إِلى مَن اصطفاهُ اللهُ تعالى، وجعلهُ حبيباً لهُ، رسولنا الأكرم محمّد بن عبد الله’...
وإلى وصيِّه المرتضى× وعترته الطَّاهرة أُقدِّم هذا المجهود.
أتقدّم بالشّكر والعرفان لكلّ من مدَّ لي يد العون والمساعدة، وأفاض عليّ بتوجيه أو نصيحة، وأخصّ بالذكر:
* أساتذتي الأجلاء في قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب لتوجيهاتهم المستمرة.
* أصدقائي: الدكتور عبد الحسن عباس الجمل، والدكتور محمد هادي البعاج، والأستاذ التربوي حسام جليل الكوفي.
* السَّيد الجليل الأُستاذ حامد المؤمن.
* زملائي في السنة التحضيرية لطالما شددتم أزري.
* العاملين في مكتبات النجف الأشرف: مكتبة الروضة الحيدريّة المقدّسة، ومكتبة الإمام الحكيم العامَّة، ومكتبة كلية الآداب، والمكتبة الأدبيَّة المختصَّة. وأصحاب المكتبات الخاصَّة ممَّن أعانَنِي، جزاهم الله جميعاً عني خير الجزاء.
إنّ نشر المعرفة، وبيان الحقيقة، وإثبات المعلومة الصحيحة، غاياتٌ سامية وأهدافٌ متعالية، وهي من أهمّ وظائف النُّخب والشخصيات العلمية، التي أخذت على عاتقها تنفيذ هذه الوظيفة المقدّسة.
من هنا؛ قامت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة بإنشاء المؤسّسات والمراكز العلمية والتحقيقية؛ لإثراء الواقع بالمعلومة النقية؛ لتنشئة مجتمعٍ واعٍ متحضّر، يسير وفق خطوات وضوابط ومرتكزات واضحة ومطمئنة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ القضية الحسينية ـ والنهضة المباركة القدسية ـ تتصدّر أولويات البحث العلمي، وضرورة التنقيب والتتبّع في الجزئيات المتنوّعة والمتعدّدة، والتي تحتاج إلى الدراسة بشكلٍ تخصّصـي علمي، ووفق أساليب متنوّعة ودقيقة، ولأجل هذه الأهداف والغايات تأسّست مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، وهي مؤسّسة علميّة متخصّصة في دراسة النهضة الحسينية من جميع أبعادها: التاريخية، والفقهية، والعقائدية، والسياسية، والاجتماعية، والتربوية، والتبليغيّة، وغيرها من الجوانب العديدة المرتبطة بهذه النهضة العظيمة، وكذلك تتكفّل بدراسة سائر ما يرتبط بالإمام الحسين×.
وانطلاقاً من الإحساس بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق هذه المؤسّسة المباركة؛ كونها مختصّة بأحد أهمّ القضايا الدينية، بل والإنسانية، فقد قامت بالعمل على مجموعة من المشاريع العلمية التخصّصية، التي من شأنها أن تُعطي نقلة نوعية للتراث، والفكر، والثقافة الحسينية، ومن تلك المشاريع:
1ـ قسم التأليف والتحقيق: والعمل فيه جارٍ على مستويين:
أـ التأليف:والعمل فيه قائم على تأليف كتبٍ حول الموضوعات الحسينية المهمّة، التي لم يتمّ تناولها بالبحث والتنقيب، أو التي لم تُعطَ حقّها من ذلك. كما ويتمّ استقبال الكتب الحسينية المؤلَّفة خارج المؤسّسة، ومتابعتها علميّاً وفنّياً من قبل اللجنة العلمية، وبعد إجراء التعديلات والإصلاحات اللازمة يتمّ طباعتها ونشرها.
ب ـ التحقيق: والعمل فيه جارٍ على جمع وتحقيق التراث المكتوب عن الإمام الحسين× ونهضته المباركة، سواء المقاتل منها، أو التاريخ، أو السيرة، أو غيرها، وسواء التي كانت بكتابٍ مستقل أو ضمن كتاب، تحت عنوان: (الموسوعة الحسينيّة التحقيقيّة). وكذا العمل جارٍ في هذا القسم على متابعة المخطوطات الحسينية التي لم تُطبع إلى الآن؛ لجمعها وتحقيقها، ثمّ طباعتها ونشرها. كما ويتم استقبال الكتب التي تم تحقيقها خارج المؤسّسة، لغرض طباعتها ونشـرها، وذلك بعد مراجعتها وتقييمها وإدخال التعديلات الّلازمة عليها وتأييد صلاحيتها للنشـر من قبل اللجنة العلمية في المؤسّسة.
2ـ مجلّة الإصلاح الحسيني: وهي مجلّة فصلية متخصّصة في النهضة الحسينية، تهتمّ بنشـر معالم وآفاق الفكر الحسيني، وتسليط الضوء على تاريخ النهضة الحسينية وتراثها، وكذلك إبراز الجوانب الإنسانية، والاجتماعية، والفقهية، والأدبية، في تلك النهضة المباركة.
3ـ قسم ردّ الشبهات عن النهضة الحسينية: ويتمّ فيه جمع الشبهات المثارة حول الإمام الحسين× ونهضته المباركة، ثمّ فرزها وتبويبها، ثمّ الرد عليها بشكل علمي تحقيقي.
4ـ الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين×: وهي موسوعة تجمع كلمات الإمام الحسين× في مختلف العلوم وفروع المعرفة، ثمّ تبويبها حسب التخصّصات العلمية، ووضعها بين يدي ذوي الاختصاص؛ ليستخرجوا نظريات علميّة ممازجة بين كلمات الإمام× والواقع العلمي.
5ـ قسم دائرة معارف الإمام الحسين×: وهي موسوعة تشتمل على كلّ ما يرتبط بالنهضة الحسينية من أحداث، ووقائع، ومفاهيم، ورؤى، وأسماء أعلام وأماكن، وكتب، وغير ذلك من الأُمور، مرتّبة حسب حروف الألف باء، كما هو معمول به في دوائر المعارف والموسوعات، وعلى شكل مقالات علميّة رصينة، تُراعى فيها كلّ شروط المقالة العلميّة، ومكتوبةٌ بلغةٍ عصـرية وأُسلوبٍ سلس.
6ـ قسم الرسائل الجامعية: والعمل فيه جارٍ على إحصاء الرسائل الجامعية التي كُتبتْ حول النهضة الحسينية، ومتابعتها من قبل لجنة علمية متخصّصة؛ لرفع النواقص العلمية، وتهيئتها للطباعة والنشر، كما ويتمّ إعداد موضوعات حسينيّة تصلح لكتابة رسائل وأطاريح جامعية تكون بمتناول طلّاب الدراسات العليا.
7ـ قسم الترجمة: والعمل فيه جارٍ على ترجمة التراث الحسيني باللغات الأُخرى إلى اللغة العربيّة.
8 ـ قسم الرصد: ويتمّ فيه رصد جميع القضايا الحسينيّة المطروحة في الفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والكتب، والمجلات والنشريات، وغيرها؛ ممّا يعطي رؤية واضحة حول أهمّ الأُمور المرتبطة بالقضية الحسينية بمختلف أبعادها، وهذا بدوره يكون مؤثّراً جدّاً في رسم السياسات العامّة للمؤسّسة، ورفد بقيّة الأقسام فيها، وكذا بقية المؤسّسات والمراكز العلمية بمختلف المعلومات.
9ـ قسم الندوات: ويتمّ من خلاله إقامة ندوات علميّة تخصّصية في النهضة الحسينية، يحضـرها الباحثون، والمحقّقون، وذوو الاختصاص.
10 ـ قسم المكتبة الحسينية التخصّصية: حيث قامت المؤسّسة بإنشاء مكتبة حسينيّة تخصّصية تجمع التراث الحسيني المطبوع.
وهناك مشاريع أُخرى سيتمّ العمل عليها قريباً إن شاء الله تعالى.
وتأسيساً على ما سبق توضيحه حرصت المؤسّسة على فتح أبوابها لاستقبال الكتب الحسينية التخصّصيّة، ومتابعتها متابعة علميّة وفنّية من قبل اللجنة العلمية المشرفة في المؤسّسة، وفي هذا السياق قدَّم فضيلة الدكتور هاشم جبار الزرفي دراسة علمية مختصّة، تحت عنوان (النَّثر الفنِّي في ثورة التَّوَّابين وإمارة المختار الثقفي، دراسة لغويَّة أُسلوبيَّة)، وقد بذل المؤلّف جهداً مشكوراً في تتبّعه وتنظيمه لكلمات وخطب تلك الحقبة الزمنية المضطربة والحساسة، ومن ثَمّ دراستها من جهة أدبيّة لغويّة أسلوبيّة؛ فكانت حصيلة ذلك الجهد هذا الكتاب القيّم الماثل بين يديك عزيزي القارئ.
وفي الختام نتمنّى للمؤلِّف دوام السداد والتوفيق لخدمة القضية الحسينية، ونسأل الله تعالى أن يبارك لنا في أعمالنا، إنّه سميعٌ مجيبٌ.
اللجنة العلمية في
مؤسّسة وارث الأنبياء
للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبد الله المصطفى الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين، وبعدُ:
فإنّ مجال دراسة العربية واسعٌ ممتدٌّ للبحث والتأمّل؛ وذلك لخصُوبتها وحيويَّتها، وقد اخترت الدراسة اللغويّة والأُسلوبيّة مُنطلقاً لي منها في هذه الرسالة؛ لاستيعاب التحليل بمستوياتها كافّة: صوتاً، وبنيةً، وتركيباً، ودلالةً، استيعاباً موضوعياً، فكانت الدراسة مُنْصَبّة على النثر الفنّي في ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي؛ لأنّ النثر في هاتين الحِقبتين لم يُدرس في رسالة أكاديمية أو أُطروحة علمية على هذا النحو، فضلاً عن أنّ هذا النثر كان يحمل في طياته نتاجاً خصباً من خُطب ورسائل، وعهود ووصايا كانت قد قيلت في مرحلة تاريخية، رافقتها ظروف السياسة، التي ربَّما لا تسمح بصياغة العمل جمالياً، وهو ممَّا تعنى به الدراسة الأُسلوبية، لكن البحث وجد غير ذلك، إذ تميّزت معظم هذه النصوص النثريّة بصياغة وإجادة، من حيث استعمال الأصوات والصيغ والتراكيب استعمالاً فنياً مؤثّراً.
وقد جاء البحث مقسَّماً على أربعة فصول هي هياكل البحث مسبوقة بتمهيد عنوانه: (النثر بين الموضوع والأداء)، ضمّ عرضين كان الأوَّل: تعريفاً للنثر الفني ووظيفته، وجاء العرض الثاني: تنظيرياً للدراسة الأُسلوبيّة، إذ تناولت فيه تعريفات موجزة للأُسلوب والأُسلوبيّة من القدماء والمُحدَثين، ثمَّ عرَّجت على مسوّغات دراسة النثر الفنّي أُسلوبيّاً، مُبَيّناً امتلاكه السمة الفنية التي تجعله ينضوي في فضاءات هذه الدراسة.
أمّا الفصل الأوّل، فقد كان بعنوان: (أنماط النثر الفني ومواردها في ثورة التوّابين وإمارة المختار)، وضمّ مبحثين، تناول الأوّل: أنماط النثر الفنّي من العصر الجاهلي مروراً بعصر صدر الإسلام إلى ثورة التوّابين وإمارة المختار، وكان هذا المبحث قد تناول تطوّر الخطابة والرسائل والعهود والوصايا بإيجاز في تلكم العصور؛ ليُسلّط الضوء على التّطور الذي وصل إليه النثر، والمستوى الفنّي الذي كان عليه في حُقبة التوّابين وإمارة المختار. أمّا المبحث الثاني: فقد تناول موارد ذلك النثر الفني مبيناً أنّه كان ينهل من ثلاثة موارد هي: القرآن الكريم، ونثر الرسول محمّد’ ونثر الإمام علي×.
أمّا الفصل الثاني، فقد كشف عن النثر من حيث قيمته وإيحاءاته، فكان بعنوان (القيم الإيقاعية للمستوى الصوتي)، فجاء مقسّماً على مبحثين: تناول الأوّل: أهمّ الوسائل التي توفّر تلكم القيم الإيقاعية، كالجناس بأنواعه بحسب ورودها في نثر الحِقبتين، وهي: الناقص، والمضارع، واللّاحق، والاشتقاق، والمعكوس، والمحرّف، والمصحّف، وكذلك السّجع بنوعية المتوازي والمطرّف، وتداخل كلُّ منها في النص الواحد، فضلاً عن تداخل كلّ من الجناس والسجع ليؤلف الإيقاع الموسيقى، وصولاً إلى الموازنة، إذ كان المسوّغ عنده لدراسة الجانب الإيقاعي للنص؛ هو لكونه أحد أركان الأُسلوبيّة الصوتيّة، أمّا الركن الثاني من أركان هذه الأُسلوبيّة هو الإيحاء الدلالي للصوت (المحاكاة الصوتيَّة)، وهو ما ضمّه المبحث الثاني من هذا الفصل، الذي كان بعنوان: التناسب المعنوي للإيحاء الصوتي، وهو ما كشفتُ فيه عن خاصيّة بعض الأصوات الأُسلوبيّة بإيحائها الدلالي بالحدث ومحاكاة ذلك من خلال جرسها ونغمها الموحي، سواء على مستوى الصوت في اللفظة المفردة، أم على مستوى الأصوات المتكررة، وكانت الدلالة الإيحائية للصوت في كلّ ذلك منظوراً فيها إلى السياق العام الذي يضمّه.
وكان الفصل الثالث وثيق الصلة بذلك النثر وآلياته، فجاء بعنوان: (المستوى اللفظي)، درست فيه التوظيف الأُسلوبي والفني للّفظة من خلال اختيارها، وقد قمت بتقسيمه على ثلاثة مباحث: تناول الأوّل: الاختيار والفصاحة، درست فيه القيم الجمالية المميّزة للألفاظ مقتصراً على تباعد مخارج الأصوات، وطول اللفظة وقصـرها، وخِفّة أصواتها وأُلفة استعمالها. وتناول الثاني: الاستعمال والقصد لمِا يؤدّيه من آثار أُسلوبيّة ومعنويّة في النص النثري عندها، تناولت استعمال الاسم كاستعمال اسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر، والصفة المشبهة، وصيغ المبالغة، وكذلك استعمال الفعل كاستعمال الفعل الماضي بنوعيه المجرَّد والمزيد، كذلك استعمال الفعل المبني للمجهول، وكانت تلك الدراسة مقتصـرة فقط على الاستعمال الدلالي لتلك الصيغ اللفظيّة التي جاءت متكرّرة في النصوص النثريّة؛ ذلك أنّ استعمال صيغة اللفظة مع تكرارها يُعدُّ مهيمناً أُسلوبيّاً ينبغي التوقف عنده ودراسته. وتناول المبحث الثالث: العدول سواء كان على صعيد اللفظ المفرد كالاستعارة والمجاز المُرسل، أم على صعيد الألفاظ المركّبة كالكناية، والمجاز العقلي.
أمَّا الفصل الرابع، فقد جاء متناولاً دلالاته وتراكيبه، وكان بعنوان: (دلالات المستوى التركيبي وخصائصه)، تناولت فيه مبحثين كان الأوَّل: معنيّاً بدراسة الأنماط البنائيّة للأساليب اللغويّة، فقسّمها على أساليب خبريّة ضمَّت النفي والقصـر، وعلى أساليب إنشائيّة ضمَّت الأمر والنهي والاستفهام والنداء، وما تؤدّيه تلكم الأساليب من دلالات حقيقيّة، وأُخرى مجازيّة لها صلة كبيرة بالطاقة الشعوريّة الخاصّة بالمتكلّم، ثمَّ كان القسم الثالث لأساليب جمعت بين الخبر والإنشاء، أَلا وهي: أُسلوب الشـرط والقَسَم، ثمّ يأتي المبحث الثاني: تناولت فيه الخصائص المعنوية للتراكيب، إذ ضمّ مباحث الفصل والوصل، والتقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والحذف والذكر.
وكان المنهج المتّبع في هذه الفصول هو منهج علم الأُسلوب أو الأُسلوبية بوصفها علماً لدراسة الأُسلوب، وهي علم وصفي حديث يستعين بتحليله للنص الأدبي بتقنيات منهجية مستمدة من علوم ومناهج مختلفة كعلم اللغة والبلاغة، والدلالة والإحصاء وغيرها.
ثمَّ خلُص البحث إلى خاتمة بيّنت أهمّ النتائج التي توصّلت إليها.
وكانت قائمة المصادر والمراجع التي نهل منها البحث حاضنة لمظانّ كثيرة ومتنوّعة، منها الأدبيّة والأُسلوبيّة والبلاغيّة واللغويّة، وهي التي تطلّبها موضوع البحث.
وأخيراً، فلا أنسى جهود أُستاذي الفاضل الأُستاذ الدكتور مشكور كاظم العوَّادي الذي كان له فضل اختيار الموضوع والإشراف عليه، صابراً وراعياً بالبحث والباحث طوال مدَّة البحث، على ما رافقها من صعوبات استطاع أن يقوّمها من خلال عنايته الكبيرة وإشرافه الدقيق، وقد لمستُ فيه من الرعاية والنصح والتوجيه ما لا يسعني ذكره وشكره، وفقه الله لخدمة لغة القرآن الكريم وطلبة العلم.
وحَسْب المرء أن يسعى، فإن وفّقت فلي فضل السعي، وإن أخطأت فهو من نفسـي، فلله الكمال وحده، وله الحمد في الدنيا والآخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مصدر للفعل نثر، بمعنى: فرّق، ويأتي النّثار بمعنى النثر، وهو الفتات المتناثرة من المائدة. جاء في القاموس المحيط: «نثر الشيء نثرهُ وينثره نثراً ونثاراً: رماه متفرّقاً. كنثره فانتثرَ وتنثّر وتناثر. والنّثارة بالضّم والنثر بالتحريك: ما تناثر منه، أو الأُولى تخصُّ ما يُنتثر من المائدة فيُؤكل للثواب»[1]، ويُورِد لنا صاحب أساس البلاغة لفظة (نثر) لدلالة معنوية أُخرى تدلُّ على كثرة الكلام قائلاً: «رجل نثر: مهذار ومذياع للإسرار»[2]، ثمّ دخلت هذه اللفظة البيئة الثقافية الأدبيّة بهذا المعنى، أي بمعنى الكثير والمتفرّق من الكلام، ثمّ بعدها أخذت تقتصـر على الكلام الأدبي الذي يرتفع على الكلام العادي في التعبير والمعنى[3].
وقد أخذ النُقّاد والأدباء يستعملونها في هذا المفهوم، فعرّفه الدكتور شوقي ضيف بأنّه: «الكلام الذي لم ينظَّم في أوزان وقوافٍ، وهو على ضربين: أمّا الضرب الأوّل: فهو النثر العادي الذي يقال في لغة التخاطب، وليست لهذا الضرب قيمة أدبيّة إلّا ما يجري فيه أحياناً من أمثال وحِكم. وأمّا الضـرب الثاني: فهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه إلى لغة فيها فن ومهارة وبلاغة، وهذا الضـرب هو الذي يُعْنى النقاد في اللغات المختلفة ببحثه ودرسه وبيان ما مرّ به من أحداث وأطوار، وما يمتاز به في كلّ طور من صفات وخصائص، وهو يتفرّع إلى جدولين كبيرين، هما الخطابة والكتابة الفنيّة، ويُسمّيهما بعض الباحثين باسم النثر الفني»[4].
ولهذا النثر الفني وظيفتان مهمّتان هما: اللّذة، والإفادة، وقد جمع بعض النقّاد بينهما، وقد ذهب بعضهم إلى التفريق بينهما، وذهب فريق ثالث إلى جانب الإفادة وحدها[5].
وإنَّ جمع اللّذة والإفادة يُعدُّ الأقرب إلى طبيعة الأدب «ونظرةً إلى وظيفة أشكال النثر الفني التي عرضها التراث الأدبي، من الخطابة والرسالة والمقامة، نجدها دائرة في إطار نفع المجتمع وخدمته، بإسهامها في التعبير عن جوانبه الاجتماعيّة والدينيّة، والسياسيّة والثقافيّة، وإلى جانب هذه الوظيفة، فقد وفت الكتابة بأشكالها المتعدَّدة بالحاجات الجمالية التي تحقَّق المتعة»[6].
ومن هذه الإبانة الدلالية الموجزة لمفهوم النثر ووظيفته، سوف يمضي البحث لتتبع أنماط النثر الفني خُطباً ورسائل وعهوداً ووصايا بأطوارها ومراحلها منذ العصر الجاهلي إلى ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي؛ لتسليط الضوء على مدى الرقي الفني الذي وصل إليه النثر في هاتين الحِقبتين بما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
إذ كان النثر الفني في هاتين الحِقبتين ذا قصديّة عالية من ناحية الأُسلوب والأفكار، إذ وظّفه الخُطباء والمترسّلون من أجل دعوتهم، فكان الخطيب أو المترسّل يستعين بكلّ قدراته اللغويّة والأُسلوبيّة وملكاته البيانيّة والبلاغيّة، من أجل التّأثير في السامعين، والأخذ بجوامع قلوبهم، فكان نتاجهم الأدبي يرتقي بحقٍّ إلى النَّمط العالي في الأداء، وهو ضرب يستحقّ أَنْ يُدرس دراسةً أُسلوبيّةً من خلال تحليل وظائف أصواته وأبنيته وتراكيبه؛ لأنَّ وظيفة الأُسلوبيّة دراسة الاختيارات اللغويّة الخاصّة التي يستعملها المُنشئ في النص، والتي يتميّز بها عن غيره من المنشئين[7].
لذا كان من المهمّ أن يُقدّم البحث مدخلاً تنظيريّاً لزاوية تناوله في دراسته لنثر هاتين الحِقبتين للوقوف على مهيمناتها الأُسلوبيّة عن كثب.
ثانياً: مدخل تنظيري للأُسلوبيَّة
الأُسلوبية لفظة غربيَّة، ظهرت خلال القرن التاسع عشر، لكنَّها لم تصل إلى معنى محدّد إلّا في السنوات الأُولى من القرن العشـرين، حيث استقر مفهومها: بأنَّها طريقة لدراسة العمل الأدبي من حيث أُسلوبه؛ أي: النموذج الخاص الذي تُصاغ فيه اللغة وتستعمل[8]، وقد دخلت هذه اللفظة في الميدان النقدي العربي الحديث، من ترجمة كلمة(stylistics)، وهي تعني الأُسلوبية تارةً، وعلم الأُسلوب تارةً أُخرى[9].
ويُعدُّ الأُسلوب مادةَ الأُسلوبية الخام (موضوعها)[10]، وعليه؛ يجب معرفة ماهيّة الأُسلوب ـ بوصفه مادة الأُسلوبية الخام ـ من معرفة جذره اللّغوي، فقد جاء في معجم لسان العرب لابن منظور (ت711هـ): «ويقال للسطر مِن النخيل: أُسلوب. وكلّ طريق ممّتد، فهو أُسلوب... والأُسلوب الطريق، والوجه، والمذهب، يقال: أنتم في أُسلوب سوء، ويُجمع أساليب... والأُسلوب، بالضَّم: الفن، يقال: أخذ فلانٌ في أساليب من القول، أي: أَفانين منه»[11].
وإذا ما جئنا إلى تعريفات الأُسلوب في الاصطلاح؛ نجد أنّ القدماء من علماء العربية حاولوا أنْ يحدّدوا مفهوماً للأُسلوب، فعرّفه عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) بأنّه: «الضرب من النظم والطريقة فيه»[12]، إذ هو مستمدٌّ من نظريته؛ لأنّه طريقة من نظم الكلام الذي «يُستعمل في الدلالة على المعنى أو احتواء المضمون، وعندها يتحقّق القصد»[13].
أمّا من العرب المُحدَثين، فقد عرّفه أحمد الشّايب بأنّه: «طريقة الكتابة أو طريقة الإنشاء، أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفها للتَّعبير بها عن المعاني، قصد الإيضاح والتأثير، أو الضـرب من النّظم والطريقة فيه»[14]، وذهب سعد مصلوح إلى أنّ الأُسلوب: «يمكن تعريفه بأنَّه اختيار Choice)) أو انتقاء Selection)) يقوم به المنشئ لسمات لغوية معيّنة، بغرض التعبير عن موقف معيَّن. ويدلُّ هذا الاختيار أو الانتقاء على إيثار المنشئ وتفضيله لهذه السمات على سمات أُخرى بديلة. ومجموع الاختيارات الخاصة بمنشئ معيَّن هي التي تشكل أُسلوبه الذي يمتاز به عن غيره من المنشئين»[15].
وإذا ما جئنا إلى تعريف الأُسلوب في الدراسات الغربية، نجد أنّ هناك عدّة تعريفات متنوّعة، بسبب تعدّد المدارس، والاتجاهات، ووجهات النظر، فالأُسلوب عند بيير غيرو (Piere Guiraud): «طريقة للتعبير عن الفكر بوساطة اللّغة»[16]، أو« هو وجه للملفوظ، ينتج عن اختيار أدوات التعبير، وتحدّده طبيعة المتكلِّم أو الكاتب ومقاصده»[17].
أمَّا ليو سبيتزر (Leo Spitzer)، فقد انطلق من «قولة بيفون ((Buffon(1788) الشهيرة (الأُسلوب هو الرَّجل) ليحدّد من خلال الأُسلوب نفسية الكاتب وميوله ونزعاته، والتركيبة النفسية التي جعلت أدواته اللغوية تتشكَّل بهذه الطريقة أو تلك» [18].
وكان فيلي سانديرس (Willy Sanders) قد ساق مجموعة كبيرة من التعريفات حول الأُسلوب وكلّها مختلفة، بلغت ثماني وعشرين تعريفاً[19]، وواضح أنّ هذا التعدّد في تعريف الأُسلوب، يُظهر صعوبة الإمساك بحدود معيّنة لماهيته، وعندها فقد تعدَّدت مفهوماته أيضاً عند الكُتّاب، بل عند الكاتب الواحد تبعاً لزاوية النظر والرؤية التي يقف عندها[20].
وبعد هذا الموجز لتعريفات الأُسلوب، نلحظ أنَّ الأُسلوب هو موضوع الأُسلوبية، أيْ مادتها الخام، يقول جوزيف ميشال: «الأُسلوبية هي تحليلٌ لغويٌّ موضوعه الأُسلوب وشرطه الموضوعيَّة» [21]؛ لذا كانت «بوصفها منهجاً نقديّاً من أنجع المناهج القادرة على دراسة أُسلوب المتكلّم أو الباحث عن طريق دراسة العناصر التي يلجأ إليها» [22].
ولمّا كان مفهوم الأُسلوب هو مفهومٌ واسعٌ كما تقدّم، فكذلك تكون الأُسلوبية هي الأُخرى مفهوماً واسعاً، وبما أنَّ الواقع الأُسلوبي في جميع مستوياته هو واقع لغوي، فإنّنا نجد مثل هذه التعريفات تحاول ربط الأُسلوبية بالمادة اللغوية؛ لذا رأى شارل بالي (Gharles Bally) ـ وهو من أبرز مؤسّسـي الأُسلوبية ـ أنَّ الأُسلوبية تدرس «وقائع التَّعبير اللغوي من ناحية مضامينها الوجدانيَّة، أي إنَّها تدرس تعبير الوقائع للحساسيّة المعبَّر عنها لغويّاً» [23]، أي إن أُسلوبية بالي هي: «نظامٌ لغويُّ بشكل صارم، ومراميها مقصاة عن المشاكل الناجمة عن الوظيفة الجمالية للغة... أي نظام مكرَّس لدراسة عناصر التنوعات الطبيعيَّة ذات القيمة التعبيريَّة العاطفيَّة»[24].
وعرّفها بيير غيرو ـ وهو أحد اللسانيين المُحدَثين ـ أنّها: «دراسة للتعبير اللساني» [25] أو هي: «دراسة للمتغيرات اللسانية إزاء المعيار القاعدي»[26].
وأطلقها رومان ياكوبسن (Roman Jakobson) على الدرس اللّساني الذي يعنى بالجانب اللغوي في النصوص الجميلة[27]، وهو يرى أنّ الأُسلوبية «فنٌ من أفنان شجرة اللّسانيات»[28].
وهناك وجهة نظرٍ أُخرى ترى أنَّ الأُسلوبية تتجسد في دائرة البلاغة، كقول غيرو: «إنَّ الأُسلوبية بلاغة حديثة ذات شكل مضاعف: إنَّها علم التعبير، وهي نقدٌ للأساليب الفردية» [29].
وقد أورد الدكتور عبد السلام المسدّي تعريفاً للأُسلوبية ضمن هذا الإطار بقوله إنَّ: «غاية الحدث الأدبي تكمن في تجاوز الإبلاغ إلى الإثارة، وتأتي الأُسلوبية في هذا المقام لتتحدَّث بدراسة الخصائص اللغويَّة التي بها يتحول الخطاب عن سياقه الإخباري إلى وظيفته التأثيرية الجمالية»[30].
وبعد هذه الإبانة الدلالية للأُسلوبية عن طريق علاقتها بالمادة اللغوية (التي هي فرع من اللسانيات) والبلاغة، وكلاهما مرتبط بالآخر، يتّضح أن الأُسلوبية هي منهج وممارسة تطمح للموضوعية وتتحرى كشف الأبعاد الدلالية للنص، وميزاته الجمالية التأثيرية، بواسطة صياغته اللغوية، وتشكيلاته البلاغية[31].
ويعدّ العمل الأدبي اختياراً لأحدى الموضوعات الخاصّة بالحياة، فيكون حقلاً خصباً للإبداع، وعندئذٍ يستعين الأديب (المبدع) بكلّ ملكاته اللّغوية، وأدواته في صياغة العمل جماليّاً، وعندها «تأتي الصياغة الجماليّة ـ بهذا المعنى ومن خلال هذا المفهوم ـ بهدف نقل التجربة وتوصيلها من ناحيةٍ، وإفراغ انفعالات الأديب تجاه موضوعه من ناحيةٍ أُخرى»[32].
إنّ صياغة العمل جماليّاً هي التي سوّغت لهذه الدراسة أنْ تحمل سمة (النثر الفني)، فصفة الفنية هي التي جعلتها تخوض في نثر التوّابين وإمارة المختار الثقفي، ونختار منها ما هو ذو سمة أدبيّة عالية، نستطيع أن نضعها تحت المجهر الأُسلوبي المتخلّق، والوقوف عند الخصوصيات التي يشملها النص الأدبي[33]، وذلك بتعرّف القيم الجمالية التي تنبعث منه من خلال دراسة الجانب الفني للأُسلوب.
إنّ الصياغة الفنية للأُسلوب في حقيقتها «تبتدئ من اللفظة، وإنَّ مهارة الفنّان تكمن في قدرته على اختيار اللفظة المؤثّرة بجرسها وظلالها ومعناها، حين تأتي في مكانها المناسب من التّعبير، لِتُربَط مع لفظةٍ أُخرى»[34]، ولمّا كانت الأُسلوبية تُعنى بدراسة النص ووصف طريقة تلك الصياغة الفنية، فذلك عن طريق تحليلها لغويّاً بهدف الكشف عن الأبعاد النفسية والقيَم الجمالية؛ للوصول إلى أعماق فكر المنتج من خلال تحليل نصّه، فمِن هنا تُعدُّ الدراسة الأُسلوبية مدخلاً مناسباً يمكن الباحث من دراسة النصوص الأدبية، دراسة شديدة القرب من طبيعتها اللغوية[35]، أي: إنّها تُنير للباحث طريقاً يلتمس فيه هداه إلى تحليل النص الأدبي الذي هو نصٌّ لغوي، قديماً كان أم حديثاً؛ لأنّه يتكوَّن من ألفاظ وهي تتشكل في ملمح لغوي، وعليه فكلُّ نصّ أدبي إذا ما أراد الباحث تحليله وجب دراسته من خلال مستويات التحليل اللغوي، وهي: تحليل الأصوات، وتحليل الألفاظ، وتحليل التراكيب[36]، «وبهذا المعنى فإنَّ علم الأُسلوب [الأُسلوبية] يمكن أنْ ينقسم إلى مستويات علم اللّغة نفسها. ولو تقبَّلنا الرأي القائل بحصـر مستويات التَّحليل اللغوي في ثلاثة هي: الصوتي، والمعجمي [البنائي]، والنَّحوي، لأصبح بوسع التَّحليل الأُسلوبي أن يتدرَّج على النَّمط نفسه»[37]، وهذا ما سيتناوله البحث من خلال تحليل النصوص النثرية بتتبع مستوياتها الأُسلوبية إنْ شاء اللهI.
الفصل الأوَّل : أنماط النَّثر الفنِّي ومواردها في ثورة التوّابين وإمارة المختار
أنماط النثر الفنَّي في ثورة التوّابين وإمارة المختار
1ـ الخطابة بين الجاهلية وصدر الإسلام
لا تتوافر بين أيدي الباحثين نصوص وثيقة من الخطابة الجاهلية؛ وذلك لبُعد «المسافة بين العصر الذي قيلت فيه وعصور تدوينها»[38]، فالأُميّة كانت غالبةً على العرب في ذلك العصـر، «ولم تكن الكتابة شائعةً فيه إلّا في بيئات محدودة، ولغايات تجاريَّة على الأغلب»[39].
ونحن لا نُريد في هذا المقام أن نُثبت مدى صحّة الخُطب الواردة عن الجاهليين أو زيفها، فهذه المسألة مثار جدل بين الباحثين، فقد حاول أحدهم إنكارها وإنكار ازدهارها[40].
ويرى بعض آخر أنَّ قِلَّة النصوص الجاهلية ليست ذريعة لنكرانها، وإن لم تكن نصوص وثيقة، فنشأتها نشأة طبيعية عند جميع الأُمم[41].
وعموماً، فقد عني العرب في الجاهلية بأمر الخطابة عنايةً ملحوظةً، فكان لها عندهم شأنٌ عظيم، فقد أوردوها «في منافراتهم ومفاخراتهم، وفي النُّصح والإرشاد، وفي الحثّ على قتال الأعداء، وفي الدعوة إلى السِّلم وحقن الدماء، وفي مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، كالزواج والأصهار إلى الأشراف، وكانوا يخُطبون في الأسواق والمحافل العظام، والوفادة على الملوك والأُمراء»[42].
وقد كانت منزلة الخطيب تفوق منزلة الشاعر في العصـر الجاهلي، فقد قال الجاحظ (ت255هـ): «قال أبو عمرو بن العلاء: كان الشَّاعر في الجاهليَّة يُقدَّم على الخطيب، لفرط حاجتهم إلى الشِّعر الذي يُقَيِّد عليهم مآثرهم ويفخِّم شأنهم، ويُهوِّل على عدوِّهم ومَن غزاهم، ويُهيْبُ مِن فرسانهم... فلمَّا كَثُرَ الشِّعر والشعراء، واتَّخذوا الشِّعر مكسبةً ورحلوا إلى السُّوقةِ، وتسرَّعوا إلى أعراض النَّاس، صار الخطيب عندهم فوق الشَّاعر»[43].
وقد حفظ لنا كتاب (البيان والتبيين) طائفةً كبيرةً من خُطباء الجاهلية الفصحاء، من أمثال قيس بن الشماس، وثابت ابنه خطيب الرسول×، وسعد بن الربيع، وابنه عمار الطائي، وغيرهم الكثير[44].
فالخطابة كانت موجودة فعلاً في العصر الجاهلي، والدليل على ذلك هو النضج الفني الذي كانت عليه الخطابة في العصر الإسلامي، فليس من المعقول أن يكون ذلك النضج الكبير من غير أن يكون هناك من ممهدات مهدت له مسبقاً.
إذاً؛ ازدهرت الخطابة في العصر الجاهلي، وقد ساعد على ذلك الازدهار عوامل، منها: كثرة «المنازعات والخصومات بينهم، والدعوة إلى الحرب مرَّة وإلى السِّلم مرَّة أُخرى. وقد اتخذوا من مجالسهم في مضارب خيامهم ومِن أسواقهم، ومن ساحات الأُمراء ووفاداتهم عليهم، ميادين لإظهار براعتهم وتفننهم في المقال وَحوْك الكلام»[45].
وكانت دالّة على أغراض مختلفة، فدارت معانيها بحسب هذه الأغراض، فقد أوردوها في المنافرات والمفاخرات، والأَحساب والأنساب، والمآثر والمناقب، وكذلك المصاهرة أو الوفادة على الأمراء، أو النصح والإرشاد[46]؛ لتكون بحق مرآة تُظهر صورة المجتمع الجاهلي، ولذلك نجد العناية الملحوظة منهم «نظراً إلى أنَّها تعبير عن مجتمعاتهم في سلمهم وحربهم، وقضايا عيشهم»[47].
كذلك شاع في الجاهلية ضربٌ من الخطابة هو(سجع الكُهَّان) الذي كان يتعمَّده بعض الجاهليين الذين يدَّعون «التنبُّؤ ومعرفة المغيَّبات، وأنَّها تنطق عن آلهتهم بما سُخِّر لها مِن الجن» [48].
وقد انقرض هذا الضرب من الخطابة بظهور الإسلام؛ لأنَّ وجوده كان مرتبطاً بالديانة الوثنيّة، وكان ممَّا «وعته صدور العرب يومئذٍ، ثمَّ أهملوه ولكنَّهم لم ينسوا أُسلوبه، فلمَّا كانت الدولة الأُموية أو العباسية حملت الحماسة بعضهم على أنطاق الكهَّان بأقوالٍ هي من قبيل الدعاية الدينية، أو الحزبية»[49].
وهكذا أزالت أدبيات الإسلام كلّ لون من ألوان الخطابة الجاهلية، بما فيها خُطب المفاخرات، والمنافرات، والخصومات، وسجع الكُهّان؛ لينذر بتحول مهمّ في فنّ الخطابة الذي أصبح مسايراً للحياة الاجتماعية في عصر صدر الإسلام.
فلمَّا جاء الإسلام أولى المسلمون وفي مقدّمتهم الرسول الكريم محمد’ الخطابة عنايةً خاصّةً، لمِا لها من سمات وخصائص تجعلها خير وسيلةٍ من وسائل الدعوة إلى الإسلام؛ لأنَّها كانت تستوعب أُسلوب المناظرة، والمناقشة، والمحاججة، والإقناع، وهذه كلّها مهمّة في البيان والإبلاغ.
ولمّا هاجر الرسول الكريم’ إلى المدينة، أصبحت الخطابة من وسائل بيان التشـريعات الإلهية، والوعظ والإرشاد وتنظيم حياة المسلمين، وعندها أصاب الخطابة في هذا العصـر تطوّرٌ وازدهارٌ، مقارنةً بحالها في عصر ما قبل الإسلام؛ إذ حدث تغيّر وتحوّل في هيكلها وأساليبها ومعانيها.
وقد تلمّس الباحثون الأسباب التي أدت إلى تطور الخطابة وازدهارها في هذا العصـر، فوجدوها تكمن في عدّة أسباب، منها: أنَّ الرسول’ «اتَّخذها بعد الهجرة أداة لإيضاح تعاليم الإسلام ووعظ المسلمين»[50]، وكذلك إنَّها أصبحت فرضاً مكتوباً في صلاة الجُمَع والعيدين، وفي مواسم الحجّ «وبذلك عَرَفَ العرب ضرباً منظَّماً من الخطابة الدينيَّة، لم يكونوا يعرفونه في الجاهليَّة»[51].
كذلك كان لوجود القرآن الكريم الأثر الكبير الذي أدَّى «إلى تطوُّر الخطابة وارتقائها في العصر الإسلامي، وفي العصور التي تلته»[52].
أمّا سمات التطور التي أصابت الخطابة في هذا العصر، فتكمن في خصائصها التي تميّزت بها، وكانت من أهمّ تلكم الخصائص اشتمال الخطابة على الوحدة الموضوعية التي كان النثر الجاهلي يفتقد إليها.
كما قضى الإسلام على كلّ لونٍ من ألوان الخطابة الجاهلية ممَّا لا يتَّفق وروح الإسلام، كالقضاء على (سجع الكُهّان) إلّا ما جاء عفواً من دون تكلّف، وكذلك نلحظ اختفاء خُطب المنافرات والمفاخرات التي كانت تُثير الضغائن والأحقاد، فأبدلها بمعاني الخطابة الإسلامية التي دارت في معاني القرآن الكريم، وفي معانٍ جديدةٍ لم يكن يألفها العرب من قبلُ، فكان الخطيب يبدأ خُطبته بالتحميد والثناء على اللهI، والصلاة على رسوله’[53]، ويعقبها بعبارة (أمَّا بعدُ)، ثمَّ ينتقل إلى الغرض من خُطبته، ولعلَّ هذه العبارة كانت مستمدَّة من خُطب العصر الجاهلي[54]، فيمكن عدَّها تقليداً فنيّاً.
ولقد أثّر القرآن الكريم في أدب صدر الإسلام بصورةٍ عامّةٍ من خُطب ورسائل؛ لذلك كان المنهل العذب الذي ترتوي الخطابة منه، وعندها اغترف الخُطباء من معينه فوشّحوا كلامهم بلآلئ آياته، فأخذوا يقتبسونها اقتباساً ويحاكونها من حيث الأُسلوب، أو من حيث الأفكار والمعاني، وهذا بحدّ ذاته تطوّر كبير لم يألف العرب قبل الإسلام مثله؛ لأنَّ الأُسلوب القرآني «قد امتاز بأجمل طابعٍ، وأحكم صورةٍ، وأروع سمت، بما تهيأ له من حكم عالية، ومعانٍ سامية، وحسن ارتباط بين المعاني، وعذوبة محببة في الألفاظ، ويكفي فيه أنَّه أُسلوب ربِّ العالمين، وخالق الخلق أجمعين، جلّت قدرته»[55].
وهكذا أثّر القرآن الكريم في أدب صدر الإسلام بصورةٍ عامّةٍ من شعر ونثر، وبذلك فإنَّ كلّ «تغيير حدث في الأدب، إنّما كان مصدره الأوَّل القرآن الكريم الذي كان وحدة مصدر ثقافة المسلمين الدينيّة والعقليّة، والاجتماعية والأدبية، وهو الذي أحال خشونة الطباع عذوبةً وسلاسة، وبدّل وحشيَّة الألسنة سهولةً ووضوحاً وبلاغةً»[56]، كما أنَّه أثَّر في أدب العصور الأُخرى التي تلته.
2ـ الخطابة في ثورة التوّابين وإمارة المختار
ازدهرت الخطابة في العصـر الأُموي، ازدهاراً واسعاً، وكان وراء هذا الازدهار عدَّة أسباب مختلفة، «منها: السياسي، ومنها الديني، ومنها العقلي»[57]، إلى جانب الحرية التي كان يتمتع بها الخطيب في هذا العصر[58]، فكان الخُطباء يخطبون في مختلف الموضوعات من دون تخوَّف أو تحرَّج.
أمّا الأسباب الثلاثة ـ السياسي، والديني، والعقلي ـ التي أدت إلى ازدهار الخطابة وتطورها، فالسبب الديني يتمثل في أنّ العصـر شهد تأسيس المدارس الدينية في مختلف البلدان الإسلامية، ليتعلَّم الناس فيها أُصول دينهم وفروعه، وكان العلماء القائمون عليها كثيراً ما يتحاورون في وجهات نظرهم[59]، ولم تلبث حتى تمخَّضت عن ذلك الجدال فِرق متعدِّدة ومذاهب مختلفة، «فكان ذلك باعثاً على ظهور المناظرات، وهي فرعٌ مهمٌّ من فروع الخطابة»[60].
وأمَّا السبب العقلي، فمردّه إلى عناصر الثقافات الأجنبية، التي أخذ العقل العربي ينهل منها منذ هذا العصر؛ ممّا فتق فيه الحجاج والجدل[61].
أمَّا السبب الأهم الذي أدى إلى ازدهار الخطابة على نحو ملحوظ، فهو السبب السياسي المتمثل بكثرة الأحزاب السياسية التي عارضت الدولة الأُموية؛ ممّا أسفر ذلك عن توالي الثورات ضدَّ هذه الدولة.
فكان هناك الحزب العلوي الذي يرى أنّ الخلافة هي حقٌّ مطلق في أهل بيت الرسول’ وهم ورثتها الشرعيون، وهناك الحزب الزبيري الذي يرى أنَّ الخلافة تقع في قريش، ويجب أن تكون في أحد أبناء أكبر الصحابة، وصاروا يدعون لابن الزبير، في حين ظهرت جماعة أُخرى ترى أنَّ الخلافة حقٌّ مطلق لعامّة المسلمين، فهي لا تقتصر على فئةٍ دون أُخرى، وهذه الجماعة هم الخوارج، وظهر غير هذه الجماعات كثيرٌ ممَّن عارض الأُمويين.
ومن الطبيعي أنْ يكون لكلّ فرقةٍ من هذه الفرق شعراء أو خُطباء يدافعون عن قضيَّتهم، ويدحضون آراء خصومهم، بل «ليس هناك حزب ولا ثورة ـ كبيرة أو صغيرة ـ إلّا وخُطباء كثيرون ينبرون للترويج لهذا الحزب، أو تلك الثورة»[62].
وإذا كانت حُقبتا التوّابين والمختار تقع ضمن هذا العصـر، فإنَّ السبب السياسي الذي ذكرناه هو الذي أدى إلى ظهور النثر بصورةٍ عامّةٍ من خُطب ورسائل، بل إنَّ النثر الفني فيهما هو وليد التحولات السياسية التي شهدتها تلكم الحقبتان، والعصـر الأُموي بصورةٍ عامَّةٍ.
أمَّا ثورة التوّابين، فإنَّ البحث قد عرض لأسباب ظهورها، وهي الممارسة القمعية للأُمويين تجاه آل بيت الرسول’، وإقدامهم على قتل الإمام الحسين× وأهل بيته، بصورة وحشيَّة يندى لها جبين التاريخ، فشعرت هذه الجماعة بعد مقتله× بالندم والملامة؛ لأنَّهم «كانوا دعوه للخروج إليهم، ووعدوه المناصرة والبيعة، فتخاذلوا ولم يوفوا بوعودهم، فلاحظ بعضهم أنَّ هناك شبهاً عظيماً بينهم وبين توابي بني إسرائيل، فتدبَّروا أمرهم وأخذوا يُهيئون لحركة بها يتوبون، وبدأت حركتهم سريَّة فجمعوا الأنصار معتمدين بما لهم من قدرة على الإقناع والبيان، فقد كان في زعمائهم الخطيب والشاعر والدَّاعية»[63].
وقد تجمع هؤلاء القوم وألقى كلّ واحدٍ منهم خُطبةً عندها خيّم طابع الندم عليها، ولم تقتصر هذه الخُطب على الذي قال هؤلاء في حال تجمعهم، بل كانت الخُطب التي أوردتها الكتب المؤرخة لهذه الحُقبة موزَّعة على طولها منذ التقائهم واجتماعهم إلى ساعة استشهادهم، ومن الطبيعي أن يكون للطرف الآخر (النقيض) خُطب أيضاً، فكانت تلك الخُطب موزّعة بين التوّابين ومناوئيهم على وفق تدرجها الزمني، وعلى النحو الآتي:
الفريق الأوّل: (التوّابون وأنصارُهم)، وهم:
المسيب بن نجبة الفزاري، من رؤوس التوّابين |
خُطبتان |
رفاعة بن شداد البجلي، من رؤوس التوّابين |
خُطبة واحدة |
سليمان بن صُرَد الخزاعي، من رؤوس التوّابين |
خمس خُطب |
عبد الله بن وال التميمي، من رؤوس التوّابين |
خُطبة واحدة |
عبد الله بن سعد بن نفيل، من رؤوس التوّابين |
خُطبة واحدة |
خالد بن سعد بن نفيل، مناصر |
خُطبة واحدة |
سعد بن حذيفة بن اليمان، مناصر |
خُطبة واحدة |
عبد الله بن الحنظل الطائي، مناصر |
خُطبة واحدة |
عبيد الله بن عبد الله المري، مناصر |
خُطبة واحدة |
صخير بن حذيفة بن هلال، مناصر |
خُطبة واحدة |
الفريق الثاني: (المناوئون)، وهم:
عبد الله بن يزيد، الوالي الزبيري على الكوفة |
خُطبتان |
إبراهيم بن محمد بن طلحة، الوالي الزبيري على خراج الكوفة |
خُطبة واحدة |
عبد الملك بن مروان، خليفة أُموي في الشام |
خُطبة واحدة |
ومن الجدير بالذكر أنَّ الخُطب الخاصّة بالتوّابين تتراوح بين الطّول والقصـر، بحسب الحاجة والمقام، فقد يطول بعضها لحاجة الخطيب إلى التفصيل والتماس الحجج وضرب الأمثال، حتى يتمَّ له إقناع الجمهور، وهذا واضح في خُطبتي عبيد الله المري، والمسيب بن نجبة الفزاري، وخُطبة ابن صُرَد الأُولى[64]، وقد تقصر الخُطب كثيراً حتى تكاد تكون رأياً من الآراء يبديه الخطيب في أمر يعرضه لأصحابه، وهذا كما في خُطبة ابن صُرَد الخامسة أو خُطبة عبد الله بن الحنظل الطائي التي لم تتجاوز بضع كلمات[65].
أمَّا الخطابة في إمارة المختار الثقفي، فبلغت اثنتين وعشرين خُطبةً، وهي كذلك موزَّعة بين المختار ومناصريه من جهة، ومناوئيه من جهة أُخرى، كالآتي:
المختار الثقفي |
عشر خُطب |
عبد الرحمن بن شريح، مناصر |
ثلاث خُطب |
محمد بن الحنفية، مناصر |
خُطبتان |
يزيد بن أنس، مناصر |
خُطبة واحدة |
إبراهيم الأشتر، مناصر |
خُطبتان |
المناوئون:
عبد الله بن مطيع، الوالي الزبيري على الكوفة |
ثلاث خُطب |
مصعب بن الزبير، الوالي الزبيري على البصرة |
خُطبة واحدة |
ثانياً: الرسائل الفنية
1ـ الرسائل الفنية بين الجاهلية وعصر صدر الإسلام
لا توجد بين أيدي الباحثين وثائق صحيحة تدلُّ على أنَّ الجاهليين عرفوا الرسائل الأدبية وتداولوها، وهذا لا يعني أنَّهم لم يعرفوا الكتابة فـ «الكتابة ـ رسماً وخطَّاً ـ كانت معروفة لدى العرب في الشمال قبل الإسلام، وهي لا ترقى إلى ما قبل مئة وخمسين عاماً، فوجودها مقرون بوجود الشعر؛ إذ إنَّهما جناحان لطائر الكلمة»[66].
فالكتابة معروفة آنذاك إلّا أنَّ صعوبة وسائلها جعلتهم لا يعتمدونها في الأغراض الأدبية والنثرية والشعرية، «ومن ثَمَّ استخدموها فقط في الأغراض السياسية والتجاريَة»[67]، وكانت رسائلهم «يغلب فيها الإرسال وتتَّصف بالإيجاز والوضوح والصدق»[68].
وإذا ما وصلنا إلى العصر الإسلامي، فإنَّنا نجد أنَّ الرسائل قد لقيت حظّاً من الاهتمام من لدُن الرسول’ والخلفاء الراشدين، فقد كان الرسول الكريم’ يكاتب الملوك والأمراء بكثير من الرسائل، ويدعوهم فيها إلى الإسلام الحنيف[69]، وكان كثيراً ما يكتب عهود الأمان والمعاهدات بينه وبين المشركين أو غيرهم من الديانات الأُخرى، وكان’ في معظم هذه الرسائل أو العهود لا يعتني بتحبير أو تزويق فنّي، بل كان يؤدي غرضاً سياسياً في صورة موجزة من غير تكلّف أو صنعة[70]، وهي بذلك قد خلت من السجع والبديع اللفظي، وكانت «أقرب إلى لغة المحادثة والتخاطب»[71].
وكذلك الحال في عهد الخلفاء الراشدين؛ إذ لم يعتنوا في رسائلهم أيَّ ضربٍ من ضروب التزيين والتنميق، فهي كالرسائل التي عهدناها في حياة الرسول’ رسائل «أدَّت دورها في بساطةٍ ويُسرِ على المستوى اللّغوي دون صنعةٍ ولا غموض ٍ ولا كهانةٍ ولا لبسٍ»[72]، فقد كان حسبهم أنْ يؤدّوا الغرض في لغة جزلة متينة، «ولقد كانت المُكاتبات في أواخر العهد الراشدي خاصّةً، مرحلة ممهِّدة لتطوُّر أدب الرسائل في هذا العصر[العصر الأُموي]، لما اتَّسمت به من ومضات فنيّة رائعة، إذ كانت الفيض الذي ينهل من معينه كثير من المترسِّلين في العصـر الأُموي»[73].
2ـ الرسائل الفنيّة في ثورة التوّابين وإمارة المختار
تميَّزت الرسائل في العصر الأُموي بكثيرٍ من الخصائص الأُسلوبية والسمات الفنية، وهذه الخصائص والسمات كانت امتداداً لرسائل عصر صدر الإسلام، فقد توافقت في شكلها العام من حيث البناء، ومن حيث بعض الأساليب الفنية[74]، ولكن سمات التطور والإنضاج الفني ما لبثت أنْ طرأت على كثير من تلك الرسائل فيما بعد.
وكانت هناك العديد من العوامل التي أدَّت إلى هذا التطور الفني، منها: تشعُّب مواضيع الرسائل وتنوّع أغراضها، وتولّي الكُتّاب إنشاء رسائلهم بأُسلوبهم وما عُرفوا به من الفصاحة، وكان الكُتّاب قد حظوا بالمكانة الرفيعة من الخلفاء؛ الأمر الذي جعلهم يتنافسون فيما بينهم في الافتنان بأساليب الكتابة.
وكان لأُسلوب القرآن الكريم في نفوس هؤلاء أثره البالغ، فصار القرآن الكريم المعين الذي تنهل الرسائل منه كثيراً من معانيها وصورها[75].
فأدَّت كلُّ هذه العوامل إلى تطوّر فن الرسائل في هذا العصر، وعندها تميَّزت تلك الرسائل بعدَّة خصائص أُسلوبية من الضروري الإشارة إليها؛ لأنّ هذه الخصائص هي عينها ـ في الغالب ـ خصائص فنّ المراسلة في حِقبتي التوّابين والمختار ـ موضوع الدراسة ـ وهذه الخصائص هي[76]:
1ـ شيوع استعمال السجع وتعمّده أحياناً، وهذا الملمح مهمٌّ جدّاً في رسائل هذا العصـر؛ لأنَّه يدلُّ على إنضاجها وتطوّرها، وقد اتضح ذلك كثيراً في المكاتبات الفنية الرسمية وغير الرسمية، إذ حرص بعض المترسلين على تعمّد استعمال حلية السجع لمِا يحقّقه من تنغيم وإيقاع في رسائلهم، وكان خير مَن يُمثّل هذا الجانب المختار بن أبي عبيد؛ لأنَّه قصد ذلك قصداً في مكاتباته وخُطبه.
2ـ اتّشاح الرسائل بغريب اللفظ، وهي من السمات الأُسلوبية التي تميَّزت بها رسائل هذا العصر، بل هي ظاهرة دلَّت على التأنّق والإعداد لرسائل العصر الأُموي، وتتمثَّل هذه الميزة الأُسلوبية كثيراً في بعض رسائل المختار الثقفي.
3ـ الإيقاع والتنغيم الموسيقي، إذ حرص المنشئون على إظهار عناصر الإيقاع وألوان التنغيم الصوتي؛ كي يجعلوا نثرهم بالموقع الذي تهشُّ إليه النفس، فعمدوا إلى تحقيق هذه الغاية باستعمال صيغ معيّنه، والجنوح إلى التوازن والترادف وغيرها، وهذا واضح في معظم رسائل هاتين الحِقبتين، كما في رسالة ابن صُرَد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان، ورسالة المختار إلى الأحنف بن قيس[77].
4 ـ الجنوح إلى الإطناب وبسط المعاني وتفريعها، وهذا ما تمثَّل في رسالة سلمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة.
5 ـ استعمال التحميدات في فصول الرسائل ـ ويُقصد بالتحميدات: إظهار الثَّناء والحمد للهI ـ وهي ظاهرة فنّية مُتأتية من العصر الإسلامي، بل سمة واضحة في جميع الرسائل التي احتوتها هاتان الحِقبتان، وهكذا تكون الرسائل التي وصلت إلينا من هاتين الحِقبتين غير مختلفة في طابعها عن خصائص الرسائل في العصر الأُموي؛ فالرسائل التي وصلت إلينا من حِقبة التوّابين خمس رسائل، وهي على النحو الآتي:
سليمان بن صرد الخزاعي |
رسالتان |
سعد بن حذيفة بن اليمان |
رسالة واحدة |
المثنى بن محزبة العبدي |
رسالة واحدة |
عبد الله بن يزيد |
رسالة واحدة |
أمّا حِقبة المختار الثقفي، فقد أُثر عنها ثماني عشرة رسالة، بحسب ما روتها كتب التاريخ، وكانت هذه الرسائل موزَّعة بين المختار، ومناصريه ومناوئيه، وهذه الرسائل قد توزَّعت بحسب تدرَّجها الزمني على النحو الآتي:
المختار بن أبي عبيد الثقفي |
اثنتا عشـرة رسالة |
محمد بن الحنفية |
ثلاث رسائل |
عبد الرحمن بن سعيد بن قيس[78] |
رسالة واحدة |
عبد الله بن الزبير |
رسالة واحدة |
عبد الله بن عمر |
رسالة واحدة |
وقد تفاوتت هذه الرسائل كذلك من حيث الطول والقُصر، فقد تكون الرسالة قصيرة جدّاً كما في رسالة المختار إلى عبد الله بن عمر[79]، ورسالة الأخير إلى عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن طلحة[80]، وكذلك رسالة عبد الرحمن بن سعيد إلى المختار، وردّ المختار عليه[81].
ولعلَّ هذا القصر في هذه الرسائل مردَّه إلى الحال غير المستقرة، والظروف القلقة المحيطة بكلّ من المرسِل والمرسَل إليه.
ولا يقف قصر بعض هذه الرسائل عند هذا الحدِّ، بل قد تقتصـر كثيراً حتى تتحوَّل إلى إشارة خاطفة أو رأي من الآراء أو توجيه يوجّهه المرسِل، كما في رسالة المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد التي لم تتجاوز بعضاً من الكلمات[82].
ثالثاً: العهود والوصايا في ثورة التوّابين وإمارة المختار
تعرّف العهود بأنَّها: «تكاليف تجيء في صَفِّ المبايعات، ومرابط المواثيق، يُقصد بها ضمان القول بالاتفاق، والتَّعاون، والنّصرة، أو التَّهادُن»[83].
ولقد وُجِدَت العهود في العصر الجاهلي على شكل نوع من التحالف بين القبائل[84]، لكن لقلَّة الكتابة والتدوين كان أكثرها يبقى عالقاً في بال الأطراف المتعاقدة، فلمّا جاء الإسلام كانت هذه العهود قد دُوّنت؛ لأنَّ الرسول’ كان قد أقام دولةً مستقرَّةً كَثُر فيها التدوين، وأصبحت الحياة تتطلَّب ذلك[85].
ثمّ استمرَّت كتابة العهود في العصر الأُموي ـ عصر التوّابين وإمارة المختار الثقفي ـ ولم تخرج عما كانت عليه في عصر قبل الإسلام أو الإسلامي، ولقد وصل إلينا من هذه العهود، الدُّعاء الذي «ردَّدته جماعات التوّابين يوم الوقوف على قبر الحسين قبل ملاقاة العدوّ، ِفكان ذلك كالعهد قطعه التوّابون على أنفسهم، فيه يُشْهِدُون الله على أنّهم خرجوا ثأراً للحسين، وتوبةً من عظيم جرمهم»[86].
ومنه الكلام الذي ردَّده المختار الثقفي على قبر الإمام الحسين×، وهو أيضاً كالعهد الذي قطعه متوعّداً بالثأر لدمه×[87]، ويتميز هذان العهدان بكونهما قد جاءا شفاهاً، يضمن القائلان قولهم بالنُّصرة للأمام الحسين×، والأخذ بثأره من قاتليه، يرافق ذلك الشعور بالنَّدم على قتله، والتباكي المثير للأشجان، والاستشعار بعدم جدوى الحياة، والاستعداد للشهادة.
أمَّا العهد الذي قطعه المختار بالأمان لعمر بن سعد بن أبي وقاص، فقد جاء مكتوباً، ولم يخرج هذا العهد عن كتب العهد المعروفة في الإسلام[88].
أمَّا الوصايا، فقد جاء أغلبها في هاتين الحِقبتين ضمن الخُطب والرسائل، وفيها يبدو الخطيب أو المترسِّل، موصياً واعظاً، وهذا يشابه ما كانت عليه بعض خُطب الرسول الكريم’ كخُطبته في حَجَّة الوداع التي اشتملت على مجموعة من الوصايا، ومن هذه الخُطب والرسائل التي جاءت مفعمة بالوصايا هي بعض خُطب سليمان بن صُرَد، ورسالة عبد الله بن يزيد إلى ابن صُرَد، وخُطبة يزيد بن أنس في أصحابه، وخُطبة إبراهيم بن الأشتر[89].
ولقد أُثرت أربع وصايا خالصة، أي لم تقع ضمن خُطبة أو رسالة، وهي: وصيّتان للمختار إلى إبراهيم الأشتر[90]، ووصيَّة المختار إلى يزيد بن أنس[91]، ووصيَّة ليزيد بن أنس لأصحابه[92].
موارد النثر الفني في ثورة التوّابين وإمارة المختار
كان الناثرون في هاتين الحِقبتين قد اغترفوا من موارد عدّة واعتمدوها في نثرهم، ولعلّ أكثرها بروزاً ثلاثة موارد رئيسة هي:
ـ القرآن الكريم.
ـ نثر الرسول محمد’.
ـ نثر الإمام علي بن أبي طالب×.
يُعدُّ القرآن الكريم المورد العذب الذي ينهل منه الأُدباء والكُتّاب والشعراء، بل مصدر ثقافة المسلمين الدينية والعقلية والاجتماعية والأدبية ؛ ذلك لأنَّه «أحال خشونة الطباع عذوبةً وسلاسةً، وبدَّل حوشيَّة الألسنة سهولةً ووضوحاً وبلاغةً، وأورث العرب دقَّةً في التفكير، وقوَّةً في التَّعبير، وجمالاً في التَّصوير، ورقَّةً في الأُسلوب، وروعةً في الحجَّة»[93].
ومنذ أن نزل في أُمَّة العرب بهرهم بيانه وأُسلوبه، وأَخذ بألبابهم بحسن وقع جرسه، وأسَّر نفوسهم بجمال لفظه وبراعة صوره وروعة أدائه، ثمّ كان شغف العلماء والمفكّرين كشف السّر الذي يحمله إعجازه، فأينعت الآراء والأفكار.
وكان أحسن ممَّن وصف هذا الكتاب العظيم سيّد البلغاء وربيب مدرسة القرآن والنبوة، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، إذ وصفه في خُطبة له بقوله: «ثمّ أنزل عليه الكتاب نوراً لا تُطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقّده، وبحراً لا يُدرك قعره، ومنهاجاً لا يضلُّ نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه، وفرقاناً لا يخمد برهانه...، جعله الله ريّاً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء... وبرهانا لمَن تكلَّم به، وشاهداً لمَن خاصم به، وفلجاً لَمن حاجّ به... وعلماً لَمن وعى، وحديثاً لمَن روى، وحُكماً لمَن قضى»[94].
إذاً؛ فمنذُ أن نزل القرآن الكريم على قلب الرسول الأمين محمّد’، كان له الأثر البالغ في النثر العربي، إذ «أصبح معيناً للأُدباء ينهلون منه ويقتبسون، ويسعون إلى محاكاة أُسلوبه، وكان أثره في النثر أبرز منه في الشعر»[95].
وكان أثره واضحاً في خُطب ورسائل العصـر الأُموي، سواء من حيث الأُسلوب والصياغة، أو من حيث الأفكار والمعاني؛ وذلك لأنَّ كثرة الأحزاب السياسية واختلاف منازعاتها واتجاهاتها، إنَّما كانت مرتبطة بالدين أشدّ الارتباط في هذا العصـر، وادعاء كلّ فرقةٍ أنَّ هدفها نصرة الدين وإعلاء كلمته، ومن هنا كانت الخُطب والرسائل وغيرها من الفنون النثرية مزدحمة بالأفكار الإسلامية، والمعاني القرآنية في هذا العصر[96].
استحوذ هذا الكتاب السماوي على أداء الخُطباء والمترسلين؛ لأنَّ أُسلوبه «جمع الجزالة والسّلاسة والقوَّة والعذوبة، ضمَّ البلاغة من أطرافها فهو السّحر السَّاحر، والنّور الباهر، والحقّ السّاطع، والصّدق المبين»[97]، فأخذوا يحاكون أُسلوبه، ويترسَّمون خطاه، ويقتبسون من آياته ليزيّنوا بها نتاجهم الأدبي، فيضيفوا عليه طابع الجزالة والرصانة والرونق والبهاء.
أمَّا الخُطباء، فقد كانوا يكثرون الاقتباس منه «والمهارة في وضع الآيات بالمواضع الملائمة لها من الخُطبة... وإنَّما عمد الخُطباء إلى الاقتباس؛ لأنّهم متذوّقون لبلاغة القرآن، فهم يجدون في هذه الآيات تعبيراً صادقاً عمَّا يُريدون أن يقولوا»[98].
وقد ذكر الجاحظ أنَّ الخُطباء «كانوا يستحسنون أن يكون في الخُطب يوم الحفل، وفي الكلام يوم الجمع آيٍ من القرآن؛ فإنَّ ذلك ممّا يُورث الكلام البهاء والوقار، والرقَّة، وسلس الموقع»[99]، وذكر أنَّ الخُطبة التي تخلو من آيات القرآن قد سُمّيت بالشوهاء[100].
أمّا الرسائل، فلم تكن أقلّ شأناً آنذاك من الخُطب في تأثرها بالقرآن الكريم واحتذاء أُسلوبه، وترسُّم معانيه، فقد برع المترسّلون في مُكاتباتهم بالنصوص القرآنية، تأكيداً لِما يسوقه الكاتب من آراء أو تقوية لحجَّة ما[101]، وكانت هذه السمة الأُسلوبية في فن الترسُّل هي امتداد لمِا عهده فن الترسُّل في عصر صدر الإسلام والخلفاء الراشدين؛ إذ إنَّ الكُتّاب قد «تأثَّروا بالقرآن الكريم الذي ترك آثاراً واضحةً في توجهات بلاغة العربي وفصاحته، فكان الاقتباس من آي الذكر الحكيم، وكان الصدور عن الحس الديني العام، وكان التأثّر الواضح ببلاغته في تجنّب الغريب الوحشي مع الحرص على وضوح المقصد والإقناع»[102].
وعموماً، فقد كان تأثير القرآن الكريم متبلوراً في طرائق المترسّلين؛ إذ كان هذا واضحاً في رسائل أصحاب المذاهب ورؤساء النِحل الدينية، حتى أضحى القرآن الكريم معيناً تنهل منه الرسائل كثيراً من معانيها، وتستمد من فيضه ذلك العطاء الخصْب[103].
وكان العامل السياسي المتمثّل بكثرة الأحزاب السياسية من العوامل المهمَّة في كثرة التّراسلات الفنية، وإنَّ هذه الأحزاب السياسية قد ارتبطت ارتباطاً مباشراً بالدين؛ ذلك أنَّ كلّ حزب يدّعي أنَّه ناصرٌ له، فكان تأثير القرآن عندها واضحاً في تلك الرسائل، كما كان هذا واضحاً في الخُطب.
وإذا كانت ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي إنَّما قامتا على اعتبار سياسي عقائدي، فإنَّ غايتها الأُولى والأخيرة هي التمسُّك بقيم القرآن والسُّنة النبوية وإرجاع الحقِّ إلى أهله الشرعيين، ومن هذا المنطلق كان القرآن الكريم هو المصدر الأوَّل من مصادر نثر هاتين الحِقبتين، فأخذ الخُطباء والمترسّلون فيهما يقتبسون من آياته، ويحتذون أُسلوبه، تأييداً لفكرةٍ، أو دحضاً لرأي، أو تزييناً وتنميقاً لأُسلوب، وسوف يعرض البحث أنماط التأثير القرآني في خُطب هاتين الحِقبتين ورسائلهما.
1ـ الاقتباس القرآني
الاقتباس في اللغة مأخوذ من القبس، وهو: «شعلة من نار تقتبسها مِن مُعْظَم، واقتباسها الأخذ منها. وقوله تعالى: (بِشِهَابٍ قَبَسٍ) [104]... وفي حديث عليٍّ رضوان الله عليه: حتى أوْرِي قبساً لِقابسِ، أي أظهر نوراً من الحقّ لطالبه... واقتبست منه علماً أيضاً، أي استفدته»[105].
وفي الاصطلاح، فقد عرَّفه القلقشندي (ت821هـ): «هو أن يُضمَّن الكلام شيئاً من القرآن، ولا ينبَّه عليه»[106]، ويجب أنْ لا يذكر فيه: قال الله أو نحوه، فإنَّ ذلك حينئذٍ لا يكون اقتباساً[107]، وقد خُصَّ الاقتباس (بالقرآن الكريم) تميُّزاً له عن سائر الكلام[108].
والاقتباس من التعابير الجاهزة التي يستعملها الناثر داخل التركيب، وهي تؤدي سمة جمالية ومعنوية داخل الأُسلوب، فهي من الناحية الجمالية تُضفي على الصورة ألواناً، ومن الناحية المعنوية تُضفي على الدلالة عمقاً وتأصيلاً[109].
وقد ورد الاقتباس بكثرة في خُطب ورسائل الحِقبتين حتى أصبح ميزة أُسلوبية فنية تشترك فيها معظم تلكم الخُطب والرسائل، من ذلك ما جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد بقوله: «أُثْني على الله خَيْراً، وأحمد آلاءَه وبلاءَهَ، وأشهدُ أنْ لا إله إلّا الله، وأنّ محُمّداً رسولُه، أمَّا بعدُ، فإنّي والله لخائفٌ إلّا يكون آخِرُنا إلى هذا الدَّهر الذي نَكِدَت فيه المَعيشة، وَعَظُمَت فيه الرَّزية، وشَمِلَ فيه الجَورُ أولي الفضل مِن هذه الشيعة... ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتى يرضى الله... كونوا كالأولى مِن بني إسرائيلَ إذْ قال لهم نبيّهم: (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ)، فما فَعلَ القوم؟ جَثَوا على الرُكبْ والله، ومدُّوا الأعناق ورَضُوا بالقضاء حتى حين عَلمُوا أنَّه لا يُنجِيهم مِن عظيمِ الذَّنب إلا الصَّبرَ على القتل، فكيفَ بِكُم لو قدْ دُعيتُـم إلى مِثلِ ما دُعِيَ القـوم إليه؟ اشـحَذوا السـيوف، وركّبوا الأسنَّة، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ)»[110].
إنَّ في هذه الخُطبة اقتباسين قرآنيين:
الأوَّل كان لآية من سورة البقرة، من قولهI: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [111]، إذ أراد الخطيب أن يستثمر من قصَّة النبي موسى× مع قومه، فكان غرضه أن يُشبّه قومه ونفسه بأصحاب موسى×، ومن هنا سَمّوا أنفسهم بالتوّابين؛ لأنَّهم تابوا من عظيم جرمهم، حينما دعوا الحسين× ولم ينصروه.
والاقتباس الثاني كان من سورة الأنفال من قولهI: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)[112].
وأراد بهذا الاقتباس أيضاً أن يشحذ الهمم قبل شحذ السيوف وتركيب الأسنّة، لعلمه بتأثير الأُسلوب القرآني، فهو أقوى وأعمق في النفوس، كيف لا وقد «بهر العرب رونقه، وخلب ألبابهم جرسه ووقعه، وملك نفوسهم ما فيه من جمال اللّفظ، وبراعة الصورة، وسمو البيان، وروعة الأداء»[113].
إنَّ هذا الأداء البديعي في اقتباس الآيات الكريمة، والمهارة في إحكام وضعها موضعاً ملائماً في الكلام، لهو دليلٌ واضحٌ على ملكة الخطيب وإلمامه بالمضمونات القرآنيّة، حتى نجدها قد ملأت قلبه، وانسابت على لسانه انسياباً.
ولم يكن ابن صُرَد يعْمد إلى الاقتباس القرآني في خُطبه فقط، وإنَّما نجد هذا واضحاً في رسائله، فمن ذلك ما جاء في رسالته التي بعث بها إلى سعد بن حذيفة بن اليمان التي جاء فيها: «إنَّ أولياءَ الله مِنْ إخوانِكُم وشيعةِ آل نبيّكم، نظروا لأنفسِهِم فيما ابتُلوا به مِن أمر ابنِ بِنتِ نَبيّهم... وبعينِ الله ما يَعْمَلون، وإلى الله ما يَرْجعُون، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)»[114].
فالمهارة الفائقة للخطيب تكمن في وضع الآية: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [115] مع ما سبقها من كلام له فواصل مماثلة لفاصلة الآية المنتهية (بالواو والنون)، وذلك كي يحقِّق الانسجام الصوتي بين العبارات، حتى تنساب متتابعة، من دون تعقيد أو تلكّؤ.
ويمكن تفسير كثرة الاقتباسات وتأثر المنشئ وشغفه بأُسلوب القرآن الكريم، بأنَّه كان صحابياً[116] صحب الرسول الكريم’، وتأثر به وبدعوته الإسلامية، فكان لا بدَّ من أن يترك ذلك أثراً وظلالاً على هذا الرجل، ومن الطبيعي أنّ تكون آيات القرآن الكريم ومعانيه ماثلة في ذهنه ووجدانه، وهذا ينمُّ عن استيعابه وتذوّقه للنص القرآني، فإذا ما أراد شيئاً من القرآن لم يتكلّفه، بل يأتيه متى ما أراده.
وممَّا جاء من الاقتباس القرآني أيضاً كان في خُطبة محمد بن الحنفية حين قدِمَ عليه عبد الرحمن بن شريح يسأله عن مصداق دعوة المختار الثقفي، فجاء في الخُطبة: «فأمّا ما ذكرتُم ممّا خَصَّصنا الله بهِ مِنْ فَضلٍ، فإنَّ الله يؤتيهِ مَنْ يشاء واللهُ ذو الفضلِ العَظيم، فللهِ الحَمدُ، وأمَّا ما ذكرتُم مِنْ مصيبتنا بحُسينٍ، فإنَّ ذلك كانَ في الذّكرِ الحكيم، وهيَ ملحمةٌ كُتِبَتْ عليه، وكرامةٌ أهْداها الله لهُ، رَفَعَ بما كان مِنها درجاتِ قومٍ عندهُ، ووضع بها آخرين، وكان أمرُ الله مفعولاً، وكانَ أمرُ الله قَدَرَاً مَقْدُورَاً...»[117].
فنجد أنَّ الاقتباس القرآني قد وقع مرَّتين: الأوَّل: في قوله: (فإنَّ الله يؤتيه مَن يشاء والله ذو الفضل العظيم). وهو مأخوذ من قولهI: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [118].
وأمّا الاقتباس الثاني نجده في قوله: (وكان أمر الله مفعولاً، وكان أمر الله قدراً مقدوراً)، وهو من قولهI: (وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) [119].
فنجد أنَّ هذا النص بما احتوى من اقتباسات قرآنية، قد كشف لنا عن جانب من جوانب تمرُّس الخطيب، وتمكُّنه في الاختيار والتوزيع، وذلك من خلال انتقاء اقتباسين متفرّقين يحملان دلالة متقاربة، يتحدَّث الأوَّل منها عن إيتاء اللهI فضله على مَن يشاء من عباده الصالحين، ويعني به فضل آل البيت من ناحية أنَّ اللهI شرَّفهم بمنزلتهم من النبي’ وفضله العظيم.
وتحدَّث الثاني عن إتيان الكرامة والفضل للإمام الحسين×، واستشهاده من أجل إحياء دين الله القويم، فكان أمرُ اللهI الذي قضاه عليه مفعولاً، ويقول الدكتور محمد أبو موسى: «وقوله: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) قولٌ صِيْغَ على طريقة التَّـوكيد، فهو كقولهم: ليلٌ أليَل، ويومٌ أيوَم، وظلٌ ظليل، فهو توكيد لنفاذ ما قدَّره الله وقضاه، وحين تقارن بين قوله في الآية السابقة: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) ، وقوله هنا: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) ، تلحظ أنَّ الفاصلة الثانية أوكد من الأُولى؛ وذلك لأنَّ ما قرَّرته آية الفاصلة الثانية أشمل وأكثر للأعباء والصعاب التي يواجهها النبيّون وأهل البلاغ؛ لأنَّها تشمل كلُّ ما يتّصل بذلك من أذًى، وعناء، فناسبها التَّوكيد الذي يُقرّر أنَّ ذلك قدر هؤلاء، وأنَّهم منتهون إلى الفوز حتماً»[120].
ومن هذا التحليل الذي قال به الدكتور أبو موسى يتَّضح لنا، أنَّ الخطيب كان حاذقاً في انتقائه لهذه الآيات المباركة، وإيداعها في خُطبتهِ إيداعاً موفَّقاً، وما يتأتَّى ذلك إلّا لَمن وعى آيات القرآن تأمُّلاً وتدبُّراً.
ومن الاقتباسات القرآنية ما جاء في رسالة عبد الله بن يزيد إلى ابن صُرَدْ طالباً منه الرجوع هو وأصحابه عن قتال الجيش الأُموي بقوله: «بِسْمِ الله الرَّحمن الرَّحيم، مِنْ عَبْدِ اللهِ بن يَزيدَ إلى سليمانَ بن صُرَدْ ومَنْ مَعَهُ مِنَ المسلمين، سلامٌ عليكم، أمَّا بعدُ، فإنَّ كتابي هذا إليكم كتابُ ناصح ٍذي إرعاء... يا قومنا لا تُطْمِعُوا عدوّكُم في أهل بلادكم، فإنّكم خيارٌ كلّكم... يا قومنا: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا)، يا قومنا إنَّ أيدينا وأيدكم اليوم واحدة...»[121].
فالاقتباس واضح من قولهI: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) [122].
وكان اختياره في هذا الموضع مقصوداً فيه؛ لأنَّه يحتوي على أداة (يا)، فجاء متلائماً مع ما سبقه، أو جاء بعده من جمل تصدَّرت بأداة النداء ما جعل درج الكلام واحداً متناسقاً في العبارة، فلم يكن متكلَّفاً ثقيلاً، بل جاء عن فطرة وطبع سليم، فنسق العبارة مع الاقتباس القرآني جاء منساباً على لسانه وتمازج مع خاطره، وما كان ذلك إلّا عن تأثر بالقرآن الكريم الذي «هو روح الفطرة اللغويّة فيهم... إذ هو وجه الكمال اللغويّ الذي عرف أرواحهم، واطّلع على قلوبهم»[123].
وجاء أيضاً في خُطبة مصعب بن الزبير الذي ألقاها حين قدم إلى البصـرة لقتال المختار، وقد اعتمد فيها على القرآن وحده، وعندها جاء باختيار الآيات المعبّرة، فقال: ( طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). وأشار بيـده نحـو الشـام: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ). وأشار بيده نحو الحجاز: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) . وأشار بيده نحو العراق »[124].
فقد ورد الاقتباس في صدر النص واستمر حتى توّزع على أسيقته كاملة حتى خاتمته، وإنَّما كان كذلك حتى يُضفي على كلامه طابع الفخامة والجزالة والرونق؛ لكي يشدَّ المتلقَّي إليه ويدعوه إلى التواصل الفكري مع تراكيبه اللغوية والقرآنية المكوّنة للنص، ولاسيّما إذا كانت الفقرات اللاحقة للنص المقتبس هي كيان دلالي واحد؛ كونه مقتبساً من سورة واحدة، وبآياتها المتتالية المتناسقة، وقد أراد الخطيب من هذا الاقتباس أيضاً أنْ يُشبّه «بني أُمية بفرعون في الطُّغيان والاعتداء على حقِّ الحياة، وتكهَّن بأنَّ الزبيريين الذين يُنَكِّل بهم بنو أُمية هم الذين سينزعون الملك منهم ويرثونهم، وبأنَّ العراق سيكون مقرَّ ملكهم، وبأنَّ بني أُمية سيصطلون من نار الزبيريّين ما كانوا يخشونه»[125].
ومن هنا يتَّضح لنا ـ ومن خلال الأمثلة المذكورة ـ أنَّ الاقتباس القرآني كان مقصوداً من الخُطباء والمترسِّلين؛ ليؤدّي أغراضاً بعينها هي كامنة، وعندها كانوا ماهرين في وضع الآيات بالمواضع الملائمة لها من الخُطب والرسائل.
