مقدمة الموسوعة
ﭑ ﭒ ﭓ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
اما بعد، فمن الطبيعي أن تتعرض الحركات الإصلاحيّة لشتى أنواع الشبهات والافتراءات والأكاذيب، وكلما ترسّخت وأشرقت تلك الحركات كلما ازداد أعداؤها والمتربصون بها، وأعظم الحركات الإصلاحيّة وأكثرها تأثيراً في التاريخ هي نهضة الإمام الحسين×؛ حيث إنّها أرجعت دين خاتم النبيين إلى مساره الصحيح بعد أن حُرّف ودخل التغيير في كل شيء فيه، حتى وصل الأمر إلى أن يستلم الخلافة والإمارة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم وطريدي رسول الله’، بل وصل الأمر إلى أن يكون خليفة المسلمين والمتسلط على مقاديرهم شخص متجاهر بشتى أنواع الفسق والفجور، شخص لا ينفع معه النصح والإنكار، فكان السكوت عنه إعانة له على التسلط والتجبر والفساد، وبالتالي ذهاب قيم ومبادئ الإسلام من قلوب قوم حديثي عهد بالإيمان في أقل من عقد من الزمان، فلا طريق لحفظ دين الله إلا بالثورة والإنكار باليد واللسان، ومن هنا ما كان للإمام الحسين× إلا القيام بنهضة يكون ثمنها فيه دمه ودم أبنائه واخوته واصحابه وسبي عياله، ونتاجها إحياء دين محمد’، فأعلنها «ألا ترون أنَّ الحق لا يعمل به، وأنَّ الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً; فإنّي لا أرى الموت إِلّا شهادة [سعادة] ولا الحياة مع الظالمين إِلّا برماً».
حركة من هذا القبيل تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وعلى مر الأزمان من شأنها أن تتعارض مع مصالح الكثيرين ممن لا يكون له وجود ـ بسوء اختياره ـ إلا على مائدة المنحرفين والطغاة والظلمة، فكان موقفهم أن سعوا بكل قوة لإخفاء وتشويه مبادئ ومُثل النهضة الحسينية في وعي الأمة، فأكثروا الكذب والدّس والتزوير فيها لإفراغها من محتواها، فلم تكن الدسائس والشبهات وليدة اليوم، بل لها جذور تاريخية اجتُرّت وزُينت عبر القرون إلى عصرنا الحاضر، حيث تبنّاها أمويو هذا الزمان اتباع محمد بن عبد الوهاب، فقاموا بتطويرها والتأصيل لها ونشرها على أوسع نطاق ممكن في المنابر والمحافل والإعلام، بل أنهم نظّروا لها في الكلّيات والمعاهد ورسائلهم الجامعية.
وفي المقابل تحمّل شيعة الحسين× مسؤولية الدفاع عن هذه النهضة المباركة لإبقاء شعلتها وقّادة عبر الأزمان، فقام جملة من علمائنا ـ كل في عصره ـ بردود آنية على هذه الشبهات بحسب الحاجة، جزاهم الله عنّا وعن نبينا محمد وأهل بيته الأطهار كل خير.
وبتطور وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات، ازدادت الحاجة إلى تطوير العمل على رد الشبهات المتعلقة بالنهضة الحسينية، فكان (قسم رد الشبهات) في (مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية) متكفلاً بذلك؛ حيث إنّه يبحث عن جذور تلك الشبهات وأساسها، من خلال مطالعة أغلب الكتب القديمة والكتب الحديثة، وما يطرح على وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، واستخراج ما يتعلق بالنهضة الحسينية سلباً وايجاباً، ومن ثم يعمل على رد الشبهات، وعرضها على أكثر من مستوى لتتناسب مع كل طبقات المجتمع.
ففي الواقع أنّ قسم رد الشبهات يقوم بعمل تأسيسي موسوعي جديد، لم يكن مطروحا بهذا الكم والكيف من قبل، لرد الشبهات المتعلقة بالنهضة الحسينية، لما تحتويه هذه النهضة من محورية في بيان طريق الهداية وفضح سبل الضلال، فهو دفاع عن حصن من حصون التشيّع ورمز من رموز شرفه وعزته واتساعه وانتشاره، سائلين المولى التوفيق والتسديد إنّه نعم المولى ونعم النصير.
اللجنة العلمية في
قسم رد الشبهات