية تزخر بأقوال وأفعال وتقريرات الرسول الأكرم| في هذه المسألة، وكلّها تدلّ على جواز البكاء على الميّت، ومنها الروايات التي تحكي بكاء رسول الله| على سيّد الشهداء×، وجعفر، وزيد، وابن رواحة، وحمزة. ومن جهةٍ أُخرى؛ فإنّ الروايات التي زُعِم أنّها تدلّ على حرمة البكاء لا تخلو من بعض الإشكالات، وقد بيّنا هذه الإشكالات بالتفصيل. وعلى هذا؛ فإنّ الروايات التي توهم البعض أنّها تنهى عن البكاء تواجه مشكلات عديدة، ولا تستطيع أن تعارض الروايات المجوّزة؛ ولذلك فلا بدّ من تركها. الشبهة الثانية: البكاء كفرٌ وبدعة

 وهذا ما ادّعاه ابن تيمية الحرّاني؛ حيث تطرق إلى ثورة الإمام الحسين×، وقال: «فليعلم المسلمون أنّ البكاء على الحسين بعقيدة أنّه قُتِل مظلوماً وعدواناً لغو، بل كفر؛ ويوجب الخروج عن الإسلام..».

وقال أيضاً: «وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن، والنوح يوم عاشوراء... بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرّمه الله ورسوله، وكذلك بدعة السرور والفرح»[1064].

فاعتبر ابن تيمية في هذه العبارات البكاء وإقامة العزاء على سيّد الشهداء× كفراً وبدعة.

الردّ على الشبهة الثانية: جواب واحد

لا يوجد دليل على أنّ العزاء كفرٌ أو بدعةٌ. كما أنّ ابن تيمية نفسه لم يذكر دليلاً على ما زعمه. وكيف يمكنه القول: بأنّ العزاء كفرٌ وبدعةٌ. مع أنّ كبار علماء السنّة نقلوا روايات كثيرة مفادها أنّ رسول الله| وأبا بكر وعمر كلّهم بكوا على الموتى، وأقاموا العزاء عليهم. بل إنّ السيرة النبوية القطعية تدلّ على مشروعية البكاء وإقامة العزاء.

الشبهة الثالثة: عدم الأمر بإقامة العزاء على الأنبياء ^

قال الحنفية: إنّ عدم الأمر بإقامة المأتم على الأنبياء يدلّ على عدم الأمر بإقامة المأتم على غيرهم. وبتعبيرٍ آخر: لم يرد أمر بالحداد على مصائب أنبياء الله رغم أنّهم رُسله، فكيف يمكن القول بأنّنا مأمورون بإقامة الحداد على غيرهم؟!

الرد على الشبهة الثالثة: جوابٌ واحد

إنّ قياس رسول الله| وأهل بيته^بسائر الأنبياء^قياسٌ مع الفارق؛ وذلك لأنّ الله خصّ نبيّنا| بصفات دون غيرهم. ومنها أنّ الغنائم أُحلّت له ولأُمّته وجُعل الخمس له ولأهل بيته. وعدم نسخ شريعة رسولنا الكريم والحثّ على زيارة قبره. فقد ذكر علماء السنّة أنّ الدين أمرنا بزيارة قبر رسول الله| بعد وفاته، وشدّ الرحال إلى قبره الشريف[1065]، بينما لم يرد مثل هذا الأمر بالنسبة إلى سائر الأنبياء^. وهذا يعني أنّ الله خصّ رسوله محمّداً| بزيارة قبره وأُمورٍ أُخرى؛ من أجل تكريمه، ولأنّ فضائله أكثر من سائر الأنبياء^. إذن؛ لا مانع من أن يجوز إقامة العزاء على رسول الله| وأهل بيته^إجلالاً وتبجيلاً لرسول الله|.

الشبهة الرابعة: إثارة الخلافات بين المسلمين

 قال الزرندي الحنفي في كتاب نظم درر السمطين في معرض حديثه عن مقتل الإمام الحسين×: «كانَ قتل الحُسَيْن رضي الله عنه  في الإسلامِ خطباً فادحاً... ولا يُتخذ هذا اليوم للندبِ والسياحةِ والمأتمِ والحزنِ، كما يفعله بعضُ الجهلة... وليس فيها إلّا الإثارة والشحناء بين أهل الإسلام، وإدخال الشكّ والشبهة على العوامّ، وهذا من تزيين الشيطان وأعوانه»[1066].

كما قال ابن حجر في الصواعق المحرقة نقلاً عن الغزالي: «يحرم على الْوَاعِظ وَغَيره رِوَايَة مقتل الحُسَيْن وحكاياته، وَمَا جرى بَين الصَّحَابَة من التشاجر والتخاصم؛ فَإِنَّهُ يهيج على بغض الصَّحَابَة والطعن فيهم، وهم أَعْلَام الدّين... فالطاعن فيهم مطعون، طَاعن فِي نَفسه وَدينه»[1067].

الردّ على الشبهة الرابعة: جوابان

سنردّ على الشبهة الرابعة بجوابين:

الجواب الأوّل: فعل رسول الله|

 على ضوء الروايات التي تدلّ على جواز إقامة العزاء فلا يعقل القول: بأنّ إقامة العزاء تثير الفرقة والشحناء؛ لأنّ رسول الله’ الذي بكى وأقام العزاء على الأموات والشهداء، ولا سيّما الإمام الحسين× وأهل البيت^.

الجواب الثاني: اندثار الحقائق

هل يُعقل أن نعتقد بهذه الشبهة ونسكت على هذه الوقائع التاريخية المؤلمة بحجّة أنّها تثير الخلاف بين المسلمين؟! ألا يؤدّي ذلك إلى إخفاء الحقائق التاريخية؟! والحال أنّنا نرى أنّ الأئمة المعصومين^استمرّوا بواجبهم تجاه إقامة العزاء على الإمام الحسين× بما يتوافق مع ظروف عصرهم. بل إذا أردنا قبول هذه الشبهة، فلا بّد أن نسكت عن كلّ قضية تثير الخلاف بين المسلمين، وأن نخذل الحقّ خوفاً من الخلاف والتنازع، وهذا غير مقبول.

(وَآخِرُ دَعوَانَا أنِ الحَمدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ).

فهرس المصادر والمراجع

1.     القرآن الكريم.

(أ)

2.     الاحتجاج، ­أحمد بن علي الطبرسي (تالقرن السادس الهجري)، نشر المرتضى، 1403هـ.ق.

3.     أحكام النّساء، محمد بن محمد المفيد (ت413هـ)، مؤتمر ألفية الشيخ المفيد، 1413هـ.ق.

4.     اختيار معرفة الرجال (رجال ‌الكشي)، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، جامعة مشهد، 1348هـ.ق.

5.     إرشاد الأذهان، الحسن بن يوسف‌ المشهور بـ(العلّامة الحلّي) (ت726هـ)، جامعة المدرّسين، 1410هـ.ق.

6.     إرشاد السّاري، أحمد بن محمد القسطلاني (ت923هـ)، المطبعة الكبرى، 1323هـ.ق.

7.     إرشاد العباد، السيد جعفر الحائري الطباطبائي (ت1321هـ)، المطبعة العلمية، 1404هـ.ق.

8.     الاستبصار، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، دار الكتب الإسلامية، 1390هـ.ق.

9.     الاستيعاب، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر (ت463هـ)، دار الجيل، 1412هـ.ق.

10.         أُصول علم الرجال، مسلم الداوري (معاصر)، دار المحبين، 1426هـ. ق.

11.    الأمالي، محمد بن ­‌علي الصدوق (ت381هـ)، ‌المكتبة الإسلامية، 1362هـ.ق.

12.    الأمالي، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، دار الثّقافة، 1414هـ.ق.

13.    أمل الآمل، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، مكتبة الأندلس، 1385هـ.ق.

14.    الانتصار، ‌علي ‌بن ‌الحسين الشريف المرتضى (ت436هـ)، جامعة المدرسين، 1415هـ.ق.

15.    أنوار الفقاهة، حسن بن جعفر كاشف ­الغطاء (ت1262هـ)، مؤسّسة كاشف الغطاء، 1422 هـ.ق.

16.    إيضاح­ الفوائد، محمد بن الحسن الحلّي، المشهور بـ(فخر المحقِّقين) (ت771هـ)، إسماعيليان، 1387هـ.ق.

(ب)

17.    بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1110هـ)، مؤسّسة الطبع والنشر، 1410هـ.ق.

18.    بحوث في شرح العروة، محمد باقر الصدر (ت1400هـ)، مجمع الشهيد الصدر، 1408هـ.ق.

19.    برامج الأقراص الكمبيوترية لمؤسّسة النور، مركز النور للأبحاث الكمبيوترية للعلوم اللإسلامية.

20.    بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفّار (ت290هـ)، المكتبة النجفية، 1404هـ.ق.

21.    البيان، محمد بن مكي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، 1412هـ.ق.

22.     پژوهشي در علم رجال (تحقيق في علم الرجال)، (معاصر)، الترابي الشهرضائی، أکبر.

(ت)

23.    تاج العروس، محمد مرتضى الزبيدي (ت1205هـ)، دار الفكر للطباعة، 1414هـ.ق.

24.    تاريخ الإسلام، محمد بن أحمد الذّهبي (ت748هـ)، دار الغرب الإسلامي، 2003م.

25.    تاريخ دمشق، علي­ بن الحسن المشهور بـ(ابن عساكر) (ت571هـ)، دار الفكر للطّباعة، 1415هـ.ق.

26.    تأويل الدعائم، القاضي النعمان بن محمد المغربي (ت363هـ)، دار المعارف.

27.    تحرير الأحكام، الحسن بن يوسف­­‌ المشهور بـ(العلّامة الحلّي­) (ت726هـ)، مؤسّسة ­الإمام الصادق×، 1420هـ.ق.

28.    التحقيق­ في ­كلمات ­القرآن، حسن­ المصطفوي (ت1426هـ)، مركز الكتاب، 1402هـ.ق.

29.    تذكرة الفقهاء، الحسن بن يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1414هـ.ق.

30.    تفسير الصافي، المولى محمد محسن الفيض الكاشاني (ت1091هـ)، الصدر، 1415 هـ.ق.

31.    تفسير القرطبي، محمد بن أحمد القرطبي (ت671هـ)، دار الكتب المصرية، 1384هـ.ق.

32.    تفسير القمّي، علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي (ت القرن الثالث الهجري)، مؤسّسة دار الكتاب، 1404هـ.ق.

33.    تفصيل الشّريعة، محمد الفاضل اللنكراني (ت1428هـ)، المركز الفقهي للأئمّة الأطهار^، 1429هـ.ق.

34.    تفصيل ­وسائل ‌الشّيعة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1409هـ.ق.

35.    تلخيص المرام، الحسن بن يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1421هـ.ق.

36.    تمهيد القواعد، زين ‌الدين ‌بن ‌علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1416 هـ.ق.

37.    التنقيح الرائع، مقداد بن عبدالله السيوري الحلّي (ت826هـ)، مكتبة المرعشي، 1404هـ.ق.

38.    التوحيد، محمد بن­ ‌علي الصدوق (ت381هـ)، جامعة‌ المدرّسين، 1398هـ.ق.

39.    تهذيب الأحكام، محمد بن الحسن الطوسي‌ (ت460هـ)، دارالكتب الإسلامية، 1407 هـ.ق.

40.    تهذيب ­الأُصول، جعفر السبحاني، تقريراً لأبحاث السيد الخميني(ت1409هـ)، إسماعيليان، 1382هـ.ق.

41.    تهذيب الكمال، ‌يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت742هـ)، مؤسّسة الرسالة، 1400هـ.ق.

(ث)

42.    ثواب الأعمال، محمد بن ­‌علي  الصدوق (ت381هـ)، الشريف المرتضى، 1364 هـ.ق.

(ج)

43.    الجامع للشرائع، يحيى بن سعيد الحلّي (ت690هـ تقريباً)، مؤسسة سيّد الشهداء×، 1405 هـ.ق.

44.    جامع المدارك، أحمد الخوانساري، (ت1405هـ)، اسماعيليان، 1405هـ. ق.

45.    جامع المقاصد، علي بن الحسين الكركي (المحقّق الثاني) (ت940هـ)، مؤسّسة آل‌ البيت^، 1414هـ.ق.

46.    الجعفريات، محمد بن محمد الأشعث (ت القرن الرابع الهجري)، مكتبة نينوى الحديثة.

47.    الجمل والعقود، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، جامعة الفردوس، 1387هـ.ق.

48.    جواهر الفقه (­الجواهر في الفقه)، القاضي ابن البرّاج (ت481هـ)، جامعة المدرّسين، 1411هـ.ق.

49.    جواهر الكلام، محمد حسن النجفي (ت1266هـ)، دار إحياء التراث، 1404هـ. ق.

(ح)

50.    حاشية الإرشاد، زين ‌الدين ‌بن ‌علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1414هـ.ق.

51.    حاشيه الشرائع، زين ‌الدين ‌بن ‌علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1422هـ.ق.

52.    الحبل المتين، بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت1031هـ)، مكتبة بصيرتي، 1390هـ.ق.

53.    الحدائق الناضرة، يوسف بن أحمد البحراني (ت1186هـ)، ‌جامعة المدرسين، 1405هـ.ق.

(خ)

54.    خاتمة المستدرك، الميرزا حسين النوري (ت1320هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1417هـ.ق.

55.    الخصال، محمد بن ­‌علي الصدوق (ت381هـ)، جامعة ‌المدرّسين، 1403هـ.ق.

56.    خلاصة الأقوال، الحسن بن‌ يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)،  الحيدرية، 1381هـ.ق.

57.    الخلاف، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، جامعة المدرّسين، 1407هـ.ق.

(د)

58.    الدرّ المنثور، جلال الدين السيوطي (ت911هـ)، دار الفكر.

59.    الدّروس الشّرعية، محمد بن مكي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، ‌جامعة المدرّسين، 1417هـ.ق.

60.    الدلائل، السيد تقي الطباطبائي القمّي (معاصر)، مكتبة المحلّاتي، 1423هـ.ق.

(ذ)

61.    ذخائر العقبى، أحمد بن عبد الله (ت694هـ)، مكتبة القدسي، 1356هـ.ق.

62.    الذخيرة، أحمد بن إدريس القرافي (ت684هـ)، دار الغرب الإسلامي، 1994م.

63.    ذخيرة ‌المعاد، محمد باقر السبزواري (ت1090هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1247هـ.ق.

64.    ذريعة الاستغناء، حبيب الله الكاشاني (ت1340هـ)، مركز إحياء الآثار، 1417هـ.ق.

65.    ذكرى‌ الشيعة، محمد بن مكّي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1419هـ.ق.

(ر)

66.    رجال ابن داود، الحسن ­بن­ علي بن داود الحلّي (ت707هـ)، جامعة طهران، 1383هـ.ق.

67.    رجال ابن الغضائري، أحمد بن الحسين الغضائري (ت القرن الخامس الهجري)، إسماعيليان، 1364هـ.ق.

68.    رجال البرقي، أحمد بن ­محمد بن ­خالد البرقي (ت274هـ)، جامعة طهران، 1383هـ.ق.

69.    رجال الطوسي، ‌محمد بن­ الحسن الطوسي (ت460هـ)، الحيدرية، 1381هـ.ق.

70.    رجال النجاشي، أحمد بن علي النجاشي (ت450هـ)، جامعة المدرّسين، 1407هـ.ق.

71.    الرسائل التسع، جعفر بن الحسن المشهور بـ(المحقّق الحلّي) (ت676هـ)، مكتبة المرعشي، 1413هـ.ق.

72.    رسائل­ الشريف ­المرتضى، علي ‌بن ‌الحسين الشريف المرتضى‌ (ت436هـ)، دار القرآن، 1405هـ.ق.

73.    رسائل الشعائر الحسينية، مجموعة من العلماء، تحقيق محمد الحسون ، مؤسّسة الرافد، 1432هـ.ق.

74.    الرسائل العشر، جمال الدين أحمد‌ الحلّي (ت841 ق)، مكتبة المرعشي، 1409هـ.ق.

75.    الرسائل الفقهية، الخواجوئي المازندراني (ت1171هـ تقريباً)، دار الكتاب­ الإسلامي، 1416 ق.

76.    رسائل المحقّق الكركي، علي بن الحسين الكركي المشهور بـ(المحقّق الثاني) (ت940هـ)، مكتبة المرعشي، 1409 هـ.ق.

77.    رسالة في أحكام الأموات، محمد تقي الخوانساري (ت1371هـ)، در راه حق، 1415هـ.ق.

78.    روح المعاني، محمود بن عبدالله الآلوسي (ت1270هـ)، دار الكتب العلمية، 1415هـ.ق.

79.    الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، زين ‌الدين بن علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتبة الداوري، 1416هـ.ق.

80.    روضة المتقين، محمد تقي المجلسي (ت1070هـ)، مؤسّسة‌ كوشانبور، 1406هـ.ق.

81.    روض الجنان، زين ‌الدين بن علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1402هـ.ق.

82.    رياض المسائل، علي بن محمد الطباطبائي (ت1131هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1418هـ.ق.

(ز)

83.    زاد المعاد، محمد باقر المجلسي الثاني (ت1110هـ)، الأعلمي، 1423هـ.ق.

84.    زبدة البيان، ‌أحمد بن ‌محمد المشهور بـ(المقدّس الأردبيلي) (ت993هـ)، المكتبة الجعفرية.

(س)

85.    سداد العباد، حسين بن محمد آل عصفور البحراني (ت1216هـ)، مكتبة المحلّاتي، 1421هـ.ق.

86.    السرائر، محمد بن إدريس الحلّي (ت598هـ)، جامعة‌ المدرّسين، 1410هـ.ق.

87.    سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد المشهور بـ(ابن ماجة) (ت273هـ)، دار إحياء الكتب العربي.

88.    سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275هـ)، المكتبة العصرية.

89.    سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي (ت279هـ)، مكتبة المصطفى، 1395هـ.ق.

90.    السنن الكبرى، أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، دار الكتب العلمية، 1424هـ.ق.

91.    سنن النسائي، أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، مكتبة ‌المطبوعات، 1406هـ.ق.

(ش)

92.    شرائع الإسلام، جعفر بن­ الحسن المشهور بـ(المحقّق الحلّي) (ت676هـ)، إسماعيليان، 1408هـ.ق.

93.    الشرح الصغير، علي بن محمد الحائري (ت1231هـ)، مكتبة المرعشي، 1409هـ.ق.

94.    شرح فروع الكافي، محمد هادي بن محمد صالح المازندراني (ت1120هـ)، دار الحديث، 1429هـ.ق.

95.    الشرح الكبير، عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (ت682هـ)، دار الكتب العربي.

96.    شرح نهج البلاغة، عبد الحميد بن هبة الله المشهور بـ(ابن أبي الحديد) (ت656هـ)، مكتبة المرعشي، 1404هـ.ق.

97.    شمس العلوم، نشوان بن سعيد الحميري (ت573هـ)، دار الفكر المعاصر، 1420هـ.ق.


(ص)

98.    الصحاح، تاج‌ الّلغة، إسماعيل ­بن حمّاد الجوهري (ت393هـ)، دار العلم، 1410هـ.ق.

99.    صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، دار طوق النجاة، 1422هـ.ق.

100.   صحيح مسلم، مسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت261هـ)، دار إحياء التراث العربي.

101.   صراط النجاة المُحشّى، أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، نشر المنتخب، 1416هـ.ق.

102.   الصواعق المحرقة، أحمد بن محمد الهيتمي (ت974هـ)، مؤسّسة الرسالة، 1417هـ.ق.

(ع)

103.   العروة الوثقى­،­ تعليق محمد الفاضل اللنكراني (ت1337هـ)، المركز الفقهي­ للأئمّة الأطهار^.

104.   عزاداري رمز محبّت (العزاء سرّ المودة)، مهدي الصدري (معاصر)، دليل ما، 1390هـ.ش.