2ـ الاستشهاد بالآيات القرآنيَّة
يختلف الاستشهاد بالآيات القرآنية عن الاقتباس القرآني، بأنَّ الأخير تُذكر الآية ولا يُذكر أنَّها من القرآن، في حين أنَّ الاستشهاد يكون بقول المتكلّم: (قال الله) أو نحو ذلك، وقد أشار ابن معصوم المدني (ت1120هـ) أنَّه لا يكون الأخذ من القرآن اقتباساً إذا قال المتكلّم: (قال الله) أو غيره[126]، فإذا لم يكن الأخذ على هذه الشاكلة اقتباساً؛ فلم يبقَ إلّا أن يكون استشهاداً بالآيات القرآنية، وقد ورد مثل هذا الاستشهاد في خُطبة المسيَّب بن نجبة الفزاري بقوله: «أمَّا بعدُ، فإنّا قدْ ابتُلينا بطولِ العُمر، والتَّعرُّض لأنواع الفِتن، فنرغبُ إلى رَبّنا ألّا يَجعلنا مِمَّن يقولُ لَهُ غداً: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) » [127].
فقد استشهد الخطيب بآي الذّكر الحكيم من قولهI: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) [128].
فكان هذا الاستشهاد تنبيهاً للسامع بما تحمل هذه الآية من مضمونات دلالية، وتذكيره بذلك الموقف الصعب الذي يقف فيه العباد أمام ربهم؛ ليسألهم عما أقدموا عليه، وهنا أورده حتى يأخذ المتلقي مراجعة نفسه ومحاسبتها، بما بدر عنها من قصور أو تقصير، وإذا ما عرفنا أنَّ الخطيب كان يُفرغ زفرات همومه وندمه على خذلانه ـ هو وأضرابه ـ وتقصيرهم تجاه قضية الإمام الحسين× يتبيَّن لنا سبب ذلك الاستشهاد بهذه الآية الكريمة من دون سواها؛ لأنَّه في معرض الدعاء مع ربّه ألّا يجعله يوم القيامة في ذلك الموقف الذي يُسأل عنه العباد في تقصيرهم.
وكان يرى في قتل قاتلي الحسين× والموالين لهم أو القتل في سبيل ذلك هي السبيل الوحيدة التي تدرأ عنهم ذلك السؤال يوم القيامة، والرضوان من الله حين قال: «لا والله، لا عُذْرَ دُون أنْ تَقْتُلُوا قاتِلَه والموالينَ عليه أو تُقْتَلُوا في طلَبِ ذلك، فعسى ربّنا أن يَرضَى عَنَّا عِنْدَ ذلك» [129].
وممّا جاء من الآيات القرآنية على سبيل الاستشهاد كان في رسالة سليمان بن صُرَد إلى عبد الله بن يزيد، فقال: « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم، للأمير عبد الله بن يزيد مِنْ سليمان ابِنْ صُرَدْ ومَنْ معَهُ من المؤمِنين، سلامٌ عليك، أمَّا بعدُ: فقد قرأنا كتابَكَ، وفَهِمْنا ما نَويت، فَنِعَـم والله الوالي... إنَّا سَـمْعنا الله عزَّ وَجَلَّ يقولُ في كتابِه: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)»[130].
فقد استشهد المرسِل بهاتين الآيتين الطويلتين إلى حدٍّ ما، وفي ذلك دليلٌ على إلمامه بالنص القرآني، وحفظه آياته، وكان هذا شأن ابن صُرَد فيما يرتجله من خُطب أو ما يحبّره من رسائل.
ومن هذا الاستشهاد تتحقّق وظيفته الأُسلوبية، ففي الوقت الذي يحقّق فيه وظيفة دلالية، فإنَّه يحمل وظيفة نفسية من خلال إقناع المتلقي بمشروعية قضيتهم التي عقدوا العزم عليها وصمَّموا لتأديتها، وكان ذلك من خلال هذا الاستشهاد القرآني، وبهذه الآيات التي يتحدّث فيها اللهI عن الجهاد، الذي سنّه على المسلمين دفاعاً عن الحقّ في مواجهة الباطل.
3ـ محاكاة أُسلوب القرآن الكريم
من صور التأثير القرآني محاكاة أُسلوبه واستعارة عبارته وألفاظه وطرائق تعبيره، واستلهام معانيه، وكان هذا شائعاً في خُطب ورسائل الحِقبتين، وهو دليلٌ على إعجاب الخُطباء والمترسّلين بأُسلوب القرآن الكريم ورغبتهم بمحاكاته، «ولا يتهيّأ ذلك إلّا لمَن كانت آيات القرآن تنساب على لسانه انسياباً، وترسخ معانيه في ذهنه»[131]، وعندها نجد أنَّ محاكاة أُسلوبه «مظهر آخر من مظاهر التّأثّر القرآني، فقد بلغ من إعجاب الأُدباء بهذا الأُسلوب أن نهجوا نهجه في بعض عباراتهم؛ إذ توخّوا محاكاة ألفاظه وتعابيره وطريقة أَدائِه»[132]، وكانت تلك المحاكاة على نمطين:
الأوَّل: يعتمد على ألفاظ القرآن كما هي، مع تصرُّف يسير في صياغتها، أي أنّ الخطيب أو المترسّل يأتي ببعض الآيات الكريمة من النص القرآني، ويتصرَّف ببعض ألفاظها، تحويلاً إلى تراكيب جديدة تكون معزَّزة دلالياً بتوظيف المعاني القرآنية بألفاظها المنقولة من النص.
الثَّاني: يعتمد على معاني النص القرآني من دون صياغته، أي: يقوم الخطيب أو المترسّل على استمداد واستيحاء المعاني القرآنية، وإفراغها في بُنى تركيبية جديدة ذات دلالات قائمة على المعاني المستلة من ذلك النص[133].
ولقد كان بعض الخُطباء والمترسّلين« يستمدُّون من القرآن الكريم بعض المعاني، يجرونها على ألسنتهم عامدين؛ ليفخّموا بها أقوالهم، ويجتذبوا نفوس سامعيهم، أو غير عامدين أن يقتبسوا هذه المعاني، وإنَّما جرت على ألسنتهم؛ لأنَّهم حفاظ قد فهموا ما حفظوا»[134].
وممّا جاء على النمط الأوَّل كان في قول يزيد بن أنس الأسدي في خُطبةٍ له، محرضاً أصحاب المختار لملاقاة جند ابن مطيع الوالي الزبيري، فقال: «يا مَعْشَـرَ الشّيعة، قد كُنْتُمْ تُقْتَلون وتُقطَّعْ أيديكُم وأرجلُكُم، وتُسْمَل أعينكم، وتُرفَعون على جذوعِ النخلِ في حُبِّ أهل بيت نبيّكم؛ وأنتم مقيمون في بيوتكم، وطاعة عدوّكم...»[135].
فواضح أنَّ أُسلوبه كان مستمداً من أُسلوب القرآن الكريم، ومن الآية الكريمة لقولهI: (قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى)[136].
وبهذا الاحتذاء الأُسلوبي للآية يؤكد الخطيب مدى الظّلم الذي لحق بمعشـر الشيعة من ولاة ذلك العصر، الذين نكَّلوا بهم وساموهم سوء العذاب، وهو بهذا يجتذب إليه أذهان السامعين؛ لكي يلتفتوا لعظم الخطر المُحدق بهم، لو أنَّهم أدركهم أصحاب ابن مطيع، فالاستعداد لهم أولى، لكي لا تعود الصورة المأساويّة مرَّة أُخرى، ولم يجد الخطيب سبيلاً من إيصال الدَّلالات وتكريسها إلّا باحتذاء الأُسلوب القرآني، الذي يتميَّز بالإبانة الموجزة المحكمة في قوَّة المنطق، وصدق الحجَّة وبلوغ الهدف.
وجاء النمط الثاني من محاكاة الأُسلوب القرآني، وهو استمداد معانيه وإفراغها في بُنى تركيبية جديدة بقول المختار في خُطبة لهُ حين شيَّع ابن الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد: «إنْ اسْتَقَمْتُمْ فَبِنَصْرِالله، وإنْ حُصْتُمْ حِيْصَةً فإنِّي أجدُ في مُحْكَمِ الكِتَابِ، وفي اليقينِ والصوابِ، أنَّ اللهَ مؤيّدكم بملائكةٍ غِضَابٍ»[137].
وواضح أنَّه أراد أن يثبِّت فؤاد ابن الأشتر وأصحابه، ويُطمئنهم بأنَّ اللهI ناصرهم ومؤيّدهم بملائكة غضاب، فلم يجد بُدَّاً من أن ينهل من معاني الآية الكريمة من قولهI: (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) [138].
فالارتشاف من معاني القرآن الكريم وتوظيفها في هذا الموقف، كان له أثره البالغ في نفسية السامع لثبات عقيدته على المجاهدة والصبر.
وجاء في رسالة المختار التي بعث بها إلى محمّد بن الحنفية، قوله: « بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم، للمهديّ محمَّد بن علىّ مِن المختار بن أَبي عُبَيد، سلامٌ عليكَ يا أيُّها المهديّ... فإنَّ الله بَعَثَني نِقْمَةً على أعدائِكم، فهم بيْنَ قتيلٍ وأسيرٍ... وقدْ بعثتُ إليكَ برأسِ عمر بن سعد وابنه، وقدْ قتلنا مَنْ شَرَكَ في دمِ الحسين وأهلِ بيته... ولَنْ يُعجزَ الله مَن بَقي، ولسْتُ بِمُنْجِمٍ عَنْهم حتى لا يبلغْني أنَّ على أديمِ الأرض مِنْهم أرمِيّاً»[139].
فقوله: «ولنْ يعجز الله مَن بَقي، ولست بمُنجِمٍ عنهم حتى لا يبلغني أنَّ على أديم الأرض منهم أرمياً»، فهو مسـتمد في معناه من قولهI على لسـان نوح×: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) [140].
ومِمَّا تقدَّم نجد أنّ المختار قد صاغ ضروباً متفرّقة من معاني الآيات القرآنية، وذلك بما ينسجم مع مقتضيات المقام والحال التي هو في صدَدِها، وهو بهذا يكشف عن براعته في الإفادة من تلك المعاني القرآنية العالية وتسخيرها بالكيفية التي يُريد، وإنَّ تلك الإفادة من المعاني، والسعي إلى تكريسها لهو مظهر من مظاهر التأثير الكبير من الخُطباء والمترسّلين في هذا العصر ببديع أُسلوب القرآن الكريم ونَظْمه وقوَّة معانيه «فهو يداور المعاني، ويُريغُ الأساليب، ويخاطب الرّوح بمنطقها من ألوان الكلام لا من حروفه، وهو يتألَّف النَّاس بهذه الخصوصيّة فيه، حتى ينتهي بهم ممَّا يفهمون إلى ما يجب أن يفهموا»[141].
وقد جاء اجتماع النمطين معاً من محاكاة النص القرآني في رسالة سليمان بن صُرَد في قوله: «فَاصْبِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ على البأساءِ والضرَّاءِ وحينَ البأسِ، وتوبوا إلى اللهِ عن قريب... إنَّ التقوى أفضلُ الزَّادِ في الدّنيا، وما سِوَى ذلكَ يبورُ ويَفْنَى...، أحيانا الله وإيّاكم حياةً طيّبةً، وأجارنا وإيَّاكم مِنَ النَّار...»[142].
فقد استمدَّ ابن صُرَد ضروباً مختلفة من آي الذَّكر الحكيم، ووشَّح بها أُسلوبه ليُضفي عليه حُلّة بديعية تجتذب إليها أسماع المتلقّين، فهو تارةً يعتمد على آيات قرآنية في ألفاظها تصـرّفاً جزئياً كما في قوله: «فاصبروا رحمكم الله على البأساء وَالضَّـرَّاءِ وحين البأس»، وهو مأخوذ من قولهI: (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [143]. وتارةً يعتمد على معاني النص القرآني من دون صياغته، فيُفرغها في بُنى جديدة تحمل دلالات النص القرآني المعتمد، كمثل قوله: «إنَّ التقوى أفضل الزاد في الدنيا»، وهذا المعنى مـأخوذ من قوله I: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [144]، أمَّا قوله: «أحيانا الله وإيّاكم حياة طيّبة»، فهو معنى مستمدٌّ ضمناَ من قولهI: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [145].
فقد اعتمد ابنُ صُرَدْ على ألفاظ ومعاني آيات متفرّقة من القرآن الكريم، فأحكم رصفها وتسخيرها حتى يُضفي على أُسلوبه طابع الجزالة والرصانة؛ وذلك ليُميل نحوه الأسماع، ويصرف إليه الأنظار، ويأخذ بمجامع القلوب، ونجد أنَّ هذا التنويع في التقاط أكبر عدد ممكن من الآيات دلالة واضحة على تأثر المنشئ بآيات القرآن الكريم.
وهو ما أُثِرَ عن النبي الأكرم محمّد’ من خُطب ورسائل وعهود ووصايا، وما صاحب ذلك من أقوال وآثار وأفكار إسلامية، ومعانٍ قرآنية، لم يكن العرب في الجاهلية قد ألفوا مثلها في أدبهم.
فالأدب في عصر النبوة كان ينتمي بجميع أنواعه «إلى الإسلام، ويستمدُّ جميع أُصوله منه، ويتأثّر به وحده في كلِّ شيء، في ألفاظه وأساليبه، في معانيه وأخيلته، في صوره ومرائيه، في أفكاره وثقافته، فهو أدبٌ يستمدُّ أفكارهُ وقيمهُ من الإسلام، ويُنسج على منوال القرآن الكريم»[146].
فالقرآن كان المصدر الأوَّل في كلّ تغيير على الأدب العربي، وكان الرسول الكريم’ أوّل من اقتبس من آي الذكر الحكيم في خُطبه ورسائله، بل حتى في حديثه العام، فقد كان يستمد معانيه منه، ويتمثَّل أُسلوبه ليدعم بها قوله، وليزيده قوَّة ووضوحاً، فقد كان’ لا يستعين بخلابة ولا تزويق، إذ برئت ألفاظه من الأغراب والتعقيد والاستكراه[147]، بل امتازت بسهولتها ووضوح معناها، وبلوغه المرام بأقصـر السُّبل وأيسـرها، بعيداً عن الصناعة اللفظية والتكلُّف، مع الميل إلى الإيجاز[148].
لقد أثَّر نثر المصطفى’ في الأدب الذي جاء بعده، فسار الخلفاء الراشدون على نهجه في خُطبهم ورسائلهم، وبعد ذلك تأثَّرت الخُطب والرسائل في العصـر الأُموي به، فكان يَستمدُّ هذا الأدب جميع مقوماته من الإسلام والقرآن.
والذي يهمُّ البحث هو تأثر النثر الفنّي في حِقبتي التوّابين وإمارة المختار ـ موضوع الدراسة ـ بالفكر الإسلامي الذي رسمه الرسول الكريم’ في نثره، ومدى استفادة الخُطباء والمترسّلين في هاتين الحِقبتين منه.
وبعد القراءة المتأنية في خُطب ورسائل الحِقبتين، وُجِدَ أنَّها قد تأثَّرت بشيء غير قليل من نثر الرسول’، فقد نهل الخُطباء والمترسّلون من موارد سُنَّته التي سنَّها في أدبه، وتمثَّلوا روحها بكلّ ما تحمله في تضاعيفها من أحاديث أو بناء فنّي كان يلتزمه الرسول’، وسيكون الحديث عن المورد الأوَّل الذي استقى منه هؤلاء الخُطباء والمترسّلون من سُنَّة المصطفى’ ألا وهو أحاديثه’.
كان الرسول الكريم’ أبلغ العرب لساناً، وأفصحهم بياناً، وأصدقهم لهجةً، وأعذبهم أُسلوباً، وأروعهم حكمةً، وكان’ أفصح العرب فكانت بلاغته في منزلتها بلاغة الذكر الحكيم، وهي البلاغة التي سجدت الأفكار لفصولها، وحسرت العقل دون غاياتها[149].
فقد عاش الرسول الكريم’ وتنقَّل في أخلص القبائل منطقاً وأعذبهم بياناً، فقد ولد في بني هاشم، ونشأ في قريش، واسترضع في بني سعد، فكانت فصاحته «أشبه بالإلهام والفيض، فلم يعانِها ولم يتكلّفها ولم يرتض لها، وإنّما أسلست له الألفاظ وأُسْمِحَت له المعاني، فلم يند في لسانه لفظ، ولم يضطرب في أُسلوبه عبارة»[150].
وقال الجاحظ واصفاً كلامه’: «وهو الكلام الذي قلَّ عددُ حروفه، وكثر عدد معانيه، وجلَّ عن الصنعة، ونزه عن التكلّف... واستعمل المبسوط في موضع البسط، والمقصور في موضع القصـر، وهَجَر الغريب الوحشي، ورغب عن الهجين السّوقي، فلم ينطق إلّا عن ميراث حكمة، ولم يتكلَّم إلّا بكلام قد حُفَّ بالعصمة، وشيّد بالتأييد، ويُسّرَ بالتوفيق... ثمّ لم يَسْمع الناس بكلام قطُّ أعمّ نفعاً، ولا أقصد لفظاً، ولا أعدل وزناً، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرم مطلباً، ولا أحسن موقعاً، ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح معنًى، ولا أبين في فحوًى من كلامه صلّى الله عليه وسلّم كثيراً»[151]، ومن الطبيعي أن يكون الخُطباء والمترسّلون قد تأثروا بكلامه’؛ فاخذوا يحاكون أُسلوبه، وينهلون من معانيه، وربَّما كان المنشِئون يفعلون ذلك ليؤكّدوا صِحَّة مذهبهم وسلامة رأيهم، فكان واحدهم «يبني كلامه على أصل لا يزلزل، ويسوق مقاصده إلى سبيل لا يضلُّ عنه، فإنَّ الدليل على المقصد إذا أُسند إلى النص قويت فيه الحجَّة، وسلَّم له الخصم، وأذعن له المعاند، والفصاحة والبلاغة إذا طلبت غايتها فإنَّها بعد كتاب الله في كلام مَن أُوتي جوامع الكلم»[152].
ومِمّا جاء على سبيل التأثر بالحديث النبوي الشريف واقتداء أُسلوبه، والأخذ بمعانيه في خُطبة عبد الله بن يزيد: «إنَّ المسلمَ أخو المسلمِ لا يخونه، ولا يغشُّه، وأنتم إخوانُنا، وأهلُ بلدنا، وأحبُّ أهلِ مصْر خَلَقَهُ اللهُ إلينا، فلا تُفْجِعونا بأنفُسكم، ولا تُنْقِصوا عدَدنا بخروجِكُم من جماعَتِنا»[153].
فقوله: «إنَّ المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يغشُّه» مأخوذ مِن قولهr: «المسلم أخو المسلم...»[154]، أو من قوله’: «المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يخونه ولا يسلمه في مصيبة نزلت به»[155]، وكذلك مِن قوله’ في حديث له عن أبي موسى الأشعري: «مَنْ غشَّنا فليس مِنَّا»[156]، أو قوله’: «مَنْ غشَّ المسلمين فليس مِنْهم»[157].
فقد ذكر الخطيب في كلامه هذه الأحاديث الشريفة ضمناً، فكأنَّه قد وعى أحاديث رسول الله’، والتقط منها ما يناسب الموضوع الذي هو في صدده، وما هذا إلّا دليل على المعرفة المستقصية من الخطيب، بالأحاديث والقدرة على الإفادة منها في الوقت المناسب.
وعموما فقد أراد الخطيب بهذا لفت تنبّه السامع مع الحثّ على التمسك بالأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلَّى بها المسلم، والتي أكَّدها بالجمع من معاني أحاديث المصطفى’ في عدم خيانة المسلم أو غشّه، ثمّ قرن هذا الإخبار بـ(إنَّ) المؤكدة لترسيخ الخبر في ذهن السامع، وليبدي الخطيب عندها ـ أي: بهذه المعاني الشـريفة - صدق نيَّته في عدم غشّ التوّابين أو خيانتهم.
ونجد عند سليمان بن صُرَد ترسُّماً لمعاني الحديث الشريف واقتباساً لصورته في خُطبته التي ألقاها أمام الثائرين، فقال: «فإنَّ الجهادَ سنامُ العَمَل... جَعَلنا الله وإيّاكم مِنَ العباد الصَّالحيَن، المجاهديَن الصَّابرين على الَّلأواء...»[158].
ويمضى ابن صُرَد هنا في الحثّ على الجهاد وتزيينه في قلوب الثائرين، مستعيناً بحديث رسول الله’ حينما أخبر معاذ بن جبل بقوله: «إنْ شِئْتَ أنبأتك برأسِ الأمرِ وَعَمودِهِ وَذرْوَةِ سَنَامهِ. قال: قلت: أجل يا رسولَ الله. قال: أمَّا رَأسُ الأمرِ فالإسلام، وأمَّا عمودهُ فالصلاة، وأما ذَرْوَةُ سَنامهِ فالجِهاد»[159].
فقد اقتبس ابنُ صُرَد من هذا الحديث جملته الأخيرة (الجهاد سنام العمل)، وهذا ما يناسب موضوع خُطبته، وكان اقتباساً موفقاً في موضعه، والقول الذي ساقه ابنُ صُرَد عن النبي’، إنَّما هو (استعارة) تدلُّ على رفعة الجهاد وعلّوه، وبهذا يقول الشـريف الرضي (ت406هـ): «وجعل الجهاد ذروة سنامه؛ لأنَّه يعدُّ الرأس أعلى مشارفه، وأرفع مراتبه، وبه يُشاد بناؤه، ويقام لواؤه، ويُقْمَع أعداؤه»[160].
وبهذا الاقتباس يكون ابن صُرَد قد وصَّل مقاصده بدليلٍ مفحمٍ من الحديث؛ وذلك ليحثَّ السامع على التفاني من أجل مجاهدة الظالمين، ولمَّا كان الجهاد أرفع الأعمال وأشرفها؛ بدليل قول الرسول الكريم’ فعليه سرعة انجازه وعدم التواني عنه.
وممَّا جاء على سبيل الاحتذاء الأُسلوبي لأقوال الرسول’، واستثمار معانيها في الحال المناسبة ما جاء في خُطبة المختار الثقفي:
«إنّي إنَّما أعملُ على مثالٍ قد مثل لي، وأمرٍ قَد بُيّنَ لي، فيه عزُّ ولِيّكُمْ، وقَتْلُ عَدوّكُم، وشِفاءُ صدورِكم، فاسمعوا منّي قولي، وأطيعوا أمري، ثمّ أبشروا وتباشروا، فإنّي لكم بكلّ ما تأملون خير زعيم»[161].
فقوله: «إنّي لكم بكلّ ما تأملون خير زعيم»، والزَّعيم هنا بمعنى الكفيل[162]، فكأنّما يُريد المختار أن يقول: إنّي سأحقّق هذه الغاية، وأنتقم من الظالمين، وأنا خير كفيل بهذا. وهذا يذكّرنا بقول رسول الله’: «أنا زعيمٌ ـ والزعيم الحميل ـ لمَن آمن وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيتٍ في رَبَض الجَنة، وببيتٍ في وَسَط الجنة، وأنا زعيم لمَن آمن ببيتٍ في وسط الجنة، وأنا زعيم لَمن آمن وأسلم وهاجر ببيتٍ في ربض الجنة، وببيتٍ في وسط الجنة، وببيت في أعلى الجنة...»[163].
وهنا استعان المختار بلفظة (زعيم) التي أوردها الرسول’ في حديثه بصورةٍ متكرَّرةٍ، كي يحقّق قصده منها في إيصاله للمعاني والأفكار؛ لأنَّ «ألفاظ الحديث الشـريف مألوفة ترتاح إليها الأسماع، ويستسيغها في النطق اللسان، ترقُّ في موضع اللين، وتجزل حين يقتضـي الأمر الجزالة، تراعي مقتضى الحال، فتؤدّي وظيفتها الدلاليّة واللفظيّة بكفاءة عالية ونسيج فريد»[164].
وهكذا تأثّر المنشِئون في هاتين الحِقبتين بأحاديث الرسول’ فاقتبسوا منها، وأفادوا من معانيها؛ ليزيدوا من قوّة أُسلوبهم جمالاً وإحكاماً.
2ـخُطب النبي’ ورسائله
وقد أخذ أغلب الخُطباء والمترسّلون من خُطب الرسول’ ورسائله، فاحتذوا حذوه فيما جاء بتلك الخُطب والرسائل، سواء أكان في معانيها وأفكارها، أم في أُسلوبها وبنائها العام.
أمَّا الخُطب فكانت معانيها تدور في معاني القرآن الكريم، والحثّ على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، وإثارة الإيمان والعقيدة في النفوس، حتى تُقبِل على الحرب صادقة، وكذلك الدعوة إلى الزهد وترك ملذات الدنيا وزخارفها[165].
أمَّا أُسلوبها، فقد كان أهمّ ما يُميّزه عذوبة ألفاظه، وقوّة تأثيره وتناسب اقتباسه من القرآن الكريم، وكان أُسلوباً فطريّاً «يساوق الطَّبع، ويوائم السليقة، ولا يتعسَّف في لفظٍ أو فكرٍ أو خيالٍ. فهو ليِّن هادئ، أو ثائر عاصف، على حسب المقتضيات، ووفقاً للأحوال مع وضوح اللفظ وسهولة الأُسلوب، والانسجام التام في بناء الكلمات»[166].
ومن حيث اعتماد السجع فإنّه كان قليلاً جدّاً، وإذا وقع فهو غير متكلّف أو ممجوج، والسبب أنَّ الرسول’ كان ينفر من (المتعمَّد) منه؛ بسبب استعمال الكهّان له في الجاهليّة[167].
فخُطب الرسول الكريم إذاً كانت سهلة الاستيعاب، غير متكلّفة لا تعنى بتزويق أو خلابة في عبارتها، فكان همُّها تأدية الغرض الذي يقصده’ فحسب، وعليه كانت ألفاظها ومعانيها في خدمة مضموناتها السامية.
وكان الرسول’ قد نهج في افتتاح خُطبه نهجاً جديداً لم يألفه العرب في الجاهلية من قبلُ، وهو البدء بحمد اللهI، والصلاة على رسوله’[168]، واقتران ذلك بالشهادتين، كما تقترن بكلمة (أمَّا بعدُ) [169].
أمَّا الخاتمة، فقد كان الرسول’ يختتم خُطبه بالتحميد أو الدعاء، مردوفة بعبارة (والسلام)، أو (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)[170].
وإذا ما استقرينا العصـر الأُموي ـ ومنه (عصـر التوّابين والمختار) ـ فنجد أن الخطيب العلوي كان يعمل مثلما يعمل الرسول الكريم’ في افتتاح خُطبه، فأكثرها مبدوءٌ بحمد اللهI والثّناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله[171]، حتى أنَّه كانت تُسمَّي الخُطبة التي لا تبدأ بالحمد بالبتراء[172].
فكانت خُطب ثورة التوّابين وإمارة المختار صورة صادقة عن خُطب الرسول’ في الافتتاح والاختتام، شأنها في ذلك شأن خُطب العصر الأُموي، فمن ذلك ما نجد في خُطبة سليمان بن صُرَد في افتتاحه لها بقوله: «أُثْني على اللهِ خَيْراً، وأحمد آلاءَه وبلاءَه، وأشهدُ أنْ لا اله إلّا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، أمَّا بعدُ...»[173]. أو مطلع خُطبة المختار في دار إبراهيم الأشتر بقوله: «الحمدُ لله وأشهدُ أنْ لا إله إلّا الله، وصلَّى الله على محمدٍ، والسَّلامُ عليه، أمَّا بعدُ...» [174].
وهكذا تفتتح الخُطب في هاتين الحِقبتين، فهي لم تخرج عمّا ما كانت عليه خُطب الرسول. أمّا الخواتيم، فهي الأُخرى كانت على سَمْتِ خُطبه’، ففي خُطبة المسيب ابن نجبة كان قد بدأها بحمد اللهI والثناء عليه والصلاة على نبيه’، وختمها بعبارة الدعاء قائلا: «أقولُ قولي هذا، وأسْتَغْفِرُ الله لي ولكم»[175]، ومثل هذا الاختتام اختتم عبد الله بن يزيد الأنصاري خُطبته بقوله: «إنّي لم آلكم نصحاً، جمع الله لنا كلمتنا، وأصلح لنا أئمتنا»[176].
أمّا رسائل الرسول’، فقد كانت مثل خُطبه تؤدّي «دورها في بساطةٍ ويُسْـرٍ على المستوى اللُّغوي، دون صَنْعةٍ ولا غموضٍ، ولا كهانةٍ ولا لَبْسٍ»[177]. فكان’ لا يعتني فيها بتحبير فنّي، وعندها كانت تخلو من «الصناعة اللفظية، تكثر فيها الإشارة إلى المعاني، والبُعد عن تكلُّف السجع أو البديع، هي أقرب إلى لغة المحادثة والتخاطب»[178]، أمّا أُسلوبها، فقد كان جزل الألفاظ، فخم التراكيب، خالياً من التطويل والمبالغة، «فقد طُبِعَ على الإرسال، والإيجاز المُحْكَم، فلا حشوٌ ولا فضولٌ، ولا استطراد ولا تفريع»[179].
وكانت معانيها مثل معاني خُطبه أيضاً تدور في معاني القرآن الكريم، فتقتبس منه وتحتذي أُسلوبه[180]، وكذلك كان لمعاني الجهاد والزهد في الدنيا، والحثّ على التقوى نصيب كبير فيها.
أمّا البناء الأُسلوبي لرسائل النبي الأكرم’، فقد كان ذلك في حدّ ذاته ابتكاراً لم تشهده الرسائل من قبل، سواءً كانت في افتتاحها أم خواتيمها، وسوف يُبيّن البحث الملامح المهمّة التي كان يتبعها الرسول’ في رسائله وسنقف منها إيجازاً عند الآتي:
أ ـالبسملة
كان الجاهليون يفتتحون رسائلهم بعبارة: (بسمك اللهمّ)، وقد سار النبي’ بـها زمنـاً[181]، فلمّا نزل قولهI: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [182] قال النبي’: اجعلوها صدر الكتاب، فجعلت[183].
ب ـ العنوان
وهو ذكر اسم المرسِل، واسم المرسَل إليه في مطلع الرسالة بعد البسملة (من فلان إلى فلان)، (من محمد رسول الله إلى فلان) [184]، وقد ذكر أبو هلال العسكري (ت395هـ) أنَّ أوَّل مَن كتب (من فلان إلى فلان) هو قس بن ساعدة الأيادي وأقرَّه النبي’ في مكاتباته [185].
وعندها «كان الوضع الطبيعي في صيغة العنوان أن يبدأ الكاتب والمرسِل باسمه، ثمّ يثني بكتابة اسم المرسَل إليه، ويبدو أنَّ ذلك كان هو التقليد الغالب في الجاهلية... إلّا أنَّ ظهور الكتب بين النبي’ وأصحابه واطّرادها دفع بمعظم الصحابة الذين يكتبون إلى النبي’ إلى أنْ يُبْدأ باسمه’ ولقبه تعظيماً له وتأدّباً معه في الخطاب»[186].
ج ـ السلام
كان السلام هو بمثابة الاستفتاح بالرسائل؛ لأنَّه أوَّل ما يبتدأ به الكلام، وقد فسّـر القلقشندي استعمال السلام بقوله: «لأنّه تحيَّة الإسلام المطلوبة لتأليف القلوب»[187] وكان افتتاح الرسائل بـ(السلام عليكم) غالباً[188].
د ـ التخلّص
وبعد ذلك كان لا بدَّ من وسيلة للتخلص من هذه المقدمات والدخول في المضمون، وقد كان’ يتخلَّص من المقدمات بعبارة: (أمَّا بعدُ)، ورُوي أنَّ أوَّل مَن قالها هو قس بن ساعدة الأيادي[189]، وذكر القلقشندي أنَّ أوَّل مَن قال هذه العبارة هو كعب بن لؤي[190].
وذكر الصُّولي (ت335هـ) هذا الفصل بهذه العبارة، فقال: «إنَّه إنَّما يكون بعد حمد الله، أو بعد الدعاء، أو بعد قولهم من فلان إلى فلان، فيفصل بها بين الخطاب المتقدِّم وبين الخطاب الذي يجيء بعد، ولا تقع إلّا بعد ما ذكرناه»[191].
وكان رسول الله’ يسبق هذا الفصل بعبارة: «إنّي أحمد إليك الله الذي لا اله إلّا هو» [192].
هـ ـ الختام
كانت الرسائل في عهده’ تختم بعد الفراغ من المضمون بأشكال متعددة من التعابير، وكان أتمَّها صيغه (السلام عليك ورحمة الله وبركاته)[193]، إلّا أنَّها قد تُختصـر إلى (والسلام عليك)[194]، أو (وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)[195] [196]، أو فقط (والسلام)، وهذه الأخيرة هي الغالبة على الاستعمال، نظراً لمِا فيها من اختصار وإفادة الدلالة نفسها للصيغ السابقة[197].
ومن الجدير بالذّكر أنَّ هذه الخصائص التي اتَّبعها الرسول الكريم’ في رسائله سار عليها المترسّلون بعده، ولاسيّما في حِقبتي التوّابين والمختار الثقفي، سواء من حيث المعاني والمضمونات، أم من حيث الأساليب أو الهيكل العام، فكانت معاني رسائلهم، تدور حول معاني القرآن الكريم، والدعوة إلى الجهاد، واستنفار الهمم، والحثّ على التقوى والتزهيد في الدنيا. وأمَّا أساليبها، فقد كانت واضحةً سهلةً خاليةً من مظاهر التبجيل والتفخيم، وكانت الألفاظ على قدر المعاني، ولم يحتفلوا بزخرف في اللفظ، ولم يهتموا بالسجع، إلّا ما كان عفوا من دون تصنّع، ويُستثنى من ذلك ما كانت عليه رسائل المختار الثقفي في بعضها كما تقدّم. وكما كانت موجزةً حيث يتطلّب الإيجاز، وطويلةً حيث يتطلب الإطناب.
وأمَّا من ناحية بنائها العام، فقد كانت صورةً صادقةً من صور البنى الأُسلوبية لرسائل عصر الرسول’، وهي تبدأ بالبسملة عموماً، وذكر اسم المرسِل واسم المرسَل إليه إذا كان المرسِل أعلى منزلةً من المرسَل إليه، والعكس بالعكس، فقد يذكر اسم المرسل إليه قبل اسم المرسِل إذا كان المرسل إليه أعلى منزلةً من المرسل.
فقد جاء في رسالة سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة قوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِن سُليَمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة ومَن قِبَله مِنَ المؤمنين»[198].
فردَّ عليه سعد: «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى سليمان بن صُرَد، مِنْ سَعد بن حذيفة ومِنْ قِبَله مِنَ المؤمنين...»[199].
فكان هذا تقليداً فنيّاً لرسائل عصر الإسلام، إذ إنَّ المرسَل إليه يُقدَّم إذا كان أعلى منزلةً من المرسل، وقد فُعل ذلك أيّام النبي الكريم’، فكان المترسّلون يراسلونه وهم يذكرون اسمه بدءاً تشريفاً له؛ لأنّه أعلى منزلةً منهم[200].
أمَّا السلام، فقد كان المترسّلون يحتذون العبارة المشهورة التي كانت في صدر الإسلام وهي: (السلام عليكم)، وهذا واضحٌ في جميع خُطب ورسائل الحِقبتين، وكذلك كان التخلص بعبارة: (أمَّا بعدُ) مسبوقة أحياناً بحمد الله جلَّ شأنه.
وكان الختام بعبارة (السلام عليك)، أو (والسلام)، أو (السلام عليك ورحمة الله وبركاته)، وكلّ ذلك تقليد لفن الترسّل الذي كان النبي’ عليه، ويمثل هذا خير تمثيل كتاب المختار إلى محمد بن الحنفية: «بسم الله الرحمن الرحيم، للمهدي محمّد بنِ علي مِنَ المختارِ بنِ أبي عُبَيد، سلامٌ عليكَ يا أيُّها المهدي، فإنّي أحمد إليكَ الله الّذيْ لا أله إلّا هوَ، أمَّا بعدُ: فإنَّ اللهَ بعَثني نقمةً على أعدائكم، فَهُم بين قتيل وأسيْر، وطَريْدٍ وشَريْدٍ، فالحمدُ لله الذي قتل قاتليكم، ونَصـَر مؤازِرِيكم، وَقدَ بعَثْتُ إليك برأسِ عمرَ بن سعدٍ وابنهُ، وقَدْ قتلنا مَنْ شَرَك في دم الحسين وأهل بيته ـ رحمة الله عليهم ـ كلّ مَنْ قدَرْنا َعليه، وَلْن يُعْجزَ الله مَنْ بقي، وَلَسْتُ بِمُنْجِمٍ عنهم حتى لا يَبلغَني أنَّ على أديمِ الأرضِ مَنْهُم أرمياً، فاكتبْ إليَّ أيَّها المهدي برأيك أتبّعه وأكون عليه، والسلام عليك أيّها المهدي ورحمةُ الله وبركاتُه»[201].
فهذه الرسالة تمثّل صورة صادقة للرسائل التي كانت في عصـر الرسول محمد’، سواء أكان ذلك في معانيها وأفكارها أو في أُسلوبها وبنائها.
لقد ابتدأ المختار رسالته هذه بالبسملة، وذكر المرسَل إليه قبل المرسِل؛ وذلك لأنَّه يرى أنَّ المرسَل إليه أعلى منه منزلاً ورتبةً، ثمّ أردف ذلك بعبارة السلام، وهي: (سلام عليك) متلوّةٌ بعبارة: (إنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو). على شاكلة رسائل النبي الكريم’، وتخلَّص بعدها من هذه المقدّمات بالعبارة المشهورة (أمَّا بعدُ)، وقد دخل في غرضه الذي يتحدّث عن انتقامه من قتلة الإمام الحسين× وأهل بيته وبعثه برأس ابن سعد وابنه إلى محمد بن الحنفية، وكان أُسلوبه جزلاً فصيحاً ليس فيه غموض ولا تكلّف، ولا نجد للسجع مكاناً في الرسالة مع أنَّه كان طابعاً أُسلوبيّاً حاضراً في رسائله وحتى في كلامه، فكأنَّما أراد لهذه الرسالة أنْ تكون تقليداً فنياً للرسائل النبوية التي قد خلت من حلية السجع.
وكان للقرآن الكريم واستمداد معاني آياته الشريفة نصيبٌ من الحضور في قوله: «حتى لا يبلغني أنَّ على أديم الأرض منهم أرمياً»، وهو معنى مأخوذٌ من قولهI على لسـان نبيّـه نـوح×: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) [202]، وما هذا إلّا لإسباغ طابع التأثير، وتقوية العبارات بالمعاني القرآنية.
كما نجد طابع الإيجاز والسهولة على الرسالة على الرغم من وجود بعض الكلمات غير المألوفة كـ(منجم) و(أرميّاً)، فهو لا يخرجها على ما هو عليه من أُسلوب الرسائل النبوية في الأعمّ الأغلب.
وهذا لا يعني أنَّ رسائل هاتين الحِقبتين كانت تتميَّز بالقصـر والإيجاز والخلو من حلية السجع وعدم اعتماد الغريب من الألفاظ، بل كان بعض المترسّلين يعتمدون في تحبير رسائلهم على أُسلوب السجع، وإيراد الغريب من الألفاظ، وما ذلك إلّا مظهر من مظاهر النضج الفنّي الذي بلغته الرسائل في العصر الأُموي[203].
وممَّا تقدَّم يتبيَّن للبحث أنَّ النثر الفنّي في خُطبه ورسائله كان صورةً صادقةً للنثر النبوي الذي سنَّهُ الرسول الكريم’ وساروا عليها فيما بعد.
ثالثاً: نثر الإمام علي بن أبي طالب×
المورد الثالث من موارد نثر التوّابين وإمارة المختار هو النثر الفني لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب× إذ طبع هذا النثر بصماته على أدب هاتين الحِقبتين، فتمثَّله الخُطباء والمترسّلون، وساروا على نهجه، سواء أكان في أُسلوبه وصياغته أم في معانيه وأفكاره، وقد بلغ في ذلك شأناً كبيراً يُقارب في تأثره تأثرهم بالقرآن الكريم، ممَّا أسبغ على بعض تلكم الخُطب والرسائل بطابع أُسلوبي واضح، ولا شكّ أنَّ ذلك متأتٍ من أنَّ الإمام× كان أبلغ الخُطباء وأعلامهم ـ وتشهد له بذلك كلّ العصور ـ لأنَّه نشأ في بيت النبوة، وتغذى بالبيان والحكمة، وتفقه بالكتاب والسّنة، وتفوَّق في العلم والمعرفة، وتألَّق في الحكمة والخطابة، وهذه كانت «ثمرة لنشأته الرفيعة، وبيئته العجيبة، وحياته الخصبة، وتجاربه الجليلة في الحياة، فكان حكيماً تتفجَّر الحكمة من بيانه، وخطيباً تتدفَّق البلاغة على لسانه، وواعظاً ملئ السمع والقلب، وكاتباً بليغاً مترسلاً بعيدُ غور الحجَّة، ومتكلّماً يجول ببيانه في كلِّ مجالٍ، ويصول به في كلِّ نضالٍ، ويناضل به عن الدِّين، والدَّعوة أروع نضال»[204].
وبهذا قد أثر الإمام× ـ بلا شك ـ في أدب هاتين الحِقبتين، خصوصاً إذا ما علمنا أنّهما قامتا بقيادات موالية للإمام علي بن أبي طالب× وشيعته وسائرة على خطَّه، على النقيض من خصومهم، أي أنّهم كانوا يتوسلون بنثر الإمام× ويودعونه في خُطبهم ورسائلهم، ليدْعموا بها آراءهم وحججهم؛ لأنَّ نثر الإمام× كان يواكب مجريات الحزب الشيعي، فكان لسانه الناطق، وقلبه النابض، وعقله الجدلي الواعي الذي لا يكلُّ ولا يملُّ، فاتخذوه مورداً من موارد نثرهم.
وعندما نقرأ في نثرهم ونحكم عليه بالتأثر بنثر الإمام علي×، فإنَّما يكون ذلك بالمقارنة بما جاء في نثرهم ونثر الإمام علي× الذي يضمه بين دفتيه كتاب (نهج البلاغة)، ذلك الكتاب الجليل والأثر الأدبي الخالد، بعد كلام اللهI وكلام رسوله’، وقد جمعه الشريف الرضي وهو مشتمل على ما ورد للإمام× من خُطب ووصايا، ونصائح وحكم، وأمثال ومواعظ، ومحاورات ورسائل، وعهود وغيرها.
وقد قال الشريف الرضي واصفاً كلام الإمام×: «كان أميرُ المؤمنين× مَشْـرَعَ الفصاحة ومَوْرِدُها، ومَنْشَأ البلاغة ومَوْلِدها، ومنه× ظهر مكنونها، وعنه أُخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كلُّ قائلٍ خطيبٍ، وبكلامه استعان كلُّ واعظٍ بليغٍ... لأنَّ كلامه× الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي... فأمَّا كلامه× فهو البحر الذي لا يُساجَل، والجمُّ الذي لا يُحافَل»[205].
ومن هنا تأثر النثر الفني في هاتين الحِقبتين بكلامه×، فزيَّنوا به خُطبهم ورسائلهم، مضيفين إلى الجانب الدلالي، الجانب الجمالي والتأنق بالعبارة، وسوف نلحظ مدى تأثر النثر في هاتين الحِقبتين بنثر الإمام علي×، من خلال الأمثلة التي وردت في خُطبهم ورسائلهم، فممَّا جاء على طريق التأثر بكلامه× كان في خُطبة المسيَّب بن نجبة الفزاري «أمَّا بعدُ، فانّا قدَ ابتُلينا بطولِ العُمر، والتعرّض لأنواع الِفَتَن فنرغَبُ... فإنَّ أميرَ المؤمنين قال: العُمرُ الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستّون سنة، وليس فينا رجلٌ إلّا وقدْ بَلَغَه»[206]، فنجد أنَّ الخطيب قد تمثَّل مقولة الإمام× في خُطبته ليتمكن من إيصال الدلالات إلى ذهن السامع، ويجذب تنبهه عن طريق هذا الاستشهاد، وهذا القول موجود بنصه في نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين×: «العُمرُ الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة»[207].
وتدلُّ هذه المقولة التي استشهد بها المسيب أن هؤلاء التوّابين قد أصبحوا شيوخاً متجاوزين مرحلة الطيش، وقد اختاروا طريق التوبة[208]، فلا عذر بعد ذلك للقعود عن الجهاد والسكوت على الهوان والظلم، قد ساق قول الإمام×؛ لأنّه كان يراه حجة عليه، فالأخذ به واجب لا مناص منه.
وممَّا جاء في ذلك أيضاً ما نجد في خُطبة سليمان بن صُرَد الخزاعي بقوله: «أمَّا بعدُ، فَقَد أتاكم الله بعدوّكم الذي دأبتم في المسير إليه آناء اللّيل والنَّهار، تُريدون فيما تُظْهِرون التَّوبة النَّصُوح، ولقاءَ الله مُعذِرين، فقد جاءوكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحَيّزهِم، فإذا لقيتموهم فأصدقُوهم... لا تَقَتلُوا مُدْبِراً، ولا تُجهزوا على جريحٍ، ولا تقتلوا أسيراً من أهل دعوَتكُم، إلّا أنْ يقاتلكم بعدَ أنْ تأسروه، أو يكون من قَتَلَةِ إخواننا بالطَّف رحمة ُالله عليهم؛ فإنَّ هذهِ كانتْ سيرةُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أهلِ هذه الدّعوة»[209].
فقد اعتمد ابن صُرَد في خُطبته هذه اقتباساً دالاً مؤكّداً يحيل إلى سيرة الإمام× قولاً وفعلاً في قوله: «لا تقتلوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيرا ًمن أهل دعوتكم»، وهذا القول مأخوذ من قول الإمام×: «لا تُقاتلوهم حتى يَبْدَأَوكم، فإنَّكم بحمد الله على حُجَّةٍ، وتَرْكُكُم إيَّاهم حتى يبدأَوكم حجَّةٌ أُخرى لكم عليهم، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله، فلا تقتلوا مدْبِراً، ولا تُصْيبوا مُعْوِراً، لا تُجْهِزوا على جَريح، ولا تهيجوا النساء بأَذى»[210].
فقد تمثَّل الخطيب وصيَّة الإمام× في جنده؛ لتظهر على فعله وفعل أصحابه في قتال أعدائهم، حتى يُبرهن على التواصل والامتداد الفكري والفعلي بينه وبين الإمام×، وإنّهم لم يثوروا طلاب ملذَّة أو متاع، علاوة على ذلك أنَّ التمسك بسيرة الإمام× يعني التمسك بالأخلاق العليا والمعاني الإسلامية السامية، في عدم قتل الجرحى، أو اضطهاد الأسرى، وسبي النساء إنْ هم خاضوا غمار الحروب، وإنَّ سيرة أمير المؤمنين هذه هي عينها سيرة رسول لله’، فقد روي عن الرسول الكريم’ كان أنَّه إذا بعث سرية قال: «اغزوا باسم الله، وقاتلوا مَن كفر بالله، ولا تمثِّلوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليداً ولا شيخاً كبيراً»[211]، فهذه السيرة في الحرب هي سيرة الرسول المصطفى’، وقد جسَّدها أمير المؤمنين× في حروبه، وأوعز بها إلى ولاته تنفيذاً، وهي سيرة النبلاء والصالحين، وقد وصَّى بها ابن صُرَد قومه انسجاماً مع خط رسول الله نبي الأُمّة’ ووليّه علي بن أبي طالب×؛ ليبرهن على أنَّهم أصحاب حقّ وأصحاب رسالة، وبالموازنة بين سيرة الإمام والتوّابين وسيرة بني أُميّة عندما قاتلوا الحسين×، وقد قتلوا الولدان، وسبوا النساء، وقتلوا الأطفال، يتبيَّن مَنْ هو على الهدى ومَن هو في الضلال المبين، قال اللهI: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)[212].
وممَّا جاء على سبيل الأخذ بأُسلوب الإمام علي× في خُطبه، واستمداد معانيه ما ورد في خُطبة عبيد الله المرّي لقوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الله اصطفى محمَّداً’ على خلقه بنبوَّته، وخصَّه بالفضلِ كلِّه، وأعزَّكم باتباعه وأكرمكم بالإيمان به، فَحَقَن بهِ دماءَكم المسفوكَة، وأمَّنَ به سُبُلَكُم المَخُوفَة، (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)»[213][214].
وأُسلوب هذه الخُطبة هو احتذاء لأُسلوب الإمام علي× في إحدى خُطبه حين قال: «إنَّ الله سبحانه بعث محمَّداً نذيراً للعالمين وأميناً على التنزيل وأنتم معشر العرب على شرّ دين، وفي شرّ دار، مُنتخون بين حجارةٍ خُشْن، وحَيَّاتٍ صمٍّ، تشـربون الكَدِرَ، وتأكلون الجَشِبَ، وتَسفكون دماءكم، وتَقْطعُون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة...»[215].
ومن هنا نجد أنَّ خطيب التوّابين كان ينهل من أُسلوب الإمام علي×، فيتمثَّله في خُطبته، وكان قصده أنْ يأتي بالأفكار التي قالها الإمام×، وهي أنَّ الله Iقد بعث محمّداً’ إلى العرب، وحقن دماءهم بعدما كانت مسفوكة بين الحين والآخر، وأنَّ الرسول هو الذي خلَّص هذه البشرية من الاقتتال والظلمات.
وأراد الخطيب من هذه المقاربة الأُسلوبية أنْ يذكّر الأُمّة بعظيم فضل النبي’ عليها، فالواجب احترام ذريته المتمثلة بالإمام الحسين’ وأهل بيته الأطهار، ولكنَّ الذي جرى هو على النقيض تماماً فبدلاً من أنْ يحترموا ذريته جزاءً له أخذوا بقتلهم والتنكيل بهم.
والمهمّ أنَّ الخطيب اتَّخذ من أُسلوب الإمام علي’ وسيلةً لتوصيل هذه الأفكار، وبثّها في أذهان سامعيه، لاسيّما أنَّ الخط العقدي موصول بين الإمام والتوّابين في هذا الباب المهم.
وإلى جانب السير على خطى أساليب الإمام علي× في خُطبه ورسائله وأقواله، نجد أنَّ الخُطباء والمترسّلين في هاتين الحِقبتين قد نهلوا من أفكاره، واقتبسوا من معانيه التي كان يرددها× في نثره، وأوَّل ما يطالعنا في ذلك فكرة الجهاد التي كانت ممتدَّة في خُطب الإمام علي× ورسائله، نظراً للمصاعب والمؤامرات والحروب التي تعرّض لها آنذاك، فقد حارب الخوارج، وحارب طلحة والزبير، وحارب بني أُميّة، «ومن ثَمَّ فإنَّه من الطبيعي أنْ تتَّسم خطاباته بالطابع الحربي والجهادي، كما تتَّسم أيضاً بالطابع الجدلي؛ لأنَّ كثيراً مِمَّنْ خرجوا عليه إنَّما خرجوا لخلافٍ معه في آراء بعينها»[216].
ونجد هذا واضحاً في خُطب التوّابين خاصّةً، نظراً للظروف التي أحاطت بهم، فكان إعلان الجهاد والدعوة إليه هو الطابع العام الذي كان يتردَّد في خُطبهم ورسائلهم، فكانوا يتوسَّلون في طلب ذلك بالنصوص القرآنية التي تحثُّ على الجهاد، وبمقولات الإمام علي بن أبي طالب× في فكرته عنه كقوله: «أمَّا بعدُ، فَإنَّ الْجهَادَ بَابٌ مِنْ أبْوَابِ الجنةِ، فَتَحَهُ الله لِخاصَّةِ أوِلَيائِه، وهوَ لِبِاسُ التقوى، ودِرْعُ الله الحَصينة، وجُنَّتهُ الوْثِيقةُ، فمَنْ تركهُ رغبةً منه أَلبسهُ الله ثوبَ الذُّلِّ، وشمِلهُ البَلاء»[217].
فإذا كانت هذه فكرة الإمام×؛ فمن الطبيعي أنْ يتدافع الشيعة للامتثال لذلك من دون تردُّد، وهم أولى الناس به، وهكذا نجد الدعوة إلى الجهاد، والتحريض عليه من الميزات المهمَّة في نثر التوّابين، فقد جاء في خُطبة ابن صُرَد: «أمَّا بعدُ أيّها الناس، فإنَّ الله قد علم ما تَنوُون، وما خَرَجْتُم تَطلبُون، وإنَّ للدّنيا تجاراً... فعليكم ـ يرحمكم الله ـ في وجْهِكم هذا بطول الصلاة في جوفِ الّليل، وبذكر الله كثيراً على كلّ حال، وتقرَّبوا إلى الله جلّ ذِكرهُ بكلّ خيرٍ قدرتم عليه، حتى تلقَوا هذا العدو والمحلِّ القاسط فتجاهدوه، فإنَّكم لم تتوسَّلوا إلى ربكم بشـيء هو أعظم عنده ثواباً من الجهادِ والصَّلاة»[218].
فقوله: «فإنّكم لم تتوسلوا إلى ربكم بشـيء، هو أعظم عنده ثواباً من الجهاد والصلاة» احتذى به أُسلوب الإمام علي× واستمد منه معانيه، فقد قال الإمام في خُطبة له في أركان الدين: «إنَّ أفضلَ ما توسَّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه: الأيمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله فإنّه ذِروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة، وإقام الصلاة فإنّها الملّة»[219].
وأخذ ابن صُرَدْ من كلام الإمام علي× ما يجده مناسباً، محوّلاً نصّه بصياغة جديدة وراعى فيه حال المخاطب ومقتضى المقام، فلم يفصل كما فصل الإمام× كلامه، بل أوجزه ما أمكنه ذلك، مكتفياً باستمداد المعاني التي يجدها مناسبة لقوله، حاثّاً أنصاره على الصلاة والجهاد، وهما خير ما يتوسل بهما المسلم إلى اللهI، ونلحظ أنّ الخطيب لم يتكلّف ذلك الاستمداد، ولم يرهق ذهنه باستحضار المعاني، فكانت تلك المعاني الخاصّة بأُسلوب الإمام علي× ماثله في ذهنه وفكره وروحه.
ونجد مثل هذا في رسالته حين بعث بها إلى سعد بن حذيفة، إذ تمثّل أُسلوب الإمام ومعانيه في فكرة الجهاد، قائلاً: «ولتَكُن رغبتكم في دارِ عافيَتكمُ، وجهاد عدّو الله وعدّوكم، وعدو أهلِ بيت نبيكمِ»[220].
وهذا مستمدٌّ من قول الإمام علي× في خُطبته التي جاء فيها: «فانفذوا عَلَى بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوِّكم»[221].
فجاء الطلب فيهما بصيغة الأمر، والحثّ على الجهاد، فكان ابن صُرَدْ قد تأثر بفكرة الجهاد التي أمر بها الدين الحنيف، وسار عليها الإمام علي× فلم يجد المنشئ بُدّاً من أنْ ينهل من أُسلوب خُطب الإمام وأقواله حول مشروعية الجهاد؛ ليدعم بها أُسلوبه ويقوّي حجته، وهكذا شاعت روح الجهاد في خُطب التوّابين ورسائلهم شيوعاً يتماشى مع ظروف الثورة التي قاموا بها، فكانوا يدعون إلى جهاد أعدائهم الذي يسمونهم تارةً القاسطين والمُحلّين، والخارجين على الإمام علي× وأبنائه تارةً أُخرى[222].
ومن الأفكار والمعاني التي استلهمها الخُطباء والمترسّلون في هذه الحِقبة هي الزهد في الدنيا وترك ملذاتها، والحثّ على طلب التقوى، فكان ذلك هاجسا آخر يتردد في خُطبهم ورسائلهم، وقد تكررت هذه المعاني كثيراً على لسان الإمام علي× في نثره الذي ضمّه كتاب (نهج البلاغة).
ومن الطبيعي أن يكون الإمام علي× وهو أوَّل المسلمين إسلاماً، وأقدمهم إيماناً، زاهداً في الدنيا، داعياً إلى تقوى اللهI، وهذه هي مبادئ الإسلام العظيم الذي جاء بها نبيّه محمّد’، وقد أكَّد القرآن الكريم بالكثير من آياته التي تدعو إلى الزهد في الدنيا، والحثّ على طلب التقوى.
ومن الطبيعي أن تكون هذه المعاني راسخة في أذهان التوّابين؛ لأنَّهم طلاب آخرة، وأصحاب ثورة، فكان التزهيد في الدنيا، وطلب التقوى مضموناً قصديّاً تردَّد في خُطبهم ورسائلهم، من ذلك ما جاء في رسالة ابن صُرَد إلى سعد بن حذيفة ينفُّر فيها من الدنيا ويدعو إلى التقوى والجهاد في سبيل اللهI: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِنْ سُليمان بنِ صُرَد إلى سعد بن حذيفةَ وَمَنْ قِبَلهِ ِمن المؤمنين، سلامٌ عليكم، أمَّا بعدُ، فإنَّ الدَّنيا دارٌ قْد أدبرَ منْها ما كان معروفاً، وأقبلَ منها ما كان مُنْكَراً، وأصبحت قدْ تشنّأت إلى ذوي الألباب، وأزمع بالتّرحال مِنْها عبادُ الله الأَخيار...»[223].
وهذا المعنى مأخوذ من قول الإمام× من خُطبة له يدعو فيها إلى التزهيد في الدنيا: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الدُّنْيا قد أدبْرتَ، وآذنَت بوَداع، وإنَّ الآخرة قد أقبلت وأشْرَفت باطّلاع»[224]، أو مِن قوله× في خُطبة له: «ألا وإنَّ الدُنْيَا قَدْ تَصرَّمَتَ، وآذنَتْ بانِقضَاءٍ، وتَنَكّر مَعْرُوفها، وأدْبَرتَ ْحَذَّاَءَ، فهَيَ تَحْفُز بالفناءِ سُكَّانَهَا...»[225].
وبعد ذلك يمضي ابن صُرَد حاثّاً على التقوى، فيقول: «إنَّ التَّقوى أفضلُ الزَّادِ في الدّنيا، وما سوى ذلك يبورُ وَيَفنى، فلتَعزِف عنْها أنفُسُكم، ولِتَكُنْ رَغبَتُكُمْ في دارِ عافيتِكم، وجِهادِ عدوّ اللهِ وعدوّكم، وعدوّ أهلِ بيتِ نَبِيّكُمْ»[226].
وهنا يستمدُّ ابن صُرَد معانيه من المعاني القرآنية المتمثلة بقولهI: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [227]، وهو أيضاً يُذكّرنا بأقواله× في وجوب التمسُّك بالتقوى والعمل الصالح، وبالدعوة إلى جهاد أعداء الله، فكانت طابعاً قصديّاً مهيمناً على خُطبه ورسائله.
الفصل الثاني : القيم الإيقاعيَّة للمستوى الصَّوتي
مدخل
يُعدُّ المستوى الصوتي هو المدخل الأساس للبناء الأُسلوبي؛ لأنّ الصوت كما يقول الجاحظ: «هو آلة اللفظ، والجوهر الذي يقوم به التقطيع، وبه يوجد التأليف. ولن تكون حركات اللسان لفظاً ولا كلاماً موزوناً ولا منثوراً إلّا بظهور الصوت، ولا تكون الحروف كلاماً إلّا بالتقطيع والتأليف»[228]، والصوت اللغوي (linguistic – sound) هو الذي تؤلّف مادته علم الصوت، ويُعرّف بأنّه: الأثر السمعي الذي يصدر طواعية من تلك الأعضاء المسماة تجوّزاً أعضاء النطق[229]، ثمّ إنَّ هذه الأصوات اللغوية تنتظم فيما بينها لتؤلّف الألفاظ التي تمثل في النتيجة اللغة.
وقد عني العلماء قديماً بدراسة الصوت اللغوي، فوضّحوا طريقة حدوثه ومخارجه، وطريقة انتقاله وانتشاره، وكيفية سمعه وإدراكه، وبيّنوا صفاته العامّة من جهر وهمس، وشدّة ورخاوة، وكذلك صفاته الخاصّة من تكرار وانحراف وتَفَشّ ٍ...إلخ[230].
وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ) سبّاقاً إلى هذه المضمار إذ كان للدراسة الصوتية نصيبٌ كبيرٌ من عنايته، «فقد تحدَّث الخليل عن الجهاز الصوتي من الحلق والفم إلى الشفتين، وبيَّن مواطن إخراج الحروف منه، من حلقية، وشجريَّة، ونطعيَّة، وذلقيَّة، وشفويَّة، وبين مخرج كلِّ حرف على وجه التحديد الدقيق. وقد رسم الخليل الطريقة التي يمكن بها معرفة مخرج الصوت الحقيقي، وكان في ذلك موفَّقاً كلَّ التوفيق إلى حدِّ أنَّ علم الأصوات الحديث يعترف بكثيرٍ من آرائه ومقاييسه الصحيحة»[231].
والذي يعنينا في هذا المقام الأداء الصوتي، لأهمّيته ببحث الأُسلوبية[232]، إذ يوظّفه المنشئ ليؤدّي به غايات إبلاغية غرضها التأثير، من خلال المخارج حينا، والصفات حينا آخر[233] فضلاً عن الإيقاع[234] والعلاقة الطبيعية بين إيحاء الصوت والمعنى، وهذا ما أكّده (بيير غيرو) من المعاصرين حين عرّف الأُسلوبية الصوتية: بأنَّها دراسة المتغيرات الصوتية للسلسلة الكلامية، واستعمال بعض العناصر الصوتية لغايات أُسلوبية، بإقرار «أن في حوزة اللغة نسقاً كاملاً من المتغيرات الأُسلوبية الصَّوتيَّة. ويمكن أن نميز من بينها... الآثار الطبيعية... المدّ، التَّكرار، المحاكاة الصوتية، الجناس...»[235]، وغيرها.
وعلى ما تقدَّم كان البحث في هذا الفصل مقسّماً على مبحثين:
ـ المبحث الأوَّل: الإيقاع وقيمته الموسيقيَّة: درست فيه آليات الإيقاع كالجناس والسجع والموازنة.
ـ المبحث الثاني: التناسب المعنوي للإيحاء الصوتي: درست فيه الإيحاء الدلالي الصوتي ضمن السياق العام، سواء في اللفظة المفردة، أم في الأصوات المتكررة.
إنَّ الإيقاع الصوتي والإيحاء الدلالي للأصوات، هما ركنا الأُسلوبية الصوتية في اللغة العربية[236].
وبذلك فإنّ دراسة المستوى الصوتي في الدراسة اللغوية أو الأُسلوبية، تعدُّ الأساس الذي تقوم عليه بناء مفرداتها وصيغتها وتراكيبها.
تتجلَّى حركة المعاني حينما «يمنح الصوت الاستعمال الفنّي للُّغة عنصراً مهمّاً هو عنصر الإيقاع. وهو عنصر أساس في الموسيقى أيضاً. ومِن أجل ذلك يُعدُّ الصوت أمراً مشتركاً بين اللّغة والموسيقى»[237]، ولهذا يقول ابن جني: إنّ «علم الأصوات والحروف له تعلّق ومشاركة للموسيقى، لما فيه من صنعة الأصوات والنغم»[238]، فالإيقاع يتجلَّى بوضوح في موسيقى الشعر والنثر[239]، وهو أحد أركان الأُسلوبية الصوتية في اللغة العربية[240] ذلك أنه «تردُّد وحدات صوتية في السياق على مسافات متقايسة بالتساوي أو بالتناسب»[241]، وعندها يشكَّل حركات صوتية منتظمة في الكلام نتيجة لذلك التردد الصوتي المنتظم.
وقد أكَّد (غيرو) أنَّ الأُسلوبية الصوتية هي دراسة المتغيرات الصوتية للسلسة الكلامية واستعمال بعض العناصر الصوتية لغايات أُسلوبية[242]، وأنَّ في حوزة اللغة نسقاً كاملاً من تلكم المتغيرات، كالتَكرار والجناس، والسجع والتوازن، والإحالة الإيحائية بين الصوت والمعنى، وهو ما أُطلق عليه (المحاكاة الصوتية)[243]، ولا شكّ في أنَّ الإيقاع المتكوّن نتيجة تردّد هذه المتغيرات الصوتيّة يُضفي على الكلام نغماً موسيقياً مؤثراً، يحسن من قصدية الناص في شعره أو نثره[244].
ولمَّا كان الإيقاع من العناصر البارزة في بناء النثر الفنّي سواء كان خُطباً أم رسائل، فذلك لما له من تأثير في نفس المتلقي و«لمِا يمنحه من جمال وروعة بتناسقه من خلال توفير جرس صوتي، يناغم جميع الألفاظ والعبارات الموجودة داخل النص»[245].
وقد تنبَّه القدماء إلى أهميه الإيقاع، فذكروا أنَّ العرب عنيت بإبراز موسيقى النثر من خلال موازنة الكلام، والاهتمام بمصاريعه من حيث الطول والقصـر، وكذلك الاهتمام بالسجع وتشابه حروف الأجزاء[246]، فنجد ـ مثلاً ـ من هذا الباب مضمونات الأُسلوبية لدى ابن سينا (ت 428هـ) في مستوياتها الصوتية والعروضية وهي تتجلى في مباحثه، إذ توخَّى منها تحقيق البناء الإيقاعي، وتعيين ضوابطه في الأداء البياني للغة[247].
ومن هنا؛ يمكن القول إنَّ آليات الإيقاع تتجلَّى في الجناس والسجع، والتوازن وغيرها، وإنَّ الأُسلوبية الصوتية تسعى إلى دراسة هذه الآليات ورصدها وتصنيفها[248]؛ لأنَّها تسعى في ذلك لدراسة مواطن الجمال وطرائق تأثيرها من وجهة نظر صوتية، وعلى ذلك سيتناول هذا المبحث آليات الإيقاع وجرس الألفاظ؛ ذلك أنَّ دراسة هذه الآليات سيكون بحسب شيوع كلٍّ منها في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين، وهي على النحو الآتي:
الجناس لغةً: «الضربُ من كلّ شيء... ومنه المجانسة والتَّجنيس. ويقال: هذا يجانس هذا، أي يشاكله»[249].
أمَّا تعريفه اصطلاحاً: فإنَّ البلاغيّين مُجمعون على أنَّه: «اتفاق اللفظتين في وجه من الوجوه والاختلاف في المعنى»[250].
وللجناس وظيفتان من ناحية الشكل، ومن ناحية المضمون، فهو من ناحية الشكل يزيد من القيمة الإيقاعية والموسيقية، لمِا فيه من تشابه جزئي أو كلَّي في تركيب الألفاظ، أمَّا من ناحية المضمون، فهو يزيد من الانسجام بين المعاني، وذلك عن طريق الأُسلوب المنساب المحبب[251].
وهكذا يكتسب الجناس أهمية بارزة من وقعه الجمالي الذي يضفيه على النص، فهو «من الحُلى اللفظية والألوان البديعيّة التي لها تأثير بليغ، تجذب السامع، وتُحدث في نفسه ميلاً إلى الإصغاء والتلذّذ بنغمته العذبة، وتجعل العبارة على الأذن سهلةً ومستساغة، فتجد من النفس القبول، وتتأثَّر به أيّ تأثير، وتقع في القلب أحسن موقع»[252].
ولمَّا كان الجناس كما مرَّ تعريفه اتفاق اللفظتين في وجه من الوجوه والاختلاف في المعنى، فهو بذلك يكون تكراراً للأصوات نفسها، أو بعضها ممَّا ينتج الإيقاع الموسيقي من ذلك، ويولّد بالمقابل تغايراً بالمعنى، وعندها يتحقَّق مقصد الأُسلوبية الصوتية في التركيب؛ لأنَّه يتيح للغة حرية التصرف ببعض العناصر الصوتية في السلسلة الكلامية، واستعمالها لغايات أُسلوبية[253].
وسوف يتناول هذا المبحث ما ورد منه في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين، ومن الجدير بالذكر أنَّ الجناس التام لم يرد في هذه الخُطب أو الرسائل، لذا سيكون الحديث عن الجناس غير التام وأنواعه فقط، وهو الجناس الذي تكون فيه اللفظتان مختلفتين في أحد أربعة أُمور هي: أنواع الأصوات، وأعدادها، وهيئاتها، وترتيبها[254].
1ـ الجناس الناقص
ذكر الخطيب القزويني (ت739هـ) أنَّ أصوات اللفظتين المتجانستين «إنْ اختلفا في أعدادها سُمّيَ ناقصاً» [255]، ويكون الاختلاف بين اللفظتين بزيادة صوت واحد، وهذه الزيادة تكون إمّا في بداية اللفظة، أو في وسطها، أو في نهايتها[256].
وقد وردَ الجناس الناقص بكثرة في الخُطب والرسائل، إذ سنُبيّن قيمته الأُسلوبية داخل السياق الذي برز فيه.
فقد جاء في خُطبة المختار حين استنصره ابن الحنفية، قال: «وَقَدْ تُرِكِوا محظُوراً عليهم كما يُحْظَرُ على الغنم، ينتظِرون القتلَ والتَّحريق بالنَّار في آناء الليل وتارات النَّهار»[257].
إذ نلحظ أنَّ الجناس الناقص قد وقع بين كلمتي (النار) و(النهار)، والاختلاف بينهما واضح، وقد نقصت الكلمة الأُولى (النار) على الثانية (النهار)، بصوت (الهاء) في وسطها، وهذا الجناس له أثره الموسيقى الذي تستعذبه الأذن؛ لأنَّه عمل على استرجاع تردّد الأصوات من خلال التكرار بالألفاظ المتجانسة، وهو بذلك «ضربٌ من ضروب التكرار المؤكِّد للنغم، من خلال التشابه الكلِّي أو الجزئي في تركيب الألفاظ، وهذا التشابه في الجرس يدفع الذهن إلى التماس معنى تنصرف إليه اللفظتان»[258]، وعندها كادت اللفظتان أنْ تتّفقا في جميع الأصوات لولا وجود صوت (الهاء) في الكلمة الثانية، وهو صوت حلقي[259] من صفاته الهمس والرخاوة[260]، وهذه الصفة جعلته لا يتطلَّب مجهوداً عند النطق به، كما هو واضح عند نطق الكلمتين (نار)، (نهار)، فلا نكاد نحسُّ جهداً مطلوباً كبيراً عند النطق به، فكأنَّما جاءت هاتان اللّفظتان على اتّفاق في جميع الصفات، وعند ذلك وفَّرَ للمنشئ جوَّاً موسيقياً حركياً من خلال هذا الإيقاع المتكوَّن نتيجة إعادة الأصوات المتشابهة في اللَّفظتين المتجانستين.
2ـ الجناس المضارع واللاحق
الجناس المضارع: وهو الذي تختلف فيه اللفظتان المتجانستان بصوت واحد متقارب في المخرج، وقد يأتي هذا الاختلاف في الصوت الأوَّل من اللفظة، أو في وسطها أو في آخرها[261].
أمَّا الجناس اللَّاحق: فهو الذي تختلف فيه اللفظتان بصوت واحد متباعد في المخرج، وهو أيضاً يكون في أوَّل اللفظة، أو في وسطها، أو في آخرها[262].
وسُمّيَ هذا الصوت المختلف الذي يؤدي إلى تغيّر المعنى في الجناسين المضارع واللّاحق (فونيماً)، فالفونيم إذاً: هو الصوت الذي يؤدي تغيّره إلى تغيّر المعنى، أو هو أصغر وحدة صوتية عن طريقها يمكن التفريق بين المعاني.
فممَّا ورد فيه الجناس المضارع كان في خُطبة المسيّب بن نجبة الفزاري لقوله: «وَقدْ بَلَغَتْنَا قَبْلَ ذلكَ كُتُبه، وقَدِمَتْ عَلَيْنا رُسُلُهُ، وأعْذَرَ إلينا يَسْألنُا نَصْرَهُ عَوْدَاً وبِدْءَاً...»[263].
إذ نجد هذا الجناس قد وقع بين لفظتين هما: (علينا) و(إلينا)[264]، وكان الاختلاف بين صوتي (العين والهمزة)، وهما من مخرجين متقاربين، أمَّا العين: فهو صوت حلقي يخرج من وسط الحلق[265]، وأمَّا الهمزة: فهي صوت حنجري[266]، والحنجرة قريبة من الحلق، وهذا التَّقارب المخرجي سوَّغ للجناس أنْ يكون مضارعاً، والملاحظ أنَّ هاتين اللفظتين متساويتان في عدد الأصوات، وهيئتها، وترتيبها، لكنَّهما مختلفتان في النوعية، وهذا الاختلاف أوجد اتفاقاً ايقاعياً، وأعطى نغمة موسيقية مكرَّرة تكاد تعطي لفظة معادة لولا هذا الاختلاف بين (العين) و(الهمزة).
وممَّا ورد فيه الجناس المضارع كان في خُطبة المختار حين قدم إلى الكوفة في النصف من رمضان سنة (64هـ)، فقال: «أمَّا بعدُ، فإنَّ المهديَّ بن الوصيّ، محمّد بن علي، بعثني إليكم أمِينَاً، وَوَزيرَاً، ومُنْتَجَبَاً، وأميراً، وأمرني بقتل المُلحِدين...»[267].
فالجناس المضارع يتمثَّل في لفظتي (أميناً) و(أميراً)، فاتفق وزنهما، لكنَّهما اختلفا بتركيبهما بصوت واحد، وهو (النون) و(الراء)، وهما حرفان متقاربان في المخرج، قال ابن جنّي: «من طرف اللّسان بينه وبين ما فُوَيْق الثَّنايا مخرج النَّون. ومِن مخرج النَّون غير أنَّه أدخل في ظهر اللسان قليلاً... مخرج الراء»[268].
وجعل هذا التقارب المخرجي بين الصوتين من الجناس قويّ الجرس، وعندها أضفى على العبارة إيقاعاً حركياً واضحاً، وأحدث في نفس المتلقي متعة ولذَّة تعشقها الأُذن التي هزَّها هذا الترديد للأصوات، فأحدث فيها نوعاً من الاستجابة والإثارة والمشاركة.
أمَّا الجناس اللّاحق، فنجده ـ مثلاًـ في خُطبة سليمان بن صُرَد لقوله: «أثْني على اللهِ خيراً، وأحمد آلاءَهُ وبلاءَه، وأشهدُ أنْ لا اله إلّا الله...»[269]، فوقع الجناس بين لفظتي (آلاءه) و(بلاءه)، والاختلاف بينهما كان في صوتين هما صوت المدّ (الألف) المتكوّن نتيجة اجتماع الهمزة مع الألف، ومخرجه من الجوف [270] ومخرج الباء من الشفتين[271]، وإنَّ هذا التباعد المخرجي قد سوَّغ للجناس أنْ يكون لاحقاً، ولمَّا تكرَّرت الأصوات في كلتا اللفظتين، فقد أشاع ذلك إيقاعاً تستهويه النفوس، وتثير فيها الرغبة لمعرفة مداخل المعنى بين اللفظتين في محاولة لإدراك دلالاتهما، فدلالة اللفظتين المتجانستين تحمل سمة أُسلوبية، بلحاظ استعمال إحداهما نقيضة للأُخرى فـ(الآلاء) تعني: (النعمة)، و(البلاء) يعني: (الهم)[272].
وهذا التناقض المعنوي بين دلالتي اللفظتين قد زاد من إلفات المتلقّي وتنبّهه، ووقع اقتران الجناس المضارع مع اللاحق في خُطبة المختار بعد هروب ابن مطيع، وعندها قال: «أيّها النَّاس، إنَّه رُفِعَت لنا راية، ومُدَّت لنا غاية، فقيل لنا في الرَّاية: أن ارفعوها ولا تَضَعوها، وفي الغاية: أن اجْروا إليها ولا تَعْدوها، فسمعْنا دعوةَ الدَّاعي، ومقالةَ الواعي، فكم مِنْ ناعٍ وناعية لَقَتْلَى في الواعية...»[273].
ففي هذا المقطع من الخُطبة نلحظ كثرة واضحة لاستعمال هذا الجناس في ذائقة المختار، وهو من بين فقرات الخُطبة، إذ كان هذا التوزيع بعيداً عن التكلّف والابتذال، من منطلق أنّ تكرار الخاصيّة نفسها في النص نفسه قد تضعف من مقاومتها الأُسلوبية[274]، ولكن هذا لم يحصل، بل كان لتكرار الجناس وتوزيعه ميزة إيقاعية وحركية عالية، جعلته يفضـي إلى ميزة أدائية بديعية واضحة.
فنجد الجناس
اللّاحق هنا قد وقع بين لفظتي (راية ـ غاية)، والمضارع بين لفظتي (الداعي ـ الواعي)،
وبين (ناعية ـ واعية)، وعندها
اختلفت كلّ واحدة ٍمن هذا الألفاظ عن نظيرتها المتجانسة معها بحرف واحد لكلّ
منهما، وكذلك تكاد أن تكون الكلمتان المتجانستان (راية) و(غاية) في المقطع
متطابقتين بأصواتهما، إلّا أنَّهما مختلفتان بصوت واحد في كلّ منهما، وهما (الراء)
و(الغين)، وهما صوتان متباعدان في المخرج، فأمّا (الراء) فيخرج من اللثة، فهو صوت
لثوي[275]، وأمّا (الغين) فهو
من أدنى الحلق[276]. وكذلك الجناس
المضارع بين (الداعي) و(الواعي)، فهما متماثلان في أصواتهما عدا هذا الاختلاف بين
صوتي (الدال) و(الواو) المتقاربين في المخرج، فـ(الدال)
صوت لثوى أسناني[277]، وهو قريب المخرج من
(الواو) شبه الصائت الذي هو شفوي المخرج[278].
وأمّا اللفظتان (ناعية) و(واعية)، فهما متجانستان في أصواتهما إلّا أنَّ الاختلاف كان بين صوت (النون) ومخرجه، وهو أسناني أنفي[279] وهو يقترب من مخرج (الواو) الشفوي، فكوّن بذلك جناساً مضارعاً لتقارب مخارج الأصوات بينهما.
وقد اتخذ المختار من دلالة هذه التجانسات مؤكّدات لتثبيت الخبر في ذهن السامع، فضلاً عن إثراء عباراته بالجرس الموسيقي، وإعلاء نغمته من خلال التلوين الصوتي للألفاظ ذات الوظائف المختلفة.
وهو اجتماع اللفظتين المتجانستين في أصل الاشتقاق[280]، بيد أنّه في حقيقته تكرار ليس بذات اللفظ وإنَّما يشتق منه[281]، أي أنّ ألفاظه المتجانسة ترجع إلى جذر لغوي واحد، وورد هذا الجناس على نحو كبير في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين، فلا مبالغة إن قلنا إنَّ أكثر أنواع الجناس غير التام وروداً كان فيهما، فمن ذلك ما ورد في كتاب سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان، وهو في المدائن بقوله: «فاصبروا رَحِمَكُمْ الله على البأسَاءِ والضَّراءِ وحينَ البأسِ، وتوبوا إلى الله عَنْ قريب...» [282].
ووقع الجناس الاشتقاقي بين لفظتي (البأساء) و(البأس)، فقد زادت اللفظة الأُولى بصوتين هما (الألف والهمزة) على اللفظة الثانية، على الرغم من اتحاد هاتين اللفظتين في جذرهما اللغوي، فإنَّهما قد اختلفتا من ناحية المعنى، فالبأساء: اسم للحرب والمشقَّة والضرب. والبأس: للعذاب أو الشدَّة في الحرب[283]، وهذا الفرق اللغوي بين الكلمتين حقَّق قيمة أُسلوبية عالية؛ لأنَّ زيادة (الألف)، وهو صوت مدّ مع (الهمزة) في لفظة (البأساء) جاء ليحقّق غَرَضَاً يقتضيه المعنى، ويفرضه السياق، فالألف يُعطي معنى المبالغة، والتفخيم في استطالة نطقها، وهو يتميّز بين سائر أصوات المدّ في وضوحه السمعي[284] إلى جانب الامتداد[285]، وعندها يتناسب مع استطالة وقع الحرب والمشقَّة؛ لذا كان هنالك توافق بين هذا الصوت ودلالة اللفظة، وأنّ هذه الإعادة لأصوات اللفظتين المتجانستين قد وفَّر نغماً موسيقياً محبَّباً لدى السامع، وكذلك كانت بمثابة التأكيد للسامع ومن ثَمَّ زيادة تنبّهه وإلفاته، وهذه كلّها تهدف إلى توصيله بالأفكار والمقاصد.
وممَّا ورد في خُطبة عبد الله بن مطيع حين خرج لقتال أصحاب المختار، قوله: «أيّها النَّاس، إنَّ مِنْ أعْجَبِ العَجَبِ عَجزُكم عن عُصْبةٍ مِنْكُمْ، قليلٍ عدَدُها خَبيثٍ دينُها، ضالّةٍ مضلّة، اخرجوا إليهم...»[286].
فنجد الجناس الاشتقاقي وقع مرَّتين بين (أعجب) و(العجب)، وبين (ضالة) و(مضلّة)، فـ(أعجب) و(العجب) مشتقان من أصل واحد، وكذلك (الضالة) و(المضلّة)، ولكنَّهما مختلفان بالمعنى، وهذا من شروط الجناس، وإنَّ الذي سوّغ الاختلاف في معانيها هو ذلك التغيّر الذي حصل في بنية كلّ منهما.
إنَّ لإعادة الأصوات في هذه الألفاظ التي اشتقت من مادة واحدة أثراً كبيراً في إسباغ الإيقاع الحركي على الكلام.
