العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
الإمام الحسين (عليه السلام) وثورة عاشوراء من وجهة نظر المستشرقين

الإمام الحسين (عليه السلام) وثورة عاشوراء من وجهة نظر المستشرقين

  • المؤلف: رائد علي غالب

  • الطبعة: الأولى

  • الناشر : مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

  • سنة الطبع: 1440هـ ـ 2019م


الإهداء..

* إلى رسول ربِّ العالمينَ’.

* إلى خاتم النّبيّينَ وسيّدِ المرسلينَ’.

* إلى من قال فيه الحقُّ تبارك وتعالى وإنَّك لَعلى خُلُقٍ عظيمٍ.

إليك يا رسولَ الحقِّ أهدي كتابي؛ وحبّاً لحفيدك الذي قلت فيه (حسينٌ منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسينٌ سِبطٌ من الأسباط).

الباحث

شكر وتقدير

الحمد لله وليّ كلِّ نعمة وصاحب كلّ حسنة، أحمده وأثني عليه على ما وفّقني لطلب العلم، وكما قال تعالى: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: آية5)، ولوالديّ الشكرُ والثناءُ على ما غرسا فيّ من حبِّ النبي وآله الأطهار (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (الإسراء: آية24) .

أتوجّه بشكري الخالص لجميع الأساتذة، الذين يبذلون جهوداً قيّمة في إعداد البرامج العلمية في جامعة المصطفى’ العالمية، وأخصّ بالشكر رئيس جامعة المصطفى العالمية الدكتور الشيخ علي رضا الأعرافي ومعاونه الدكتور زارعي.

 وشكري وتقديري لجميع أساتذتي في قسم التاريخ الإسلامي على ما بذلوه لنا من إرشاد علمي، ودعم معنوي في كثير من الأزمان العامة والخاصة طوال فترة حضوري دروس التاريخ الإسلامي المختلفة، وأخصّ بالشكر الأستاذ الدكتور "محمد شانه چي" المشرف على هذه الرسالة، والدكتور "محمد رضا باراني" أستاذي في درس (المستشرقون والتاريخ الإسلامي)، على ما بذلاه من توجيه علمي، وإرشادٍ إلى مصادرَ مهمّة ممّا أعانني كثيراً في مراحل كتابتي هذا البحث.

كما أشمل بشكري وامتناني سماحة الشيخ "الدكتور الكرباسي"، والأخ "الدكتور نضير الخزرجي" عن المركز الحسيني للدراسات في لندن، اللذين أبديا تعاونهما معي، وعلى ما زوّداني به من مقالات قيمة، والتي أفادتني كثيراً في بحثي حول الإمام الحسين× وثورته المعطاء.

ولا يفوتني بأن أتقدّم بالشكر الجزيل إلى سماحة أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة قم الأستاذ "محمد رضا فخر روحاني"، المتخصّص في آداب عاشوراء باللغة الإنجليزية؛ لما قام به من مساعدة قيّمة بخصوص إرشاداته إيانا إلى المصادر الغربيّة، وما منحنا من وقته الثمين.

الباحث


مقدمة المؤسّسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

إنّ العلم والمعرفة مصدر الإشعاع الذي يهدي الإنسان إلى الطريق القويم، ومن خلالهما يمكنه أن يصل إلى غايته الحقيقية وسعادته الأبدية المنشودة، فبهما يتميّز الحقّ من الباطل، وبهما تُحدد اختيارات الإنسان الصحيحة، وعلى ضوئهما يسير في سبل الهداية وطريق الرشاد الذي خُلق من أجله، بل على أساس العلم والمعرفة فضّله الله عز وجل على سائر المخلوقات، واحتج عليهم بقوله: () وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)([1])، فبالعلم يرتقي المرء وبالجهل يتسافل، وقد جاء في الأثر «العلمُ نورٌ»([2])، كما بالعلم والمعرفة تتفاوت مقامات البشر ويتفوّق بعضهم على بعض عند الله عز وجل، إذ (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)([3])، وبهما تسعد المجتمعات، وبهما الإعمار والازدهار، وبهما الخير كلّ الخير.

