في بيان حوادث كونية متفرّقة جرت بعد مقتل الحسين (عليه السلام)
سابعاً: سماع نَوح وبكاء الجنّ على الحسين (عليه السلام)
وقد وردت روايات عديدة في كُتب الفريقين أيضاً:
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، قال: حدّثني خالي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن يحيى بن مَعْمَر العطار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: بكت الإنس والجنّ، والطير والوحش، على الحسين بن علي(عليها السلام)، حتى ذرفت دموعها»[1].
وساقه من وجه آخر إلى محمد بن الحسين، قال: «وحدّثني أبي&، وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، ومحمد بن يحيى العطار جميعاً، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بإسناده مثله»[2].
من الواضح صحّة الطريق إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، فقد رواها ابن قولويه، عن محمد بن جعفر الرزاز، كما في سنده الأوّل، وعن أبيه، وجماعة مشايخه في السند الثاني، فلا شكّ في وثاقة بعضهم، فضلاً عن القول بوثاقة جميع مشايخ ابن قولويه المباشرين.
ورواه في السند الثاني عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، ومحمد بن يحيى العطار جميعاً.
أمّا سعد بن عبد الله، فمن وجوه الطائفة، جليل القدر[3].
والعطّار «ثقة، عين، كثير الحديث»[4].
أمّا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، فهو ثقة جليل القدر تقدّم سابقاً.
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع، إمامي ثقة[5].
وأبو إسماعيل السرّاج، هو عبد الله بن عثمان، لم يتضح حاله، فإنْ كان أخو حمّاد فهو ثقة، وإنْ كان غيره فهو مهمل[6].
ويحيى بن مَعْمَر العطار، مجهول، إلّا على القول بوثاقة كلّ مَن روى عنهم جعفر بن بشير[7]، كما يذهب إليه الوحيد، فسيكون ثقة لروايته عنه[8].
وأبو بصير، وإنْ كان مشتركاً إلّا أنّ المراد به عند الإطلاق كما نصّ السيّد الخوئي هو يحيى بن أبي القاسم الثقة المعروف، وإنْ كان ثمّة تردّد، فإنّما هو بينه وبين ليث بن البختري، وهو ثقة أيضاً[9].
من خلال ما تقدّم ظهر أنّه بناءً على عدّ أبي إسماعيل السرّاج هو عبد الله أخو حمّاد، فهو ثقة، وبناءً على أنّ جعفر بن بشير لا يروي إلّا عن ثقة، فسيكون يحيى بن مَعْمَر العطار ثقة أيضاً، وسيكون السند صحيحاً، أمّا مع عدم الأخذ بهذين الرأيين، أو عدم الأخذ بأحدهما، فسيكون السند ضعيفاً؛ لجهالة هذيين الراويين، أو أحدهما.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أُمّ سلمة زوجة النبي’، قالت: ما سمعت نوح الجنّ منذُ قبض الله نبيّه إلّا الليلة، ولا أراني إلّا وقد أُصبت بابني الحسين، قالت: وجاءت الجنيّة منهم، وهي تقول:
أيا عيناي فانهملا بجهد |
|
فمَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متجبر من نسل عبد»[10]. |
وأخرجه الطوسي باختلاف يسير في الأبيات الشعرية، قال: «حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد&، قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أُمّ سلمة زوجة النبي’، قالت: ما سمعت نوح الجنّ منذّ قُبض النبي’ إلّا الليلة، ولا أراني إلّا وقد أُصبت بابني. قالت: وجاءت الجنيّة منهم تقول:
أَلا يا عين فانهملي بجهد |
|
فمَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متجبر في ملك عبد»[11]. |
وأورده مرسلاً: ابن شهر آشوب، عن أمالي النيسابوري[12]، والفتّال النيسابوري[13]، وابن نما الحلي[14].
وأورد القاضي النعمان، قال: «الحسن بن محمد، بإسناده، عن أُمّ سلمة زوج النبي’: أنّها أصبحت ذات يوم، فقالت لخادمها: لا أرى ابني الحسين إلّا وقُتل. ما سمعت نوح الجنّ مذُ قُبض رسول الله’ إلّا البارحة، فإنّي سمعتهم يقولون:
أَلا يا عين جودي لي بجهد |
|
ومَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متجبر في ملك [عبد]»[15]. |
رجال السند
وأمّا ما يتعلّق برجال السند، فقد تقدّم ترجمة رجاله سابقاً، سوى حبيب بن أبي ثابت، والسند إليه معتبر على ما حققنا الحال في بعض الرجال فيما مضى.
وأمّا حبيب بن أبي ثابت فهو تابعي، وصرّح الشيخ الطوسي بأنّه فقيه الكوفة، فإنْ كانت هذه الكلمة تفيد المدح، فهو حسن الحديث، وهذا ما ذهب إليه المامقاني[16].
وإنْ كانت لا تفيد المدح، فهو مجهول كما هو ظاهر ما يذهب إليه السيّد الخوئي في ترجمة الرجل[17].
تبيّن أنّ السند حسن وفق بعض الآراء، وضعيف وفق أُخرى.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عقبة، عن أحمد بن عمرو بن مسلم، عن الميثمي، قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن علي(عليها السلام)، فمرّوا بقرية يقال لها شاهي، إذ أقبل عليهم رجلان شيخ وشاب، فسلّما عليهم، قال: فقال الشيخ: أنا رجل من الجنّ، وهذا ابن أخي أردنا نصر هذا الرجل المظلوم، قال: فقال لهم الشيخ الجنّي: قد رأيت رأيا. فقال الفتية الإنسيون: وما هذا الرأي الذي رأيت؟ قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم، فتذهبون على بصيرة. فقالوا له: نِعمَ ما رأيت. قال: فغاب يومه وليلته، فلّما كان من الغد، إذا هم بصوت يسمعونه ولا يرون الشخص، وهو يقول:
والله ما جئتكم حتى بصـرت به |
|
بالطفّ منعفر الخدين منحورا |
وحوله فتية تدمي نحورهم |
|
مثل المصابيح يملون الدجا نورا |
وقد حثثت قلوصي كي أصادفهم |
|
من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا
|
كان الحسين سراجاً يُستضاء به |
|
الله يعلم أنّي لم أقل زورا |
مجاوراً لرسول الله في غرف |
|
وللبتول وللطيار مسـرورا |
فأجابه بعض الفتية من الإنسيين يقول:
اذهب فلا زال قبر أنت ساكنه |
|
إلى القيامة يسقي الغيث ممطورا |
وقد سلكت سبيلاً كنت سالكه |
|
وقد شربت بكأس كان مغزورا |
وفتية فرغوا لله أنفسهم |
|
وفارقوا المال والأحباب والدورا»[18]. |
خلاصة الحكم السندي على هذا الخبر
وهذا الخبر ضعيف؛ فإبراهيم بن عقبة، لم يرد فيه توثيق، غير كونه من رجال كامل الزيارات، وكذلك أحمد بن عمرو بن مسلم، إذ ليس له ذكر في غير هذه الرواية.
أخرجها المفيد ومن طريقه الطوسي، قال: «أخبرني أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدّثنا علي بن العباس، قال: حدّثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدّثنا سليمان بن مقبل الحارثي، قال: حدّثني محفوظ بن المنذر، قال: حدّثني شيخ من بني تميم ـ كان يسكن الرابية ـ قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين(عليه السلام) حتى كان مساء ليلة عاشوراء، فإنّي [لـ] جالس بالرابية ومعي رجل من الحي، فسمعنا هاتفا يقول:
والله ما جئتكم حتى بصـرت به |
|
بالطفّ منعفر الخدين منحورا |
وحوله فتية تدمى نحورهم |
|
مثل المصابيح يعلون الدجى نورا |
وقد حثثت قلوصي كي أصادفهم |
|
من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا |
فعاقني قدر والله بالغه |
|
وكان أمراً قضاه الله مقدوراً |
كان الحسين سراجاً يُستضاء به |
|
الله يعلم أنّي لم أقل زورا |
صلّى الإله على جسم تضمّنه |
|
قبر الحسين حليف الخير مقبورا |
مجاوراً لرسول الله في غرف |
|
وللوصي وللطيار مسـرورا |
فقلنا له: مَن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا وأبي من جنّ نُصيبين، أردنا مؤازرة الحسين(عليه السلام) ومؤاساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلاً»[19].
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة أيضاً؛ ويكفي في ذلك أنّ الراوي المباشر لم يُذكر اسمه، ومحفوظ بن المنذر ليس له ذكر في غير هذه الرواية، وكذلك سليمان بن مقبل الحارثي.
5 ـ رواية أبي زياد القندي عن الجصاصين
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني حكيم بن داوُد بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب، قال: حدّثني عمر بن سعد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي زياد القندي، قال: كان الجصاصون يسمعون نوح الجنّ حين قُتل الحسين(عليه السلام) في السحر بالجبانة، وهم يقولون:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عُليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[20]. |
رجال السند
وأمّا ما يتعلّق بسند هذه الرواية، فحكيم بن داوُد، وسلمة بن الخطاب، وعمر بن سعد، تقدّموا بأجمعهم، وعرفنا أنّه يمكن التعويل على روايتهم.
وأمّا عمرو بن ثابت، فهو ثقة عند جملة من العلماء[21].
أمّا أبو زياد القندي، فلم أقف على راوٍ بهذا الاسم، وسيأتي أنّ الرواية عن الجصاصين رويت في كتب أهل السنّة من وجوه عدّة، وأحد هذه الوجوه كان عن راوٍ اسمه (أبو زياد الفقيمي)، وهو شيخ لا بأس به عندهم، إلّا أنّه لم يُترجم في كتب الشيعة.
فإنْ كان المراد هو الفقيمي كما هو الظاهر، فالسند ضعيف بجهالته.
وإنْ كان المراد بغيره، كأنْ يكون هو (زياد القندي)، وأنّ كلمة (أبي) زائدة، فهو ثقة، أو أنّه (أبو زياد الغنوي) فهو مجهول أيضاً، إلّا أنّ تلك مجرد تخرّصات لا شاهد عليها.
وأمّا الجصاصون، فلم نعرف أحداً منهم، إلّا أنّ لفظ الجمع يُفيد بأنّ المسألة كانت معروفة، ومتداولة بين الجميع، وغير منقولة عن شخص أو اثنين، وهذا ما يعطيها قوّة.
تبيّن أنّ هذا السند ضعيف بالجهالة.
6 ـ رواية الوليد بن غسان عمّن حدّثه
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني حكيم بن داوُد بن حكيم، عن سلمة بن الخطّاب، قال: قال عمر بن سعد، قال: حدّثني الوليد بن غسان، عمّن حدّثه، قال: كانت الجنّ تنوح على الحسين بن علي(عليها السلام)، تقول:
لِـمَن الأبيات بالطفّ على كره بنينة |
|
تلك أبيات الحسين يتجاوبن الرنينة»[22]. |
وأورد هذه الأبيات ابن نما الحلي من دون ذكر الراوي المباشر، قال:
«وناحت عليهن الجنّ، فقالت:
لِـمَن الأبيات بالطفّ على كره بنينا |
|
تلك
أبيات الحسين يتجاوبن رنينا»[23]. |
سند ابن قولويه في هذا الخبر ضعيف؛ الوليد بن غسان لم أقف عليه، والراوي المباشر مبهم.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني حكيم بن داوُد بن حكيم، عن سلمة، قال: حدّثني أيوب بن سليمان بن أيوب الفزاري، عن علي بن الحزور، قال: سمعت ليلي، وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن علي(عليها السلام)، وهي تقول:
يا عين جودي بالدموع فإنّما |
|
يبكي الحزين بحرقة وتفجع |
يا عين ألهاك الرقاد بطيبه |
|
من ذكر آل محمد وتوجع |
باتت ثلاثاً بالصعيد جسومهم |
|
بين الوحوش وكلّهم في مصـرع»[24]. |
خلاصة الحكم السندي على هذا الخبر
وهذا السند ضعيف أيضاً؛ فعلي بن الحزور مهمل لم يتعرّضوا له، مع أنّه متّهم في كُتب أهل السنّة بالتشيّع! وتركوه لأجل ذلك، قال ابن حجر: «متروك شديد التشيع»[25].
وأيوب بن سليمان لم يذكروه.
وليلى لم يذكروها أيضاً، ولا توجد قرينة واضحة تدلّ على أنّها ليلى أمّ عليّ الأكبر.
8 ـ رواية عبد الله بن حسان الكناني
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن نصر بن مزاحم، عن عبد الرحمان بن حمّاد، عن أبي ليلي الواسطي، عن عبد الله بن حسّان الكناني، قال: بكت الجنّ على الحسين بن علي(عليها السلام)، فقالت:
ماذا تقولون إذ قال النبي لكم |
|
ماذا فعلتم وأنتم آخر الأُمم |
بأهل بيتي وإخواني ومكرمتي |
|
من بين أسرى وقتلى ضُرّجوا بدم»[26]. |
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة أيضاً؛ فعبد الله بن حسان لم يذكروه.
وكذلك أبو ليلى، وعبد الرحمن، لم أقف على تراجم شيعية لهم.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي&، وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمد بن يحيى المعاذي، قال: حدّثني الحسين بن موسى الأصم، عن عمرو، عن جابر، عن محمد بن علي(عليها السلام)، قال: لمّا همّ الحسين(عليه السلام) بالشخوص عن المدينة، أقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة حتّى مشى فيهن الحسين(عليه السلام)، فقال: انشدكن الله أنْ تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله. فقالت له نساء بني عبد المطلب: فلمَن نستبقي النياحة والبكاء، فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله’، وعلي وفاطمة، ورقية وزينب وأُمّ كلثوم، فننشدك الله، جعلنا الله فداك من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور. وأقبلت بعض عمّاته تبكي وتقول: أشهد يا حسين، لقد سمعت الجنّ ناحت بنوحك، وهم يقولون:
فإنّ قتيل الطفّ من آل هاشم |
|
أذل رقاباً من قريش فذلّت |
حبيب رسول الله لم يكُ فاحشا |
|
أبانت مصيبتك الأنوف وجلّت |
وقلن أيضاً:
أبكي حسيناً سيّداً |
|
ولقتله شاب الشعر |
ولقتله زلزلتم |
|
ولقتله انكسف القمر |
واحمرّت آفاق السما |
|
ء من العشية والسحر |
وتغبّرت شمس البلا |
|
د بهم وأظلمت الكور |
ذاك ابن فاطمة المصـ |
|
اب به الخلائق والبشـر |
أورثتنا ذلاً به |
|
جدع الأنوف مع الغرر»[27]. |
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذا السند ضعيف أيضاً؛ فمحمد بن يحيى المعاذي ضعيف[28]، والحسين بن موسى ليس له ذكر، وعمرو بن شمر فيه خلاف، فالوحيد وجدّه المجلسي يوثّقانه[29]، وكذلك المحدّث النوري[30]، أمّا السيّد الخوئي فيرى جهالته لتعارض التوثيق والتضعيف فيه[31].
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي، وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن يحيى المعاذي، عن عبّاد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن عمر بن عكرمة، قال: أصبحنا ليلة قتل الحسين(عليه السلام) بالمدينة، فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارحة مناديا ينادي، ويقول:
أيّها القاتلون جهلاً حُسينا |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبي ومرسل وقتيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وذي الروح حامل الإنجيل»[32]. |
وجاء في إرشاد المفيد: «فلمّا كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمرو بن سعيد بقتل الحسين بن علي(عليها السلام) بالمدينة، سمع أهل المدينة في جوف الليل منادياً ينادي، يسمعون صوته ولا يرون شخصه:
أيّها القاتلون جهلاً حسينا |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبي وملاك وقتيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى وصاحب الإنجيل»[33]. |
وأورده السيّد ابن طاووس، قال: «فلمّا جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفاً ينادى:
أيّها القاتلون جهلاً حسينا |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبي ومالك وقبيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى صاحب الإنجيل»[34]. |
وأورده ابن نما الحلي باختلاف يسير، قال: «وذكر صاحب الذخيرة، عن المحشر، عن عكرمة[35]، أنّه سمع ليلة قتله بالمدينة منادٍ يسمعونه ولا يرون شخصه:
أيّها القاتلون جهلاً حسينا |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء تبكي عليكم |
|
من نبي وملائك وقبيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى وصاحب الإنجيل»[36]. |
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة أيضاً؛ فعمرو بن عكرمة، لم يذكروه، ويحيى المعاذي تقدّم أنّه ضعيف.
11 ـ رواية داوُد الرقي عن جدّته
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني حكيم بن داوُد بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب، قال: حدّثني عبد الله بن محمد بن سنان، عن عبد الله بن القاسم بن الحارث، عن داوُد الرقي، قال: حدّثتني جدّتي أنّ الجنّ لمّا قُتل الحسين(عليه السلام) بكت عليه بهذه الأبيات:
يا عين جودي بالعبر |
|
وابكي فقد حقّ الخبر |
أبكي ابن فاطمة الذي |
|
ورد الفرات فما صدر |
الجنّ تبكي شجوها |
|
لمّا أتى منه الخبر |
قُتل الحسين ورهطه |
|
تُعساً لذلك من خبر |
فلأبكينّك حرقة |
|
عند العشاء وبالسحر |
ولأبكينك ما جرى |
|
عــرق ومــا حمــل
الشــجر»[37]. |
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة أيضاً؛ فعبد الله بن محمد بن سنان لم يذكروه، وعبد الله بن القاسم بن الحارث، الظاهر هو عبد الله بن القاسم الحارثي، الذي ذكره النجاشي، وقال عنه: «ضعيف غالٍ»[38]، لكن هذه العبارة إنّما تُفيد الضعف من جهة الغلو لا من جهة الحديث، فيبقى على الجهالة؛ إذ لم يرد فيه توثيق.
وجدّة داوُد الرقي ليس لها ذكر أيضاً.
وهذا الخبر تقدّم سابقاً في أحاديث مطر السماء دماً، وهو العهد الذي عهده الإمام علي(عليه السلام) إلى ميثم التمار، وجاء فيه: «ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلّ شيء حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار، والطير في جو السماء، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم، والسماء والأرض، ومؤمنو الإنس والجنّ، وجميع ملائكة السماوات، ورضوان ومالك، وحملة العرش...»[39].
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية تقدّمت سابقاً وعرفنا أنّها ضعيفة؛ لجهالة بعض الرواة، وهي جبلة المكيّة؛ إذ لم نقف على ترجمتها.
قال ابن قولويه: «حدّثني أبي وأخي (رحمهما الله)، عن أحمد بن إدريس، ومحمد بن يحيى جميعاً، عن العمركي بن علي البوفكي، قال: حدّثنا يحيى ـ وكان في خدمة أبي جعفر الثاني(عليه السلام) ـ عن علي، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: سألته في طريق المدينة ونحن نريد المكة، فقلت: يا بن رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً مُنكسراً؟! فقال: لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مسألتي. قلت: فما الذي تسمع؟ قال: ابتهال الملائكة إلى الله (عزّ وجلّ) على قتلة أمير المؤمنين، وقتلة الحسين(عليه السلام)، ونوح الجنّ، وبكاء الملائكة الذين حوله، وشدّة جزعهم، فمَن يتهنأ مع هذا بطعام، أو بشراب، أو نوم، وذكر الحديث»[40].
ومن طريق ابن قولويه رواها ابن طاووس[41].
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة أيضاً؛ فيحيى خادم الجواد مجهول، وعلي شيخه لم يتّضح لنا المراد منه.
14 ـ مرسلة عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)
فقد نقل ابن شهر آشوب في مناقبه، أنّ الإمام عليّ بن الحسين، زين العابدين(عليه السلام)، قال في خطبته في مجلس يزيد: «أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء»[42].
وهذا الخبر مرسل محكوم بالضعف من الجهة السندية.
جاء في مثير الأحزان: «وناحت عليه الجنّ، وكان نفر من أصحاب النبي’، منهم: المسوّر بن مخرمة، ورجال، يستمعون النوح ويبكون»[43].
وهذا الخبر مرسل ومحكوم بالضعف أيضاً.
16 ـ مرسلة ابن شهر آشوب عن أبي مخنف
فقد نقل في مناقبه عن أبي مخنف في رواية: «وناحت عليه الجنّ كلّ يوم، فوق قبر النبي ـ ’ ـ إلى سنة كاملة»[44].
والخبر كسابقيه، مرسل محكوم بالضعف من الجهة السندية.
17 ـ رواية رجل من أهل بيت المقدس
أخرجها ابن قولويه، عن أبي نصر، عن رجل من أهل بيت المقدس، وقد ذكر عدّة حوادث، منها: «وسمعنا مناديا ينادي في جوف الليل يقول:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدّه يوم الحساب |
مـعاذ الله لا نُـلـتـم يـقـيـناً
|
|
شفاعة أحـمد وأبـي تراب |
قتلتم خير مَن ركب المطايا |
|
وخير الشيب طُراً والشباب[45]. |
خلاصة الحكم السندي على هذه الرواية
وهذه الرواية ضعيفة كما تقدّم، كما أنّها لم تُصرّح أنّ المنادي هو الجنّ، لكن من خلال الروايات العديدة المتقدّمة وغيرها ممّا يأتي عند أهل السنّة يتّضح أنّ الصوت هو من الجنّ.
طرق إثبات حادثة بكاء ونوح الجنّ على الحسين(عليه السلام)
بعد أنْ درسنا طرق الروايات تبيّن لنا أنّ الرواية الأُولى والثانية فيهما كلام، فقد يصحّان وفق بعض المباني، ولا يصحان وفق غيرهما، إلّا أنّه كما ذكرنا في مقدّمة الكتاب، فإنّ التصحيح السندي هو أحد المعايير لثبوت الحادثة، فمع فقد هذا المعيار، نرى هل هناك طرق أُخرى لإثباتها، أم لا؟
والجواب: نعم، الحادثة صحيحة وثابتة بطرق أُخرى:
الأوّل: إنّ هذه الروايات وإنْ اتّسمت بالضعف السندي، إلّا أنّها متكاثرة ويمكن معها دعوى الاستفاضة الموجبة للاطمئنان بحصول الحادثة، ومع حصول هذه الاستفاضة يكون البحث السندي لا قيمة كبيرة له، وإنْ كان وجود الروايات الصحيحة أو الحسنة يزيد من نسبة الاطمئنان، إلّا أنّ عدمها لا يعني عدم الثبوت، خصوصاً أنّ الخبرين الأوّل والثاني ممكن القول باعتبارهما وفق بعض المباني كما أشرنا.
الثاني: سيأتي أنّ هناك روايات وفيها الصحيح، تصرّح بأنّ جميع الكائنات بكت على الحسين(عليه السلام)، فيمكن إدخال الجنّ ضمن هذه الكلية، فيثبت بكاؤها من دون حاجة إلى التصريح بها، فكيف والحال أنّ الروايات المصرّحة كثيرة كما فصلّنا، فستكون هناك حالة من التعاضد بين الطائفتين في خصوص بكاء الجنّ، ونصل إلى نتيجة أنّ الحادثة ثابتة.
الثالث: إنّ الحادثة لم يقتصر وجودها في المصنّفات الشيعية، بل روتها مصادر أهل السنّة بطرق متكثرة، وفيها الصحيح أيضاً، واتّفاق الفريقين على نقل حادثة ما وبطرق عديدة، يزيد النفس اطمئناناً بحصولها.
الأوّل: إنّ ثبوت الحادثة عن طريق الاستفاضة، يعني ثبوت القدر المشترك من الروايات، وهو أصل البكاء والنوح، أمّا بقيّة التفاصيل فتبقى محتملة التحقق، ولا يمكن إثباتها من خلال الاستفاضة المذكورة.
نعم، يمكن إثبات بعض التفاصيل عن طريق وجودها في كُتب الفريقين، وعدم وجود ما يعارضها، خصوصاً إذا كان منها الصحيح، أو المعتبر عند أهل السنّة، فإنّه يزيد ثبوت الواقعة.
الثاني: إنّ رواية أُمّ سلمة قد تُوهم أنّ أُمّ مسلمة عرفت بمقتل الحسين(عليه السلام) عن طريق نوح الجنّ، لكن هذا يتعارض مع ما تقدّم من أنّ أُمّ سلمة عرفت ذلك من خلال احمرار التربة التي أودعها عندها الرسول’، وحلاًّ للتعارض يمكن القول إنّ سماعها للنوح كان مؤشراً لمقتل الحسين(عليه السلام) كما يُستشعر من نفس الرواية، ثمّ رأت بعد ذلك احمرار التربة، وعرفت بحقيقة الأمر.
نعم، هذا الجمع يصلح في الرواية الآنفة الذكر المنقولة من طريق الشيعة، أمّا ما سيأتي من لفظ عند أهل السنّة، فلا يناسبه هذا التوفيق، إلّا أنّ الرواية عند أهل السنّة ضعيفة، ولو كانت صحيحة فلا ريب أنّها نقلت بالمعنى، وأنّها تعود في النتيجة إلى معنى الرواية الشيعية، والله العالم.
وسيأتي الكلام عن هذا التعارض مرة أخرى عند دراسة الروايات السنيّة إنْ شاء الله.
أ ـ رواية عمّار بن أبي عمّار عن أُمّ سلمة
أخرجها أحمد في فضائله عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: «نا حمّاد بن سلمة، عن عمّار، قال: سمعت أُم ّسلمة، قالت: سمعت الجنّ يبكين على حسين. قال: وقالت: أُمّ سلمة: سمعت الجنّ تنوح على الحسين (رضي الله عنه)»[46].
وأخرجها الضحّاك، قال: «حدّثنا هدبة بن خالد، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن أُمّ سلمة (رضي الله تعالى عنهما)، أنّها قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين (رضي الله تعالى)» [47].
ومن طريقه أخرجه أبو نعيم[48]، وأورده الطبري[49].
وأخرجها الطبراني، قال: «حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا هدبة بن خالد...»[50].
وأخرجها الطبراني أيضاً، قال: «حدّثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن أُمّ سلمة (رضي الله عنها)، قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين بن علي (رضي الله عنه)»[51].
وأخرجها ابن عساكر من طريق أحمد بن حنبـل[52]، ومن طريق آخر ينتهي إلى عفّان بن مسلم، عن حمّاد بن سلمة[53].
وأوردها المزي، قائلاً: وقال حمّاد بن سلمة، وساق الحديث كما تقدّم سنداً ومتناً[54]. ونحوه الذهبي، وابن كثير وغيرهم[55].
من الواضح أنّ السند إلى حمّاد بن سلمة ثابت وصحيح، فقد ورد بأكثر من طريق كما تبيّن بالتخريج، فأخرجه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة ثبت، من نقّاد الرجال والحديث المعروفين، وأخرجه الضحّاك عنه بواسطة هدبة بن خالد، وهو كما قال فيه الذهبي: «ثقة عالم، صاحب حديث ومعرفة، وعلو إسناد»[56].
وأخرجه الطبراني من طريق علي بن عبد العزيز، عن حجاج، وكلاهما ثقتان، فعلي بن عبد العزيز البغوي تقدّم أنّه حافظ ثقة، وحجاج بن المنهال، ثقة فاضل[57].
فالطريق إلى حمّاد صحيح.
أمّا حمّاد بن سلمة، فتقدّم أنّه ثقة، وعمّار بن أبي عمّار من الموثّقين أيضاً؛ ولذا قال الهيثمي بعد أنْ أورد هذا الحديث: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح»[58].
كما أورده الحافظ ابن كثير، وقال بعده: «وهذا صحيح»[59].
اتضح أنّ هذا الخبر صحيح الإسناد
وبعد التتبع وجدنا أنّ الحديث لا يدور على حمّاد، بل ورد عن غيره أيضاً، فقد أخرجه أبو العرب، فقال:
«وحدّثني عمر بن يوسف، قال: حدّثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدّثنا الحجاج بن نصير، عن سلمة بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن أُمّ سلمة: أنّها سمعت الجنّ تنوح على الحسين.
وقال: «حدّثني يحيى بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن جدّه، عن عمّار مولى بني هاشم، قال: سمعت أُمّ سلمة زوج النبي تقول: سمعت الجنّ تنوح على الحسين»[60].
وهذا ما يُقوّي صحّة الحديث.
ب ـ رواية أُمّ هاشم عن أُمّ سلمة
أخرجها ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو السعود [أحمد بن علي ] ابن المجلي، أنبأنا عبد المحسن بن محمد لفظاً، أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن محمد الدهان، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن الحسن البردعي، أنبأنا أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي العصام العدوي، أنبأنا إبراهيم بن يحيى بن يعقوب أبو الطاهر البزار، أنبأنا ابن لقمان، أنبأنا الحسين بن إدريس، أنبأنا هاشم بن هاشم، عن أُمّه، عن أُمّ سلمة، قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين يوم قُتل وهنّ يقلن:
أيّها القاتلون ظلماً حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبي ومرسل وقبيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى وصاحب الإنجيل»[61]. |
وأخرجه ابن العديم، عن أبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد، بنفس السند السابق[62].
ومن طريق ابن عساكر أخرجه الكنجي الشافعي[63].
وأورده ابن كثير، قال: «ورواه الحسين بن إدريس، عن هاشم بن هاشم، عن أُمّه، عن أُمّ سلمة، قالت: سمعت الجنّ ينحن على الحسين، وهنّ يقلن:
أيّها القاتلون جهلاً حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
ونبي ومرسل وقبيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى وصاحب الإنجيل»[64]. |
رجال السند
أمّا أبو السعود شيخ ابن عساكر، شيخ صالح، صبور على القراءة، وقد روى عنه جملة من العلماء، منهم: أبو القاسم بن عساكر، وابن الجوزي، وأبو الفتوح بن غيث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي، وأبو الفتح المندائي، وجماعة[65].
فلا يبعد قبول روايته، وإنْ كان من غير المختصيّن بالحديث كما صرّح الذهبي بذلك، حين قال: «ولم يكن يعرف شيئاً من الحديث»[66].
فمع كونه صالحاً في نفسه، وروى عنه عدّة من المشايخ المعروفين، فإنّ حديثه مقبول وفق القواعد الحديثية.
وعبد المحسن بن محمد بن علي، قال فيه إسماعيل بن محمد الحافظ: «شيخ جليل فاضل ثقة. وقال أبو عامر العبدري: كان من أنبل مَن رأيت وأوثقه. وقال أبو علي بن سكرة: كان فاضلاً نبيلاً، كيساً ثقةً»[67].
وأبو أحمد عبد الله بن محمد بن محمد الدهان، لم أقف على ترجمة له.
وأبو جعفر أحمد بن الحسن البردعي، لم أقف عليه.
وأبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي العصام العدوي، وثقه السمعاني[68]، وتبعه الذهبي[69].
إبراهيم بن يحيى بن يعقوب أبو طاهر البزار، لم أقف عليه.
وابن لقمان، لم أقف على ترجمته.
وأمّا الحسين بن إدريس، فقد عثرت على اثنين بهذا الاسم، وكلاهما لا يمكن أنْ يرويان عن هاشم بن هاشم المتوفّى (144هـ)، فالأوّل: هو الحسين بن إدريس الهروي الأنصاري، وهو متوفّى سنة (301هـ)، والثاني: هو الحسين بن إدريس التستري، هو وإنْ لم نقف على سنة وفاته تحديداً إلّا أنّه من خلال شيوخه يتضح أنّه من طبقة الهروي المتقدّم، فقد روى عن قتيبة بن سعيد المتوفّى (240هـ).
فيبقى الحسين بن إدريس مجهولاً لم نقف عليه.
أمّا هاشم بن هاشم، فهو هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، ثقة، وثّقه ابن معين، والنسائي، والعجلي، وذكره ابن حبّان في الثقات[70]، وقال أحمد والبزار: «ليس به بأس»[71]، كما انتهى إلى وثاقته الذهبي[72]، وابن حجر[73].
وأُمّه لم نقف لها على ترجمة.
فاتضح أنّ هذا السند ضعيف؛ لجهالة عدّة من الرواة.
لكن عرفنا فيما سبق أنّ السند لأُمّ سلمة صحيح؛ فيكون هذا الطريق شاهداً آخر على صحة الواقعة.
ج ـ رواية حبيب بن أبي ثابت عن أُمّ سلمة
أخرجها الطبراني، قال: «حدّثنا القاسم بن عبّاد الخطابي، ثنا سويد بن سعيد، ثنا عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: قالت أُمّ سلمة: ما سمعت نوح الجنّ منذُ قُبض النبي (صلّى الله عليه وسلّم) إلّا الليلة، وما أرى ابني إلّا قد قُتل ـ تعني الحسين (رضي الله عنه) ـ فقالت لجاريتها: أخرجي فسلي، فأخبرت أنّه قد قُتل، وإذا جنيّة تنوح:
أَلا يا عين فاحتفلي بجهد |
|
ومَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متحيّر في ملك عبد»[74]. |
وأخرجها ابن عساكر، وابن العديم، من طريق الطبراني بالسند واللفظ المذكور[75].
وأخرجها الخوارزمي من طريق أبي نعيم، عن الطبراني بنحو ما تقدّم[76]، وكذلك أخرجها الكنجي الشافعي[77].
وأوردها الطبري من دون ذكر الأبيات الشعرية، وقال بعده: «خرّجه الملا في سيرته»[78].
وأخرجها ابن أبي الدنيا بنوع من الاختصار، قال: «حدّثني سويد بن سعيد، ثنا عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما سمعت نوح الجنّ على أحد منذُ قُبض النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، حتّى قُبض الحسين، فسمعت جنيّة تنوح، تقول:
أَلا يا عين فاحتفلي بجهد |
|
ومَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متجبـر في مـلك عبـد»[79]. |
عبّاد، فلم نقف له على توثيق أو تجريح، لكن رواية الطبراني عنه مع جملة من الثقات توجب القول بحسن حديث الرجل على أقل تقدير.
وكيفما كان فهو متابع، فقد رواها ابن أبي الدنيا مباشرةً عن سويد بن سعيد، وابن أبي الدنيا محدّث ثقة معروف.
أمّا سويد بن سعيد، ففيه كلام كثير بين التوثيق والتضعيف، وقد بسطنا القول فيه في كتابنا دراسة في حديث السفينة، وانتهينا إلى أنّه صدوق في نفسه، وغاية ما أُخذ عليه هو التدليس، والتلقين، وحيث إنّه صرّح هنا بالتحديث فقد أمنّا تدليسه، وأمّا التلقين فالظاهر من الجمع بين كلماتهم إنّه ربّما لقّن في آخر عمره، وهذا الاحتمال البسيط لا يوجب طرح روايات الرجل مع كثرتها، خصوصاً أنّه من رجال مسلم[80].
وعمرو بن ثابت، فقد تقدّم أنّ فيه كلاماً كثيراً، لكن لا يبعد كونه حسن الحديث.
وحبيب بن أبي ثابت، لا كلام في وثاقته إلّا أنّه متّهم بالتدليس، قال ابن حجر: «ثقة، فقيه، جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس»[81].
وحيث إنّ حبيب من الأئمّة الحفّاظ المعروفين، فقد اختُلف في قبول روايته المعنعنة، فبعضهم قَبِلَها وبعضهم ردّها، إلّا أنّه في المقام روى عن أُمّ سلمة، وقد صرّحوا بأنّه لم يسمع منها، فقد ذكر المزي أنّه روى عن أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين، ولم يسمع منها[82].
وقال أبو زرعة: «لم يسمع من أُمّ سلمة»[83].
والخلاصة: إنّ رجال السند كلّهم فيهم كلام، وهو بهذا السياق منقطع؛ إذ لم نعرف الواسطة بين حبيب وبين أُمّ سلمة، وحيث إنّ الحديث ورد بطريق أصحّ من هذا كما تقدّم، فيمكن حينئذٍ التمسّك بأصل قضية سماع أُمّ سلمة لنوح الجنّ، أمّا التفصيلات الأُخرى التي وردت في هذا المتن فلا يمكن الركون إليها.
تنافي هذه الرواية مع رواية احمرار التربة
قد تقدّم سابقاً أنّ أُمّ سلمة كانت تترقب التربة، وحينما رأتها تحوّلت دماً عرفت أنّ الحسين قد قُتل، فصرخت وبكت واجتمع في بيتها أهل المدينة، بينما في هذا الخبر تكون قد عرفت من خلال سماع نوح الجن!
نعم، لو اقتصرنا على رواية ابن أبي الدنيا، فلا يوجد تنافي بينها وبين رواية التربة؛ لأنّ رواية ابن أبي الدنيا لا يُستفاد منها أنّ أُمّ سلمة علمت بالحادثة من خلال سماع الجنّ، بل إنّها ما سمعت الجنّ إلّا حين قُتل الحسين(عليه السلام)، لكنّها بلفظها عند الطبراني تُفيد أنّ أُمّ سلمة أمرت جاريتها بالخروج والاستعلام، وعادت فأخبرتها بقتل الحسين(عليه السلام)، فهي صريحة بمنافاتها لرواية التربة، وما يهوّن الخطب أنّ الرواية بهذا اللفظ ضعيفة السند لا يمكن التعويل عليها والوثوق بتفاصيلها.
كما أنّه تقدّم في الروايات الشيعية ما يشبه هذه الرواية من أُمّ سلمة، إلّا أنّها قابلة للتأويل أيضاً، ويمكن الجمع بينها وبين رواية التربة جمعاً زمنيّاً، كأنْ تكون سمعت نوح الجنّ، ثمّ رأت التربة كما تقدّم سابقاً، فيبقى التعارض الوحيد الذي لا يمكن جمعه مع رواية التربة، إنّما هو في لفظ الطبراني لا غير.
على أنّ الرواية الواردة عند الشيعة هي أيضاً عن حبيب بن أبي ثابت، عن أُمّ سلمة، وهذا يعني أنّ هناك اضطراباً ما في متن الرواية، فاختلفت ألفاظها اختلافاً مخلاً عند السنّة أنفسهم، كما اختلفت ألفاظها بين السنّة والشيعة، مع أنّها رواية واحدة، وهذا ما يدعو إلى التمسّك بأصل قضية نوح وبكاء الجنّ الوارد في هذه الرواية، وترك ما عداها من تفاصيل؛ لأنّها مشوشة مضطربة، والله تعالى أعلم.
د ـ رواية عمر بن أبي سلمة عن أُمّ سلمة
وقد تقدّمت سابقاً في تحوّل التراب إلى دم، وجاء في آخرها: «فلمّا كان ليلة قتل الحسين(عليه السلام)، قالت أُمّ سلمة: سمعت قائلاً يقول:
أيّها القاتلون جهلاً حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داوُد |
|
وموسى وصاحب الإنجيل. |
قالت: فبكيت، قالت: ففتحت القارورة فإذا قد حدث فيها دم»[84].
وقد عرفنا أنّ هذا الحديث جيّد الإسناد، غير أنّه يمكن لقائل أنْ يقول إنّ هذا الخبر غير واضح في نوح الجنّ؛ إذ لم يرد ذكر الجنّ فيه.
فنقول: إنّه بقرينة رواية هشام المتقدّمة، نستفيد أنّ الذي سمعته أُمّ سلمة هو نوح الجنّ؛ لأنّه في تلك الرواية صرّحت بسماع الجنّ وجاءت بنفس الأبيات الشعرية.
هـ ـ مرسلة الطبري عن أُمّ سلمة
أوردها الطبري في ذخائره، قال: «عن أُمّ سلمة، قالت: لمّا قُتل الحسين ناحت عليه الجنّ، ومُطرنا دماً. [وأضاف:] خرّجه ابن السُّرّى»[85].
لكنّنا لم نعثر على كتاب ابن السُّرّي، وعلى سند الخبر من مصدر آخر، فيكون الخبر مرسلاً من دون سند.
و ـ مرسلة سبط ابن الجوزي عن الزهري عن أُمّ سلمة
أوردها سبط ابن الجوزي، قال: «حكى الزهري، عن أُمّ سلمة، أنّها قالت: ما سمعت نواح الجنّ إلّا في الليلة التي قُتل فيها الحسين، سمعت قائلاً يقول:
أَلا يا عين فاختلفي بجهد |
|
ومَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهم المنايا |
|
إلى متجبر في ثوب عبد |
قالت: فعلمت أنُه قد قُتل الحسين»[86].
وهذه الرواية ضعيفة بالإرسال.
اتّضح أنّ الخبر ورد من طرق عدّة عن أُمّ سلمة، أحدها: صحيح بلا شائبة؛ لوثاقة رجاله، ولوروده من وجوه عديدة عن عمّار بن أبي عمّار. وأمّا الأخير: فهو مرسل. وأمّا الخبران الآخران: ففي سندهما كلام، فيصلحان لأنْ يتقوّى بهما الحديث. وأمّا الرواية الأُخرى المتقدّمة سابقاً، وهي رواية عمرو بن أبي سلمة: فهي جيدة الإسناد.
أخرجها الضحّاك، قال: «حدّثنا إبراهيم بن حجاج، نا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن ميمونة، قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين (رضي الله تعالى عنه)»[87].
وأخرجها أبو نعيم من طريقه، قال: «حدّثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم، ثنا إبراهيم بن الحجاج،...»[88].
وأخرجها الطبراني من طريق إبراهيم أيضاً، قال: «حدّثنا عبد الله، ثنا إبراهيم بن الحجاج،...»[89].
إبراهيم بن الحجاج ثقة، وثّقه الدارقطني[90]، وذكره ابن حبّان في الثقات[91]، وقال بوثاقته كلّ من الهيثمي[92]، والألباني[93]، وقال ابن حجر: «ثقة، يهم قليلاً»[94].
وحمّاد وعمّار تقدّم الكلام فيهما وأنّهما ثقات.
اتّضح إذن أنّ هذا السند صحيح؛ ولذا قال فيه الهيثمي: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح»[95].
ولها عنه طرق:
الطريق الأوّل: رواية الأودي عنه
أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا سريج بن يونس، ثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبّار، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأزدي، عن أبي جناب، قال: سُمع من الجنّ ـ يبكون على الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ـ:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عُليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[96]. |
وأخرجه الآجري في الشريعة، قال: «وأخبرنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا، قال: حدّثنا الحسن بن عرفة، قال: حدّثنا أبو حفص الأبّار، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي، عن أبي جناب الكلبي، قال: لمّا قُتل الحسين بن علي (رضي الله عنهما)، ناحت عليه الجنّ، فحُفظ من قولهم:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عُليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[97]. |
رجال السند
من الواضح أنّ هذا الطريق يدور على أبي حفص الأبّار ومَن بعده.
والسند إلى الأبّار صحيح، فقد رواه الطبراني، عن الحضرمي، عن سريج، والحضرمي هو المعروف بـ مطيّن، من الحفّاظ الثقات[98].
وسريج بن يونس، ثقة عابد[99].
ورواه الآجري، عن علي بن إسحاق بن زاطيا، عن الحسن بن عرفة، وابن زاطيا محدّث معروف، روى عنه ثُلّة من العلماء، وقال ابن السني: «لا بأس به»[100].
وقال السمعاني: «كان صدوقاً»[101].
والحسن بن عرفة ثقة[102].
فالسند إلى الأبّار صحيح ورد من وجهين.
أمّا الأبّار عمر بن عبد الرحمن، فهو حافظ ثقة، وثّقه ابن معين، والدارقطني، وغيرهم[103]، وقال النسائي: «لا بأس به»[104]. وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: «صدوق»[105]. وقال أحمد: «ماكان به بأس»[106].
وإسماعيل بن عبد الرحمن، هو الأودي كما في الشريعة للآجري، ويبدو أنّه صُحّف عند الطبراني وورد بلفظ الأزدي؛ إذ بعد التتبع لم نعثر على راوٍ باسم إسماعيل بن عبد الرحمن ويلقّب بالأزدي، كما وجدنا أنّ الذي يروي عنه الأبّار إنّما هو الأودي لا الأزدي.
نعم، نقل النباتي أنّ ابن عدي نسبه أزدياً، والأزدي نسبه أسدياً، قال: ولعلّ أحدهما صُحّف. قال ابن حجر: «إذا قرأت الأسْدي بسكون السين انتفى التصحيف»[107].
غير أنّ الموجود في كامل ابن عدي المطبوع هو الأودي لا الأزدي، وكيفما كان، فسواء لُقّب بالأزدي أم لا، فإنّ المراد منه هو الأودي لا راوٍ آخر غيره.
والأودي هذا، ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال فيه يحيى بن معين: «شيخ كوفي، يروى عنه أبو حفص الأبّار»[108].
ولم أرَ له تضعيفاً يُعتدّ به، فكلّ ما عندهم أنّه عرف بحديث الحمّامات، وليس له سواه، والمراد من حديث الحمّامات، هو ما رواه الطبراني ـ واللفظ له ـ وغيره بسندهم إلى الأودي: «عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي، أنّه قال: أوّل مَن صُنعت له النورة ودخل الحمّام سليمان بن داوُد، فلمّا دخله ووجد حرّه وغمّه، قال: أوه من عذاب الله، أوه أوه قبل أن لا ينفع أوه»[109].
وقال البخاري بعد أنْ ذكر أنّ له حديث الحمّامات: «لا يُتابع عليه»[110].
وقال العقيلي: «لا يتابع على حديثه، ولا يُعرف إلّا به»[111].
فمن الواضح إذن أنّه لا مستند لهم في التضعيف سوى تفرّده بهذا الحديث، لكن متن الحديث ليس فيه نكارة معيّنة، بل هو المناسب لحال الأنبياء، فإنّهم حين يشعرون بالحرّ والغمّ والكرب يتذكرون عذاب الله في ذلك اليوم.
ثمّ إنّ ابن عدي ذكر أنّه عثر على حديث آخر للأودي هذا، وهو عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، قال: «إذا لقي المؤمن المؤمن كان كهيئة البناء، يشدّ بعضه بعضاً»[112].
وهذا الحديث أيضاً متنه مقبول ولا شائبه فيه.
فمع تصريح ابن معين أنّه شيخ، وذكْرُ ابن حبّان له في الثقات، فلا يبعد أنْ يكون صدوقاً حسن الحديث، خصوصاً أنّ الحديث محلّ الكلام ـ وهو نوح الجنّ ـ قد ورد بطرق متعددة، وعرفنا أنّه صحّ عن أُمّ سلمة.
نعم، بقي أنْ نذكر أنّ الأزدي، قال عنه: «منكر الحديث»[113].
لكن تقدّم في ترجمة هلال بن ذكوان أنّ الأزدي بنفسه ضعيف، مضافاً إلى أنّه متعنّت في الجرح والتعديل، فلا يُؤخذ بكلامه، ونضيف هنا أنّ الأودي معروف برواية واحدة، وعثر له ابن عدي على رواية ثانية، ولا يوجد في متنيهما ما يُقدح به، فكيف عرف الأزدي أنّه منكر الحديث، مع أنّ الحكم بكون الراوي منكر الحديث يحتاج إلى تتبع شديد والوقوف على روايات كثيرة منكرة؛ بحيث يصحّ وصف الراوي على ضوئها أنّه منكر الحديث.
أمّا أبو جناب الكلبي، فقد اختلفت فيه الكلمات، فبعضهم وثّقه، وبعضهم قال: صدوق، وبعضهم قال: لا بأس به، وبعضهم قال بضعفه، مع تصريح الكثير منهم بأنّه كان يُدلّس، بل اختلفت كلمات العالم الواحد فيه، كابن معين، فتارةً قال: صدوق، وأُخرى: لا بأس به، وثالثة: ضعيف.
ويبدو من مجموع الكلمات أنّ منشأ تضعيفه هو شدّة تدليسه، وإلّا فالجمع يقضي أنّ الرجل صدوق في ذاته؛ لذا فإنّ ابن زرعة ـ وهو من المعتدلين في الجرح والتعديل ـ قال: «صدوق، غير أنّه كان يدلّس». وقال ابن نمير: «صدوق، كان صاحب تدليس، أفسد حديثه بالتدليس، كان يُحدّث بما لم يسمع». وقال يزيد بن هارون: «كان صدوقاً، يدلس». وقال أبو نعيم: «ثقة يدلس»[114]. وقال العجلي: «يحيى بن أبي حيّة، كان يُدلّس لا بأس به»[115].
وهكذا فإنّ النظر في الكلمات المختلفة التي قيلت في الرجل والجمع بينها، تُنبِئُك بأنّ الرجل في نفسه صدوق؛ ولذا فإنّ ابن حجر أوضح مستند المضعّفين، فقال: «ضعّفوه؛ لكثرة تدليسه»[116].
تبيّن أنّ هذا السند لا بأس به، غير أنّ أبا جناب مُدلّس، وهو غير ضارٍ هنا، فهو لم يُحدّث عن أحد حتى نحتمل سقوط واسطة بسبب التدليس، بل صدق القول وأوضح كما في رواية الطبراني أنّه سُمع من الجنّ، ولم يُبيّن السامع، لكن تبقى الرواية ضعيفة؛ لجهالة الشخص الذي سمع نوح الجنّ في هذه الرواية.
وسيأتي في الروايات اللاحقة أنّ أبا جناب سمعه من عدّة أشخاص.
قال عمر بن شبة: «حدّثني عبيد بن جناد، قال: حدّثنا عطاء بن مسلم، عن أبي جناب الكلبي، قال: أتيت كربلاء، فقلت لرجل من أشراف العرب بها: بلغني أنّكم تسمعون نوح الجنّ. قال: ما تلقي حُرّاً ولا عبداً إلّا أخبرك أنّه سمع ذلك. قلت: فأخبرني ما سمعت أنت؟ قال: سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عُليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[117]. |
وأخرجه أحمد بن يحيى المعروف بـ (ثعلب) في مجالسه، من طريق عمر بن شبّة[118].
ومن طريقه أخرجه ابن عساكر[119].
وأورده الذهبي، والسيوطي، وغيرهم[120].
أمّا عبيد بن جناد، فقال فيه أبو حاتم: «صدوق، لم أكتب عنه»[121].
وذكره ابن حبّان في الثقات[122].
وقال الهيثمي: «ثقة»[123].
وأمّا عطاء بن مسلم، ففيه خلاف، فقد وثّقه جماعة، منهم: يحيى بن معين[124]، ووكيع، والفضل بن موسى[125]، والعجلي[126]، وغيرهم، وضعّفه بعضهم كأبي داوُد[127]. وعن إسحاق بن موسى، قال: «حدّثنا أبو داوُد، قال: قدِم عليهم عطاء بن مسلم الخفّاف بغداد، ففرّط أصحابنا فيه، وكان ثقة»[128].
والظاهر أنّه من الصلحاء، وغاية ما أُخذ عليه الوهم والخطأ في الحديث؛ ذلك أنّه دفن كتبه وصار يُحدّث من حفظه فيَهِم ويخطأ[129]. فهو ثقة وله أخطاء، فينزل إلى مرتبة الصدوق، فالأقوى حينئذٍ أنّه صدوق حسن الحديث؛ ولذا قال فيه الهيثمي: «وهو ثقة، وفيه ضعف»[130]. إلّا أنّ ابن حجر قال فيه: «صدوق، يُخطئ كثيراً»[131]. فأقلّ حالاته أنْ يكون صالحاً في المتابعات والشواهد.
وحيث إنّه لم ينفرد بالنقل عن أبي جناب، فقد تابعه الأودي كما تقدّم، فلا يضرّ حينئذٍ سواء حكمنا بحسن حديثه أو صلاحيته في المتابعات، فالسند إلى أبي جناب تام على كلّ حال.
وأمّا أبو جناب، فقد تقدّم فيه الكلام سابقاً، وهو مُدلّس، لكنّه هنا لم يعنعن (أي: لم يقل: عن فلان) حتّى نحتمل سقوط واسطة، بل صرّح بأنّه سمع ذلك من أحد أشراف العرب.
والخلاصة: إنّ ما يُعاب على هذا الطريق، هو أنّ أبا جناب سمعه من شخص من أشراف العرب ولم يسمّه، وإنْ كان في قوله: من أشراف العرب مدح لمقام الرجل ومكانته.
خلاصة الحكم على رواية أبي جناب
اتّضح أنّ هذا السند جيّد، لكن أبا جناب لم يسمع نوح الجنّ بنفسه، فتارةً بناه للمجهول، وأُخرى سمع ذلك من أحد أشراف العرب، فيبقى السامع مجهولاً، إلّا أنّ أصل الحادثة منجبرة بصحة سماع أُمّ سلمة لنوح الجنّ، وسيأتي أيضاً عدّة من الأخبار تؤكد ذلك.
ولها طرق، منها:
الأوّل: خبر أبي جناب عن الجصّاصين
وقد روي عنه من وجوه:
أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا جندل بن والق، ثنا عبد الله بن الطفيل، عن أبي زيد الفقيمي، عن أبي جناب الكلبي، حدّثني الجصّاصون[132]، قالوا: كنّا إذا خرجنا إلى الجبانة عند مقتل الحسين (رضي الله عنه) سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون:
مسح الرسول جبينة |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[133]. |
وأخرجه من طريقه أبو نعيم[134] والكنجي الشافعي[135].
وأخرجه الخوارزمي بسنده إلى ابن أبي شيبة، وذكره[136].
أمّا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ففيه كلام، فالظاهر أنّ الرجل صحيح أو حسن الحديث؛ لذا قال الهيثمي: «ثقة، وقد ضعّفه غير واحد»[137].
وصحّح له الحاكم، وكذا الذهبي[138].
وعلّق ابن كثير على إسناد فيه محمّد هذا فقال: «إسناده جيّد حسن»[139]، وعلّق على آخر فيه محمّد هذا عن أحمد بن طارق قائلاً: «هذا إسناد لا بأس به، لكنّي لا أعرف حال أحمد بن طارق»[140]. فابن كثير يرى محمّد بن عثمان حسن وجيّد الحديث.
وصحّح وجوّد له الحافظ ابن حجر العسقلاني[141].
وقال الألباني: «فيه كلام، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إن شاء الله»[142].
وقال: «حققت القول فيه في مقدمتي على كتابه (مسائل ابن أبي شيبة عن شيوخه)، وانتهيت فيها إلى أنّه حافظ لا بأس به»[143].
جندل بن والق، حسن الحديث في أقلّ أحواله، قال فيه أبو حاتم: «صدوق»[144]، وقال العجلي: «كوفي لا بأس به»[145]، وذكره ابن حبّان في الثقات[146]، وقال البزار في كتاب السنن: «ليس بالقوي»[147]، وقال الهيثمي: «ثقة»[148]، وقال ابن حجر: «صدوق يغلط ويصحف»[149]، وقال الألباني: هو «وسط حسن الحديث» [150]، وقال الأرنؤوط وبشّار عواد: «هو عندنا حسن الحديث»[151].
وعبد الله بن الطفيل، لم أعثر على شخص بهذا الاسم يتناسب مع هذه الطبقة، وبعد البحث الطويل قويَ عندي أنّ هناك خطأٌ وقع في النسخ، وأنّ الراوي هو الابن، وهو زياد بن عبد الله بن الطفيل، وزياد هذا من شيوخ جندل بن والق كما في هذه الرواية.
وزياد هذا فيه كلام كثير، والأقوى أنّه صدوق حسن الحديث، وقد حسّن له الألباني في صحيحته[152]، وحسّن له شعيب الأرنؤوط، وقال فيه: «روى له البخاري حديثاً واحداً مقروناً بغيره، واحتجّ به مسلم، وفيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح»[153]، وصحّح له حمزة أحمد الزين[154].
وأمّا أبو زيد الفقيمي، فقد تتبّعنا كثيراً ولم نجد راوياً بهذا الاسم، والظاهر أنّه مصحّف من أبي زياد الفقيمي، وهذا ما يدلّ عليه خبر الآجري والشجري في الطريق الثاني، حيث أورداه عن أبي زياد الفقيمي عن أبي جناب.
وأبو زياد الفقيمي، قال عنه أبو حاتم: «شيخ لا بأس به»[155].
وأبو جناب الكلبي، مرّت ترجمته، وعرفنا أنّ غاية ما أُخذ عليه هو التدليس، وهو هنا حدّث عن الجصّاصين، ولم ينقل الخبر بلفظ (عن) فيكون خبره مقبولاً.
أمّا الجصّاصون فلم يذكر أحد منهم بعينه حتى نعرفه، نعم في لفظ الجمع دلالة على القوّة؛ إذ من البعيد أن يجتمع جماعة على تلفيق هذه الحادثة ونقلها.
أخرجه الآجري، قال: «حدّثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب الرواجني: قال: أخبرنا أبو زياد الفقيمي، عن أبي جناب الكلبي قال: كان الجصّاصون يبرزون إلى الجبانة حين قُتِل الحسين بن علي (رضي الله عنهما) فيسمعون نوح الجنّ وهم يقولون:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
جدّه خير الجدود»[156]. |
وأخرجه الشجري بسنده إلى عباد، قال: «حدّثنا أبو زياد القتيبي[157]، عن أبي حيان الكلبي[158]، قال كان الجصّاصون يخرجون إلى الجبانة حين قُتِل الحسين بن علي(عليها السلام)، فسمعوا نواح الجنّ وفيهم جنّية تقول:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريـ |
|
ـش جدّه خير الجدود»[159]. |
وأخرجه مرّة أُخرى بطريق آخر إلى عباد بلفظ قريب من ذلك[160].
أبو بكر بن أبي داود، هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث، فيه كلام، لكنّ العلماء انتهوا إلى وثاقته، قال الذهبي: «الحافظ الثقة، صاحب التصانيف...»، وختم قائلاً: «وما ذكرته إلّا لأنزهه»[161].
وعبّاد بن يعقوب الرواجني، يدور أمره بين كونه ثقة أو صدوق، وغاية ما أخذ عليه أنّه رافضي!! والذي عليه التحقيق أنّ المذهب لا دخالة له في الجرح والتعديل، وأنّ المناط هو صدق اللهجة؛ ولذا قال أبو حاتم الرازي فيه: «هو شيخ ثقة»[162]. وقال المزي: «قال الحاكم أبو عبد الله: كان أبو بكر بن خزيمة يقول: حدّثنا الثقة في روايته، المتّهم في دينه عباد بن يعقوب»[163].
وقال الذهبي: «الشيخ العالم الصدوق...»[164]. وقال: «من غلاة الشيعة ورؤوس البدع، لكنّه صادق في الحديث»[165]. وقال ابن حجر: «صدوق رافضي»[166].
وأبو زياد الفقيمي، تقدّم أنّه شيخ لا بأس به.
وأبو جناب، مدلّس.
خلاصة الحكم السَنَدي على الطريقين المتقدِّمين
تلخّص أنّ الطريقين إلى أبي جناب لا بأس بهما فضلاً عن تعاضدهما، لكن تبقى المشكلة فيمَن حدّث عنهم أبي جناب وهم الجصّاصون؛ إذ لا معرفة بحال أحدهم كما تقدّم.
أخرجه ابن أبي الدنيا، قال: حدّثني أبو عبد الله التيمي، قال: حدّثنا عليّ بن عبد الحميد الشيباني، عن أبي يزيد الفقيمي، قال: «كان الجصّاصون إذا خرجوا في السحر سمعوا نوح الجنّ على الحسين:
مسح الرسولُ جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
جدّه خير الجدود |
قال فأجبتهم:
ومن طريقه ابن عساكر[169].
أبو عبد الله التيمي، هو محمّد بن خلف بن صالح التيمي، قال فيه ابن أبي حاتم: «سمعت منه بالكوفة وهو صدوق»[170].
وعليّ بن عبد الحميد بن مصعب الأزدي الشيباني، وثّقه أبو حاتم وأبو زرعة والعجلي[171] وذكره ابن حبّان في الثقات[172]، وقال ابن حجر: «ثقة»[173].
وأبو يزيد الفقيمي، تقدّم الكلام فيه وعرفنا أنّه أبو زياد الفقيمي، ولا بأس به.
والخلاصة أنّ هذا الطريق إلى أبي جناب جيّد.
أخرجه ابن العديم بسنده، قال: «أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء ـ إجازةً لي ـ قال: أنبأنا أبو إسحاق الحبال وست الموفق خديجة المرابطة. قال أبو إسحاق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ـ قراءة عليه وأنا أسمع ـ قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، قراءة عليه . وقالت خديجة: قُرِئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار ـ وأنا شاهدة أسمع ـ قال: أخبرني جدّي أبو الحسن عليّ بن الحسين، قالا: أخبرنا محمود يعني ابن محمّد الأديب قال: حدّثنا الحنفي، قال: حدّثنا صلت بن مسعود عن سيفان، قال: أخبرنا أبو جناب، قال: حدّثنا الجصّاصون أنّهم سمعوا الجنّ تنوح على الحسين (رضي الله عنه):
مسح النبيّ جبينه |
|
فله بياض في الخدود |
أبواه من عليا معد |
|
جدّه خير الجدود»[174]. |
خلاصة الحكم السَنَدي على هذا الخبر
وبعد أنْ عرفنا أنّ الطريق إلى أبي جناب معتبر ومتعاضد، من وجوه تقدّمت، فسيكون هذا الوجه مقويّاً ومؤكِّداً صحّة الطريق إلى أبي جناب، ولا نرى ضرورة إلى دراسة رجاله.
نعم فقط نشير إلى أنّ هذا الطريق لم يكن عن أبي زياد الفقيمي عن أبي جناب، بل عن صلت بن مسعود عن سيفان عن أبي جناب، وصلت بن مسعود ثقة فيه كلام يسير جدّا[175]، لكنّ (سيفان) كما ورد في النسخة المطبوعة التي بأيدينا، لم نعثر عليه بهذا الاسم، والظاهر أنّه تصحيف من (سفيان)، فإنّ صلت بن مسعود روى عن سفيان بن عيينة وعن سفيان بن موسى البصري، وسفيان بن عيينة ثقة معروف، وسفيان بن موسى البصري من رجال مسلم، ووثّقه الدارقطني، وذكره ابن حبّان في الثقات[176]، وقال الذهبي وابن حجر: «صدوق»[177].
وبالنظر لتلامذة أبي جناب سنلاحظ أنّ ممّن روى عنه هم: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري[178]، ممّا يعطي احتمالاً كبيراً بأنّ المراد في هذه الرواية هو سفيان بن عيينة.
والغرض أنّ هذا طريق آخر إلى أبي جناب، وفيه متابعة إلى أبي زياد الفقيمي، من سفيان؛ ممّا يعني أنّ الطريق إلى أبي جناب ثابت وصحيح.
الثاني: خبر عمرو بن ثابت عن الجصّاصين
أخرجه ابن أبي الدنيا، قال: «حدّثنا منذر بن عمار الكاهلي أنا عمرو بن أبي المقدام أنا الجصّاصون أنّهم كانوا يسمعون نوح الجنّ على الحسين (رحمة الله عليه):
مسح النبيّ جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
وجدّه خير الجدود»[179]. |
رجال السند
أمّا منذر بن عمّار الكاهلي، فهو حسان بن أبي الأشرس، وثّقه النسائي[180]، وذكره ابن حبّان في الثقات[181]، وقال الذهبي: «ثقة»[182].
وعمرو بن أبي المقدام، تقدّم أنّه صدوق حسن الحديث.
فالخبر إلى الجصّاصين حسن بهذا السند.
الثالث: خبر أبي سعيد الثعلبي عن الجصّاصين
أخرجه محمّد بن سليمان الكوفي، قال: «[حدثنا] محمد بن عبيد الله بن نوفل، قال: حدّثنا [...] وأبو [سعيد] الثعلبي، قال: كان الجصّاصون يسمعون نوح الجنّ على الحسين بن علي:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
جدّه خير الجدود |
زحفوا إليه جميعهم |
|
زحفاً وهم شرّ الجنود |
قال: فزاد فيه الذي رواه [لنا]:
قتلوا هناك ابن النبي |
|
فأدخلوا نار الخلود»[183]. |
رجال السند
أمّا محمّد بن عبيد الله بن نوفل، فقد أورده المزي ضمن مَن روى عن عبيد بن يعيش[184]، لكن ورد في سنن الدارقطني والبيهقي بعنوان: (محمّد بن عبد الله) وليس (عبيد الله)[185]، وقد وثّقه الدارقطني بقوله: «رواته كلّهم ثقات»[186]، وتبعه على ذلك البيهقي، قال: «قال علي [يعني الدارقطني]: رواته كلّهم ثقات»[187].
كما ورد بهذا العنوان وهو يروي عن عبيد بن يعيش في عدّة من الروايات[188].
ولم يذكر في الخبر مَن هو شيخ محمّد هذا، إذ ورد فراغ في الأصل.
وأبو سعيد الثعلبي، هو محمّد بن أسعد، أبو سعيد التغلبي، والظاهر أنّ وروده بعنوان الثعلبي هو تصحيف.
والتغلبي هذا، قال فيه أبو زرعة، والعقيلي: «منكر الحديث»، وأورده ابن حبّان في الثقات، وروى عنه عدّة من الثقات[189]، فحديثه ينفع في المتابعات والشواهد؛ ولذا قال ابن حجر عنه: «ليّن»[190].
والخلاصة أنّ السند ضعيف لسقوط أحد رواته من السند، والكلام في التغلبي.
أخرجه الشجري، قال: «قال فضيل بن الزبير: وحدّثني ناجية العطار، قـال: كان الجصّاصون في هذا الظهر يسمعون نواح الجنّ على الحسين بن علي(عليها السلام):
مسح النبيّ جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
جدّه خير الجدود |
زحفوا إليه بجمعهم |
|
وأولئكم شرّ الجنود |
قتلوا تقياً زكيا |
|
لا أُسكنوا دار الخلود»[191]. |
وسند الشجري إلى فضيل بن زبير، ذكره في الخبر السابق، وهو كالآتي:
«أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبد الله[192] بن الحسن البطحاني، بقراءتي عليه بالكوفة، قال: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي ـ قراءةً ـ قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرني الحسن بن جعفر التميمي ـ قراءةً ـ قال: حدّثني عمّي طاهر بن مدرار، قال: حدّثني فضيل بن الزبير...»[193].
هذا السند محكوم بالضعف، ولا أقل من ذلك جهالة الراوي المباشر الذي روى عن الجصاصين، وهو ناجية العطار، كما أنّ الحسن بن جعفر وعمّه طاهر بن مدرار ليس لهما ترجمة في كتب أهل السنّة، وهناك محاولة لتقوية حالهما بناء على سكوت الدارقطني عنهما وإعلاله بعض الأسانيد بغيرهما.
وسيأتي ذكر هذا السند إلى فضيل بن الزبير بعينه في الحديث الثامن وهو خبر زيد بن علي وجماعة، وسنتكلّم هناك عن السند بتفصيل أكثر.
وخلاصة الحكم على هذا السند أنّه ضعيف بجهالة ناجية العطار وربّما غيره على ما سيتّضح، ويمكن القبول به بناءً على الاحتجاج بالرواة المجهولين، لكن الخبر على كلّ حال يُعتبر شاهداً قويّاً على صحّة الخبر.
خلاصةخبر الجصّاصين
تبيّن أنّ لهذا الخبر عدّة طرق، فقد رواه عن الجصاصين عمرو بن ثابت، وأبو جناب الكلبي، وأبو سعيد التغلبي، وناجية العطار، وعن أبي جناب وجوه عدّة، فالخبر ثابت عن الجصّاصين، لكن تبقى كلّ المشكلة في الاعتماد على خبرهم، ولم نتمكّن من التعرّف على أيٍّ منهم، إلّا ـ اللّهم ـ كما ذكرنا سابقاً بأنّ الجمع يعطي للخبر قوّة أكثر.
وكيفما كان فإنّ هذا الخبر يزيد خبر أُمّ سلمة وميمونة قوّةً في أنّ الجنّ كانت تنوح وتبكي على الحسين.
أخرجها الآجري، قال: «حدّثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، قال: حدّثنا هشام بن خالد الأزرق، قال: حدّثنا خالد بن يزيد، قال: حدّثنا أبو جناب، عن يحيى الهمداني، قال: خرجت في ليلة مقمرة من منزلي لقضاء حاجة في الجبانة، فإذا بنساء عليهن ثياب بيض وبأيديهن عمائم، وهن يبكين وينحن، قال: فحفظت من قولهن:
يا عين جودي ولا تجمدي |
|
على الهالك السيد |
بالشام أمسى صريعاً فقد |
|
رزي الغداة بأمر بَدِي |
قال: ثمّ ذهبن فما رأيتهن، قال: فأتيت منزلي، فأيقظت أهلي، ثمّ دعوت بلوح فكتبت هذه الأبيات فيه لئلّا أنساها، فلمّا أصبحت حدّثت بها. قال: فوالله، ما أقمت إلّا تسعة أيام، حتّى جاء نعي الحسين (رضي الله عنه)»[194].
أمّا جعفر بن أحمد بن عاصم، فقد وثّقه الدارقطني[195].
وهشام بن خالد الأزرق، ثقة، قال عنه أبو حاتم: «صدوق»[196]، وهو من المتشدّدين في الجرح والتعديل، وروى عنه جملة كثيرة من الثقات، وبعضهم ممّن لا يروي إلّا عن ثقة، وصرّح بوثاقته جملة من العلماء[197]، وقال الذهبي: «ثقة مفتٍ»[198].
وخالد بن يزيد، إمّا أنْ يكون خالد بن يزيد بن أبي مالك، أو خالد بن يزيد بن صبيح المري، فكلاهما من شيوخ خالد بن يزيد، ولم يتبيّن لي بعد البحث والتتبّع مَن هو المراد في هذه الرواية؛ إذ لم أعثر في شيوخ أيٍّ منهما على أبي جناب، ولم أعثر في تلاميذ أبي جناب على أيٍّ منهما.
فإنْ كان المراد هو الثاني ـ وهو خالد بن يزيد بن صبيح المري ـ فهو ثقة[199].
وإنْ كان الأوّل وهوخالد بن يزيد بن أبي مالك، فقد كان من الفقهاء إلّا أنّه محلّ خلاف، فقد وثّقه أبو زرعة وأحمد بن صالح المصري والعجلي، وضعّفه غيرهم كالنسائي والدارقطني وابن معين[200]، وصحّح له الحاكم في المستدرك[201]، وقال ابن شاهين: «ثقة صادق، قاله عثمان بن أبي شيبة»[202]. وقال فيه ابن حجر: «ضعيف مع كونه كان فقيهاً وقد اتّهمه ابن معين»[203].
والخلاصة أنّ الرجل محلُّ خلاف، فإنْ لم يكن حديثه حسناً، فلا أقلّ من صلاحيته في الشواهد والمتابعات، فيصلح أنْ يكون قرينة قويّة على أصل حادثة نَوح الجنّ على الحسين(عليه السلام).
وأبو جناب تقدّم أنّه صدوق في نفسه غير أنّه مدلس.
ويحيى الهمداني، لم أقف على المراد منه.
والخلاصة أنّ الرواية بهذا السند ضعيفة، تصلح شاهداً تتقوّى بها الطرق الأُخرى.
أخرجها أبو نعيم، قال: «حدثنا أبو حامد بن جبلة [قال]: ثنا محمد بن إسحاق حدّثني أبو بكر بن خلف. ثنا محمد بن الحجاج، عن معرف بن واصل، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت الجنّ تنوح على الحسين، وهي تقول:
مسح الرسول جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من علياء قريش |
|
جدّه خير الجدود»[204]. |
وأورده عنه السيوطي في خصائصه[205].
أبو حامد بن جبلة، هو أحمد بن محمد بن جبلة، شيخ أبي نعيم وقد روى عنه كثيراً، ولم نقف فيه على جرح أو تعديل، لكن كثرة رواية أبي نعيم عنه قد تجعل حديثه في عداد الحسان.
ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السراج، من الحفّاظ الثقات، قال الخطيب: «وكان من المكثرين الثقات الصادقين الأثبات عني بالحديث، وصنّف كتباً كثيرة وهي معروفة مشهورة»[206]، وقال الذهبي: «الحافظ الإمام الثقة شيخ خراسان أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران الثقفي، مولاهم النيسابوري صاحب المسند والتاريخ»[207].
وأبو بكر محمّد بن خلف الحدادي، قال الدارقطني: «ثقة فاضل»[208]، وذكره ابن حبّان في الثقات ووثّقه العقيلي[209]، وقال ابن حجر: «ثقة فاضل»[210].
ومحمد بن الحجاج، لم يتميز لي مَن هو؟
ومُعَرِّف بن واصل، ثقة، وثّقه أحمد وابنُ معين والنسائي وغيرهم[211].
وحبيب بن أبي ثابت، تقدّم أنّه ثقة ولم يؤخذ عليه غير التدليس.
هذا السند فيه ضعف من جهة محمّد بن الحجاج حيث لم يتبيّن لنا مَن هو، وكذلك فإنّ حبيب بن أبي ثابت لم ينقل لنا اسم الشخص الذي سمع نَوح الجنّ.
وقد سبق أنّ حبيب بن أبي ثابت نقل عن أُمّ سلمة ذلك، وعرفنا هناك أنّه لم يسمع من أُمّ سلمة، ولم نعرف الواسطة بينه وبينها، وهنا أيضاً بناء على أنّ الفعل (سُمِعَتْ) مبني للمجهول فقد يكون المراد هو أُمّ سلمة أيضاً.