وجاء جناس الاشتقاق أيضاً في كتاب المختار وهو في سجنه إلى فلول التوّابين وقائدهم رفاعة بن شداد، حين قدموا من (عين الوردة)، فقال: «أمَّا بعدُ، فمرحباً بالعُصَبِ الذين أعظَم الله لهم الأجر حينَ انصرفوا، ورضيَ انصرافَهم حينَ قَفَلُوا، أمَا وربّ البنية التي بَنَى ما خطا خاطٍ مِنْكم خُطوةً، ولا رَتَا رَتْوَة... إنّي أنا الأميرُ المأمور، والأمين المأمون... فأعدّوا واستعدّوا، وأبشـروا واستبْشروا...»[287].
فالسمة الأُسلوبية التي حملها هذا الجناس هي أن اللفظتين اللتين وقع عندهما تعودان إلى جذر لغوي واحد، غير أنّهما جاءتا لتُضفيا ظلالاً إيقاعية على طول العبارات، فالجناس الاشتقاقي واقع بين (انصرفوا)، وهو فعل ماض، وبين (انصـرافهم) وهو مصدر، وكلاهما مُشتق من مادة واحدة، وكذلك الاسم (البنية)، والفعل (بنى)، وكذلك بين الفعل الماضي (خطا) واسم الفاعل (خاطٍ) والاسم (خطوة)، وبين الفعل (رتا) والاسم (رتوة)، وبين اسم الفاعل (الأمير) واسم المفعول (المأمور)، وكذلك بين (الأمين) و(المأمون)، وبين الأفعال (أعدوا) و(استعدوا)، (أبشروا) و(استبشروا).
إذاً؛ ورد هذا الجناس على نحو حاشد في المقطوعة، ممّا كوّن ميزة أُسلوبية ملحوظة عملت على جذب تنبه السامع أو إلفاته، فجاءت الاشتقاقات متتابعة، مشتق في أثر مشتق، لتمنح النص قيمته الحركية من خلال تكثيف الجرس باسترجاع الأصوات في ذلك الجناس، وعندها بدا الجناس ملمحاً أُسلوبياً، فأدَّى المعنى بأوجز عبارة، ليؤشر للمتلقي آفاقاً رحبة في وقع مراداتها.
وهو تشابه اللّفظتين المتجانستين في رسم الأصوات واختلافهما في الحركات[288]، وقد وقع مثل هذا الجناس في خُطبة المسيب بن نجبة الفزاري بقوله: «لا والله، لا عُذرَ دونَ أنْ تَقْتُلُوا قاتِلَهُ والمُوالِين عليه، أو تُقْتَلُوا في طلبِ ذلك، فعسى ربّنا أنْ يَرضَى عنّا عندَ ذلك»[289].
فالجناس واقع بين لفظتي (تَقْتُلوا) و(تُقْتَلوا) اللّتين تطابقتا في رسم الأصوات وعددها، إلّا في حركة الصوت الأوَّل (التاء) الذي للمضارعة، فجاء في اللفظة الأُولى مفتوحاً، وفي الثانية مضموماً، وكذلك الصوت الثالث (التاء) الذي هو من أصل بناء الفعل والذي جاء في اللفظة الأُولى مضموماً وفي الثانية مفتوحاً، وكان لهذه الحركات المختلفة أثر مهمّ في خروج اللفظة من دلالة إلى أُخرى، فالأُولى دلَّت على المضارع المبني للمعلوم، والثانية دلَّت على المضارع المبني للمجهول، ولكلّ دلالته الخاصّة به على الرغم من أنّ اللفظتين قد تجانستا في شكلهما، وعندها استحوذ على النص إيقاعٌ واضح التَّردُّد في هذا الأداء الأُسلوبي.
وجاء كذلك في خُطبة سليمان بن صُرَد الخزاعي لقوله: «ورجَونا أنْ يَدِينَ لَكُمْ مَنْ ورائكم مِنْ أهلِ مِصْرِكُم في عافية، فتنظرون إلى كلّ مَنْ شَركَ في دمِ الحسينِ فتقاتلونَهُ»[290].
فقد وقع الجناس المحرَّف بين لفظتي (مَن) التي هي اسم موصول بمعنى (الذي)، وبين (مِن) وهي من حروف الجر، فهما متجانسان في الرسم، مختلفان في المعنى، وأنّ الذي سوّغ ذلك الاختلاف وجود (الفتحة) على صوت (الميم) في الأوّل، و(الكسرة) عليه في الثاني، بما شكّل بكلّ منهما (فونيماً) قد أعطى لكلّ لفظة معناها الخاصّ بها، ومن هنا؛ فإنّ تكرار الأصوات المتجانسة قد أوجد جرساً إيقاعيّاً تستهويه النفوس، فلم تكن ثقيلة على السمع، بل جاءت منسابة رائقة؛ وذلك لتشابهها في كلّ من اللفظتين المتجانستين.
وصف الخطيب القزويني هذا الجناس بأنَّه: تأخير اللفظة المقدَّمة من الكلام وتقديم اللفظة المؤخَّرة، وسمَّاه، بجناس القلب[291]، وهو عند العسكري: «أنْ تعكس الكلام فتجعل في الجزء الأخير منه، ما جعلته في الجزء الأوَّل»[292]، وأثره بيّن في الكلام، ذلك أنَّ «له في التجنيس حلاوةٌ، ويفيد الكلام رونقاً وطُلاوةً»[293].
وممَّا ورد من هذا الجناس كان في خُطبة إبراهيم بن محمد بن طلحة، الذي قال: «وَلَئن استيقنّا أنَّ قوماً يُريدون الخروجَ علينا لنأخُذَنَّ الوالدَ بولدِه، والمولودَ بوالدِه، ولنأخُذَنَّ الحميمَ بالحميم»[294].
فقد تأخَّر ما كان متقدَّماً (الوالد)، وتقدَّم ما كان متأخَّراً (المولود) أو (الولد)، وإنَّ هذا الجناس كان سبباً في إشاعة جو موسيقي جاء نتيجة الإيقاع المتولد عن التبادل الموضعي بين الكلمات، إذ عمل ذلك على إعادة الأصوات (الواو، واللّام، والدال)، وكلّها مجهورة، ممَّا أكسبت العبارة وضوحاً سمعيّاً، فضلاً عن التَّأكيد الذي أدَّاه العكس في موقعيَة الدَّلالة، فحقَّق القصد الرئيس الذي أراد الخطيب إيصاله.
وممَّا ورد من الجناس المعكوس أيضاً، كان في كتاب عبد الله بن يزيد إلى ابن صُرَد بقوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّ كتابي هذا إليكم كتابُ ناصحٍ ذي إرعاء، وكمْ مِنْ ناصحٍ مُسْتَغَشّ، وكمْ مِنْ غاشّ مُسْتَنْصَحٍ مُحَبّ...»[295].
فقد عمل التبادل في عناصر هذا الجناس على إعادة الأصوات التي تألفت منها تلك الكلمات المتجانسة، فضلاً عن تقابل المعنى المراد إيصاله؛ فالجناس لا يرجع إلى تكرار الجرس الصوتي فحسب، وإنما يرجع إلى نصـرة المعنى، وقد ساعد على إظهاره تبادل العبارات، وقد تألفت من أصوات غلب عليها طابع الهمس والرخاوة، وهي: (الصاد، والحاء، والسين، والشين)، فجاءت منسجمة مع السياق الذي وضُعت فيه، وهو سياق محبَّب إلى نفس المتلقي، وقد توخَّاه المنشئ وقصده محاولاً إغراء التوّابين بالرجوع عمَّا عزموا عليه، ولا شكّ في أنّ شيوع مثل هذه الأصوات في عباراته قد أدى في النهاية إلى إضفاء طابع الهمس والهدوء؛ ذلك «أنَّ الأصوات في نظام اللُّغة الفنولوجي لا قيمة رمزيَّة لها، بينما هي تُثير بعض مشاعر القارئ أو المستمع في فعل كلام محدَّد، مكتوب أو شفهي، بالاتفاق مع المعنى»[296]، فالذي يُريد الناثر توصيله التماس الرجوع عن الأمر الذي همّ به هؤلاء الثّوار، لذلك نرى شيوع هذه الأصوات المهموسة في مثل هذا السياق الهادئ المحبَّب، وقد اتسقت بهذا الأداء البديعي.
وهو أن تتَّفق اللفظتان المتجانستان في شكل الأصوات، وتختلف في تنقيطهما[297]، أي: تختلفان في تنقيط الإعجام، ويُسمَّى أيضاً بجناس الخط[298]، وقد ورد مثل هذا الجناس في خُطبة عبيد الله بن عبد الله المرّي بقوله: «فَعَسَى الله عِنْدَ ذلكَ أنْ يَقْبَلَ التَّوبة ويُقِيلَ العَثْرة...»[299].
فالجناس بين لفظتي (يَقبل) و(يُقيل) جناس مصَّحف؛ لأنَّ اللفظتين قد تماثلتا في رسم الأصوات، واختلفتا في نقط الإعجام بين (الباء) في (يقبل) و(الياء) في (يقيل)، في حين ظلَّت هذه الأصوات متَّفقة في اللفظتين، ممَّا أحدث إيقاعاً منتظماً أثار تنبُّه المتلقي، فأعاد عليه تردّدات قد سمعها، فكان لهذه الإعادة وقع حسن على أذنه وتلقّيه.
السجع في اللغة مأخوذ من قولهم: «سجع الرجل، إذا نطق بكلام له فواصل كقوافي الشَّعر من غير وزن»[300]، والسجع: الكلام المقفَّى، وسجع يسجع سجعاً[301]. والسجع في الاصطلاح هو: «تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد»[302]، إلّا أنَّ بعض البلاغيين يوسِّع السجع ليشمل الاتفاق في الوزن الصرفي، قال ابن الزملكاني (ت651هـ): «هو أن يتَّفق آخر الكلمتين اللَّتين بهما تكمل القرينتان [أي الفقرتان] وزناً ولفظاً في الحرف الأخير، نحو قوله تعالى: (فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ) [303]»[304].
وذهب العلوي إلى مثل هذا بقوله: إنَّ السجع «اتِّفاق الفواصل في الكلام المنثور في الحرف، أو في الوزن، أو في مجموعهما»[305].
ويُعدُّ السجع من مميزات البلاغة الفطرية[306]، بل هو من المقاصد التي تميل إليها النفوس البشرية، لكونه من الضروب الكفيلة بإحداث إيقاع في النص النثري يكون مشابهاً لإيقاع القافية في الشعر[307]، وفي هذا الصدد يقول ابن وهب الكاتب (توفي في القرن الرابع الهجري): «السجع في الكلام كمثل القافية في الشعر، وإن كانت القافية غير مستغنى عنها، والسجع مستغنى عنه»[308]، إذاً أثره يكون إضافياً، لتثبيت المعاني بإيقاعية حركية في ذهن المتلقي.
وكان التزام العرب به نتيجة للموسيقى الكامنة وراء أنساقه، إذ «كانوا يلتزمونه لوقعه في آذانهم من حيث جرس الألفاظ ورنينها، ووزن موسيقاها. وكان الخطيب في الجاهلية يعمدُ إلى السجع للتأثير على السامعين من تلك الناحية»[309]، وهذا ـ بلا شكّ ـ ما يُعطي للنص موسيقية، وللألفاظ جرساً يلقيان بأثرهما في المتلقي.
والذي يهُمُنا في هذا الجانب أنّ السجع كان من السمات الأُسلوبية التي تميَّز بها النثر الفنّي في ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي، وله أنواع مختلفة، سوف يتناول البحث ما ورد منها في خُطبها ورسائلها موضّحاً قيمها الأُسلوبية والإبداعية.
ويُقصد به: اتفاق الفاصلتين أو الفواصل في الوزن (العروضي)، والتّقفية (الصوت الأخير)[310] فقط. وهذا النوع من السجع «يتطلب مهارة في الانتقاء وتفنناً في التركيب، علاوة على ما يعكسه من متانة الرصيد اللغوي لصاحبه» [311]، إذ يعمد المنشئ إلى اختيار لفظة تطابق أختها المسجوعة معها وزناً ورويّاً، وواضح أنَّ هذا ـ في كثير من الأحيان ـ لا يأتي عفواً في الكلام، وإنَّما قد يقع عن قصد وإدراك، فقد وقع منه في رسالة المختار إلى الأحنف بن قيس بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِنَ المختارِ بنِ أبي عُبيد إلى الأحنف بن قيس، ومَنْ قِبَله، فَسَلْمٌ أنتم، أمَّا بعدُ، فويلِ أُمِّ ربيعةَ مِنْ مُضَرَ، فإنَّ الأحنفَ مُوردٌ قومَه سَقَرَ، حيثُ لا يستطيعُ لهمُ الصَّدَرَ، وإنّي لا أملكُ ما خُطَّ في القَدَرِ»[312].
ففي هذا النص سجعٌ متوازٍ بين الفواصل: (مُضَر ← سَقَر)، (صَدَر← قَدَر)، إذْ اتَّفقت أوزانها كما اتَّفقت في رويّها (الصوت الأخير)، صوت (الراء)، وهو صوت متوسط بين الشدَّة والرخاوة[313]، يتمُّ نطقه بضرب اللسان للَّثة مرتين أو ثلاثة[314]، وهو بذلك يحمل صفة التكرار والحركة، فيوصف بأنَّه صوت مكَّرر[315].
فتكرار هذا الصوت قد أحدث إيقاعاً نغميّاً يقرع سمع المتلقي، ويثير في نفسه المعنى الذي أراده من هذه الأسجاع، ويمكن لنا أنْ نعدَّ هذا السجع ذا إيقاع مزدوج، الأوّل: بتكرار صوت (الراء) في نهاية الفواصل، والثاني: بتكرار الوزن الصـرفي للفواصل المسجوعة.
ومن السجع المتوازي أيضاً ما جاء في خُطبةِ المختار، وكان قد استنصـره ابن الحنفية ليخلِّصه من سجن عبد الله بن الزبير، ذلك قوله: «ولَسْتُ أبا إسحاقَ إنْ لَمْ أنْصُـرْهُمْ نَصْـرَاً مُؤزَّراً، وإنْ لَمْ أسرّب إليْهم الخيْلَ في أثرِ الخَيْلِ، كالسَّيلِ يتلُوهُ السَّيل، حتى يَحُلُّ بابنِ الكاهليَّة الوَيْل»[316].
فنجد السجع بين الفواصل (الخيل ← السيل ← الويل)، وكلّها تنتهي بصوت واحد، هو (اللَّام)،وهو صوت يمتاز بكونه متوسطاً، والصوت المتوسط هو الذي يكون بين الشدَّة والرخاوة[317]، ويُسمّيه المُحدَثون (صوتاً مائعاً)[318]، وعليه كان بتردّده قد أضفى على النص وضوحاً أدائياً، إذ جاء بتردّد صوت واحد في نهاية الفواصل، ليؤدّي غرضه في جلب تنبه السامع بتلك النغمة الموسيقية التي تطرب إليها أُذن السامع، وعندها أعطى إيقاعاً جميلاً تستهويه الأسماع؛ لأنّ «الإيقاع هو سمة السجع الغالبة، وجوهره الفنّي الذي يجعل إليه النفوس أمْيَل، والآذان لسماعه أنْشَط»[319].
وجاء السجع المتوازي أيضاً في خُطبته حين شيّع إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد: «إنْ استقمتم فبنصرِ الله، وإنْ حِصْتُم حَيْصَة فإنّي أجدُ في مُحْكَم الكتاب، وفي اليقينِ والصَّواب، أنَّ الله مؤيِّدُكُم بملائكةٍ غِضَاب، تأتي في صُوَر الحمامِ دُوَيْنَ السَّحاب»[320].
فقد وقع السجع المتوازي بين الفواصل: (الكتاب ←الصواب)، (غضاب ←سحاب) المتساوية في الوزن، والمنتهية بصوت (الباء)، وهو صوت انفجاري (شديد)، والشديد عند ابن جني هو: «الحرف الذي يمنع الصوت [الهواء] من أن يجري فيه» [321]، وشدَّته قد تكون جاءت منسجمة مع الموقف الشديد الذي كان المختار في صدده، فضلاً عن كونه صوتاً مجهوراً [322]، وجاء مسبوقاً بصوت المد (الألف) الذي يعدُّ من أوضح أصوات المدّ[323]، فتعاضد هذان الصوتان معاً في إيضاح العبارات ومكنون الدلالات وتردَّدا على طول الخُطبة، بما ضمن للنص تدفقاً إيقاعيّاً وانسيابيّة عالية.
وهو ما اختلفت فاصلتاه المسجوعتان في الوزن واتفقتا في التقفية (الصوت الأخير)[324]، وقد شاع هذا النمط من السجع في نثر ثورة التوّابين وإمارة المختار؛ لأنَّه يقع بصورة عفوية، وعندها فلا يبذل المتكلّم جهداً في إيجاد وزن متفق في نهاية الفقرات، بل ليس على المتكلّم إلّا أنْ يأتي بعبارات منتهية بأصوات متشابهة، ونجد مثل هذا النوع من السجع في خُطبة عبد الله بن يزيد الأنصاري حين علم بتأهب التوّابين للخروج، فقال: «فإنَّ هؤلاءِ القومِ آمِنُونَ، فَليَخْرُجُوا وَلينتشروا ظَاهرينَ، ليسيروا إلى مَنْ قَاتَل الحسين، فقد أقبلَ إليهم... وإنَّه قد أقبلَ إليكم أعدى خَلْقِ الله لكم، من ولِّيَ عليكم هو وأبوه سبعَ سنين، لا يُقْلِعَانِ عن قتال أهل العفاف والدِّين»[325].
فنجد أنَّ فواصل العبارات (آمنون ← سنين ← ظاهرين ← الحسين ← سنين← دين) قد تشابهت بصوت النُّون في نهايتها، واختلفت في وزنها، وقد ساعد صوت (النون) على إظهار النغمة المحبَّبة للنفس، لاشتماله على الغنّة، فضلاً عن أنَّه قد سُبِقَ بأصوات المدّ (الواو والياء)، التي أحدثت انسياباً إيقاعياً لامتدادهما، وعندها تعاضد هذا التراخي مع غنّة (النون)، ليمنحا النص قيمةً أُسلوبيةً متمثِّلةً بالإيحاء الصوتي الهادئ الذي جاء منسجماً مع ذلك السياق، ممَّا أدّى بالخطيب إلى استثماره لإظهار التلطُّف والتعاطف مع هؤلاء الثائرين، والعمل على صرف الأنظار الموجهة إليه؛ لكونه والياً لعبد الله بن الزبير الذي كان موقفه سلبياً من قضية الإمام الحسين×.
وجاء هذا السجع في كتاب المختار إلى أصحاب ابن صُرَد لقوله: «فإنّي لو قَدْ خرجتُ إليكمُ قد بَرَّدْتُ فيما بين المشرق والمغرب في عدوّكم السيف بإذن الله، فجعلتهم بإذن الله رُكَاماً، وقتلتُهم فذّاً وتَوْأماً، فرحَّب الله بمَن قاربَ منكم واهتدى، ولا يُبْعِد اللهُ إلّا مَنْ عَصى وأبَى، والسَّلام عليكم يا أهل الهدى»[326].
فقد انتهت فواصل العبارات المسجوعة (بالألف)، وهي: (ركاماً ← توأماً ← اهتدى ← أبى ← الهدى)، وكلَّها مختلفة في أوزانها، وأمّا الفاصلتان (ركاما) و(توأماً)، فهنَّ وإن انتهتا بتنوين الفتح؛ لأنَّهما في موقع نصب، لكن هذا التنوين يُقلب إلى (ألف) في حال الوقف في الكلام، فالسجع «مبنيٌ على الوقف، وكلمات الأسجاع موضوعة على أنْ تكون ساكنة الأعجاز موقوفاً عليها؛ لأنَّ الغرض أن يجانس المنشئ بين القرائن ويزاوج، ولا يتمُّ ذلك إلّا بالوقف إذ لو ظهر الإعراب لفات ذلك الغرض وضاق الحال على قاصده»[327]. ومن ذلك؛ فإنَّ قافية السجعة إذا كانت في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ فالسكون الذي يعمله الوقف يساوي بينهما جميعاً.
وعموماً، فقد انتهت هذه الفواصل بصوت (الألف)، وهو من أصوات المدّ الذي يتميز بوضوحه السمعي[328] ـ كما تقدّم ـ وكان لتردّده في نهاية الفواصل مدعاة لتوافر المناخ الإيقاعي بين الكلمات المسجوعة إلى جانب ذلك الوضوح السمعي لهذا الصوت، وكان لهذا التوافق بينهما قيمة موسيقية تمنح النص جمالية وتكسبه اهتماماً من المتلقي.
3ـ تداخل السجع المطرَّف والمتوازي
ونجد تداخل نوعي السجع: المطرَّف والمتوازي في خُطبةِ المختار التي كان يردّدها على زائريه وهو في سجنه: «أمَا وربِّ البحار، والنخيل والأشجار، والمَهامِهِ والقِفَار، والملائكةِ الأَبرار، والمُصطَفَين الأخيار، لأقتلنَّ كلَّ جبَّار، بكلِّ لدْن خَطَّار، ومهنَّد بَتَّار، في جُموع من الأنصار، ليسوا بميّل أغمار، ولا بعزّلٍ أشرار، حتَّى إذا أقمتُ عمود الدِّين، ورَأَبْت صدعَ المسلمين، وشَفَيْتُ غليلَ صُدُورِ المُؤمنين، وأَدْرَكْتُ بِثأر النَّبيِّين، وَلمْ يكبر عليَّ زوال الدُّنيا، ولمْ أَحفل بالموت إِذا أَتى»[329].
إنَّ هذه القطعة لتكشف عن التنوع في اختيار الفواصل، وهو يزيد من رغبة السامع على مواصلة الاستماع لتنوع الإيقاع الذي كونته تلك الفواصل، فضلاً عن الدهشة التي تُصيب القارئ، وذلك بسبب إزالة التماثل الصوتي بين الفواصل، وبإعادة النظر في هذا النص نجد نوعي السجع المطرَّف والمتوازي، وهي على النحو الآتي:
السجع المطرَّف |
نوع السَّجعة |
البحار ← الأشجار ←القفار |
الراء |
الدّين ← النبيِّين |
النون |
|
نوع السَّجعة |
الأبرار← الأخيار، جبَّار← خطَّار← بتَّار، أنصار← أغمار← أشرار |
الراء |
المسلمين ← المؤمنين |
النون |
إنَّ هذا الأداء البديعي في تلوين الفواصل كان عن طريق تنويع البُنى التركيبية للمقطع الواحد، وذلك دلالة واضحة على إدراك المنشئ لأهميّة الإيقاع في ديمومة التواصل مع الحرص على عرض الأفكار وإيصال الدلالة على نحو متوازن.
وفي ضوء ما تقدّم نجد أنَّ هذا النص يزخر بمنظومة سجعية متكوّنة من تداخل نوعي السجع المطرَّف والمتوازي، استثمرها المختار كي يكشف عن الحال التي جاء الكلام في صددها، فكان في معرض التهديد والوعيد والاقتصاص من قاتلي الإمام الحسين×، لذا اقتضى بمقطع مطرز بأنواع السجع؛ ليجعل من الكلام متدفّقاً ومنساباً وبالدرجة ذاتها من الثّقة بالنفس.
ثالثاً: تداخل السجع مع الجناس
وجاء تداخل السجع والجناس في نصٍ واحدٍ في خُطبة للمختار بعد هرب ابن مُطيع، فقال: «الحمدُ للهِ الذي وَعَدَ وليّه النّصر، وعدوَّه الخُسْرَ، وجعله فيه إلى آخرِ الدَّهر، وَعْداً مفعولاً وقضاءً مقضَّياً، وقدْ خابَ مَنِ افترى، أيُّها النَّاس، إنَّه رُفِعَتْ لنا راية، ومُدَّتْ لنا غاية، فقيل لنا في الراية: أن ارفعوها ولا تَضَعوها، وفي الغاية: أن اجْروا إليها ولا تَعدوها، فسمعنا دعوةَ الدَّاعي، ومقالةَ الواعي، فكم من ناعٍ وناعية، لَقَتلى في الواعية! وبُعْداً لِمَنْ طَغَى، وأدْبَرَ وعَصَ، وكذَّبَ وتولَّى، ألا فادخلوا أيّها الناس فبايعوا بيعةَ هدى، فلا والَّذي جعلَ السَّماء سَقْفاً مكفوفاً، والأرضَ فِجَاجاً سُبُلا، ما بايعْتُم بعدَ بيعةِ علي بن أبى طالب وآل علي أهدى مِنْها»[330].
يلحظ المتأمّل
أنَّ شيوع السجع المتوازي في النص كان على نحوٍ مقصود، وعندها أوجد إيقاعاً
موسيقياً نتيجة تردُّد أوزانه المتماثلة، فضلاً عن المخالفة الحاصلة في الفواصل
المسجوعة، ممَّا حقَّقَ ظاهرة أُسلوبية صوتية عملت على كسر التماثل الصوتي بين
الفواصل، ومن ثَمَّ إخراج النص من حيّز النمطية
الموسيقية المطَّردة وإدخاله في دائرة التناغمات الحركية المختلفة، فضلاً عن وجود ظاهرة أُسلوبيّة أُخرى، هي ظاهرة ازدواج السجع والجناس في الفاصلة
الواحدة، وهذه الظاهرة تحتل مكانة مهمّة في أنساق الخطاب، بل وتُعدُّ إحدى
المهيمنات الأُسلوبية على مستوى الإيحاء الصوتي[331]،
فالفواصل المسجوعة والمتجانسة هي: (راية ←
غاية)، (الدَّاعي ← الواعي)،
(ناعية ←واعية).
إذاً؛ إنَّ بناء فواصل الفقرات بجعلها مسجوعة ومتجانسة في آن واحد، يُفصِح عن مهارة فائقة واختيار متذوق لدى المنشئ؛ لأنَّه جعلها تحمل ظاهرتي السجع والجناس معاً، وهذا ما منح الإيقاع استمراراً وتدفّقاً حركيين عِبْرَ الانتقال بين هاتين الظاهرتين فضلاً عن وضوح المعاني المراد توصيلها، وهذا يعني وجود «قدر هائل من الحرية متاح للمتكلّم في اختيار الصيغ والأساليب المعبّرة عن (الغرض) أو (المعنى)»[332] توخِّياً لتوصيل قصده إلى السامع والتأثير فيه.
عرَّف الخطيب القزويني الموازنة بقوله: «هي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية»[333]، وقد أَدْرَجَ البلاغيون هذا النوع من السجع تحت مصطلح مستقل هو (الموازنة)، وجعلوها أعمّ من السجع، أي أنَّ فيها ما يكون سجعاً وما هو ليس بسجع، فيُقال: إنَّ كلّ سجع موازنة، وليس كلّ موازنة سجعاً[334].
ويقوم الأُسلوب المتوازن «على تقسيم العبارات إلى مقاطع متوازنة، ومعادلة الألفاظ بعضها مع بعض، لتعطي إيقاعاً موسيقياً، من خلال التشابه في الجرس الصوتي؛ إذ تزدوج أكثر من جملة أو عبارة في تنسيق مُنتظم... بحسب ما يقتضيه المقام، هو شبيه بالسَّجع إلّا أنَّه لا يتقيَّد بالتقفية»[335]، وقد سُمّيَ هذا الضرب لدى البلاغيين العرب بالسجع المتوازن، أو السجع العاطل، أو الازدواج، أو الموازنة[336].
ولم يفرّق العسكري بين الازدواج والسجع، فكان الازدواج عنده مرتبطاً بالسجع بأن تكون ألفاظ الجزأين المزدوجة مسجوعة، وعندها يكون الكلام سجعاً في سجع، وتكون الفواصل على أحرف متقاربة المخارج إن لم يمكن أن تكون من جنس واحد[337].
وقد جاء التوازن في نثر ثورة التوّابين وإمارة المختار مقترناً بكثير من السجع، فنجد ـ مثلاًـ هذا الأُسلوب في رسالةِ سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان لقوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الدّنيا دارٌ قد أدبرَ منها ما كان معروفاً، وأقبلَ منها ما كان مُنكَراً، وأصبحت قد تشنَّأتْ إلى ذوِي الألباب، وأزمَع الترحال مِنْها عبادُ الله الأخيار، وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقَى، بجزيلِ مثوبةٍ عند الله لا تَفْنى، إنَّ أولياء الله مِن إخوانكم، وشيعة آل نبيكم، نظروا لأنفُسِهِم فيما ابتُلوا به مِن أمر ابن بنت نبيهم الذي دُعِيِ فأجاب، ودَعا فلم يُجَبْ، وأرادَ الرَّجعة فَحُبِس، وسألَ الأمانَ فَمُنِع، وتَرَكَ النَّاس فلم يتركوه، وعَدوا عليه فقتلوه، ثمَّ سَلَبوه وجرَّدوه ظلماً وعُدواناً وغرَّةً بالله وجهلاً، وبعينِ الله ما يعملون، وإلى الله ما يرجعون»[338].
فقد وقع التوازن، بين الفواصل المتشابهة بالوزن، والمختلفة بالحرف الأخير (الروي)، وهي الآتي: (الألباب ← الأخيار)، (يَبْقَى ← يَفْنَى)، (حُبِس ← مُنِع).
وقد عمل هذا الازدواج في تقرير المعنى وتمكينه في ذهن السامع، وبذلك أضفى على الرسالة حلَّة موسيقية تستهوي السامعين، لاتفاق أوزانها في نهاية كلّ جملة.
ولم يلبث المنشئ أنْ عدل عن هذه الموازنة إلى استعمال السجع بنوعيه المتوازي والمطرَّف في آنٍ واحد، فالمتوازي بين (قتلوه ← سلبوه)، وهو من نوع السجع القصير الذي يعطي النص حركة إيقاعية متتالية عملت على تركيز الدلالة المقصودة، ثمَّ جاء بالسجع المطرَّف بين الفواصل (ظلماً ← عدواناً)، ثمَّ عاد إلى السجع المتوازي بين (يعملون← يرجعون).
إنَّ هذا التنوع الإيقاعي الحركي في إيراد السجع في نصٍ واحدٍ لم يقع عفواً من المتكلّم، بل كان عن قصد ووعي كاسراً بذلك الرتابة، ومن ثَمَّ محفّزاً على الترقب والتواصل، ومع هذه القصدية في تلوين النص بأنماط سجعية مختلفة تطاولت فكوّنت جوّاً موسيقياً هادئاً، إلّا أنَّ هذا الإيقاع لم يكن هو الهدف الرئيس، بل كان الهاجس الأكبر عند منشئ الخطاب هو تكريس الدلالات المختلفة، فـ«المبدع عليه أوَّلاً أن يُحَدِّد الإطار الدَّلالي الواسع الذي سوف يتحرَّك فيه، ثمّ يتبع ذلك اختيار الطريقة الملائمة التي ينظم بها مفرداته لكي تكون قادرة على نقل أفكاره على النَّحو الذي تكوَّنت عليه في عملياته النفسيَّة»[339]، ومن ثَمَّ ترسيخها في ذهن المتلقي، وهذه المعاني تتلاحق بل تتعاضد على إبراز قضية خذلان الإمام الحسين×، وقتله من الذين دعوه إلى القدوم إليهم.
وجاء التوازن مقترناً بالسجع المتوازي في خُطبةِ عبيد الله المري، فهو يقول: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الله اصطفى محمَّداً صلّى الله عليه وسلّم على خلقِه بنبوَّته، وخصَّه بالفضل كلّه، وأعزَّكم باتّباعه، وأكرمكم بالإيمان به، فَحَقنَ به دماءكم المسفوكة، وأمَّن به سُبُلَكم المخوفة... ألم تروا ويبلغكم ما اجتُرِم إلى ابن بنت نبيكم؟! أمَا رأيتم إلى انتهاك القوم حُرْمَتَه، واستضعافِهم وَحْدَتَه، وترميلهم إيَّاه بالدَّم، وتجرارهموه على الأرض... اتَّخذوه للنَّبلِ غَرَضَاً، وغادروه للضباع جَزَرَاً... ولله حسين بن علي، ماذا غادروا به ذا صِدقٍ وصَبر، وذا أمانةٍ ونَجْدَةٍ وحَزْم! ابن أوَّل المسلمين إسلاماً، وابن بنت رسول ربّ العالمين، قلَّت حماتُه، وكَثُرت عُداتُهُ حوله، فقتله عدوّه، وخَذَلَه وَليّه، فويلٌ للقاتلِ، وملامةٌ للخاذلِ، إنَّ الله لم يجعل لقاتله حُجَّة، ولا لخاذِلِه مَعذرة، إلّا إن يُناصح لله في التَّوبة، فيجاهد القاتلين، وينابذ القاسطين، فعسى الله عند ذلك أنْ يقبل التَّوبة، ويُقيل العثرة»[340].
فهذا التداخل في نوعي السجع قد جعل الخُطبة ذات قيمة إيقاعية بارزة، فنجد المتوازي منه بين الفواصل (مَسْفُوكَة ← مَخُوفَة)، وكذلك بن الفاصلتين (حُرْمَتَه ← وَحْدَتَه)، ثمَّ يأتي بعدها الأُسلوب المتوازن المتماثل بأوزان فواصله، والمختلف برويها بين لفظتي (غَرَضَاً ← جَزَرَاً)، وبين (صِدْق ← صَبْر ← حَزْم).
ثمَّ يردف هذا بالسجع المتوازي مرَّة أُخرى بين الفواصل (عَدوَّه ← وَليَّه)، و(للقَاتِل ← للخَاذِل)، و(القَاتِلِين ← القَاسِطِين)، و(التَّوبة ← العَثرة).
إنَّ هذه التنوعات الأدائية التي اعتمدها الخطيب في فواصل عباراته قد منحت نصَّه طابعاً موسيقياً مصدره الإيقاع الناتج عن تلكم الفواصل، وكان لوجود التوازن بين السجع المتوازي قيمة أُسلوبية عالية في إخراج هذا النص من النمطية المألوفة في الوزن، حتى يعطي نوعاً من الدهشة والمفاجأة لدى السامع في وزن غير متوقع[341]، كما نجد أن متانة أُسلوب الخُطبة له الأثر الواضح في إضفاء الحركة الإيقاعية والدلالية عليها إذ «يتجلَّى التوازن الإيقاعي كذلك من جزالة السَّرد المتماسك، وقصديَّة النَّص البالغة: اللتين تبديان على نحوٍ واضحٍ في تدفُّق الأفعال، وتموُّج الصِّفات»[342]، التي جاء النص مفعماً بها جميعاً.
ومهما يكن القول، فقد اتَّخذ الخطيب من هذه المنظومة السجعية المتوازنة جسـراً لتوصيل المعاني التي بنيت عليها الخُطبة أساساً، وهي تنبيه المسلمين بفضل النبي’، وعظيم منزلته عند اللهI، فهو منقذ البشرية من الشـرك والظلم، فالواجب احترام ذريته؛ لأنَّهم أحق بالتكريم من غيرهم، مندّداً بما جرى لهم من القتل والتشـريد في الأرض بصورة مأساويَّة، ومن هنا تبرز مهمّة الخطيب الرسالي في استنهاض الهمم للطلب بدم الإمام الحسين الشهيد× داعياً إلى الجهاد، لإرجاع الأمر إلى أهل بيت النبوة؛ ولذلك وجدنا أنَّ الخطيب قد تحرَّاه قصداً.
التناسب المعنوي للإيحاء الصوتي
على الرغم من أنَّ للصوت أهمية بارزة في بناء المفردة التي تكوّن الجملة، فإنَّه لا يمتلك معاني جوهرية في نفسه لو جاء مستقلاً عن سياقه، فالصوت «وحدة لغوية لا قيمة لها من الناحية الاعتبارية، لأنَّها شيء مجرد وقيمها تنبع من الوظيفة الدلالية التي تتحدد خلال موقعها السياقي وتآلفها مع الأصوات الأُخرى»[343]، فللسياق أثرٌ في تحديد دلالة الصوت اللغوي وتداعياته، إذ إنَّ لأصوات الحروف في السياقات اللغوية دلالات مشعَّة، فقد يتكرّر حرفٌ «بعينه أو مجموعة من الحروف، فيكون لهذا مغزى يعكس شعوراً داخلياً للتعبير... فيخرج عن قيد الصوت المحض إلى دلالة تحرّك المعنى وتقوِّيه»[344].
فالسياق هو المجرى الطبيعي لبيان المعاني الوظيفية الدلالية للأصوات، فالحروف والأصوات لا تكتسب معانيها إلّا عبر دخولها في نسق الكلام، فلا ينظر إلى الأصوات على أنَّها وحدات صغيرة (فونيمات)، بل يجب أن ينظر إليها حين تتشكل في وحدة تركيبية صغيرة أم كبيرة[345]، إذ إنَّ أصوات الحروف تكتسي قيمة دلالية، فضلاً عن وظيفتها التميزية الرئيسة، وذلك ما تبحثه نظرية المحاكاة الصوتية، وهي «العلاقة بين الألفاظ ومعانيها، وإِلى أيِّ حدٍّ يمكن استغلال أصوات هذه الألفاظ في الإيحاء بالمعنى ومحاكاته»[346].
ويُعدّ هذا التأليف بالغ الأهميّة في مستويات التحليل الأُسلوبي، إذ تتواشج فيه البنيتان الإيقاعية والدلالية[347].
وتقوم المحاكاة الصوتية على الدلالة «التي تُستمد من طبيعة بعض الأصوات»[348]، فتعطي دلالة صوتية تنتج من ضمّ الحروف بعضها ببعض على نسق موسيقي خاص[349].
وتُعدُّ المحاكاة الصوتية للحدث في الحروف والكلمات، إحدى أنساق الأُسلوبية الصوتية في اللغة العربية[350]، «فعلم الأُسلوب الحديث لا يأبه بالجرس إلّا من حيث إيحاؤه بالمعنى»[351].
ولا يخفى في أنّ البحث عن دلالات الأصوات أمر لا يخلو من المجازفة، ولكنّنا هنا «لا نبحث عن ربط الصوت بدلالات (أَو معانٍ لغويَّة) محدَّدة، وإنَّما نبحث في الدلالة بصفة عامَّة، وبعبارة أُخرى نبحث عن الدلالة الانفعالية والعاطفية للأصوات، عن طريق ما يتوافر للصوت من إيحاءات ودلالات ناتجة عن ربط الصوت بالمعنى في ضوء صفة الصوت اللّغوي، ومخرجه مع النظر إلى المعنى العام للكلمة التي جاء فيها الصوت»[352]، أي: في السياق الذي يضمّها ليجعل منها رمزاً له إيحاءاته ودلالاته بما يناسب المعنى العام[353].
ولم تكن مسألة المحاكاة الصوتية غائبة عن أذهان علمائنا القدماء، فقد ابتدأت عند الخليل بن أحمد وتلميذه سيبويه، وأشبعها ابن جني وابن سينا بحثاً وتفصيلاً[354]. أمّا المُحدَثون، فقد اهتموا بها اهتماماً واسعاً في دراساتهم؛ لأنّها «من غيرِ شكٍّ مظهرٌ عجيبٌ من مظاهر اللغة العربية يُلفت نظر الدارس ويستحقُّ الوقوف عنده وتأمله»[355].
ويقوم منهج تناولنا على دراسة الصوت في اللفظة المفردة، ودراسة تكرار الأصوات وما توحي به من دلالة في ضوء السياق العام. وسنقف عند هذين النمطين على النحو الآتي:
أوَّلاً: دلالة الصوت في اللفظة المفردة
إنَّ كلّ لفظةٍ تحمل في طبيعة دلالتها نغماً ناتجاً عن الجرس الذي تحمله أصواتها المكوَّنة لها، فالجرس يُشكل «خصيصة ذاتية محسوسة في بناء اللفظة من خلال تباين أجراس حروفها التي بُنيت عليها، وتُشكل هذه الحروف في ائتلافها وتنافرها نغم الألفاظ وقيمها الحسية»[356].
فاللفظة العربية تحمل موسيقى باطنية عفوية قوامها التوافق الفطري بين خصائص أصواتها، وبين ما تدلُّ عليه من المعاني إيحاءً وإيماءً، «فقد تحوَّل كلّ حرفٍ من حروفها إلى وعاءٍ من الخصائص والمعاني؛ وذلك بفعل تعامله مع الأحاسيس والمشاعر»[357]، ومن هذا المفهوم يتّجه البحث إلى دراسة القيمة الإيحائية لدلالة الصوت اللغوي في اللفظة الواحدة، منظوراً في ذلك إلى السياق العام الذي يرد فيه ذلك الصوت.
إنَّ المحاكاة أو الإيحاءات الدلالية عن طريق أصوات الألفاظ، مدعاة للتأثير في نفس السامع وجذب تنبهه؛ إذ إنّ «لكلٍّ من التركيب الخاصّ بكلّ لفظةٍ وبنيتها، وجرسها، وما يحمله من دلالات إيحائية، دَخْلاً في جمالها وتقبُّل النَّفس لها،) وبالتالي) في إنجاح النص ومنحه فعالية أكبر، وقدرة أقوى على التأثير والإثارة» [358]، هذا ما سيراه البحث عن طريق دلالة الصوت في اللفظة المفردة.
جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد: «إنَّا كُنَّا نَمُدُّ أعناقَنا إلى قدومِ آلِ نبيّنا، ونُمَنّيْهِمُ النَّصْـرَ، ونَحُثَّهُم على القدومِ، فلمَّا قدموا وَنَيْنا وعَجَزْنا وأدْهَنَّا وتربَّصْنا وانتظرنا ما يكون حتى قُتِلَ فينا... إذ جعل يَسْتَصرِخُ ويسأل النَّصَف فلا يُعطاه»[359].
فتتمثَّل المحاكاة الصوتية للحدث، وهي كالرسم بالألفاظ، وذلك في الألفاظ (نمدُّ)، (نحثهم)، (ونينا)، (يستصرخ).
أمّا كلمة (نمدُّ)، فقد أوحت أصواتها بارتباطها بعضها مع بعض عن معنى مدّ العنق والترقب المصاحب لتلك الصورة الحزينة، التي جسّدها صوتا (النون والميم) وهما من الصوامت الغنّاء[360]، وقد أضفيا بهذه الغنة نوعاً من الهدوء والشجن العاطفي، وكان لارتباط صوت الدال الشديدة المجهورة[361] وقعٌ يعبِّر عن شدَّة الحدث، كما ذهب إلى ذلك ابن جني حين فرّق بين الفعل (مدّ) والفعل (متَّ) قائلاً: «فجعلوا الدَّال ـ لأنَّها مجهورة ـ لما فيه علاج، وجعلوا التاء ـ لأنَّها مهموسة ـ لما لا علاج فيه»[362].
وقد جاء (الدال) مشدَّداً ليعبّر عن الشدّة والزيادة في ذلك العلاج، وقد عبَّرت (الضمّة) في سياقها دور الصوت المحاكي والموحي، فهي تحاكي وتصور حركة مدّ العنق إلى الأمام كما نمدُّ نحن شفاهنا إلى الأمام عند النطق بالضمَّة، فهي حركة أماميَّة[363].
ولا يخفى ما لجهارة هذه الأصوات التي أسبغت على هذه الكلمة وضوحاً سمعياً يتعاضد مع إيحاءاتها الدلالية.
أمّا لفظة (نحثّهم)، فقد اتسقت أصواتها بعضها مع بعضها الآخر، لتوحي في ضوء السياق العام بكثرة الحثّ والإلحاح فيه، فهي مبدوءة بصوت (النون) الذي يمتاز بغنته التي تسبغ على هذه اللفظة نوعاً من الحزن والشجن، وكان لصوت (الحاء) الحلقي المهموس الذي مثّل الحدّة، فالحاء «هي الصوت الذي نصدره من حلوقنا حين نذوق شيئاً حاداً لاذعَ الطَّعم، فنتنحنح محاولين أنْ نخفّف من حدّته ونحرّر حلقنا من لذعه» [364]، فهو يوحي بحدَّة الحثّ والإلحاح فيه، وقد تعاضد هذا الصوت مع صوت (الثاء) الذي يوحي بالوفرة والغزارة[365]، وقد جاء مشدداً هنا لزيادة تلك الوفرة والغزارة في عملية الحثّ، وقد جَاء بعد ذلك صوت (الهاء) الصامت المهموس، و«هو صوت النفس الخالص الذي لا يلقي مروره اعتراضاً في الفم» [366]، ليتعاضد مع صوت الميم، وهو صوت شفوي المخرج ذو غنّة[367]، يحمل معنى الاستمرار[368]، جاء ليوحي بتلك الاستمرارية في ذلك الحثّ، كما أنَّه أضفى على اللفظة بغنَّته جوَّاً من الحزن والشجن.
وأما لفظه (ونينا)، فإنّ أصواتها في سياقها قد عبَّرت بصدق عن معنى الضعف والوهن والاستكانة، فنجد أنّ صوت (الواو) المجهور الشفوي المخرج[369] الذي جاء في أوَّل هذه اللفظة بضمّ الشفتين، قد أوحى بجوٍّ من الحزن والجزع، وهذا ما أكّدته الدراسات الحديثة أنَّ الأصوات الشفوية تدلُّ على الحزن[370].
ونجد أن لتكرار (النون) إيحاء دلالياً بهذا الضعف الذي تدلُّ عليه اللفظة، فـ(النون) صوت مجهور تغلب عليه الصفات الضعيفة، فهو صوت (متوسط، مستفل، منفتح)، كما إنَّه صوت مذلق[371]، وهذه الصفات تجعله متساوقاً مع سياق الضعف والفتور والعجز عن نصرة الإمام الحسين×، ولا يخفى أنّ هذا الصوت قد أضفى بتكراره جوّاً من الهدوء والشجن، فهو بهذه الصفة بتعاضد مع إيحاء (الواو) في الدلالة على ذلك الحزن الذي يتناسب مع المعنى الذي جاءت عليه هذه اللفظة، وهو الندم والحزن، وأوحى صوت (الياء) بذلك الضعف والسكون نتيجة لصفاته الصوتية الضعيفة، لكونه صوتاً غير مدّي يكاد النفس أن يكون معه ضعيفاً[372]، وكان لصوت (الألف) اللينة الممتدّة في نهاية الكلمة خير تعبير عن امتداد وطول ذلك الضعف من قبل هؤلاء؛ لأنَّ صوت الألف ـ وهو صوت مد ـ يتميَّز من بين سائر أصوات المدّ بكونه أشدّها امتداداً، وأوسعها مخرجاً، وهو الصوت الهاوي[373].
ونجد في لفظة (يستصرخ) خير إيحاء يصور الحدث، فقد ساد فيها الاضطراب الصوتي في مخارج حروفها وتقاربها، الذي أوحى بنوع من القلق وعدم الاستقرار في واعية الإمام الحسين×، الذي صحبه صخب قوي أفصح عنه صوتا الصفير (السين والصاد)، فالسين صوت صامت مهموس لثوي رخو[374]، يصلح للتعبير عن أفكار الانفعالات والحزن القوي والحسرة اللاذعة[375]، وأنَّه يصلح «لمحاكاة الأشياء المتحركة وما يصدر عنها من أصوات»[376]، وهذا ما يناسب حال المستصرخ الحزين، كما أنَّ لصخب (الصاد) إيحاءً بذلك الصراخ المدوّي، ثمّ إنّ هذه اللفظة قد احتوت على صوت(التاء)، وما يمتلكه من خاصيّة الانفجار والهمس[377]، ليدلَّ على ذلك الاضطراب الصوتي في ذلك الصراخ، وكان لصوت (الراء) لما فيها من التكرير[378] أوفق لتكرار ذلك الصراخ والندب، والملاحظ في هذه اللفظة المؤلفة من توالي (السين، والتاء، والصاد)، ثمَّ تقاطر (الراء، والخاء)، إنّ هذه الأصوات كلّها مهموسة ما عدا (الراء) المجهورة، ممَّا يُضفي على هذه اللفظة نوعاً من الجهد العضلي الذي يتطلبه النطق بها، وقد دلَّ استقراء الدكتور إبراهيم أنيس على أنَّ طبيعة المهموس من الأصوات تتميّز بالجهد؛ لأنّ الأحرف المهموسة مجهدة للنفس، فإذا كثرت في السياق تضاعف ذلك الجهد[379]، وهذا ما يتناسب والدلالة الإيحائية لتلك اللفظة التي اتسمت بنوع من الثقل والجهد مع حال ذلك المستصرخ.
ونجد المحاكاة في إيحاء الدلالة الصوتية للحدث أيضاً في خُطبةِ المختار الثقفي، حين سار إليه مصعب بن الزبير، فقال: «يا أهلَ الكوفةِ، يا أهلَ الدينِ، وأعْوانَ الحقِّ، وأنْصارَ الضَّعيف... إنَّ فُرَّارَكُم الذين بَغَوا عليكم أتوا أشْبَاهَهُمْ مِنَ الفاسِقِين فاستغوُوهم عليكم لِيُمْصَحَ الحقّ، ويَنْتَعِشَ الباطل، وَيُقْتَلُ أولياءُ الله، والله لو تَهْلِكُونَ ما عُبِدَ الله في الأرض»[380].
فنجد في الألفاظ (فُرَّارَكم) و(يُمْصَح)، (يَنْتَعِش)، إذ جاءت إيحاءاتها الدلالية للأصوات محاكية للحدث ودالة عليه ضمن سياقها العام.
أما لفظة (فرَّاركم)، فقد دلَّل بها المختار على حال المنهزمين من أهل الكوفة، الذين التحقوا بمصعب بن الزبير مختزلاً كلَّ معاني الغدر والانهزام، فقد عمد إلى اختيار هذه اللفظة من دون سواها، لما احتوته من أصوات شديدة يتصدَّرها صوت (الراء) الذي يوصف بأنَّه صوت متكرّر[381] يتمُّ نطقه بضرب اللسان باللثة مرتين أو ثلاثا[382]، فضلاً عن تردُّد هذا الصوت ثلاث مرّات ليتعاضد مع صفته (التكرير)، محاكياً الحدث، وهو الفِرَار؛ لأنَّ تكرار (الراء) وبهذا الكم أفاد تكرار الفعل، وإحداث حركة في سياقه العام، كما كان لصوت المدّ (الألف) دلالة إيحائية على طول مدّة الفرار ودوامه؛ لأنَّ صوت (الألف) يتميّز من بين سائر حروف المدّ في شدَّة امتداده، فضلاً عن جهارته[383]، فجاء منسجماً هو الآخر في سياقه مع صوت (الراء) ليوحي الصوتان بامتدادهما الدلالي والقصدي في النص. أمّا لفظة (يُمْصَح) مضافة إلى (الحقّ)، فهي في حروفها المرتبطة بعضها مع بعض تحمل دلالة إيحائية للحدث الذي تدلُّ عليه، وهو الانقطاع والذهاب، فتعاضد صوتا (الصاد، والحاء) المهموسان[384] إيحاءً للدلالة على سكون الحدث والتكتُّم في إذهاب الحقّ من الذين يريدون القضاء على ثورة المختار ـ وهو يرى الحقّ معه ـ وإنَّهم في أباطيل ومزاعم.
ونجد في لفظة (يَنْتَعِش) أنَّها قد تآلفت أصواتها لتحاكي الحدث، وهو القيام والانتشار، فصوت (التاء) المهموس الانفجاري[385] قد منح اللفظة صفة القوة في ذلك القيام، كما كان لصوت (العين) الصامت المجهور[386] الذي يمتاز بجرسه العنيف أثرٌ في منح اللفظة طابع العنف والشدَّة، وكان لصوت (الشين) الرخو المهموس[387] النصيب الأوفى في الإيحاء الدلالي للقيام والانتشار والحركة[388]، لما يمتلكه من صفات التفشي والانتشار؛ لأنَّ في نطقه يظهر فيه انتشار اللسان على الحنك[389]، وهذا ما يحاكي انتشار الباطل الذي عناه المختار.
وجاء الإيحاء الدلالي الصوتي في أصدق تعبير عن الحدث في خُطبة محمد بن الحنفية وهو يرد على عبد الله بن الزبير، وكان الأخير قدا نتقصَ في خُطبة له من الإمام علي بن أبي طالب×، فقال محمد: «يا مَعْشَرَ قُرَيْش، شَاهَتَ الوجوه، أيُنْتَقِصُ عليٌّ وأنتم حضور؟! إنَّ عليّاً كانَ سَهْمَاً صادِقاً، أحَدَّ مَرامِي الله على أعدائَه، يَقْتُلُهُم لكُفْرِهم، وَيُهَوّعَهُمْ مآكلَهُم، فَثَقُلَ عليهِم، فَرَمَوهُ بِصِرْفَةِ الأباطيل... فإنْ تُكُن لنا الأيّامُ دُوْلَةً نَنْثُرْ عِظَامَهُم»[390].
فنجد الألفاظ: (شاهت)، (أحدّ)، (يُهَوّعهم)، (ننثر). أمَّا اللفظة (شاهت) التي هي بمعنى (قَبُحَتْ) [391]، فقد ابتدأ بنطقها بصوت (الشين)، وهو صوت رخو مهموس له صفة التفشّي[392]، ويدلّ على الانتشار والتفشي بغير نظام[393]، وهو في أوَّل اللفظة يدلُّ على تمكُّن ذلك القبح وانتشاره في الوجوه، وكان صوت (الهاء) الصامت المهموس[394] الذي يدلُّ على التلاشي والذهاب[395]، له أثر في تمكُّن انتشار القبح في تلكم الوجوه وإظهاره، وتلاشي معالمها وذهاب حقيقتها.
أما لفظة (أحَدَّ)، فهي في أصواتها إنَّما تمثَّل الحدّة والقوَّة التي تناسب حدَّة المرامي وأيُّ مرامٍ؟ إنَّها مرامي اللهI، التي كان أحَدّها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، فهذه الكلمة تناسب صفته وغلظته على أعداء الله والمنافقين.
فقد ابتدأت بصوت (الهمزة) التي هي من أَشقِّ الأصوات[396]، وتأتي شدَّتها تلك من مخرجها، فهي صوت يخرج من أقصى الحلق كالتهوّع[397]، ولا شكَّ أنَّ في هذه الشدَّة والمشقَّة في نطقه ما يوحي بشدَّة المعنى التي تنطوي عليه هذه اللفظة، ويطالعنا بعد الهمزة صوت الحاء الحلقي المهموس[398]، الذي يمثّل الحدَّة في الحدث نتيجة نطقه الحاد[399]، وقد جاء بعد هذا الصوت صوت انفجاري مجهور[400]، وهو(الدّال)، ولهذا الصوت إيحاء بالتصلُّب، فهو صوت المقاومة والشدَّة[401]، جاء ليوحي بهذه الحدّة التي يمتلكها أمير المؤمنين× بوصفه أحدَّ مرامي اللهI على أعدائه.
وأما لفظة (يهوّعُهم)، فقد حاكت بأصواتها عملية التقيّؤ للأكل؛ لأنَّ فيها حرفين من حروف الحلق (الهاء والعين) فبمخرجهما هذا من الحلق قد حاكيا فعل القيء، وهو مندفع من الجوف والحلق إلى الخارج، وهذا واضحٌ من خلال التلفُّظ بهذا المقطع المتكوّن من اجتماع هذين الحرفين، ولولا هذا الفصل الذي وقع بينهما بصوت (الواو) لكانت اللفظة، ثقيلة نابية، وذلك بسبب التقارب المخرجي بين (الهاء) و(العين)؛ لأنَّ اجتماعهما مدعاة للتنافر والاستكراه النطقي، وقد ذكر ابن سنان الخفاجي أنَّ العرب يقلُّ تأليفهم بحروف الحلق من غير فصل بينها[402]، وقد جاء الشديد على (الواو) في هذا الفعل ليدلّ على كثرة التهوّع الذي كان الإمام علي× يسومهم به؛ لأنَّهم لم ينفكّوا عن أكل الحرام بغير وجه حق.
وأمّا لفظة (ننثر)، فقد دلَّ صوتا (الثاء والراء) على الإيحاء الدلالي لعملية نثر العظام بصورة مكثفة ومتكررة، إذْ أوحى صوت (الثاء) الذي يدلُّ على الوفرة والغزارة في الفعل[403] على وفرة هذا النثر وغزارته، وكان (الراء) متساوقاً مع هذا الصوت في دلالة التكرير بالفعل؛ لأنَّ (الراء) يحمل صفة التكرار، فهو صوت مكرَّر [404]، فهو يُحاكي المرَّات المتتابعة والمتزايدة في عملية نثر العظام، وهذا الوصف يلائم الغرض التي جاءت من أجله هذه اللفظة.
وإذا ما علمنا
أنَّ الأُسلوب إنَّما هو اختيار أو انتقاء يقوم به المنشـئ لسمات لغوية معيّنة
لغرض التعبير عن موقف معين[405]، فإنَّ الانتقاءات
العالية لأصوات بعينها تُعدُّ إجراءً أُسلوبياً من الطراز الأوَّل، وعندها تكون
السِّمة الأُسلوبية في اختيار هذه الألفاظ التي تحتوي هذه الأصوات واضحة وبيّنة من
دون سواها في هذه النصوص. وهكذا يتبدَّى لنا التأثير الأُسلوبي الصوتي، الذي جاء
من خلال استعمال مخارج الأصوات وصفاتها، وإدراك الميزة الأُسلوبية المترتّبة لتلك
المخارج والصفات، ودلالتها السياقية على المعنى الذي وضعت له، إذ إنَّ الحركات والأشياء المحسوسة «متجسّدة
في الأصوات اللغوية وسياقاتها اللفظية المختلفة»[406].
ثانياً: دلالة الأصوات المتكرِّرة في السياق
قد تتكرر بعض الأصوات في الكلام لتوحي بالحدث ضمن السياق العام إلى جانب الإيقاع الصوتي، إذ يتمثل التكرار في عدّة مستويات، «فثمة تكرار على المستوى الفونيمي، ويُضفي هذا التكرار بُعداً نغمياً يُعدُّ مكوناً تتضمنه العناصر اللسانية؛ الأمر الذي يُفضي إلى اكتساء هذه العناصر إيقاعاً خاصاً هو مكون ذاتي في اللغة ينبثق من طبيعة الفونيمات نفسها. ويمكن أن يتمثل التكرار الفونيمي بما سُمّيَ بـ(الرمزية الصوتية) أو (المحاكاة الصوتية) التي تتأسس على علاقة بين البنية الصوتية للكلمة أو مجموعة من الفونيمات بصوت معين تحاكيه البنية محاكاة مباشرة أو غير مباشرة»[407].
فالمحاكاة الصوتية تكمن في تكرار الأصوات في كلمةٍ واحدةٍ أو عدَّة كلمات ضمن سياقها التي ترد فيها، فيؤدي إلى خلق جوٍّ مناسب ينسجم مع الحدث المراد التعبير عنه.
ونجد ظاهرة تكرار الصوت وإيحاءه بالحدث في كثير من خُطب ورسائل ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي، وعلى النحو الآتي:
عرّف سيبويه الصوت الشديد بأنَّه «هو الذي يمنع الصوت أن يجري فيه»[408]، وأطلق عليه المُحدَثون تسمية الصوت الانفجاري[409]، وذلك لانضغاط الهواء وانحباسه عند الموضع الذي يلتقي فيه عضوا النُّطق[410].
ولقد تكررت الأصوات الشديدة كثيراً في نصوص الحِقبتين؛ نظراً لما كانت عليه ظروف الثورة والقتال، إذ إنَّ تكرار الأصوات الشديدة في الكلام يؤدي إلى خلق جوٍّ مناسب يُوحي بالشدّة والعنف، وهو ما ينسجم مع الحال التي يكون المنشئ في صددها، ونجد ذلك ملحوظاً في تكرار صوتي (التاء) و(القاف) في خُطبة عبد الله بن يزيد حين علم بعزيمة التوّابين على الخروج، فقال: «قَدْ والله دُلْلّتُ على أماكنهم، وأُمِرْتُ بأخذهم، وقِيْلَ، ابدَأهُم قَبْلَ أنْ يبدؤوك، فأبيتُ ذلك، فقلتُ: إنْ قاتلوني قاتَلْتُهُم، وإنْ تَركوني لَمْ أطْلُبْهُم، وعلامَ يقاتلوني؟ فو الله ما أنا قتلتُ حسيناً، ولا أنا ممَّن قاتله، ولَقَدْ أُصِبْتُ بِمقْتَلِهِ رَحْمَةُ الله عليه...»[411].
فقد تحقَّق التكرار هنا بصفته بُنية أُسلوبية عن طريق هيمنة هذين الصوتين، فقد تكرَّر صوت (التاء)، خمس عشرة مرّة، وهو صوت شديد[412]، وقد تكرَّر إلى جانب هذا الصوت الشديد صوت شديد آخر، هو صوت (القاف) الذي تكرَّر إحدى عشـرة مرّة، وصوت (القاف) من الأصوات التي «لا تستطيع الوقوف عليها إلّا بصوت؛ وذلك لشدَّة الحَفْزِ والضَّغْط»[413] عليه، ولتبيان الكلمات التي ورد فيها الصوتان. وبتطبيق المنهج الإحصائي نلحظ هذا الجدول:
الصوت |
عدد مرّات التكرار |
مواضع التكرار |
التاء |
15 مرّة |
دللت، أمرت، أبيت، فقلتُ، قاتلوني، قاتُلتهم، تركوني، يقاتلونني، قتلت، قاتله، أصبتُ، بمقتله، رحمة. |
القاف |
11 مرّة |
قد، قيل، قبل، فقلت، قاتلوني، قاتلتهم، يقاتلونني، قتلت، قاتله، لقد، بمقتله. |
إنَّ صفة الشدّة التي تميَّز بها هذان الصوتان قد أوجدت نغماً مجلجلاً، أي: بحركية ذات طابع شديد الوقع على مسامع المتلقي، وهي متأتية من صفتي الجهر والقلقلة اللتين تميّز بهما صوت (القاف)، وهذه عمقت الدلالة في الكلام، وأحدثت إيقاعاً قوياً متعاضداً مع شدَّة (التاء)، فأوحيا بالشدّة في الحدث وقوته، وهذا ما دلَّ عليه السياق وحال المتكلّم المتصف بالشدَّة والقوَّة «وليس يخفى أَنَّ مادة الصوت هي مظهر الانفعال النفسي، وأَنَّ هذا الانفعال بطبيعته إنّما هو سبب في تنويع الصوت... ممَّا هو بلاغة الصوت في لغة الموسيقى»[414]، وهو ما تميَّز به هذا النص.
وجاء في رسالة المختار بن أبي عبيد إلى أصحاب ابن صُرَد بعد عودتهم من المعركة، وكان المختار قد كتبها إليهم مؤكّداً بالاقتصاص من أعدائهم: «فإنّي لو قَدْ خَرَجْتُ إليْكُم قَدْ جَرَّدْتُ فيما بينَ المَشْرِقِ والمغرِبِ في عدوّكُم السَّيف بإذنِ الله، فَجَعَلْتُهُم بإذنِ الله رُكَاماً، وقَتَلْتُهُم فَذّاً وتوأماً، فرحَّب الله بمَنْ قارَبَ مِنْكُمْ واهْتَدى، ولا يُبْعِد الله إلّا مَنْ عَصـَى وَأبَى، والسلامُ يا أهْلَ الهُدَى»[415].
فنجد في هذه الرسالة شيوعاً واضحاً للأصوات الشديدة التي تعاضدت مع السياق في إعطاء النص قيمته الصوتية المتمثلة في الشدَّة والقرع، ويطالعنا من هذه الأصوات (التاء والقاف، والدال) وحسب الجدول الآتي:
الصوت الشديد |
عدد مرّات التكرار |
التاء |
7 مرّات |
الدال |
6 مرّات |
القاف |
5 مرّات |
وهذا التوظيف الصوتي الذي يوحي بالحدث، وهو الشدَّة والقرع يناسب الحال التي كان عليها المختار وهو في صدد التهديد والوعيد.
وكان اجتماع هذه الأصوات مع تكرارها قد أضفى على النص إلى جانب الإيحاء الدلالي، إيقاعاً حركياً؛ لأنّه «إذا تكرر الحرف في الكلام على أبعاد متقاربة، أكسب تكرار صوته ذلك الكلام إيقاعاً مبهجاً، يُدركه الوجدان السليم حتى عن طريق العين، فضلاً عن إدراكه السمعي في الأُذن»[416].
ونجد تكراراً لصوت (الدال) في وصيَّة المختار إلى يزيد بن أنس: «إذا لَقيتَ عدوَّكَ فلا تُناظِرْهُم، وإذا أمكنَتْكَ الفُرْصَةُ فلا تؤخّرها... وإنْ احتجتَ إلى مَدَدٍ فاكتب إليَّ؛ مع أنَّي مُمِدُّكَ ولو لَمْ تَسْتَمْدِدْ، فإنَّه أشدُّ لعضُدِكَ، وأعزُّ لجندِكَ، وأرْعَبُ لعدوّك»[417].
فتكرار(الدال) وهو من أصوات القلقلة التي جمعت بين الجهر والشدَّة[418]، كان له الأثر الكبير في إضفاء الإيقاع الموسيقي الحركي على هذا النص، وما كان ذلك التكرار إلّا من خلال صياغة الكلمات التي تحتوي على هذا الصوت، وهي: (عدّوك، عندي، مدد، ممدّك، تستمدد، أشدُّ، عضدك، عدوّك)، إلى جانب الإيحاء بالانفعال النفسي الذي أدَّاه هذا الحرف، وقد جمع صفات القوَّة في سياقه، «فالصياغة مع مقترباتها لمجموع الكلمات ذات أثر انفعالي شديد، لأنَّ الحروف الإيقاعية تتفاوت من حيث الوقع على السمع والنفس بحساب الانتظام والزمن والتناوب، وعندها يتمثَّل الإبداع الحقيقي بانتقائه التلقائي للكلمات سواءً أكان ذلك في منطقة السطح الصياغي أو منطقة العمق الدَّلالي»[419] الذي جاء النص مفعماً بهما.
شاعت أصوات المدّ ـ وهي: الألف مطلقاً، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها[420] ـ في خُطب ورسائل الحِقبتين شيوعاً يتناسب مع ما توحيه من دلالات في سياقها، إذ تتميَّز أصوات المدّ بقدرتها العالية في الإسماع، وذلك متأتٍ من «أنَّ الصفات الصوتية السمعية بهذه الأصوات قد نشأت بوجه عام من فكرة عدم الاحتكاك... فقد سَمَحَ لها عدم الاحتكاك مثلاً بأن تحمل طاقة أعلى بكثير ممَّا تحمله الصوامت التي تفقد كثيراً من طاقتها في الاحتكاك، فساعدتها قوة الطاقة هذه على أن تكون أصواتاً ذات قدرة عالية في الأسماع»[421]، وهذا يعني أنَّها أصوات يمكن إطالة التصويت بها، وأنَّها أصوات ذات قوَّة إسماعية عالية؛ وذلك لمرور الهواء في أثناء النطق بها بحرية، فلا يعترضها شيء من جهاز النطق عند النطق بها[422].
وبهذه الخاصيّة الأُسلوبية والأدائية لهذه الأصوات، كان لها شيوع واسع في الكلام، علاوة على ذلك أنَّ أصوات المدّ الثلاثة تأتلف وتنسجم مع كلّ أصوات العربية[423]، ولا يخفى ما للأثر الكبير الذي يُحدثه الانسجام الصوتي على إظهار المعاني وتوصيلها إلى المتلقي؛ لأنّ الانسجام يُعدُّ من الممهّدات لتوصيل المعاني، وتقريبها إلى ذهن السامع، وهذه ميزة أُسلوبية أُخرى تؤديها هذه الأصوات.
وقد جاء في خُطبةِ سليمان بن صُرَد الخزاعي شيوع ملحوظ لهذه الصوائت الطويلة: «أمَّا بعدُ، فَقَد أتَاكم اللهُ بعدوّكُم الذي دأبْتُم في المسيرِ إليه آناء الليل والنَّهار، تُريدُون فيما تُظْهِرُونَ التَّوبة النَّصُوح، ولقاءَ الله مُعذِرين، فقد جاءُوكم بَلْ جِئْتُمُوهم أنتُم في دارِهِم وحيِّزِهِمِ، فإذا لَقيتُمُوهُم فأصْدُقُوهُم، واصْبِروا إنَّ الله مع الصَّابرين، ولا يولَّيَنّهُم أمرؤٌ دُبُرَهُ إلّا مُتَحَرّفاً لقتالٍ أو مُتَحَيّزاً إلى فِئَة... لا تَقَتُلُوا مُدْبِراً، ولا تَجْهَزوا على جَريح، ولا تقتلوا أسيراً مِنْ أهل دَعْوَتَكُم، إلّا أنْ يُقاتلْكُم بَعْدَ أنْ تأسَرُوه، أو يكون مِنْ قَتَلَة إخوانِنا بالطَّف رحمةُ الله عَلَيهِم؛ فإنَّ هذه كانَت سِيرَة أميرِ المؤمنين علي بن أبي طالب في أهل هذه الدَّعْوَة»[424].
فقد شاعت أصوات المدّ الثلاثة (الألف، الواو، الياء) في هذه الخُطبة حتى أسبغت عليها وضوحاً سمعياً ملحوظاً إلى جانب الانسجام الصوتي في ألفاظها، وكانت هذه الأصوات في الكلمات الآتية:
صوت المدّ |
عدد المرّات |
الأَلف |
18 مرّة |
الواو |
12 مرّة |
الياء |
10 مرّات |
كما نلحظ في هذه الخُطبة أنَّ صوت المدّ (الألف) قد فاق في حضوره الصوتين الآخرين (الواو والياء)، ويمكن تفسير ذلك بأنَّ صوت (الألف) يتميَّز من بين سائر أصوات المدّ بكونه أشدَّها امتداداً وأوسعها مخرجاً مقارنة بمخرجي (الواو والياء)[425]، وهو الصوت الهاوي في الهواء على حدِّ تعبير الخليل بن أحمد الفراهيدي[426]، فهو في أعلى مراتب الانطلاق في أصوات المد[427] ممَّا يزيد ذلك في نسبة وضوحه الصوتي، فيؤدي وظيفته الأُسلوبية هذه في الكلام، ولذلك نراه قد دخل في تأليف معظم ألفاظ هذه الخُطبة.
فإذا كان الأمر كذلك في (الألف)، فإنَّ صوتي المدّ (الواو والياء) يأتيان في المرتبة الثانية بعده، ولكنّهما أيضاً يشاركانه بخاصيّة المدّ والوضوح الصوتي، علاوة على خلق الانسجام في ألفاظ هذه الخُطبة، وإنَّ الإيحاء الدلالي لأصوات المدّ تكمن في تفخيم المعنى المراد التعبير عنه والمبالغة فيه؛ لأنَّ مدّ الصوت يعني منحه زمناً أطول، وهذا ما يناسب طول الحدث المراد توصيله[428].
ونرى في العهدِ الذي قطعه المختار الثقفي على نفسه في زيارته لقبر الإمام الحسين× قبل دخوله الكوفة، فقد احتوى على أصوات قد أوحت بمعاني التهديد والوعيد: «يا سَيّديْ آليتُ بِجَدّك المُصْطَفَى، وأبِيْكَ المُرْتَضَى، وأُمِكَ الزَّهْرَاء، وأخِيكَ الحَسَنِ المُجْتَبَى، وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ مِنْ أهْلِ بَيْتِكَ وَشِيْعَتِكَ في كَرْبلاء، لا أكَلتُ طَيّبَ الطَّعَام، ولا شَرِبْتُ لَذِيذَ الشّـَراب، ولا نِمْتُ على وطْئ المِهَاد، وَلا خَلَعْتُ عنْ جَسَدِي هذهِ الأبْراد، حَتَّى انْتَقِمُ مِمَّنْ قَتَلَكَ أوْ أُقْتَلُ كَمَا قُتِلْتَ، فَقَبَّحَ الله العَيْشَ بَعْدَك»[429].
فقد تكرَّر في هذا النص صوت المدّ (الألف) وقد فاق الأصوات الأُخَرَ شيوعاً مؤدّياً غرضه الأُسلوبي في الإيحاء والانسجام النطقي.
أمّا إيحاؤه، فيدلُّ على طول الحدث الذي سوف يصدر من المنشئ، ألا وهو الانتقام والاقتصاص من الظالمين؛ لأنَّ صوت (الألف) يمتاز من بين أصوات المدّ بشدة امتداده[430]، وأنّه من الصوائت المجهورة [431] التي تجعل عملية النطق مقترنة باهتزاز الأوتار الصوتية، وهي صفة يتطلبها المقام الذي يتكلّم فيه المنشئ (مقام التهديد والتوعيد).
وكان لصوت (الألف) إيحاءٌ دلاليٌّ بالحدث، كان له أثرٌ بالغٌ في الانسجام النطقي بين الألفاظ؛ وذلك لأنَّ هذا الصوت ـ كما هو في كلّ أصوات المدّ ـ يأتلف مع كلّ الأصوات، فضلاً عن هذا أنّه أخفُّ الأصوات نطقاً على اللسان[432]، ممَّا جعل النطق في هذه الألفاظ التي دخل في بنائها منسجمة متآلفة.
وكان لباقي الأصوات التي شاركت صوت (الألف) بشدّتها وجهارتها أثرٌ في الإيحاء الدلالي للحدث، فنجد للفواصل المتوازنة: (الطعام ← الشراب ← المهاد ← الأبراد).
فصوت (الألف) في هذه الفواصل جاء مردوفاً بالسجعات (الميم، الباء، الدال)، وكلّها أصوات شديدة مجهورة، فضلاً عن الأصوات الأُخر التي شاعت في هذا النص، وهكذا تتجمع الألفاظ بأصواتها في سياق تصويري رائع بالأصوات الشديدة والمجهورة والمقلقلة، وكلّها من صفات القوة في الأصوات، توافقاً مع سياق النص الذي عبَّر عن عنف المشهد.
تُعرّف الذلاقة بأنَّها: «القدرة على الانطلاق في الكلام بالعربية من دون تعثُّر، أو تلعثم، فذلاقة اللسان كما نعلم جودة نطقه وانطلاقه في أثناء الكلام»[433].
ومصطلح الذلاقة وصف يشترك فيه عدد من أصوات العربية، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمخارجها، ولذلك علَّل الخليل بن أحمد الفراهيدي سبب تسميتها قائلاً: «وإنَّما سُمَّيت هذه الحروف ذلقاً؛ لأنَّ الذَّلاقة في المنطق إنَّما هي بطرف أسلة اللسان والشفتين وهما مدرجتا هذه الأحرف الستة، منها ثلاثة ذلقيَّة: (ر، ل، ن) تخرج من ذلق اللسان من (طرف غار الفم)، وثلاثة شفوية: (ف، ب، م)، مخرجها من بين الشفتين خاصّة»[434].
وهذا يعني أنَّ الذلاقة في الأصوات اسمٌ يندرج تحته نوعان من الأصوات بحسب مخارجها، الأوّل: ذلقي والآخر شفوي، وكلَّها تشترك في صفةٍ واحدةٍ هي سهولة النطق بها، كما أشار إلى ذلك الخليل وغيره من العلماء[435].
وقد شاعت هذه الأصوات الذلقية في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين شيوعاً يتناسب وأهميتها في انسيابية الكلام من دون تعثُّر أو تلعثم، وانسجاماً مع المعنى الذي توحي به في سياقها، فقد جاء في رسالة عبد الله بن يزيد التي بعث بها إلى سليمان بن صرد يسأله الرجوع عمّا عزم عليه لقوله: «بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم، مِنْ عبدِ اللهِ بن يزيدَ إلى سليمانَ بن صُرَدْ ومَنْ مَعَهُ مِنَ المُسلمين، سلامٌ عَليْكم، أمَّا بعدُ، فإنَّ كتابي هذا إليْكُم كتابُ ناصحٍ ذي إرْعاء، وكَمْ مِنْ ناصحٍ مُسْتَغَشّ، وكَمْ مِنْ غاشّ مُسْتَنْصَحٍ مُحَبّ، إنَّه بلَغَني أنَّكم تُريدُون المَسير بالعَدَدِ اليسيرِ إلى الجَمْعِ الكثير، وإنَّه مَنْ يُرْد أنْ يَنْقُل الجبال عنْ مراتِبِها تَكِلُّ معاوِلُه، ويَنْزَعُ وهوَ مذمُومُ العَقلِ والفِعْل، يا قومَنا لا تُطمِعُوا عدَّوكُم في أهلِ بلادِكم، فإنَّكم خيارٌ كُلّكُم، ومَتَى ما يُصِبْكُم عدّوكم يعلمُوا أنَّكم أعلامُ مِصـْركم فَيُطْمِعهم ذلك فيمَنْ وراءَكم، يا قومنا: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) [436]، يا قوم، إنَّ أيدِيْنا وأيديَكم اليومَ واحدة، وإنَّ عدوَّنا وعدوَّكم واحد، ومَتَى تَجْتَمع كلمتُنا نَظْهَر على عدوّنا، ومتَى تَخْتَلِف تَهُنْ شوكتُنا على مَنْ خالَفَنا؛ يا قومنا لا تَسْتَغِشَّوا نُصْحِي، ولا تُخالفوا أمري، واقبِلُوا حينَ يُقْرأ عليْكم كتابي، أقبلَ اللهُ بكُم إلى طاعَتِه، وأدبرَ بكُم عن معصيته، والسلام»[437].
فنجد أنَّ الأصوات الذلقية قد دخلت في أبنية معظم هذه الكلمات الواردة في هذه الرسالة، وأنَّ قليلاً منها قد خلت من هذه الأصوات، ممَّا جعل الكلام سائغاً ذا خفَّة وانطلاق عالٍ في أثناء نطقه، ومن ثَمَّ سهَّل عملية استقبال المعنى المراد توصيله إلى ذهن السامع.
وبتطبيق الإحصاء على هذه الأصوات لاستخراج نسبة الأصوات الذلقية، نجدها متدرجة في كثرتها، وحسب الجدول الآتي:
الحرف الذلقي |
عدد المرّات التي ورد فيها |
الميم |
73 |
اللام |
57 |
النون |
47 |
الباء |
21 |
الراء |
19 |
الفاء |
11 |
ويكشف لنا هذا الجدول الإحصائي عدد هذه الأصوات التي وردت في الرسالة، عندها يلحظ أنَّها كانت متدرّجة بحسب شيوعها، فقد بلغت (الميم) شيوعاً يفوق الأصوات الأُخرى، يليه في ذلك صوت (اللام)، وبعدها (النون).
ويمكن توجيه تفوّق صوت (الميم) في هذه المقام أُسلوبياً «بكون الميم صوتاً شفويَّ المخرج؛ فلا يتطلَّب تقطيعه مجهوداً؛ فهو خاضعٌ إلى قانون المجهود الأدنى؛ كما أنَّه يتَّخذ من المفردة التي يَرِدُ فيها موقعاً جمالياً بوصفه من حروف الذلاقة»[438].
ويمكن توجيه شيوع صوت (اللام) أُسلوبياً كذلك في خضوعه أيضاً «لقانون الجهد الأدنى في تقطيعه؛ وبحسب اللسانيات فإنَّ التواتر في اللغة يخضع في جملة ما يخضع إلى المجهود الذي يبذله المتكلّم في تقطيع الكلام»[439].
أمَّا (النون) فيشيع في الكلام؛ لأنَّه على درجة عالية من تلطيف وتعديل ذلك الكلام الذي يرد فيه[440]، وهو صوت مجهور تغلب عليه الصفات الضعيفة فهو: متوسط، مسفل، منفتح[441]، أمَّا بقية الأصوات، فهي تلي هذه الحروف الثلاثة شيوعاً في هذه الرسالة بحسب أعدادها.
وعموماً فقد عملت الأصوات الذلقية على إضفاء طابع الخِفَّة والانسيابية في النُّطق دونما تلعثم أو تعثّر، وعندها يتمُّ إيصال المعاني المرادة.
جاء في رسالة سليمان بن صُرَد رادَّاً على كتاب عبد الله بن يزيد بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، للأميرِ عبدِ الله بنْ يزيد، من سليمان بن صُرَد ومَنْ مَعَهُ مِنَ المؤمنين، سلامٌ عليك، أمَّا بعدُ، فَقَدْ قَرَأنا كتابَكَ وفَهِمْنا ما نَويْتَ، فَنِعْمَ والله الوالي، ونِعْمَ الأمير، ونِعْمَ أخو العشيرة، أنتَ والله مَن نأمَنْه بالغيبِ، ونَسْتَنْصِحَهُ في المَشُورةِ، ونَحْمدُهُ على كلّ حالٍ...»[442].
كان استعمال المرسِل لتكرار صوتي (الميم والنون) لافتاً للنظر بما يمكن عدَّه ظاهرة أُسلوبية، فتكرار (الميم والنون) ـ وكلاهما من الأصوات الذلقية المائعة[443] ـ قد كوَّن إيقاعاً موسيقياً هادئاً، كما هو موضح في الجدول الإحصائي الآتي:
الصوت |
عدد التكرار |
الميم |
23 مرّة |
النون |
22 مرّة |
فقد ذهب بعض الدارسين إلى الاعتقاد أنَّ «أكثرَ الحروف ارتباطاً بالصَّوت... حرفا (النون والميم) حتى نراها في أكثر المفردات اللغوية على درجةٍ كبيرةٍ من تعديلِ الصوتِ وتلطيفه»[444]، فـ (الميم) صوت شفوي المخرج، وهو من الصوامت الغنّاء[445]، فتعاضدت غنته مع غنة صوت (النون) التي تحدث من الخيشوم، ونتيجة لتكرار هذين الصوتين تكوَّن الإيقاع الموسيقي الهادئ اللطيف وهو ما يناسب سياق المتكلّم والمخاطب.