105.   العقد الفريد، أحمد بن محمد الأندلسي المشهور بـ(ابن عبد ربّه) (ت328هـ)، دار الكتب العلمية، 1404هـ.ق.

106.   علل الشرائع، محمد بن ­‌علي الصدوق (ت381هـ)، مكتبة الداوري، 1386هـ.ق.

107.   العناوين الفقهيه، عبد الفتّاح بن علي المراغي (ت1250هـ)، مكتب الانتشارات الإسلامية، 1417هـ.ق.

108.   عوائد الأيّام، أحمد بن محمد النراقي(ت1245هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.ق.

109.   عيون أخبار الرضا×، محمد بن ­‌علي الصدوق (ت381هـ)، انتشارات جهان، 1378هـ.ق.

(غ)

110.   غاية المراد، محمد بن مكّي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1414هـ.ق.

111.   غاية المرام، المفلح بن الحسن الراشد الصيمري (ت نهاية القرن التاسع الهجري)، دار الهادي، 1420هـ.ق.

112.   غنائم الأيّام، الميرزا أبو القاسم القمّي (ت1232هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.ق.

(ف)

113.   الفائق في غريب الحديث والأثر، محمود بن عمر الزمخشري (ت583هـ)، دار الكتب العلمية، 1417هـ.ق.

114.   فتح الباري، عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي (ت795هـ)، مكتبة الغرباء، 1417هـ.ق.

115.   فرائد الأُصول، مرتضى الأنصاري (ت1281هـ)، مكتب الانتشارات الإسلامي، 1419هـ.ق.

116.   الفردوس الأعلى، محمد حسين بن علي كاشف الغطاء (ت1373هـ)، دار أنوار الهدى، 1426هـ.ق.

117.   الفقه على المذاهب الأربعة، عبدالرحمن بن محمد الجزيري (ت1360هـ)، دار الكتب، 1424هـ.ق.

118.   فقه القرآن، قطب الدين سعيد بن عبدالله الراوندي (ت573هـ)، مكتبة المرعشي، 1405هـ.ق.

119.   فوائد القواعد، زين ‌الدين ‌بن ‌علي العاملي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1419هـ.ق.

120.   الفهرست، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، المكتبة المرتضوية.

(ق)

121.   قاعدة لا ضرر، فتح الله شيخ الشريعة، (ت1339هـ)، جامعة المدرّسين، 1410هـ. ق.

122.   قواعد الأحكام، الحسن بن‌ يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) (ت726هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1421هـ.ق.

123.   القواعد والفوائد، محمد بن مكّي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل)، (ت786هـ)، مكتبة المفيد.

(ك)

124.   الكافي، محمد بن ‌يعقوب الكليني (ت329هـ)، دار الكتب ‌الإسلامية، 1407هـ.ق.

125.   الكافي في الفقه، ­أبو الصلاح‌ الحلبي (ت447هـ)، مكتبة­ أمير المؤمنين×، 1403هـ.ق.

126.   كامل الزيارات، جعفر بن محمد القمّي المشهور بـ(ابن قولويه) (ت367هـ)، المرتضوية، 1356هـ.ق.

127.   كتاب البيع، روح الله الموسوي الخميني (ت1409هـ)، مؤسّسة نشر وتنظيم آثار الإمام الخميني، 1421هـ.ق.

128.   كتاب سليم، سليم بن قيس الهلالي (ت80هـ)، انتشارات الهادي، 1415هـ.ق.

129.   كتاب الصّلاة، مرتضى الأنصاري (ت1281هـ)، المؤتمر العالمي للشيخ الأنصاري، 1415هـ.ق.

130.   كتاب الطهارة، روح الله الموسوي الخميني (ت1409هـ)، مؤسّسة نشر وتنظيم آثار الإمام الخميني، 1421هـ.ق.

131.   كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، منشورات الهجرة، 1410هـ.ق.

132.   كتاب النّكاح، موسى الشبيري الزنجاني (معاصر)، رأي پرداز، 1419هـ.ق.

133.   الكشّاف، محمود بن عمر الزمخشري (ت583هـ)، دار الكتب العربي، 1407هـ.ق.

134.   كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي (ت1051هـ)، دار الكتب العلمية.

135.   كشف الرّموز، حسن بن أبي طالب الفاضل الآبي (ت القرن السابع الهجري)، جامعة المدرّسين، 1417هـ.ق.

136.   كشف ‌الغطاء: جعفر بن خضر كاشف الغطاء (ت1228هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي.

137.   كشف الغمّة في معرفة الأئمّة^، علي بن عيسى الإربلي (ت693هـ)، مكتبة بني هاشم، 1381هـ.ق.

138.   كشف الّلثام، محمد بن الحسن‌ الفاضل الهندي‌ (ت1137هـ)، جامعة المدرّسين، 1416هـ.ق.

139.   كفاية الأثر، علي بن محمد الخزّاز القمي (ت القرن الرابع الهجري)، بيدار، 1401هـ.ق.

140.   كفاية الأحكام، محمد باقر بن محمد السبزواري (ت1090هـ)، مكتب الانتشارات، 1423هـ.ق.

141.   كفاية الأُصول، محمد كاظم الخراساني (ت1329هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1409هـ.ق.

142.   كمال الدين، محمد بن ­‌علي الصدوق (ت381هـ)، دار الكتب الإسلامية، 1395هـ.ق.

143.   كنز العرفان، مقداد بن عبدالله السيوري الحلّي (ت826هـ)، المكتبة المرتضوية، 1425هـ.ق.

(ل)

144.   لسان ‌العرب، محمد بن مكرم الإفريقي المشهور بـ(ابن منظور) (ت711هـ)، دار الفكر للطباعة، 1414هـ.ق.

145.   اللمعة الدّمشقية، محمد بن مكي العاملي المشهور بـ(الشهيد الأوّل) (ت786هـ)، دار التراث، 1410هـ.ق.

(م)

146.   المبسوط، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، المكتبة المرتضوية، 1387هـ.ق.

147.   متشابه ­القرآن ­ومختلفه، محمد بن علي بن­ شهر آشوب (ت588هـ)، دار بيدار، 1369هـ.ق.

148.   مثيرالأحزان، ­ابن ­نما الحلّي (ت645هـ)، مدرسة الإمام المهدي#، 1406هـ.ق.

149.   مجمع البحرين، فخرالدين الطريحي (ت1087هـ)، المكتبة المرتضوية، 1416هـ.ق.

150.   مجمع‌ البيان، الفضل ­بن ­الحسن الطبرسي (ت690هـ)، ناصر خسرو، 1372هـ.ق.

151.   مجمع الرسائل، محمد حسن النجفي (ت1266هـ)، مؤسّسة‌ صاحب ‌الزمان #، 1415هـ.ق.

152.   مجمع الزوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، دار المأمون للتراث.

153.   مجمع ‌الفائدة، ‌أحمد بن ‌محمد المشهور بـ(المقدّس الأردبيلي) (ت993هـ) جامعة المدرّسين، 1403هـ.ق.

154.   مجموعة فتاوى ابن بابويه، علي ‌بن بابويه الصدوق (ت329هـ).

155.   المحاسن، أحمد بن­ محمد بن ­خالد البرقي (ت274هـ)، دار الكتب، 1371هـ.ق.

156.   المحرّر في الفقه، عبد السلام بن عبدالله الحرانى المشهور بـ(ابن تيمية) (ت652هـ)، مكتبة المعارف، 1404هـ.ق.

157.   المحيط في الّلغة، الصاحب‌ بن‌ عبّاد (ت385هـ)، عالم الكتاب‌، 1414هـ.ق.

158.   المختصرالنافع، جعفر بن الحسن المشهور بـ(المحقّق الحلّي) (ت676هـ)، المطبوعات الدينية، 1418هـ.ق.

159.   مختلف الشيعة، الحسن بن يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)، ­جامعة المدرّسين، 1413هـ.ق.

160.   مدارك الأحكام، محمد بن ‌علي العاملي (ت1009هـ)، مؤسسة آل البيت^، 1411 هـ.ق.

161.   مرآة العقول، محمد باقر المجلسي (ت1110هـ)، دار الكتب‌ الإسلامية، 1404هـ.ق.

162.   المراسم ‌العلوية، حمزة بن عبد العزيز السلاّر (ت448هـ)، منشورات الحرمين، 1404هـ.ق.

163.   المزار الكبير، محمد بن جعفر المشهدي (ت610هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1419هـ.ق.

164.   المسائل الصاغانية، محمد بن محمد المفيد (ت413هـ)، مؤتمر ألفية الشيخ المفيد، 1413هـ.ق.

165.   المسائل­الناصريات، علي بن الحسين الشريف­ المرتضى‌ (ت436هـ)، رابطة الثقافة­، 1417هـ.ق.

166.   مسالك الأفهام، زين ‌الدين ‌بن ‌علي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مؤسّسة ‌المعارف‌‌، 1413هـ.ق.

167.   المستدرك على ­الصحيحين، محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (ت405هـ)، دار الكتب، 1411هـ.ق.

168.   مستمسك العروة، محسن الطباطبائي­ الحكيم (ت1390هـ)، دار التفسير، 1416هـ.ق.

169.   مستند الشيعة، أحمد بن محمد النراقي (ت1245هـ)، مؤسّسة آل­ البيت^، 1415هـ.ق.

170.   مسكن الفؤاد، زين ‌الدين ‌بن ‌علي المشهور بـ(الشهيد الثاني) (ت966هـ)، مكتبة بصيرتي.

171.   مسند أحمد، أحمد بن محمد بن حنبل (ت241هـ)، مؤسّسة الرسالة، 1421هـ.ق.

172.   مسند البزّار، أحمد بن عمرو البزّار (ت292هـ)، مكتبة العلوم والحِكم، 2009م.

173.   مشارق الأحكام، محمد بن أحمد النراقي (ت1297هـ)، مؤتمر النراقيين، 1422هـ.ق.

174.   مشكاة الأنوار، علي بن الحسن الطبرسي (ت نهاية القرن السادس الهجري)، المكتبة الحيدرية، 1385هـ.ق.

175.   مصابيح الظلام، محمد باقر بن محمد الوحيد البهبهاني (ت مطلع القرن الثالث عشر الهجري)، مؤسّسة الوحيد، 1424هـ.ق.

176.   مصباح الفقيه، رضا بن‌ محمد الهمداني (ت1322هـ)، المؤسّسة الجعفرية، 1416هـ.ق.

177.   المصباح المنير، أحمد بن محمد الفيّومي (ت770هـ)، منشورات دار الرضي.

178.   مصباح الهدى، الميرزا محمد تقي الآملي (ت1391هـ)، المؤلّف، 1380هـ.ق.

179.   مصباح الزائر، علي ابن طاووس (ت 664هـ)، مؤسسة آل البيت^، 1416هـ. ق.

180.   مصباح الأُصول، محمد سرور البهسودي، (تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي) (ت1413هـ)، مكتبة الداوري، 1417هـ.ق.

181.   المصنّف، عبد الله بن محمد الكوفي المشهور بـ(ابن أبي شيبة) (ت235هـ)، مكتبة الرشد، 1409هـ.ق.

182.   المعالم المأثورة، الميرزا هاشم الآملي (ت1413هـ)، المؤلّف، 1406هـ.ق.

183.   المعتبر، جعفر بن الحسن المشهور بـ(المحقّق الحلّي) (ت676هـ)، مؤسّسة سيّد الشهداء×، 1407هـ.ق.

184.   معتمد الشيعة، محمد مهدي النراقي (ت1209هـ)، مؤتمر النراقيين، 1422هـ.ق.

185.   المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)، مكتبة ابن تيمية، 1415هـ.ق.

186.   معجم مقاييس اللّغة، أحمد بن فارس (ت395هـ)، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.ق.

187.   المغني، عبدالله بن قدامة المقدسي (ت620هـ)، مكتبة القاهرة، 1388هـ.ق.

188.   مغني المحتاج، محمد بن أحمد الشربيني (ت977هـ)، دار الكتب العلمية، 1415هـ.ق.

189.   مفاتيح الشرايع، المولى محمد محسن الفيض الكاشاني (ت1091هـ)، مكتبة المرعشي.

190.   مفتاح الكرامة، محمد بن جواد العاملي (ت1226هـ)، جامعة المدرّسين، 1419هـ.ق.

191.   المفردات ‌في غريب ­القرآن، الحسين بن محمد المشهور بـ(الراغب­ الإصفهاني) (ت مطلع القرن السادس الهجري)، دار العلم، 1412هـ.ق.

192.   المقنع، محمد بن ‌علي الصدوق (ت381هـ)، مؤسّسة ‌الإمام الهادي×، 1415هـ.ق.

193.   المقنعه، محمد بن محمد المفيد (ت413هـ)، مؤتمر ألفية الشيخ المفيد، 1413هـ.ق.

194.   ملاذ الأخيار، محمد باقر المجلسي (ت1110هـ)، مكتبة المرعشي، 1406هـ.ق.

195.   منتهى­المطلب، الحسن ­بن‌ يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)، مجمع البحوث، 1412هـ.ق.

196.   منتهى المقال، محمد بن إسماعيل المازندراني (ت1216هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1416هـ.ق.

197.   مَن‌ لايحضره­ الفقيه، محمد بن­‌ علي الصدوق (ت381هـ)، ­جامعة المدرّسين، 1413هـ. ق.

198.   منهاج السنّة، أحمد بن عبدالحليم الحرّاني المشهور بـ(ابن تيمية) (ت728هـ)، جامعة الإمام محمد سعود، 1406هـ.ق.

199.   المنهاج شرح صحيح مسلم، يحيى بن شرف النووي (ت676هـ)، دار إحياء التراث، 1392هـ.ق.

200.   منهاج المؤمنين، شهاب الدين المرعشي (ت1411هـ)، مكتبة المرعشي، 1406هـ.ق.

201.   موسوعة الإمام الخوئي، أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، مؤسّسة إحياء الآثار، 1418هـ.ق.

202.   الموسوعة الرجالية الميسّرة، أكبر الترابي الشهرضائي (معاصر) مؤسّسة الإمام الصادق×، 1424هـ.ق.

203.   موسوعة الفقه الإسلامي، محمد بن إبراهيم التويجري(معاصر)، بيت الأفكار، 1430هـ.ق.

204.   الموسوعة الفقهية، العلوي بن عبد القادر السقاف (معاصر)، الدّرر السّنية، 1433هـ.ق.

205.   المهذّب، ابن‌ البرّاج القاضي الطرابلسي­ (ت481هـ)، جامعة المدرّسين، 1406هـ.ق.

206.   مهذّب الأحكام، عبد الأعلى السبزواري (ت1414هـ)، مؤسّسة المنار، 1413هـ.ق.

207.   المهذّب البارع، أحمد بن محمد الحلّي (ت841هـ)، جامعة المدرّسين، 1407هـ.ق.

(ن)

208.   نجاة العباد، محمد حسن النجفي (ت1266هـ)، 1318هـ.ق.

209.   النخبة، المولى محمد محسن الفيض الكاشاني (ت1091هـ)، منظمة الإعلام الإسلامي، 1418هـ.ق.

210.   نهاية الأحكام، الحسن بن يوسف المشهور بـ(العلّامة الحلّي) ‌(ت726هـ)، مؤسّسة آل البيت^، 1419هـ.ق.

211.   النهاية في ‌غريب الحديث‌، المبارك بن محمد الجزري المشهور بـ(ابن الأثير) (ت606هـ)، إسماعيليان.

212.   النهاية ‌في ‌مجرّد الفقه، محمد بن­ الحسن الطوسي (ت460هـ)، دار الكتاب­، 1400هـ.ق.

213.   نهاية المرام، محمد بن ‌علي العاملي الموسوي (ت1009هـ)، جامعة المدرّسين، 1411هـ.ق.

 (و)

214.   الوجيزة في الرجال، محمد باقر المجلسي (ت1110هـ)، وزارة الثقافة الإيرانية، 1420هـ.ق.

215.   الوسيلة، محمد بن علي الطوسي المشهور بـ(ابن حمزة) (ت القرن السادس الهجري)، مكتبة المرعشي‌،1408هـ.ق. 

(هـ)

216.                    هداية الأُمّة، محمد بن­ الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، مجمع البحوث الإسلامية، 1412هـ.ق.



[1]اُنظر: الصاحب بن عباد، إسماعيل، المحيط في اللغة: ج2، ص118.

[2]اُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج4، ص310.

[3]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج7، ص4513.

[4]اُنظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج1، ص290.

[5]اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج2، ص205.

[6]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج15، ص52.

[7] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج19، ص674.

[8] الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص408.

[9] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج6، ص2284.

[10]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج14، ص82.

[11] المصدر السابق.

[12]«النَّشِيجُ: صَوتٌ مَعَهُ تَوَجّعٌ وبُکَاءٌ». ابن الأثير، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج5، ص52.

[13][13] الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج1، ص605.

[14]الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص141.

[15] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج19، ص212.

[16]المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج1، ص326.

[17] الدّخان: آية29.

[18] الدّخان: آية29.

[19] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج1، ص326.

[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص90.

[21]اُنظر: الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج6، ص2284.

[22]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج1، ص608.

[23]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج14، ص83.

[24]اُنظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج1، ص60.

[25]اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج19، ص214.

[26] كمَن يضع يده على جبهته أو عينيه، ويطرق برأسه، ويتظاهر بالحزن.

[27] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج1، ص58.

[28] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج35، ص377.

[29]اُنظر: الصدري، مهدي، عزاداري رمز محبّت (إقامة العزاء رمز الحبّ): ج2، ص118.

[30]الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص217.

[31]اُنظر: الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج3، ص1196.

[32]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج2، ص1090.

[33]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج8، ص47.

[34]اُنظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج4، ص311.

[35] اُنظر:الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج11، ص64.

[36] اُنظر: المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج2، ص81.

[37] إبراهيم: آية21.

[38]اُنظر: المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج6، ص183.

[39]اُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج1، ص453.

[40]«المُنَّةُ ـ بِالضَّمِّ ـ: القُوَّةُ وَخَصَّ بَعضُهُم بِهِ قُوَّةَ القَلبِ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص415.

[41] الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص99.

[42] اُنظر:الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص194.

[43]اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج11، ص64.

[44] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج2، ص81.

[45] الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج10، ص6799.

[46]«العَوِيلُ: البُکَاءُ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص482.

[47] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص827.

[48]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص627.

[49] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج4، ص242.

[50]الصاحب بن عباد، إسماعيل، المحيط في اللغة: ج3، ص217.

[51]المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج12، ص271.

[52] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص627.

[53] «نَحَ‏ يَنِحُّ نَحِيحاً ونَحْنَحَ: إِذا رَدَّ السائلَ ردّاً قبيحاً». المصدر السابق: ج2، ص612.

[54] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج2، ص421.

[55] اُنظر: المقدسي، المطهر بن طاهر، البدء والتاريخ: ج3، ص15.

[56] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج12، ص272.

[57]اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج4، ص185.

[58]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص33.

[59] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج6، ص222.

[60] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج1، ص426.

[61] الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج6، ص3727.

[62] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص348.

[63] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص33.

[64]اُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص337.

[65] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج2، ص437.

[66] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج4، ص287.

[67] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج7، ص433.

[68]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص542.

[69] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج5، ص2030.

[70]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج9، ص6056.

[71] اُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص553.

[72]اُنظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج6، ص162.

[73]الصاحب بن عباد، إسماعيل، المحيط في اللغة: ج9، ص183.

[74]اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج17، ص652.

[75] الزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث: ج2، ص306.

[76]ابن الأثير، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج4، ص251.

[77] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص250.

[78] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص46.

[79]اُنظر: الصاحب بن عباد، إسماعيل، المحيط في اللغة: ج9، ص319.