أمّا بناءً على الكون الفعل مبني للمعلوم (سَمعْتُ) فيكون حبيب بن ثابت بنفسه سمع نوح الجن، وتنتفي عنه علّة التدليس أو عدم سماعه من أُمّ سلمة، خصوصاً أنّ وفاة حبيب بن أبي ثابت كانت في سنة (119هـ) أو سنة (122)، وأنّه كان من أبناء الثمانين ـ كما قال الذهبي[212] ـ فسيكون في سنة (61) للهجرة في حدود العشرين من عمره، ومن الطبيعي جداً أنْ يكون سمع ذلك بنفسه.
والنتيجة أنّ هذا الخبر يؤيد ويؤكِّد وقوع الحادثة، فإنّ الروايات تتقوّى مع بعضها البعض ولو كانت كلّها ضعيفة، فكيف إذا كان فيها الصحيح كما تقدّم عن أُمّ سلمة وميمونة.
أخرجها أبو نعيم، قال: «حدّثنا أحمد بن محمّد بن سنان، ثنا محمّد بن إسحاق [السراج]، حدّثني أبو بكر بن خلف، ثنا عبد الصمد بن النعمان، ثنا عبد الله بن ميسرة أبو ليلى، عن مزيدة بن جابر الحضرمي، عن أُمّه قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين تقول:
أبغي حسين هبلا |
|
كان حسين جبلا»[213] |
رجال السند
أمّا أحمد بن محمّد بن سنان فمجهول لم أقف له على ترجمة، ومحمّد السراج وأبو بكر بن خلف تقدّما وأنّهما ثقات.
وعبد الصمد بن نعمان، وثّقه العجلي[214] وعمر بن شاهين[215] ويحيى بن معين[216] وذكره ابن حبّان في الثقات[217]، وقال الدارقطني: «ليس بالقويّ»[218]، وقال أبو حاتم: «صالح الحديث، صدوق»[219].
وعبد الله بن ميسرة، أبو ليلى، ضعيف الحديث، قال الهيثمي: «ضعيف عند الجمهور ووثّقه ابن حبّان»[220]. ولم أقف له على توثيق آخر غير ما ذكره الهيثمي.
ومزيدة بن جابر، ذكره ابن حبّان في الثقات[221]، وقال أبو زرعة: «ليس بشيء»[222]، وقال أحمد بن حنبل: «معروف»[223]. وقال ابن حجر: «ضعّفه أبو زرعة ومشّاه أحمد»[224]، فكأنّه متوقِّف في أمره.
وذكره البخاري، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً [225].
أقول: مع كون جرح أبي زرعة غير مفسَّر، وسكوت البخاري عنه وهو آية الوثاقة عند جمع، وتصريح ابن حنبل بأنّه معروف، وذكْر ابن حبّان له في الثقات، فلا يبعد تمشية حال الرجل وأنّه صدوق حسن الحديث.
أمّا أُمّه فلم أقف لها على الترجمة.
تبيّن أنّ الرواية بهذا السياق ضعيفة الإسناد؛ لضعف عبد الله بن ميسرة، وجهالة أُمّ مزيدة، وكذلك جهالة أحمد بن محمد بن سنان شيخ أبي نعيم.
فيمكن عدّ هذه الرواية شاهداً تتقوّى بها أصل الحادثة، وهي نوح الجنّ على الحسين(عليه السلام).
8 ـ رواية زيد بن علي ويحيى بن أُم طويل وعبد الله بن شريك العامري وجماعة:
أخرجها الشجري، قال: «أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبد الله[226] بن الحسن البطحاني، بقراءتي عليه بالكوفة، قال: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي ـ قراءةً ـ قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرني الحسن بن جعفر التميمي ـ قراءةً ـ قال: حدّثني عمّي طاهر بن مدرار، قال: حدّثني فضيل بن الزبير: قال: «سمعت الإمام أبا الحسين زيد بن علي(عليها السلام)، ويحيى بن أُمّ طويل، وعبد الله بن شريك العامري يذكرون تسمية مَن قُتِل مع الحسين بن علي(عليها السلام) من ولده وإخوته وأهله وشيعته، وسمعته أيضاً من آخرين سواهم: الحسين بن علي بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتله سنان بن أنس النخعي» إلى أنْ قال: «وأمر بتسريحهم إلى المدينة، وكان أهل المدينة يسمعون نواح الجنّ على الحسين بن علي(عليها السلام) حين أُصيب وجنّيته تقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد |
|
ومَن يبكي على الشهداء بعدي |
على رهطٍ تقودهم المنايا |
|
إلى متجبِّرٍ في ملك عبدي»[227]. |
رجال السند
أمّا الشريف أبو عبد الله محمّد بن علي بن الحسن العلوي، فهو ثقة فقيه حافظ[228].
ومحمد بن جعفر التميمي، هو ابن النجار، محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن فروة، التميمي النحوي الكوفي، ثقة أيضاً[229].
وأحمد بن محمد بن سعيد، هو الحافظ المعروف بابن عقدة، وهو معركة للآراء عند أهل السنّة، وقد اتّفقوا على أنّه من الحفّاظ، واختلفوا في وثاقته، والبحث فيه طويل، غير أنّ خلاصة الكلام فيه هو أنّ منشأ تضعيفه هو التشيُّع لا غير، والمحقّق أنّ التضعيف لأجل العقيدة لا يُعبأ به، لذا فهو ثقة حسب القواعد، وقد مال عدّة منهم إلى الأخذ بروايته، قال الذهبي: «أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ أبو العباس، محدِّث الكوفة، شيعيٌّ متوسط، ضعّفه غير واحد، وقوّاه آخرون. قال ابن عدي: صاحبُ معرفةٍ وحفظ وتقدُّم في الصنعة، رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، ثمّ قوّى ابن عدي أمره، وقال: لولا أنّي شرطت أن أذكر كلّ مَن تكلّم فيه ـ يعني ولا أحابي ـ لم أذكره للفضل الذي كان فيه من الفضل والمعرفة، ثمّ لم يسق ابن عدي له شيئا منكراً»[230].
وقال الذهبي أيضاً: «حافظ العصر والمحدِّث البحر أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بنى هاشم... وكان إليه المنتهى في قوّة الحفظ وكثرة الحديث، وصنّف وجمع وألّف في الأبواب والتراجم، ورحلته قليلة، ولهذا كان يأخذ عن الذين يرحلون إليه، ولو صان نفسه وجود لضـربت إليه أكباد الإبل، ولضـرب بإمامته المثل، لكنّه جمع فأوعى، وخلط الغثّ بالسمين والخرز بالدرّ الثمين، ومُقت لتشيِّعه»[231].
وقال ابن حجر معلِّقاً على أحد الأخبار: «وأبو العباس الهمداني هو ابن عقدة حافظ كبير، إنّما تكلّموا فيه بسبب المذهب ولأُمور أُخرى ولم يضعّفه بسبب المتون أصلاً، فالإسناد حسن»[232].
أمّا الحسن بن جعفر التميمي، هو الحسن بن جعفر بن مدرار، فمجهول الحال لم يتعرّضوا له جرحاً ولا توثيقاً، نعم سكت الدارقطني عنه في بعض الأسانيد، وأعلّ الطريق بغيره، فلربّما يُسفتاد حسن حاله[233].
وأمّا طاهر بن مدرار، فهو عمّ الحسن بن جعفر المتقدّم، وحاله كحاله.
والفضيل بن الزبير، فهو متّحد مع الفضل بن الزبير كما تدلّ عليه الأسانيد المختلفة التي ورد بها، ولم نقف له على ترجمة عند أهل السنّة، لكنّه ذُكر عند الشيعة بعنوان (الفضل بن الزبير) وردّده البعض بين الفضل والفضيل، وكيف ما كان فقد روى عنه عدّة عند أهل السنّة، ولم يُذكر بجرح ولا تعديل، فممّن روى عنه ابن أخيه أبو أحمد الزبيري، وروى عنه إسماعيل بن أبان، وروى عنه أبو نعيم، الفضل بن دكين، وهؤلاء كلّهم من الثقات المعروفين، وروى عنه غيرهم أيضاً أمثال طاهر بن مدرار، وأرطأة بن حبيب، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وغيرهم، وحيث إنّ الرجل لم يجرحه أحد، فيدور حاله بين الثقة والصدوق، ويقبل حديثه.
والفضيل هذا قد حدّث عن جماعة عدّة كما مرّ، وهذا يعطي لخبرهم قوّة ووثوق من دون حاجة لدراسة حالهم واحداً واحداً، على أنّه يكفي أنّ من بينهم زيد بن علي الشهيد، وهو ثقة[234].
تبيّن أنّ هذا السند لا شائبة فيه سوى جهالة الحسن بن جعفر بن مدرار وعمّه طاهر بن مدرار، ولا سبيل إلى اعتمادهما سوى سكوت الدارقطني عنهما وإعلاله السند بغيرهما، لكنّه ليس طريقاً واضحاً في تحسين الحديث عندنا؛ إذ لعلّ الدارقطني اقتصر على علّة الحديث الواضحة وهي في غيرهما، بل ربّما سكت عنهما بناءً على حجيّة خبر المجهول الذي لم يُجرح.
نعم، بناءً على هذا المبنى الأخير، أعني قبول خبر المجهولين، وهو مبنى كثير من المتقدّمين يكون السند لا علّة فيه.
هذا، فقد اتّضح أنّنا ترجمنا الرواية وفق المبنى السنّي لأنّ الرواية سنيّة كما هو واضح من سندها، ولو أردنا ترجمة رجالها وفق المبنى الشيعي لما سلمت أيضاً، ويكفي في ذلك جهالة الحسن بن جعفر بن مدرار وعمّه طاهر بن مدرار، إذ لم يترجمهما أحد.
فالخلاصة أنّ هذا الخبر بهذا السند لا يمكن الحكم بصحّته لا وفق المبنى السنّي ولا المبنى الشيعي، إلّا بناءً على قبول المجهول عند أيٍّ من الفريقين، وما صنعه بعض الأعلام المعاصرين من ترجمة السند وتوثيق رواته بحسب ما يجده في المصادر فتارة يوثِّق الراوي بالاعتماد على علماء أهل السنّة وأُخرى يوثِّق راوياً آخر بالاعتماد على علماء الشيعة، لا أراه ينسجم مع التحقيق العلمي، فالأنسب للباحث أنْ يبحث جميع رجال السند وفق مبنى معيّن، لأنّ المعايير والأنظار مختلفة لذا فإنّ كثيراً من الرواة تجدهم ثقات عند أهل السنّة وهم مجاهيل أو ضعاف أو كذّابين عندنا، والعكس هو الصحيح أيضاً، وكذلك فإنّ كبار علماء الجرح والتعديل عند كلّ فريق هم محلّ نظر عند الفريق الآخر، فكيف يمكن أنْ نخرج بسند صحيح ومعتبر نتيجة الانتقاء في التوثيق مع أنّ الموثِّق أو الجارح مجروح به مطعون في عدالته عند الفريق الآخر.
قال المزي: «قال أبو الوليد بشر بن محمّد بن بشر التميمي الكوفي: حدّثني أحمد بن محمد المصقلي، قال: حدّثني أبي، قال: لمـّا قُتل الحسين بن علي سمع منادٍ ينادي ليلاً يُسمع صوته ولم يُرَ شخصه:
عقرت ثمود ناقة فاستُؤصلوا |
|
وجرت سوانحهم بغير الأسعد |
فبنو رسول الله أعظم حرمة |
|
وأجلّ من أُمّ الفصيل المقصد |
عجباً لهم لمـّا أتوا لم يُمسخوا |
|
والله يُملي للطغاة الجحّد»[235]. |
ومن طريق بشر، أخرجه ابن عساكر[236] وابن العديم[237].
أمّا أبو الوليد بشر بن محمّد بن بشر التميمي الكوفي، فقد قال فيه أبو بكر البرقاني: «كان من خيار عباد الله وثقاتهم»[238].
وأحمد بن محمد المصقلي، وأبوه، لم أقف على ترجمة لهما.
هذا إسناد ضعيف لجهالة أحمد وأبيه محمّد.
أخرجها محمّد بن سليمان الكوفي، قال: «[حدّثنا] محمّد بن عبيد الله بن نوفل، قال: حدّثنا عبيد بن يعيش، عن أبي غسّان عن مرّة من آل علي، قال: كان يسمع نوح الجنّ على الحسين بن علي:
قُتل حسين هبلا |
|
كان حسين جبلا»[239]. |
رجال السند
محمّد بن عبيد الله بن نوفل، أورده المزي ضمن مَن روى عن عبيد بن يعيش[240]، لكن ورد في سنن الدارقطني والبيهقي بعنوان: محمّد بن عبد الله وليس عبيد الله[241]، وقد وثّقه الدارقطني بقوله على سند فيه محمّد هذا: «رواته كلّهم ثقات»[242]، وتبعه على ذلك البيهقي، قال: «قال علي [يعني الدارقطني]: رواته كلّهم ثقات»[243].
كما ورد بهذا العنوان وهو يروي عن عبيد بن يعيش في عدّة من الروايات[244].
وعبيد بن يعيش ثقة[245].
وأبو غسّان هو مالك بن إسماعيل النهدي، ثقة عابد، متقِن، صحيح الكتاب[246].
ومُرّة من آل علي، لم أقف على ترجمة له.
فتلخّص أنّ هذا السند ضعيف، لجهالة مُرّة، وهو شاهد قوي، تتقوّى به سائر الأخبار في الموضوع.
أخرجه الكوفي في مناقبه: محمد بن عبيد الله [بن نوفل] قال: «حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن بعض مَن ذكره قال: كان يُسمع نوح الجنّ على الحسين بن علي:
لمـَن الأبيات بالطف |
|
على عهد نبيِّنا |
تلك أبيات حسين |
|
يتجاوبن حنينا»[247]. |
رجال السند
محمّد بن عبيد الله تقدّم أنّه ثقة، وأحمد بن عبد الله بن يونس، ثقة حافظ[248].
والراوي المباشر مبهم لم يُذكر.
فالرواية ضعيفة لإبهام الراوي المباشر لا غير.
فالخبر يصلح شاهداً تتقوّى به سائر الأخبار.
12 ـ رواية مولى عمرو بن عكرمة وحيزوم الكلبي
أمّا رواية مولى عمرو بن عكرمة، فقد أخرجها الطبري، قال: «قال هشام: حدّثني بعض أصحابنا عن عمرو بن أبي المقدام، قال: حدّثني عمرو بن عكرمة، قال: «أصبحنا صبيحة قَتْل الحسين بالمدينة، فإذا مولى لنا يُحدّثنا، قال: سمعت البارحة منادياً ينادى وهو يقول:
أيّها القائلون جهلاً حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبيٍّ وملكٍ وقبيل |
قد لُعِنتم على لسان ابن داوُ |
|
د وموسى وحامل الإنجيل »[249]. |
وأوردها سبط ابن الجوزي باختلاف يسير لكنّه لم يذكر السند، وقال: «ذكر هشام بن محمّد قال: لـمّا قُتل الحسين سمع قاتلوه قائلاً يقول من السماء:
أيّها القاتلون جهلاً حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبيٍّ ومرسل وقبيل |
قد لُعِنتم على لسان ابن داود |
|
وموسى وصاحب الإنجيل». |
ثمّ تعقبها بقوله: «فكانوا يرون أنّه بعض الملائكة وقد أكثر الناس فيها»[250].
لكن تقدّم فيما سبق أنّ أُمّ سلمة سمعت هذه الأبيات من الجنّ.
وأمّا رواية حيزوم، فقد أخرجها الطبري، قال: «قال هشام: حدّثني عمر بن حيزوم الكلبي عن أبيه قال سمعت هذا الصوت»[251].
وأخرجها ابن أبي الدنيا، قال: «حدثني محمّد بن عبّاد بن موسى، ثنا هشام بن محمّد، ثنا أبو حيزوم الكلبي، عن أُمّه، قالت: لمّا قتل الحسين سمعت مناديا ينادي في الجبال وهو يقول:
أيّها القوم قاتلون حسيناً |
|
أبشـروا بالعذاب والتنكيل |
كلّ أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبيٍّ وملكٍ وقبيل |
قد لُعِنتم على لسان ابن داو |
|
د وموسى وحامل الإنجيل»[252]. |
رجال السند
أمّا السند الأوّل:
ففيه: مولى عمرو بن عكرمة، وهو مجهول لم أقف عليه.
وعمرو بن عكرمة، بنفسه مجهول، لم أقف عليه أيضاً.
نعم، هناك راوٍ باسم عمر بن عكرمة، لكنّه استُشهد في معركة اليرموك في زمن عمر[253].
وكذلك فإنّ هشام الكلبي لم يذكر شيخه، فقال: حدّثني بعض أصحابنا، ولم نعرف المقصود من هذا الـ (بعض).
فهذا السند ضعيف.
وأمّا السند الثاني:
فأبو حيزوم الكلبي لم أقف عليه، وكذلك أبوه أو أُمّه على اختلاف النقل، فقد أوردها الطبري عن أبيه وابن أبي الدنيا عن أُمّه، ولم أقف على أيٍّ منهما.
فهذا السند ضعيف أيضاً.
خلاصة الحكم على السندين المتقدّمين
تبين أنّ كلا السندين المتقدّمين ضعيف لا يصلح للاحتجاج.
13 ـ رواية هند بنت الجون وسعدى بنت مالك الخزاعية
أخرجها الخوارزمي، قال: «وبهذا الإسناد [أي أخبرنا سيد الحفّاظ أبو منصور الديلمي] عن الرئيس أبي الفتح هذا [أي أبو الفتح الهمداني]، حدّثنا أبوالعباس أحمد بن الحسين الحنفي بالري، حدّثنا عبد الله بن جعفر الطبري، حدّثنا عبد الله بن محمّد التميمي، حدّثنا محمّد بن الحسن العطّار، حدّثنا عبد الله بن محمّد الأنصاري، حدّثنا عمارة بن زيد، حدّثنا بكر بن حارثة، عن محمّد بن إسحاق، عن عيسى بن عمر، عن عبد الله بن عمرو الخزاعي، عن هند بنت الجون قالت:...»، وذكرت قصة طويلة تتضمّن أنّ النبي| تمضمض ومجّ ماءه على عوسجة وهي شجرة من الشوك، وأصبحت هذه الشجرة مباركة ولها شأن كبير، وممّا ورد في آخر هذه القصّة: «ولم نزل نحن ومَن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ونستشفي به من أسقامنا، فأقامت على ذلك برهة طويلة، ثمّ أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد انبعث من ساقها دم عبيط، وإذا بأوراقها ذابلة تقطر دماً كماء اللحم، فقلنا: فقد حدث حادثة عظيمة، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقّع الحادثة، فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا بكاءً وعويلاً من تحت الأرض، وجلبة شديدة ورجّة، وسمعنا صوت نائح يقول:
أيا بن النبيّ ويابن الوصي |
|
بقيّة ساداتنا الأكرمينا |
وكثر الرنين والأصوات، فلم نفهم كثيراً ممّا كانوا يقولون فأتانا بعد ذلك خبر قتل الحسين(عليه السلام)، ويبست الشجرة، وجفّت وكسرتها الأرياح والأمطار، فذهبت ودُرِس أثرها.
قال عبد الله بن محمد الأنصاري: فلقيتُ دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول فحدّثته بهذا الحديث فلم ينكره، وقال: حدّثني أبي، عن جدّي عن أُمّه سعدى بنت مالك الخزاعيّة أنّها أدركت تلك الشجرة وأكلت من ثمرها على عهد علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وإنّها سمعت ليلة قَتْل الحسين نَوح الجنّ فحفظت من جنيّة منهم هذين البيتين:
يابن الشهيد ويا شهيداً عمّه |
|
خير العمومة جعفر الطيّار |
عجباً لمصقول أصابك حدّه |
|
في الوجه منك وقد علاك غبار»[254]. |
والخبر أخرجه ابن العديم أيضاً، لكنّه ذكر أنّ الراوي المباشر هو هند بن النجود وليست بنت الجون[255].
وروى الزمخشري الجزء الأوّل من الخبر باختلاف يسير[256].
وأوردها عدّة في كتب الشيعة، منهم المجلسي صاحب البحار، قال: «وجدت في بعض كتب المناقب المعتبرة أنّه روي عن سيّد الحفّاظ أبي منصور الديلمي، عن الرئيس أبي الفتح الهمداني، عن أحمد بن الحسين الحنفي، عن عبد الله بن جعفر الطبري، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن محمد بن الحسن العطار عن عبد الله بن محمد الأنصاري، عن عمارة بن زيد، عن بكر بن حارثة، عن محمد بن إسحاق، عن عيسى بن عمر، عن عبد الله بن عمر الخزاعي، عن هند بنت الجون قالت:...»[257] وذكر الخبر.
والظاهر أنّه أخذ الرواية من الخوارزمي كما هو واضح من السند.
والشق الثاني الذي ورد عن دعبل، أورده ابن شهر آشوب مُرسَلاً، قال: «قال دعبل: حدّثني أبي عن جدّي، عن أُمّه سعدى بنت مالك الخزاعية: أنّها سمعت نوح الجنّ على الحسين:
يا ابن الشهيد ويا شهيداً عمّه |
|
خير العمومة جعفر الطيّار |
عجباً لمصقول أصابك حدّه |
|
في الوجه منك وقد علاك غبار»[258]. |
والرواية بشقيِّها أوردها مرسلةً محمد بن الحسن القمي[259]، وكتابه عبارة عن فضائل لأمير المؤمنين نقلها من كتب شتّى مع حذف أسانيدها كما صرّح في أوّل كتابه[260]، ولم يبيّن لنا من أي كتاب نقل هذه الرواية.
والحاصل أنّ المصدر المسند الذي وقفنا عليه لهذه الرواية هو الخوارزمي في مقتله؛ لذلك أوردناها ضمن روايات أهل السنّة.
في الحقيقة هذه الرواية لا تصحّ؛ فهي وإنْ كانت في بداية سندها منقولة عن الثقات، فأبو منصور الديلمي قد عبّر عنه الخوارزمي بسيد الحفاظ كما مرّ، وترجمه الذهبي، وقال، «قال ابن السمعاني: كان أبو منصور حافظاً، عارفاً بالحديث، فهماً، عارفاً بالأدب، ظريفاً، خفيفاً، لازماً مسجده، متِّبعاً أثر والده في كتابة الحديث وسماعه وطلبه»[261].
وأبو الفتح هو عبدوس بن عبد الله بن محمّد، ثقة، قال فيه أبو شجاع شيرويه: «وسمعت من عبدوس، وكان صدوقاً، متقِناً، فاضلاً، ذا حشمة وصيت، حسن الخط، حلو المنطق. كف بصره، وصمّت أذناه في آخر عمره، وسماع القدماء منه أصحّ إلى سنة نيف وثمانين»[262].
إلّا أنّها تضمّ عدّة من الضعفاء والمجهولين وبعضهم وضّاع أو متّهم بالوضع، فمثلاً: عبد الله بن جعفر الطبري، لم أقف له على ترجمة، وعبد الله بن محمد التميمي، لم يتعيّن لي المراد منه، وعبد الله بن محمّد الأنصاري، هو البلوي، وهو كذّاب وضّاع، متّهم في كتب الفريقين[263].
وعمارة بن زيد، وهو عمارة بن عبد الرحمن بن زيد متّهم بالوضع[264].
وبكر بن حارثة مجهول، لم أقف له على ترجمة.
وهند بنت الجون، مجهولة لم أقف لها على ترجمة.
والخلاصة أنّ الرواية بهذا السياق لا يمكن الركون إليها، نعم هي تفيد أصل نوح الجنّ وتتفق به مع بقيّة الأخبار المتقدّمة.
14 ـ مرسلة سبط ابن الجوزي عن الشعبي
أوردها سبط ابن الجوزي، قال: «وقال الشعبي: سمع أهل الكوفة قائلاً يقول في الليل:
أبكي قتيلاً بكربلاء |
|
مضـرّج الجسم بالدماء |
أبكي قتيل الطغاة ظُلماً |
|
بغير جُرمٍ سوى الوفاء |
أبكي قتيلاً بكى عليه |
|
من ساكن الأرض والسماء |
هُتك أهلوه واستُحلوا |
|
ما حرّم الله في الإماء |
يا بأبي على جسمه المعرّى |
|
إذا من الدين والحياء |
كان الرزايا لها عزاء |
|
وما لذا الرزء من عزاء»[265]. |
وحيث إنّها مرسلة فمحكومة بالضعف.
15 ـ مرسلة سبط ابن الجوزي عن الزهري
أوردها سبط ابن الجوزي، قال: «وقال الزهري: ناحت الجنّ عليه فقال:
خير نساء يبكين شجيات |
|
ويلطمن خدوداً كالدنانير نقيات |
ويلبسن ثياب السود بعد القصيبات
|
قال: وممّا حُفظ من قول الجنّ:
مسح النبيّ جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من عليا قريش |
|
وجدّه خير الجدود |
قتلوك يا ابن الرسول |
|
فأسكنوا نار الخلود»[266]. |
والأبيات الأُولى ذكرها ابن نما عن ابن الجوزي أيضاً، قال: «وذكر ابن الجوزي في كتاب النور في فضائل الأيام والشهور نَوح الجنّ عليه، فقالت
لقد جئن نساء يبكين شجيات |
|
ويلطمن خدوداً كالدنانير نقيات |
ويلبسن ثياب السود بعد القصيبات»[267].
|
أوردها الحافظ الزرندي، قال: «ونقل أبو الشيخ في كتابه: بسنده إلى محمد بن عباد بن صهيب، عن أبيه، قال: قدم رجل المدينة يطلب الحديث والعلم بها، فجلس في حلقةٍ، فمرّ بهم رجل فسلّم عليهم، فقال له ذلك الرجل: نُحبّ أنْ تُخبرنا بما جئت له، تريد نصرة الحسين بن عليّ؟ قال: نعم خرجت أريد نصرة الحسين، فلمّا صرت بالربذة إذا برجل جالس، فقال لي: يا أبا عبد الله أين تريد؟ قلت: أريد نصرة الحسين. قال: وأنا أريد ذلك أيضاً، ولنا رسول هناك يأتينا بالخبر الساعة. قال: فتعجّبت من قوله: يأتينا بالخبر الساعة. فلم يلبث هو يحدّثني إذ أقبل رجل، وقال له الذي كان معي: ما وراك؟ فأنشأ يقول:
والله ما جئتكم حتى بصـرت به |
|
لحب العجاجة لحب السيف منحورا |
وحوله فِتْية تدمي نحورهم مثل |
|
المصابيح يغشون الدجى نورا |
وقد حثثت قلوصي كي أصادقهم |
|
من قَبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا |
يا لهف نفسـي لو أنّي قد لحقت بهم |
|
أنى تحليت إذ حُلّت أساويرا |
فأجابه الذي كنت معه واستعبر وقال:
في فتية وهبوا لله أنفسهم |
|
قد فارقوا المال والأهلين والدورا |
فلا زال قبراً أنت تسكنه |
|
حتى القيامة يسقي الغيث ممطورا |
ثمّ التفت فلم أرهما، فعلمت أنّهما من الجن، فرجعت إلى المدينة وإذا بالخبر قد لحقنا أن الحسين قد قتل وان رأسه حمله سنان بن أنس النخعي إلى يزيد»[268].
والخبر مرسل ضعيف.
17 ـ مرسلة القندوزي عن أبي مخنف
أوردها القندوزي، قال: «قال أبو مخنف: نصبوا الرمح الذي عليه الرأس الشريف المبارك المكرم إلى جانب صومعة الراهب، فسمعوا صوت هاتف ينشد ويقول:
والله ما جئتكم حتى بصـرت به |
|
بالطف منعفر الخدين منحورا |
وحوله فتية تُدمى نحورهم |
|
مثل المصابيح يغشون الدجى نورا |
كان الحسين سراجاً يُستضاء به |
|
الله يعلم أنّي لم أقل زورا |
مات الحسين غريب الدار منفرداً |
|
ظامي الحشاشة صادي القلب مقهورا |
فقالت أُمّ كلثوم: مَن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا ملك الجن أتيت أنا وقومي لنصرة الحسين (رضي الله عنه وأرضاه) فوجدناه مقتولاً»[269].
وهي ضعيفة بالإرسال.
18 ـ مرسلة ابن نقطة عن خيرة بنت عبد الرحمن
أوردها محمّد بن عبد الغني البغدادي المعروف بـ (ابن نقطة)، قال: «وخيرة بنت عبد الرحمن قالت: بكت الجن على الحسين بن علي (رضي الله عنهما)»[270].
وهي ضعيفة بالإرسال.
19 ـ مرسلة الزرندي عن الإمام محمّد الباقر(عليه السلام)
أوردها الحافظ الزرندي، قال: «روى جعفر بن محمّد عن أبيه(عليها السلام)، قال: نِيح الحسين بن عليّ ثلاث سنين، وفي اليوم الذي قُتل فيه، فكان وائلة بن الأصمع ومروان بن الحكم ومسور بن محزمة، وتلك المشيخة من أصحاب رسول الله| يجيئون مُتقنعين فيستمعون نوح الجنّ ويبكون»[271].
وهي ضعيفة بالإرسال.
أخرجها ابن الجوزي، قال: «قال ابن بطة: وحدّثنا أبو ذرّ الباغندي، حدّثنا حمّاد بن الحسين[272] الورّاق، قال: سمعت عليّ بن أخي شعيب بن حرب يقول: ناحت الجنّ على الحسين بن عليّ فقالت جنيّة:
جاءت نساء الحي يبكين شجيات |
|
ويلطمن خدوداً كالدنانير نقيات |
ويلبسن ثياب السود بعد القصبيِّات»[273]. |
وقد ساق سنده إلى ابن بطة قَبل هذه الرواية وهو: «أخبرنا علي بن عبيد الله، أخبرنا علي بن أحمد السري[274]، أنبأنا عبد الله بن بطة»[275].
خلاصة الحكم السندي على هذا الخبر
وهذا السند لا شائبة فيه سوى الراوي المباشر وهو عليّ بن أخي شعيب بن حرب، فلم نجد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد ترجمه ابن النجار، قال: «علي بن يحيى المدائني، ابن أخي شعيب بن حرب، روى عنه أبو العباس بن مسروق في كتاب (الانبساط) من جمعه» ثمّ ساق له خبراً مسنداً برواية أبي العبّاس عنه[276].
ولم نقف فعلاً على ترجمة أُخرى له.
فهذا الطريق يعدّ قرينة أُخرى تتقوّى بها بقية الطرق.
خلاصة الحكم على روايات نوح وبكاء الجن على الحسين عند أهل السنّة
تبيّن أنّ هذه الحادثة نقلها عدد كثير من الرواة، بلغ عددهم أكثر من عشرين راوياً[277]، وأنّ رواية وأخبار خمسة من هؤلاء من المراسيل التي لم نقف على أسانيدها.
وأنّ رواية وأخبار اثني عشر من الرواة هي مسندة، بل إنّ بعضها وردت بأكثر من طريق، وأنّ بعض هذه الطرق صحيحة، وبعضها خفيفة الضعف، ومن المجموع نستنتج أنّ حادثة بكاء ونوح الجنّ ثابتة من دون أدنى شك.
من ملاحظة ما خرجنا به من طرق الرواية عند الشيعة وما يؤيِّدها من روايات بعضها صحيح تثبت بكاء كلّ شيء على الحسين(عليه السلام)، ومن ملاحظة عدد الروايات عند أهل السنّة مع صحّة بعضها، نخرج بنتيجة: أنّ أصل مسألة بكاء ونوح الجنّ على الحسين(عليه السلام) ثابتة ومتحققة من دون ريب.
معطيات ودلالات نوح وبكاء الجنّ على الحسين
لعلّ النوح والبكاء من المفاهيم الواضحة عرفاً في الجملة، فالبكاء هو خروج دمع العين سواء كان مشتملاً على الصوت أو لا، والنوح هو البكاء بصوت وحزن مع ندب الميت وتعداد محاسنه، بل ربّما يتحقق النوح بالندب ورفع الصوت ولو من دون بكاء.
هذا من حيث معرفتهما في الجملة، أمّا معرفة حقيقة البكاء والنوح بالدقّة فذاك يستدعي بحثاً تحقيقياً، فثمّة خلاف دقيٌّ في الموضوع، ليس له أثر على بحثنا؛ إذ ما أردنا إثباته هو أنّ الجنّ قد بكت وناحت على الحسين(عليه السلام) وتمّ سماع ذلك من عدد كبير من الناس، فالحادثة الكونيّة متحقّقة.
فسواء كان النوح يتحقّق بالبكاء مع الندب أو الندب بدون البكاء، وسواء كان البكاء بالمدِّ يختلف نوعاً ما عن البكاء بلا مدّ، أو غير ذلك من الاختلافات التي أشاروا لها في محلِّها، فهو لا يؤثّر على الموضوع في شيء؛ إذ غاية ما أردنا إثباته هو أنّ الجنّ تأثّر بمقتل الحسين(عليه السلام)، وانعكس هذا التأثّر على بكائه ورثائه وقراءته للإشعار بحيث سمع الكثير من الناس ذلك وعلى رأسهم أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة زوج النبيّ’.
وحتى لا يبقى الموضوع مبهماً ارتأينا هنا أنْ نورد التحقيق الذي ورد في الموسوعة الكويتيّة؛ لاختصاره وشموله على فروع المسألة، فقد جاء فيها: «النياحة لغة اسم من النوح، مصدر ناح ينوح نوحاً ونواحاً ونياحاً. وهي: البكاء بصوت عالٍ، كالعويل. والنائحة: الباكية. وأصل التناوح: التقابل، ومنه تناوح الجبلين؛ أي تقابلهما، وإنّما سميت النساء النوائح نوائح لأنّ بعضهن يقابل بعضاً إذا نُحْنَ. وكان النساء في الجاهلية يقابل بعضهن بعضاً، فيبكين ويندبن الميت، فهذا هو النوح والنياحة. ويطلق على النساء اللواتي يجتمعن في مناحة: نوائح ونَوْح ونُوَّح وأنواح ونائحات. ونوح الحمامة: ما تبديه من سجعها على شكل النوح. واستناح الرجل، كناح: بكى حتى استبكى غيره.
وفي الاصطلاح اختلفت عبارات الفقهاء في تعريف النياحة:
فعرّفها الحنفية بأنّها: البكاء مع ندب الميت، أي تعديد محاسنه. وقيل: هي البكاء مع صوت.
وحاصل كلام علماء المالكية أنّ النياحة عندهم هي البكاء إذا اجتمع معه أحد أمرين: صراخ أو كلام مكروه.
وعرّفها أكثر فقهاء الشافعية وبعض المالكية بأنّها: رفع الصوت بالندب ولو من غير بكاء، وقيل: مع البكاء.
وعرفها الحنابلة وبعض الشافعية بأنّها رفع الصوت بالندب برنّة أو بكلام مسجع»[278].
ويمكن أنْ نسجّل ملاحظة على تعريف علماء المالكية في شقّه الثاني، إذ لا معنى في محلّ كلامنا أنْ يكون بكاء الجنّ مصحوباً بالكلام المكروه، فهو نوح على الحسين(عليه السلام) يمثل حالة من الحزن الشديد للكائنات الأُخرى أظهر الله أصواتها وأسمعها للإنسان لبيان عظم الفاجعة وشدّتها وإطلاع العالم السفلي على ما حدث في العوالم الأُخرى مَن تأثّر على المصاب، فلا يتصور أنْ يكون ذلك بكلام مكروه.
فهذه الحالة وهي نوح الجنّ على الحسين تسجّل مؤشِّراً على عدم صحّة تعريفهم، بعد معرفتنا أنّ الجنّ لم تقتصر على البكاء المصحوب بالصراخ، بل كان مصحوباً بالكلام وقراءة أبيات شعرية عديدة.
أمّا بقيّة التعاريف فكلّها ممكنة في حدّ ذاتها، وأيّاً منها كان المقصود من النوح فهو يُمثِّل حادثاً كونياً.
هذا ما يتعلّق بالنوح، أمّا البكاء، فقد أوضحوه بالموسوعة بقولهم: «البكاء: مصدر بكى، يُمدّ ويُقصر، يقال: بكى بكاء وبكى، وهو: خروج الدمع من العين، سواء كان مع الصوت أو بدونه. وقيل: هو بالمدِّ إذا كان الصوت أغلب، ويقصر إذا كان الحزن أغلب. وقيل: هو بالقصر خروج الدمع فقط، وبالمد خروج الدمع مع الصوت، ويُقال لخروج الدمع مع الصوت: نحيب، ومع الصياح: عويل.
واستعمال الفقهاء للبكاء لا يخرج في معناه عمّا ذُكر».
وأمّا الفارق بين النياحة والبكاء فأوضحوه بقولهم: «والصلة بين النياحة والبكاء هي أنّ البكاء أعمّ من النياحة عند مَن قصر معناها على البكاء مع رفع الصوت، أو على البكاء مع رفع الصوت بالندب، حيث تكون النياحة إحدى صور البكاء.
وأمّا مَن جعل النياحة شاملة لرفع الصوت بالندب: سواء أكان معها بكاء أم لا، فإنّها تكون أخصّ من البكاء من جهة وأعمّ من جهة أُخرى»[279].
هذا ما يتعلّق بأصل معنى النوح والبكاء.
أمّا كيف يمكن أنْ نسجّل ذلك ضمن الحوادث التكوينيّة مع معرفتنا بأنّ الجنّ كائنات حيّة لها عالمها الخاص بها، فتبكي وتضحك وتتزاوج وما إلى ذلك، فلا يوجد شيء خارق للطبيعة، فقد تأثّرت على مقتل الحسين(عليه السلام) وبكت وناحت عليه؟
والجواب يتمحوّر فيما أشرنا إليه قبل قليل من أنّ الحادثة غير متعلقة بالبكاء والنوح فقط، بل بسماع ذلك من قبل عالم آخر وهو عالم الإنسان، إذ سمعها الكثير من الناس، وهو أمر غير متعارف، فحياة الجنّ حياة خاصّة لا يطّلع عليها أي أحد إلّا أولئك الذين يدّعون تسخير الجنّ ورؤيتهم وما شاكل ذلك.
أمّا أنْ يسمع الكثير من الناس نوحهم وبكائهم ومنهم أُمّ سلمة، فهذا أمر يستدعي التأمّل والتفكّر كثيراً، إذ لا شكّ أنّ ذلك بتأثير غيبي سماوي فيه إشارات بيّنة إلى أنّ العوالم الأُخرى أبدت حزنها واستياءها لما جرى على الحسين(عليه السلام).
وهذا يكشف لنا دلالات سماع نوح الجنّ وبكائه فإنّه يبيّن حقيقة الغضب الإلهي على ما جرى بحيث أسمع الإنسان ما قام به الجنّ تأثّراً بالواقعة، كما أنّه يمثّل الحزن الشديد الذي حلّ بالكون وتأثّر العوالم كافّة بذلك، فضلاً عن بيان حقيقة وحقانيّة الإمام الحسين(عليه السلام) وغير ذلك ممّا سنورده في فصل الدلالات العامّة.
ثامناً: بكاء مختلف المخلوقات على الحسين(عليه السلام)
حديث هؤلاء الأربعة، تقدّم ذكره سابقاً في بكاء السموات والأرض، وخرّجناه هناك من وجوه وطرق مختلفة، وقد ورد الخبر تارة عنهم أجمعين، وتارة بلفظ الحسين بن ثوير مع حضورهم المجلس وسماعهم الكلام، نقتصر هنا على ذكر طريق واحد منها بلفظ الحسين بن ثوير تحاشياً للتكرار.
قال ابن قولويه: «حدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير، قال: كنت أنا ويونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوساً عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فكان المتكلّم يونس، وكان أكبرنا سنّاً ـ وذكر حديثاً طويلاً ـ يقول: ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ أبا عبد الله(عليه السلام) لمـّا مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، وما ينقلب في الجنّة والنار من خلق ربِّنا، وما يُرى وما لا يُرى، بكى على أبي عبد الله إلّا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: ـ جُعلت فداك ـ ما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان بن عفان. وذكر الحديث»[280].
تقدّم دراسة السند سابقاً، وعرفنا أنّ هذا السند صحيح معتبر، رجاله إماميّة ثقات.
وكذلك تقدّم أنّ سند الرواية بنقل الشيخ الطوسي صحيح أيضاً، رجاله كلّهم إماميّة ثقات.
وهذا الخبر تقدّم سابقاً، أخرجه الشيخ الصدوق في أماليه، قال: «حدّثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه(عليهم السلام): أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) دخل يوماً إلى الحسن(عليه السلام)، فلمّا نظر إليه بكى، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكى لما يُصنع بك». إلى أنْ قال: «وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار»[281].
وقد عرفنا أنّ هذا الحديث صحيح السند.
وقد تقدّم ذكره في نوح الجنّ من وجهين عن «محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن يحيى بن معمر العطار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: بكت الإنس والجنّ والطير والوحش على الحسين ابن علي(عليها السلام) حتى ذرفت دموعها»[282].
وقد تقدّم أنّ هذا الحديث يمكن القول بصحتّه وفق بعض المباني.
أخرجه ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) أحدّثه، فدخل عليه ابنه، فقال له: مرحباً، وضمّه وقبّله، وقال: حقّر الله مَن حقّركم وانتقم ممَّن وَتَرَكُم، وخذل الله مَن خذلكم، ولعن الله مَن قتلكم، وكان الله لكم ولياً وحافظاً وناصراً، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصدِّيقين والشهداء وملائكة السماء. ثمّ بكى وقال: يا أبا بصير، إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم وإليهم. يا أبا بصير، إن فاطمة(عليها السلام) لتبكيه وتشهق، فتزفر جهنّم زفرة لولا أنّ الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض، فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافةً على أهل الأرض، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة.
وإنّ البحار تكاد ان تنفتق فيدخل بعضها على بعض، وما منها قطرة إلّا بها ملك موكّل، فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته، وحبس بعضها على بعض مخافةً على الدنيا وما فيها ومَن على الأرض، فلا تزال الملائكة مشفقين، يبكونه لبكائها، ويدعون الله ويتضرّعون إليه، ويتضرع أهل العرش ومَن حوله، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافةً على أهل الأرض، ولو أنّ صوتاً من أصواتهم يصل إلى الأرض لصعق أهل الأرض، وتقطعت الجبال وزلزلت الأرض بأهلها.
قلت: ـ جعلت فداك ـ إنّ هذا الأمر عظيم. قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه. ثمّ قال لي: يا أبا بصير، أما تحبّ أن تكون فيمَن يسعد فاطمة(عليها السلام). فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء، ثمّ قام إلى المصلّي يدعو، فخرجت من عنده على تلك الحال، فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم، وأصبحتُ صائماً وجلاً حتّى أتيته، فلمّا رأيته قد سكن سكنت، وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة»[283].
وهذا الحديث ضعيف، ويكفي في ذلك جهالة عليّ بن محمّد بن سالم.
وجهالة عبد الله بن حماد البصري.
وكذلك ضعف عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، حيث قال عنه النجاشي: «ضعيف غالٍ ليس بشيء... له كتاب المزار، سمعت ممَّن رآه فقال لي: هو تخليط»[284]. وذكره العلّامة في القسم الثاني وقال فيه: «بصريّ ضعيف غالٍ، ليس بشيء، وله كتاب في الزيارات يدلّ على خبثٍ عظيم ومذهبٍ متهافت، وكان من كذابة أهل البصرة»[285].
لذا قد تختلف الآراء حسب فهم وتفسير كلمات النجاشي، فذهب السيد الخوئي إلى ضعف الرجل، حيث قال: «ظاهر كلام النجاشي أنّه ليس بشئ، أنّه ضعيف في الحديث، فلا اعتماد على رواياته»[286].
لكن قد يقال إنّ سبب تضعيف الرجل هو اتّهامه بالغلو، فإذا أمكن الوقوف على حقيقة الرجل، وأنّه غير مغال، زال سبب التضعيف، وهناك كلمات للشيخ الوحيد البهبهاني في دفع الغلو عن الرجل، وتبرئة ساحته [287].
وكيفما كان، فالرواية ضعيفة من حيث السند لجهالة بعض الرواة كما تقدّم.
نعم، بناء على وثاقة كلّ رجال كتاب كامل الزيارات، مع ملاحظة عدم ثبوت ضعف عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، فحينئذ يمكن القول باعتبار الرواية.
أخرجه ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي (رحمه الله تعالى) وعليّ بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي داود، عن سعد بن عمر الجلاب، عن الحارث الأعور، قال: قال عليّ(عليه السلام): بأبي وأُمّي الحسين المقتول بظهر الكوفة، والله كأنّي اُنظر إلى الوحوش مادّةً أعناقها على قبره من أنواع الوحش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصباح، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء»[288].
سعد بن عمر الجلاب هو متحد مع سعد بن أبي عمرو أو عمـر الجلاب[289]، لم يوثّق، إلّا أنّ ابن أبي عمير روى عنه فيكون ثقة وفق بعض المباني.
لكن أحمد بن أبي داود، مجهول، فتكون الرواية ضعيفة به.
وهي رواية تقدّم ذكر جزء منها سابقاً فيما يتعلّق بموضوع بكاء السموات والأرض، فنوردها هنا مجدّداً بما يتناسب والمقام، فقد أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن أبي يعقوب، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا زرارة، إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، وإنّ الجبال تقطّعت وانتثرت وإنّ البحار تفجّرت وإنّ الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين(عليه السلام)، وما اختضبت منّا امرأة ولا ادّهنت ولا اكتحلت ولا رجّلت حتّى أتانا رأس عبيد الله بن زياد، وما زلنا في عبرة بعده، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته، وحتّى يبكي لبكائه رحمة له مَن رآه، وإنّ الملائكة الذين عند قبره ليبكون، فيبكي لبكائهم كلّ مَن في الهواء والسماء من الملائكة، ولقد خرجت نفسه(عليه السلام) فزفرت جهنّم زفرة كادت الأرض تنشقّ لزفرتها، ولقد خرجت نفس عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية فشهقت جهنّم شهقة لولا أنّ الله حبسها بخزانها لأحرقت مَن على ظهر الأرض من فورها، ولو يؤذَن لها ما بقي شيء إلّا ابتلعته، ولكنّها مأمورة مصفودة، ولقد عتت على الخزان غير مرّة حتى أتاها جبرئيل فضربها بجناحه فسكنت، وإنّها لتبكيه وتندبه وإنّها لتتلظّى على قاتله، ولولا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض واكفئت بما عليها، وما تكثر الزلازل إلّا عند اقتراب الساعة...»[290].
وقد تقدّم أنّ هذه الرواية ضعيفة من حيث السند.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدثني أبو عبد الرحمان محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن جميعاً، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه علي بن مهزيار، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن مروان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال الصادق(عليه السلام): إذا أردت المسير إلى قبر الحسين...»، وذكر الإمام(عليه السلام) آداب زيارة الحسين وكيفيّتها، وممّا جاء في كلامه: «بأبي أنت وأمي يا سيدي، بكيتك يا خيرة الله وابن خيرته، وحق لي أن أبكيك، وقد بكتك السماوات والأرضون والجبال والبحار، فما عذري ان لم أبكك ، وقد بكاك حبيب ربي، وبكتك الأئمة صلوات الله عليهم، وبكاك من دون سدرة المنتهى إلى الثرى جزعاً عليك»[291].
ورجال هذه الرواية كلّهم من الثقات باستثناء محمّد بن مروان فهو مجهول، وقد روى عنه في هذا الخبر محمّد بن أبي عمير، وهو من أصحاب الإجماع الذين أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عنهم، فإن قلنا بأنّ مفاد هذه القاعدة هو وثاقة كلّ بقية رواة السند أو صحّة الحديث، فستكون هذه الرواية صحيحة، وإنْ لم نقبل ذلك فالحديث ضعيف؛ بسبب جهالة محمد بن مروان.
هذه الروايات وإنْ اختلفت في مضامينها، إلّا أنّ الرواية الأُولى المنقولة عن الحسين بن ثور تفيد أنّ كلّ شيء في الوجود قد بكى على الحسين(عليه السلام)، وهي صحيحة السند، وكذلك الرواية برقم (5) أيضاً تفيد نفس المضمون وهي صحيحة سنداً أيضاً، فحينئذ يكون كلّ ما ورد في تلك الروايات مشمولاً بهاتين الروايتين، فحتّى لو كانت ضعيفة فهي تزداد قوّة بضميمة الروايات الصحيحة إليها.
تاسعاً: بكاء الملائكة على الحسين(عليه السلام)
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي& وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: ما لكم لا تأتونه؟ ـ يعني قبر الحسين(عليه السلام) ـ فإنّ أربعة آلاف ملك يبكون عند قبره إلى يوم القيامة»[292].
وأخرجه من طريق آخر، قال: «حدّثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن الفضيل، عن أحدهما(عليها السلام)، قال: إنّ على قبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شعث غبر، يبكونه إلى يوم القيامة. قال محمّد بن مسلم: يحرسونه»[293].
وقال: «وحدّثني أبي& وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما لكم لا تأتونه؟ ـ يعني قبر الحسين(عليه السلام) ـ فإنّ أربعة آلاف ملك يبكون عنده إلى يوم القيامة»[294].
هذه الرواية صحيحة السند، فرجال الطريق الأوّل كلّهم ثقات، رواها ابن قولويه عن أبيه وجماعة مشايخه، ومشايخه كلّهم ثقات، وسعد بن عبد الله الأشعري، وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، والحسين بن سعيد، وحمّاد بن عيسى الجهني، كلّهم من الثقات المعروفين، وربعي بن عبد الله ثقة أيضاً[295]، والفضيل بن يسار من الثقات الأجلّاء[296].
فالسند صحيح.
وكذلك الطريق الثاني فهو صحيح أيضاً، فمشايخ ابن قولويه ثقات، والصفار ثقة جليل القدر[297]، ومحمّد بن الحسين ثقة تقدّم مراراً، وحريز ثقة[298]، والفضيل ثقة تقدّم.
والخلاصة أنّ الرواية صحيحة السند.
أخرجها ابن قولوليه، قال: «وحدّثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي(عليها السلام)، لم يؤذَن لهم في القتال، فرجعوا في الاستيذان فهبطوا وقد قتل الحسين(عليه السلام)، فهم عند قبره شُعْثٌ غُبْر يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم مَلَك يُقال له: المنصور»[299].
وأخرجها الصدوق، قال: «حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا الحسن بن متيل، قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): وذكر نحوه»[300].
وأخرجها أيضاً في ثواب الأعمال بنحو يختلف عن هذا[301].
وأخرجها الكليني بتفصيل أكثر: قال: «محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ أربعة آلاف مَلَك عند قبر الحسين(عليه السلام) شُعْثٌ غُبْر يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم مَلَك يُقال له: منصور فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، ولا يودِّعه مودِّعٌ إلّا شيّعوه، ولا مَرِض إلّا عادوه، ولا يموت إلّا صلّوا على جنازته واستغفروا له بعد موته»[302].
هذا السند ضعيف، فهو يدور على موسى بن سعدان، وهو محلّ كلام، وعبد الله بن القاسم، وهو إنْ كان الحارثي فهو مجهول كما تقدّم، وإنْ كان المعروف بالبطل، فهو كذّاب، غال، يروى عن الغلاة، لا خير فيه، ولا يعتدّ بروايته على ما ذكر النجاشي[303].
نعم، أخرجه الصدوق بنحو آخر، قال: «وبهذا الإسناد، [أي: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان] عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): كأنّي أنظر إلى القائم(عليه السلام) على ظهر النجف، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرساً أدهم أبلق بين عينيه شمراخ، ثمّ ينتفض به فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلّا وهم يظنون أنّه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول الله| انحطّ إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكاً كلّهم ينتظر القائم(عليه السلام)، وهم الذين كانوا مع نوح(عليه السلام) في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم الخليل(عليه السلام) حيث أُلقيَ في النار، وكانوا مع عيسى(عليه السلام) حيث رُفِع، وأربعة آلاف مسومين ومردفين، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً، يوم بدر، وأربعة آلاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي(عليها السلام) فلم يؤذَن لهم فصعدوا في الاستيذان وهبطوا وقد قُتِل الحسين(عليه السلام) فهم شُعْثٌ غُبْر يبكون عند قبر الحسين(عليه السلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين(عليه السلام) إلى السماء مختلف الملائكة»[304].
وهذا السند صحيح معتبر، فابن الوليد والصفار وابن أبي عمير من الأجلّاء الثقات المعروفين، ويعقوب بن يزيد: «كان ثقة صدوقاً»[305].
وأبان بن عثمان، ثقة من أصحاب الإجماع، وأبان بن تغلب من الأجلّاء الثقات[306].
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن يحيى بن معمر العطار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: أربعة آلاف مَلَك شُعْثٌ غُبْر يبكونه إلى يوم القيامة»[307].
وبنحوذلك، أخرجها ابن قولويه من طريق آخر، قال: «وحدّثني أبي& وعلي بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: وكّل الله تعالى بالحسين(عليه السلام) سبعين ألف ملك، يصلّون عليه كلّ يوم شُعْثاً غُبْراً منذ يوم قُتِل إلى ما شاء الله. يعني بذلك قيام القائم(عليه السلام)»[308].
وكذلك قال: «وحدّثني محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدّثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن يحيى بن معمر العطار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: أربعة آلاف ملك شُعْثٌ غُبْر يبكون الحسين إلى يوم القيامة، فلا يأتيه أحد إلّا استقبلوه، ولا يمرض أحد إلّا عادوه، ولا يموت أحد إلّا شهدوه».
وقال: «وحدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بإسناده مثله»[309].
وهذه الرواية فيها كلام من جهة السند، فأمّا الطريق الأوّل والطريقين الأخيرين فمدارهما على أبي إسماعيل السراج، ويحيى بن معمر العطار، وفيهما كلام تقدّم، وقلنا إنّهما ثقات وفق بعض المباني، فيكون السند حينئذٍ صحيح، وإلّا فهو ضعيف.
وأمّا الطريق الثاني فتقدّم كلّ رجاله باستثناء علي بن الحكم، وعلي بن أبي حمزة، فأمّا علي بن الحكم، فهو ثقة جليل القدر[310]، وأمّا علي بن أبي حمزة البطائني فهو من رؤوس الواقفة، وفيه كلام كثير، واختلفت فيه الأنظار[311]، فبناءً على القول بوثاقته تكون الرواية موثّقة.
أخرجها ابن قولويه، قال: «وعن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن مبارك العطار، عن محمد بن قيس، قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): عند قبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شُعْثٌ غُبْر، يبكونه إلى يوم القيامة»[312].
هذه الرواية ضعيفة لجهالة مبارك العطار.
أخرجها الكليني، قال: «عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: وكّل الله بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف مَلَك شُعْث غُبْر يبكونه إلى يوم القيامة، فمَن زاره عارفاً بحقّه شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مَرِض عادوه غدوة وعشية، وإنْ مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة»[313].
وأخرجها ابن قولويه، من وجه آخر عن الحسين بن سعيد، قال: «حدّثني أبي ومحمد بن الحسن، عن الحسين بن حسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة...»[314]، وذكر نحوه.
وأخرجها من وجه آخر، قال: «وحدّثني أبي& ومحمد بن الحسن وعليّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «وكلّ الله به أربعة آلاف ملك شُعْث غُبْر، يبكونه إلى يوم القيامة»[315].
وأخرجها الصدوق، قال: «حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد&، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن هارون، عن هارون بن حمزة الغنوي»[316]، وذكره.
وأخرجها في موضع آخر، قال: «حدّثنا أبي&، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة»[317].
وأخرجها في ثواب الأعمال أيضاً[318].
وأخرجها ابن قولويه من غير طريق الحسين بن سعيد، قال: «حدّثني أبي& ومحمد بن عبد الله، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن أبي القاسم، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون، قال: سأل رجل أبا عبد الله(عليه السلام) وأنا عنده، فقال: ما لـمَن زار قبر الحسين(عليه السلام)؟ فقال: إنّ الحسين(عليه السلام) لـمّا أُصيب بكته حتى البلاد، فوكّل الله به أربعة آلاف ملك شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة. وذكر الحديث»[319].
ومن الواضح صحّة السند إلى القاسم بن محمد، لكنّ القاسم هذا محلّ كلام؛ إذ لم يرد نصٌّ في توثيقه، نعم بناءً على رواية ابن أبي عمير وصفوان عنه، وكذلك كونه كثير الرواية وقد روى الأجلاء عنه، يمكن القول بوثاقته كما هو مبنى جملة من العلماء.
كما أنّ هارون بن خارجة الراوي المباشر، ثقة[320].
لكنّ إسحاق بن إبراهيم الجعفي، مجهول، فتكون الرواية ضعيفة.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) بالمدينة: أين قبور الشهداء، فقال: أليس أفضل الشهداء عندكم؟! والذي نفسي بيده، إنّ حوله أربعة آلاف مَلَك شُعث غُبر يبكونه إلى يوم القيامة»[321].
وأخرجه من وجه آخر، قال: «حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العبّاس بن معروف بإسناده مثله»[322].
وأخرجه الصدوق، قال: «حدّثني محمد بن الحسن، قال: حدّثني محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) بالمدينة أين قبور الشهداء؟ قال: أليس أفضل الشهداء عندك الحسين(عليه السلام)؟! والذي نفسي بيده، إنّ حول قبره أربعة آلاف مَلَك شُعث غُبر يبكونه إلى يوم القيامة»[323].
فالظاهر أنّ ربعي تارة سمعها من الفضيل ـ كما مرّ سابقاً ـ وأُخرى من أبي عبد الله(عليه السلام).
خلاصة الحكم السندي على الرواية
وهذه الرواية صحيحة السند، فالعباس بن معروف ثقة[324].
وربعي ثقة تقدّم، كما أنّ البقية تقدّموا وكلّهم ثقات.
أخرجه ابن قولويه، قال: «وحدّثني أبي&، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: إنّ الله وكّل بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف مَلَك شُعث غُبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس هبط أربعة آلاف مَلَك وصعد أربعة آلاف مَلَك، فلم يزل يبكونه حتى يطلع الفجر. وذكر الحديث»[325].
خلاصة الحكم السَنَدي على الرواية
والرواية صحيحة السند، فالحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة، ثقة ثقة[326].
والعبّاس بن عامر، قال عنه النجاشي: «الشيخ الصدوق الثقة كثير الحديث»[327].
وأبان بن عثمان ثقة من أصحاب الإجماع.
وأبو حمزة الثمالي (ثابت بن أبي صفية)، من الثقات الأجلّاء[328].
أمّا شيخ ابن قولويه وشيخه سعد الأشعري فهما ثقتان كما تقدّم مراراً.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني أبي(عليه السلام)، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن صباح الحذاء، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: سمعته يقول: زوروا الحسين(عليه السلام) ولو كلّ سنة، فإنّ كلّ مَن أتاه عارفاً بحقّه غير جاحد لم يكن له عوض غير الجنّة، ورزق رزقاً واسعاً، وأتاه الله بفرج عاجل، إنّ الله وكّل بقبر الحسين بن عليّ(عليه السلام) أربعة آلاف مَلَك كلّهم يبكونه ويشيِّعون مَن زاره إلى أهله، فإن مرض عادوه، وإن مات شهدوا جنازته بالاستغفار له والترحّم عليه»[329].
وقال: «حدّثني حسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب باسناده مثله»[330].
خلاصة الدراسة السندية لهذه الرواية
صباح الحذاء ثقة[331].
والحسن بن محبوب ثقة جليل القدر[332]، وقد عُدّ من أصحاب الإجماع الذين أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عنهم، فإن قلنا بأنّ مفاد هذه القاعدة هو وثاقة كلّ بقية رواة السند أو صحّة الحديث، فستكون هذه الرواية صحيحة، وإنْ لم نقبل ذلك فالحديث ضعيف؛ لأنّ محمد بن مروان هو الذهلي كما استظهر السيّد الخوئي[333]، وهو مجهول.
أخرجها ابن قولويه، قال: «وحدّثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: وكّل الله بقبر الحسين(عليه السلام) سبعين ألف مَلَك شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة يُصلّون عنده، الصلاة الواحدة من صلاتهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين، يكون ثواب صلاتهم وأجر ذلك لـمَن زار قبره»[334].
خلاصة الحكم السَنَدي لهذه الرواية
هذا السند معتبر، فالراوي المباشر بكر بن محمد ثقة[335].
وسيف بن عميرة ثقة[336].
ومحمّد بن عيسى الأشعري، قال فيه النجاشي: «وجه القميين وشيخ الأشاعرة متقدّم عند السلطان...»[337]. وهذه العبارة إنْ لم تفد الوثاقة فلا أقل من إفادتها حسن حال الرجل.
وبقية الرواة ثقات تقدّموا. فالسند معتبر.
أخرجها ابن قولويه، قال: «وحدّثني محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن حنان بن سدير، عن مالك الجهني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: إنّ الله وكّل بالحسين(عليه السلام) مَلَكاً في أربعة آلاف مَلَك، يبكونه ويستغفرون لزواره ويدعون الله لهم»[338].
خلاصة الحكم السَنَدي على الرواية
ورجال هذا السند كلّهم من الثقات، باستثناء مالك بن أعين الجهني فهو محلّ خلاف، إذ لم يُنصّ على توثيقه ولا على تضعيفه، لكنّ رواياته تشهد على حسن عقيدته، كما روى عنه الأجلّاء وفيهم من أصحاب الإجماع، فحينئذٍ يكون ثقة وفق رأي جملة من العلماء[339].
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، قال: حدّثنا الهيثم بن واقد، عن عبد الملك بن مقرن، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: إذا زرتم أبا عبد الله(عليه السلام) فالزموا الصمت إلّا من خير، وإنّ ملائكة الليل والنهار من الحفظة تحضر الملائكة الذين بالحائر فتصافحهم فلا يجيبونها من شدّة البكاء فينتظرونهم حتى تزول الشمس وحتى ينور الفجر، ثمّ يكلّمونهم ويسألونهم عن أشياء من أمر السماء، فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون ولا يفترون عن البكاء والدعاء، ولا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم، فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم...»[340].
خلاصة الحكم السندي على الرواية
وهذه الرواية ضعيفة، ويكفي في ذلك جهالة عليّ بن محمّد بن سالم، وجهالة عبد الله بن حماد البصري، وكذلك ضعف عبد الله بن عبد الرحمن الأصم على ما تقدّم.
أخرجها ابن قولويه، قال: «وحدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، قال: حدّثنا أبو عبيدة البزاز، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قلت له: ـ جُعلت فداك ـ ما أقلّ بقاءكم أهل البيت، وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة هذا الخلق إليكم! فقال: إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر، وأتاه النبي| ينعى إليه نفسه، وأخبره بما له عند الله، وأنّ الحسين(عليه السلام) قرأ صحيفته التي أعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى، وبقي منها أشياء لم تنقضِ، فخرج إلى القتال. فكانت تلك الأُمور التي بقيت أنّ الملائكة سألت الله في نصرته، فأذن لهم، فمكثت تستعد للقتال وتأهّبت لذلك حتى قُتل، فنزلت الملائكة وقد انقطعت مدّته وقُتل(عليه السلام)، فقالت الملائكة: يا ربّ أذنت لنا بالانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا وقد قبضته، فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن الزموا قبّته حتى ترونه وقد خرج فانصروه، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته، وأنّكم خُصصتم بنصرته والبكاء عليه. فبكت الملائكة حزناً وجزعاً على ما فاتهم من نصرة الحسين(عليه السلام)، فإذا خرج(عليه السلام) يكونون أنصاره»[341].
وأخرجه الكليني (على ما في نسخة الصفواني)، قال: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن أبي عبد الله البزاز، عن حريز قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)...»[342]، وذكره.
وهذا الخبر ضعيف كسابقه.
خلاصة الحكم على روايات بكاء الملائكة
هذه الروايات مضافاً لكثرتها وتعدّد طُرُقِها، فقد تبيّن أنّ من بينها عدّة أخبار صحيحة، فالحادثة ثابتة لا ريب في ذلك.
ويدلّ عليها أيضاً ما دلّ على بكاء كلّ المخلوقات على الحسين(عليه السلام).
حيث إنّ موضوعنا يتعلّق بخصوص الحوادث غير الطبيعية الحاصلة بعد مقتل الحسين(عليه السلام)، وهي هنا بكاء الملائكة، فلا علاقة لنا بما أوردته الروايات خارج عن محلّ الموضوع.
والروايات هنا كلّها تصرّح ببكاء الملائكة وأغلبها حدّدتهم بأربعة آلاف مَلَك، وهذا البكاء نحن نجهل حقيقته وكنهه؛ إذ لا نعرف للملائكة عيون ودموع كي تذرفها، ولم يتّضح لنا الشيء المادي المنعكس والمعبِّر عن ذلك البكاء كحمرة السماء المعبِّرة عن بكائها، أو مطر السماء دماً، وهكذا، لكن من المقطوع به أنّ الروايات تشير إلى حالة الحزن والعزاء الشديد الذي أقامه العالم أجمع بمخلوقاته المختلفة على الحسين بن عليّ(عليه السلام)، وهو يستبطن عمق المأساة وفداحة الخطب الذي حلّ بالعالم نتيجة قتل الحسين(عليه السلام)، كما يستبطن حجم المظلومية التي حلت بأهل البيت(عليهم السلام)، كما أنّه يحمل عدّة دلالات سنشير لها في فصل الدلالات العامّة إن شاء الله.
وبنفس هذا المعنى تشير الروايات السابقة التي تدلّ على بكاء الوحوش والطيور وكلّ شيء (ما يُرى وما لا يُرى) على الحسين(عليه السلام)، فإنّها تمثِّل حالة الحزن الشديد التي اعترت العالم بأسره، وتبيّن ما للحسين من مقام سامٍ في السماء، وما عليه أعداؤه من انحراف وانحطاط، وتشير أيضاً إلى عمق المأساة وحجم الجريمة وشدّة الظلم الذي تعرّض له الحسين(عليه السلام) وأنصاره، وسيأتي بيان عدّة من الدلالات في الفصل الأخير إن شاء الله.
عاشراً: نوح البوم ومصيبتها على الحسين (عليه السلام)
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: سمعته يقول في البومة، قال: هل أحد منكم رآها بالنهار؟ قيل له: لا تكاد تظهر بالنهار ولا تظهر إلّا ليلاً. قال: أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قُتل الحسين(عليه السلام) آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلّا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتى يجنّها الليل، فإذا جنّها الليل فلا تزال ترنّ على الحسين(عليه السلام) حتى تصبح»[343].
خلاصة الدراسة السَنَدية لهذه الرواية
لا كلام في السند إلا من جهة محمّد بن عيسى، والحسين بن أبي غندر، أمّا محمّد بن عيسى بن عبيد فقد وثّقه النجاشي وغيره، وضعّفه الطوسي تبعاً لاستثناء ابن الوليد له، والمرجّح الذي عليه أهل التحقيق كالوحيد البهبهاني والسيّد الخوئي أنّه ثقة[344].
والحسين بن أبي غندر، لم يرد فيه جرح ولا توثيق، إلّا أنّ رواية صفوان بن يحيى ـ وهو من أصحاب الإجماع ومن الذين قيل فيهم أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ـ عنه، توجب وثاقة الرجل وفق مبنى عدّة من العلماء، وكونه من أرباب الأُصول قرينة أُخرى يتقوّى بها حال الرجل.
والخلاصة أنّ هذا السند معتبر.
أخرجها ابن قولويه: «حدّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن علي بن صاعد البربري ـ قيِّماً لقبر الرضا(عليه السلام) ـ قال: حدّثني أبي، قال: دخلت على الرضا(عليه السلام) فقال لي: ترى هذه البوم ما يقول الناس؟ قال: قلت: ـ جُعلت فداك ـ جئنا نسألك، قال: فقال: هذه البومة كانت على عهد جدّي رسول الله| تأوي المنازل والقصور والدور، وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير وتقع أمامهم فيُرمى إليها بالطعام وتُسقى، وتَرجع إلى مكانها، فلمّا قُتل الحسين(عليه السلام) خرجت من العمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الأُمّة أنتم، قتلتم ابن بنت نبيّكم ولا آمنكم على نفسي»[345].
وهذه الرواية ضعيفة السند، فعلي بن صاعد البربري الراوي المباشر مجهول، وابنه الحسين مجهول أيضاً.
أخرجها ابن قولويه: «وحدّثني محمد بن جعفر الرزاز، عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: إنّ البومة لتصوم النهار، فإذا أفطرت تدلّهت على الحسين بن عليّ(عليها السلام) حتّى تصبح»[346].
وهذه الرواية ضعيفة السند أيضاً لإبهام الراوي المباشر.
4 ـ رواية الحسن بن علي الميثمي
أخرجها ابن قولويه: «حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن سعد بن عبد الله، عن موسى بن عمر، عن الحسن بن علي الميثمي[347]، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا يعقوب، رأيت بومة بالنهار تنفس قط؟ فقال: لا. قال: وتدري لـِمَ ذلك؟ قال: لا. قال: لأنّها تظل يومها صائمة على ما رزقها الله، فإذا جنّها الليل أفطرت على ما رُزقت، ثمّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّ(عليها السلام) حتى تصبح»[348].
خلاصة الحكم السَنَدي لهذه الرواية
أمّا موسى بن عمر فالظاهر هو موسى بن يزيد بن عمر، لرواية سعد بن عبد الله عنه، وموسى هذا لم يوثّق، إلّا أنّه معروف وله كتاب ورواياته كثيرة، فيمكن القول باعتبار حديثه، لكنّ الحسن بن علي الميثمي مجهول، فتبقى الرواية ضعيفة.
خلاصة الحكم على حادثة نوح وبكاء البوم
ممّا تقدّم يتبيّن أنّ هذه الحادثة ثابتة أيضاً، وذلك من خلال أمرين:
الأوّل: إنّ الرواية الأُولى معتبرة سنداً، ومتعاضدة مع بقية الروايات، خصوصاً أنّ غاية ضعفها شمولها على المجاهيل، ولم يثبت ضعف أيٍّ منهم.
الثاني: إنّها مشمولة بروايات بكاء كلّ شيء على الحسين(عليه السلام)، المتقدّمة والمتضمّنة لبعض الطرق الصحيحة.
ومن الواضح من هذه الروايات أنّ هذا الطائر وهو البوم قد هجر العمران والقصور والمباني وسكن الصحاري حزناً وتأسّفاً على ما قامت به الأُمّة من قَتل ابن بنت نبيّها، وهي إشارة صريحة إلى عظيم جرمهم، وقُبِحِ فعلهم بحيث حتى الطائر خشى على نفسه منهم، ومن جهة أُخرى فإنّها ـ أي البومة ـ تنوح وتنعى الحسين(عليه السلام) لما للظلم الذي شاهدته والمأساة التي حلّت به، فهي تبيّن جانب المظلومية من جهة، وجانب القسوة والانحراف عند أولئك القوم من جهة أُخرى.
كما أنّها تشير إلى دلالات عدّة تتعلّق بالثورة الحسينيّة وقداستها وأهدافها، سيأتي التعرّض لها في الدلالات العامّة بإذن الله.
حادي عشر: انتُهبت جزور فلمّا طُبخت صارت دماً
أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثنا إسماعيل بن موسى السدي، ثنا ذويد الجعفي عن أبيه، قال: لمّا قُتِل الحسين (رضي الله عنه) انتُهب جَزُورٌ من عسكره فلمّا طُبخت إذا هي دم فأكفؤوها»[349].
ومن طريقه أبو نعيم[350]، وفيه: زويد الجعفي عن أبيه، وليس ذويداً.
ورواه أبو الشيخ ـ كما ذكر الزرندي ـ بسنده إلى حمامة بنت يعقوب الجعفية، باختلاف في اللفظ، قالت: «كان في الحي رجل ممّن شهد قتل الحسين فجاء بناقة من نوق الحسين(عليه السلام) فنحرها وقسّمها في الحيّ فالتهبت القدور ناراً فأكفيناها»[351].
وروى بنحو ذلك أيضاً: «أنّه يوم قتل الحسين أصبحوا من الغدو كلّ قدر لهم طبخوها صار دماً، وكلّ إناء لهم فيه ماء صار دماً»[352].
أمّا خبر الطبراني فقد صحّحه الهيثمي، حيث أورده في زوائده، ثمّ قال: «رواه الطبراني، ورجاله ثقات»[353].
وأمّا خبر أبي الشيخ، فمرسل لم نقف على سنده.
ثاني عشر: الكواكب يضرب بعضها بعضاً
تقدّم ذكر هذه الفقرة عند تخريج روايات حُمرة السماء، فقد وردت في خبر أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث الكندي، قال: لـمّا قُتِل الحسين (رضي الله عنه) مكثنا سبعة أيام إذا صلّينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف الـمُعَصْفَرة[354]، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا»[355].
وأخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخه[356].
وأورده المزي في تهذيبه[357]، والذهبي في سِيَره[358].
لكن عرفنا هناك أنّ الخبر بهذا السند ضعيف.
غير أنّها قد تكون كناية عمّا حصل بالكون بأسره من اضطراب وظلام، ومطر للدم، وكسوف للشمس وما صاحب ذلك، فتخيّل الراوي أنّ الكواكب ضرب بعضها البعض، فالراوي يخبر ضمناً عن أُمور جسيمة قد حصلت، وهذا المقدار صحيح وثابت كما هو واضح من الأحداث التي درسناها في هذا الكتاب.
وما يؤيّد ذلك ما ورد عند الشيعة في رواية تقدّمت، أخرجها ابن قولويه عن رجلٍ من أهل بيت المقدس ذكر فيها فيها عدّة حوادث، كالمطر دماً والكسوف وغيرها، من جملتها ما حدث للنجوم، حيث عبّر عنه الراوي بـ «وانشبكت النجوم»[359].
فالخبران ربّما يشيران إلى معنى واحد والله العالم.
ثالث عشر: الزعفران أحرق وجوههم
وقد تقدّمت هذه الفقرة في روايات (ما رُفِع حجر إلّا وُجِد تحته دم عبيط)، أخرجها ابن عساكر من طريق البيهقي والخطيب وابن هبة الله، قالوا: «أنا محمّد بن الحسين، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب، حدّثني أيوب بن محمّد الرقي، نا سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمرو الكندي، قال: حدّثتني أُمّ حيان قالت: يوم قُتِل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلب حجر ببيت المقدس إلّا أصبح تحته دم عبيط»[360].
وقد تقدّم تخريج الخبر مفصّلاً، فراجع.
كما ورد ما يؤيِّد ذلك في رواية الشيخ الطوسي ـ واللفظ له ـ وابن شهر آشوب عند الشيعة، حيث جاء فيها: «كان عندنا رجل خرج على الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، قالت: فلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً»[361].
رابع عشر: خروج قلم من حديد أو كف كتب شعراً يرثي الحسين(عليه السلام)
أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثنا محمّد بن عبد الرحمن بن صالح الأسدي، ثنا السري[362] بن منصور بن عمّار، عن أبيه عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: لمّا قُتل الحسين بن عليّ (رضي الله عنهما) احتزّوا رأسه وقعدوا في أوّل مرحلة يشربون النبيذ يتحيون بالرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب بسطر دم:
أتـرجـو أُمّـةٌ قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعةَ جدّه يوم الحساب |
فهربوا وتركوا الرأس ثمّ رجعوا»[363].
وأخرجه من طريقه المزي، قال: «أخبرنا بذلك أبو إسحاق بن الدرجي، قال: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني في جماعة، قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي. فذكره»[364].
ومن طريق الطبراني أيضاً، أخرجه ابن عساكر[365]، وابن العديم[366]، والكنجي الشافعي[367].
وأورده الصالحي الشامي من طريق منصور بن عمار[368].
وأورده الذهبي في تاريخه[369].
وأورده السيوطي عن أبي نعيم[370].
وأخرجه الكوفي في مناقبه، قال: «أبو أحمد قال: أخبرنا أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس [عن ابن لهيعة] عن أبي قبيل، قال: لـمّا حمل رأس الحسين (رضي الله عنه) وضعوه وهم يشربون فخرجت كفٌّ من [حائط] فيها قلم فكتبت سطراً بدم:
أتـرجـو أُمّـةٌ قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعةَ جدّه يوم الحساب[371]. |
وأخرجه ابن المغازلي، قال: «أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي&، حدّثنا أبوالفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميميّ، حدّثنا القاضي أبو بكر محمد بن [عمر الجِعابي، حدّثنا ] سَرِيُّ بن منصور بن عمّار، حدّثنا أبي عن أبي لَهِيعَة، عن أبي قَبِيل، قال: لمّا قُتِل الحسين بن عليّ(عليها السلام) أخذوا الرّأس وأسرُّوا به، فلمّا صار الليل قَعدوا يشربون ويتحيّون بالرأس، فخرجت عليهم كَفٌّ من حائط فيها قَلَم من حديد وكتبت سَطراً بدم:
أتـرجـو أُمّـةٌ قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدِّه يومَ الحساب[372]. |
وأخرجه ابن النجار والشجري مسنداً إلى «سليم بن منصور بن عمار، حدّثنا أبي، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: لمّا قُتِل الحسين بن عليّ(عليها السلام) وحملوا رأسه جلسوا يشربون ويحيي بعضهم بعضاً بالرأس، فخرجت يد فكتبت بقلم حديد بدم على الحائط:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدِّه يومَ الحساب؟ |
فتركوا الرأس وهربوا»[373].
وأخرجه الخوارزمي من وجه آخر عن منصور، فرواه مسنداً إلى أبي عبد الله الحافظ: «أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن إسحاق البغوي ببغداد، حدّثنا أبو بكر بن أبي العوّام، حدّثني أبي، حدّثني منصور بن عمّار، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: لـمّا قُتِل الحسين(عليه السلام) بعث برأسه إلى يزيد، فنزلوا أوّل مرحلة، فجعلوا يشربون ويبتهجون بالرأس، فخرجت عليهم كفّ من الحائط معها قلم من حديد، فكتبت سطراً بدم:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدِّه يومَ الحساب»[374]. |
وأورده الطبري، قال: «عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: لـمّا قُتِل الحسين بن علي بعث برأسه إلى يزيد...»، فذكره، وقال بعده: «خرّجه منصور بن عمّار»[375].
وأورده ابن حجر الهيتمي، وقال: «أخرجه منصور بن عمّار»[376].
وأخرجه الآجري، قال: «ولقد بلغني في حديث لا يحضرني إسناده أنّ قوماً كانوا في سفر، فنزلوا منزلاً، فبينا هم يتغدون خرجت عليهم كفٌّ مكتوب فيها:
أتـرجـو أُمّـةٌ قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جده يومَ الحساب»[377]. |
هذا والخبر روي بلفظ آخر يفيد أنّ البيت الشعري وجد مكتوباً في كنيسة من أرض الروم منذ سالف الأزمان، وحيث إنّ الحوادث الواقعة قبل مقتله(عليه السلام) غير داخلة في محلّ بحثنا، لذا نكتفي هنا من أجل التنويه بما ذكره ابن حجر، بعد أنْ عزا الخبر إلى منصور بن عمار، قال: «وذكر غيره أنّ هذا البيت وُجد بحجر قبل مبعثه بثلاثمائة سنة، وأنّه مكتوب في كنيسة من أرض الروم لا يُدرى مَن كتبه»[378].
من الواضح أنّ الرواية تدور على منصور بن عمّار، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، ورواها، عن منصور غير واحد، بل إنّ منصور قد أخرجها في كتابه كما نوّه وأشار إلى ذلك عدّة من العلماء.
بل في رواية محمّد بن سليمان الكوفي، عن شيخه أبي أحمد عن الرازي، عن ابن لهيعة عن أبي قبيل، وهذا يعني أنّ منصور بن عمار متابع من قِبَل الرازي.
فما يتعلّق برواية منصور بن عمّار، أنّ منصور بن عمّار يمكن عدّ حديثه من الحسان، فقد قال فيه السمعاني: «ومن القدماء أبو السري منصور بن عمّار بن كثير السلمي الواعظ الدندانقاني ومسجده في الرمل إلى الساعة مشهور يتبرك به، كان من القصاص المحسنين، ولم يكن له نظير في وقته في حسن الوعظ»[379].
وقال الذهبي: «كان زاهداً، واعظاً، كبير الشأن»[380].
وقال أيضاً: «قال أبو حاتم: صاحب مواعظ ليس بالقوي»[381]، ومن المعروف عند أهل الفنّ أنّ المراد من جملة (ليس بالقوي) هو الوسط في الحديث، وهو مَن كان حديثه حسناً، خصوصاً أنّ أبا حاتم يُعدّ من المتشدّدين.
وقال ابن عدي: «وأرجو أنّه مع مواعظه الحسنة لا يتعمد الكذب، وإنكار ما يرويه لعلّه من جهة غيره»[382].
وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: «ليس من أهل الحديث الذين يحفظون، وأكثر روايته عن الضعفاء»، كما أنّه غمز في روايته «عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب مسنداً عن النبي’: مشاش الطير يورث السل»، وقال: «إنّ هذا ليس من حديث أبي لهيعة»[383].
والخلاصة: أنّ التأمّل في تراجم الرجل والوقوف على ما قيل فيه توجب القول بقبول روايته، وأنّه حسن الحديث.
وأمّا أبو قبيل فقد تقدّم قبول حديثه.
وابن لهيعة فيه خلاف، وقد تقدّم تفصيل الكلام فيه، والذي يقتضيه التحقيق قبول روايته، فتكون هذه الرواية حسنة الإسناد.
أمّا ما يتعلّق برواية الكوفي فشيخه أبو أحمد، هو عبد الرحمن بن أحمد الهمداني، لم أقف له على ترجمة، مع إكثار المؤلّف من النقل عنه، إذ نقل عنه (132) رواية عن (58) شيخاً[384].
وأبو حاتم الرازي محمّد بن إدريس، ثقة من أعمدة أهل الجرح والتعديل.
وابن لهيعة وأبو قبيل مرّ الكلام عنهما، فهذا الوجه ضعيف لكنه متعاضد مع الطريق الآخر، فمدار الرواية حينئذٍ هو ابن لهيعة وأبو قبيل، وهما مقبولان على التحقيق.
مما تقدّم يتبيّن أنّ الرواية حسنة الإسناد.
وقد رواه من كتب الشيعة الراوندي في خرائجه مسنداً، قال: «ما أخبرني به الشيخ أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الأصفهاني، عن الشيخ أبي سعيد محمد بن عبد الله بن عمر الخاني البزاز، عن أبي القاسم بكران بن الطيب بن شمعون القاضي[385] المعروف بـ (ابن أطروش) بجرجرايا، حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد، أبي، أبي الحسن بن عمرو [في البحار: أحمد بن عبد الرحمن، عن سعد عن سليمان...]، عن سليمان بن مهران الأعمش، قال: بينا أنا في الطواف بالموسم إذ رأيت رجلاً يدعو وهو يقول: اللّهم اغفر لي وأنا أعلم أنّك لا تفعل.
قال: فارتعت لذلك، فدنوت منه وقلت: يا هذا، أنت في حَرَم الله وحَرَم رسوله، وهذه أيام حُرُم في شهر عظيم، فلِمَ تيأس من المغفرة؟ قال: يا هذا ذنبي عظيم! قلت: أعظم من جبل تهامة؟! قال: نعم. قلت: يوازن الجبال الرواسي؟! قال: نعم، فإن شئت أخبرتك. قلت: أخبرني. قال: أخرج بنا عن الحَرَم. فخرجنا منه. فقال لي: أنا أحد مَن كان في العسكر المشؤوم، عسكر عمر بن سعد عليه اللعنة، حين قُتِل الحسين بن علي(عليه السلام)، وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة، فلمّا حملناه على طريق الشام نزلنا على دير للنصارى، وكان الرأس معنا مركوزاً على رمح، ومعه الأحراس، فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، فإذا بكفٍ في حائط الدير تكتب:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدّه يوم الحساب |
قال: فجزعنا من ذلك جزعاً شديداً، وأهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها، فغابت ثمّ عاد أصحابي إلى الطعام، فإذا الكفّ قد عادت تكتب مثل الأوّل:
فلا والله ليس لهم شفيع |
|
وهو يوم القيامة في العذاب |
فقام أصحابنا إليها، فغابت [ثمّ عادوا إلى الطعام] فعادت تكتب:
وقد قتلوا الحسين بحكم جور |
|
وخالف حكمهم حكم الكتاب |
فامتنعت عن الطعام، وما هنأني أكله...»[386].
وقال ابن نما: «فروى النطنزي عن جماعة عن سليمان بن مهران الأعمش، قال: بينما أنا في الطواف أيام الموسم...»[387]، وذكر شطراً منه.
وفي مناقب آل أبي طالب، عن البيهقي في دلائله[388]، ولم نعثر عليها في الدلائل المطبوع حالياً.
حسب الظاهر أنّ هذه الرواية من طرق أهل السنّة، فابن نما رواها عن النطنزي، وابن شهر آشوب عن البيهقي وكلاهما من أهل السنّة.
وأمّا الراوندي، فالظاهر أنّه ـ أيضاً ـ أخذ هذه الرواية من أهل السنّة، فشيخه الصيرفي هو أحد علماء أهل السنّة المعروفين، قال عنه الذهبي: «الشيخ الصالح، العالم الثقة، بقية المشايخ، أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء محمّد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن حجاج الأصبهاني الصيرفي...»[389].
في حين لم أقف له على ترجمة في كتب الشيعة.
وبكران بن الطيب، ذكره ابن عبد الغني في التكملة، قال: «القاضي أبو القاسم بكران بن الطيب بن شمعون المعروف بابن الأطروش حدّث بجرجرايا، عن أبي بكر محمد بن أحمد المفيد، حدّث عنه محمّد بن عبد الله بن عمر الحاني حديثه في فوائد سعيد الصيرفي الأصبهاني»[390].
وروى عنه الخطيب عدّة من الأخبار.
في حين لم أجد له ذكراً في المصادر الشيعيّة.
والخلاصة أنّ الرواية ضعيفة وفق المباني الشيعيّة، والظاهر أنّها رواية سنيّة كما أوضحنا وهي تصلح مؤيِّداً وشاهداً على الخبر السابق.
خامس عشر: الجفنة[391] (جفنة الطعام) فارت ناراً
أخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي، ثنا أبو غسان، حدّثنا أبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، عن أبي حميد الطحان قال: كنت في خزاعة فجاؤوا بشيء من تركة الحسين، فقيل لهم: ننحر، أو نبيع فنقسم، قال: انحروا. قال: فجلس على جفنة فلمّا وضعت فارت ناراً»[392].
ومن طريقه أخرجها ابن عساكر[393]، وابن العديم[394].
وأوردها المزي، قال: «وقال محمّد بن عبد الله الحضرمي: حدّثنا أحمد بن يحيى...»[395]، وساقه سنداً ومتناً.
وأورده الهيثمي في مجمعه[396].
الحضرمي ثقة تقدّم ذكره.
أحمد بن يحيى الصوفي، ثقة، وثّقه أبو حاتم[397]، وذكره ابن حبّان في الثقات[398]، و«قال النسائي: لا بأس به»[399].
ووثّقه الذهبي[400]، وابن حجر[401].
وأبو غسان، هو مالك بن إسماعيل النهدي، ثقة ثبت معروف، قال فيه الذهبي: «حجّة، عابد، قانت لله»[402]، قال ابن حجر: «ثقة متقن، صحيح الكتاب، عابد»[403].
وأبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، لم أقف عليه ولا على عمّه، ولعلّه عبد الله بن نمير الهمداني شيخ ابن أبي شيبة وغيرهم من أهل الحديث، فقد ورد بعنوان (أبو نمير) في بعض الأخبار[404]، فإن كان هو فهو ثقة[405].
وأبو حميد الطحان، لم أقف له على ترجمة، وبحثت في جميع شيوخ عبد الله بن نمير فوجدت أربعة منهم قد لُقّب بالطحان، وهم:
1 ـ إسماعيل بن هرمز
2 ـ موسى بن مسلم
3 ـ وليد بن العقبة بن المغيرة
4 ـ عمران بن أبان بن عمران
وهؤلاء كلّهم لُقِّبوا بالطحان، لكن لم نجد أحداً منهم كُنّي بأبي حميد، إلّا أن يكون المذكور هو كنية للراوي غير مشتهر بها.
وإسماعيل وموسى ثقات، ووليد صدوق وعمران مختلف فيه.
فبناءً على أنّ (أبو حميد الطحان) هو أحد هؤلاء فستبقى الرواية متأرجحة بين الصحّة والضعف.
ثمّ إنّي رايت بعض نسخ مجمع الزوائد وقد نقلت فيه الرواية عن (حميد الطحان) وليس عن أبي حميد.
وقد بحثت عن هذا الاسم في شيوخ ابن نمير فعثرت على شخص باسم (حميد بن أبي حميد الخياط) وليس (الطحان)، وهذا الخياط ذكر الهيثمي في موضع آخر أنّه لا يعرفه[406]، وذكر هنا أنّ في الخبر مَن لم يعرفه[407].
فإنْ كان المقصود هو حميد الخياط وقد وقع تصحيف، فحميد هذا هو حميد بن مهران (حميد بن أبي حميد الخياط) وهو ثقة[408].
والخلاصة أنّه لا يمكن إثبات الخبر ولا نفيه، والله العالم، غير أنّه في ذاته ليس ببعيد، خصوصاً مع ملاحظة بقية الآيات والحوادث التي ظهرت بعد مقتله(عليه السلام).
وقد ورد قريب من هذا المعنى في روايات الشيعة أيضاً، فقد روى الطوسي في أماليه قال: «عن أحمد بن الصلت، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: حدّثنا ناصح أبي عبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، قالت: فلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً. قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشيء فتلطخه على يدها فيصير منه برص. قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلمّا حزّوا بالسكين صار مكانها ناراً. قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه ناراً. قالت: فقطّعوه فخرجت منه النار. قالت: فطبخوه فكلمّا أوقدوا النار فارت القدر ناراً. قالت: فجعلوه في الجفنة فصار ناراً. قالت: وكنت صبية يومئذٍ فأخذت عظماً منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذٍ امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب. قالت: فلمّا حززناه بالسكين صار مكانه ناراً، فعرفنا أنّه ذلك العظم فدفناه»[409].
وهذا السند ضعيف أيضاً، ويكفي أنّ الرواي المباشر غير معروف، فقد رواها ناصح عن قريبة جارية لهم، من دون أنْ يُصرّح باسمها، لكن هذه الرواية تتعاضد مع سابقتها وتعطي احتمالية أكبر لتحقق الحادثة.
ويؤيّده أيضاً ما نقله ابن شهر آشوب عن أحاديث ابن الحاشر، قال: «أحاديث ابن الحاشر[410]: قال: كان عندنا رجل خرج علي الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت امرأته علي يديها فصارت برصاء، قال: ونحر البعير فكلمّا جزوا بالسكين صار مكانها ناراً، قال: فقطّعوه فخرج منه النار، قال: فطبخوه ففارت القدر ناراً»[411].
وما يتعلّق بفوران القدر ناراً فقد تقدّم ما رواه أبو الشيخ ـ كما ذكر الزرندي ـ بسنده إلى حمامة بنت يعقوب الجعفية، قالت: «كان في الحي رجل ممّن شهد قتل الحسين فجاء بناقة من نوق الحسين(عليه السلام) فنحرها وقسّمها في الحي فالتُهبت القدور ناراً فأكفيناها»[412].
لكنّ الخبر مرسل لم نقف على سنده.
سادس عشر: نزول الأنبياء والملائكة
ورد في مصادر الفريقين قصّة لا تخلو من غرابة تفيد بأنّ الأنبياء وجبرئيل وجمع من الملائكة نزلوا في إحدى الليالي، وذكروا في ذلك أحداثاً مطوّلة، ونحن نوردها كما أثبتتها المصادر وعهدتها على ناقليها:
أوّلاً: ما أوردته كتب أهل السنّة
قد اختُلف في الراوي المباشر لهذه الرواية فتارة أنّ الذي التقى برجل عند الطواف في بيت الله الحرام هو عبد الله بن لهيعة، وتارة أُخرى أنّ الذي التقى بذلك الرجل هو الأعمش!
ما أخرجه الخوارزمي، قال: «وحدّثنا عين الأئمّة أبوالحسن عليّ بن أحمد الكرباسي الخوارزمي، حدّثنا الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن محمّد البلالي، حدّثنا الإمام السيّد المرتضى أبوالحسن محمّد بن محمّد بن زيد الحسيني الحسني، أخبرنا الحسن بن أحمد الفارسي، أخبرنا علي بن عبد الرحمن، حدّثنا محمّد بن منصور، حدّثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن ابن لهيعة، قال: كنت أطوف بالبيت إذا أنا برجل يقول: اللّهمّ اغفر لي وما أراك فاعلاً! فقلت له: يا عبد الله، اتّق الله! لا تقل مثل هذا، فإنّ ذنوبك لو كانت مثل قَطْر الأمطار وورق الأشجار واستغفر الله غفرها لك، فإنّه غفور رحيم. فقال لي: تعال حتّى أخبرك بقصّتي. فأتيته فقال: اعلم أنّا كنّا خمسين نفراً حين قُتِل الحسين بن علي، وسلّم إلينا رأسه لنحمله إلى يزيد بالشام، فكنّا إذا أمسينا نزلنا وادياً ووضعنا الرأس في تابوت، وشربنا الخمور حوالي التابوت إلى الصباح، فشرب أصحابي ليلة حتّى سكروا ولم أشرب معهم، فلمّا جنّ الليل سمعت رعداً وبرقاً، وإذا أبواب السماء قد فتحت، فنزل آدم ونوح وإبراهيم وإسحاق وإسماعيل ونبيّنا محمّد (صلوات الله عليهم)، ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت فأخرج الرأس وقبّله وضمّه، ثمّ فعل الأنبياء كذلك، ثمّ بكى النبيّ| على رأس الحسين، فعزّاه الأنبياء وقال له جبرئيل: يا محمّد، إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أطيعك في أُمّتك، فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض، وجعلت عاليها سافلها، كما فعلت بقوم لوط. فقال النبي|: لا يا بجبرئيل، فإنّ لهم معي موقفاً بين يدي الله (عزّوجلّ) يوم القيامة. قال: ثمّ صلّوا عليه، ثمّ أتى قوم من الملائكة فقالوا: إنّ الله تعالى أمرنا بقتل الخمسين. فقال لهم النبي|: شأنكم بهم. قال: فجعلوا يضربونهم بالحربات، وقصدني واحد منهم بحربته ليضربني، فصحت: الأمان الأمان يا رسول الله، فقال لي: اذهب فلا غفر الله لك! قال: فلمّا أصبحت رأيت أصحابي جاثمين رماداً».
قال الخوارزمي: «ورويت هذا الحديث بإسنادي إلى أبي عبد الله الحدادي، عن أبي جعفر الهندواني، بإسناده إلى ابن لهيعة، وفيه زيادة عند قوله: لنحمله إلى يزيد، قال: وكان كلّ مَن قتله جفّت يده، وفيه بعد: سمعت صوت رعد، لم أسمع مثله، فقيل: قد أقبل محمّد، وسمعت بصهيل الخيل، وقعقعة السلاح مع جبرئيل وميكائيل وإسرافيل والكرّوبيين والروحانيين والمقرّبين، وفيه: فشكا النبي| إلى النبيّين والملائكة، وقال: قتلوا ولدي وقرّة عيني، فكلّهم قبّل الرأس وضمّه إلى صدره، والباقي من الحديث يقرب بعضه من بعض»[413].
قال يوسف بن حاتم العاملي: «وروى النطنزي في كتاب الخصائص، عن جماعة، عن سليمان بن مهران الأعمش، قال: بينا أنا في الطواف أطوف بالبيت وكنّا بالموسم إذ رأيت رجلاً يدعو ويقول في دعائه: اللّهم اغفر لي، وأنا أعلم أنّك لا تغفر لي. قال: فارتعت لذلك، ثمّ دنوت إلى الرجل فقلت: يا هذا، أنت في حرم الله (عزّ وجلّ) وهذه أيام حرم في شهر عظيم، فلِمَ تأيس من المغفرة؟ فقال: يا هذا، إنّ ذنبي عظيم. فقلت: أعظم من تهامة؟ قال: نعم. قلت أعظم من الجبال الرواسي؟ قال: نعم وإن شئت أخبرتك. فقلت: أخبرني: قال: اخرج بنا عن الحَرم إلى الحِلّ. فخرجنا من الحَرم حتى أتينا شِعْب أبي طالب، فقلت له: يا هذا، حدّثني بحديثك فقد كادت نفسي تتلف شوقاً. فقال: اخرج عن شِعْب أبي طالب، فإنّي ما كنت لأقعد في شِعْب رجل سعيت في قتل ولده. فخرجنا عن الشِعْب وجلسنا في ظاهر مكّة، فقال لي: أنا أحد مَن كان في العسكر المشؤوم، عسكر عمر بن سعد حين قُتِل الحسين(عليه السلام)، وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد (قبح الله وجهه)، وكان السبب في ذلك إنّا فارقنا الكوفة وحملناه على طريق الشام، فنزلنا على دير النصارى، وكان الرأس معنا مركوز على رمح ومعه الأحراس، فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، وإذا بكفٍّ تكتب على حائط الدير:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدّه يوم الحساب |
قال: فجزعنا لذلك جزعاً شديداً، وأهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها فغابت، ثمّ عاد أصحابي إلى الطعام ليأكلوا فإذا الكفّ قد عادت تكتب مثل الأوّل، فقام أصحابنا إليها فغابت، فامتنعتُ من الطعام وما هنأني أكله. ثمّ أشرف علينا راهب من الدير فرأى نوراً ساطعاً من فوق الرأس، فأشرف فرأى عسكراً، فقال الراهب للحرس: من أين جئتم؟ قالوا: من العراق حاربنا الحسين بن علي(عليه السلام). فقال الراهب: ابن فاطمة الزهراء، ابن بنت رسولكم، وابن عمّ نبيِّكم؟! قالوا: نعم. قال: تباً لكم يا معاشر القوم، والله لو كان لعيسى ابن لحملناه على أحداقنا، ولكن لي إليكم حاجة. قالوا: وما هي؟ قال: قولوا لرئيسكم عندي عشرة آلاف دينار ورثتها عن أبي وورثها أبي عن جدّي ليأخذها ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل، فإذا رحل رددته إليه.
فأخبروا عمر بن سعد بذلك، فقال: خذوا منه الدنانير وأعطوه الرأس إلى وقت الرحيل. فجاؤوا إلى الراهب، فقالوا: هات المال حتى نعطيك الرأس. فأدلى الراهب جرابين في كلّ جراب خمسة آلاف دينار. فدعا عمر بالناقد والوزان فانتقدا ووزنا ودفعها إلى جارية له، وأمر أن يُعطى الرأس. فأخذ الراهب الرأس فغسله ونظّفه وحشّاه بمسك وكافور كان عنده، ثمّ جعله في حرير ووضعه في حجره، ولم يزل ينوح ويبكي عليه حتى نادوه وطلبوا منه الرأس، وقال: يا رأس، والله ما أملك إلّا نفسي فإذا كان غداً فاشهد لي عند جدّك محمد| أنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، أسلمت على يديك وأنا مولاك. ثمّ قال لهم: إنّي أحتاج أن أكلِّم رئيسكم بكلمة وأعطيكم الرأس.
فدنا عمر بن سعد منه، فقال له: سألتك بالله وبحقِّ محمد أن لا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس، ولا يخرج هذا الرأس من هذا الصندوق. فقال له: أفعل. فأعطاهم الرأس ونزل من ديره، ولحق ببعض الجبال يعبد الله تعالى. ومضى عمر بن سعد (لعنة الله عليه) ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الأوّل، فلمّا دنا من دمشق قال لأصحابه: انزلوا هذه الليلة حتى ندخل غداً دمشق. قال: ففعلوا، فلمّا نزل عمر بن سعد (لعنه الله) قال للجارية: علي بالجرابين، فأُحضرا بين يديه، فنظر إلى خاتمه، ثمّ أمر أن يفتحهما فإذا الدنانير قد تحوّلت خرقاً، فنظروا إلى سكتها فإذا على جانب مكتوب: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [414]، وعلى الوجه الآخر مكتوب: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [415]، فقال: إنّا لله وإنا إليه راجعون خسرت الدنيا والآخرة...»
إلى أنْ قال: «وأخذ عمر في قصف وأكل وشرب، وفي قلبي ما رأيت من أمر الكفّ والدنانير، ولم يحملني النوم في تلك الليلة، فلمّا كان الليل سمعت دوياً من السماء وقعقعة الخيل وصهيلها، وإذا منادٍ ينادي: يا آدم، اهبط. فهبط آدم(عليه السلام) ومعه خلق كثير من الملائكة، فجلس وأحدقت الملائكة بالقبة، ثمّ سمعت دوياً كدوي الأوّل فإذا منادٍ ينادي: يا إبراهيم، اهبط. فهبط إبراهيم(عليه السلام) ومعه خلق كثير من الملائكة، فأحدقت الملائكة بالقبة. ثمّ سمعت دوياً فإذا منادٍ ينادي: يا موسى، اهبط. فهبط موسى(عليه السلام) ومعه خلق كثير من الملائكة، فأحدقت الملائكة بالقبّة. ثمّ سمعت دويا آخر فإذا منادٍ ينادي: يا عيسى اهبط. قال: فهبط عيسى(عليه السلام) ومعه خلق كثير من الملائكة، فأحدقت الملائكة بالقبّة. ثمّ سمعت دوياً عظيماً فإذا بقعقعة اللجم وصهيل الخيل ومنادٍ ينادي: يا محمد، اهبط. قال: فهبط النبي| ومعه خلق كثير من الملائكة، فأحدقت الملائكة بالقبّة. ثمّ إنّ النبي| دخل القبّة فأخذ الرأس منها وجمع بين البدن والرأس، وأخذه| وجاء به إلى آدم(عليه السلام)، وقال: يا أبي يا آدم ما ترى ما فعلت أُمّتي بولدي بعدي. فاقشعرّ لذلك جلدي. ثمّ قام جبرائيل إلى النبي|، فقال له: يا محمد، أنا صاحب الزلازل مُرني لأزلزل بهم الأرض، فأصيح بهم صيحة يهلكون فيها. فقال: لا. فقال: يا محمد، فدعني وهؤلاء الأربعين الموكّلين بالرأس. قال: دونك وإياهم. فجاء جبرائيل(عليه السلام) فجعل ينفخ في واحد واحد منّا نفخة فيهلك. فدنا منّي فجلست، فقال: قبّحك الله وأنت جالس تسمع وترى؟ فقلت: نعم، يا محمد أدركني. فقال النبي| دعوه دعوه، والله لا يغفر الله له، فتركني. فأخذوا الرأس وافتقدوا الرأس من تلك الليلة، فما يُعرف له خبر. ولحق عمر بن سعد بالري، فلمّا لحق سلطانه محق الله عمره فتوفي فلم يدخلها. فقال الأعمش: فقلت للرجل: تنحَ عنّي لا تحرقني بنارك. فوليت منصرفاً ولا أدري ما كان من خبره»[416].
هذه الرواية ضعيفة وفق مقاييس الحكم السَنَدي، فالطريق الأوّل الذي ذكره الخوارزمي يكفي في ضعفه وجود أبي خالد، وهو عمرو بن خالد الواسطي، لم نقف على مَن وثّقه منهم، بل هو متروك ومتّهم عند الغالبية العظمى منهم، ولعلّ ذلك بسبب رواياته التي تخالفهم، فالرجل من الزيديّة، وله روايات عديدة عن زيد بن عليّ، ويبدو أنّها لا تروق لهم؛ ولذا «قال الأثرم عن أحمد: كذّاب يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة...»[417].
وأمّا عند الشيعة الإمامية فالرجل وإن كان زيديّاً إلّا أنّه ثقة، لتوثيق الفضل بن شاذان إيّاه[418].
وأمّا الطريق الثاني للخوارزمي فمرسل لم نقف على إسناده، وكذلك ما رواه النطنزي فهو مرسل أيضاً.
وقد رواه من كتب الشيعة الراوندي في خرائجه مسنداً، قال: «ما أخبرني به الشيخ أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الأصفهاني، عن الشيخ أبي سعيد محمد بن عبد الله بن عمر الخاني البزاز، عن أبي القاسم بكران بن الطيب بن شمعون القاضي[419] المعروف بـ (ابن أطروش) بجرجرايا، حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد، أبي، أبي الحسن بن عمرو [في البحار: أحمد بن عبد الرحمن عن سعد] عن سليمان بن مهران الأعمش، قال: بينا أنا في الطواف بالموسم إذ رأيت رجلاً يدعو وهو يقول: اللّهم اغفر لي، وأنا أعلم أنّك لا تفعل. قال: فارتعت لذلك، فدنوت منه وقلت: يا هذا، أنت في حَرِم الله وحَرِم رسوله، وهذه أيام حُرُم في شهر عظيم، فلِمَ تيأس من المغفرة؟ قال: يا هذا، ذنبي عظيم. قلت: أعظم من جبل تهامة؟! قال: نعم. قلت: يوازن الجبال الرواسي؟! قال: نعم، فإن شئت أخبرتك. قلت: أخبرني. قال: اخرج بنا عن الحرم. فخرجنا منه. فقال لي: أنا أحد مَن كان في العسكر المشؤوم، عسكر عمر بن سعد (عليه اللعنة)، حين قُتل الحسين بن علي(عليه السلام)، وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة، فلمّا حملناه على طريق الشام نزلنا على دير للنصارى، وكان الرأس معنا مركوزاً على رمح، ومعه الأحراس، فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، فإذا بكفٍّ في حائط الدير تكتب:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدّه يوم الحساب |
قال: فجزعنا من ذلك جزعاً شديداً، وأهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها، فغابت، ثمّ عاد أصحابي إلى الطعام، فإذا الكفّ قد عادت تكتب مثل الأوّل:
فلا والله ليس لهم شفيع |
|
وهو يوم القيامة في العذاب |
فقام أصحابنا إليها، فغابت [ثمّ عادوا إلى الطعام] فعادت تكتب:
وقد قتلوا الحسين بحكم جور |
|
وخالف حكمهم حكم الكتاب |
فامتنعت عن الطعام، وما هنأني أكله، ثمّ أشرف علينا راهب من الدير، فرأى نوراً ساطعاً من فوق الرأس، فأشرف فرأى عسكراً. فقال الراهب للحراس: من أين جئتم؟ قالوا: من العراق، حاربنا الحسين. فقال الراهب: ابن فاطمة، وابن بنت نبيِّكم، وابن ابن عمّ نبيِّكم؟! قالوا: نعم. قال: تباً لكم، والله لو كان لعيسى بن مريم ابن لحملناه على أحداقنا، ولكن لي إليكم حاجة. قالوا: وما هي؟ قال: قولوا لرئيسكم: عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من آبائي، ليأخذها منّي ويعطيني الرأس، يكون عندي إلى وقت الرحيل، فإذا رحل رددته إليه. فأخبروا عمر بن سعد بذلك، فقال: خذوا منه الدنانير وأعطوه إلى وقت الرحيل. فجاؤوا إلى الراهب، فقالوا: هات المال حتى نعطيك الرأس. فأدلى إليهم جرابين في كلّ جراب خمسة آلاف دينار، فدعا عمر بالناقد والوزان، فانتقدها ووزنها ودفعها إلى جارية له، وأمر أن يُعطى الرأس، فأخذ الراهب الرأس، فغسّله ونظّفه، وحشّاه بمسك وكافور [كان] عنده، ثمّ جعله في حريرة، ووضعه في حجره، ولم يزل ينوح ويبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس، فقال: يا رأس والله ما أملك إلّا نفسي، فإذا كان غداً فأشهد لي عند جدِّك محمّد أنّي أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً| عبده ورسوله، أسلمت على يديك وأنا مولاك. ثمّ قال لهم: إنّي أحتاج أن أكلِّم رئيسكم بكلمة، وأعطيه الرأس. فدنا عمر بن سعد منه، فقال: سألتك بالله، وبحقّ محمد| ألّا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس، ولا تخرج هذا الرأس من هذا الصندوق. فقال له: أفعل. فأعطاهم الرأس ونزل من الدير، فلحق ببعض الجبال يعبد الله. ومضى عمر بن سعد، ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الأوّل، فلمّا دنا من دمشق، قال لأصحابه: أنزلوا. وطلب من الجارية الجرابين، فاُحضِرا بين يديه، فنظر إلى خاتمه، ثمّ أمر أن يفتحا، فإذا الدنانير قد تحوّلت خزفية، فنظروا في سكتها فإذا على جانب مكتوب: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [420]، ، وعلى الوجه الآخر مكتوب: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [421]، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، خسرت الدنيا والآخرة...».
إلى أنْ قال: «فلمّا مضى وهن من الليل، سمعت دوياً من السماء، وإذا منادياً ينادي: يا آدم اهبط. فهبط أبو البشر، ومعه خلق كثير من الملائكة. ثمّ سمعت دوياً كالأوّل فإذا منادٍ ينادي: يا إبراهيم، اهبط. فهبط ومعه كثير من الملائكة. ثمّ سمعت منادياً ينادي: اهبط يا موسى. فهبط مع ملائكة. وسمعت منادياً ينادي: يا عيسى، اهبط. فهبط ومعه ملائكة. ثمّ سمعت دويّاً عظيماً ومنادٍ ينادي: يا محمد اهبط. فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة، فأحدقت الملائكة بالقبّة. ثمّ إنّ النبي| دخل القبّة فأخذ الرأس منها. وفي رواية: قعد محمد| تحت الرأس، فانحنى الرمح، ووقع الرأس في حجره، فأخذه وجاء به إلى آدم(عليه السلام) فقال: يا أبي يا آدم، ما ترى ما فعلت أُمّتي بولدي [من] بعدي؟! فاقشعرّ لذلك جلدي. ثمّ قام جبرئيل فقال: يا محمد، أنا صاحب الزلازل، فأمرني لأزلزل بهم الأرض وأصيح بهم صيحة يهلكون فيها. فقال: لا. قال: يا محمد، دعني وهؤلاء الأربعين الموكّلين بالرأس. قال: فدونك، فجعل ينفخ بواحد واحد فيهلك، فدنا منّي وقال: أتسمع وترى؟ فقال النبي|: دعوه، دعوه، لا يغفر الله له. فتركني، وأخذوا الرأس»[422].
وذكره العاملي مرسلاً مختصراً، قال: «رأى الأعمش رجلاً في الطواف يقول: اللّهم اغفر لي، وأنا أعلم أنّك لا تفعل. فسأله، فقال: كنت ممّن حمل رأس الحسين(عليه السلام) إلى يزيد، فنزلنا عند دير فوضعنا الطعام لنأكل فإذا كف يخرج من الحائط يكتب:
أتـرجـو أُمّـة قـتلت حـسيناً
|
|
شـفاعة جدّه يوم الحساب |
فجزعنا وأراد بعضنا أخذها فغابت، فلمّا دخلت على يزيد جعلني في الحرس ليلاً فهبط آدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد(عليهم السلام) في ملأ من الملائكة فنفخ جبرائيل على أصحابي واحداً واحداً، فلمّا دنا منّي قال له النبي|: دعه لا غفر الله له فتركني»[423].
حسب الظاهر أنّ هذه الرواية من طرق أهل السنّة، فشيخ الراوندي هو الصيرفي وهو أحد علماء أهل السنّة المعروفين، قال عنه الذهبي: «الشيخ الصالح، العالم الثقة، بقية المشايخ، أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء محمّد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن حجاج الأصبهاني الصيرفي...»[424].
في حين لم أقف له على ترجمة في كتب الشيعة.
وبكران بن الطيب، ذكره ابن عبد الغني في التكملة، قال: «القاضي أبو القاسم بكران بن الطيب بن شمعون المعروف بابن الأطروش، حدّث بجرجرايا عن أبي بكر محمد بن أحمد المفيد، حدّث عنه محمّد بن عبد الله بن عمر الحاني حديثه في فوائد سعيد الصيرفي الأصبهاني»[425].
وروى عنه الخطيب عدّة من الأخبار.
في حين لم أجد له ذكراً في المصادر الشيعيّة.
والخلاصة أنّ الرواية ضعيفة وفق المباني الشيعيّة، والظاهر أنّها رواية سنيّة، وهي قريبة جدّاً من رواية النطنزي التي تقدّمت.
وقد ورد في ذلك أكثر من خبر، بعضها عند أهل السنّة وبعضها الآخر عند الشيعة:
أوردها الراوندي، قال: عن المنهال بن عمرو قال: «أنا والله رأيت رأس الحسين(عليه السلام) حين حمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف، حتى بلغ قوله: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) [426]، فأنطق الله الرأس بلسان ذرب ذلق، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي»[427].
وأوردها عنه المجلسي[428].
وأوردها في الثاقب بالمناقب: «وعنه، قال: أُدخل رأس الحسين (صلوات الله عليه) دمشق على قناة، فمرّ برجل يقرأ سورة الكهف وقد بلغ هذه الآية: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فأنطق الله تعالى الرأس، فقال: أمري أعجب من أمر أصحاب الكهف والرقيم»[429].
وفي الثاقب بنحو آخر، قال: «عن المنهال بن عمرو، قال: أنا والله رأيت رأس الحسين (صلوات الله عليه) على قناة يقرأ القرآن بلسان ذلق ذرب، يقرأ سورة الكهف حتى بلغ: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فقال رجل: ورأسك والله أعجب يا ابن رسول الله من العجب»[430].
وأرسلها العاملي من دون نسبتها لأحد، قال: «قرأ رجل عند رأسه بدمشق: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فأنطق الله الرأس بلسان عربي: أعجب من أهل الكهف قتلي وحملي»[431].
من الواضح أنّ هناك اختلافاً في متن الرواية فتارة تفيد أنّ رأس الإمام الحسين(عليه السلام) هو الذي قرأ آية الكهف، وأُخرى تفيد أنّ رجلاً قرأ سورة الكهف وحين وصل إلى هذه الآية، أجابه الرأس.
وحيث إنّ كلا الخبرين رُويا عن المنهال فمن البعيد جدّاً أن تكون الحادثة متعدّدة، بل المتعيّن أنّ هناك خللاً في النقل.
وإذا ما نظرنا إلى الروايات التي وردت عند أهل السنّة وسيتمّ بحثها لاحقاً، فسنجد أنّ رواية ابن خالويه عن الأعمش عن المنهال تفيد أنّ رجلاً قرأ الآية ثمّ أجابه الرأس، وأمّا رواية محمّد بن سليمان الكوفي والتي أيضاً من طريق الأعمش عن المنهال تفيد أنّ الرأس هو الذي قرأ الآية.
فمرجع هذه الرواية ظاهراً يعود إلى الأعمش عن المنهال، وقد وقع الاختلاف فيها من قِبَل الرواة.
ومن الصعب جدّاً تقديم أحدهما على الأُخرى بحسب السياق السندي، لكونهما مرسلتين عند الشيعة، ولوجود مجاهيل في كلا الطريقين عند أهل السنّة، فغاية ما يمكن إثباته هنا هو أصل تكلّم الرأس الشريف، وهذا المقدار تؤيِّده كلّ الروايات التي نقلناها من كتب الفريقين.
نعم بلحاظ بقية الروايات لعله يمكن الترجيح، إذ إنّ بعض الروايات الأُخرى نصّت على أنّ الذي نطق بالآية هو الرأس الشريف، من قبيل رواية زيد بن أرقم الواردة في كتب الفريقين، وروايات أخرى في كتب الشيعة سيأتي ذكرها تباعاً.
أوردها المفيد، قال: «فروي عن زيد بن أرقم أنّه قال: مُرّ به علي وهو على رمح وأنا في غرفة، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فقفّ ـ والله ـ شعري وناديت: رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب»[432].
وأوردها أيضا يوسف بن حاتم العاملي[433] وعن المفيد أوردها الإربلي[434] والمجلسي[435] وغيرهم.
وأرسلها ابن شهر آشوب باختلاف يسير، قال: «وسُمع أيضاً صوته بدمشق يقول: لا قوّة إلّا بالله. وسمع أيضاً يقرأ: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا ابن رسول الله»[436].
وهذه الرواية من حيث السند مرسلة محكومة بالضعف، لكنّ مضمونها تقدّم في الرواية الأُولى.
أخرجها الطبري الشيعي، قال: «وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدّثنا أحمد بن الحسين الهاشمي ـ قدم علينا من مصر ـ قال: حدّثني القاسم بن منصور الهمداني بدمشق، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن سعد بن أبي طيران، عن الحارث بن وكيدة، قال: كنت فيمَن حمل رأس الحسين، فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشكّ في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله، فقال لي: يا بن وكيدة، أما علمت أنّا معشر الأئمّة أحياء عند ربِّنا نُرزق؟ قال: فقلت في نفسي: أسرق رأسه، فنادى: يا بن وكيدة، ليس لك إلى ذاك سبيل، سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييرهم رأسي، فذرهم فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون»[437].
هذه الرواية المسندة ضعيفة من حيث الحكم السَنَدي، فلا أقل من كون الراوي المباشر وهو الحارث بن وكيدة مهمل لم يُذكر في كتب الرجال، لكن متن الرواية يتّفق مع بقية الروايات في أصل تكلّم الرأس الشريف، ومتّفقة مع عدّة من الروايات الدالة على قراءته سورة الكهف أو آية منها .
أوردها ابن شهر آشوب، قال: «روى أبو مخنف عن الشعبي: أنّه صلب رأس الحسين بالصيارف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)، فلم يزدهم إلّا ضلالاً»[438].
وهذه الرواية مرسلة كما ذكرنا فهي محكومة سنديّاً بالضعف، وتتّفق مع سائر الروايات في أصل التكلّم، وكذلك متّفقة مع ما دل على تكلّم الرأس بسورة الكهف أو آية منها.
قال: «وفي أثر أنّهم لما صلبوا رأسه على الشجرة سمع منه: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) »[439].
وهذه كسابقاتها مرسلة، بل ولم يُذكر فيها الراوي المباشر، وهي تتّفق مع غيرها في أصل التكلّم لا غير.
أوردها البحراني، قال: «روى هلال بن معاوية، قال: رأيت رجلاً يحمل رأس الحسين(عليه السلام)، في مخلاة فرسه، فسمعتْ أذناي، ووعى قلبي، والرأس يقول: فرّقتَ بين رأسي وجسدي فرّق الله بين لحمك وعظمك، وجعلك آيةً ونكالاً للعالمين. فرفع سوطاً كان معه ولم يزل يضرب به الرأس حتى سكن»[440].
لم نقف على المصدر الأساس لهذا الخبر، ولم نتمكّن من معرفة مصدر الشيخ البحراني، والرواية مرسلة كسابقاتها، متّفقة مع البقية في أصل التكلّم.
ذكرها في المناقب فقال: «وسمع أيضاً صوته بدمشق يقول: لا قوّة إلّا بالله»[441].
كغيرها مرسلة تدلّ على أصل التكلّم لا غير.
8 ـ رواية مرسلة عن سهل بن سعيد الشهرزوري
أرسلها عنه الطريحي، وذكر رواية طويلة يتكلّم فيها سعد عن خروجه من شهرزور قاصداً بيت المقدس، وأنّ خروجه كان في أيام قتل الحسين، فدخل الشام ورأى ما رأى من الفرح والسرور والاحتفال بمقتل الحسين(عليه السلام)، وذكر بعض ما جرى من محاوراته معهم، إلى أنْ قال: «وكان معي رفيق نصراني يريد بيت المقدس وهو متقلِّد سيفاً تحت ثيابه، فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين، وهو يقرأ القرآن ويقول: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)، فقد أدركته السعادة، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، ثمّ انتضى سيفه وشدّ به على القوم، وهو يبكي وجعل يضرب فيهم، فقتل منهم جماعة كثيرة ثم تكاثروا عليه...»[442].
وأوردها السيد هاشم البحراني، قال: «روى بعض نقلة الأخبار: عن سهل بن سعد الشهرزوري...»[443]، وذكره.
ومن الواضح أنّ البحراني نقلها عن الطريحي، والطريحي لم يذكر مصدراً لها، ولعل مصدرها الأساس هو النسخة المتداولة سابقاً لمقتل أبي مخنف، إذ ورد فيه، قصّة مفصّلة عن سهل هذا، فجاء في أولها: «قال سهل الشهرزوري، أقبلت في تلك السنة من الحجّ فدخلت الكوفة، فرأيت الأسواق معطلة والدكاكين مقفلة، والناس ما بين باكٍ وضاحك...» إلى أن قال: «فوقفوا بباب بني خزيمة، والرأس على قناة طويلة، وهو يقرأ سورة الكهف، إلى أن بلغ إلى قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، قال سهل: فبكيت وقلت يابن رسول الله، راسك أعجب، ثمّ وقعت مغشيّاً عليّ، فلم أفق حتى ختم السورة»[444].
لكن الفارق بين النصّين كبير جدّاً، فإنّ الذي سمع القراءة حسب رواية الطريحي هو الرجل النصراني الذي كان مع سهل، بينما في هذا المقتل أنّ الذي سمع هو سهل نفسه، وأنّ الآية التي قرأها النصراني بحسب الطريحي هي: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)، بينما الآية التي قرأها بحسب المقتل هي: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، وأنّ النصراني بعد سماعه التكلّم دخل الإسلام وأخذ يقاتل القوم حتى قُتِل، بينما في المقتل أنّ سهلاً أُغمِي عليه ولم يفق حتى أكمل الرأس كلّ سورة الكهف، كما أنّ الحادثة عند الطريحي كانت في الشام بينما عند أبي مخنف كانت في الكوفة.
ثمّ أنّ البحراني ذكر الرواية مسبقاً عن سهل الشهرزوري بنحو ما ذُكر في مقتل أبي مخنف (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه)[445].
ومن البعيد جدّاً أنْ تكون حصلت لسهل هذا قصّتان، واحدة بالشام وأُخرى بالكوفة، فإنّ ذلك لا يساعد عليه بداية الخبر؛ فهو إمّا أنْ يكون ذهب من الحجّ إلى الكوفة في تلك الفترة، أو يكون ذهب من شهرزور إلى بيت المقدس، ولا يمكن الجمع بينهما، لعدم كفاية الفترة الزمنية لذلك، ولأنّ سهل قد استغرب الأمر في الكوفة وعرف بعد ذلك أنّ الحسين(عليه السلام) قد قُتِل وسرد القصّة، فلا معنى لأن يكون مستغرباً في الشام ولا يعرف ما الأمر مرّة أُخرى.
فالمقطوع به على فرض وجود حقيقة لتلك الحادثة لسهل هو أنّها حادثة واحدة، ولعلّ الطريحي& أخطأ في نقلها عن أبي مخنف ولفّقها بغيرها، ثمّ جاء البحراني وتخيّل أنّها رواية غير رواية المقتل فنقلها، ونقل قبلها رواية المقتل، والله أعلم بحقيقة الأُمور.
مرسلة أيضاً مع ما عرفت ما في مصدرها، نعم هي متّفقة مع غيرها في أصل تكلّم الرأس الشريف.
9 ـ مرسلة البحار عن كتاب المناقب القديم
روى المجلسي عن كتاب المناقب القديم، أنّه جاء فيه: «روي أنّه لمـّا حمل رأسه إلى الشام جنّ عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود، فلمّا شربوا وسكروا، قالوا: عندنا رأس الحسين(عليه السلام)، فقال: أروه لي فأروه، وهو في الصندوق يسطع منه النور نحو السماء فتعجّب منه اليهودي فاستودعه منهم وقال للرأس: اشفع لي عند جدِّك فأنطق الله الرأس، فقال: إنّما شفاعتي للمحمديين، ولست بمحمدي، فجمع اليهودي أقرباءه ثمّ أخذ الرأس ووضعه في طست وصبّ عليه ماء الورد، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثمّ قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمد(عليه السلام). ثمّ قال: يا لهفاه، حيث لم أجد جدّك محمداً| فأسلم على يديه، يا لهفاه حيث لم أجدك حيّاً فأسلم على يديك وأقاتل بين يديك، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة؟ فأنطق الله الرأس، فقال بلسان فصيح: إن أسلمت فأنا لك شفيع. قاله ثلاث مرات وسكت، فأسلم الرجل وأقرباؤه»[446].
مرسلة متّفقة مضموناً في أصل تكلّم الرأس الشريف.
ملاحظة: عثرت على هذه الرواية في كتاب مقتل الحسين(عليه السلام) للخوارزمي[447]، فلعلّ المجلسي أخذ هذه الرواية منه، فيكون مصدرها الأساس هو كتب أهل السنّة، والله أعلم.
قال البحراني: «روي أنّ عبيد الله بن زياد (لعنه الله)، بعد ما عُرِض عليه رأس الحسين(عليه السلام)، دعا بخولي بن يزيد الأصبحي (لعنه الله)، وقال له: خذ هذا الرأس حتّى أسألك عنه. فقال: سمعاً وطاعة. فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان أحدهما تغلبية والأُخرى مضرية، فدخل على المضرية، فقالت: ما هذا؟ فقال: هذا رأس الحسين بن علي، وفيه مُلك الدنيا. فقالت له: ابشر، فإن خصمك غداً جدّه محمد المصطفى، ثمّ قالت: والله، لا كنت لي ببعل ولا أنا لك بأهل. ثمّ أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه. فانصرف من عندها، وأتى به إلى التغلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟ قال: رأس خارجي خرج على عبيد الله بن زياد. فقالت: وما اسمه، فأبى أن يخبرها ما اسمه، ثمّ تركه على التراب وجعله على إجانة. قال: فخرجت امرأته في الليل، فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلى عنان السماء، فجاءت إلى الإجانة فسمعت أنيناً، وهو يقرأ إلى طلوع الفجر، وكان آخر ما قرأ: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)، وسمعت حول الرأس، دوياً كدوي الرعد، فعلمت أنه تسبيح الملائكة»[448].
وهذا الخبر من البحراني لم نقف على مصدره، ولعلّ أصله في مقتل أبي مخنف (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه)، فقد ذكر القصّة المتقدِّمة باختلاف يسير، ولم يذكر فيه خروج النور من الرأس الشريف[449].
نعم أصل القصّة وخروج النور من الرأس الشريف، ومن دون ذكر تكلّم الرأس أوردها الطبري وغيره، عن هشام، عن محمّد بن السائب الكلبي، عن النوار بنت مالك، لكن ذكر فيها أنّ الرجل له امرأتان امرأة من بنى أسد والأُخرى من الحضرميين يُقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية، قالت: «أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة في الدار، ثمّ دخل البيت فأوى إلى فراشه، فقلت له ما الخبر؟ ما عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر! هذا رأس الحسين معكِ في الدار. قالت: فقلت: ويلك جاء الناس بالذهب والفضة، وجئت برأس ابن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)! لا والله، لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبداً. قالت: فقمتُ من فراشي فخرجتُ إلى الدار، فدعا الأسديّة فأدخلها إليه وجلستُ أنظر. قالت: فوالله، ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة، ورأيت طيراً بيضاً ترفرف حولها. قال: فلمّا أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد»[450].
الحكم على رواية البحراني
مرسلة متّفقة مضموناً مع غيرها في أصل تكلّم الرأس الشريف.
قال البهبهاني: «وفي شرح الشافية، عن أبي مخنف، قال: حدّثني من حضر اليوم الذي ورد فيه رأس الحسين(عليه السلام) على ابن زياد (لعنه الله)، قال: رأيت قد خرجت من القصر نار، فقام عبيد الله بن زياد هارباً من سريره إلى أن دخل بعض البيوت، وتكلّم الرأس الشريف بصوت فصيح جهوري، يسمعه ابن زياد ومَن كان معه: إلى أين تهرب من النار يا ملعون؟ لئن عجزت عنك في الدنيا فإنّها في الآخرة مثواك ومصيرك. قال: فوقع أهل القصر سجّداً لـمّا رأوا من رأس الحسين(عليه السلام)، فلمّا ارتفعت النار سكت رأس الحسين(عليه السلام)»[451].
مرسلة متّفقة مع غيرها في أصل تكلم الرأس.
أوردها البهبهاني، قال: «وفي بعض الكتب القديمة، قد روي مرسلاً عن بعض الثقات عن أبي سعيد الشامي، قال:... وذكر رواية طويلة جاء في بعض فقراتها أنّهم أدخلوا السبايا والرؤوس في دير للنصارى، وأنّ الرأس الشريف تكلّم مع صاحب الدير، حين قال صاحب الدير: أنا أريد أن أعرفك باسمك ونعتك، فنطق الرأس بقدرة الله تعالى، وقال: وأجاب صاحب الدير، قائلاً: أنا المظلوم، أنا المهموم، أنا المغموم، أنا الذي بسيف العدوان والظلم قُتِلت، أنا الذي بحرب أهل البغى ظُلِمت، أنا الذي على غير جرم نُهِبت، أنا الذي من الماء مُنِعت، أنا الذي عن الأهل والأوطان بعدت. فقال صاحب الدير: بالله عليك، أيّها الرأس، زدني. فقال: إن كنت تسأل عن حسبي ونسبي، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا بن خديجة الكبرى، أنا ابن العروة الوثقى، أنا شهيد كربلاء، أنا قتيل كربلاء، أنا مظلوم كربلاء، أنا عطشان كربلاء أنا ظمآن كربلاء، أنا غريب كربلاء، أنا وحيد كربلاء، أنا سليب كربلاء، أنا الذي خذلوني الكفرة بأرض كربلاء»[452].
لم نقف ولم نعرف المصدر الأساسي لهذه الرواية، وهي مرسلة، لكنّها متّفقة مضموناً مع غيرها في أصل تكلّم الراس.
قال: «وفي بعض المقاتل: قال الراهب: أيّها الرأس المبارك! كلِّمني بحقِّ الله عليك! فتكلّم الرأس، وقال: ما تريد منّي؟ قال: مَن أنت؟ فقال: أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علىّ المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا المقتول بكربلاء، أنا الغريب العطشان بين الملاء. فبكى الراهب بكاءً شديداً وقال: سيدي، يعزّ والله علي أن لا أكون أوّل قتيل بين يديك»[453].
لم نقف على مصدر لهذه الرواية أيضاً، وهي مرسلة متّفقة مضموناً مع أصل تكلّم الرأس.
قال المناوي: «وأخرج ابن خالويه عن الأعمش، عن منهال بن عمرو الأسدي قال: والله، أنا رأيت رأس الحسين حين حمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأ سورة الكهف حتّى إذا بلغ قوله سبحانه وتعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فأنطق الله سبحانه وتعالى الرأس بلسان ذرب فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي!»[454].
وأخرجه من طريق ابن خالويه ابن عساكر، قال: «أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، نا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الفضيل الكلاعي وأبو عبد الله محمّد بن يعقوب الطائي الحمصيان، قالا: أنا أبو عبد الله بن خالويه النحوي، نا أبو الحسين بن مخزوم الحافظ، حدّثني محمد بن علي بن العباس الصيرفي، نا أحمد بن محمد بن سليمان القاضي، عن عبد الله بن داهر الرازي، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، قال: أنا والله رأيت رأس الحسين بن علي حين حُمِل وأنا بدمشق وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتى بلغ قوله تعالى (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، قال فأنطق الله الرأس بلسان ذرب فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي!»[455].
وعن ابن عساكر أورده السيوطي[456] والصالحي الشامي[457].
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، قال: «[حدّثنا] أبو أحمد، قال: سمعت محمد بن مهدي يحدث عن عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، قال: رأيت رأس الحسين بن علي على الرمح وهو يتلو هذه الآية: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فقال رجل من عرض الناس: رأسك يا ابن رسول الله أعجب!»[458].
وقد تقدّم منا سابقاً في رواية المنهال من طريق الشيعة الكلام عن اختلاف متن الرواية، ورجحنا بحسب القرائن أنّ قراءة القرآن كانت للرأس الشريف وليست لرجل آخر.
تبيّن من خلال رواية الكوفي ورواية ابن خالويه أنّ مدار السند على عبد الله بن داهر ومَن بعده.
وأمّا السند إلى ابن داهر فهو متعدّد، فطريق الكوفي غير طريق ابن خالويه، لذا سنبدأ بعبد الله بن داهر ومَن بعده، ثمّ نقف على الطريقين إليه، فنقول:
أمّا عبد الله بن داهر الرازي، فهو على التحقيق مقبول الرواية والحديث، قال الحافظ صالح بن محمّد جزرة: «شيخ صدوق»[459].
وختم الخطيب ترجمته بذكر قول الحافظ صالح، فهو يتبنّى ذلك أيضاً؛ لأنّه قال: «كلّ مَن ذكرت فيه أقاويل الناس من جرحٍ وتعديلٍ فالتعويل على ما أخّرت»[460].
وصحّح له الحاكم في المستدرك[461].
وقال يحيى بن معين: «ليس بشيء، ما يكتب عنه إنسان فيه خير»[462]، وهو مع تشدّده فإنّ جرحه غير مفسَّر.
وقال ابن حبّان: «عبد الله بن داهر بن يحيى من أهل الري، يروى عن الأعمش، روى عنه محمّد بن حميد والرازيون، كان ممّن يخطئ كثيراً حتى خرج عن حد الاحتجاج به فيما لم يوافق الثقات، والاعتبار بما وافق الثقات»[463]. وابن حبّان معروف بقصبه الثقة بالغلطة والغلطتين، ومع ذلك فهو لم يبيّن، ولا خطأ واحداً لعبد الله هذا.
فالظاهر أنّ الرجل صدوق وغاية ما يؤخذ عليه تشيِّعه وروايته الفضائل، لذا قال العقيلي: «رافضي خبيث» وساق له حديث الثقلين[464]، فهذا كلّ جرمه عند العقيلي، مع أنّ حديث الثقلين له طرق متكاثرة جدّاً، وهو حديث صحيح بلا إشكال، وصحّحه الكثير من علماء أهل السنّة.
وقال ابن عدي: «عامّة ما يرويه في فضائل علي وهو متهم في ذلك»[465].
أقول: الرجل روى عنه جملة من الحفّاظ الثقات، وتقدّم قول جزرة بأنّه شيخ صدوق، وموافقه الخطيب له، ولم يتّهمه أحد، فكيف يكون متّهماً في رواياته الفضائل، فهل أنّه متّهم قبل أنْ يروي الفضائل، أم أنّه متّهم لأنّه روى الفضائل، وهل رواية الفضائل منقصة يضعّف الراوي على ضوئها؟! وهل هذا الكلام ينسجم مع القواعد الحديثية؟! ولذا فإنّ ابن حجر ردّ على ابن الجوزي بعد أن اتّهمه في موضوعاته برواية في فضائل الإمام علي(عليه السلام)، فقال: «قد قال فيه صالح بن محمّد: إنّه شيخ صدوق. قلت: فلعل الآفة من غيره»[466].
ولذا فإنّ الذهبي ما زاد في تاريخه سوى أن قال: «حدّث ببغداد عن عبد الله بن عوانة، وعمرو بن جميع. وعنه صالح بن محمّد جزرة، وموسى بن هارون، وأحمد بن الحسن الصوفي. وقال صالح: صدوق»[467]، ولم يزد في تلخيصه سوى أن قال: «عبد الله بن داهر الرازي وأبيه رافضيان»[468].
قلت: الرفض لا يتنافى مع الوثاقة، فقد عرفنا سابقاً أنّ المذهب ليس بجرح، كما أنّ الذهبي نفسه وثّق رجالاً بعد أن وسمهم بالرفض كما لا يخفى!
فالحاصل أنّ الرجل صدوق، ولم يؤاخذ عليه غير الرفض، وهو ليس بعلّة قادحة، على أنّ الرجل لم ينفرد، بل تابعه محمّد بن حميد الرازي كما عند ابن عدي.
وأمّا الأعمش، فهو ثقة جليل القدر، وغاية ما أُخذ عليه أنّه يُدلِّس، وحكم المدلِّس هو الأخذ بروايته إذا صرّح بالسُماع، كقوله: (حدّثني) أو (سمعته) وأمثالهما، وإمّا إذا عنعن، أي قال: (عن فلان)، فيتوقف فيه.
إلّا أنّ جلالة قدر الأعمش وكونه من أئمّة الحديث جعلت الكثير من العلماء يغضّون الطرف عن الروايات التي عنعن فيها ويحملونها على الاتّصال ما لم يتبيّن فيها الانقطاع، وقد تقدّم الكلام في ذلك سابقاً، وتبيّن أنّ روايات الأعمش مقبولة على كلّ حال سواء صرّح بالتحديث أم لم يصرّح، ما لم يتبيّن أنّ في السند انقطاع.
ونضيف هنا أنّ الأعمش من المكثرين عن المنهال كما يظهر للمتتبّع، ورواياته عن هذا الصنف ـ أي الشيوخ الذين أكثر عنهم ـ محمولة على الاتّصال كما ذكر الذهبي[469].
فإذا ما أضفنا أنّه قد ثبت تحديث الأعمش عن المنهال[470] فتُحمَل روايته على الاتّصال لأنّ الانقطاع غير ظاهر فيها.
وممّن صحّح للأعمش وهو يعنعن عن المنهال الحاكمُ في عدّة مواضع، وتبعه الذهبي على ذلك[471]، وعلّق ابن كثير على إسناد عنعن فيه الأعمش عن المنهال قائلاً: «إسناده صحيح»[472]، كما أنّ ابن حجر علّق على إسناد فيه الأعمش يعنعن عن المنهال قائلاً: «هذا إسناد صحيح متّصل رجاله ثقات»[473].
وكذلك فإنّ العلّامة أحمد شاكر جرى على تمشية رواية الأعمش المعنعنة، بما في ذلك رواياته عن المنهال[474]. وكذلك الشيخ شعيب الأرنؤوط، إذ صحّح أسانيد كثيرة فيها الأعمش وهو يعنعن عن المنهال[475].
فتلخّص أنّ عنعنة الأعمش غير قادحة في اتّصال السند عند الكثير من علماء ونقاد هذا الفنّ.
وأمّا المنهال: فهو ابن عمرو الأسدي شيخ الأعمش، من رجال البخاري، والنسائي، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجة[476].
قال ابن معين: «ثقة»[477].
وقال النسائي: «ثقة»[478].
وقال العجلي: «كوفي ثقة»[479].
وقال الدار قطني: «صدوق»[480].
وقد غمزه شعبة؛ قيل: لأنّه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب أو غناء[481]، قال الذهبي: «وهذا لا يوجب غمز الشيخ»[482]
وقال الأرنؤوط وبشّار عواد: «ثقة،...ولم يجرح بجرح حقيقي، فقد روي عن شعبة أنّه تركه عن عمد؛ لأنّه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب ـ أو غناء فيما قيل ـ وهذا كلّ الذي قيل فيه فكان ماذا؟ ولذلك أخرج له البخاري في الصحيح»[483].
كما أنّه حسن الحديث عند الألباني، فقد قال مُعلِّقاً على أحد الأسانيد فيه المنهال بن عمرو: «هذا إسناد حسن، رجاله رجال البخاري، في المنهال كلام يسير، قال الحافظ في التقريب: صدوق ربما وهم»[484]، فأقلّ حالات المنهال أن يكون حديثه حسن.
وتقدّم في ترجمة الأعمش أنّ عدّة من العلماء صحّحوا أسانيد فيها المنهال، منهم: الحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر، وأحمد شاكر، وشعيب الأرنؤوط.
فتلخّص أنّ السند من عبد الله بن داهر إلى المنهال هو سند جيّد.
نعم، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك اختلاف في السند، ففي رواية الكوفي أنّ ابن داهر روى عن أبيه عن الأعمش، وفي رواية ابن عساكر بطريق ابن خالويه أنّ ابن داهر رواها عن الأعمش مباشرة.
وبملاحظة التراجم والروايات فأنّ عبد الله بن داهر يروي عن الأعمش كما نصّ على ذلك ابن حبّان فيما تقدّم ذكره، كما أنّ ابن داهر يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن الأعمش كما عليه الكثير من الروايات.
وحينئذٍ فإمّا أن يكون ابن داهر رواها مرّتين، أو أنّ أحد السندين فيه خطأ، وكيف ما كان فإنّ داهر بن يحيى والد عبد الله لم يؤاخذ عليه غير كونه رافضي، يروي فضائل أهل البيت(عليهم السلام) والرفض والعقيدة ورواية الفضائل غير ضار في الوثاقة على ما هو المحقق في علم الحديث، ولذا نرى قد صحّح له الحاكم، ولم يتمكّن الذهبي من الاستدراك عليه سوى أنّه قال: «عبد الله بن داهر الرازي وأبيه رافضيان»[485]، وقال فيه البزار: «وداهر هذا رجل من أهل الرأي صالح الحديث»[486].
فيبقى حينئذٍ إثبات السند إلى عبد الله بن داهر، وقد عرفنا أنّ له طريقين:
الأوّل: طريق محمّد بن سليمان الكوفي، رواه عن أبي أحمد، قال: سمعت محمد بن مهدي يحدث عن عبد الله بن داهر الرازي.
أمّا أبو أحمد، هو عبد الرحمن بن أحمد الهمداني، لم أقف له على ترجمة، مع إكثار المؤلِّف من النقل عنه، إذ نقل عنه (132) رواية عن (58) شيخاً[487].
وأمّا محمّد بن مهدي، فإن كان هو الأيلي فهو ثقة، وإلّا فمجهول.
فالطريق إذن فيه جهالة فقط، والمجهول يصلح للمعاضدة مع غيره، وقد ورد الخبر كما أسلفنا من طريق ابن خالويه، وهو ما سنتناوله الآن.
الثاني: طريق ابن خالويه: «نا أبو الحسين بن مخزوم الحافظ، حدّثني محمد بن علي بن العباس الصيرفي، نا أحمد بن محمد بن سليمان القاضي، عن عبد الله بن داهر الرازي.
أمّا ابن خالويه، فثقة معروف، قال فيه أبو عمرو الداني: «عالم بالعربية، حافظ للغة، بصير بالقراءة، ثقة مشهور، روى عنه غير واحد من شيوخنا»[488].
وشيخه هو أحمد بن محمّد بن مخزوم، لم نقف له على ترجمة، فهو مجهول الحال، وقد وصفه ابن عساكر بـ (الحافظ) في موضعين، في هذه الرواية كما تقدّم ذكره في السند، وفي رواية أُخرى أيضاً[489].
وأمّا أحمد بن محمّد بن عبد الله الفارسي، فهو مجهول أيضاً، ولم نقف له على ترجمة.
ومحمّد بن عليّ بن العبّاس الصيرفي، لم أعرفه، وطبقته تتناسب مع محمد بن علي بن العباس بن واضح النسائي المتوفى سنة (301 هـ)، فإن كان هو فثقة، له ترجمة في تاريخ بغداد[490].
وأحمد بن محمّد بن سليمان القاضي، لم يتبيّن لي مَن هو.
فهذا الطريق أيضاً فيه عدّة مجاهيل، فهو مع سابقه يشكِّل قرينة على صحّة الخبر، خصوصاً أنّ الخبر مروي بطريق آخر عن سلمة بن كهيل وهو ما سندرسه فيما يلي.
اتّضح أنّ السند من عبد الله بن داهر إلى المنهال مقبول يمكن الركون إليه، وأمّا السند إلى ابن داهر فهو وإن تضمّن مجاهيل إلّا أنّه ورد من وجهين يقوي أحدهما الآخر، خصوصاً وفق مبنى الكثير من المتقدمين الذين يحتجون بخبر المجهول.
أخرجها ابن عساكر، قال: «حدّثنا أبو الحسن عليّ بن المسلم لفظاً، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد وأبو الليث أسد بن القاسم الحلبي، قالا: أنا الفضل بن جعفر بن محمد التميمي المؤذّن، نا أبو الحسن محمد بن أحمد العسقلاني بطبرية، نا علي بن هارون الأنصاري، نا محمّد بن أحمد المصري، نا صالح، نا معاذ بن أسد الحراني، نا الفضل بن موسى الشيباني، نا الأعمش، نا سلمة بن كهيل، قال: رأيت رأس الحسين بن علي (رضي الله عنهما) على القنا وهو يقول: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)»[491].
ثم قال: «قال الفضل بن جعفر: فقلت لأبي الحسن العسقلاني: الله إنّك سمعته من علي بن هارون. قال: الله إنّي سمعته منه. قال تمام وأسد: قلنا للفضل بن جعفر: الله إنّك سمعته من أبي الحسن العسقلاني. قال: الله إنّي سمعته منه. قال عبد العزيز: قلت لتمام وأسد: الله إنّكما سمعتماه من الفضل بن جعفر. قالا: الله إنّنا سمعناه منه قال أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه: قلت لعبد العزيز: الله إنّك سمعته من تمام وأسد. قال: الله إنّي سمعته منهما. قلنا للفقيه أبي الحسن: الله إنّك سمعته من عبد العزيز. قال: الله إنّي سمعته منه»[492].
وأورد هذه الرواية الصفدي في ترجمته لابن كهيل، قال: «قال [يعني ابن كهيل]: رأيت رأس الحسين على القنا وهو يقول: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)»[493].
علي بن المسلم، قال فيه ابن عساكر: «سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثبتاً، عالماً بالمذهب والفرائض»[494].
وعبد العزيز بن أحمد، هو اللخمي الخفاف، ثقة[495].
وتمام بن محمّد، البجلي، قال فيه الحافظ عبد العزيز الكتاني: «وكان ثقة مأموناً حافظاً لم أرَ أحفظ منه في حديث الشاميين»[496].
وقال أبو بكر الحداد: «ما لقينا مثله في الحفظ والخبرة»[497].