إنَّ المحاكاة أو الإيحاءات الدلالية للحدث عن طريق أصوات الألفاظ مدعاة للتأثير في نفس السامع وجذب تنبّهه، إذ إنَّ أسرع نواحي التأثير في المتلقي تعود في الدرجة الأساس إلى ما يحمله النص من موسيقى تطرب لها الآذان، وتهشُّ لها النفوس من خلال ما تنطوي عليه ألفاظه من أصوات لها إيحاء بالمعنى ومحاكاة لأحداثه، وهذا ما وجده البحث في مجال البينة الصوتية لبعض المفردات في خُطب ورسائل ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي، إذ وجده توظيفاً موفَّقاً لألفاظ ذات أصوات لغوية أدَّت المعنى بصفة عامّة، واحتوت على الإيحاءات الدلالية التي وفَّرتها تلكم الأصوات بصفاتها، ومخارجها وانسجامها، وهذا كلّه إنَّما كان في ضوء السياق العام والاستعانة به.
الفصل الثَّالث: المستوى اللَّفظي
نتناول في هذا المستوى دراسة الاختيار والتوظيف الأُسلوبي والقصدي للكلمة من حيث هي صيغة صرفية، إذ إنَّها تؤدّي في النثر الفنّي وظيفة مهمَّة، من باب أنَّ لغة النثر تسمو على لغة الكلام الاعتيادي.
إنَّ لصيغة الكلمة أثراً واضحاً في تشكيل الفكرة، وتصويرها عند المتلقي، لذلك كان على (الناثر) إبراز قدرته في استعمال تلك الصيغة، كي يتسنَّى له التأثير بوقع المعنى الذي تحمله في المتلقي، وإنَّ في هذا التأثير الذي تؤدّيه الكلمة من خلال توظيفها يكشف لنا مدى القيمة البلاغية التي تحملها؛ لأنّ في الكلمة «وظيفة مهمَّة في كلِّ زاوية من زوايا الوجود، ومغزى خاص في الفن يرتبط بالإمتاع والفائدة»[446]، وحين تنحصر دائرتها في الأُسلوبية فإنَّما تتجه على نحوٍ ما إلى الجمال، وعندها فالأُسلوبية في عناصرها كلّها إنَّما تُبْنَى على الجمالِ، وغاياتها كَشْف أسراره التي تكونت في الأُسلوب[447].
ويبقى الاختيار الأُسلوبي للألفاظ محكوماً بإمكانات الحال ومقتضيات المقام، فالمنشئ يميل إلى اختيار بعض الألفاظ من بين عدَّة بدائل متاحة، لتؤدّي مهمتها الأُسلوبية التي تنسجم مع ذلك المقام، وهذا الأمر مهمٌّ في الدراسات الأُسلوبية؛ لأنَّ «مفهوم الاختيار إنْ تَمَّ توظيفهُ بطريقة حصيفة يمكن أنْ يزودُنا بمنظور مُثْمِر في الدراسات الأُسلوبية»[448].
ومن هنا سنتناول دراسة القيمة الجمالية لصيغة الكلمة، وأثرها الدلالي، ثمَّ طبيعة اختيار المنشئ لها في ضوء السياق العام وأساليب الكلام اللغويَّة؛ لأنَّ «للصيغ الصرفية علاقة حاسمة بأساليب اللغة، فثمة كلمات ذات صيغ صرفية معيَّنة تتمتَّع بتعبيرية داخلية، وطبيعة تختلف فيها عن الكلمات الأُخرى»[449].
ويأتي تركيزنا على اللفظة ودراسة الاستعمال الفنّي لها من خلال خصائصها البنائية والمعنوية، بوصفها عنصراً مهمّاً في إيصال الانفعال النفسي إلى المتلقي والتأثير فيه، وكذلك إنَّ البحث في صيغة الكلمة أحد عناصر التحليل الأُسلوبي[450]، وسوف نتناول ذلك في مباحث هي:
1ـ الاختيار والفصاحة.
2ـ الاستعمال والقصد.
3ـ العدول.
لو رجعنا إلى معجمات العربية لوجدنا أنَّ معنى الفصاحة يكاد ينحصر في الإبانة اللفظية للمتكلّم، فـ «الفصاحة: البيان، فَصُحَ الرجل فَصَاحةً، فهو فَصَيح من قومٍ فُصَحاء، وفِصَاحٍ، وفُصُحْ... وكلام فَصِيح أي: بليغ، ولِسانٌ فصيح أي: طَلِقْ... وفَصُحَ الأعجمي، بالضم، فَصاحةً: تكلَّم بالعربية وفُهِمَ عنه»[451].
ولم تخرج الفصاحة اللفظية عن معناها اللغوي، وهو الظهور والبيان فقد جاء في القرآن الكريم حكاية عن نبي الله موسى×: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي...﴾ [452]، وفي الحديث الشريف: «أنا أفصح العرب بيد أنَّي من قريش»[453].
فهي تدلُّ على الظهور والإبانة اللفظية في الكلام، وقد عُنيَ البلاغيون بمسألة الفصاحة اللفظية، واشترطوا لذلك شروطاً، وكان ابن سنان الخفاجي (ت466هـ) من أبرز البلاغيين الذين تناولوا تلكم الشروط في كتابه (سرّ الفصاحة)، إذ وضع لها ثمانية شروط[454] وعدّها، فكلَّما «كانت اللفظة أكثر حيازةً لهذه الشّروط كانت أدخل في باب الفصاحة، وعلى قدر ما تجتمع من أضداد هذه الشروط تبتعد عن الحسن أو الفصاحة»[455]، وهذا ما يتعلّق باللفظة المفردة.
أمَّا ما يتعلّق بالألفاظ المركَّبة، فقد جعلها ابن سنان على قسمين؛ يلتقي القسم الأوَّل منها مع شروط الفصاحة التي وضعها للَّفظ المفرد، عدا بعض الشـروط، والقسم الثاني مختصٌّ بالتأليف، تناول فيه «وضع الألفاظ موضعها حقيقةً أو مجازاً لا ينكره الاستعمال ولا يبتعد فيه»[456]، وجاء بعد ابن سنان بلاغيون علماء أقرَّ بعضهم بهذه الشروط، ونقد بعضهم لجانب منها[457] وسوف نتناول مدى تحقّق هذه الشّروط في خُطب ورسائل الحِقبتين.
1ـ مخارِج حروف اللفظة
لقد عني اللّغويون البلاغيون بمسألة فصاحة اللفظة القائمة على تقارب مخارج الحروف أو بُعدها، واشترطوا ضرورة التناسب الصوتي في ترتيب تلك المخارج لتلكم الحروف التي تؤلّف اللفظة[458]، قال ابن جني (ت392هـ): «واعلم أنّ هذه الحروف كلّما تباعدت في التأليف كان أحسن، وإذا تقارب الحرفان في مخرجيهما قَبُحَ اجتماعهما»[459].
ولقد اشترط البلاغيون في فصاحة اللفظة، أنْ تكون الحروف التي تتألف منها متباعدة المخارج، تفادياً للتأليف المتنافر الذي قد يكون نتيجة تقاربها[460].
فقد ذهب العلوي (ت749هـ) إلى «أنَّه لا بدَّ من مراعاة أُمور في تأليف الكلمة لتكون فصيحة. أوَّلها: أن لا تكون تلك الأحرف متنافرة في مخارجها فيحصل الثقل من أجل ذلك»[461].
أمّا بالنسبة لتلاؤم اللفظة واتّساقها مع أخواتها في السياق، فذلك متأتٍ من سلاستها، وسهولتها، وتمكّنها في استحسان العبارة وقبولها.
من ذلك كانت فصاحة اللفظة وقيمتها الذاتية تكتسب أهميتها بالطبيعة الجرسية، وذلك من خلال الانسجام الصوتي الناتج من تآلفها، وكذلك تكتسب تلك اللفظة أهميتها باتّساقها وتلاؤمها مع بقية الألفاظ في السياق.
على أنَّ البحث في تناوله اللفظة في الـخُطب والرسائل وجد أنَّ هناك معيار آخر يفرض نفسه بعيداً عما قرَّره البلاغيون بشأن تقارب المخارج أو تباعدها، وهذا المعيار هو (ما يستلذّه السمع)، وهو المعيار الذي يُعْنى بجمالية الصوت ذاته، وهي جمالية يُدركها السمع، فتجمل هذه الأصوات حين تفد على السمع، وتقبح حين ترتفع عنه أو يهبط دونه[462].
وقد جاءت مُعظَم ألفاظ الخُطب والرسائل في غاية الفصاحة اللفظية التي تعتمد على هذا المعيار، فهي جميلة الوقع على السمع، سهلة المجرى على اللسان، وليس بين حروفها ما يمكن أن يكون مدعاة للتنافر اللفظي، فهي في أحسن ما يكون من تراكيب وتناسق وأصوات.
وقد قرَّر العلماء في مسألة أُخرى أنَّ حروف الحلق لا تأتلف فيما بينها إذا ما اجتمعت في لفظة واحدة[463]؛ لأنَّها متقاربة في مخارجها، وهذا يجعل اللفظة صعبة على النطق والسمع، وهو ما يخلُّ بالفصاحة؛ «لأنَّ ذلك يستدعي اشتغالاً متواصلاً لأعضاء النّطق بحيث لا يتيسّـر لها أن تستريح، وأن تأخذ مداها حتَّى تعطي الحرف حقَّه من التلفُّظ والسَّمع بسبب اتصال بعضها ببعض»[464]، على أنَّ البحث وجد في الخُطب والرسائل اقتران بعض حروف الحلق المتقاربة في مخارجها، ومع ذلك لم يخلّ ذلك بفصاحة ألفاظها كما نجد ذلك في خُطبة سليمان بن صُرَد بقوله: «أُثني على الله خيراً، وأحمد آلاءَه وبلاءه... فإنّي ـ والله ـ لخائفٌ ألّا يكونَ آخِرُنا إلى هذا الدَّهر... إنَّا كُنَّا نَمُدُّ أعْناقنا إلى قدومِ آل نبيّنا...»[465].
فنجد اقتران بعض حروف الحلق مع بعضها في الألفاظ (أحمد) بين الهمزة والحاء، و(آلاءه) و(وبلاءه) بين الهمزة والهاء، و(أخرنا) بين الهمزة والخاء، و(أعناقنا) بين الهمزة والعين، فقد جاءت هذه الألفاظ سلسة في النطق، رائقة في السمع، غير ثقيلة ولا مستكرهة، فلم يُعكّر تقارب بعض حروفها صفو نطقها، ومثل هذا ما نجده في خُطبة عبد الله بن يزيد لقوله: «قَدْ واللهِ دُلّلتُ على أماكِنِهِم، وأُمِرْتُ بأخْذِهِم، وَقِيل: ابدأهُم قَبْلَ أنْ يبدؤوك، فأبيت ذلك... هذا ابن زياد قاتل الحسين، وقاتل خياركم وأماثِلِكُم، قد توجَّه إليكم، عهدُ العاهد به... وإنَّه قد أقبل إليكم أعدى خلق الله لكم، مَنْ وُلّى عليكم هو وأبوه سبع سنين، لا يُقْلِعانِ عن قَتْلِ أهلِ العَفافِ والدّين»[466].
فالكلمات فصيحة رائقة على الرغم من اقتران بعض حروف الحلْق فيما بعضها، وهذه الكلمات هي: (أخْذِهِم) بين الهمزة والخاء، و(ابدَأهم) بين الهمزة والهاء، (عَهْد) بين العين والهاء، و(أعْدَى) بين الهمزة والعين، و(أهْل) بين الهمزة والهاء.
وإنَّ اجتماع الحروف المتقاربة في مخارجها لم يقتصر على حروف الحلق فقط، بل جاءت في الخُطب والرسائل ألفاظ مؤلّفة من حروف متقاربة في مخارجها من غير أن يفصلها حرف بعيد في مخرجه عنها، ولكنّها مع ذلك لم تكن نابية ثقيلة.
فقد جاء في رسالة ابن الزبير إلى المختار قوله: «أمَّا بعدُ، فإنْ كُنْتَ على طاعتي فَلَسْتُ أكره أنْ تَبعثَ الجيشَ إلى بلادي... وعَجّل عليَّ بتسريحِ الجيشِ الذي أنتَ باعِثُه»[467]، فقد تكرَّرت كلمة (الجيش) مرّتين، وهي مؤلفة من حروف (ج، ي، ش) وهي من مخرج واحد، «من وسط اللسان، بينه وبين وسط الحنك الأعلى»[468]، وعلى الرغم من هذا التأليف المتقارب في مخارجه، إلّا أنَّ هذه اللفظة جاءت حسنة النطق، رائقة على السمع، ولعلّ تأليف الألفاظ من الحروف المتقاربة يكون حسنها وقبحها راجعاً إلى تحكم الذوق السليم، كما مرَّ بالبحث، ولذلك نرى بعض البلاغيين يرجع الحسن في هذه اللفظة، أو في غيرها إلى مسألة الذوق والسمع، قبل تأليف الحروف، فيقول: «فحسن الألفاظ إذن ليس معلوماً من تباعد المخارج، وإنّما علم قبل العلم بتباعدها، وكلُّ هذا راجعٌ إلى حاسة السمع»[469].
وهكذا يتبدَّى للبحث أنَّ مسالة تأليف الألفاظ من الحروف المتباعدة هي مسألة أساس في فصاحة الألفاظ غير أن هذا ليس شرطاً حتمياً، فقد تدخل اللفظة حروف متقاربة، أو تتألّف كلّ اللفظة من تلك الحروف، لكن مع ذلك تحافظ على شرط الفصاحة من دون الخروج عليه.
2ـ طول اللفظة وقصرها
أكَّد الدرس البلاغي على أهميّة استعمال الألفاظ المعتدلة في بنائها، وجعلها شرطاً من شروط الفصاحة، فقد قال ابن سنان فيها: «أنْ تكون الكلمة معتدلة غير كثيرة الحروف، فإنَّها متى زادت على الأمثلة المعتادة المعروفة؛ قبحت وخرجت عن وجه من وجوه الفصاحة»[470].
ولاشكَّ في أنَّ اللفظة إذا كانت معتدلة الوزن في تأليفها كان ذلك سبباً في سهولة نطقها، ولذة سمعها، وطيب مجراها على اللسان، وأنَّ اعتدالها في تأليف حروفها يقرّبها من أُذن السامع، فلا يشعر بثقل جرسها الصوتي، وعلى الرغم من الثقل الصوتي التي تتميَّز به اللفظة نتيجة لطولها، فإنّنا واجدون أنَّ منها على مستوى الاستعمال اللغوي في الخُطب والرسائل قد استعمل بهذا الطول استعمالاً أُسلوبياً وفنياً بما لا يخرجها عن دائرة الفصاحة اللفظية، أي أنَّ الخطيب أو المترسِّل كان يعمد إلى إطالة اللفظة ذلك بأنْ يضيف عليها وحدات أو مقاطع صوتية زائدة على مادّتها الأصلية «ليدفع بالكلمة إلى درجات أعلى من الإيحاء والدلالة، وقديماً لاحظ النحاة أنَّ زيادة المبنى تدلُّ على زيادة المعنى»[471].
وبإحصاء التوظيف الأُسلوبي للألفاظ الطوال وُجدَ أنَّها جاءت غير مستكرهة، لا في سمعها ولا في نطفها في كثير من خُطب ورسائل الحِقبتين، فقد جاء في خُطبة سعد ابن حذيفة بن اليمان قوله: «أمَّا بعدُ، فإنّكم قد كنتم مُجْمِعِين مُزْمِعِين على نصـرِ الحسينِ، وقتالِ عدوّه، فلم يَفْجأكم أوّلُ مَنْ قَتَلَهُ، والله مثيبُكم على حُسنِ النيَّة... وقد بَعَثَ إليكم إخْوانَكُم يَسْتَنْجِدونَكُم ويَسْتَمِدّونَكُم، ويَدعُونَكُم إلى الحقّ وإلى ما تَرْجُون لكم به عند الله أفضلَ الأجرِ والحظّ»[472].
فنجد أنَّ في هذه الخُطبة اختياراً لبعض الألفاظ التي تميَّزت بطولها النسبي قياساً مع ما جاء من الألفاظ الأُخرى، ومنها اللفظتان: (يستنجدونكم) و(يستمدونكم)، من أكثر الألفاظ طولاً في هذه الخُطبة، وهما من الأفعال الثلاثية المزيدة بثلاثة أحرف هي: (الهمزة، والسين، والتاء)، وقد جاءت على صيغة المضارع، وتأتي لمعاني الطلب والسؤال[473]، وقد زِيدَ على بنائها أربعة أحرف، استطاعت أنْ تكسبها طولاً نسبياً، وهي: (الواو، والنون، والكاف، والميم)، فآلت اللفظتانِ إلى ما هي عليه من الطول الصوتي، والأهمُّ من ذلك أنَّ طول اللفظتين قد جاء لغرض أُسلوبي مقصود في الكلام، وهو الزيادة المعنوية التي تفيد التكثير والتأكيد.
وجاء في خُطبة عبيد الله إلى قوله: «أمَا رَأَيْتُمْ إلى انتهاكِ القومِ حُرْمَتَه، واستضعافهم وحدتَه، وتَرْمِيلِهِم إيَّاه بالدَّم، وتَجْرَارِهُمُوهُ على الأرض!»[474].
إذْ نجد أنَّ ألفاظ هذه القطعة من الخُطبة قد تميَّزت بطولها النسبي، ولاسيّما اللفظتين (استضعافهم) و(تَجْرَارِهُمُوه)، أمّا لفظة (استضعافهم)، فهي مصدر على وزن، (اسْتِفْعَال) من الفعل (اسْتَضعف) على (اسْتَفْعَل) المزيد بثلاثة أحرف[475]، ثمَّ أُضيف على هذا المصدر حرفا (الهاء) و(الميم)، فصارت هذه اللفظة متكوّنة من تسعة أحرف.
وأمَّا لفظة (تَجْرَارِهُمُوهُ)، فهي مصدر على وزن (تَفْعَال)، (تَجْرَار) الذي «يكون للتَّكثير والمبالغة»[476]، وقد زيد على بُنيته حروفٌ أربعة هي: (الهاء، والميم، والواو، والهاء)، ليكسب اللفظة ثقلاً صوتياً يتناسب مع المعنى والحدث الذي جاءت للتعبير من أجله، فالبناء يتمتَّع بدلالة إيحائية تُجسِّد الحدث والغلظة، كما أنَّ هذه اللفظة تكوَّنت من أصوات (قويَّة أو مجهورة) ممَّا اكتسبت فخامةً وعلوَّاً صوتياً متميّزاً يتناغم وطبيعة سياق الحدث ومستواه التعبيري.
وجاء في خُطبة سليمان بن صُرَد الخزاعي قوله: «فَقَدْ جاؤوكم بل جِئْتُمُوهُم أنْتُم في دارهم وحَيِّزِهِم، فإذا لَقَيْتُمُوهُم فأصْدقُوهم، واصْبِروا إنَّ الله معَ الصَّابرين»[477].
فنجد أنَّ الألفاظ في هذه الخُطبة قد تميَّزت بطولها النسبي، نتيجة الزيادة على أبنيتها الأصلية، ويطالعنا منها الألفاظ (جئتموهم)، (لقيتموهم)، وأصلهما من الفعل الثلاثي المجرد (جاء) و(لقي)، ثمَّ زِيدَت عليهما خمسة أحرف لتمنحهما ثقلاً صوتياً، وهي: (التاء، والميم، والواو، والهاء، والميم)، وقد استثمر الخطيب هذا الثقل الصوتي للتعبير بإيحائية أكثر عن المعنى، وتجسيده، فثقل اللفظتين وطولهما جاء منسجماً مع ثقل المواجهة مع العدو بالإتيان واللقاء والتكلف، وهذا الانسجام اللفظي مع الحدث هو الذي سوغ اختيار هاتين اللفظتين ومنحهما فعاليَّتهما الأُسلوبية في الكلام.
وممَّا تقدَّم، نجد أنَّ التوظيف الأُسلوبي للألفاظ الطويلة في بنائها إنَّما جاء لينطق بجمالية الأداء والإيحاء بالمعنى، وطلاقة التداول، وهي على الرغم من ثقلها الصوتي التي تميَّزت به، لم تكن نافرة أو قبيحة، بل جاء ثقلها وطولها تعبيراً عن الموقف والإيحاء به، وبهذا لم تخرج عن دائرة الفصاحة اللفظية التي أقرّها البلاغيون من شرط الاعتدال في تأليف الألفاظ، كما أنَّ هذه الألفاظ لم ترد على شاكلةٍ واحدةٍ، بل تنوَّعت إلى أفعال وأسماء، وقد لحقت كلّ منهما السوابق واللواحق على وفق مقتضاها الدلالي.
إنَّ استثمار اللغة في مختلف أنواع الصور التي تَرِدُ عليها أبنيتها مع الاعتماد على الاختيار القصدي لهذه الأبنية، كان لتصوير دلالاتها والوقوف على مراداتها وأغراضها الأُسلوبية الملحوظة.
اشترط البلاغيون لفصاحة اللفظة أن تكون خفيفة الحركات ليسهل النطق بها، وتلذ في السمع، فتنأى بذلك عن حيز الثقل والتنافر[478].
وقد جعل ابن الأثير (ت637هـ) من أوصاف اللفظة أن تكون مؤلفة من حروف ذات حركات خفيفة «إذا توالى حركتان خفيفتان في كلمةٍ واحدةٍ، لم يُستكره ذلك ولا يُستثقل، بخلاف هذا في الحركات الثقيلة؛ فإنَّه إذا توالى منها اثنتان في كلمةٍ واحدةٍ استُكرهت واستُثقلت»[479]، ولهذا استُثقلت الضمّة على الواو، والكسرة على الياء، للتماثل بينهما في جنس الصوت؛ «لأنَّ الضمّة من جنس الواو، والكسرة من جنس الياء، فتكون عند ذلك كأنَّهما حركتان ثقيلتان»[480]، ولذلك نجد أنَّ «أهل اللغة يميلون بطبعهم إلى تخفيف الكلام؛ توفيراً للجهد العضلي المبذول فيه»[481]، ولذلك يعملون على تغيير بعض الأصوات ما أمكنهم التَّخفيف في نطقها والانسجام الصوتي فيها، وليحققوا بذلك شرط الفصاحة الناتج عن خِفَّة النّطق وتوالي الحركات ومرونتها.
وهذا ما نجده في كثير من ألفاظ الخُطب والرسائل لهاتين الحِقبتين، فمن ذلك ما جاء في خُطبة عبيد الله المرّي عند وصفه لِمَا جرى على الحسين× من أعدائه، فقال: «اتَّخذوه للنَّبل غَرَضَاً، غادَروه للضّباع جَزَرَاً»[482].
فنجد الألفاظ (غَرَضَاً) و(جَزَرَاً)، وهي رائقة في النطق بسبب خفّتها المتأتّية من توالي (الفتحة) ثلاث مرّات، إذ منحت اللفظتين مرونة نطقية؛ لأنَّ الفتحة أخفّ الحركات كما ذهب إلى ذلك القدماء[483]، ولأنَّ الفتحة صائِت قصير، وهي بعض الألف من الحركات الخفيفة «وسبب ذلك سرعة النطق بها، ومضاؤه من غير عَناءٍ يلحقه ولا كُلْفة»[484]، ثمَّ إنَّ توالي هذه الفتحات عمل إلى جانب الخّفة النطقية وضوحاً صوتياً وسمعياً، إلى جانب ما منحت اللفظتين من صفة الفصاحة اللفظية.
ومثل هذا نجده في خُطبة المختار الثقفي حين قدم الكوفة واصفاً سليمان بن صرد لقوله: «إنَّ سُليمانَ بنَ صُرَدْ يرحمنا الله وإيَّاه، إنَّما هو عَشَمَة من العَشَم، وحِفْشٍ بالٍ، لَيْسَ بِذي تَجْربة للأُمور»[485].
فنجد في قوله: (عَشَمَةٌ من العَشَم) أَنَّ توالي الفتحات كان سبباً في سلاسة النطق، فضلاً عن وضوحها السمعي وتحقيقاً للفصاحة النطقية، ثمَّ إنَّ توالي الفتحات قد أصبح من جزئيات قيمة الألفاظ ضمن سياقها.
ومن جانب آخر فاللسان العربي لا يسوّغ كثيراً الانتقال والخروج من حركة (الكسـرة) إلى حركة (الضمة)؛ وذلك لأنَّ في هذا الانتقال خروجاً ممّا هو جزء من (الياء) إلى الضم الذي هو شيء من (الواو)[486] فكأنَّهما حركتان ثقيلتان، وقد جاءت الخُطب والرسائل بألفاظ قد تحقَّق فيها هذا الانتقال الثقيل لكنَّها مع ذلك كانت سائغة على اللسان والسمع. من ذلك ما جاء في خُطبة عبد الله بن يزيد لقوله: «وتِلكَ واللهِ أُمنيَة عدُّوِكُم، وإنَّه قَدْ أقبلَ إلَيْكُمْ أعدى خلْقِ الله لَكُم... فاسْتَقْبِلُوهُ بِحدّكُمْ وَشَوْكَتِكُمْ واجْعَلُوها به، ولا تَجْعَلُوها بأنْفُسِكُمْ»[487].
فنجد الألفاظ (عَدُوِكُم، حَدِكُم، شَوَكتِكُم، أنفُسِكُم) قد تَمَّ فيها الانتقال من الكسـرة إلى الضمّة، ومع ذلك الانتقال الثقيل فقد حافظت على رائقيتها في السمع، ولربَّما كان المقام قد سمح بحصول ذلك.
ونجد استثقالاً
نطقياً آخر في توالي الضمَّات في الألفاظ، أو اللفظة الواحدة؛ ذلك لأنَّ الضمَّة
ثقيلة في النطق فضلاً عن تكرارها الذي يزيد النطق عندها صعوبةً، قد يخرجها من
دائرة الفصاحة، ولكنّنا نجد بعض البلاغيين يُحَكّم الذَّوق في هذه المسألة أيضاً؛
لأنَّه قد تتوالى الضمَّات في اللفظة ولا يكون هناك ثقل نطقي كما في لفظة (نُذُر)
في قولهI:
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا
بِالنُّذُرِ) [488]، ولفظة (سُعُر) في قولهI:
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ
وَسُعُرٍ) [489]، فالمسألة إذاً مسالة
ذوقية في حكمها، ولذلك نجد ورود مثل هذه الألفاظ في بعض النصوص من غير أنْ يكون
هناك مراعاة للتنافر والثقل الصوتي، فنحو ذلك ما ورد في خُطبة المسيب بن نجبه
الفزاري: «وقَدْ بَلَغَتْنَا قَبْلَ ذلك كُتُبُهُ، وَقَدِمَتْ عَلَيْنَا رُسُلُهُ»[490]، وممَّا ورد في خُطبة
سليمان بن صُرَد قوله: «إنَّا كُنَّا نَمُدُّ أعْناقَنا إلى قدومِ آلِ نَبِيِنا
ونُمَنّيهِم النَّصـر ونَحُثُّهُم على القُدُوم»[491].
فنجد أنَّ اللفظتين (كُتُبُهُ) (رُسُلُهُ) قد توالت فيها أربع ضمَّات متتالية لم يفصلهما حركة مغايرة أو سكون، ولكنَّهما مع ذلك جاءتا سهلتين في النطق، بل سائغتين رائقتين على السمع، وإنَّما كان ذلك بتحكيم الذوق على هاتين اللفظتين على الرغم من أنَّ بعض البلاغيين اشترطوا ضرورة أن تكون الحركات متباينة، حتى يَحْكُم بفصاحتها، لكنَّ الشـرط ينكسر هنا، ويحلُّ محلَّه تحكيم الذوق والسمع كما فعل ذلك ابن الأثير من ذي قبل، أو قد يرجع قبول تتالي الضم إلى «انسجام تلك الحروف، وهي أصوات صامتة أو ساكنة مع حركة الضم، وهي صوت مَدّ قصير. وقد يخضع الأمر في ذلك إلى السياق الذي ترد فيه اللفظة، وما يتبَع ذلك من مؤثّرات ذوقية أو نفسية»[492].
وأمَّا الألفاظ (نمُدُّ) و(نحَثُّهُمُ)، فنجد أنَّ توالي الضمّات لا يشكل ثقلاً صوتياً في طبيعته، ولعلّ الثقل اللفظي إنّما كان بتشديد (الدال) و(الثاء)، ليؤدّي غرضاً معنوياً في نفسه، وهو الدلالة على التكثير، وقد أفاد التشديد اللفظي فائدة نطقية، وهي فصل ما بين الضمّات المتتالية بفاصل، وهو السكون أو بالأحرى الحرف الساكن؛ ذلك لأنّ التشديد إنّما يكون بإدغام حرف ساكن بآخر متحرك، فيكون السكون منطقة وقف تفيد اللسان راحة في أثناء النطق.
فاللفظ بفكّ التشديد(نَمُدْدُ)، فالدال الساكنة منعت تتالي هاتين الضمّتين واللفظ بفكّ التشديد(نَحُثْثُهُم)، فالثاء الساكنة منعت تتالي ثلاث ضمّات، ويتضح ممّا تقدّم أنّ اختيار المنشئ للألفاظ وحسن استعمالها في موضعها المتقدّم، هو الذي يعطيها الميزة الجمالية، وإنْ كانت حروفها مدعاة للثقل والاستكراه.
من شروط فصاحة اللفظة المستعملة في الكلام أنْ تكون مألوفة غير وحشيّة غريبة[493]، حتى يسهل على المتلقي فهمها وإدراكها من غير أنْ يشوب ذهنه غرابتها أو يكدّه لمعرفة معناها، «ويُعد ابن المقفع (ت142هـ) من أوائل مَن نبّه الكُتّاب إلى أهمية تجنّب الغريب والمتوعّر من الألفاظ»[494]، وقد أكد الباقلاني (ت403هـ) «أنَّ الكلام موضوع للإبانة عن الأغراض التي في النفوس، وإذا كان كذلك وجب أنْ يُتخيَّر من اللفظ ما كان أقرب إلى الدلالة على المراد، وأوضح في الإبانة عن المعنى المطلوب، ولم يكن مستكره المطلع على الإذن، ومستنكر المورد على النفس، حتى يتأبَّى بغرابته في اللفظ عن الإفهام، أو يمتنع بتعويص معناه عن الإبانة»[495]. ويبدو أنَّ ألفاظ الخُطب والرسائل في هاتين الحِقبتين قد جاءت ـ في غالبها ـ فصيحةً واضحةً لا يشوبها الغريب الوحشي؛ وذلك لأنَّ ظروف الثورة ربَّما لا تسمح بهذا التفنن والتزويق، يُستثنى من ذلك بعض خُطب ورسائل المختار الثقفي التي اتَّشحت بالغريب، ولعلَّ ذلك كان ظاهرة أُسلوبية تدلُّ على التأنُّق والإعداد في هذا العصر.
وعلى الرغم من التعارض القائم بين غرابة اللفظة، وبين فصاحتها القائمة على الإبانة، فإنَّ اختيار هذا الغريب لا يعني خروجه تماماً عن دائرة الفصاحة التي أقرَّها البلاغيون، بل نجد أن ابن الأثير يؤكّد أنَّ الوحشي لا يشترط فيه «أنْ يكون مستقبحاً، بل أن يكون نافراً لا يألفُ الأُنس، فتارةً يكون حَسَناً، وتارةً يكون قبيحاً، وعلى هذا؛ فانَّ أحد قسمي الوحشي ـ وهو الغريب الحسن ـ يختلف باختلاف النسب والإضافات»[496]، بمعنى أنّ هذه الألفاظ في وضعها السياقي يؤثر كثيراً في قيمتها الفنية، فتكون حَسنة على الرغم من وحشيتها، ويقول: «وأمَّا القسم الآخر من الوحشي الذي هو قبيح، فإنّ الناس في استقباحه سواء، ولا يختلف فيه عربيٌ بادٍ ولا قرويٌ متحضّر»[497].
ونجد اختيار الألفاظ الغريبة في بعض خُطب المختار الثقفي ورسائله[498]، وأمّا بقيَّة الخُطب والرسائل التي جاءت في الحِقبتين، فقد خلت من الألفاظ الغريبة عموماً.
ونجد في خُطبة المختار الثقفي اختيار طائفة من الألفاظ الغريبة: «أمَا وربِّ البحار، والنخيل والأشجار، والمَهامِه والقِفَار، والملائكةِ الأبرار، والمُصطَفَين الأخيار، لأقتلنَّ كلَّ جبَّار، بكلِّ لدْن خَطَّار، ومهنَّد بَتَّار، في جُموع من الأنصار، ليسوا بميّل أغمار، ولا بعزَّلٍ أَشرار»[499].
فالألفاظ (المهامه)[500]، (اللَّدن)[501]، (الخطَّار)[502]، (الميَّل)[503]، (الأَغمار)[504] ألفاظ غير مألوفة، اعتمد المختار أن يودعها في خُطبته.
ونجد هذا الصنيع في خُطبة أُخرى له قائلاً: «إنَّ نُفَيْراً مِنْكُم ارتابوا، وتحيَّروا وخابوا، فإنْ هُم أصابوا؛ أقبلوا وأنابوا، وإنْ هُم كبُوا وهابوا، واعتَرَضوا وانجابوا؛ فقد ثبروا وحابوا» [505].
فالألفاظ الغريبة (انجابوا)[506]، (ثبروا)[507]، (حابوا)[508] قد اتَّشح بها النص بشكل ملحوظ.
إنَّ شيوع هذا العدد من الألفاظ الغريبة في هذين النصين ـ اللَّذين ربَّما يكونان قصيرين بعض الشيء ـ قد أعطى كلّ واحدٍ منهما سمته الأُسلوبية في الخروج عمَّا هو مألوف ومتعارف عليه، وهو ممَّا يجعل المتلقي مشدوداً نحو النص، عاملاً فكره في تمحيص ألفاظه، وتبيان ما غمض منها، لتتكون عنده المعرفة الكافية بتمكن المنشئ من لغته تمكُّنا أفصح عنه هذا الإغراب المقصود، وفي خُطبة أُخرى له يقول: «يا مَعْشَـرَ الشّيْعة؛ إنَّ نَفَراً مِنْكُم أحبُّوا أنْ يَعلمُوا مُصداق ما جِئْتُ به، فرحلوا إلى إمام الهُدى، والنَّجِيبِ المُرتضى ابنِ خيرِ مَنْ طَشَى وَمَشَى، حَاشَا النّبيّ المُجْتَبَى»[509].
فنجد في هذا النص أنَّ المختار قد آثر الإغراب اللفظي على شاكلة الخُطبتين السابقتين، ولكن هذه المرَّة اختار لفظة في غاية الغموض والغرابة، ألا وهي كلمة (طَشَى)، يقول أحمد زكي صفوت معلّقاً على هذه اللفظة الغريبة: «ولم أجد كلمة (طَشَى) في كتب اللّغة، وفي لسان العرب (تَطَشَّى المريض بريء)، وليست مناسبة هنا، وأرى أنَّ العبارة (ابن خير من مشى وطشى) بتأخير طشى، وأنّه اتباع للفعل قبله لتقويته وتوكيده، وهو كثيرٌ في كلام العرب كقولهم: حَسَن بَسَن، و: عِفْرِيت نِفْرِيت، و: عَطْشان نَطْشان...»[510]. ويبدو أنَّ هذا التصرُّف في الألفاظ من قبل المختار قد أفصح عن مقدرته في ارتجال اللغة وتوليدها، وقد ترتَّب على ذلك غموضاً وغرابةً لفظيةً، وأنَّ هذا التصرُّف في اللغة كان شائعاً في أدب العصر الأُموي نثراً كان أم شعراً، وقد أشار أبو الفتح عثمان بن جني إلى تصرُّف بعض الرجَّاز كالعَجَّاج (ت97هـ) وابنه رؤبة (ت145هـ) باللغة وتوليدها وما يترتَّب على ذلك من إيغالهما في الغريب[511].
إذاً؛ كان ميل المختار وإسرافه في استعمال الألفاظ الغريبة أمراً طبيعياً وشائعاً في ذلك العصر.
وجاء في خُطبة له حين سار إليه مصعب بن الزبير لمقاتلته: «إنَّ فُرَّارَكُمْ الذين بَغوا عليْـكم أتوا أشْبَاهَهُم مِنَ الفاسقين فاستغوَوهم عليْكُم ليُمْصَح الحق، وينْتَعِش الباطل، ويُقتل أولياءُ الله، والله لو تهلكون ما عُبِدَ الله في الأرضِ إلّا بالفَرْيِ على الله»[512].
ففي هذه اختار ـ على عادته ـ الغريب اللفظي في قوله: (يمصح الحق)، وهي بمعنى يزول وينقطع[513]، وكان باستطاعته أن يأتي بلفظة مألوفة مرادفة لها تعبّر عن الدلالة نفسها لكنه اختار هذه اللفظة ليُعبّر عن دلالة إيحائية يجدها فيها، ربَّما لا يُعبِّر عنها غيرها، نظراً لما تحتويه من أصوات موحية في سياقها، وهو التعبير عن انقطاع الحقِّ الذي كان المختار يجده في نفسه.
وهكذا يميل المختار إلى اختيار الألفاظ الغريبة في بعض خُطبه ورسائله، ليُضفي عليها طابعاً أُسلوبياً غايته جذب المتلقّي نحوه والتأثير فيه، وهو لم يخرج به عن شرائط الفصاحة اللفظية المعتمدة.
لعلَّ الجاحظ هو أوَّل العلماء الذين عوَّلوا على مسألة استعمال اللفظة المناسبة لمعناها، فذكر أنَّه متى شاكل «اللفظ معناه، وأعرب عن فحواه، وكان لتلك الحال وفقاً، ولذلك القدر لِفقاً، وخرج من سماجة الاستكراه، وسلم من فساد التكلَّف، كان قميناً بحسن الموقع، وبانتفاع المستمع»[514].
وقد نبَّه ابن جنّي إلى أهمية استعمال اللفظة الملائمة للمعنى وأثرها في داخل السياق[515].
وقد عنيت الدراسات الأُسلوبية الحديثة بمسألة الاستعمال اللفظي التي عرض لها القدماء، ونالتْ منهم كثيراً من الاهتمام، حتى كانت هذه العملية مكوناً أساسياً من عملية التشكيل الأُسلوبي، وهي في جوهرها: اختيار شكل تعبيري واحد من بين مجموعة أبدال متاحة[516]، وبهذا يكون الاختيار القصدي والدلالي لكلمات معينة هو الذي يحدد سمة الأُسلوب؛ لأنَّ الصياغة اللغوية والفنية للأُسلوب إنَّما تبتدئ من اختيار اللفظة واستعمالها[517]، لذا كان على المنشئ أن يختار من الألفاظ ما يناسب المعنى الذي يُريد توصيله إلى المتلقي؛ لأنّ «خير الكلام مَن اجتهد منشِئه في ترتيب مبانيه وتدقيق معانيه، حتى يهدي القارئ إلى ما أودعه فيه من الخواطر ولطائف المعاني»[518].
ومن هنا تميَّز النثر الفني في هاتين الحِقبتين بسمة الاستعمال القصدي للألفاظ ذات القيمة الدلالية المؤثرة في سياقها التعبيري من خلال اختيارها، وعندها يقوم الاختيار الأُسلوبي في هذا الصدد على أساسين:
الأوَّل: إنَّ اللفظة المختارة (المستعملة) تفوق في أداء وظيفتها ألفاظاً أُخرى.
الثاني: إنَّ اللفظة المختارة (المستعملة) تتميَّز ببنية وظيفية معيَّنة تمكّنها من دقَّة التعبير عن المعنى المراد منها:
ذهب اللغويون إلى أنّ الاسم يُفيد معنى الثبوت؛ والسرُّ في ذلك أنَّه «غير مُقيَّد بزمن من الأزمنة، فهو أشمل وأعمّ وأثبت»[519]، ومن هذا المنطلق كان على المنشئ أنْ يستعمل صيغة الاسم، ليُعبّر بها عن ثبوت المعنى الذي يُريده، فضلاً عن أنَّ الاسم يُعبَّر به عن معانٍ ربَّما لا يُعبّر عنها غيره، كالتعريف، والتنكير، والتأنيث والتذكير، والجمع وغيرها[520]، ويتخذ الاسم أشكالاً مختلفةً سوف نعرض لطائفة منها وبحسب التوظيف الأُسلوبي لها من المنشئ، وعلى وفق مبدأ الاختيار والقصد لهذه الصيغة أو تلك، على أساس أنَّ للصيغ الصـرفية مؤشرات أُسلوبية من حيث مناسبة إحداهما دون الأُخرى بمعناها فيتمُّ اختيارها من دون الأخرى[521].
اسم الفاعل: وهو الاسم ال»ذي يُصاغ للدلالة على الحدث، ومَن قام به[522].
وقد اختلف النحاة في بناء اسم الفاعل للفعل الثلاثي، فذهب بعضهم إلى أنَّ له بناءً واحداً وهو (فاعل)[523]، وذهب بعضهم الآخر إلى أنَّ لاسم الفاعل أبنيةٌ متعدِّدة وإنَّ بناء فاعل يكون قياسياً[524]، أمَّا صياغة اسم الفاعل للثلاثي المزيد، فهو على صورة واحدة في جميع الأفعال، وهي على صورة المضارع المبني للمعلوم مع أبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وكسر ما قبل آخره إنْ كان مفتوحاً[525].
وإنّ استعمال اسم الفاعل راجعٌّ إلى ما يُميّز دلالته من جمعها بين سمات كلٍّ من الفعل والاسم معاً، فقد اتَّفق النُّحاة على أنَّ اسم الفاعل يدلُّ على التجدُّد والحدوث[526]، كما هو الشأن في (الفعل)، وقد ذهبَ أبو زكريا الفرَّاء (ت207هـ) ـ من الكوفيين ـ إلى جعله قسيماً ثالثاً للفعل الماضي والمضارع، وسمَّاه بـ(الفعل الدائم)[527]، وقد يدلُّ على معنى الثبوت كما هو الشأن في (الاسم)، فقد ذهب أبو حيان الأندلسي (ت745هـ) إلى أنَّه يدلُّ على الثبوت[528]، مخالفاً بذلك جميع النحاة الذين يتَّفقون على دلالة الحدوث في اسم الفاعل[529].
وكان الأمر مثار خلاف في الدراسات اللغوية الحديثة، فوافق بعضهم على تقسيم الكوفيين[530] في حين وضعه آخرون بقسم خاص، وجمعوه تحت مصطلح (الصفة)[531].
وكان لتلك الطبيعة المزدوجة لاسم الفاعل بأن صار مشتركاً بين الدلالة على التجدّد والحدوث من زاوية النظر إليه كـ(فعل)، وبين الدلالة على الثبوت من زاوية النظر إليه كـ(اسم)، ومن هذا المعنى المزدوج فيه جاء توظيف صيغته في بعض خُطب الحِقبتين، كما في خُطبة سليمان بن صُرَدْ الخزاعي لقوله: «أمَّا بعدُ أيّها الناس، فإنّ الله قد علم ما تنوون، وما خرجتم تطلبون، وإنَّ للدنيا تجاراً، وللآخرة تجاراً، فأمّا تاجر الآخرة فساعٍ إليها، منتصب بتطْلابها، لا يشتري بها ثمناً، لا يُرى إلّا قائماً وقاعداً، وراكعاً وساجداً، لا يطلب ذهباً ولا فضَّة، ولا دنيا ولا لذَّة، وأمَّا تاجر الدنيا، فمكبٌّ عليها راتعٌ فيها، لا يبتغي بها بدلاً، فعليكم يرحمكم الله في وجهِكم هذا بطول الصلاة في جوف الليل، وبذكر الله كثيراً على كلّ حال، وتقرَّبوا إلى الله جلَّ ذكره بكلّ خيرٍ قدرتم عليه، حتى تلقَوا هذا العدوّ والمُحلَّ القاسط فتجاهدوه، فإنّكم لن تتوسَّلوا إلى ربّكم بشيء هو أعظم عنده ثواباً من الجهاد والصَّلاة، فإنَّ الجهاد سنامُ العمل، جعلنا الله وإيّاكم من العباد الصالحين المجاهدين الصابرين على الّلأواء، وإنّا مُدْلِجون[532] الليلة مِن منزلنا هذا إنْ شاء الله فأدلجوا»[533].
فقد استعمل صيغة اسم الفاعل (فاعل) في خُطبته قصداً، لمِا تحمله من الصفات المزدوجة (التَّجدُّد أو الثَّبوت)، وعندها كانت الميزة الأُسلوبية في التعبير باسم الفاعل مكرَّراً؛ ذلك أنّ صفات المؤمنين والكافرين تتجدّد ويتكرّر حدوثها، وهي ثابتة فيهم بتعاقب الأيّام، ثبوتاً أكيداً، فطلاب الآخرة ساعون إليها راغبون فيها، وأمّا طلاب الدنيا، فهم يلهثون وراءها طالبين حطامها.
ومن ذلك نقف على الأثر الأُسلوبي والفنّي الذي أدّته صيغة اسم الفاعل في صورتها (فاعل)؛ إذ تم توظيفها من المنشئ على أحسن ما يكون، لكي تدلّ تلك الصيغة الواحدة بما جمعت من التجدد والثبوت على تلك المقابلة المقصودة بين طلاب الدنيا (تجارها) وطلاب الآخرة (تجارها)، وما يترتب عليها من تجدُّد في تلك الصفات أو ثبوتها.
وقد وقع استعمال صيغة اسم الفاعل من الفعل غير الثلاثي في كتاب سعد بن حذيفة إلى ابن صُرَدْ: «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى سليمان بن صُرَدْ، من سعد بن حذيفة ومن قِبله من المؤمنين، سلامٌ عليكم، أمَّا بعدُ، فقد قرأنا كتابَك، وفهِمنا الذي دعوتنا إليه... فقد هُديتَ لحظّك، ويُسـّرت لرشدك، ونحن جادّون مجدّون، معِدّون مسْرجون مُلجمون ننتظر الأمر، ونستمع الداعي...»[534].
فقد قصد المرسِل إلى استعمال صيغة اسم الفاعل مع تكرارها؛ وذلك لأنّ التعبير بها يدلُّ على ثبات أو تجدُّد الوصف الذي أراده المرسِل، فهو وأصحابه على أُهبة الاستعداد متهيئون للخروج، وهي صفة ثابتة ومتجدِّدة فيهم لا يحيدون عنها، وجاء تكرار هذه الصيغة ليدلّ على تكرار التجدُّد والثبات في صفة الاستعداد والتأهّب، وأنّ اختيار التعبير باسم الفاعل من دون اختيار صيغة الفعل مثلاً، وذلك له أسبابه؛ لأنَّ اسم الفاعل أكثر حدّة ومباشرة من الفعل في صيغة الماضي أو المضارع، علاوة على ذلك فإنّ اسم الفاعل يُفيد الإطلاق والاستمرار[535]، في حين يتقيَّد الفعل بزمان محدَّد[536]. ومن هذا السياق تتَّضح الخاصية الأُسلوبية لاختيار هذه الصيغة واستعمالها عن غيرها في هذا الموقف.
ونجد استعمال صيغة اسم الفاعل في خُطبة المختار بعد هرب ابن مطيع: «فسمعنا دعوة الداعي، ومقالة الواعي، فكم من ناعٍ وناعية، لقتلى في الواعية، وبُعداً لمَن طغى...»[537].
فقد وقع الاختيار لهذه الصيغة لما تحمله من صفات الثبوت أو التجدّد، فذلك لكونها تحمل الخصائص الاسمية والفعلية في آن واحد، ولعلّ السبب يكون ثانوياً بالنسبة إلى الخطيب، أمّا السبب الرئيس لاختيار هذه الصيغة هو لأجل إقامة السجع والتوازن بين فقرات الكلام، وهو سبب فنّي أكثر ممّا هو سبب لغوي، وعموماً أكان هذا السبب أم ذاك، فقد استطاع الخطيب أن يستثمر هذه الصيغة، فيوصل الأفكار إلى ذهن المتلقّي من خلال التقابل بين إيراداته واستعمالاته.
اسم المفعول: وهو الاسم الذي يُصاغ للدلالة على الحدث ومَن وقع عليه[538]، وهو «لا يفترق عن اسم الفاعل إلّا في الدلالة على الموصوف، فإنَّه في اسم الفاعل يدلُّ على ذات الفاعل كـ(قائم)، وفي اسم المفعول يدلُّ على ذات المفعول كـ(منصور)»[539].
ويُصاغ اسم المفعول من الفعل الثلاثي على زنة (مفعول)، ويُصاغ من غير الثلاثي على زنة مضارعه المبني للمجهول، بإبدال حرف المضارعة (ميماً) مضمومة وفتح ما قبل الآخر[540].
أمّا السِمة الأُسلوبية في اختيار اسم المفعول واستعماله في الكلام، فـ«يقال فيه ما قيل في اسم الفاعل من حيث دلالته على الحدوث والثبوت، فهو يدلّ على الثبوت إذا ما قيس بالفعل، وعلى الحدوث إذا ما قيس بالصفة المشبهة»[541]، وهناك صيغ أُخر تدلُّ على اسم المفعول كصيغة (فعيل)، وسنقف عندها لبيان وظيفتها الأُسلوبية من خلال استعمالها.
فقد جاء استعمال اسم المفعول بصيغتيه المعروفتين في خُطبة رفاعة بن شداد البجلي: «أمَّا بعدُ، فإنّ الله قد هداك لأصوَب القَوْلِ، ودعوتَ إلى أرشَدِ الأُمورِ، بدأت بحمدِ الله والثّناء عليه، والصلاة على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ودعوتَ إلى جهاد الفاسقين وإلى التوبة من الذنب العظيم، فمسموعٌ منك، مستجابٌ لك، مقبولٌ قولُك، قلت: ولّوا أمرَكم رجلاً منكم... فإن تكنْ أنتَ ذلك الرجل تكنْ عندنا مرضيّاً، وفينا مُتَنَصّحاً وفى جماعتنا مُحباً، وإنْ رأيت ورأى أصحابُنا ذلك ولّيْنا هذا الأمرَ شيخَ الشيعة... وذا السابقة والقِدَم سليمان بن صُرَد المحمود في بأسه ودينه، والموثوق بحزمه...»[542].
فقد قصد الخطيب استعمال اسم المفعول بصيغتيه إذ جاء به من الفعل الثلاثي ومن الفعل المزيد عليه، فأمّا المُصاغ من الثلاثي: (مسموع، مقبول، مرضيّ، المحمود، الموثوق)، وأمَّا من غير الثلاثي، فكان في: (مستجاب، متنصّحاً، محبّاً) وعليه فاستعمال اسم المفعول له ما يُسوغه في هذا المقام؛ ذلك أنّه يدلّ على الثبوت في الزمن فهو كالصفة المشبَّهة [543]، وهذا ما يلائم الثبوت والدوام والاستمرار في الطاعة والقبول، وأدّى هذا الاختيار بالصيغة وتكرارها المعنى بأوجز ما يمكن أن يكون، ليحقّق الغرض بطريقة يسيرة، فإذا ما علمنا أنّ اسم المفعول هو الذي يُصاغ للدلالة على الحدث، ومَن وقع عليه[544] أدركنا مدى الطاعة والاستجابة اللّتين كشف عنهما المنشئ، بكونه فرداً من هؤلاء التوّابين؛ لأنّهما الهاجس الوحيد الذي يدور في خلده، لاختيار قائد لهم، يقودهم في حركتهم وقتالهم، فجاء بصيغة اسم المفعول لما تمتلكه من هذه الخصائص المنسجمة في أداء المقصود.
وقد وقع الاختيار في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين، لصيغ أُخرى تدلّ على اسم المفعول واستعمالها، لكنَّها لا تبلغ من الكثرة بقدر ما هي عليه الصيغتان المعروفتان، وإنَّما جاء اختيارها لتؤدّي أغراضاً أُسلوبية ووظيفية لا تستطيع الصيغتان المذكورتان التعبير عنها، فجاء استعمالها على وفق مقتضيات المقام، وإمكانات الأحوال، ومن هذه الصيغ: صيغة (فعيل) الذي يستعمل بمعنى مفعول، نحو: (قتيل، وجريح، وكسير)، وقد ذكر ابن مالك (ت672هـ) أنَّ هذا البناء سماعي ـ وهو ما يستوي فيه المذكر والمؤنث ـ غير أنَّ ابن عقيل (ت769هـ) ذكر أنَّ بعضهم يزعم أنَّ (فعيل) هو «مقيسٌ في كلِّ فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل كجريح، فإن كان للفعل فعيل بمعنى فاعل لم يَنُبْ قياساً، كـ: عليم»[545]. ومن الطبيعي أن يكون لهذه الصيغة وظائف تتفرَّد بها لا تؤدّيها صيغة (مفعول) المعروفة، وإلّا لم يقع اختيارها من دون صيغة (مفعول).
وقد استنتج الدكتور فاضل السامرائي من خلال النصوص الواردة عن النحاة القدماء، أنَّ (فعيل) بمعنى (مفعول) يختلف عن مفعول في ثلاثة أُمور من حيث الثبوت والاتصاف والشدّة[546]، وبذلك يتبيّن السمة الأُسلوبية في استعمال هذه الصيغة بدلاً من الصيغة المعروفة، ويمكن الوقوف عند ذلك كما في خُطبة سليمان بن صُرَدْ الخزاعي حينما خاطب قومه بقوله: «لا تَقتلوا مُدْبِراً، ولا تُجهزُوا على جَريح، ولا تَقتلوا أسيراً مِن أهل دَعوتِكم»[547].
فقد استعمل الخطيب صيغة (فعيل) ليُعبّر بها عن (اسم المفعول) بدلاً من صيغته المعروفة (مفعول) في قوله: (جريح، وأسير)، وذلك للتعبير عن ثبوت هذه الصفات بصاحبها؛ لأنَّه لا يُقال جريح إلّا إذا جُرِحَ بالفعل، ولا يقال أسير إلّا إذا أُسِرَ، في حين أن (مفعول) قد تُطلق على ما اتصف به صاحبه أو لم يتصف به[548]؛ ولذلك آثر الخطيب اختيار هذه الصيغة فقصدها استعمالاً بدلاً من الصيغة المعروفة.
وجاءت كذلك في رسالة المختار الثقفي إلى محمد بن الحنفية لقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، للمهدي محمد بن علي... أمَّا بعدُ، فإنّ الله بعثني نقمةً على أعدائكم، فَهُم بين قتيلٍ وأسيرٍ وطريدٍ وشريد...» [549].
فقد استعمل المنشئ صيغة (فعيل)، وهي تدلُّ على اسم المفعول، إذ جاء ذلك الاستعمال مشفوعاً بالتكرار ليُصوِّر حال أعدائه أدقّ تصوير؛ لأنّ صيغة (فعيل) تؤدّي ميزات أُسلوبية لا تؤديها الصيغة المألوفة لاسم المفعول، فمن هذه الميزات: «إنّ صيغة فعيل لها ظلالٌ وإيحاءاتٌ متعددةٌ، فهي تأتي للمبالغة، وتأتي صفة مشبهة، وتأتي مصدراً وغير ذلك، فقد يكون السرُّ في اختيارها هو الإفادة من ظلال تلك الصيغة المتعدّدة المعنى»[550]، وكذلك فقد صوّر المختار الشدّة في الاقتصاص من قتله الإمام الحسين× من خلال استثمار هذه الصيغة مع تكرارها، إذ إنّ (فعيل) لم يصلح إلّا حيث يكون معنى الحدث فيه أشدّ، وكان هذا الاستعمال ملمحاً أُسلوبياً مقصوداً، فالاستعمال الدال لصيغة كلمة بذاتها مع تكرارها ظاهرة أُسلوبية ملحوظة، تجذب تنبّه القارئ أو السامع نحو النص.
إنَّ استعمال صيغة المصدر في الكلام له أسبابه التي تُسوّغه، فالمصدر هو الاسم الذي يدلّ على الحدث مجرداً من الزمن[551]، فهو يُمثل الحدث نفسه، بخلاف الفعل الذي يتحدث عن الحدث[552]، وهذا الفرق بين المصدر والفعل يُشير إلى الاختلاف في وظيفة كلّ منهما، فدلالة المصدر دلالة مطلقة غير مقترنة بزمن، ودلالته على الحدث تمنح التعبير قوةً واتساعاً. أمّا الفعل فإنّه يقتضي تجدّد المعنى المثبت به شيئاً بعد شيء[553]، وهذا ما يُفسّر لنا اختيار المصدر في الكلام بدلاً من الفعل، وعندها يقوم المصدر مقام الفعل، فيمنح التعبير قوّة لا يمكن للفعل أن يؤدّيها.
وللمصدر صيغ متعدِّدة[554]، فقد وقع توظيف بعضها على مبدأ الاستعمال القصدي، من ذلك ما ورد في رسالة سليمان بن صُرَدْ إلى سعد بن حذيفة، وذلك في قوله: «فلمَّا نَظَرَ إخوانكم وتدَبّروا عواقبَ ما استقبلوا رأوا أنْ قد خَطئوا بخذلان الزكيّ الطيّب وإسلامه وتَرْكِ مواساته، والنصـر له، خطأً كبيراً ليس لَهم منه مخرجٌ ولا توبة... وإنكم جُدَراءُ بتطْلاب الفضل، والتماس الأجْر، والتوبة إلى ربكم مِن الذنب، ولو كانَ في ذلكَ حزّ الرقاب، وقتلُ الأولاد، واستيفاءُ الأموال، وهلاكُ العَشائر...»[555].
فقد أورد المرسل صيغ المصادر وكرّر استعمالها؛ ليصف الأحداث بدقَّة وعناية فائقة، ولأنّ الوصف بالمصدر يوجه كلّ دلالات مصدريته باتجاه الحدث ليس غير، وبهذا يكشف لنا عن خفايا المعنى بأجلى صور؛ لأنّ المصدر هو ذات الحدث[556] لذلك أتقن استعمال صيغ مصادره، عندما أراد أن يركز على الفعل نفسه من دون التركيز على لوازمه الأُخر، وإمعاناً كذلك في ترسيخ المعاني من منطلق أن الاسم هو أثبت من الفعل في الدلالة على المعنى.
ومن ذلك أيضاً جاء استعمال صيغ المصدر في خُطبة عبيد الله بن عبد الله المري لقوله: «لله أنتم! ألمْ تَروْا ويبلغكم ما اجتُرِم إلى ابن بنت نَبيِّكم؟! أمَا رأيتم إلى انتهاك القومِ حُرْمَتَه، واستضعافِهم وَحْدَتَه، وتَرْمِيلِهِم إيَّاه بالدّم، وَتَجْرارِهِمُوه على الأرض... اتّخذوه للنَّبل غَرَضَاً، وغادروه للضّباع جَزَرَاً، فللّه عيناً مَنْ رأى مثله! ولله حسين بن عليّ، ماذا غادَرُوا به ذا صِدْقٍ وصَبْر، وذا أمانةٍ ونَجْدَة وحَزْم...»[557].
ويبدو في هذا النص شيوع طائفة من صيغ المصادر المختلفة في أوزانها، وقد آثر الخطيب استعمالها، ليُعبّر بها عن المعاني التي يروم تَوصيلها إلى ذهن السامع وجذب تنبّهه، فمثّل تكرارها مَلمَحاً أُسلوبياً واضحاً أراد به الخطيب التعبير عن ثبوت المعاني وإطلاقها، فضلاً عن القوَّة والشدَّة في وصف الحال التي كان عليها الإمام الحسين×، وما جرى عليه من النوائب من أعدائه، من منطلق أنّ المصدر يدلّ دلالة مطلقة على الحدث، ليمنح التعبير قوّةً واتساعاً، فأراد الخطيب أن يصف الشدَّة والقسوة، في هتك حرمة الحسين× وقتله وجرّه على الأرض وسلبه، فعبَّر عن ذلك بما ناسب تلك الأحوال بأدوات لغوية تدلّ على العموم والاستغراق، فكان الاختيار واقعاً على المصادر، وكان هو السبب نفسه في استعمال صيغ المصادر قاصداً بها بيان صفات الإمام الحسين×، فوصفه بـ(الصدق، والصبر، والأمانة، والنجدة، والحزم)، وما كان ذلك إلّا لأنَّ استعمال المصدر آكد وأثبت في الوصف من الفعل، فضلاً عن اختيار صِيَغِهِ مع تكرارها في هذه الخُطبة.
الصفة المشبهة: وهي وصف يُصاغ للدلالة على اتصاف الذات بالحدث على وجه الثبات والدوام[558]. وهي إحدى المشتقَّات التي تُصاغ من البابين الرابع والخامس، من الفعل اللّازم (فَرِحَ ـ يَفْرَح) و(كَرُمَ ـ يَكْرُمُ)[559]، لتدلّ على حدثٍ ثابتٍ ثبوتاً ملازماً[560]، ولها وظيفتها الأُسلوبية في اختيارها من منشئ النص، ذلك أنّها تلتبس «بموصوفها مبالغة في توكيد الصفة، وتعضيداً لمعناها، فتصل صورة المعنى للمتلقي إيصالاً أميناً، فإنّها أكثر دلالة على المعنى»[561]، وهي كذلك بمثابة اسم الفاعل غير أنّها «تُفيد ثبوت معناها لمَن اتصف به، واسم الفاعل يُفيد الحدوث والتجدد»[562].
وللصفة المشبَّهة أوزان متعددة حفظتها لنا كتب اللغة[563]، فقد ورد منها في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين؛ لما تمتلكه من صفة ثبوت الحدث وترسيخه في ذهن السامع، إذ وقع استعمال صيغها على نحو ملحوظ ومتكرر في خُطبتي عبد الله بن مطيع الوالي الزبيري، ففي خُطبته الأُولى حين قدم الكوفة، قال: «فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا، وخذوا على أيدي سفهائكم، وإلّا تفعلوا فلوموا أنفسكم ولا تلوموني، فو الله لأوقعنَّ بالسقيم العاصي؛ ولأقيمنَّ دَرْأ الأصْعَرِ المرتاب» [564].
فنجد صيغ الصفة المشبهة كما في الجدول:
الصفة المشبهة |
الوزن |
سفهاؤكم: جمع سفيه |
فَعيل |
السَّقيم |
فَعيل |
الأصْعَر |
أفْعَل |
وفي خُطبته الثانية وهو محصور في قصر الإمارة بقوله: «أمَّا بعدُ، فقد علمت الذين صَنَعوا هذا منكم مَنْ هُمْ؛ وقد علمت أنّما هُم أراذلكم، وسُفهاؤكم، وطَغَامكم، وأخسّاؤكم ما عَدا الرجل أو الرجلين، وإنَّ أشرافكم، وأهل الفضل منكم لم يزالوا سامعين مطيعين...»[565]، فنجد صيغ الصفة المشبهة في الجدول الآتي:
الصفة المشبهة |
الوزن |
أراذلكم: جمع رذْل |
فَعْل |
سفهاؤكم: جمع سفيه |
فَعيل |
أخساؤكم: جمع خسيس |
فَعيل |
أشرافكم: جمع شريف |
فَعيل |
فنجد أنّ الخطيب قد كرّر استعمال الصفة المشبهة للتركيز على إثبات الصفات للموصوفين من قبيل أنّها تأتي لإفادة ثبوت الصفة للموصوف بها، فتكون الصفة المشبهة في كلّ صيغها قد صوّرت حالهم أدقّ تصوير.
ونجد أنّ الخطيب في كلتا الخُطبتين قد استعمل صيغة (فعيل) فكرَّرها، وأنّ لهذا الاستعمال أسبابه من حيث إنّ هذه الصيغة كما وسمها اللغويون أنّها تأتي للدلالة على الثبوت في الأوصاف الخلقية والمكتسبة[566]؛ لأنَّ هذا الوصف يُبنى من (فَعُل) المضموم العين، وهذا الفعل يأتي «في الأغلب للغرائز، أي: الأوصاف المخلوقة»[567]، ومن ثَمَّ كانت الدلالة على الثبوت في صيغة (فعيل). قال ابن فارس (ت395هـ): «وتكون الصفات اللازمة للنفوس على (فعيل)»[568].
وهكذا أراد الخطيب إيصال الدلالات إلى أذهان السامعين، وأراد أن يبالغ في وصف هؤلاء بطريقة أبلغ، مصوِّراً صفات مناوئيه بصفات رديئة كان يراها هو فيهم، فلم يجد بُدّاً من أن يصوغها في قوالب لغويّة تؤكِّد ثبوت هذه الصفات ودوامها فيهم، فكان اختيار صيغ الصّفة المشبَّهة لذلك.
صيغ المبالغة: وهى أسماء مشتقَّة من الأفعال تُلحق باسم الفاعل، وتأتي للدلالة على المبالغة والكثرة في الحدث على وجه التغيّر والحدوث، فإذا أُريد تأكيد المعنى وتقويته والمبالغة فيه حُوِّل من اسم الفاعل إلى أبنية صيغ المبالغة[569].
وللمبالغة أوزان عديدة، كـ: فَعّال، ومفْعال، وفعول، وفعيل، وفَعِل، وغيرها[570]، فقد جاء استعمالها في خُطبة المختار بن أبي عبيد قوله: «أمَا وربّ البحار، والنخيل والأشجار... لأقتلنَّ كلّ جبّار، بكلّ لدن خطّار، ومهند بتّار...»[571].
وهنا استعمل الخطيب صيغة المبالغة (فعّال) في (جبّار، خَطّار، بتّار)، فوظَّف من خلال هذه الأبنية المبالغ فيها ما يناسب الغرض الذي من أجله ألقى خُطبته، وهو الوعيد بالانتقام من الظالمين الذين وسمهم بالجبروت والطغيان في قوله: (لأقتلنَّ كلّ جبَّار)، فالوصف ارتفع إلى أرقى حالاته من خلال استعمال صيغة (فعَّال)؛ لأنَّ هذا البناء يكون للصفة الثابتة في الموصوف، قال القاسم بن سعيد المؤدّب (من علماء القرن الرابع الهجري): «ويخرج على (فعَّال) نحو: فرَّار، وهو الذي يكون دأبه وعادته الفرار في الحروب وغيرها»[572]، فكأنَّ هؤلاء قد بلغوا من تكرار التجبّر حدَّاً حتى أصبح لهم بمرتبة السجية الملازمة لهم، والتي لا تفارقهم، فهم قد تعوَّدوا عليه، فأصبحت صفة راسخة فيهم.
ثمَّ لم يلبث الخطيب أن استعمل هذه الصيغة في وصف الآلة التي يُقتل بها هؤلاء الظالمين، وهي (بكلّ لدن خطّار، ومهند بتّار)، فقد وصف اللدن (وهو الرمح) بالخطار، وهى صيغة مبالغة بكثرة اهتزازه، وهي من صفات الجودة فيه، وكذلك وصف المهند (السيف) بالصفة (بتّار)، أي: كثير البتر القاطع، فصيغ المبالغة تأتي «لقصد هذه الكثرة والمبالغة في الدلالة على الحدث، ممَّا يجعل هذه الصيغ كالصفة الثابتة والسجية المصاحبة للذات»[573]، وقد جاءت كلتا الصفتين نكرة مسبوقة بالأداة (كل) التي أفادت معنى العموم، فالمختار أراد أنَّ يُعمّم قتل الجبارين بسيوف ورماح غير محدَّدة بعدد، وهذا جاء منسجماً مع شدَّة الخطاب وسياق القَسم.
وممّا تقدَّم نلحظ أنَّ الوصف بصيغة المبالغة (فعَّال) قد بلغ ذروته في تصوير الحدث؛ لأنَّه أدَّى إلى انسجام تلك الصور بعضها مع بعض، ممَّا أوجد الوقع الشديد الذي مثَّل الحدث المصوَّر.
التصغير «لفظ صِيْغَ على زِنَة فُعِيل، أو فُعَيْعِل، أو فُعَيْعِيل، على وفق مقاييس معيَّنة للتعبير عن التقليل، والتحقير، أو التقريب، أو التلطُّف، أو التعظيم»[574]، وللتصغير ـ على قلَّته ـ وظيفته الأُسلوبية في الكلام، لكونه وسيلة صوتية يتبعها تعبيرٌ له أهميته؛ «لأنَّ مقتضيات السياق التعبيري تستدعي في بعض الأحيان هذه الصيغة، كالتعبير عن شيء لطيف أو خفي أو قليل»[575]، كما يبدو في العربية الحديثة على مختلف مستويات الاستعمال اللغوي قلَّة الاعتماد على التصغير، ومن ثَمَّ قلّة تردّد ألفاظه[576].
ومن هنا نجد قِلَّة ورود الألفاظ المصغَّرة في خُطب هاتين الحِقبتين، ولعلّ استعمال صيغة التصغير كان في خُطبتين حَسْب للمختار الثقفي، مثَّلتا اختياراً أُسلوبياً له وظيفته الخاصَّة، قال المختار: «إنَّ نُفَيراً مِنْكُم ارتابوا وتَحَيَّروا وخابوا، فإن هم أصابوا...»[577].
فنجدد كلمة (نُفيراً) ـ وهو تصغير (نَفَر) ـ قد عبَّر بها المختار عن قيمة أُسلوبية واضحة، أَلا وهي التحقير والتقليل[578] من قيمة شأن هؤلاء الذين ذهبوا عنه، شاكّين فيه وفي دعوته، غير مكترث لذهابهم عنه فهم في نظره نُفيرٌ لا خِطَرَ لهم، ولا يُحسبُ لهم حساب.
وفي خُطبة أُخرى له حين شيَّع إبراهيم الأشتر لقتال ابن زياد، قال: «إنْ اسْتَقَمْتُمْ فَبِنَصْـرِ الله، وإنْ حِصْتُمْ حِيصَة فإنّي أجدُ في محكمِ الكتاب، وفى اليقينِ والصواب، أنَّ الله مؤيّدُكُم بملائكةٍ غِضَاب، تأتي في صُوَرِ الحَمَامِ دُوَيْنَ السحاب»[579].
فقد استعمل صيغة الاسم المصغَّر مرَّةً أُخرى، وهذه المرَّة هو تصغير الظرف (دون)، «ليُعَبّر به عن وسيلة لغويَّة اختزاليَّة مهمَّة، بمعنى أنَّها تغني عن الوصف بقريبٍ أو قصيرٍ أو نحوهما»[580]، وقَصْدُ المختار من هذا التعبير أنْ يرسم الصورة ويقرّبها من ذهن السامع، وهي أنَّ الملائكة تأتي لنصرة إبراهيم على أعدائه، ويكون إتيانها هذا في صورة الحمام الأبيض قريباً من السحاب، حتى تكاد تقترب منه وتمسُّه ولكنَّها لا تمسّه، بمعنى أنَّها قريبة منهم في نصـرتهم غير بعيدة، ولا يخفى ما لهذا التصوير الرائع من جمالية فنيّة وأُسلوبية عالية، أفصح عنها اختيار الظرف المصغَّر إلى جانب التعبير به عن شيء لطيف ومحبَّب.
الفعل هو أحد الأقسام الرئيسة التي يتألَّف منها الكلام: «وهو كلمة تدلُّ على حدث وزمن، والدلالة على الحدث والزمن هو المعنى الصرفي للفعل، وهي وظيفته الصرفية المركَّبة، بمعنى أنَّ كلاً من الزمن والحدث جزء من معنى صيغة الفعل»[581]، وللفعل أهميته التي تقوم على ما يؤدّيه من وظائف لغويّة وأُسلوبية متعدّدة، فهو يُعبّر عن الأحداث وأزمانها، وهو كذلك من أهمّ مقومات الجملة، فالإسناد مستمدّ منه[582].
ولما كان شائعاً في العربية وموضع اهتمام المتكلّمين أنَّ العقل العربي يقتضـي أن تكون الجملة الفعلية هي الأصل، والغالبة في التعبير؛ ذلك لأنَّ الإنسان العربي جَرَتْ سليقته ودفعته فطرته إلى الاهتمام بالحدث في الأحوال العادية الكثيرة[583]، ونتيجة لهذه الوظائف اللغوية والأُسلوبية التي يقوم بها الفعل نجده قد كَثُرَ في الكلام العربي.
وقد انتهى العالم الألماني (أ ـ بوزيمان) (Busemann ـ A) «إلى أنَّ الكلام الصادر عن الإنسان الشديد الانفعال يتميَّز بزيادة عدد كلمات الحدث على عدد كلمات الوصف»[584] وهو يقصد بالحدث هنا (الفعل)، فالانفعال النفسي عامل مهم من عوامل شيوع الأفعال واستعمالها في الكلام، كما تَنُصُّ عليه هذه المعادلة، ولذلك فهو يعطي التعبير قيمة أُسلوبية واضحة؛ لأنَّه يُعبّر عن القوة ويدلُّ على شدّة الحدث، ومن ثَمَّ يكثر في الكلام.
ويقسّم البناء الفعلي بحسب حيثيات كثيرة، منها نوع البناء الصـرفي، وعنصـر الزمن، فيُقسَّم تبعاً لذلك على أساس الأوَّل إلى (مُجَرَّد، ومَزِيد)، ويُقسَّم على أساس الثاني إلى (ماض، ومضارع، وأمر)[585]. وسوف نتناول مسالة استعمال الصيغة الفعلية على أساس اختيارها من حيث هي صيغة صرفية لها دلالاتها ومعانيها، ومن ثَمَّ ما تؤدّيه من وظائف لغوية وأُسلوبية من المنشئين.
يُعرَّف الفعل الماضي بأنّه: ما «أُطْلِقَ على ما يسبق زمن التكلّم قريباً كان ذلك أو بعيداً، محققاً الوقوع أو غير محقق»[586]، وقد جاء استعمال صيغة هذا الفعل بنوعيه المجرَّد والمزيد في خُطب ورسائل الحِقبتين بصورةٍ كبيرةٍ، وسنقف على نصَّين منها، الأوَّل: رسالة لسليمان بن صُرَد، والثاني: خُطبة للمختار الثقفي.
فرسالة سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة لقوله: «أمَّا بعدُ، فإنّ الدنيا دارٌ قدْ أدبرَ منها ما كان معروفاً، وأقبل منها ما كان مُنكراً، وأصبحتْ قد تشنّأتْ إلى ذوِي الألباب، وأزمَع بالترحال منها عبادُ الله الأخيار، وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقَى بجزيلِ مثوبة عند الله لا تَفنى، إنّ أولياء الله من إخوانكم، وشيعة آل نبيِّكم نظروا لأنفسهم... وترك الناسَ فلم يتركوه، وعَدوا عليه فقتلوه، ثمَّ سلبوه وجرّدوه... فلمَّا نظر إخوانكم وتدَبّروا عواقبَ ما استقبلوا رأوا أن قد خطئوا بخذلان الزكيّ...»[587].
فنجد في هذا النص شيوعاً ملحوظاً للأفعال الماضية (المجردة والمزيدة) ممَّا طبعت النص بطابع أُسلوبي خاصّ، يدعو للكشف عن أسباب وجود هذا الأداء الدلالي.
أمّا الفعل الماضي المجرد، فقد وردّ على صيغة (فَعَلَ) فسجّل حضوراً فاق به شيوع الأوزان المزيدة الماضية، من ذلك ما ورد في قول سليمان: (نَظرَوا، تَرَكَ، عَدَوا (من عَدَا) قَتلَوه، سَلبَوه، نَظَر، رأَوا، ضَربَنا).
ويمكن تفسير شيوع هذه الصيغة في الكلام أنَّها تُعدُّ من «أكثر أوزان الفعل استعمالاً في اللغة، ونظراً لخفَّة هذا الوزن لم يختص بمعنى من المعاني، بل استعمل في أكثرها»[588].
وفي هذا يقول العيني (ت855هـ): «(فَعَلَ) أعمّ الأفعال معنى؛ لأنّ الفعل علاجياً أو غير علاجي، تقول: فَعَلَ الضرب والشتم، وفَعَلَ النصـر، فلذلك استعمل في مكان الأداء والإعطاء في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) [589] أي مؤدُّون، فكان أعمّ الأفعال معنًى»[590]، أي: أعمّ الأفعال استعمالاً، وقد ذكر الدكتور إبراهيم السامرائي هذه الاستعمالات ودلالاتها[591].
أمّا الماضي المزيد، فقد ورد استعماله في هذا النص اختياراً ملحوظاً، وأوَّل ما يُطالعنا فيه صيغة الفعل الماضي المزيد بالهمزة في أوّله (أفْعَل)، وهذه الصيغة تختص بالثلاثي المزيد بحرف واحد، ويكون مصدرها بزنة (إِفْعَال)[592]، والهمزة للتعدية، ولهذه الهمزة وظيفتها الأُسلوبية؛ إذ إنّها قادرة على توسيع عمل الفعل ونطاقه التأثيري على ما جاوره من الألفاظ، وفي هذا يقول سيبويه (ت180هـ): «هذا باب افتراق فَعَلْت وأفْعَلْت في الفعل للمعنى، تقول: دَخَلَ وخرج، وجَلَسَ. فإذا أخبرت أنّ غيره صيَّره إلى شيءٍ من هذا قلت: أَخْرَجَهُ، وأدْخَلَهُ، وأجْلَسَهُ»[593]، فالغرض الوظيفي الذي قامت به الهمزة هو تعدية الأفعال المذكورة.
وتأتي (أفْعَل) لأغراض ودلالات أبان عنها أبو حيان الأندلسـي في عشـرين ونيّف من أشهرها: التعدية، والدلالة على الصيرورة، والسلب، والتمكين، والتعريض... [594].
وقد جاء في رسالة ابن صُرَد استعمال هذه الصيغة الفعلية المزيدة بعد اختيارها، لتؤدّي أغراضها الأُسلوبية، فمثلاً نجد في قوله: (فإنّ الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفاً، وأقبل منها ما كان منكراً...)، إنَّ (أفْعَل) جاءت لتؤدّي غرضاً معنوياً هو الدلالة على الصيرورة، أي: إنّ الدنيا دار قد صار معروفها مدبراً وصار منكرها مقبلاً، وبهذا أدّى الفعل دلالته التي أرادها الخطيب في وصف حال الدنيا وتقلّباتها.
أمّا صيغة الماضي المزيد بحرفين (تَفَعَّل)، فنجدها في قول ابن صُرَد في موضعين قوله: (تشنأت) وفي قوله: (تدبّروا)، ولهذه الصيغة الفعلية وظائفها الأُسلوبية، منها: توالي معنى الحدث، كما يقول في ذلك ابن قتيبة (ت 276 هـ): «وتأتي تفعّلت للشـيء تأخذ منه الشـيء بعد الشيء... فهذا كلّه ليس عمل وقت واحد»[595]، وكأنّ فيها معنى التدرُّج، لا حدوث الفعل بتكرار متقطّع، بل انتظام في حدوثه[596]، وقد تأتي هذه الصيغة، لتدلّ على التكلُّف والاجتهاد كما يقول الدكتور فاضل السامرائي: «يؤتى بهذا الوزن للدلالة على التكلُّف وبذل الجهد... وفي كلا المعنيين دلالة على الطُّول في الوقت، والتمهل في الحديث»[597]، والملاحظ أنّ كلا المعنيين قد انطبق على صيغ الأفعال التي وردت على هذا الوزن في الرسالة، ففي قول ابن صُرَد في وصف الدنيا: (تشنّأت إلى ذوي الألباب)، أي: إنّ الدنيا قد تبغَّضت إِلى ذوي الألباب، وكان هذا البغض منتظماً متدرِّجاً يوماً بعد يوم، وكذلك كان هذا البغض شديداً ومتكلَّفاً فيه.
أمَّا الفعل (تدبَّروا) في قوله: (فلمَّا نظر إخوانكم وتدبروا عواقب ما استقبلوا)، فالمعنى: إنَّ التدبّر كان متدرّجاً من قِبَلِهِم ولم يكن بعيداً عن هذا الفعل.
أمَّا صيغة الفعل الماضي المزيد بتضعيف العين (فَعَّل)، فنجدها في قوله: (ثمَّ سلبوه وجرَّدوه) الذي عبّر بها عن معنى المبالغة والتكثير في الحدث؛ لأنَّها تأتي لهذا الغرض، وهنا يقول سيبويه: «هذا باب دخول فَعَّلتُ على فَعَلتُ لا يشركه في ذلك أفعلتُ، تقول: كسـَرتُها وقطعتها، فإذا أردت كثرة العمل قلت: كسّرته وقطّعته ومزَّقته»[598].
فأفرز التضعيف دلالة المبالغة في تجريد الإمام الحسين×، وسلبه وتكرار حدوث هذا الفعل الشنيع من أعدائه، وإنَّما اختار المنشئ هذه الصيغة حتى يؤثّر في نفس المتلقي راسماً تلك الصورة المأساوية التي كان عليها الإمام بما يجعله متهيّئاً للتأهّب والخروج للثورة.
ونجد كذلك استعمالاً لصيغة الماضي المزيد بصيغة (اسْتَفْعَل) في قول ابن صُرَد: (وتدبّروا عواقب ما استقبلوا)، فالفعل (استقبل) مزيدا بالهمزة والسين والتاء، وهذه الزيادة تأتي لمعانٍ مختلفة، منها وحسب ما جاءت هنا هي: الإيجاد بمعنى وجدته كذلك[599]، «فقولك استجدته: أصبته جيداً»[600]، وقد جاء استعمال هذه الصيغة في قول ابن صرد لتُعطي معنى الإيجاد، أي: تدبروا عواقب ما وجدوه مقبلاً عليهم.