[80]اُنظر: ابن الأثير، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج4، ص245.

[81]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص539.

[82] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج6، ص162.

[83] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج5، ص2028.

[84]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج9، ص6035.

[85]اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث: ج3، ص198.

[86]اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج17، ص646.

[87] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص243.

[88] ابن الأثير المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج2، ص271.

[89] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج6، ص258.

[90] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج5، ص2127.

[91] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص254.

[92]اُنظر: الصاحب بن عباد، إسماعيل، المحيط في اللغة: ج10، ص205.

[93]اُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج2، ص380.

[94]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج4، ص2361.

[95]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص187.

[96] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج18، ص246.

[97]الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص241.

[98] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج5، ص2127.

[99] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص251.

[100]اُنظر: الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج3، ص346.

[101] الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج2، ص698، و699.

[102]اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص414.

[103]اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج7، ص33.

[104] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص194.

[105]اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج6، ص3482.

[106]اُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص315.

[107]ابن الأثير، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج2، ص479.

[108]الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة (مع تعليقات وملحق لسماحة الشيخ جواد التبريزي): ج3، ص64.

[109]البروجردي، مرتضى، المستند في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج15، ص518.

[110]كاشف الغطاء، جعفر، أحكام الأموات: ص39.

[111]الصدوق، محمد بن علي، علل‏ الشرائع: ج1، ص225.

[112]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد: ص292.

[113]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج4، ص302.

[114]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الجمل والعقود: ص119.

[115]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج1، ص282.

[116]اُنظر: ابن البراج، عبد العزيز، المهذب: ج  ص188.

[117]اُنظر:ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص419.

[118]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج6، ص192.

[119]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج9، ص362.

[120]اُنظر: العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام: ج6، ص267.

[121]اُنظر:السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص520.

[122]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، كفاية الأحكام: ج1، ص247.

[123]اُنظر: الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ج5، ص465.

[124]اُنظر: الحائري، علي محمد، الشرح الصغير: ج1، ص292.

[125]اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج6، ص78.

[126] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج‏4، ص299.

[127]اُنظر: المصدر السابق: ص302.

[128]اُنظر: العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام: ج‏6، ص268.

[129] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص520.

[130] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، كفاية الأحكام: ج‏1، ص247.

[131] اُنظر: الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ج‏5، ص465.

[132]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج‏6، ص192.

[133] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج‏9، ص362.

[134]اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص721.

[135]اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى (المحشى): ج3، ص35.

[136]اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى (تعليقات الفاضل اللنكراني): ج1، هامش ص539.

[137]النجفي، محمد حسن، جواهر الکلام: ج11، ص73.

[138] البروجردي، مرتضى، المستند في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج15، ص518.

[139]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة (مع تعليقات وملحق لسماحة الشيخ جواد التبريزي): ج3، ص442.

[140] السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج7، ص219.

[141]البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج7، ص118.

[142]المصدر السابق.

[143]الحسن بن طريف: ثقةٌ بشهادة النجاشي. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص61.

[144]طريف بن ناصح: (طريف) غلط، والصحيح (ظريف)؛ بقرينة الراوي والمروي عنه. اُنظر: الخوئي، أبو القاسم،  معجم رجال الحديث: ج4، ص366. كما ضبطه صاحب الوسائل (ظريف). وظريف هذا ثقةٌ وصدوقٌ بشهادة النجاشي. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص209.

[145] الحسين بن زيد: بناءً على رأي محقّقي الرجال، إنّه إمامي وثقة؛ فالقرائن الدالّة على وثاقتة عبارة عن كلام النجاشي عنه: «الحسين بن زيد بن علي... کان أبو عبدالله تبنّاه وربّاه، وزوّجه بنت الأرقط». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص38. وفي مقاتل الطالبيين: «الحسين ‏بن‏ زيد ذو الدمعة کان مقيماً في منزل جعفر بن محمد÷، وکان جعفر× ربّاه ونشأ في حجره منذ قتل أبوه، وأخذ عنه علماً کثيراً». أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين: ج2، ص545. «وروي عنه: أبان، وصفوان، ويونس، وابن أبي عمير، من أصحاب الإجماع». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص154. والحال أنّ الرواة الكبار الأجلّاء لا يروون عن الضعفاء.

 [146] عمر بن علي بن الحسين: هناك قرائن على وثاقته، منها: قول الشيخ المفيد: «كان عمر بن علي بن الحسين فاضلاً جليلاً وولي صدقات النبي’، وصدقات أمير المؤمنين×، وكان ورعاً سخياً». المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص170. «روى عن أبيه رواية في الکافي: ج 2، ص165». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص341.

[147]البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص420.

[148]الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج: ج2، ص305.

[149]الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325.

[150]ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة: ج1، ص4437.

[151] المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج3، ص327.

[152] النساء: آية 148.

[153] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص59.

[154] المصدر السابق: ص55.

[155] السند الأول: «حَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ جَعفَرٍ الرَزَّازِ القُرَشِي الکُوفِي، قَالَ: حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ أبِي الخَطَّابِ، عَن مُحَمّدِ بنِ سَنَان، عَن سَعِيدِ بنِ يسَار أو غَيرِهِ، قَالَ: سَمِعتُ أبَا عَبدِ اللهِ ×...».

السند الثاني: «حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصَّفّارِ، عَن أحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَى، عَن مُحَمّدِ بنِ سَنَان، عَن سَعِيدِ بنِ يَسَار قَالَ: سَمِعتُ أبَا عَبدِاللهِ × يقول: مِثلَهُ».

السند الثالث: «حَدّثَنِي أبِي&، عَن سَعدِ بنِ عَبدِاللهِ، عَن يَعقُوبِ بنِ يَزِيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سَناَن، عَن سَعيدِ بنِ يَسَار مِثلَهُ». ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص55.

[156]محمد بن سنان: قال العلّامة الحلّي: «وقد اختلف علماؤنا في شأنه، فالشيخ المفيد& قال: إنّه ثقة. وأمّا الشيخ الطوسي&، فإنّه ضعّفه. وكذا النجاشي وابن الغضائري، قالا: إنّه ضعيفٌ غالٍ، لا يُلتفت إليه. وروى الكشي فيه قدحاً عظيماً. وأثنى عليه أيضاً. والوجه عندي التوقّف فيما يرويه». العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص251‏. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال ‏الطوسي): ص364. النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص328. ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال: ص92. الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص503 و582.

قال المفيد: «فممَّن روى النصّ على الرضا علي بن موسى÷ بالإمامة من أبيه والإشارة إليه منه بذلك من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته داود بن كثير الرقي و... ويزيد بن سليط ومحمد بن سنان». المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص247.

قال السيّد الخوئي: «المتحصّل من الروايات: أن محمّد بن سنان كان من الموالين وممَّن يدين الله بموالاة أهل بيت نبيه^، فهو ممدوح، فإن ثبت فيه شي‏ء من المخالفة، فقد زال ذلك وقد رضي عنه المعصوم×؛ ولأجل ذلك عدّه الشيخ ممَّن كان ممدوحاً حسن الطريقة، ولولا أنّ ابن عقدة، والنجاشي، والشيخ، والشيخ المفيد، وابن الغضائري، ضعّفوه، وأنّ الفضل بن شاذان عدّه من الكذّابين، لتعيّن العمل برواياته، ولكن تضعيف هؤلاء الأعلام يسدّنا عن الاعتماد عليه والعمل برواياته». الخوئي، أبو القاسم، معجم‏ رجال ‏الحديث: ج16، ص160.

[157]اُنظر: الخميني، روح الله، كتاب البيع: ج1، ص498، وج2، ص450، وج3، ص603.

[158]اُنظر: الزنجاني، موسى، كتاب النكاح: ج14، ص4720.

[159] بعض هذه القرائن عبارة عن:

القرينة الأولى: نقل الكشي: «وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني أنّي سمعت العاصمي يقول: ... وعنه (عبد الله بن محمد بن عيسى)، قال: سمعت أيضاً قال: كنّا ندخل مسجد الكوفة، فكان ينظر إلينا محمد بن سنان ويقول: مَن أراد المعضلات فإليّ، ومّن أراد الحلال والحرام فعليه بالشيخ. يعني صفوان بن يحيى». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص508. قال الكلباسي: «تقريب دلالته على المدح أنّه يستفاد منه کمال إنصافه واحتياطه في الدين؛ حيث إنّه مع کونه مدعياً للقابلية للرجوع إليه في المشکلات، أنکر الرجوع إليه في المسائل الشرعية، وهذا أمرٌ نادر الوقوع في أفراد الإنسان». الكلباسي، محمد بن محمد، الرسائل الرجالية: ص630.

القرينة الثانية: روى الكشي عن حسن بن علي، عن محمد بن سنان، أنّه قال: «دخلت على أبي جعفر الثاني×، فقال لي: يا محمد، كيف أنت إذا لعنتك وبرئت منك وجعلتك محنة للعالمين، أهدي بك مَن أشاء، وأُضلّ بك مَن أشاء؟ قال: قلت له: تفعل بعبدك ما تشاء يا سيدي، أنت على كلّ شي‏ءٍ قدير. ثمّ قال: يا محمّد أنت عبدٌ قد أخلصت لله...». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص582. قال الكلباسي: «تقريب دلالة الرواية على المدح بواسطة دلالتها على حسن الإخلاص من محمّد بن سنان، بحيث ربمّا يتوهّم دلالته على الغلو، وکذا دلالته على لطف مولانا الجواد× بالنسبة إليه». الكلباسي، محمد بن محمد، الرسائل الرجالية: ص638.

القرينة الثالثة: روى الكشي عن محمّد بن إسماعيل «أنّ أبا جعفر× كان لعن صفوان بن يحيى ومحمّد بن سنان، فقال: إنّهما خالفا أمري. قال: فلمّا كان من قابل، قال أبو جعفر× لمحمّد بن سهل البحراني: تولّ صفوان بن يحيى ومحمّد بن سنان، فقد رضيت عنهما». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص503. قال الكلباسي: «ولا يخفى دلالة ما فيه من أمر أبي جعفر× محمّد بن سهل بتولّي محمد بن سنان وإظهاره الرضا عنه على حسن حال محمّد بن سنان، بل وثاقته، بل فوق الوثاقة». الكلباسي، محمد بن محمد، الرسائل الرجالية: ص642.

[160]«المهول، أي: فيه هول». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص712.

[161]المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص506.

[162] الرواية الأُولى: اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص263. المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص325. الرواية الثانية: اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص70. الرواية الثالثة: اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص57. الرواية الرابعة: اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص136. الرواية الخامسة: اُنظر: الخزاز القمّي، علي بن محمد، كفاية الأثر: ص187. الرواية السادسة: اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص130. الرواية السابعة: اُنظر: ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص18. الرواية الثامنة: اُنظر: ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص18. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص247. الرواية التاسعة: اُنظر: ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص16. الرواية العاشرة: اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج53، ص22. الرواية الحادية عشرة: اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا×: ج2، ص25.

[163] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص58.

[164]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم‏ رجال ‏الحديث: ج1، ص49.

[165] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة (مع تعليقات وملحق لسماحة الشيخ جواد التبريزي): ج2، ص457.

[166]المحدّث النوري، الميرزا حسين، خاتمة المستدرك: ج3، ص252.

[167] الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة (مع تعليقات وملحق لسماحة الشيخ جواد التبريزي): ج2، ص458.

[168]«البَابُ الأوّلِ ثَوَابُ زِيَارَةِ رَسُولِ اللهِ وَزِيَارَةِ أمِيرِ المُؤمِنيِنِ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ^:

1ـ أخبَرَنَا أبُو القَاسَمِ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ قُولِوَيهِ القُمّيّ الفَقِيهِ قَالَ: حَدّثَنِي أبِي&، عَن سَعدِ بنِ عَبدِاللهِ بنِ أبِي خَلَفِ الأشعَرِيّ، عَن أحمدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَى، عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِد البَرقِيِّ، عَن قَاسِمِ بنِ يَحيَى، عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ، عَن عَبدِاللهِ بنِ سَنَان، عَن أبِي عَبدِالله×...

2ـ عَنهُ، عَن أحمدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَى، عَن عَلِي بنِ أسبَاطٍ، عَن عُثمَانِ بنِ عِيسَى، عَنِ المُعَلّى بنِ أبِي شَهَابٍ، عَن أبِي عَبدِاللهِ×...

3ـ حَدّثَنِي أبِي& ومُحَمّدُ بنُ يَعقُوبٍ، عَن أحمدَ بنِ إدرِيس، عَمَّن ذَكَرَهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ سَنَان، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيٍ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ’...

4ـ حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ يَعقُوبٍ قَالَ: حَدّثَنِي عِدّةٌ مِن أصحَابنا مِنهُم أحمَدُ بنُ إدرِيس وَمُحَمّدُ بنُ يَحيَى، عَن العَمرَكِي بنِ عَلِي، عَن يَحيَى وكَانَ خَادِمًا لأبِي جَعفَرٍ الثّانِي×، عَن بَعضِ أصحَابنا رَفَعَهُ إلَى مُحَمّدِ بنِ عَلِي بنِ الحُسَينِ^...

5ـ حَدّثَنِي مُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِ بنِ مَهزِيَار، عَن أبِيهِ الحَسَنِ، عَن أبِيهِ عَليِ بنِ مَهزِيَار قَالَ: حَدّثَنَا عُثمَانُ بنُ عِيسَى، عَنِ المُعَلَّى بنِ أبِي شَهَابٍ، عَن أبِي عَبدِاللهِ×...».ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص10.

[169]اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، پژوهشي در علم رجال (تحقيق في علم الرجال): ص308.

[170] القرينة الأُولى: (الترحّم على المشايخ)

ترحمّ ابن قولويه على جميع مشايخه؛ حيث قال: «من أصحابنا رحمهم الله برحمته». ابن قولويه جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص4.

ومع ذلك نرى أنّه روى فيه عمَّن لا يستحقّ ذلك الاسترحام، فقد روى في هذا الكتاب عن عشرات من الواقفة والفطحية، وهل يصحّ لشيخٍ مثل ابن قولويه أن يسترحمهم؟! مثل ليث بن أبي سليم وهو عامي، وعلي بن أبي حمزة البطائني وهو من الواقفية؛ فإذن الترحّم في كلام ابن قولويه يكون قرينة على عدم إرادة كلّ الرواة، بل خصوص المشايخ بلا واسطة. اُنظر: السبحاني، جعفر، کلّيات في علم الرجال: ص303.

القرينة الثانية: (الرواية عن الضعفاء بالواسطة)

القدماء من المشايخ کانوا ملتزمين بأن لا يأخذوا الحديث إلّا ممَّن صلحت حاله، وثبتت وثاقته، والعنايه بحال الشيخ کانت أکثر من عنايتهم بمَن يروي عنه الشيخ... ولأجل ذلك کانت الروايه بلا واسطة عن المجاهيل والضعفاء عيباً، وکانت من أسباب الجرح، ولم يکن نقل الروايه المشتمله على المجهول والضعيف جرحاً. اُنظر: السبحاني، جعفر، کليات في علم الرجال: ص303.

القرينة الثالثة: (عدم الرواية عن غير المعروفين)

قال ابن قولويه في مقدمة كتابه: «ولا أخرجت فيه حديثاً رُوي عن الشذاذ من الرجال، يُؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية، المشهورين بالحديث والعلم». ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص4.

بينما نرى أنّ كثيراً من رواة هذا الكتاب ليسوا مشهورين، منهم: أبان الأزرق، وإبراهيم بن شعيب بن ميثم، وأحمد بن بشير السراج، وهؤلاء لم تروِ عنهم كتب الحديث إلّا رواية أو روايتين، فكيف يمكن أن يكونوا مشهورين بالعلم والحديث؟! اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، پژوهشي در علم رجال (تحقيق في علم الرجال): ص341.

        القرينة الرابعة: (الأحاديث المرسلة)

يوجد في هذا الكتاب أكثر من (170) رواية مرسلة، ومنها (20) رواية أرسلها ابن قولويه نفسه، أمّا سائر المرسلات فقد أرسلها مشايخه، كالرواية الثالثة في هذا الكتاب، والتي أرسلها أحمد بن إدريس، ورفعها محمد بن علي. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص11.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف علم ابن قولويه بوثاقة الرواة الذين لم تُذكر أسماؤهم في سند هذه الرواية وفي (149) موضعاً آخر؟ نعم، يُتصوّر في مشايخه بلا واسطة فيمكن القول بأنّه كان يعرف أولئك الرواة دون أن يعلم أسماءهم، أو ربما نسي الأسماء، والجهل بالأسماء لا يخلّ بالتوثيق. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر،  پژوهشي در علم رجال (تحقيق في علم الرجال): ص342.

[171]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص332.

[172] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص112.

[173]المصدر السابق: ص135.

[174]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج16، ص215.

[175] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص669‏. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص331.

[176]اُنظر:النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص287.

[177] مرّ الاستدلال في صفحة 73.

[178] مرّ الكلام في صفحة: 55.

[179] الهلالي، سليم بن قيس، كتاب سليم: ص916.

[180] قال المحقّق الخوئي في مقام تأييد كتاب سليم: «بقي الكلام في جهات:

الأُولى: إنّ سليم بن قيس في نفسه ثقةٌ جليل القدر عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنّه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين×...

الثانية: أنّ كتاب سليم بن قيس ـ على ما ذكره النعماني ـ من الأُصول المعتبرة، بل من أكبرها، وأنّ جميع ما فيه صحيحٌ قد صدر من المعصوم×، أو ممَّن لا بدّ من تصديقه وقبول روايته». الخوئي، أبو القاسم، معجم‏ رجال ‏الحديث: ج8، ص220. اُنظر: البرقي، أحمد بن محمد، رجال البرقي: ص4.

[181] عبدالله بن عباس: صرّح ابن داود في رجاله بأنّه ثقة. ابن داوُد، الحسن بن علي، رجال ابن داود: ص208. وقال العلّامة في الخلاصة: «قد ذكر الكشي أحاديث تتضمّن قدحاً فيه. وهو أجلّ من ذلك، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها رضي الله تعالى عنه»‏. العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص103. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص60.

[182] «جعفر بن محمد بن عبيد الله الأشعري: ويدلّ على وثاقته: كثرة رواية الأجلّاء عنه، مثل حسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة؛ إذ روى عنه عشر روايات في التهذيب والوسائل، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي؛ حيث روى عنه سبعين رواية في الکافي والتهذيب والوسائل، وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الذي روى عنه ثلاث عشرة رواية في الکافي، والتهذيب، والاستبصار، والوسائل، وكذلك محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران، الذي روى عنه اثنتي عشرة رواية في التهذيب، والاستبصار، والوسائل، ويبعد أن يروي كبار الرواة من راوٍ ضعيف وغير ثقة». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص109.

[183] عبدالله بن ميمون القدّاح: ثقةٌ بشهادة النجاشي. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص213.

 [184]«إغرَورَقَت عَينَاهُ بِالدُّمُوعِ: أمتَلأَتَا». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج10، ص285.

[185]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص269.

[186] المظفر بن جعفر: «القرائن على وثاقته عبارة عن:

إنّه من مشايخ الصدوق، وقد ترضّى عليه في المشيخة، وروى عنه في العيون، وکمال الدين. وروى عنه التَّلِّعُکْبري کتب العياشي». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص466. اُنظر: الصدوق محمد بن علي، التوحيد: ص179. الصدوق محمد بن علي، الخصال: ج1، ص171. الصدوق محمد بن علي، علل ‏الشرائع: ج1، ص50. الصدوق محمد بن علي، عيون ‏أخبار الرضا×: ج1، ص27. الصدوق محمد بن علي، كمال‏ الدين: ج1، ص201.