ومن أجل العلم والمعرفة كانت التضحيات الكبيرة التي قدّمها الأنبياء والأئمة والأولياء^، تضحيات جسام كان هدفها منع الجهل والظلام والانحراف، تضحيات كانت غايتها إيصال المجتمع الإنساني إلى مبتغاه وهدفه، إلى كماله، إلى حيث يجب أن يصل ويكون، فكان العلم والمعرفة هدف الأنبياء المنشود لمجتمعاتهم، وتوسّلوا إلى الله عز وجل بغية إرسال الرسل التي تعلّم المجتمعات فقالوا: (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)([4])، و(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)([5])، ما يعني أنّ دون العلم والمعرفة هو الضلال المبين والخسران العظيم.

بل هو دعاؤهم^ ومبتغاهم من الله عز وجل لأنفسهم أيضاً، إذ طلبوا منه تعالى بقولهم: «وَاملأ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالمَعْرفَةِ»([6]).

وبالعلم والمعرفة لا بدّ أن تُثمّن تلك التضحيات، وتُقدّس تلك الشخصيات التي ضحّت بكلّ شيء من أجل الحقّ والحقيقة، من أجل أن نكون على علم وبصيرة، من أجل أن يصل إلينا النور الإلهي، من أجل أن لا يسود الجهل والظلام.

فهذه هي سيرة الأنبياء والأئمة^ سيرة الجهاد والنضال والتضحية والإيثار لأجل نشـر العلم والمعرفة في مجتمعاتهم، تلك السيرة الحافلة بالعلم والمعرفة في كلّ جانب من جوانبها، والتي ينهل منها علماؤنا في التصدّي لحلّ مشاكل مجتمعاتهم على مرّ العصور والأزمنة والأمكنة، وفي كافّة المجالات وشؤون البشر.

وهذه القاعدة التي أسسنا لها لا يُستثنى منها أيّ نبي أو وصي، فلكلّ منهم^ سيرته العطرة التي ينهل منها البشر للهداية والصلاح، إلّا أنّه يتفاوت الأمر بين أفرادهم من حيث الشدّة والضعف، وهو أمر عائد إلى المهام التي أنيطت بهم^، كما أخبر عز وجل بذلك في قوله: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)([7])، فسيرة النبي الأكرم’ ليست كبقية سير الأنبياء، كما أنّ سيرة الأئمة^ ليست كبقية سير الأوصياء السابقين، كما أنّ التفاوت في سير الأئمة^ فيما بينهم مما لا شك فيه، كما في تفضيل أصحاب الكساء على بقية الأئمة^.

والإمام الحسين× تلك الشخصية القمّة في العلم والمعرفة والجهاد والتضحية والإيثار، أحد أصحاب الكساء الخمسة التي دلّت النصوص على فضلهم ومنزلتهم على سائر المخلوقات، الإمام الحسين× الذي قدّم كلّ شيء من أجل بقاء النور الرباني، الذي يأبى الله أن ينطفئ، الإمام الحسين× الذي بتضحيته تعلّمنا وعرفنا، فبقينا.

فمن سيرة هذه الشخصية العظيمة التي ملأت أركان الوجود تعلَّم الإنسان القيم المثلى التي بها حياته الكريمة، كالإباء والتحمّل والصبر في سبيل الوقوف بوجه الظلم، وغيرها من القيم المعرفية والعملية، التي كرَّس علماؤنا الأعلام جهودهم وأفنوا أعمارهم من أجل إيصالها إلى مجتمعات كانت ولا زالت بأمس الحاجة إلى هذه القيم، وتلك الجهود التي بُذلت من قبل الأعلام جديرة بالثناء والتقدير؛ إذ بذلوا ما بوسعهم وأفنوا أغلى أوقاتهم وزهرة أعمارهم لأجل هذا الهدف النبيل.

إلّا أنّ هذا لا يعني سدّ أبواب البحث والتنقيب في الكنوز المعرفية التي تركها× للأجيال اللاحقة ـ فضلاً عن الجوانب المعرفية في حياة سائر المعصومين^ ـ إذ بقي منها من الجوانب ما لم يُسلّط الضوء عليه بالمقدار المطلوب، وهي ليست بالقليل، بل لا نجانب الحقيقة فيما لو قلنا: بل هي أكثر مما تناولته أقلام علمائنا بكثير، فلا بدّ لها أن تُعرَف لتُعرَّف، بل لا بدّ من العمل على البحث فيها ودراستها من زوايا متعددة، لتكون منهجاً للحياة، وهذا ما يزيد من مسؤولية المهتمين بالشأن الديني، ويحتّم عليهم تحمّل أعباء التصدّي لهذه المهمّة الجسيمة؛ استكمالاً للجهود المباركة التي قدّمها علماء الدين ومراجع الطائفة الحقّة.