والفضل بن جعفر بن محمّد التميمي المؤذِّن، قال فيه أبو محمّد الكتاني: «كان ثقة نبيلاً، ثنا عنه عدّة»[498].
وأمّا أبو الحسن محمّد بن أحمد العسقلاني، فمجهول لم نقف له على ترجمة.
علي بن هارون الأنصاري، لم أقف عليه.
وكذلك محمّد بن أحمد المصري.
صالح بن حكيم، فقد ذكره ابن أبي حاتم من دون جرح ولا تعديل، فقال: «صالح بن حكيم أبو سعيد البصري التمّار نزيل سامراء، روى عن مسلم بن إبراهيم، كتبت مع أبي عنه بسامراء»[499].
وذكره الخطيب، وقال: «صالح بن حكيم، أبو سعيد البصري التمّار: نزل سُرّ مَن رأى وحدّث بها عن مسلم بن إبراهيم. ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وقال: كتبت عنه مع أبي بسامرا»[500]، ومضافاً إلى المبنى القائل بأنّ سكوت الرازي والخطيب وغيرهم كالبخاري عن الراوي يعدّ أمارة على التوثيق، فإنّ الراوي المذكور حدّث عنه عدّة من الثقات الأثبات وهو كافٍ في توثيق الرجل، أو لا أقل من القول بحسن حديثه، فممّن روى عنه أبو حاتم الرازي وابنه كما في الترجمة أعلاه، ومنهم الحافظ الثقة أحمد بن سلامة الطحاوي[501]، والحافظ ابن عدي[502]، والحافظ الثقة أحمد بن محمد بن فضالة[503]، والحافظ الثقة أبو عوانة[504]، وغيرهم.
ومعاذ بن أسد الحراني، هو المروزي كاتب ابن المبارك، ثقة[505].
والفضل بن موسى الشيباني، هو الفضل بن موسى السيناني، ثقة ثبت[506].
والأعمش، تقدّم أنّه ثقة، ولم يتكلّم فيه إلّا من جهة التدليس، وهو هنا صرّح بالتحديث فأمنّا بذلك من التدليس، غير أنّه قد عرفنا أنّ الكثير من العلماء يمشّون رواية الأعمش حتّى لو كانت مُعنعنة.
سلمة بن كهيل، ثقة ثبت متقن[507].
تبيّن من خلال البحث أنّ هذه الرواية ضعيفة لجهالة بعض الرواة فيها، لكنّها متّفقة مع سابقاتها من حيث أصل البكاء.
أوردها المرعشي عن العلّامة المحدِّث الحافظ الميرزا محمد خان رستم خان المعتمد البدخشي المتوفى في أوائل القرن الثاني عشر في (مفتاح النجا، في مناقب آل العبا) (ص145 المخطوط) قال: «وروي عن زيد بن أرقم (رضي الله عنه) أنّه قال: مُرّ به عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، فقف والله شعري، وناديت: رأسك والله يا ابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب!»[508].
هذه الرواية مرسلة كما هو واضح، لكنّها تقدّمت أيضاً في بعض المصادر الشيعيّة، كما أنّها مؤيّدة برواية المنهال المرويّة عند الفريقين، ومتّفقة مع جميع الروايات في أصل البكاء.
أوردها ابن شهر آشوب في مناقبه، قال: «قال النطنزي في الخصائص: لمّا جاؤوا برأس الحسين ونزلوا منزلاً يُقال له قنسرين اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه ويصعد إلى السماء فأتاهم بعشرة آلاف درهم وأخذ الرأس وأدخله صومعته، فسمع صوتاً ولم يرَ شخصاً قال: طوبى لك وطوبى لـمَن عرف حرمته. فرفع الراهب رأسه قال: يا ربِّ بحقّ عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلّم معي. فتكلّم الرأس وقال: يا راهب أيّ شيء تريد؟! قال مَن أنت؟ قال: أنا ابن محمّد المصطفى، وأنا ابن عليّ المرتضى، وأنا ابن فاطمة الزهراء، وأنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم أنا العطشان. فسكت، فوضع الراهب وجهه على وجهه، فقال: لا أرفع وجهي عن وجهك حتى تقول أنا شفيعك يوم القيامة. فتكلّم الرأس فقال: ارجع إلى دين جدِّي محمد. فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله. فقبل له الشفاعة، فلمّا أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلمّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة»[509].
وهذه الرواية مرسلة من حيث السند، لكن متّحدة مضموناً في أصل كلام الرأس الشريف.
قال في مقتله: «وروي أنّ رأس الحسين(عليه السلام) لمّا حُمل إلى الشام، جنّ عليهم الليل، فنزلوا عند رجل من اليهود، فلمّا شربوا وسكروا قالوا له: عندنا رأس الحسين، فقال لهم: أروني إيّاه، فأروه إيّاه بصندوق يسطع منه النور إلى السماء، فعجب اليهودي واستودعه منهم، فأودعوه عنده، فقال اليهودي للرأس وقد رآه بذلك الحال: اشفع لي عند جدّك، فأنطق الله الرأس وقال: إنّما شفاعتي للمحمّديين ولست بمحمّدي. فجمع اليهودي أقرباءه ثمّ أخذ الرأس ووضعه في طست وصبّ عليه ماء الورد، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثمّ قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمّد. ثمّ قال: وا لهفاه! لم أجد جدّك محمّداً فأسلم على يديه، ثمّ وا لهفاه! لم أجدك حيّاً فأسلم على يديك وأقاتل دونك، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة؟ فأنطق الله الرأس فقال بلسان فصيح: إن أسلمت فأنا لك شفيع. قالها ثلاث مرّات وسكت. فأسلم الرجل وأقرباؤه»[510].
خلاصة الحكم على حادثة تكلّم الرأس الشريف
وهنا تارة نتكلّم عن نطق الرأس بشيء معيّن كقراءته آية أو قول محدّد، وأُخرى نتكلّم عن أصل النطق والتكلّم من دون إثبات شيء آخر.
أمّا ما يتعلّق بالأوّل فمن الواضح أنّ الرواية الأُولى عند أهل السنّة ـ وهي رواية المنهال ـ ليس في سندها لا كذّاب ولا متّهم في الكذب، كما أنّها رويت من وجهين عن ابن داهر، وغاية ما هنالك أنّ في السند بعض الرواة المجهولين، فإذا ما أخذنا بالحسبان أنّ بعض المتقدّمين من أهل السنّة يعتمدون رواية مجهول الحال الذي لم يرد في حقّه جرح، وإنّ الطريق متعدّد حيث رويت من وجه آخر كما أشرنا، وأنّها قضيّة تأريخية حدثت في زمان ما، وأنّها مرويّة في كتب الفريقين، وأنّها مدعومة بمرسلة زيد بن أرقم المتقدّمة والمرويّة في كتب الفريقين أيضاً، ومتّفقة مع روايات شيعية أخرى كرواية الحارث بن وكيدة، ورواية الشعبي، فلا يبعد حينئذٍ الوثوق بتحقّق ذلك، ونقول بأنّ الرأس الشريف نطق بآية أهل الكهف: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) [511].
أمّا ما ورد في متفرقات الأخبار المتقدّمة من كلمات أخرى للرأس الشريف، فلا سبيل إلى إثباتها أو نفيها، خصوصاً أنّنا لم نقف في طرقها على كذّابين أو متّهمين بالكذب، فتبقى على الاحتمال قد تكون صدرت في الواقع وقد تكون لم تصدر، فنوع الكلام في كلّ رواية رواية على انفراد في غير آية الكهف لا سبيل إلى إثباته، إلّا إذا قلنا إنّ الخبر التاريخي الضعيف يمكن الأخذ به ولو لم يُعتضد بغيره، لكن هذا لا نراه صحيحاً، فالتاريخ يحتاج إلى قرائن تفيد الوثوق بتحقّق الحادثة المعيّنة، ومن هذه القرائن هي صحّة الخبر أو تعدّد طرق ناقليه وغير ذلك ممّا اتّضح أثناء البحث، وهذه الحوادث المختلفة جاءت بصورة مراسيل منفردة غير معتضدة ولا متعدّدة، فلا نتمكّن من إثبات كلّ واحدة منها بخصوصياتها المختلفة.
وأمّا الثاني وهو أصل تكلّم الرأس الشريف، فهو يعدّ القدر المشترك الذي تضمنته ودلّت عليه جميع الأخبار المتقدّمة المسندة منها والمرسلة، والمروي منها عند الشيعة أو عند أهل السنّة، وهذا المقدار من وجود روايات عديدة بعضها مسندة وأُخرى مرسلة ومن مصادر متعدّدة ووردت في كتب الفريقين كافٍ في إثبات القدر المشترك من الحادثة، وهو أصل التكلّم، خصوصاً أنّها تُصنّف ضمن الحوادث التاريخيّة.
كما أنّه لو لاحظنا ما جرى من الحوادث العديدة والتي أثبتنا صحّتها سابقاً والتي تعطي تصوّراً واضحاً عن العناية التي خُصّ بها الإمام الحسين، والمقام الذي شرّفه الله به بعد استشهاده، لانتهينا إلى نتيجة تقضي بعدم استبعاد حصول أيّ شيء آخر ولو كان على خلاف الطبيعة، ما دام يصبّ في نفس مشروع الثورة، وعدم الاستبعاد لا يعني قبول كلّ حادثة، بل يعني أنّ استغراب الحادثة في هذا الباب لا يبرر الطعن فيها ما دام لها مثيلات عديدة وصحيحة، وتكلّم الرأس الشريف ما دام ورد بطرق عدّة ورواه الفريقان وهو لا يخرج عن هذا السيل العارم من الكرامات والحوادث التي جرت بعد استشهاده، فالقول بثبوته هو المتعيّن، وما ذكرناه من الأخبار كافٍ في الإثبات التاريخي.
وقد ذكر السيّد محمّد محمّد صادق الصدر بعد أنْ نقل سبعة روايات حول حادثة نطق الرأس الشريف أنّ هذه الروايات مستفيضة ولا سبيل الى مناقشتها أو التشكيك فيها[512].
لا شكّ لما لهذه الحادثة من دلالات عديدة، نذكر بعضاً منها فيما يلي:
1 ـ تمثِّل هذه الحادثة حالة من المبالغة في إلقاء الحجّة على القوم، بل وعلى سائر الناس، فبعد أن كان الإمام الحسين(عليه السلام) في أيّام ثورته يلقي الحجّة تلو الحجّة على المجتمع الإسلامي، فكذلك بعد وفاته عن طريق الإعجاز الإلهي، فرأس يتكلّم بهذه الطريقة لا شكّ في حقّانية مشروعه وثورته، خصوصاً أنّ الحكومة كانت تشيع بين الناس بأنّ هؤلاء خوارج، فربّما تكلُّم الرأس ونطقه يمثِّل ردّاً واضحاً على هذا الادّعاء لدى كلّ مَن يعرف بهذه الحادثة، خصوصاً أنّها ستكون أدعى للتأمّل وأوقع في النفس من سائر الخطب التي كانت تُلقى من موكب السبايا والتي تصبّ في ذات الهدف وهو بيان مشروعيّة الثورة وحقّانيتها.
2 ـ تُبيِّن هذه الحادثة أنّ الهدف الأساس من الثورة هو هداية الأُمّة وإخراجها من مستنقعات الجهل والظلام إلى طريق الهدى والنور، وكما كان الإمام حريصاً على تحقيق هذا الهدف في أيّام حياته، فكذلك استمرّ بالإعجاز حتى بعد مماته، وهذا يمثِّل منتهى اللطف وغاية الرحمة الإلهية في عباده.
3 ـ إنّ قتل الحسين(عليه السلام) وأصحابه لا يعني القضاء على الحقّ، بل إنّه بداية الانتصار، فإذا كان بإمكانهم أن يقتلوا إنساناً حيّاً ينادي بالعدالة، فأنّى لهم أن يقتلوا رأساً معلّقاً على رأس الرمح، وكيف لهم أن يُسكِتوا صوته الهادر.
4 ـ أنّ نطق الرأس بهذه الطريقة فيه دلالة لا تخفى على قيمة ومقام ومكانة صاحب الرأس، فبغضّ النظر عن كونه إماماً منصوباً من السماء فإنّ كلّ مَن يحضر ويشاهد أو تصله هذه الحادثة سوف يعرف أنّ لصاحب هذا الرأس منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى.
5 ـ عرفنا سابقاً أنّه لا يمكن أن نثبت نوع الكلام الذي تكلّم به الرأس الشريف لكون الروايات ضعيفة أو مرسلة، فغاية ما اثبتته أصل التكلّم، لذا فالدلالات التي ذكرناها أعلاه تتعلّق بأصل التكلّم ولا يمكن أن نستفيد مداليل معيّنة من خلال نوع الكلام لأنّه لم يثبت.
نعم ذكرنا أنّه يمكن الوثوق بقراءة الرأس لآية أهل الكهف لشواهد تقدّمت، ومعه يمكن أنْ نستفيد أنّ هناك دلالات معيّنة يُراد إيصالها من خلال إلفات نظر الناس إلى ما حصل لأهل الكهف بغير وجه حقّ نتيجة مطالبتهم بإعادة الدين إلى رسمه الصحيح، وإنّ قضيّتهم بقيت حيّة على مرّ الأجيال والعصور، وأنّ الكثير من فصولها كان يشتمل على حالة من الإعجاز الإلهي، وأنّ الهدف الذي تحرّكوا من أجله قد تحقّق آجلاً.
فكأنّ النطق بهذه الآية هو محاولة أُخرى لتحريك ضمير الأُمّة وبثّ الوعي فيها من خلال قراءة أحداث التأريخ فيما يتعلّق بأصحاب الكهف وما عانوه رغم قلّتهم في مواجهة الظلم والانحراف وما تمخّض لاحقاً من نتائج وعودة الأُمّة إلى دينها الصحيح.
ثامن عشر: ظهور نور من الرأس الشريف إلى السماء
وهذه الحادثة روتها مصادر عديدة بما فيها أُمّهات الكتب المعتمدة في التاريخ والسيرة، ويبدو أنّ هناك تعدّد لتلك الرؤية، فتارة روي أنّ أحد الرهبان هو الذي رأى ذلك النور، وفي قصة أُخرى أنّ النوار بنت مالك زوجة خولي رأت النور من رأس الحسين(عليه السلام) أيضاً، وهذا ما سيتّضح أثناء سرد هذه الأخبار فيما يلي:
أوّلاً: رؤية الراهب لنور يخرج من رأس الحسين
وهذه القصّة روتها مصادر متعدّدة، بإلفاظ متفاوتة، لكنّها متّفقة في أصل مسألة رؤية النور، لذا سنذكر ألفاظ هذه القصّة عن عدّة من المصادر المتنوعة ونشير للباقي إن شاء الله:
1 ـ رواية عبد الملك بن هشام في السيرة النبويّة
أخرجها سبط ابن الجوزي، قال: «وذكر عبد الملك بن هشام في كتاب (السيرة) الذي أنبأ به القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي بن أبي المعاد بن الحباب السعدي في جمادى الأُولى سنة تسع وستمائة بالديار المصريّة قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أنبأ أبو محمّد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي في جمادى الأُولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة، أنبأ أبو الحسين علي بن الحسن الخلعي، أنبأ أبو محمّد عبد الرحمن بن عمر بن سعيد بن النحاس النجيبي، أنبأ أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد زنجويه البغدادي، أنبأ أبو سعيد عبد الرحيم بن عبد الله البرق، أنبأ أبو محمّد عبد الملك بن هشام النحوي البصري قال: لمـّا أنفذ ابن زياد رأس الحسين(عليه السلام) إلى يزيد بن معاوية مع الأُسارى موثّقين في الحبال، منهم نساء وصبيان وصبيات من بنات رسول| على أقتاب الجمال، مكشّفات الوجوه والرؤوس، وكانوا كلّما نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من الصندوق أعدّوه له فوضعوه على رمح وحرسه الحرس على عادته طول الليل إلى وقت الرحيل، ثمّ يعيدوه إلى الصندوق ويرحلوا، فنزلوا في بعض المنازل وفي ذلك المنزل دير فيه راهب فأخرجوا الرأس على عادتهم ووضعوه على الرمح وحرسه الحرس على عادتهم وأسندوا الرمح إلى الدير، فلمّا كان نصف الليل رأى الراهب نوراً طغى من مكان الرأس إلى عنان السماء، فأشرف على القوم، وقال: مَن أنتم؟ قال: نحن أصحاب ابن زياد. فقال: وهذا رأس مَن؟ قالوا: رأس الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله|، قال: نبيكم! قالوا: نعم. قال: فبئس القوم أنتم! لو كان للمسيح ولداً لأسكناه أحداقنا. ثمّ قال: هل لكم في شيء؟ قالوا: وما هو؟ قال: عندي عشرة آلاف دينار تأخذوها وتعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة، وإذا رحلتم خذوه. قالوا: وما يضرنا. فناولوه الرأس وناولهم الدنانير، وأخذه الراهب فغسّله وطيّبه وتركه على فخذه، وقعد يبكي الليل كلّه، فلمّا أسفر الصبح قال: يا رأس، لا أملك إلّا نفسي، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ جدّك محمداً رسول الله وأشهد أنّني مولاك وعبدك، ثمّ خرج عن الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت.
قال ابن هشام في السيرة: ثمّ أنّهم أخذوا الرأس وساروا فلمّا قربوا إلى دمشق قال بعضهم لبعض: تعالوا حتى نقتسم الدنانير لا يراها يزيد فيأخذها منّا. فأخرجوا الأكياس وفتحوها وإذا الدنانير قد تحوّلت خزفاً، وفي الأُولى تبدّلت عروقاً غيرها، وعلى أحد جانبي الدينار مكتوب (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) الآية وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ، فرموها في بئر»[513].
قال في كتابه الثقات: «ثمّ أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أُسارى النساء والصبيان من أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) على أقتاب، مكشّفات الوجوه والشعور، فكانوا إذا نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من الصندوق وجعلوه في رمح وحرسوه إلى وقت الرحيل، ثمّ أُعيد الرأس إلى الصندوق ورحلوا.
فبينا هم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب فأخرجوا الرأس على عادتهم وجعلوه في الرمح وأسندوا الرمح إلى الدير فرأى الديراني بالليل نوراً ساطعاً من ديره إلى السماء فأشرف على القوم وقال لهم من أنتم قالوا نحن أهل الشام قال وهذا رأس من هو قالوا رأس الحسين بن علي قال: بئس القوم أنتم والله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا ثم قال: يا قوم عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبى وأبى من أبيه فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار قالوا بلى فأحدر إليهم الدنانير فجاؤوا بالنقاد ووزنت الدنانير ونقدت ثم جعلت في جراب وختم عليه ثم أدخل الصندوق وشالوا إليه الرأس فغسله الديراني ووضعه على فخذه وجعل يبكى الليل كله عليه فلما أنْ أسفر عليه الصبح قال: يا رأس لا أملك إلا نفسي وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ جدّك رسول الله. فأسلم النصراني.
ثمّ أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا، فلما قربوا من دمشق قالوا: نحب أن نقسم تلك الدنانير، لأن يزيد إن رآها أخذها منا، ففتحوا الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه، فإذا الدنانير كلها قد تحولت خزفا، وإذا على جانب من الجانبين من السكة مكتوب (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ، وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ، قالوا: قد افتضحنا والله! ثمّ رموها في بردى نهر لهم، فمنهم من تاب من ذلك الفعل لما رأى، ومنهم من بقي على إصراره، وكان رئيس من بقي على ذلك الإصرار سنان بن أنس النخعي»[514].
جاء في تاريخه: «ثمّ تكاثروا عليه وجاء الشمر (لعنه الله) فاحتزّ رأسه ووضعه في مخلاة فيها تبن وحمله إلى عبيد الله بن زياد، فنفذه عبيد الله على هيئته تلك إلى يزيد، وكان يزيد نازلاً على أنطاكية محاصِراً لها.
فلمّا كان الرسول في بعض الطريق وأجنّه الليل عدل إلى دير فيه رهبان فبات فيه، فحين انتصف الليل قام بعض الرهبان لشأنه فرأى عموداً من نور متّصلاً بين تلك المخلاة وبين السماء...»[515].
وقد وردت هذه الحادثة في عدّة مصادر أُخرى، وقد تقدّم ذكر أكثرها عند الحديث عن تكلّم الرأس الشريف، منها ما أورده النطنزي في خصائصه على ما ذكره ابن شهر آشوب والتي جاء فيها: «لمّا جاؤوا برأس الحسين ونزلوا منزلاً يُقال له قنسرين اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه ويصعد إلى السماء...»[516].
ومنها ما رواه الخوارزمي في مقتله، حيث جاء فيه: «فنزلوا عند رجل من اليهود، فلمّا شربوا وسكروا قالوا له: عندنا رأس الحسين. فقال لهم: أروني إيّاه، فأروه إيّاه بصندوق يسطع منه النور إلى السماء، فعجب اليهودي واستودعه منهم، فأودعوه عنده»[517].
ومنها ما أورده القندوزي عن أبي مخنف، وقد جاء فيه: «فلمّا جنّ الليل نظر الراهب إلى الرأس الشريف المكرم رأى نوراً قد سطع منه إلى عنان السماء»[518]، وقد أشرنا في وقتها أنّ الخبر موجود باختلاف يسير في نسخة مقتل أبي مخنف (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه)[519]، وكذلك أورد الخبر ابن حجر في صواعقه، وجاء فيه: «ولمـّا كانت الحرس على الرأس كلمّا نزلوا منزلاً وضعوه على رمح وحرسوه، فرآه راهب في دير فسأل عنه فعرّفوه به، فقال: بئس القوم أنتم! لو كان للمسيح ولد لأسكنّاه أحداقنا. بئس القوم أنتم! هل لكم في عشرة آلاف دينار ويبيت الرأس عندي هذه الليلة؟ قالوا: نعم. فأخذه وغسّله وطيّبه ووضعه على فخذه فوجد منه نوراً صاعداً إلى عنان السماء، وقعد يبكي إلى الصبح، ثمّ أسلم؛ لأنّه رأى نوراً ساطعاً من الرأس إلى السماء، ثمّ خرج عن الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت»[520].
وغير ذلك من الأخبار العديدة في الحادثة.
وقد أورد هذه الرواية الطبري في تاريخه عن هشام عن محمّد بن السائب الكلبي عن النوار بنت مالك، لكنّه ذكر ذلك في قصّة تختلف عن سابقاتها، ولا يوجد فيها ذكر لموضوع الدراهم ولا للراهب، بل إنّ النوار هي التي رأت النور من رأس الحسين(عليه السلام)، وهذا يدلّل على أنّ رؤية النور قد حصلت في أكثر من موضع، فقد جاء في هذه القصّة أنّ خولي بن يزيد كانت له امرأتان إحداهما من بنى أسد والأُخرى من الحضرميين يُقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية، قالت: «أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة في الدار، ثمّ دخل البيت فأوى إلى فراشه، فقلتُ له: ما الخبر؟ ما عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معكِ في الدار! قالت: فقلتُ: ويلك! جاء الناس بالذهب والفضة، وجئت برأس ابن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبداً. قالت: فقمتُ من فراشي فخرجت إلى الدار فدعا الأسديّة فأدخلها إليه وجلستُ أنظر. قالت: فوالله، ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة، ورأيت طيراً[521] بيضاً ترفرف حولها. قال: فلمّا أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد»[522].
ونقل هذا الخبر ابن الأثير[523] وابن كثير[524] وسبط ابن الجوزي وغيرهم[525].
وأورده الخوارزمي نقلاً عن أبي مخنف، قال: وذكر أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، وذكر قريب من ذلك[526].
كما أورده من الشيعة، ابن نما الحلي، فقال: «ورويت أنّ النوار ابنة مالك زوجة خولي بن يزيد الأصبحي قالت: أقبل خولي برأس(عليه السلام) فدخل البيت فوضعه تحت إجانة وآوى إلى فراشه، فقلتُ: ما الخبر؟ قال: جئتك بغناء الدهر برأس الحسين. قلتُ: ويحك! جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس الحسين بن رسول الله، والله لا جُمع رأسي ورأسك أبداً. ووثبتُ من فراشي وقعدت عند الإجانة، فوالله ما زلتُ أنظر إلى نور مثل العمود يسطع من السماء إلى الإجانة ورأيت طيوراً بيضاء ترفرف حولها»[527].
تبيّن ممّا تقدّم أنّ هذه الحادثة روتها عدّة من المصادر التاريخيّة، كالطبري وابن حبّان وأبي مخنف وغيرها من المصادر التي أشرنا إليها، كما أنّها حصلت أكثر من مرّة، فتارة مع الراهب وأُخرى مع النوار بنت مالك، وهذا يعطي نوع وثوق لحصول الحادثة.
تاسع عشر: تحوّل الدنانير إلى خزف أو حجارة مكتوب عليها آيات قرآنية
وقد روت هذه الحادثة عدّةٌ من مصادر التاريخ والسيرة، منها:
1 ـ رواية عبد الملك بن هشام في السيرة النبويّة
وهذه الرواية تقدّمت قبل قليل في مسألة ظهور النور من رأس الإمام الحسين(عليه السلام)، وقد جاء في آخرها: «ثمّ أنّهم أخذوا الرأس وساروا، فلمّا قربوا إلى دمشق قال بعضهم لبعض: تعالوا حتى نقتسم الدنانير لا يراها يزيد فيأخذها منّا. فأخرجوا الأكياس وفتحوها وإذا الدنانير قد تحوّلت خزفاً وفي الأولى تبدّلت عروقاً غيرها وعلى أحد جانبي الدينـار مكتـوب (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) الآية، وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) فرموها في بئر»[528].
وهذه الرواية تقدّمت أيضاً في ما يتعلّق بظهور النور من الرأس الشريف، وجاء في آخرها: «ثمّ أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا، فلمّا قربوا من دمشق، قالوا: نحبّ أن نقسم تلك الدنانير، لأنّ يزيد إن رآها أخذها منّا، ففتحوا الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه، فإذا الدنانير كلّها قد تحوّلت خزفاً، وإذا على جانب من الجانبين من السكّة مكتوب (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ، قالوا: قد افتضحنا والله! ثمّ رموها في بردى نهر لهم، فمنهم مَن تاب من ذلك الفعل لما رأى، ومنهم مَن بقي على إصراره، وكان رئيس مَن بقي على ذلك الإصرار سنان بن أنس النخعي»[529].
3 ـ رواية ابن عبّاس عن أُمّ كلثوم
وهذا الأثر ورد في كتب الشيعة، أورده ابن شهر آشوب في مناقبه، قال: «وفي أثر عن ابن عبّاس: أنّ أُمّ كلثوم قالت لحاجب ابن زياد: ويلك! هذه الألف درهم خذها إليك، واجعل رأس الحسين(عليه السلام) أمامنا واجعلنا علي الجمال وراء الناس ليشتغل الناس بنظرهم إلى رأس الحسين(عليه السلام) عنّا. فأخذ الألف وقدّم الرأس، فلمّا كان الغد أخرج الدراهم وقد جعلها الله حجارة سوداء مكتوباً علي أحد جانبيها: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)، فرموها في بئر»[530].
وقد وردت هذه الحادثة في عدّة مصادر أُخرى، منها: ما أورده النطنزي في خصائصه على ما ذكره ابن شهر آشوب والتي جاء فيها: «فلمّا أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلمّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة»[531]، ومنها ما أورده القندوزي عن أبي مخنف، وقد جاء في آخره: «ثمّ إنّهم جلسوا يقتسمون المال وإذا هو قد انقلب خزفاً، وفي جانب كلّ واحد منها منقوش (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وفي الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)، »[532]، وهذا الخبر موجود باختلاف يسير في نسخة مقتل أبي مخنف (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه)[533]، وكذلك أورد الخبر ابن حجر في صواعقه حيث جاء فيه: «وكان مع أولئك الحرس دنانير أخذوها من عسكر الحسين ففتحوا أكياسها ليقتسموها فرأوها خزفاً وعلى أحد جانبي كلّ منها: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعلى الآخر: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)»[534].
وغير ذلك من الأخبار العديدة في الحادثة.
وهذه الحادثة كسابقتها فقد وردت في معظم المصادر التي أوردت حادثة ظهور النور من الرأس، إذ إنّ القصّة كانت واحدة، كما ظهر أنّ هذه الحادثة حصلت أكثر من مرّة، الأُولى مع الراهب، والثانية مع حاجب عبيد الله بن زياد، وهذا التنوّع في المصادر يعطي للحادثة قوّة.
المعطيات الخاصّة المستفادة من هاتين الحادثتين
في الحقيقة أنّ المستفاد من هذه الكرامات هو نفسه ما يُستفاد من سائر الكرامات الكثيرة التي تحصل لأئمّة أهل البيت؛ إذ تتركّز في الجانب الأهم على بيان حقّانيتهم الأمر الذي يؤدِّي إلى هداية الناس والمجتمع وإيمانهم بأهل البيت، أو إيمانهم بالدين الإسلامي إن كانوا غير مسلمين، وهذا المقدار واضح في هاتين الحادثتين؛ إذ إنّ بعض أخبار الحادثة نفسها صرّحت بهداية هذا الرجل النصـراني ودخوله الدين الإسلامي، وكذلك صرّحت بهداية جملة من أعداء الحسين(عليه السلام) ممّن رأوا هذه الحادثة.
فلا شكّ إذن في أنّ هذه الحادثة تزيح الغبار عن الحقيقة التي غُيِّبت، وعن الموقعية الحقيقية للإمام الحسين(عليه السلام) وهدفه النبيل الذي خرج من أجله، فهذه الحادثة وغيرها تتيح للكثير من الناس مراجعة الذات ليتّضح لهم بأنّ الحسين(عليه السلام) كان طالب إصلاح، وحاملاً لرسالة إلهية، وهو الحقّ الذي يجب أنْ يُطاع ويُتّبع، ويظهر لهم من خلال ذلك بوضوح بطلان يزيد ومَن كان على نهجه، ولذا فإنّ النصراني ترك ديانته والتحق بركب الإسلام المتمثِّل بنهج الحسين(عليه السلام).
وسيأتي مزيد كلام عن هذه الدلالات في الفصل الأخير إن شاء الله.
كما أنّ المتأمِّل في أمثال هذه الكرامات تتّضح له الكثير من المعطيات فمضافاً للهداية ومعرفة الحقيقة فإنّها تزيد الموالين ثباتاً وقوّة، خصوصاً المتأرجحين منهم وأصحاب القلوب الركيكة، فإنّ أمثال هذه الحوادث تقلب عندهم مقاييس الحسابات وتزيد نسبة الحسّ الولائي لديهم، فتطمئنّ قلوبهم على التقوى.
عشرون: صار لحم الأبل وكأنّ فيه النار
وهذه الحادثة تقدّم ذكرها في حادثة تحوّل الورس الى رماد، ومن الأخبار التي جاءت فيها:
ذكره الذهبي، فقال: «قال أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن جدّته أُمّ أبيه: لقد رأيت الورس عاد رماداً، ولقد رأيت اللحم كأنّ فيه النار حين قُتِل الحسين»[535].
أخرجه البيهقي، قال: أخبرنا أبو الحسين[536]، أخبرنا عبد الله[537]، حدّثنا يعقوب[538]، حدّثنا أبو بكر الحميدي به[539].
وتمّ دراسة السند هناك وعرفنا أنّ السند إلى جدّة سفيان صحيح رجاله ثقات، لكن جدّة سفيان لم نقف على ترجمة لها، غير أنّ رواية البيهقي لها من دون إشارة إلى ضعف الخبر توجب القول بصحته لأنّ البيهقي التزم في كتبه بنقل الصحيح سوى ما أشار إليه وبيّن ضعفه.
أضف إلى ذلك فإنّ ابن عيينة من المتقنيين ومن الذين يتحرون الأخبار، ومن الذين ثبت عنهم أنّهم لا يرسلون إلّا عن ثقة، كما أنّه لم يتوقّف أحد في مشايخه إذا حدث بالسماع[540].
فلا يبعد حينئذٍ القول بصحّة هذا السند، خصوصاً أنّه رواه عن جدّته التي عاصرها وعرفها، فمن المستبعد جدّاً أن يروي عنها هكذا خبر مع علمه بضعفها، فلا بد أن تكون ثقة عنده.
رواه عنه جرير بن عبد الحميد، وعن جرير رُوي بطريقين:
الأوّل: طريق يحيى بن معين، قال: «حدّثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، قال: قُتِل الحسين بن عليّ ولي أربع عشرة سنة وصار الورس الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران»[541].
وأخرجه من طريقه ابن عساكر[542]، وأورده المزي في تهذيبه[543]، والذهبي في سيره[544].
والسند جيد كما تقدّم سابقاً، فجرير بن عبد الحميد ثقة، ويزيد أيضاً ثقة على كلام مرّ فيه مفصّلاً.
هذا ونضيف هنا خبراً آخر من كتب الشيعة يُؤيِّد ما تقدّم، رواه الشيخ الطوسي في أماليه: «عن أحمد بن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن عليّ بن عفّان، عن الحسن بن عطية، قال: حدّثنا ناصح أبي عبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، قالت: فلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً. قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشيء فتلطخه على يدها فيصير منه برص. قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلمّا حزّوا بالسكين صار مكانها ناراً. قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه ناراً. قالت: فقطعوه فخرجت منه النار. قالت: فطبخوه فكلمّا أوقدوا النار فارت القدر ناراً. قالت: فجعلوه في الجفنة فصار ناراً. قالت: وكنت صبية يومئذٍ فأخذت عظماً منه فطيّنت عليه، فسقط وأنا يومئذٍ امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب. قالت: فلمّا حززناه بالسكين صار مكانه ناراً، فعرفنا أنّه ذلك العظم فدفناه»[545].
وهذا السند ضعيف أيضاً، ويكفي أنّ الرواي المباشر غير معروف، فقد رواها ناصح عن قريبة جارية لهم، من دون أنْ يُصرّح باسمها، لكن هذه الرواية تتعاضد مع سابقتها في الجملة.
ويؤيّده أيضاً ما نقله ابن شهر آشوب عن أحاديث ابن الحاشر، قال: «أحاديث ابن الحاشر: قال: كان عندنا رجل خرج علي الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت امرأته علي يديها فصارت برصاء، قال: ونحر البعير فكلمّا جزوا بالسكين صار مكانها ناراً، قال: فقطّعوه فخرج منه النار، قال: فطبخوه ففارت القدر ناراً»[546].
حادي وعشرون: أصاب بعض النساء برصاً
جاء في عيون الأخبار: «روى سنان بن حكيم، عن أبيه، قال: انتهب الناس ورساً في عسكر الحسين بن عليّ يوم قُتِل فما تطيّبت منه امرأة إلّا برصـت»[547].
وجاء في العقد الفريد: «ابن عبد الوهاب، عن يسار بن عبد الحكم، قال: انتُهِب عسكر الحسين فوجد فيه طيب، فما تطيّبت به امرأة إلّا برصت»[548].
ورواه محمد بن أحمد بن ناصر الدمشقي، قال: «عن عبد الوهاب بن بشار أن الحكم قال: انتُهب عسكر الحسين(عليه السلام) فوجدوا فيه طيباً فما تطيّبت به امرأة إلّا برصت»[549].
ورواه القاضي أبو حنيفة النعمان: «محمد بن [الحكم]، بإسناده، عن بشار بن الحكم، عن أُمّه، أنّها قالت: انتُهب الناس ورساً من عسكر الحسين(عليه السلام)، فما استعملته امرأة إلّا برصت»[550].
وفي الثاقب في المناقب: «عن سيار بن الحكم، قال: انتهبت الناس ورساً من عسكر الحسين، يوم قُتل الحسين، فما تطيبت به امرأة إلّا برصت»[551].
ومن الواضح أنّ هذه الروايات مراسيل لم نقف على أسانيدها، ويبدو أنّها تنتهي إلى راوٍ واحد، وقد اختلفت المصادر فيه، فهل هو سنان بن حكيم عن أبيه، أو ابن عبد الوهاب عن يسار بن عبد الحكم، أو بشار بن الحكم عن أُمّه، أو عبد الوهاب بن بشار عن الحكم، أو هو سيار بن الحكم.
فالغرض أنّه طبق الحكم السَنَدي لا يمكننا الحكم على الخبر نفياً أو إثباتاً، فهو محتمل التحقّق، خصوصاً أنّ أحداثاً أشدّ من هذا الحدث قد حصلت.
نعم، يؤيّده ما تقدّم عن الشيخ الطوسي مسنداً «عن ناصح أبي عبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، قالت: فلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً، قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشيء فتلطخه على يدها فيصير منه برص...»[552].
لكنّ هذا السند ضعيف أيضاً، كما تقدّم، لكن هذه الرواية تتعاضد مع سابقتها في الجملة.
ويؤيّده أيضاً ما نقله ابن شهر آشوب عن أحاديث ابن الحاشر، قال: «أحاديث ابن الحاشر: قال: كان عندنا رجل خرج علي الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت امرأته علي يديها فصارت برصاء...»[553].
ثاني وعشرون: احتراق ما نهبوه من عسكر الحسين(عليه السلام)
أخرجه ابن المغازلي بسنده إلى أسلم بن سهل، قال: «حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثتني أُمّي عن جدّها قال: أدركت قَتل الحسين بن علي(عليها السلام)، فلمّا قتل خرج أُناس إلى إبل كانت معه فانتهبوها، فلمّا كان اللّيل رأيت فيها النيران، فاحترق كلُّ ما أُخِذَ من عسكره»[554].
وأخرجه ابن العديم تارة من طريق أسلم[555]، وأُخرى من وجه آخر عن يزيد بن هارون عن أمّه عن جدّتها[556].
ومن الملاحظ هنا أنّ ابن المغازلي رواه عن أُمّ يزيد عن جدّها، بينما جاء في لفظ ابن العديم: (عن جدّتها).
وكيف ما كان فإنّ أُمّ يزيد مجهولة وكذلك جدّها أو جدّتها، فالسند ضعيف من هذه الجهة.
أخرجها ابن قولويه، قال: «حدّثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معرو ف، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الحسين، عن الحلبي، قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): لـمّا قُتِل الحسين(عليه السلام) سمع أهلنا قائلاً يقول بالمدينة: اليوم نزل البلاء على هذه الأُمّة، فلا ترون فرحاً حتى يقوم قائمكم، فيشفي صدوركم ويقتل عدوكم وينال بالوتر أوتاراً، ففزعوا منه، وقالوا: إنّ لهذا القول لحادثاً قد حدث ما لا نعرفه، فأتاهم خبر قَتل الحسين(عليه السلام) بعد ذلك، فحسبوا ذلك، فإذا هي تلك الليلة التي تكلّم فيها المتكلِّم...»، إلى أن قال: «إنّ الحسين(عليه السلام) لـمّا قُتِل أتاهم آتٍ وهم في العسكر فصرخ فزبر. فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورسول الله| قائم ينظر إلى الأرض مرّة وإلى حزبكم مرّة، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم، فقال بعضهم لبعض: هذا إنسان مجنون. فقال التوّابون: تالله، ما صنعنا لأنفسنا، قتلنا لابن سمية سيِّد شباب أهل الجنّة. فخرجوا على عبيد الله بن زياد، فكان من أمرهم ما كان. قال: فقلت له: جعلت فداك، مَن هذا الصارخ، قال: ما نراه إلّا جبرئيل(عليه السلام)، أما أنّه لو أُذن له فيهم لصاح بهم صيحة يخطف به أرواحهم من أبدانهم إلى النار، ولكن أمهل لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب أليم»[557].
يبدو أنّ هذه الرواية ضعيفة السند من جهة عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، حيث قال عنه النجاشي: «ضعيف غال ليس بشيء... له كتاب المزار، سمعت ممّن رآه فقال لي: هو تخليط»[558]. وذكره العلّامة في القسم الثاني وقال فيه: «بصري ضعيف غالٍ، ليس بشيء، وله كتاب في الزيارات يدلّ على خبث عظيم ومذهب متهافت، وكان من كذابة أهل البصرة»[559].
لذا قد تختلف الآراء حسب فهم وتفسير كلمات النجاشي، فذهب السيد الخوئي إلى ضعف الرجل، حيث قال: «ظاهر كلام النجاشي أنّه ليس بشئ، أنّه ضعيف في الحديث، فلا اعتماد على رواياته»[560].
لكن قد يقال إنّ سبب تضعيف الرجل هو اتّهامه بالغلو، فإذا أمكن الوقوف على حقيقة الرجل، وأنّه غير مغال، زال سبب التضعيف، وهناك كلمات للشيخ الوحيد البهبهاني في دفع الغلو عن الرجل، وتبرئة ساحته [561].
وكيفما كان، فالرواية ضعيفة من حيث السند لجهالة بعض الرواة كما تقدّم.
نعم، بناء على وثاقة كلّ رجال كتاب كامل الزيارات، مع ملاحظة عدم ثبوت ضعف عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، فحينئذ يمكن القول باعتبار الرواية.
وهذه الرواية تختلف عن الرواية الأُولى من حيث المعنى، لكنّها تتّفق في صدور صوت من السماء حين قُتِل الحسين(عليه السلام)، فقد أخرجها الكليني، قال: «علي بن محمد، عمّن ذكره، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): لـمّا ضرب الحسين بن علي(عليها السلام) بالسيف فسقط رأسه[562]، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى منادٍ من بطنان العرش ألا أيّتها الأُمّة المتحيِّرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لا ضحى ولا لفطر، قال: ثمّ قال أبو عبد الله(عليه السلام): فلا جرم والله، ما وُفِّقوا ولا يُوَفَقون حتى يثأر ثائر الحسين(عليه السلام)»[563].
ورواه بخلاف يسير في الألفاظ الشيخ الصدوق، قال: «حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد&، قال: حدّثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن الديلمي، وهو سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، قال: قال الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد(عليها السلام):...»[564]، وذكره.
ويبدو أنّ الراوي المباشر سقط من النسخة، فقد رواها الكليني كما تقدّم عن التفليسي عن رزين، ورواها الصدوق نفسه في مَن لا يحضره الفقيه عن التفليسي عن رزين أيضاً[565].
وقد رواها في علله أيضاً من طريق الشيخ الكليني[566].
وهذه الرواية أيضاً ضعيفة من جهة الحكم السَنَدي فهي تدور على محمّد بن سليمان والتفليسي ورزين، والتفليسي مهمل لم يذكروه في كتب الرجال، ورزين مجهول.
ومحمّد بن سليمان الديلمي، قال فيه النجاشي: «محمد بن سليمان بن عبد الله الديلمي ضعيف جداً لا يُعوَل عليه في شيء، له كتاب»[567].
وقال الطوسي: «له كتاب، يُرمى بالغلو»[568].
وقال السيد الخوئي: «إنّ محمد بن سليمان، هذا لا يُعمل بروايته لتضعيف النجاشي والشيخ، المؤيَّد بتضعيف ابن الغضائري»[569].
خلاصة الحكم السَنَدي على الرواية
والخلاصة أنّه من الجهة السندية لا يمكن الركون لهذه الرواية.
وهناك رواية أُخرى تتحدّث عن ساعة مقتل الحسين(عليه السلام) وما حصل فيها من عجيج للسموات والأرض والملائكة، رواها الكليني: «عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن كرام قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي ألّا آكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمّد، فدخلت على أبي عبد الله(عليه السلام). قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألّا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد؟ قال: فصم إذاً يا كرام، ولا تصم العيدين، ولا ثلاثة التشريق، ولا إذا كنت مسافراً، ولا مريضاً، فإن الحسين(عليه السلام) لمـّا قُتِل عجّت السماوات والأرض ومَن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك، وقتلوا صفوتك. فأوحى الله إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا. ثمّ كشف حجاباً من الحجب فإذا خلفه محمّد| واثنا عشر وصياً له(عليه السلام)، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي، بهذا أنتصر [لهذا]. قالها ثلاث مرات»[570].
خلاصة الدراسة السَنَدية لهذه الرواية
وهذه الرواية لا يمكن التعويل عليها من الجهة السَنَدية أيضاً، ففيها عبد الله بن عبد الرحمن الأصم كما في الرواية الأُولى، وفيها أيضاً محمّد بن الحسن بن شمون، وقد قال فيه النجاشي: «واقف، ثمّ غلا، وكان ضعيفاً جداً، فاسد المذهب...»[571].
وقد ذكر السيد الخوئي الأقوال الواردة فيه، ثمّ قال: «إنّ محمد بن الحسن بن شمون محكوم بالضعف، لقول النجاشي: إنّه كان ضعيفاً جداً، فاسد المذهب، المؤيّد بما عن ابن الغضائري، من أنّه غلا، ضعيف، متهافت، لا يلتفت إلى مصنّفاته، وسائر ما ينسب إليه»[572].
والخلاصة أنّ ما ورد في هذه الأخبار لا يسعنا إنكاره ولا إثباته، بل هو باقٍ على الاحتمال، فلعلّه ثابت واقعاً عند مقايسته ببقية الحوادث، والله العالم.
رابع وعشرون: تمرغ الغراب بدم الحسين(عليه السلام) ووقوعه على جدار فاطمة الصغرى
هذا الخبر ورد في مصادر أهل السنّة، فقد أخرجه ابن عساكر، قال: «كتب إلي أبو نصر بن القشيري: أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو محمد العلوي، وهو يحيى بن محمد بن أحمد بن زبارة، [حدثنا][573] أبو محمد العلوي صاحب فاخر النسب ببغداد، نا أبو محمد إبراهيم بن علي الرافعي من ولد أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: نا الحسن بن علي العلواني[574]، نا علي بن معمر عن إسحاق بن عباد، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال:
سمعت جعفر بن محمد يقول: حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، قال: لما قتل الحسين بن علي جاء غراب فوقع في دمه وتمرغ ثمّ طار، فوقع في المدينة على جدار فاطمة بنت الحسين بن علي، وهي الصغرى، ونعب، فرفعت رأسها إليه، فنظرت إليه، فبكت بكاء شديداً، وأنشأت تقول:
نعب الغراب فقلت من |
|
تنعاه ويلك يا غراب |
قال الإمام فقلت من؟ |
|
قال الموفق للصواب |
قلت الحسين فقال لي |
|
حقا لقد سكن التراب |
إن الحسين بكربلا |
|
بين الأسنة والضـراب |
فابك الحسين بعبرة |
|
ترضي الإله مع الثواب |
ثم استقل به الجناح |
|
فلم يطق رد الجواب |
فبكيت مما حل بي |
|
بعد الوصي المستجاب |
قال محمد بن علي بن الحسين: قال أبي، عليُّ بن الحسين: فنعته لأهل المدينة، فقالوا: قد جاءتنا بسحر عبد المطلب، فما كان بأسرع من أنْ جاءهم الخبر بقتل الحسين بن علي»[575].
وأخرجه ابن العديم بسنده إلى أبي بكر البيهقي والحيري وأبو عثمان الصابوني والبحيري، قالوا : أخبرنا أبو عبد الله الحاكم، وساقه بسنده ومتنه[576].
وأخرجه الموفق الخوارزمي بسنده إلى أبي عبد الله الحافظ، حدثني أبو محمّد يحيى بن محمّد العلوي، حدثني الحسين بن محمّد العلوي، حدثنا أبو علي الطرسوسي، حدثني الحسن بن علي الحلواني، وساقه بسنده ومتنه باختلاف يسير[577].
وأورده المجلسي من الشيعة، وعزاه إلى كتاب المناقب القديم[578]، والظاهر أنّ المراد من كتاب المناقب القديم هو مقتل الخوارزمي؛ لاتحاد السند الذي ذكره المجلسي مع سند الخوارزمي في مقتله.
من الواضح أنّ السند يدور في أوله على أبي عبد الله الحافظ، وهو الحاكم النيسابوري صاحب كتاب المستدرك، وهو ثقة معروف، والطرق له متعدّدة كما اتضح من التخريج، والمهم في المقام هو دراسة السند من شيخ الحاكم فصاعداً، فنقول:
أمّا أبو محمّد العلوي، يحيى بن محمّد بن أحمد بن زباره، فقد ترجمه السمعاني، وقال فيه: «كان فاضلاً زاهدا عالما، سمع بنيسابور أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم، وبمرو أبا العباس عبد الله بن الحسين البصري ، وببخارى أبا صالح خلف بن محمد بن إسماعيل الخيام، وببغداد أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي.
سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وذكره في التاريخ، وقال: أبو محمد بن أبي الحسين بن زبارة العلوي، السيد العالم الأديب الكامل الكاتب الورع الديّن، نشأ معنا وبلغ المبلغ الذي بلغه، ولم يذكر له جاهلية قط، قد كان حج سنة تسع وأربعين، ثم حج سنة سبع وخمسين، وصلى بالحجيج بمكة عدة صلوات، وانصرف على طريق جرجان فمات بها، وقد كنت خرجت له الفوائد سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، خرجت له فوائد نيفا وعشرين جزءاً، وحدّث بتلك البلاد، وكتب الصاحب إسماعيل بن عباد إلى السيد أبي محمد بن زبارة رقعة، فأجابه عنها، فكتب الصاحب على ظهرها:
بالله قل لي أقرطاس تخط به |
|
من حلة هو أم ألبسته حللا |
بالله لفظك هذا سال من عسل |
|
أم قد صببت على ألفاظك العسلا |
وتوفي بجرجان في جمادي الآخرة سنة ست وسبعين وثلاثمائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة»[579].
وقال ابن الأثير: «كان فاضلاً زاهداً، سمع أبا العباس الأصم وأبا بكر الشافعي وغيرهما، وكان فاضلاً بليغاً»[580].
وأمّا أبو محمد العلوي صاحب فاخر النسب، فلم يتّضح لنا مَن هو.
غير أنّه في سند الخوارزمي رواه يحيى بن محمد، عن الحسين بن محمّد العلوي، عن أبي علي الطرسوسي، ولم يروها عن أبي محمد العلوي.
والحسين بن محمّد العلوي، الظاهر هو الحسين بن محمد بن سعيد، المعروف بابن المطبقي العلوي المتوفى سنة (328هـ)، وهو ثقة، وثقه الخطيب البغدادي[581]، والذهبي[582].
وأبو علي الطرسوسي، لم يتّضح لنا مَن هو.
وأبو محمد، إبراهيم بن علي الرافعي، فيه خلاف، قال ابن معين: «ليس به بأس»[583]، وقال أبو حاتم الرازي: «شيخ»[584]، وقال البخاري: «فيه نظر»[585]، وقال الدارقطني: «ضعيف»[586]، وقال ابن حبان: « كان يخطئ حتى خرج عن حد مَن يحتج به إذا انفرد»[587]، بينما قال فيه ابن عدي: «هو وسط»[588]، ولعلّه أعدل الأقوال فيه.
والحسن بن علي الحلواني، ثقة حافظ[589].
وعلي بن معمر، لم يتضح لي من هو؛ إذ لم نقف على شخص بهذا الإسم في شيوخ الحسن بن علي الحلواني، وما ورد في بعض الأخبار الأخرى بهذا العنوان لا يمكننا الجزم باتحاده مع هذا.
وإسحاق بن عباد، لم يتّضح لنا من هو أيضاً، فالذي ورد في التراجم هو إسحاق بن عباد، أبو يعقوب الخُتلي، المتوفى سنة (251هـ)، والظاهر أنّ طبقته لا تتوافق مع طبقة المذكور في الخبر محلّ البحث؛ ذلك أنّ الحسن بن علي الحلواني متوفى في سنة (242هـ)، وهو يروي هنا عن علي بن معمر، وعلي بن معمر يروي عن إسحاق، فالمناسب أنْ تكون وفاة إسحاق هذا في أواخر القرن الثاني أو بدايات القرن الثالث.
وقد ذكر الخطيب راوياً آخر بهذا الإسم، غير أنّه قال: «لا أعلم أهو هذا المعروف بابن الختلي أم غيره»[590]، وذهب ابن عساكر إلى أنّهما واحد[591].
وذكر ابن أبي حاتم راوياً باسم إسحاق بن عباد ابن ابنة الربيع بن صبيح، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً[592]، ولا نعرف هل هو متحدٌ مع سابقه أم لا، ولا نملك قرينة تدلّ على أنّه هو عينه الراوي محلّ البحث.
والنتيجة أنّه لم يتبيّن لنا المراد من إسحاق بن عباد الوارد في هذا الخبر.
والمفضل بن عمر الجعفي، لم يترجم له عند أهل السنّة.
وأمّا جعفر بن محمد، فهو الإمام الصادق(عليه السلام)، ومحمّد بن علي، هو الإمام الباقر(عليه السلام)، وعلي بن الحسين، هو الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فهؤلاء من الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية، ومن الأعلام الأجلاء الثقات عند أهل السنّة.
فتلخص من ترجمة رجال الخبر عند أهل السنّة، أنّ الخبر ضعيف من الجهة السندية لجهالة عدّة من رواته.
وإذا ما نظرنا إلى سند الخبر وفق المباني الشيعية، فكذلك هو مشتمل على عدّة من المجاهيل، كأبي محمّد العلوي صاحب فاخر النسب، وأبي علي الطرسوسي، والحسن بن علي الحلواني وإسحاق بن عباد.
تبيّن أنّ سند هذا الخبر ضعيف وفق مباني أهل السنّة، وكذلك هو ضعيف وفق مباني الشيعة الإمامية، فلا يمكن الحكم بثبوته ولا بنفيه، بل يبقى على الاحتمال.
على أنّه يمكن المناقشة في متن الخبر أيضاً من جهة إثباته لبقاء فاطمة الصغرى في المدينة المنورة، فيكون مخالفاً لما عليه بعض الأخبار من حضورها في يوم عاشوراء.
إلا أنّ هذه المسألة من المسائل التاريخية، ولا ربط لها بموضوع بحثنا؛ لذا لا نجد مبرراً لسبر أغوارها، والوقوف على حقيقة الحال فيها.
الفصل الخامس الحوادث الفرديّة المتفرِّقة
هناك حوادث جرت لفرد أو مجموعة أفراد ارتأينا أن نبحثها بصورة مستقلة؛ إذ إنّ بعضها لربّما لا يدخل في صلب البحث، ولربّما لا يُطلق عليها حادثة على خلاف نواميس الطبيعة وإن كان بعضها الآخر يدخل تحت هذا العنوان، كما أنّ هناك إقراراً بأنّ أكثر هذه الحوادث صحيحة ومعتبرة؛ لذا لم يكن الغرض استيعابها وتتبّعها واحدة واحدة.
نعم، حاولنا جاهدين أن نرصد ونتتبّع أكثر وأهمّ تلك الحوادث، فإليكم ذلك:
أولاً: رجل سبّ الحسين(عليه السلام) فرماه الله بكوكبين
أخرجه ابن سعد، قال: «أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي، قالا: حدّثنا قرة بن خالد، قال: حدّثنا أبو رجاء، قال: لا تسبّوا عليّاً، يا لهفتا على أسهم رميته بهن يوم الجمل مع ذاك، لقد قصرن والحمد لله عنه. قال: إنّ جاراً لنا من بلهجيم جاءنا من الكوفة، فقال: ألم تروا إلى الفاسق ابن الفاسق قتله الله، الحسين بن علي؟!! قال: فرماه بكوكبين في عينيه فذهب بصره»[593].
وأخرجه من طريقه ابن عساكر[594].
وأخرج أحمد في فضائله، قال: «حدّثنا عبد الله، قال: حدّثني أبي، نا عبد الملك بن عمرو، قال: حدّثنا قرة، قال: سمعت أبا رجاء يقول: لا تسبّوا عليّاً ولا أهل هذا البيت، إنّ جاراً لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة، فقال: ألم تروا هذا الفاسق ابن الفاسق، إنّ الله قتله. يعني الحسين(عليه السلام)، قال: فرماه الله بكوكبين في عينه فطمس الله بصره»[595].
ومن طريقه الشجري في أماليه في ثلاثة مواضع من وجوه مختلفة[596].
وأخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا بكر بن خلف، ثنا أبو عاصم (ح). وحدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو عامر العقدي[597]، كلاهما عن قرّة بن خالد، قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: لا تسبّوا عليّاً ولا أهل هذا البيت، فإنّ جاراً لنا من بلهجيم قال: ألم تروا إلى هذا الفاسق الحسين بن علي قتله الله؟!! فرماه الله بكوكبين في عينيه فطمس الله بصره»[598].
وأخرجه اللالكائي، بسنده إلى بشير بن السري، قال: «ثنا قرة بن خالد، عن أبي رجاء، قال: لا تسبّوا أهل هذا البيت فإنّه كان لنا جار، فلمّا قُتِل الحسين، قال: قد قُتِل هذا الكذى. فرماه الله عز وجل بكوكبين إلى عينيه فطمسهما»[599].
وأخرجه ابن عساكر من طريق أبي قلابة، عن أبي عاصم وأبي عامر، قالا: «نا قرة بن خالد السدوسي...»، وذكر نحوه، وأضاف: «قال أبو رجاء: فأنا رأيته»[600]، ومن طريقه أخرجه ابن العديم[601].
وأخرجه أبو العرب، قال: «وحدّثني عمر، قال: حدّثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدّثنا أبو عاصم النبيل، عن قرة، عن أبي رجاء: أنّ رجلاً قدم من بلجهيم، قال أبو العرب: بلجهيم فخذ من بني تميم، قال:...»[602]، وذكره.
وأخرجه الآجري، من طريقين عن حجّاج بن نصير عن قرّة بن خالد، وذكره باختلاف يسير في الألفاظ، فقد جاء في طريقه الأول: «... اُنظروا إلى هذا الفاعل...» وليس الفاسق.
وجاء في طريقه الثاني: «ألم تروا إلى الكذا ابن الكذا ـ يعني الحسين ـ فرماه الله...»[603].
وأخرجه الكنجي من طريق الطبراني الأوّل يعني بطريق عبد الله بن أحمد بن حنبل[604].
وأورده المزي، قال: «قال قرة بن خالد السدوسي، عن أبي رجاء العطاردي: لا تسبّوا أهل هذا البيت، فإنّه كان لنا جار من بلهجيم قدم علينا من الكوفة، قال: أما ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله ـ يعني الحسين بن علي ـ فرماه الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره». وفي رواية: «فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره. قال أبو رجاء: فأنا رأيته»[605].
وأورده الذهبي[606] والهيثمي[607] والزرندي[608] وغيرهم.
من الواضح أنّ السند يدور على قرة بن خالد وأبي رجاء العطاردي، والطريق إليهما ثابت وصحيح، فقد رواه عنهما أو عن أحدهما: عبد الملك بن عمر، والضحاك بن خالد (أبو عاصم)، وحجّاج بن نصير، وبشير بن السري، ومحمّد بن عبد الله الأنصاري، وعنهم طرق كثيرة كما مرّ، وسنقتصر هنا على طريق أحمد بن حنبل حيث أخرجه عن عبد الملك بن عمرو عن قرّة عن أبي رجاء.
أمّا عبد الملك بن عمرو، فثقة، وثّقه جملة من أهل الفنّ[609]، وتبعهم على ذلك الذهبي[610] وابن حجر[611].
وهو متابع كما عند الطبراني من أبي عاصم الضحاك بن خالد، وهو ثقة ثبت معروف.
وأمّا قرة بن خالد، فقال فيه ابن حجر: «ثقة ضابط»[612]. وقال فيه الذهبي: «ثبت عالم»[613].
وأبو رجاء العطاردي هو عمران بن ملحان، أدرك زمن النبيّ’ ولم يره، وثّقه ابن معين وأبو زرعة وابن سعد وغيرهم[614]، وقال ابن حجر: «مخضرم ثقة مُعمّر»[615]. وقال الذهبي: «كان ثقة نبيلاً عالماً عاملاً»[616].
فتحصّل أنّ هذا الخبر صحيح الإسناد.
وقد قال فيه محقق فضائل الصحابة وصي الله بن محمّد: «إسناده صحيح»[617].
وقال محقق كتاب الشريعة: «أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة بسند صحيح»[618].
وقال الهيثمي عن سند الطبراني: «رجاله رجال الصحيح»[619].
ثانياً: رجل بشّر بقتل الحسين(عليه السلام) فصار أعمى
جاء في تهذيب الكمال: «وقال محمّد بن الصلت الأسدي، عن الربيع بن المنذر الثوري، عن أبيه: جاء رجل يُبشِّر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يُقاد»[620].
أخرجه ابن عساكر من طريق أبي زرعة، قال: «ونا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، نا محمّد بن الصلت الأسدي الكوفي، نا الربيع بن المنذر الثوري، عن أبيه، قال: جاء رجل يُبشِّر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يُقاد»[621].
والظاهر أنّ القائل هنا هو الطبراني تلميذ أبي زرعة، وذلك اعتماداً على السند المتقدِّم، ففي الرواية السابقة قال ابن عساكر: «أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة، قالوا: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا سليمان بن أحمد، نا محمد بن عبد الله الحضرمي...»[622]، وبعد أن ذكر الخبر، انتقل إلى الخبر الآخر فابتدأه بـ (قال: ونا أبو زرعة)، فالظاهر أنّ القائل هو الطبراني لأنّه صاحب تصانيف وهو تلميذ أبي زرعة.
من الواضح صحّة السند إلى محمّد بن الصلت الأسدي؛ ولذا ابتدأ المزي الرواية به وبلفظ: (قال).
وعلى كلّ حال فالطبراني وأبو زرعة من الثقات المعروفين.
والسند إلى الطبراني كما تقدّم: (أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا أنا أبو بكر بن ريذة).
فأبو علي الحداد هو الحسن بن أحمد الأصفهاني، قال فيه السمعاني: «كان عالماً ثقة صدوقاً من العلم والقرآن والدين»، وقال أيضاً: «هو أجلّ شيخ أجاز لي، رحل الناس إليه، ورأى من العزّ ما لم يره أحد في عصره، وكان خيِّراً صالحاً ثقة»[623].
وأبو بكر بن ريذة، هو محمّد بن عبد الله الضبي، قال فيه ابن مندة: «كان أحد الوجوه، ثقة أميناً، وافر العقل، كامل الفضل...»[624] وقال الذهبي: «الشيخ العالم، الأديب، الرئيس، مسند العصر، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، الأصبهاني، التأني التاجر، المشهور بابن ريذة»[625].
وأمّا ما تبقّى من السند، فشيخ أبي زرعة وهو محمّد بن الصلت الأسدي فثقة أيضاً، وثّقه أبو زرعة وأبو حاتم وابن نمير، وذكره ابن حبّان في الثقـات[626]. وتبعهم ابن حجر[627].
وأمّا الربيع بن المنذر الثوري، فهو ثقة أيضاً، فقد ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: «الربيع بن المنذر الثوري من أهل الكوفة، يروى عن الشعبي وأبيه، روى عنه إسحاق بن منصور السلولي وزيد بن الحباب»[628].
وذكره ابن أبي حاتم من دون جرح ولا تعديل وذكر عدّة ممّن رووا عنه، وهم: زيد بن الحباب وعبد الحميد الحماني وأبو نعيم ومحمّد بن الصلت[629].
وكذلك ذكره البخاري في تاريخه من دون جرح ولا تعديل[630].
والنتيجة أنّه يمكن الركون لرواية الرجل وفق عدّة من المباني، فسكوت البخاري وابن أبي حاتم هو أمارة الوثاقة عند جملة من العلماء، ورواية عدّة من الثقات عن الراوي الذي لم يجرح هو أمارة أُخرى على ذلك، هذا فضلاً عن ذكره في ثقات ابن حبّان، فالرجل ثقة إذن.
وأمّا أبوه المنذر بن يعلى الثوري، فقد وثّقه ابن سعد وابن معين والعجلي وابن خراش، وذكره ابن حبّان في الثقات[631]، وقال ابن حجر: «ثقة»[632].
والخلاصة أنّ هذا الخبر صحيح الإسناد، رجاله كلّهم ثقات.
ثالثاً: رجل حضر في عسكر عمر بن سعد فذهب بصره
روى هذه الحكاية أبو النضر الحرمي أو الجرمي، وأبو الحصين عن شيخ من بني أسد، وعبد الله بن الرماح القاضي، والحذاء بن رباح القاضي، وجوير بن سعيد.
أخرجه ابن المغازلي، قال: «أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن أبي مسلم الفَرَضيّ، أخبرنا محمد بن القاسم الأنباريّ النحويّ، حدّثنا موسى بن إسحاق الأنصاريّ، حدّثنا هارون بن حاتم، حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حمّاد، عن ثابت بن إسماعيل، عن أبي النّضر الحَرَمي، قال: رأيت رجلاً سَمِجَ العَمَى، سألته عن سبب ذهاب بصره، فقال: كنت فيمَن حضر عسكر عمر بن سعد، فلمّا جاء الليل رقدت فرأيت رسول الله| في المنام وبين يديه طشت فيها دم وريشة في الدّم، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الرِّيشة فيخُطُّ بها أعيُنَهُم فأُتي بي فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنتُ بِرُمح ولا رَميتُ بسهم. فقال: أفلم تُكَثِّر عَدُوّنا؟ فأدخل أصبَعَيه في الدّم ـ السّبابة والوسطى ـ وأهوى بها إلى عينَيّ، فأصبحتُ وقد ذهَب بَصري»[633].
وأخرجه ابن عساكر: من طريق عبيد الله بن أبي مسلم بسنده إلى «عبد الرحمن بن أبي حماد، عن ثابت بن إسماعيل، عن أبي النضر الجرمي، قال: رأيت رجلاً سمج العمى، فسألته عن سبب ذهاب بصره، فقال: كنت ممّن حضر عسكر عمر بن سعد، فلمّا جاء الليل رقدت فرأيت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام بين يديه طست فيها دم وريشة في الدم وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد فيأخذ الريشة فيخطّ بها بين أعينهم فأتي بي، فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، قال: أفلم تُكثِّر عدونا؟! فأدخل إصبعه في الدم ـ السبابة والوسطى ـ وأهوى بهما إلى عينَيّ فأصبحت وقد ذهب بصري»[634].
وأخرجه أيضاً ابن العديم في بغيته من نفس الطريق[635].
السند إلى عبيد الله بن مسلم صحيح، وله أكثر من وجه، فرواه ابن المغازلي عن الحسن بن أحمد بن موسى عنه، ورواه ابن عساكر عن شيخين عن الكازروني عنه، لذا سنقتصر على دراسة طريق ابن عساكر، فقد رواه عن أبي غالب أحمد وأبي عبد الله يحيى ابنا البنا في كتابيهما، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش الكازروني، عن أحمد الكازروني[636] بالسنده أعلاه كما عند ابن المغازلي.
فأبو غالب أحمد بن البناء، قال فيه الذهبي: «الشيخ الصالح الثقة، مسند بغداد...»[637].
وأخوه يحيى بن البناء ثقة إمام، قال فيه الذهبي: «الشيخ الإمام، الصادق العابد، الخير المتبع الفقيه، بقية المشايخ، أبو عبد الله، يحيى بن الإمام أبي علي الحسن بن أحمد بن البناء، البغدادي الحنبلي...»[638].
وأحمد بن محمد بن سياوش الكازروني، قال فيه الذهبي: «شيخ، ثقة، صالح، مكثر»[639].
أمّا عبيد الله بن أبي مسلم الفَرَضيّ، فهو إمام ثقة، ترجمه الخطيب وقال: «وكان ثقة، صادقاً، ديِّناً، ورعاً. سمعت العتيقي ذكره، فقال: ثقة مأمون، ما رأينا مثله في معناه. وسمعت الأزهري ذكره، فقال: كان إماماً من الأئمّة»[640].
ومحمد بن القاسم الأنباريّ النحويّ، قال فيه الخطيب والسمعاني: «وكان صدوقاً، فاضلاً، ديِّناً، خيِّراً، من أهل السنّة»[641]، وذكروا له ترجمة مملوءة بالثناء عليه.
وقال ابن خلكان: «كان صدوقاً، ثقة، ديناً، خيِّراً من أهل السنّة»[642].
وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، قال ابن أبي حاتم: «كتبت عنه، وهو ثقة صدوق»[643]، وقال الهيثمي: «ثقة»[644]، وترجمه الخطيب ترجمة مفصّلة[645].
وأمّا هارون بن حاتم، فقد أورده ابن حبّان في الثقات[646]، وروى عنه أبو زرعة ثمّ امتنع عنه، وسُئل عنه أبو حاتم، فقال: «أسأل الله السلامة، كان أبو زرعة كتب عنه فأخبرته بسببه، فكان لا يُحدّث عنه وترك حديثه»[647].
والظاهر أنّ وجه الامتناع عنه هو عقيدة الرجل وروايته لفضائل أهل البيت؛ ولذا نرى الذهبي يذكر من مناكير الرجل روايته «النظر إلى وجه علي عبادة»[648]، على أنّ هذه الرواية وردت عن عدد كبير من الصحابة.
ومن المعروف والذي عليه التحقيق أنّ عقيدة الراوي لا دخل لها في الجرح والتعديل، فالظاهر أنّ الرجل ثقة في نفسه.
وعبد الرحمن بن أبي حمّاد: وهو عبد الرحمن بن شكيل أو (سكين)، المقرئ المعروف، قرأ على حمزة، وكان من جلّة أصحابه. ثمّ قرأ على أبي بكر بن عياش[649]، ذكره ابن أبي حاتم ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، فقال: «عبد الرحمن بن شكيل روى عن بسام الصيرفي وعمر بن ذر، روى عنه يوسف بن عدى، وقال أبو محمّد: هو عبد الرحمن بن أبي حماد المقرئ الكوفي، روى عن: شيبان النحوي، وفطر بن خليفة، وحمزة الزيات، وعيسى بن عمر، وهشيم، وابن المبارك. روى عنه: أبو سعيد الأشج، وهارون بن حاتم، وإسحاق بن الحجاج الرازي الطاحوني، ومحمّد ابن إسماعيل الأحمسي»[650].
وقال الذهبي: «قال أبو هشام الرفاعي: أقرأ مَن قرأ على حمزة أربعة: إبراهيم الأزرق، وخالد الكحال، وخلاد الأحول، وكان عبد الرحمن بن أبي حماد أكبرهم وأعلمهم بعلم القرآن»[651].
وترجمه الخطيب وقال: «روى عنه يوسف بن عدي، وهارون بن حاتم، وعبد العزيز بن محمّد بن ربيعة الكلابي، وعلي بن المثنى الطهوي، وأبو سعيد الأشج، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي»[652]. وحدّث عنه أيضاً عثمان بن أبي شيبة[653] والحسن بن جامع ومحمّد بن جنيد، ومحمّد بن الهيثم[654]، وذكره ابن الجزري وقال عنه: «صالح مشهور»[655].
وفي الجملة، فالرجل من القرّاء المعروفين، وذكره ابن أبي حاتم ولم يورد فيه جرحاً أو تعديلاً، وروى عنه جمع غفير من بينهم عدّة من الحفاظ والثقات، مثل: أبي سعيد الأشج، ومحمّد بن الهيثم، ويوسف بن عدي، والأحمسي، وأحمد الحارثي، فهو طبق القواعد صدوق حسن الحديث في أقلّ حالاته.
وثابت بن إسماعيل، هو شيخ ابن حبّان وأخرج له في صحيحه[656]، وروى عنه عبد الرحمن المقرئ في هذا الخبر، وذكره الخطيب ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً[657].
وأبو النّضر الحَرَمي، أو الجرمي، مجهول لم أقف له على ترجمة.
هذا السند ضعيف لجهالة الراوي المباشر، أبي النضر، لكنّه ضعف خفيف قابل للإنجبار في حال وروده من طرق أُخرى.
2 ـ خبر أبي الحصين عن شيخ من بني أسد
أخرجه الخطيب البغدادي، قال: «أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزقويه البزاز، أنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم الجعابي الحافظ، قال: حدّثني عبد الله بن بريد بن قطن بن هلال أبو محمد، وأبو عبد الله الحسين بن علي السلولي، قالا: نا محمد بن الحسن السلولي، نا عمر بن زياد الهلالي، عن أبي حصين، عن شيخ من قومه من بني أسد، قال: رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام والناس يعرضون عليه، وبين يديه طست فيها أسهم ودم، وهو يلطخ الناس، فقلت: بأبي أنت وأُمّي، والله ما طعنت برمح ولا رميت بسهم، قال: كذبت قد هويت قتل الحسين. ثمّ أومأ بإصبعه إلي فأصبحت أعمى»[658].
وأورده القندوزي، قال: «وأخرج عبد بن محمّد القرشي، عن شيخ بن أسد قال: رأيت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام والناس يعرضون عليه وبين يديه طشت فيها دم وأسهم، والناس يعرضون عليه، فيلطخهم بالدم حتى انتهيت إليه. فقلت: بأبي والله وأُمّي، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح، ولا كثّرت. فقال لي: كذبت قد هويت قَتْل الحسين. قال: فأومأ إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى»[659].
ابن رزقويه البزاز، ثقة، قال الخطيب: «وكان ثقة صدوقاً، كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، مديماً لتلاوة القرآن، شديداً على أهل البدع...»[660].