[187] جعفر بن محمد بن مسعود العياشي: «القرائن على وثاقته عبارة عن:

قال الشيخ: فاضل، روى عن أبيه جميع كتب أبيه، ومدحه في الوجيزة.  له روايتان في التهذيبين». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسّرة: ص111. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال‏ الطوسي): ص418. المجلسي، محمد باقر، الوجيزة في الرجال: ص46. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج4، ص81. الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار: ج2، ص47.

[188] «محمد بن خالد بن عمر الطيالسي: القرائن على وثاقته عبارة عن:

قال الوحيد: رواية الأجلّة دليل الاعتماد، ويؤيده رواية حميد أصولاً کثيرة عنه، رُوي عنه في کامل الزيارات، وقع في (13) مورداً، اثنان منها في الکافي». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسّرة: ص‌‌415. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص107، وج6، ص479.

 [189]«حمزة بن حمران: القرائن على وثاقته أنّه:

روى عنه ابن أبي عمير بطريقٍ صحيح في مشيخة الفقيه، وروى عنه صفوان بطريقٍ صحيح في الکافي. وروى عنه بعض أصحاب الإجماع کابن بکير، وجميل بن دراج، وابن مسکان.

العلّامة في التذکرة والشهيد الثاني في المسالك اعتبرا رواية صحيحة هو في سندها في مسألة جواز شراء المماليك من ذي اليد عليها في باب بيع الحيوان». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص175. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص266. وج2، ص89. وج5، ص211. وج7، ص446. العلّامة الحلي، الحسن بن يوسف، تذکرة الفقهاء: ج10، ص307. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام: ج3، ص378.

[190]الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ج2، ص517.

[191] «محمد بن خالد البرقي: صحيحٌ أنّ النجاشي قال في حقّه: محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي... وكان محمد ضعيفاً في الحديث. ولکن قال الشيخ: محمد بن خالد البرقي ثقة... من أصحاب أبي الحسن موسى×... وقال العلّامة في الخلاصة: والاعتماد عندي على قول الشيخ أبي جعفر الطوسي& من تعديله. له بهذا العنوان أکثر من (403) روايات». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسّرة: ص414. النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص335. الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال ‏الطوسي): ص363. العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص139.

 [192] محمّد بن الحسين بن کثير الخزّاز: لم يُذكر اسمه في كتب الرجال، ولكن الذي روى عنه هذه الرواية هو أبان بن عثمان الأحمر، وهو إمامي ثقة، جليل القدر، ومن أصحاب الإجماع، كذلك روى عنه رواةٌ كبار، نظير محمد بن إسماعيل بن بزيع، وحسن بن علي بن فضّال، وهما من أصحاب الإجماع أيضاً، ومن البعيد أن يروي هؤلاء الأجلّاء عن راوٍ ضعيف. وبالتالي يتّضح أنّ محمد بن الحسين بن كثير الخزّاز ثقة، وليس من الضعفاء. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص264. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج2، ص367

[193]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص108.

[194] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص128.

[195]الخوئي، أبو القاسم، معجم ‏رجال ‏الحديث: ج4، ص120.

[196]اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏6، ص492.

[197] ستأتي هذه الروايات من صفحة: 146 ـ 151و صفحة: 154 ـ 157.

[198]«وَفِي حَدِيثِ‏ مُنَاجَاةِ مُوسَى×، وَقَد قَالَ: يَا رَبِّ، لِمَ فَضَّلتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ’ عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: فَضَّلتُهُم لِعَشرِ خِصَالٍ... وَالعَاشُورَاءُ. قَالَ مُوسَی×: يَا رَبِّ، وَمَا العَاشُورَاءُ؟ قَالَ: البُكَاءُ وَالتَّبَاكِي...». المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص318.

«وقَالَ: ابن طَاوُوسٍ رُوِيَ عَن آلِ الرَّسُولِ^ أَنَّهُم قَالُوا: ... وَمَن بَكَى وَأَبكَى وَاحِداً فَلَهُ الجَنَّةُ وَمَن تَبَاكَى فَلَهُ الجَنَّةُ». المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج 44، ص288.

«وَحُكِيَ أَنَّ مُوسَی بنَ عِمرَان÷... قَالَ: يَا رَبِّ، وَمَنِ الحُسَينُ...؟ قَالَ لَهُ: ...وَاعلَم أَنَّهُ مَن بَكَى عَلَيهِ أَو أَبكَى أَو تَبَاكَى حَرَّمتُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ». المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص308.

[199] ستأتي القرائن على وثاقته في صفحة: 146، هامش: 2.

[200] الحسن بن علي بن فضال: ثقةٌ جليل القدر بشهادة الشيخ. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست‏: ص123. صحيحٌ أنّه كان فطحيّ المذهب، ولكنّه رجع إلى الحقّ عند موته. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص34.

[201] المفضّل بن صالح (أبو جميلة): القرائن على وثاقته عبارة عن:

رجّح مؤلّف منتهى المقال وثاقته؛ حيث إنّ هناك شواهد وقرائن على ذلك، مثل «رواية الأجلّة ومَن أجمعت العصابة، کابن أبي عمير، وابن المغيرة، والحسن بن محبوب، والبزنطي في الصحيح يشهد بوثاقته والاعتماد عليه، ويؤيّده کونه کثير الرواية وسديدها، ومفتياً بها، ورواياته صريحة في خلاف الغلو». المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج6، ص309. اُنظر: الصدوق محمد بن علي، کمال الدين وتمام النعمة: ج1، ص286. الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج4، ص46 و188 و389.

وكذلك قال المحدّث النوري: «ولا أدري كيف يحتمل الوضع والكذب مع رواية عيون الطائفة عنه كثيراً... ويؤيّده أنّ الشيخ ذکره في الفهرست، وعدّه من أصحاب الصادق×، ولم يضعفه.». المحدّث النوري، الميرزا حسين، خاتمة المستدرك: ج4، ص309. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال الطوسي): ص308.

 [202] جابر بن يزيد: ثقة، والقرائن على وثاقته عبارة عن: قول الشيخ الطوسي في فهرست ‏الطوسي، ص116: «جابر بن يزيد الجعفي له أصل»، وعدّه الشيخ المفيد في رسالته (المسائل الصاغانية: ص37) ممَّن لم يرِد فيهم طعن ولايمكن القدح فيهم أبداً، وقال ابن الغضائري: «في نفسه ثقة». بينما وردت في رجال الكشي (ص192 و196) روايات كثيرة في مدحه وتجليله. و«عدّه ابن شهر آشوب من خواصّ أصحابه». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص101. قال المحقِّق الخوئي: «إنّ الرجل لا بدّ من عدّه من الثقات الأجلّاء». الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج4، ص25.

 [203]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص222.

 [204] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص161. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص281.

[205] إشكالٌ: لا يمكن الالتزام بصحة هذه الرواية؛ لأنّ في سندها أبا محمد الأنصارِي (عبدالله بن إبراهيم بن حماد الأنصاري)، وقد قال الكشي نقلاً عن نصر بن صباح: «إنّه مجهول غير معروف». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص612.

الجواب: يمكن الإجابة عن الإشكال المتقدّم بأمور:

أولاً: لم تبثت وثاقة نصر بن صباح نفسِه بل قد ذمه النجاشي. النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص428.  والکشي نفسه. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص18.  وصرّح بذلك العلّامة في الخلاصة حيث قال: «نصر ضعيف عندي لا أعتبر بقوله». العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص267.

ثانياً: أشار محمد بن عبد الجبار ـ ضمن رواية ـ إلى أبي محمد الأنصاري قائلاً: «وكان خيّراً». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص127.

ثالثاً: قال النجاشي عن أبي محمد الأنصاري: «من شيوخ أصحابنا». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص218.

[206]الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325.

[207] الخوانساري، أحمد، جامع المدارك: ‏ج5، ص14.

[208]ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص82.

[209] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج5، ص499.

[210] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص500.

[211]النراقي، محمد، مشارق الأحکام: ص229.

[212]الكاشاني، حبيب الله، ذريعة الاستغناء: ص139.

[213] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص164.

[214] آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص109.

[215] النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[216] كاشف الغطاء، محمد حسين، الفردوس الأعلي: ص62.

[217] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص278.

[218]المجلسي، محمد باقر، ملاذ الأخيار: ج14، ص430.

[219] سيأتي الكلام عنه في صفحة: 159 و 163.

[220]اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص92.

[221]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة: ج1، ص327.

[222]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص279.

[223]اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[224]اُنظر: النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[225]اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص447.

[226] الحج: آية30.

[227] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص119

[228] الاسترآبادي، علي، تأويل ‏الآيات ‏الظاهرة: ص332. المحدِّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج9، ص343.

[229] الشوري: آية 23.

[230]«الوُدُّ: المَحَبَّةُ».الطريحي، فخر الدين، مجمع ‏البحرين: ج3، ص159. «وَدَّ الشـي‏ءَ وُدّاً... وَمَوَدَّةً...: أَحَبَّهُ». ابن منظور، محمد بن مكرم،  لسان‏ العرب: ج3، ص453.

[231]«الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيهِ عَن أَبِيهِ(مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِي الطُّوسِي) عَنِ المُفِيدِ عَنِ ابن قُولَوَيهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ(سَعدِ بنِ عَبدِاللهِ القُمّي) عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنصَارِيِّ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ عَن أَبِي عَبدِالله× فِي حَدِيثٍ قَالَ: كُلُّ الجَزَعِ وَالبُكَاءِ مَكرُوهٌ سِوَى الجَزَعِ وَالبُكَاءِ عَلَى الحُسَينِ×».الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص161. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص281.

[232] مرّ الكلام في صفحة: 90.

[233] النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[234]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ والحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ جَمِيعاً عَن أَبِي جَمِيلَة عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ× قَالَ: قُلتُ لَهُ: مَا الجَزَعُ؟ قَالَ: أَشَدُّ الجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالوَيلِ وَالعَوِيلِ وَلَطمُ الوَجهِ وَالصَّدرِ وَجَزُّ الشَّعرِ مِن النَّوَاصِي...».الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص222.

 [235] مرّ البحث في صفحة: 88.

[236]الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشّي): ص344.

[237]محمّد بن علي ما جيلويه: ثقة والقرائن على وثاقته هي: إنّ الصدوق أکثر الرواية عنه مترضِّياً عليه... اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص129. الصدوق، محمد بن علي، التوحيد: ص48. الصدوق، محمد بن علي، ثواب ‏الأعمال: ص137. الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ج1، ص5. الصدوق، محمد بن علي، علل ‏الشرائع: ج1، ص9. الصدوق، محمد بن علي، عيون‏ أخبار الرضا×: ج1، ص18. الصدوق، محمد بن علي، كمال ‏الدين وتمام النعمة: ج1، ص134. الصدوق، محمد بن علي، معاني ‏الأخبار: ص51. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص437.

[238]إبراهيم بن هاشم (أبو إسحاق القمّي): ثقةٌ والقرائن على وثاقته عبارة عن:

قول النجاشي: له کتب، أوّل مَن نشر حديث الکوفيين بقم. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص16. ‏وذکر في منتهى المقال قرائن کثيرة في توثيقه. اُنظر: المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج‏1، ص215. وقال العلّامة: «والأرجح قبول قوله». العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص4. ولقد وثّقه ابن طاووس وادّعى الإجماع على وثاقته، وتبلغ رواياته (6414) رواية في الکتب الأربعة، ولا يوجد في الرواة مثله في کثرة الرواية.

أقول: بل هو فوق الثقة، يعلم ممّا وصفوه به من الکلمات. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص34.

[239] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص129.

[240] محمد بن إبراهيم بن إسحاق: طبقاً لرأي بعض محقّقي الرجال أنّه ثقة؛ لأنّ هناك قرائن تدلّ على وثاقته، منها: أنّه من مشايخ الصدوق وترضّى عليه في المشيخة... له رواية في الفقيه. اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره  الفقيه: ج4، ص381. وروى عنه في کتبه کثيراً . اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص379.

[241]أحمد بن محمد الهمداني: (أحمد بن‏ محمد بن ‏سعيد بن ‏عقدة)، زيدي جارودي، ولكنّه ثقة بشهادة الشيخ. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست‏: ص68.

[242] علي بن الحسن بن علي بن فضّال: فطحي المذهب لكنّه ثقة. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص257.

[243] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 89، هامش: 1.

[244] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص129.

[245] المصدر السابق: ص73.

[246]محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني: وان ضعفّه ابن الوليد، حيث قال: «ما تفرّد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص333.

وقال الشيخ في الفهرست: «ضعيف استثناه أبو جعفر ابن بابويه من رجال نوادر الحكمة وقال: لا أروي ما يختصّ بروايته‏». الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص402.

ولكن حسب رأي الباحثين وعلماء الرجال، فإنّ هذا التضعيف مجرّد وهم، وهو إمامي ثقة جليل القدر. كما وثّقه النجاشي أيضاً .اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص333.

وقال العلّامة في الخلاصة بأنّ رواياته مقبولة. اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص141.

وكذا قال المحقّق الخوئي: «إنّ تضعيف الشيخ كما هو صريح كلامه هنا وفي فهرسته، مبني على استثناء الصدوق وابن الوليد إيّاه من جملة الرجال الذين روى عنهم صاحب نوادر الحكمة، والذي ظهر لنا من كلامهما أنّهما لم يناقشا في محمد بن عيسى بن عبيد نفسه». الخوئي، أبو القاسم، معجم‏ رجال‏ الحديث: ج17، ص116.

[247]القاسم‏ بن‏ يحيى‏ بن‏ الحسن‏ بن‏ راشد: على الرَّغم من تضعيفه من قبل ابن الغضائري. اُنظر: ابن الغضائري،  أحمد بن الحسين، الرجال: ص86.

إلّا أنّه ثقة حسب رأي محقّقي الرجال؛ فهناك قرائن على وثاقته منها:

قول الصدوق في الفقيه بصحة الرواية التي رواها في زيارة الحسين×. اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لايحضره الفقيه: ج2، ص597 و598 وج4، ص484.

وقد مال الوحيد إلى الإعتماد عليه بل وثاقته. اُنظر: المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج5، ص236. وقع في (82) مورداً في الکتب الأربعة عمدتها في الکافي. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص369.

[248] الحسن ‏بن‏ راشد مولى ‏بني ‏العباس: ضعّفه ابن الغضائري. اُنظر: ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال: ص49.

ولكن بناءً علی المختار عند المحققين أنّه ثقة؛ وهناك قرائن على وثاقته منها:

للصدوق إليه طريق. اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لايحضره الفقيه: ج2، ص90.

روي عنه ابن أبي عمير بسندٍ صحيح. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج3، ص104. وقال الوحيد: «هو کثير الرواية وأکثرها مقبولة». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص128.

[249]«يُقَالُ لِعَينِ المَاءِ سَاهِرَةٌ إِذَا كَانَت جَارِيَةً». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص383.

[250]الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ج2، ص611.

[251] عبدالله بن محمد: ثقة والقرائن على وثاقته عبارة عن:

قول الوحيد: «روى عنه محمد بن عيسى بن يحيى أخو أحمد ولم تُستثنَ روايته، وفيه إشعارٌ بالاعتماد عليه، بل لا يبعد الحکم بوثاقته أيضاً، له أکثر من (75) رواية، في الکافي والتهذيبين». الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص96. كما روى عنه رواة كبار من أمثال أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج27، ص363. وعبدالله بن جعفر الحميري. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج2، ص143. وعلي بن إبراهيم بن هاشم. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج8، ص181. ومحمد بن الحسن الصفّار. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج1، ص221. و... ومن البعيد أن يروي كبار الرواة عن الضعيف وغير الثقة.

[252]ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص100.

[253]نبذة موجزة في أصحاب الإجماع: «إنّ أصل هذا الاصطلاح ورد في كلمات الكشّي، حيث عبّر عن اثنين وعشرين راوياً بأنّهم فقهاء وأصحاب الأئمّة^. نقل الشيخ الطوسي عبارته: «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء... زرارة و...». والمستفاد من عبارة الكشي أنّهم فقهاء عظام وبعيدون عن كلّ كذب ووضع، ولهم القدرة على التمييز بين الأخبار الموضوعة والصحيحة. واختلف الفقهاء على ثلاثة آراء في المراد من عبارة الكشي:

الرأي الأوّل: إذا كان سند رواية صحيحاً إلى هؤلاء فيحكم بصحّة تلك الرواية، وإن نقلوها عن الإمام× مرسلاً أو عن الضعيف.

الرأي الثاني: الرواة الموجودون ما بين أصحاب الإجماع والإمام× كلّهم ثقات ورواية أصحاب الإجماع عنهم توثيقٌ لهم.

الرأي الثالث: تدلّ على وثاقة أصحاب الاجماع خاصّة، وهم اثنان وعشرون راوياً، ولا تدلّ على أيّ مطلبٍ آخر». الترابي الشهرضائي، أكبر، پژوهشي در علم رجال (تحقيق في علم الرجال): ص231.

[254]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص112.

[255] الحسن بن علي بن أبي حمزة: إنّه من رؤساء الواقفة بشهادة النجاشي. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص36. وقال الکشي في حقّه: إنّه کذاب. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الکشي): ص443. وضعّفه ابن الغضائري. اُنظر: ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال: ص51.

[256]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص108.

[257] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص 128.

[258] مرّ الكلام فيه في صفحة: 86.

[259] أحمد بن الحسن القطان: رغم أنّه لم يذكر في كتب الرجال إلّا أنّ ذلك لايخل بسند الرواية؛ لوجود  القرائن على وثاقته، منها:

أولاً: إنّه من مشايخ الصدوق. وثانياً: قال الصدوق في وصفه: «هو شيخ كبير لأصحاب الحديث». الصدوق، محمد بن علي، كمال‏الدين وتمام النعمة: ج1، ص67. إذن لايبعد أن نستفيد وثاقة أحمد بن الحسن من شهادة الشيخ الصدوق، وحتّى لو افترضنا عدم ثبوت وثاقته ففي سند الرواية راويان آخران في نفس الطبقة (محمد بن بکران ومحمد بن إبراهيم)، ويمكن أن نصحّح سند الرواية عن طريق إثبات وثاقتهما.

[260] محمد بن بکران النقاش: هناك قرائن على وثاقته، منها:

أنّه من مشايخ الصدوق، ترضّى عليه، له (12) رواية في الوسائل عن العيون والأمالي وفضائل شهر رمضان وغيرها. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص399.

[261] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 101، هامش: 2.

[262] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 89، هامش: 1.

[263]الصدوق، محمد بن علي، عيون‏ أخبار الرضا×: ج1، ص294.

[264]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص175.

[265]الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح ‏المتهجد: ص772.

[266]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص338.

[267] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص 106.

[268] المصدر السابق: ص105.

[269]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص104.

[270] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص61.

[271]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص104.

[272]ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال:ص69.

[273]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص222.

[274] المصدر السابق: ص289.

[275]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص428.

[276] اُنظر: الطوسي، محمد الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص18.

[277] مر الاستدلال في صفحة: 73.

[278]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل ‏الزيارات: ص116.

[279]«وَحَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ عَبدِاللهِ بنِ جَعفَرٍ الحِميَرِي، عَن أبِيهِ، عَن عَلِيِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَالِم، عَن عَبدِاللهِ بنِ حَمَّادِ البَصرِي، عَن عَبدِاللهِ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ الأصَمّ، عَن مُعَاوِيَةِ بنِ وَهَبٍ، قَالَ: إستَأذَنتُ عَلَى أبِي عَبدِاللهِ× وَذَكَرَ مِثلَهُ». ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص117.

[280] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص217.