ومن هذا المنطلق؛ بادرت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدّسة لتخصيص سهم وافر من جهودها ومشاريعها الفكرية والعلمية حول شخصية الإمام الحسين× ونهضته المباركة؛ إذ إنّها المعنيّة بالدرجة الأولى والأساس بمسك هذا الملف التخصصي، فعمدت إلى زرع بذرة ضمن أروقتها القدسية، فكانت نتيجة هذه البذرة المباركة إنشاء مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة، حيث أخذت على عاتقها مهمّة تسليط الضوء ـ بالبحث والتحقيق العلميين ـ على شخصية الإمام الحسين× ونهضته المباركة وسيرته العطرة، وكلماته الهادية، وفق خطة مبرمجة وآلية متقنة، تمّت دراستها وعرضها على المختصين في هذا الشأن؛ ليتمّ اعتمادها والعمل عليها ضمن مجموعة من المشاريع العلمية التخصصية، فكان كلّ مشروع من تلك المشاريع متكفّلاً بجانب من الجوانب المهمّة في النهضة الحسينية المقدّسة.

كما ليس لنا أن ندّعي ـ ولم يدّعِ غيرنا من قبل ـ الإلمام والإحاطة بتمام جوانب شخصية الإمام العظيم ونهضته المباركة، إلّا أنّنا قد أخذنا على أنفسنا بذل قصارى جهدنا، وتقديم ما بوسعنا من إمكانات في سبيل خدمة سيّد الشهداء×، وإيصال أهدافه السامية إلى الأجيال اللاحقة.

المشاريع العلمية في المؤسسة

بعد الدراسة المتواصلة التي قامت بها مؤسَّسة وارث الأنبياء حول المشاريع العلمية في المجال الحسيني، تمّ الوقوف على مجموعة كبيرة من المشاريع التي لم يُسلَّط الضوء عليها كما يُراد لها، وهي مشاريع كثيرة وكبيرة في نفس الوقت، ولكلٍّ منها أهميته القصوى، ووفقاً لجدول الأولويات المعتمد في المؤسَّسة تمّ اختيار المشاريع العلميّة الأكثر أهميّة، والتي يُعتبر العمل عليها إسهاماً في تحقيق نقلة نوعية للتراث والفكر الحسيني، وهذه المشاريع هي:

الأوّل: قسم التأليف والتحقيق

إنّ العمل في هذا القسم على مستويين:

أ ـ التأليف

ويُعنَى هذا القسم بالكتابة في العناوين الحسينية التي لم يتمّ تناولها بالبحث والتنقيب، أو التي لم تُعطَ حقّها من ذلك. كما يتمُّ استقبال النتاجات القيِّمة التي أُلِّفت من قبل العلماء والباحثين في هذا القسم؛ ليتمَّ إخضاعها للتحكيم العلمي، وبعد إبداء الملاحظات العلمية وإجراء التعديلات اللازمة بالتوافق مع مؤلِّفيها يتمّ طباعتها ونشرها.

ب ـ التحقيق

والعمل فيه قائم على جمع وتحقيق وتنظيم التراث المكتوب عن مقتل الإمام الحسين×، ويشمل جميع الكتب في هذا المجال، سواء التي كانت بكتابٍ مستقلٍّ أو ضمن كتاب، تحت عنوان: (موسوعة المقاتل الحسينيّة). وكذا العمل جارٍ في هذا القسم على رصد المخطوطات الحسينية التي لم تُطبع إلى الآن؛ ليتمَّ جمعها وتحقيقها، ثمّ طباعتها ونشرها. كما ويتمُّ استقبال الكتب التي تمّ تحقيقها خارج المؤسَّسة، لغرض طباعتها ونشرها، وذلك بعد إخضاعها للتقييم العلمي من قبل اللجنة العلمية في المؤسَّسة، وبعد إدخال التعديلات اللازمة عليها وتأييد صلاحيتها للنشر تقوم المؤسَّسة بطباعتها.

الثاني: مجلّة الإصلاح الحسيني

 وهي مجلّة فصلية متخصّصة في النهضة الحسينية، تهتمّ بنشـر معالم وآفاق الفكر الحسيني، وتسلِّط الضوء على تاريخ النهضة الحسينية وتراثها، وكذلك إبراز الجوانب الإنسانية، والاجتماعية والفقهية والأدبية في تلك النهضة المباركة، وقد قطعت شوطاً كبيراً في مجالها، واحتلّت الصدارة بين المجلات العلمية الرصينة في مجالها، وأسهمت في إثراء واقعنا الفكري بالبحوث العلمية الرصينة.