والجعابي من الحفّاظ المعروفين، وقد تقدّم ذكره، وأقلّ حالاته أنّه حسن الحديث.
وأمّا عبد الله بن بريد بن قطن بن هلال، فترجمه الخطيب وقال إنّه: «روى عنه كافّة أهل الكوفة، ومن الغرباء: سليمان بن أحمد الطبراني، ويوسف بن القاسم الميانجي، وأبو بكر محمد بن عمر القاضي الجعابي»[661]، فهو حسن الحديث طبق القواعد، كما أنّه لم ينفرد فتابعه أبو عبد الله الحسين بن علي السلولي ـ والحسين هذا حدّث عنه ابن عدي[662] وأبو بكر الإسماعيلي وسكت عنه، مع أنّه ذكر في مقدمة معجمه بأنّه بيّنَ حال المذموم عنده في الحديث لكذب أو اتّهام أو جهالة[663] ـ وأبو الطيب محمّد بن الحسين التيملي البزار[664]، وهؤلاء كلّهم من الثقات المعروفين، كما روى عنه الجعابي كما في هذه الرواية، وكذلك روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم[665]، فالرجل صدوق حسن الحديث، وهو متعاضد كما أسلفنا.
ومحمّد بن الحسن السلولي، ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: «روى عنه الكوفيون»[666]، وقوله: (روى عنه الكوفيون) يدلّ على أنّ ابن حبّان يعرفه، وأنّ الراوي معروف في بلدته، وروى عنه جمع منهم.
وعمر بن زياد الهلالي، ذكره ابن حبّان في الثقات[667]، وقال فيه البخاري: «يعرف منه وينكر»[668]، يعني أنّ حديثه تارة يكون معروفاً موافقاً للثقات وتارة يكون منكراً، لكنّ ابن عدي سبر عدّة من روايات وخرج بنتيجة تفيد قبول الرجل، فقال عنه: «وهو كوفي لا بأس به وبرواياته»[669].
وأبو حصين الأسدي، هو عثمان بن عاصم بن الحصين الأسدي، ثقة ثبت صاحب سنّة[670].
قال ابن حجر: «قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنّه ثقة حافظ»[671].
والراوي المباشر هو شيخ من قومه من بني أسد، ويدور أمره بين أن يكون من كبار التابعين أو الطبقة الوسطى منهم؛ لأنّ عثمان (أبو حصين) توفي في حدود سنة 127 أو 128هـ[672]، وقيل بعد ذلك[673]، وعند مراجعة شيوخه سنجده يروي عن الصحابة أو كبار التابعين أو الطبقة الوسطى منهم، ونادراً ما يروي عن صغار التابعين، وكيف ما كان فإنّ الراوي المباشر هو من التابعين، ووصفه بـ (شيخ) تزيده قوّة، أضف إلى ذلك قلّة الكذب في العصور الثلاثة الأُولى كما ينصّون على ذلك، وكونها خير القرون كما ورد في مروياتهم، كلّ ذلك يزيد في قوّة الراوي المباشر، لذا فإنّ هناك مَن يرى قبول رواية التابعي الذي لم يتبيّن حاله.
والذي يزيد من قوّة هذا الراوي أنّ (أبو حصين) هذا كان عثمانيّاً ويرفض ما يرد في حقّ علي بن أبي طالب، حتّى أنّه حاول إنكار حديث الغدير المتواتر، قال في ذلك: «ما سمعنا بحديث (من كنت مولاه) حتّى جاء هذا من خراسان، فنعق به، يعني: أبا إسحاق، فاتّبعه على ذلك ناس». فقال الذهبي في ردّه: «قلت: الحديث ثابت بلا ريب، ولكن (أبو حصين) عثماني، وهذا نادر في رجل كوفي»[674].
تبيّن ممّا تقدّم أنّ الخبر المتقدّم مقبول السند، ولو قلنا إنّ فيه ضعفاً خفيفاً فإنّه متعاضد مع الخبر السابق، ويكون الاعتبار بالمجموع.
3 ـ خبر عبد الله بن الرماح القاضي
أورده سبط ابن الجوزي، قال: «وحكى الواقدي عن ابن الرماح قال: كان بالكوفة شيخ أعمى قد شهد قتل الحسين، فسألنا يوماً عن ذهاب بصره، فقال: كنت في القوم وكنّا عشرة، غير أنّي لم أضرب بسيف، ولم أطعن برمح، ولا رميت بسهم، فلمّا قُتِل الحسين وحُمِل رأسه رجعت إلى منزلي وأنا صحيح وعيناي كأنّهما كوكبان، فنمت بتلك الليلة فأتاني آتٍ في منامي وقال: أجب رسول الله. قلت: ما لي ولرسول الله! فأخذ بيدي وانتهرني، ولزم تلبابي وانطلق بي إلى مكان فيه جماعة ورسول الله جالس وهو مغتمّ متغيِّر، حاسر عن ذراعيه وبيده سيف وبين يديه نطع وإذا أصحابي العشرة مذبّحين بين يديه، فسلّمت عليه فقال لا سلّم الله عليك ولا حياك يا عدو الله المعلون، أما استحييت منّي! تهتك حرمتي وتقتل عترتي ولم ترع حقي! فقلت: يا رسول الله، ما قتلت. قال: نعم، ولكن كثّرت السواد. وإذا بطست عن يمينه فيه دم الحسين، فقال: اقعد. فجثوت بين يديه فأخذ مروداً وأحماه، ثمّ كحل به عيني فأصبحت أعمى كما ترون»[675].
وأورده الهيتمي، وقال: «وحكى سبط ابن الجوزي عن الواقدي: أنّ شيخاً حضر قتله فقط فعمي، فسُئِل عن سببه، فقال: إنّه رأى النبي حاسراً عن ذراعيه وبيده سيف وبين يديه نطع ورأى عشرة من قاتلي الحسين مذبوحين بين يديه، ثمّ لعنه وسبّه بتكثيره سوادهم، ثمّ أكحله بمرود من دم الحسين فأصبح أعمى. وقال: وأخرج أيضاً أنّ شيخاً رأى النبي في النوم وبين يديه طست فيها دم والناس يعرضون عليه فيلطخهم حتى انتهيت إليه فقلت: ما حضرت. فقال ليّ هويت فأومأ إلي بإصبعه فأصبحت أعمى»[676].
وفي مقتل الخوارزمي: «وقال ابن رماح: لقيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحسين(عليه السلام)، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره، فقال: إنّي كنت شهدت قتله عاشر عشرة، غير أنّي لم أضرب ولم أطعن ولم أرمِ، فلمّا قُتِل رجعت إلى منزلي فصلّيت العشاء الآخرة ونمت، فأتاني آتٍ في منامي وقال لي: أجب رسول الله. فإذا النبيّ| جالس في الصحراء، حاسر عن ذراعيه، آخذ بحربة، ونطع بين يديه، وملك قائم لديه في يديه سيف من نار يقتل أصحابي، فكلّما ضرب رجلاً منهم ضربة التهبت نفسه ناراً، فدنوت من النبي| وجثوت بين يديه، وقلت: السلام عليك يا رسول الله. فلم يرد عليّ، ومكث طويلاً مطرقاً، ثمّ رفع رأسه، وقال لي: يا عبد الله، انتهكت حرمتي وقتلت عترتي ولم ترعَ حقّي وفعلت وفعلت. فقلت له: يا رسول الله، والله ما ضربت سيفاً، ولا طعنت رمحاً، ولا رميت سهماً. فقال: صدقت، ولكنّك كثّرت السواد، ادنُ منّي. فدنوت منه، فإذا طست مملوء دماً، فقال: هذا دم ولدي الحسين. فكحّلني منه، فانتبهت ولا أبصر شيئاً حتّى الساعة».
ثمّ قال: «وأورد هذا الحديث مجد الأئمّة السرخسكي، ورواه عن أبي عبد الله الحدّاد، عن الفقيه أبي جعفر الهندواني، أنّه قال: يحكى عن عبد الله بن رماح القاضي، وقال الحديث إلى أن قال: وكلّما قتلهم عادوا أحياء، فيقتلهم مرّة أُخرى، وقال: صدقت، ولكن يا عدوّ الله لم ترعَ حقّ نبوّتي. وباقي الحديث يقرب بعضه من بعض في اللفظ والمعنى»[677].
ذكر الخوارزمي أنّه أورد هذا الحديث مجد الأئمّة السرخسكي، ورواه عن أبي عبد الله الحدّاد، عن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنّه قال: (يحكى عن عبد الله بن رماح القاضي). وهذه الرواية مرسلة لأنّ الفقيه الهندواني متوفى في سنة 362هـ، ولم نقف على الإسناد بينه وبين عبد الله بن رماح.
كما أنّ الذي ذكره سبط ابن الجوزي عن الواقدي لم يذكر فيه سند الواقدي إلى ابن رماح.
كما أنّ رواية الخوارزمي وردت بلفظ: (وقال ابن رماح).
والخلاصة أنّه لم نقف على سند هذا الخبر إلى ابن رماح، لكنّه يبقى مؤيّداً وشاهداً للخبرين المتقدّمين.
أورده ابن الجوزي، قال: «وقال الحذاء بن رباح القاضي: رأيتُ رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحسين، وكان الناس يأتونه ويسألونه عن ذهاب بصره، قال: فكان يقول: شهدت قتل الحسين، ولكنّي لم أضرب بسيف، ولم أرمِ بسهم، فلمّا قُتِل الحسين رجعت إلى المنزل، وصلّيت العشاء الأخيرة ونمت، فأتاني آتٍ في منامي فقال لي: أجب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم). فقلت: ما لي وله؟! فأخذني وجذبني جذبة شديدة، وانطلق بي إليه، فإذا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) جالساً في المحراب مغتمّاً، حاسراً عن ذراعيه، آخذاً بخدّه وبين يديه نطع، وملك قائم بين يديه وبين يدي الملك سيف من نار، وكان لي تسعة من الأصحاب فقتل أصحابي التسعة، كلّما ضرب الملك أحداً التهبت نفسه ناراً، فكلّما قام الملك صاروا أحياءً فقتلهم مرّة بعد أُخرى، حتى قتلهم سبع مرات، فدنوت من النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) وحبوت إليه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم. فقال لي: صدقت، ولكن كثّرت السواد، ادنُ مني فدنوت منه فإذا طشت مملوء دما من دماء الحسين فكحلني من ذلك الدم فانتبهت أعمى لا أبصر شيئا»[678].
وهذا الخبر مرسل وهو بحكم الضعيف، وقد يكون هناك تحريف في اسم الرواي، وتكون هذه الرواية مع سابقتها رواية واحدة، فالسابقة كانت عن عبد الله بن رماح القاضي، وهذه عن الحذاء بن رباح القاضي، والله تعالى أعلم.
أوردها القاضي النعمان، قال: «سلمان بن محمد بن أبي فاطمة، بإسناده، عن جوير بن سعيد، قال: أمسى رجل من الحي صحيحاً وأصبح أعمى، فمررت ببابه بكرة، والناس يسألون: ما الذي أصابك؟ فقال: رأيت رسول الله| في منامي وبين يديه طشت وبيده سكين، وهو يقول: ائتوني بقتلة الحسين. ولا يُؤتى بأحد إلّا ذبحه في ذلك الطشت، وذهب بي إليه. فقال لي: ما أنت ممَّن قتل الحسين؟ فقلت: يا رسول الله شهدته، والله ما رميت بسهم، ولا طعنت برمح، ولا ضربت بسيف. فقال لي: لا والله، ولكنك سوّدت وكثّرت. ثمّ أخذ من ذلك الدم بإصبعيه، فأهوى به إلى عيني، فأصبحت كما ترون»[679].
خلاصة الحكم السَنَدي على هذه الرواية
وهذه الرواية مرسلة أيضاً، ولم يتبيّن لنا سندها، كما أنّ القاضي النعمان من الإسماعيليّة، وينقل في كتابه هذا من السنّة والشيعة، ولم يتّضح لنا من أين أخذ هذه الرواية، فلم أقف على شيخه سلمان بن محمد بن أبي فاطمة من خلال مراجعتي البسيطة، ولا نرى مبرراً لمزيد من البحث ما دام الرواية مرسلة لا سند لها، كما أنّ الراوي المباشر لم نقف له على ترجمة في كتب الفريقين.
والخلاصة أنّ الرواية ضعيفة، لكنّه تبقى متعاضدة مضموناً مع ما تقدّم.
الذي يظهر هو ثبوت هذه الحادثة أيضاً، فقد نقلها أربعة أو خمسة من الرواة، وطريق الخطيب لا بأس به، وهو متعاضد مع الطريق الأوّل الضعيف بجهالة الرواي المباشر.
كما أنّ بقية الروايات وإن كانت مرسلة إلّا أنّها تصلح كقرائن لصحّة الحادثة باعتبارها واقعةً تأريخيةً تتقوّى بالقرائن المختلفة.
رابعاً: كلّ مَن شرك بدم الحسين(عليه السلام) مات بأسوأ ميتة أو أُصِيب ببلاء قبل موته
وقد روي تارة عن عطاء عن السدي وأُخرى عن عطاء عن ابن السدي عن أبيه، فالسند فيه اختلاف على عطاء، وسندرس الطريقين لنرى أيّهما المرجّح.
أخرجه ثعلب (أبو العبّاس أحمد بن يحيى) في مجالسه، قال: «ثنا عمر بن شبة، قال: حدّثني عبيد، قال: أخبرني عطاء بن مسلم، قال: قال السدي: أتيتُ كربلاء أبيع البز بها، فعمل لنا شيخ من طي طعاماً، فتعشيّنا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شرك في قتله أحد إلّا مات بأسوأ ميتة. فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا فيمَن شرك في ذلك. فلم نبرح حتّى دنا من المصباح وهو يتّقد بنفط، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه فأخذت النار فيها، فأخذ يطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا فألقى نفسه في الماء، فرأيته كأنه حممة[680]»[681].
ومن طريقه أخرجه ابن عساكر[682]، والمزي[683]، والكنجي الشافعي[684]، والخوارزمي[685]، والذهبي[686] وأورده مرسلاً ابن الأثير الجزري[687].
أمّا عمر بن شبة فهو من الثقات المعروفين، قال فيه الذهبي: «الحافظ العلّامة الأخباري الثقة، أبو زيد النميري البصري»[688]، وعبيد بن جناد ثقة تقدّم سابقاً، وعطاء تقدّم سابقاً أنّه صدوق حسن الحديث، أو يصلح في المتابعات والشواهد في أقلّ حالاته، والسُّدّي هو السُّدّي الكبير تقدّم، وهو إمّا ثقة أو صدوق.
والخلاصة أنّ هذا السند يمكن القول بأنّه حسن لذاته، وإذا تنزّلنا عن ذلك فهو يرتفع للحسن بوروده من طريق آخر.
أخرجه ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي، أنا جدّي أبو بكر محمّد بن أحمد بن عثمان العدل، نا خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي، نا أحمد بن العلاء أخو هلال بالرقة، نا عبيد بن جناد، نا عطاء بن مسلم، عن ابن السدي، عن أبيه، قال: كنّا غلمة نبيع البز في رستاق كربلاء. قال: فنزلنا برجل من طي. قال: فقرب إلينا العشاء. قال: فتذاكرنا قَتَلَة الحسين. قال: فقلنا: ما بقي أحد ممّن شهد كربلاء من قَتَلَة الحسين إلّا وقد أماته الله ميتة سوء، أو بقتْلة سوء. قال: فقال: ما أكذبكم يا أهل الكوفة! تزعمون أنّه ما بقي أحد ممّن شهد قتلة الحسين إلّا وقد أماته الله ميتة سوء أو قتْلة سوء، وإنّي لممّن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر مالاً منّي. قال: فنزعنا أيدينا عن الطعام. قال: وكان السراج يوقد. قال: فذهب ليطفئ السراج. قال: فذهب ليخرج الفتيلة بإصبعه. قال: فأخذت النار بإصبعه. قال: ومدها إلى فيه فأخذت بلحيته. قال: فحضر ـ أو قال: فأُحضر ـ إلى الماء حتّى ألقى نفسه فيه، قال: فرأيته يتوقد فيه النار حتى صار حممة»[689].
وهذا الطريق ذكره المزي أيضاً، إذا قال: «ورواه أحمد بن العلاء أخو هلال بن العلاء، عن عبيد بن جناد، عن عطاء بن مسلم، عن ابن السدي، عن أبيه»[690].
وأخرجه أيضاً ابن العديم في بغيته[691].
كما أنّ خبر السدي أورده الطبري باختلاف يسير في ذخائره، وقال بعده: «خرّجه ابن الجراح»[692].
وأورده سبط ابن الجوزي، قال: «وحكى السدي، قال: نزلت بكربلاء ومعي طعام للتجارة، فنزلنا على رجل فتعشينا عنده وتذاكرنا قتل الحسين، وقلنا: ما شرك أحد في دم الحسين إلّا ومات أقبح موتة. فقال الرجل: ما أكذبكم أنا شركت في دمه، وكنت فيمَن قتله وما أصابني شيء. قال: فلمّا كان آخر الليل إذا بصياح، قلنا: ما الخبر؟ قالوا قام الرجل يصلح المصباح فاحترقت إصبعه، ثمّ دبّ الحريق في جسده، فاحترق. قال السدي: فأنا والله رأيته كأنّه حممة»[693].
وأورده عنه القندوزي الحنفي[694]، وكذلك أورده عنه مختصراً ابن حجر الهيتمي[695].
من الواضح أنّ هناك اختلاف في السند كما أوضحنا، ففي الخبر الأوّل (عن عطاء عن السدي)، وفي هذا الخبر (عن عطاء عن ابن السدي عن أبيه).
وإذا ما قارنّا بين الخبرين سنجد أنّ مدار السند على (عبيد بن جناد عن عطاء) وقد اختلف فيه على عطاء فهل رواه عن ابن السدي أو عن السدّي؟
وابن السدي هو عبد الله بن إسماعيل، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يوردا فيه جرحاً ولا تعديلاً[696]، وهذه أمارة الوثاقة عند جملة من العلماء كما تقدّم، ومضافاً لذلك فقد ذكره ابن حبّان في الثقات[697]، وهذا ممّا يزيده قوّة.
فالسند حتى لو كان من طريق ابن السدي يمكن القول بقبوله أيضاً.
إلّا أنّه عند ملاحظة السند الأوّل فسنلاحظ أنّ الذي رواه عن عبيد بن جناد هو الحافظ الثقة عمر بن شبة النميري، بينما في السند الثاني فالذي رواه هو أحمد بن العلاء أخو هلال، وأحمد هذا لم نقف على نصٍّ في توثيقه ولا تضعيفه، فهو وإن أمكن قبول حديثه لرواية عدّة من الثقات عنه، إلّا أنّ ذلك عند عدم الاختلاف، أمّا مع الاختلاف فلا شكّ في تقديم المنصوص على توثيقه عليه، خصوصاً في المقام هو الحافظ عمر بن شبة المعروف، فيكون السند الأوّل هو الأرجح وهو المقدّم بحسب قواعد الترجيح عند الاختلاف في السند، فهم يرجحون الأوثق على الثقة، والثقة على الصدوق أو الضعيف وهكذا.
والخلاصة أنّ المعوّل عليه والراجح هو أنّ عطاء رواها عن السدّي من دون واسطة ابنه، فالطريق مقبول حنيئذ.
أخرجه ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب إملاء، أنا أبو العلاء الوراق وهو محمد بن الحسن بن محمد، نا بكار بن أحمد المقرئ، نا الحسين بن محمد الأنصاري، حدّثني محمد بن الحسن المدني، عن أبي السكين البصري، حدّثنا عم أبي زحر بن حصن، نا إسماعيل بن داود بن أسد، حدّثني أبي، عن مولى لبني سلامة، قال: كنّا في ضيعتنا بالنهرين ونحن نتحدّث بالليل: ما أجد ممّن أعان على قتْل الحسين خرج من الدنيا حتّى يصيبه بليّة. ومعنا رجل من طي، فقال الطائي: فأنا ممّن أعان على قتْل الحسين فما أصابني إلّا خير، قال: وعُشي[698] السراج، فقام الطائي يصلحه، فعلقت النار في سباحته فمرّ يعدو نحو الفرات، فرمى بنفسه في الماء فاتّبعناه فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء، فإذا ظهر أخذته حتّى قتلته»[699].
وأخرجه المزي مسنداً إلى الخطيب، وساقه بسنده ومتنه[700].
ثمّ عثرنا على الرواية في كتاب للخطيب ـ مخطوط ـ بعنوان (أربع مجالس للخطيب) بلفظ يقرب من ذلك، فقد جاء فيه: «أخبرنا أبو العلاء الوراق، ثنا بكار بن أحمد المقرئ، نا الحسين بن محمد الأنصاري، حدّثني محمد بن الحسن المدني، عن أبي السكين البصري، حدّثني عمّ أبيه زحر بن حصين، ثنا إسماعيل بن داود، من بني أسد، حدّثني، أبي، عن مولى لبني سلامة، قال: كنّا في ضيعتنا بالنهرين ونحن نتحدث بالليل، فقلنا: ما أحد ممّن أعان على قتل الحسين (رضي الله عنه) خرج من الدنيا حتى تصيبه بلية، ومعنا رجل من طي، فقال الطائي: فأنا ممّن أعان على قتْل الحسين، فما أصابني إلّا خير. قال: وغشي السراج، فقام الطائي يصلحه، فعلقت النار في ساحته، فمر يعدو نحو الفرات، فرمى بنفسه في الماء، فاتّبعناه، فجعل إذا انغمس في الماء رفرفت النار على الماء، وإذا ظهر أخذته حتى قتلته»[701].
أمّا شيخ ابن عساكر وهو أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، فثقة، قال فيه ابن عساكر: «كان شيخاً ثقة مستوراً»[702]، وقال الذهبي: «الشيخ الثقة المسند»[703].
وأبو بكر الخطيب البغدادي، ثقة غني عن التعريف أحد أئمّة الفنّ في علم الحديث، ومن علماء الجرح والتعديل.
وأبو العلاء الوراق وهو محمد بن الحسن بن محمد، قال فيه الخطيب: «كتبنا عنه وكان ثقة»[704].
وبكار بن أحمد المقرئ، ترجمه الخطيب، وقال: «وكان ثقة»[705]، وقال الذهبي: «قال أبو عمرو الداني: ضابط مشهور ثقة»[706].
والحسين بن محمد الأنصاري، وثّقه الدارقطني[707].
ومحمّد بن الحسن المدني، فبحسب الطبقة، وكون الراوي عنه أنصاري لعلّه محمد بن الحسن بن مسعود الأنصاري المديني، وهذا ترجمه الخطيب وقال: «كان حسن الفهم»[708]، وروى عنه عدّة من الأعلام المعروفين، كمحمد بن أبي خلف، وابن أبي الدنيا، وأحمد بن نصر القاضي، ومحمّد بن أحمد بن نصر الكاتب، فهو حسن الحديث وفق القواعد.
وأبو السكين الذي يروي عن عمّ أبيه (زحر بن حصن) هو زكريا بن يحيى بن عمر الطائي الكوفي، ترجمه الخطيب، وقال: «وكان ثقة»[709]، وذكره ابن حبّان في الثقات[710]، ووثّقه الذهبي[711]، وقال ابن حجر: «صدوق له أوهام ليّنَه بسببها الدارقطني»[712].
وزحر بن حصن، ذكره ابن حبّان في الثقات، قال: «زحر بن حصن الطائي، كنيته أبو الفرج، يروى عن عمّه وأبيه، روى عنه زكريا بن يحيى الطائي، مات سنة أربع ومائتين»[713].
وأورده ابن أبي حاتم وكذلك البخاري من دون جرح ولا تعديل[714]، وقد عرفنا أنّ ذلك أمارة الوثاقة عند جمع.
أمّا إسماعيل بن داود وأبوه، فلم أقف على ترجمة لهما، والراوي المباشر هو مولى لبني سلامة، ولم يُصرّح باسمه.
تحصّل أنّ الرواية ضعيفة لجهالة بعض رواتها، وهي شاهد جيد للرواية المتقدّمة.
أخرجه الشجري، قال: «أخبرنا أبو طاهر بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم، بقراءتي عليه، قال: أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن حيان، قال: حدّثنا عبيد بن محمّد الزيات الكوفي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا موزع بن سويد، عن قطنة بن العلاء، قال: كنّا في قرية قريباً من قبر الحسين(عليه السلام)، فقلنا: ما بقي ممّن أعان على قتْل الحسين إلّا قد أصابته بلية. فقال رجل: أنا والله ممّن أعان على قتله ما أصابني شيء، فسوّى السراج فأخذت النار في إصبعه، فأدخلها في فيه وخرج هارباً إلى الفرات، فطرح نفسه في الماء فجعل يرتمس والنار فوق رأسه، فإذا خرج أخذته النار حتّى مات»[715].
وهذا الخبر وإنْ كان مسنداً إلّا أنّه ضعيف بجهالة موزع بن سويد وقطنة بن العلاء، وهو شاهد آخر يتقوّى من خلاله الخبر.
أورده القاضي النعمان: «عبد الرزاق قال: قلت لمعمر: أخبرني أبي، أنّه قال: ما نجى أحد ممّن قتل الحسين(عليه السلام) من القتل، فمات حتى رمي بداء في جسده. فقال: صدقت قد سمعت هذا الحديث من غير واحد»[716].
وهذا الخبر لم نعثر عليه في كتب عبد الرزاق، ولم نقف على مَن نقله غير القاضي النعمان، ولم نعرف طريقه إليه.
أورده الزرندي عن أبي الشيخ في كتابه بسنده إلى يعقوب بن سليمان قال: «كنت في ضيعتي فصلّينا العتمة، ثمّ جلسنا جماعة فذكروا الحسين بن علي (رض)، فقال رجل: ما من أحد أعان على قتْل الحسين إلّا أصابه قبل أن يموت بلاءٌ. ومعنا شيخ كبير فقال: أنا ممّن شهده وما أصابني أمر أكرهه إلى ساعتي هذه. قال: فطفئ السراج فقام ليصلحه، فثارت النار فأخذته فجعل ينادي: النار النار. وذهب فألقى نفسه في الفرات ليغتمس فيه فأخذته النار حتى مات. وفي رواية فلم يزل به حتى مات»[717].
وأورده الملا علي القاري عن كتاب مناقب الحسين لأبي الربيع بن سبع، قال: «وذكر أبو الربيع بن سبع في مناقب الحسين عن يعقوب بن سفيان[718]...»، وذكر نحو ما تقدم، وعلّق على ذيل الرواية بقوله: «قلت: بل جمع له بين الإحراق والإغراق»[719].
وأورده البيهقي (إبراهيم بن محمّد) بنحو ذلك، مرسلاً، فقال: «أبو عبد الله غلام الخليل&، قال: حدّثنا يعقوب بن سليمان، قال: كنت في ضيعتي...»[720]، وذكر نحو ما تقدّم.
والخبر مرسل أيضاً، ولم نقف على سنده.
ويبدو أنّ هذا الخبر هو الذي أورده ابن حجر في صواعقه من دون ذكر الراوي المباشر، قال: «وأخرج أبو الشيخ أنّ جمعاً تذاكروا أنّه ما من أحد أعان على قتل الحسين إلّا أصابه بلاء قبل أنْ يموت. فقال شيخ: أنا أعنت وما أصابني شيء. فقام ليصلح السراج، فأخذته النار فجعل ينادي: النار النار. وانغمس في الفرات، ومع ذلك فلم يزل به حتّى مات»[721].
كما أنّ الخبر عن يعقوب بن سليمان ورد في كتب الشيعة، أخرجه الشيخ الصدوق، قال: «وبهذا الإسناد [أي: حدّثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدّثني محمد بن يحيى العطار] عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن محمد بن سعيد بن الخليل، عن يعقوب بن سليمان، قال: سمرت أنا ونفر ذات ليلة فتذاكرنا قتّل الحسين(عليه السلام)، فقال رجل من القوم: ما تلبّس أحد بقتله إلّا أصابه بلاء في أهله وماله ونفسه. فقال شيخ من القوم: فهو والله ممّن شهد قتله وأعان عليه فما أصابه إلى الآن أمر يكرهه. فمقته القوم وتغيّر السراج وكان دهنه نفطاً فقام إليه ليصلحه، فأخذت النار بإصبعه، فنفخها فأخذت بلحيته، فخرج يبادر إلى الماء فألقى نفسه في النهر، وجعلت النار ترفرف على رأسه فإذا أخرجه أحرقته حتى مات لعنه الله»[722].
وأورده أيضاً ابن حمزة الطوسي[723].
أمّا محمّد بن موسى بن المتوكّل، فثقة[724]
والعطّار ثقة، عين، كثير الحديث[725].
ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ثقة أيضاً [726].
ومحمد بن الحسين، ثقة تقدّم مراراً.
ونصر بن مزاحم وعمر بن سعد تقدّم اعتبار روايتهما.
أمّا محمّد بن سعيد بن الخليل، فمهمل لم يُذكر.
ويعقوب بن سليمان، لم نقف له على ترجمة أيضاً.
خلاصة الحكم على رواية الشيخ الصدوق
اتّضح أنّ الرواية من الجهة السَنَدية ضعيفة.
أورده سبط ابن الجوزي، قال: «قال الزهري: ما بقي منهم أحد إلّا وعوقب في الدنيا، إمّا بالقتل، أو العمى، أو سواد الوجه، أو زوال الملك من مدة يسيرة»[727].
وأورده ابن حجر الهيتمي، قال: «وعن الزهري: لم يبقَ ممّن قتله إلّا مَن عوقب في الدنيا إمّا بقتل، أو عمى، أو سواد الوجه، أو زوال الملك في مدّة يسيرة»[728].
وهذا الخبر مرسل أيضاً، وقد مال ابن تيمية إلى قبوله، فقال: «وأمّا قول الزهري ما بقى أحد من قتلة الحسين إلّا عوقب في الدنيا، فهذا ممكن وأسرع الذنوب عقوبة البغي والبغي على الحسين من أعظم البغي»[729].
وأورد الخبر محمد بن سليمان الكوفي بصيغة جمعية، قال: «قالوا: ولم يخرج أحد من ذلك [الوجه] إلّا ابتُلي في جسده أو في ولده»[730].
7 ـ رواية القاسم بن الإصبع المجاشعي
أوردها «الشيخ أحمد بن محمّد بن أحمد الحافي (الخوافي) الحسيني الشافعي في (التبر المذاب: ص100)، قال: روى عن هشام بن محمد عن القاسم بن الإصبع المجاشعي...»[731]، وروى بنحو رواية السدي عند ابن العديم.
والخبر مرسل أيضاً.
أورده الخوارزمي، قال: «وروي عن مينا أنّه قال: ما بقي من قَتَلَة الحسين أحد لم يُقتل إلّا رُمي بداء في جسده قبل أن يموت»[732].
9 ـ خبر محمّد بن سليمان عن عمّه
ورد هذا الخبر في كتب الشيعة، أخرجه الشيخ الطوسي، قال: «أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن خالد المراغي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمْداني، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثني عمّي، قال: لمّا خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منّا من الكوفة مستترين، وخرجتُ معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخاً على شاطئ الفرات، وقلنا: ناوي إليه، فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجل غريب، فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإنّي عابر سبيل، فأجبناه، وقلنا: غريب منقطع به. فلمّا غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنّا نشعل بالنفط، ثمّ جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن علي(عليها السلام) ومصيبته وقتله ومَن تولّاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلّا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت فيمَن قتله، والله ما أصابني سوء له، وإنّكم يا قوم تكذبون. فأمسكنا عنه، وقل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار كفّه، فخرج ونادى حتى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء، ثمّ يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتى هلك»[733].
وهذا الخبر ضعيف من الجهة السَنَدية، فإنّ عدّة من رواته في عداد المجهولين، ولم يذكروهم في كتب الرجال، كعليّ بن خالد المراغي، وعليّ بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني، ومحمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وكذلك الوليد بن أبي ثور، لكنّه ذكر في تراجم أهل السنّة وقد ضعّفوه ولعلّه لتشيُّعه كما يظهر من بعض الكلمات والله العالم.
وخلاصة الحكم على هذه الأخبار أنّها تتقوّى مع بعضها، فهي تتكلّم عن حادثة تاريخية وهي أنّ كلّ مَن شرك بدم الحسين(عليه السلام) لم يخرج من الدنيا حتى أُصيب بداء في بدنه، أو أنّه مات بأسوأ ميتة، فمضافاً لخبر السدي الذي يمكن القول بحسن إسناده، فهناك ثمانية أخبار أُخرى تفيد نفس المضمون، وهي بين مسندة وفيها مجاهيل، أو مرسلة ولم نقف على سندها، ولم يثبت في أيّ طريق وجود كذّابين أو وضّاعين، ممّا يزيد هذه الأخبار قوّة ووثوقاً، خصوصاً أنّ الحادثة لم يقتصر ورودها على مصادر فريق واحد، بل وردت في كتب الفريقين وهذه قرينة أُخرى يتقوّى بها أصل الخبر.
وقد أسلفنا ما قاله ابن تيمية حول خبر الزهري، وميوله إلى قبوله.
كما أنّ ابن كثير صرّح بما يدلّ على صحّة ذلك، فقال: «وأما ما رُوي من الأحاديث والفتن التي أصابت مَن قتله فأكثرها صحيح، فإنّه قلّ مَن نجا من أولئك الذين قتلوه من آفةٍ وعاهةٍ في الدنيا، فلم يخرج منها حتّى أُصيب بمرض، وأكثرهم أصابهم الجنون»[734]
قال ابن سعد: «أخبرنا علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن حنش بن الحارث، عن شيخ من النخع، قال: قال الحجاج: مَن كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا. وقام سنان بن أنس، فقال: أنا قاتل حسين، فقال: بلاء حسن! ورجع سنان إلى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث في مكانه»[735].
وأورده الطبري في ذيل المذيل، عن شيخ ابن سعد، قال: «وقال علي بن محمد حدّثني علي بن مجاهد...»[736]، وذكره.
وأخرجه ابن عساكر من طريق ابن سعد[737].
وفي الأنساب بإسناد جمعي، قال: «قالوا: فبينا الحَجّاج يخطب ذات يوم إذ قال: ليقم كلّ ذي بلاء وغناء فيتكلَّم. فقام سنان، فقال: أنا قاتل الحسين بن عليّ. فقال الحجّاج: بلاء لعمر الله حَسينٌ، واعتقل لسان سنان، ومات بعد خمس عشرة ليلة»[738].
أمّا علي بن محمد، فهو ابن عبد الله بن أبي سيف، أبو الحسن المدائني المؤرخ المشهور، يكفي أنّ ابن معين قال فيه: «ثقة ثقة ثقة»[739].
وعلي بن مجاهد، مختلف فيه، فقال جرير بن عبد الحميد: «هو عندي ثقة»[740]، وذكره ابن حبّان في الثقات[741]، وقال أحمد بن حنبل: «كتبنا عنه، ما أرى به بأساً»[742].
وفي رواية ذكرها الخطيب عن ابن معين، أنّه قال: «قد رأيته على باب هشيم، وما أرى به بأساً، ولم أكتب عنه شيئاً»[743].
إلّا أنّه نقل عن ابن معين رأياً آخر قال فيه: «كان يضع الحديث، وكان صنّف كتاب المغازي فكان يضع لكلامه إسناداً»[744].
كما أنّ أبا غسان زنيجاً تركه ولم يرضه، ورماه يحيى بن الضريس وأحمد بن جعفر الجمال الرازيان بالكذب[745].
فيبقى أمر الرجل محيّراً، خصوصاً يبدو أنّ مَن وثّقه ملتفتاً لـمَن كذّبه وضعّفه.
نعم بالنظر إلى رواياته والوقوف على أنّه من رواة الوصية، فقد روى بسنده إلى النبيّ’ أنّه قال: «لكلّ نبىّ وصىّ، وإنّ عليّاً وصيى ووارثى»[746]، قد تتجلّى أوجه الخلاف الشديد فيه بين التوثيق والتكذيب، فمَن وثّقه نظر إليه بما هو كراوٍ صادق في ذاته يتجنّب الكذب، ومَن كذّبه نظر إلى روايته في الوصيّة فلم يحتمل ذلك، فرماه بالكذب، والله أعلم.
وأمّا حنش بن الحارث، فثقة، وثّقة عدّة ولم نقف على جرح فيه[747].
وأمّا الراوي المباشر فهو شيخ من النخع، ولم نقف عليه، فيكون السند فيه ضعف من هذه الجهة، ويمكن أن ينجبر هذا الضعف من طريق رواية البلاذري؛ حيث نقلها بإسناد جمعي، فيكون تلقاها عن غير واحد، إلّا أنّ روايته لا تذكر تفاصيل ما جرى على سنان، وتقتصر على اعتقال لسانه فقط.
أخرجها ابن العديم، قال: «أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي ـ قراءةً عليه ـ قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي ببغداد، قال: حدّثنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله المكي، قال: حدّثنا محمد ابن زنبور، قال: حدّثنا أبو بكر ـ يعني ـ ابن عياش، قال الكلبي: رأيت سنان بن أوس الذي قتل الحسين(عليه السلام) يحدِّث في المسجد شيخ كبير قد ذهب عقله»[748].
وهذا الخبر كما هو واضح ينتهي إلى الكلبي، والظاهر أنّ المراد به هو محمّد بن السائب الكلبي، فقد توفي في سنة 146 للهجرة ومعاصرته لبعض قتلة الحسين(عليه السلام) ممكنة جدّاً، وقد ضعّفه علماء الرجال عند أهل السنّة واتّهموه بالكذب، وفيه كلام كثير عندهم، وربّما لكونه رافضي كما وسموه بذلك، وعلى كلّ حال فالخبر يعدّ قرينة تاريخية يتقوّى بها الخبر السابق.
كما أنّ اسم سنان ورد بعنوان سنان بن أوس وليس سنان بن أنس، وقد وقفنا بعد التتبّع على مَن أطلق عليه سنان بن أوس، وهو الدينوري، حيث جاء في أخباره: «وحمل عليه سنان بن أوس النخعي، فطعنه، فسقط»[749].
سادساً: اضطرام النار في وجه عبيد الله بن زياد
أخرج الطبراني، قال: «حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي، نا أبو غسان، ثنا عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك بن كردوس، عن حاجب عبيد الله بن زياد، قال: دخلت القصر خلف عبيد الله بن زياد حين قتل الحسين فاضطرم في وجهه ناراً، فقال: هكذا بكمه على وجهه، فقال: هل رأيت؟ قلت: نعم، فأمرني أنْ أكتم ذلك»[750].
وأخرجه ابن سعد، وعنه ابن كثير: «أنبأنا الفضل بن دكين ومالك بن إسماعيل قالا: حدّثنا عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك بن كردوس، عن حاجب عبيد الله بن زياد قال: دخلت معه القصر حين قتل الحسين، قال: فاضطرم في وجهه ناراً، أو كلمة نحوها، فقال بكمه هكذا على وجهه، وقال: لا تحدثنّ بها أحداً»[751].
ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر[752]، ومن طريق الطبراني أخرجه الشجري[753]، والخوارزمي[754].
وأخرجه زكريا بن يحيى بن الحارث البزار (شيخ الحنفيّة بنيسابور)[755] في كتاب الفتن باختلاف يسير على ما نقله عنه السيِّد ابن طاووس، قال: «وذكر زكريا في كتاب الفتن حديثاً، فقال: حدّثنا الحسين بن عمرو العنقزي، قال: حدّثنا أبو غسان، عن عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك بن كردوس حاجب عبيد الله بن زياد، قال: دخلت القصر مع عبيد الله بن زياد، فاضطرم القصر ناراً، فجعل عبيد الله يتّقي بكمه عن وجهه، ثمّ قال: لا تخبر بهذا أحداً»[756].
وأورده ابن الأثير قائلاً: «وقال بعض حجاب بن زياد: دخلتُ معه القصر حين قُتل الحسين فاضطرم في وجهه ناراً، فقال بكمّه هذا على وجهه، وقال: لا تحدِّثنّ بهذا أحداً»[757].
وأورده السيوطي عن ابن سعد[758] والهيثمي عن الطبراني[759].
الطريق إلى عبد السلام صحيح بلا ريب، فقد روي من وجهين، فرواه الطبراني عن أبي غسان، ورواه ابن سعد عن الفضل بن دكين، ومالك بن إسماعيل وهو أبو غسان نفسه.
والفضل بن دكين حافظ ثقة ثبت[760].
وأبو غسّان هو مالك بن إسماعيل النهدي، ثقة عابد متقن صحيح الكتاب عابد[761].
أمّا عبد السلام بن حرب، فمن رجال الستّة، ثقة، وثّقه عدد كبير من أئمّة الفنّ[762]. وقال الذهبي: «ثقة»[763].
وعبد الملك بن كردوس، ذكره ابن أبي حاتم من دون جرح ولا توثيق[764]، وهي أمارة الوثاقة عند جمع. وتُرجم في التهذيب برواية اثنين عنه من دون ذكر لجرحٍ ولا توثيق[765]. وقد روى عنه هنا عبد السلام بن حرب فهو ثالث لهما.
وقال ابن حجر: «مستور»[766]. والظاهر أنّه يمكن الاعتماد على رواية الرجل، خصوصاً أنّ المتقدّمين دأبوا على الاحتجاج برواية المستور كما لا يخفى على أهل الاختصاص.
وحاجب عبيد الله بن زياد، لم نقف عليه.
والخبر أورده الهيثمي، وقال فيه: «رواه الطبراني، وحاجب عبيد الله لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات»[767].
لكن أغلب الظنّ أنّ حاجب عبيد الله كان من أعداء أهل البيت(عليهم السلام) باعتبار عمله لهذا الطاغية، ومع ذلك يروي هذا الخبر، ممّا يعطي للخبر قوّة.
سابعاً: طليت الوجوه رماداً لقتل الحسين (عليه السلام)
قال المزي: «وقال عليّ بن عاصم عن حصين: جاءنا قتل الحسين بن علي فمكثنا ثلاثاً كأنّ وجوهنا طُلِيت رماداً. قلت: مثل مَن أنت يومئذٍ؟ قال: رجل متأهل»[768].
أخرجه بحشل، أسلم بن سهل الرزاز، قال: «حدّثنا أحمد بن إسماعيل بن عمر، حدّثنا سليمان بن منصور، حدّثنا عليُّ بن عاصم، عن حُصَين، قال: كنت بالكوفة فجاءنا قتل الحسين بن علي(عليها السلام) فمكثنا ثلاثاً كأنّ وجوهنا طُلِيتْ رَماداً. قال عليّ: قلتُ: مثل مَن كنت يومئذٍ؟ قال: رجل متأهّل»[769].
وأخرجه عنه ابن المغازلي[770]، وأخرجه أيضاً ابن العديم بسنده إلى أحمد بن إسماعيل بن عمر، وساقه بسنده ومتنه[771].
وأورده ابن كيال الشافعي، قال: «قال حصين الأوّل [يعني به السُّلمي]...»[772]، وذكر الخبر. وأورده أيضاً أبو نصر البخاري الكلاباذي[773]، والباجي[774]، والذهبي[775].
قد نقلنا هذا الخبر كما في أوّل التخريج عن المزي، حيث ذكره بصورة الجزم عن علي بن عاصم، فقال: (وقال علي بن عاصم).
وعند مراجعة مقدمة المزي في تهذيب الكمال سنجده يفرِّق بين قوله: (روي)، وقوله: (قال)، فالثانية يطلقها حين لا يرى في رجال الإسناد بأساً، قال في ذلك: «وما لم نذكر إسناده فيما بيننا وبين قائله، فما كان من ذلك بصيغة الجزم، فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأساً، وما كان منه بصيغة التمريض، فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر»[776].
وأمّا علي بن عاصم، فمختلف فيه، والظاهر أنّه صدوق في نفسه، وغاية ما أخذ عليه أنّه يخطئ، بل يصرّ على خطئه، ولذا خرج ابن حجر بنتيجة أنّه: «صدوق يخطئ ويصرّ، ورُمي بالتشيّع»[777]. وحديث الصدوق الذي يخطئ يعامل معاملة الحسن.
وحصين هذا هو ابن عبد الرحمن السُّلمي الكوفي حافظ ثقة حُجّة[778].
نعم قال ابن حجر: «ثقة تغيّر حفظه في الآخر»[779].
فعلى فرض ذلك فإنّ حديثه ربّما ينزل إلى مرتبة الحسن، لا كما يُتصوّر بأنّه يكون بمنزلة الضعيف، وفي ذلك قال الألباني: «المتغيّر لا يساق مساق المختلط، ولا يعامل معاملته فيما أعلمه من صنيع أهل العلم في تخريجاتهم وتصحيحاتهم، ويقوّون حديثه؛ لأنّ التغيّر أقل سوءاً من الاختلاط، فحديثه على أقلّ الدرجات حسن»[780].
ويمكن أن نضيف إلى ذلك أنّ فيما نحن فيه ليس حديثاً سمعه من غيره حتّى نقول إنّه ضعيف لتغيّره في آخر عمره، فالمنقول هو حادثة واضحة حصلت لهم بعد مقتل الحسين(عليه السلام)، ومثل هذه الحوادث لا تُنسى عادة، وقد أشرنا إلى ذلك سابقاً عند ترجمة يزيد بن أبي زيادة في أخبار بكاء السماء، وعضّدناه بقولٍ للألباني أيضاً فليُراجع.
بقي أن نشير إلى أنّ حصين هذا قد تُوفّي في سنة (136هـ)، وعمره 93 سنة ممّا يعني أنّ عمره في وقعة عاشوراء كان 18 سنة.
تبيّن أنّ هذا الخبر يمكن عدّه من الأخبار الجيّدة الحسنة.
ثامناً: صارت رائحة أحدهم كرائحة القطران [781]
1 ـ خبر الفضل (الفضيل) بن الزبير
أخرجه ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا البنا في كتابيهما، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش الكازروني، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ، قال: قُرئ على أبي بكر محمد بن القاسم بن يسار الأنباري النحوي وأنا حاضر، نا أبو بكر موسى بن إسحاق الأنصاري، نا هارون بن حاتم أبو بشر، نا عبد الرحمن بن أبي حماد، نا الفضل بن الزبير قال: كنت جالساً عند شخص[782] فأقبل رجل فجلس إليه رائحته رائحة القطران، فقال له: يا هذا، أتبيع القطران؟ قال: ما بعته قط. قال: فما هذه الرائحة؟ قال: كنت ممّن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلمّا جنّ علي الليل رقدت فرأيت في نومي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ومعه عليّ، وعلي يسقي القتلى من أصحاب الحسين فقلت له اسقني. فأبى، فقلت: يا رسول الله مُره يسقيني. فقال: ألست ممّن عاون علينا؟! فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولكنّي كنت أبيعهم أوتاد الحديد، فقال: يا علي، اسقه. فناولني قعباً مملوءاً قطراناً فشربت منه قطران، ولم أزل أبول القطران أياماً، ثمّ انقطع ذلك البول عنّي وبقيت الرائحة في جسمي، فقال: له السدي: يا عبد الله كُلْ من بُرّ العراق واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمداً أبداً»[783].
وأخرجه ابن العديم عن الفضل أيضاً[784]، وأورده ابن الجوزي مرسلاً، قائلاً: «قال الفضل بن الزبير: كنت قاعداً عند السدي فجاءه رجل فجلس إليه...»[785]، وذكره.
وأورده من الشيعة باختلاف يسير: ابن حمزة الطوسي، مرسلاً[786]، كما أورده ابن شهر آشوب عن أمالي الطوسي[787] ولم نعثر عليه فيه.
وننقل هنا نصّ ما أورده ابن شهر آشوب، قال: «أمالي الطوسي: قال السدي لرجل أنت تبيع القطران؟ قال: والله، ما رأيت القطران إلّا أنّني كنت أبيع المسمار في عسكر عمر بن سعد في كربلا فرأيت في منامي رسول الله وعليّ بن أبي طالب يسقيان الشهداء فاستسقيت علياً فأبى، فأتيت النبي فاستسقيت، فنظر إليّ وقال: ألست ممّن أعان علينا؟ فقلت: يا رسول الله، إنّني محترق، ووالله ما حاربتهم. فقال: اسقه قطراناً، فسقاني شربة قطران، فلمّا انتبهت كنت أبول ثلاثة أيام القطران، ثمّ انقطع وبقيت رائحته»[788].
رجال سند خبر الفضل بن الزبير
باعتبار إنّ خبر ابن شهر آشوب مرسل ولم نقف عليه في الأمالي، فلا سبيل إلى دراسة سنده، لذا سنقوم بدراسة خبر الفضل بن الزبير الوارد في تاريخ دمشق، وقد تقدّم سابقاً ترجمة رجال السند من شيخ ابن عساكر وإلى عبد الرحمن بن أبي حماد، وعرفنا أنّ أمرهم يدور بين الثقة والصدوق، ولم يكن هناك كلام إلّا في هارون بن حاتم، وعرفنا أنّه غاية ما تكلّم فيه كان لأجل العقيدة لا غير.
وأمّا الفضل بن الزبير، والذي ورد أيضاً في عدّة من الأخبار بعنوان (الفضيل بن زبير) فلم أقف له على ترجمة في كتب السنّة، لكن روى عنه عدّة، فممّن روى عنه ابن أخيه أبو أحمد الزبيري، وروى عنه إسماعيل بن أبان، وروى عنه أبو نعيم، الفضل بن دكين، وهؤلاء كلّهم من الثقات المعروفين، وروى عنه غيرهم أيضاً، أمثال: طاهر بن مدرار، وأرطأة بن حبيب، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وغيرهم، وحيث إنّ الرجل لم يجرحه أحد، فيدور حاله بين الثقة والصدوق، فيُقبل حديثه.
والخلاصة ممّا تقدّم أنّ هذا الخبر جيّد الإسناد، وله شاهد من خبر الحسن البصري الآتي.
أخرجه الخوارزمي، قال: «وحدّثنا عين الأئمّة أبوالحسن علي بن أحمد الكرباسي إملاء، حدّثنا الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن محمّد البلالي، حدّثنا السيّد الإمام المرتضى أبوالحسن محمّد بن محمّد الحسيني الحسني، أخبرنا الحسن بن محمّد الفارسي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عيسى، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن منصور المرادي المصري، حدّثنا عيسى بن زيد بن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: قال الحسن البصري: كان يجالسنا شيخ نصيب منه ريح القطران، فسألناه عن ذلك، فقال: إنّي كنت في مَن منع الحسين بن علي عن الماء، فرأيت في منامي كأنّ الناس قد حُشِروا، فعطشت عطشاً شديداً، فطلبت الماء، فإذا النبي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) على الحوض، فاستسقيت من رسول الله| فقال: اسقوه. فلم يسقني أحد، فقال ثانياً، فلم يسقني أحد، فقال ثالثاً، فقيل: يا رسول الله، إنّه ممّن منع الحسين من الماء. فقال: اسقوه قطراناً، فأصبحت أبول القطران، ولا آكل طعاماً إلّا وجدت منه رائحة القطران، ولا أذوق شراباً إلّا صار في فمي قطراناً»[789].
خلاصة الحكم السَنَدي على الخبر
هذه الرواية ضعيفة وفق مقاييس الحكم السَنَدي، فيها أبو خالد، وهو عمرو بن خالد الواسطي، لم نقف على مَن وثّقه منهم، بل هو متروك ومتّهم عند الغالبية العظمى منهم، ولعلّ ذلك بسبب رواياته التي تخالفهم، فالرجل من الزيديّة، وله روايات عديدة عن زيد بن علي، ويبدو أنّه لا تروق لهم؛ ولذا قال الأثرم عن أحمد: «كذّاب يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة...»[790].
وأمّا عند الشيعة الإماميّة فالرجل وإن كان زيديّاً إلّا أنّه ثقة، لتوثيق ابن فضّال إيّاه[791].
لكن القصّة لها شاهد آخر عن عبد الملك بن عمير وهو الخبر الآتي.
أخرجه الطبري اللالكائي، قال: «أخبرنا محمد بن الحسين الفارسي، قال: أنا محمد بن إبراهيم بن حبيش، قال: ثنا العباس بن محمد، قال: ثنا الفضل بن زياد، قال: ثنا محمّد بن محمّد، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد الملك بن عمير: كان لنا جليس يتعطّر، وكانت رائحة القطران تغلب عليه، فقال له بعض القوم: يا أبا فلان، إنّك تتعطّر وإن رائحة القطران تغلب عليك! قال: أوَ قد وجدتم شيئاً؟ قالوا: نعم. قال: أما إنّي سأُحدّثكم، كنت فيمَن سلب الحسين بن علي وأصحابه، قال: فأريت في المنام، فرأيت كأنّ الناس قد حُشِروا وخرجوا عطاشا. قال: وإذا رجل قاعد وحوض يُسقي الناس منه، وإذا رسول الله فقلت يا رسول الله اسقني. قال: اسقه. قال الرجل: يا رسول الله، إنّه ممّن سلب الحسين. فقال: اذهبوا بسالب الحسين فأسقوه قطراناً. فأصبحت وإنّ رائحة القطران لتغلب عليّ»[792].
أمّا محمّد بن الحسين الفارسي فلم نقف فيه على جرح ولا تضعيف، وقد ذكره ابن عساكر في تاريخه[793] وروى عنه اللالكائي وهو محدّث ثقة، وربما هو محمّد بن الحسين الفارسي المقرئ المتوفى في حدود سنة (440هـ) أو بعدها، فهو يناسب أن يروي عنه اللالكائي المتوفى سنة (418هـ)، لأنّه تُوفّي وهو من أبناء التسعين، فتكون ولادته في حدود (350 هـ).
وقد ترجمه الذهبي، وقال عنه: «وأبو عبد الله الكارزيني محمّد بن الحسين الفارسي، المقرئ نزيل الحرم ومسند القرّاء، توفي فيها أو بعدها [أي سنة 440هـ] وقد قرأ القراءات على المطوعي، قرأ عليه جماعة كثيرة، وكان من أبناء التسعين، وما علمتُ فيه جرحاً»[794].
ومحمد بن إبراهيم بن حبيش، هو شيخ الدارقطني، وقال فيه: «محمّد بن إبراهيم بن حبيش شيخنا لم يكن بالقويّ»[795].
والمعروف عند أهل الحديث أنّ هذا الاصطلاح يُطلق على مَن كان وسطاً حسن الحديث.
والعباس بن محمد، لم يتبيّن لي مَن هو.
والفضل بن زياد، أبو العباس القطان، قال فيه أبو زرعة: «شيخ ثقة»[796]، وقال الخطيب: «ثقة»[797]، وذكره ابن حبان في الثقات[798]، وقال الذهبي: «بغدادي ثقة»[799].
ومحمّد بن محمّد، لعلّه الباغندي، أحد الحفّاظ المعروفين، قال محمّد بن أحمد بن أبي خيثمة: ثقة، كثير الحديث[800]، والظاهر أنّه لم يُعاب عليه سوى التدليس، قال ابن حجر: «محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي الحافظ البغدادي أبو بكر، مشهور بالتدليس مع الصدق والأمانة، مات بعد الثلاثمائة، قال الإسماعيلي: لا اتّهمه، ولكنّه يدلّس. وقال ابن المظفر: لا ينكر منه إلّا التدليس»[801].
قال الخطيب البغدادي: «لم يثبت من أمر ابن الباغندي ما يُعاب به سوى التدليس، ورأيت كافّة شيوخنا يحتجّون بحديثه ويخرجونه في الصحيح»[802].
وقال الذهبي: «هو صدوق من بحور الحديث»[803].
وأبو الأحوص، مشترك بين جماعة عدّة، وبعد طول بحث لم يتبيّن لنا مَن هو، وبملاحظة كونه يروي عن عبد الملك بن عمير المولود في سنة (33هـ) والمتوفى سنة (136هـ)، فلا بدّ أن يكون أبو الأحوص عاش في نهايات القرن الأوّل وبدايات القرن الثاني، وحينئذٍ فقد يكون مردّداً بين كلّ من:
1 ـ أبو الأحوص مولى بني ليث، وهذا روى عنه عدّة، وأورده ابن حبان في الثقات[804].
2 ـ أبو الأحوص حكيم بن عمير بن الأحوص الملقّب بأبي الأحوص أيضاً، وهذا صدوق[805] حسن الحديث.
3 ـ سلام بن سليم الحنفي، وهو أيضاً يُلقّب بأبي الأحوص، وهو ثقة متقن صاحب حديث[806].
4 ـ عمار بن رزيق، وهو كذلك يُلقّب بأبي الأحوص، ثقة، وثّقه جمع ولم يجرحه أحد[807].
فيبدو أنّ أبا الأحوص هو أحد هؤلاء الرواة، والله العالم.
وعبد الملك بن عمير، من رجال البخاري ومسلم والأربعة، ومن التابعين، روى عن عدّة كبيرة من الصحابة والتابعين، فيه توثيقات عدّة، وفيه بعض الكلام، وانتهى ابن حجر إلى أنّه: «ثقة فصيح، عالم فقيه، تغيّر حفظه، وربّما دلّس»[808]. وقال الذهبي: «أحد الأعلام»[809].
والتدليس الذي احتمله ابن حجر، على فرضه لا معنى له في المقام لأنّه لم يروِ عن أحد حتّى يُحتمل تدليسه، بل نقل قصّة شاهدَها بنفسه، وأمّا التغيّر فقد ذكرنا سابقاً أنّه غير الاختلاط، وغير مضرٍّ في قبول رواية الرواي، نعم قد ينزّله من مرتبة الثقة إلى الصدوق.
والخلاصة أنّ هذا السند فيه ضعف بسبب الجهالة والتدليس، ولم نجد فيه كذّاب أو متّهم، فيكون الخبر صالحاً للاستشهاد به، خصوصاً أنّ القدماء قد دأبوا على الاحتجاج بالمجهول، وخصوصاً أنّ الخبر في قضية تاريخيّة وقد ورد من طرق أُخرى كما مرّ.
من الواضح أنّ هذه القصّة وردت من طرق عدّة ولها مخارج متعدّدة، والسند الأوّل فيها جيِّد الإسناد على التحقيق، فيتقوّى بالطريقين الآخريين، خصوصاً أنّ السند الأخير لم يكن فيه كذّاب أو متّهم.
مضافاً إلى ذلك فقد روتها كتب الشيعة أيضاً، فهو ممّا اتفق الفريقان على روايته ونقله، وهي قرينة أُخرى يتقوّى بها الخبر.
أخرجه ابن أبي الدنيا، قال: «حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا سفيان، حدّثتني جدّتي أُمّ أبي قالت: أدركت رجلين ممّن شهد قتل الحسين، فأما أحدهما...[810]، وأمّا الآخر فكان يستقبل الراوية، فيشربها حتى يأتي على آخرها. قال سفيان: أدركت ابن أحدهما به خبل أو نحو هذا»[811].
وأخرجه من طريقه ابن العديم[812]، والخوارزمي[813].
وأخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، حدّثتني جدّتي أُمّ أبي قالت: شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن عليّ. قالت: وأمّا أحدهما... وأمّا الآخر فكان يستقبل الراوية بفيه حتّى يأتي على آخرها. قال سفيان: رأيت ولد أحدهما كأنّ له خبلاً، وكأنّه مجنون»[814].
ومن طريق الطبراني أخرجه ابن عساكر[815].
وأورده المزي، عن إسحاق عن سفيان عن جدّته، وذكره[816].
وأورده الذهبي عن سفيان عن جدّته ولم يذكر قول سفيان[817].
وأخرجه الملا، ورواه عنه الصالحي الشامي من دون ذكر قول سفيان أيضاً[818].
وأخرجه محمّد بن سليمان الكوفي بطريق آخر إلى سفيان[819].
وأخرج منصور بن عمار: «أنّ بعضهم ابتُلي بالعطش، وكان يشرب راوية ولا يُروى...»، أورده عنه الهيتمي[820] والقندوزي[821].
ولم يصل إلينا كتاب منصور بن عمار حتى نقف على سنده، نعم عند الصالحي الشامي ذكر أنّ الراوي المباشر هو: أبو محمّد الهلالي، فقال: «وروى سعيد بن منصور، عن أبي محمد الهلالي، قال: شرك رجلان في دم الحسين بن عليّ (رضي الله تعالى عنه)، فأمّا أحدهما فابتُلي بالعطش، فكان لو شرب راوية، ما رُوي، وأمّا الآخر...»[822].
وبسند آخر عند ابن العديم ينتهي إلى أبي نعيم، قال: «حدّثنا ابن عيينة، عن أبيه، قال: «قال: أدركت من قتلة الحسين (رضي الله عنه) رجلين أمّا أحدهما... وأمّا الآخر فكان يأتي عزلاء الراوية فيضعها على فيه حتى يستفرغها ويصيح: العطش العطش. ويدور إلى الجانب الآخر من الراوية فيستفرغها ولا يُروى؛ وذلك أنّه نظر إلى الحسين وقد أهوى إلى فيه وهو يشرب فرماه بسهم، فقال الحسين: ما لك لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك»[823].
ولم يتبيّن لنا هل أنّ في السند تصحيف وأنّ الرواية عن سفيان عن جدّته أُمّ أبيه، أم أنّه رواها مرّتين، تارة عن جدّته أُمّ أبيه وتارة عن أبيه، وإن كان ذلك بعيد، ولم نرَ غير ابن العديم رواها عن سفيان عن أبيه.
من الواضح أنّ سند ابن أبي الدنيا والطبراني صحيح إلى جدّة سفيان، فعلي بن عبد العزيز هو البغوي الحافظ، شيخ الطبراني، وعمّ الحافظ المعروف عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي. قال الدارقطني: «ثقة مأمون»[824]، وقال الذهبي: «ثقة، لكنّه يطلب على التحديث، ويعتذر بأنّه محتاج»[825].
وإسحاق بن إسماعيل هو الطالقاني، ثقة[826].
وأمّا سفيان بن عيينة فهو ثقة ثبت حافظ إمام[827]؛ لذا قال فيه الهيثمي في طريق الطبراني: «رواه الطبراني ورجاله إلى جدّة سفيان ثقات»[828].
لكن جدّة سفيان لم نقف على ترجمة لها، غير أنّه يمكن القول بصحّة الخبر، فإنّ ابن عيينة من المتقنيين ومن الذين يتحرّون الأخبار ومن الذين ثبت عنهم أنّهم لا يرسلون إلّا عن ثقة، كما أنّه لم يتوّقف أحد في مشايخه إذا حدّث بالسماع[829].
والخلاصة أنّه لا يبعد حينئذٍ القول بصحّة هذا السند، خصوصاً أنّه رواه عن جدّته التي عاصرها وعرفها، فمن المستبعد جدّاً أن يروي عنها هكذا خبر مع علمه بضعفها، فلا بدّ أن تكون ثقة عنده.
أخبار أُخرى في خصوص حادثة العطش
أشرنا في بداية هذا الفصل بأنّنا لسنا بصدد استقصاء الحوادث الفردية فإنّها كثيرة جدّاً، ولكن هنا من باب المناسبة، فإنّ حادثة العطش حدثت مع أكثر من واحد، فأحببنا التنويه والإشارة إليها، فمن هذه الأخبار:
أخرجه ابن أبي الدنيا، قال: «أخبرني العبّاس بن هشام بن محمّد الكوفي، عن أبيه، عن جدّه قال: كان رجل من بني أبان بن دارم يُقال له زرعة، شهد قتل الحسين (رضي الله عنه)، فرمى الحسين بسهم، فأصاب حنكه، فجعل يتلقّى الدم يقول: هكذا إلى السماء فيرمي به، وذلك أنّ الحسين دعا بماء ليشرب، فلمّا رماه حال بينه وبين الماء فقال: اللّهم ظمئه، اللّهم ظمئه. قال: فحدّثني مَن شهده وهو يموت، وهو يصيح من الحرّ في بطنه، والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكانون، وهو يقول: اسقوني أهلكني العطش، فيؤتى بعس عظيم فيه السويق أو الماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم. قال: فيشـربه، ثمّ يعود، فيقول: اسقوني أهلكني العطش. قال: فانقدّ بطنه كانقداد البعير»[830].
وأخرجه من طريقه ابن عساكر[831]، وابن العديم[832]، والخوارزمي[833]، والكنجي الشافعي[834].
وأورده المزي والذهبي والصالحي الشامي وغيرهم[835].
وقال ابن نما الحلي من الشيعة: «ورويت عن الشيخ عبد الصمد، عن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن: أنّ الأباني كان بعد ذلك يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون، وهو يقول: اسقوني، أهلكني العطش. فيؤتى بالعس فيه الماء واللبن والسويق يكفي جماعة، فيشربه ثمّ يقول: اسقوني. فما زال كذلك حتى انقدّت بطنه كانقداد البعير»[836].
وأضاف الخوارزمي: «وذكر أعثم الكوفي هذا الحديث مختصراً، وسمّى الرامي عبدالرحمن الأزدي، وقال: فقال الحسين: اللّهمّ اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً!
قال القاسم بن الأصبغ: لقد رأيتني عند ذلك الرجل وهو يصيح: العطش، والماء يبرد له فيه السكر، والأعساس فيها اللبن وهو يقول: ويلكم اسقوني، قد قتلني العطش! فيُعطى القلة والعس، فإذا نزعه من فيه يصيح: اسقوني، وما زال حتّى انقدّ بطنه ومات أشرّ ميتة»[837].
أورده الطبري في ذخائره قال: «عن رجل من كليب، قال: صاح الحسين بن علي: اسقونا ماءً. فرمى رجلٌ بسهم، فشقّ شدقه، فقال: لا أرواك الله. فعطش الرجل إلى أن رمى نفسه في الفرات، فشرب حتّى مات». ثمّ قال: «خرّجه الملا»[838].
وأورده أيضاً الصالحي الشامي، قال: «روى عمر الملا عن رجل من كلب، قال:...»[839]، وذكر الخبر.
وقال ابن شهر آشوب: «وفي رواية: أنّ رجلاً من كلب رماه بسهم فشكّ شدقه، فقال الحسين: لا أرواك الله، فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه في الفرات، وشرب حتى مات»[840].
والخبر قد أخرجه الطبراني مسنداً من دون أن ينسب الرجل لقبيلة ما، قال: «حدّثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي، ثنا أبو غسان، ثنا عبد السلام بن حرب، عن الكلبي، قال: رمى رجل الحسين وهو يشرب، فشلّ شدقه، فقال: لا أرواك الله قال فشرب حتّى تفطر»[841].
وأخرجه الكنجي الشافعي في كفايته[842]. وأخرجه الخوارزمي بالسند المذكور، لكنّه قال: «حتّى نفط»[843].
وأورده الهيثمي، وقال: «رواه الطبراني، ورجاله إلى قائله ثقات»[844].
3 ـ ما حصل لعبد الله بن الحصين الأزدي
رواه أبو مخنف كما في الطبري، قال: «قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال: جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد: أمّا بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة...، قال: ونازله عبد الله بن أبي حصين الأزدي وعداده في بجيلة، فقال: يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء، والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشاً. فقال حسين: اللّهم اقتله عطشاً، ولا تغفر له أبداً قال حميد بن مسلم: والله لعدْتَه بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا إله إلّا هو لقد رأيته يشرب حتّى بغر، ثمّ يقئ، ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر[845]، فما يروى فما زال ذلك دأبه حتى لفظ غصّته، يعنى نفسه»[846].
ورواه المفيد والطبرسي وغيرهم[847].
وأورده ابن الأثير في الكامل وجاء فيه: «فكان يشرب ماء القلّة ثمّ يقيء، ثمّ يعود فيشرب حتّى يتغرغر، ثمّ يقيء ثمّ يشرب فما يُروى، فما زال كذلك حتّى مات»[848].
ورواه البلاذري بإسناد جمعي، فقال: «قالوا:...»، وذكر كلاماً كثيراً وممّا جاء فيه: «وجاء كتاب ابن زياد إلى عمر بن سَعْدٍ: أن حل بين حسين وأصحابه وبين الماء، فلا يذوقوا منه قطرة... فبعث (عمر بن سعد) خمس مائة فارس فنزلوا على الشريعة، وحالوا بين الحسين وأصحابه ومنعوهم أن يستقوا منه! وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة أيام.
وناداه عبد الله بن حصين الأزدي: يا حسين، ألا تنظر إِلى الماء كأنّه كبد السماء؟! والله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشاً! [فَقَالَ الحسين: اللّهم اقتله عطشاً، وَلا تغفر لَهُ أبدًا]. فمات (ابن حصين) بالعطش، كان يشرب حتّى يبغر فما يُروى، فما زال ذاك دأبه حَتَّى لفظ نفسه»[849].
وأمّا ابن شهر آشوب، فنقلها عن بعض المصادر بشكل آخر، قال: «المقتل عن ابن بابويه، والتاريخ عن الطبري، قال أبو القاسم الواعظ: نادى رجل: يا حسين، إنّك لن تذوق من الفرات قطرة حتى تموت، أو تنزل على حكم الأمير. فقال الحسين: اللّهم اقتله عطشاً، ولا تغفر له أبداً. فغلب عليه العطش، فكان يعب المياه ويقول: وا عطشاه، حتى تقطع»، ثمّ ذكر أنّه في تاريخ الطبري: أنّ «هذا المنادي هو عبد الله بن الحصين الأزدي، رواه حميد بن مسلم»[850].
عاشراً: إسوداد وجه حرملة في الدنيا
وردت من طريق السنة والشيعة، وهي تدور على القاسم بن الأصبغ:
الخبر الأوّل: ما أورده سبط ابن الجوزي، قال: «وحكى هشام بن محمّد، عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي: قال لمـّا أُتي بالرؤوس إلى الكوفة إذا بفارس أحسن الناس وجهاً قد عُلّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد كأنّه القمر ليلة تمامه، والفرس يمرح فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض، فقلت له رأس مَن هذا؟ فقال: رأس العباس بن عليّ. قلتُ: وأنت؟ قال: حرملة بن الكاهل الأسدي. قال: فلبثتُ أياماً وإذا بحرملة وجهه أشدّ سواداً من القار، فقلتُ له: لقد رأيتك يوم حملت الرأس وما في العرب أنضر وجهاً منك! وما أرى اليوم لا أقبح ولا أسود وجهاً منك! فبكى وقال: والله، منذ حملت الرأس وإلى اليوم ما تمرّ علي ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعي ثمّ ينتهيان بي إلى نار تأجج، فيدفعاني فيها وأنا أنكص فتسعفني كما ترى. ثمّ مات على أقبح حال»[851].
وأورده عنه ابن حجر الهيتمي[852] والقندوزي الحنفي[853].
وقد أخرجه مسنداً الشجري في أماليه، قال: «أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين بن التوزي، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري، قال: حدّثنا أبو بكر دريد، قال: حدّثنا الحسن بن خضر، قال: حدّثني أبي، عن هشام بن الكلبي، رفعه إلى القاسم بن الأصبغ بن نباتة العرني، قال: لـمّا أخذ برأس الحسين(عليه السلام) وبرؤوس أهل بيته وأصحابه، أقبل الخيل شماطيط معها الرؤوس، وأقبل رجل، من أنضر الناس لوناً وأحسنهم وجهاً على فرس أدهم، قد عَلُق في لبب فرسه رأس غلام أمرد، وكان وجهه قمر ليلة البدر، فإذا هو قد أطال الخيط الذي فيه الرأس والفرس يمرح، فإذا رفع رأسه لحق الرأس بجرانه، فإذا طأطأ رأسه صك الرأسُ الأرضَ، فسألت عنه فقيل: هذا حرملة بن الكاهل الأسدي، وهذا رأس العباس بن عليّ(عليها السلام). فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثمّ رأيت حرملة ووجهه أسود كأنّما أُدخل النار ثمّ أُخرج، فقلتُ له: يا عمّاه، لقد رأيتك في اليوم الذي جئت برأس العباس وإنّك لأنضر العرب وجهاً. فقال: يابن أخي ورأيتني؟ قلتُ: نعم. قال: فإنّي والله، مذ جئت بذلك الرأس ما من ليلة آوي فيه إلى فراشي إلّا وملكان يأتياني فيأخذان بضبعي ينتهيان بي إلى نار تأجج، فيدفعاني بها وأنا أنكص عنها فيسفعني كما ترى. قال: وكانت عنده امرأة، من بني تيم فسألتُها، عن ذلك فقالت: أمّا إذا أفشى على نفسه فلا يبعد الله غيره، والله ما يوقظني إلّا صياحه كأنّه مجنون»[854].
خلاصة الحكم السَنَدي على الخبر
وهذا السند فيه هشام بن الكلبي وهو مضعّف بل اتّهمه جمع، إلّا أنّ ابن حجر العسقلاني، قال فيه: «وكان واسع الحفظ جدّاً، ومع ذلك يُنسب إلى غفلة»[855].
كما أنّ الراوي المباشر وهو القاسم بن الأصبغ بن نباتة، مجهول لم نقف على ترجمة له.