[281]«مُحَمَّدُ بنُ يَحيَى وَغَيرُهُ، عَن مُحَمَّدِ بنِ أَحمَدَ وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ جَمِيعاً، عَن مُوسَى بنِ عُمَرَ، عَن غَسَّانِ البَصرِيِّ، عَن مُعَاوِيَة بنِ وَهبٍ وَعَلِيّ بنُ إِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ، عَن بَعضِ أَصحَابنا، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ عُقبَةٍ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ، قَالَ: استَأذَنتُ عَلَى أَبِي عَبدِالله×...». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص583.

[282]«أبِي عَلِيُ بنُ الحُسَينِ بنِ بَابِوَيهٍ‏&، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعدُ بنُ عَبدِاللهِ، عَن يَعقُوبِ بنِ يَزِيدٍ، عَن مَحَمّدِ بنِ أبِي عُمَيرٍ، عَن مُعَاوِيَة بنِ وَهَبٍ، قَالَ: دَخَلتُ عَلَى أبِي عَبدِاللهِ×...». الصدوق، محمد بن علي، ثواب ‏الأعمال: ص95.

[283]المشهدي، محمد بن جعفر ، المزار: ص578.

[284]المصدر السابق: ص573.

[285]ابن طاووس، علي، مصباح الزائر: ص446.

[286] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج99، ص104.

[287] المصدر السابق: ج99، ص110‏.

[288]الخوئي، أبو القاسم،  معجم‏ رجال ‏الحديث: ج1، ص51.

[289]الداوري، مسلم، أُصول علم الرجال: ص203.

[290]الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل: ج‏2، ص253.

[291] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج30، ص160.

[292]المشهدي، محمد بن جعفر ، المزار: ص28.

[293] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص398.

[294]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم ‏رجال ‏الحديث: ج16، ص9.

[295]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص338.

[296]اُنظر: المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص27.

[297]الحائري، جعفر، إرشاد العباد: ص58.

[298] الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏6، ص492.

[299]المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص496.

[300]اُنظر: الطباطبائي القمّي، تقي، الدلائل في شرح منتخب المسائل: ج1، ص715.

[301] المراغي، مير عبد الفتاح، العناوين الفقهية: ج1، ص558.

[302] المائدة: آية2.

[303] البقرة: آية158.

[304] الحج: آية32.

[305] النراقي، أحمد، عوائد الأيام: ص23.

[306]البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج2، ص297.

[307]الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج2، ص42.

[308] الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير: ج‏4، ص135.

[309] الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص501.

[310]العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحکام: ج2، ص150.

[311] الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع: ج2، ص172.

[312] الحج: آية32.

[313] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏2، ص46.

[314]الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ‏ج1، ص114.

[315]النجفي، محمد حسن، جواهر الکلام: ج6، ص98.

[316]المصدر السابق: ج‏14، ص87.

[317]الصدر، محمد باقر، بحوث في شرح العروة: ج‏4، ص315.

[318]الحكيم، محسن، مستمسك العروة: ج‏5، ص545.

[319]العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج‏4، ص119.

[320] المصدر السابق: ج‏4، ص227.

[321] الحج: آية32.

[322]الحج: آية30.

[323] الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، القواعد والفوائد: ج‏2، ص159.

[324] المائدة: آية58.

[325]السيوري، المقداد بن عبد الله، کنز العرفان: ج‏1، ص112.

[326] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج‏81، ص103.

[327]الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج6، ص113‏.

[328]الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص62‏‏.

[329] الحج: آية32.

[330]البقرة: آية41.

[331] المائدة: آية57.

[332]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج1، ص362، وج11، ص518، وج12، ص22، و...

[333] المراغي، مير عبد الفتاح، العناوين الفقهية: ج1، ص560.

[334]اُنظر: الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص881.

[335]الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج‏7، ص133.

[336] الحج: آية31.

[337]الحج: آية30.

[338] المائدة: آية2.

[339]اُنظر: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام: ج2، ص282.

[340]«لاَ تُحِلُّوا شَعَائرَ الله، أي: لاَتَستَحِلُّوا تَركَ ذَلِك». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص414.

[341] المائدة: آية2.

[342] الفيض الكاشاني، محمد محسن، التفسير الصافي: ج‏2، ص6.

[343] المائدة: آية2.

[344]المشهدي، محمد بن محمد رضا، تفسير كنز الدقائق: ج‏4، ص25.

[345]الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف: ج‏1، ص601.

[346]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص491.

[347] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 100، هامش: 2.

[348]القاضي المغربي، النعمان بن محمد، الدعائم ‏الإسلام: ج2، ص181.

[349]الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص526.

[350]اُنظر: الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال: ص86.

[351] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، رجال ‏النجاشي: ص424.

[352] اُنظر: الغضائري، أحمد بن الحسين،الرجال : ص89.

[353]اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏3، ص290.

[354]النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏3، ص47.

[355] النراقي، أحمد، عوائد الأيّام: ص31.

[356] المائدة: آية2.

[357]اُنظر: القاضي، المغربي، النعمان بن محمد، تأويل الدّعائم: ج2، ص44.

[358]اُنظر: القاضي، المغربي، النعمان بن محمد، دعائم الإسلام: ج1، ص225.

[359]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[360]اُنظر: ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[361]اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص343.

[362]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، البيان: ص80.

[363]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، الدروس: ج1، ص116.

[364] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، الذكري: ج2، ص47.

[365]اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، زبدة البيان: ص401.

[366]اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج2، ص508.

[367]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص345.

[368]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص332.

[369]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص241.

[370]اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص162.

[371]اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[372]اُنظر: آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص48.

[373]اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص558.

[374]اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص341.

[375]اُنظر: الأشعث، محمد بن محمد، الجعفريات (الأشعثيات): ص208.

[376]اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[377]اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص23.

[378]اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص364.

[379]الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ‏ج9، ص341.

[380] شرف الدين، عبد الحسين، المجالس الفاخرة: ص23.

[381] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص341.

[382] شرف الدين، عبد الحسين،المجالس الفاخرة: ص23.

[383]«...أنَّ رَسُولَ الله صلّی الله عليه وسلّم قَالَ: إنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ». النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج4، ص493.

[384] ستأتي الأدلة في صفحة: 267.

[385] سيأتي البحث في صفحة: 270.

[386]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذکرى الشيعة: ج2، ص47.

[387]اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[388]اُنظر: النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[389]اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص162.

[390]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص345.

[391] الزنجاني، موسى، كتاب النّكاح: ج1، ص2.

[392]اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[393]اُنظر: النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[394]النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص364.

[395] عدّة من أصحابنا: قال العلّامة الحلّي في الخلاصة: «الفائدة الثالثة: قال الشيخ الصدوق محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي في أخبار كثيرة. عدة من أصحابنا... قال: وكلما ذكرته في كتابي المشار إليه (عدّة من أصحابنا) عن سهل بن زياد، فهُم: علي بن محمد بن علان، ومحمد بن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، ومحمد بن عقيل الكليني». العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص271.

وكلّ هؤلاء إماميون ثقات إلّا محمد بن عقيل الکليني؛ فقد قال النجاشي عن علي بن محمد بن علان: «علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلان يُكنّى أبا الحسن ثقة عين». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص260.

وقال عن محمد بن أبي عبدالله (محمد بن جعفر الأسدي): «محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي... يُقال له: محمد بن أبي عبد الله كان ثقة صحيح الحديث‏». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص373.

كما أنّ محمد بن حسن الصفار ثقة بشهادة النجاشي بأنّه إمامي ثقة وجليل القدر. اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص354. وعلى هذا فلا مشكلة في سند الرواية من هذه الناحية.

[396] سهل بن زياد: اختلف علماء الرجال في وثاقة سهل بن زياد؛ ولكنّه ثقة على التحقيق. أمّا القرائن على وثاقته فهي عبارة عن قول في الوجيزة: «سهل بن زياد وعندي لا يضر ضعفه؛ لکونه من مشايخ الإجازه». المجلسي، محمد باقر، الوجيزة في الرجال: ص91.

وذهب بعضٌ ـ کالوحيد ـ إلى وثاقته؛ لکثرة رواياته، ورواية الأجلّاء عنه، وکونه شيخ الإجازه... وقع في (2304) مورداً في الکتب الأربعة. الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسّرة: ص227.

وقال الملا محمّد تقي المجلسي في الروضة: «وكيف يجوز طرح الخبر الذي هو فيه، سيّما إذا كان من مشايخ الإجازة للكتب المشهورة، مع أنّ المشايخ العظام نقلوا عنه كثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، ورئيس المحدّثين محمد بن بابويه وشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي». المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين: ج14، ص262. واستدلّ البعض على وثاقته بأنّ الكليني أكثر الرواية عنه. اُنظر: المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج3، ص427. كما وثّقه الشيخ الطوسي في رجاله. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال ‏الطوسي): ص387.

نعم، صحيحٌ أنّ الشيخ ضعّفه في الفهرست. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست‏: ص228. ولكن يبدو من بعض كلمات الشيخ أنّه ألّف الرجال بعد الفهرست، حيث إنّه قال في مواضع عديدة من كتاب الرجال: «ذکرناه في الفهرست». الطوسي، محمد بن الحسن: ص414، و438.

وعلى هذا فإنّ قوله في الرجال مقدّم على قوله في الفهرست، ولعلّه تساهل وأخطأ في المبادئ الحسيّة بالنسبة إلى وثاقة سهل بن زياد، وهذا أدّى إلى تغيير رأيه. ومن جهةٍ أُخرى فقد أكثر الأجلّاء الرواية عن سهل، وهم من أمثال الکليني، محمد بن علان، الصفار، الصدوق والشيخ الطوسي. وهذه القرائن توجب الاطمئنان بوثاقة سهل.

[397] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 100، هامش: 2.

[398]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص254.

[399] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص163.

[400]اُنظر: المصدر السابق.

[401]«حَدَّثَنَا المُظَفَّرُ بنُ جَعفَرِ بنِ المُظَفَّرِ بنِ العَلَوِي السَّمَرقَندِيE، حَدَّثَنَا جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسعُودِ العَيَّاشِي، عَن أبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ الطَّيَالِسِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي، عَن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ الأزدِي، عَن حَمزَة بنِ حَمرَانٍ، عَن أبِيهِ حَمرَان بنِ أعيَن، عَن أبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيٍ البَاقِرِ÷، قَالَ: كَانَ عَلِي بنُ الحُسَينِ÷ يُصَلّي فِي اليَومِ واللّيلَةِ ألفَ رَكعَةٍ... ولَقَد كَانَ بَكَىٰ عَلَىٰ أبِيهِ الحُسَين× عِشرِينَ سَنَةٍ، ومَا وُضِعَ بَينَ يَدَيهِ طَعَامٌ إلاّ بَكَىٰ حَتّى قَالَ لَهُ مَولًى لَهُ: يَا بن رَسُولِ اللهِ، أمَا أنَ لِحُزنِكَ أن يَنقَضِي؟ فَقَالَ لَهُ: وَيحَكَ، إنَّ يَعقُوبَ النَّبِيِ× كَانَ لَهُ إثنَا عَشَرَ ابناً فَغَيّبَ اللهُ عَنهُ وَاحِداً مِنهُم فَابيَضَّت عَينَاهُ مِن كَثرَةِ بُكَائِهِ عَلَيهِ، وشَابَّ رَأسُهُ مِنَ الحُزنِ، واحدَودَبَ ظَهرُهُ مِنَ الغَمِّ، وكَانَ ابنهُ حَيّاً فِي الدُّنيَا، وأنَا نَظَرتُ إلَى أبِي وأخِي وعَمّي، وسَبعَة عَشَرَ مِن أهلِ بَيتِي َمقتُولِينَ حَولِي، فَكَيفَ ينقَضِي حُزنِي؟!». الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ج2، ص517.

[402] مرّت الرواية في صفحة: 83.

[403]اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص341.

[404] بحثناه في صفحة:  146، هامش: 1، وقلنا إنّه لايخل بسند الرواية.

[405] مرت القرائن على وثاقته في صفحة: 146، هامش: 2.

[406] مرت القرائن على وثاقته في صفحة: 82، هامش: 3.

[407] ذكرنا القرائن على وثاقته في صفحة: 82، هامش:4.

[408]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص262.

[409] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذکرى الشيعة: ج2، ص47.

[410] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص162.

[411] اُنظر:  النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص364.

[412]اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص341.

[413] حميد بن زياد: قال النجاشي: «حميد بن زياد بن حماد... كان ثقةً واقفاً، وجهاً فيهم». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص132.

وقال الشيخ: «حميد بن زياد... ثقة كثير التصانيف‏». الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست‏: ص155. وقع في(478) مورداً. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص177.

[414] الحسن بن محمد بن سماعة: قال عنه النجاشي: «الحسن بن محمد بن سماعة... من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة وكان يعاند في الوقف ويتعصّب‏». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص40. وقال عنه الشيخ: «الحسن بن محمد بن سماعة الکوفي واقفي المذهب، إلّا أنّه جيّد التصانيف نقي الفقه». الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص133.

[415] غير واحد: لا نعلم ما هو المقصود بقوله: «غير واحد» ولا نعلم من هم وهل هم ثقات أم لا؟ ولكن ذهب عدّة من الأعلام إلى الوثوق بأنّ واحداً من غير واحد ثقة على الأقل، ويبعد أن يكونوا جميعاً غير ثقات. اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام ­الخوئي): ج4، ص323. اللنكراني، محمد فاضل، تفصيل الشريعة: ص10.

  [416] أبان بن عثمان الأحمر: ثقةٌ والقرائن على وثاقته أنّه: قال النجاشي: «أبان بن عثمان الأحمر البجلي... له كتاب حسن كبير». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص13.

وعدّه الکشي من أصحاب الإجماع. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص375.

قال العلّامة: «فالأقرب عندي قبول روايته وإن كان فاسد المذهب». العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص21.

وقع في أسناد (700) رواية في الکتب الاربعة. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص20.

[417] أبو بصير (يحيى بن القاسم): قال النجاشي: «يحيى بن القاسم أبو بصير الأسدي... ثقةٌ وجيه». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص441.

وعدّه الکشي من أصحاب الإجماع الأوّل. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص238). اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص503.

أبو بصير: کنية يحيى بن القاسم، وليث البختري، وعبد الله بن محمد الأسدي، ويوسف بن الحارث، وحماد بن عبد الله بن أسيد الهروي، لکن عند الاطلاق منصرف إلى الأوّل ولا أقلّ من ترديده بين الأوّلين وکلاهما ثقه، وغيرهما ليس بمعروف بهذه الکنيه، بل لم يوجد مورد أطلق فيه أبو بصير، وأُريد به غير هذين. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص516.

[418]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص241.

[419]اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص162.

[420]اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص364.

[421]اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام ­الخوئي): ج9، ص341.

[422]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص136.

[423]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص118.

[424]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص420.

[425] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص289.

[426]الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج2، ص48.

[427] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص420.

[428]العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص289.

[429] مر في صفحة: 145.

[430]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن ابن القَدَّاحِ، عَن أَبي عَبدِالله×، قَالَ: ... فَلَمَّا مَاتَ إِبرَاهِيمُ بنُ رَسُولِ الله’ هَمَلَت عَينُ رَسُولِ الله’ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ’: تَدمَعُ العَينُ ويَحزَنُ القَلبُ ولاَ نَقُولُ‏ مَا يُسخِطُ الرَّبَّ وإِنَّا بِكَ يَا إِبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ...». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص262.

[431] مرّ في صفحة: 150.

[432] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص136.

[433] الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص177.

[434] قال بعض العلماء كالإمام الخميني: «إنّ مرسلات الصدوق علىٰ قسمين:

أحدهما: ما أرسله ونسبه إلى المعصوم× بنحو الجزم، كقوله: قال أمير المؤمنين× كذا.

وثانيهما: ما قال: روي عنه× مثلًا. والقسم الأوّل من المراسيل هي المعتمدة المقبولة». الخميني، روح الله، كتاب البيع: ج2، ص628.

ولكنّ هذا الرأي ليس صحيحاً؛ فأكثر ما يفيده اختلاف تعابير الصدوق هو الظنّ، ولا يفيد الاطمئنان، وبعبارةٍ أُخرى: فلعلّ السبب في اختلاف تعابيره على قسمين هو التنويع في التعبير وليس للغاية التي ذكرها هؤلاء العلماء الأجلّاء. والشاهد على ذلك أنّه عندما يروي الصدوق عن زرارة يقول تارة: «قَالَ زُرَارَةُ». الصدوق، محمد بن علي، مَن‏ لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص44. ويقول تارةً أُخرى: «رُوِي عَن زُرَارَة». الصدوق، محمد بن علي، مَن‏ لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص318. فلا بدّ أن نجري التفصيل الذي ذكره هؤلاء العلماء على روايات زرارة أيضاً، ولم يقل أحدٌ بذلك، وهذا يدلّ على أنّ ذلك التفصيل ليس صحيحاً، وإنّما الغاية من تعابير الشيخ الصدوق هي التفنّن في التعبير، وبالتالي فإنّ مرسلات الشيخ الصدوق ضعيفةٌ سنداً.

[435]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص420.

[436]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص118.

[437]الصدوق، محمد بن علي، من‏ لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص183.

[438]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص420.

[439] مرّ الإشكال في صفحة: 149.

[440]الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص187.

[441]اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص420.

[442]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص327. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص283.

[443]اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص92.

[444] محمد بن الحسن الواسطي: ثقةٌ وهناك عدّة قرائن على وثاقته:

القرينة الأُولى: روى الكشي: «حدّثني علي بن محمد القتيبي قال الفضل بن شاذان: محمد بن الحسن كان كريماً على أبي جعفر× وأنّ أبا الحسن× أنفذ نفقته في مرضه وأكفنه وأقام مأتمه عند موته». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص558.

 القرينة الثانية: أشاد به صاحب الوجيزة حيث قال: «کان کريماً علی أبي جعفر×». المجلسي، محمد باقر، الوجيزة في الرجال: ص156.

القرينة الثالثة: روى عنه اثنان من الرواة الأجلّاء العظام:

 أحدهما: أبان بن عثمان الأحمر. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص343. وهو من أصحاب الإجماع بشهادة الكشي. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص375.

والثاني: محمد بن عيسى بن عبيد. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص325. ومن البعيد عرفاً أن يروي الأعاظم عن راوٍ ضعيف. وبضميمة القرائن بعضها مع بعض يحصل اطمئنان بأنّ هذا الراوي ثقةٌ وإماميٌّ.

[445]الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج1، ص465. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص92. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج6، ص5.

[446] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص92.

[447]«(عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا حَدَّثَنَا) سَهلُ بنُ زِيَادٍ وعَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ جَمِيعاً، عَنِ ابن مَحبُوبٍ، عَن عَلِيِّ بنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ الأَوَّلَ× يَقُولُ: إِذَا مَاتَ المُؤمِنُ بَكَت عَلَيهِ المَلَائِكَةُ وَبِقَاعُ الأَرضِ الَّتِي كَانَ يَعبُدُ الله عَلَيهَا، وَأَبوَابُ السَّمَاءِ الَّتِي كَانَ يُصعَدُ أَعمَالُهُ فِيهَا...». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص254.

[448] مرّت في صفحة: 146.

[449]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص327.

[450] الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج6، ص493.

[451] اُنظر: النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[452]اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[453] اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص447.

[454]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص250.

[455] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص327.

[456] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص279.

[457]اُنظر: النراقي، أحمد، مستند الشيعة: ج3، ص318.

[458]اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص447.

[459]الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص187.

[460]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص327.

[461] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص279.

[462]اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص86.