أمَّا خُطبة المختار الثقفي التي ألقاها حين علم بذهاب نفر من الشيعة إلى محمد بن الحنفية، ليسألوه عن مصداق دعوة المختار، فقال: «إنَّ نُفَيراً منكم ارتابوا وتحيَّروا وخابوا، فإنْ هم أصابوا أقبلوا وأنابوا، وإنْ هم كبُوا وهَابوا، واعترضوا وانجابوا، فقد ثُبروا وحابوا»[601].
فواضح جداً أنَّ هذه الخُطبة قد بُنِيت على تَكرار الأفعال الماضية المجردة والمزيدة، ممَّا يُعدُّ ذلك ميزة أُسلوبية ملحوظة فيها، فأمَّا المجرَّدة فيطالعنا منها الوزن (فَعَل) في (خابوا، هابوا، ثبروا، حابوا)، وتفسير شيوعه في الكلام قد مرَّ سابقاً، وذلك لخِفَّته وعدم اختصاصه بمعنى معين[602].
أمَّا الأفعال الماضية المزيدة، فنجد منها صيغة الماضي المزيد بالهمزة في أوّله (أفْعَل) في قول المختار: «فإن هم أصابوا أقبلوا وأنابوا»، وقد جاءت هذه الصيغة لغرض معنوي آخر هو المبالغة في الوقع ونوع الحدث[603] في الإصابة، والإقبال، والإنابة.
أمَّا الفعل الماضي المزيد بحرفين (تفعَّل)، فنجده في قول المختار: (تحيَّروا) الذي أراد أن يصف الحيرة عند هؤلاء القوم، فاختار لها هذه الصيغة، لتدلّ على الحيرة المتتالية، المتدرّجة في قلوب القوم وكذلك تبييناً لشدَّتها وتمكّنها من قلوبهم وعقولهم، إذ إنَّ صيغة (تفعَّل) قد مرَّ معناها بأنَّها تدلُّ على التدرّج والتكلّف والشدة[604].
وقد جاء استعمال صيغة الماضي المزيد بحرفين (افْتَعَل) في قول المختار: (اعترضوا)، فقد زِِيد فيها حرفان هما (الألف، والتاء)، وفيها يكون الإصرار على الفعل والطلب فيه، والشدَّة في استحصاله، لذا فإنَّ استعمال صيغة (افتعل) على (فَعَل) ـ مثلاً ـ كان لتأدية عدَّة معانٍ، منها ما يناسب سياق الخُطبة، كالاجتهاد والطلب، والتصـرف والمبالغة في معنى الفعل[605]، يقول سيبويه: «وأمَّا كَسَبَ فإنَّه يقول أصَابَ، وأمَّا اكتسب فهو التصـرُّف والطلب، والاجتهاد بمنزلة الاضطراب»[606]، وهذا ما جاءت لأجله هذه الصيغة في قول المختار: (اعترضوا)، إذ اكتسبت الزيادة في الفعل حِسّاً دلالياً مركَّزاً من الاعتراض وعدم القبول، فالزيادة في البناء دلّت على ما يعنيه المختار من التعبير عن ذلك الاعتراض الذي حدث من هؤلاء القوم.
كذلك نجد الفعل المزيد بحرفين (انْفَعَلَ) في قول المختار: (انجابوا) الذي هو بمعنى: انكشفوا، وتأتي هذه الصيغة لمعنى واحد هو المطاوعة، ويختصُّ بما كان فيه علاج وتأثير[607]، وقد اختاره المنشئ ليُعبِّر عن معنى المطاوعة في فعل الانكشاف. والمطاوعة عند علماء التصريف: «هي قبول الأثر، وذلك فيما يظهر للعيون كالكسـر، والقطع، والجذب»[608]، فجاءت هذه الصيغة الدالة على المطاوعة مناسبة تامَّة لسياقها؛ إذْ دلَّت على انكشاف هؤلاء القوم في عدم طرح الثقة بالمختار الثقفي ودعوته.
وإذا ما طبّقنا نظرية العالم اللغوي (بوزيمان) نجد أنَّ نسبة شيوع الأفعال في هذه الخُطبة قد فاقت الأسماء، ممَّا يدلُّ دلالةً واضحةً على أنَّها كانت تصدر عن انفعال شديد، وهذا ما تؤكّده النظرية في أنَّ الكلام الذي يصدر «عن الإنسان الشديد الانفعال يتميَّز بزيادة عدد كلمات الحدث على عدد كلمات الوصف»[609]، وهو يعني بالحدث هنا الفعل، فالمختار ألقى خُطبته حين وصف هؤلاء الذي ذهبوا إلى ابن الحنفية يسألونه عن مصداق دعوته، فظنَّ أنَّهم لم يثقوا به، فصدر كلامه بانفعال شديد يصف فيه حال التذبذب والتحيُّر التي كان عليها هؤلاء.
2ـ استعمال الفعل المبني للمجهول
الفعل المبني للمجهول: هو «ما استُغنى عن فاعله فأُقيم المفعول مقامه، وأُسند إليه معدولاً عن صيغة (فَعَلَ) إلى (فُعِلَ)»[610]، هذا إذا كان الفعل ماضياً، أمَّا إذا كان مضارعاً فإنَّه يُبنى للمجهول بضمّ أوَّله وفتح ما قبل آخره وإن لم يكن مفتوحاً، نحو: (يَكْتُبُ) ـ (يُكْتَبُ)[611]
ولقد أكَّد دارسو علم الأُسلوب أهميَّة دراسة الفعل من حيث البناء، ولاسيّما البناء للمجهول[612]؛ وذلك لأنَّه: «يُشكّل بُنية سطحية، وعن طريق تحليلها تتَّضح البنية العميقة»[613]، ويرجع استعمال صيغة الفعل المبني للمجهول إلى أغراض أُسلوبية في الكلام، منها إِعمام الفاعل أو تغييبه إلى هامش الشعور؛ لإفساح المجال للاهتمام بالمفعول[614].
وقد جاء استعمال صيغة الفعل المبني للمجهول في خُطب ورسائل الحِقبتين، كما نلحظ ذلك في رسالة سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة، إذ استعمل هذه الصيغة على نحو ملحوظ بقوله: «إنَّ أولياء اللهِ مِنْ إخوانكم، وشيعة آل نبيكم نظروا لأنفسِهم فيما ابتُلوا به مِن أمر ابن بنت نبيّهم الذي دُعِيَ فأجاب، ودعا فلم يُجَبْ، وأراد الرجعة فَحُبِس، وسأل الأمان فَمُنِع...»[615].
فقد تكرَّرت في هذه الرسالة صيغة الفعل المبني للمجهول، حتى أضفت عليه مسحة أُسلوبية، ولنلحظ أنَّ استعمال هذه الصيغة كان لأجل إفساح المجال أمام الذهن، كي يُمْعِن النظر إلى البنية العميقة في نفس المنشئ؛ لأنَّه ما كان يلجأ إلى هذا الصنيع إلّا لرغبةٍ ملحَّةٍ في إيصال الدلالات المعيّنة، فقد حذف الفاعل في قوله: (دُعي فأجاب، ودعا فلم يُجَب) خوفاً وستراً لما صدر من تهاون المخاطبين، لئلا تأخذهم العزّة في الإثم، وأمّا قوله: (وأراد الرجعة فحُبس، وسأل الأمان فمُنع)، فحذف الفاعل؛ لأنَّ الذين فعلوا هذا الصنيع كُثُر فلا يستطيع أن يسند الفاعل لواحد منهم فليس هو بفاعل معين[616].
ولربَّما نجد في هذه الرسالة استعمال تلكم الصيغ من الفعل المبني للمجهول؛ لأنَّ في استعمالها إيحاءات معبّرة عن الحزن الذي استقر في قلب المنشئ، نتيجة ما جرى على الإمام الحسين× من مِحَنٍ هو ومَنْ معه مِن أهل بيتهy، فاستولى ذلك على مشاعره، حتى تمثَّلت صورته أمام عينيه، فلم يرَ سواه، أو لم يستطع أن يستحضـر صور قاتليه لما يمتلكونه من بشاعة وخِسَّة؛ لذلك فهو يحاول إخفاء صورهم وأسمائهم وتناسيها، فضلاً عن تحقيرهم وتجاهلهم.
ويتَّضح من خلال ما تقدَّم أنَّ الاختيار الأُسلوبي في الصيغ المختلفة الاسمية والفعلية واستعمالها كان مشفوعاً بالتكرار، وكلاهما من الظواهر الأُسلوبية، وقد ذكر رولف ساندل (Rolph Sandile) أنَّ بعضهم ينظر إلى عملية تكوين الأُسلوب على أنَّها تضافر الاختيار ومعدَّلات التكرار التي تتمُّ داخل النص بقصد التأثير في المتلقِّي[617]، ولهذا ركَّز البحث على اختيار الصيغة المعيَّنة وتكرارها؛ لكون ذلك الاختيار ليس اختياراً اعتيادياً، وإنَّما هو اختيارٌ مقيَّدٌ بكونه مكرَّراً، بمعنى أنَّ «استعمال صيغة معيَّنة بصورة متكرّرة يُعدُّ ظاهرةً أُسلوبيةً لها دلالتها كغيرها من الظواهر الأُسلوبية»[618]، وهذا ما وجده البحث من خلال اختيار واستعمال هذه الصيغ وتكرارها في نصوص الحِقبتين.
نقصد بالعدول هنا الدلالة المجازية التي تكوّن عدولاً أو انزياحاً عن الدلالة الحقيقية[619].
ويُعدُّ العدول عاملاً مهمّاً من عوامل التطوُّر اللُّغوي، «فالمجاز حدثٌ لغويّ يُفسّر لنا تطوُّر اللغة بتطوُّر دلالة ألفاظها على المعاني الجديدة»[620]، ويكسب الصورة ظلالاً وألواناً وهي انعكاسات للإيحاءات والعواطف، كما أنّه يمنحها القدرة على تحريك خيال السامع وإثارة إحساساته المختلفة[621].
والمجاز قسمان:
مجاز لغوي، ومداره اللفظ المفرد، والمجاز العقلي، ومدارهُ التركيب[622].
والمجاز اللغوي يستعمل اللفظ المفرد في غير ما وُضِع له أوّلاً، أمَّا المجاز العقلي فمضماره الإسناد، وذلك بأن يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسته له، أو لضرب من التأويل[623]، ويُقسّم المجاز اللغوي قسمين: الاستعارة، والمجاز المرسل، فإن كانت العلاقة بين الدلالة الأُولى للفظ والدلالة الثانية (المستعار، والمستعار منه) قائمة على المشابهة، يُسمّى هذا النوع (الاستعارة)، على حين تكون العلاقة في المجاز المرسل غير المشابهة[624].
وإنَّ التشبيه «نوع من أنواع انحراف الدلالة كما هو الشأن في المجاز»[625]، وقد ذهب إلى ذلك كثير من العلماء كابن جني، وابن الأثير[626] وغيرهم.
أمَّا الكناية، فقد عُدَّت ضرباً من العدول، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء البيانيين من القدماء، ومنهم ابن الأثير الذي عدَّها جزءاً من الاستعارة[627]، كما ذهب إلى ذلك يحيى ابن حمزة العلوي الذي جعلها وادياً من أودية المجاز، وقاعدة من قواعد علم البلاغة[628] وإلى ذلك ذهب البلاغيون المُحدَثون[629].
والمجاز أو العدول ركن مهمّ من أركان التحليل الأُسلوبي اللفظي، لِما له من تأثير جوهري على المعاني المتداولة[630]، كما أنَّه يرتبط ارتباطاً واسعاً بمسالة الاختيار، بل هو أوسع باب في هذا المجال[631].
وممَّا جاء من اختيار العدول الدلالي ما جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد قوله: «أمَّا بعدُ، فإنّي والله لخائفٌ ألّا يكون آخرنا إلى هذا الدهر الذي نَكِدَت فيه المعيشة، وعَظمَت فيه الرزية، وشَمِلَ فيه الجور أولي الفضل مِنْ هذه الشيعة لِمَا هو خير؛ إنَّا كُنَّا نَمُدُّ أعناقنا إلى قدومِ آلِ نَبيّنا... كونوا كالأولى مِن بني إسرائيل إذْ قال لهم نبيّهم: (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ) [632] فَمَا فَعَلَ القوم؟ جَثَوا على الرُّكَبِ والله، وَمَدُّوا الأعْناق ورَضُوا بالقَضَاء»[633].
فنجد في هذا النص عدولَين، الأوَّل في قوله: (آخرنا إلى هذا الدهر)، فلفظة (الدهر) وقعت مجازاً واستعماله هنا في موارد تخصُّص الزمان، ولا يعني به الدهر بمعناه الزمني، وإنَّما يعني به أهله؛ «لأنَّ زمان التوّابين ـ كما يقول خطيبهم ـ أسوأ زمان لمِا فيه من قتل للأبرار وتهنئة للأشرار»[634].
ونجد في قوله: (إنّا كنّا نمدُّ أعناقنا إلى قدوم آل نبينا)، أنَّ (نَمُدُّ أعناقنا) كناية التلهف والشوق، وأراد الخطيب من هذا العدول أنْ يُعبّر عن الصورة التي كانوا عليها وهم يترقبون بشوق قدوم آل بيت النبي’، ولم يلبث الخطيب أنْ كرَّر مثل هذه الكناية في وصف قوم نبي الله موسى× (جَثَوا على الرُّكب ومدُّوا الأعناق)، ليعطي الصورة الدلالية نفسها، ويُكَنّي بها عن تلهفهم وشوقهم للتسليم لقضاء الله، ويوازي بين صورتهم وصورة توّابي بني إسرائيل، إذ كان الخطيب يجد في نفسه وقومه شبهاً عظيماً بينهم وبين بني إسرائيل، ومن هنا نلحظ أنَّ الكناية تفيد «المبالغة في المعنى؛ لأنّ التعبير عن المعنى الكنائي بروادفه وتوابعه له من القوَّة والتأكيد ما ليس في التعبير عنه باللفظ الموضوع له، وذلك لأنَّه يَصبح كإبراز الدعوى بدليلها، وكإثبات الحجَّة ببيّنتها»[635].
وجاء في الخُطبة نفسها وفي الآية التي اقتبسها ابن صُرَد: «( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) [636] حَتى تُدْعَوا أو تسْتَنْفَرُوا»[637]، إذ جاء فيها المجاز المرسل الذي كانت علاقته المسببيَّة، والمعنى: واعدوا لهم من كلّ ما يتقوّى به في الحرب مِن عدَّتها[638] التي تحدث القوة والمِنعَة، وتعطي الثقة بالنفس، والقدرة على القتال، فإطلاق اسم القوة على السلاح من باب إطلاق المسبّب على السَّبَب[639]، وفي هذا الاقتباس ومن هذه الصورة المجازية نجد استنفاراً للهمم من أجل العدَّة المعنوية والمادية تأهّباً للثورة على الباطل.
وجاء في خُطبة عبيد الله المرّي: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الله اصطفى محمَّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم على خَلْقِه بنبوَّتِه، وخَصَّه بالفضل كلّه، وأعزَّكم باتّباعه وأكرَمَكُم بالإيمان به، فَحَقَنَ به دماءَكم المسفوكَة، وأمَّن به سُبُلَكم المَخُوفة، (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [640] »[641].
ففي قوله: (حقن به دماءَكم المسفوكة) مجازٌ عقليٌّ[642] بإسناد الحقن إلى الدّماء، وأصل الحقن لحبس الشيء، قال ابن منظور: «حَقَنَ الشـيء يَحْقنه ويحقنه حقناً، فهو محقونٌ وحَقين: حَبَسه»[643].
فأراد الخطيب من هذا الإسناد المجازي لينبِّه السامع إلى فضل الرسول محمد’ بكونه منقذاً للبشرية من القتل والاقتتال، فهو بحقّ حاقن لدمائهم التي كانت تُسفك بين الحين والآخر، وهذا بحدّ ذاته تذكير للمسلمين بِعظَم حقّ النبي’ عليهم.
وكان في الآية التي ساقها الخطيب مقتبساً، استعمالٌ مجازيٌّ آخر (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [644]، ففي لفظة (شفا) مجازٌ لغويٌّ بالاستعارة؛ لأنَّ العلاقة هنا علاقة مشابهة، يقول الشريف الرضي معلّقاً على هذه الآية: «وهذه استعارة؛ لأنَّه تعالى شبَّه المُشْفِي ـ بسوء عَمَله ـ على دخول النار، بالمُشْفَى ـ لزلَّة قدمه ـ على الوقوع في النار»[645]، وفي هذا العدول الدلالي نجد الدلالة نفسها في تقرير فضل النبي’ على هذه الأُمة التي كادت أنْ تَضِلَّ وتدخل النار بسبب سوء عملها، ولكن اللهI أنقذها بفضله’، فالواجب احترام ذريته، وجعلهم في مكانهم اللائق بهم، لا قتلهم والتنكيل بهم.
وجاء في رسالة سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة: «ثمَّ سَلَبُوه وجرَّدوه ظُلْمَاً وعُدْوَاناً وغِرَّةً بالله وَجَهْلاً، وبِعينِ الله ما يَعْمَلون، وإلى الله ما يَرْجِعُون...»[646].
ففي لفظة (العين) مجازٌ لغويٌّ مُرسل علاقته تسمية الكلّ باسم الجزء، وبه «يكون الجزء لا غنى عنه في الدّلالة على الكلّ، فصار ذلك الجزء كأنّه الشّيء كلّه»[647]، فلفظة العين جزء مِن الكلّ، وإنْ كانت العين الجارحة لا يجوز نسبتها إلى اللهI، لكنَّ المقصود بعين اللهI هنا ذاته، فعبَّر عن هذه الذات الكلية بجزءٍ منها، ولأنَّ العين هي الجزء المهم من أجزاء البدن، وبها يَرى الحقائق على طبيعتها، ونسبتها كما قلنا مستحيلة على اللهI، لكن المنشئ أراد أن يُعبّر عن معنى آخر وهو أنَّ أفعال هؤلاء الظالمين إنَّما هي بعين اللهI، ولا يخفى عليه شيء، فهوI المُطَّلع عليها وعلى حقيقتها.
وجاء في خُطبة سليمان: «أيّها النَّاس، مَنْ كانَ إنَّما أخرَجَتْه إرادةُ وَجْهِ اللهِ وثوابِ الآخرة، فذلك مِنَّا ونَحْنُ مِنْه، فرَحْمَةُ الله عليه حيّاً ومَيْتاً، ومَن كانَ إنَّما يُريدُ الدّنيا وَحَرْثَها فَوالله ما نأتي فيئاً نَسْتَفِيؤه...»[648].
ففي قوله: (إنَّما أخرجته إرادةُ وجه الله)، فوجه الله تجوُّز، والمراد به ذاتهI، ولمَّا كان الوجه هو أشرف أجزاء البدن للدلالة عليه، فقد أُطلق مجازاً على الذات المقدَّسة، جرياً على عادة العرب في الاستعمال، فالمجاز هنا مجازٌ لغويٌّ مرسلٌ علاقته الجزئية بإطلاق اسم الجزء وإرادة الكلّ[649].
أمَّا قوله: (ومَن كان إنّما يُريد الدنيا وحَرْثَها) والحَرْثُ: هنا عدولٌ على طريق الاستعارة، ولم يَقصد به الحرث الحقيقي الذي هو «العمل في الأرض زرعاً كان أو غرساً»[650]، فقد استعار الخطيب كلمة (الحَرْث) ليُعبّر به عن كسبِ الدنيا ومتاعها، وقد وردت كلمة (الحرث) في القرآن الكريم، ونقلت فيها الدلالة إلى صورة مجازية جديدة، قالI: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)[651]، قال الشريف الرضي: «والمُرادُ بحرثِ الآخرة والدُّنيا كَدْحُ الكادِحِ لثوابِ الآجلة وحُطام العاجلة، فهذا مِن التَّشبيه العجيب، والتَّمثيل المُصيب؛ لأنَّ الحارث المُزْدَرِع إنَّما يتوقَّع عاقبة حَرْثِه، فيجني ثمرَ غِراسه، ويفوز بعوائد ازْدِراعِه»[652]. ومن هنا كانت لفظة (الحرث) قد استثمرت في الخُطبة استثماراً موفَّقاً؛ لأنَّ الخطيبَ قدْ حاكى في ذلك أُسلوب القرآن وبلاغته.
وجاء كذلك في رسالة عبد الله بن يزيد إلى سليمان بن صُرَد لقوله: «بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم، مِنْ عبدِ اللهِ بنِ يزيدَ إلى سليمانَ بنِ صُرَد ومَنْ مَعَهُ مِنَ المسلمين، سلامٌ عليكُم، أمَّا بعدُ، فإنَّ كتابي هذا إليكم كتابُ ناصحٍ ذي إرعاء، وَكَمْ مِنْ ناصحٍ مُسْتَغشّ، وكَمْ مِنْ غاشٍ مُسْتَنْصَحٍ مُحبّ، إنَّه بَلَغَني أنَّكم تُريدونَ المسيرَ بالعَدَدِ اليَسِيْرِ إلى الجَمْعِ الكَثير، وإنَّه مَنْ يُرِد أنْ يَنْقُلِ الجِبالَ عنْ مراتِبِها تَكِلُّ معاوِلُه، ويُنْزعُ وهو مذمومُ العقلِ والفعل... ومتى ما يُصيبكم عدوُّكم يعلموا أنَّكُم أعلامُ مِصْـرِكم... يا قوم، إنَّ أيدينا وأيديكُم اليوم واحدة، وإنَّ عدّونا وعدّوكم واحد، ومتى تجْتَمِع كلمتُنا نَظْهَر على عدوّنا، ومَتَى تَخْتلف تَهُن شوكتُنا على مَن خالَفَنا» [653].
ففي هذه الرسالة التي بعث بها عبد الله بن يزيد إلى ابن صُرَد وأصحابه يتوسل إليهم أنْ يرجعوا عمَّا يُريدون القيام به، قد زيَّنها بطائفة من الاستعمالات المجازية ليجعل للفكر مساحة كافية، ليتمحَّص ما فيها من عدولٍ، فقد جاء الاستعمال الأوَّل في قوله: (إنَّه من يُرد أن ينقل الجبال عن مراتبها تكلّ معاوله) حيث أسند الفعل تكلّ إلى المعاول، وهو من المجاز العقلي علاقته الفاعلية، فصاحب المعاول هو الذي يكلُّ ويتعب وليست المعاول، وهذه صورة رائعة أراد بها المرسِل أنْ يقرّب الدلالات إلى أذهان التوّابين، أنَّهم أمام عدوٍ غاشمٍ كبير العدد لا طاقة لهم على مواجهته، وكان هذا القول ليس لتثبيط عزائمهم، وإنَّما كان بدافع الخوف عليهم من أذى أعدائهم.
أمَّا الاستعمال المجازي الآخر فنجده قائماً على المجاز اللغوي المعتمد على أساس المشابهة في (الاستعارة)، وذلك في قوله: (ومتى ما يصبكم عدوكم يعلموا أنَّكم أعلام مصـركم) فلفظة (أعلام) مفردها (علم) وهو الجبل، فقد استعار هذه اللفظة ليُعبّر بها عن سيّد القوم وكبيرهم، والمعنى واضح أنَّ هؤلاء التوّابين إنّما كانوا أسياداً وشرفاء في قومهم، ولم يكونوا من عامتهم وأنَّ في هذا تبجيلاً لهم وتعظيماً لحقهم.
وأمَّا قوله: (إنَّ أيدينا وأيدكم اليوم واحدة) فهو مجازٌ لغوي (استعارة) والمراد بها هنا القوَّة والتعاضُد[654]، فهو يُريد أنْ يقول: إنَّ قوَّتنا وقوَّتكم واحدة، وجاء بها على لفظ مستعار، وقوله: (تهن شوكتنا على مَن خالفنا)، والشوكة هنا بمعنى الحدَّة، وهو لفظٌ مستعارٌ من نبات الشوك[655]، وقال ابن منظور: «والشوكة: السلاح وقيل حِدَّة السلاح»[656].
إنَّ هذا الزخم الدلالي الناتج عن تتالي الاستعمالات المجازية قد تمَّ بقصدية المنشئ لبناء سياقات نصّه، بما يحقق قيمة بلاغية عالية تعمل على إثراء النص بيانياً، وتُحقّق اختزالاً بديعياً في أدائه.
وجاء كذلك في خُطبة ابن صُرَد قوله: «لكنْ أنا ما أرى ذلك لكم، إنَّ الذي قتل صاحبَكم، وعبَّأ الجنود إليه، وقال: لا أمانَ له عندي دونَ أن يستسلم فاُمضي فيه حُكمي، هذا الفاسق ابن الفاسق ابنُ مرجانة، عبيد الله بن زياد، فسيروا إلى عدوّكم على اسم الله، فإنْ يُظْهِركم الله عليه رجونا أنْ يكونَ مَنْ بعده، أهون شوكة مِنْه...»[657].
ونجد في هذا النص مجموعة من الاستعمالات المجازية الاستعارية التي اعتمدها الخطيب ليُضفي على خُطبته طابعاً أُسلوبياً ملاكه الخروج على الدلالات المركزية إلى دلالات هامشية أُخرى.
ففي قوله: (هذا الفاسق ابن الفاسق)، إذ عبَّر بلفظة (الفاسق) عن العاصي والمذنب، وإنَّ هذه اللفظة تُقال أصلاً لانسلاخ الرطبة عن قشـرتها، وبعدها شهدت انحطاطاً دلالياً، فصارت تطلق على العاصي والمذنب الخارج عن حدود الله لعلاقة المشابهة[658]، فقد جاء في القاموس المحيط: «والرطبة عن قشـرها خرجت كانفسقت. قيل: ومنه الفاسق لانسلاخه عن الخير»[659].
إذاً هذه اللفظة شهدت توسّعاً دلالياً من أطلاقها على المحسوس (الرطبة) إلى المعقول: وهو الخروج عن حدود اللهI، ولكن هذا التوسّع قد حطَّ من دلالتها، وهنا استثمر الخطيب هذه الدلالة الجديدة ليُعبّر بها انطباقاً على ابن زياد وفساده، وخروجه على حدود اللهI، ولم يكتفِ الخطيب بهذا الوصف، بل عمد إلى استعمال الكناية، في قوله: (ابن مرجانة)، فهي صورة كنائية وإن كانت مبنيَّة على حقيقة نسب عبيد الله بن زياد إلى أُمّه مرجانة، ولكنَّ بناء الصورة على الحقيقة في هذا النص، يراد بها معنى آخر، وهذا ما يجعل المتلقي أكثر تنبهاً لما تحمله هذه الصورة الكنائية عندما تكشف الجانب الخفي بفساد الأصل الذي ينتمي إليه عبيد الله وخسّته، فضلاً عن الازدواجية في التوظيف لهذه المفردة (مرجانة) «التي أطلقت العنان لخيال المتلقي أنْ يتصوَّر ما شاء من التوجّهات الوصفية بابن زياد، ففتح الباب بأوسع مجالاته أمام حشد الأوصاف الدنيئة بابن زياد»[660].
ويعود ابن صرد ليستعير لفظة (الشوكة) ليُعبّر بها عن الحدَّة في الوصف في قوله: (رجونا أن يكون من بعده أهون شوكة منه). وبهذا يكون لاختيار العدول وظيفة فنيّة لإثراء الدلالة، وتحقيق القوة التعبيرية على مستوى خصائص المعاني اللغوية، و«التعبير عن المعاني المجرَّدة بالمعاني الحسيّة، وتنسيق عناصر الصورة وفق ذبذبات النفس الشعورية، لا وفق واقعها العياني المرصود»[661].
ويمضي سليمان بن صُرَد مكثفاً من اختيار العدول في خُطبه حتى يمكن حسبان ذلك ميزة أُسلوبية شائعة فيها، فقد جاء في خُطبته وهو يصف الجهاد: «فإنّكم لنْ تتوسَّلوا إلى ربِكم بشـيءٍ هو أعظمُ ثواباً مِنَ الجهاد والصَّلاة، فإنَّ الجهاد سنامُ العملِ...» [662]، فقد استعار (سنام الجمل) لعلوّ مرتبته مضافاً إلى الجهاد، ليصفه بأنّه أعلى مراتب العمل[663]، وبهذا الوصف الرائع يحبّب الخطيب فرض الجهاد إلى النفوس ويزيّنه فيها لتقبل عليه غير متردّدة.
وجاء في آخر خُطبة له قبيل استشهاده محرضاً قومه على القتال والجهاد: «أمَّا بعدُ، فقد أتاكم اللهُ بعدوّكم الذي دأبتم في المسير إليه آناء الليل والنَّهار، تُريدون فيما تُظهِرون التوبة النصوح... فإذا لقيتموهم فأصدقوهم، واصبروا إنَّ الله مع الصابرين، ولا يولّيهم امرؤٌ دبره إلّا متحرّفاً لقتال... لا تقتلوا مُدبِراً ولا تَجهزوا على جريحٍ، ولا تقتلوا أسيراً مِنْ أهل دعوتِكم...»[664].
فيكشف لنا هذا النص عن مدى مرونة استعمالاته حتى يخرج فيها عن المألوف في الكلام لكي يحقّق عدولاً أُسلوبياً، فلفظة (النصوح) استعارة؛ لأنَّها من أسماء المبالغة، و«يقال: رجلٌ نصوحٌ، إذا كان كثير النُصح لمَن يستنصحه، وذلك غير متأتٍّ في صفة التوبة على الحقيقة»[665]، والمراد أنَّه لما كانت التوبة من التوّابين بالغة غاية البلوغ في تلافي ذلك الذنب الذي صدر عنهم، «كأنَّها بالغةٌ غاية الاجتهاد في نُصح صاحبها، ودلالته على طريق النجاة بها، فحسن أن تُسمَّى (نصوحاً) من هذا الوجه»[666].
وهذا الوصف كان دقيقاً؛ لذا تأثَّر الخطيب بأُسلوب القرآن الكريم لقولهI: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) [667] ليدلّل على عمق توبتهم من عظيم ذنبهم حينما تركوا الإمام الحسين× وهو يواجه مصيره وحيداً.
وقد آثر محاكاة الأُسلوب القرآني مرَّةً أُخرى في نصّه حين قال: (ولا يولّيهم امرؤ دبره إلّا متحرفاً لقتال)، وتولي الأدبار كناية عن الفِرار في المعركة[668]، فأراد بهذا العدول أنْ يوجِّه قومه ويثبِّت من عزائمهم، ويطلب منهم أن لا يفرّوا من ساحة القتال إلّا لمشـروعية ذلك في الاستثناء القرآني، ونجد في قوله: (لا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيراً من أهل دعوتكم) مجازاً عقلياً علاقته المفعولية، والمراد بالجريح (المجروح)، وبالأسير (المأسور)، وقد مرَّ بالبحث أنَّ اختيار صيغة (فعيل) لها قيمتها الأُسلوبية في التعبير، وهو المبالغة في الوصف الموضوع في الكلام.
وقد جاء في خُطبة المختار بن أبي عبيد الثقفي التي ألقاها بعد هرب ابن مطيع: «فَسَمِعْنا دعوةَ الداعي، ومقالّة الواعي، فكم مِنْ ناعٍ وناعيَة، لَقَتْلَى في الواعيَة! وبُعداً لِمَنْ طَغَى... فلا والَّذي جعل السماءَ سَقْفَاً مَكْفُوفاً، والأرض فجَاجاً سُبُلاً، ما بايعتم بعد بيعة علي بن أبي طالب وآلِ علي أهدى مِنها»[669]، عدولان آثر المختار أن يودعهما فيه: الأوّل كان مجازاً لغوياً علاقته السببية في قوله: (فكم من ناعٍ وناعية لقتلى في الواعية)، فقوله: (لقتلى في الواعية)، والواعية هي الصراخ على الميت ونعيه، والمعنى كم من ناعٍ وناعية لأُناس قد قتلوا بسبب نَعيِهِم وصراخهم على قَتْلِ الحسين× وأصحابه، فالصراخ (الواعية) كان سبباً في قتل هؤلاء الناس من قِبل أعداء الحسين×، وكان غرض المختار من هذا العدول أن يستثير الناس، ويحرّك مشاعرهم للطلب بثأر الإمام من أعداء الله الذين لم يكتفوا بما اقترفوه من قتله وأهل بيته، بل تعدَّى إلى قتل مَنْ نَعَى هؤلاء الشهداء وبَكَاهُم.
أمَّا العدول الدلالي الآخر فنجده، في قوله: (فلا والذي جعل السماء سقفاً مكفوفاً) وهو مجاز عقلي علاقته الفاعلية، والمعنى: لا والذي جعل السماء سقفاً كافَّاً. وهذا العدول بحدّ ذاته محاكاة لقولهI: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [670]، والمعنى سقفاً حافظاً.
إنَّ هذه القدرة على ابتداع الصور المختلفة عن طريق الاستعمالات المجازية المتنوعة، دليلٌ كبيرٌ على تمكّن المنشئ مِن اللغة، واستثماره دلالاتها الهامشية التي تزيد من سعة المجال لخيالاته ورؤاه، فهو يُضفي على الأشياء المألوفة دلالات ومعاني جديدة[671].
وجاء كذلك في خُطبة المختار الثقفي وقد استنصره ابن الحنفية عندما زجه عبد الله ابن الزبير في السجن لقوله: «هذا كتابُ مهديّكم وصَريحُ أهلِ بيتِ نَبيّكم، وقدْ تُرِكُوا محظوراً عليهم كما يُحظر على الغَنَم ينتَظرون القتلَ والتحريق بالنار في آناء الليل وتارات النهار، ولَسْتُ أبا إسحاق إنْ لم أنصرْهُم نَصْرَاً مؤزَّراً، وإنْ لم أُسَرّب إليهم الخيلَ في أثَرِ الخيلِ، كالسيلِ يتلوهُ السيل، حتَّى يَحُلّ بابنِ الكاهليّة الويل»[672].
يتَّضح في هذا النص عدولٌ متنوِّعٌ، أوَّله قوله وهو يصف ابن الحنفية وأصحابه: (وقد تُرِكُوا محظوراً عليهم كما يُحظر على الغنم)، فقد صوّر حبسهم من قِبل ابن الزبير أروع تصوير من خلال اعتماده على فن التشبيه، فقد شبَّه حبسهم هذا بحبس الغنم من صاحبها؛ وذلك لأنَّ المشبه به، وهو الغنم تكون ليّنة سهلة الانقياد لصاحبها، وهو بهذا يصف ضعف محمد بن الحنفية وأصحابه، وعجزهم عن الإفلات من هذا السجن، وكذلك يحاول المختار من خلال هذا التشبيه أن يثير إحساس السامع، ويحرّك مشاعره من خلال المبالغة في المعنى الذي حمله التشبيه[673].
والعدول الآخر نجده، في قوله: (وإنْ لم أُسرّب الخيل في أثر الخيل) فتسـريب الخيل من المجاز العقلي؛ لأنَّ السرب يكون لجريان الماء ونحوه: «وسَرَب الماء: جرى على وجه الأرض، وهذا مسَرَبُ الماء»[674]، فقد أسند الفعل سَرَّب إلى الخيل مجازاً، قال الزمخشـري (ت 538هـ): «ومن المجاز سَرَّب علي الخيل والإبل: أرسلها سُرَباً»[675]، وأراد المختار من هذا الاستعمال المجازي أن يصف الخيل التي سيعدها ليُخلّص محمد بن الحنفية، بأنَّها متسرّبة متدفّقة كما يتدفَّق الماء، ويعضد هذه الصورة بصورةٍ مجازيةٍ أُخرى، اعتمد فيها على التشبيه في قوله يصف تلك الخيل: (كالسيل يتلوه السيل)، فقد شبَّه الخيل ـ علاوة على تسرّبها ـ بالسيل العَرِم الذي يجتاحُ كلّ شيءٍ أمامه، ولم يكن سيلاً واحداً، بل متلوّاً بسيلٍ آخر ليزيدَ من شدَّة الوصف، ففي التشبيه تتكامل الصورة وتتدافع المشاهد[676]؛ لأنَّهُ «محاولة بلاغية جادَّة لصقل الشكل وتطوير اللفظ، ومهمَّته تقريب المعنى إلى الذهن بتجسيده حيّاً، ومن ثَمَّ فهو ينقل اللفظ من صورة إلى صورة أُخرى على النحو الذي يُريده المُصَوّر»[677]، وأمَّا قوله: (حتى يحلّ بابن الكاهلية الويل)، وابن الكاهلية هو عبد الله بن الزبير، والكاهلية أُمّ أبي جدّه، وهذا وإن كان جارياً على الاستعمال الحقيقي، إلّا أنَّه جاء كنايةً عن البُخل الذي امتاز به عبد الله بن الزبير[678]، وممَّا لا ريب فيه أنَّ هذا التعبير الكنائي يرفع من قيمة المعنى المراد الذي يرمي إليه المنشئ، ويعمل على توكيده وتفخيمه في نفس السامع فيُضفي عليه جمالاً وقوَّة[679].
ومن هنا؛ فإنَّ اختيار المجاز بأنواعه المتفرّقة والتَّفنن فيها خلق عدولاً أو انزياحاً عن المألوف ممَّا أوجد سمةً أُسلوبيةً واضحةً تميَّز بها النص.
الفصل الرابع : دلالات المستوى التَّركيبي وخصائصه
يُعدُّ المستوى التركيبي من المستويات المهمّة في التحليل الأُسلوبي؛ لأنّه أحد المستويات التي تذهب إليها الأُسلوبية، وفيه يتمُّ دراسة تركيب الجملة [680]، إذ إنَّ بناء الجملة في النص أو بناء النص في ضوء الجملة هو الدافع الأساس لبناء نسق أُسلوبي تركيبي لنص معيَّن أو لكاتب معين[681].
والجملة: هي الأساس الذي تقوم عليها الدراسة النحوية؛ لذلك حظيت بعناية وافرة من النحاة العرب، فدرسوا أنماطها وصورها وما تؤديه من إفادة للمتكلّم أو السامع[682]، فعرّفها ابن هشام (ت761هـ) بأنَّها: «عبارة عن الفعل وفاعله، كـ(قام زيد)، والمبتدأ وخبره، كـ(زيد قائم)، وما كان بمنزلة أحدهما نحو (ضُرِبَ اللِّص)، و(أقائم الزيدان)، و(كان زيد قائماً)، و(ظننته قائما)»[683]. وعلى هذا فإنَّ الجملة لا بدَّ أنْ تتشكل على وفق مفهوم الإسناد المفيد لمعنى [684]، وعليه فالجملة في خالص أمرها هي كلّ كلام مقصود لذاته مفيد لمعناه، أنْ تحصل منه الفائدة ويدلّ على معنى[685]، أمّا في الدرس العربي الحديث فقد كان لدراسة الجملة عناية ملحوظة من الدارسين، وهم يحاولون الإفادة في دراستها ممّا توصَّل إليه علم اللغة الحديث[686]، ويطالعنا الدكتور إبراهيم أنيس في تعريفه للجملة بأنّها: «أقلُّ قدرٍ من الكلام يُفيد السامع معنًى مستقلاً بنفسه، سواء تركّب هذا القدر من كلمة واحدة أو أكثر»[687]، وإلّا فلا تُسمّى جملةً مفيدةً، ولا ينطبق عليها تعريف الكلام، فالمهم في الجملة هو إفادة التركيب معنًى مستقلاً، ليعد هذا التركيب جملةً لغويةً.
والذي يُعني البحث أنَّ التحليل الأُسلوبي يتَّجه إلى تركيب الجملة وترتيب عناصرها[688]، فاللغة العربية من بين سائر اللغات تمتاز بمرونة واسعة في بناء الجملة، وفي تشكيل عناصرها وترتيبها، «فالجملة الصغيرة المكونة من الحدّ الأدنى (المسند، والمسند إليه) على قيمة الانزياح اللغوي فيها، تبقى ذات عناصر أوّلية مكونة للجملة البلاغية في حال التقديم والتأخير، والحذف والذكر، والفصل والوصل»[689].
ويتَّجه التحليل الأُسلوبي إلى دراسة الأساليب اللغوية المختلفة[690]، التي تعتمد على وجود الصيغة اللغوية أو الأداة في صدر الجملة في الغالب، والمعتمدة على أنماطها من حيث هي خبرية أو إنشائية.
وسيتناول البحث في هذا الفصل التحليل اللغوي والبلاغي للأساليب والبُنى التركيبية ـ بحسب ما ورد منها في نصوص الحِقبتين ـ من منطلق أنَّ الأُسلوبية ممارسة علمية تستعين في تحليلها للنص الأدبي بتقنيات منهجية، مستمدة من علوم ومناهج مختلفة، منها: علم اللغة، وعلم البلاغة، وغيرها[691].
وجاء هذا الفصل على مبحثين: درَسَ الأوَّل الأنماط البنائية للأساليب اللغوية، فقسّمها على أساليب خبرية وإنشائية، وأساليب جمعت بين الخبرية والإنشائية، كالشرط والقسم. أمَّا المبحث الثاني، فقد تناول الخصائص المعنوية للتراكيب كالفصل والوصل، والتقديم والتأخير، وغيرهما.
الأنماط البنائيَّة للأساليب اللغويَّة
يقصد بالأُسلوب اللغويّ: هو ما يتميَّز بسمتين هما:
1ـ وجود أداة أو صيغة لغوية تتصدَّر الجملة غالباً، إذ يدلُّ وجودها على نوع ذلك الأُسلوب من توكيد، أو أمر، أو استفهام، أو شرط... وقد تُحذف هذه الأداة أحياناً، فيدلّ عليها السياق.
2ـ وجود شحنة نفسية أو انفعالية تتطلَّبها مناسبات القول[692].
وتُعنى الأُسلوبية بدراسة الأساليب اللغوية وطرائق تشكّلها [693]؛ إذ إنّ النثر الفنّي يعتمد على ما يستعمله الناثر من أساليب لغوية متنوعة، يستطيع من خلالها بناء عبارات متماسكة أُسلوبياً.
وقد وجّه بعض اللغويّين المُحدَثين جلّ اهتمامهم لدراسة الأساليب اللغوية بحساب أنَّ دراستها لا غنى عنها في دراسة أيّ لغة، كأُسلوب الاستفهام والنفي، وأُسلوب التوكيد وغيرها[694].
إنَّ لكلّ أُسلوب لغوي دلالته الخاصَّة به، وقد تخرج هذه الدلالة في بعض الأساليب إلى دلالات أساليب أُخر، فتصبح حينئذٍ سمة أُسلوبية خاصَّة، كخروج أُسلوب الأمر إلى معنى الدعاء أو التعجب أو الإنكار، وخروج أُسلوب الأمر إلى النفي وغيرها، وقد عني الدرس البلاغي بهذا التحوّل الدلالي تأكيداً منه «على مرونة الأُسلوب، وعلى ارتباطه بالشحنة الانفعالية والشُّعورية التي تقتضيها مناسبات القول»[695].
ولم تكن مسألة خروج الأساليب عن دلالتها مقتصرة على الدرس البلاغي فحسب، بل إنَّنا نجد بعض اللغويين القدماء ـ كابن جنّي ـ يُخصّص فصلاً مستقلاً يتحدّث فيه عن ظاهرة تحوّل الأساليب من أُسلوب إلى آخر مغاير له، إذ تناول فيه تحوّل أُسلوب الاستفهام إلى أُسلوب التعجُّب، ثمَّ إلى أُسلوب الخبر[696].
وسوف يتناول البحث دلالة بعض الأساليب اللغوية الحقيقية، وما قد يخرج منها إلى دلالات هامشية، كما يمضي في تقسيم هذه الأساليب اللغوية إلى أساليب خبرية أو إنشائية، تبعاً للقصد الذي تحمله الجملة في ذلك الأُسلوب.
عرّف أبو العباس المبرّد (ت285هـ) الخبر بأنَّه: «ما جاز على قائله التصديق والتكذيب»[697]، وعرَّفه السكّاكي (ت626هـ) بالطريقة ذاتها بأنَّه: «الكلام المحتمل للصدق والكذب، أو التصديق والتكذيب»[698] أي: إنَّ جملة الخبر تحمل جانب حكاية عن الواقع، فإنْ طابق هذا الواقع فتكون الجملة صادقة، وإنْ لم تطابقه فتكون جملةً كاذبةً[699].
وقد عدّ عبد القاهر الجرجاني الخبر بأنَّه الأصل في معاني الكلام قائلاً: «اعلم أنَّ معاني الكلام كلّها معانٍ لا تُتَصَوّر إلّا فيما بين شيئين، والأصل والأوَّل هو (الخبر)»[700] ؛ وذلك لأنَّه: «يُتَصَوَّر بالصور الكثيرة، وتقع فيها الصناعات العجيبة، وفيه يكون في الأمر الأعمّ، المزايا التي بها يقع التفاضل في الفصاحة»[701].
وللخبر فائدته الدلالية في الكلام، وهي إفادة المتلقّي الحكم الذي تتضمَّنه الجملة أو الكلام[702].
ويتميَّز الأُسلوب اللغوي كما مرَّ سابقاً بوجود أداة أو صيغة لغوية تتصدَّر الجملة، فإنْ تصدَّرت تلك الأداة الجملة الخبرية كان الأُسلوب خبرياً يحتمل الصدق أو الكذب بحسب تطابقه مع الواقع الخارجي الذي يطابقه، وسوف يتناول البحث بعض تلك الأساليب الخبرية التي وردت بحسب كثرتها في خُطب ورسائل الحِقبتين.
النّفي: «أُسلوب لغويٌ تحّدده مناسبات القول، وهو أُسلوب نقض وإنكار، يُستخدم لدفع ما يتردّد في ذهن المخاطب»[703]، ويكون في الغالب بصيغة تُشْعِر بهذا النفي[704]، وهذه الأدوات هي: ليس، ولم، ولمّا، وما، ولا، ولن[705]. ولكلّ أداة منها «فروقٌ تُبرّر وضع الواضع لها دون غيرها لتحديد ما تتضمَّنه من توجيه دلالي للأقوال. فلئن كانت تشترك في دلالتها العامّة على قوة النفي، فإنَّها تختزن ما يحتاج إليه المتكلِّم من طرق للتعبير عن المقامات المختلفة عند الاستعمال»[706]، وقد ورد أُسلوب النفي في خُطب ورسائل الحِقبتين بصورةٍ واسعةٍ لمِا له من أغراض أُسلوبية في الكلام، وهو «إخراج الحكم في تركيبٍ لغويٍّ مثبت إلى ضدّه، وتحويل معنى ذهني فيه الإيجاب والقبول إلى حكم يخالفه»[707]، وهذا ما سنراه في الأمثلة.
جاء في خُطبة المسيّب بن نجبة الفزاري قوله: «لا نَحْنُ نَصَرْناهُ بأيْدِينا، ولا جَادَلْنا عنه بألسِنَتِنا، ولا قوَّيْناه بأموالِنا، ولا طَلَبنا لهُ النصرةَ إلى عَشائِرنا، فما عُذْرُنا إلى رَبِنا، وعند لقاء نبينا’، وقَدْ قُتِلَ فِينا وَلَدُهُ وحَبِيْبُه وذُريته ونَسْلُه، لا والله لا عُذْرَ دونَ أنْ تَقْتلُوا قاتِلَهُ والموالين عليهِ، أو تُقْتَلُوا في طَلَبِ ذلك»[708].
فالخطيب يُفصح عن الوضع المأساوي المتخاذل الذي كان عليه التوّابون وقت طلب الحسين× النصرة من الناس، وهنا ينفي الخطيب نفياً قاطعاً نصر الحسين×، أو تقويته، أو حثّ العشائر على نصرته، فهم أسلموه في وقت المحنة إلى عدوّه.
وكان الخطيب قد استعمل أُسلوب النفي بالأداة (لا) التي تُفيد نفي ما بعدها نفياً شاملاً وعامّاً[709]، كما أنّها لخفّتها وسهولة نطقها قد سوّغ تكرارها في الكلام، فهي مكوّنة من (اللام) في بدايتها وهو عماد دلالتها على النفي[710]، و«اللام: أحد أصوات الذلاقة، ومخرج أصوات الذلاقة ـ وهي أيسر الأصوات نطقاً وأخفها على اللسان ـ من ذلق اللسان، وهو طرفه الحاد، وذلق اللسان أكثر عَضَلِ النطق حركة، وأشدّها سرعة، وأوفاها مرونة»[711]، فضلاً عن ذلك كان تكرارها يُفيد توكيد النفي وإثباته، وإعادة الصورة السلبية المتخاذلة.
ويعود الخطيب لاستعمال النفي في قوله: (لا عذر)، فهو ينفي أنْ يكون هناك عذرٌ في القعود عن الأخذ بثأره، وقد استعمل هذه المرّة أداة النفي (لا) النافية للجنس التي تُفيد نفي الجنس نفياً مستغرقاً وعاماً[712]، فهو ينفي أيّ نوع من أنواع العُذر لتسويغ هذا القعود عن الجهاد، والسكوت عن الظلم والظالمين، إلّا أنْ يأخذوا بثأر إمامهم× من قاتليه، فالخطيب في مقام المحفّز والمستنهض لهِمم هؤلاء الثائرين.
وجاء كذلك هذا الأُسلوب في رسالة المختار إلى محمد بن الحنفية: «وَقَدْ قَتَلْنا مَنْ شَرِكَ في دمِ الحسينِ وأهلِ بيته ـ رحمةُ الله عليْهم ـ كلَّ مَنْ قَدَرْنا عليْه، ولَنْ يُعْجِزَ اللهَ مَنْ بَقِي، ولَسْتُ بِمُنْجِم عَنْهُمْ حتّى لا يَبْلُغَني أنَّ على أديمِ الأرضِ مِنهم إرَمِيّاً...»[713].
فقد اتكأ المختار على أُسلوب النّفي في توعّده هذا من قتل قاتلي الإمام الحسين× وأهل بيته وأصحابهy، إذ استعمل النفي بـ(لن) في قوله: (ولن يعجز الله مَن بقي)، و(لن) تُفيد نفي المستقبل[714] نفياً مؤكّداً[715]، وهي في النّفي مثل (لا) غير أنّها أبلغ وأوكَد في النّفي [716]؛ لأنَّ فيها تشديداً على النّفي، ومِنْ هنا ندرك الميزة الأُسلوبية في اختيارها في هذا المقام، فالمختار يؤكد ويُشدّد على أنّ اللهI لن يعجزه ما بقي من هؤلاء، وذلك بأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثمّ يعود فيستعمل النفي بـ(ليس)، وقد أوردها هذه المرّة متعلّقة به في قوله: (ولست بمنجم عنهم)، وهي تُفيد نفي الحال[717]، أو تَرِد لمطلق النفي على ما تقتضيه قرائن الأحوال، فترد لنفي الماضي، والحال، والاستقبال[718]، فالمختار أراد أن يقول: إنّي لستُ بمقلع عن تتبع قتلة الإمام الحسين× لا في الماضي، ولا في الحاضر، ولا في المستقبل، وهذا في غاية التأكيد والإصرار.
وعليه؛ فالنص المتقدّم أفصح عن اختيار واضح للأدوات اللغوية على وفق المقتضـى بما أظهر ملمحاً أُسلوبياً مقصوداً، فاسحاً المجال للمتلقّي من فحصها وتدبّرها، وهذا ينمُّ عن قدرة المنشئ وتمكّنه من لغته بمهارته في استعمال دقائقها.
وجاء أُسلوب النفي أيضاً في رسالة محمد بن الحنفية إلى الشيعة بالكوفة في قوله: «مِنْ مُحَمَّد بن علي إلى مَنْ بالكوفةِ مِنْ شِيْعَتِنا، أمَّا بعدُ، فاخرُجوا إلى المَجالسِ والمَساجد، فاذكرُوا الله علانيَة وسِرّاً... فإنَّهُ ليسَ أحدٌ مِنَ الخَلْقِ يَمْلِكُ لأحدٍ ضُرّاً ولا نَفْعاً إلّا مَا شَاءَ الله، وكلّ نفسٍ بما كَسَبَتْ رَهِيْنَة، ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى...»[719].
فنجد أنّ المنشئ قد اعتمد أُسلوب النّفي في مواضع من رسالته، ليُفهم السامع المقاصد الأُسلوبية من ورائه، لا سيّما وأنّ المنشئ كان في مقام الواعظ الموصّي، وقد آثر أنْ يختار أداة النفي (ليس) في هذا المقام بقوله: (ليس أحدٌ يملك لأحد ضُراً ولا نَفعاً إلّا ما شاء الله)، ودلَّت (ليس) على مطلق النّفي على ما يقتضيه السياق، فالمنشئ أراد أنْ يُفهِمَ السامع أنَّه لا يوجد أحدٌ على الإطلاق يستطيع أنْ يملك ضرّاً أو نفعاً إلّا الله سبحانه وتعالى، ومن الملاحظ أنَّ الخطيب قد جاء باسم (ليس) نكرة، وهو (أحدٌ) وفي هذا غرض أُسلوبي آخر، وهو نفي الشمول والعموم، يقول الدكتور تمام حسان: «فإذا وقعت النكرة في سياق النّفي كانت إفادتها التعميم أشدَّ وأشمل»[720]، وقد اقترن وجود الاسم النكرة المنفي مع (ليس) لكي تُفيد النّفي (التأبيدي).
ثمَّ يُكرّر المنشئ من أُسلوب النّفي، مستعملاً (لا) النافية في قوله: (لا تزرُ وازرة وزر أُخرى)[721]، و(لا) النافية تُفيد نفي الشيء نفياً شاملاً كنفي الجنس، كما مرَّ سابقاً، وجاء نفياً مقترناً بوجود النكرة في سياق النفي وهي (وازرة)، وقد أفاد وجودها في هذا الموضع العموم والشمول، فالخطيب إنّما يُريد أن يُفهم السامع بأنّه لا توجد نفس تحمل إثم نفس أُخرى على الإطلاق، فيجب عليكم أن تلزموا أنفسكم وتصونوها عن الآثام والذنوب.
وهكذا يرد أُسلوب النفي بمختلف أدواته في هذه النصوص مفعماً بالمقاصد الأُسلوبية التي يتوخاها المنشئون في هاتين الحِقبتين.
لقد عنى النحاة والبلاغيون بموضوع القصـْر، فعرّفه السيوطي (ت911هـ) بأنَّه: «تخصيص أمرٍ بآخر بطريق مخصوص»[722]، وجاء في شروح التلخيص بأنّه: «تخصيص شيء بشـيء بطريق مخصوص»[723]، وعرَّفه المُحدَثون بنفس الطريقة المذكورة[724]، لذا تكون دلالته «متقاربة عند النحاة والبلاغيين، ومتناسبة بين القدامى والمُحدَثين»[725].
ويُقسَّم القصر بحسب حيثيات كثيرة، فمِن حيث الحقيقة والواقع يُقسم إلى قسمين هما: قصـر حقيقي، وقصر إضافي، ومن حيث حال المخاطب يُقسم إلى ثلاثة أقسام هي: قصـر إفراد، وقصر قلب، وقصر تعيين[726]، ويُقسم من حيث طرفاه إلى نوعين هما: قصـر موصوف على صفة، وقصر صفة على موصوف[727].
إنَّ الذي يهمُّ البحث أنَّ القصر يؤدي وظيفته الأُسلوبية، وهي توكيد الكلام وتثبيته، فقد ذهب الدكتور إبراهيم أنيس إلى أنَّ الغاية من أُسلوب القصر: هو تمكين الكلام وتقريره في ذهن السامع[728]، وقد عدّ الدكتور المخزومي القصر من «أقوى طرائق التوكيد، وأدلّها على تثبيت ما يُراد تثبيته أو تقريره»[729].
والقصر كأيّ أُسلوب لغوي له أدواته الخاصّة التي يؤدَّى بها، وقد ذكرها البلاغيون في كتبهم، وسوف يتناول البحث أهمّ تلك الأدوات من خلال الأمثلة.
من ذلك، فقد جاء في خُطبة صُخَير بن حذيفة بن هلال رادّاً على سليمان بن صُرَد الخزاعي، فقال: «آتاكَ الله رُشْدَك، ولقّاك حُجْتَك، والله الذي لا إله غَيْرهُ ما لنا خيرٌ في صُحْبَةِ مَنِ الدُّنيا هِمَّتُهُ وَنِيَّتُه. أيّها الناس، إنَّما أخرَجتنا التوبةُ مِنْ ذَنْبِنا، والطَّلبُ بدمِ ابنِ ابنةِ نبيّنا’، ليسَ مَعَنَا دينارٌ ولا دِرْهَم، إنَّما نَقْدِمُ على حدّ السيوفِ وأطرافِ الرمَاح»[730].
نجد أنّ بُنية القصر قد جاءت في مواضع متفرّقة مِن هذه الخُطبة القصيرة نسبياً، ونلحظ في قوله: (والله الذي لا إله غيره)، أنّه قد قصر بالأداة (غير) المسبوقة بأداة النفي (لا)، وهذه طريقة النفي والاستثناء، وهي أحدى طرق القصـر[731]، والقصـر من حيث حقيقته في هذا الموضع هو قصر حقيقي؛ لأنّ المقصور عليه اختصّ بحسب الحقيقة والواقع ولم يتعدَّاه إلى غيرهما أصلاً [732] ؛ لأنّه مختصٌ بصفات الله Iالذي لا يوجد على الإطلاق إله غيره، يكافئه في صفة الإلوهية، ثمَّ إنَّ هذا القصر من ناحية طرفيه إنَّما هو من خلال قصـره للصفة على موصوفها، واختصاصها به، إذ لا يتَّصف بالإلوهيّة غير اللهI.
واستعمل أُسلوب القصر بـ(إنَّما) في موضعين هما: (إنّما أخرجتنا التوبة من ذنبنا والطلب بدم ابن ابنة نبيّنا)، و(إنّما نقدم على حدّ السيوف وأطراف الرماح).
فقد استعمل الخطيب (إنّما) وهي أداة من أدوات القصر[733]، «ودلالة القصر بها هو تمييزها بما اختُلف عن الصفات الأُخرى»[734]، بمعنى أَنَّها تميّز المقصور بها عمّا عداه، فالخطيب استعملها لتؤدّي ذلك الغرض، فهو يقصر خروجهم على التوبة من ذنبهم والطلب بدماء الحسين× ليس غير، ثمَّ إنَّه قصر تقدّمهم إلى ساحات القتال على السيوف والرماح.
ولو نظرنا إلى ماهية هذا القصر من حيث الحقيقة والواقع لوجدنا أن سياق الحال يُفصح عن ذلك، فالقصر في قوله: (إنمَّا أخرجتنا التوبة من ذنبنا والطلب بدم ابن ابنة نبيّنا) يمكن أن يُنزّل منزلة القصر الحقيقي لا الإضافي، من حيث إنَّ المقصور عليه وهو طلب التوبة من الذنب ودماء الإمام الحسين×، إنَّما كان منهم بحسب الحقيقة والواقع ولم يتعده إلى غيره؛ إذ إنَّ الدافع الحقيقي لنهضة هؤلاء وثورتهم إنَّما هو التوبة من الذنب والطلب بدم الإمام المظلوم، ليس غير، وهو من ناحية حال المخاطب إنَّما هو (قصر أفراد) ؛ لأنَّ الخطيب أراد أنْ يدفع ما اعتقد به المخاطب أنَّ لهم صفة أُخرى غير هذا المبدأ؛ لأنَّ سليمان بن صُرَد قال في موضع سابق: «مَن كان إِنَّما أخرجته إرادة وجه الله وثواب الآخرة فذلك منَّا ونحن منه... ومَن كان إنَّما يُريد الدّنيا وحرثها، فو الله ما نأتي فيئاً نستفيئه»[735]، فالخطيب أراد أن يقطع ما اعتقد به سليمان بن صُرَد ويُفْرِدَ الحكم ولا يُشرك به شيئاً آخر.
وأمّا القصر بقوله: (إنّما نقدم على حدّ السيوف وأطراف الرماح)، فهو قصـر إضافي، يمكن أنْ يتجاوز خروجهم على غير الذي قصر خروجهم عليه، فليست السيوف والرماح هي التي يخرجون بها وحدها، وإنَّما هناك عدّةٌ أُخرى للحرب كالخيل، والدروع، والسهام، وغيرها، فالقصر هنا إضافي وليس بحقيقي، فالتقدّم لا يقتصر على السيوف والرماح فقط، وإنّما يتعداه إلى شيء غيره، ونلحظ أنَّ القصـر في الموضعين السابقين من نوع قصـر الموصوف على الصفة، ففعل الخروج (الموصوف) مقصور على الصفة (التوبة وطلب الثأر)، وكذلك يكون فعل التقدّم إلى ساحة المعركة (الموصوف) مقصوراً على أطراف الرماح (الصفة)، وهو قصر إضافيّ نسبي كما مرَّ سابقاً.
وجاء في خُطبة السائب بن مالك الأشعري رادّاً على عبد الله بن مطيع الوالي الزبيري على الكوفة: «أمَا أمرَ ابنُ الزبير إيَّاك ألّا تَحْمِلَ فَضْلَ فَيْئِنا عنَّا إلّا برضَانا؟! فإنَّا نُشْهِدُكَ أنَّا لا نَرضى أنْ تَحْمِلَ فَضْلَ فَيْئِنا عَنَّا، وألّا يُقْسَم إلّا فِيْنَا؛ وألّا يُسِار فينا إلّا بسِيرةِ علي بن أبي طالب التي سارَ بها في بلادنا هذه حتَّى هَلَكَ رحمةُ اللهِ عَليْه، ولا حاجةَ لنَا في سِيرَةِ عثمان في فَيئِنا ولا في أنْفُسِنا، فإنَّها إنَّما كانت إثرَةً وَهَوًى، ولا في سيرةِ عمر بنِ الخطّاب في فَيْئِنا، وإنْ كانَتْ أهْوَن السيرتينِ عَلَيْنا ضَرّاً»[736].
فالنصّ أفصح عن كثرة استعمال أُسلوب القصر؛ حتى أضفى عليه ميزة أُسلوبية تجذب تنبّه المتلقّي، فقد جاء في أربعة مواضع هي، قوله: (ألّا تحمل فضل فيئنا عنّا إلّا برضانا)، قد استعمل أُسلوب القصر بالنفي والاستثناء، فقد جاء بأداة النفي (لا) مدغمة بـ(أن)، وقد جاء المنشئ بهذا القصر لا لشيء يجهله السامع (ابن مطيع)، وإنَّما جاء لأمرٍ معلوم لديه، إذ أمره ابن الزبير أنْ يحمل فضل فيئهم عنهم، لكنّ المنشئ أنزل هذا الأمر المعلوم ـ لغرض بلاغي ـ منزلة الأمر المجهول عنده، وهذا خروج عن أصل وضع القصـر[737] لأجل ذلك الغرض البلاغي.
ثمّ يأتي بأُسلوب القصر في موضعين آخرين بالطريقة السابقة في قوله: (وألّا يقسَّم إلّا فينا، وألّا يسار فينا إلّا بسيرة علي بن أبي طالب)، فالقصـر هنا حقيقي؛ لأنَّ الخطيب يُريد القسمة الحقَّة والسير على نهج أمير المؤمنين على بن أبي طالب× ولا يتعدّاها إلى غيرها، وهو بحسب حال المخاطب قصر (قلب)؛ لأنَّ السامع (المخاطب) كان يعتقد غير ما سمع؛ لأنَّه كان يعتقد أنَّه سوف يسيّرهم بسيرة عمر وعثمان ـ في خُطبة سابقة ـ لكن الخطيب يأتي في هذا المقام، ليقلب ذلك الاعتقاد إلى خلاف ما هو عليه مؤكّداً بأُسلوب القصـر أنَّهم يُريدون السير بسيرة الإمام علي×؛ إذ إن «هذا القصر قائم على إلغاء الصفات المنسوبة مع نسبة صفة جديدة غير تلك»[738].
ثمَّ يعود المنشئ بأُسلوب القصر ليصف سيرة عثمان في المسلمين، بأنَّها إنَّما كانت سيرة هوًى بقوله: (إنّما كانت إثرَةً وهوًى)، وهو من نوع القصـر الإضافي؛ لأنَّه قصـر الهوى والإثرَة على سيرة عثمان بن عفّان بالنسبة إلى سيرة أُخرى، لا أنَّه لا يوجد هوًى وإثرَةً بسيرة أُخرى عداها؛ لأنَّ الواقع ينفي ذلك، فهناك كثير من السِيَر تمتلك هذه الصفات، والقصـر من جهة حال المخاطب هو قصر (قلب) أيضاً؛ لأنَّ المخاطب كان يعتقد أنَّ سيرة عثمان هي السيرة المثالية لديه، لكنَّ المنشئ قَلَبَ هذا الحُكم في نفسه.
يُعرَّف الإنشاء بأنّه: الكلام الذي لا يحتمل صدقاً أو كذباً[739]؛ لأنّه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به واقع خارجي يطابقه أو لا يطابقه[740]. وقد قسّمه البلاغيون على قسمين: إنشاء طلبي: وهو الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، وهو على خمسة أنواع، هي: الأمر، والنهي، والاستفهام، والنداء، والتمني. وإنشاء غير طلبي: وهو ما لا يستدعي مطلوباً، وله أساليب مختلفة كألفاظ العقود والتعجّب وغيرها[741].
والذي يهمُّ البحث الأُسلوبي هو الخوض في أساليب الإنشاء الطلبي، وما تخرج إليه من دلالات حقيقية وأُخرى مجازية[742]، تلك التي غلبت على نصوص الحِقبتين حتى عُدّت ظاهرة أُسلوبية متميّزة فيها.
ونظراً لتلك الكثرة في توافر الأساليب الإنشائية الطلبية فسوف يقف البحث عند أكثرها تردّداً في نصوص الحِقبتين.
الأمر: هو «طلب الفعل بصيغة مخصوصة»[743]، وقد أشار سيبويه إلى أنَّ الأمر سياق فعلي لا يكون إلا بفعل[744]. وعرّفه البلاغيون بأنّه: «صيغة تستدعي الفعل، أو قول يُنبئ عن استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء»[745].
وقد يخرج الأمر من خلال السياق إلى دلالات بلاغية جديدة كالدعاء والالتماس وغيرهما إذا لم يكن فيه معنى الاستعلاء[746].
ولأُسلوب الأمر أربع صيغ يُؤدَّى بها هي: فِعْل الأمر، والفعل المضارع المقترن بلام الأمر، واسم فعل الأمر، والمصدر النائب عن فعل الأمر[747]، وقد ورد أُسلوب الأمر بكثرة في خُطب ورسائل وأدعية الحِقبتين، سواء كان على الحقيقة أم خارجاً إلى أغراض بلاغية أُخر.
فقد جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد قوله: «كونُوا كالأوْلَى مِنْ بَنِي إسْرَائيل إذْ قَالَ لَهُم نبيّهم: (قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ) [748]... اشْحَذُوا السّيوف، وركّبوا الأسنّة، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) [749]» [750].
فجاء أُسلوب الأمر في هذه القطعة على دلالته الحقيقية كونه صادراً من أعلى رتبة ـ وهو سليمان بن صُرَد قائد التوّابين ـ على صيغة فعل الأمر في أربعة مواضع، هي: (كونوا، اشحذوا، ركّبوا، أعدّوا)، وكلّها كانت على جهة التكليف والإلزام[751]، وفيه يأمر سليمان قومه بأوامر جدّية ألا وهي أنْ يكون هؤلاء القوم كَتوّابي بني إسرائيل في توبتهم من ذنبهم، إذ كان يرى أنَّ عدم نصر الإمام الحسين× خطيئة كبرى يجب التوبة منها والتكفير عنها.
ثمَّ يأمر قومه بشحذ السيوف وتركيب الأسنَّة والاستعداد لخوض الغمرات مقتبساً من آي الذكر الحكيم في أُسلوبها الذي يأمر المؤمنين بإعداد العدَّة، والتأهّب للجهاد في سبيل الله، وما كان ذلك إلّا لإقناع السامع أكثر، وتذكيره بمشروعيّة الجهاد، والقتال في سبيل الله، وكان لتكرار صيغة الأمر بهذا القدر ميزة أُسلوبية توشّح بها النص، لِتُلفِت نظر السامع، وتثبّت الأمر في ذهنه أكثر.
وممَّا جاء في هذا
الأُسلوب كان في دعاء التوّابين حول قبر الإمام الحسين×:
«يا ربِّ إنّا قَدْ خَذَلْنَا ابْنَ بِنْتِ نَبِيّنَا، فاغْفِرْ لَنَا ما مَضَى
منَّا، وَتُبْ عَلَيْنا إنّكَ أنْتَ التَّوابُ الرَّحيم، وارْحَمْ حُسَيناً
وأصْحَابَهُ الشُّهَدَاء الصدّيقين»[752].
وجاء الأمر في هذا النص على غير حقيقته، بل انزاحت فيه الدلالة إلى الدعاء؛ إذ إنَّ الأمر يخرج إلى دلالة الدعاء إذا كان صادراً من الأدنى إلى الأعلى على سبيل التضـرّع والخضوع[753]، فالأمر جاء لغرض الدعاء، وقد صاحبته تلكم الوجدانية (الروحية) في دعائهم وترحّمهم على الإمام الحسين× وطلب التوبة والغفران من الله بسبب خذلانهم له.
إنَّ استعمال صيغة الأمر في هذا المقام قد أفصح عن ميزة أُسلوبية في التعبير نصل من خلالها إلى معرفة القيمة الوظيفية الثانية التي انزاح إليها أُسلوب الأمر ألا وهي وظيفة الدعاء والتضرّع.
النهي هو: «المنع من الفعل بقول مخصوص مع علوّ الرتبة. وصيغته: لا تفعل، و: لا يفعل فلان»[754]، وصيغته اللغوية دخول (لا)، وهي أداة نهي على الفعل المضارع[755]. ويشترط البلاغيون الاستعلاء في النهي، لكي يكون نهياً[756]، وإنْ لم يُستعمل على سبيل الاستعلاء يسمّونه دعاءً، أو التماساً، أو تهديداً[757]، وهي من المعاني المجازية التي يخرج إليها هذا الأُسلوب.
وقد جاء أُسلوب النهي في خُطبةِ سليمان بن صُرَد لقوله: «ولا يُولّيهِم امرؤٌ دُبُرَهُ إلّا مُتَحَرّفاً لقتالٍ أو مُتَحَيّزاً إلى فِئَةٍ، لا تَقْتُلُوا مُدْبِراً، ولا تُجْهِزُوا على جَرِيْحٍ، ولا تَقْتُلُوا أسِيراً مِنْ أهلِ دَعْوَتِكُم إلّا أنْ يُقاتِلكُمْ بَعْدَ أنْ تَأسروه»[758].
فقد مثّلت بنية النهي عماد هذا النص؛ ذلك أن أداة النهي (لا) تكرَّرت مع الفعل المضارع المجزوم بها، عندها جاءت الدلالة فيه على حقيقتها؛ كون أنَّ النهي قد صدر من جهة عالية، وهو الخطيب مع الإلزام[759]، فالخطيب ينهى قومه عن الهروب من ساحة الوغى ويطلب منهم الثبات على القتال، وفي الوقت ذاته ينهاهم أيضاً عن قتل الهاربين المدبرين، أو قتال الجرحى أو قتل الأسرى، ويكشف هذا الخطيب في أُسلوبه الطلبي عن سيرته الصالحة، وأخلاقه النبيلة في القتال، وقد مرّ بالبحث أنَّ هذه السيرة إنّما هي سيرة النبي’ وأهل بيته الأطهار.
وجاء في خُطبةِ عبد الله بن يزيد: «إنَّ المُسْلِمَ أخو المُسْلِم، لا يَخُونُه ولا يَغُشُّه، وأنْتُمْ إخواننا وأهلُ بلدِنا، وأحبُّ أهلِ مِصْرٍ خَلَقَهُ الله إليْنا، فلا تَفْجَعُونا بأنفُسِكُم، ولا تَسْتَبِدُّوا عَلَيْنا بِرَأيكُم، ولا تَنْقُصوا عَدَدَنا بخروجِكُم مِنْ جَمَاعَتِنَا»[760].
فقد قصد الخطيب أنْ يكرر أُسلوب النهي، فجاء به في ثلاثة مواضع، ولكن دلالته لم تَرد على حقيقتها، بل انزاحت إلى دلالة أُخرى، هي الالتماس؛ إذ إنَّ النهي يخرج إلى دلالة الالتماس إذا كان النهي صادراً بين متساويين في الرتبة[761]، كأن يكون الطلب (صادراً من أخ إلى أخيه، أو صديق إلى صديقه)[762].
وواضح من سياق الخُطبة أنَّ عبد الله بن يزيد عدّ نفسه أخاً لهؤلاء التوّابين، ولهذا جاء النهي على غير حقيقته في الطلب والاستعلاء والإلزام، بل جاء يدلّ على التماس الخطيب للتوّابين أن يرجعوا عمّا أقدموا عليه، كي لا ينقص عددهم عند مواجهتهم عدوّهم.
عرّف عبد القاهر الجرجاني الاستفهام بقوله: «الاستفهام استخبارٌ، والاستخبار: هو طلبٌ من المخاطب أنْ يخبرك»[763]. وعرّفه العلوي بأنّه: «طلب المراد من الغير على جهة الاستعلام»[764].
إذاً؛ حقيقة الاستفهام: هو طلب فهم الشيء. وهو ما ذهب إليه اللغويون من قبلُ، فابن السرَّاج (ت316هـ) ذهب إلى أنَّ الاستفهام هو طلب الإخبار؛ لأنَّ معنى الاستفهام معنى الإخبار[765]، وكذلك ذهب ابن يعيش إلى أنَّ الاستفهام معنى من المعاني يطلب به المتكلّم من السامع أنْ يُعلمه بما لم يكن معلوماً عنده من قبلُ[766].
وعلى الرغم من حقيقة طلب الفهم التي يكون عليها الاستفهام كما تقدَّم من خلال التعريفات، فإنَّه قد يخرج عن هذه الحقيقة إلى دلالات أُخر بديلة كالنفي، والإنكار، والتعجب، وهذا ما تناوله البلاغيون في دراساتهم[767].
بقي أنْ نعرف أنَّ للاستفهام أدوات لغوية متعدّدة؛ إذ يُستفهم بأسماء، وظروف، وحروف. فالأسماء: (مَن، وما، وأيّ، وكم) وغيرها، والظروف: (متى، وأين، وأيَّان) وغيرها، والحروف: (الهمزة، وهل، وأم)[768]، وكلّ أداة لها دلالتها المختصَّة بها.
وقد ورد أُسلوب الاستفهام في خُطب ورسائل الحِقبتين بصورة كبيرة، إذ جاء في معظمها على غير حقيقته في طلب الفهم، بل خرجت دلالته إلى دلالات أُسلوبية أُخرى.
ومن ذلك: ما جاء في خُطبةِ عبيد الله المرّي لقوله: «فَهَلْ خَلَقَ رَبّكُم في الأوَّلين والآخرين أعْظَمَ حقّاً على هذهِ الأُمَّةِ مِنْ نَبِيّها؟ وَهَلْ ذُريَّة أحدٍ مِنَ النَّبِيّينَ والمُرْسَلِينَ أو غَيْرِهِمْ أعْظَمُ حَقّاً على هذهِ الأُمَّة مِنْ ذُريَّة رَسُولِها؟ لا والله، ما كانَ ولا يَكون. لله أنْتُم، ألَمْ تَرَوا ويَبْلُغْكُم ما اجْتُرِمَ إلى ابنِ بِنْتِ نَبِيّكُمْ! أمَا رَأيْتُم إلى انْتِهاكِ القومِ حُرْمَتَهُ، واسْتِضْعَافِهِم وَحْدَتَه، وتَرْمِيْلِهِم إيّاه بالدَّم، وَتَجْرَارِهُمُوْهُ على الأرض! لَمْ يُراقِبُوا فِيْه رَبَّهُم ولا قرابَته مِنَ الرَّسول’»[769].
فقد تكرّر أُسلوب الاستفهام في هذا النص، ممّا شكّل طابعاً أُسلوبياً ألقى بظلاله عليه، ولم يكن هذا الاستفهام جارياً على دلالته الحقيقية في طلب الفهم، بل تحوَّلت دلالته إلى دلالات أُخرى تُفهم من السياق، ففي قوله: (فهل خلق ربكم في الأوَّلين والآخرين) إلى قوله: (وهل ذرية أحد من النبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقاً)، قد دلَّ على الإنكار والنفي التكذيبي، وهو بمعنى لم يكن[770]، أي: ينكر الخطيب وينفي أنْ يكون هناك شخص من هذه الأُمّة هو أعظم من رسول الله’ وذريته الأطهار حقّاً عليها، والذي سوّغ لنا معرفة هذه الدلالة المتحوّلة، قوله فيما بعد: (ما كان ولا يكون)، بمعنى: لم يكن ذلك على الإطلاق، وربَّما يحمل هذا الاستفهام دلالة بلاغية أُخرى هي دلالة التقرير، أي تقرير فضل النبي’ وفضل أهل بيته على هذه الأُمَّة، والتقرير دلالة أُخرى يخرج إليها هذا الأُسلوب[771]. وأمّا قوله: (ألم تروا ويبلغكم ما اجترم إلى ابن بنت نبيكم)، فقد جاء بالاستفهام لغرض التعجب[772] إلى جانب معنى الإنكار، فالخطيب في مقام المتعجّب المُنكِر لفعل هؤلاء القوم وإقدامهم على جريمة يندى لها جبين التاريخ، فليس من المفروض أن يفعل هذا بابن بنت رسول الله’، ولا ينبغي أن يُجازى بمثل هذا، وهو الصادق الأمين، ابن أمير المؤمنين وابن بنت رسول ربِّ العالمين، وإنّما قصد الخطيب الخروج إلى دلالة التعجُّب، حتى يُثيرَ مشاعر السامعين، ويُعبّئ النفوس للقيام بالثورة ضدّ قاتلي الإمام الحسين×.
وحمل أُسلوب الاستفهام دلالة بلاغية أُخرى في خُطبة المسيب بن نجبة الفزاري رادّاً على إبراهيم بن محمَّد لقوله: «يا بنَ الناكِثِيْن، أنت تُهَدّدنا بِسَيْفِكَ وغَشْمِك! أنْتَ والله أذلُّ مِن ذلك، إنّا لا نَلُومُكَ على بُغْضِنا وقدْ قَتلنا أباكَ وجدّك»[773].
فأُسلوب الاستفهام في قوله: (أنت تهددنا بسيفك)، جاء على غير دلالته الأصلية في طلب الفهم، وإنَّما انزاحت فيه الدلالة وتحوّلت إلى دلالة التهكم والتحقير[774]، وقد دلَّ على ذلك سياق الخُطبة الذي جاء مفعماً بروح السخرية والاستهزاء، وهو ما أبداه الخطيب تجاه إبراهيم بن محمّد.
يكاد يتَّفق النحاة والبلاغيون على أنَّ النداء تنبيه المدعو، فقد قال ابن السـراج: «وأصل النداء تنبيه المدعو ليقبل عليك»[775]، وقد ذكر أبو علي الفارسي (ت377هـ) أنَّ النداء تنبيه للمخاطب «لأجل أنَّ المخاطَب قد يكون مُعرِضاً عن المخاطِب، متباعداً عن مكانه»[776]، وقال العلوي في تعريفه: «ومعنى النداء هو التصويت بالمنادى لإقباله عليك»[777]، وقد عرّفه المغربي (ت 1128هـ) بأنَّه نوع من الطلب: «وهو طلب الإقبال حِسّاً أو معنًى بحرف نائب مناب أدعو»[778]، فهم جميعاً يذهبون بالقول أنَّ النداء طلب يراد به التنبيه، ولكن النداء قد يخرج من هذا الغرض الحقيقي إلى دلالات هامشية لا يُراد بها التنبيه، بل هي دلالات بلاغية يدلُّ عليها السياق، وقد عُني الدرس البلاغي بهذه الدلالات، وبيّن خصائصها وما تؤدّيه من أثار أُسلوبية[779].
وأُسلوب النداء كغيره من الأساليب اللغوية يتطلّب وجود أداة خاصَّة به، وقد ذكرها النحاة والبلاغيون وعرضوا لدلالتها واستعمالها[780].
وكان لهذا الأُسلوب نصيبٌ وافرٌ في خُطب ورسائل الحِقبتين، سواء أكان في دلالته الحقيقية أم حينما يخرج لمعانٍ مجازية أُخر.
وقد ورد أُسلوب النداء في دعاء التوّابين أمام قبر الإمام الحسين× بقولهم: «يا ربِّ إنَّا قد خَذَلْنَا ابْنَ بِنْتِ نَبيّنا، فاغفرْ لَنَا ما مضى منَّا، وتُبْ عَليْنا إنَّك أنتَ التَّوابُ الرَّحيم... وإنَّا نُشْهِدُكَ يا ربِّ أنَّا على مِثْلِ ما قُتِلُوا عَلَيْهِ، فإنْ لم تَغْفِرْ لَنَا وتَرْحَمْنا لنَكُوننَّ مِنَ الخَاسِرِيْن»[781].