الخبر الثاني: ما رواه أبو الفرج الأصفهاني، إلا أنّه أورد الخبر في رجل من بني دارم، وليس في حرملة، قال: «قال المدائني: فحدّثني أبو غسان، عن هارون بن سعد، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة، قال: رأيت رجلاً من بني أبان بن دارم أسود الوجه، وكنت أعرفه جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك؟ قال: إني قتلتُ شاباً أمرد مع الحسين، بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنم فيدفعني فيها، فأصيح فما يبقى في الحي إلا سمع صياحي. قال: والمقتول العباس بن علي(عليه السلام)»[856].
خلاصة الحكم السَنَدي على الخبر
وهذا الخبر كسابقه ينتهي إلى القاسم بن الأصبغ بن نباتة، وهو مجهول لم نقف على ترجمة له.
ما أخرجه الصدوق في ثواب الأعمال: «وبهذا الإسناد، [يعني: حدّثني محمد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن نصر ابن مزاحم] عن عمر بن سعد عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة، قال: قدم علينا رجل من بني دارم ممّن شهد قتل الحسين(عليه السلام) مسودّ الوجه وكان رجلاً جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك لتغيُّر لونك. فقال: قتلت: رجلاً من أصحاب الحسين يُبصر بين عينيه أثر السجود، وجئت برأسه. فقال القاسم: لقد رأيته على فرس له مرحاً وقد عَلُق الرأس بلبانها وهو يصيب ركبتها. قال: فقلت لأبي: لو أنّه رفع الرأس قليلاً، أما ترى ما تصنع به الفرس بيديها؟ فقال لي: يا بني، ما يصنع بي أشدّ، لقد حدّثني، قال: ما نمتُ ليلة منذ قتلته إلّا أتاني في منامي حتى يأخذ بكتفي فيقودني، ويقول: انطلق. فيُنطلق بي إلى جهنم فيُقذف بي فأصيح. قال: فسمعت بذلك جارة له، فقال: ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه، قال: فقمت في شباب من الحي فأتينا امرأته فسألناها، فقالت: قد أبدى على نفسه، قد صدقكم»[857].
وأورده ابن شهر آشوب مختصراً، قال: «القاسم بن الأصبغ: قلت لرجل من بني دارم: ما غيّر صورتك؟ قال: قتلت: رجلاً من أصحاب الحسين، وما نمت ليلة منذ قتلته، إلّا أتاني في منامي آتٍ فينطلق بي إلى جهنّم فيُقذف بي فيها حتى أصبح. قال: فسمعتْ بذلك جارة له، فقالت: ما يدعنا ننام الليل من صاحبه»[858].
ومن الملاحظ أنّ هذه الرواية لم تصرّح بأنّ الرجل حرملة، بل ذكرت أنّها في رجلٍ من بني دارم.
أمّا محمّد بن موسى بن المتوكّل، فثقة[859].
والعطّار ثقة، عين، كثير الحديث[860].
ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ثقة أيضاً[861].
ومحمد بن الحسين، ثقة تقدّم مراراً.
ونصر بن مزاحم وعمر بن سعد تقدّم اعتبار روايتهما.
والقاسم بن الأصبغ بن نباتة، لم نقف عليه.
تبيّن أنّ السند فيه ضعف من جهة الراوي المباشر؛ إذ لم نقف عليه.
تبيّن أنّ الحادثة رويت في كتب الشيعة والسنة، لكنّها تدور على القاسم بن الأصبغ، وهو مجهول لم نقف على ترجمة له، فلا يسعنا إثبات الحادثة ولا نفيها.
وقد اتّضح من خلال المتون المنقولة عند السنّة والشيعة أنّ هناك اختلافاً في سرد الحادثة، فصورت بعضها العباس بصورة شاب أمرد، كما ورد في بعضها أنّ العبّاس هو الذي كان يأتيه في المنام، بينما في غيرها كان يأتيه ملكان! وفي بعضها أنّ اسوداد الوجه كان بسبب قتله العبّاس وبعضها بسبب مجيئه برأسه، وبعضها بسببهما معاً، كما اختلفت في الشخص المعني فبعضها ذكر أنّه حرملة، وبعضها أنّه رجلاً من بني دارم، مع أنّ الحادثة كلها من رواية القاسم بن الأصبغ بن نباتة!
وكيف ما كان فإنّ الأخبار على اختلافها تتفق في اسوداد وجه هذا الشخص، وليس ذلك ببعيد، ولعلّ هذا الاختلاف كان سببه التضليل وإخفاء حقيقة ما جرى، والله أعلم.
حادي عشر: الحية تدخل في منخر عبيد الله بن زياد
وهذا الخبر تارة ورد عن عمارة بن عمير، وأُخرى بنحوه ورد عن أبي الطفيل.
ورد هذا الخبر في مصادر أهل السنّة والشيعة على حدٍّ سواء، فمن أهل السنّة:
أخرجه الترمذي، قال: «حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، قال: لـمّا جيء برأس عبيد الله ابن زياد وأصحابه نضدت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت، قد جاءت. فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتّى دخلت في منخرَي عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة، ثمّ خرجت فذهبت حتّى تغيبت، ثمّ قالوا: قد جاءت، قد جاءت. ففعلت ذلك مرّتين أو ثلاثاً»[862].
ومن طريقه أخرجه ابن عساكر[863]، والخوارزمي[864].
وأخرجه الطبراني، قال: «حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمّد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، قال: لمّا جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه نُصبت في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت، قد جاءت. فإذا حيّة قد جاءت تخلل الرؤوس حتّى دخلت في منخر عبيد الله، فمكثت هنيهة ثمّ خرجت فذهبت، ثمّ قالوا: قد جاءت. ففعلتْ ذلك مرّتين أو ثلاثاً»[865].
وأخرجه الخطيب باختلاف يسير في اللفظ، بسنده إلى: «أحمد بن القاسم بن نصر بن دوست، حدّثنا سويد بن سعيد، حدّثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، قال: لـمّا قتل عبيد الله بن زياد أتى برأسه ورؤس أصحابه، فأُلقيت في الرحبة، فقام الناس إليها، فبينا هم كذلك إذ جاءت حيّة عظيمة، فتفرّق الناس من فزعها فجاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، ثمّ خرجت من فيه، ثمّ دخلت من فيه وخرجت من أنفه، ففعلت ذلك به مراراً، ثمّ ذهبت، ثمّ عادت ففعلت به مثل ذلك مراراً، فجعل الناس يقولون: قد جاءت، قد جاءت، قد ذهبت، قد ذهبت. لا يُدرى من أين جاءت، ولا أين ذهبت»[866].
ومن طريقه أخرجه ابن عساكر[867].
وأورده الذهبي وصحّحه، فقال: «وصحّ من حديث عمارة بن عمير، قال: جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، فأتيناهم وهم يقولون: قد جاءت، قد جاءت. فإذا حيّة تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخر عبيد الله، فمكثت هنيئة، ثمّ خرجت، وغابت، ثمّ قالوا: قد جاءت، قد جاءت. ففعلت ذلك مرّتين أو ثلاثاً»[868].
أخرجه الشيخ الصدوق، لكن من نفس طريق الترمذي والطبراني المتقدّمين، قال: «وبهذا الإسناد [حدّثني محمد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن نصر بن مزاحم]، عن عمر بن سعد، قال: حدّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمار[869] بن عمير التيمي قال: لمّا جيء برأس عبيد الله بن زياد (لعنه الله) ورؤوس أصحابه (عليهم غضب الله) قال: انتهيت إليهم والناس يقولون: قد جاءت. قال: فجاءت حيّة تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زيادة (لعنة الله عليه)، ثمّ خرجت فدخلت في المنخر الآخر»[870]. وعنه في البحار[871].
وأورده ابن شهر آشوب عن كتاب ابن بطة، والترمذي، وخصائص النطنزي، عن عمارة بن عمير[872].
قد صرّح غير واحد من علماء أهل السنّة بصحّة هذا الخبر:
فقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»[873].
وأورده ابن كثير وذكر تصحيح الترمذي له من دون تعقيب[874].
وصرّح الذهبي بصحّته كما تقدّم قبل قليل.
وصحّحه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على كتاب سير أعلام النبلاء، وقال: «أخرجه الترمذي (3780) في المناقب، وقال: حسن صحيح، وهو كما قال»[875].
وقال ابن حجر الهيتمي: «فقد صحّ عند الترمذي أنّه لمـّا جيء برأسه ونُصب في المسجد مع رؤوس أصحابه، جاءت حيّة فتخللت الرؤوس...»[876].
لذا لا نرى ضرورة لترجمة رجال السند بعد وضوح صحّته وفق مبانيهم.
ونحو خبر عمارة ورد عن أبي الطفيل، أورده الذهبي، قال: «قال يزيد بن أبي زياد: عن أبي الطفيل، قال: عزلنا سبعة أرؤس، وغطّينا منها رأس حصين بن نمير، وعبيد الله بن زياد، فجئتُ فكشفتها فإذا حيّة في رأس عبيد الله تأكل»[877].
وأخرجه ابن أبي الدنيا، قال: «حدّثنا هاشم بن الوليد، قال: حدّثنا أبوبكر بن عياش، قال: حدّثنا يزيد يعني ابن زياد، عن أبي الطفيل، قال: عزلنا سبعة أرؤس وغطّينا رأس حصين بن نمير ورأس عبيد الله بن زياد، فجئتُ فكشفتها فإذا حيّة في رأس ابن زياد ترزز فيه تأكله»[878].
وأخرجه من طريقه ابن عساكر[879].
هاشم بن الوليد وثّقه الخطيب[880]، وذكره ابن حبّان في الثقات[881].
وأبو بكر بن عياش ثقة مقرئ عابد معروف، فيه كلام من جهة حفظه وغلطه، وانتهى ابن حجر الى أنّه: «ثقة عابد إلّا أنّه لـمّا كبر ساء حفظه وكتابه صحيح»[882].
ويزيد بن أبي زياد تقدّم سابقاً أنّه يدور أمره بين أن يكون ثقة أو صدوقاً.
وأبو الطفيل: صحابي.
والخلاصة أنّ هذا السند جيّد في حدّ ذاته، وهو يُعدّ قرينة يتقوّى بها الخبر الصحيح المتقدّم.
جاء في أنساب البلاذري: «ولـمّا بقي الحسين ِفي ثلاثة نفر أو أربعة، دعا بسـراويل محشّوة فلبسها، فذكروا: أنّ بحر بن كعب التيمي سلبه إياها حين قُتِل. فكانت يداه ِفي الشتاء تنضحان الماء وفي الصيف ييبسان فكأنّهما عودان»[883].
وفي الطبري، عن أبي مخنف أنّه قال: «فحدّثني عمرو بن شعيب، عن محمد بن عبد الرحمن: أنّ يديّ بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء وفى الصيف ييبسان كأنّهما عود»[884].
ورواه الخوارزمي، قال: «وذكر محمّد بن عبد الرحمن: أنّ يديّ أبجر بن كعب كانتان ينضخان الدم في الشتاء، وييبسان في الصيف كأنّهما عود»[885].
ورواه القاضي النعمان، عن أبي مخنف، أنّه قال: «أخذ بحر بن كعب سراويل الحسين(عليه السلام)، فكانت يداه تقطران في الشتاء دماً، فإذا أصاف يبستا، فكانتا كالعود اليابس»[886].
وأورده ابن الأثير، قال: «فلمّا قُتِل سلبه بحر بن كعب، وكانت يداه في الشتاء تنضحان بالماء، وفي الصيف تيبسان كأنّهما عود»[887].
وأورده المفيد بلفظ: «فكانت يدا أبجر بن كعب بعد ذلك تيبسان في الصيف حتى كأنّهما عودان، وتترطّبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً إلى أن أهلكه الله»[888].
ورواه ابن شهر آشوب عن الطبري، وقال بعده: «وفي رواية غيره: كانت يداه تقطران في الشتاء دماً»[889].
وهذه الحادثة يمكن الوثوق بثبوتها، فقد رواها البلاذري بسند جمعي، حيث ابتدأ كلامهم بقوله: «قالوا:...»، ثمّ قال: «فذكروا...»[890]، كما أنّ الطبري أوردها عن أبي مخنف مسندة، وأرسلها ابن الأثير بصورة مسلّمة، خصوصاً أنّه يُستفاد من مقدّمة ابن الأثير أنّه لا يورد في كتابه هذا إلّا الصحيح.
نعم هناك خلاف بسيط في أنّ يديّ بحر هل كانتا تنضحان ماءً أو دماً، وهذا يقوّي من أصل الحادثة لا يضعّفها؛ باعتبار أنّ عدّة من الرواة قد رووها واختلفوا في ما حدث له، فنَقَل بعضٌ أنّ يداه تنضحان ماءً، ونَقَل الآخرُ أنّهما تنضحان دماً، والجمع بينهما ليس ببعيد.
ثالث عشر: ما حصل لمالك بن النسير
أخرج الطبري عن أبي مخنف، قال: «حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم:... وإنّ رجلاً من كندة ـ يُقال له مالك بن النسير من بنى بداء ـ أتاه فضربه على رأسه بالسيف وعليه برنس له، فقطع البرنس وأصاب السيفُ رأسَه، فأدمى رأسه فامتلأ البرنس دماً، فقال له الحسين: لا أكلتَ بها ولا شربتَ، وحشرك الله مع الظالمين. قال: فألقى ذلك البرنس، ثمّ دعا بقلنسوة فلبسها واعتمّ، وقد أعيا وبلد، وجاء الكندي حتى أخذ البرنس وكان من خز، فلمّا قدم به بعد ذلك على امرأته ـ أُمّ عبد الله ابنة الحر، أخت حسين بن الحر البدي ـ أقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرأته: أسلب ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) تدخل بيتي؟!! أخرجه عنّى. فذكر أصحابه أنّه لم يزل فقيراً بشرٍّ حتّى مات»[891].
ورواه الخوارزمي، وجاء فيه: «وجاء الكندي فأخذ البرنس وكان من خز، فلمّا قدم به بعد ذلك على امرأته أُمّ عبد الله ليغسله من الدم، قالت له امرأته: أتسلب ابن بنت رسول الله برنسه وتدخل بيتي؟!! أخرج عنّي حشا الله قبرك ناراً. وذكر أصحابه أنّه يبست يداه ولم يزل فقيراً بأسوء حال إلى أن مات»[892].
وأورده ابن الأثير والنويري وغيرهم[893].
وكما أشرنا فيما سبق فإنّ إيرادَ ابن الأثير لخبرٍ مؤذنٌ بصحّته عنده.
رابع عشر: اسوداد وجه قاتل الحسين(عليه السلام)
وقد وقفنا فيه على خبرين:
الأوّل: خبر الجريري عن عبد ربّه أو غيره
أخرجه ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنا عبد الصمد بن علي، أنا عبيد الله بن محمّد بن إسحاق، أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدّثني أحمد بن محمد بن عيسى، نا عمرو بن عون، أنا خالد، عن الجريري عن عبد ربّه، أو غيره: أنّ الحسين بن علي لـمّا أرهقه السلاح، وأخذ له السلاح، قال: ألا تقبلون منّي ما كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقبل من المشركين؟ قالوا: وكان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقبل من المشـركين؟! قال: إذا جنح أحدهم قَبِل منه. قالوا: لا. قال: فدعوني أرجع. قالوا: لا. قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين فأخذ له رجل السلاح. فقال له : أبشر بالنار. فقال: بل إن شاء الله برحمة ربّي (عزّ وجلّ) وشفاعة نبيي (صلّى الله عليه وسلّم). فقُتِل وجيء برأسه حتّى وضعه في طست بين يدي ابن زياد فنكته بقضيبه، وقال: لقد كان غلاماً صبيحاً. ثمّ قال: أيُّكم قاتله؟ فقام الرجل، فقال: أنا قتلته. فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحديث فاسودّ وجهه (لعنه الله)»[894].
وأخرجه ابن العديم[895]، والكنجي الشافعي ونقله عن عبد ربّه ولم يردّده[896].
وأورده الذهبي، قائلاً: «وقال خالد الحذاء، عن الجريري، عن عبد الله أو غيره...»[897]، وذكره.
وفي سيره رواها عن رجل، فقال: «خالد بن عبد الله، عن الجريري، عن رجل...»[898]، وذكر الخبر.
وأورده الطبري عن عبد ربّه ولم يردّده[899].
الثاني: خبر أبي معشر عن بعض مشايخه
أورده الطبري، قال: «وعن أبي معشر، عن بعض مشيخته: أنّ قاتل الحسين لـمّا جاء ابن زياد وحكى عليه كيفيّة قتله، وما قال له الحسين اسودّ وجهه». قال: «خرّجه ابن بنت منيع»[900]. وابن بنت منيع هو أبو القاسم البغوي.
وعن البغوي أورده الصالحي الشامي أيضاً[901].
أمّا الخبر الأوّل فيمكن الخدشة فيه سنداً ومتناً، أمّا سنداً فباعتبار الترديد في الراوي المباشر؛ إذ لم يُعرف هل هو عبد ربّه أو غيره، الأمر الذي جعل الذهبي يعبّر في سيره بـ: (عن رجل).
ثمّ إنّ نفس عبد ربّه لم يتّضح لنا مَن هو؟
وأمّا متناً فالخبر تضمّن أنّ الحسين وسم يزيد بأمير المؤمنين، وهذا لا يمكن القبول به مطلقاً؛ لأنّه يتنافى مع الخطابات الحسينيّة الواردة في خصوص يزيد، ويتنافى مع عدم البيعة التي تعدّ الشرارة الأُولى للثورة الحسينيّة، فإذا كان الحسين يؤمن بأنّ يزيد أمير المؤمنين فلماذا كلّ هذا التحرّك والخطابات والرسائل والتحشيد..؟!
نعم يمكن التفكيك في أجزاء الخبر بالقول: إنّه ما قامت عليه الشواهد يؤخذ به، وما كانت الشواهد على خلافه يرد، ومسألة اسوداد وجه قاتل الحسين، تتناسب مع الأحداث الكثيرة التي ذكرناها والتي تضمّنت ما حلّ بمن قتل الحسين أو اشترك في قتله كما تقدّم فيما سبق.
وكذلك عليها شاهد آخر وهو الخبر الثاني الذي سقناه.
والخبر الثاني هو الذي ذكرناه عن أبي معشر عن بعض مشيخته، فهو مرسل لم نقف على سنده، وكذلك لم يذكروا فيه اسم الراوي المباشر.
وبالجملة فالخبر من الجهة السَنَدية ضعيف ولم نقف له على طرق كثيرة، لكن بمقارنته بالأحداث المتقدّمة فوقوعه غير بعيد.
(a) خامس عشر: ما جرى لـمَن سلب الحسين (عليه السلام)
جاء في مقتل الخوارزمي: «وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين(عليها السلام): وجد فيه ثلاث وثلاثون طعنه وأربع وثلاثون ضربة، وأخذ سراويله بحير بن عمرو الجرمي فصار زمناً مقعداً من رجليه، وأخذ عمامته جابر بن يزيد الأزدي، فاعتمّ بها فصار مجذوماً، وأخذ مالك ابن نسر الكندي درعه فصار معتوهاً»[902].
وجاء في مناقب آل أبي طالب: «ويروى أنّه أخذ عمامته جابر بن زيد الأزدي وتعمم بها فصار في الحال معتوهاً، وأخذ ثوبه جعوبة بن حوبة الحضرمي ولبسه فتغيّر وجهه وحصّ شعره وبرص بدنه، وأخذ سراويله الفوقاني بحير بن عمرو الجرمي وتسرول به فصار مقعداً»[903].
وجاء في مقتل الخوارزمي: «ورئي رجل بلا يدين ولا رجلين، وهو أعمى يقول: ربّي نجّني من النّار! فقيل له: لم تبقَ عليك عقوبة وأنت تسأل النجاة من النّار. قال: إنّي كنت في مَن قاتل الحسين بن علي في كربلاء، فلمّا قُتل رأيت عليه سراويل وتكّة حسنة، وذلك بعد ما سلبه الناس، فأردت أن أنتزع التكّة، فرفع يده اليمني ووضعها على التكّة، فلم أقدر على دفعها، فقطعت يمينه، ثمّ أردت انتزاع التكّة فرفع شماله ووضعها على التكّة، فلم أقدر على دفعها فقطعت شماله، ثمّ هممت بنزع السراويل، فسمعت زلزلة فخفت وتركته، فألقى الله عليّ النوم، فنمت بين القتلى فرأيت كأنّ النبي محمّداً | أقبل ومعه علي وفاطمة والحسن(عليهم السلام)، فأخذوا رأس الحسين فقبّلتْه فاطمة وقالت: يا بني! قتلوك، قتلهم الله. وكأنّه يقول: ذبحني شمر وقطع يدي هذا النائم. وأشار إليّ، فقالت فاطمة: قطع الله يديك ورجليك وأعمى بصرك وأدخلك النار، فانتبهت وأنا لا أبصر شيئاً، ثمّ سقطت يداي ورجلاي منّي، فلم يبق من دعائها إلّا النّار»[904].
لكنّ هذه الأخبار مرسلة فلا نملك ما يفيد نفيها ولا ثبوتها، فهي على الاحتمال، وإن كانت كثرة الأحداث التي ذكرناها ونوعيتها تقوّي جانب الوقوع والله العالم.
الفصل السادس أجوبة الشبهات الموجّهة لهذه الحوادث وبيان الدلالات والمعطيات العامّة
عرفنا فيما تقدّم أنّ الحوادث كثيرة جدّاً وأثبتنا بطرق متعدّدة صحّة وثبوت الكثير منها، وحاولنا أن نبيّن ـ ولو مختصراً ـ ما تتضمّنه الحادثة من دلالات بحسب ألفاظها، من دون الخوض كثيراً فيما تستلزمه هذه الحوادث من معاني ودلالات باعتبار أنّها تشترك في الكثير منها، فقصرنا الكلام هناك على ما يدلّ عليه لفظ الرواية مع الإشارات البسيطة لما يمكن أنْ نستفيده منها بنحو العموم، وهو ما أطلقنا عليه عنوان الدلالات الخاصّة.
وفي هذا الفصل نحاول أنْ نستنطق هذه الحوادث مجتمعة ونرى ماذا يمكن أن تدلّ عليه، وما هو الغرض من ورائها، فإنّ الكثير منها يمثِّل إعجازاً كونيّاً خارجاً عن نواميس الطبيعة.
لكن حيث إنّ هناك شبهات وكلمات كثيرة صدرت من عدّة من علماء السلفيّة في إنكار هذه الحوادث وتكذيبها، كان لا بدّ أوّلاً من نقل كلماتهم والإجابة عليها، ثمّ ننتقل إلى الدلالات والمعطيات العامّة المستفادة من هذه الحوادث.
لذا قسّمنا هذا الفصل إلى مبحثين أساسيين يتعلّق الأوّل بما ورد من شبهات وتكذيب وإنكار لهذه الحوادث مع الردّ والجواب عليها، ويتعلّق الثاني بما يمكن استفادته من هذه الحوادث بصورة مجتمعة.
الشبهات الموجّهة للحوادث الكونيّة
صدرت كلمات كثيرة خصوصاً من علماء السلفية في تكذيب هذه الحوادث، ونحن هنا بعيداً عن الأسباب الحقيقية والكوامن الدخيلة في صدور مثل هذه الكلمات، نريد أن نناقش ما أثاروه بصورة علميّة بعيدة عن العواطف المذهبيّة، فإنّ الحقّ أحقُّ أنْ يُتّبع.
وسنقوم بعرض كلماتهم أوّلاً ونفهرس ما تدلّ عليه، ثمّ نشرع بعد ذلك بالإجابة عليها.
كلمات علماء السلفية في تكذيب وتضعيف الحوادث الكونيّة
حيث إنّ أكثر الكلمات متشابهة من حيث الغرض والمقصود، لذا ارتأينا أن نقتصر على ذكر كلمات ثلاثة من مشايخ وعلماء السلفيّة، وهم: ابن تيمية، وابن كثير، والمعاصر عثمان الخميس، فهؤلاء الثلاثة يمثِّلون عصارة رأي السلفيّة في هذه الأحداث.
قال ابن تيمية في معرض ردّه على جملة من هذه الحوادث: «إنّ كثيراً ممّا روى في ذلك كذب مثل كون السماء أمطرت دماً، فإنّ هذا ما وقع قط في قتل أحد، ومثل كون الحمرة ظهرت في السماء يوم قتل الحسين ولم تظهر قبل ذلك، فإنّ هذا من الترّهات فما زالت هذه الحمرة تظهر ولها سبب طبيعي من جهة الشمس، فهي بمنزلة الشفق، وكذلك قول القائل إنّه ما رفع حجر في الدنيا إلّا وجد تحته دم عبيط، هو أيضاً كذب بيّن»[905].
واستشهد بقوله محقّق الطبقات بعد أن صحّح رواية ابن سيرين المتعلّقة بظهور الحمرة في آفاق السماء، فقال عند ذلك: «وقول ابن سيرين هذا مشكل، وما فهمت مراده به، فإن أراد الشفق الأحمر فهو ظاهرة طبيعية معلومة لا علاقة لها بمقتل أحد من الناس، وقد أشار لهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، كما نقلنا كلامه في تخريج الأثر الآتي»[906]. وفي تخريجه اللاحق نقل الكلام المتقدّم لابن تيمية.
والخلاصة بحسب رأي ابن تيمية هي أنّ الكثير من الحوادث كذب، وقد نصّ على ثلاث منها بعينها، وهنّ:
1 ـ مطر السماء دماً.
2 ـ ظهور الحمرة في السماء.
3 ـ ما رُفع حجر إلّا وجد تحته دم عبيط.
تكلّم ابن كثير عن هذه الأحداث في أكثر من موضع:
الأوّل: قال تارة في كتابه البداية والنهاية: «ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة كذباً فاحشاً، من كون الشمس كسفت يومئذٍ حتّى بدت النجوم، وما رُفع يومئذٍ حجر إلّا وجد تحته دم، وأنّ أرجاء السماء احمرّت، وأنّ الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنّه الدم، وصارت السماء كأنّها علقة، وأنّ الكواكب ضرب بعضها بعضاً، وأمطرت السماء دماً أحمر، وأنّ الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذٍ، ونحو ذلك. وروى ابن لهيعة: عن أبي قبيل المعافري: أنّ الشمس كسفت يومئذٍ حتى بدت النجوم وقت الظهر، وأنّ رأس الحسين لـمّا دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دماً، وأنّ الأرض أظلمت ثلاثة أيام، ولم يمس زعفران ولا ورس بما كان معه يومئذٍ إلّا احترق مَن مسّه، ولم يُرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلّا ظهر تحته دم عبيط، وأنّ الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم. إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء، وأمّا ما روي من الأحاديث والفتن التي أصابت مَن قتله فأكثرها صحيح، فإنّه قل مَن نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا، فلم يخرج منها حتى أُصيب بمرض، وأكثرهم أصابهم الجنون»[907].
والخلاصة التي نخرج بها من كلام ابن كثير، هي أنّ هذه الأخبار والأحاديث من الموضوعات التي وضعها الشيعة، وقد نصّ على الكثير منها، وهي بعد ضمّ الحوادث ذات المعنى الواحد إلى بعضها تكون كالشكل الآتي:
1 ـ إنّ السماء أمطرت دماً أحمر.
2 ـ ما رُفع يومئذٍ حجر إلّا وجد تحته دم.
3 ـ ما يتعلّق بظهور الحمرة في السماء، وهي: أنّ أرجاء السماء احمرّت، وأنّ الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذٍ، وأنّ الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنّه الدم، وصارت السماء كأنّها علقة، وأنّ الكواكب ضرب بعضها بعضاً.
4 ـ ما يتعلّق بالكسوف، وهي: أنّ الشمس كسفت يومئذٍ حتّى بدت النجوم، وأنّ الأرض أظلمت ثلاثة أيام.
5 ـ لم يُمس زعفران ولا ورس ممّا كان معه يومئذٍ إلا احترق مَن مسّه.
6 ـ إنّ الإبل التي غنموها من إبل الحسين(عليه السلام) حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم.
7 ـ إنّ رأس الحسين(عليه السلام) لـمّا دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دماً.
فهذه الأُمور زعم ابن كثير أنّها كذب فاحش، وهي من الأحاديث الموضوعة.
الثاني: وقال في موضع آخر: «وقد ذكروا في مقتله أشياء كثيرة أنّها وقعت من كسوف الشمس يومئذٍ، وهو ضعيف، وتغيير آفاق السماء، ولم ينقلب حجر إلّا وجد تحته دم، ومنهم مَن خصص ذلك بحجارة بيت المقدس، وأنّ الورس استحال رماداً، وأنّ اللحم صار مثل العلقم، وكان فيه النار، إلى غير ذلك ممّا في بعضها نكارة، وفي بعضها احتمال، والله أعلم، وقد مات رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) وهو سيِّد ولد آدم في الدنيا والآخرة، ولم يقع شيء من هذه الأشياء، وكذلك الصديق بعده، مات ولم يكن شيء من هذا، وكذا عمر بن الخطاب قُتِل شهيداً وهو قائم يصلّي في المحراب صلاة الفجر، وحُصِر عثمان في داره وقُتِل بعد ذلك شهيداً، وقُتِل علي بن أبي طالب شهيداً بعد صلاة الفجر، ولم يكن شيء من هذه الأشياء، والله أعلم»[908].
والملاحظ أنّ هذا النصّ يختلف في الحدّة عن سابقه، ففي الأوّل قد حكم بوضع الكثير من الأحداث، بينما هنا قال بضعف بعضها واحتمال صدوره، وفي بعضها الآخر نكارة، والأحداث التي نصّ عليها هنا هي:
1 ـ كسوف الشمس يومئذٍ، قال: «وهو ضعيف».
2 ـ تغيير آفاق السماء ولربّما يشير إلى ظهورة الحمرة في السماء.
3 ـ لم ينقلب حجر إلّا وجد تحته دم، قال: «ومنهم مَن خصص ذلك بحجارة بيت المقدس».
4 ـ إنّ الورس استحال رماداً.
5 ـ إنّ اللحم صار مثل العلقم وكان فيه النار.
قال: «إلى غير ذلك ممّا في بعضها نكارة، وفي بعضها احتمال»، فهو إذن لا ينفي جميع الأحداث، بل يرى أنّ بعضها ممكن.
الثالث: قال في تفسيره بعد أن نقل بعض الأخبار في أنّ آفاق السماء احمرّت على الحسين(عليه السلام)، وأنّ احمرارها بكاؤها: «وذكروا أيضاً في مقتل الحسين (رضي الله عنه) أنّه ما قُلِبَ حجر يومئذٍ إلّا وجد تحته دم عبيط، وأنّه كسفت الشمس واحمر ّالأُفق وسقطت حجارة، وفي كلٍّ من ذلك نظر، والظاهر أنّه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر، ولا شكّ أنّه عظيم، ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذّبوه، وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين (رضي الله عنه) ولم يقع شيء ممّا ذكروه، فإنّه قد قُتِل أبوه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع شيء من ذلك، وعثمان بن عفان (رضي الله عنه) قُتِل محصوراً مظلوماً ولم يكن شيء من ذلك، وعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قُتِل في المحراب في صلاة الصبح وكأنّ المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك، وهذا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهو سيِّد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء ممّا ذكروه، ويوم مات إبراهيم ابن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) خسفت الشمس فقال الناس: خسفت لموت إبراهيم فصلّى بهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) صلاة الكسوف وخطبهم وبيّن لهم أنّ الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته»[909].
والملاحظ أنّ ابن كثير هنا تكلّم بنفس الحدّة التي نقلناها عنه سابقاً في القول الأول، فنسب هذه الحوادث هنا إلى سخف الشيعة وكذبهم، وقد نصّ على مجموعة منها وهي:
1 ـ ما قلب حجر يومئذٍ إلّا وجد تحته دم عبيط.
2 ـ أنّه كسفت الشمس.
3 ـ احمرار الأُفق.
4 ـ سقوط الحجارة.
ثالثاً: كلمات عثمان الخميس
قال السلفي المعاصر عثمان الخميس عند حديثه عن واقعة عاشوراء: «وأمّا ما روي من أنّ السماء صارت تمطر دماً، أو أنّ الجُدُر كان يكون عليها الدم، أو ما يُرفع حجر إلّا ويوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً، فهذه كلّها من أكاذيب وترهات ليس لها سند صحيح إلى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أو أحد ممّن عاصر الحادثة، ولا حتّى ضعيف، وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف، أو روايات بأسانيد منقطعة ممّن لم يدرك الحادثة»[910].
ونلاحظ أنّ عثمان الخميس قد ذهب بها عريضة حين نفى أن تكون هناك أخبار ضعيفة، فضلاً عن كونها صحيحة! واعتبر أنّ كلّ تلك الحوادث هي من الأكاذيب، وقد نصّ على مجموعة من الأخبار بعينها، وهي:
1 ـ إنّ السماء صارت تمطر دماً.
2 ـ إنّ الجُدُر كان يكون عليها الدم.
3 ـ ما يُرفع حجر إلّا ويوجد تحته دم.
4 ـ ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً.
والخلاصة التي نستنتجها من الكلمات أعلاه أنّ ابن تيمية وكذلك ابن كثير في قولين له، وعثمان الخميس ـ وكلّهم من السلفية كما لا يخفى ـ ينفون بضرس قاطع حصول الكثير من تلك الحوادث ورموها بالكذب والوضع، نعم ابن كثير في أحد أقواله نسب بعضها إلى الضعف وإمكانية الحصول، كما أنّ عثمان الخميس نفى أن يكون هناك أخبار ضعيفة، فضلاً عن كونها صحيحة، أو أنّ الروايات وردت بأسانيد منقطعة ممّن لم يدرك الحادثة.
فزبدة دعواهم تتلخّص في أمرين:
الأوّل: أنّ أكثر هذه الحوادث مكذوبة.
الثاني: أنّ الرواة الذين نقلوا هذه الحوادث لم يدركوا الحادثة.
الإجابة على تكذيبهم للحوادث الكونية
ارتأينا في معرض الإجابة على هذه الكلمات، أنْ نقدِّم أوّلاً إجابة عامّة على ما أوردوه، ثمّ نجيب على بعض الحواث التي ذكروها ليتبيّن من خلال ذلك بطلان دعواهم جملة وتفصيلاً.
أوّلاً: الجواب العام على دعوى كذب أكثر هذه الحوادث
من المعلوم المحقّق عند أهل الحديث والدراية أنّ الخبر المكذوب يختلف جملة وتفصيلاً عن الخبر الضعيف فثمّة فرق واضح بين الأمرين، فالمكذوب هو المقطوع والمجزوم بعدم صدوره وعدم تحقّقه، ومن أحد القرائن المهمّة على معرفته هو وجود راوٍ كذّاب أو متّهم بالكذب في سنده، بينما الضعيف هو الذي لم يثبت تحقّقه وكذلك لا نملك ما يفيد نفيه، فهو محتمل الحصول والثبوت، فما لم يوجد راوٍ كذّاب في الخبر لا يمكن الحكم على كذبه ووضعه، وكون الأمر خارقاً للطبيعة لا يستلزم الكذب بنفسه؛ إذ إنّ محلّ الكلام هو حدوث تلك الحوادث الخارقة للطبيعة أم لا، وهل رواها الثقات أم لا؟ فالحكم بكذبها لنفس كونها خوارق للطبيعة هو مصادرة للموضوع من الأساس؛ إذ إنّ البحث منصبّ على ثبوت هذه الحوادث تاريخياً من عدمه، خصوصاً أنّه لا توجد استحالة في تحقّق هذه الأمور من الناحية العقلية.
والخلاصة أنّ الخبر الذي لا يوجد في نَقَلَته كذّاب أو متّهم بالكذب، فهو خارج عن الكذب ولا يمكن أن يوسم بالوضع، بل يدور أمره بين الصحّة والضعف حسب حال الرواة.
ويترتّب على ذلك أمر آخر أيضاً وهو أنّ الخبر الضعيف يتقوّى كلّما تعدّدت طرقه، فينقلب من كونه ضعيفاً إلى حسنٍ أو صحيحٍ يُركن إليه ويؤخذ به، بينما خبر الكذّاب ليس كذلك، فلا تتقوّى الطرق التي تضمّ كذّابين مهما تعدّدت، وإن كان هناك مَن يرى أنّ الكثرة توجب تحوُّل الخبر من مكذوب إلى ضعيف محتمل الصدور، وهو مذهب ابن حجر العسقلاني وتبعه السيوطي وغيره[911].
والغرض أنّ هذا التفريق بين المكذوب والضعيف هو تفريق واضح لا يحتاج إلى بيان واستدلال فهو معروف عند مَن له أدنى إحاطة بعلوم الحديث والدراية عند أهل السنّة.
ونحن إذا ما رجعنا إلى تلك الحوادث التي بحثناها مفصّلاً فيما سبق سنجد، ما يلي:
1 ـ نحن قسّمنا الروايات في كلّ حادثة إلى قسمين، فأفردنا ما رواه الشيعة وبحثناه وفق مبانيهم، وكذلك أفردنا ما رواه أهل السنّة وبحثناه ودرسناه وفق مبانيهم وقواعدهم، ولربّما يتّضح للمتأمّل أنّ ما ورد عند أهل السنّة يفوق ما ورد عند الشيعة، وحينئذٍ فما صحّ من أخبار وحوادث في مصادر أهل السنّة فإنّما هو من رواياتهم ويعدّ إقراراً بحصول تلك الحوادث، وما كان مكذوباً وموضوعاً على فرض تحقّقه فإنّما وضعه أهل السنّة ورووه في كتبهم ولم ينبّهوا عليه، فما علاقة الشيعة بذلك؟! مع أنّه لم يثبت من ذلك شيء، فنسبة هذه الحوادث إلى الشيعة وأنّها من مكذوباتهم مع ورود هذا الكم الكبير منها في كتب أهل السنّة هو أمر يضحك الثكلى، ومجرد دعوى خالية من الدليل، بل الدليل على خلافها.
2 ـ اتّضح من خلال متابعة الروايات التي وردت في مصادر أهل السنّة عدم وجود الكذّابين والمتّهمين في أسانيدها، وهذا يعني أنّ رمي الكثير من الحوادث بالكذب هو محض ادّعاء لا حقيقة ولا واقع له، بل هو إيهام للقرّاء وتدليس على المجتمع وحرف للحقائق عن مسارها الصحيح بدافع عَقَدي مسبق.
3 ـ من البحث السَنَدي الذي أوضحناه سابقاً، تبيّن أنّ الكثير من الحوادث تحضى بأسانيد مقبولة سواء كانت صحيحة أو حسنة وجيّدة، بل روى بعضها الثقات الأثبات في كافة طبقات السند، كما وجدنا أنّ الكثير من الحوادث وردت بطرق متعدّدة عند أهل السنّة، فضلاً عن ورودها عند الشيعة، وهذا يعني أنّ هذه الطرق تتقوّى فيما بينها حتّى لو لم يصحّ فيها طريق، والتعدّد ينفي وجود الكذب، بل يعدّ قرينة قويّة على ثبوت الحادثة، خصوصاً مع اتّفاق الفريقين على روايتها.
بل لو نظرنا إلى الحوادث بصورة عامّة، وبغض النظر عن أسانيدها، لوجدناها تبلغ حدّاً كبيراً من الكثرة تحول دون رمي جميعها بالكذب، ولا شكّ في أنّها تولّد عند المنصف من الباحثين اطمئناناً بوقوعها بشكل إجمالي.
4 ـ اتّضح أيضاً أنّ دعوى عدم معاصرة الرواة للحادثة هي دعوى باطلة، فمثلاً ابن عبّاس وأُمّ سلمة ـ بل وغيرهم ـ من المسلّم معاصرتهم لواقعة عاشوراء، وقد نقلوا عدّة أخبار كونيّة، وسنوضّح هذه المسألة أكثر من خلال التطرّق لبعض الحوادث الكونيّة في الجواب الخاص فيما يأتي.
5 ـ من خلال ما نقلناه من أخبار وخرّجناه من حوادث وجدنا أنّ بعضاً ممّا ادُّعيَ أنّه كذب لا وجود له أساساً، فمن خلال تخريجنا وتتبّعنا لم نجد مثلاً أنّ الحجارة سقطت من السماء، كما ذكر ابن كثير، فإمّا أن تكون تمّت التعمية عليها وطمست الكتب التي روتها أو تمّ حذفها من المصادر، أو أنّ ابن كثير أتى بها من عندياته، كما أنّ بعضها ذكر على خلاف ألفاظها، فمثلاً الذي ورد في الأخبار أنّ الورس تحوّل رماداً، ولم يرد أنّه ما مسّ أحدهم ورساً إلّا احترق كما ذكره ابن كثير، وهكذا ينبغي التدقيق فيما ساقوه من شواهد وأمثلة، فقد يكون بعضها غير متوافق مع أصل النصّ فلا معنى للحكم بكذبه حينئذٍ، فليُلتفت.
ثانياً: الجواب الخاص المتضمّن مناقشة عدّة حوادث بصورة خاصّة
عرفنا أنّهم ذكروا دعوة عريضة تضمّنت أنّ الكثير من هذه الحوادث مكذوبة موضوعة، بل صرّح ابن كثير بأنّها من وضع الشيعة، وقد ذكروا لدعواهم عدّة أمثلة من قبيل مطر السماء دماً أو ظهور الحمرة في السماء وغيرها.
ونحن وإن كنّا نرى أنّ الجواب العام الذي تقدّم منّا هو كافٍ في ردّ دعواهم هذه، إلّا أنّه تأكيداً لصحّة ما ذكرناه وتوضيحاً للقارئ وإيقافه على الحقيقة ارتأينا أنْ نجيب على أهمّ الحوادث التي ذكروها بالتنصيص.
ولا يمكن هنا أن نعود ونفهرس جميع الحوادث التي ذكرناها سابقاً؛ إذ إنّ ذكرها تارة أُخرى يعدّ تكراراً مخلاً للبحث، لكن كما أوضحنا فإنّه إتماماً للحجّة ارتأينا أنْ نقوم بمناقشة أهمّ الحوادث التي نصّص عليها هؤلاء بموضوعية تامّة وبعيداً عن الميولات أو التعصّبات المذهبية لنرى صدق قولهم من عدمه، ونحيل القارئ إلى مراجعة الحوادث الأُخرى التي درسناها سابقاً ليزداد يقيناً بالجواب.
وسنبدأ بما نصّ عليه ابن تيمية من الحوادث باعتباره يعدّ المؤسس للمدرسة السلفية وأحد كبار أعمدتها، كما سنذكر الحوادث التي ذكرها عثمان الخميس باعتباره من السلفيين المعاصرين، ونخلّل الجواب بأهمّ ما ذكره ابن كثير أيضاً لتكون المسألة بيّنة وواضحة، وحيث إنّ بعض الحوادث التي ذكرها ابن تيمية قد نصّ عليها ابن كثير وعثمان الخميس أيضاً، لذا سنبدأ بالحوادث التي اتّفقوا عليها، ثمّ نذكر بقية النماذج والأمثلة التي أوردوها لنخرج بنتيجة نهائية نختم بها هذا البحث.
فهذه الحادثة قد اتّفقوا على ذكرها، فذكرها ابن تيمية وابن كثير وعثمان الخميس، وعدّوها من الموضوعات والمكذوبات، وصرّح ابن كثير بأنّها من كذب الشيعة.
عرفنا ممّا تقدّم أنّ ثمّة فرق واضح بين المكذوب والضعيف، فالمكذوب هو المقطوع والمجزوم بعدم صدوره وعدم تحقّقه، بينما الضعيف هو الذي لم يثبت تحقّقه وكذلك لا نملك ما يفيد نفيه فهو محتمل الحصول والثبوت.
لذا فنقول في مقام الجواب:
أنّه تقدّم تخريج الأخبار والروايات الدالّة على مطر السماء دماً في كتب الفريقين، وقد وقفنا على أكثر من عشرة رواة ممّن رووا هذا الخبر عند أهل السنّة فقط دون ما رواه الشيعة في كتبهم ومصنّفاتهم، منهم:
1 ـ سليم القاص.
2 ـ نضرة الأزدية.
3 ـ خليفة بن صاعد.
4 ـ أُمّ سالم.
5 ـ السيّدة زينب‘.
6 ـ إبراهيم النخعي.
7 ـ هلال بن ذكوان.
8 ـ قرط بن عبد الله.
9 ـ أُمّ سلمة.
10ـ ابن عبّاس.
ومن الملاحظ على الروايات المتقدّمة أنّه:
أوّلاً: فيها بعض الروايات المقبولة سنداً، كخبر سليم القاص، وخبر نضرة الأزدية، وخبر خليفة بن صاعد.
ثانياً: أنّ بقية الأخبار ليس فيها لا كذّاب ولا متّهم بالكذب، وهذا يعني أنّه حتى مع عدم وجود أخبار معتبرة فإنّ هذه الأخبار الضعيفة تتعاضد فيما بينها وتتقوّى فإنّ شرط تقوّي الأخبار هو عدم وجود الكذّاب أو المتّهم في أسانيدها، وكان الألباني يحسّن الأخبار النبويّة بطريقين فقط ما دام لا يوجد فيها كذّاب ولا متّهم، حيث قال: «ويكفي فيه طريقان لم يشتدّ ضعفهما»[912]، فكيف ونحن أمام أخبار عديدة.
ثالثاً: لو تنزّلنا عن وجود أخبار معتبرة، وقلنا أيضاً أنّها لا تتعاضد بمستوى تصل إلى الصحيح أو الحسن، فلا أقلّ من القول إنّها أخبار تأريخية ضعيفة يحتمل فيها الصحّة والضعف، ولا يمكن رميها بالكذب، فإنّه مخالف لجميع القواعد كما اتّضح.
فتبيّن أنّ القول بإنّ هذه الأخبار مكذوبة هي مجرد دعوى جزافية لا تصمد أمام التحقيق العلمي خصوصاً أنّ الأخبار وردت بكثرة وفي كتب الفريقين.
وأمّا ما يتعلّق بما قاله الخميس من أنّ الروايات ليس لها سند إلى النبيّ’ لا صحيح ولا ضعيف، أو أنّ الرواة الذين أوردوها لم يعاصروا الحادثة، فنقول في الإجابة على ذلك:
أوّلاً: أمّا ما يتعلّق بعدم وجود أسانيد إلى النبيّ’ لا صحيحة ولا ضعيفة، فإنّه لا يشترط في تحقق الحادثة التأريخية أن يخبر بها النبيّ’ مسبقاً، فقد يخبر عن بعض الأمور المستقبليّة وقد لا يخبر، وهذا التأريخ أمامنا والكلّ يأخذ بما ثبت منه من دون ملاحظة وجود أخبار نبويّة من عدمها، والقضية واضحة ولا تحتاج إلى أدنى تأمّل.
على أنّ بعض الحوادث فيها إخبارات نبويّة ـ كما تقدّم ـ كما في تحوُّل التربة إلى دم.
أمّا في المقام ـ أي بما يتعلّق بمطر السماء دماً ـ فلا نملك أخباراً نبويّة من طرف السنّة، وإن كنّا نملك ذلك من طرف الشيعة باعتبار أنّ ما يصدر عن أهل البيت(عليهم السلام) يمثِّل إخباراً عن النبيّ’.
وكيفما كان فإنّ الحادثة ثابتة بما تقدّم ذكره من الأخبار العديدة.
ثانياً: وأمّا ما يتعلّق بمسألة الانقطاع وأنّ الرواة لم يعاصروا الحادثة، فهذا غير صحيح إطلاقاً، فقد روى الحادثة عشرة كما أسلفنا وأكثرهم عاصر الحادثة، فمثلاً: سليم القاص والذي قدّمنا أنّ حديثه جيد، فهو معاصر للحادثة ولا يمنع من ذلك شيء، فالراوي عنه هو حماد بن سلمة المتوفى سنة 167 للهجرة، عن عمر قارب الثمانين[913] فتكون ولادته في التسعين أو قبلها بسنتين أو ثلاثة، فلو فرضنا أنّه سمع الخبر من سليم وهو في سن الـ (15) مثلاً، فسيكون ذلك في سنة 105 للهجرة أو أقل، وسيكون ذلك بعد وقعة كربلاء بـ(44 سنة تقريباً)، فلو كان عُمْر سليم القاص في ذلك الوقت (60سنة) يكون عمره في حادثة عاشوراء (16سنة)، ولو كان عمره في ذلك الوقت (70سنة) لكان عمره في حادثة عاشوراء (26سنة) وهكذا، ومن الواضح أنّ عمر الـ (60) أو (70) بل والـ (80) كان عمراً متعارفاً في تلك الأزمان، ومعه لا معنى للقول بأنّه لم يعاصر الحادثة، خصوصاً أنّه أورد الخبر بلفظ: (مُطرنا) الدالّ على مشاهدته للحدث.
ونفس الكلام في حديث نضرة الأزدية فإنّ الحسابات والطبقات الروائية تفيد بمعاصرتها للحادثة كما أنّها أوردت الخبر بلفظ يدلّ على مشاهدتها للحدث، حيث قالت: «فأصبحت خيامنا وكلّ شيء منّا مليء دم».
كما أنّ خليفة بن صاعد وهو من التابعين أيضاً كان معاصراً للحادثة فابنه الذي روى عنه وُلد في سنة 81 للهجرة تقريباً، وعاش (101) عاماً، فكون أبوه كان في سن العشرين أو أكثر عند حادثة عاشوراء هو أمر طبيعي جدّاً، فلو فرضنا أنّه روى الخبر لولده وهو في عمر الـ (60) سيكون ولده في عمر الـ(20)، وهكذا فإنّه بحساب السنوات سيكون من الطبيعي جدّاً أنّه عاصر عاشوراء، كما أنّ عبارته تدلّ على مشاهدته بنفسه.
فهذه الأخبار المعتبرة التي ذكرناها سابقاً تبيّن أنّ رواتها قد عاصروا الحادثة، وأمّا بقيّة الأخبار فلا شكّ في أنّ السيّدة زينب وابن عبّاس وأُمّ سلمة كانوا من المعاصرين للحادثة، وأمّا إبراهيم النخعي فقد توفي في سنة (96 أو 95) للهجرة وله تسع وأربعون سنة على الصحيح[914] فتكون ولادته في حدود سنة (47) للهجرة ويكون عمره في حادثة عاشوراء أربعة أو خمسة عشر سنة، وذكر ابن حبان أنّه ولد في سنة (50) للهجرة[915]، فيكون عمره في الحادثة أحد عشر سنة، فهو معاصر للحادثة أيضاً، وأمّا البقية فلم نبحث عنهم وسواء كانوا معاصرين أم لا فإنّ أخبارهم تنفع في تقوية هذه الأخبار، فتبيّن أنّ كلام عثمان الخميس هو محض ادّعاء لا يمتّ للحقيقة بصلة.
والخلاصة أنّ ادّعاء ابن كثير وابن تيمية وعثمان الخميس كذب هذه الأخبار هو كذب بحدّ ذاته، ومحاولة لتضليل القارئ عن حقائق التاريخ.
2 ـ ما رُفع حجر إلّا وجد تحته دماً
وهذه الحادثة أيضاً اتّفق الثلاثة المومأ إليهم على أنّها من الأخبار المكذوبة والموضوعة، وفي مقام الجواب نقول:
إنّه وردت هذه الحادثة في مصادر أهل السنّة عن عدّة من الرواة، وهم:
1 ـ الزهري.
2 ـ أُمّ حبان (حيان).
3 ـ خلاد عن أُمّه.
4 ـ ابن عبّاس.
5 ـ محمّد بن عمر بن علي.
6 ـ يزيد بن أبي زياد.
7 ـ سعيد بن المسيّب.
وما يمكن أن نلاحظه على هذه الروايات ما يلي:
1 ـ أنّ الحادثة رويت عن الزهري بسبعة طرق أكثرها مقبولة من جهة السند فقد رويت عن طريق الثقات كما تقدّم في دراستها، والزهري ثقة معروف من التابعين، فمع وجود هذا الخبر برواية الزهري كيف يتجرّأ أحد ويقول إنّه مكذوب.
2 ـ أنّ الزهري لم يتفرّد بالخبر كما أسلفنا فقد رواه ستّة من الرواة غيره عند أهل السنة غير ما روي في كتب الشيعة، وهذه الروايات التي في كتب أهل السنّة قد سبرنا غورها سابقاً واتّضح أنّه لا يوجد فيها كذّاب ولا متّهم بالكذب، فهي قرائن قويّة تتعاضد مع خبر الزهري وتدلّ على حصول الحادثة، بل إنّه يمكن القول بقبول خبر أُمّ حبّان لرواية البيهقي له كما مرّ في التخريج والدراسة سابقاً.
3 ـ لو تنزّلنا عن إمكانية التعاضد الذي يُحوّل الخبر الضعيف إلى قوي، وتنزّلنا عن صحّة خبر الزهري أيضاً، فلا أقلّ من أنّ هذه الأخبار مجتمعة تشكِّل قرينة على احتمالية حصول الحادثة، ولا يمكن الجزم بكذبها كما فعل السلفيّة المتقدّم ذكرهم.
والخلاصة أنّ هذه الحادثة ثابتة، وكلام السلفيّة عبارة عن تخرّصات لا ترقّى إلى مستوى التحقيق العلمي.
وأمّا: هل أنّ هذه الحادثة اختصّت ببيت المقدس أم شملت جميع البقاع؟ فقد تمّ الكلام عنه عند تخريج الحادثة، فليُراجع.
وأمّا ما يتعلّق بعدم وجود أسانيد إلى النبيّ’، فقد تقدّم أنّ الخبر التأريخي لا يُشترط في صحته وروده عن النبيّ’.
وأمّا مسألة الانقطاع وعدم إدراك الرواة لواقعة عاشوراء، فغير صحيح أيضاً، فالزهري مثلاً توفي في سنة 124 للهجرة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة[916]، أو أربع وسبعين سنة[917] فعلى الأول تكون ولاته في سنة 52 للهجرة، وعلى الثاني تكون ولادته في سنة خمسين للهجرة، وهو ما ذهب إليه بعضهم[918] فيكون عمره حين حادثة عاشوراء بين التاسعة والحادي عشر، وهو سن يمكنه تحمّل الحدث ومعرفته، خصوصاً أنّه رواه وهو كبير السن وهو مع جلالة قدره عند أهل السنّة لا يمكن أن يروي خبراً غير متيقِّن منه، وهناك بحث عندهم عن وقت التحمّل، أي العمر المناسب لتحمّل الخبر، والظاهر أنّ القول المشهور في المسألة هو صحّة التحمّل قبل البلوغ، قال ابن الصلاح: «يصح التحمّل قبل وجود الأهلية، فتُقبَل رواية مَن تحمّل قبل الإسلام وروى بعده، وكذلك رواية مَن سمع قبل البلوغ وروى بعده، ومنع من ذلك قوم فأخطأوا؛ لأنّ الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة، كالحسن بن علي، وابن عباس، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، وأشباههم من غير فرق بين ما تحمّلوه قبل البلوغ وما بعده ولم يزالوا قديماً وحديثاً يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع والتحديث بروايتهم لذلك، والله أعلم»[919].
وذهب بعض آخر إلى أنّ شرط التحمّل هو أن يكون الراوي مميِّزاً[920].
وكيف ما كان فإنّ الزهري كان مميِّزاً بلا إشكال، على أنّ ما ذكروه كان ناظراً إلى تحمّل الحديث والخبر الذي هو عرضة للنسيان أكثر من غيره، أمّا في حال مشاهدة أمر يثير الغرابة فهو أكثر وقعاً في النفس ومن النادر نسيان ذلك.
فالزهري إذن كان معاصراً لحادثة عاشوراء، وأمّا ابن عبّاس وسعيد بن المسيب فلا إشكال في معاصرتهما للحادثة.
وأمّا يزيد بن أبي زياد، فقد ذكر هو في الخبر أنّ عمره في واقعة عاشوراء كان خمسة عشر سنة، وفي أخبار أخرى أربعة عشر سنة، فهو معاصر للواقعة أيضاً.
وأمّا محمّد بن عمر فهو نقل القصّة التي جرت بين رأس الجالوت وعبد الملك بن مروان.
وأمّا أُمّ خلاد فالظاهر حسب الطبقات إمكان معاصرتها، ولم يبقَ سوى أُمّ حبّان، فسواء كانت معاصرة أم لا فغير مهم بعد معاصرة غيرها للحادثة، والأخبار يقوّي بعضها بعضاً.
وهذه الحادثة تقدّمت في كلمات ابن تيمية وابن كثير، وعدّوها من المكذوبات، وهي الحادثة الثالثة والأخيرة التي ذكرها ابن تيمية، فبالجواب عليها نكون قد أتممنا ما ذكره ابن تيمية من الحوادث.
إنّ ظهور الحمرة في السماء ورد في عدّة من روايات أهل السنّة، عن عدد كثير من الرواة بلغ أربعة عشر راوٍ تقريباً، وبعضهم رُوِيَت عنه من وجوه مختلفة، لذا سنبتدئ بذكر عدد من الرواة الذي نقلوا هذه الحادثة، ثمّ نبيِّن من خلال ذلك صدق أو كذب ادّعاء ابن تيمية وابن كثير، فمن الرواة الذين نقلوا الحادثة:
1 ـ الصحابي ابن عبّاس.
2 ـ محمّد بن سيرين.
3 ـ إبراهيم النخعي.
4 ـ يزيد بن أبي زياد.
5 ـ أُمّ حكيم.
6 ـ عيسى بن الحرث الكندي.
7 ـ السّدي الكبير (إسماعيل بن عبد الرحمن).
8 ـ هلال بن ذكوان.
9 ـ أبو حيان التيمي.
10ـ جميل بن زيد.
11 ـ قرة بن خالد.
12 ـ الحسن بن الحسن بن علي.
13 ـ أُمّ خلاد.
14 ـ الأسود بن قيس.
وبعض هؤلاء ورد عنهم الخبر بأكثر من وجه، ومن خلال ملاحظة أخبار هؤلاء والتي تمّ دراستها سابقاً بصورة مفصّلة يمكن أن نعلِّق بما يلي:
1 ـ إنّ بعض هذه الأخبار صحيحة السند بنحو الجزم واليقين من دون خلاف في ذلك، فمثلاً خبر ابن سيرين صحيح لا مرية فيه، فقد ورد عنه من طرق عدّة، ويكفي أنّ أحد هذه الطرق رواه الثقات الأثبات، وهو الذي أخرجوه من وجوه متعدّدة، فروي عن عفّان بن مسلم وغيره، عن حمّاد بن زيد، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين. وعفّان بن مسلم وحمّاد بن زيد وهشام بن حسان ومحمّد بن سيرين كلّهم من الثقات الأثبات، وأنّ هشام بن حسّان من أثبت الناس في ابن سيرين، فهذا السند صحيح ولا يمكن إنكاره، ولذا فإنّ محقّق الطبقات لم يستطع إنكار ذلك فصحّح السند، ثمّ ذكر قول ابن تيمية المتقدّم، فقال: «إسناده صحيح»، وحيث إنّه كباقي السلفية ينطلقون من عقيدة مسبقة في الحكم على الأحداث، قال بعد ذلك: «وقول ابن سيرين هذا مشكل، وما فهمت مراده به، فإن أراد الشفق الأحمر، فهو ظاهرة طبيعية معلومة لا علاقة لها بمقتل أحد من الناس»[921]، ثمّ أشار لقول ابن تيمية وابن كثير وذكر قول ابن تيمية في تخريجه اللاحق[922].
وقد تقدّمت مناقشة ما يتعلّق بكون الحمرة ظاهرة طبيعية لا علاقة لها بمقتل الحسين(عليه السلام) فيما سبق، وبيّنا المراد منها هناك، وسنشير إليها هنا أيضاً بعد أنْ نكمل الكلام عمّا يتعلّق بالسند.
والغرض أنّ هذا الإسناد صحيح لا ريب فيه، ومضافاً لصّحة هذا الطريق فهناك طريق آخر أيضاً يمكن القول بصحّته كما بيّناه سابقاً، وكذلك الطريق الثالث فإنّه رُوِي من وجه آخر يعضده، والخلاصة أنّ خبر ابن سيرين صحيح ثابت.
ولم يقتصر الأمر على ابن سيرين حتى يستغرب المحقّق قوله، أو يرمى الخبر بالكذب كما فعل ابن تيمية، فقد روى ذلك أيضاً الصحابي الجليل عبد الله بن عبّاس والسند إليه صحيح كما درسناه فيما سبق، بل وكذلك الطريق إلى إبراهيم النخعي فهو جيد، وأيضاً السند إلى يزيد بن أبي زيد هو سند جيد، هذا فضلاً عن بقية الأخبار العديدة التي ذكرناها، والتي لا شكّ أنّها متعاضدة تحكي عن أمر ثابت حصل وشاهده الناس.
وهنا لا نتكلّف كثيراً بمسألة معاصرة الرواة لذلك الحدث فهو أمر بيِّن، فابن عبّاس قد عاصر الحادثة كما هو معلوم للجميع، ويزيد بن أبي زياد كذلك على ما تقدّم وكان ابن أربعة أو خمسة عشر سنة، ومحمّد بن سيرين كانت ولادته في سنة 33 للهجرة قبل مقتل الخليفة عثمان بسنتين، ووفاته في سنة 110 للهجرة، فيكون عمره في واقعة الطف في حدود (28) سنة، وإبراهيم النخعي تقدّم أنّ عمره في الحادثة أربعة أو خمسة عشر سنة، وعلى قول أحد عشر سنة.
ومع معاصرة هؤلاء لا نرى ضرورة لملاحظة بقيّة الرواة فسواء عاصروا الحادثة أم لا فستكون أخبارهم مؤيِّدة ومقوّية للأخبار الأُخرى.
فاتّضح إذن أنّ هذه الحادثة ثابتة، وما رميها بالكذب إلّا للتطرف المذهبي لا غير، ثمّ إذا أمكن رمي هذه الحادثة بالكذب وقد رواها أربعة عشر راوٍ، وفيها أسانيد صحيحة ورواة بعض طرقها من الثقات الأثبات، فهل يمكن أن يسلم لكم حديث بعد هذا، وكيف تأخذون بخبر الآحاد المنفرد وراويه صدوق فقط ولم يبلغ رتبة الثقة؟!
والخلاصة هي إمّا أنْ تحكموا على رواتكم الثقات بأنّهم كذّابين؛ ولازمه أن تسقطوا الآلاف من أحاديثكم ومن أصحّ كتبكم! وإمّا أن تقرّوا بحصول الحادثة! وهو الصواب الموافق للواقع، فحادثة بهذه الجسامة مع ما تحويه من دلالات ويرويها أثبات أهل السنّة فضلاً عن ورودها في كتب الشيعة لا يمكن إلّا أن تكون ثابتة واقعاً.
وأمّا ما يتعلّق بمسألة كون الشفق ظاهرة كونيّة غير متعلِّقة بمقتل أحد، فقد أجبنا عن ذلك مفصّلاً عند دراسة هذه الروايات، وخلاصة ما ذكرناه هناك هو:
أوّلاً: لم تشر الأخبار إلى أنّ هذه الحمرة كانت مختصّة بالغروب حتّى يُقال إنّها حمرة الشفق.
ثانياً: الظاهر أنّ نَقَلَة الحادثة كانوا يريدون حمرة معيّنة يُشار إليها في السماء، لأنّ حمرة الشفق لا تغيب عن ذهن ابن سيرين وابن عبّاس والنخعي وغيرهم من الثقات الأجلّاء المعروفين الذين نقلوا الخبر، بل ولا تغيب عن غيرهم من الرواة ولا ممّن سمعوه منهم ونقلوه إلى غيرهم بلا جدل ولا نقاش.
ثالثاً: أنّ بعض الأخبار قد حدّدت الحمرة المشار إليها بوقت معين كشهرين أو ثلاثة أو ستّة، وحمرة الشفق غير مختصّة بفترة بفترة زمنية محددّة.
رابعاًً: لو تنزّلنا وقلنا أنّ المراد بالحمرة هو الشفق في وقت المغرب فأيضاً سيكون المراد أنّ هذه الحمرة قد ازدادت وليست كسابقتها، فيكون إخبار ابن سيرين وغيره إنّما ناظر إلى هذه الحمرة الجديدة وهي المتّسمة بالشدّة، فهذه الصورة الجديدة للحمرة لم تكن موجودة قبل مقتل الحسين(عليه السلام)، وهو ما أشار إليه ابن الوزير والمجلسي، وذكرنا قوليهما هناك.
خامساً: فسّر بعض العلماء هذه الحمرة بنحو لا يمكن أنْ يكون المراد منها الحمرة المعتادة، وإنّما هي حمرة أخرى تعبّر عن عدم الرضا الإلهي، وغضبه سُبحانه وتعالى على هؤلاء القوم.
والخلاصة أنّ هذه الحادثة ثابتة من جهة السند وسليمة من جهة المتن، ومنه يتّضح أنّ جميع الموارد التي ذكرها ابن تيمية ورماها بالكذب هي ثابتة ولها طرق متعدّدة جدّاً، ومعه تسقط دعواه بأنّ الكثير من هذه الحوادث الكونيّة مكذوبة، فإذا كانت الأمثلة التي ضربها كلّها باطلة فما بالك بما لم يذكره، وستأتي الإشارة إلى بقية الأحداث إن شاء الله.
وهذه الحادثة عدّها ابن كثير من موضوعات الشيعة ومن الكذب الفاحش كما تقدّم في كلماته، لكنّه في التفسير اقتصر على تضعيفها ولم يرمها بالكذب.
وكيفما كان، فقد تقدّم تخريج الأخبار المتعلّقة بكسوف الشمس وظلمة الأرض عند أهل السنّة، وتبيّن أنّ الذين رووها عدّة من الرواة، منهم:
أ ـ أبو قبيل.
ب ـ خليفة بن صاعد.
ج ـ أُمّ حيّان.
د ـ عبد الله بن عبّاس.
هـ ـ يزيد بن أبي زياد.
وقد اتّضح من خلال دراسة الأخبار سابقاً أنّ خبر أبي قبيل صحيح أو حسن في أقلّ حالاته، وكذلك فإنّ خبر خليفة جيد الإسناد كما أوضحنا، وخبر أُمّ حيان يمكن القول بقبوله أيضاً، فلا نعرف كيف تمّ الحكم على الخبر بالكذب مع جودة بعض أسانيدها وتعاضدها مع غيرها.
وأمّا مسألة المعاصرة فالظاهر أنّ (أبو قبيل) معاصر للحادثة، فقد عاصر مقتل عثمان في سنة (35هـ)، فقد قال ابن سعد: «واسمه حي بن هانئ، قال: أذكر قتل عثمان بن عفان. وله أحاديث وقد روي عنه، وبقي حتى مات سنة سبع وعشرين ومائة في خلافة مروان بن محمّد»[923].
فطبيعي أنّه معاصر لعاشوراء، بل كان عمره فوق الثلاثين كما هو واضح، وتأخر وفاته إلى سنة (127هـ) طبيعية جدّاً فالكثير من الرواة ممّن ناهزوا المائة سنة.
وأمّا بقية رواة الحادثة، فلا يضرّ حينئذٍ سواء كانوا معاصرين للحادثة أم لا، مع أنّ أكثرهم من المعاصرين أيضاً، كابن عبّاس ويزيد بن أبي زياد وخليفة بن صاعد وتمّت الإشارة إلى ذلك سابقاً.
وهذه الحادثة عدّها ابن كثير من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء.
وفي مقام الإجابة على ذلك نقول: قد روى هذه الحادثة عند أهل السنّة ثلاثة من الرواة:
1 ـ جدّة سفيان بن عيينة.
2 ـ يزيد بن أبي زياد.
3 ـ أبو حفصة السلولي.
وقد تقدّم دراسة هذه الأخبار وتبيّن أنّ خبر جدّة سفيان يمكن قبوله لأمرين، الأوّل: أنّ الذي رواه عن جدّة سفيان هو سفيان بن عيينة نفسه، وهو من الذين يتحرّون في الرواة ولم يوجد في مشايخه ضعيف فضلاً عن كذاب، فكيف يمكن أن نرمي هذا الخبر بالكذب وهو من رواية سفيان؟! خصوصاً أنّ السند إلى سفيان متعدد وصحيح بلا ريب ولا شك، فإن كان ثمّة كذب فقد نقله سفيان وهو إمام جليل من أئمّة أهل السنّة ولا أظنّ أنّ أحداً من أهل السنّة يستجيز أن ينسب لسفيان رواية الأكاذيب والموضوعات.
الثاني: الذي يثبت صحّة الخبر، هو رواية البيهقي له وقد ذكرنا مراراً أنّ البيهقي صرّح بأنّه لا يروي في كتبه إلّا ما يعتقد بصحّته وإلّا لنبّه عليه.
وخبر يزيد بن أبي زياد تقدّم أنّ سنده جيّد أيضاً، وخبر أبي حفصة فيه كلام من جهة الجهالة لا غير؛ إذ لم نستطع الجزم بالمراد من أبي حفصة، فأقل حالاته أن يكون ضعيف ضعفاً خفيفاً ويكون قرينة تزيد الأخبار المتقدّمة قوّة وثبوتاً.
فمع وجود هذه الأخبار فإنّ الحكم بالوضع والكذب يكون بعيداً عن القواعد وعلى خلاف التحقيق العلمي كما لا يخفى.
والمعاصرة حاصلة أيضاً، فيزيد بن أبي زياد تقدّم الكلام عنه وأنّه من المعاصرين لعاشوراء، وجدّة سفيان بحسب الظاهر فإنّها معاصرة أيضاً، لأنّها جدتّه لأبيه، وسفيان ولد في سنة (107هـ)، فطبيعي أن تكون ولادة عيينة أبي سفيان في حدود الثمانين أو السبعين للهجرة، ومعه تكون أُمّه (أم عيينة جدّة سفيان) قد ولدت قبل عاشوراء، ومن الممكن جدّاً أن تكون في سن الثلاثين أو العشرين.
والخلاصة أنّه لا يمكن بأيّ نحو من الأنحاء ادّعاء كذب هذه الحادثة فهو خلاف التحقيق العلمي، خصوصاً أنّ الحوادث التاريخية لا يُتعامل معها بدقّة الأخبار النبويّة، فما قدّمنا كافٍ في الإثبات التاريخي بلا نقاش.
6 ـ إنّ الإبل التي غنموها من إبل الحسين(عليه السلام) حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم.
وهذه الحادثة ذكرها ابن كثير وعدّها من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصحّ منها شيء.
وفي الجواب نقول:
إنّ هذا الخبر أخرجه البيهقي في دلائل النبوّة عن جميل بن مرّة، وسبق أن ذكرنا أنّ البيهقي صرّح بأنّه ما لم ينبّه على ضعف الخبر فهو صحيح عنده، فهو لا يروي إلّا الصحيح في كتبه، وإلّا نبّه على ذلك، فكيف يكون موضوعاً ومكذوباً وقد رواه البيهقي، هذا أوّلاً.
وثانياً: قد تقدّم منّا دراسة إسناد هذا الخبر وتبيّن أنّ السند إلى الراوي المباشر كلّهم من الثقات المعروفين، وكذلك فإنّ الراوي المباشر جميل بن مرّة ثقة أيضاً، فيكون الخبر صحيح الإسناد، ومع كونه صحيح لا معنى لعدّه من المكذوبات سوى التعصّب المذهبي.
وقد تقدّم كثير كلام عن هذه الحادثة أثناء البحث فلتُراجع.
7 ـ كانوا يرون الحيطان كأنّها ملطخة بالدم
وهذه الحادثة ذكرها عثمان الخميس بلفظ: «أنّ الجُدُر كأن يكون عليها الدم» وعدّها «أكاذيب وترهات ليس لها سند صحيح إلى النبيّ’ أو أحد ممّن عاصر الحادثة، ولا حتّى ضعيف، وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف...»[924].
فالحادثة إذن بنظر عثمان الخميس مكذوبة ولا سند لها حتّى ضعيف! ولم تُروَ لا عن النبيّ ولا عمّن عاصر الحادثة.
وفي الجواب عن ذلك نقول:
تقدّم سابقاً أنّ ثبوت القضية التاريخية لا يتوقف على وجود رواية عن النبيّ’ لها، وهذا واضح.
وأمّا ما يتعلّق بالرواة فقد رواها اثنين، وهما:
1 ـ حصين بن عبد الرحمن.
2 ـ هلال بن ذكوان.
فأمّا رواية حصين فقد تقدّم أنّها صحيحة السند، رواتها ثقات، وأمّا رواية هلال فهي ضعيفة بجهالة هلال نفسه الراوي المباشر، فهي ضعيفة تصلح لمعاضدة رواية حصين بن عبد الرحمن.
وقد أثرنا احتمالاً عند دراسة هذه الحادثة وهو أنّهم بحسب ما صرّحوا ما كانوا يرون الدم الحقيقي على الحيطان بل كانوا يرونها كأنّها ملطّخة بالدم، فربّما تكون هذه انعكاس لظاهرة حمرة السماء التي أثبتنا صحّتها، فشدّة هذه الحمرة كانت تنعكس على الحيطان فتُرى وكأنّها ملطّخة بالدم، فتكون هذه الرواية مكملة لروايات الحمرة أيضاً.