[463]النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص271.

[464]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج1، ص393.

[465]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص337.

[466]ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص69.

[467]كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج‏2، ص279.

[468]«مُحَمَّدُ بنُ أَحمَد بنِ يَحيَى عَن إِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَن أَبِي عَبدِالله × عَن أَبِيهِ × عَن آبَائهِ^ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: ثَلَاثَةٌ مَا أَدرِي أَيُّهُم أَعظَمُ جُرماً؟ الَّذِي يَمشِي مَعَ الجَنَازَةِ بِغَيرِ رِدَاءٍ أَوِ الَّذِي يَقُولُ قِفُوا أَوِ الَّذِي يَقُولُ استَغفِرُوا لَهُ غَفَرَ الله لَكُم». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج1، ص462.

[469]الصدوق، محمد بن علي، مَن‏ لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص174.

[470]اُنظر:  العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج‏7، ص438.

 [471]«مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن أَخَّرَ العِشَاءَ إلَى أَن تَشتَبِكَ النُّجُوم». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل ‏الشيعة: ج4، ص201. «مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن لَم يَنصَح أَخَاه‏». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج12، ص231.

[472] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص69.

[473]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، البيان: ص80.

[474]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص337.

[475]اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج78، ص269.

[476] الأشعث، محمد بن محمد، الجعفريات (الأشعثيات): ص207.

[477] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 100، هامش: 2.

[478]الحسين بن يزيد النوفلي: قال النجاشي: «قال قومٌ من القمّيين: إنّه غلا في آخر عمره، والله أعلم، وما رأينا له روايةً تدلّ على هذا». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص38.

        روي عنه في کامل الزيارات. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل‏ الزيارات: ص98. وفي تفسير القمّي. اُنظر: القمّي، علي بن إبرهيم، تفسير القمّي: ج1، ص149. روي عنه بعنوان النوفلي في أکثر من (800) رواية، وفي عمدتها يروي عن السکوني، وحيث إنّ الأصحاب اعتمدوا على روايات السکوني استکشف کثير من ذلك اعتبار النوفلي أيضاً، ويمکن أيضاً توثيقه من ناحيه أنّه من المعاريف، ولم يرد فيه قدح. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص167.

[479] إسماعيل بن أبي زياد السکوني: وإن كان من أهل السنّة بشهادة ابن داود. اُنظر: ابن داوُد، الحسن بن علي، رجال ابن داود: ص426. ولكنّه ثقة؛ فقد قال عنه الشيخ في العدّة: «عملت الطائفة بما رواه... والسكوني وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا^، فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه». الطوسي، محمد بن الحسن، العُدّه: ج1، ص149.

كما وثّقه المحقّق الحلّي في المعتبر. اُنظر: المحقِّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج‏1، ص252. وذكر في كتابٍ آخر له وهو الرسائل التسع أنّ السكوني عامّي، ولكنّه من الرواة الثقات، ثمّ قال: «قال شيخنا أبو جعفر& في مواضع من كتبه: إنّ الإماميّة مجمعة على العمل بما يرويه السكوني وعمّار ومن ماثلهما من الثقات ولم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهار الصدق». المحقِّق الحلّي، جعفر بن الحسن، الرسائل التسع: ص64

وكذا قال الحائري في منتهى المقال: «تكاثرت رواياته وعامّتها متلقّاة بالقبول، بل ربما ترجّح على رواية العدول». المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج‏2، ص44.

[480]الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج1، ص462.

[481]اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج1، ص393.

[482] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص337.

[483]«بَابُ كرَاهِيَةِ الصِّيَاحِ حَولَ النَّعشِ والمَشيِ بِغَيرِ رِدَاءٍ ...عَن عَلِي بنِ أبِي طَالِبٍ×، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: مَا أدرِي أيُّهُم أعظَمُ جُرماً؟ الّذِي يَمشِي مَعَ الجِنَازَةِ بِغَيرِ رِدَاءٍ أو الّذي يَقُولُ ارفَعُوا أو الّذِي يَقُولُ استَغفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللهُ لَكُم». الأشعث، محمد بن محمد، الجعفريات (الأشعثيات): ص207.

[484]النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص271.

[485]الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص175.

[486] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 85، هامش: 1.

[487] محسن بن أحمد القيسي: لم يرد فيه توثيقٌ خاصّ؛ ولكن هناك قرائن على وثاقته وهي عبارة عن:

إنّه وقع بعنوان محسن بن أحمد في (47) مورداً في الکتب الأربعة أکثرها في الکافي. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص378.

 كما أنّ الأجلّاء أكثروا الرواية عنه، منهم: الحسين بن أشکيب المروزي. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج2، ص464. وأحمد بن حمزة بن اليسع القمّي. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الاحكام: ج9، ص26. وأحمد بن محمد بن خالد البرقي. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج2، ص123. وعيسى الأشعري. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج4، ص309. وعلي بن إبراهيم بن هاشم. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج20، ص124. وكلّهم من الأجلّاء الذين رووا عنه، وكما قلنا سابقا فإنّه من البعيد أن يروي الأجلّاء عن الضعفاء.

[488] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 151، هامش: 4.

[489] إسحاق بن عمار الصيرفي: شهد النجاشي بوثاقته قائلاً: «إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني تغلب أبو يعقوب الصيرفي شيخ من أصحابنا ثقة». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص71.

 كما قال عنه الشيخ الطوسي في الفهرست: «إسحاق بن عمار الساباطي له أصلٌ. وكان فطحياً إلّا أنّه ثقة وأصله مُعتمدٌ عليه». الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص39.

[490] البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص301.

[491]اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص271.

[492] المقصود بالمطلق في هذه النظرية والنظريات اللاحقة هو المعنى الذي يقابل القيود والتفصيلات التالية.

[493] ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[494] المصدر السابق.

[495]المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص342.

[496] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص86.

[497]اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص342.

[498]الأشعث، محمد بن محمد، الجعفريات (الأشعثيات): ص207.

[499]المصدر السابق.

[500]«مُحَمَّدُ بنُ أَحمَد بنِ يَحيَى، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ، عَنِ النَّوفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَن أَبِي عَبدِالله×، عَن أَبِيهِ×، عَن آبَائِهِ^ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: ثَلَاثَةٌ مَا أَدرِي أَيُّهُم أَعظَمُ جُرماً؟ الَّذِي يَمشِي مَعَ الجَنَازَةِ بِغَيرِ رِدَاءٍ أَوِ الَّذِي يَقُولُ: قِفُوا أَوِ الَّذِي يَقُولُ: استَغفِرُوا لَهُ غَفَرَ الله لَكُم». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج1، ص462.

[501] مرّت في صفحة: 172.

[502]اُنظر: الأشعث، محمد بن محمد، الجعفريات (الأشعثيات): ص207.

[503] مرّ الاستدلال في صفحة: 173.

[504] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تلخيص المرام: ص11.

[505] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص291.

[506] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج1، ص393.

[507] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، البيان: ص80.

[508] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص337.

[509] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4 ، ص86.

[510] اُنظر: آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص 48.

[511] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[512] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص86.

[513] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[514] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص344.

[515] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص271.

[516] مرّت القرائن على وثاقته في صفحة: 100، هامش: 2.

[517] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج1، ص61.

[518] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص291.

[519] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج1، ص393.

[520] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص86.

[521] سعدان بن مسلم: لم يوثّق هذا الراوي في كتب الرجال إلّا أنّ هناك قرائن على وثاقته: قال الطوسي: «له أصلٌ أخبرنا به جماعة». الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص226.

وقع في (60) مورداً في الکتب الأربعة. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسّرة: ص211.

رُوي عنه في کامل الزيارات. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص119. وفي تفسير القمي. اُنظر: القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج1، ص29.

كما أكثر الأجلّاء الرواية عنه، منهم: الحسن بن علي بن بقاح. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج7، ص399. والحسن بن علي بن يقطين. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج16، ص175.  والحسين بن سعيد الأهوازي. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج7، ص113. وأحمد بن محمد بن خالد البرقي. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج2، ص108.  وعلي بن الحکم الأنباري. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج2، ص261. ومحمد بن إسماعيل بن بزيع. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج2، ص12، و...

كما روى عنه بعض أصحاب الإجماع، منهم: الحسن بن علي بن فضّال. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص113. والحسن بن محبوب بن السراد. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج3، ص501. وفضالة بن أيّوب. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج3، ص258. ومحمد بن أبي عمير. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج1، ص178. ويُستبعد أن يروي هؤلاء الأجلّاء والأعلام عن راوٍ ضعيفٍ كذّاب.

[522] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[523] الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج1، ص393.

[524] المحاسن: ج2، ص419.

[525] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج 1، ص393.

[526] القاسم بن محمد: رغم أنّه واقفي بشهادة الشيخ الطوسي . اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، (رجال الطوسي): ص342. إلّا أنّ هناك قرائن على وثاقته: وقع في (71) مورداً في الکتب الأربعة. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص368.

وأكثر الأجلّاء الرواية عنه، منهم: الحسين بن سعيد الأهوازي. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج1، ص466. وأحمد بن محمد بن خالد البرقي. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج11، ص360. وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج1، ص112. وعبدالله بن محمد الحجال. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص270. وعلي بن مهزيار. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج2، ص429. وموسى بن القاسم البجلي. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج5، ص61 و...

وروى عنه بعض أصحاب الإجماع أيضاً، كابن أبي عمير. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص456. وصفوان. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج3، ص257. وفضالة بن أيّوب. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج8، ص87. وحمّاد بن عيسى الجهني. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج5، ص259. كما روي عنه في کامل الزيارات أيضاً. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص34.

[527] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[528] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهی المطلب: ج7، ص280.

[529] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص67.

[530] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص125.

[531] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج78، ص269.

[532] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول: ج4، ص123.

[533] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، زاد المعاد: ص356.

[534] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص271.

[535] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج2، ص508. السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص344.

[536]«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَن ابن أَبِي عُمَيرٍ، عَن بَعضِ أَصحَابِهِ، عَن أَبِي عَبدِالله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن يَضَعَ رِدَاءَهُ حَتَّى يَعلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ صَاحِبُ المُصِيبَةِ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[537] مرّ في صفحة: 182.

[538] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج‏2، ص125.

[539] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[540] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص344.

[541] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص271.

[542]«الحُسَينُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن أَحمَدَ بنِ إِسحَاق، عَن سَعدَانَ بنِ مُسلِمٍ، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أَبِي عَبدِالله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن لاَ يَلبَسَ رِدَاءً، وأن يَكُونَ فِي قَمِيصٍ حَتَّى يُعرَفَ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[543] مرّ في صفحة:183.

[544] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[545] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص344.

[546] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص271.

[547]«عَنهُ عَن أَبِيهِ، عَن سَعدَانَ، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أَبِي عَبدِالله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ الجِنَازَةِ أن يُلقِي رِدَاءَهُ حَتَّى يُعرَفَ، ويَنبَغِي لِجِيرَانِهِ أن يُطعِمُوا عَنهُ ثَلاثَةَ أيَّامٍ».البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص419.

[548] مرّ في صفحة: 185.

[549] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص87.

[550] مرّت من صفحة: 182 ـ 185.

[551] النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص271.

[552]«عَنهُ عَن أبِيهِ، عَن مُحسِنِ بنِ أحمَد، عَن أبَان، عَن إسحَاق بنِ عَمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبدِالله×: إنَّ رَسُولَ الله’ مَشَى فِي جِنَازَةِ سَعدٍ بِغَيرِ رِدَاءٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله! تَمشِي بِغَيرِ رِدَاءٍ؟ فَقَالَ: إنِّي رَأيتُ المَلائِكَةَ تَمشِي بِغَيرِ أردِيَة فَأحبَبتُ أن ­أتَأسّي بِهم». البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص301.

[553] مرّت في صفحة: 175.

[554] اُنظر: االعلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص125.

[555] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[556] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص344.

[557] مرّ الإشكال في صفحة : 149.

[558]«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم‏، عَن أَبِيهِ، عَن ابن أَبِي عُمَيرٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عُثمَان قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِسمَاعِيلُ بنُ أَبِي عَبدِالله×، خَرَجَ أَبُو عَبدِالله× فَتَقَدَّمَ السَّرِيرَ بِلاَ حِذَاءٍ، وَلاَ رِدَاءٍ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[559] مرّت في صفحة: 185.

[560] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج‏2، ص125.

[561] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[562] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج‏2، ص344.

[563] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج1، ص189.

[564] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص437.

[565] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص21.

[566] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف،منتهى المطلب: ج‏7، ص437.

[567]«عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيم، عَن أَبِيهِ، عَن ابن أَبِي عُمَيرٍ، عَن بَعضِ أَصحَابِهِ، عَن أَبِي عَبدِالله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن يَضَعَ رِدَاءَهُ حَتَّى يَعلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ صَاحِبُ المُصِيبَةِ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[568]«الحُسَينُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن أَحمَدَ بنِ إِسحَاق، عَن سَعدَانَ بنِ مُسلِمٍ، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أَبِي عَبدِ الله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ المُصِيبَةِ أن لاَ يَلبَسَ رِدَاءً، وَأن يَكُونَ فِي قَمِيصٍ حَتَّى يُعرَفَ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص204.

[569]«عَنهُ، عَن أَبِيهِ، عَن سَعدَانَ، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أبِي عَبدِ الله×، قَالَ: يَنبَغِي لِصَاحِبِ الجِنَازَةِ أن يُلقِي رِدَاءَهُ حَتَّى يُعرَفَ، وَيَنبَغِي لِجِيرَانِه ِأن يُطعِمُوا عَنهُ ثَلاثَةَ أيَّامٍ». البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص419.

[570] مرّت من صفحة:  182 ـ 185.

[571] الحلبي، أبو الصلاح، الكافي في الفقه: ص238.

[572] المصدر السابق.

[573] هذا الإطلاق يقابل القول بالتفصيل الذي سيأتي، والمقصود به أنّ النوحَ حرامٌ ولو كان بالحقّ.

[574] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[575] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص69.

[576] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ‏ج1، ص189.

[577] مرّ الإشكال في صفحة: 145.

[578] الروايات الناهية مثل: «عَن أَبِي عَبدِ الله×، قَالَ: مَن أَنعَمَ الله عَلَيهِ بِنِعمَةٍ فَجَاءَ عِندَ تِلكَ النِّعمَةِ بِمِزمَارٍ فَقَد كَفَرَهَا، وَمَن أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَجَاءَ عِندَ تِلكَ المُصِيبَةِ بِنَائِحَةٍ فَقَد كَفَرَهَا» ، و«عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ÷، عَن آبَائِهِ^، عَنِ النَّبِيِّ’ فِي حَدِيثِ المَنَاهِي: نَهَى عَنِ الرَّنَّةِ عِندَ المُصِيبَةِ، ونَهَى عَنِ النِّيَاحَة»، و«عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ÷، عَن آبَائِهِ^، عَن عَلِيٍّ×، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: أَربَعَةٌ لَا تَزَالُ فِي أُمَّتِي إلَى يَومِ القِيَامَةِ... وَالنِّيَاحَةُ وَإِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا لَم تَتُب­ قَبلَ مَوتِهَا تَقُومُ يَومَ­ القِيَامَةِ وَعَلَيهَا سِربَالٌ مِن قَطِرَانٍ وَدِرعٌ مِن حَرَب». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل­الشيعة: ج17، ص128‏.

[579] النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[580] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحکام: ج6، ص359.

[581] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار: ج3، ص60.

[582] العاملي، محمد جواد، مفتاح الکرامة: ج12، ص183.

[583] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج6، ص359.

[584]«الحُسَينُ بنُ­سَعِيدٍ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَى،­عَن سمَاعَةَ، قَالَ: سَأَلتُهُ[×] عَن ­كَسبِ ­المُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ فَكَرِهَهُ». الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار: ج3، ص60.

[585] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص300 . الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص346.

[586] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال ‏الكشي): ص597.

[587] المصدر السابق: ص556.

[588] اُنظر: العاملي، محمد جواد، مفتاح الکرامة: ج12، ص183.

[589] المصدر السابق.

[590] اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المختصر النافع: ج1، ص116.

[591] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص120.

[592] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص289.

[593] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص423.

[594] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، البيان: ص80.

[595] اُنظر: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، الروضة البهية: ج3، ص213.

[596] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص345.

[597] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص105.

[598] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، زاد المعاد: ص356.

[599] اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[600] اُنظر: آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص48.

[601] اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[602] اُنظر: ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[603] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص21.

[604] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج2، ص57.

[605] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان:  ج8، ص75.

[606] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع: ج2، ص175.

[607] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، النخبة: ص283.

[608] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص557.

[609] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص423.

[610] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص105.

[611] اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[612] اُنظر: ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[613] اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص345.

[614] مرّ في صفحة: 145.

[615] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص117.

[616] مرّ الكلام عنها في صفحة : 146، هامش: 1.

[617] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج‏3، ص557.

[618] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج43، ص213.

[619] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص57.

 [620] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج‏3، ص557.

[621]«وَلَمَّا انصَرَفَ رَسُولُ الله’ مِن وَقعَةِ أُحُدٍ إلَى المَدِينَةِ، سَمِعَ مِن كُلِّ دَارٍ قُتِلَ مِن أَهلِهَا قَتِيلٌ نَوحاً وَبُكَاءً، وَلَم يَسمَع مِن دَارِ حَمزَةَ عَمِّهِ، فَقَالَ’: لَكِنَّ حَمزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ، فَآلَى أَهلُ المَدِينَةِ أن لاَ يَنُوحُوا عَلَى مَيِّتٍ وَلاَ يَبكُوهُ حَتَّى يَبدَءُوا بِحَمزَةَ فَيَنُوحُوا عَلَيهِ وَيَبكُوهُ، فَهُم إلى اليَومِ عَلَي ذَلِكَ». الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص183.

[622] مرّت في صفحة: 156.

[623] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص57.

[624] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج‏3، ص557.

[625] اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص425.

[626] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص557.

[627] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذکرى الشيعة: ج2، ص59.

[628] الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏7، ص26.

[629] هذا الإطلاق يقابل القول بالتقصيل الذي سيأتی.

[630] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج2، ص57.

[631] اُنظر: البهائي، محمد بن الحسين، الحبل المتين: ص69.

[632] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص271.

[633] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص89.

[634] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، زاد المعاد: ص357.

[635] اُنظر: المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج2، ص449.

[636] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص171.

[637] اُنظر: البهائي، محمد بن الحسين، الحبل المتين: ص69.

[638] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص225.

[639] اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص348.

[640] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج2، ص57.

[641] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص108.

[642] النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص369.

[643] القاسم بن سليمان: القرائن على وثاقته أنّه: روى عنه في کامل الزيارات. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص321‏. وتفسير القمّي. اُنظر: القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج1، ص34.

وللصدوق إليه طريقٌ صحيح في مشيخة الفقيه، ورواياته تبلغ (119) مورداً. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص366.

 ولقد روى عنه رواة كبار، كالحسين بن سعيد الأهوازي. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج2، ص632. ونضر بن سويد. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج1، ص430. كما روى عنه بعض أصحاب الإجماع، كيونس بن عبد الرحمن. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج7، ص113. وحمّاد بن عيسى. اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج7، ص397.

[644] جرّاح المدائني: القرائن على وثاقته أنّه: للصدوق إليه طريق، وروى عنه في کامل الزيارات. اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزيارات: ص321. رواياته بعنوان جرّاح المدائني تبلغ (65) مورداً في الکتب الأربعة. اُنظر: الترابي الشهرضائي، أكبر، الموسوعة الرجالية الميسرة: ص102.