وهنا نلحظ وروده في موضعين، استُعمِل فيهما أداة النداء (يا) لنداء (الرب) في قولهم: (يا ربِّ)، وقد ذكر سيبويه أنَّ العرب يستعملون (يا) وغيرها «إذا أرادوا أن يمُدّوا أصواتهم للشـيء المتراخي عنهم، والإنسان المُعرض عنهم، الذي يرون أنَّه لا يُقبِل عليهم إلّا بالاجتهاد، أو النائم المستثقل»[782]، فهي إذاً لنداء البعيد، وقد جاءت في الموضعين لنداء القريب، وهو (الله) I مجازاً للتأكيد[783]، أي: بتأكيد النداء، وقد ذكر الزمخشري أنَّ استعمال (يا) في نداء القريب قد يُفيد كذلك معنى الاستبعاد، فيقول: «وقول الداعي: يا ربِّ، و: يا الله، استقصار منه لنفسه وهضم لها، واستبعاد عن مظان القبول والاستماع، وإظهار للرغبة في الاستجابة بالجؤار»[784] أي: بالتضرع.
وبهذا يتّضح لنا الغرض من استعمال أداة النداء (يا) لنداء القريب، وجاء هذا الأُسلوب في رسالة المختار إلى محمد بن الحنفية أيضاً بقوله: «للمهديّ محمَّد بن علي من المختار بن أبي عُبَيد، سلامٌ عليكَ يا أيُّها المهديّ، فإنَّي أحمد إليك الله الَّذي لا إله إلّا هو، أمَّا بعدُ، فإنَّ الله بَعَثَني نقمةً على أعْدَائكم... وَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ شَرَكَ في دم الحسينِ وأهلِ بيته (رحمة الله عليهم) كلَّ مَن قَدَرْنا عَلَيه، ولن يُعْجِزَ اللهَ مَنْ بقى... فاكتُبْ إليَّ أيّها المهديّ برأيك أتَّبِعه وأكن عليه، والسلام عليكَ أيُّها المهديّ ورحمةُ الله وبركاتُه»[785].
فقد تكرّر أُسلوب النداء في هذه الرسالة ثلاث مرّات، ولم يكن في حقيقته في طلب إقبال المدعو على الداعي، وإنَّما انزاحت دلالته للمدح والتكريم والتنويه[786] بعظيم منزلة محمّد بن الحنفية، فالنداء يخرج لتعظيم الأُمور، فإذا «أرادت العرب أنْ تُعظّم أمراً من الأُمور جعلته نداءً»[787].
وقد جاء الموضع الأوَّل من هذا النداء بأداة النداء (يا) مع أداة التنبيه (أيّها)، وفي الموضع الثاني بحذف أداة النداء، وإبقاء أداة التنبيه، وهذا الحذف جائز في عُرف النحاة والبلاغيين[788]، وذلك إذا كان الغرض منه تخفيفاً للكلام.
ثالثاً: أساليب جمعت بين الخبر والإنشاء
يعدُّ الشَّرط من الأساليب المهمَّة، وهو جملة مركّبة من جملتين في الغالب، ترتبط كلّ منهما بالأُخرى ارتباطاً وثيقاً، إذ تكون إِحداهما سبباً لنتيجة تمثّلها الجملة الأُخرى، فتكون الأُولى جملة الشرط، وهي بمنزلة السبب، وتكون الثانية جملة جواب الشرط، وهي بمنزلة المسبّب، وتربط بينهما أداة تتصدّرها هي أداة الشرط[789].
وعلى هذا؛ فأُسلوب الشرط يختلف عن الجملة الاعتيادية من حيث وجود ركني الجملة، والرابط المعنوي الإسنادي؛ لأنَّ الشرط يتكوّن من جملتين كلُّ واحدة منهما مبنية من مسند ومسند إليه، وهما جملة (فعل الشرط) وجملة (جواب الشرط) «إلّا أنَّهما في سياق الشّـَرط لا يتمُّ المعنى إلّا بمجموعهما؛ لأنَّ أُسلوب الشرط قائمٌ على تعليق جملة الجواب على جملة الشرط»[790].
ويختلف هذا الأُسلوب تماماً عن أُسلوبي الخبر والإنشاء؛ «ذلك أنّ فعل الشـرط وحده وجواب الشرط وحده يُفيد كلّ منهما معنًى من معاني الخبر والإنشاء»[791]، ولذلك استقلّت دراسته عن المباحث الخبرية والإنشائية، وهذا يعني «أنَّ الجملة الشـرطية تمتاز بالتكامل البنيوي المفضـي إلى التكامل الدلالي، ممّا يؤهّلها إلى الاستقلال النسبي في الخطاب، بحيث تكون لها الطاقة الإخبارية التي تمكّنها من افتتاح حلقة الكلام وغلقها في نفس السياق»[792]، فهي على هذا من البنى الأُسلوبية المغلقة، فهي تبدأ بأداة الشرط، وما أن يصل السامع إلى الظفر بجواب الشرط يرتد ثانيةً إلى جملة الشرط ليربط بينها، فالسامع يدور في رحلة دلالية في دائرة الشرط المغلقة[793].
أداة الشرط وفعلها ↔ جواب الشرط
ولكنَّ هذه البنية على الرغم من انغلاقها، فهي بنية تتَّصف بالمرونة النوعية، نظراً لتنوع أدواتها وأنماط تركيبها[794]، كما أنَّ أركانها تتمتَّع بحرية الحركة، فالمجال مفتوح إلى إعادة تركيبها من جديد بما يناسب الغرض المنشود كما تسمح بحذف جزء منها أو كلّها، وكذلك ممَّا يسمح بوقوع الانزياح لإنتاج التعابير ذات البُعد الفني[795]، وهذا يكشف عن التنوّع الوظيفي للبنية الشرطية بتنوّع حالات اندراجها في صلب الكلام[796].
وقد وقع أُسلوب الشرط كثيراً في نثر الحِقبتين، من ذلك ما جاء في رسالة المختار إلى عبد الله بن الزبير بقوله: «أمَّا بعدُ، فقد عَرَفْتَ مُنَاصَحَتي إيَّاك وَجَهْدِي على أهلِ عَدَاوَتِك، وما كُنْتَ أعْطَيْتَنِي إذا أنا فَعَلْتُ ذلكَ مِنْ نَفْسِكَ، فلَمَّا وَفَيْتُ لَكَ وقَضَيْتُ الّذي كانَ لَكَ عليَّ، خِسْتَ بي، ولَمْ تَفِ بما عاهَدْتَنِي عَليه، ورأيتَ منّي ما قدْ رأيت، فإنْ تُرِدْ مُراجَعَتي أُرَاجِعْك، وإنْ تُرِدْ مُنَاصَحَتي أنْصَحْ لَك»[797].
فقد استغرق أُسلوب الشرط حضوراً متميّزاً في هذه الرسالة، ممَّا أضفى عليها ميزة أُسلوبية ملحوظة، إذ تكرّر أربع مرّات بأدواته المختلفة، ففي قوله: (وما كنت أعطيتني إذا أنا فعلت ذلك من نفسك)، قد استعمل أداة الشرط (إذا)، وهي ظرف لما يُستقبل من الزمان كما ذهب إلى ذلك سيبويه[798]، ويكثر مجيء الماضي بعدها مراداً به الاستقبال[799]، وقد جاءت في هذا الموضع متلوة بالفعل الماضي المراد به المستقبل.
ونلحظ أنَّ أُسلوب الشرط هنا لم يأتِ على نظامه المعياري الذي يقضـي أن تكون الجملة متسلسلة في مكوناتها من (أداة الشـرط، فعل الشـرط، جواب الشـرط) [800]، بل تقدَّم جواب الشـرط على أداة الشـرط وفعله، والأصل في جواب الشـرط التأخير[801]، فكان الأُسلوب على غير الأصل، والأصل أن يقول: (وما كنت إذا أنا فعلت ذلك أعطيتني من نفسك)، وربّما يعود السبب في العدول في الجملة الشـرطية إلى أنّ المنشئ قد جعل من أداة الشـرط وفعلها جملةً اعتراضيةً في الكلام، وذلك للأهميّة ولفت النظر للمعنى المراد إيصاله إلى ذهن المتلقّي.
إنَّ تلك النقلة في نظام الأُسلوب الشرطي لم تخرج الشرط عن ماهيته، وصفته الأُسلوبية، بل بقي محافظاً عليها، وما ذلك إلّا بسبب المرونة الكبيرة التي يتميَّز بها هذا الأُسلوب عمّا عداه من الأساليب الأُخر.
ثمَّ يعقد المختار موازنة بينه وبين خصمه، عبد الله بن الزبير، معتمداً في ذلك على أُسلوب الشرط في قوله: (فلمَّا وفيتُ لك وقضيتُ الذي كان عليَّ، خِسْتَ بي، ولم تفِ بما عاهدتني به)، فقد بيّن فعل الشرط الجانب الإيجابي الذي يمتلكه المختار من الوفاء والنصيحة، وكان من المفترض أن يجد القارئ ما يناسب ذلك الوفاء بالمثل في جواب الشـرط، ويتشوَّق لسماعه، لكنّه يندهش لسماع الجانب السلبي الذي كان عليه خصم المختار، من عدم الوفاء بالعهد والخسَّة والغدر.
ثمَّ يعود المختار مستعملاً أُسلوب الشرط في خاتمة الرسالة، معبّراً عن صدق نيّته تجاه خصمه بتكرار الأُسلوب الشـرطي مرَّتين، وبالأداة (إنْ) في قوله: (فإنْ تُرِدْ مراجعتي أُراجِعْك، وإنْ تُرِدْ مُناصَحَتي أنصحْ لك)، فمتى ما يُرِد الخصم المراجعة يجدْها عند المختار، ومتى ما يُرِد النصيحة منه يناصحْه، فجواب الشرط مرهون بتحقّق الشـرط ومرتبط به في دائرة مغلقة:
(فإنْ ترد مراجعتي ↔ أُراجعك)، (وانْ ترد مناصحتي ↔ أنصح لك).
فمتى ما حصل الفعْل من الآخر حصلت الإجابة سريعة من المختار.
إنَّ هذه المرونة الأُسلوبية للشرط أتاحت للمنشئ أنْ يتصرَّف في الكلام بحرية مطلقة من غير أنْ تكون هناك وعورة أو تلكؤ.
ونجد هذا الأُسلوب في وصيّة يزيد بن أنس لأصحابه: «يا شرطة اللهِ اصْبِروا تُؤجَرُوا، وصابروا عدوَّكم تَظْفَروا، وقاتلوا أولياءَ الشَّيطان، إنَّ كيدَ الشيطانِ كانَ ضَعيفاً، إنْ هَلَكْتُ فأميرُكُم ورقاءُ بن عازب الأسديّ، فإنْ هَلَكَ فأميرُكُم عبد الله بن ضَمرةَ العذريّ، فإنْ هَلَكَ فأميرُكُم سِعْرُ بن أبي سِعْر الحَنَفي»[802].
فأُسلوب الشرط في مستهل النص: (اصبروا تؤجروا، وصابروا عدّوكم تظفروا) قد أفصح عن استطالة أُسلوبية عالية، تَمكَّنَ المنشئ خلالها من تكثيف الجملة وتركيزها، وذلك بحذف أداة الشرط وفعله، وجاء بجواب الشـرط وحده، وأصل الكلام: اصبروا إنْ صبرتم تؤجروا، وصابروا عدوكم إنْ صابرتم عدوّكم تظفروا، وحذف أداة الشـرط وفعله جائز عند النحويين[803]، فـ «أداة الشرط وفعل الشرط قد يحُذفان بعد الطلب، وشرط ذلك أنْ يلي هذا الطلب فعلٌ مضارع ٌمجرَّدٌ من الفاء يُقصد به الجزاء»[804]، وتحقَّقَ الشـرطان في هذين الموضعين؛ إذ سبقهما الطلب بفعل الأمر، ووليهما الفعل المضارع، فلا مانع من حذفه، وقد يكون ضيق المقام هو الذي أدَّى إلى هذا الحذف المقصود.
ومهما يكن من أمر؛ فإنَّ الانزياح التركيبي قد انتاب بنية الشرط في هذين الموضعين بفعل الحذف، لينتج ذلك التعبير الفنّي.
ثمَّ يمضي المنشئ في تكرار الأُسلوب الشـرطي بحسب ما تقتضيه وصيَّته لأصحابه، ويمكننا القول إنَّنا بإزاء جملة طويلة واحدة تستغرق ثلاث جمل شرطية كلَّها قد تصدَّرت بأداة الشرط (إنْ) في قوله: (إنْ هلكتُ فأميركم ورقاء بن عازب... فإن هلك فأميركم عبد الله... فإنْ هلك فأميركم سِعر...)، وعلّة استعمال هذه الأداة هنا مكرَّرة؛ لأنَّ الشـرط فيها يكون مقطوعاً بوقوعه[805]، وكونها الأصل لأدوات الشرط، فهي تصلح لكلّ ضروبه[806]، وقد وليها الفعل الماضي في هذه المواضع، ولم يأتِ الفعل المضارع الذي يدلّ على الحال والاستقبال، إذ يُفترض أن يأتي في هذا المقام؛ لأنَّ فعل الشـرط لم يتحقَّق بعدُ، فالهلاك لم يحصل للمتكلّم ولا لغيره، وإنّما جاء الفعل الماضي لغرض أُسلوبي بلاغي، وهو إبراز غير الحاصل في معرض الحاصل[807]، وغير الحاصل هو المستقبل، والحاصل هو الماضي، فالمنشئ قد جعل ما لم يقع وغير حاصل كالواقع الحاصل؛ لأنَّه يرى نفسه وأصحابه مقتولين لا محالة، وهذا إنّما يدلّ على ثباتهم وإخلاص نيَّاتهم في دفاعهم عن أفكارهم وعقيدتهم.
القسم: أُسلوب لغويّ يُفيد التوكيد في الكلام[808]، يقول أبو علي الفارسي: «القسم: جملة يؤكَّد بها الخبر»[809]، فهو إذاً وسيلة أُسلوبية من وسائل توكيد الخبر وتقويته نفياً أو إثباتاً[810]، وله أدوات يؤدَّى بها، منها الحروف، وهي: الباء، والتاء، واللام، والواو. ومنها الأفعال: كالفعل أقْسم، وأَحلف، وغيرها. ومنها الأسماء، مثل: لعمرك، وأيمُن، وغيرها[811].
وقد اختلف النحاة في أُسلوب القسم، فأدخله ابن عصفور الأشبيلي (ت669هـ) ضمن الأساليب الخبرية؛ «لأنَّ القسم لا يُتصور إلّا حيث يُتصور الصدق والحنث، والصدق والحنث لا يُتصوَّر إلّا فيما يُتصوَّر الصدق والكذب»[812]، في حين عدَّه السيوطي من أساليب الإنشاء الطلبي[813]، وأنَّ السبب الذي أدَّى إلى هذا الاختلاف في وضع أُسلوب القسم في أساليب الخبر والإنشاء، يعود إلى الجملة المُقسم عليها (جملة القسم) أي: الجملة المؤكَّدة، التي تكون تارةً خبرية، ويُسمَّى القسم في هذه الحالة قسماً خبرياً أو غير استعطافي، والغاية منه توكيد الجملة وإزالة الشّك، ويمكن أن تكون جملة إنشائية تارةً أُخرى فيُسمَّى القسم الاستعطافي، وحينئذٍ يكون القسم ضرباً من التوكيد يُحرّك مشاعر النفس ويُثيرها[814].
ونظراً لهذا الاختلاف الحاصل في جملة القسم بين الخبرية والإنشائية، فقد آثر الباحث أنْ يدرس هذا الأُسلوب بدراسة مستقِلّة مع أُسلوب الشـرط، وأنْ لا يدرجه في الأساليب الخبرية أو الإنشائية، كما إنَّه من الأساليب المغلقة التي لا بدَّ معها من جواب قسم يغلق بنيتها، وهذا ما يلتقي به مع أُسلوب الشرط ذي البنية المغلقة[815].
وقد ورد هذا الأُسلوب في خُطب ورسائل الحِقبتين كما في خُطبة إبراهيم بن محمد ابن طلحة لقوله: «أيُّها النَّاس، لا يَغُرَّنَّكُم مِنَ السَّيف والغَشْمِ مَقَالَةُ هذا المُدَاهِنِ المُوادِع، والله لَئِنْ خَرَجَ عَلَيْنَا خارجٌ لَنَقْتُلَنَّه، وَلَئِن اسْتَيْقَنَّا أنَّ قوماً يُريْدُونَ الخُرُوجَ عَلَيْنا، لَنَأخُذَنَّ الوالدَ بولدِه، والمُولودَ بِوالِدِه»[816].
فقد شهدت بنية القَسم حضوراً متميّزاً في هذا النص، فجاء منسجماً مع سياق التأكيد الذي دلَّت عليه الخُطبة، وابتدأ الخطيب بذكر جملة القسم صراحة بقوله: (والله لئن خرج علينا خارج لنقتلنَّه)، وقد استعمل حرف القسم (الواو) مع لفظ الجلالة، وهو أشدّ ما يكون عليه القَسم، ثمَّ يعود لاستعمال هذا الأُسلوب مرّة أُخرى، ولكن بحذف جملة القسم وإبقاء (اللام) الموطئة له في قوله: (ولئن استيقنّا أنَّ قوماً يُريدون الخروج علينا)، والحذف في جملة القسم واردٌ في الاستعمال عند العرب طلباً للتخفيف بالكلام[817]، وقد اعتمده الخطيب لأجل عدم التكرار أو لدلالة ما سبقه من القسم، وقد أغلق بنية القسم بجواب متكوّن من فعل مضارع مؤكَّد بالنون الثقيلة، ليزيد من التوكيد في الكلام، ويعزّز التوكيد الذي أوحى به القسم.
وجاء كذلك في خُطبةِ المختار الثقفي حين توعّد بالانتقام من أسماء بن خارجة[818] ـ وكان الأخير ممَّن سعى في قتل مسلم بن عقيل× ـ قائلاً: «أمَا وربِّ السماء والماء، وربِّ الضياء والظلماء، لتنزلنَّ نارٌ من السماء، حمراءُ دهماءُ سحماءُ، فلتحرقنَّ دارَ أسماء»[819].
نجد أنَّ المختار اعتمد في قَسَمه هذا على (واو القسم) في مستهلّ النص، وتعمَّد أنْ يطيل نسقه بواوات العطف الأُخرى، لينوّع الصورة المُقسم بها، ويزيد التأكيد تأكيداً، ثمَّ يعود بعد ذلك الطول النسقي إلى إغلاق بنية القسم بجواب القسم المتكون من الفعل المضارع المؤكَّد بالنون الثقيلة، والمقترن بلام الجواب.
إنَّ إطالة نسق القسم بالعطف شائع في تراكيب القسم عند العرب وأعلاها في أُسلوب القرآن الكريم المعجز، فمن ذلك تكرير حرف العطف (الواو) في قوله: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) [820].
فالمنشئ اختطَّ لنفسه أُسلوباً مركباً مُحاكياً هذا الأُسلوب وكلام العرب، والسبب في ذلك أنَّه يُريد أن يجعل المتلقي بترقّب دائم وتشوّق لسماع جواب القسم.
إنَّ للاستهلال بالقسم أثراً أُسلوبياً في النص، يكمن في إثراء دلالة المقسم عليه ـ جواب القسم ـ نظراً لما يحمله القسم من تأكيد للكلام وإزالة الشك عن نفس المخاطب[821].
وقد وردت في نصوص الحِقبتين صيغ أُخرى للقسم غير لفظ الجلالة أو ما في معناه، كما نجد في عهد المختار الثقفي، الذي قطعه أمام قبر الإمام الحسين×:
«يا سَيّدِي آلَيتُ بِجَدّكَ المُصْطَفَى، وأبِيْكَ المُرْتَضَى، وأُمِّكَ الزَّهْرَا، وأخيكَ الحَسَن المُجْتَبَى، وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ مِنْ أهلِ بَيْتِكَ وشِيعَتِك في كربلا، لا أكَلْتُ طَيّبَ الطَّعَام، ولا شَرِبْتُ لَذِيذَ الشَّرَاب... حتَّى أنْتَقِمَ مِمَّنْ قَتَلَكَ أو أُقْتَل كَمَا قُتِلْتَ»[822].
فقد استعمل المختار الفعل (آليت)، وهي بمعنى أقسمت وحلفت[823]، والمقسم به هم أهل بيت النبوة والشيعة المخلصون، وهم الذين استُشهدوا مع الإمام الحسين×، وإنَّما أقسم بهم لمكانتهم السامية الرفيعة، ثمَّ جاء بجواب القسم بعد هذا النسق الطويل في القسم والذي عمله العطف (بالواو) ليغلق بنية القسم، ويأتي بالفائدة للسامع. هذا وإنَّ القسم جاء لغرض التوكيد ومنسجماً مع سياق النص الذي جاء مفعماً بروح التهديد والوعيد.
وجاء في خُطبةِ عبد الله بن وال رادّاً على إبراهيم بن محمد قوله: «ما اعتراضُكَ يا أخا بني تيم بن مُرَّةَ فيما بَيْنَنَا وبَينَ أميرنا... فأقْبِلْ على خَرَاجِكَ، فَلَعَمْرُ الله لَئِنْ كُنْتَ مُفْسِدَاً، ما أفْسَدَ أمرَ هذهِ الأُمَّةِ إلّا والِدُكَ وَجَدُّكَ الناكِثَان»[824].
فقد استعمل الخطيب أداة القسم (عَمْر) مقترنة بلام القسم، و(عَمْر) مِن أسماء القسم، ويغلب أن تستعمل مضافة إلى ما بعدها[825]، وقد أضيفت في هذا النص إلى (الله) لفظ الجلالة، حتى يكون القسم في غاية التأكيد، ثمَّ نلحظ أنَّ الخبر قد حذف بعد القسم حذفاً وجوبيّاً؛ لأنَّ المبتدأ قد جاء لفظاً صريحاً في القسم[826]، وتقدير الكلام: لعمر الله قسمي، وإنَّما حُذف الخبر لدلالة القسم عليه.
تمتاز اللغة العربية من بين سائر اللغات بمرونتها الواسعة في بناء جملتها، وفي شكل عناصرها وترتيبها، ومن هنا ظهرت مجموعة من الظواهر اللغوية التي ترفد الجملة بدلالات لغوية جديدة تكسبها حيوية وفعالية.
لقد نظر علماء الأُسلوب إلى أنَّ اللغة تكون على مستويين: مستوى مثالي في الأداء، والآخر مستوى إبداعي يعتمد على كسر المثالية واختراقها[827]، وتتميَّز لغة الأدب بأنَّها تعتمد على كسر المثالية إلى صور متحوّلة عنها، فهي تحاول «أنْ تخترق حدود الأنماط الجاهزة، وتنتهك القوالب الرسمية، بخلاف اللغة العادية التي تأتي وما يتَّفق من خلال التفاهم اللغويّ، الذي يحدث بصفة منتظمة بين الأفراد»[828].
وهكذا تقوم اللغة العربية على خرق القواعد النحوية، وهذا ما اصطلح عليه في المفهوم الأُسلوبي (الانزياح) أو (الانعطاف النحوي)، فإذا كان النحو هو مجال القيود ـ كما قيل ـ فإنَّ الأُسلوبية مجال الحريات[829].
فالانزياح إجراء أُسلوبي فعَّال لخلق اللغة الأدبية الفارقة لمبدعها، إذ تظهر خلالها سمات أُسلوبية بأدواتها وتراكيبها ويعتمد على المبدع الذي يمتلك القدرة على تشكيل اللغة جمالياً، بما يتجاوز إطار المستعمل المألوف[830].
وقد عني الدارسون بالظواهر التركيبية من حذفٍ وذِكْرٍ، وتقديمٍ وتأخيرٍ، وفَصْلٍ ووصلٍ، وتعريفٍ وتنكيرٍ، وتناولوها في مباحثهم[831]؛ لأنَّها تُحقّق ذلك الانزياح في التركيب، وتكسب النص ثراءً وجدَّة، فضلاً عن تحقيق غايات أُسلوبية وبيانية متنوّعة، وسوف يقف البحث عند هذه التراكيب الأُسلوبية، ويُبيّن خصائصها وسماتها بحسب ما جاء منها في نصوص الحِقبتين إن شاء اللهI.
لقد كان لموضوع الفصل والوصل نصيبٌ وافرٌ من العناية والاهتمام من البلاغيين العرب؛ بوصفه يحقّق انسجاماً بين أجزاء الكلام، ولكونه من مباحث المعاني المتميّزة بإمكاناتها الأُسلوبية.
ويبدو أنَّ الجاحظ كان أوَّل مَن تكلَّم عن هذا الموضوع في كتبه، إذ ورد عنه تعريفٌ للبلاغة بأنَّها: «معرفة الفصل من والوصل»[832].
وغاية الأمر في الفصل والوصل هو حسن استعمال حرف من حروف المعاني، وهو (الواو) تُضَمُّ به أجزاء الكلام بعضها إلى بعض، حيث يكون ذلك من أجل أداء المعنى على أحسن وجه وأتمّ صورة [833].
فالوصل إذاً؛ عطف جملةٍ على أُخرى (بالواو) فقط من دون سائر حروف العطف الأُخرى، ويكون (الفصل) بترك هذا العطف[834]، «وصورة هذا الباب من أبواب البلاغة قائمة ماثلة في باب العطف من أبواب النحو، ولكنَّها تكاد تقتصـر على حكم المعطوف وكونه تابعاً للمعطوف عليه في الإعراب»[835]، فهذا الموضوع موجود أصلاً عند علماء النحو؛ إذ تناولوه في مباحثهم، لكنَّهم لم يتناولوا فيه معاني العطف المتعدّدة كما تصدى له البلاغيون، إذ كان لهم السبق في هذا الجانب.
ونظراً لما في مواضع الفصل والوصل من أهميّة أُسلوبية في الكلام، وذلك لدقّة مسلكهما في البلاغة فضلاً عن الرصانة في الكلام، فإنَّنا نلحظ وفرتها في خُطب ورسائل الحِقبتين.
فممَّا ورد من أُسلوب الفصل: ما جاء في خُطبةِ سليمان بن صُرَد الخزاعي قوله: «وأمَّا تاجِرُ الآخرةِ، فَسَاعٍ إليْها مُتَنَصّبٌ بِتطْلابها، لا يشتري بِها ثَمَناً، لا يُرَى إلّا قائِماً وقَاعِداً، وَرَاكِعاً وَسَاجِداً، لا يَطْلِبُ ذَهَباً ولاِ فِضَّة... وأمَّا تاجرُ الدُّنيا فَمُكِبٌّ عَلَيْهَا، رَاتِعٌ فيها، لا يَبْتَغِي بِها بَدَلاً... جَعَلَنَا اللهُ وإيَّاكُم مِنَ العِبَادِ الصَّالحينَ المُجَاهدينَ الصَّابرين على الَّلأواء»[836].
وواضح أنَّ ابنَ صُرَد أراد تبيان صفات المؤمنين (تجّار الآخرة) وصفات الكافرين (تجّار الدنيا)، فاسترسل في وصفهم تاركاً العطف بالواو بين الجمل: (فساع إليها، متنصب بتطلابها، لا يشتري بها ثمناً، لا يُرى إلّا قائماً)، وكذلك بين الجمل (وأمّا تاجر الدنيا، فمكبٌ عليها، راتعٌ فيها، لا يبتغي بها بدلاً)، وكان المُسّوغ لهذا الفصل وترك العطف بالواو (الوصل)؛ لأنَّ الجمل التالية للجملة الأُولى كانت بدلاً منها أو توكيداً لها من حيث المعنى، فالجمل بينهما اتحاد تام؛ لذا استغنتْ عن حرف العطف. ويُسمّي البلاغيون هذا الانفصال بكمال الاتصال[837].
ثمَّ نلحظ في قوله: (جعلنا الله وإيّاكم من العباد الصالحين المجاهدين الصابرين)، أنَّه ترك العطف وفصل بين الكلمات؛ وذلك لأنَّ العطف بالواو إنَّما يكون للجمع بين شيئين متباينين[838]، ولمَّا كانت كلُّ صفة بمعنى الصفة التي قبلها، أو بمنزلة الجزء منها، فذلك اقتضـى المقام ترك العطف؛ لكون الشيء لا يجوز عطفه على نفسه[839].
وهذا يدلُّ على أنَّ الخطيب كان حاذقاً في سبك الجمل في خُطبته دقيقاً في انتقائها عارفاً بمواضع الفصل التي تقع بينها، وما تُضفي عليها من مسحة أُسلوبية وفنية عالية.
وكذلك ورد أُسلوب الفصل في رسالةِ سعد بن حذيفة بن اليمان إلى سليمان بن صُرَد بقوله: «وَنَحْنُ جَادُّونَ مُجِدّونَ، مُعِدُّونَ مُسْرِجُونَ مُلْجِمُونَ، نَنْتَظِرُ الدَّاعي...»[840].
فقد أرادَ سعد أنْ يمضي في إِخبار ابن صُرَد باستعداده وقومه للقيام معه بالثورة، فلجأ إلى أُسلوب الفصل بين الجمل؛ لأنَّ الفصل فيه حماسة وتأثير كبير، ولأنَّ صفة الاستعداد كانت فيهم واحدة غير متباينة، لذلك كان لا بدَّ من الفصل وترك العطف الذي يقتضـي المغايرة، «فأداة العطف لا تعطف الشيء على نفسه»[841]، والسبب البلاغي الآخر الذي سوّغ هذا الفصل هو أنَّ كلَّ صفة جاءت مؤكدة ومبينة لسابقتها، أو بدلاً منها، وهذا موضع يجب الفصل معه وترك الوصل [842].
ونجد أُسلوب الفصل كذلك في رسالةِ عبد الله بن يزيد إلى سليمان بن صُرَد لقوله: «وإنَّه مَنْ يُرِد أنْ يَنْقُلِ الجِبَالَ عَنْ مَرَاتِبِها تَكِلّ معاوِلُه، وَيُنْزَع وهوَ مَذْمُومُ العَقَلِ والفِعْلِ. يا قومَنا لا تُطْمِعوا عدوّكُم في أهلِ بلادِكُم، فإنَّكُم خيارٌ كلّكُم، وَمَتَى مَا يُصِبْكُم عَدوّكم يَعْلَمَوا أنَّكم أعلامُ مِصـْركم»[843]. فقد فصل المنشئ بين الجملتين الأُولى والثانية، ولم يوصل بينهما؛ وذلك لأنَّ بين هاتين الجملتين تبايناً تاماً لاختلافهما في أُسلوبي الخبر والإنشاء، والإنشاء هنا هو أُسلوب النداء في قوله: (يا قومنا لا تُطمعوا عدوّكم)، ويُسمّى عند البلاغيين بكمال الانقطاع[844] وهو موضع يجب الفصل معه ولا يجوز الوصل.
والملاحظ أنَّ المنشئ كان مدركاً لسرّ بلاغة الفصل في موضعه، فجاء به على أتمّ وجه مِن غير أنْ يجهد نفسه لملاحظة الجمل ومراقبتها في خُطبته، وهو ملحظ أُسلوبي واضح فيها.
أمَّا أُسلوب الوصل، فقد جاء بصورة كثيرة في خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين، حتى ليمكن عدّه ظاهرة أُسلوبية فيها، فقد ورد في خُطبةِ رفاعة بن شداد رادّاً على المسيّب بن نجبة بقوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّ الله قدْ هداك لأصْوَبِ القول، ودَعوتَ إلى أرْشد الأُمور، بدأتَ بِحمدِ الله والثناء عليه، والصلاة على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ودعوتَ إلى جهادِ الفاسقين وإلى التوبة من الذنب العظيم...»[845].
فقد وصل الخطيب الجمل مع بعضها بحرف العطف (الواو)؛ لأنّ الجمل موصولة في الصورة والمعنى، ولأنّ المعاني التي ذكرها الخطيب هي معاني حَسَنة، لذا كان قد جمعها (بواو العطف) وهي أداة الوصل، لتكون المعاني مسترسلة متدافعة لا يعتريها انقطاع أو فصل، هذا فضلاً عن اتّفاق الجُمل كلّها بأُسلوب الخبر الذي أوجب هذا الوصل بَيْنَها[846].
ونجد أُسلوب الوصل في رسالةِ سليمان بن صُرَد إلى عبد الله بن يزيد بقوله: «أمَّا بعدُ، فقد قرأنا كتابَك وفهِمنا ما نَوَيْتَ، فنِعْمَ واللهِ الوالي، ونعم الأمير، ونعم أخو العَشيرة، أنت واللهِ مَن نأمَنه بالغَيْب، ونستَنْصِحه في المَشُورة، ونحمَده على كلّ حال...»[847].
والملاحظ في هذا النص، أنّ سليمان بن صُرَد قد اتكأ على أُسلوب الوصل لغرض أُسلوبي مقصود، أَلا وهو التمهل في الحديث وتوكيد المعاني، وهي معاني المدح والثناء، فجاء بالجمل متّحدة في الخبر، ومتناسقة في المعنى، فوصل بينها بأداة الوصل (الواو) ليجعل المتلقي في تنبه دائم للعبارات من غير أنْ يكون هناك انقطاع فيها.
وجاء كذلك في خُطبةِ عبد الله بن يزيد واصفاً فعل عبيد الله بن زياد للشيعة بقوله: «هو الذيْ قَتَلَكُمْ، ومِن قَبلِهِ أتَيْتُم، والذيْ قَتَلَ مَنْ تثأرون بدمِه، قد جاءكم فاستقبلوه بحدّكُم وشوكَتِكُم، واجعلوها به، ولا تجعلوها بأنفسكم، إنّي لم آلكُم نُصحاً، جَمَعَ الله لنا كَلِمَتَنا، وأصلح لنا أئمّتنا»[848].
فقد اعتمد الخطيب على أُسلوب الوصل كي يعينه على متابعة الكلام بلا انقطاع أو فصل في وصف أفعال عبيد الله بن زياد، وذلك لتحريض الثائرين عليه، ونجد كذلك السبب البلاغي الذي سوّغ هذا الوصل بأداة العطف هو اتّفاق الجُمل الأُولى بأُسلوب الخبر، أمَّا الجمل (فاستقبلوه بحدّكم، وشوكتكم، واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم)، فقد اتفقت بالأُسلوب الإنشائي المتمثل بأُسلوب الأمر، والنهي، وإنّ هذا الاتفاق حققّ الوصل بين الجمل[849]، كما وضّح الاتفاق بالأُسلوب الخبري بين الجملتين الأخيرتين: (جمع الله لنا كلمتنا، وأصلح لنا أئمتنا)، وإن كان المعنى قد انصـرف إلى الدعاء، وهو مع ذلك يجوز الوصل بينهما لكونه من الأساليب الإنشائية التي تعتمد على الطلب.
وكذلك وَرَدَ في خُطبةِ المختار الثقفي حين قَدِم الكوفة، فقال: «إنّي قد جئتكم من قِبَل وَليِّ الأمر، ومَعْدِن الفضل، ووصِي الوصيّ، والإمام المهدي، بأمر فيهِ الشفاء، وكشفُ الغِطَاء، وقتلُ الأعداء، وتمامُ النّعْماء... إنّي إنَّما أعملُ على مِثالٍ مُثّل لي، وأمرٍٍ قد بُيِّنَ لي، فيه عزُّ وليّكم، وَقَتْلُ عدوِّكم، وشفاء صدورِكم»[850].
فقد استثمر المختار أُسلوب الوصل في إطالة نَسَق الجُمل، وذلك بعطفها بعضها على بعضٍ، وإيراد الأخبار والمعاني متسلسلة تسلسلاً متناسباً مقنعاً.
ونلحظ كذلك أنّ المختار في خُطبته قد قَصَدَ إشراك كلّ جُمْلةٍ في حكم سابقتها، ولهذا كانت كلّ جملةٍ معطوفةٍ على التي قبلها، موصولة بها، وهو من أسباب وجوب الوصل بلاغياً[851]، وكذلك كان السّبب الآخر على وجوب الوصل في هذه الخُطبة إلى جانب السبب السابق، هو اتفاق الجُمل بالأُسلوب الخبري[852]، وقد أحسن المختار في هذا الوصل، وهو دليل على ملكته اللُّغوية والبيانية.
يُعدُّ التقديم والتأخير ظاهرة مهمَّة في الدراسة الأُسلوبية؛ وذلك لأنّها تُحقّق غايات دلالية ومعنوية من خلال تغيّر مواقع الألفاظ لِغرض يتطلبه المقام والمعنى[853]، ليبرز أثرها البلاغي والأُسلوبي في خرق النمط المعياري للتعبير، ممَّا يكسب لغة النثر مزيتها الأدبية، وتفردها عن لغة الكلام الاعتيادي التي تلتزم ما هو أُصولي، فنظام الجملة العربيةُ يتألف من المسند والمسند إليه، بحدود وضوابط، فالخبر لا يتقدَّم على المبتدأ، والفاعل لا يتقدَّم على الفعل إلّا في أحوال خاصَّة يقتضيها أُسلوب الكلام[854]، قال سيبويه: «كأنّهم أنّما يقدّمون الذي ببيانه أهمُّ لهم، وهم ببيانه أعْنى وإن كان جميعاً يهمّانهم ويعنيانهم»[855]، فالجانب الدلالي والقصدي هو المسوّغ لهذا الخروج عن قاعدة النمط التقليدي في ترتيب أجزاء الجُملة.
ولم تكن هذه الظاهرة الأُسلوبية غائبة عن أذهان اللّغويين والبلاغيين القدماء، فقد قرّروا «أنّ تقديم أيّ عنصر من عَنَاصر الجُملة إنّما يكون للاهتمام بذكره والعناية به، أو لتخصيصه دون سواه ممّا يمكن أنْ يقع موقعه، أو أنّ في التأخير إخلالاً ببيان المعنى، أو بالتّناسب في الفواصل والأسجاع»[856].
وقد عني المُحدَثون من اللغويين والبلاغيين بهذه الظاهرة؛ وذلك لأنَّها تُعدُّ مبحثاً مهمّاً من مباحث دراسة الأُسلوب الذي يخص تركيب الجملة وترتيب عناصرها[857].
وتتبارى الأساليب أيضاً وتظهر المواهب والقدرات، لِما يدلّ على تمكّن المنشئ في الفصاحة، وحُسن التّصـرف في الكلام، ووضعه الموضع الذي يقتضيه، وسنلحظ في خُطب ورسائل الحِقبتين الكثير من مظاهر التقديم والتأخير في أجزاء التراكيب، وهي لم ترد بشكل عفوي، وإنّما قصدي يُفضي إلى ملحظ أُسلوبي ظاهر.
المبتدأ كما عرّفه سيبويه: «كلّ اسم ابتُدئ ليُبنى عليه الكلام، والمبتدأ والمبنى عليه رفعٌ، فالابتداء لا يكون إلّا بمبنى عليه، فالمبتدأ الأوَّل والمبنى ما بعده عليه فهو مسندٌ ومسندٌ إليه»[858]، وذكر أنَّ تقديم المسند إليه (المبتدأ) هو الأصل في اللغة العربية، فموقعه أن يتقدَّم على المسند في الجملة[859]، وذهب إلى ذلك ابن يعيش حين قال: «اعلم أنَّ المبتدأ: كلُّ اسم ابتدأته، وجرّدته من العوامل اللفظية للإخبار عنه»[860].
ويأتي تقديم (المبتدأ) أحياناً مُفْعَماً بالدلالات البلاغية، ذلك أنّ تقديمه يُعدُّ «من المسائل الأُسلوبية التي يُستحسن بالمتكلّم مراعاة جوانبها لتجد طريقها إلى نفس السامع، ليتمَّ تهيئة الذهن وقبولها قبولاً حسناً؛ إذ كلّما ابتدأ الكلام بما يسرُّ النفس ويشرح الصدر كان أكثر وقعاً وأكثر تمكناً في النفس»[861].
وسوف يتناول البحث تقديم المسند إليه (المبتدأ) من وجهة نظر بلاغية، وما يؤديه من دلالات تعمل على إغناء النص بالقيم الأُسلوبية، فقد جاء في عهدِ المختار الثقفي بالأمان لعمر بن سعد بن أبي وقاص قوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا أمانٌ من المختار بن أبي عبيد لعمر بنِ سعد بن أبي وقاص، إنّكَ آمنٌ بأمان الله على نَفْسِكَ ومالِك...»[862].
فقد تقدّم المسند إليه (المبتدأ) (هذا) وهو اسم إشارة، على المسند (الخبر) (أمان)، وكان ذلك التقديم لغرض أُسلوبي بلاغي، وهو لفت النظر وزيادة في التخصيص[863]، فهو يقصد جَذبَ تنبّه السامع وإبلاغه في أنّ هذا العهد المبرم لعمر هو كتاب أمان مخصوص له، كي لا يعرض له أحدٌ بسوء، وكان ذلك في بداية حكم المختار، وهو عهد لسبب سياسي لجأ إليه كي يؤمن على عمر موقفه بما لا يصدر منه ما يُفسد عليه حكمه.
وقد ورد تقديم المسند إليه (المبتدأ) كذلك في خُطبةِ المختار التي ألقاها في دار إبراهيم الأشتر قوله: «الحمدُ لله، وأشهد أن لا إله إلّا الله، وصلَّى الله على محمّدٍ، والسلام عليه، أمَّا بعدُ، فإنّ هذا كتابٌ إليك من المهديّ محمد بن أمير المؤمنين الوصيّ، وهو خير أهل الأرض اليوم... وهو يسألك أن تنصرنا وتؤازرنا»[864].
فقدّم المسند إليه (الحمد) على المسند (لله)؛ لأنَّه ذكر الحمد وملَّكه للهI، وهذا مجاراة لأُسلوب القرآن الكريم في سورة الفاتحة، قالI: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [865]، وأمَّا قوله: (فإنَّ هذا كتاب إليك)، فقد جاء المسند إليه (المبتدأ)، وهو اسم إنّ (اسم الإشارة) مقدَّماً على المسند (كتاب) لأجل تمكين الخبر في ذهن السامع[866]، من جهة صدوره من محمد بن الحنفية، ولكي يقنع السامع ويجذب تنبهه إليه، ومثله قوله: (وهو خير أهل الأرض اليوم)، فقدّم المسند إليه الضمير (هو) على المسند (خير) للغرض البلاغي المتقدّم.
الفاعل هو المسند إليه في الجملة الفعلية، وقد أطلق عليه هذه التسمية الخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه[867]، واستعمله الفرَّاء[868] والمبرد[869].
والأصل في الجملة الفعلية أن يُقدّم الفعل ويليه الفاعل، وعلى هذا مضى البصـريون. أمّا الكوفيون، فقد أجازوا تقديم الفاعل على الفعل[870]، وقد تابعهم في هذا طائفة من المُحدَثين، ومنهم المرحوم الدكتور المخزومي[871].
ومهما يكن من أمرٍ، فمسألة تقديم الفاعل على عامله مسألة خلافيّة في أصلها، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار برأي الكوفيين في تقديم الفاعل (المسند إليه)، فإنَّنا نُدرك الأغراض الأُسلوبية التي من أجلها يُقدم الفاعل، ومنها التخصيص، والاهتمام بالفاعل [872].
ومن أجل هذا وقع تقديم الفاعل على عامله في بعض المواضع من خُطب ورسائل هاتين الحِقبتين.
فقد جاء في خُطبةِ عبد الله بن سعد: «إنّي قدْ رأيت رأياً، إِنْ يَكُنْ صواباً فالله وَفَّقَ، وإنْ يَكُنْ ليسَ بصوابٍ فَمِن قِبَلِي، فإنّي ما آلوكُم ونَفْسِي نُصْحاً خَطَأً كانَ أم صَوَاباً...»[873].
فقد قصد المتكلّم أن يُقدّم الفاعل على فعله في قوله: (فالله وفق)، فأصل الجملة (وفق الله)، فتقديم (الله) بوصفه مسنداً إليه (فاعل) يحمل معه سمة أُسلوبية أضفت على النص انزياحاً تركيبياً كان الغرض منها هو نسبة التوفيق للهI وإعطاؤه صفة العظمة، فهو وحدهُI القادر على توفيق عباده ونصرهم.
وقد جاء تقديم المسند إليه (الفاعل) على عامله المسند (الفعل) في خُطبةِ سليمان بن صُرَد رادّاً على عبد الله بن يزيد، وإبراهيم بن طلحة: «إِنِّي قدْ عَلِمتُ أنّكما قدْ مَحَضْتُما في النصيحَة، واجْتَهَدْتُما في المَشُورَة، فَنَحْنُ باللهِ وَلَهُ، وَقَدْ خَرَجْنا لأمرٍ، ونَحْنُ نَسْألُ اللهَ العَزِيْمَة على الرشد والتسديد لأصوَبِه»[874].
فقد تقدَّم الفاعل (نحن) ـ وهو ضمير الجماعة ـ على عامله الفعل (نسأل)، وكان ذلك في سياق الدعاء والتضرُّع، وفي هذا التقديم سمة أُسلوبية، ألا وهي إفادة الاختصاص[875]، أي: تخصيص الدعاء لهم وقصره عليهم.
الأصل في المسند إذا كان خبراً أن يتأخر عن المسند إليه (المبتدأ) في الجملة، فالخبر كما عرّفه ابن جني: «هو كلّ ما أسندته إلى المبتدأ، وحدَّثت به عنه»[876]، فهو إذن يلي المبتدأ في ترتيب الجملة «ولكن هذا الوضع غير ثابت، فقد يطرأ على الخبر ما يستدعي تقديمه من ضرورة، أو حظوة باهتمام المتكلّم»[877]، أو غيرها من الأغراض البلاغية التي يستدعيها السياق، وعندها يتحقَّق الانزياح في تركيب بنية الجملة، والخروج على النمط المعياري الذي يقتضي أن تتسلسل البنى التركيبية فيه للجملة الاسمية من مسند إليه (مبتدأ) ومسند (خبر) محقّقاً تلك الأغراض البلاغية التي أشار إليها البلاغيون في مباحثهم[878]، وأمثلة هذا التقديم غير المألوف كثيرة في خُطب ورسائل الحِقبتين.
جاء في خُطبةِ ابن صُرَد: «أمَّا بعدُ أيّها النّاس، فإنَّ الله قدْ علم ما تنوُون، وما خرجتم تطلبُون، وإنَّ للدّنيا تُجَّاراً، وللآخرة تُجَّاراً...»[879].
فقد عمد الخطيب إلى تقديم المسند (الخبر)، وهو الجار والمجرور (للدنيا) ـ إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار آراء بعض النحاة التي تُرجّح أن يكون الخبر شبه جملة ظرفاً أو جارّاً ومجروراً[880] ـ فقدَّمه على المسند إليه (تجَّاراً) وهو (أسم إنَّ)، وكذلك فعل مثل هذا الصنيع في الجملة الثانية؛ إذ قدَّم المسند (للآخرة)، وهو جار ومجرور (خبر إنَّ) على المسند إليه (تجاراً)، وهو (اسم إنَّ) المحذوفة لدلالة (إِنَّ) المتقدِّمة عليها، وكان الخطيب إنَّما قدّم المسند على المسند إليه في كلتا الجملتين، وذلك لأغراض أُسلوبية وهي: التخصيص، والقصر، والتوكيد[881]، فأراد أن يخصّص ويؤكّد أنَّ للدنيا تجارها وهم الكافرون والمنافقون، وأن يؤكّد أنّ للآخرة تجارها وهم المؤمنون والصالحون؛ ليجذب تنبه السامع نحو هذا التقديم الذي خرج عن قاعدة الترتيب في نظام الجملة.
ومن تقديم المسند (الخبر): ما ورد في خُطبةِ محمد بن الحنفية: «أمَّا بعدُ، فأمَّا ما ذَكرتُم ممَّا خصّصنا الله به من فَضلٍ، فإنَّ الله يؤتيه مَن يشاءُ والله ذُو الفَضل العَظيم، فلله الحَمْد...»[882].
فقد حدث في ترتيب الجملة الاسمية (لله الحمد) انزياحٌ مقصودٌ في تبادل عناصرها المكوّنة لها عمّا هو مألوف في نظامها، وذلك بتقديم المسند (الخبر) وهو الجار والمجرور (لله) على المسند إليه (المبتدأ) وهو (الحمد)، وإنَّما كان ذلك لغرض أُسلوبي في الكلام، ألا وهو التخصيص والقصر[883]، أي قصر الحمد للهI وتخصيصه له دونما سواه، فهو وحده سبحانه المستحق لذلك الحمد؛ لأنّه واهب الخير والنعمة والعطاء.
قد يُقدّم غير المسند إليه والمسند في الكلام، وذلك كتقديم الجار والمجرور أو المفعول به وغير ذلك من المتعلّقات، «ويكون ذلك التقديم لأغراض يدركها القارئ أو السامع من تأمّل السياق الذي يرد فيه»[885]، وسنقف من موارد لهذا التقديم على النحو الآتي:
الجار والمجرور من متعلّقات الإسناد، ورتبتها عند النحويين والبلاغيين هي التأخير عن الإسناد. ومكوناته: (المسند إليه والمسند)[886]، ويتقدّم الجار والمجرور لأغراض بلاغية وأُسلوبية ترتبط بالمستوى الدلالي ارتباطاً وثيقاً، وغالباً ما يأتي لأغراض التوكيد والتخصيص أو الضرورة[887].
وكثر وقوع هذه الظاهرة الأُسلوبية في خُطب ورسائل الحِقبتين، فقد جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد الخزاعي لقوله: «فإنّي والله لخائفٌ ألّا يكون آخِرُنا إلى هذا الدَّهر الذي نَكِدَت فيه المعيشة، وعَظُمَت فيه الرزية، وشَمل فيه الجورُ أولي الفضل مِن الشيعة»[888].
فنلحظ أنَّ السمة الأُسلوبية في هذه القطعة، هي تقديم الجار والمجرور (فيه) ـ في ثلاثة مواضع ـ على الفاعل (المعيشة)، و(الرزيَّة)، و(الجور)، وإنَّما كان ذلك لغرض ٍ يتطلَّبه المقام، وهو الاختصاص كما ذهب إلى ذلك العلوي[889]، أو قد يكون تقديمه إلى جانب هذا الغرض البلاغي، غرضاً موسيقياً، ألا وهو المحافظة على توازن العبارات ونظم الكلام[890].
فالخطيب إذاً؛ اعتمد تقديم الجار والمجرور للغرضين السابقين، غرض ٍ معنوي بلاغي أفاد تخصيص المعيشة والرزية والجور في هذا الدهر ـ أي في عصـرهم وزمانهم ـ وغرض ٍ موسيقي إيقاعي قوامه تعادل الفقرات وتوازنها، فلو لم يُقدَّم الجار والمجرور في تلكم المواضع الثلاثة لاختلّ نظام الفقرات ولاضطرب الوزن السجعي، ولم تكن هناك مزيّة تجذب تنبّه السامع نحو النص.
المفعول به: هو الاسم الفضلة الواقع عليه عمل الفاعل، وهو الاسم المنتصب بعد تمام الجملة من ناحية الإسناد[891]، فالأصل فيه أنْ يقع بعد الفاعل، سواء أكان هذا الفاعل ظاهراً أم مستتراً، وأنَّ ذلك يكون في النمط المعياري للجملة، ولكن قد تكون هناك أحوال معينة تكسر هذا المعيار وتخرج عليه؛ فيُقّدم المفعول به تحقيقاً لغايات أُسلوبية في الكلام. وقد ذكر السيوطي ضوابط تقديم المفعول به في الكلام[892]، كما ذكر غيره الأغراض الدلالية التي يُفيدها هذا التقديم كالاختصاص والحصر وغيرهما[893].
وقد ورد تقديم المفعول به في مواضع من خُطب ورسائل الحِقبتين، فقد جاء في خُطبةِ سليمان بن صُرَد الخزاعي قوله: «ومَاَ مَعَنَا مِنْ ذَهَبٍ وَلا فِضَّة، ولا خَزّ وَلا حَرِير، وَمَا هوَ إلّا سيوفنا في عواتِقنا وَرِمَاحنا في أكُفَّنا، وزادٌ قدر البُلْغة إلى لِقَاءِ عدوّنا، فمَن كانَ غيرَ هذا يَنْوي فلا يَصْحَبْنا»[894].
فقد عمد المنشئ إلى تقديم المفعول به وهو (غير) في قوله: (فمَن كان غير هذا ينوي)، فقدَّمه على الفعل وفاعله المضمر في (ينوي). وقد تناول البلاغيون مسألة تقديم الاسم (غير) في الكلام، فرأى الجرجاني أنَّ (غير) يُقدّم في الكلام أبداً على الفعل، ولا يستقيم المعنى إلّا إذا قُدّم[895]، وإلى ذلك ذهب فخر الدين الرازي (ت606هـ)[896]، ويبقى الغرض البلاغي من وراء تقديمه هو القصر، كما هو ملاحظ في المثال أعلاه.
ويُقدّم المفعول به أيضاً في أُسلوب القصـر بـ(ما) و(إلّا)، وفيه يقع الاختصاص على المذكور بعد (إلّا)[897]، وهو المقصور عليه[898]، يقول التفتازاني (ت792هـ): «إنَّ المقصور عليه يجب أنْ يلي أداة الاستثناء»[899]، وقد ورد هذا التقديم في خُطبة عبد الله بن وال التيمي رادّاً على إبراهيم بن محمد بن طلحة: «مَا اعتراضُكَ يا أخا بني تيمَ بنَ مُرَّة فيمَا بَيْنَنَا وبينَ أميرِنَا... فلَعمْرُ الله لَئِن كُنْتَ مُفْسِداً، ما أفسدَ أمرَ هذه الأُمَّة إلّا وَالدُكَ وجَدُّكَ النَّاكِثَان»[900].
فقدّم المفعول به (أمرَ) على الفاعل (والدك) والمعطوف عليه (جدك) في قوله: (ما أفسد أمر هذه الأُمة إلّا والدُك وجدُّك)، وكان ذلك في أُسلوب القصر، وأراد به قصـر إفساد أمر الأُمّة على (الفاعل) محمد وطلحة، وهو المقصور عليه، وقد وقع بعد الأداة (إلّا)، وفي ذلك نوع من الاختصاص والتوكيد، فالخطيب أراد أن يؤكّد الدور الذي قام به طلحة وابنه محمد في الخروج على طاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× وشقّ عصا المسلمين، فالذي يصدر عنه هذا الأمر هو أولى بالإفساد من غيره، فيجب على إبراهيم عندها ألّا يرمي التوّابين بإفساد أمر الأُمّة.
يُعدُّ التعريف والتنكير من الظواهر الأُسلوبية التي تُعطي المنشئ المرونة في صياغة الجملة، فهو يمثل جانباً مهمّاً في بنائها التركيبي؛ لأنّه «يُمثّل قيمة تعبيرية متنوّعة بفضل المعاني التي يخرج إليها والتي ترتبط ارتباطاً واسعاً بالسياق، وما يتطلَّبه السياق من إيراد المعرفة والنكرة»[901].
وقد تكلّم سيبويه عن ظاهرة التعريف والتنكير وأثرها في الكلام من حيث صحته من جهةٍ، ومن حيث دلالته من جهةٍ أُخرى في باب الإخبار عن النكرة بالنكرة[902]، وكذلك عرض ابن جنّي «لدلالة التنكير في اللّغة وأثرها في مجرى العبارة بالموازنة مع حال التعريف التي تمثّل نمطاً مغايراً في دلالتها وما تنصرف إليه عند الاستعمال»[903].
ويدخل التعريف والتنكير في ركني الإسناد، أي: المسند إليه والمسند، فالأصل في المسند إليه أن يكون معرفة، والأصل في المسند أن يكون نكرة[904]، فالمسند إليه محكوم عليه، فإذا نُكّر أصبح غير ذي فائدة، كما أنَّ المسند محكوم به والحكم بالمعلوم لا يفيد أيضاً[905].
وكان للبلاغيين نصيبٌ وافرٌ في تناول هذا الظاهرة، وما تؤدّيه من أغراض يسعى النص لتحقيقها [906].
وسوف يتناول البحث أوَّلاً ظاهرة تعريف المسند إليه والمسند، وما في كلّ منهما من دلالات وإيحاءات بلاغية؛ ذلك أنّ التعريف من الظواهر البلاغية والنحوية التي لها أثرٌ كبيرٌ في تركيب الجملة ودلالتها[907].
قد يأتي تعريف المسند إليه بالإضمار، فمن ذلك ما جاء في خُطبة المسيّب بن نجبة الفزاري رادّاً على إبراهيم بن محمد: «يا بن الناكثين، أنْتَ تٌهَدّدُنَا بِسَيْفِكَ وَغَشْمِكَ، أنْتَ ـ والله ـ أذلُّ مِنْ ذلك، إنّا لا نلومُكَ على بُغْضِنَا وَقَدْ قَتَلْنَا أبَاكَ وَجَدّكَ...»[908].
فقد جاء المسند إليه معرّفاً بضمير المخاطب (أنت) في موضعين: في قوله: (أنت تهددنا بسيفك)، وقوله: (أنت والله أذلُّ من ذلك)، والغرض البلاغي من وراء التعريف هو توجيه الخطاب إلى الحاضر المعيَّن[909]، وهو إبراهيم بن محمد الحاضر أمامه.
وجاء تعريف المسند إليه في خُطبة المختار حين قدِم الكوفة: «أمَّا بعدُ، فإنَّ المهدي ابن الوَصيّ، محمّد بن علي، بَعَثَني إليْكُم أميناً وَوَزيراً، ومُنْتَجَباً وأمِيراً»[910].
فقد جاء بالمسند إليه (اسم إنّ) المبتدأ في أصله، معرّفاً بالعلمية، وهو من نوع اللّقب (المهدي بن الوصي)، وكان الغرض البلاغي من تعريفه هو لأجل التعظيم[911]، فالخطيب إنّما هو في مقام التعظيم والتبجيل لمحمد بن الحنفية، وقد كرَّر من تعريف ذلك المسند إليه، ليزيد الإيضاح عندما جاء بعبارة: (محمد بن علي) بدلاً من المهدي ابن الوصي، وهي في حكم المسند إليه؛ لكونه بدلاً منه، ولكن في هذه المرّة جاء بتعريفه باسم يخصُّه حتى يحضـره في ذهن السامع زيادة في التأكيد والإيضاح[912].
وجاء في خُطبةِ إبراهيم بن مالك الأشتر، محرّضاً القبائل على قتال ابن زياد: «هذا قاتِلُ ابنِ بنتِ رسول الله’ قدْ جاءكم الله به، وأمْكَنَكُم الله مِنه اليوم... هذا ابنُ زيادٍ قاتلُ الحسينِ، الذي حال بَينَه وبَيْنَ ماءِ الفُراتِ أنْ يَشْـرَبَ مِنْه هوَ وأولادُه ونِساؤُه، وَمَنَعَهُ أنْ يَنْصَـرِفَ إلى بَلَدِهِ، أو يأتيَ يزيدَ بن معاوية... هذا الذيْ فَعَلَ في آلِ نَبِيِّكُم مَا فَعَل، قد جاءَكُم الله به»[913].
فقد جاء تعريف المسند إليه باسم الإشارة في ثلاثة مواضع هي: (هذا قاتل ابن بنت رسول الله)، و(هذا ابن زياد قاتل الحسين)، و(هذا الذي فعل في آل نبيكم ما فعل)، وإنَّما كان التعريف باسم الإشارة، حتى يُميِّز المسند إليه أكمل تمييز بإحضاره محسوساً في ذهن السامع[914]؛ وذلك «لأنَّ اسم الإشارة بطبيعة دلالته يُفيد تحديد المراد منه تحديداً ظاهراً وتمييزه تمييزاً تامّاً، ولذا؛ فإنّ المتكلّم قد يقصد إلى هذا التحديد ليحضر المسند إليه في ذهن السامع متميّزاً تمام التمييز، وذلك عندما يكون معنيّاً بالحكم الذي يُريد إضافته إليه، ويرغب في إبرازه وزيادة تأكيده»[915]، فالخطيب أراد إحضار المسند إليه في الذهن ليزيد إبرازه والتأكيد عليه متعاضداً مع قصدية تكراره، ليزيد من ذلك التوكيد والإيضاح، وكذلك لبيان حاله من القرب والبعد.
وجاء في خُطبةِ سليمان بن صُرَد الخزاعي: «إنَّ الذي قَتَلَ صَاحِبَكُم وعبّأ الجنودَ إليه، وقالَ: لا أمانَ لهُ عِنْدي دُونَ أنْ يَستَسْلِمَ فأمضي فيه حُكْمي، هذا الفاسق ابنُ الفاسق، ابنُ مرجانة... وَرَجونا أنْ يَدِينَ لَكُمْ مَنْ وَراءكم مِنْ أهلِ مِصـرِكُم في عافية، فتنظرون إلى مَنْ شَرَكَ في دمِ الحسينِ فَتُقاتلونَه ولا تَغْشَمُوا، وإنْ تُسْتَشهدُوا فإنَّما قاتَلْتُم المُحِلّينَ، ومَا عندَ اللهِ خيرٌ للأبرارِ والصدّيقين»[916].
فجاء تعريف المسند إليه بالاسم الموصول في مواضع هي: (إنَّ الذي قتل صاحبكم)، فـ(اسم إنَّ) وهو مسند إليه، قد وقع اسماً موصولاً، وكان يمكن للخطيب أن يُعبّر عن المسند إليه بالعلم ـ مثلاً ـ لكنَّه آثر تعريفه بالاسم الموصول لغرض أُسلوبي بلاغي، وهو استهجان التصريح به[917] لكونه ابن زياد، والموضع الثاني هو: (ورجونا أن يدين لكم مَن وراءكم من أهل مصركم) قد جاء المسند إليه، وهو الفاعل (مَن) وهو اسم موصول معرّفاً بالموصولية لغرض التفخيم والتشريف[918]، فأراد الخطيب أنْ يعظّم من شأن هؤلاء الذين وراءهم من الذين يدينون لهم من أهل مصرهم، والموضع الآخر قوله: (وما عند الله خير للأبرار)، فقد جاء بالمسند إليه وهو المبتدأ (ما) اسماً موصولاً لغرض أُسلوبي وهو التعميم والتهويل «لما في الموصول من إبهام وغموض»[919]، فأراد المنشئ أن لا يحدّد الشـيء الذي عند اللهI من الخير والعطاء، وإن كنّا نعلم أنَّما هو الجنة ونعيمها حتى «يذهب الذهن في تصور النعيم كلَّ مذهب، ولبيان عظمة هذا النعيم»[920].
وجاء في خُطبةِ المختار الثقفي قوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّ هذا كتابٌ إليكَ مِن المهديّ محمّد ابن أميرِ المؤمنينَ الوصيّ... وهو يسألكَ أنْ تَنْصُرَنَا وتُؤازِرنا، فإنْ فَعَلتَ اغْتَبَطت وإنْ لَمْ تَفْعَل فهذا الكتابُ حُجَّةٌ عليكَ»[921].
فقد جاء بالمسند إليه معرّفاً بـ(ال) في قوله: (فهذا الكتاب حجة عليك)، فـ(الكتاب) بدل من المسند إليه (هذا)، فهو بحكم المسند إليه، وإنَّما جاء التعريف بالألف واللام لإفادة دلالة العهد الصريح، كأن يكون هناك معهود بين المتكلّم والسامع[922]، «وذلك بأن يتقدّم ما يدلُّ على المسند إليه من قرائن صريحة أو ضمنية في الكلام»[923]، وقد تقدَّم ذكر الكتاب صراحة في أوّل الخُطبة في قوله: (فإنَّ هذا كتاب إليك)، فدلَّ على ذلك العهد الصريح.
وجاء في رسالةِ المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد: «أمَّا بعدُ، فقدْ بَلَغني كتابُك وفَهِمْتُ كلَّ ما ذكرتَ فيه، فقد أصبْتَ بانْحِيازِكَ إلى تكريت، فلا تَبْرَحَنّ مَكَانَكَ الّذي أنتَ به حتى يأتيك أمْرِي»[924].
فقد جاء المسند إليه (الفاعل) (كتابك) معرّفاً بالإضافة إلى (الكاف)، لاختصار حضوره في ذهن السامع[925]، فهو أخصرُ منه لو قال: لقد بلغني الكتاب الذي أنت بعثته إليَّ. وبهذا يكون الكلام أكثر إجْمالاً من التفصيل الذي ربَّما يتعذَّر على المتكلّم، ويعاظل عليه المعاني[926].
جاء تعريف المسند في مواضع من نصوص الحِقبتين، ونجد ذلك في خُطبة إبراهيم بن مالك الأشتر: «وَيْحَكُمْ يا مَعْشَرَ رَبِيْعَة وَمُضَر! انْصَرِفُوا عنّي، فَحَسْبكُم مِنّي، أنا ابنُ الأشْتَر، أنا ابنُ الضلّ الذّكر، والله ما أحبُّ أن يُصَابَ أحدٌ مِنْكُم على يَدِي»[927].
فقد جاء المسند (الخبر) معرّفاً بالإضافة في موضعين هما: (أنا ابن الاشتر)، (وأنا ابن الضلّ الذكر)، وإنّما عُرّفَ لغرضٍ بلاغي هو تعظيم المسند إليه (المبتدأ)؛ لأنَّ المسند أُضيف إلى ما يكسبه التعظيم والتشريف[928] فالمنشئ يعظّم نفسه ويُشـرّفها بكونه ابناً لمالك الأشتر الصحابي الجليل صاحب الذكر والصيت.
وجاء تعريف المسند في خُطبة المختار الثقفي متوعداً في قوله: «ما مِنْ دِينِنَا تَركُ قومٍ قَتَلُوا الحُسينَ يَمْشُونَ أحياءً في الدُّنيا آمِنِين، بِئسَ ناصرُ آلِ محمُّدٍ أنا إذاً الكَذّاب كَمَا سَمَّوني، فَإنّي بالله أسْتَعينُ عليهم»[929].
فقد جاء المنشئ بالمسند (الخبر)، وهو قوله: (الكذّاب) معرَّفاً بالألف واللّام، وإنَّما كان كذلك؛ لإفادة قصره على المسند إليه[930]، فالمختار يقصر على نفسه الكذب إنْ هو لم يطلب بثأر الإمام الحسين×، وهذا كان غاية في التأكيد والإصرار على الأخذ بثأر الإمام الحسين× وأهل بيتهy.
وجاء تعريف المسند في خُطبة إبراهيم بن مالك الأشتر محرّضاً القبائل على ابن زياد بقوله: «هذا ابنُ زيادٍ قاتلُ الحسينِ، الذي حال بَينَه وبَيْنَ ماءِ الفُراتِ أنْ يَشْـرَبَ مِنْه هوَ وأولادُه ونِساؤُه، وَمَنَعَهُ أنْ يَنْصَرِفَ إلى بَلَدِهِ أو يأتيَ يزيدَ بن معاوية حتَّى قتله، ويحَكُمْ! اشْفُوا صُدُورَكُمْ مِنْهُ، وَارْوُوا رِمَاحَكُمْ وَسُيُوفَكُم مِنْ دَمِهِ، هَذا الذيْ فَعَلَ في آلِ نَبِيِكُم مَا فَعَل، قد جاءَكُم الله به»[931].
فقد جاء المسند معرّفاً في موضعين: الأوّل في قوله: (هذا ابن زياد قاتل الحسين)، فـ(ابن) جاء مضافاً إلى زياد لغرض التهوين والتقليل[932] بانتسابه إلى زياد بن أبيه صاحب النسب الوضيع، وأمَّا الموضع الثاني، فهو قوله: (هذا الذي فعل في آل نبيكم ما فعل)، فقد جاء المسند معرّفاً بالموصولية، وهو يُفيد قَصْرَ ذلك المسند على المسند إليه[933]، بأنّ الذي فعل كذا هو ابن زياد ليسَ غير.
ويُفْيد كذلك إلى جانب القَصر زيادة التفخيم والتهويل [934]، فالمنشئ جاء بالمسند معرَّفاً بالاسم الموصول، ليهوّل من ذلك الفعل الشنيع الذي فعله ابن زياد في الإمام الحسين× وأهل بيتهy.
أمَّا التنكير، فله معانٍ ودلالات عديدة يمكن من خلالها إضفاء البهاء والرونق على النص[935].
وسوف يتناول البحث ظاهرة تنكير المسند إليه والمسند بحسب ورودها في نصوص الحِقبتين.
يُنكَّر المسند إليه (المبتدأ) ليحقّق أغراضاً أُسلوبية وقصدية في الكلام، وقَد ذكر النحاة والبلاغيون هذه الأغراض وتناولوها في مباحثهم[936]، وسوف يعرض البحث لبعض منها، وبحسب ورودها في خُطب ورسائل الحِقبتين.
فقد جاء في رسالة سليمان بن صُرَد الخزاعي التي بَعَثَ بها إلى سعد بن حذيفة قوله: «فلمّا نَظَرَ إخوانُكُم، وتَدَبَّرُوا عَوَاقِبَ مَا اسْتَقْبَلوا، رَأوا أنْ قَدْ خَطِئُوا بِخْذلانِ الزَّكي الطيب، وإسْلامِه، وتَرْكِ مواسَاتِه، والنصر له خَطأً كَبيراً، لَيْسَ لَهُمْ مِنْهُ مَخْرَجٌ ولا تَوبَةٌ دونَ قتلِ قاتليه... فوالله إنّكم لأحْرِيَاء أن لا يكونَ أحدٌ مِنْ إخوانِكُم صَبَرَ على شيءٍ مِنَ البلاءِ إرادةَ ثوابه، إلّا صَبَرْتُمْ التِمَاسَ الأجرِ فيه علي مِثلِه، وَلا يَطلبَ رضاءِ اللهِ طالبٌ بشـيءٍ مِنَ الأشياء ولو أنَّه القَتْلُ إلّا طَلَبْتُم رِضَاءَ الله به»[937].
فقد جاء المُسند إليه نكرةً في ثلاثة مواضع مُتَفرّقة هي: في قوله: (ليس لهم منه مخرج ولا توبة)، فـ(مخرج) هو اسم (ليس) مسند إليه نكرة، وقوله: (أن لا يكون أحدٌ من إخوانكم)، فـ(أحد) اسم (كان) مسند إليه نكرة، والموضع الثالث: (ولا يطلب رضاء الله طالب)، فـ(طالب) (فاعل) للفعل (يطلب) مسند إليه، وهو نكرة أيضاً.
ونلحظ أنَّ في كلّ هذه المواضع قد جاء المسند إليه نكرة في سياق النفي، وهذا ممَّا جعل الدلالة فيها تفيد العموم كما أشار إلى ذلك اللغويون[938]، فإذا وقعت النكرة في سياق النفي كان النفي يفيد الشّمول والعموم[939]، وهذا ما يناسب الغرض الذي يقصده الخطيب من وراء تنكيره للمسند إليه.
وجاء في خُطبة عبيد الله المرّي يصف ما جرى على الإمام الحسين× من النوائب بقوله: «وللهِ حسينُ بنُ عليّ! ماذا غادَرُوا به؟ ذا صِدْقٍ وَصَبْر، وذا أمانَةٍ ونَجْدَةٍ وَحَزْم، ابنُ أوّلِ المُسلمينَ إسلاماً، وابنُ بِنتِ رسولِ ربّ العالمين، قلَّتْ حُمَاتُه، وكَثُرَتْ عُدَاتُه حَولهُ، فَقَتَلَه عَدوّه، وخَذَله وليّه، فويلٌ للقاتلِ، وملامةٌ الخاذلِ»[940].
فقد جاء الخطيب بالمسند إليه منكّراً في موضعين، هما: (فويلٌ للقاتل) و(ملامةٌ الخاذل)، فويل وملامة قد وقعتا مسنداً إليه نكرة، ولم يُعرّفهما بأن يقول: الويل والملامة، ولو قالها لخفَّفَ من وقع الويل والملامة بما تفيده الألف واللاّم من تعيين ويل أو ملامة خاصَّة، فالغرض الأُسلوبي من وقوعهما منكّرين هو لإفادة الإعمام [941]، أو قد يكون لإفادة التعظيم أو التهويل، بأنّ كون هذا الويل وهذه الملامة هو ويل عظيم، وملامة عظيمة؛ لأنَّ الإقدام على قتل ابن رسول الله’ هو شيء عظيم لا يقاس معه شيء.
وجاء تنكير المسند إليه في خُطبة إبراهيم بن محمد بقوله: «واللهِ لَئِنْ خَرَجَ عَلَيْنا خارجٌ لنَقْتُلنّه، وَلَئِن اسْتَيْقَنَّا أنَّ قوماً يُريدونَ الخُروجَ علينا، لَنَأخُذَنَّ الوالدَ بولدِه...»[942].
فقد جاء المسند إليه نكرة في موضعين، هما: (والله لئن خرج علينا خارجٌ لنقتلنه)، فالمسند إليه (الفاعل) خارج وقع نكرة، وإنَّما كان كذلك؛ لغرض الدلالة على فرد غير معيَّن من الأفراد[943]، وقد جاء كذلك منسجماً مع سياق التهديد والقسم، فالخطيب يُقسم ويُهدّد دالاً على أنَّ قدوم أي فرد من الأفراد على الخروج على ولايته فإنَّه سيقتله. وجاء الموضع الثاني في قوله: (إن استقينا أنّ قوماً يُريدون الخروج علينا)، فقد جاء بالمسند إليه، اسم إنَّ (قوماً) نكرة لغرض التقليل والتهوين[944] من شأن هؤلاء الذين يخرجون عليه، وهذا ما يدلّ عليه سياق الخُطبة، فالذين يُريدون الخروج عليه هم التوّابون، وهم فئة قليلة من أهل الكوفة.
وجاء في خُطبة سليمان بن صُرد قوله: «أمَّا بعدُ أيُّها النَّاس، فإنَّ الله قَدْ علم ما تَنْوُون، وما خَرجْتم تَطلُبُونَ، وإنَّ للدّنيا تُجَّاراً، وللآخرة تُجَّاراً، فأمَّا تاجرُ الآخرة فساعٍ إليها، مُتَنَصّبٌ بِتَطْلابِها...»[945].
فجاء بالمسند إليه نكرة في الموضعين: (إنّ للدنيا تجاراً، وللآخرة تجاراً)، وكلاهما اسم لـ(إنَّ)، وإنَّ دلالة كلّ منهما تعتمد على المعنى العام الذي يُفهم من السياق، وقد دلَّ في الموضع الأوّل على التكثير؛ ذلك لانَّ تجار الدنيا ـ أي طلابها ـ كثيرون، وقد دلَّ في الموضع الثاني على التقليل؛ ذلك لأن تجار الآخرة قليلون، وقد نصَّ البلاغيون على أنَّ المسند إليه يكون نكرة لإفادة التكثير والتقليل بحسب سياق الحال[946]، فأراد الخطيب أن يقول: إنَّ تجار الدنيا كثيرون يطلبونها ويلهثون وراءها، وتجار الآخرة قليلون يطلبون ثوابها ونعيمها، فعبّر عن الحالين بالنكرة انسجاماً قصدياً لمراداته.
الأصل في المسند (الخبر) أن يكون نكرة [947]؛ لأنَّه محكوم به، ويأتي نكرة لدواعٍ أُسلوبية في الكلام، وقد ورد تنكير المسند في خُطبة سليمان بن صُرَد الخزاعي لقوله: «أمَّا بعدُ، فإنّي والله لخائفٌ ألّا يكونَ آخِرُنَا إلى هذا الدَّهر الذي نَكِدَتْ فيهِ المَعْيشَة، وعَظُمَتْ فيهِ الرزِيَّة، وشَمِلَ فيهِ الجورُ أُولي الفَضْل مِنْ هذه الشيعة لِمَا هوَ خَيْرٌ»[948].
فقوله: (فإنّي والله لخائف) و(لما هو خير) قد وقع فيهما المسند نكرة، فأمّا الموضع الأوّل، فإنَّه جاء لغرض أُسلوبي بلاغي، وهو مجرّد الإخبار[949] عن كونه خائفاً من موبقات الدهر، ولم يرد به الحصر أو التخصيص لهذا الخوف، ولو أراد إفادة حصر المسند بالمسند إليه لعرّفه بالألف واللام، ولقال: إنّي الخائف، ويُخصّص الخوف بنفسه، وقد اقترن المسند بلام التوكيد لغرض توكيد المسند في ذهن السامع. وأمّا الموضع الثاني: (لما هو خير) فالمسند جاء نكرة، وأغلب الظّن إنّما جاء لغرض التكثير[950] أي: لتكثير ذلك الخير.
وقد ورد تنكير المسند كذلك في خُطبة محمد بن الحنفية لقوله: «وأمّا مَا ذَكَرْتُم مِنْ مُصِيْبَتِنا بِحُسينٍ، فإنَّ ذلكَ كانَ في الذّكرِ الحَكيمِ، وَهِيَ مَلْحَمَةٌ كُتِبَتْ عليهِ، وكَرامةٌ أهْدَاها اللهُ لَه»[951].
فنجد أنّ الخطيب قد آثر أن يأتي بالمسند (الخبر) نكرة في موضعين هما: (وهي ملحمة كتبت عليه) و(كرامةٌ أهداها الله له)، وإنَّما جاء به نكرة ليؤدّي غرضاً بلاغياً هو: التعظيم[952]؛ «وذلك لما يُفيده التنكير عندئذٍ من أنّ المسند بلغ من خطورة الشأن وسمو المرتبة حدّاً لا يُدرك كنهه أو مداه»[953]، فجاء المسند في قوله (ملحمة) نكرة للدلالة على عظيم تلك الحادثة والفجيعة، والملحمة هي الوقعة العظيمة (القتل)[954]، وجاء لفظها منكّراً ليناسب تلكم التجاوزات التي اقتُرفت فيها.
وكذلك في قوله (كرامة)، وهي مسند (خبر) لمبتدأ محذوف دلّ عليه ما سبقه، جاءت بلفظ النكرة لتدلّ على عظمها وجلالة قدرها، لكون هذه الكرامة هي هدية من اللهI إلى الحسين×، لِمَا كان منه من تضحية بنفسه وولده وصحبه لإعلاء دين الله القويم.
يتألف النظام التركيبي للجملة العربية من مسند إليه ومسند[955]، وهما طرفاه المكونان له، فقد يقتضي ذكرهما في الجملة، إذ «يمثل الأصل المثالي، ولا موجب للعدول عنه»[956]، ولكن قد يفرض المقام وطبيعة الكلام أن يحذف أحدهما ليحقّق بذلك أثراً أُسلوبياً «يُفجّر في ذهن المتلقّي شحنة فكرية توقظ ذهنه، وتجعله يتخيّل ما هو مقصود»[957].
وقد وجّه اللغويون والبلاغيون عنايتهم بدراسة ظاهرة الحذف بدءاً بسيبويه، كما في حديثه عمّا يكون في اللفظ من الإعراض والاستقامة في الكلام[958]، كما تحدّث عنها الفرَّاء في (معاني القرآن)[959]، وأفرد لها ابن جنّي في خصائصه باباً مستقلاً سمّاه: (باب في شجاعة العربية)[960]، تحدّث فيه عن هذه الظاهرة بصورة مفصلة. أمّا عبد القاهر الجرجاني، فقد وصف هذا الباب بأنَّه «باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر»[961]، وقد اشترط النحاة في الحذف أن يكون بوجود قرينة تمنع من حصول اللّبس [962]، لذا فإنّ «المحذوف إذا دلّت الدلالة عليه كان في حكم الملفوظ به، إلّا أن يعترض هناك من صناعة اللفظ ما يمنع منه»[963].
أمَّا الذكر، فهو إجراء أُسلوبي يلجأ إليه المنشئ فيأتي بأحد العناصر اللغوية في سياق الكلام، ليحقّق بذلك زيادة في إيضاحه وتوكيده[964]، وهو الأصل في النظام التركيبي للجملة العربية، كما مرّ سابقاً. وقد تناول البلاغيون موضوع الذّكر، فأشاروا إلى أثره الدلالي في الجملة العربية[965].
والحذف والذكر من أسباب سعة المساحة في التعبير، فقد يُفيد الحذف المبالغة أو الاقتصاد في الأداء وغيرها، وقد يدلّ على التوكيد وغيرها من الأغراض[966].
وسوف يتناول البحث مواضع الحذف والذكر بحسب ورودها في نصوص الحِقبتين.
ومن صور الحذف:
المسند إليه: رُكنٌ من أركان الجملة، والأصل فيه ذكره، وعدم حذفه منها[967]، ولكن قد يُحذف إذا كانت هناك قرينة دالة عليه[968]، وإنَّما يؤْثِر الأديب حذفه لأغراض أُسلوبية يتطلبها القصد والمقام، ومن صور هذا الحذف:
المبتدأ عمدة في الكلام؛ لأنَّ الفائدة تتوقف عليه، وذلك لكونه ركناً رئيساً من أركان الجملة، يقول سيبويه: «ولا يجد المتكلّم منه بُدَّاً، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبني عليه. وهو قولك عبد الله أخوك، وهذا أخوك»[969]، ويجب تقديره إذا كان محذوفاً، وإنّ ذكره يكوّن مع الخبر تركيباً اسمياً تام الطرفين؛ لأنّ التركيب لا يمكن أن يستغني عن وجود الركنين معاً [970].
وقد جاء حذف المبتدأ في رسالة سليمان بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان بقوله: «وَقَدْ ضَرَبْنَا لإخوانِنَا أجلاً يوافونَنَا إليه، وَمَوْطِناً يَلْقُونَنَا فيه؛ فأمَّا الأجلُ فَغرَّةُ شَهْرِ رَبْيعٍ الآخر سنة خمسٍ وستّين، وأمَّا المَوْطِنُ الذي يَلْقونَنَا فيهِ فالنُّخَيْلَة»[971].