وكيفما كان فلا يمكن رمي الحادثة بالكذب مع صحّة سندها، بل حتّى مع فرض ضعفها كما أوضحنا سابقاً في التفريق بين الضعيف والمكذوب.
وأمّا ما يتعلّق بالمعاصرة فقد أوضحنا عند دراسة هذا السند بأنّ سنّ الحصين في وقعة عاشوراء كان ثمانية عشر سنة، فهو معاصر للحادثة بلا كلام.
8 ـ انتُهبت جزور فلمّا طُبِخَت صارت دماً
وهذا الخبر أورده عثمان الخميس وعدّه من الأكاذيب والترهات كسابقه، إلّا أنّه أورده بلفظ فيه اختلاف حيث قال: «... أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً، فهذه كلّها من أكاذيب وترهات...»[925].
فمن الواضح أنّه يشير إلى الخبر أعلاه.
وفي الجواب نقول: إنّ هذا الخبر تقدّم ذكره سابقاً، وعرفنا أنّ الطبراني وأبا نعيم قد أخرجاه، وأنّ الهيثمي قال فيه: «رواه الطبراني، ورجاله ثقات»[926]، فنفس كلام الهيثمي يكفي في إبطال مزاعم عثمان الخميس في أنّ الخبر مكذوب، فقد تبيّن أنّ الخبر صحيح بتصريح الهيثمي وهو من علماء هذا الفن.
اتّضح من الحوادث التي درسناها أعلاه عدّة أُمور:
1 ـ لم نعثر على حادثة واحدة يمكن أن توسم بالكذب، كما قدّمنا، لما أوضحناه من أنّ الكذب يختلف في حقيقته عن الضعيف فضلاً عن الصحيح، ولم نجد فيما درسناه حادثة تدور على الكذّابين.
2 ـ إنّ جميع الحوادث التي ذكرها ابن تيمية هي حوادث ثابتة وصحيحة.
3 ـ إنّ جميع الحوادث التي ذكرها عثمان الخميس هي حوادث ثابتة وصحيحة أيضاً.
4 ـ تبيّن أنّ الرواة المباشرين كانوا ممّن عاصروا الحادثة بخلاف دعوى عثمان الخميس المتقدّمة.
5 ـ لم نجد فيما ذكره ابن كثيرة حادثة مكذوبة واحدة، وقد تناولنا أكثرها وأهمّها فيما تقدّم وتبيّن ثبوتها وصحّتها.
نعم هناك بعض الحوادث القليلة الجزئية قد ذكرها ابن كثير فيما تقدّم، ولم يثبت كذبها أيضاً، وغاية ما يمكن أن يُقال إنّها ضعيفة محتملة الوقوع والعدم، من قبيل أنّ الكواكب ضرب بعضها بعضاً، فقد وردت ضمن أحد الأخبار المتحدّثة عن حمرة السماء وهو خبر عيسى بن الحرث الكندي، وهذا الخبر في سنده ضعف خفيف من جهة إبراهيم جدّ عثمان بن أبي شيبة العبسي لا غير، ولم نجد معاضداً له، فلا يمكن الحكم بثبوته كما لا يمكن تكذيبه.
وكذلك ما ورد من أنّ بواب عبيد الله بن زياد رأى حيطان دار الإمارة تسايل دماً، فإنّ رواته ثقات باستثناء الراوي المباشر وهو بوّاب عبيد الله بن زياد فلم نعرفه، وقد ذكرنا أنّ كونه حاجباً لعبيد الله يقتضي أن يكون من الموالين لبني أُميّة ولا معنى لأن يخبر بهكذا قضية بخلاف الواقع.
وأمّا ما ذكره من حادثة سقوط الحجارة، فلم نعثر عليها كما تقدّم الإشارة إلى ذلك.
وأمّا حادثة أنّ اللحم كأنّ فيه النار، التي ذكرها ابن كثير، فقد وردت في رواية جدّة سفيان بن عيينة في روايات تحوّل الورس إلى رماد، وقد بيّنا أنّ هذا السند يمكن القول بصحته واعتباره وفق مبنيين كما تقدّم، بل إنّ هذا المعنى ورد أيضاً في رواية يزيد بن أبي زياد وعرفنا أنّ سندها جيّد.
والخلاصة أنّ دعوى كذب أكثر هذه الحوادث هي دعوى فارغة بعيدة عن التحقيق العلمي، وقد تبيّن أنّ أكثر هذه الحوادث التي ذكروها هي صحيحة وثابتة.
أمّا بقيّة الحوادث التي لم يذكروها فقد فصّلنا الكلام فيها سابقاً وتبيّن أيضاً أنّ أكثرها صحيحة وثابتة، وبإمكان القارئ المراجعة ليتّضح له ذلك، خصوصاً أنّ بعضها قد أقرّوا أنفسهم بصحّته من قبيل سماع نوح الجنّ، فقد قوّاه ابن كثير وصحّحه غيره كما تقدّم فيما ذكرنا سابقاً.
وكذلك الأحداث المتعلّقة بالأشخاص الذين اشتركوا بقتل الحسين(عليه السلام) فأكثرها صحيحة وثابتة كما اعترفوا هم وصرّحوا بذلك، ولا نعيد.
عند التأمّل في الحوادث المتعدّدة التي ذكرناها مسبقاً يتبادر إلى الذهن عدّة معطيات يمكن استفادتها منها، وبعض هذه المعطيات قد تُستفاد من جميع تلك الحوادث حادثة حادثة بلا استثناء، وبعضها قد يُستفاد من حوادث معيّنة، فمثلاً قد نستفيد الحزن من خلال بكاء السموات والأرض، أو بكاء الجنّ، لكن لا نستفيده من حادثة احتراق شخص بسبب اشتراكه بقتل الحسين(عليه السلام)، كما يمكن استفادة الغضب الإلهي من حادثة الغرق وغيرها وقد لا يُستفاد من حادثة تكلّم الرأس الشريف، وهكذا.
كما أنّه يمكن أن نستفيد حقّانية الثورة وبطلان الفريق الآخر من جميع الحوادث حادثة حادثة، وهكذا.
والغرض أنّ المعطيات التي سنذكرها ليس بالضرورة أن تكون ناتجة من جميع الأحداث، فقد تكون مستفادة من جملة معيّنة من الأحداث دون جميعها.
وبمعنى آخر أنّه ليس كلّ حادثة من الحوادث الآنفة الذكر تحمل جميع المعطيات التي سوف نذكرها، فقد تكون كذلك وقد تحمل جملة من المعطيات دون جميعها.
كما أنّ هذه المعطيات قد تتداخل فيما بينها فبعضها يدلّ على الآخر أحياناً، فمثلاً لو قلنا: إنّ من دلالات هذه الحوادث هو الغضب الإلهي على الأُمّة فإنّه بطبيعة الحال يدلّ على حقانية الثورة، إذ لا معنى لوجود الغضب الإلهي مع كون الثورة باطلة.
ومن أجل أن تتّضح الدلالات بصورة جيّدة ارتأينا أن نذكر أهمّ المعطيات التي يمكن استفادتها من هذه الأحداث سواء كانت متداخلة بعض الشيء فيما بينها أم لا، وسواء كانت متعلّقة بجملة من هذه الأحداث أم بجميعها.
ومن أهمّ الدلالات والمعطيات التي يمكن أن نستفيدها من تلك الحوادث، هي كما يلي:
لا يخفى ما تعرّضت له الثورة الحسينيّة من حملات التشويه على مرّ التاريخ، ابتداءً من عصر بني أُميّة وليومنا الحاضر، فقد استطاع المنبر الإعلامي في ذلك الوقت أن يصوّر الإمام الحسين(عليه السلام) بأنّه رجل خارجي، خارج على السلطة، فيستحقّ القتل حينئذٍ، وهكذا استمرّت حملات التشويه والتنظير الغريب الذي يسعى جاهداً لبيان أنّ الثورة الحسينيّة لم تكن وفق الأُطر الشرعيّة، فتجد الصيحات تتعالى من هنا وهناك بأنّ يزيد هو الخليفة الشرعي، والقيام والخروج على الحاكم الشرعي غير جائز، بل إنّ مَن يقوم بذلك يستحقّ القتل، ويتشبّثون في ذلك بروايات وضعتها السلطات الحاكمة للحفاظ على حكمها وسلطانها.
وقد نهج السلفيّة ذلك النهج وحاولوا بكلّ صورة إبعاد الناس عن هذه الثورة المباركة بدعوات مختلفة، لعلّ أهمّها أنّ خروج الحسين(عليه السلام) فيه مفسدة، ولا توجد فيه أي مصلحة، ومن جملة ما قيل في ذلك، ما ذكره عثمان الخميس، حيث قال: «لم يكن في خروج الحسين (رضي الله عنه) لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، ولذلك نهاه أكابر الصحابة في ذلك الوقت، بل بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتّى قتلوه مظلوماً شهيداً، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، ولكن أمر الله تبارك وتعالى، ما قدّر الله تبارك وتعالى كان ولو لم يشأ الناس»[927].
وهذا الكلام أخذه الخميس من ملهم السلفيّة الأوّل ابن تيمية حيث تكلّم عن هذا الموضوع بكلام أكثر، وممّا جاء في كلامه: «فتبيّن أنّ الأمر على ما قاله أولئك، ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، بل تمكّن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوماً شهيداً، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده، فإنّ ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشرّ لم يحصل منه شيء، بل زاد الشرّ بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سبباً لشرٍّ عظيم، وكان قتل الحسين ممّا أوجب الفتن...»[928].
ونحن في هذا المقام لسنا بصدد بيان أجوبة تلك الشبهات، فإنّ لها محلّها الخاص، وقد تناولها الكتّاب والمحققون في كتبهم، بل رفضها حتى علماء أهل السنّة، فهذا الشوكاني مثلاً يقول: «لا ينبغي لمسلم أن يحط على مَن خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمّة الجور، فإنّهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنّة رسول الله من جماعة ممّن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومَن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأنّ الحسين السبط (رضي الله عنه وأرضاه) باغٍ على الخمِّير السكِّير، الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية (لعنهم الله)، فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدّع من سماعها كلّ جلمود!»[929].
بل نُقل الإجماع على تحسين خروجه(عليه السلام)، قال ابن العماد: «والعلماء مجمعون على تصويب قتال علىّ لمخالفيه لأنّه الإمام الحقّ، ونُقل الاتّفاق أيضاً على تحسين خروج الحسين على يزيد...»[930].
والغرض أنّنا لسنا بصدد الجواب التفصيلي على تلك الشبهات، بل أردنا أن نبيِّن أنّ هذه الحوادث والظواهر التي ذكرناها كفيلة ببطلان تلك المزاعم، فلا معنى لو لم يكن خروج الإمام الحسين(عليه السلام) خروجاً شرعياً، ولم يكن مرضيّاً من الله ولم يكن مشتملاً على المصلحة، لا معنى حينئذٍ أن تمطر السماء لقتله دماً، أو تحمرّ آفاقها، أو تنكسف الشمس وهكذا، فإنّ حدوث كلّ هذه الحوادث مع كون خروج الحسين(عليه السلام) باطلاً هو تغرير من الله للمجتمع، لأنّ كلّ عاقل حينما يرى هذه الحوادث أو يسمع بها سيعرف بدون شكّ أنّ المقتول كان محقّاً، وكان تحركه مطلوباً من الباري سبحانه وتعالى، وحينئذٍ فعدم مطلوبية خروجه وكونه مشتملاً على المفسدة تلازم عدم حدوث أيّ شيء من الحوادث، أمّا حصولها فيعني بطلان كلّ تلك الحملة الإعلامية على الثورة الحسينيّة، ويعني أنّ هذه الثورة لها قدسية خاصة، وأنّها برعاية ربّانية، وأنّ السماء والأرض والكون كلّه قد تأثّر بمقتل قائدها وأنصاره.
والخلاصة وكما أشرنا في مقدمة الكتاب أنّ هناك حملة إعلامية مسعورة حاولت تشويه الثورة، فكان في قبال ذلك حملة إعلامية انطلقت مع ركب السبايا، وحملة إلهية بيّنت بطلان دعاواهم على مرّ التاريخ والعصور منذ قتل الإمام الحسين(عليه السلام) وليومنا هذا، فكلّ مَن زعزعه ذلك الجانب الإعلامي، أو غُيّب ضميره، أو أُثّر على وجدانه فإنّه حينما يرى أو يسمع بهذه الحوادث سوف يكون له رأيٌ آخر بلا شك إن كان يملك حرّية فكره مع شيء من الإنصاف، فحصول هذه الأحداث لا يسهم فقط في بيان الحقيقة لتلك الحقبة الزمنية، بل هو كفيل في وصول الحقّ والحقيقة إلى كافّة الأجيال اللاحقة.
فهذه الآيات إذن هي رسل هداية وبيان للحقيقة موجهة إلى أفراد المجتمع كافّة، من كان منهم في ذلك الزمن ورأى وسمع بتلك الأحداث، أم لم يكن في ذلك الزمن، بل نشأ وعاش بعد تلك الفترة وإلى يومنا هذا وسمع وعرف بتلك الأحداث، وسواء كان هذا الفرد مضللاً أعلامياً وفكريّاً، أو لم يكن على اطلاع ومعرفة بما آلت إليه ظروف المجتمع، فهي آيات صريحة وواضحة في تمييز فريق الحقّ من سواه، وحجّة على كل باحث يبتغي إصابة الحقيقة، فهي دليل قاطع لا ريب فيه على حقانية الثورة الحسينية، وقداسة مشروعه المبارك.
ومع معرفة المجتمع بحقّانية الثورة الحسينيّة تنفتح أمامه مجموعة من الحقائق لها تأثير كبير على حياته، منها بطلان الروايات الدالّة على حرمة الخروج على الحاكم الجائر، وما كان مترتّباً عليها من ضرورة الخنوع له وعدم التحرّك ضدّه، الأمر الذي يُؤسّس لثقافة عبوديّة الأشخاص والانصياع لكلّ حاكم.
فمعرفة حقّانية الثورة يسهم بدور كبير في تحرير الإنسان من مبدأ العبوديّة الذي سُلِّط عليه بلباس ديني صِرف، وتدعوه للتأمّل من جديد في ظروف الحكم المحيطة به ومقارنتها بما كانت في أيّام الإمام الحسين(عليه السلام) ومن ثمّ يكون الإمام الحسين(عليه السلام) قدوة وأسوة له في التحرّك، سواء على مستوى كون الحسين(عليه السلام) إماماً معصوماً، كما هو عند الشيعة الإمامية، أو كون الحسين(عليه السلام) من الصحابة، ومن أهل البيت، وأحد كبار السلف الصالح كما هو عند أهل السنّة.
كما أنّ معرفة المجتمع بتلك الحقيقة تسهم بشكل كبير في تحديد الإطار العقدي والفقهي الذي ينبغي أنْ يسير عليه الإنسان المسلم، بعد أنْ افترقت الأمة وعصفت بها الأهواء وركبتها تيارات الفتن..
وهكذا فإنّ حقانية هذه الثورة يمثل محوراً يستطيع من خلاله الإنسان المسلم بقليل من التأمل والتفكّر أنْ يصل إلى شاطئ الأمن والأمان..
2 ـ بطلان موقف يزيد وأتباعه من الحسين
كما أنّ هناك حملة إعلامية كانت تسوّق أنّ الحسين(عليه السلام) خارجي وأنّ ثورته خالية من أي مصلحة، بل إنّها مشتملة على المفسدة، فكذلك على الجانب الآخر هناك حملة كبيرة تمجِّد وتقدِّس يزيد باعتباره الخليفة الشرعي الذي تجب طاعته والانصياع لأوامره.
وغير خفيٍّ أنّ التسويق لخلافة يزيد والتمهيد لها كان في زمن أبيه معاوية، وقد استطاع معاوية بالترهيب تارة وبالترغيب أُخرى من تمهيد الأرضية لتسنُّم يزيد مقاليد الحكم.
وبالفعل توفّي معاوية واعتلى يزيد عرش السلطة، وبالرغم من الحوادث الجسيمة التي حصلت في حكمه إلّا أنّ الإعلام الأُموي ومَن سار على نهجه إلى اليوم ما زال يطبِّل ويزمِّر ويرى شرعية خلافة يزيد بن معاوية، وبطلان كلّ التحرّكات المناوئة له، حتّى قيل إنّ الحسين(عليه السلام) قُتِل بسيف جدّه!
وكما في النقطة الأُولى لسنا هنا بصدد توضيح فساد حكم يزيد من خلال الأدلة وإبطال البيعة وإثبات فسقه وما إلى ذلك، بل أحببنا التنويه هنا أنّ الأحداث الكثيرة التي حدثت بعد مقتل الحسين(عليه السلام)، والتغيّر الذي عمّ أرجاء العالم، وما رافقه من أحداث فردية طالت الأفراد الذين اشتركوا في حرب الحسين(عليه السلام) تدلّك بوضوح على بطلان يزيد ومَن سار على نهجه خصوصاً في هذه المعركة.
فلا معنى لكون معركة يزيد معركة حقّ، ومع ذلك يُبتلى كلّ مَن اشترك بهذه المعركة بداءٍ أو مصيبة، ويهتزّ الكون بأجمعه، فتحمرّ الدنيا وتمطر السماء دماً وتنكسف الشمس وغيرها من الأحداث الدالّة على أنّ جريمة كبرى قد ارتُكبت في الأرض، فاهتزّ لها الكون بأسره وعوقب كلّ مَن اشترك بها في الدنيا قبل الآخرة.
ومع الوقوف على حقيقة هذه الثورة وبطلان حكم يزيد ينفتح للإنسان المسلم باباً كبيراً للتأمل في التاريخ وأحداثه، وما أوصل عالمنا الإسلامي إلى ما هو عليه من التشرذم والتفرق، وتتّضح لديه معالم الطريق الحق.
فمن خلال بطلان حكم يزيد وزبانيته يتّضح الموقف ممّن لازال يطبّل ويشرعن ليزيد، وتتّضح الرؤى الفكرية الصحيحة، ويتبيّن الموقف العقدي الحقّ الذي يجب على المسلم اتباعه.
فكما أنّ حقانية الثورة لها لوازم ودلالات لا تتوقف عند تلك الفترة الزمنية المحدّدة بل تسري إلى هذا اليوم، فكذلك بطلان تلك الحكومات الظالمة والجائرة لها دلالات ولوازم لا تنحصر بتلك الفترة، بل تسري ليومنا الحاضر.
فتلك الآيات والأحداث والاضطراب الكوني الحاصل يصبّ في عين وحقيقة هدف الإمام الحسين(عليه السلام)، فهي تمثل امتداداً لتلك الصرخة المطالبة بالعدل والرافضة للظلم بكل أنواعه، وتحدّد للإنسان المسلم المسار الصحيح الذي يجب أنْ يسير عليه، وطريق الظلمات والانحراف الذي يجب عليه اجتنابه، (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [931].
3 ـ بيان عظمة ومكانة الإمام الحسين(عليه السلام)
حين ملاحظة الأحداث والظواهر التي جرت بعد مقتل الحسين(عليه السلام) ستجد أنّها لم تكن مقصورة على جنبة معيّنة، فلم تكن متعلِّقة بالسماء فقط أو الأرض أو الأشخاص، بل تجدها شملت الكون بأسره بما يحويه، فهناك أحداث تعلّقت بالسماء كمطرها وظهور الحمرة فيها، وهناك أحداث تعلّقت بالفلك كانكساف الشمس، وهناك أحداث تعلّقت بالأرض كظهور الدم تحت الأحجار، وهناك أحداث تعلّقت بالجنّ فسُمع نوحها وبكاؤها، وهناك أحداث تعلّقت بالطيور، وأحداث تعلّقت بالأفراد، وهكذا.
فالأحداث التي جرت تدلّك على أنّ المقتول شخصية رسالية متعلّقة بالسماء، وهذه الشخصية لها ثقل كبير ومقام عظيم، وقد اضطلعت بدور إلهي كبير بحيث لم يبق شيء في الكون إلّا وتأثّر وتفاعل مع قتله كلّ بحسبه، وهذا ما يؤكِّد أنّ هذه الشخصية بلغت من السمو والعظمة مبلغاً لا يمكن الإحاطة بها وأنّها شخصية كانت للكون بأجمعه.
هناك كثير من الثورات المحقّة وكثير من الأشخاص المصيبين في عملهم وقد ثاروا وقُتلوا لكن لم يحصل شيء من ذلك، فحصول هذه الأحداث لا شك في دلالاته على أحقيّة الثورة لكنّه لا يقتصر على ذلك، بل يدلّ على عظمة قائدها ومقامه المنقطع النظير، وهو ما يصرّح به الشيعة الإمامية من أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) أحد الأئمّة المنصوبين من السماء.
وهذه الحقيقة كفيلة بتغيير الكثير من الرؤى والأفكار التي يحملها البعض حول عقيدة أتباع أهل البيت، كما أنّها تُعدّ منطلقاً يمكن أنْ يوقف الباحث على طريق الهدى وتثير بداخله الكثير من التساؤلات التي تساهم في إنارة دربه صوب جادة النجاة.
4 ـ الغضب الإلهي ونزول شبه العقاب على الأُمّة
إنّ مَن يستنطق التاريخ وما حواه القرآن من قَصَص عن سالف الأُمم سيجدّ أنّ من سنن الله في أرضه هي نصرة الحقّ ولو عن طريق الانتقام من الظالمين والجاحدين بصورة إعجازية، فالانتقام قد يكون بطرق متعارفة طبيعية كأن يسلِّط الله عليهم مَن ينتقم منهم، أو قد يكون انتقاماً إلهياً مباشراً بطريق إعجازي أو شبيه بالإعجاز، كالطوفان الذي حصل على قوم نوح ولم ينجُ منه إلّا مَن ركب السفينة، وحتى ابن نوح لم ينجُ من ذلك العذاب مع أنّه كان متيّقناً في قرارة نفسه بأنّ الجبل سينجيه من هذا الإعصار.
وكذلك قضية موسى مع فرعون حين انشقّ البحر لموسى ومَن معه، ثمّ عاد ليغرق فرعون وجيشه، وهو غضب إلهي على أولئك القوم بلا أدنى شك.
وهكذا فإنّ القصص القرآنية مليئة بالشواهد على نزول الغضب الإلهي على أُمم عديدة، قال تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [932].
إلّا أنّ العذاب عن طريق إهلاك الأُمّة بأجمعها قد رفع بوجود النبي’ فيها، لكنّ ذلك لا يعني عدم وجود عذاب جزئي يتعلّق بثلّة من الأفراد، أو حصول حالات يتبيَّن من خلالها الغضب الإلهي وعدم رضاه على فعل قوم معيّنين أو على الأُمّة أجمع.
وحين ننظر إلى الثورة الحسينيّة وظروفها وما آلت إليه النتيجة في يوم عاشوراء، سنجد أنّ الأسباب التي أدّت إلى الإنتقام من الأُمم السابقة قد توفّرت في عهد الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّ نفس ما جرى ينطبق على الأُمّة التي اشتركت في قتل الإمام الحسين(عليه السلام)، أو تخاذلت عن نصره، فالإسلام قد حُرِّف عن مساره وأُرِيد له الاندراس، وإعادة الأُمور إلى ما قبل الرسالة، فظهر الحسين(عليه السلام) كداعية لدين الإسلام وأطلق صرخات مدوية هدفها إعادة الأُمّة إلى جادة الصواب وإلى طريقها الذي رسمه لها نبيّ الرحمة، لكنّ الأُمّة لم تستجب لدعواته الإصلاحية رغم كلّ الحجّج التي أظهرها لهم وطَرَقَ بها مسامعهم، فما كان منهم إلّا أن يتظافروا عليه من كلّ حدب وصوب ليرتكبوا جريمة لم تشهد لها الإنسانية من مثيل، فقتلوه بمنتهى القسوة وبطريقة نذلة لا يمكن أن يفعلها مَن يحمل بداخله أدنى مقومات الإنسانية، ولم يكتفوا بذلك بل قطعوا رأسه ورؤوس أصحابه وحملوها على الرماح يطوفون بها البلدان من بلد إلى بلد، فكان طبيعيّاً أن يهتزّ عرش الرحمن وتظهر علامات الغضب الإلهي على هذه الأُمّة، فظهرت علامات كثيرة كانت على الأُمّة أشبه بالعذاب، ثمّ توالت الأحداث ليبتلي مَن اشترك بقتل الإمام الحسين(عليه السلام) بأنواع المحن، وقد قال ابن كثير في ذلك: «وأمّا ما رُوِي من الأحاديث والفتن التي أصابت مَن قتله فأكثرها صحيح، فإنّه قلّ مَن نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا، فلم يخرج منها حتى أُصيب بمرض، وأكثرهم أصابهم الجنون»[933].
وهذا التابعي عامر بن سعد البجلي يحدّثنا برؤيته للنبيّ’ في المنام، والتي تؤكِّد ما ذكرناه من غضب الله وظهور أمارات العذاب والعقاب، قال: «لـمّا قُتِل الحسين بن علي رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام، فقال: إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه منّي السلام وأخبره أنّ قَتَلَة الحسين بن علي في النار، وإن كاد الله ليسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم. قال: فأتيت البراء فأخبرته، فقال: صدق رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): مَن رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشيطان لا يتصور بي»[934].
كما تقدّم في الأخبار التي ذكرناها سابقاً ما يشير إلى هذه الحقيقة، فقد ذكر يزيد بن أبي زياد عدّة حوادث وذكر في ضمنها: «وظنّ الناس أنّ القيامة قد قامت»[935].
وفي بعض الأخبار عن غيره: «حتى كنّا لا نشكّ أنّه سينزل العذاب»[936].
وقد نقل لنا ابن أعثم ما جرى ساعة مقتل الحسين(عليه السلام)، فقال: «وارتفعت في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة، فيها ريح أحمر لا يُرى فيها أثر عين ولا قدم حتّى ظنّ القوم أن قد نزل بهم العذاب، فبقوا كذلك ساعة ثمّ انجلت عنهم»[937].
كما أنّ ابن الجوزي حينما تعرّض لحمرة السماء قد صرّح بما ذكرناه فقال: «لـمّا كان الغضبان يحمرّ وجهه فيتبيّن بالحمرة تأثير غضبه، والحقّ سبحانه ليس بجسم، أظهر تأثير غضبه بحمرة الأُفق حين قتل الحسين»[938].
وإذا كانت هذه الآيات تمثلُّ غضباً إلهياً لما حلّ بالحسين(عليه السلام) فحريُّ بالمسلم أنْ يتعرف على حقيقة الحسين(عليه السلام) ومكانته الإلهية، ليتمكن من خلال ذلك أنْ يراجع متبنياته القبلية ويؤطرها وفق إطارها الصحيح.
5 ـ حزن وحداد الكون بأسره على الحسين(عليه السلام)
وهذه الدلالة لربّما من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى مزيد بيان، فالبكاء والنوح يمثِّل أوضح مصاديق الحزن، وقد تبيّن من خلال استعراض الأحداث أنّ جملة منها دلّ على ذلك بصورة بيِّنة، فقد بكت السموات والأرض على الحسين(عليه السلام)، وبكت وناحت الجنّ كذلك، بل ورد في بعض الأخبار أنّه ما من شيء إلّا وبكى على الحسين(عليه السلام)، فقد بكى عليه ما يُرى وما لا يُرى، وهذا يدلّك أنّ هناك عزاء عامّاً قد عقد في جميع الأكوان، فشمل الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملائكة والجان والسموات والأرض.
وهكذا فإنّ مطر السماء دماً، وانكساف الشمس، واحمرار الكون وغير ذلك تدلّ أيضاً على ذلك العزاء والحداد الذي أُقيم على الحسين(عليه السلام).
ومن خلال ذلك يتّضح أنّ العزاء إنّما هو بأمر الله سبحانه وتعالى، فالكون من سماء وأرض وما يحويه هو مُسَخّر بإذن الله، فلا السماء ولا الأرض ولا الجماد تملك حريّة الاختيار، بل هي مؤتمرة بأمر الله سبحانه، وما دامها حزنت وبكت لمقتل الحسين(عليه السلام) فيكون ذلك البكاء هو تنفيذاً لأمر الله، وحصل بإرادته وقدرته.
وإذا كان أوّل عزاء وحداد للحسين(عليه السلام) حصل بأمر الله، فحريٌّ بالمسلم أن يواصل ذلك العزاء، ويحيي تلك الذكرى، ويتأمّل في تلك الفاجعة، ومن خلالها يتعرَّف على حقيقة الثورة وحقّانيتها وموقعيتها، وهو ما سنشير إليه في النقطة التالية.
6 ـ مشروعية العزاء على الحسين(عليه السلام)
إنّ ما جرى من حوادث عظيمة بعد مقتل الحسين تؤكّد أنّ إقامة العزاء على الحسين إنّما هو مشروع سماوي، ولم يكن وليد فرقة أو طائفة معينة، بل هي مشيئة سماوية؛ تهدف إلى تخليد صاحب الذكرى وإحياء صرخة الحق على مدار الأيام والسنين، فكما أنّ النبي’ أسس للعزاء الحسيني بإرادة إلهية تمثلت في حزنه وبكائه وتأكيده على مظلومية الحسين في مواطن عديدة، فكذلك الكون بأسره أكد ذلك العزاء امتثالاً لأمر السماء فبكت السماوات والأرض وكل مخلوق على الحسين، ولم يقم عزاء على قتيل قط كما أقيم على الحسين(عليه السلام).
وإذا كانت السماوات والأرض والجن والملائكة وما يُرى وما لا يُرى كلها أقامت العزاء على الحسين، فحريٌّ جدّاً بالمسلم أنْ يحيي تلك المظلومية ويقيم العزاء ويخلد ذلك الموقف العظيم عبر إقامة المجالس وخروج المواكب والتظاهرات الجماهيرية التي تُعلن ولاءها واتّباعها لذلك القائد العظيم، مبيّنة حجم المظلومية التي وقعت عليه.
إنّ حزن السماوات والأرض والجن والملائكة وجميع المخلوقات وما جرى من حوادث مختلفة يؤكد عالمية الثورة الحسينية، وما دامها عالمية فلا يمكن اختصاصها بزمان أو مكان، بل هي ثورة على مر العصور وعلى كل ظالم ومتجبر في أيّ مكان كان، وما دام العزاء الحسيني يمثل إحياءً لتلك الثورة وبيانا وتأكيداً لمظلومية قائدها وأنصاره، ودعوة للسير وفق ذلك النهج، فلا يمكن أنْ تتقيّد بزمان دون آخر ولا مكان دون غيره.
ومن خلال ذلك يتبيّن أنّ العزاء الحسيني هو مشروع سماوي يهدف لإحياء الثورة والتمسّك بمنطلقاتها ويوصل للعالم أجمع ذلك الصوت الرافض للذل والهوان والمنادي بحرية الإنسان وعدم خضوعه لقيود الحكام والمتجبرين، وقد شرعن ذلك العزاء نبيّ هذه الأمّة بحزنه وبكائه وتأكيده على مظلومية ولده الحسين، ثم توجته السماء بحوادث كونية كثيرة متنوعة
وقد سار على ذلك النهج الإمام زين العابدين والسيدة زينب أثناء مسير السبايا، فكانت خطبهم مليئة بالحزن والعزاء على الحسين حاملة بنفس الوقت روح الثورة والمقاومة لحكم الطواغيت، وأقيم العزاء بعد ذلك من قبل أئمة أهل البيت وهكذا توارثه الشيعة عنهم وهو مستمر ليومنا هذا.
فالعزاء إذن هو مشروع السماء أولاً وآخراً، وعلى الرافضين والمتهمين لشيعة وأتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بتهم شتّى نتيجة إقامتهم للعزاء الحسيني، عليهم مراجعة متبنياتهم والتدقيق فيما أوضحناه، ليتبيّن لهم المنهج الصحيح من غيره، وفق الأدلة العلمية، بعيداً عن التعصبات والميول المذهبية.
7 ـ بيان لعظم المظلومية واستنكارها من قبل السماء
منذ أنْ أغمض النبيّ’ عينيه والمصائب تترى على أهل البيت الرسالة بهدف إبعادهم عن مناصبهم التي رتبهم الله عليها، وفصلهم عن المجتمع الإسلامي وفصل المجتمع عنهم، فمورست تجاههم أنواع الضغوط، فشردوا وسجنوا وووضعوا تحت الإقامة الجبرية، وقضوا بين مقتول بالسيف أو شهيد بالسم، يقول المناوي معلّقاً على حديث «إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي»: «هذا من معجزاته الخارقة؛ لأنّه إخبار عن غيب وقد وقع، وما حلّ بأهل البيت بعده من البلاء أمر شهير، وفي الحقيقة البلاء والشقاء على من فعل بهم ما فعل»[939].
وكان لهذه المظلومية صداها على ضمير الأمّة، وأثرها الكبير على وجدانها، فكانت دائماً تبعث روح الثورة والتحرر عند أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، وكانت مدعاة لشحن العقول والأذهان بعدّة من التساؤلات تدور حول أسباب ظلم أهل البيت مع أنّه لم يعرف عنهم غير التقوى والعدالة والسير وفق منهج النبيّ محمّد’.
ومن الواضح أنّ من أعظم وأشد أنواع الظلم والاضطهاد ما وقع على الإمام الحسين، إذ برفضه بيعة يزيد بدأت تظهر المضايقات عليه بوضوح وجرت محاولات لاغتياله وقتله، ولا سبيل إلى التخلّص من ذلك سوى البيعة ليزيد رغم فسقه وفجوره وابتعاده عن المنهج النبوي المبارك.
ومن الطبيعي لكل رسالي يحمل مبادئ وقيم السماء أنْ يرفض تلك البيعة، فكيف بالإمام الحسين(عليه السلام).
وهكذا انتهى الأمر بوقعة عاشوراء المؤلمة والحزينة حيث قتل الحسين وأصحابه بطريقة وحشية يندى لها جبين الإنسانية ولم تراع فيها أي ذرة من القيم، فلم تراع قرابته من رسول الله، والتي لوحدها تمثل مظلومية عظيمة، وكذلك لم تراع موقعيته في الأمة الإسلامية، ولا أقل من كونه يمثل كبير أهل البيت، ومن أهل الحل والعقد من الصحابة، بل ولم تراع قيم الإنسانية، فكان هناك حصار ومنع للحسين وأصحابه من شرب الماء، ثم كان هناك قتل وحشي بالسيوف والرماح والنبال وبكل وسيلة ممكنة، ولم يستثنى من ذلك لا كبير ولا صغير ولا رجل ولا امرأة، فكل صنف كان له في عاشوراء نصيب، ورافق ذلك قطع للرؤوس وحرق للخيام وسبي للنساء وهجوم الأعداء على حرائر النبوة وبيت الوحي، وما تلا ذلك من أحداث طويلة تمثل بسوق بنات رسول الله أسارى يطاف بهنّ البلدان من بلد إلى بلد، والرؤس مرفوعة على الرماح وما تعرض له الرأس الشريف من ضرب بالعصا، وما لاقوه آل البيت من شماتة الأعداء واحتفالاتهم بهذا النصر الموهوم وغير ذلك مما دونته كتب التأريخ.
فيا لله أي مصيبة حلت على البيت النبوي، وأيّ فاجعة فُجعوا بها، وأيّ خطب مهول قد نزل بهم، فحقّ للسماء أنْ تمطر دماً، بل عجباً لها لم تنطبق على الأرض، وحق للكون أنْ يضطرب وللشمس أنْ تنكسف، وهكذا نطق صوت الوحي معلناً أعظم مظلومية جرت على وجه الأرض فحتى فرس الحسين راح ينادي بحسب بعض الأخبار: «الظليمة الظليمة لأمّة قتلت ابن بنت نبيّها»[940] وعبّر العالم بكائناته المختلفة كلٌّ على حسبه عن تلك المظلومية فحدث ما حدث وجرى ما جرى من مطر للسماء دماً ومن بكاء للجن والملائكة والسماوات والأرض وما يُرى وما لا يُرى وجرت أنواع الحوادث على طول تلك الفترة وكلّها آيات على عظم الجرم وكبر المظلومية التي تعرّض لها الحسين وأهل بيته وأصحابه.
وبقيت هذه المظلومية إلى اليوم تمثل انطلاقة من الظلام إلى عالم النور ومن الضلالة إلى طريق الهدى، ومن عالم الخضوع والهوان والذل إلى عالم التحرر والانتصار، فكانت تلك المظلومية التي عاشها الإمام الحسين شمعة تضيء طريق الأجيال وتلهمهم كل معاني التفاني والتضحية والفداء لنهج الإسلام، وها هو غاندي الثائر المعروف يقول كما اشتهر عنه: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر».
فالمظلومية لها بعد إنساني كبير اشترك فيه الجميع فهي عابرة للطوائف والمذاهب بمكوناتها المختلفة؛ لذا تجدها مؤثرة في عموم البشر وبكل من يحمل للإنسانية معنى، بعيداً عن كل انتماء وتمذهب، وقد حدّثنا التاريخ كيف أسهمت المظلومية في معرفة الحقيقة حتى عند غير المسلمين، فها هو رسول قيصر يستعظم فعل يزيد حينما شاهده ينكث ثغر الحسين بالقضيب، فيقول متعجباً: «إن عندنا في بعض الجزائر ديراً فيه حافر حمار ركبه المسيح عيسى ونحن نحج إليه في كل عام من الأقطار وننذر له النذور ونعظمه كما تعظمون كعبتكم فأشهدوا أنّكم على باطل»[941].
ومثله يستغرب اليهودي من قتل أمّة لابن بنت نبيها، فيقول: «إن بيني وبين داود(عليه السلام) سبعين أباً وإن اليهود تعظمني وتحترمني وأنتم قتلتم ابن بنت نبيكم»[942] .
بل إنّ أحد الرهبان النصارى ترك المسيحية ودخل إلى الإسلام حينما عرف أنّ هذا الرأس الذي يرفع على الرمح هو رأس الحسين(عليه السلام)، في حادثة مفصلة تقدم ذكرها، وفيها أنّ الراهب بعد أنْ رأى هذا الرأس على الرمح، ورأى منه نوراً يشع إلى السماء، وعرف أنّ هذا الرأس هو رأس الحسين، تعجّب حينئذ من قبيح فعلهم برجل يمثل امتداداً لنبيّهم، فقال لهم: «بئس القوم أنتم والله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا ثم قال: يا قوم عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبى وأبى من أبيه فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار...».
فأخذ الرأس وغسله و ووضعه على فخذه وجعل يبكى عليه طيلة الليل، فلما أنْ أسفر عليه الصبح قال: «يا رأس لا أملك إلا نفسي وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ جدّك رسول الله»[943].
وفي هذه الحادثة وإنْ كان لرؤية النور الساطع من رأس الحسين إلى عنان السماء أثر كبير في تحوّل الراهب، لكن للمظلومية والمأساة من رفعهم هذا الرأس على الرمح دور كبير في لفت نظر هذا الراهب، ولذا استغرب كثيراً منهم لأنّهم قتلوا ابن بنت نبيّهم ورفعوا رأسه على الرمح.
والغرض أنّ ما جرى من حوادث كونية وكرامات متنوعة بعد واقعة عاشوراء يمثل انعكاساً لأحد جوانب كربلاء وصورة من صورها المتعددة، فهو إشارة وبيان لعظم المظلومية التي جرت على الحسين(عليه السلام) لما لمعرفة تلك المظلومية من تأثير على وجدان الإنسان وإسهام كبير في تعريفه بالحقيقة.
8 ـ إتمام الحجة على المغرر بهم من الأعداء
أشرنا فيما سبق إلى أنّ هناك حملة إعلامية كبيرة قادها معاوية ومن بعده يزيد وأتباعهم، وتمثلت هذه الحملة بحرف الحقائق وتضليل الناس وقلب الموازين حتى زعموا أنّ أهل البيت من الخوارج، وأنّهم يستحقون القتل وأنّ معاوية ويزيد هم أصحاب السلطة الشرعية، وهكذا.
ولبساطة بعض العقول والأذهان تجدهم يتأثرون بما تمليه عليهم السلطة من رؤى وأفكار، ولم يقتصر ذلك على عموم الناس الذين كانوا بعيدين عن الحدث، بل يبدو أنّ ذلك أثّر أثره حتّى على بعض المنتمين إلى جيش يزيد وقواته، والذين ربّما يشاهدون الإنحراف والفساد أكثر من غيرهم.
وقد بيّنا سابقاً أنّ هذه الحوادث تمثّل حقانية الثورة ومشروعيتها، وتُغيّر رأي كلّ من شاهدها وسمع بها سواء كان قد تأثر بذلك الإعلام المضلّل، أو لم يكن له ارتباط بتلك الأحداث لأسباب ما ولو من جهة عدم معرفته بالموضوع من الأساس.
وهنا وددنا الإشارة إلى أنّ لتلك الأحداث تأثير حتى على الأعداء الذين كانوا منضمين مع جيش يزيد من مقاتلين وحراس وغيرهم.
فمضافاً للخطب والكلمات الكثيرة الصادرة من الإمام الحسين(عليه السلام) بصدد إقامة الحجّة على هؤلاء، وتعريفهم بالحقيقة، فكان للسماء كلمة أيضاً واستمراراً لإتمام الحجة على هؤلاء من خلال تلك الأحداث الكثيرة التي تدل بلا شك على بطلان موقفهم تجاه الحسين(عليه السلام).
فلقد كان لهذه الكرامات والخوارق الكونية إسهام كبير في وقوف بعض الأعداء على عظم جرمهم وحقيقة ما اقترفوه من خطب عظيم اهتزت له السماوات والأرض؛ لذا فإنّ بعضهم حينما شاهد ما جرى من حوادث عظيمة عاد إلى رشده وأيقن ببطلان يزيد ومن سار على نهجه.
ومن أمثلة ذلك ما حصل لمجموعة من أهل الشام الذين كانوا موكلين برأس الحسين(عليه السلام)، في قصة ذكرناها سابقاً تضمنت أنّ صاحب الدير طلب منهم الرأس الشريف مقابل أنْ يعطيهم عشرف آلاف دينار، وحينما أرادوا لاحقاً أنْ يقسّموا هذه الأموال فيما بينهم وجدوا أنّ الدنانير قد انقلبت خزفاً وقد كُتب على جانب من الجانبين من السكة: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [944] ، وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [945] الأمر الذي أدّى إلى توبة بعضهم, فقد جاء في الخبر: «فمنهم من تاب من ذلك الفعل لما رأى»[946].
فهذه الأحداث لم يقتصر تأثيرها على عموم من سمع أو شاهد، بل كان لها تأثير على نفس أعداء الحسين(عليه السلام)، فهي رسالة إلى كلّ من ضلله الإعلام وغابت عنه الحقيقة تحمل في سطورها بياناً شافياً ودليلاً واضحاً وقاطعاً يهتدي من خلاله الإنسان إلى معرفة الحقيقة.
وحينئذ فمن اهتدى وتاب واتّبع الحق فلنفسه، ومن بقي في غيّه وضلاله رغم هذه الآيات والحجج القاطعة فعليها، (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [947].
9 ـ التعرّف على طبيعة الثورة الحسينيّة
وهذه الدلالة في حقيقتها امتداد لما تقدّم من معطيات، فحقّانية الثورة وعظمة قائدها وغيرها ممّا تقدّم كلّها معطيات حقيقية لتلك الثورة.
لكنّ المتأمّل سوف لا يتوقّف عند ذلك، بل يتعدّى إلى معرفة حقيقة هذه الثورة، فهي ليست كغيرها من الثورات التي تكون مثلاً ثورة حقّ ضد باطل، وثورة مظلوم ضدّ ظالم، بل هي ثورة لها طبيعة خاصّة بحيث حدث كلّ ما حدث من تغيّر الكون بأسره.
فهذه الأحداث تدعو كلّ مسلم للتأمّل في حقيقة هذه الثورة وأسبابها الواقعية ليصل بعد ذلك إلى نتيجة تفيد بأنّ هذه الثورة هي ثورة مفصلية يتحدّد على ضوئها طريق الحقّ والصواب، وتتجلّى من خلالها مظاهر الزيف والبطلان عند الفريق الآخر.
هذه الثورة كانت ناظرة إلى دين الإسلام ورسالة السماء، فالإسلام لم يبقَ منه إلّا رسمه، فإمّا السكوت، ومعناه شرعنة الحكومة الظالمة، ثمّ اندراس الإسلام وغياب ثورة الوحي وانطفاء نور محمّد، أو التحرّك المتضمّن بطبيعة الحال للقتل والشهادة ومعه تتغيّر المسيرة وتعود شجرة الإسلام غضّة طرية، وتشرق أنوار طه من جديد لتعمّ ربوع العالم.
فالثورة إذن كانت مفصلاً أساسياً بين غياب الإسلام من الأرض بصورة نهائية، وبين بزوغ ضوئه تارة أُخرى.
بهذا اللحاظ للثورة، وبهذه القيمة الكبرى التي تضمنتها يتّضح معنى مطر السماء دماً، وانكساف الشمس، واحمرار السماء، وغير ذلك ممّا جرى، ومنه يتضّح أيضاً سخف الإشكال القائل بأنّ الكثيرين قد ماتوا أو قُتِلوا ولم تحصل لهم مثل هذه الحوادث كالنبيّ محمّد| والإمام علي(عليه السلام)، وكذلك حسبما قالوا فإنّه لم يحدث شيء في وفاة أبي بكر ولا بمقتل عمر!
ونحن مع تحفظّنا على المثالين الأخيرين إذ نرى أنّ الأمر فيهما مختلف تماماً عن موضوعنا محلّ البحث، وله كلام آخر يتعلّق بمسألة الإمامة والخلافة، ولكن تنزّلاً على متبنيات الآخر، فإنّنا نجيب على جميع ما ذكروه، فنقول: إنّ كلّ الأمثلة المذكورة لا تملك خصيصة التحرّك الحسيني، فهناك عدّة أمور اجتمعت في ثورته ومقتله(عليه السلام)، ولم تجتمع لغيره ممّن ذُكر، فهو إمام مفترض الطاعة، ويُمثّلُ آخر من تبقى من الخمسة أصحاب الكساء، هذا أوّلاً، وقد قُتِل في ثورة ضد الظلم والباطل ثانياً، وقد قُتِل وأصحابه بطريقة مأساوية بشعة لم تشهد لها الإنسانية مثيلاً، خصوصاً مع ملاحظة أنّه ابن بنت نبيِّهم، هذا ثالثاً، وكانت هذه الثورة مفصليّة أفرزت طريق الحقّ من الباطل، وكشفت زيف الحكومات الفاسدة، وأعادة نور الرسالة المحمديّة إلى الظهور من جديد رابعاً، وهو محور الحركة الحسينيّة.
فالحوادث المختلفة التي جرت بعد قتله(عليه السلام) كانت ناتجة من أُمور مجتمعة كما ألمحنا، لكنّها بالنتيجة أعطت دلالات مختلفة ومتعدّدة، إذ لا شكّ أنّها تدلّ على عظمة القائد وبطلان مناوئيه، وحزن السماء وغضب الإله تكشف عن طبيعة وحقيقة هذه الثورة.
هذه إلماعة قصيرة استفدناها من مجمل الأحداث التي حصلت بعد مقتل الحسين(عليه السلام)، ولعلّ المتأمّل يجد دلالات ومعطيات أُخرى كثيرة.
كما نشير هنا إلى أنّ هناك دلالات خاصة وتحليلات معيّنة لبعض الحوادث ذكرناها في محلِّها لأنّها دلالات خاصّة وليست عامّة، من قبيل بكاء السماوات والأرض ونزول المطر وتكلّم الرأس الشريف وغيرها من الأحداث، فإنّا قد تكلّمنا عنها في محلّها، فلتُراجع.
والحمد لله ربّ العالمين
القرآن الكريم.
ـ أ ـ
إتحاف المرتقي بتراجم شيوخ البيهقي، محمود بن عبد الفتاح النحال، إشراف ومراجعة وضبط وتدقيق: الفريق العلمي لمشـروع موسوعة جامع السنة، الناشر: دار الميمان للنشـر والتوزيع، ط1، 1429هـ/2008 م، الرياض ـ السعودية.
إتحاف النبيّل بأجوبة أسئلة علوم الحديث والعلل والجرح والتعديل، أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المآربي، تحقيق: أبو إسحاق الدمياطي، الناشر: مكتبة الفرقان، عجمان، ط2.
الآحاد والمثاني، أبو بكر أحمد بن عمرو الضحاك الشيباني، تحقيق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة، الناشر: دار الراية، الرياض، ط1، 1411هـ.
الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، الناشر: دار النعمان، النجف الأشرف، طبعة عام 1386هـ.
الأخبار الطوال، أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري، الناشر: دار إحياء الكتب العربي، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: الدكتور جمال الدين الشيال، ط1، 1960هـ.
أربع مجالس للخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي، الناشر: مخطوط نُشـر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية.
الأربعون في أصول الدين، فخر الدين الرازي، محمد بن عمر، تحقيق: د. أحمد حجازي السقّا، الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط1، 1406هـ.
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد العكبري البغدادي، تحقيق: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لتحقيق التراث، الناشر: دار المفيد، بيروت، ط2، 1414هـ.
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل الألباني، محمد ناصر الدين، إشراف: زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/1985م.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب، يوسف بن عبد الله بن محمد، المشهور بابن عبد البرّ، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار الجيل، بيروت، ط1، 1412هـ.
أُسد الغابة في معرفة الصحابة، عزّ الدين أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت.
الإشراف في منازل الأشراف، أبو بكر عبد الله بن محمّد الأُموي المعروف بابن أبي الدنيا، تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف، الناشر: مكتبة الرشد، الرياض ـ السعودية، ط1، 1411هـ/1990م.
الإصابة في تمييز الصحابة، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ.
أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنّة، تأليف: نخبة من العلماء، الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، ط1، 1421هـ.
أُصول علم الرجال، تقريرات بحث الشيخ مسلم الداوري، تأليف: محمد علي صالح المعلم، ط2، 1426هـ، الناشر: مؤسسة المحبّين للطباعة والنشر.
أضواء على ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، السيد محمد محمد صادق الصدر، الناشر: دار الكتاب الإسلامي، قم ـ إيران، ط3، 1430هـ.
إعلام الورى بأعلام الهدى، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، الناشر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، ط1، 1417هـ.
اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ابن تيمية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي، تحقيق: محمّد حامد الفقي، الناشر: مطبعة السنّة المحمديّةـ القاهرة، ط2 ـ 1369هـ.
الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى، علي بن هبة الله بن أبي نصر بن ماكولا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ.
الأمالي الخميسية (ترتيب الأمالي الخميسية)، يحيى (المرشد بالله) بن الحسين (الموفق) بن إسماعيل بن زيد الحسني الشجري الجرجاني، رتّبها: القاضي محيي الدين محمد بن أحمد القرشي، تحقيق: محمّد حسن محمد حسن إسماعيل، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1422 هـ/2001 م.
الأمالي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشـر والتوزيع، قم، ط1، 1414هـ.
الأمالي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد، تحقيق: الحسين أستاد ولي ـ علي أكبر الغفاري، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، ط2، 1414 هـ/1993م.
الأمالي، الشريف أبو القاسم علي بن الطاهر أبي أحمد الحسين المرتضى، تصحيح وتعليق: السيد محمد بدر الدين النعساني الحلبي، الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم، ط1، 1325هـ/1907م.
الأمالي، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، الناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، قم، ط1، 1417هـ.
أمل الآمل، محمد بن الحسن المعروف بالحر العاملي، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، الناشر: مكتبة الأندلس ـ بغداد.
الإنباء في تاريخ الخلفاء، محمد بن علي بن محمد المعروف بابن العمراني، تحقيق: قاسم السامرائي، الناشر: دار الآفاق العربية، القاهرة، ط1، 1421هـ/2001م.
أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى البلاذري، تحقيق: د. سهيل زكار، ود. رياض زركلي، الناشر: دار الفكر، بيروت، ط1، 1417هـ/1996م.
الأنساب، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، تقديم وتعليق: عبد الله البارودي، الناشر: دار الجنان، بيروت، ط1، 1408هـ.
ـ ب ـ
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، محمد باقر المجلسـي، الناشر: مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، ط2، 1403هـ/1983م.
البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقي، أبو الفداء، إسماعيل بن عمر، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1408هـ.
بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن، حجازي محمّد شريف الحويني الأثري، الناشر: مكتبة التربية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي، ط1، 1410هـ.
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية، محمد بن محمد بن مصطفى الخادمى الحنفي، الناشر: مطبعة الحلبي، طبع سنة: 1348هـ.
بستان العارفين، يحيى بن شرف النووي، الناشر: دار الريان للتراث.
بستان الواعظين ورياض السامعين، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد المعروف بابن الجوزي، تحقيق: أيمن البحيري، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت ـ لبنان، ط2، 1419هـ/1998م.
بغية الطلب في تاريخ حلب، كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة المعروف بابن العديم، تحقيق: د. سهيل زكار، الناشر: دار الفكر، بيروت.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، الناشر: المكتبة العصرية، لبنان.
بلاغات النساء، أبو الفضل بن أبي طاهرالمعروف بابن طيفور، منشورات مكتبة بصيرتي، قم ـ إيران.
البلدان، أحمد بن محمد الهمذاني (ابن الفقيه الهمذاني)، تحقيق: يوسف الهادي، الناشر: عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، ط1، 1416هـ/1996م.
بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، الهلالي، سليم بن عيد، الناشر: دار ابن الجوزي.
ـ ت ـ
تاريخ ابن معين برواية الدارمي، ابن معين، يحيى بن معين بن عون المري، تحقيق: د. أحمد محمّد نور سيف، دار المأمون للتراث، دمشق، بيروت.
تاريخ ابن معين برواية الدوري، يحيى بن معين بن عون المري، المعروف بابن معين، تحقيق: عبد الله أحمد حسن، الناشر: دار القلم، بيروت.
تاريخ أسماء الثقات، عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين البغدادي، تحقيق: صبحي السامرائي، المطبعة: الدار السلفية، الكويت، ط1، 1404هـ.
تاريخ الإسلام، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، ط1، 1407هـ.
تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، مراجعة وتصحيح وضبط: نخبة من العلماء، الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط4، 1403هـ/1983م.
تاريخ الخلفاء، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، الناشر: مطبعة السعادة، مصـر، ط1، 1371هـ.
التاريخ الكبير، البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، الناشر: المكتبة الإسلامية، ديار بكر ـ تركيا.
تاريخ الكوفة، السيد حسين بن السيد أحمد البراقي النجفي، تحقيق: ماجد أحمد العطية، استدراكات السيد محمد صادق آل بحر العلوم، الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية، النجف ـ العراق، ط، 1424هـ/1382ش.
تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، المعروف بالخطيب البغدادي، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1417هـ.
تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الفكر، بيروت، طبعة عام 1415هـ.
تاريخ واسط، أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم بن حبيب (بَحْشَل) الرزّاز الواسطي، تحقيق: كوركيس عواد، الناشر: عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، ط1، 1406هـ.
تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة التبصرة، السيد شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي#، الناشر: مدرسة الإمام المهدي#، الحوزة العلمية، قم المقدّسة، ط1، 1407هـ/1366ش.
التبصرة، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت597هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1406ه/1986م.
تحرير التقريب، شعيب الأرنؤوط، بشار عواد، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1417هـ/1997م.
التحرير الطاووسي المستخرج من كتاب حل الإشكال للسيد أحمد بن موسى الطاووس، تأليف: الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم، تحقيق: فاضل الجواهري، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشـي النجفي، قم المقدّسة، ط1، 1411هـ.
تدريب الراوي شرح تقريب النواوي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: أبو قتيبة نظر الفاريابي، الناشر: مكتبة الكوثر، الرياض، ط2، 1415هـ.
تذكرة الحفاظ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تصحيح: عبد الرحمن بن يحيي المعلمي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
التذكرة الحمدونية، محمّد بن الحسن بن محمّد بن علي، المعروف بابن حمدون، تحقيق: إحسان عبّاس وبكر عبّاس الناشر: دار صادر للطباعة والنشر، ط1، 1996م.
تذكرة الخواص، أبو المظفر يوسف بن فرغلي، المشهور بسبط ابن الجوزي، الناشر: مكتبة نينوى الحديثة، طهران.
تذكرة الخواص، أبو المظفر يوسف بن فرغلي، المشهور بسبط ابن الجوزي، تحقيق: الدكتور عامر النجار، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 1429هـ/2008م.
تذكرة الخواص، أبو المظفر يوسف بن فرغلي، المشهور بسبط ابن الجوزي، تحقيق: حسين تقي زادة، الناشر: مركز الطباعة والنشـر للمجمع العالمي لأهل البيت، ط2، 1433هـ.
التذكرة بأحوال الموتى وأُمور الآخرة، القرطبي الأنصاري، أبو عبد الله محمد بن أحمد، الناشر: مكتبة دار المنهاج ـ الرياض، طبعة عام 1425هـ.
تذكرة الموضوعات، محمّد طاهر بن علي الفتني، إدارة الطباعة المنيريّة، ط1، 1343هـ.
ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، المعروف بابن عساكر، تحقيق: محمد باقر المحمودي، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ط2، 1414هـ.
ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد بن منيع، محمد بن سعد، تهذيب وتحقيق: السيد عبد العزيز الطباطبائي، الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، ط1، 1415هـ.
التعديل والتجريح لـمَن خرّج عنه البخاري في الجامع الصحيح، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد الباجي المالكي، دراسة وتحقيق: أحمد البزار، الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مراكش.
تعليقة على منهج المقال، الوحيد البهبهاني، منشورة على القرص الكمبيوتري (مكتبة أهل البيت(عليهم السلام)).
تفسير ابن أبي حاتم (تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والصحابة والتابعين)، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، تحقيق: أسعد محمد خطيب، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا.
تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي أبو الفداء، المعروف بابن كثير، تقديم: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار المعرفة، بيروت، طبعة عام 1412هـ/1992م.
تفسير البغوي (معالم التنزيل في تفسير القرآن)، الحسين بن مسعود الشافعي البغوي، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
تفسير الثعلبي (الكشف والبيان)، أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، تحقيق: أبو محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: نظير الساعدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1422هـ/2002م.
تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، محمد بن جرير الطبري، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1415هـ.
تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي الأنصاري، تصحيح: أحمد عبد العليم البردوني، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
تفسير القمي، علي بن إبراهيم، تصحيح وتعليق وتقديم: السيد طيب الموسوي الجزائري، الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم ـ إيران، ط3، 1404هـ.
التفسير الكبير، الرازي، محمد بن عمر بن حسين الشافعي الطبرستاني، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1421هـ.
تقريب التهذيب، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1415هـ.
تكملة الإكمال (تكملة لكتاب الإكمال لابن ماكولا)، محمّد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع، المعروف بابن نقطة، تحقيق: د. عبد القيوم عبد ريب النبيّ، الناشر: جامعة أُمّ القرى، مكّة المكرمة، ط1، 1410هـ.
تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، الناشر: دار المدينة المنورة، 1384هـ.
تلخيص المتشابه في الرسم، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، المعروف بالخطيب البغدادي، تحقيق: سُكينة الشهابي، الناشر: طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، ط1، 1985م.
تمام المنّة، الألباني، محمد ناصر الدين، الناشر: دار الراية، الرياض، المكتبة الإسلامية، عمان ـ الأردن، ط2، 1409هـ.
تناقضات الألباني الواضحات فيما وقع له في تصحيح الأحاديث وتضعيفها من أخطاء وغلطات، السيد حسن بن علي السقاف، الناشر: دار الإمام النووي، عمّان ـ الأردن، ط3، 1412هـ/1992م.
تنقيح المقال في علم الرجال، محمد رضا المامقاني، الناشر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، ط1، 1434هـ.
تهذيب التهذيب، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1404هـ.
تهذيب الكمال، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي، تحقيق وضبط وتعليق: د. بشار عواد معروف، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، طبعة عام 1413هـ.
توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم، شمس الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد القيسـي الدمشقي، تحقيق: محمّد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1993م.
ـ ث ـ
الثاقب في المناقب، عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي، المعروف بابن حمزة، تحقيق: الأستاذ نبيل رضا علوان، الناشر: مؤسّسة أنصاريان، قم المقدّسة، ط2، 1412هـ.
الثقات، محمّد بن حبّان التميمي البستي، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، المطبعة: مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، الهند، ط1، 1393هـ/1973م.
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تقديم: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، الناشر: منشورات الشريف الرضي، قم ـ إيران، ط2، 1368ش.
ـ ج ـ
جامع أحاديث الشيعة، حسين الطباطبائي البروجردي، المطبعة العلمية ـ قم، طبعة عام 1399هـ.
جامع التحصيل في أحكام المراسيل، خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب، بيروت، ط2، 1407هـ.
جامع الرواة، محمد بن علي الأردبيلي الغروي، الناشر: مكتبة المحمدي.
جامع بيان العلم وفضله، يوسف بن عبد الله بن محمد، الناشر، المعروف بابن عبد البرّ،: دار الكتب العلمية، طبعة عام 1398هـ.
الجامع في الرجال، آية الله الشيخ موسى العباسي الزنجاني، تحقيق: السيد محمّد الحسيني القزويني بمساعدة اللجنة العلمية، الناشر: مؤسسة ولي عصر للدراسات الإسلامية، ط1، 1436هـ.
الجرح والتعديل، أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1371 هـ/1952م.
جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة، محمّد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتبة الإسلامية، عمّان، ط1، 1413هـ.
جواهر المطالب في مناقب الإمام علي(عليه السلام)، أبو البركات شمس الدين محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم، ط1، 1415هـ.
ـ ح ـ
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، شمس الدين محمد عرفة الدسوقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
حاشية ردّ المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، علاء الدين محمد بن محمد أمين المعروف بابن عابدين الحسيني الدمشقي، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ.
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع، حسن بن محمّد العطار الشافعي، الناشر: دار الكتب العلمية.
حقبة من التاريخ، عثمان بن محمّد الخميس، الناشر: دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية.
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أحمد بن عبد الله، المعروف بأبي نعيم الأصبهاني، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، ط4، 1405هـ.
ـ خ ـ
الخرائج والجرائح، قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، تحقيق ونشر: مؤسسة الإمام المهدي#، ط1، 1409هـ.
خاتمة مستدرك الوسائل، حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، ط1، 1416هـ.
الخصائص الكبرى (كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب)، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، الناشر: دار الكتاب العربي، 1320هـ.
خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي، المعروف بالعلاّمة الحلّي، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، ط1، 1417هـ.
الخلاصة في أُصول الحديث، الحسين بن عبد الله الطيبي، تحقيق: صبحي السامرائي، عالم الكتب، ط1، 1405هـ.
ـ د ـ
الدرر السنية في الأجوبة النجدية، تأليف: علماء نجد الأعلام، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ط6، 1417هـ/1996م.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، الناشر: دار المعرفة، بيروت.
الدر النظيم، الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم العاملي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران.
دراسة في حديث السفينة على مباني أهل السنّة، د. حكمت جارح الرحمة، الناشر: مركز بين المللي، ترجمة ونشـر المصطفى، قم ـ إيران، ط1، 1394ش.
دروس معرفة الوقت والقبلة، حسن حسن زادة آملي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قم ـ إيران، ط4، 1416هـ.
الدروع الواقية، علي بن موسى ابن طاووس، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، ط1، 1414هـ.
دلائل الإمامة، محمّد بن جرير بن رستم الطبري، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، قم، الناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، قم ـ إيران، ط1، 1413هـ.
الدمعة الساكبة في أحوال النبيّ والعترة الطاهرة، المولى محمّد باقر بن عبد الكريم البهبهاني، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، ط1، 1408هـ.
ـ ذ ـ
ذخائر العقبى، أحمد بن عبد الله الطبري، الناشر: مكتبة القدسي، القاهرة، طبعة عام 1356هـ.
الذرية الطاهرة الدولابي، محمد بن أحمد الرازي، تحقيق: سعد المبارك الحسن، الناشر: الدار السلفية، الكويت، ط1، 1407هـ.
ذكر أخبار أصبهان، أحمد بن عبد الله، المعروف بأبي نعيم الأصبهاني، الناشر: مطبعة بريل، ليدن، طبعة عام: 1934م.
ذكر أسماء مَن تُكلّم فيه وهو موثق، شمس الدين، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: محمد شكور أمرير المياديني، الناشر: مكتبة المنار، الزرقاء، ط1، 1406هـ.
ذيل تاريخ بغداد، الحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن، المعروف بابن النجار البغدادي (ت643ه)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتاب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1417ه/1997م.
ـ ر ـ
ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، جار الله الزمخشـري (583ه)، الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت ط1، 1412ه.
رجال الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، الناشر: جماعة المدرّسين، قم، ط1، 1415هـ.
رجال النجاشي، أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد النجاشي، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، ط5، 1416هـ.
الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، المعروف ابن الجوزي، تحقيق: د. هيثم عبد السلام محمد، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 2005م/1426هـ.
الرسائل الرجالية، أبو المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي، تحقيق: محمد حسين الدرايتي، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشـر، قم ـ ايران، ط1، 1422هـ/1380ش.
رسالة في إثبات كرامات الأنبياء، السجاعي، شهاب الدين أحمد بن أحمد، الناشر: مكتبة ايشيق، إستانبول، تركيا، سنة الطبع: 1396هـ/1976م.
الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة، ابن قيم الجوزية، شمس الدين محمّد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ/1975م.
روضة الطالبيين، النووي، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
روضة المتقين في شرح من لا يحضـره الفقيه، محمّد تقي المجلسـي الأوّل، علّق عليه وأشرف على طبعه: السيد حسين الموسوي الكرماني والشيخ علي پناه الإشتهاردي، الناشر: بنياد فرهنك إسلامي حاج محمد حسين كوشانپور.
روضة الواعظين، محمّد بن الفتال النيسابوري، الناشر: منشورات الرضي قم ـ إيران.
رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين، يحيى بن شرف النووي، الناشر: دار الفكر المعاصر، بيروت ـ لبنان، ط2، 1411هـ/1991م.
ـ ز ـ
زاد المسير في علم التفسير، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد، المعروف ابن الجوزي، تحقيق: محمّد عبد الرحمن عبد الله، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1407هـ.
ـ س ـ
سبل الهدى والرشاد في سيرة خيرة العباد، محمّد بن يوسف الصالحي الشامي، تحقيق: الشيخ عبد المعز عبد الحميد الجزار، الناشر: لجنة إحياء التراث الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، مصر، 1416هـ/1995م.
سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمّد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتبة المعارف، الرياض، 1415هـ.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، محمّد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتبة المعارف، الرياض، ط5، 1412هـ.
سنن أبي داود، أبو داود، سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو السجستاني، تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام، الناشر: دار الفكر، بيروت، ط1، 1410هـ.
سنن الترمذي، أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وتصحيح: عبد الوهاب عبد اللطيف، وعبد الرحمن محمّد عثمان، دار الفكر، بيروت، ط2، 1403هـ.
سنن الترمذي، أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق: أحمد محمّد شاكر، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.
سنن الدار قطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدار قطني البغدادي، تعليق وتخريج: مجدي بن منصور سيد الشوري، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، طبع سنة 1417هـ.
السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
سؤالات أبي داود للإمام أحمد بن حنبل في جرح الرواة وتعديلهم، أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، تحقيق: د. زياد محمّد منصور، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1414هـ.
سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني في الجرح والتعديل الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني البغدادي، تحقيق: مجدي فتحي السيد، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط1، 1413هـ.
سؤالات الحاكم النيسابوري للدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني البغدادي، تحقيق: د. موفق بن عبد الله بن عبدالقادر، مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1404هـ.
سؤالات حمزة بن يوسف السهمي للدارقطني وغيره من المشايخ في الجرح والتعديل، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني البغدادي، تحقيق: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، الناشر: مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1404هـ.
سؤالات للعلّامة محدّث العصر الألباني، سألها له ابن أبي العينين، أحمد بن إبراهيم، الناشر: مهبط الوحي، 2002م.
سير أعلام النبلاء، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، إشراف وتخريج: شعيب الأرنؤوط، تحقيق: حسين الأسد، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط9، 1413هـ.
السيرة النبويّة، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، الناشر: دار المعرفة، بيروت.
ـ ش ـ
شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب، عبد الحي بن أحمد بن محمد، المعروف بابن العماد العكري الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرنؤوط، الناشر: دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1406هـ.
شرح إحقاق الحق المرعشي، شهاب الدين المرعشـي النجفي، تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي، الناشر: مكتبة المرعشي ـ قم.
شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار، أبو حنيفة بن محمد بن منصور المغربي، المعروف بالقاضي النعمان، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، ط2، 1414هـ.
شرح الشفا للقاضي عياض، شرحه الملا علي القاري، ضبطه وصحّحه: عبد الله محمد الخليلي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1421هـ/2001م.
شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، ط4، 1391هـ.
شرح العقيدة الواسطية، محمد بن صالح بن محمد العثيمين، خرج أحاديثه واعتنى به: سعد بن فواز الصميل، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط6، 1421هـ.
شرح فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، الناشر: دار الفكر، بيروت، ط2.
شرح مشكل الآثار، أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، لبنان، ط1، 1408هـ/1978م.
شرح نهج البلاغة، عزّ الدين أبو حامد بن هبة الله بن محمد، المعروف بابن أبي الحديد المعتزلي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
الشريعة، أبو بكر محمّد بن الحسين الآجري، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي، دار الوطن، الرياض، ط2، 1420هـ/1999م.
ـ ص ـ
الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حمّاد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطا، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، ط4، 1407هـ.
صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان، محمد بن حبّان التميمي البستي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط2، 1414هـ.
صحيح ابن خزيمة، محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري، تحقيق وتعليق وتخريج وتقديم: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، الناشر: المكتب الإسلامي، ط2، 1412هـ/1999م.
صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح)، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، الناشر: دار الفكر، بيروت، طبعة عام 1401هـ.
صحيح الترغيب والترهيب، محمّد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1421هـ.
صحيح شرح العقيدة الطحاوية، السقاف، حسن بن علي، الناشر: دار الإمام النووي ـ الأردن، ط1، 1416هـ.
صحيح مسلم بشـرح النووي (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، طبعة عام 1407هـ.
الصراط المستقيم، علي بن يونس العاملي، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ط1، 1384هـ.
الصواعق المحرقة، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي الهيتمي، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي، كامل محمد الخراط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط1، 1417هـ.
ـ ض ـ
الضعفاء الصغير، محمّد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، ط1، 1406هـ/1986م.
ـ ط ـ
الطبقات الكبرى (الجزء المتمّم لطبقات ابن سعد) [الطبقة الخامسة في مَن قُبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وهم أحداث الأسنان]، أبو عبد الله محمّد بن سعد بن منيع البصـري البغدادي، المعروف بابن سعد، تحقيق: محمّد بن صامل السلمي، الناشر: مكتبة الصديق، الطائف، ط1، 1414هـ/1993م.
الطبقات الكبرى، (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم)، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصـري البغدادي، المعروف بابن سعد، تحقيق زياد محمد منصور، الناشر مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، 1408هـ.
الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصـري البغدادي، المعروف بابن سعد، الناشر: دار صادر، بيروت.
طبقات المحدّثين بأصبهان والواردين، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، المعروف بأبي الشيخ، تحقيق: عبد الغفور عبد الحق البلوشي، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2، 1412هـ.
طبقات المدلسين، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق: د. عاصم بن عبد الله القريوني، مكتبة المنار، ط1.
طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال، علي أصغر بن محمّد شفيع البروجردي، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامّة، قم المقدسة، ط1، 1410هـ.
ـ ع ـ
العبر في خبر مَن غبر، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: محمد السعيد بن بسيوني زغلول، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
العقد الفريد، ابن عبد ربّه الأندلسي، أحمد بن محمد، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط3، 1420هـ.
العقد النضيد والدر الفريد في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي(عليهم السلام)، محمّد بن الحسن القمّي، تحقيق: علي أوسط الناطقي، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر، ط1، 1423هـ/1381ش.
العقيدة، رواية أبي بكر الخلال، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أبو عبد الله، تحقيق: عبد العزيز عز الدين السيروان، الناشر: دار قتيبة، دمشق، ط1، 1408هـ.
علل الشرائع، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف، طبعة عام 1385هـ.
علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، عثمان بن عبد الرحمن، المعروف بابن الصلاح، تعليق وشرح وتخريج: أبي عبد الرحمن صلاح بن محمّد بن عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1416هـ.
العمدة، شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي، المعروف بابن البطريق، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قم، طبعة عام 1407هـ.
العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، أبو بكر محمّد بن عبد الله، المعروف بابن العربي، تحقيق: محب الدين الخطيب، ومحمود مهدي الاإستانبولي، الناشر: دار الجيل، بيروت ـ لبنان، ط2، 1407هـ/1987م.