[645] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص226.

[646]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ جَمِيعاً، عَن أَبِي جَمِيلَة، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ× قَالَ: قُلتُ لَهُ: مَا الجَزَعُ؟ قَالَ: أَشَدُّ الجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالوَيلِ وَالعَوِيلِ، وَلَطمُ الوَجهِ وَالصَّدرِ، وَجَزُّ الشَّعرِ مِنَ النَّوَاصِي، وَمَن أَقَامَ النُّوَاحَةَ فَقَد تَرَكَ الصَّبرَ وَأَخَذَ فِي غَيرِ طَرِيقِهِ، وَمَن صَبَرَ وَاستَرجَعَ وَحَمِدَ الله} فَقَد رَضِيَ بِمَا صَنَعَ الله وَوَقَعَ أَجرُهُ عَلَى الله، وَمَن لَم يَفعَل ذَلِكَ جَرَى عَلَيهِ القَضَاءُ وَهُوَ ذَمِيمٌ وَأَحبَطَ الله تَعَالَى أَجرَهُ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص222.

[647] مرّ في صفحة: 88.

[648] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص89.

[649] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج4، ص153.

[650] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص30.

[651] اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص346.

[652] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص30.

[653] مرّ الإشكال في صفحة: 145.

[654]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، عَن عَلِيِّ بنِ عُقبَة، عَنِ امرَأَةِ الحَسَنِ الصَّيقَلِ، عَن أَبِي­عَبدِالله×، قَالَ: لاَيَنبَغِي ­الصِّيَاحُ­ عَلَى ­المَيِّتِ­ وَلاَشَقُّ الثِّيَابِ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص225

[655] مرّ في صفحة: 207.

[656] الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص30.

[657] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص346.

[658]«وَذَكَرَ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِالله× عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلَى أَبِيهِ، أَو عَلَى أُمِّهِ، أَو عَلَى أَخِيهِ، أَو عَلَى قَرِيبٍ لَهُ، فَقَال: ‏... ‏لاَ شَي‏ءَ فِي لَطمِ الخُدُودِ، سِوَى الاستِغفَارِ وَالتَّوبَةِ». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج8، ص325.

[659] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص153.

[660] اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[661] اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص448.

[662] اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[663] اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص448.

[664] المرعشي، شهاب الدين، منهاج المؤمنين: ج1، ص120.

[665] اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص346.

[666] اُنظر: المصدر السابق.

[667]«وَذَكَرَ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِالله×... وَإِذَا خَدَشَتِ المَرأَةُ وَجهَهَا، أَو جَزَّت شَعرَهَا، أَو نَتَفَتهُ، فَفِي جَزِّ الشَّعرِ عِتقُ رَقَبَةٍ، أَو صِيَامُ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ، أَو إِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناً، وَفِي الخَدشِ إِذَا دَمِيَت وَفِي النَّتفِ كَفَّارَةُ حِنثِ يَمِينٍ، وَلا شَي‏ءَ فِي اللَّطمِ عَلَى الخُدُودِ سِوَى الِاستِغفَارِ وَالتَّوبَة». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325.

[668] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص346.

[669]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، جَمِيعاً عَن أَبِي جَمِيلَة، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ×، قَالَ: قُلتُ لَهُ: مَا الجَزَعُ؟ قَالَ: أَشَدُّ الجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالوَيلِ وَالعَوِيلِ، وَلَطمُ الوَجهِ وَالصَّدرِ، وَجَزُّ الشَّعرِ مِن النَّوَاصِي...». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص222.

[670] مرّت في صفحة: 88.

[671]الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيه: «عَن أَبِيهِ، عَنِ المُفِيدِ، عَنِ ابن قُولَوَيهِ، عَن أَبِيهِ، عَن سَعدٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ، عَن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنصَارِيِّ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ، عَن أَبِي عَبدِالله× فِي حَدِيثٍ قَالَ: كُلُّ الجَزَعِ وَالبُكَاءِ مَكرُوهٌ سِوَى الجَزَعِ وَالبُكَاءِ عَلَى الحُسَينِ×». الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص161. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص281..

[672] مرّت في صفحة: 90.

[673] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشّي): ص612.

[674] تقدّم بيانه في صفحة: 90، هامش: 2.

[675] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[676] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص69.

[677] اُنظر: ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[678] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص136.

[679] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، البيان: ص80.

[680] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج2، ص56.

[681] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع: ج2، ص175.

[682] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، النخبة: ص283.

[683] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص105.

[684] اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص426.

[685] اُنظر: آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص48.

[686] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج2، ص279.

[687] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص557.

[688] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص367.

[689] اُنظر: النجفي محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[690] اُنظر: المامقاني، محمد حسن، غاية الآمال: ج1، ص127.

[691] اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص448.

[692] اُنظر: الحكيم، محسن، مستمسك العروة: ج4، ص267.

[693] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص27.

[694] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[695] اُنظر: ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج1، ص173.

[696] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع: ج2، ص175.

[697] مرّ الإشكال في صفحة: 145.

[698] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص56.

[699] اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع: ج2، ص175.

[700] اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص426.

[701] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيام: ج3، ص557.

[702] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص367.

[703]«عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ جَمِيعاً، عَن أَبِي جَمِيلَة، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ×، قَالَ: قُلتُ لَهُ: مَا الجَزَعُ؟ قَالَ: أَشَدُّ الجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالوَيلِ وَالعَوِيلِ، وَلَطمُ الوَجهِ وَالصَّدرِ، وَجَزُّ الشَّعرِ مِنَ النَّوَاصِي، وَمَن أَقَامَ النُّوَاحَةَ فَقَد تَرَكَ الصَّبرَ... عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ، عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ، عَن أَبِي جَمِيلَة، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ× مِثلُهُ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص222.

[704] مرّ في صفحة: 88.

[705] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏7، ص27.

[706] الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيه عَن أَبِيهِ (مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِي الطُّوسِي)، عَنِ المُفِيدِ، عَنِ ابن قُولَوَيهِ، عَن أَبِيهِ، عَن سَعدٍ (سَعدِ بنِ عَبدِاللهِ القُمّي)، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ، عَن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنصَارِيِّ (عَبدِاللهِ بنِ إبرَاهِيمِ بنِ حَمّادِ الأنصَارِي)، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ، عَن أَبِي عَبدِالله× فِي حَدِيثٍ قَالَ: «كُلُّ الجَزَعِ وَالبُكَاءِ مَكرُوهٌ سِوَى الجَزَعِ وَالبُكَاءِ عَلَى الحُسَينِ×». الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص161. اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، الفصول المهمة في أُصول الأئمّة: ج3، ص413.

[707] مرّ في صفحة: 90.

[708] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج8، ص325.

[709] مرّت في صفحة: 91.

[710] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص56.

[711] اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص557.

[712] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج‏4، ص367.

[713] الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص176.

[714] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص56.

[715] المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك ‏الوسائل: ج2، ص452.

[716] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏7، ص27.

[717] الممتحنة: آية12.

[718] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص526.

[719] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج‏7، ص27.

[720] المقصود بهذا الإطلاق هو ما يقابل التفاصيل التي سنذكرها.

[721] ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج3، ص78، وج1، ص172.

[722] اُنظر: الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ج12، ص441.

[723] الطباطبائي، علي، الشرح الصغير: ج2، ص476.

[724] اُنظر: النجفي، محمد حسن، نجاة العباد: ص42.

[725] اُنظر: اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص448.

[726] الحكيم ، محسن، مستمسك العروة: ج4، ص267.

[727] ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج3، ص78.

[728] ابن إدريس الحلّي، محمد بن منصور، السرائر: ج3، ص78.

[729] الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ج12، ص441.

[730] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص347.

[731] اُنظر: الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص447.

[732] المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك ‏الوسائل: ج2، ص456.

[733] الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسكن‏ الفؤاد: ص 108.

[734] الممتحنة: آية12.

[735] المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج2، ص382. اُنظر: الطبرسي، علي، مشكاة الأنوار: ص203.

[736]«الشَّهِيدُ الثَّانِي فِي مُسَكِّنِ الفُؤَادِ، عَنِ ابن مَسعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ». المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج2، ص452.

[737] مرّ في صفحة: 221.

[738] الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص448.

[739] مرّ في صفحة: 91.

[740] الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[741] اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، المقنعة: ص573.

[742] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى: ص573.

[743] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج7، ص424.

[744] اُنظر: المحقّق الكركي، علي بن الحسين، جامع المقاصد: ج1، ص454.

[745] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص105.

[746] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274.

[747] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل: ج2، ص195.

[748] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274.

[749] قال عنه النجاشي: «إسحاق بن محمد بن أحمد... وهو معدن التخليط». النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: ص73. وقال ابن الغضائري: «إسحاق بن محمد بن أحمد... لا يلتفت إلى ما رواه». الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال: ص41. وعلى هذا فإنّ النجاشي وابن الغضائري يشهدان بعدم وثاقته.

[750] اُنظر: الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[751] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص326.

[752] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص152.

[753] مرّ الجواب في صفحة: 231.

[754] اُنظر: الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[755]اُنظر: المصدر السابق.

[756] مرّ الدليل الأول في صفحة: 225.

[757] مرّ الدليل الثاني في صفحة: 218.

[758] الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص506.

[759] السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص344.

[760] الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص556.

[761] الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص447.

[762] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص347.

[763]الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص347.

[764] «الشَّهِيدُ الثَّانِي فِي مُسَكِّنِ الفُؤَادِ، عَن ابن مَسعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله’: لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ». المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج2، ص452.

[765] مرّت في صفحة: 221.

[766] الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[767] مرّ في صفحة: 222.

[768] «عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَى، عَن أَبِي أَيُّوب الخَزَّازِ، عَن رَجُلٍ، عَن أَبِي عَبدِالله× فِي قَولِ الله : (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ). قَالَ: المَعرُوفُ أن لاَ يَشقُقنَ جَيباً، وَلاَ يَلطِمنَ خَدّاً...».الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص526.

[769] مرّت في صفحة: 222.

[770] الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[771]«دَعَائِمُ الإِسلَامِ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ÷ أَنَّهُ أَوصَى عِندَ مَا احتُضِرَ، فَقَالَ: لاَ يُلطَمَنَّ عَلَيَّ خَدٌّ، وَلاَ يُشَقَّنَّ عَلَيَّ جَيبٌ، فَمَا مِنِ امرَأَةٍ تَشُقُّ جَيبَهَا إِلاّ صُدِعَ لَهَا فِي جَهَنَّمَ صَدعٌ، كُلَّمَا زَادَت زِيدَت». المحدّث النوري، الميرزا حسين، مستدرك ‏الوسائل: ج2، ص456.

[772] مرّت في صفحة: 226.

[773] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص349.

[774] اُنظر: الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج2، ص418.

[775] آل عصفور البحراني، حسين، سداد العباد: ص49.

[776] اُنظر: المصدر السابق.

[777] هذا الإطلاق يعني أنّه يجوز للمرأة أن تشقّ ثوبها سواء کان علی الأب والأخ، أم غيرها.

[778] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص289.

[779] الصدوق، محمد بن علي، مَن‏ لايحضره ‏الفقيه: ج1، ص174.

[780] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الأحكام: ج2، ص289.

[781] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب‏ الأحكام: ج8، ص325.

[782] مرّ في الصفحة: 91.

[783] الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، ذكرى الشيعة: ج‏2، ص57.

[784] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص151.

[785] هذا الإطلاق يعني أنّه يجوز للرجل والمرأة.

[786] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[787] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الوسيلة: ص69.

[788] اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام: ج1، ص35.

[789] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، إرشاد الأذهان: ج1، ص264.

[790] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص20.

[791] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص121.

[792] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تلخيص المرام: ص11.

[793] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكي، البيان: ص81.

[794] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكي، غاية المراد: ج1، ص183.

[795] اُنظر: السيوري، مقداد بن عبد الله، التنقيح الرائع: ج3، ص399.

[796] اُنظر: ابن فهد الحلّي، أحمد بن محمد، المهذّب البارع: ج3، ص566.

[797] اُنظر: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، حاشية الإرشاد: ج1، ص183.

[798] اُنظر: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام: ج1، ص104.

[799]اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج2، ص506.

[800] اُنظر: العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام: ج2، ص155.

[801]اُنظر: السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد: ج2، ص344.

[802]اُنظر: الفيض الكاشاني، محمد محسن،النخبة: ص283.

[803]اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة (منتخب المسائل): ج1، ص332.

[804]اُنظر: المازندراني، محمد صالح، شرح فروع الكافي: ج2، ص304.

[805]اُنظر: النراقي، مهدي، معتمد الشيعة: ص426.

[806]اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج2، ص279.

[807]اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيّام: ج3، ص556.

[808] اُنظر: النجفي محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص367.

[809]اُنظر: الأنصاري، مرتضى، كتاب الصلاة: ج2، ص205.

[810]اُنظر: الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج5، ص446.

[811]اُنظر: الخوانساري، محمد تقي، رسالة في الدماء الثلاثة وأحکام الأموات: ص428.

[812]اُنظر: السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج4، ص247.

[813]اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى: ج7، ص28.

[814]اُنظر: الميرزا القمّي، أبو القاسم، غنائم الأيام: ج‏3، ص556.

[815] اُنظر: المازندراني، محمد صالح، شرح فروع الكافي: ج2، ص304.

[816] مرّ الإشكال في صفحة: 145.

[817] مرّ الإشكال في صفحة: 145.

[818]اُنظر: السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج‏4، ص247.

[819] مرّ في صفحة: 234.

[820] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص347.

[821] الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص447.

  [822]«وَلَمَّا قُبِضَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَسكَرِيُّ÷، رُئِيَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ÷، قَد خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَقَد شُقَّ قَمِيصُهُ مِن خَلفٍ وقُدَّامٍ».الصدوق، محمد بن علي، مَن ‏لا يحضره ‏الفقيه: ج1، ص174.

[823] مرّت في صفحة: 237.

[824] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص121.

[825]اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج2، ص506.

[826] الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص449.

[827]«عَلِيُّ بنُ عِيسى فِي كِتَابِ كَشفِ الغُمَّةِ نَقلًا مِن كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبدِ الله بنِ جَعفَرٍ الحِميَرِيِّ، عَن أَبِي هَاشِمٍ الجَعفَرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ× فِي جَنَازَةِ أَبِي الحَسَنِ× وَقَمِيصُهُ مَشقُوقٌ، فَكَتَبَ إِلَيهِ ابن عَونٍ مَن رَأَيتَ أَو بَلَغَكَ مِنَ الأَئِمَّةِ شَقَّ قَمِيصَهُ فِي مِثلِ هَذَا؟ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ×: يَا أَحمَقُ! وَمَا يُدرِيكَ مَا هَذَا قَد شَقَّ مُوسَی× عَلَى هَارُونَ×». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274. اُنظر: الإربلي، علي بن أبي الفتح، كشف‏ الغمّة: ج2، ص418.

 [828] مرّت في صفحة: 229.

[829] الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص572.

[830]«أحمَدُ بنُ عَليٍ قَالَ: حَدّثَنِي إسحَاق قَالَ: حَدّثَنِي إبرَاهِيمُ بنُ الخَضِيبِ الأنبَارِي قَالَ: كَتَبَ أبُو عَونِ الأبرَشِ قَرَابَةَ نَجَاحِ بنِ سَلمَةِ إلَى أبِي مُحَمّدٍ×: أنّ النّاسَ قَد استَوحَشُوا مِن شَقّكَ ثَوبَك عَلَى أبِي الحَسَنِ×، فَقَالَ: يَا أحمَقُ! مَا أنتَ وَذَاكَ! قَد شَقَّ مُوسَی× عَلَى هَارُون ×». الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص572.

[831] مرّت في صفحة: 229.

[832] الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال‏ الكشي): ص572.

[833] اُنظر: الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج5، ص449.

[834] المصدر السابق: ج5، ص450.

[835] الخوانساري، محمد تقي، رسالة في الدماء الثلاثة وأحکام الأموات: ص431.

[836] مرّ في صفحة: 229.

[837]«وَذَكَرَأَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِه، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِالله×، عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلى أَبِيهِ، أَو عَلى أُمِّهِ، أَو عَلَى، أَخِيهِ أَو عَلَى قَرِيبٍ لَهُ؟ فَقَال×: ‏... ‏لا شَي‏ءَ في لَطمِ الخُدُودِ، سِوَى الإستِغفَارِ وَالتَّوبَةِ، وَقَد شَقَقنَ الجُيُوبَ وَلَطَمنَ الخُدُودَ الفَاطِمِيَّاتُ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ÷». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325.

[838] مرّت في صفحة: 91.

[839] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان:  ج‏2، ص 507.

[840]الواردة في رواية الصيقل، وهي: «عِدَّةٌ مِن أَصحَابنا، عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، عَن عَلِيِّ بنِ عُقبَة، عَنِ امرَأَةِ الحَسَنِ الصَّيقَلِ، عَن أَبِي عَبدِالله× قَالَ: لاَ يَنبَغِي الصِّيَاحُ عَلَى المَيِّتِ وَلاَ شَقُّ الثِّيَابِ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص225.

[841] اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص508.

[842]«وَذَكَرَأَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِه قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ الله× عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلَى أَبِيهِ، أَو عَلَى أُمِّهِ، أَو عَلَى أَخِيهِ، أَو عَلَى قَرِيبٍ لَهُ؟ فَقَالَ: لا بَأسَ بِشَقِّ الجُيُوبِ..‏.». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325.

[843] مرّ في صفحة: 238.

[844]اُنظر: السيوري، مقداد بن عبد الله، التنقيح الرائع: ج‏3، ص399.

[845]«عَلِيُّ بنُ عِيسَى فِي كِتَابِ كَشفِ الغُمَّةِ، نَقلًا مِن كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبدِالله بنِ جَعفَرٍ الحِميَرِيِّ، عَن أَبِي هَاشِمٍ الجَعفَرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ× فِي جَنَازَةِ أَبِي الحَسَنِ× وَقَمِيصُهُ مَشقُوقٌ، فَكَتَبَ إِلَيهِ ابن عَونٍ مَن رَأَيتَ أَو بَلَغَكَ مِنَ الأَئِمَّةِ شَقَّ قَمِيصَهُ فِي مِثلِ هَذَا؟ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ×: يَا أَحمَقُ! ومَا يُدرِيكَ مَا هَذَا؟ قَد شَقَّ مُوسَی× عَلَى هَارُونَ×». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل ‏الشيعة: ج3، ص274. «وَعَنهُ عَن إِسحَاقَ ابنِ مُحَمَّدٍ، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ الخَضِيبِ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو عَونٍ الأَبرَشُ قَرَابَةُ نَجَاحِ بنِ سَلَمَةَ إلَى أَبِي مُحَمَّدٍ× أنّ النَّاسَ قَدِ استَوهَنُوا مِن شَقِّكَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ×، فَقَالَ: يَا أَحمَقُ! مَا لَكَ وذَاكَ؟ قَد شَقَّ مُوسَی× عَلَى هَارُونَ×». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274.

[846] مرّ في صفحة: 229.

[847]اُنظر: السيوري، مقداد بن عبد الله، التنقيح الرائع: ج‏3، ص399.

[848]اُنظر: الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج‏2، ص507.

[849] الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج‏1، ص189.

[850] الهمداني، آقا رضا، مصباح الفقيه: ج‏5، ص447.

[851] الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج‏9، ص348.

[852] ابن سعيد الحلّي، يحيى، الجامع للشرائع: ص419.

[853] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، الدروس: ج2، ص178.