فقد حُذِفَ المسند إليه (المبتدأ) في موضعين: الأوَّل في قوله: (فأمّا الأجل فغرّة شهر ربيع الآخر)، وأصل الكلام: فهو غرّة ربيع الآخر، الثاني: في قوله: (فأمّا الموطن الذي يلقوننا فيه فالنخيلة)، وأصل الكلام: فهو النخيلة، وإنَّما كان ذلك الحذف لغرض الاحتراز من العبث في الكلام[972] «بترك ما لا ضرورة لذكره، وذلك ممّا يكسب الكلام قوة وجمالاً»[973]؛ لأنَّ المبتدأ قد وقع بعد الفاء المقترنة بالجملة الاسمية الواقعة جواباً للشرط[974]، والنحاة يرون أنّ حذف المبتدأ في هذا الموضع إنَّما هو حذف جائز وليس بوجوبي[975]، فيجوز عنده للمتكلّم ذكره أو حذفه، لكنّ المنشئ حذفه طلباً للغرض الأُسلوبي المتقدّم، وكذلك السرعة في إيصال الخبر إلى ذهن السامع وإعلامه.
وقد جاء مثل هذا الحذف للمبتدأ (المسند إليه) في خُطبة عبد الله بن سعد: «إنّي قَدْ رَأيتُ رَأياً، إنْ يَكُنْ صَوَابَاً فالله وَفَّق، وإنْ يَكُنْ لَيْسَ بِصَوابٍ فَمِنْ قِبَلِي، فإنّي ما آلُوكُم وَنَفْسـِي نُصْحاً، خَطأً كانَ أمْ صَوَابَاً»[976].
فقد حذف المسند اليه (المبتدأ) بعد الفاء المقترنة بالجملة الاسمية والواقعة جواباً للشـرط في قوله: (وإن يكن ليس بصواب فمن قِبلي)، والأصل: فهو من قِبلي، وكان الحذف جائزاً في هذا الموضع وقد حُذِف لسبق ذكره، والغرض منه الإيجاز في الكلام بأقل عدد من الكلمات والاحتراز من العبث في ذكر المبتدأ، وتعجيل إيصال الفائدة التي يحملها الخبر إلى ذهن المتلقّي.
الفاعل: هو الركن الثاني في الجملة الفعلية، ويشغل مجال المسند إليه فيها، ولا يستغني عن الفعل (المسند) فهو واجب الذكر، ولا يجوز حذفه؛ لأنَّه عمدة في الجملة[977]، وإذا حُذِفَ منها قُدّر رُكنه بضمير ملائم، وإذا جُهل قام مقامه المفعول به إن وجد فيها، وإلّا فالمصدر، أو الظرف أو الجار والمجرور[978]. وقد تتبّع النحاة حذف الفاعل في مواضع ذكرها السيوطي[979]، وقد يُحذف في غيرها، وجاز حذفه لدليل[980] «وكذلك يجوز الحذف إذا أُريد تجاهل أحد طرفي الإسناد، كالذي يكون مع ما يُعْرَف بالفعْل المبني للمجهول، أو للمفعول، أو لما لم يُسمَّ فاعله»[981]، وقد وَقَعَ مثَلُ هذا الحَذْف كثيراً في نصوص الحِقبتين، ومن ذلك ما جاء في خُطبة خالد بن سعد بن نفيل لقوله: «أمَا أنا فوالله لو أعلمُ أنَّ قَتْلِي نَفْسِي يُخْرِجُنِي مِنْ ذَنْبِي، وَيُرْضِي عَنّي رَبّي لَقَتَلْتُها، ولَكنَّ هذا أُمِرَ به قومٌ كانوا قَبْلَنَا ونُهِيْنَا عَنْهُ»[982].
فقد حُذِف الفاعل وبُنِيَ الفعل للمجهول في موضعين هما: (أُمر به قومٌ) و(نهينا عنه)، والغرض من وراء هذا الحذف هو علم المتلقّي بالمحذوف[983]؛ ذلك أنّه يعلم أنّ نبيّ الله موسى هو الذي أمر بني إسرائيل بقتل أنفسهم، فقد جاء في القرآن الكريم حكاية عن لسانه×، قال(فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ) [984] لما صدر عنهم من عبادة العجل، وكذلك يعلم المتلقي جيداً أنّ اللهY قد نهى المسلمين مراراً من قتل أنفسهم أو تعريضها للهلاك إلّا لأمرٍ مشروع؛ لذا جاء الفاعل محذوفاً في كلا الموضعين، فلا حاجة لذكره.
وممّا ورد من حذف الفاعل (المسند إليه) في خُطبةِ عبد الله بن يزيد ـ الوالي الزبيري ـ لقوله: «أمَّا بعدُ، فقد بَلَغَني أنَّ طائفةً مِنْ أهلِ هذا المصْرَ أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا عَلَيْنَا، فسألتُ عَنِ الذي دَعَاهُم إلى ذلكَ ما هو؟ فَقِيلَ لِي زَعَمُوا أنّهُم يَطلِبُونَ بدمِ الحسينِ بنِ علي، فَرَحِمَ الله هؤلاء القوم، قدْ ـ واللهِ ـ دُلِلْتُ على أمَاكِنِهِم، وأُمِرْتُ بأخْذِهِم، وَقِيْلَ: ابْدأهُم قَبْلَ أنْ يَبْدَءُوكَ، فَأبَيْتُ ذَلك»[985].
فقد حُذِف الفاعل، وبُنيَ الفعل معه للمجهول في أربعة مواضع، هي: (فقيل لي زعموا أنّهم يطلبون بدم الحسين بن علي)، (قد ـ والله ـ دُللت على أماكنهم)، (وأُمرت بأخذهم)، (وقيل: ابدأهم قبل أن يبدءوك). والغرض الأُسلوبي من وراء هذا الحذف هو علم الخطيب به.
وجاء حَذْف الفاعل في خُطبةِ يزيد بن أنس الأسدي: «يا معشـرَ الشيعة، قَد كنتم تُقتَلُون وتُقَطّعُ أيدِيكم وأرجُلُكُم، وتُسْمَلُ أعيُنُكم، وتُرْفَعُونَ على جذوعِ النخلِ في حُبّ أهلِ بيتِ نبيّكم...»[986].
فقد حُذِفَ الفاعل وبُنِيَ معه الفعل للمجهول مكرّراً في أربعة، هي: (تُقتلون) و(تُقطّع أيديكم) و(تُسْمل أعينكم) و(تُرفَعون على جذوع النخل)، وكان السبب في حذف الفاعل وتغييبه إلى هامش الشعور هو علم المخاطب به، وهم الأُمويون الذين ساموا الشيعة أشدَّ أنواع العذاب.
الأصل في المسند ـ فعلاً كان أم خبراً ـ أن يكون مذكوراً في الكلام، فهو كالمسند إليه من هذه الجهة، وقد يُحذف عند وجود القرينة الدالة على حذفه[987]، وسوف يوضِّح البحث هذه الأغراض من خلال الأمثلة الواردة في حذف المسند سواء أكان فعلاً أم خبراً.
يُعدُّ الفعل ركناً مهمّاً في بناء الجملة العربية[988]، وهو المسند في الجملة الفعلية[989]؛ لذا فهو من أهمِّ أركانها، وخاصّة ما يتّصل بالحدث الذي يُعرَف بوجوده زمن الجملة من ماضٍ أو مضارع، أو أمر[990]، «والفعل يُذكر ويُترك وفقاً لما يقتضيه الحال، ويتطلبه المقام، فقد يُحتّم ذلك ما يذكر، وقد يكون ذكره عبثاً فيترك»[991]، وسوف يُبيّن البحث ذلك من خلال الأمثلة الواردة من خُطب ورسائل الحِقبتين.
فقد جاء في خُطبة المختار بعد هرب ابن مطيع، إذ قال: «الحَمْدُ لله الّذي وَعَدَ وليَّه النصـر، وعدوَّه الخُسْرَ، وجَعَلَهُ فيهِ إلى آخرِ الدهر، وَعْداً مفْعُولاً وقضاءً مقضيّاً... أيُّها الناس، إنَّهُ رُفِعَتْ لنا رَاية، وَمُدَّتْ لَنا غَايَة، فقيلَ لنا في الراية: أنِ ارفعُوها ولا تَضَعوها، وفي الغاية: أن اجروا إليْها ولا تَعْدُوها، فَسَمِعْنَا دعوةَ الداعي، ومَقالةَ الواعي... فلا والذي جعلَ السماء سَقفاً مكفوفاً، والأرْضَ فِجَاجاً سُبُلاً، ما بايِعْتُم بعدَ بيعةِ علي بن أبي طالب وآلِ علي أهدى مِنْها»[992].
فقد حذف المنشئ الفعل (المسند) في مواضع متفرّقة من هذه الخُطبة، حتى صار ظاهرة أُسلوبية بارزة فيها، والمواضع التي حذف منها الفعل هي: (الحمد لله الذي وعد وليّه النصر، وعدوّه الخُسْر)، وأصل الكلام: ووعد عدوه الخسـر، فحذف الفعل (المسند) من الجملة الثانية، لوجود الدليل والقرينة وهي الفعل (وعد) في الجملة السابقة، فلا حاجة إلى إعادة ذكره في هذا الموضع، والغرض البلاغي من هذا الحذف الأُسلوبي هو الاحتراز من العبث بذكر المسند[993] ؛ إذ لا ضرورة لذكره لدلالة المتقدّم عليه.
وقوله: (وعداً مفعولاً، وقضاءً مقضيّاً) فقد حُذف الفعْل (المسند) بوصفه العامل في المصدر بكونه مبيّناً لنوع ذلك المصدر، وهذا إنَّما يكون بوجود الدليل الذي يدلُّ على حذفه[994]، وأصل الكلام: وعَد وعداً مفعولاً، وقضى قضاءً مقضياً.
وقوله: (فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها، وفي الغاية أن اجروا إليها ولا تعدوها)، فحذف الفعل في الجملة الثانية، لدلالة ما تقدّم عليه، فأصل الكلام: وقيل لنا في الغاية أن اجروا إليها، وقد تقدّم أنَّ حذفه إنَّما يكون للاحتراز من العبث بذكره، وهذا الداعي البلاغي هو نفسه الذي سوغ حذف الفعل في الموضع الآخر في قوله: (فسمعنا دعوة الداعي، ومقالة الواعي)، والأصل في الجملة الثانية: (وسمعنا مقالة الواعي)، فحذف الفعْل منْها لدلالة ما تقدّم، وللاحتراز من الإطالة غير المجدية في الكلام بذكر ذلك الفعل مرّة أُخرى.
وهذا نفسه نجده في قوله: (فلا والذي جَعَل السماء سقفاً مكفوفاً، والأرض فجاجاً سبلاً)، وهو أيضاً حذفٌ لدلالة المتقدّم عليه من الفعل (جعل)، فلا حاجة لذكرهِ ثانيةً في هذا الموضع. وكان لكثرة الحذف في هذه الخُطبة جعلها تتميز بالإيجاز والاختصار في إيصال المعاني بأقلّ عَدَدٍ من الألفاظ، وفي أسرع زمن ممكن.
الخبر: وهو المسند في الجملة الاسمية[995]، الذي يأتي بعد المبتدأ، وبه يتمّ الكلام، وتتحصل الفائدة[996]، وقد ذكره سيبويه في مواضع، منها: عند كلامه عن المبتدأ والخبر في باب الإسناد، وكون المبتدأ بحاجة إلى خبر ليتمّ معناه، فقال: «فلا بدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأوَّل بدٌّ من الآخر في الابتداء»[997]، ومعنى ذلك أنَّ الخبر يؤدي وظيفة مهمّة في الجملة، لكون المبتدأ لا يُستغنَي عنه فضلاً عن الفائدة في الإخبار، لكن على الرغم من هذه الفائدة التي يؤدّيها فإنّه قد يُحْذف من الكلام جوازاً أو وجوباً في مواضع ذكرها الدارسون[998]، وبوجود القرينة اللفظية أو الحالية التي تُغني عن النطق به[999].
وقد عُنيَ البلاغيون بدراسة مواضع حذف الخبر[1000]، وهي في مجملها تتَّصل بخصوصيات المعاني ودلالاتها.
فقد ورد حذف الخبر (المسند) في مواضع متفرّقة من خُطب ورسائل الحِقبتين، منها: ما جاء في خُطبة المسيّب بن نجبة الفزاري بقوله: «لا والله، لا عُذْرَ دُونَ أنْ تَقْتُلُوا قَاتِلَهُ والمُوالينَ عليهِ، أو تُقْتَلُوا في طَلَبِ ذلك، فَعَسَى رَبُنَا أن يَرْضَى عَنَّا عِندَ ذلك»[1001].
فقد حذف خبر (لا النافية للجنس) في قوله: (لا عذرَ)، وتقديره لا عذر موجود، أو لا عذر اليوم أو غير ذلك، وأكثر ما يأتي خبر لا النافية للجنس محذوفاً ولكنّه قد يذكر[1002]، فحذفه جائز عند النحاة إذا دلَّ عليه دليل[1003]، وإنَّما قصد الخطيب إلى حذفه لغرض بلاغي في الكلام، وهو إرادة نفي العذر نفياً مطلقاً، إذ لا يوجد عذر للجلوس والسكوت عن الأخذ بثأر الإمام الحسين× على الإطلاق، فـ«ذكر خبر (لا) النافية للجنس يعتمد على قصد المتكلّم، فإنْ أراد المتكلّم نفياً مقيداً فأنّه يذكر الخبر... وإنْ أراد نفياً مطلقاً تركه»[1004]، والخطيب آثر تركه لذلك الغرض البلاغي.
ومن حذف المسند (الخبر): ما جاء في خُطبةِ عبد الله بن وال التيمي في ردّه على إبراهيم بن طلحة بقوله: «فأقبِلْ على خَرَاجِكَ، فَلَعَمْرُ الله لَئِنْ كُنْتَ مُفْسِداً، مَا أفْسَدَ أمرَ هذهِ الأُمَّة إلّا والدُكَ وجَدُّك النَّاكِثَان»[1005].
فقد حذف الخبر في قوله: (لعمر الله لئن كنت مفسداً) والأصل: لَعَمر الله قسمي لئن كنت مفسداً، فَحَذْفُهُ هنا كما يقول النحاة حذفاً وجوبياً؛ لأنَّ المبتدأ كان لفظاً صريحاً في القَسَم، وهو أحد المواضع التي يجب معها حذف الخبر[1006]، وإنَّما كان وجوب الحذف؛ «لأنَّ المحذوف معلوم، ومحلّه مشغول بجواب القسم، فتأكّد سبب الحذف»[1007]، ويتضح أنَّ حذف الخبر من الجانب البلاغي إنّما كان مأخوذاً من الدرس النحوي: «فإنّ في كلام النحاة ما يدلُّ على اعتدادهم بأمر المعنى واهتمامهم به»[1008] من خلال هذا الحذف.
المفعول به: هو الاسم الفضلة الواقع عليه عمل الفاعل، والمنتصب بعد تمام الجملة[1009]، وقد ذكر عبد القاهر الجرجاني أنّ حذف المفعول به تكون «اللطائف كأنّها فيه أكثر، وما يظهر بسببه من الحسن والرونق أعجب وأظهر»[1010].
وقد تَتَبّع النحاة طرائق حذف المفعول به في الكلام[1011]، وأرجع بعض المُحدَثين سبب حذفه من الكلام إلى الفعل ودلالته الواسعة بحيث يقوم مقامه[1012]، غير أنّ البلاغيين أطالوا في هذه المسألة حيث وجدوا في حذف المفعول به أسراراً بلاغية كثيرة تتحقق في الأُسلوب، فدرسوا هذه الأسرار وبيّنوا دلالاتها في فضاءات النص[1013]. وقد وقع حذف المفعول به في بعض خُطب ورسائل الحِقبتين، منها: ما ورد في خُطبة سعد ابن حذيفة بن اليمان لقوله: «أمَّا بعدُ، فإنَّكم قَدْ كُنْتم مُجْمِعين مُزْمِعين على نَصـرِ الحسين، وقتال عدّوه... وقَدْ بَعَثَ إليْكم إخوانُكم يَسْتَنْجِدُونَكم ويَسْتَمِدّونَكم، ويَدعُونَكم إلى الحَقّ»[1014].
فقد حذف الخطيب المفعول به في قوله: (وقد بعث إليكم إخوانكم)، وأصل الفعل (بعث) أنْ يكون متعدياً إلى المفعول به [1015]، فيكون أصل الكلام: وقد بعث إليكم إخوانكم كتاباً أو رسالةً؛ لأنّ الخُطبة إنّما قيلت بسبب بعث سليمان بن صُرَد بكتابه إلى سعد بن حذيفة (الخطيب) يستنهضه وإخوانه للقيام بالثورة، فقد حُذِفَ (المفعول به) من هذه الجملة، لكونه واضحاً يعلم به المتلقي فلا حاجة إلى ذكره، والعلم بالمفعول به هو أحد الدواعي التي يُحذف لأجلها[1016].
وقد جاء حذف المفعول به في خُطبةِ محمد بن الحنفية يصف ما جرى على الإمام الحسين×: «وَهِيَ مَلْحمَةٌ كُتِبَت عَلِيه، وَكَرَامَةٌ أهدَاها الله لهُ، رَفَعَ بِمَا كانَ مِنْها درجاتُ قومٍ عِنْدَه، وَوَضَعَ بها آخَرين، وَكانَ أمرُ اللهِ مَفعُولاً»[1017]، فقد حذف الخطيب المفعول به في قوله: (ووضع بها آخرين) وأقام صفته مقامه (آخرين)، وأصل الكلام: ووضع بها قوماً آخرين، لكنّه حذفه؛ لأنّه اعتمد على وضوح ما سبق من الكلام[1018]، فلا حاجة لذكر المفعول به.
وممّا جاء من حذف المفعول به في هذا الصدد في رسالة المختار الثقفي إلى عبد الرحمن بن سعيد بقوله: «أمَّا بعدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي كتابُكَ، وفَهِمتُ كلَّ ما ذكرتَ فيه، فقد أصبتَ بانحيازكَ إلى تكريت، فلا تبرحنّ مكانَكَ الذي أنتَ به حتَّى يأتيك أمري إنْ شاء الله، والسلام عليك»[1019].
فقد حذف المختار (المفعول به) بعد فعل المشيئة في قوله: (إن شاء الله)، وهو موضع من مواضع حذف المفعول به[1020]، ويُسمّيه البلاغيون حذف الإضمار على شريطة التفسير[1021]، وتقدير الكلام: إن شاء الله ذلك، أو إن شاء الله هذا الأمر، وغيرهما.
ومن حَذف المفعول به: ما جاء في كتاب عهد المختار بالأمان لعمر بن سعد بقوله: «إنَّكَ آمِنٌ بأمانِ اللهِ على نَفْسِكَ وَمَالِكَ، وأهلِكَ وأهلِ بيتِك وَولدِكَ، لا تؤاخذ بحدثٍ كانَ منكَ قديماً، ما سَمِعْتَ وأطَعْتَ، ولَزَمْتَ رَحْلَكَ، وأهلَكَ ومِصْرَكَ»[1022].
فقد حذف المختار المفعول به في قوله: (ما سمعت وأطعت)، وأصل الفعل سمع والفعل أطاع أنْ يكونا متعديين إلى المفعول به[1023]، وتقدير الكلام: ما سمعت الكلام أو القول، وأطعت الأوامر أو غير ذلك، وإنَّما حذف المفعول به في هذين الموضعين، وذلك لغرض أُسلوبي وهو الإعمام[1024]، «أي: الإيحاء بشمولية الفعل وعدم تخصصه بمفعول آخر»[1025]، فلمّا حذف المفعول به مع فعل السمع والطاعة دلّ ذلك على شمولية السمع والطاعة وعموميتهما، فالسمع والطاعة لم تكونا مقصورتين على شيء محدد، وإنَّما كان عليه أن يسمع ويُطيع بصفة عامّة وشاملة ومن غير تحديد لهما، والذي يدلُّ على ذلك: قوله فيما بعد (ولزمت رحلك)، فقد ذكر المفعول به (رحلك) وغيرها من المفاعيل بكون فعل اللزوم كان مقيّداً بالرحل والأهل وغيرها؛ وذلك لأنَّه ذكر المفعول به. وهذه ميزة أُسلوبية تميَّز بها هذا النص.
ومن مواضع حذف (المفعول به): ما ورد في خُطبة المختار بعد هرب ابن مطيع لقوله: «الحمدُ للهِ الذي وَعَدَ وليّه النصر، وعدوّه الخُسر، وجعله فيه إلى آخر الدهر، وعداً مفعولاً، وقضاء مقضياً، وقد خاب مَن أفترى»[1026].
فقد حذف المختار المفعول به في قوله: (وقد خاب مَن افترى)، وتقدير الكلام: وقد خاب مَن افترى الكذب، وقد حذفه لدلالة السياق عليه، ولكونه واضحاً عند السامع[1027]، فالافتراء إنّما يكون للكذب، فحذف المفعول به في هذا الموضع؛ لأنّه «كان معلوماً بدلالة الحال، فيذكر الفعل، ويُنْوى له في النفس مفعولٌ خاصٌ قد علم موضعه من سبق ذكر، أو قرينة حال، ولكنّك تنسيه نفسك، وتخيل أنَّك لم تقصد إلّا إلى ذات الفعل، قاصداً بذلك المبالغة فيه»[1028]، وهذا ما وجدناه في هذا الموضع.
وممّا تقدّم من أنماطٍ للحذف يتضح لنا أنّ الحذف مظهر من مظاهر تكثيف التركيب العربي وإيجازه والتخفيف في إيراداته، «ففي الخفَّة تلك تكمن البلاغة، ويسمو الكلام، حتى يصل إلى قوة السحر في التأثير، وتكون الجملة مع الحذف أشدَّ وقعاً على النفس، وأتمَّ بياناً»[1029]،ومن ثَمَّ نجد أنّ الحذف قد أدى المعنى بأوجز عبارة في تلك الأمثلة، فضلاً عن تحقّق قوة الإثراء الدلالي التي ضاعفت من إحساس المتلقي[1030].
وكما كان للحذف وجود في نثر هاتين الحِقبتين، كان للذكر وجودٌ أيضاً؛ إذ هو القالب المعياري للجملة العربية، فهو الأصل ولا مقتضى للعدول عنه[1031]، كما أنَّ وجوده يثري الجملة بدلالات بلاغية وأُسلوبية كثيرة[1032].
ومن صور الذكر:
المسند إليه: ركن مهمٌ في التركيب، والأصل أن يُذكر في الكلام ولا مقتضى لحذفه، لكنّه قد يُحذف لوجود قرينة تُرجّح ذلك[1033].
وهناك دواعٍ مختلفة لذكر المسند إليه وقف عندها البلاغيون[1034]، سوف يعرض البحث إلى أهمها من خلال الأمثلة الواردة في خُطب الحِقبتين:
فقد جاء في خُطبة سليمان بن صُرَد لقوله: «أمَّا بعدُ، فقد أتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير إليه آناء الليل والنهار، تُريدون فيما تظهرون التوبة النصوح»[1035].
فقد ذكر الخطيب المسند إليه وهو الفاعل (الله)، وكان ذلك لغرض زيادة الإيضاح والتقرير في نفس السامع[1036]، بأنّ الذي أتاهم بعدوّهم إنَّما قضاء الله Iوقدره، فليس من سبيل إلّا ملاقاة ذلك العدو وجهاده.
وجاء في خُطبة المختار حين قَدِم الكوفة: «فإنّ المهدي بن الوصي، محمد بن علي، بعثني إليكم أميناً ووزيراً، ومنتجباً وأميراً، وأمرني بقتال المُلحدين»[1037].
فقد ذكر الخطيب المسند إليه (المبتدأ في أصله)، وهو اسم إنّ (المهدي بن الوصي)، وكان الغرض من وراء ذكره هذا هو تعظيم ذلك المسند إليه وتفخيمه[1038]، أو الاستلذاذ بذكره[1039]؛ لأنَّه أقرب إلى نفس الخطيب، ومثاله الأعلى، فقد ذكره بلفظ المهدي وبابن الوصي تبركاً به، ثمَّ أردف ذلك بقوله: (محمد بن علي)، وهو بدل من الجملة السابقة، ليزيد من إيضاح الفكرة وليقرر الأمر الذي يُريد إثباته.
وجاء ذكر المسند إليه في رسالة المختار إلى الأحنف بن قيس بقوله: «أمَّا بعدُ، فويلُ أُمِّ ربيعةَ من مضَر، فإنّ الأحنفَ مُورد قومَه سَقَر، حيث لا يستطيع لهم الصدَر، وإنيّ لا أملك ما خُطّ في القَدَر»[1040].
فقد ذكر المنشئ المسند إليه (اسم إنّ) وهو الأحنف لإظهار تحقيره وإهانته[1041] بأنَّه يُورد قومه نار سقر؛ لموقفه السلبي تجاه المختار وثورته القائمة على طلب الثائر من قتلة الإمام الحسين×.
الأصل في المسند أن يكون مذكوراً في الكلام، ولا مقتضـى للعدول عنه[1042]، فهو في هذا كالمسند إليه؛ ولذا لا يجوز حذفه إلّا إذا كانت هناك قرينة دالة عليه في الكلام، وهناك دواعٍ لذكر المسند سوف يتناول البحث بعضاً منها من خلال الأمثلة.
فمن ذكر المسند: ما جاء في رسالة محمد بن الحنفية إلى إبراهيم بن مالك الأشتر قوله: «أمَّا بعدُ، فإنِّي قد بعثتُ إليكم بوزيري، وأميني ونجيِّي.... فأنّك إن نصـرتَني، وأجبت دعوتي، وساعدت وزيري، كانت لكَ عندي بذلك فضيلةٌ، ولكَ بذلك أعنّة الخيل، وكلّ جيشٍ غازٍ»[1043].
فقد ذكر المنشئ (المسند) الجار والمجرور، وهو خبر (كان) مرتين؛ لأنَّ الهدف من ذكره هو البيان والكشف[1044] الذي تطلّبه السياق، فالمنشئ أراد إبانة أنّ الأشياء التي ذكرها من الفضيلة وأعنّة الخيل والجيش الغازي، إنَّما هي مخصّصة له إن هو قام بنصـرته وأجاب دعوته.
ومن ذكر المسند ما جاء في خُطبة إبراهيم بن مالك الأشتر محرّضاً القبائل على قتل ابن زياد: «هذا قاتل ابن بنت رسول الله’ قدْ جاءكم الله به وأمْكَنَكُم الله مِنه اليوم... هذا ابنُ زيادٍ قاتلُ الحسينِ، الذي حال بَينَه وبَيْنَ ماءِ الفُراتِ أنْ يَشْرَبَ مِنْه هوَ وأولادُه ونِساؤُه... هذا الذيْ فَعَلَ في آلِ نَبِيِكُم مَا فَعَل قد جاءَكُم الله به»[1045].
فقد ذكر المنشئ المسند ـ وهو الأصل ـ وذلك لغرض أُسلوبي في ثلاثة مواضع هي: (هذا قاتل ابن بنت رسول الله)، و(هذا ابن زياد قاتل الحسين)، و(هذا الذي فعل في آل نبيكم ما فعل)، وهذا الغرض هو التشفيع وإثارة العواطف، وجذب تنبه السامع إلى المسند (الخبر)، وإعلامه بما فعل ابن زياد بالحسين×وآله؛ وذلك حتى يحرّض الجيوش ضد ابن زياد وجيشه.
توصَّل الباحث إلى النتائج الآتية:
1ـ إنَّ النثر الفنّي قد نشط في ثورة التوّابين وإمارة المختار الثقفي نشاطاً واسعاً؛ لما كان لزعمائهم ودعاتهم وأنصارهم من نتاج أدبي نثري فاعل، مثّلتهُ الخُطب والرسائل والعهود والوصايا التي وصلت إلينا.
2ـ كان لنتاج هاتين الحِقبتين أثرٌ كبير في الأدب العربي، ولاسيّما في حركة النثر الفنّي، وتطوّرهُ في الدرس الأُسلوبي والبياني فيما بعد.
3ـ تفاوتت الخُطب والرسائل في حِقبة التوّابين وإمارة المختار طولاً وقصـراً، وذلك بحسب القصد والموضوع والمقام.
4ـ أفاد خُطباء وكتَّاب هاتين الحِقبتين من أُسلوب القرآن الكريم، في نثرهم، اقتباساً، وتضميناً، محاكاةً واحتذاءً، وهذا النثر لم يخرج عن نهج النثر الفنّي في صدر الإسلام الذي سار عليه الرسول الكريم’، وأقرَّه في خُطبه ورسائله من حيث الشكل النثري، وهو ما ينمُّ عن إتقان البناء، ووحدة الموضوع، وإحكام المعاني.
5ـ تأثَّر منشئو هذا النثر بنثر الإمام علي× فراحوا يردّدون أقواله وحكمه، ويستذكرون سيرته، وكان تأثّرهم بنثره أُسلوباً ومعنى، وقد يكون هذا مقتصراً على الموالين له× من التوّابين والمختار وبعض الشيعة، أمَّا غيرهم فلا نكاد نلحظ هذا التأثر إلّا قليلاً.
6ـ عني الناثرون بالوسائل التي توفّر القيم الإيقاعية للنثر الفنّي أفضل عناية، فراحوا يعتمدونها في خُطبهم ورسائلهم، كالجناس بأنواعه، والسجع بأنواعه ـ العفوي والمتكلّف ـ والموازنة (الازدواج).
7ـ اعتمد المختار الثقفي في بعض خُطبه ورسائله على توشيتها بغريب اللفظ طلباً للتأنق والإعداد فيها، مشايعاً روح العصر الذي كان يحفل بالغرابة، كما أنّه انفرد في معظم خُطبه ورسائله باعتماد حلية السجع على نحو متكلَّف؛ ليُضفي عليها حلية جمالية تجذب إليها السامع وتؤثر فيه بالاعتماد على الإيقاع النغمي.
8ـ كشف التحليل الأُسلوبي الصوتي عن أثر الأصوات في الأساليب النثرية البديعية، فبعضها كان مبنياً على أساس التماثل الناقص كما في الجناس غير التام بأنواعه، وبعضها كان مبنيّاً على أساس وحدة أصوات الفقرات واتّزانها كما في السجع بنوعية المطرّف والمتوازي، أو الموازنة، الأمر الذي أدَّى إلى أن تكتسب تلك الأساليب إيقاعاً صوتياً متميّزاً.
9ـ أبانَ التحليل الأُسلوبي الصوتي عن تداخل بعض الأساليب البديعية اللفظية في النص النثري الواحد، كتداخل السجع والجناس معاً، أو تداخل أنواع السجع مع بعضها، وكذلك تداخل الموازنة (الازدواج) مع أنماط السجع الآخر، وهذا يُدلّل على مقدرة الأديب بإقامة الجانب الموسيقي والعناية فيه على عتبات النص.
10ـ كشف التحليل البياني للأُسلوب أنّ الوسائل التي توفّر القيم الإيقاعية ليست حلية يوشَّى بها النثر الفنّي بقدر ما هي ضرورية نابعة من المعنى الذي يوجبه السياق، وكشف عن تميّز بعض الألفاظ بأدائها الصوتي الموحي في بعض النُّصوص النثرية، انسجاماً مع حركة الحدث ضمن سياقها العام، سواء أكان هذا الصوت الموحي في اللفظة المفردة، أو الأصوات المتكررة بحسبان أنّ علم الأُسلوب الحديث لا يأبه بالجرس الصوتي إلّا من حيث إيحائه بالمعنى.
11ـ كشف البحث عن خاصية الاختيار الأُسلوبي لألفاظ الخُطب والرسائل، فمن حيث فصاحة الألفاظ، وجد البحث أنّ الألفاظ جاءت على قدر من الفصاحة والتأثير، والبعد عن التعقيد والغموض.
12ـ كشف التحليل الأُسلوبي عن استعمال الناثرين لبعض الصيغ ذات الأثر الأُسلوبي والدلالي في الكلام، كاستعمال صيغ الاسم والفعل بصورة متكررة، وكذلك استعمال بعض الألفاظ ذات العدول كالاستعارة والمجاز المرسل، وكذلك اتّساق هذه الألفاظ في أدائها البياني كالمجاز العقلي والكناية.
13ـ كشف التحليل الأُسلوبي عن عناية الناثرين لهاتين الحِقبتين باستعمال الأساليب اللّغوية الخبرية والإنشائية سعياً وراء تحقيق الإفادة الدلالية للسامع، كما كشف عن استعمالهم بعض الأساليب الإنشائية انزياحاً في غير دلالتها، كما في الأمر والنَّهي والنّداء والاستفهام.
14ـ درس الباحث الأُسلوب الشرطي بصورة مستقلّة عن الأساليب الخبرية والإنشائية؛ ذلك أنّهُ متكوِّن من جملتين يربط بينهما رابطٌ معنويّ، وتصلُح كلّ جملة فيه أن تكون خبرية أو إنشائية، فرأى أن يدرسه بصورة مستقلّة؛ لأنَّ توزيعه على مباحث الخبر أو الإنشاء، يؤدّي في النهاية إلى تفكُّك الجملة الشّـرطية التَّامة، وإلى تفرّق دراستها إلى موضوعين مستقلّين.
15ـ درس الباحث أُسلوب القسم مستقلاً عن أساليب الخبر والإنشاء أُسوة بالأُسلوب الشَّرطي؛ وذلك لاختلاف العلماء في ماهية الجملة المقسم بها، فذهب بعضهم إلى كونها خبريَّة، وذهب بعضهم الآخر إلى كونها إنشائيَّة، وعليه رأى الباحث أن يفرده بدراسة مستقلة لملاحظة الوجهتين.
16ـ كشف التحليل الدلالي للنصوص عن عناية الناثرين بصورة واسعة باستعمال البُنى الأُسلوبية المتصلة بفضاءات هندسة النص، لتحقيق قيم جمالية وفنية كما في الفصل والوصل، والتقديم والتأخير، والذّكر والحذف، والتعريف والتنكير وغيرها.
وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
خير ما نبدأ به القرآن الكريم.
الآيات القرآنية المتعلّقة بالرسول’: دراسة بلاغية وأُسلوبية، عدنان جاسم محمد الجميلي، ط1، هيئة إدارة واستثمار أموال الوقف السني، بغداد، 2009م.
إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لغوي أُسلوبي، الدكتور محمد العبد، ط2، مكتبة الآداب، القاهرة، 1428هـ ـ 2007م.
أبنية الأسماء في اللغة العربية، أحمد محمد الشيخ، ط1، منشورات جامعة السابع من أبريل، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى،1425م.
أبنية الصرف في كتاب سيبويه: معجم ودراسة، الدكتورة خديجة الحديثي، ط1، مكتبة لبنان ـ ناشرون، بيروت ـ لبنان، 2003م.
الإتقان في علوم القرآن، للحافظ جلال الدين عبد الرحمان السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، منشورات الشريف الرضي، بيدار عزيزي، (د.ت).
أَثر القرآن في تطور النقد العربي: إلى أَواخر القرن الرابع الهجري، الدكتور محمد زغلول سلام، قدَّم له الأستاذ محمد خلف الله أحمد، ط2، دار المعارف، مصر، 1961م.
الأثر القرآني في نهج البلاغة: دراسة في الشكل والمضمون، الدكتور عباس الفحام، ط1، منشورات الفجر للطباعة والنشر، لبنان، بيروت، 1430هـ ـ2010 م.
أثر النحاة في البحث البلاغي، عبد القادر حسين، دار نهضة مصـر للطبع والنشـر، القاهرة، 1975م.
الأدب الإسلامي في عصر النبوة وخلافة الراشدين، الدكتور نايف معروف، ط1، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1410هـ ـ1990م.
الأدب الجاهلي: قضاياه ـ أغراضه ـ أعلامه ـ فنونه، الدكتور غازي ظليمات وعرفان الأشقر، ط1، دار الفكر المعاصر، بيروت ـ لبنان. دار الفكر، دمشق ـ سوريا،1422هـ ـ2002م.
أدب السياسة في العصر الأُموي، الدكتور أحمد محمد الحوفي، دار القلم، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
الأدب في موكب الحضارة الإسلامية: كتاب النثر، الدكتور مصطفى الشكعة، ط1، ط3، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1414هـ ـ1993م.
أدب الكاتب، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكوفي المروزي الدينوري (ت276هـ)، حققه وضبط غريبه وشرح أبياته محمد محيي الدين عبد الحميد، ط3، المكتبة التجارية الكبرى، مطبعة السعادة، مصر، 1377هـ ـ 1958م.
أدب الكُتّاب، أبو بكر بن يحيى الصولي، نسخه وعنى بتصحيحه وتعليق حواشيه محمد بهجة الأثري، نظر فيه علاّمة العراق السيّد محمد شكري الآلوسي، المطبعة السلفية القاهرة ـ مصر،1341هـ.
الأدب وفنونه، للدكتور عز الدين إسماعيل، ط1، دار النشـر المصـرية، مطبعة الاعتماد، مصر، 1955م.
ارتشاف الضرب من لسان العرب، لأبي حيان الأندلسـي (ت745هـ)، تحقيق وشرح الدكتور رجب عثمان محمد، مراجعة الدكتور رمضان عبد التواب، ط1، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر، 1418هـ ـ 1998م.
أساس البلاغة، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد الزمخشـري (ت538هـ)، تحقيق محمد باسل عيون السود، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1419هـ ـ 1998م.
الأساليب الأدبية في النثر العربي القديم، كمال اليازجي، ط1، دار الجيل، بيروت، 1986م.
الأساليب الإنشائية في النحو العربي، عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، 1410هـ ـ 1990م.
أساليب البيان في القرآن، السيد جعفر الحسيني، ط1، مؤسسة الطباعة والنشـر، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران،1413هـ.
أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين، الدكتور قيس إسماعيل الأوسي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بيت الحكمة، بغداد، 1989م.
أساليب المعاني في القرآن، السيد جعفر باقر الحسيني، ط1، مطبعة مؤسسة بوستان كتاب، قم، 1428ق ـ 1386ش.
أسرار البلاغة، للإمام عبد القاهر الجرجاني، تحقيق ريتر، ط2، أعاد طبعه بالأوفست مكتبة المثنى، بغداد، 1399هـ ـ1979م.
الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية، الدكتور مجيد عبد الحميد ناجي، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1404هـ ـ 1984م.
الأُسلوب: دراسة بلاغية تحليلية لأصول الأساليب الأدبية، أحمد الشايب، ط6، مكتبة النهضة المصرية، مطبعة السعادة، مصر، 1966م.
الأُسلوب: دراسة لغوية إحصائية، الدكتور سعد مصلوح، ط3، عالم الكتب، القاهرة، 1412هـ ـ1992م.
الأُسلوب والأُسلوبية، بيير غيرو، ترجمة الدكتور منذر عياشي، مركز الإنماء القومي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق، يوسف أبو العدوس، ط2، دار المسيرة للنشـر والتوزيع والطباعة، عمان ـ الأردن، 1430هـ ـ 2010م.
الأُسلوبية الصوتية، الدكتور محمد صالح الضالع، دار غريب للطباعة والنشـر والتوزيع، القاهرة (د.ت).
الأُسلوبية: مدخل نظري ودراسة تطبيقية، الدكتور فتح الله أحمد سليمان، الناشر مكتبة الآداب، القاهرة، 1425هـ ـ2004م.
الأُسلوبية والأُسلوب: نحو بديل السني في نقد الأدب، الدكتور عبد السلام المسدي، ط5، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2006م.
اسم الفاعل والمشبهات به في القرآن الكريم: دراسة لغوية دلالية، الدكتور هادي عبد علي هويدي، ط1، دار الضياء للطباعة والتصميم، النجف الأشرف 1429هـ ـ 2008م.
الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة، ركن الدين محمد بن علي الجرجاني (ت 729هـ)، علّق عليه ووضع حواشيه وفهارسه إبراهيم شمس الدين، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1423هـ ـ 2002م.
الأشباه والنظائر في النحو، الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ)، وضع حواشيه غريد الشيخ، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان،1422هـ ـ 2003م.
أصوات اللغة العربية، الدكتور عبد الغفار حامد هلال، ط3، الناشر مكتبة وهبة، القاهرة، 1416هـ ـ 1996م.
الأصوات اللغوية، الدكتور إبراهيم أنيس، الناشر مكتبة الأنجلو المصـرية، مطبعة محمد عبد الكريم حسان، 1999م.
أُصول البيان العربي: رؤية بلاغية معاصرة، الدكتور محمد حسين الصغير، طبع في دار الشؤون الثقافية العامّة، بغداد، (د.ت).
الأصول في النحو، لأبي بكر محمد بن سهل بن السـراج النحوي البغدادي(ت 316هـ)، تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ ـ1985م.
الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم: دراسة نظرية تطبيقية للتوظيف البلاغي لصيغة الكلمة، الدكتور عبد الحميد أحمد يوسف هنداوي، المكتبة العصـرية، شركة أبناء شريف الأنصاري للطباعة والنشر والتوزيع، صيدا ـ بيروت ـ لبنان، 1429هـ ـ 2008م.
إعجاز القرآن، القاضي أبو بكر الباقلاني، ط1، دار مكتبة الضلال، بيروت، 1993م.
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مصطفى صادق الرافعي، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان،1424هـ ـ2003م.
الأعلام: قاموس وتراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، خير الدين الزركلي، ط16، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، 2005م.
الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني (ت356هـ)، تحقيق الدكتور يوسف البقاعي وعزيز الشيخ، ط1، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1420هـ ـ2000م.
أقسام الكلام العربي: من حيث الشكل والوظيفة، الدكتور فاضل مصطفى الساقي، ط2، الناشر مكتبة الخانجي، مطبعة الشركة الدولية للطباعة، القاهرة، 1429هـ ـ 2008م.
الأمثال العربية القديمة: دراسة أُسلوبية سردية حضارية، الدكتورة أماني سليمان داوود، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2009م.
أُمراء الكوفة وحكامها، محمد علي آل خليفة، مراجعة وتنقيح الدكتور ياسين صلواتي، مؤسسة الصادق للطباعة والنشـر، مطبعة أسوة، طهران ـ إيران، 1425هـ 2004م.
الانزياح من منظور الدراسات الأُسلوبية، الدكتور أحمد محمد ويس، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، سورية، (د. ت).
أنساب الأشراف، لأبي الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت279هـ)، تحقيق وفهرسة محمود الفردوس العظم، دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشـر، سورية ـ دمشق، 1999م.
إنشاء النفي: وشروطه النحوية والدلالية، شكري المبخوت، مركز النشـر الجامعي كلية الآداب والفنون والإنسانيات، جامعة منوبة، 2006م.
أنوار الربيع في أنواع البديع، السيد صدر الدين بن معصوم المدني (ت1120هـ)، حققه وترجم لشعرائه شاكر هادي شكر، ط1، مكتبة النعمان، النجف الأشرف، 1288هـ -1968م.
أوزان الفعل ومعانيها، الدكتور هاشم طه شلاش، مطبعة الآداب، النجف الأشرف،1971م.
الإيضاح في علل النحو، لأبي القاسم الزجاجي(ت337هـ)، تحقيق مازن المبارك، ط2، منشورات الرضي، مطبعة أمير، قم، 1363هـ.
الإيضاح في علوم البلاغة، الإمام الخطيب القزويني (ت739هـ)، شرح وتنقيح وتعليق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، الشركة العالمية للكتاب، بيروت ـ لبنان 1989م.
البحث الدلالي عند ابن سينا: دراسة أُسلوبية في ضوء اللسانيات، الأستاذ الدكتور مشكور كاظم العوادي، ط1، مؤسسة البلاغ للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1424هـ ـ2003م.
البحث الدلالي في تفسير الميزان: دراسة في تحليل النص، الأستاذ الدكتور مشكور كاظم العوادي، ط1، مؤسسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1424هـ ـ2003م.
البداية والنهاية، لأبي الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي (ت 774هـ)، دقق أُصوله وحققه الدكتور أحمد أبو ملحم، والدكتور علي نجيب عطوي، والأُستاذ فؤاد شيري، والأستاذ مهدي ناصر الدين، والأستاذ علي عبد الساتر، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
البديع، عبد الله بن المعتز (ت296هـ)، اعتنى بنشـره وتعليق المقدمة والفهارس اغناطيوس كراتشوفسكي، ط2، مكتبة المثنى، بغداد، 1399هـ ـ 1979م.
البديع في ضوء أساليب القرآن، الدكتور عبد الفتاح لاشين، ط3، الناشر مكتبة الأنجلو المصرية، 1986م.
البرهان في وجوه البيان، أبو الحسين إسحاق بن وهب الكاتب، تحقيق الدكتور أحمد مطلوب، والدكتورة خديجة الحديثي، ط1، مطبعة العاني، بغداد،1387هـ -1967م.
البلاغة العربية: البيان والبديع، الدكتور طالب محمد الزوبعي، والدكتور ناصر حلاوي، ط1، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1996م.
البلاغة العربية: قراءة أُخرى، الدكتور محمد عبد المطلب، ط2، الشـركة المصـرية العالمية للنشر، لونجمان، طبع دار نوبار، للطباعة، القاهرة، 2007م.
البلاغة عند السكاكي، الدكتور أحمد مطلوب، ط1، منشورات مكتبة النهضة، طبع بمطابع دار التضامن، بغداد، 1384هـ ـ 1964م.
بلاغة الكتاب في العصر العباسي: دراسة تحليلية نقدية لتطور الأساليب، الدكتور محمد نبيه حجاب، ط1، المطبعة الفنية الحديثة، 1385هـ ـ 1965م.
بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، الدكتور فاضل صالح السامرائي، مطبعة دار الشؤون الثقافية، ط1، بغداد، (د.ت).
البلاغة والأُسلوبية، الدكتور محمد عبد المطلب، ط1، مكتبة لبنان ـ ناشرون، بيروت، والشرعية المصرية العالمية للنشر، دار نوبار، القاهرة، 1994م.
البنى الأُسلوبية: دراسة في أُنشودة المطر للسياب، الدكتور حسن ناظم، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب، بيروت ـ لبنان، 2002م.
البنيات الأُسلوبية في لغة الشعر العربي الحديث، الدكتور مصطفى السعدني، الناشر منشَأة المعارف بالإسكندرية، (د.ت).
بنية اللغة الشعرية، جان كوهن، ترجمة محمد الولى، ومحمد العمري، ط1، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء،1986م.
البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب، الدكتور محمد الدسوقي، ط1، العلم والإيمان للنشر والتوزيع، كفر الشيخ، 2001م ـ 2009م.
البيان في روائع القرآن: دراسة لغوية وأُسلوبية، الدكتور تمام حسان، ط2، عالم الكتب، القاهرة، 1420هـ ـ 2000م.
البيان المحمدي، الدكتور مصطفى الشكعة، ط1، نشـر الدار المصـرية اللبنانية، عربية للطباعة والنشر،1416هـ ـ1995م.
البيان والتبيين، لأبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ (ت 255هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط2، الناشر مكتبة الخانجي بمصر، ومكتبة المثنى ببغداد، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة،1380هـ ـ1690م.
تاج العروس من جواهر القاموس، الإمام محب الدين أبو فيض السيد محمد مرتضـى الحسين الواسطي الزبيدي الحنفي، دراسة وتحقيق علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1414هـ ـ1994م.
تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام، لمؤرخ الإسلام الحافظ النقاد شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ)، عنيت بنشـره مكتبة القدسي، مطبعة السعادة، مصر ـ القاهرة، 1368هـ.
تاريخ الأدب العربي، أحمد حسن الزيات، ط4، دار المعرفة للطباعة والنشـر والتوزيع، 1418هـ ـ 1997م.
تاريخ بغداد أو مدينة السلام: منذ تأسيسها حتى سنة 463هـ، للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت463هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك)، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، مطبعة دار المعارف، القاهرة، 1971م.
تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العباسي المشهور باليعقوبي، تحقيق عبد الأمير مهنا، ط1، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1413هـ ـ 1993م.
التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن، كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني (ت651هـ)، تحقيق الدكتور أحمد مطلوب، والدكتورة خديجة الحديثي، ط1، مطبعة العاني، بغداد، 1383هـ ـ1964م.
التراكيب اللغوية في العربية: دراسة وصفية تطبيقية، الدكتور هادي نهر، ساعدت جامعة المستنصرية على نشره، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1987م.
التراكيب النحوية من الوجهة البلاغية عند عبد القاهر، الدكتور عبد الفتاح لاشين، الناشر دار المريخ للنشر، الرياض، دار الجميلي للطباعة، مصر، (د.ت).
تصريف الأسماء في اللغة العربية، الدكتور شعبان صلاح، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2005م.
التصغير: دراسة صرفية صوتية، الدكتورة إسراء عريبي، ط1، دار أسامة للنشـر والتوزيع، عمان ـ الأردن، 2008م.
تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي، أنيس المقدسي، ط9، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، 1998م.
التعبير البياني: رؤية بلاغية نقدية، الدكتور شفيع السيد، مكتبة الشباب، دار غريب للطباعة، القاهرة، 1977م.
التعبير القرآني، الدكتور فاضل صالح السامرائي، ط5، نشر دار عمار، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان ـ الأردن، 1428هـ ـ 2007م.
تفسير البحر المحيط، لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسـي (ت745هـ)، دراسة وتحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، والدكتور زكريا عبد المجيد النوتي، والدكتور أحمد النجولي الجمل، قرَّضه الدكتور عبد الحي القرمادي، ط2، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
التقديم والتأخير في القرآن الكريم، حميد أحمد عيسى العامري، ط1، وزارة الثقافة والإعلام، دار الشؤون الثقافية العامّة، آفاق عربية، بغداد، 1996م.
التكرير بين المثير والتأثير، الدكتور عز الدين السيد، ط2، عالم الكتب، بيروت، 1398هـ ـ 1978م، 1407هـ ـ 1986م.
تلخيص البيان في مجازات القرآن، الشريف الرضي، حققه وقدم له ووضع فهارسه محمد عبد الغني حسن، ط2، دار الأضواء، بيروت ـ لبنان، 1406هـ ـ 1986م.
التلخيص في علوم البلاغة، للإمام جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب، ضبطه وشرحه عبد الرحمن البرقوقي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، (د.ت).
التنغيم اللغوي في القرآن الكريم، سمير إبراهيم العزاوي، ط1، دار الضياء للنشـر والتوزيع، عمان ـ الأردن، 1421هـ ـ 2000م.
ثمرات الأوراق في المحاضرات، لتقي الدين أبي بكر علي بن محمد بن حجة الحموي القادري الحنفي، قدم له وشرحه الدكتور مفيد قميحه، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1403هـ ـ1983م.
الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور، الراجع نسبته لعز الدين بن الأثير (ت630هـ)، تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي، ط1، دار الأفاق العربية، القاهرة، 1428هـ ـ 2007م.
جدلية الإفراد والتركيب: في النقد العربي القديم، الدكتور محمد عبد المطلب، ط2، الشركة المصرية العالمية للنشر، طبع في مطابع الأهرام التجارية، مصر، 2004م.
جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب، الدكتور ماهر مهدي هلال، دار الرشيد للنشر، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1980م.
جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم، الدكتور أسامة عبد العزيز جاب الله، دار ومكتبة الإسراء للطبع والنشر والتوزيع، طنطا، 2008م.
الجملة الشرطية في شعر زهير بن أبي سلمى، الدكتورة ندى الشايع، ط1، مكتبة لبنان ـ ناشرون، بيروت ـ لبنان، 1999م.
الجملة العربية والمعنى، الدكتور فاضل صالح السامرائي، ط2، دار الفكر ـ ناشرون وموزعون، عمان ـ الأردن، 1430هـ ـ 2009م.
جمهرة خُطب العرب: في عصور العربية الزاهرة ـ العصـر الأُموي، أحمد زكي صفوت، ط1، المكتبة العلمية بيروت ـ لبنان، (د.ت).
جمهرة رسائل العرب: في عصور العربية الزاهـرة ـ العصـر الأُموي، أحمد زكي صفوت، ط1، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولادهُ بمصـر، 1356هـ ـ1937م.
جمهرة اللغة، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت321هـ)، علّق عليه ووضع حواشيه وفهارسه إبراهيم شمس الدين، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1426هـ ـ 2005م.
الجنى الداني في حروف المعاني، حسن بن القاسم المرادي (ت749هـ)، تحقيق طه محسن، ساعدت جامعة بغداد على نشره، 1396هـ ـ 1976م.
جوهر القاموس في الجموع والمصادر، محمد بن شفيع القزويني (من علماء القرن الثاني الهجري)، تحقيق وتعليق محمد جعفر الشيخ إبراهيم الكرباسي، منشورات جمعية منتدى النشر، النجف الأشرف (د.ت).
حاشية الدسوقي على مختصر السعد (سعد الدين التفتازاني على متن التلخيص)، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي (ت1230هـ)، تحقيق الدكتور خليل إبراهيم خليل، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1423هـ ـ 2002م.
الحذف والتقدير في الدراسة النحوية، الأستاذ الدكتور عائد كريم الحريزي، مطبعة السراج المنير، النجف، 2009م.
حزب الشيعة في أدب العصر الأُموي، الدكتورة ثريا عبد الفتاح ملحس، ط1، الشركة العالمية للكتاب، دار الكتاب العالمي، بيروت ـ لبنان، 1990م.
الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام، الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، ط2، دار الكتاب اللبناني، بيروت ـ لبنان، 1980م.
خزانة الأدب وغاية الأرب، أبو بكر محمد بن علي المعروف بابن حجة الحموي (ت837هـ)، قدم له وصححه وشرحه ووضع فهارسه الدكتور صلاح الدين الهواري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان، 1426هـ ـ 2006م.
الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني (ت 392هـ)، تحقيق محمد علي النجار، ط2، دار الهدى، بيروت، (د.ت).
خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل المعاني، الدكتور محمد محمد أبو موسى، ط7، مكتبة وهبه، القاهرة، 1427هـ ـ 2006م.
الخطابة العربية في عصرها الذهبي، إحسان النص، دار المعارف، القاهرة، 1963م.
الخليل بن أحمد الفراهيدي: أعماله ومنهجه، الدكتور مهدي المخزومي، ط2، دار الرائد العربي، بيروت ـ لبنان، 1406هـ ـ1986م.
الدراسات الأُسلوبية عند المخزومي، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها، الدكتور صاحب أبو جناح، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان ـ الأردن، 1419هـ ـ 1998م.
دراسات في الأدب الجاهلي، ومعه مختارات من المعلّقات الاثني عشـرة، ومختارات أُخرى، الدكتور عبد العزيز نبوي، ط3، مؤسسة المختار للنشـر والتوزيع، 1425هـ ـ2004م.
دراسات في الدلالة والمعجم، الدكتور رجب عبد الجواد إبراهيم، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2001م.
الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني، حسام سعيد النعيمي، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، دار الرشيد للنشر، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1980م.
دروس التصريف، محمد محيي الدين عبد الحميد، شركة أبناء شريف الأنصاري للطباعة والنشر والتوزيع، الشركة العصرية للطباعة والنشـر ـ الدار النموذجية 1411هـ ـ 1990م.
دروس في علم أصوات العربية، جان كانتينو، نقله إلى العربية وذيله بمعجم صوتي ـ فرنسـي ـ عربي صالح القرمادي، نشـريات مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية الجامعة التونسية، 1966م.
دقائق التصريف، للقاسم بن محمد بن سعيد المؤدب من علماء القرن الرابع الهجري، تحقيق الدكتور أحمد ناجي القيسـي، والدكتور حاتم صالح الضامن، والدكتور حسين تورال، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1407هـ ـ 1987م.
دلائل الإعجاز، الشيخ الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، قرأه وعلّق عليه أبو فهد محمود محمد شاكر، ط5، الناشر مكتبة الخانجي، الشـركة الدولية للطباعة، القاهرة، 1424هـ ـ2004م.
دلالات التراكيب: دراسة بلاغية، الدكتور محمد محمد أبو موسى، ط4، مكتبة وهبة، القاهرة، 1429هـ ـ 2008م.
دلالة الألفاظ، الدكتور إبراهيم أنيس، ط2، مكتبة الأنجلو المصرية، 1963م.
الدلالة السياقية عند اللغويين، الدكتورة عواطف كنوش المصطفى، ط1، دار السياب للطباعة والنشر والتوزيع، لندن، 2007م.
دليل الدراسات الأُسلوبية، جوزيف ميشال شريم، ط2، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1407هـ ـ 1987م.
دور الكلمة في اللغة، ستيفن اولمان، ترجمه وقدّم له وعلّق عليه الدكتور كمال بشـر، ط12، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، (د.ت).
دولة المختار الثقفي: رؤية جديدة، صفاء أحمد الخطيب، ط1، وط2، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت، 1427هـ ـ 2006م، و1429هـ ـ 2008م.
الرسائل السياسية في العصـر العباسي الأوّل، حسين بيضون، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1996م.
الرسائل الفنية في العصر العباسي: حتى نهاية القرن الرابع الهجري، زينة عبد الجبار محمد المسعودي، ط1، هيئة إدارة واستثمار أموال الوقف السني، بغداد، 2009م.
سرّ صناعة الإعراب، أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق ودراسة الدكتور حسن هنداوي، ط2، دار العلم، دمشق، 1413هـ ـ 1993م.
سر الفصاحة، للأمير أبي محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي (ت466هـ)، صححه وعلّق عليه عبد المتعال الصعيدي، مطبعة محمد علي صبيح وأولاده،1372هـ ـ1953م.
سنن ابن ماجة، للإمام المُحدّث أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت275هـ)، تحقيق محمود محمد محمود وحسن نصار، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1419هـ ـ 1998م.
سير أعلام النبلاء، للإمام أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (ت748هـ)، رتبه وزاد فوائده واعتنى به حسان عبد المنان، بيت الأفكار الدولية، لبنان، 2004م.
شذا العرف في فن الصـرف، الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحملاوي (ت1315هـ)، شرحه وفهرسه واعتنى به الدكتور عبد الحميد هنداوي، ط4، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1428هـ ـ2007م.
شرح ابن عقيل: على ألفية ابن مالك، قاضي القضاة بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني المصري (ت769هـ)، ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، تأليف محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
شرح ابن الناظم: على ألفية ابن مالك، تأليف ابن الناظم أبي عبد الله بدر الدين محمد بن الإمام جمال الدين محمد بن مالك (ت686هـ)، تحقيق محمد باسل عيون السود، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1420هـ ـ 2000م.
شرح التبيان في علم البيان، للشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الكريم المغيلي (ت909هـ)، دراسة وتحقيق الدكتور أبو أزهر بلخير هانم، ط1، دار الكتب العلمية، لبنان ـ بيروت، 2010م.
شرح جمل الزجاجي: الشرح الكبير، ابن عصفور الأشبيلي (ت669هـ)، تحقيق الدكتور صاحب أبو جناح، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مطابع مديرية دار الكتب للطباعة، جامعة الموصل، 1402هـ ـ1982م.
شرح شافية ابن الحاجب، للشيخ رضي الدين محمد بن الحسين الأسترابادي النحوي (ت686هـ)، مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر صاحب خزانة الأدب، حققهما وضبط غريبهما وشرح منهجهما الأساتذة محمد نور الحسن، ومحمد الزفاف، ومحمد محي الدين عبد الحميد، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
شرح كافية ابن الحاجب، رضي الدين محمد بن الحسن الأسترابادي (ت 686هـ)، قدّم له ووضع حواشيه وفهارسه الدكتور أميل يعقوب، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1409هـ ـ 1998م.
شرح الكافية الشافية، للإمام أبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد ابن مالك الطائي الجياني الشافعي (ت672هـ)، تحقيق علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1420هـ ـ 2000م.
شرح المراح في التصريف، العلاّمة بدر الدين محمود بن أحمد العيني (ت 855هـ)، حققه وعلّق عليه الدكتور عبد الستار جواد،(د.ت).
شرح المفصّل في صنعة الإعراب الموسوم بالتحمير، تأليف صدر الأفاضل القاسم بن الحسين الخوارزمي، تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان،1990م.
شرح المفصّل للزمخشري، موفق الدين أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي (ت 643هـ)، قدّم له ووضع هوامشه وفهارسه الدكتور أميل يعقوب، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1422هـ ـ 2001م.
الشرط في القرآن: على نهج اللسانيات الوصفية، الدكتور عبد السلام المسدي، والدكتور محمد الهادي الطرابلسي، الدار العربية للكتاب، مطبعة الاتحاد العلم التونسي ليبيا ـ تونس، 1985م.
شروح التلخيص، وتتضمن ما يلي:
1ـ مختصر العلاّمة سعد الدين التفتازاني على تلخيص المفتاح للخطيب القزويني.
2ـ مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح لابن يعقوب المغربي.
3ـ عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، بهاء الدين السبكي، ط4، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مؤسسة دار البيان العربي للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1412هـ ـ1992م.
الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه، محمد النويهي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة ـ مصر، (د.ت).
الشفاء ـ المنطق ـ الخطابة، ابن سينا (ت428هـ)، تحقيق الدكتور محمد سليم سالم، مراجعة الدكتور إبراهيم مدكور، نشر وزارة المعارف العمومية، المطبعة الأميرية بالقاهرة، 1373هـ ـ 1954م.
الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامهما، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت395هـ)، شرح وتدقيق أحمد صقر، نشـر المكتبة الفيصلية، المملكة العربية السعودية، (د.ت).
صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، أحمد بن علي القلقشندي (ت821هـ)، شرحه وعلّق عليه وقابل نصوصه محمد حسين شمس الدين، ط2، دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1424هـ ـ 2003م.
الصحاح: المسمّى تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (توفي في حدود400هـ)، تحقيق شهاب الدين أبو عمر، ط1، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، 1418هـ ـ 1998م.
صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الجعفي (ت256هـ)، شرح وتحقيق الشيخ قاسم الشماعي الرفاعي، دار القلم، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
صحيح مسلم، للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ)، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1421هـ ـ 2001م.
الطريف في علم التصريف: دراسة صرفية تطبيقية، عبد الله الأسطي، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، (د.ت).
ظاهرة القسم في القرآن الكريم، فارس علي العامر، ط1، منشورات أنوار الهدى للطباعة والنشر، مطبعة مهر، إيران، 1414هـ.
عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، للشيخ بهاء الدين أبي حامد أحمد بن علي السبكي(ت773هـ)، تحقيق الدكتور خليل إبراهيم خليل، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان،1422 هـ ـ2001م.
العصر الإسلامي، الدكتور شوقي ضيف، ط13، دار المعارف، مصر، (د.ت).
العصر الجاهلي، الدكتور شوقي ضيف، دار المعارف، مصر، (د.ت).
علم الأُسلوب: مفاهيم وتطبيقات، الدكتور محمد كريم الكوَّاز، ط1، منشورات السابع عشر من أبريل، ليبيا، 1426هـ.
علم الأُسلوب والنظرية البنائية، الدكتور صلاح فضل، ط1، دار الكتاب المصـري، دار الكتاب اللبناني، القاهرة، بيروت، 1428هـ ـ 2007م.
علم الأصوات، الدكتور كمال بشر، دار غريب للطباعة والنشـر والتوزيع، القاهرة، 2000م.
علم الأصوات اللغوية، الدكتور مناف مهدي الموسوي، ط1، توزيع دار الكتب العلمية، بغداد، 2007م.
علم البيان: دراسة تحليلية لمسائل البيان، الدكتور بسيوني عبد الفتاح فيود، ط3، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة، 1431هـ ـ2010م.
علم اللغة العام، فردينان دي سوسير، ترجمة يوئيل يوسف عزيز، مراجعة النص العربي الدكتور مالك المطلبي، مطابع دار آفاق عربية للصحافة والنشر، بغداد، 1980م.
علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي، الدكتور محمود السعران، دار المعارف بمصـر، مطبعة الإسكندرية، 1962م.
علم المعاني، درويش الجندي، ط2، مكتبة نهضة مصر، 1381هـ ـ1963م.
علم المعاني، الدكتور عبد العزيز عتيق، دار النهضة العربية لطباعة والنشـر، بيروت، 1974م.
علم المعاني، الدكتور مجهد جيجان الدليمي، والدكتور قيس إسماعيل الآلوسي والسيدة حذام جمال الدين الآلوسي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشـر، المكتبة الوطنية، 1993م.
علم المعاني: بين بلاغة القدامى وأُسلوبية المُحدَثين، الدكتور طالب محمد إسماعيل الزوبعي، ط1، منشورات جامعة قان يونس، بنغازي، 1997م.
علم المعاني: تأصيل وتقييم، الدكتور حسن طبل، ط1، طبع ونشـر مكتبة الإيمان بالمنصورة، القاهرة، 1420هـ ـ1999م.
علم المعاني: دراسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني، الدكتور بسيوني عبد الفتاح فيود، ط2، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، 1429هـ ـ 2008م.
علم المعاني وأساليبه البلاغية، الدكتور طاهر عبد الرحمن قحطان، ط1، مكتبة الإرشاد، الجمهورية اليمنية ـ صنعاء، 1418هـ ـ 1997م.
الفائق في غريب الحديث، العلاّمة جار الله محمود بن أحمد بن عمر الزمخشـري (ت538هـ)، وضع حواشيه إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1417هـ ـ 1996م.
الفعل زمانه وأبنيته، الدكتور إبراهيم السامرائي، ط2، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400هـ ـ 1980م.
فقه اللغة العربية، الدكتور كاصد ياسر الزبيدي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، 1987م.
الفن ومذاهبه في النثر العربي، الدكتور شوقي ضيف، ط10، دار المعارف، القاهرة،(د.ت).
في الأدب الجاهلي، الدكتور طه حسين، ط9، دار المعارف بمصر، (د.ت).
في الأصوات اللغوية: دراسة في أصوات المد العربية، الدكتور غالب فاضل المطلبي، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، دائرة الشؤون الثقافية والنشـر، دار الحرية للطباعة، 1984م.
في البحث الصوتي عند العرب، الدكتور خليل إبراهيم العطية، الموسوعة الصغيرة 124، منشورات دار الجاحظ للنشر، بغداد، 1983م.
في التحليل اللغوي: منهج وصفي تحليلي وتطبيقه على التوكيد اللغوي والنفي اللغوي وأُسلوب الاستفهام، الدكتور خليل أحمد عمايرة، تقديم الدكتور سلمان حسن العاني، ط1، مكتبة المنار، الأردن ـ الزرقاء،1407هـ ـ1987م.
في النحو العربي: قواعد تطبيق على المنهج العلمي الحديث، الدكتور مهدي المخزومي، ط1، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصـر، 1386هـ ـ1966م.
في النحو العربي: نقد وتوجيه، الدكتور مهدي المخزومي، ط2، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2005م.
في النقد الأدبي، الدكتور شوقي ضيف، ط9، دار المعارف، القاهرة، (د.ت).
القاموس المحيط، محمد بن يعقوب مجد الدين الفيروز آبادي(ت817هـ)، دار الفكر، (د.ت).
قاموس المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت770هـ)، ط1، مكتب التوثيق في دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1426هـ ـ 2005م.
الكافي في الصرف والنحو والإعراب، الدكتور جوزيف الياس وجرجس ناصيف، ط1، دار العلم للملايين، 1998م.
الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عبد الواحد الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير (ت 635هـ)، تحقيق نخبة من العلماء، ط2، مطبعة دار الكتاب العربي، بيروت، 1967م.
الكامل في اللغة والأدب، أبو العباس محمد بن يزيد المبرد (ت285هـ)، تحقيق الدكتور يحيى مراد، ط1، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة، 1425هـ ـ 2004م.
الكتاب، سيبويه أَبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر(ت180هـ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، مطابع الهيئة المصـرية العامة للكتاب، بيروت، 1975م.
كتاب الأفعال، لابن القوطية (ت367هـ)، تحقيق علي فودة، ط3، الناشر مكتبة الخانجي، الشركة الدولية للطباعة، القاهرة، 1421هـ ـ 2001م.
كتاب التبيان في علم المعاني والبديع والبيان، للعلاّمة شرف الدين حسين بن محمد الطيبي (ت743هـ)، تحقيق وتقديم الدكتور هادي عطية مطر الهلالي، ط1، مكتبة النهضة العربية، عالم الكتب، بيروت، 1407هـ ـ 1987م.
كتاب تهذيب التهذيب، للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، ضبط ومراجعة صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع، (د.ت).
كتاب التهذيب في أصول التعريب، الدكتور أحمد بك عيسى، ط، دار الآفاق العربية، القاهرة، 1421هـ ـ 2001م.
كتاب الصناعتين: الكتابة والشعر، تصنيف أبي هلال الحسين، عبد الله بن سهل العسكري، تحقيق الدكتور مفيد قمحة، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1409هـ ـ 1989م.
كتاب الطراز المتضمن لإسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، للسيّد الإمام يحيى بن حمزة بن علي اليمني، مراجعة وضبط محمد عبد السلام شاهين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1415هـ ـ 1995م.
كتاب الفتوح، للعلاّمة أبي محمد أحمد بن أعثم الكوفي (ت314هـ)، تحقيق علي شيري، ط1، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1411هـ 1991م.
كتاب معاني الحروف، لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي (ت386هـ)، حققه وخرّج شواهده وعلّق عليه وقدّم له وترجم للرماني وأرخ لعصـره الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي، دار الشـروق للنشـر والتوزيع، جدة، دار ومكتبة الهلال، بيروت، 1429هـ ـ 2008م.
كتاب المفتاح في الصرف، للإمام عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ)، حقّقه وقدّم له علي توفيق الحمد، ط1، مؤسسة الرسالة، دار الأمل، 1407هـ ـ 1987م.
كتاب المقتصد في شرح الإيضاح، للإمام عبد القاهر الجرجاني، تحقيق كاظم بحر المرجان، وزارة الثقافة والإعلام، دار الرشيد للنشر، الجمهورية العراقية،1982م.
الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
لسان العرب، ابن منظور جمال الدين بن مكرم الأنصاري (ت711 هـ)، تصحيح أمين محمد عبد الوهاب، ومحمد صادق العبيدي، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
اللغة العربية معناها ومبناها، الدكتور تمام حسان، ط5، عالم الكتب، القاهرة، 1427هـ ـ 2006م.
اللغة في الدرس البلاغي، الدكتور عدنان عبد الكريم جمعة، ط1، دار السياب للطباعة والنشر والتوزيع، لندن، 2008م.
اللمع في العربية، أبو الفتح عثمان بن جني(ت 392هـ)، تحقيق حامد المؤمن، ط1، منشورات منتدى النشر النجف الأشرف، مطبعة العاني، بغداد، 1402هـ ـ1982م.
المباحث الأُسلوبية عند ابن جني، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها، الدكتور صاحب أبو جناح، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان ــ الأردن، 1419هـ ـ 1998م.
المبدع في التصريف، أبو حيان النحوي الأندلسـي، تحقيق وشرح وتعليق الدكتور عبد الحميد السيد طلب، ط1، الناشر مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، طبع دار النفائس، بيروت،1402هـ ـ1982م.
المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، أبو الفتح ضياء الدين نصـر الله بن محمد ابن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الموصلي (ت637هـ)، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت،1420هـ ـ 1999م.
المجازات النبوية، محمد بن حسين الشريف الرضي، تصحيح مهدي هوشمند، ط1، دار الحديث للطباعة والنشر، مطبعة ستارة، قم، 1422ق ـ1380ش.
مجاز القرآن: خصائصه الفنية وبلاغته العربية، الدكتور محمد حسين علي الصغير، ط1، دار المؤرخ العربي، بيروت ـ لبنان، 1420هـ ـ 1999م.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، تحقيق عبد الله محمد الدرويش، دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع 1414هـ ـ1994م.
مخارج الحروف أو أسباب حدوث الحروف، تصنيف الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا، تحقيق الدكتور برويز ناتل خانلري، انتشارات دانشكاه، مطبعة دانشكاه، 1333هـ.
المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، الدكتور رمضان عبد التواب، ط3، مكتبة الخانجي، الشركة الدولية للطباعة، القاهرة، 1417هـ ـ 1997م.
مدخل إلى كتابي عبد القاهر الجرجاني، الدكتور محمد محمد أبو موسى، ط1، الناشر مكتبة وهبة، القاهرة 1418هـ ـ 1998م.
مدرسة الكوفة: ومنهجها في دراسة اللغة والنحو، الدكتور مهدي المخزومي، ط3، دار الرائد العربي، بيروت ـ لبنان، 1406هـ ـ 1986م.
مراحل تطور النثر العربي في نماذجه، الدكتور على شلق، ط1، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان،1991م.
المزهر في علوم اللغة وأنواعها، للعلاّمة جلال الدين السيوطي، شرحه وضبطه وصححه وعنون موضوعاته محمد أحمد جاد المولى بك، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، وعلي محمد البجاوي، ط2، طبع ونشر أصحاب دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاؤه.
المستدرك على الصحيحين، للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري مع تضمينات للإمام الذهبي في التلخيص الميزان، والعراقي في أماليه، والمناوي في فيض الغدير، وغيرهم من العلماء الإجلاء، دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1422هـ ـ2002م.
المستويات الجمالية في نهج البلاغة: دراسة في شعرية النثر، نوفل هلال أبو رغيف، ط1، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2008م.
مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب بحاشية السيّد، العلاّمة محمد بن عز الدين المفتي الكبير (ت973هـ)، تحقيق عبد الله حمود، ط1، مكتبة التراث الإسلامي 1426هـ ـ 2005م.
المصباح في المعاني والبيان والبديع، للإمام أبي عبد الله بدر الدين بن مالك الدمشقي الشهير بابن الناظم (ت686هـ)، حقّق الكتاب وقدّم له الدكتور عبد الحميد هنداوي، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1422هـ ـ 2001م.
المطول: شرح تلخيص مفتاح العلوم، العلاّمة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت792هـ)، تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1422هـ ـ 2001م.
معاني الأبنية في العربية، الدكتور فاضل صالح السامرائي، ط1، ساعدت جامعة بغداد على نشره، جامعة الكويت، 1998م.
معاني القرآن، أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت207هـ)، تحقيق أحمد يوسف نجاتي، محمد علي النجار، ط2، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، 1980م.
معترك الأقران في أعجاز القرآن، أبو الفضل جلال بن عبد الرحمن أبو بكر السيوطي (ت911هـ)، ضبطه وصححه أحمد شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1408هـ ـ 1988م.
معجم البلدان، للشيخ الإمام شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت626هـ)، تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
المعجم الكبير، الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حقّقه وخرّج أحاديثه حمدي عد المجيد السلفي، ط2، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشـر والتوزيع، 1422هـ ـ2002م.
معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، الدكتور أحمد مطلوب، مطبعة المجمع العلمي العراقي 1406هـ ـ 1989م.
مع المختار الثقفي: رؤية موضوعية جديدة، سليم عبد الله، ط1، دار الثقلين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1417هـ ـ1996م.
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، جمال الدين ابن هشام الأنصاري (ت761هـ)، حققه وعلّق عليه الدكتور مازن المبارك، والدكتور محمد علي حمد الله، راجعه سعيد الأفغاني، انتشارات كلستانه،(د.ت).
مفتاح العلوم، أبو يعقوب يوسف بن أبو بكر محمد بن علي السكاكي (ت626هـ)، ضبطه وكتب هوامشه وعلّق عليه نعيم زرزور، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1403هـ ـ 1983م.
المفصل في علم العربية، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشـري (ت538هـ)، ط2، دار الجيل، بيروت، (د.ت).
مقالات في الأُسلوبية، الدكتور منذر عياشي، ط1، منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1990م.
المقتضب، صنعه أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة، دار الكتاب اللبناني بيروت ودار الكتاب المصري القاهرة، القاهرة، 1399هـ.
مقتل الحسين للخوارزمي، لأبي المؤيد الموفق محمد بن أحمد المكي أخطب خوارزم (ت568هـ)، عنى بملاحظته والتعليق عليه العلاّمة المحقق الكبير الشيخ محمد السماوي، مطبعة الزهراء، النجف، 1948هـ ـ 1368م.
المقدّمة في نقد النثر العربي: مشروع رؤية جديدة في تقنيات البحث والكتابة، الشيخ علي حب الله، ط1، دار الهادئ للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1421هـ ـ2001م.
مقدّمة لدرس لغة العرب: وكيف نضع المعجم الجديد، عبد الله العلايلي، المطبعة العصرية، مصر، (د.ت).
المقرّب، علي بن عبد المؤمن المعروف بابن عصفور (ت669هـ)، تحقيق الدكتور أحمد عبد الستار الجواري، وعبد الله الجبوري، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، مطبعة العاني، بغداد، 1986م.
الممتع الكبير في التصريف، ابن عصفور الأشبيلي (ت669هـ)، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، ط1، مكتبة لنبان ـ ناشرون، لبنان، 1996م.
من أسرار التعبير القرآني: دراسة تحليلية لسورة الأحزاب، الدكتور محمد محمد أبو موسى، ط2، الناشر مكتبة وهبة، (د.ت).
من أسرار اللغة، الدكتور إبراهيم أنيس، ط8، مكتبة الأنجلو المصـرية، مطبعة محمد عبد الكريم حسان، القاهرة، (د.ت).
مناهج البحث في اللغة، الدكتور تمام حسان، ط2، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1394هـ ـ 1974م.
المنهج الصوتي للبنية العربية: رؤية جديدة في الصرف العربي، الدكتور عبد الصبور شاهين، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400هـ ـ1980م.
مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح، أبو العباس أحمد بن محمد بن يعقوب المغربي(ت1128هـ)، تحقيق خليل إبراهيم خليل، ط1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1424هـ ـ2003م.
موسيقى الشعر، الدكتور إبراهيم أنيس، ط4، الناشر مكتبة الأنجلو المصرية، المطبعة الفنية الحديثة، 1972م.
النثر في العصر الجاهلي، الدكتور هاشم صالح مناع، ط1، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، 1993م.
النثر الفني بين صدر الإسلام والعصـر الأُموي: دراسة تحليلية، الدكتورة مي يوسف خليف، دار بقاء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، (د.ت).
النثر الفني في القرن الرابع، زكي مبارك، دار الجيل، بيروت، (د.ت).
نحو الفعل، الدكتور أحمد عبد الستار الجواري، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1974م.
نحو القرآن، الدكتور أحمد عبد الستار الجواري، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1394هـ ـ1974م.
نحو المعاني، الدكتور أحمد عبد الستار الجواري، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1407هـ ـ1987م.
نحو نظرية أُسلوبية لسانية، فيلي ساندريس، ترجمة خالد محمود جمعه، ط1، توزيع دار الفكر، دمشق ـ سورية، 1424هـ ـ2003م.
النقد اللغوي عند العرب: حتى نهاية القرن السابع الهجري، الدكتور نعمة رحيم العزاوي، منشورات وزارة الثقافة والفنون، الجمهورية العراقية، 1978م.
نقد النثر: النظرية والتطبيق، قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي، الدكتور عرفة حلمي عباس، ط1، الناشر مكتبة الآداب، القاهرة، 1430هـ ـ 2009م.
نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، الإمام فخر الدين الرازي، تحقيق ودراسة الدكتور بكري شيخ أمين، ط1، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، 1985م.
نهج البلاغة، أبو الحسن محمد الرضي بن الحسين الموسوي، شرح الأستاذ الشيخ محمد عبده، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، (د.ت).
نهج البلاغة، الشريف الرضي، شرحه الأستاذ الإمام المرحوم الشيخ محمد عبده، حقّقه وزاد في شرحه محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مطبعة الاستقامة، مصر، (د.ت).
همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ)، تحقيق أحمد شمس الدين، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1427هـ ـ2006م.
الواضح في علم الصـرف، الدكتور محمد خير حلواني، ط4، دار الثقافة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، دار المأمون للتراث1407هـ ـ1987م.
وقعة صفين، لنصر بن مزاحم المنقري (ت212هـ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، ط3، نشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، مطبعة بهم، قم، 1418هـ ق ـ 1376هـ ش.
ـ البحوث والمجلات
أثر حركة التوّابين في الأدب: خُطب زعمائها ورسائلهم، جمعها وحقّقها وقدّم لها محسن بن العربي، حوليات الجامعة التونسية، العدد 28، لسنة 1988م.
الأُسلوب والأُسلوبية: مدخل في المصطلح وحقول البحث ومناهجه، أحمد درويش، مجلة فصول، الهيئة المصـرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد5، العدد1، 1984م.
الأُسلوبية الحديثة: محاولة تعريف، الدكتور محمد عياد، مجلة فصول، الهيئة المصـرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد1، العدد2، 1401هـ ـ1981م.
الأُسلوبية الذاتية أو النشوئية، عبد الله حوله، مجلة فصول، الهيئة المصـرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد5، العدد1، 1984م.
الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق، الدكتور ماهر مهدي هلال، مجلة آفاق عربية، العدد12، السنة السابعة عشرة، 1992م.
الأُسلوبية: علم وتاريخ، فيتور مانويل، ترجمة وتقديم الدكتور سليمان العطار، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد1، العدد2، 1401هـ ـ 1981م.
الأُسلوبية والنقد الأدبي: منتخبات من تعريف الأُسلوب وعلم الأُسلوب، اختارها وترجمها الدكتور عبد السلام المسدي، مجلة الثقافة الأجنبية، بغداد، العدد1، السنة الثانية، 1982م.
خُطب التوّابين بعد استشهاد الامام الحسين×: المغزى والأُسلوب، الأُستاذ الدكتور مشكور العوادي، مجلة ينابيع، العدد10، السنة الثالثة، محرم، صفر، 1427هـ.