عيون أخبار الرضا، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تحقيق: حسين الأعلمي، الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت، طبعة عام 1404هـ.
عيون الأخبار، أبو محمد عبد الله بن مسلم، المعروف بابن قتيبة الدينوري، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، نشر عام 1418هـ.
ـ غ ـ
غاية النهاية في طبقات القراء، شمس الدين محمّد بن محمّد بن علي ابن الجزري، تحقيق: ج. برجستراسر، الناشر:دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2006م.
غريب الحديث، أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم العزباوي، الناشر: جامعة أُمّ القرى، مكّة المكرمة، طبع سنة 1402هـ.
غريب الحديث، إبراهيم بن إسحاق الحربي، تحقيق: د. سليمان إبراهيم محمد العايد، الناشر: جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة، ط1، 1405هـ.
غنية الملتمس إيضاح المشتبه، الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تحقيق: د. يحيى بن عبد الله البكري الشهري، مكتبة الرشيد، الرياض، ط1، 1422هـ.
ـ ف ـ
الفتاوى الحديثية، أحمد بنه محمد بن حجر الهيتمي المكي، الناشر: دار المعرفة، بيروت ـ لبنان.
فتاوى الرملي، شهاب الدين أحمد بن حمزة الأنصاري الرملي الشافعي، جمعها: ابنه شمس الدين محمّد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، الناشر: المكتبة الإسلامية.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المؤلف: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، حقوق الطبع محفوظة للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.
فتح المغيث شرح ألفية الحديث، شمس الدين محمّد بن عبد الرحمن السخاوي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1403هـ.
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ابن تيمية الحراني، أحمد بن عبد الحليم، حققه وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، الناشر: مكتبة دار البيان، دمشق، 1405هـ/1985م.
فضائل الصحابة، أبو عبد الله أحمد بن حنبل، تحقيق: د. وصي الله محمّد عباس، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1403هـ.
فقه الحج (بحوث استدلالية في الحج)، الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني، الناشر: مؤسسة سيدة المعصومة، قم ـ إيران، ط1، 1423هـ/1381ش.
الفهرست، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب المعروف بابن النديم، تحقيق: رضا ـ تجدد.
الفهرست، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، ط1، 1417هـ.
الفوائد الرجالية، السيد محمّد مهدي بحر العلوم، الناشر: مكتبة الصادق، طهران ـ إيران، ط1، 1363ش.
الفوائد المنتقاة الحسان الصحاح والغرائب، علي بن الحسن الخلعي، (مخطوط) من برنامج جوامع الكلم.
الفوائد، تمام بن محمد الرازي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الناشر: مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1412هـ.
فيض القدير شرح الجامع الصغير، محمد عبد الرؤوف المناوي، تصحيح: أحمد عبد السلام، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ.
ـ ق ـ
قاموس الرجال، محمد تقي التستري، الناشر: مؤسسة النشـر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة، ط1، 1419هـ.
القاموس المحيط، محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت.
قرب الإسناد، الحميري القمي، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم، ط1، 1413هـ.
قصص الأنبياء، قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، تحقيق: الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني، الناشر: الهادي، قم ـ إيران، ط1، 1418هـ/1376ش.
قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: خليل محيي الدين، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، ط1، 1405هـ/1985م.
قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، محمّد جمال الدين القاسمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1399هـ.
قواعد في علوم الحديث، ظفر أحمد العثماني التهانوي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدّة، مكتب المطبوعات الإسلامية، الرياض، ط5، 1404هـ.
ـ ك ـ
الكاشف في معرفة مَن له رواية في الكتب الستّة، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: محمد عوامة، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدّة، ط1، 1413هـ.
الكافي، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني البغدادي، تعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، ط5، 1363ش.
كامل الزيارات، جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي، تحقيق: جواد القيومي، الناشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، ط1، 1417هـ. وطبعة أخرى بتحقيق: بهراد الجعفري، وإشراف: علي أكبر الغفّاري، نشر صدوق، 1375ش.
الكامل في التاريخ، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد، المعروف بابن الأثير الجزري، الناشر: دار صادر ودار بيروت للطباعة والنشـر، بيروت ـ لبنان، طبعة عام 1385هـ/1966م.
الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمّد الجرجاني، قراءة وتدقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، ط3، 1409هـ.
كتاب السنّة (ابن أبي عاصم الضحاك، أبو بكر عمرو الشيباني) ومعه ظلال الجنة في تخريج السنّة، محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط3، 1993م.
كتاب الضعفاء الكبير، أبو جعفر محمّد بن عمرو المكي العقيلي، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1418هـ.
كتاب الفتوح، أبو محمد أحمد بن محمد، المعروف بابن أعثم الكوفي، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الأضواء ـ لبنان، ط1، 1411هـ.
كرامات الأولياء (كرامات أولياء الله عزّ وجلّ)، هبة الله بن الحسن اللالكائي الطبري، تحقيق: د. أحمد سعد الحمان، الناشر: دار طيبة، الرياض، ط1، 1412هـ.
كشف الغمة في معرفة الأئمّة، أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي، الناشر: دار الأضواء، بيروت ـ لبنان، ط2، 1405ه/1985م.
كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام)، محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، تحقيق وتصحيح وتعليق: محمد هادي الأميني، الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت(عليهم السلام)، ط3، 1404هـ.
الكفاية في علم الرواية، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، المعروف بالخطيب البغدادي، تحقيق: أحمد عمر هاشم، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1405هـ.
كمال الدين وتمام النعمة، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ـ قم، طبعة عام 1405هـ.
كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي، ضبط وتفسير: الشيخ بكري حياني، تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، طبعة عام 1409هـ.
الكواكب النيرات، أبو البركات محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف، المعروف بابن الكيال الشافعي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الناشر: عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، بيروت ـ لبنان، ط2، 1407هـ/1987م.
ـ ل ـ
اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمّد بن عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1417هـ.
اللباب في تهذيب الأنساب، عز الدين علي بن محمّد، المعروف بابن الأثير الجزري، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، الناشر: دار صادر، بيروت ـ لبنان.
لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين بن مكرم، المعروف بابن منظور، دار صادر، بيروت، ط1.
لسان الميزان، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، ط2، 1390هـ/1971م.
اللهوف في قتلى الطفوف، علي بن موسى، المعروف بابن طاووس، الناشر: أنوار الهدى، قم ـ إيران، ط1، 1417هـ.
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي، الناشر: مؤسسة الخافقين ومكتبتها ـ دمشق، ط2، 1402هـ/1982م.
ـ م ـ
مثير الأحزان، نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما الحلي، الناشر: المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، سنة الطبع: 1369هـ/1950م.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ.
مجابو الدعوة، أبو بكر عبد الله بن محمّد، المعروف بابن أبي الدنيا.
مجالس ثعلب، أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب.
المجروحين، محمّد بن حبّان التميمي البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، الناشر: دار الباز للنشر والتوزيع، مكّة.
مجلة تراثنا، نشـرة فصلية تصدرها مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، العدد الثاني، السنة الأُولى، خريف سنة 1406هـ، الناشر: مؤسسة آل لإحياء التراث، قم ـ إيران.
المجموع شرح المهذب، أبو زكريا محيي الدين النووي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
المحاسن والمساوئ، إبراهيم بن محمّد البيهقي، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار المعارف، القاهرة.
المحاضرات والمحاورات، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1424هـ.
محدّث العصر الإمام الألباني كما عرفته، عصام موسى هادي، الناشر: دار الصديق، ط1، 1423هـ.
المحن، أبو العرب محمّد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي، تحقيق: د. عمر سليمان العقيلي، الناشر: دار العلوم، الرياض ـ السعودية، ط1، 1404هـ/1984م.
المختار من مناقب الأخيار، المبارك بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري، حقّقه وعلّق عليه: مأمون الصاغرجي، عدنان عبد ربه، محمد أديب الجادر.
مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية، محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن يعلى، أبو عبد الله بدر الدين البعليّ، تحقيق: عبد المجيد سليم ـ محمد حامد الفقي، الناشر: مطبعة السنة المحمدية.
مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر ودلائل الحجج على البشـر: السيد هاشم بن سليمان البحراني. تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي الهمداني، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1، 1413هـ.
مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، سبط ابن الجوزي، تحقيق: مجموعة من المحققين، الناشر: الرسالة العالمية، ط1، 1434هـ/2013م.
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، محمد باقر المجلسـي، الناشر: دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، ط2، 1404هـ/1363ش.
المستدرك على الصحيحين، محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي، إشراف: د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت.
مستدركات علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي الشاهرودي، الناشر: ابن المؤلف على نفقة حسينية عماد زاده، أصفهان، ط1، 1412هـ.
مسند أحمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، الناشر: دار الحديث، القاهرة، تعليق: حمزة أحمد الزين، وأحمد محمد شاكر، ط1، 1995م.
مسند أحمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، تحقيق وتعليق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1416هـ.
مسند أحمد بن حنبل، أبو عبد الله، أحمد بن حنبل الشيباني، الناشر: دار صادر ـ بيروت.
مسند البزار (البحر الزخار)، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن، مكتبة العلوم والحكم ـ بيروت، المدينة، ط1، 1409هـ.
مشايخ الثقات، الميرزا غلام رضا عرفانيان، الناشر: مؤسسة النشـر الإسلامي، ط1، 1417هـ.
المصنف في الأحاديث والآثار، أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة الكوفي، تحقيق وتعليق: سعيد اللحام، دار الفكر للطباعة، بيروت، ط1، 1409هـ.
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق: د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري، دار العاصمة، دار الغيث، السعودية، ط1، 1419هـ.
معارج الوصول إلى فضل آل الرسول، محمد بن يوسف الزرندي، تحقيق: ماجد بن أحمد بن عطية.
معالم العلماء في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنّفين منهم قديماً وحديثاً، ابن شهر آشوب المازندراني. مطبعة فردين، طهران، 1353هـ.
معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين(عليها السلام)، الشيخ محمد مهدي الحائري، الناشر: موسسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، ط1، 1432هـ.
معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1411 هـ/1991م.
المعجم الأوسط، أبو القاسم، سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: قسم التحقيق بدار الحرمين، الناشر: دار الحرمين، طبعة عام 1415هـ.
معجم البلدان، أبو عبد الله، ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة عام 1399هـ.
المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2.
المعجم الوسيط، مجموعة من المؤلفين، تحقيق: مجمع اللغة العربية، الناشر: دار الدعوة.
معجم رجال الحديث، أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي الخوئي، ط5، 1413هـ.
المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، تحقيق: د. زياد محمّد منصور، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1410هـ.
معرفة الثقات، أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، مكتبة الدار، المدينة المنورة، ط1، 1405هـ.
معرفة الصحابة، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض، ط1، 1419هـ/1998م.
المعرفة والتاريخ، يعقوب بن سفيان الفسوي، تحقيق: خليل المنصور، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ/1999م.
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمّد بن الخطيب الشربيني، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبع سنة 1377هـ/1958م.
مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة من الواجبات والمستحبات والآداب، بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد البهائي الحارثي الهمداني، الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.
مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، تحقيق: السيد أحمد صقر، الناشر: دار المعرفة، بيروت.
مقتل الحسين(عليه السلام)، الموفق بن أحمد الخوارزمي، تحقيق: محمد السماوي، انتشارات أنوار الهدى، ط5، 1431هـ/2010م.
مقتل الحسين(عليه السلام)، لوط بن يحيى، المعروف بأبي مخنف، تعليق: حسن الغفاري، المطبعة العلمية، قم.
مقتل الحسين(عليه السلام)، لوط بن يحيى، المعروف بأبي مخنف، منشورات الشريف الرضي، قم ـ إيران، ط2.
مقدمة ابن أبي العينين على كتاب الضعفاء الصغير للبخاري (المطبوعة في أول الكتاب)، أحمد بن إبراهيم ابن أبي العينين، الناشر: مكتبة ابن عبّاس، ط1، 1426هـ.
مقدمة على كتاب المسح على الجوربين للقاسمي، أحمد محمّد شاكر، مطبوعة في أول الكتاب، تحقيق: محمّد ناصر الدين الإسلامي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط3، 1399هـ.
مقدمة فتح الباري (هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري)، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1408هـ.
الملاحم والفتن، علي بن موسى بن جعفر، المعروف بابن طاووس، الناشر: مؤسسة صاحب الأمر، تحقيق: مؤسسة صاحب الأمر#، ط1، 1416هـ.
مَن تكلّم فيه وهو موثوق أو صالح الحديث، شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: عبد الله بن ضيف الله الرحيلي، ط1، 1426هـ/2005م.
مَن لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة، ط2.
مناقب آل أبي طالب، مشير الدين محمد بن علي، المعروف بابن شهر آشوب المازندراني، تصحيح وشرح ومقابلة: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، الناشر: المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، طبعة عام 1376هـ.
مناقب الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، محمّد بن سليمان الكوفي، تحقيق: محمّد باقر المحمودي، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية،قم المقدّسة، ط1، 1412هـ. وكذلك: ط2، 1423هـ.
مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في عليّ، أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصفهاني، جمعه ورتّبه وقدم له: عبد الرزاق محمد حسين حرز الدين، الناشر: دار الحديث، قم ـ إيران، ط2، 1424هـ/1382ش.
مناقب علي بن أبي طالب، علي بن محمّد الواسطي المعروف بابن المغازلي، الناشر: انتشارات سبط النبي|، ط1، 1426هـ/1384ش.
المنامات، أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد المعروف بابن أبي الدنيا، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط1، 1413هـ.
المنتخب للطريحي في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ الفخري، الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، ط1، 1424هـ.
المنتخب من كتاب ذيل المذيل من تاريخ الصحابة والتابعين، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، طبع سنة: 1358هـ/ 1939م.
المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد المعروف بابن الجوزي، الناشر: دار صادر، بيروت، ط1، 1358هـ.
منتهى المقال في أحوال الرجال، أبو علي محمد بن اسماعيل الحائري المازندراني، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، ط1، 1416هـ.
منهاج السنة النبويّة في نقض كلام الشيعة القدرية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم المشهور بابن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، الناشر: مؤسسة قرطبة، بيروت، ط1، 1406هـ.
المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبويّ ابن جماعة، محمّد بن إبراهيم، تحقيق: د. محيي الدين عبد الرحمن رمضان، الناشر: دار الفكر، دمشق، ط2، 1406هـ.
المواقف، عبد الرحمن بن أحمد الأيجي، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، الناشر: دار الجيل، بيروت ـ لبنان، ط1، 1417هـ/1997م.
الموسوعة الفقهية الكويتية، صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، الكويت، ط2، طبع الوزارة، 1408هـ.
موقع الآلوكة الإلكتروني من على الرابط التالي:
http://www.alukah.net/audio_books/11/15866.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار المعرفة، بيروت، ط1، 1963م.
ـ ن ـ
النبوات، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، الناشر: المطبعة السلفية ـ القاهرة، 1386هـ.
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، يوسف بن تغري الأتابكي، الناشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصـرية العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.
نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق: نور الدين عتر، مطبعة الصباح، دمشق، ط3، 1421هـ.
نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين، جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الحنفي، ط1، 1377هـ/1958م.
نقد الرجال، السيد مصطفى بن الحسين التفريشـي، تحقيق ونشـر: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم ـ إيران، ط1، 1418هـ.
النكت البديعات على الموضوعات، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: د. عبد الله شعبان، دار مكة المكرمة، ط1، 1425هـ.
النكت على مقدمة ابن الصلاح، أبو عبد الله محمّد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، تحقيق: د. زين العابدين بن محمّد بلا فريج، أضواء السلف، الرياض، ط1، 1419هـ.
النكت والعيون (تفسير الماوردي)، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
نهاية الإرب في فنون الأدب، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري، تحقيق: مفيد قمحية وجماعة، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ط1، 1424هـ.
نوادر المعجزات، محمد بن جرير الطبري (الشيعي)، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي، قم ـ إيران، ط1، 1410هـ.
نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، محمّد بن علي بن محمّد الشوكاني، دار الجيل، بيروت، طبعة عام 1973م.
ـ هـ ـ
الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد (رجال صحيح البخاري)، أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن البخاري الكلاباذي، تحقيق: عبد الله الليثي، الناشر: دار المعرفة، بيروت، ط1، 1407هـ.
الهواتف، أبو بكر عبد الله بن محمّد بن عبيد ابن أبي الدنيا القرشي البغدادي، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: مؤسّسة الكتب الثقافية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1413هـ.
ـ و ـ
الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، الناشر: دار إحياء التراث، بيروت، طبعة عام 1420هـ.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر المعروف بابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار الثقافة، بيروت.
وقائع عصر الأنغلو ساكسون، كتاب يتحدث عن التاريخ البريطاني، منشور من على الموقع الالكتروني:
http://www.britannia.com/history/docs/676-99.html.
وقعة صفين، نصـر بن مزاحم المنقري، الناشر: المؤسسة العربية الحديثة ـ القاهرة، ط2، 1382هـ ش.
ـ ي ـ
ينابيع المودّة لذوي القربى، سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني، الناشر: دار الأُسوة، ط1، 1416هـ.
[1] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص165.
[2] المصدر السابق.
[3] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة: ص177. الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي: ص427.
[4] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة: ص353.
[5] اُنظر: المصدر السابق: ص330.
[6] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص369. البروجردي، علي أصغر، طرائف المقال: ج1، ص634.
[7] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص27.
[8] اُنظر: المصدر السابق: ص361. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص296.
[9] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج21، ص79ـ 81.
[[10]][10] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص189.
[11] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص202ـ 203.
[12] اُنظر: ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص219، وقد اقتصر على ذكر الأبيات الشعرية التي سمعتها أم سلمة.
[13] اُنظر: الفتّال النيسابوري، محمد بن الحسن، روضة الواعظين: ص170.
[14] اُنظر: ابن نما، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص86ـ 87.
[15] القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص167.
[16] اُنظر: المامقاني، عبد الله، تنقيح المقال: ج17، ص340ـ 342.
[17] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج5، ص195.
[18] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص189ـ 191.
[19] المفيد، محمد بن محمد، الأمالي: ص320. الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص90ـ 91.
[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص192.
[21] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص80 ـ 82. الشاهرودي، علي النمازي، مستدركات علم رجال الحديث: ج6، ص23.
[22] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص192.
[23] ابن نما، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص87.
[24] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص192.
[25] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص690.
[26] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص193.
[27] المصدر السابق: ص195ـ 196.
[28] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج19، ص46ـ47.
[29] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص265.
[30]اُنظر: النوري، حسين بن محمد تقي، خاتمة مستدرك الوسائل: ج4 ص193ـ 196. الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص117.
[31]الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص116ـ 118.
[32] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص196.
[33]المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص124ـ 125.
[34] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص99.
[35] لعلّ الصحيح هو عمرو بن عكرمة كما ورد في كتب الشيعة والسنّة.
[36] ابن نما، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص86.
[37] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص197.
[38] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة: ص226.
[39]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص189. الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص227ـ 228.
[40] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص495.
[41] اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، الدروع الواقية: ص74.
[42] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص305. وعنه: المجلسـي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص174.
[43] ابن نما، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص86.
[44] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218. وعنه: المجلسـي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص305. البحراني، هاشم بن سليمان، مدينة المعاجز: ج4، ص116.
[45] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص160ـ 161.
[46] ابن حنبل، أحمد، فضائل الصحابة: ج2، ص776.
[47] الضحّاك، أحمد بن عمرو، الآحاد والمثاني: ج1، ص308.
[48] اُنظر: أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج3، ص668.
[49] اُنظر: الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص150.
[50] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122.
[51] المصدر السابق ص121.
[52] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص239.
[53] اُنظر: المصدر السابق: ص240.
[54] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص441.
[55] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص316. الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (61ـ 80هـ)، ج5، ص17. ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج6، ص259.
[56] الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج4، ص294.
[57] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص190. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2، ص182.
[58] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص199.
[59] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج6، ص259.
[60] أبو العرب، محمد بن أحمد، المحن: ص158.
[61] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص240.
[62] ابن العديم، عمر بن أحمد، بُغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2650.
[63] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب: ص443.
[64] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج18، ص219.
[65]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (521ـ 540هـ)، ج36، ص128.
[66] المصدر السابق.
[67] الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج19، ص153.
[68] اُنظر: السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب: ج4، ص168.
[69]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (331ـ 350هـ)، ج25، ص344ـ 345.
[70] انظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج11، ص19ـ 20.
[71] انظر: المصدر السابق.
[72] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص332.
[73]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص261.
[74] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122.
[75] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص240ـ 241. ابن العديم، عمر بن أحمد، بُغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2650ـ 2651.
[76] اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص108.
[77] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب: ص442ـ 443.
[78] الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص150.
[79] ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد، الهواتف: ص87.
[80] اُنظر: الرحمة، حكمت، دراسة في حديث السفينة على مباني أهل السنّة: ص262ـ 264.
[81] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص183.
[82] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج5، ص360.
[83]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2، ص156.
[84] الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج2، ص115.
[85] الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص150.
[86] سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص549.
[87] الضحّاك، أحمد بن عمرو، الآحاد والمثاني: ص308.
[88] أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج2، ص668.
[89]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122.
[90] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج1، ص98.
[91] ابن حبان، محمد، الثقات: ج8 ص78. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج1، ص98.
[92] اُنظر: الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج8، ص19.
[93]اُنظر: الألباني، محمد ناصر الدين، إرواء الغليل: ج4، ص152.
[94] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص54.
[95] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص199.
[96] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص121.
[97]الآجري، محمد بن الحسين، الشريعة: ج5، ص2178ـ 2179.
[98] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفّاظ: ج2، ص662.
[99] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج11، ص146. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص341.
[100] الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج14، ص253.
[101]السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب: ج3، ص121.
[102] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج11، ص547ـ 548.
[103] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص416ـ 417.
[104] اُنظر: المصدر السابق: ج7، ص416.
[105] اُنظر: ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد، الجرح والتعديل: ج6، ص121ـ 122.
[106]ابن حنبل، أحمد بن حنبل، سؤالات أبي داوُد لأحمد بن حنبل: ص367.
[107] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان الميزان: ج1، ص419.
[108]ابن معين، يحيى، تاريخ ابن معين برواية الدارمي: ص255.
[109] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط: ج1، ص146.
[110] اُنظر: الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج1، ص286.
[111] العقيلي، محمد بن عمر، ضعفاء العقيلي: ج1، ص84.
[112] الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج1، ص286.
[113] الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج1، ص237.
[114] اُنظر هذه الأقوال في: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج31، ص284ـ 289. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج11، ص177ـ 178.
[115]العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات: ج2، ص351.
[116] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص301.
[117] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص442.
[118] ثعلب، أحمد بن يحيى، مجالس ثعلب: ص68.
[119]اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص241.
[120] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص316. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، تاريخ الخلفاء: ص208.
[121]ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد، الجرح والتعديل: ج5، ص404.
[122] اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص432.
[123] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص162.
[124] اُنظر: ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد، الجرح والتعديل: ج6، ص336.
[125]اُنظر: الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج5، ص367.
[126] العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات: ج2، ص137.
[127]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص189.
[128]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج12، ص290.
[129] اُنظر: ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد، الجرح والتعديل: ج6، ص336. ابن حبّان، محمد، المجروحين: ج2، ص131. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص189.
[130]الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج8، ص30.
[131]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص675.
[132] الجصّاص: هو «صانع الجص وبائعه». مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط: ج1، ص124، وجصّص البناء أي طلاه بالجص. اُنظر: الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ص792. والظاهر أنّ المراد هنا من الجصّاصين هم الذين يعملون في المقابر ويقومون بتجصيص القبور.
[133]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص122.
[134] اُنظر: أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج2، ص668.
[135] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص442.
[136] اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين: ج2، ص108ـ 109.
[137] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج1، ص150.
[138] الحاكم النيسابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، وبذيله التلخيص للذهبي: ج2، ص196، ص355، ص432، ج3، ص37 وغيرها.
[139] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، السيرة النبوية: ج1، ص161.
[140] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج2، ص183.
[141] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة: ج2، ص527، ج3، ص63.
[142] الألباني، محمّد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج4، ص156.
[143] الألباني، محمّد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج9، ص90.
[144]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج2، ص535.
[145]العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات: ج1، ص273.
[146]ابن حبان، محمّد، الثقات: ج8، ص167.
[147]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2، ص103.
[148]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج7، ص334.
[149]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص167.
[150]الألباني، محمّد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج6، ص803.
[151] الأرنؤوط، شعيب بن محرم، ومعروف، بشار عواد، تحرير التقريب: ج1، ص224.
[152]الألباني، محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: ج2، ص332.
[153] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد (تحقيق الأرنؤوط): ج23، ص336.
[154]ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد (تحقيق حمزة أحمد الزين): ج12، ص79.
[155]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج9، ص373.
[156]الآجري البغدادي، محمد بن الحسين، الشريعة: ج5، ص2179 ـ 2180.
[157] هكذا في المطبوع، والصحيح: الفقيمي، كما تقدّم، وكما ذكره المؤلف في موضع آخر من كتابه، انظر: الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج2، ص117.
[158] هكذا في المطبوع، والصحيح هو: أبو جناب الكلبي، كما اتّضح من بقية المصادر.
[159] الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص217.
[160] المصدر السابق: ج2، ص117.
[161]الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص433 ـ 436.
[162]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج11، ص534.
[163] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج14، ص177.
[164]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج11، ص536.
[165]الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص379.
[166]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص469 ـ 470.
[167] هكذا في الأصل ولعل الصحيح (ابن).
[168]ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، الإشراف في منازل الأشراف: ص295.
[169]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص241 ـ 242.
[170]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج7، ص245.
[171] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص314.
[172] اُنظر: ابن حبان، محمد، الثقات: ج8، ص465.
[173]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص698.
[174]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2651.
[175] اُنظر ترجمته في: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج4، ص383. الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص320. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص440.
[176] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج4، ص108.
[177]الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص172. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص372.
[178] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج31، ص285.
[179] ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، الهواتف: ص86 ـ 87.
[180] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2، ص215.
[181]ابن حبّان، محمّد، الثقات: ج6، ص223.
[182] الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص320.
[183] الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص229.
[184] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج19، ص250.
[185]الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج1، ص315. البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى: ج2، ص167.
[186]الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج1، ص315 ـ 316.
[187]البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى: ج2، ص167.
[188] اُنظر: الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج2، ص51. الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج2، ص292. الخطابي، أحمد بن محمد، غريب الحديث: ج2، ص169. الخلعي، علي بن الحسن، الفوائد المنتقاة الحسان الصحاح والغرائب: ص50، (مخطوط من برنامج جوامع الكلم).
[189] اُنظر ترجمته في: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج9، ص40 ـ 41.
[190]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص54.
[191]الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص228.
[192] الصحيح هو محمد بن علي بن الحسن، كما تدلّ عليه الأسانيد الأُخرى في كتاب الشجري.
[193]الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص242.
[194]الآجري البغدادي، محمد بن الحسين، الشريعة: ج5، ص2180.
[195] اُنظر: الدارقطني، علي بن عمر، سؤلات حمزة للدارقطني: ص191.
[196]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج9، ص57.
[197] اُنظر: الأرنؤوط، شعيب بن محرم، ومعروف، بشار عواد، تحرير تقريب التهذيب: ج4، ص39.
[198]الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص336.
[199] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج3، ص108. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص265.
[200]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج3، ص109.
[201]الحاكم النّيسابوريّ، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج3، ص311.
[202]ابن شاهين، عمر بن أحمد، تاريخ أسماء الثقات: ص77.
[203]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص265.
[204]أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج2، ص688.
[205] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الخصائص الكبرى: ج2، ص127.
[206]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي،تاريخ بغداد: ج1، ص264.
[207]الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج2، ص731.
[208]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج9، ص131.
[209] اُنظر: المصدر السابق.
[210]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص72.
[211] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص206ـ 207.
[212] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج5، ص291.
[213]أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج2، ص669.
[214]اُنظر: العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات: ج2، ص95.
[215]اُنظر: ابن شاهين، عمر بن أحمد، تاريخ أسماء الثقات: ص168.
[216] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج9، ص518.
[217] ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص415.
[218]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج9، ص518.
[219]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج6، ص51 ـ 52.
[220]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج5، ص213.
[221]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج7، ص515.
[222]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج8، ص392.
[223]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص92.
[224]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص173.
[225] اُنظر: البخاري، محمد بن إسماعيل،التاريخ الكبير: ج8، ص31.
[226] هكذا في النسخة المطبوعة، لكن الصحيح هو محمّد بن علي، فقد روى عنه الشجري كثيراً، وذكر اسمه مفصلاً في أكثر من موضع، واسمه: محمّد بن عليّ بنِ الحسَنِ بنِ علِيّ بنِ الحسَينِ بنِ عبد الرّحمَنِ الحسَنِيّ البَطحَانيّ، اُنظر ـ مثلاً ـ: الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص98، ص184، ص187، وغيرها.
[227]المصدر السابق: ج1، ص224 ـ 228.
[228] اُنظر ترجمته في: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج17، ص636. الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (441 ـ 460هـ)، ج30 ص118ـ 119.
[229] اُنظر ترجمته في: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج17، ص100ـ 101.
[230]الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج1، ص136.
[231]الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج3، ص839.
[232]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تلخيص الحبير: ج1، ص138.
[233] اُنظر: الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج2، ص236، وج3، ص16، وج4، ص94.
[234] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص330. ابن حبّان، محمد، الثقات: ج4، ص249.
[235]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص442.
[236] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص242.
[237]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2653 ـ 2654.
[238]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج44، ص180.
[239]الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص227.
[240]اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج19، ص250.
[241]اُنظر: الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج1، ص315. البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى: ج2، ص167.
[242]الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج1، ص315 ـ 316.
[243]البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى: ج2، ص167.
[244]اُنظر: الدار قطني، علي بن عمر،سنن الدارقطني: ج2، ص51. الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج2، ص292. الخطابي، أحمد بن محمد،غريب الحديث: ج2، ص169. الخلعي، علي بن الحسن، الفوائد المنتقاة الحسان الصحاح والغرائب: ص50، (مخطوط من برنامج جوامع الكلم).
[245]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص648. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص73.
[246] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص151. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص4.
[247]الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص227.
[248]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص39.
[249]الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص357 ـ 358.
[250]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص551.
[251]الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص358.
[252] ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، الهواتف: ص87.
[253] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج45، ص297.
[254]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص111 ـ 114.
[255]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2648 ـ 2650.
[256] اُنظر: الزمخشري، جار الله، ربيع الأبرار ونصوص الأخيار: ج1، ص233 ـ 234.
[257] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص233ـ 235.
[258]ابن شهر آشوب، محمد بن علي،مناقب آل أبي طالب: ج3، ص219.
[259] اُنظر: القمي، محمد بن الحسن، العقد النضيد والدر الفريد: ص107 ـ 108.
[260]اُنظر: المصدر السابق: ص13.
[261]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (551 ـ 560هـ)، ج38، ص249.
[262] المصدر السابق: حوادث وفيات (481 ـ 490هـ)، ج33، ص338 ـ 339.
[263] اُنظر: ابن ماكولا، علي بن هبة الله، الإكمال: ج4، ص173. الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص491. واُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج11، ص324.
[264] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج3، ص177.
[265]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص549 ـ 550.
[266]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص550 ـ 551.
[267]ابن نما الحلي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص87.
[268] الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص224.
[269]القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص90.
[270]ابن نقطة، محمد بن عبد الغني، تكملة الإكمال: ج2، ص461.
[271]الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص224.
[272] هكذا في المطبوع، والصحيح هوحمّاد بن الحسن الوراق.
[273]ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، التبصرة: ج2، ص15.
[274] هكذا في المطبوع والظاهر بعد التتبّع والتحقيق أنّ شيخ علي بن عبيد الله الزاغوتي هو علي بن أحمد بن البسري البندار وليس السري، وهو كذلك في: سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص560.
[275]ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، التبصرة: ج2، ص14. والظاهر بل الذي عليه التحقيق هو أبو عبد الله بن بطة، وهو عبيد الله بن محمد العكبري الملقّب بابن بطة، وكان ابن البسري آخر من روى عنه بالإجازة. اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج16، ص529. وهو الموافق لما ورد في تذكرة الخواص. اُنظر:سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص560.
[276] ابن النجار البغدادي، محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد: ج4، ص199.
[277] مع ملاحظة أنّ الجصّاصين أكثر من واحد، وقد رووا هذا الخبر، فيكون العدد أكثر من عشرين، جزماً.
[278] الموسوعة الفقهية الكويتية: ج42، ص49.
[279] الموسوعة الفقهية الكويتية: ج42، ص50.
[280]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص167.
[281]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص177.
[282]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص165.
[283]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص169ـ 171.
[284] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص217.
[285]العلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص372.
[286] الخوئي, أبو القاسم, معجم رجال الحديث: ج11، ص259.
[287] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص227.
[288]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص166.
[289]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج9، ص53 ـ 54.
[290]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص167 ـ 168.
[291] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص409.
[292]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص171.
[293]المصدر السابق: ص173.
[294]المصدر السابق: ص172.
[295] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص167.
[296] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص356.
[297] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص354.
[298]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن،الفهرست: ص118.
[299]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص172.
[300]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص737.
[301] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص87.
[302] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص581 ـ 582.
[303]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص226.
[304]الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة: ص671 ـ 672.
[305]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص450.
[306] اُنظر: المصدر السابق: ص10.
[307]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص172.
[308]المصدر السابق: ص172 ـ 173.
[309]المصدر السابق: ص174.
[310] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست: ص151.
[311]اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص243 ـ 244، الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج12، ص245.
[312]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص173.
[313] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص581.
[314]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص297.
[315]المصدر السابق: ص173.
[316]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص64.
[317]المصدر السابق: ص206.
[318] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص88.
[319]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص173.
[320]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص437.
[321]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص174.
[322]المصدر السابق: ص174.
[323]الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص97.
[324]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص281.
[325]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص174ـ 175.
[326]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص62.
[327]المصدر السابق: ص281.
[328] انظر: المصدر السابق: ص115.
[329]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص175 ـ 176.
[330]المصدر السابق: ص176.
[331]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص201.
[332] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن،الفهرست: ص96.
[333]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج18، ص229.
[334]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص176.
[335]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص108.
[336]اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن،الفهرست: ص140.
[337]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص338.
[338]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص176.
[339] اُنظر الأقوال فيه، في: الشاهرودي، علي النمازي، مستدركات علم رجال الحديث: ج6، ص327 ـ 328.
[340]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص176ـ 177.
[341]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص178ـ 179.
[342] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص283 ـ 284.
[343]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص199.
[344] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص322 ـ 324، الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج18، ص119 ـ 123.
[345]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص199 ـ 200.
[346]المصدر السابق: ص200.
[347] الظاهر أنّ الإمام يخاطب يعقوب بن شعيب الميثمي، والحسن بن علي يسمع، كما هو ظاهر المتن.
[348]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص200.
[349]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص121.
[350] اُنظر: أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج2، ص667.
[351]الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص220.
[352]المصدر السابق: ص220.
[353]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[354] الملاحف المعصفرة، تقدّم أنّها المصبوغة بالعُصفُر، وهو نبت معروف يُصبغ به، والظاهر أنّه يصبغ الثياب ونحوها بالصبغ الأحمر، والمراد أنّ الحيطان تُرى حمراء لشدّة احمرار الشمس في تلك الفترة. ويؤيد ذلك أنّ الخبر أعلاه نقله ابن حجر الهيتمي من طريق عثمان بن أبي شيبة، بلفظ: «أنّ السماء مكثت بعد قتله سبعة أيام تُرى على الحيطان كأنّها ملاحف معصفرة من شدّة حمرتها، وضربت الكواكب بعضها بعضاً». ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص569.
[355]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114.
[356]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227.
[357]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص432.
[358]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص312.
[359] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص160ـ 161.
[360]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229.
[361]الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727. ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص215.
[362] لعلّ الصحيح هو سليم بن منصور، فقد أخرجه ابن النجار والشجري عن سليم عن أبيه، وعند مراجعة ترجمة منصور بن عمار، وجدنا أنّ الذي يروي عنه هو ابنه سليم ولم نجد مصدراً نصّ على أنّ من الرواة عنه ابنه السريّ، كما تتبّعنا عدّة من الروايات لمنصور ووجدنا أنّ من الذين يروون عنه هو سليم ولم نقف على السري في غير هذه الرواية، ولعل التحريف نشأ من كون منصور بن عمّار يكنّى بأبي السري، فتوهم بأنّ الراوي عنه هو السري والله العالم.
[363]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص123.
[364]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص443.
[365]اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص244.
[366]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2652.
[367]اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص438 ـ 439.
[368]اُنظر: الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص541.
[369]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (61ـ 80هـ)، ج5، ص107.
[370] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الخصائص الكبرى: ج2، ص127.
[371]الكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص583.
[372]ابن المغازلي، علي بن محمّد، مناقب علي بن أبي طالب: ص311.
[373] ابن النجار البغدادي، محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد: ج4، ص159. الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص242.
[374]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص105ـ 106.
[375] الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص145.
[376]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص568.
[377]الآجري البغدادي، محمد بن الحسين، الشريعة: ج5، ص2180.
[378]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص568. وأخرجه عدّة، منهم الطبراني في معجمه: ج3، ص124.
[379] السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب: ج2، ص497.
[380]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (191ـ 200هـ)،ج13، ص410.
[381]المصدر السابق: حوادث وفيات (191ـ 200هـ)،ج13، ص410.
[382]الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج6، ص395.
[383]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج9، ص170.
[384] اُنظر: مقدمة تحقيق كتاب (مناقب أمير المؤمنين) في طبعته الثانية، للكوفي، محمد بن سليمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ص19.
[385] في متن كتاب الخرائج والجرائح لا توجد (عن) بين شيخ المؤلف والراويين اللذين بعده، وقد أثبتنا ذلك من كتاب البحار. اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص184.
[386]قطب الدين الراوندي، سعيد بن هبة الله، الخرائج والجرائح: ج2، ص577 ـ 579.
[387]ابن نما الحلي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص76.
[388]اُنظر: ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218.
[389]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج16، ص622.
[390]ابن نقطة، محمد بن عبد الغني، تكملة الإكمال: ج3، ص205.
[391] في صحاح: «الجفنة كالقصعة، والجمع الجفان والجفنات». الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج5، ص2092. وقال أيضاً: «قال الكسائي: أعظم القصاع الجفنة، ثمّ القصعة تليها تشبع العشرة، ثمّ الصحفة تشبع الخمسة، ثمّ المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة، ثمّ الصحيفة تشبع الرجل». الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح: ج4، ص1384.
[392]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص121.
[393]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص231.
[394]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2640.
[395]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص435.
[396] اُنظر: الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[397] اُنظر: الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج2، ص81 ـ 82.
[398] اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص40.
[399] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج1، ص517 ـ 518.
[400] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص204.
[401] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص48.
[402] الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص233.
[403] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص151.
[404] اُنظر: ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنّف: ج1، ص68، ابن خزيمة، محمد بن إسحاق، صحيح ابن خزيمة: ج3، ص315.
[405] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج6، ص52ـ 53.
[406]اُنظر: الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج7، ص45.
[407]اُنظر: المصدر السابق: ج9، ص196.
[408] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج3، ص44. الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص355. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص246.
[409]الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.
[410] ابن الحاشر هو أحمد بن عبد الواحد البزار المعروف بابن عبدون وابن الحاشر، من مشايخ النجاشي والطوسي، وتوفي في سنة 423هـ.
[411]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص215.
[412]الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص220.
[413]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص99 ـ 101.
[414] إبراهيم: 42.
[415]الشعراء: 227.
[416] نقله في الدر النظيم: المشغري العاملي، يوسف بن حاتم، الدر النظيم: ص561 ـ 565.
[417]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج8، ص24 ـ 25.
[418] اُنظر ترجمته في: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث:
[419] في متن كتاب الخرائج والجرائح لا توجد (عن) بين شيخ المؤلف والراويين اللذين بعده، وقد أثبتنا ذلك من كتاب البحار. اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص184.
[420] إبراهيم: 42.
[421]الشعراء: 227.
[422]قطب الدين الراوندي، سعيد بن هبة الله، الخرائج والجرائح: ج2، ص577 ـ 582.
[423] العاملي، علي بن يونس، الصراط المستقيم: ج2، ص180.
[424]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج16، ص622.
[425] ابن نقطة، محمد بن عبد الغني، تكملة الإكمال: ج3، ص205.
[426] الكهف: 9.
[427]قطب الدين الراوندي، سعيد بن هبة الله، الخرائج والجرائح: ج2، ص577.
[428] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص188.
[429] ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الثاقب في المناقب: ص333.
[430] المصدر السابق: ص333.
[431]العاملي، علي بن يونس، الصراط المستقيم: ج2، ص179.
[432] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص117.
[433]المشغري العاملي، يوسف بن حاتم، الدر النظيم: ص561.
[434]الإربلي، علي بن أبي الفتح، كشف الغمّة: ج2، ص279.
[435] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص121.
[436]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218.
[437] الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة: ص188. الطبري، محمد بن جرير، نوادر المعجزات: ص110.
[438]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218.
[439] المصدر السابق: ج3، ص218.
[440]البحراني، هاشم بن سليمان،مدينة المعاجز: ج4، ص130.
[441]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218.
[442] الطريحي، فخر الدين، المنتخب: ص282.
[443]البحراني، هاشم بن سليمان،مدينة المعاجز: ج4، ص130.
[444]أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين(عليه السلام)، (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه): ص166.
[445]اُنظر: البحراني، هاشم بن سليمان،مدينة المعاجز: ج4، ص121ـ 123.
[446] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص172.
[447]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص115 ـ 116.
[448]البحراني، هاشم بن سليمان،مدينة المعاجز: ج4، ص124.
[449] اُنظر: أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين(عليه السلام) (النسخة المشتهرة المنسوبة إليه): ص168ـ 169.
[450]الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص348. سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، مرآة الزمان: ج8، ص148.
[451] البهبهاني، محمد باقر، الدمعة الساكبة: ج5، ص51 ـ 52.
[452]البهبهاني، محمد باقر، الدمعة الساكبة: ج5، ص70 ـ 72، ورواه أيضاً البحراني في مدينة المعاجز. البحراني، هاشم بن سليمان،مدينة المعاجز: ج4، ص126ـ 129.
[453] الحائري، محمد مهدي، معالي السبطين: ص539.
[454] المناوي، محمد عبد الرؤوف، فيض القدير: ج1، ص265.
[455]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج60 ص369ـ 370.
[456]السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الخصائص الكبرى: ج2، ص127.
[457]الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص76.
[458] الكوفي، محمد بن سلمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص267.
[459] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج9، ص460.
[460] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج3، ص1139.
[461] الحاكم النيسابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين (وبذيله التلخيص للذهبي): ج2، ص574.
[462] الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في الضعفاء: ج4، ص228.
[463] التميمي البستي، محمّد بن حبّان، المجروحين: ج2، ص9 ـ 10.
[464] العقيلي، محمّد بن عمرو، الضعفاء الكبير: ج2، ص250.
[465] الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في الضعفاء: ج4، ص229.
[466] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان الميزان: ج3، ص283.
[467] الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (221ـ 230هـ)، ج16، ص221.
[468] الحاكم النيسابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين (وبذيله التلخيص للذهبي): ج2، ص574.
[469] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج2، ص224.
[470] اُنظر مثلاً: ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج4، ص288.
[471] اُنظر: الحاكم النيسابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين (وبذيله التلخيص للذهبي): ج2، ص262، ص290، ص319.
[472] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم: ج1، ص114.
[473] العسقلاني، أحمد بن حجر، المطالب العالية: ج18، ص493.
[474] اُنظر: ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد (بتحقيق أحمد شاكر): ج2، ص545، ج4، ص333.
[475] اُنظر: ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد (بتحقيق شعيب الأرنؤوط): ج2، ص13، وج2، ص60، وج4، ص297.
[476] اُنظر: العسقلاني، أحمد بن حجر، تهذيب التهذيب: ج10، ص283.
[477] ابن معين، يحيى، تاريخ ابن معين (برواية الدوري): ص299.
[478] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج28، ص571.
[479] العجلي، أحمد بن عبد الله، معرفة الثقات: ج2، ص300.
[480] الدارقطني، علي بن عمر، سؤالات الحاكم للداقطني: ص273.
[481] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج28، ص570.
[482] الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج4، ص192.
[483] الأرنؤوط، شعيب بن محرم، ومعروف، بشار عواد، تحرير التقريب: ج3، ص421 ـ 422.
[484] الألباني، محمّد ناصر الدين، إرواء الغليل: ج6، ص150.
[485]الحاكم النيسابوري، محمّد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين (وبذيله التلخيص للذهبي): ج2، ص574.
[486]البزار، أحمد بن عمر، مسند البزار (البحر الزخار): ج4، ص310.
[487] اُنظر: مقدمة تحقيق كتاب (مناقب أمير المؤمنين) في طبعته الثانية. الكوفي، محمد بن سلمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ص19.
[488] نقله السيوطي في بغية الوعاة. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: ج1، ص529.
[489]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص355.
[490] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج3، ص282 ـ 283.
[491]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج22، ص117.
[492]المصدر السابق: ج22، ص117.
[493] الصفدي، خليل بن أيبك، الوافي بالوفيات: ج15، ص201.
[494]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج43، ص236.
[495] اُنظر: المصدر السابق: ج36، ص261 ـ 262.
[496] المصدر السابق: ج11، ص45.
[497] المصدر السابق: ج11، ص45.
[498] الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج26، ص545 ـ 546.
[499]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج4، ص399.
[500]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج9، ص317.
[501]اُنظر: الطحاوي، أحمد بن محمد،شرح مشكل الآثار: ج6، ص233، وج13، ص37.
[502]اُنظر: الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج2، ص37.
[503] اُنظر: الرازي، تمام بن محمد، الفوائد: ج1، ص210، ص308.
[504] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص168.
[505]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص168. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص191.
[506]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج8، ص257. الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص123.
[507] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج4، ص137ـ 138.
[508] نقلها المرعشي النجفي في شرح إحقاق الحق. المرعشي النجفي، شهاب الدين، شرح إحقاق الحق: ج11، ص452.
[509]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص217.
[510]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص115ـ 116.
[511] الكهف: آية 9.
[512] اُنظر: الصدر، محمد، أضواء على ثورة الإمام الحسين(عليه السلام): ص203.
[513]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص542 ـ 543، واُنظر أيضاً: مرآة الزمان: ج8، ص157ـ 158.
[514]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج2، ص312 ـ 313.
[515] ابن العمراني، محمد بن علي، الإنباء في تاريخ الخلفاء: ص54.
[516]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص217.
[517]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص115ـ 116.
[518]القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص91.
[519] اُنظر: أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين(عليه السلام): ص190ـ 191.
[520]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص581.
[521] في مرآة الزمان: (طيوراً) وليس (طيراً). سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي،: ج8، ص148.
[522]الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص348.
[523]ابن الأثير، عليّ بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج4، ص80.
[524]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص206.
[525]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، مرآة الزمان: ج8، ص148.
[526]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص114.
[527]ابن نما الحلي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص65 ـ 66.
[528]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص542 ـ 543. واُنظر أيضاً: سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، مرآة الزمان: ج8، ص157ـ 158.
[529]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج2، ص312 ـ 313.
[530]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص217.
[531]المصدر السابق.
[532]القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص91.
[533] اُنظر: أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين(عليه السلام)(عليه السلام): ص190ـ 192.
[534]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص581.
[535] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص435.
[536] أبو الحسين، محمّد بن الحسين بن الفضل القطان.
[537] عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي.
[538] يعقوب بن سفيان الحافظ.
[539] اُنظر: البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة: ج6، ص472.
[540] اُنظر: المآربي، مصطفى بن إسماعيل،إتحاف النبيل: ج2، ص98.
[541]ابن معين، يحيى، تاريخ ابن معين (برواية الدوري): ج1، ص361.
[542] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص230.
[543]اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص434 ـ 435.
[544]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313.
[545]الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.
[546]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص215.
[547] ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم، عيون الأخبار: ج1، ص311 ـ 312.
[548] ابن عبد ربّه الأندلسي، أحمد بن محمد، العقد الفريد: ج5، ص133.
[549]الدمشقي الباعوني، محمد بن أحمد، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي(عليه السلام): ج2، ص275.
[550] القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ج3، ص166.
[551]ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الثاقب في المناقب: ص337.
[552]الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص727.
[553]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص215.
[554]ابن المغازلي، علي بن محمّد، مناقب علي بن أبي طالب: ص308 ـ 309.
[555]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2640.
[556]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2620.
[557]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص553 ـ 554.
[558] النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص217.
[559]العلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال: ص372.
[560] الخوئي, أبو القاسم, معجم رجال الحديث: ج11، ص259.
[561] اُنظر: الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص227.
[562] كلمة (رأسه) في كتاب الفقيه غير موجودة.
[563] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص170.
[564]الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص232.
[565] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص175.
[566]اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، علل الشرايع: ج2، ص389.
[567]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص365.
[568] الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي: ص343.
[569]الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج17، ص138.
[570] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص534.
[571]النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص335.
[572]الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج16، ص237.
[573] كلمة (حدثنا) غير موجودة في النسخة المطبوعة التي اعتمدناها من تاريخ ابن عساكر، وقد أثبتناها من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2646، والظاهر هو الصحيح؛ لعدم تناسب رواية يحيى بن محمد بن زبارة عن إبراهيم بن علي الرافعي بدون واسطة.
[574] الظاهر أنّ الصحيح هو الحلواني بالحاء، كما في بغية الطلب ومقتل الخوارزمي, وغيرها من المصادر.
[575] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج70، ص23ـ 24.
[576] ابن العديم، عمر بن أحمد، بُغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2646ـ 2647.
[577] الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص105.
[578] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص171ـ 172.
[579] السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب: ج3، ص129.
[580] ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، اللباب في تهذيب الأنساب: ج2، ص56.
[581] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج8، ص97.
[582] الذهبي، محمد بن أحمد، العبر في خبر مَن غبر: ج2، ص29.
[583] الرازي، الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج2 ص116.
[584] المصدر السابق.
[585] البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير: ج1، ص310.
[586] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج2، ص156.
[587] ابن حبّان، محمد، المجروحين: ج1، ص103.
[588] الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج1، ص258.
[589] انظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2 ص262. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص207.
[590] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج6، ص371.
[591] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج8، ص233.
[592] الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج2 ص230.
[593]ابن سعد، محمد بن سعد، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم أحداث الأسنان): ج1، ص503.
[594]اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص232.
[595] ابن حنبل، أحمد، فضائل الصحابة: ج2، ص574 ـ 575.
[596]الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص215، وج1، ص234، وج1، ص245.
[597] هو عبد الملك بن عمرو.
[598]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112.
[599] اللالكائي، هبة الله بن الحسن، كرامات الأولياء: ص139.
[600]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص232.
[601]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2642.
[602] أبو العرب، محمد بن أحمد، المحن: ص163.
[603]الآجري البغدادي، محمد بن الحسين، الشريعة: ج5، ص2182ـ 2183.
[604]اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص444ـ 445.
[605]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص436.
[606]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص313. الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (61ـ 80هـ)، ج5، ص16.
[607]اُنظر: الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[608] اُنظر: الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص220.
[609] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج6، ص363.
[610] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج1، ص347.
[611]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص617.
[612]المصدر السابق: ج2، ص29.
[613]الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص136.
[614] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج8، ص124.
[615]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص753.
[616]الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج1، ص66.
[617] ابن حنبل، أحمد، فضائل الصحابة (بتحقيق وصي الله بن محمد): ج2، ص574.
[618]الآجري البغدادي، محمد بن الحسين، الشريعة (بتحقيق الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي): ج5، ص2182.
[619]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[620]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص433.
[621]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص227.
[622]المصدر السابق.
[623]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج19، ص303 ـ 307. كما أنّه ذكر الأقوال مع ترجمة مفصّلة للرجل.
[624]المصدر السابق: ج17، ص595.
[625]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج17، ص595.
[626]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج9، ص206.
[627]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص89.
[628]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج6، ص297.
[629]اُنظر: الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج3، ص470.
[630] اُنظر: البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير: ج3، ص274.
[631] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص270.
[632]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص213.
[633]ابن المغازلي، علي بن محمّد، مناقب علي بن أبي طالب: ص313 ـ 314.
[634]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص259.
[635]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2642.
[636] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص258.
[637]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج19، ص603.
[638]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج20 ص6.
[639]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (461 ـ 470هـ)، ج31، ص59.
[640]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج10، ص379.
[641]المصدر السابق: ج3، ص399 ـ 400. السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب: ج1، ص212 ـ 213.
[642] ابن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان: ج4، ص341.
[643]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج8، ص135.
[644]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج7، ص2.
[645] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج13، ص54ـ 55.
[646]اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج9، ص241.
[647]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج9، ص88.
[648]الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج4، ص282 ـ 283.
[649] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (201 ـ 210هـ)، ج14، ص229.
[650] الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج5، ص244.
[651] الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (211 ـ 220هـ)، ج15، ص142.
[652] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، غنية الملتمس إيضاح المشتبه: ص262.
[653] اُنظر: ابن ناصر الدين القيسي، محمّد بن عبد الله، توضيح المشتبه: ج5، ص150.
[654] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (201ـ 210هـ)، ج14، ص229.
[655] ابن الجزري، محمّد بن محمّد، غاية النهاية في طبقات القراء: ج1، ص334.
[656] اُنظر: ابن حبّان، محمد، صحيح ابن حبّان: ج11، ص308.
[657]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج7، ص153.
[658] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تلخيص المتشابه في الرسم: ج1، ص335.
[659]القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص44.
[660]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج1، ص368.
[661]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تلخيص المتشابه في الرسم: ج1، ص334.
[662]اُنظر: الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج4، ص67. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان الميزان: ج3، ص166.
[663] اُنظر: الإسماعيلي، أحمد بن إبراهيم، المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي: ج1، ص309، ج2، ص622.
[664]اُنظر: ابن المغازلي، علي بن محمّد، مناقب علي بن أبي طالب: ص59.
[665] اُنظر: ابن مردويه، أحمد بن موسى، مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في عليّ: ص147.
[666]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج9، ص63.
[667]اُنظر: المصدر السابق: ج7، ص174.
[668] البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير: ج6، ص157.
[669]الجرجاني، عبد الله بن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ج5، ص53.
[670]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص8.
[671] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص116ـ 117.
[672]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج2، ص8.
[673] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص117.
[674]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج5، ص415.
[675]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص569.
[676]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص572 ـ 573.
[677]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص117ـ 118.
[678] ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، بستان الواعظين: ص262.
[679]القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص171.
[680] الحممة عند العرب هي الفحمة.
[681] ثعلب، أحمد بن يحي، مجالس ثعلب: ص68.
[682] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص233.
[683]اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص436ـ 437.
[684]اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص437.
[685]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص111.
[686]اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج3، ص909.
[687]اُنظر: ابن الأثير، المبارك بن محمد، المختار من مناقب الأخيار: ج2، ص119.
[688]الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج2، ص516.
[689]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص234.
[690]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص437.
[691]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2640.
[692]الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص145.
[693]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص570.
[694] اُنظر: القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص23.
[695]اُنظر: ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص571ـ 572.
[696]اُنظر: الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج5، ص3، التاريخ الكبير: ج5، ص44.
[697]اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج7، ص16.
[698] لعل الصحيح: (غُشي) أي (أُطفئ).
[699]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص232 ـ 233.
[700] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص437.
[701]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، أربع مجالس للخطيب: ص18، حديث45. (مخطوط، منشور في برنامج جوامع الكلم).
[702]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج19، ص600.
[703]المصدر السابق.
[704]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج2، ص213.
[705]المصدر السابق: ج7، ص139.
[706]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (351 ـ 380هـ)، ج26، ص86.
[707] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج8، ص96. الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (301 ـ 310هـ)، ج23، ص493.
[708]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج2، ص182.
[709]المصدر السابق: ج8، ص458.
[710]اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص254.
[711]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص406.
[712]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص314.
[713]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص259.
[714] اُنظر: الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج3، ص619، التاريخ الكبير: ج3، ص445.
[715]الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص246.
[716]القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص169.
[717]الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص221.
[718] لعلّه: يعقوب بن سليمان.
[719]القاري، علي بن محمد، شرح الشفا: ج1، ص703 ـ 704.
[720] البيهقي، إبراهيم بن محمد، المحاسن والمساوئ: ص28.
[721]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص571.
[722]الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص218.
[723] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الثاقب في المناقب: ص335.
[724]اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج18، ص299 ـ 300.
[725]اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص353.
[726] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج16، ص48 ـ 54.
[727]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص685.
[728]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص572.
[729] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة: ج4، ص560.
[730]الكوفي، محمد بن سلمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص264.
[731] نقلناها عن: المرعشي، شهاب الدين، شرح إحقاق الحق: ج27، ص356.
[732]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص117.
[733]الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص162ـ 163.
[734]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص219.
[735]ابن سعد، محمد بن سعد، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم أحداث الأسنان): ج1، ص504.
[736] الطبري، محمد بن جرير، المنتخب من ذيل المذيل: ص25.
[737] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص231ـ 232.
[738] البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج6، ص410.
[739] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج12، ص54 ـ 55. الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج10، ص400 ـ 401.
[740] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج1، ص38.
[741] اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج8، ص459.
[742] ابن حنبل، أحمد، سؤالات أبي داود لأحمد: ص360. الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج12، ص106.
[743]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج12، ص106.
[744] المصدر السابق: ج12، ص106.
[745] اُنظر: المصدر السبق: ج12، ص106.
[746]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص392.
[747] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج3، ص50.
[748]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2641.
[749]الدينوري، أحمد بن داود، الأخبار الطوال: ص258.
[750]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112.
[751]ابن سعد، محمد، طبقات ابن سعد، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم أحداث الأسنان): ج1، ص503.
وعنه: ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص314.
[752] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج37، ص451.
[753]اُنظر: الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص234.
[754]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص99.
[755] اُنظر ترجمته في: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (291 ـ 300هـ)، ج22، ص147.
[756] ابن طاووس، علي بن موسى، الملاحم والفتن: ص335.
[757]ابن الأثير، عليّ بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج4، ص265.
[758] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، المحاضرات والمحاورات: ص80.
[759]اُنظر: الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[760]اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج1، ص372. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص11.
[761]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص151. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج10، ص4.
[762] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج6، ص282 ـ 283.
[763]الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص652.
[764]اُنظر: الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج5، ص364.
[765]اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج34، ص35.
[766]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص429.
[767]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[768]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص523.
[769]الرزّاز الواسطي، أسلم بن سهل، تاريخ واسط: ص99 ـ 100.
[770] اُنظر: ابن المغازلي، علي بن محمّد، مناقب علي بن أبي طالب: ص309.
[771] اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2641.
[772]ابن كيال الشافعي، محمد بن أحمد، الكواكب النيرات: ص29.
[773] اُنظر: البخاري الكلاباذي، أحمد بن محمد، الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد (رجال صحيح البخاري): ج1، ص206.
[774] اُنظر: الباجي، سليمان بن خلف، التعديل والتجريح: ج1، ص535.
[775] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج5، ص423 ـ 424.
[776]المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج1، ص153.
[777]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص697.
[778] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص328. الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج1، ص143ـ 144. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج2، ص328.
[779]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص222.
[780] الألباني، محمّد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج7، ص1414.
[781] قال الشيخ البهائي: «والقطران ـ بكسر الطاء ـ: عصارة شديدة النتن والحدّة، يُطلى بها الجمل الأجرب فتحرق جربه لحدّتها، ومن شأنها أن تشتعل النار فيما يُطلى بها بسـرعة، روي أنّه يُطلى بها جلود أهل النار إلى أن تصير لهم بمنزلة القمصان، فيجتمع عليهم لدغها وحدتها مع احتراق النار، نعوذ بالله من ذلك». البهائي، محمد بن الحسين، مفتاح الفلاح: ص266.
[782] وفي نقل ابن الجوزي أنّ هذا الشخص هو السدي، كما يدلّ عليه آخر الخبر أيضاً.
[783]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص258ـ 259.
[784]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2642 ـ 2643.
[785]ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، بستان الواعظين: ص263.
[786] اُنظر: ابن حمزة الطوسي، محمد بن علي، الثاقب في المناقب: ص335.
[787] اُنظر: ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص216.
[788]المصدر السابق: ج3، ص216.
[789]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص116 ـ 117.
[790]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج8، ص24 ـ 25.
[791] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص102ـ 103.
[792] اللالكائي، هبة الله بن الحسن، كرامات الأولياء: ص138ـ 139.
[793]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج52، ص359.
[794]الذهبي، محمد بن أحمد، العبر في خبر مَن غبر: ج3، ص193.
[795]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج1، ص426.
[796]الرازي، عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل: ج7، ص62.
[797]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج12، ص355.
[798]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج9، ص6.
[799]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (231 ـ 240هـ)، ج17، ص295.
[800] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج14، ص386.
[801] العسقلاني، أحمد بن حجر، طبقات المدلّسين: ص44.
[802] الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج3، ص431.
[803] الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج4، ص27.
[804] اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج5، ص564.
[805]اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص347.
[806]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص405.
[807]اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب: ج7، ص350.
[808]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص618.
[809]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (121ـ 140هـ)، ج8، ص475.
[810]تركنا ذكر ما حدث له لعدم مناسبته المقام.
[811]ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، مجابو الدعوة: ص173.
[812]اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2621.
[813]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص104ـ 105.
[814]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص119.
[815] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص234 ـ 235.
[816] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص438.
[817] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص314.
[818]اُنظر: الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص540.
[819] اُنظر: الكوفي، محمد بن سلمان، مناقب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ج2، ص263.
[820] ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص571.
[821]القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص22.
[822]الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص540.
[823]ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2621.
[824]السلمي، محمد بن الحسين، سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني: ص99. والذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج2، ص622.
[825] الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال: ج3، ص143.
[826] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص234. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج1، ص79.
[827] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف: ج1، ص449.
[828]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
[829] اُنظر: المآربي، مصطفى بن إسماعيل،إتحاف النبيل: ج2، ص98.
[830]ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، مجابو الدعوة: ص72.
[831] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص223.
[832] اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2620.
[833] اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص104.
[834] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص434 ـ 435.
[835] اُنظر: المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص430. الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص311 ـ 312. الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص539 ـ 540.
[836] ابن نما الحلي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص53.
[837]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص104.
[838]الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص144.
[839]الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص539.
[840]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص214.
[841]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114.
[842] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص435.
[843]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ص107.
[844]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص193.
[845] والبغر بالتحريك : داء وعطش. قال الأصمعي : هو عطش يأخذه الإبل فتشرب فلا تروى، وتمرض عنه فتموت. (صحاح الجوهري: ج2، ص594). وقال اليزيدي: «بغر بغراً إذا أكثر من الماء فلم يرو»، ينظر معنى البغر مفصلاً في: لسان العرب: مادة بغر، ج4، ص72.
[846] تاريخ الطبري: ج4، ص312.
[847] اُنظر: الإرشاد: ج2، ص87، إعلام الورى للطبرسي: ج1، ص452.
[848]ابن الأثير، عليّ بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج4، ص53ـ 54.
[849]البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج3، ص180ـ 181.
[850]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص214.
[851]سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص569ـ 570.
[852] اُنظر: ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص572.
[853] اُنظر: القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج3، ص24.
[854]الشجري، يحيى بن الحسين، الأمالي الخميسية: ج1، ص239 ـ 240.
[855] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان الميزان: ج6، ص196.
[856] أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين: ص117ـ 118.
[857]الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص219.
[858]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص216.
[859] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج18، ص299ـ 300.
[860] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ص353.
[861] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج16، ص48 ـ 54.
[862]الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج5، ص325 ـ 326.
[863] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج37، ص461.
[864]اُنظر: الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص96.
[865]الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص112 ـ 113.
[866]الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج5، ص113.
[867] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج37، ص471.
[868]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص549.
[869] الصحيح (عمارة) وليس (عمار).
[870]الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص219.
[871] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص308.
[872]اُنظر: ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص218.
[873]الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج5، ص326.
[874]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص207.
[875]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص549، هامش رقم 2.
[876]ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص578.
[877]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص548 ـ 549.
[878]ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد، الإشراف في منازل الأشراف: ج1، ص106ـ 107.
[879] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج37، ص460ـ 461.
[880]اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد: ج14، ص67.
[881]اُنظر: ابن حبّان، محمد، الثقات: ج9، ص243.
[882]ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب: ج2، ص366.
[883]البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج3، ص202.
[884] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص345.
[885]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص43 ـ 44.
[886]القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص165.
[887]ابن الأثير، عليّ بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج4، ص77.
[888] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص111.
[889]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص214.
[890]البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج3، ص202.
[891]الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص342.
[892]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص40.
[893] اُنظر: ابن الأثير، عليّ بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج4، ص75. نهاية الإرب في فنون الأدب: ج20، ص286.
[894]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص220.
[895] اُنظر: ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج6، ص2616.
[896] اُنظر: الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام): ص430 ـ 431.
[897]الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (61 ـ 80هـ)، ج5، ص12ـ 13.
[898]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج3، ص310 ـ 311.
[899]الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص149.
[900]المصدر السابق: ص144.
[901] اُنظر: الصالحي الشامي، محمّد بن يوسف،سبل الهدى والرشاد: ج11، ص540.
[902]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص42.
[903]ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص215.
[904]الخوارزمي، محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج2، ص115.
[905]ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنّة: ج4، ص560.
[906] ابن سعد، محمد، طبقات ابن سعد، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم أحداث الأسنان): ج1، ص507.
[907]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص219.
[908]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج6، ص259.
[909]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم: ج4، ص154.
[910] الخميس، عثمان، حقبة من التاريخ: ص148.
[911] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، تدريب الراوي شرح تقريب النواوي: ج1، ص194. القاسمي، محمّد جمال الدين، قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: ص109. السخاوي، محمّد بن عبد الرحمن، فتح المغيث شرح ألفية الحديث: ج1، ص73.
[912] الألباني، محمّد ناصر الدين، صحيح الترغيب والترهيب: ج1، ص9.
[913] اُنظر: الذهبي، محمّد بن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج1، ص203.
[914] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (81 ـ 100هـ)، ج6، ص281.
[915] اُنظر: ابن حبان، محمد، الثقات: ج4، ص80.
[916] اُنظر: ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج9، ص376.
[917] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، العبر في خبر مَن غبر: ج1، ص121.
[918] اُنظر: الأتابكي، يوسف بن تغري، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ج1، ص295.
[919]ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح): ص96.
[920] اُنظر: الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، الكفاية في علم الرواية: ج1، ص71 ـ 72. الزركشي، محمّد بن بهادر، النكت على مقدمة ابن الصلاح: ج3، ص461 ـ 462.
[921] ابن سعد، محمد، طبقات ابن سعد، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم أحداث الأسنان): ج1، ص507.
[922] اُنظر: المصدر السابق.
[923] ابن سعد، محمد، طبقات ابن سعد: ج7، ص512.
[924] الخميس، عثمان، حقبة من التاريخ: ص148.
[925] المصدر السابق.
[926]الهيثمي، عليّ بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[927]الخميس، عثمان، حقبة من التاريخ: ص150. وكما أوضحنا في المتن فإنّنا لسنا بصدد الأجوبة على الشبهات المثارة على الثورة الحسينيّة، ولكن على نحو الإجمال نشير إلى أنّ كلام عثمان الخميس باطل جملة وتفصيلاً من وجوه عدّة:
أوّلاً: أنّه يتنافى مع الروايات العديدة الدالّة على بكاء النبيّ| وحزنه على ما سيحصل للحسين(عليه السلام) وأنّ جبرائيل نزل عليه وأخبره بالقصّة وأراه تربة كربلاء، ولم نجد من النبيّ| أيّ توجيه إلى الحسين(عليه السلام) بعدم الخروج، بل كان محزوناً مهموماً ممّا ستفعله الأُمّة به، وهذا يدلّ على أنّ خروج الإمام الحسين(عليه السلام) كان ضرورة لا بدّ منها.
ثانياً: أنّه يتنافى مع الروايات العديدة الدالّة على حبّ النبي| للحسين(عليه السلام) وأمره الأُمّةَ الإسلامية بأن تحبّ الحسين(عليه السلام)، فكيف يمكن للأُمّة أنْ تحبّ رجلاً شقّ عصا المسلمين، وكان عديم الخبرة وبخروجه كانت المفسدة واضحة وبيّنة، وليس فيه أيّ مصلحة تُذكر!! فمن روايات الحبّ يتّضح مشروعية خروج الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّه كان عين الصواب.
ثالثاً: أنّه يتنافى مع الحديث النبويّ المتواتر: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». فكيف يمكن أن يكون في خروجه مفسدة ويكون سيّد شباب أهل الجنّة بنفس الوقت، فكونه سيّد شباب أهل الجنّة تعني أنّه محقّ في خروجه وتحركه.
رابعاً: يتنافى مع ما أوردناه في المتن من ظهور الكرامات والحوادث الكونيّة العديدة بعد مقتله، ولو كان في خروجه مفسدة فلا معنى لحدوث كلّ هذه الحوادث.
خامساً: يتنافى مع ما نقلناه في المتن من الاتّفاق على تحسين الثورة الحسينيّة.
هذا ولو أردنا بالخوض في أسباب الثورة وظروف المجتمع وما رافقه من بيعة يزيد وكيف آلت الأُمور إلى عاشوراء لاتّضحت الأُمور بصورة جيّدة، لكنّه تطويل خارج عن محلّ البحث، وما ذكرناه من إشارات تكفي اللبيب في معرفة أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) محقٌّ ومصيب.
[928]ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة: ج4، ص530 ـ 531.
[929] الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار: ج7، ص362.
[930] ابن العماد، عبد الحي بن أحمد، شذرات الذهب: ج1، ص68.
[931] الكهف: الآية 29.
[932] العنكبوت: الآية40.
[933]ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص219.
[934]ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص258. المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص446.
[935]الزرندي، محمد بن يوسف، نظم درر السمطين: ص220.
[936]القاضي المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص166.
[937] ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح: ج5، ص119.
[938]ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، التبصرة: ج2، ص16.
[939] المناوي، محمد عبد الرؤوف، فيض القدير: ج1، ص701.
[940] أورده المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص266. عن بعض الكتب المعتبرة عن لوط بن يحيى عن عبد الله بن قيس، كما صرّح بذلك في أول الخبر. وقد عثرنا على الخبر في مقتل أبي مخنف المشتهر: ص153.
[941] انظر: سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي،: تذكرة الخواص: ص541. الهيتمي، أحمد بن حجر، الصواعق المحرقة: ج2 ص580.
[942] انظر: سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي، تذكرة الخواص: ص542.
[943]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج2، ص312.
[944]إبراهيم: 42.
[945]الشعراء: 227.
[946]ابن حبّان، محمد، الثقات: ج2، ص313.
[947] الإسراء: 15.