[854]«وَذَكَرَأَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدِ القُمِّيِّ فِي نَوَادِرِهِ قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، عَن أَخِيهِ جَعفَرِ بنِ عِيسَى، عَن خَالِدِ بنِ سُدِيرٍ أَخِي حَنَانِ بنِ سُدِيرٍ، قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ الله×، عَن رَجُلٍ شَقَّ ثَوبَهُ عَلَى أَبِيهِ أَو عَلَى أُمِّهِ، أَو عَلَى أَخِيهِ، أَو عَلَى قَرِيبٍ لَهُ؟ فَقَالَ: لا بَأسَ بِشَقِّ الجُيُوب، قَد شَقَّ مُوسَى بنُ عِمرَانَ÷ عَلَى أَخِيهِ هَارُونَ×، ولا يَشُقَّ الوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ، وَلا زَوجٌ عَلَى امرَأَتِهِ وتَشُقُّ المَرأَةُ عَلَى زَوجِهَا...». الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب ‏الأحكام: ج8، ص325‏.

[855] مرّ في صفحة: 238.

[856] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمد بن مكّي، الدروس: ج2، ص178.

[857] المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين: ج1، ص462.

[858]«عَلِيُّ بنُ عِيسَى فِي كِتَابِ كَشفِ الغُمَّةِ، نَقلًا مِن كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبدِالله بنِ جَعفَرٍ الحِميَرِيِّ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجَعفَرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ× فِي جَنَازَةِ أَبِي الحَسَنِ× وقَمِيصُهُ مَشقُوقٌ فَكَتَبَ إِلَيهِ ابن عَونٍ مَن رَأَيتَ أَو بَلَغَكَ مِنَ الأَئِمَّةِ شَقَّ قَمِيصَهُ فِي مِثلِ هَذَا؟ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَبُومُحَمَّدٍ×: يَاأَحمَقُ! ومَا يُدرِيكَ مَا هَذَا! قَدشَقَّ مُوسَی× عَلَی هَارُونَ×». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274.

[859]«وَلَمَّا قُبِضَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَسكَرِيُّ÷ رُئِيَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ÷ قَد خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَقَد شُقَّ قَمِيصُهُ مِن خَلفٍ وقُدَّامٍ». الصدوق، محمد بن علي، مَن‏ لايحضره‏ الفقيه: ج1، ص174.

[860]«وَعَنهُ، عَن إِسحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ الخَضِيبِ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو عَونٍ الأَبرَشُ قَرَابَةُ نَجَاحِ بنِ سَلَمَةَ إلَى أَبِي مُحَمَّدٍ× أنّ النَّاسَ قَدِ استَوهَنُوا مِن شَقِّكَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ×، فَقَالَ: يَا أَحمَقُ! مَا لَكَ وَذَاكَ؟ قَد شَقَّ مُوسَی× عَلَی هَارُونَ×». الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص274.

[861]«وَعَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيَى وغَيرِهِ، عَن سَعدِ بنِ عَبدِالله، عَن جَمَاعَةٍ مِن بَنِي هَاشِمٍ، مِنهُمُ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ الأَفطَسِ، أَنَّهُم حَضَرُوا ـ يَومَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ÷ ـ بَابَ أَبِي الحَسَنِ× يُعَزُّونَهُ... إِذ نَظَرَ إلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ÷ قَد جَاءَ مَشقُوقَ الجَيبِ». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص326.

[862] مرّت الروايات في الصفحات: 229 و231 و237.

[863] يقصد بالمطلق ما يقابل كلّ التفاصيل التي سبق ذكرها.

[864] اُنظر: الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص349.

[865] الطباطبائي القمّي، تقي، الدلائل: ج1، ص715.

[866]الغروي، الميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقريراً لأبحاث السيّد أبي القاسم الخوئي) (موسوعة الإمام الخوئي): ج9، ص349.

[867] العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام: ج‏2، ص155.

[868] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج‏4، ص151.

[869] مرّ في صفحة: 91.

[870] اُنظر: الجزيري، عبد الرحمن، والغروي، محمد، وياسر، مازح، الفقه على المذاهب الأربعة: ج1، ص484.

[871] هذا الإطلاق يقابل التفاصيل التي ستأتي في النظريات التالية.

[872] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص731.

[873] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص406.

[874] اُنظر: الشربيني، محمد بن أحمد، مغني المحتاج: ج2، ص43.

[875] اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص343.

[876] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص118.

[877] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.

[878] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص406.

[879] اُنظر: ابن تيمية، عبد السلام بن عبد الله، المحرّر في الفقه: ج1، ص207.

[880] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص118.

[881] اُنظر: الجزيري ، عبد الرحمن، والغروي، محمد، ومازح، ياسر،  الفقه على المذاهب الأربعة: ج1، ص682.

[882] اُنظر: القرافي، أحمد بن إدريس، الذخيرة: ج2، ص446.

[883] اُنظر: كوكب عبيد، فقه العبادات: ج1، ص258.

[884] الشربيني، محمد بن أحمد، مغني المحتاج: ج2، ص43.

[885] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص406.

[886] اُنظر: المصدر السابق: ج2، ص407.

[887] هذا الإطلاق يقابل القيود المذكورة في النظريات التالية.

[888] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[889] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص230.

[890] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذکرة الفقهاء: ج2، ص120.

[891] البهوتي، منصور بن يونس، کشاف القناع: ج2، ص163.

[892] ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص230.

[893] القسطلاني، أحمد بن محمد، إرشاد الساري: ج2، ص406.

[894] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.

[895] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[896] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذکرة الفقهاء: ج2، ص120.

[897] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص430.

[898] المصدر السابق.

[899] ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[900] اُنظر: جماعة من العلماء ,  الموسوعة الفقهية (تصدرها وزارة الأوقاف الكويتية): ج8، ص172.

[901] اُنظر: البهوتي، منصور بن يونس، کشاف القناع: ج2، ص163.

[902] التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص786.

[903] المصدر السابق: ج2، ص732.

[904] الجزيري ، عبد الرحمن، والغروي، محمد، ومازح، ياسر،  الفقه على المذاهب الأربعة: ج1، ص484.

[905] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة: ج1، ص52.

[906] هذا الإطلاق يقابل التفصيل الذي سيأتي في النظريات التالية.

[907] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص317.

[908] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص80. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص639.

[909] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص731.

[910] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص638 .

[911]«الطَّعنُ‏: القَتلُ بِالرّمَاحِ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص266.

[912] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص639.

[913] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص317.

[914] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص79 . النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص641.

[915] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج5، ص77. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج5، ص4.

[916] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص318.

[917] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج2، ص116.

[918] النووي، يحيى بن شرف، شرح النووي على صحيح مسلم: ج6، ص228.

[919] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج5، ص159.

[920] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص642.

[921] السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود: ج3، ص194.

[922] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص108.

[923] الشافعي، محمد بن إدريس، اختلاف الحديث: ج8، ص648.

[924] الأنعام: آية164. الإسراء: آية15. فاطر: آية18. والزمر:آية7.

[925] الأنعام: آية164. الإسراء: آية15. فاطر: آية18. والزمر:آية7.

[926] النجم: آية39.

[927] الزلزلة: آية8.

[928] طه: آية15.

[929] الشافعي، محمد بن إدريس، اختلاف الحديث: ج8، ص648.

[930] اُنظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الکلام: ج4، ص365.

[931] ابن عبد ربّه، أحمد بن محمد، العقد الفريد: ج3، ص191.

[932] ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنّف: ج3، ص45. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك: ج3، ص332.       

[933]«نَقعُ الصَّوتِ: إذَا ارتَفَعَ». الفراهيدي، الخليل بن أحمد، کتاب العين: ج1، ص171.

[934]«اللَّقلَقَةُ: شِدَّةُ الصَّوتِ». الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج5، ص233.

[935] ابن عبد ربّه، أحمد بن محمد، العقد الفريد: ج3، ص192.

[936] ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنّف: ج3، ص62.

[937] اُنظر: المزي، يوسف، تهذيب الکمال: ج24، ص416، و419.

[938]«حَدَّثَنَا أَحمَدُ بنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، عَن أَيُّوبَ، عَن حُمَيدِ بنِ هِلاَلٍ، عَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلّی الله عليه وسلّم نَعَى زَيدًا وَجَعفَرًا وَابن رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبلَ أَن يَأتِيَهُم خَبَرُهُم، فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابن رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ. وَعَينَاهُ تَذرِفَانِ...». البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج13، ص43.

[939]«وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمّدُ بنُ مُسلِمٍ، عَن يَحيَى بنِ يَعلَى، سَمِعتُ عَبدِاللهِ بنِ جَعفَرٍ يَقُولُ: أنَا أحفَظُ حِينَ دَخَلَ رَسُولُ الله صلّی الله عليه وسلّم عَلى أمِّي، فَنَعَى لَهَا أبِي، فَأنظُرُ إلَيهِ وَهُوَ يَمسَحُ عَلى رَأسِي وَرَأسِ أخِي، وَعَينَاهُ تُهرَقَانِ الدُّمُوعِ...». الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: ج2، ص89.

[940] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص644. ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنّف: ج3، ص60.

[941]«حَدَّثَنَا هُدبَةُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ زَيدًا، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَامٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشعَرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ... إسنَادُهُ صَحيِحٌ». أبو يعلى، أحمد بن علي، مسند أبي يعلي: ج3، ص148.

[942] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص731.

[943] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص84. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص645.

[944] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص731.

[945] هذا الإطلاق يقابل التفصيل الذي سيأتي في النظريات التالية.

[946] قال السِندي في حاشيته على سنن النسائي: «قَوْله قد غلبنا عَلَيْك، أَي: تَقْدِيره تَعَالَى غَالب علينا فِي موتك، وإلّا فحياتك محبوبة لدينا». السندي، نور الدين بن عبد الهادي، حاشية السندي على سنن النسائي: ج4، ص13.

[947] النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي: ج4، ص13. السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود: ج3، ص188. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج1، ص503.

[948] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الکبير: ج5، ص68.

[949] اُنظر: الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ج3، ص16.

[950] هذا الإطلاق يقابل التفصيل الذي سيأتي في النظريات التالية.

[951] يوسف: آية84.

[952] الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني: ج7، ص39.

[953] القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي): ج9، ص248.

[954] السيوطي، جلال الدين، الدرّ المنثور: ج4، ص30.

[955] الزمخشري، محمود بن عمر، الکشاف: ج2، ص497.

[956] الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني: ج7، ص39.

[957] الزمخشري، محمود بن عمر، الکشاف: ج2، ص497.

[958] المصدر السابق.

[959] المصدر السابق: ج2، ص498.

[960] المصدر السابق.

[961] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الکشاف: ج1، ص147.الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الکبير: ج3، ص108. ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص195، و...

[962] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الکبير: ج3، ص107.

[963] الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبي: ج1، ص119.

[964] ابن عبد البرّ، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب: ج1، ص110.

[965]«نَشَجَ‏ الباكي ‏إِذا غَصَّ البُكاءَ في حَلقِه عند الفَزعة». الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج6، ص37.

[966] ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة: ج15، ص17.

[967] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج13، ص43.

[968]«وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبدُ الله بنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَإِنَّ عَينَي رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم لَتَذرفَانِ». ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص406.

[969] ابن عبد البرّ، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب: ج1، ص162.

[970] الذهبي، محمد بن احمد، تاريخ الإسلام: ج2، ص489.

[971] ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج1، ص468. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج1، ص514.

[972] اُنظر: العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص118. ابن تيمية، عبد السلام بن عبد الله، المحرّر في الفقه: ج1، ص207. ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص410.

[973] ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.

[974] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص84. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص636.

[975] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[976] اُنظر: القرافي، أحمد بن إدريس، الذخيرة: ج2، ص446.

[977] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص91.

[978] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص406.

[979] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.

[980] قال ابن حجرالعسقلاني: «قَوْله: (ثمَّ أتبعهَا بِأُخْرَى)... قِيلَ: أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَتْبَعَ الدَّمْعَةَ الْأُولَى بِدَمْعَةٍ أُخْرَى، وَقِيلَ: أَتْبَعِ الْكَلِمَةَ الْأُولَى الْمُجْمَلَةَ ـ وَهِيَ قَوْلُهُ: إِنَّهَا رَحْمَةٌ ـ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى مُفَصَّلَةٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَع». ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري: ج3، ص174. ويظهر من هذه العبارة أنّ الاحتمال الأوّل هو الصحيح، والاحتمال الثاني خلاف الظاهر.

[981] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص83.

[982] ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[983] اُنظر: النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج4، ص1807.

[984] ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج1، ص473.

[985] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص319. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج4، ص43، مع اختلاف.

[986] ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[987] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الکبير: ج7، ص153.

[988] اُنظر: الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج3، ص18.

[989] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص79. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص635.

[990] الواقعة: آية83، وآية84.

[991] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج3، ص18.

[992] اُنظر: البزار، أحمد بن عمرو، مسند البزار: ج17، ص179.

[993] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج3، ص18.

[994] اُنظر:  المزي، يوسف، تهذيب الکمال: ج3، ص198.

[995] اُنظر: المصدر السابق: ج3، ص210.

[996] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص671. السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود: ج9، ص43. ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج5، ص47. النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي: ج7، ص158.

[997]«العَرِيشُ‏: خَيمةٌ مِن خَشَبٍ» ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص315‏.

[998] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج3، ص19.

[999] اُنظر: المصدر السابق.

[1000] ابن عبد البرّ، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب: ج1، ص72.

[1001] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج10، ص278.

[1002] المصدر السابق: ج5، ص216.

[1003] النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي: ج4، ص19. واُنظر: الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج1، ص537.

[1004]«تيمّم الشيء: أي قصده». الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج11، ص7337.

[1005] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص71. النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي: ج4، ص11.

[1006] ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[1007] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.  

[1008]«نَحَبَ: النَّحبُ‏ وَالنَّحِيبُ: رَفعُ الصَّوتِ بالبُكَاءِ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص749.

[1009] ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني: ج2، ص407.

[1010] هذا الإطلاق يقابل التفصيل الذي سيأتي في النظريات التالية.

[1011] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص84.

[1012] اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص344.

[1013] اُنظر: المصدر السابق.

[1014] البهوتي، منصور بن يونس، کشاف القناع: ج2، ص163.

[1015] اُنظر: المحقّق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج1، ص344.

[1016] المصدر السابق.

[1017] النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي: ج4، ص13. ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج1، ص522، و1630.

[1018] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص429.

[1019] اُنظر: ابن قدامة، عبد الله بن محمد، المغني: ج2، ص407.

[1020] ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص430.

[1021] المصدر السابق.

[1022] القرافي، أحمد بن إدريس، الذخيرة: ج2، ص447.

[1023] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص81. واُنظر: النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج1، ص99.

[1024] اُنظر: ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص430.

[1025] اُنظر: الجزيري، عبد الرحمن، والغروي، محمد، ومازح، ياسر،  الفقه على المذاهب الأربعة:  ج1، ص484.

[1026] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص732.

[1027] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص81. واُنظر: النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج1، ص100.

[1028] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج2، ص81. «الصّلقُ‏: الصَّوتُ الشَّدِيدُ، يُريِدُ رَفعَه عِندَ المَصَائِبِ وَعِندَ المَوتِ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج10، ص205. «الحَلقُ: حَلقُ الشَّعرِ». ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج10، ص59.

[1029] السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود: ج3، ص194.

[1030] اُنظر: التويجري، محمد بن إبراهيم، موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص732.

[1031] ابن قدامة، عبد الرحمن بن محمد، الشرح الكبير: ج2، ص430.

[1032] اُنظر: المصدر السابق.

[1033] مرّ في صفحة: 234.

[1034] البقره: آية155، وآية156.

[1035] المعارج: آية5.

[1036] الكليني، محمد بن يعقب، الكافي: ج3، ص262.

[1037] اُنظر: الآخوند الخراساني، محمد كاظم، کفاية الأُصول: ص235.

[1038] النراقي، أحمد، عوائد الأيّام: ص49.

[1039] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص52.

[1040] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط: ج7، ص279. العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج9، ص434. الشهيد الأوّل، محمد بن مكيّ، ذکري الشيعة: ج1، ص323. المحقّق الكركي، علي بن الحسين، جامع المقاصد: ج1، ص365. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام: ج15، ص51. الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج13، ص302. الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام: ج10، ص650. الطباطبائي، علي، رياض المسائل: ج13، ص628. النجفي، محمد حسن، جواهر الکلام: ج41، ص588.

[1041] يوسف: آية84.

[1042] يوسف: آية85.

[1043] يوسف: آية111.

[1044] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص280.

[1045] خطب الإمام أمير المؤمنين×،نهج البلاغة: ص306.

[1046] اُنظر: الأنصاري، مرتضى، فرائد الأُصول: ج2، ص534.

[1047] اُنظر: الآخوند الخراساني، محمد كاظم، کفاية الأُصول: ص381.

[1048] اُنظر: شيخ الشريعة، فتح الله، قاعدة لا ضرر: ص18.

[1049] اُنظر: السبحاني، جعفر، تهذيب‏ الأُصول (تقريراً لأبحاث السيد الخميني): ج3، ص117.

[1050] اُنظر: البهسودي، محمد سرور، مصباح الأُصول (تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي): ج2، ص526.

[1051] مرّ الكلام في صفحة: 123.

[1052]مجموعة من العلماء، رسائل الشعائر الحسينية (رسالة التنزيه للسيّد محسن الأمين والرسائل المؤيّدة والمعارضة لها): ج2، ص313.

[1053] المصدر السابق.

[1054] المصدر السابق: ج2، ص322.

[1055] المصدر السابق: ج2، ص333.

[1056] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج4، ص382.

[1057] مرّت الروايات في صفحة: 64 و66.

[1058]«وَعَنِ الحَسَنِ بنِ طَرِيفِ بنِ نَاصِحٍ، عَن أَبِيهِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ، عَن عُمرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ÷، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ÷ لَبِسَ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ السَّوَادَ وَالمُسُوحَ، وَكُنَّ لَا يَشتَكِينَ مِن حَرٍّ وَلَا بَردٍ، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ÷ يَعمَلُ لَهُنَّ الطَّعَامَ لِلمَأتَمِ». البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج2، ص420.

[1059]قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: «قَالَ المَدَائِنِي: وَلَمَّا تُوُفّيَ عَلِيٌ× خَرَجَ عَبدُ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَلِّبِ إلى النَّاسِ، فَقَالَ: إنَّ أمِيرَ المُؤمِنيِن× تُوُفّيَ وَقَد تَرَكَ خَلَفاً، فَإن أحبَبتُم خَرَجَ إلَيكُم، وإن كَرِهتُم فَلا أحَدَ عَلَى أحَدٍ، فَبَكَى النَّاسُ وقَالوُا: بَل يَخرُجُ إلَينَا. فَخَرَجَ الحَسَنُ× فَخَطَبَهُم... وَكَانَ خَرَجَ إلَيهِم وَعَلَيهِ ثِيَابٌ سُودٌ...». ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة: ج1، ص4437.

[1060] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج7، ص118.

[1061]«قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ...». الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص317.

[1062] مرّت الروايات في صفحة: 267.

[1063] مرّ الجواب في صفحة: 270.

[1064] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة: ج4، ص554.

[1065]«بَابُ زِيَارَةِ قَبرِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم... عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: مَا مِن أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ إِلِيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ و... عَن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: مَن زَارَ قَبرِي أَو قَالَ: مَن زَارَنِي، كُنتُ لَهُ شَفِيعًا أوشَهِيداً...». البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن­ الکبرى: ج5، ص402، و403.

[1066] الزرندي الحنفي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص229.

[1067] ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص640.