الدراسات الإحصائية للأُسلوب: بحث في المفهوم والإجراء والوظيفة، الدكتور سعد مصلوح، مجلة عالم الفكر، الكويت، العدد20، 1989م.
سمات أُسلوبية في شعر صلاح عبد الصبور، الدكتور محمد العبد، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، القاهرة، العدد1،2، 1986م ـ1987م.
علم الأُسلوب وصلته بعلم اللغة، الدكتور صلاح فضل، مجلة فصول، الهيئة المصـرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد5، العدد1، 1984م.
علم اللغة والنقد الأدبي: علم الأُسلوب، الدكتور عبده الراجحي، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد1، العدد2، 1401هـ ـ 1981م.
في مفهوم الإيقاع، محمد الهادي الطرابلسي، حوليات الجامعة التونسية، العدد32، لسنة 1991م.
الكلمة في الشعر العراقي المعاصر: البنية الصرفية والدلالة، الدكتور هادي نهر، مجلة الأقلام، بغداد، العدد7ـ 9، 1997م.
المعنى الحركي في بدائع الإمام علي×، الأُستاذ الدكتور مشكور كاظم العوادي، بحث قُدِّم إلى مؤتمر اللغة العربية بكلية التربية الأساسية، جامعة الكوفة، 2010م.
مفهوم الأُسلوب، رولف ساندل، ترجمة لمياء عبد الحميد العاني، مجلة الثقافة الأجنبية، العدد1، السنة الثانية، 1982م.
مفهوم الأُسلوب في التراث، الدكتور محمد عبد المطلب، مجلة فصول، الهيئة المصـرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد7، العدد3، 1987م.
مفهوم النظم عند عبد القاهر الجرجاني: قراءة في ضوء الأُسلوبية، نصر أبو زيد، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، القاهرة، المجلد5، العدد1، 1984م.
ـ المواقع الالكترونية:
الترسل الفني في العصر العباسي الأوّل، سهل بن هارون مترسلاً، قحطان الفلاح، http: // www. Dahsha.com /vie warticle. Php ?id=28634 .
ـ الرسائل الجامعية:
ألفاظ السمع في القرآن الكريم: دراسة لغوية، شكيب غازي بصري الحلفي، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1429هـ ـ 2008م.
البنية الإيقاعية في شعر الجواهري، عبد نور داود عمران، أطروحة دكتوراه مخطوطة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1429هـ ـ 2008م.
التصوير الفنّي في خُطب المسيرة الحسينية، هادي سعدون حنون، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1429هـ ـ 2008م.
حركة المختار بن أبي عبيد الثقفي وأبعادها السياسية والفكرية، رغداء حسين محمد، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1428هـ ـ2007م.
خُطب سيدات البيت العلوي (عليهن السلام) حتى نهاية القرن الأوّل الهجري: دراسة موضوعية فنية، زينب عبد الله كاظم الموسوي، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية الآداب، جامعة الكوفة 1429هـ ـ 2008م.
دعاء الإمام علي×: دراسة نحوية أُسلوبية، محمد إسماعيل عبد الله، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية التربية، جامعة بابل، 1426هـ ـ 2005م.
الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصـر الأُموي، غانم جواد رضا، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1974م.
سورة الشعراء: دراسة أُسلوبية، تومان غازي حسين، أطروحة دكتوراه مخطوطة، كلية الآداب ـ جامعة الكوفة، 1431هـ ـ 2010م.
شعر زهير بن أبي سلمى: دراسة أُسلوبية، أياد كمر كرم، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية التربية، جامعة القادسية، 1426هـ ـ 2005م.
قصار السور: دراسة أُسلوبية، كريم طاهر البعاج، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية التربية، جامعة بابل، 1428هـ ـ 2007م.
لغة الشعر عند الصعاليك قبل الإسلام: دراسة لغوية أُسلوبية، وائل عبد الأمير خليل الحربي، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية التربية، جامعة بابل، 1423هـ ـ 2003م.
المناجيات وأدعية الأيّام عند الإمام زين العابدين×: دراسة أُسلوبية، إدريس طارق حسين، رسالة ماجستير مخطوطة، كلية التربية، جامعة بابل،1427هـ.
[1] الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج2، ص1، مادة (نثر).
[2] الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة: ج2، ص248، مادة (نثر).
[3] اُنظر: عباس، عرفة حلمي، نقد النثر: النظرية والتطبيق: قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي: ص212.
[4] ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص15.
[5] اُنظر: عبد الغني، عز الدين إسماعيل، الأدب وفنونه: دراسة ونقد: ص7 وما بعدها. عبد المطلب، محمد، النقد الأدبي: ص46 وما بعدها.
[6] عباس، عرفة حلمي، نقد النثر: النظرية والتطبيق: قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي: ص217.
[7] اُنظر: مانويل، فيتور، تر: الدكتور سليمان العطار، الأُسلوبية: علم وتاريخ: ص133.
[8] اُنظر: المصدر السابق. درويش، أحمد، الأُسلوب والأُسلوبية: مدخل في المصطلح وحقول البحث ومناهجه: ص60.
[9] اُنظر: المسدي، عبد السلام، الأُسلوب والأُسلوبية: نحو بديل السني في نقد الأدب: ص32، وص34. عياد، محمد، الأُسلوبية الحديثة: محاولة تعريف: ص123.
[10] اُنظر: شريم، جوزيف ميشال، دليل الدراسات الأُسلوبية: ص37 ـ 38.
[11] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص319، مادة (سلب). اُنظر: الزبيدي، مرتضى، تاج العروس
من جواهر القاموس: ج2، ص82، مادة (سلب).
[12] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص469.
[13] العوادي، مشكور كاظم، المعنى الحركي في بدائع الإمام علي×: ص9.
[14] الشايب، أحمد، الأُسلوب: دراسة بلاغية تحليلية لأُصول الأساليب الأدبية: ص44.
[15] مصلوح، سعد، الأُسلوب: دراسة لغوية إحصائية: ص37ـ 38.
[16] غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص6.
[17] المصدر السابق: ص88.
[18] حوله، عبد الله، الأُسلوبية الذاتية أو النشوئية: ص85.
[19] اُنظر: سانديرس، فيلي، نحو نظرية أُسلوبية لسانية: ص 28 ـ 47.
[20] اُنظر: أبو جناح، صاحب، دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها: ص275.
[21] شريم، جوزيف ميشال، دليل الدراسات الأُسلوبية: ص37ـ 38.
[22] الجميلي، عدنان جاسم، الآيات القرآنية المتعلّقة بالرسول محمدr: دراسة بلاغية أُسلوبية: ص16.
[23] غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص34. اُنظر: حوله، عبد الله، الأُسلوبية الذاتية أو النشوئية: ص83.
[24] مانويل، فيتور، الأُسلوبية: علم وتاريخ: ص 133ـ 134
[25] غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص6.
[26] المصدر السابق: ص8.
[27] اُنظر: الضالع، محمد صالح، الأُسلوبية الصوتية: ص12.
[28] المسدي، عبد السلام، الأُسلوبية والأُسلوب: نحو بديل السني في نقد الأدب: ص40.
[29] غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص5.
[30] المسدي، عبد السلام، الأُسلوبية والنقد الأدبي: منتخبات من تعريف الأُسلوب وعلم الأُسلوب: ص40.
[31] اُنظر: كرم، إياد كمر، شعر زهير بن أبي سلمى: دراسة أُسلوبية: ص3.
[32] خليف، مي يوسف، النثر الفني بين صدر الإسلام والعصر الأُموي: دراسة تحليلية: ص16.
[33]اُنظر: المسعودي، زينة عبد الجبار، الرسائل الفنية في العصر العباسي حتى نهاية القرن الرابع الهجري: ص19.
[34] عباس، عرفة حلمي، نقد النثر: النظرية والتطبيق: قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي: ص558.
[35] اُنظر: داوُد، أماني سليمان، الأمثال العربية القديمة: دراسة أُسلوبية سردية حضارية: ص33.
[36] اُنظر: الراجحي، عبده، علم اللغة والنقد الأدبي: علم الأُسلوب: ص119.
[37] فضل، صلاح، علم الأُسلوب وصلته بعلم اللغة: ص56. اُنظر: الدسوقي، محمد، البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب: ص4.
[38] شوقي ضيف، أحمد، العصر الجاهلي: ص410.
[39] النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص7. اُنظر: نبوي، عبد العزيز، دراسات في الأدب الجاهلي: ص301.
[40] حسين، طه، في الأدب الجاهلي: ص332.
[41] اُنظر: شوقي ضيف، أحمد، العصر الجاهلي: ص410. النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص7.
[42] ضيف، شوقي، أحمد، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص27 ـ 28. اُنظر: شلق، علي، مراحل تطور النثر العربي في نماذجه: ج1، ص130.
[43] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج1، ص241.
[44] اُنظر: المصدر السابق: ص349 وما بعدها.
[45] شوقي ضيف، أحمد، العصر الجاهلي: ص410.
[46] اُنظر: المصدر السابق. منّاع، هاشم صالح، النثر في العصر الجاهلي: ص42.
[47] شلق، علي، مراحل تطور النثر العربي في نماذجه: ص1، ص130.
[48] شوقي ضيف، أحمد، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص38.
[49] المقدسي، أنيس، تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي: ص16.
[50] النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص29 ـ30.
[51] ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص52.
[52] النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص32.
[53] اُنظر: الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العربي: ص128.
[54] اُنظر: طليمات، غازي، والأشقر، عرفان، الأدب الجاهلي، قضاياه، أغراضه، أعلامه، فنونه: ص684.
[55] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص58.
[56] المصدر السابق: ص44.
[57] ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص63.
[58] اُنظر: الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص363 وما بعدها.
[59] اُنظر: الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج1، ص243.
[60] ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص65.
[61] اُنظر: المصدر السابق: ص65ـ 66.
[62] شوقي ضيف، أحمد، العصر الإسلامي: ص410.
[63] العوادي، مشكور، خطب التوابين بعد استشهاد الإمام الحسين×: المغزى والأُسلوب: ص13.
[64] اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص58، وص64.
[65] اُنظر: المصدر السابق: ص62، وص68.
[66] شلق، علي، مراحل تطور النثر العربي في نماذجه: ج1، ص120.
[67] شوقي ضيف، أحمد، العصر الجاهلي: ص398.
[68] اليازجي، كمال، الأساليب الأدبية في النثر العربي القديم: ص23.
[69] الشايب، الأُسلوب: دراسة بلاغيّة تحليليّة لأُصول الأساليب الأدبيّة: ص113.
[70] اُنظر: شوقي ضيف، أحمد، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص97 ـ 98.
[71] المقدسي، أنيس، تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي: ص36.
[72] خليف، مي يوسف، النثر الفني بين صدر الإسلام والعصر الأُموي: دراسة تحليلية: ص37.
[73] رضا، غانم جواد، الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص312.
[74] اُنظر: رضا، غانم جواد، الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص312.
[75] اُنظر: المصدر السابق: ص313 ـ 314.
[76] اُنظر: الخصائص في الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص316، وص327.
[77] الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين، أبو بحر التميمي، كان سيّداً مُطاعاً، أسلم في حياة النبي’، حدَّث عن الإمام علي× وأبي ذر الغفاري والعباس بن عبد المطلب وغيرهم، توفي سنة (76هـ) في إمرة مصعب بن الزبير على العراق. اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج1، ص1038ـ 1041.
[78] وهو عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، أحد عمَّال المختار على الموصل، قام بمساندة جيش المختار الذي بعثه بقيادة يزيد بن أنس لقتال جيش عبيد الله بن زياد. اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص39.
[79] اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص122.
[80] اُنظر: المصدر السابق: ص122.
[81] اُنظر: المصدر السابق: ص127.
[82] اُنظر: المصدر السابق: ص128.
[83] شلق، علي، مراحل تطور النثر العربي في نماذجه: ج1، ص189.
[84] اُنظر: حب الله، علي، المقدّمة في نقد النثر العربي: مشروع رؤية جديدة في تقنيات البحث والكتابة: ص60.
[85] اُنظر: شلق، علي، مراحل تطور النثر العربي في نماذجه: ج1، ص189.
[86] ابن العربي، محسن، أثر حركة التوابين في الأدب: خُطب زعمائها ورسائلهم: ص268. اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص589.
[87] اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين: ج2، ص187.
[88] اُنظر: الطبري، محمد بن جرير تاريخ الأُمم والملوك: ج 6، ص60ـ 61.
[89] اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60ـ61. جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص118ـ 119.
[90] اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص21، وص82.
[91] اُنظر: المصدر السابق: ج 6، ص40.
[92] اُنظر: المصدر السابق: ج 6، ص41.
[93] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص44.
[94] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص377 ـ 378.
[95] النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص41.
[96] اُنظر: المصدر السابق: ص42.
[97] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص59.
[98] الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص353.
[99] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج1، ص118.
[100] اُنظر: المصدر السابق: ج2، ص6.
[101] اُنظر: رضا، غانم جواد، الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص315.
[102] خليف، مي يوسف، النثر الفني بين صدر الإسلام والعصر الأموي: دراسة تحليلية: ص65ـ 66.
[103] اُنظر: رضا، غانم جواد، الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص314.
[104] النمل: آية7.
[105] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص11، مادة (قبس).
[106] القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج1، ص237.
[107] اُنظر: ابن معصوم، علي بن أحمد، أنوار الربيع في أنواع البديع: ج2، ص217.
[108] اُنظر: المصدر السابق: ص222.
[109] اُنظر: الدسوقي، محمد، البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب: ص161.
[110] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص545. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60 ـ 61.
[111] البقرة: آية54.
[112] الأنفال: آية60.
[113] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص54.
[114] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556.
[115] الشعراء: آية227.
[116] اُنظر: الزركلي، خير الدين، الأعلام: ج3، ص127.
[117] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص79.
[118] الحديد: آية21.
[119] الأحزاب: آية37 ـ 38.
[120] أبو موسى، محمد، من أسرار التعبير القرآني: دراسة تحليلية لسورة الأحزاب: ص349.
[121] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591 ـ 592.
[122] الكهف: آية20.
[123] الرافعي، مصطفى صادق، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: ص134.
[124] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص93. القصص: آية1ـ 6.
[125] الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص356.
[126] اُنظر: ابن معصوم، علي بن أحمد، أنوار الربيع في أنواع البديع: ج2، ص217.
[127] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص552.
[128] فاطر: آية37.
[129] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص553. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص51.
[130] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص119ـ 120. التوبة: آية111ـ 112.
[131] بيوض، حسين، الرسائل السياسية في العصر العباسي الأوّل: ص185.
[132] النص، إحسان، الخطابة العربية في عصرها الذهبي: ص199.
[133] اُنظر: حسين، إدريس طارق، المناجيات وأدعية الأيّام عند الأمام زين العابدين×: دراسة أُسلوبية: ص158ـ 159.
[134] الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص357.
[135] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص26.
[136] طه: الآية71.
[137] المبرد، محمد بن يزيد، الكامل في اللغة والأدب: ص666. الحيصة: الهروب. اُنظر: ابن منظور، محمد ابن مكرم، لسان العرب: ج3، ص418، مادة (حيص).
[138] آل عمران: آية124ـ 125.
[139] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص129ـ 130. ومنجم: مقلع. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج14، ص61، مادة (نجم). وأرميَّاً: أحداً. اُنظر: ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة: ج2، ص484.
[140] نوح: آية26. اُنظر: الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص421.
[141] الرافعي، مصطفى صادق، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: ص148.
[142] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ص556 ـ557. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص115 ـ 116.
[143] البقرة: آية177.
[144] البقرة: آية197.
[145] النحل: آية97.
[146] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص15.
[147] اُنظر: ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص57.
[148] اُنظر: معروف، نايف، الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين: ص26.
[149] اُنظر: الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص101.
[150] الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العربي الزيات: ص131.
[151] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج2، ص16ـ 18.
[152] القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج1، ص243ـ 244.
[153] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص587.
[154] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج3، ص267. اُنظر: الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج17، ص316.
[155] الهيثمي، علي بن أبي الكرم، مجمع الزوائد: ج 8، ص339.
[156] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ص57.
[157] الهيثمي، علي بن أبي الكرم، مجمع الزوائد: ج4، ص140.
[158] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588. واللأواء: الشدَّة. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص371، مادة (لوي).
[159] الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك: ج2، ص86. اُنظر: ابن ماجه، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج4، ص383.
[160] الشريف الرضي، محمد بن الحسين، المجازات النبوية: ص375. اُنظر: الشكعة، مصطفى، البيان المحمّدي: ص757.
[161] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج 2، ص75.
[162] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص48، مادة (زعم).
[163] الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك: ج2، ص81.
[164] معروف، نايف، الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين: ص26.
[165] اُنظر: الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص120ـ 121.
[166] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص121ـ 122.
[167] اُنظر: ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص57
[168] اُنظر: الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العربي: ص128.
[169] اُنظر: ضيف، شوقي، الفن ومذاهبه في النثر العربي: ص55.
[170] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص226.
[171] اُنظر: الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص340 ـ 341.
[172] اُنظر: الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج2، ص6.
[173] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60.
[174]المصدر السابق: ج2، ص81.
[175] المصدر السابق: ج2، ص59.
[176] المصدر السابق: ج2، ص62. ولم آلكم نصحاً: لم أُقصّر في نصحكم. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص369، مادة (لوي)
[177] خليف، مي يوسف، النثر الفني بين صدر الإسلام والعصر الأُموي: دراسة تحليلية: ص37.
[178] المقدسي، أنيس، تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي: ص36.
[179]حجاب، محمد نبيه، بلاغة الكتاب في العصر العباسي: دراسة تحليلية نقدية لتطور الأساليب: ص63.
[180] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص287 ـ 288.
[181] اُنظر: القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج1، ص480.
[182] النمل: آية30.
[183] اُنظر: معروف، نايف، الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين: ص84.
[184] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص220. حجاب، محمد نبيه، بلاغة الكتاب في العصر العباسي: دراسة تحليلية نقدية لتطور الأساليب: ص50 ـ 51.
[185] اُنظر: القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج1، ص480.
[186] المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص221.
[187] القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج6، ص220.
[188] اُنظر: معروف، نايف، الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين: ص84.
[189] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص226 ـ 227.
[190] اُنظر: القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج6، ص222.
[191] ابن قتيبة، عبد الله مسلم، أدب الكتاب: ص37.
[192] اُنظر: الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العربي: ص131.
[193] اُنظر: القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج6، ص352.
[194] اُنظر: المصدر السابق.
[195] اُنظر: الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العربي: ص142.
[196] طه: آية47.
[197] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص228.
[198] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص429.
[199] المصدر السابق: ص431.
[200] اُنظر: المقداد، محمود، تاريخ الترسل النثري عند العرب في صدر الإسلام: ص221.
[201] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص62.
[202] نوح: آية26. اُنظر: الحوفي، أحمد محمد، أدب السياسة في العصر الأُموي: ص421.
[203] اُنظر: رضا، غانم جواد، الرسائل الفنية في العصر الإسلامي: إلى نهاية العصر الأُموي: ص316، وص318.
[204] الخفاجي، محمد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر صدر الإسلام: ص145.
[205] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص15ـ ص16.
[206] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص552.
[207] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ج3، ص231.
[208] اُنظر: العوادي، مشكور، خطب التوابين بعد استشهاد الإمام الحسين ×: المغزى والأُسلوب: ص15.
[209] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص72.
[210] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص436.
[211] الهيثمي، علي بن أبي الكرم، مجمع الزوائد: ج5، ص572.
[212] آل عمران: آية103.
[213] يونس: آية32.
[214] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص63.
[215] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص70. منتخون: مقيمون. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج14، ص321، مادة (نوخ). ووصف الحيَّات بالصمِّ؛ لأنَّها خبيثة لا تنزجر. اُنظر: عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: هامش ص70.
[216] الشكعة، مصطفى، الأدب في موكب الحضارة الإسلامية: كتاب النثر: ص88.
[217] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج2، ص53 ـ 54. اُنظر: عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص71 ـ 72.
[218] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[219] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص208.
[220] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556.
[221] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص373.
[222] اُنظر: عبد الفتاح، ثريا، حزب الشيعة في أدب العصر الأُموي: ص479.
[223] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص555. تشنأت أي: صارت مكروهة مبغضة. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج7، ص207، مادة (شنأ).
[224] عبده، محمد، شرح نهج البلاغة: ص74 ـ 75.
[225] المصدر السابق: ص101 ـ 102.
[226] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556.
[227] البقرة: آية197.
[228] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج 1، ص79.
[229] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص6. بشر، كمال، علم الأصوات: ص119.
[230] اُنظر: المصدر السابق: ص7 ـ 12، وص40 ـ 62.
[231] أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص9.
[232] اُنظر: أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص50، ص98.
[233] اُنظر: حسّان، تمام، البيان في روائع القرآن: دراسة لغوية وأسلوبية: ج1، ص427 ـ 428.
[234] اُنظر: داوُد، أماني سليمان، الأمثال العربية القديمة: دراسة أُسلوبية سردية حضارية: ص34.
[235] غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص40.
[236] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص70.
([237]] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص57.
([238]] ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص9.
([239]]ظ: عمران، عبد نور داوُد، البنية الإيقاعية في شعر الجواهري: ص21.
[240] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص70.
[241] الطرابلسي، محمد الهادي، في مفهوم الإيقاع، حوليات الجامعة التونسية، العدد32: ص21.
[242] اُنظر: غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص39.
[243] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص69ـ 70.
[244] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص239.
[245] الموسوي، زينب عبد الله كاظم، خُطب سيدات البيت العلوي (عليهن السلام) حتى نهاية القرن الأوّل الهجري: دراسة موضوعية فنية: ص107.
[246] اُنظر: ابن سينا، الحسين بن عبد الله، الشفاء ـ المنطق ـ الخطابة: ص222 ـ 223.
[247] اُنظر: المصدر السابق. العوادي، مشكور كاظم، البحث الدلالي عند ابن سينا: دراسة أُسلوبية في ضوء اللسانيات: ص197.
[248] اُنظر: أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص50.
[249] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص383، مادة (جنس).
[250] ابن المعتز، عبد الله، البديع: ص296. اُنظر: السكاكي، يوسف بن محمد، مفتاح العلوم: ص439. ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص241.
[251] اُنظر: الجميلي، عدنان جاسم، الآيات المتعلقة بالرسول محمد’: دراسة بلاغية أُسلوبية: ص66.
[252] لاشين، عبد الفتاح، البديع في ضوء أساليب القرآن: ص155.
[253] اُنظر: غيرو، بيير، الأُسلوب والأُسلوبية: ص39. هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص75.
[254] اُنظر: المغيلي، محمد بن عبد الكريم، شرح التبيان في علم البيان: ص363، وص369.
[255] الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، التلخيص في علوم البلاغة: ص389 ـ 390.
[256] اُنظر: ابن الناظم، بدر الدين بن مالك، المصباح: في المعني والبيان والبديع: ص208.
[257] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص76.
[258] هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص284.
[259] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص76.
[260] اُنظر: المصدر السابق: ص77.
[261] اُنظر: السكاكي، يوسف بن محمد، مفتاح العلوم: ص429.
[262]اُنظر: الزملكاني، عبد الواحد بن عبد الكريم، التبيان في علم البيان المُطلع على إعجاز القرآن: ص167.
[263] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص552 ـ 553. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[264] نلحظ روعة استعمال إلينا وعلينا في الاستعمال القرآني في قولهI: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ). الغاشية: آية25 ـ 26.
[265] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص77. بشر، كمال، علم الأصوات اللغوية: ص84.
[266] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص171.
[267] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص580.
[268] ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص47. اُنظر: النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص309.
[269] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60.
[270] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص57.
[271] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص43 ـ 44.
[272] اُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: مادة (ألى): ص17، ومادة (بلى): ص39.
[273] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص84 ـ 85.
[274] اُنظر: المسدي، عبد السلام، الأُسلوبية والنقد الأدبي: منتخبات من تعريف الأُسلوب وعلم الأُسلوب: ص38.
[275]اُنظر: حسّان، تمام، مناهج البحث في اللغة: ص104.
[276] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص76.
[277] اُنظر: المصدر السابق: ص46.
[278] اُنظر: كانتينو، جان، دروس في علم أصوات العربية: ص30. النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص310.
[279] اُنظر: حسّان، تمام، مناهج البحث في اللغة: ص105 ـ 106.
[280] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص430.
[281] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص255.
[282] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص119.
[283] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص301، مادة (بأس).
[284] اُنظر: أنيس، إبراهيم، موسيقى الشعر: ص269، وص273.
[285] اُنظر: ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص62.
[286] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص26.
[287] المصدر السابق: ج5، ص606.
[288] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، معترك الأقران في إعجاز القرآن: ج1، ص303.
[289] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص553. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[290] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص586.
[291] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج2، ص541.
[292] أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله، كتاب الصناعتين: ص411. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، التلخيص في علوم البلاغة: ص358.
[293] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص378.
[294] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص563. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص66.
[295] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591.
[296] شريم، جوزيف ميشال، دليل الدراسات الأُسلوبية: ص110.
[297] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، معترك الأقران في إعجاز القرآن: ج1، ص303.
[298] اُنظر: المصدر السابق.
[299] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559.
[300] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص214، مادة (سجع). اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص17، مادة (سجع).
[301] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص179. مادة (سجع)
[302] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص195.
[303] الغاشية: آية13ـ 14.
[304] الزملكاني، عبد الواحد بن عبد الكريم، التبيان في علم البيان المُطلع على إعجاز القرآن: ص178.
[305] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص407.
[306] اُنظر: مبارك، زكي، النثر الفني في القرن الرابع: ج1، ص75.
[307] ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج2، ص624 ـ 625.
[308] ابن وهب، إسحاق، البرهان في وجوه البيان: ص208 ـ 209.
[309] سلام، محمد زغلول، أثر القرآن في تطور النقد العربي: إلى نهاية القرن الرابع الهجري: ص243.
[310] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج2، ص325.
[311] حسين، إدريس طارق، المناجيات وأدعية الأيام عند الإمام زين العابدين×: دراسة أُسلوبية: ص44.
[312] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص131ـ 132.
[313] اُنظر: عبد التواب، رمضان، المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي: ص226.
[314] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص66.
[315] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص60.
[316] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية: ج2، ص86.
[317] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص25.
[318] اُنظر: الأصوات اللغوية: ص25. اُنظر: عبد التواب، رمضان، المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي: ص226.
[319] هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص226.
[320] المبرد، محمد بن يزيد، الكامل في اللغة والأدب: ص666.
[321] ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص61.
[322] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص167.
[323] اُنظر: أنيس، إبراهيم، موسيقى الشعر: ص265 ـ 273.
[324] اُنظر: المغيلي، محمد بن عبد الكريم، شرح التبيان في علم البيان: ص373.
[325] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص562. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص65.
[326] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص7، فذاً وتوأماً أي: فرداً وجماعات.
[327] الحموي، محمد بن حجة، ثمرات الأوراق في المحاضرات: ص280.
[328] اُنظر: أنيس، إبراهيم، موسيقى الشعر: ص265، وص273.
[329] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص581.
[330] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32. اُنظر: جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص 84 ـ 85.
[331] اُنظر: أبو رغيف، نوفل، المستويات الجمالية في نهج البلاغة: دراسة في شعرية النثر: ص101.
[332] أبو زيد، نصر، مفهوم النظم عند عبد القاهر الجرجاني: قراءة في ضوء الأُسلوبية: ص16.
[333] الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، التلخيص في علوم البلاغة: ص404.
[334] اُنظر: ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص272. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص416.
[335] الفلاح، قحطان، الترسل الفني في العصر العباسي الأوّل: سهل بن هارون مترسلاً: ص4.
[336] اُنظر: مطلوب، أحمد، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها: ج2، ص151 ـ 152.
[337] اُنظر: أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله، كتاب الصناعتين: ص 288.
[338] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص555 ـ 556.
[339] عبد المطلب، محمد، مفهوم الأُسلوب في التراث: ص47.
[340] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص63.
[341] اُنظر: فضل، صلاح، علم الأُسلوب والنظرية البنائية: ج1، ص210.
[342] العوادي، مشكور كاظم، المعنى الحركي في بدائع الإمام علي×: ص13.
[343] العزاوي، سمير، التنغيم اللغوي في القرآن الكريم: ص100.
[344] هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص13.
[345] اُنظر: أولمان، ستيفن، دور الكلمة في اللغة: ص38.
[346] المصدر السابق: هامش ص96.
[347] اُنظر: ناظم، حسن، البنى الأُسلوبية: دراسة في أُنشودة المطر للسياب: ص132.
[348] أنيس، إبراهيم، دلالة الألفاظ: ص46.
[349] اُنظر: مصطفى، عواطف كنوش، الدلالة السياقية عند اللغويين: ص44.
[350] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص70.
[351] الدسوقي، محمد، البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب: ص5.
[352] الحربي، وائل عبد الأمير، لغة الشعر عند الصعاليك قبل الإسلام: دراسة لُغوية أُسلوبية: ص28.
[353] اُنظر: كوهن، جان، بنية اللغة الشعرية: ص75.
[354] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج7، ص81، مادة (صر). سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ص4، ص21، وص25. ابن جني، عثمان، الخصائص: ص2، وص152، وص168. ابن سينا، الحسين بن عبد الله، مخارج الحروف أو أسباب حدوث الحروف: ص25، وص27.
[355] النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص239. ومن المُحدَثين المعنيين بالمحاكاة الصوتية الدكتور إبراهيم أنيس في كتبه: دلالة الألفاظ: ص75 وما بعدها، من أسرار اللغة: ص119وما بعدها.
[356] هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص170.
[357] جاب الله، عبد العزيز، جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص110.
[358] ناجي، مجيد عبد الحميد، الأُسس النفسية لأساليب البلاغة العربية: ص73.
[359] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554.
[360] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقاريء العربي: ص184 ـ 185.
[361] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص6.
[362] ابن جني، عثمان، الخصائص: ج1، ص66.
[363] اُنظر: العبد، محمد، إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لغوي أُسلوبي: ص30.
[364] النويهي، محمد، الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه: ج1، ص96.
[365] اُنظر: العبد، محمد، إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لُغوي أُسلوبي: ص20.
[366] السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقاريء العربي: ص195.
[367] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص435. السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص184 ـ 185.
[368] اُنظر: السعدني، مصطفى، البنيات الأُسلوبية في لغة الشعر العربي الحديث: ص43.
[369] اُنظر: أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص124.
[370] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص72.
[371] اُنظر: أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص144ـ 145.
[372] اُنظر: النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص317.
[373] اُنظر: أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص147.
[374] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص192.
[375] اُنظر: النويهي، محمد، الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه: ج1، ص101.
[376] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، الأُسلوبية الصوتية في النظرية والتطبيق: ص74.
[377] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص56 ـ 57.
[378] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص187. أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص60.
[379] اُنظر: أنيس، إبراهيم، موسيقى الشعر: ص32.
[380] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص95.
[381] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص60.
[382] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص60.
[383] اُنظر: ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص62.
[384] اُنظر: بشر، كمال، علم الأصوات: ص302، وص304.
[385] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص 168.
[386] اُنظر: المصدر السابق: ص195.
[387] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص68.
[388] اُنظر: عيسى، أحمد، كتاب التهذيب في أصول التعريب: ص10.
[389] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص56.
[390] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص90.
[391] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج7، ص243، مادة (شوه).
[392] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص56.
[393] اُنظر: العلايلي، عبد الله، مقدّمة لدرس لغة العرب: وكيف نضع المعجم الجديد: هامش ص210.
[394] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص196.
[395] اُنظر: العلايلي، عبد الله، مقدّمة لدرس لغة العرب: وكيف نضع المعجم الجديد: هامش ص211.
[396] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص78.
[397] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج1، ص292.
[398] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص195.
[399] اُنظر: النويهي، محمد، الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه: ج1، ص96.
[400] اُنظر: أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص46.
[401] اُنظر: عيسى، أحمد، كتاب التهذيب في أصول التعريب: ص9.
[402] اُنظر: الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص58.
[403] اُنظر: العبد، محمد، إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لُغوي أُسلوبي: ص20.
[404] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص187.
[405] اُنظر: مصلوح، سعد، الأسلوب: دراسة لغوية إحصائية: ص37 ـ 38.
[406] الضالع، محمد صالح، الأُسلوبية الصوتية: ص9.
[407] ناظم، حسن، البنى الأُسلوبية: دراسة في أُنشودة المطر للسياب: ص98.
[408] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص434.
[409] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص166. أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص23. بشر، كمال، علم الأصوات: ص247.
[410] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص166.
[411] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص561 ـ 562.
[412] ظ: السعران، محمود، علم اللغة مقدّمة للقارئ العربي: ص168.
[413] ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص63.
[414] الرافعي، مصطفى صادق، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: ص153.
[415] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص7.
[416] السيد، عز الدين علي، التكرير بين المثير والتأثير: ص45.
[417] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص40.
[418] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص174. النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص322.
[419] العوادي، مشكور كاظم، المعنى الحركي في بدائع الإمام علي×: ص12.
[420] اُنظر: أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص92.
[421] المطلبي، فاضل غالب، في الأصوات اللغوية: دراسة في أصوات المد العربية: ص24. اُنظر: عمر، أحمد مختار، دراسة الصوت اللغوي: ص12ـ 13.
[422] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص58. اُنظر: المطلبي، فاضل غالب، في الأصوات اللغوية: دراسة في أصوات المد العربية: ص78.
[423] اُنظر: ابن وهب، إسحاق، البرهان في وجوه البيان: ص430.
[424] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص596. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص72.
[425] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص435 ـ 436. أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص147.
[426] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص58. المخزومي، مهدي، الخليل بن أحمد الفراهيدي: أعماله ومنهجه: ص123.
[427] اُنظر: العطية، خليل إبراهيم، في البحث الصوتي عند العرب: ص61.
[428]اُنظر: الحلفي، شكيب غازي، ألفاظ السمع في القرآن الكريم: دراسة لغوية: ص62.
[429] الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين: ج2، ص187.
[430] اُنظر: ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص62.
[431] الثعالبي، عبد الله بن محمد، فقه اللغة العربية: ص440 ـ 441.
[432] اُنظر: هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص149.
[433] أنيس، إبراهيم، الأصوات اللغوية: ص91.
[434] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص51.
[435] اُنظر: ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة: ج1، ص7. ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص64.
[436] الكهف: آية20.
[437] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591 ـ 592.
[438] البعاج، كريم طاهر، قصار السور: دراسة أُسلوبيّة: ص40.
[439] البعاج، كريم طاهر، قصار السور: دراسة أُسلوبيّة: ص38.
[440] اُنظر: السيد، عز الدين علي، التكرير بين المثير والتأثير: ص15.
[441] اُنظر: أنيس، إبراهيم، أصوات اللغة العربية: ص144 ـ 145.
[442] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص592 ـ 593.
[443] اُنظر: عبد التواب، رمضان، المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي: ص226.
[444] السيد، عز الدين علي، التكرير بين المثير والتأثير: ص15.
[445] اُنظر: السعران، محمود، علم اللغة: مقدّمة للقارئ العربي: ص184 ـ 185.
[446] جاب الله، أُسامة عبد العزيز، جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص111.
[447] اُنظر: المسعودي، زينة عبد الجبار، الرسائل الفنية في العصر العباسي: حتى نهاية القرن الرابع الهجري: ص19.
[448] فضل، صلاح، علم الأُسلوب والنظرية البنائية: ج1، ص118.
[449] نهر، هادي، الكلمة في الشعر العراقي المعاصر: البنية الصرفية والدلالة: ص7.
[450] اُنظر: الراجحي، عبده، علم اللغة والنقد الأدبي: علم الأُسلوب: ص121. أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص101، وص105.
[451] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج10، ص269، مادة (فصح).
[452] القصص: آية34.
[453] الزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث: ج1، ص126.
[454] اُنظر: الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص66وما بعدها.
[455] العزاوي، نعمة رحيم، النقد اللغوي عند العرب: حتى نهاية القرن السابع الهجري: ص197.
[456] الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص124. اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص97.
[457] اُنظر: ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص157وما بعدها. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص56 وما بعدها.
[458] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص60. ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة: ج1، ص24.
[459] ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب: ج1، ص65.
[460] اُنظر: الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص66 ـ 67. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص52.
[461] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص55.
[462] اُنظر: جاب الله، أُسامة عبد العزيز، ماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص139 ـ 140.
[463] اُنظر: ابن وهب، إسحاق، البرهان في وجوه البيان: ص432. الخفاجي، عبد الله بن محمد، سرّ الفصاحة: ص48.
[464] الحسيني، سيد جعفر، أساليب البيان في القرآن: ص70.
[465] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60.
[466] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص561 ـ 562.
[467] المصدر السابق: ج6، ص73.
[468] ابن جني، عثمان، سرّ صناعة الإعراب: ج1، ص47. اُنظر: النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ص23 وما بعدها.
[469] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص159.
[470] الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص95.
[471] العبد، محمد، إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لُغوي أُسلوبي: ص56 ـ 57. اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج2، ص155.
[472] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص557. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص62.
[473] اُنظر: ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب: ص360. شلاش، هاشم طه، أوزان الفعل ومعانيها: ص107.
[474] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص63.
[475] اُنظر: عبد الحميد، محمد محي الدين، دروس التصريف: ص81.
[476] السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص31.
[477] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص596.
[478] اُنظر: ابن الأثير، نصر الله بن محمد، الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور: ص184.
[479] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص193.
[480] المصدر السابق.
[481] جاب الله، أُسامة عبد العزيز، جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص177.
[482] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. والجزر: القطع. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص270، مادة (جزر).
[483] اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج1، ص59.
[484] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور: ص184.
[485] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. والعشمة: الشيخ الفاني. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج9، ص224، مادة (عشم). والحفش: الشيء البالي. اُنظر: لسان العرب: ج3، ص240، مادة (حفش).
[486] اُنظر: جاب الله، أُسامة عبد العزيز، جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص177.
[487] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص561 ـ 562.
([488]] القمر: آية36.
([489]] القمر: آية47. اُنظر: ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص194 .
[490] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص552. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[491] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554.
[492] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص41. اُنظر: هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص116.
[493] اُنظر: الخفاجي، عبد الله بن محمد، سر الفصاحة: ص69.
[494] عباس، عرفة حلمي، نقد النثر: النظرية والتطبيق: قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي: ص225.
[495] الباقلاني، محمد بن الطيب، إعجاز القرآن: ص100.
[496] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص161. اُنظر: هلال، ماهر مهدي، جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب: ص203.
[497] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص161.
[498] اُنظر: شوقي ضيف، أحمد، العصر الإسلامي: ص416.
[499] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص581.
[500] المهامه جمع مهمه: وهي المفازة البعيدة. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص212، مادة (مهمه).
[501] اللَّدن: اللين من كلِّ شيء، ورمح لدن، أي: مهتز. اُنظر: المصدر السابق: ج12، ص266، مادة (لدن).
[502] الخطَّار: صفة الرمح، أي: المهتز. اُنظر: المصدر السابق: ج4، ص137، مادة (خطر).
[503] الميَّل: جمع أميل وهو الذي لا سيف معه. اُنظر: المصدر السابق: ج13، ص235، مادة (ميل).
[504] الأغمار: جمع غمر وهو مَن لم يجرب الأُمور. اُنظر: المصدر السابق: ج10، ص118، مادة (غمر).
[505] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص14.
[506] انجابوا، أي: انكشفوا. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص408، مادة (جوب).
[507] ثبروا، أي: هلكوا. اُنظر: المصدر السابق: ج2، ص82، مادة (ثبر).
[508] حابوا، أي: أثموا. اُنظر: المصدر السابق: ج3، ص376، مادة (حوب).
[509] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص14.
[510] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، هامش ص80. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج8، ص164، مادة (طشش). اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، المزهر في علوم اللغة وأنواعها: ج1، ص324.
[511]اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج3، ص298.
[512] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج9، ص95. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص88 ـ 89.
[513] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص119، مادة (مصح).
[514] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج2، ص7ـ 8.
[515] اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج3، ص264وما بعدها.
[516] اُنظر: مصلوح، سعد، الدراسات الإحصائية للأُسلوب: بحث في المفهوم والإجراء والوظيفة: ص13. اُنظر: الغامدي، محمد سعيد، علم الأُسلوب: مفاهيم وتطبيقات: ص83.
[517] اُنظر: عباس، عرفة حلمي، نقد النثر: النظرية والتطبيق: قراءة في نتاج ابن الأثير النقدي والإبداعي: ص558.
[518] أبو موسى، محمد، مدخل إلى كتابي عبد القاهر الجرجاني: ص56.
[519] السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص9.
[520] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: قواعد وتطبيق: ص27 ـ 28.
[521] اُنظر: حسّان، تمام، البيان في روائع القران: دراسة لغوية أُسلوبية: ص1، وص434.
[522] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج4، ص84. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص483.
[523] اُنظر: الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص483.
[524] اُنظر: ابن عقيل، عبد الله بن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: ج2، ص134ـ 135.ابن الناظم، محمد بن محمد، شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك: ص314 ـ 315.
[525] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المفتاح في الصرف: ص58. ابن عصفور، علي بن مؤمن، شرح جمل الزجاجي: الشرح الكبير: ج2، ص402.
[526] اُنظر: هويدي، هادي عبد علي، اسم الفاعل والمشبهات به في القرآن الكريم: دراسة لغوية دلالية: ص47.
[527] اُنظر: الفرَّاء، يحيى بن زياد، معاني القرآن: ج2، ص43، وص222.
[528] اُنظر: أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط: ج1، ص165.
[529] اُنظر: هويدي، هادي عبد علي، اسم الفاعل والمشبهات به في القرآن الكريم: دراسة لغوية دلالية: ص47.
[530] اُنظر: المخزومي، مهدي، مدرسة الكوفة: ومنهجها في دراسة اللغة والنحو: ص241.
[531] اُنظر: حسّان، تمام، اللغة العربية معناها ومبناها: ص98ـ 99. السنافي، فاضل مصطفى، أقسام الكلام العربي: من حيث الشكل والوظيفة: ص170.
[532] مدلجون: سائرون في الليل. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص385، مادة (دلج).
[533] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[534] المصدر السابق: ج5، ص575.
[535] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الفعل زمانه وأبنيته: ص34.
[536] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص30.
[537] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32.
[538] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المفتاح في الصرف: ص59. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص497.
[539] السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص59.
[540] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المفتاح في الصرف: ص59. العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص129 ـ 130.
[541] السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص59.
[542] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص553. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[543] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص60.
[544] اُنظر: الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص497. العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص129.
[545] ابن عقيل، عبد الله بن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: ج2، ص138. اُنظر: الحديثي، خديجة عبد الرزاق، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: معجم ودراسة: ص193.
[546] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص63.
[547] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص596.
[548] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، معاني الأبنية في العربية: ص63.
[549] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص62.
[550] الهنداوي، عبد الحميد، الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم: دراسة نظرية تطبيقية للتوظيف البلاغي لصيغة الكلمة: ص106.
[551] اُنظر: الحلواني، محمد خير، الواضح في علم الصرف: ص158. الأُسطى، عبد الله محمد، الطريف في علم التصريف: دراسة صرفية تطبيقية: ص167.
[552] اُنظر: الزجاجي، عبد الرحمن، الإيضاح في علل النحو: ص57.
[553] اُنظر: الجرجاني، عبد القا هر، دلائل الإعجاز: ص174.
[554] اُنظر: القزويني، محمد بن شفيع، جوهر القاموس في الجموع والمصادر: ص259، وص342.
[555] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص114ـ 115.
[556] اُنظر: الحلواني، محمد خير، الواضح في علم الصرف: ص158.
[557] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559.
[558] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج4، ص108. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص500.
[559] اُنظر: هويدي، هادي عبد علي، اسم الفاعل والمشبهات به في القرآن الكريم: دراسة لغوية دلالية: ص194ـ 195.
[560] اُنظر: الحملاوي، أحمد، شذا العرف في فن الصرف: ص97.
[561] الحلفي، شكيب غازي، ألفاظ السمع في القرآن الكريم: دراسة لغوية: ص77.
[562] شاهين، عبد الصبور، المنهج الصوتي للبنية العربية: رؤية جديدة في الصرف العربي: ص117.
[563] اُنظر: محمد الشيخ، أحمد، أبنية الأسماء في اللغة العربية: ص202، وص204.
[564] اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص76 ـ 77. والدرء: الميل والعوج. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص315، مادة (درأ). والأصعر: المتكبر. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج7، ص345، مادة (صعر).
[565] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص31. والطغام: أراذل الناس وأوغادهم، وقال ابن منظور: «ولا يُنطق منه بفعل ولا يُعرف له اشتقاق». اُنظر: لسان العرب: ج 8، ص169، مادة (طغم).
[566] اُنظر: الحلواني، محمد خير، الواضح في علم الصرف: ص183.
[567] الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص74.
[568] ابن فارس، أحمد، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها: ص375.
[569] اُنظر: الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج3، ص290. إلياس، جوزيف، الكافي في الصرف والنحو والإعراب: ص246.
[570] اُنظر: محمد الشيخ، أحمد، أبنية الأسماء في اللغة العربية: ص200، وص202. حسين، شعبان صلاح، تصريف الأسماء في اللغة العربية: ص42ـ 43.
[571] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص75 ـ 76.
[572] ابن سعيد المؤدب، القاسم بن محمد، دقائق التصريف: ص198.
[573] الأسطى، عبد الله محمد، الطريف في علم التصريف: دراسة صرفية تطبيقية: ص243.
[574] عريبي، أسراء، التصغير: دراسة صرفية صوتية: ص6. اُنظر: حسين، شعبان صلاح، تصريف الأسماء في اللغة العربية: ص140.
[575] عبد المطلب، محمد، جدلية الإفراد والتركيب: في النقد العربي القديم: ص95.
[576] اُنظر: العبد، محمد، سمات أُسلوبية في شعر صلاح عبد الصبور: ص89.
[577] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص14. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص79.
[578] اُنظر: ابن عصفور، علي بن مؤمن، شرح جمل الزجاجي: الشرح الكبير: ج2، ص289.
[579] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص79.
[580] العبد، محمد، إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي: مدخل لُغوي أُسلوبي: ص89.
[581] السنافي، فاضل مصطفى، أقسام الكلام العربي: من حيث الشكل والوظيفة: ص175.
[582] اُنظر: السامرائي، إبراهيم، الفعل زمانه وأبنيته: ص15.
[583] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: نقد وتوجيه: ص110.
[584] مصلوح، سعد، الأُسلوب: دراسة لغوية إحصائية: ص74.
[585] اُنظر: حسّان، تمام، اللغة العربية معناها ومبناها: ص105.
[586] الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص30.
[587] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص551. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص114ـ 115.
[588] السنافي، فاضل مصطفى، أقسام الكلام العربي: من حيث الشكل والوظيفة: ص217.
[589] المؤمنون: آية4.
[590] العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص29.
[591] السامرائي، إبراهيم، الفعل زمانه وأبنيته: ص28، وما بعدها.
[592] اُنظر: العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص37.
[593] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص55.
[594] اُنظر: أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط: ج1، ص144. المبدع في التصريف: ص111ـ 115.
[595] ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب: ص360. اُنظر: عبد الحميد، محمد محي الدين، دروس التصريف: ص78.
[596] اُنظر: ابن عصفور، علي بن مؤمن، الممتع الكبير في التصريف: ص126.
[597] السامرائي، فاضل صالح، بلاغة الكلمة في التعبير القرآني: ص4.
[598] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص64. اُنظر: ابن عصفور، علي بن مؤمن، الممتع الكبير في التصريف: ص129.
[599] اُنظر: ابن عصفور، علي بن مؤمن، الممتع الكبير في التصريف: ص132. شلاش، هاشم طه، أوزان الفعل ومعانيها: ص109.
[600] شلاش، هاشم طه، أوزان الفعل ومعانيها: ص109.
[601] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج9، ص14. اُنظر: جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص79ـ 80.
[602] اُنظر: العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص29.
[603] اُنظر: شلاش، هاشم طه، أوزان الفعل ومعانيها: ص61.
[604] اُنظر: ابن قتيبة، عبد الله مسلم، أدب الكتاب: ص360. السامرائي، فاضل صالح، بلاغة الكلمة في التعبير القرآني: ص34.
[605] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص74. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص108.
[606] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص74.
[607] الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص108.
[608] المصدر السابق.
[609] مصلوح، سعد، الأُسلوب: دراسة لغوية إحصائية: ص74.
[610] السامرائي، إبراهيم، الفعل زمانه وأبنيته: ص93. اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص88.
[611] اُنظر: الحديثي، خديجة عبد الرزاق، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: معجم ودراسة: ص290.
[612] اُنظر: الراجحي، عبده، علم اللغة والنقد الأدبي: علم الأسلوب: ص121.
[613] الحربي، وائل عبد الأمير، لغة الشعر عند الصعاليك قبل الإسلام: دراسة لغوية أُسلوبية: ص172.
[614] اُنظر: الهنداوي، عبد الحميد، الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم: دراسة نظرية تطبيقية للتوظيف البلاغي لصيغة الكلمة: ص120.
[615] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص114.
[616] اُنظر: العيني، بدر الدين أحمد، شرح المراح في التصريف: ص112.
[617] اُنظر: ساندل، رولف، تر: لمياء عبد الحميد العاني، مفهوم الأُسلوب: ص78.
[618] الهنداوي، عبد الحميد، الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم: دراسة نظرية تطبيقية للتوظيف البلاغي لصيغة الكلمة: ص213.
[619] اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص103.
[620] الصغير، محمد حسين، الصورة الفنيّة في المثل القرآني: دراسة نقدية بلاغية: ص153.
[621] اُنظر: العزاوي، نعمة رحيم، النقد اللغوي عند العرب: حتى نهاية القرن السابع الهجري: ص236.
[622] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، أسرار البلاغة: ص376، وما بعدها.
[623] اُنظر: المصدر السابق: ص356، وص376. دلائل الإعجاز: ص227.
[624] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، أسرار البلاغة: 368.
[625] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص106.
[626] اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج2، ص442. ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج1، ص343.
[627] اُنظر: ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج2، ص185.
[628]اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص38، ص96.
[629] اُنظر: السيّد، شفيع، التعبير البياني: رؤية بلاغية نقدية: ص141. ناجي، مجيد عبد الحميد، الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية: ص229، ومجاز القرآن: خصائصه الفنية وبلاغته العربية: 83.
[630] اُنظر: الراجحي، عبده، علم اللغة والنقد الأدبي: علم الأُسلوب: ص121. أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص51.
[631] اُنظر: ويس، أحمد بن محمد، الانزياح: من منظور الدراسات الأُسلوبية: ص72.
[632] البقرة: الآية54.
[633] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554.
[634] العوادي، مشكور، خطب التوابين بعد استشهاد الإمام الحسين×: المغزى والأُسلوب: ص17.
[635] فيود، بسيوني بن عبد الفتاح، علم البيان: دراسة تحليلية لمسائل البيان: ص217.
[636] الأنفال: الآية60.
[637] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554.
[638] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: ج2، ص232.
[639] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص395.
[640] آل عمران: الآية103.
[641] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559.
[642] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة: ج1، ص205، مادة(حقن).
[643] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص264، مادة (حقن).
[644] آل عمران: الآية103.
[645] الشريف الرضي، محمد بن الحسين، تلخيص البيان في مجازات القرآن: ص124.
[646] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص114.
[647] الزوبعي، طالب محمد، وحلاوي، ناصر، البلاغة العربية: البيان والبديع: ص73.
[648] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص585.
[649] اُنظر: الصغير، محمد حسين، أُصول البيان العربي: رؤية بلاغية معاصرة: ص53.
[650] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص104، مادة (حرث).
[651] الشورى: الآية20.
[652] الشريف الرضي، محمد بن الحسين، تلخيص البيان في مجازات القرآن: ص298.
[653] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591.
[654] اُنظر: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، تلخيص البيان في مجازات القرآن: ص281.
[655] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: ج2، ص199.
[656] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج7، ص240، مادة (شوك).
[657] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص586.
[658] إبراهيم، رجب عبد الجواد، دراسات في الدَّلالة والمعجم: ص111.
[659] الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج3، ص276، مادة (فسق).
[660] هنون، هادي بن سعدون، التصوير الفني في خطب المسيرة الحسينية: ص84.
[661] ناجي، مجيد عبد الحميد، الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية: ص271.
[662] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[663] اُنظر: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، المجازات النبوية: ص371 ـ ص375.
[664] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[665] الشريف الرضي، محمد بن الحسين، تلخيص البيان في مجازات القرآن: ص337.
[666] المصدر السابق: ص337.
[667] التحريم: الآية8.
[668] اُنظر: الفحام، عباس، الأثر القرآني في نهج البلاغة: دراسة في الشكل والمضمون: ص59.
[669] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32.
[670] الأنبياء: الآية32.
[671] اُنظر: ناجي، مجيد عبد الحميد، الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية: ص203 ـ ص206.
[672] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص76.
[673] اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص106.
[674] الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة: ج1، ص447، مادة (سرب).
[675] المصدر السابق: ص448، مادة (سرب).
[676] اُنظر: الصغير، محمد حسين، أُصول البيان العربي: رؤية بلاغية معاصرة: ص64.
[677] المصدر السابق: ص63.
[678] يُروى أنَّ ابن الزبير كان أبخل الناس، وكان قد عيّره بابن الكاهلية رجل من أسد بعد أن سأله مالاً فلم يعطه، فقال فيه شعراً يعيّره بابن الكاهلية، فلمّا بلغ ذلك ابن الزبير، قال: علم أنّها شرّ أمهاتي فعيّرني بها. اُنظر: أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، الأغاني: ج1، ص24 ـ ص25.
[679] اُنظر: ابن وهب، إسحاق، البرهان في وجوه البيان: ص133. فيود، بسيوني بن عبد الفتاح، علم البيان: دراسة تحليلية لمسائل البيان: ص244.
[680]اُنظر: الدسوقي، محمد، البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب: ص6.
[681] ظ: المسعودي، زينة عبد الجبار، الرسائل الفنية في العصر العباسي: حتى نهاية القرن الرابع الهجري: ص101.
[682] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج1، ص141ومابعدها. ابن جني، عثمان، الخصائص: ج1، ص17. اللمع في العربية: ص81.
[683] ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج2، ص490. اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص9.
[684] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربية والمعنى: ص7.
[685] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص72. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج1، ص32.
[686] اُنظر: أنيس، إبراهيم، من أسرار اللغة: ص235 وما بعدها. الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص17ـ ص22.
[687] المصدر السابق: ص236.
[688] اُنظر: فضل، صلاح، علم الأسلوب وصلته بعلم اللغة: ص56. سليمان، فتح الله أحمد، الأُسلوبيَّة: مدخل نظري ودراسة تطبيقيَّة: ص43.
[689] جاب الله، أُسامة عبد العزيز، جماليات التلوين الصوتي في القرآن الكريم: ص306.
[690] اُنظر: عياد، محمد، الأُسلوبية الحديثة: محاولة تعريف: ص123. أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص51.
[691] اُنظر: حسين، تومان غازي، سورة الشعراء: دراسة أُسلوبية: ص2.
[692] اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص209.
[693] اُنظر: المسدي، عبد السلام، الأُسلوبية والنقد الأدبي: منتخبات من تعريف الأُسلوب وعلم الأُسلوب: ص39. أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص51.
[694] اُنظر: أبو جناح، صاحب، الدراسات الأُسلوبية عند المخزومي، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها: ص351.
[695] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص210.
[696] اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج3، ص269. أبو جناح، صاحب، المباحث الأُسلوبية عند ابن جني، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها: ص300.
[697] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج3، ص89.
[698] السكاكي، يوسف بن محمد، مفتاح العلوم: ص164. اُنظر: مطلوب، أحمد، البلاغة عند السكاكي: ص305.
[699] اُنظر: المصدر السابق. الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية الدسوقي على مختصر السعد: ج1، ص63.
[700] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص526.
[701] المصدر السابق: ص528.
[702] اُنظر: المغيلي، محمد بن عبد الكريم، شرح التبيان في علم البيان: ص203.
[703] المخزومي، مهدي، في النحو العربي: نقد وتوجيه: ص265.
[704] اُنظر: عمايرة، خليل أحمد، في التحليل اللغوي: منهج وصفي تحليلي: ص154.
[705] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص31. حسّان، تمام، اللغة العربيّة معناها ومبناها: ص247.
[706] المبخوت، شكري، إنشاء النفي: وشروطه النحوية والدلالية: ص117.
[707] عمايرة، خليل أحمد، في التحليل اللغوي: منهج وصفي تحليلي: ص154.
[708] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[709] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص33.
[710] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: نقد وتوجيه: ص267.
[711] اُنظر: المصدر السابق: ص267.
[712] اُنظر: المرادي، حسن بن القاسم، الجنى الداني في حروف المعاني: ص300.
[713] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص62.
[714] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص135. الرماني، علي بن عيسى، كتاب معاني الحروف: ص112.
[715] اُنظر: الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافيّة ابن الحاجب: ج4، ص36.
[716] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص37.
[717] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج1، ص386.
[718] اُنظر: المرادي، حسن بن القاسم، الجنى الداني في حروف المعاني: ص463.
[719] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص103ـ ص 104. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص139.
[720] حسّان، تمام، البيان في روائع القرآن: دراسة لغويّة وأُسلوبية: ج2، ص127.
[721] قوله هذا اقتباساً من الآية 18من سورة فاطر.
[722] السيوطي، عبد الرحمن، الإتقان في علوم القرآن: ج3، ص116.
[723] شروح التلخيص: ج2، ص166.
[724] اُنظر: الجندي، درويش، علم المعاني: ص127.
[725] العوادي، مشكور كاظم، البحث الدلالي في تفسير الميزان: دراسة في تحليل النص: ص253.
[726] اُنظر: شروح التلخيص: ج2، ص172ـ ص173.
[727] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص213. الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية الدسوقي على مختصر السعد: ج2، ص332.
[728] اُنظر: أنيس، إبراهيم، من أسرار اللغة: ص263.
[729] المخزومي، مهدي، في النحو العربي: قواعد وتطبيق: ص210. اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص234.
[730] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص585.
[731] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص344. الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج2، ص155.
[732] اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص215.
[733] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص321. الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص364.
[734] اُنظر: طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص153.
[735] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص585.
[736] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص11. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص77.
[737] اُنظر: طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص154.
[738] العوادي، مشكور كاظم، البحث الدلالي في تفسير الميزان: دراسة في تحليل النص: ص268.
[739] اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص530.
[740] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص227.
[741] اُنظر: الجرجاني، محمد بن علي، الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة: ص87. الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية الدسوقي على مختصر السعد: ج2، ص400 ـ401.
[742] اُنظر: أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية: الرؤية والتطبيق: ص51.
[743] ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج4، ص289.
[744] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص137. الأوسي، قيس إسماعيل، أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين: 84.
[745] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص530.
[746] اُنظر: مطلوب، أحمد، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها: ج1، ص315.
[747] اُنظر: أنعم، عبد الملك عبد الوهاب، مصباح الراغب: شرح كافية ابن الحاجب: ص566. هارون، عبد السلام محمد، الأساليب الإنشائية في النحو العربي: ص14.
[748] البقرة: الآية54.
[749] الأنفال: الآية60.
[750] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص61.
[751] اُنظر: طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص54.
[752] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص589.
[753] السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص319. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص243. عبد المطلب، محمد، البلاغة العربية: قراءة أُخرى: ص296.
[754] السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربيّة والمعنى: ص90.
[755] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج1، ص323.
[756] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص320. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص244. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص531.
[757] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص320. السبكي، بهاء الدين، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح: ج2، ص558.
[758] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص596. اُنظر: جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة:
ج2، ص72.
[759] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص320.
[760] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص587.
[761] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ج320. الأوسي، قيس إسماعيل، أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين: ص465.
[762] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص113.
[763] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص140. اُنظر: الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص300.
[764] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص532.
[765] اُنظر: ابن السرّاج، محمد بن سهل، الأُصول في النحو: ج2، ص327 وما بعدها.
[766] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص99.
[767] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص313. السبكي، بهاء الدين، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح: ج2، ص517.
[768] ظ: ابن جني، عثمان، اللمع في العربية: ص355. ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص466.
[769] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج 2، ص63.
[770] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص236. شروح التلخيص: ج2، ص30.
[771] اُنظر: طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص72. الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص86.
[772] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص241.
[773] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص562. والغشم: الظلم والغصب. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج10، ص75، مادة (غشم).
[774] ظ: فيود، بسيوني عبد الفتاح، علم المعاني: دراسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني: ص321.
[775] ابن السرّاج، محمد بن سهل، الأُصول في النحو: ج1، ص329.
[776] الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المقتصد في شرح الإيضاح: ج2، ص761ـ ص762.
[777] العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز وعلوم حقائق الإعجاز: ص535.
[778] ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص517.
[779] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص323. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص245.
[780] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص48 وما بعدها. ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج1، ص488. عبد المطلب، محمد، البلاغة العربية: قراءة أُخرى: ص299ـ ص306.
[781] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص589.
[782] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج2، ص230. اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج4، ص233.
[783] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص125.
[784] الزمخشـري، محمود بن عمر، المفصّل في علم العربية: ص309.
[785] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص62. صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص129ـ ص130.
[786] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص133.
[787] جيجان، مجهد، وآخران، علم المعاني: ص191.
[788] اُنظر: الرضي الأستربادي، محمد بن الحسن، شرح كافية ابن الحاجب: ج1، ص387. جيجان، مجهد، وآخران، علم المعاني: ص184.
[789] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: نقد وتوجيه: ص307، ص310، ص113.
[790] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص252.
[791]الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص50.
[792] المسدي، عبد السلام، والطرابلسي، محمد الهادي، الشرط في القرآن: على نهج اللسانيات الوصفيّة: ص169.
[793] اُنظر: البعاج، كريم طاهر، قصار السور: دراسة أُسلوبيّة: ص139.
[794] اُنظر: الشايع، ندى، الجملة الشرطية في شعر زهير بن أبي سلمى: ص3 ـ ص52.
[795] اُنظر: عبد الله، محمد إسماعيل، دعاء الإمام علي×: دراسة نحوية أُسلوبيّة: ص125.
[796] اُنظر: المسدي، عبد السلام، والطرابلسي، محمد الهادي، الشرط في القرآن: على نهج اللسانيات الوصفيّة: ص145، ص169.
[797] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص71. خست: نكثت العهد. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص360، مادة (خيس).
[798] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج4، ص232.
[799] اُنظر: المرادي، حسن بن القاسم، الجنى الداني في حروف المعاني: ص360.
[800] اُنظر: الشافعي، محمد بن عبد الله، شرح الكافية الشافية: ج2، ص146.
[801] اُنظر: نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص211.
[802] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص41.
[803] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج2، ص847. الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: 49-50.
[804] سليمان، فتح الله أحمد، الأُسلوبيّة: مدخل نظري ودراسة تطبيقيّة: ص159.
[805] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: نقد وتوجيه: ص314.
[806] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج2، ص359. ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص106.
[807] اُنظر: التفتازاني، مسعود بن عمر، المطول (شرح تلخيص السكاكي): ص 328.
[808] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج3، ص14، ص497.
[809] الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المقتصد في شرح الإيضاح: ج2، ص862.
[810] اُنظر: العامر، فارس علي، ظاهرة القسم في القرآن الكريم: ص45.
[811] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج4، ص249.
[812] ابن عصفور، علي بن مؤمن، شرح جمل الزجاجي: الشرح الكبير: ج1، ص522.
[813] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، الإتقان في علوم القران: ج3، ص283.
[814] اُنظر: نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة: دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص237ـ ص238. جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص222.
[815] اُنظر: البعاج، كريم طاهر، قصار السور: دراسة أُسلوبيّة: ص130.
[816] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص562. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص66.
[817] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص249. ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب من كتب الأعاريب: ج2، ص846.
[818] وهو أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة الفزاري، كان أحد أشراف الكوفة، وله وفادة على عبد الملك بن مروان، وعندما ثار مسلم بن عقيل× في الكوفة كان أسماء أحد الذين سعوا في قتله، هرب أسماء من الكوفة خوفاً من بطش المختار الثقفي الذي تسلّم إمارة الكوفة، فأحرق داره وهدم له ثلاث دور أُخرى، مات أسماء سنة (66 هـ). اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام: ج2، ص385.
[819] ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح: ج6، ص262.
[820] الليل: الآية1ـ الآية4.
[821] اُنظر: العامر، فارس علي، ظاهرة القسم في القرآن الكريم: ص45.
[822] الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين×: ج2، ص187.
[823] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج5، ص345. نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة: دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص246.
[824] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص563.
[825] اُنظر: الشافعي، محمد بن عبد الله، شرح الكافية الشافية: ج1، ص393ـ ص394.
[826] اُنظر: الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص189.
[827] اُنظر: الدسوقي، محمد، البنية اللغوية في النص الشعري: درس تطبيقي في ضوء علم الأُسلوب: ص16.
[828] عبد المطلب، محمد، جدليّة الإفراد والتركيب: في النقد العربي القديم: ص133.
[829] اُنظر: سليمان، فتح الله أحمد، الأُسلوبيّة: مدخل نظري ودراسة تطبيقيّة: ص27.
[830] اُنظر: ويس، أحمد بن محمد، الانزياح: من منظور الدراسات الأُسلوبية: ص120.
[831] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص63 وما بعدها. الراجحي، عبده، علم اللّغة والنقد الأدبي: علم الأُسلوب: ص20ـ ص21. عبد المطلب، محمد، الأُسلوبيّة: ص313ـ ص350.
[832] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ج1، ص88.
[833] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص92.
[834] اُنظر: السبكي، بهاء الدين، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح: ج3، ص5.
[835] الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص92. اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج2، ص276.
[836] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[837] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص258. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص250.
[838] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، كتاب المقتصد في شرح الإيضاح: ج2، ص937.
[839] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص76.
[840] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص116ـ 117.
[841] طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص162.
[842] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص253. التفتازاني، مسعود بن عمر، المطوّل (شرح تلخيص السكاكي): ص439.
[843] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591.
[844] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص253. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص249.
[845] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص553.
[846] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص260.
[847] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص591.
[848] المصدر السابق: ج5، ص562. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص65ـ 66.
[849] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص260. اُنظر: عتيق، عبد العزيز، علم المعاني: ص174.
[850] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص75.
[851] اُنظر: الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص322. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص545.
[852] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ح1، ص260.
[853] اُنظر: الشايب، أحمد، الأُسلوب: دراسة بلاغيّة تحليليّة لأُصول الأساليب الأدبيّة: ص197.
[854] اُنظر: العوادي، مشكور كاظم، البحث الدلالي في تفسير الميزان: دراسة في تحليل النص: ص229.
[855] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص34. اُنظر: حسين، عبد القادر، أثر النحاة في البحث البلاغي: ص80 ـ 81.
[856] أبو جناح، صاحب، المباحث الأُسلوبية عند ابن جني، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها: ص289.
[857] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص65. العامري، حميد أحمد عيسى، التقديم والتأخير في القرآن الكريم: ص12 ـ 51. أبو موسى، محمد، دلالات التراكيب: دراسة بلاغيّة: ص176.
[858] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج2، ص126.
[859] اُنظر: المصدر السابق: ج1، ص23.
[860] ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص221.
[861] العامري، حميد أحمد عيسى، التقديم والتأخير في القرآن الكريم: ص62.
[862] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص126.
[863] اُنظر: العامري، حميد أحمد عيسى، التقديم والتأخير في القرآن الكريم: ص61.
[864] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص16.
[865] الفاتحة: آية1.
[866] اُنظر: شروح التلخيص: ج1، ص391.
[867] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص33ـ 34 وما بعدها.
[868] اُنظر: الفرَّاء، يحيى بن زياد، معاني القرآن: ج1، ص89.
[869] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج4، ص102.
([870]] اُنظر: أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، ارتشاف الضرب من لسان العرب: ج3، ص132.
[871] اُنظر: المخزومي، مهدي، مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو: ص278.
[872] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي: قواعد وتطبيق: ص91. السامرائي، فاضل صالح، التعبير القرآني: ص49.
[873] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص69.
[874] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ص70. ومحض في النصيحة: أخلص فيها. اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص37، مادة (محض).
[875] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربية والمعنى: ص136.
[876] ابن جني، عثمان، اللمع في العربية: ص80.
[877] المخزومي، مهدي، في النحو العربي: قواعد وتطبيق: ص149. اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص235.
([878]] ظ: الجندي، درويش، علم المعاني: ص84.
[879] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص71.
[880] اُنظر: أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، ارتشاف الضرب من لسان العرب: ج3، ص1121.
[881] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف: ج4، ص745. الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص86.
[882] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص13.
[883] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص86.
[884] المتعلقات: مصطلح بلاغي. اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص195.
[885] طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص17.
[886] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج4، ص102. ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ج2، ص39.
[887] اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص236.
[888] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص60.
[889] اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص236.
[890] اُنظر: أبو موسى، محمد، خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل المعاني: ص366ـ 367.
[891] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، المقتصد في شرح الإيضاح: ج1، ص579.
[892] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، الأشباه والنظائر في النحو: ج2، ص72.
[893] اُنظر: العامري، حميد أحمد عيسى، التقديم والتأخير في القرآن الكريم: ص106ـ 107.
[894] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص68.
[895] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص140.
[896] اُنظر: الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص311.
[897] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص34.
[898] اُنظر: الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص168.
[899] التفتازاني، مسعود بن عمر، المطوّل (شرح تلخيص السكاكي): ص402.
[900] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص67.
[901] الجميلي، عدنان جاسم، الآيات القرآنية المتعلّقة بالرسول محمد’: دراسة بلاغيّة أُسلوبيّة: ص236.
[902] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص54.
[903] أبو جناح، صاحب، المباحث الأُسلوبية عند ابن جنّي، ضمن كتاب دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها: ص293.
[904] اُنظر: الجندي، درويش، علم المعاني: ص94.
[905] اُنظر: ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص354.
[906] اُنظر: الزملكاني، عبد الواحد بن عبد الكريم، التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن: ص50. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص208.
[907] اُنظر: الزوبعي، طالب محمد، علم المعاني: بين بلاغة القدامى وأُسلوبيّة المُحدثين: ص154.
[908] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص562.
[909] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص114.
[910] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص580. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص87.
[911] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص181. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص115.
[912] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص114. عبد المطلب، محمد، البلاغة والأُسلوبيّة: ص344.
[913] ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج8، ص281ـ 282.
[914] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، مفتاح العلوم: ص183. التفتازاني، مسعود بن عمر، المطوّل (شرح تلخيص السكاكي): ص224.
[915] فيود، بسيوني عبد الفتاح، علم المعاني: دراسة بلاغية ونقديَّة لمسائل المعاني: ص123.
[916] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص586.
[917] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص115.
[918] اُنظر: المصدر السابق.
[919] عبد المطلب، محمد، البلاغة الأُسلوبيّة: ص346.
[920] حسّان، تمام، البيان في روائع القرآن: دراسة لغوية وأُسلوبية: ج2، ص325.
[921] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص16.
[922] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص122. عبد المطلب، محمد، البلاغة والأُسلوبيّة: ص347.
[923] جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص170.
[924] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص39. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص127.
[925] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، لسان العرب: ص186. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص125.
[926] ظ: عبد المطلب، محمد، البلاغة الأُسلوبيّة: ص348.
[927] ابن أعثم الكوفي، أحمد، كتاب الفتوح: ج6، ص262.
[928] اُنظر: فيود، بسيوني عبد الفتاح، علم المعاني: دراسة بلاغيّة ونقديّة لمسائل المعاني: ص156.
[929] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص57.
[930] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص179ـ 182.
[931] ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج8، ص281ـ 282.
[932] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص292.
[933] اُنظر: فيود، بسيوني عبد الفتاح، علم المعاني: دراسة بلاغيّة ونقديّة لمسائل المعاني: ص154.
[934] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص276.
[935] اُنظر: الزوبعي، طالب محمد، علم المعاني: بين بلاغة القدامى وأُسلوبيّة المُحدثين: ص143ـ 144.
[936] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، الأشباه والنظائر في النحو: ج2، ص54. الجندي، درويش، علم المعاني: ص91ـ 93.
[937] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ص114ـ 115.
[938] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص86.
[939] اُنظر: حسّان، تمام، البيان في روائع القرآن: دراسة لغويّة وأُسلوبيّة: ج2، ص127.
[940] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص559.
[941] اُنظر: حسّان، تمام، البيان في روائع القرآن: دراسة لغويّة وأُسلوبيّة: ج2، ص126.
[942] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص562. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص66.
[943] اُنظر: الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية الدسوقي: ج1، ص630ـ 631.
[944] اُنظر: الجرجاني، محمد بن علي، الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة: ص43. ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص225.
[945] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص588.
[946] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص127ـ 128. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص521.
[947] اُنظر: أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، ارتشاف الضرب من لسان العرب: ج2، ص38.
[948] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص554.
[949] اُنظر: ابن يعقوب المغربي، أحمد، مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص352.
[950] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص127. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص529.
[951] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص13.
[952] اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص529. عبد المطلب، محمد، البلاغة والأُسلوبيّة: ص341.
[953] الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص302.
[954] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص254، مادة (لحم).
[955] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص18.
[956] عبد المطلب، محمد، البلاغة العربية: قراءة أُخرى: ص224.
[957] سليمان، فتح الله أحمد، الأُسلوبيّة: مدخل نظري ودراسة تطبيقيّة: ص137.
[958] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص24ـ 25وما بعدها.
[959] اُنظر: الفرَّاء، يحيى بن زياد، معاني القرآن: ج1، ص75.
[960] اُنظر: ابن جني، عثمان، الخصائص: ج2، ص360.
[961] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص146. اُنظر: لاشين، عبد الفتاح، التراكيب النحويّة من الوجهة البلاغيَّة عند عبد القاهر: ص157.
[962] اُنظر: سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص74. ابن جني، عثمان، الخصائص: ج2، ص362.
[963] ابن جني، عثمان، الخصائص: ج1، ص284.
[964] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربيّة والمعنى: ص218.
[965] اُنظر: الزوبعي، طالب محمد، علم المعاني: بين بلاغة القدامى وأُسلوبيّة المُحدثين: ص275.
[966] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربيّة والمعنى: ص218.
[967] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص109. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص520.
[968] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص63.
[969] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص23.
[970] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو القرآن: ص18.
[971] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص556. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص115.
[972] اُنظر: شروح التلخيص: ج1، ص273.
[973] الجندي، درويش، علم المعاني: ص75.
[974] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب: ج2، ص822 ـ 823.
[975] اُنظر: الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص138.
[976] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص586.
[977] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو القرآن: ص27.
[978] اُنظر: المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب: ج4، ص51، وما بعدها.
[979] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، الأشباه والنظائر في النحو: ج2، ص68.
[980] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص212. السيوطي، عبد الرحمن، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج1، ص518ـ 519.
[981] الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص67.
[982] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص61.
[983] اُنظر: الجندي، درويش، علم المعاني: ص78.
[984] البقرة: آية54.
[985] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص561 ـ 562. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص65.
[986] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص82.
[987] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو القرآن: ص63. فيود، بسيوني عبد الفتاح، علم المعاني: دراسة بلاغيّة نقديّة لمسائل المعاني: ص135.
[988] اُنظر: السامرائي، إبراهيم، الفعل زمانه وأبنيته: ص15.
[989] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص23.
[990] اُنظر: المصدر السابق: ص30.
[991] الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص44. اُنظر: الجندي، درويش، علم المعاني: ص79.
[992] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص84 ـ 85.
[993] اُنظر: الطيبي، حسين بن محمد، التبيان في علم المعاني والبديع والبيان: ص88.
[994] اُنظر: الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص49.
[995] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو الفعل: ص23.
[996] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص239.
[997] سيبويه، عثمان بن قنبر، الكتاب: ج1، ص23.
[998] اُنظر: نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة: دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص156ـ 159. الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص138ـ 141، وص182ـ 198.
[999] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي، شرح المفصّل: ج1، ص239.
[1000] اُنظر: الجندي، درويش، علم المعاني: ص79 وما بعدها. جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص185.
[1001] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص59.
[1002] اُنظر: نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة: دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص316.
[1003] اُنظر: الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص141ـ 142.
[1004] الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص143.
[1005] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص563.
[1006] اُنظر: نهر، هادي، التراكيب اللغويّة في العربيّة: دراسة وصفيّة تطبيقيّة: ص158.
[1007] الحريزي، عائد كريم، الحذف والتقدير في الدراسة النحويّة: ص189. اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج1، ص338.
[1008] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو المعاني: ص65.
[1009] اُنظر: ابن عصفور، علي بن عبد المؤمن، المقرّب: ص125.
[1010] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص153.
[1011] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج2، ص828.
[1012] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستار، نحو القرآن: ص36.
[1013] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص153، وما بعدها. الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: 338، وما بعدها. عبد المطلب، محمد، البلاغة والأُسلوبيّة: ص313.
[1014] صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص62.
[1015] اُنظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: ص34، مادة (بعث).
[1016] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص155ـ 156. الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص338.
[1017] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص13. اُنظر: جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة:
ج2، ص79.
[1018] اُنظر: الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص380.
[1019] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص39. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص127.
[1020] اُنظر: ابن هشام، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ج2، ص828.
[1021] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: 163. الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص342.
[1022] صفوت، أحمد زكي، جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص126.
[1023] اُنظر: ابن القوطية، محمد بن عمر، الأفعال، ص73، مادة (سمع). الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: ص156 مادة (سمع)، ص203 مادة (طاع).
[1024] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص201.
[1025] طبل، حسن، علم المعاني: تأصيل وتقييم: ص103.
[1026] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص32. صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص84.
[1027] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص155. الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص341.
[1028] الحسيني، جعفر بن باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص371.
[1029] لاشين، عبد الفتاح، التراكيب النحويّة من الوجهة البلاغيّة عند عبد القاهر: ص159ـ 160.
[1030] اُنظر: جمعة، عدنان عبد الكريم، اللغة في الدرس البلاغي: ص190.
[1031] اُنظر: قحطان، طاهر عبد الرحمن، علم المعاني وأساليبه البلاغيّة: ص83.
[1032] اُنظر: الزوبعي، طالب محمد، علم المعاني: بين بلاغة القدامى وأُسلوبيّة المُحدثين: ص276.
[1033] اُنظر: السكاكي، يوسف بن أبي بكر، لسان العرب: ج17. الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ج1، ص111. العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص520.
[1034] اُنظر: الطيبي، حسين بن محمد، التبيان في علم المعاني والبديع والبيان: ص56ـ 57. الجندي، درويش، علم المعاني: ص73ـ 74.
[1035] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص596.
[1036] اُنظر: الطيبي، حسين بن محمد، التبيان في علم المعاني والبديع والبيان: ص57.
[1037] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص580.
[1038] اُنظر: السبكي، بهاء الدين، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص271.
[1039] اُنظر: عتيق، عبد العزيز، علم المعاني: ص146.
[1040] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص68.
[1041] اُنظر: السبكي، بهاء الدين، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح: ج1، ص271.
[1042] اُنظر: الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية الدسوقي: ج2، ص158.
[1043] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج6، ص16. اُنظر: صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة: ج2، ص125.
[1044] اُنظر: العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز: ص527.
[1045] ابن كثير، إسماعيل، البداية والنهاية: ج8، ص281ـ 282.