الثالث: قسم ردّ الشُّبُهات عن النهضة الحسينية

إنّ العمل في هذا القسم قائم على جمع الشُّبُهات المثارة حول الإمام الحسين× ونهضته المباركة، وذلك من خلال تتبع مظانّ تلك الشُّبُهات من كتب قديمة أو حديثة، ومقالات وبحوث وندوات وبرامج تلفزيونية وما إلى ذلك، ثُمَّ يتمُّ فرزها وتبويبها وعنونتها ضمن جدول موضوعي، ثمّ يتمُّ الردُّ عليها بأُسلوب علميّ تحقيقي في عدَّة مستويات.

الرابع: الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين×

وهي موسوعة علمية تخصصية مستخرَجة من كلمات الإمام الحسين× في مختلف العلوم وفروع المعرفة، ويكون ذلك من خلال جمع كلمات الإمام الحسين× من المصادر المعتبرة، ثمّ تبويبها حسب التخصّصات العلمية مع بيان لتلك الكلمات، ثمّ وضعها بين يدي ذوي الاختصاص؛ ليستخرجوا نظريات علميّة ممازجة بين كلمات الإمام× والواقع العلمي.

الخامس: قسم دائرة معارف الإمام الحسين× أو (الموسوعة الألفبائية الحسينية)

وهي موسوعة تشتمل على كلّ ما يرتبط بالإمام الحسين× ونهضته المباركة من أحداث، ووقائع، ومفاهيم، ورؤى، وأعلام وبلدان وأماكن، وكتب، وغير ذلك، مرتّبة حسب حروف الألف باء، كما هو معمول به في دوائر المعارف والموسوعات، وعلى شكل مقالات علميّة رصينة، تُراعَى فيها كلّ شروط المقالة العلميّة، مكتوبة بلغةٍ عصـرية وأُسلوبٍ حديث.

السادس: قسم الرسائل والأطاريح الجامعية

إنّ العمل في هذا القسم يتمحور حول أمرين: الأوّل: إحصاء الرسائل والأطاريح الجامعية التي كُتبتْ حول النهضة الحسينية، ومتابعتها من قبل لجنة علمية متخصّصة؛ لرفع النواقص العلمية، وتهيئتها للطباعة والنشر، الثاني: إعداد موضوعات حسينيّة من قبل اللجنة العلمية في هذا القسم، تصلح لكتابة رسائل وأطاريح جامعية، تكون بمتناول طلّاب الدراسات العليا.

السابع: قسم الترجمة

يقوم هذا القسم بمتابعة التراث المكتوب حول الإمام الحسين× ونهضته المباركة باللغات غير العربية لنقله إلى العربية، ويكون ذلك من خلال تأييد صلاحيته للترجمة، ثمَّ ترجمته أو الإشراف على ترجمته إذا كانت الترجمة خارج القسم.

الثامن: قسم الرَّصَد والإحصاء

يتمُّ في هذا القسم رصد جميع القضايا الحسينيّة المطروحة في جميع الوسائل المتّبعة في نشر العلم والثقافة، كالفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والكتب، والمجلات والنشريات، وغيرها؛ ممّا يعطي رؤية واضحة حول أهمّ الأُمور المرتبطة بالقضية الحسينية بمختلف أبعادها، وهذا بدوره يكون مؤثّراً جدّاً في رسم السياسات العامّة للمؤسّسة، ورفد بقيّة الأقسام فيها، وكذا بقية المؤسّسات والمراكز العلمية في شتّى المجالات.

التاسع: قسم المؤتمرات والندوات العلمية

ويتمّ العمل في هذا القسم على إقامة مؤتمرات وملتقيات وندوات علميّة فكرية متخصّصة في النهضة الحسينية، لغرض الإفادة من الأقلام الرائدة والإمكانات الواعدة، ليتمّ طرحها في جوٍّ علميّ بمحضر الأساتذة والباحثين والمحقّقين من ذوي الاختصاص، كما تتمّ دعوة العلماء والمفكِّرين؛ لطرح أفكارهم ورؤاهم القيِّمة على الكوادر العلمية في المؤسَّسة، وكذا سائر الباحثين والمحققين وكلّ من لديه اهتمام بالشأن الحسيني، للاستفادة من طرق قراءتهم للنصوص الحسينية وفق الأدوات الاستنباطية المعتمَدة لديهم.

العاشر: قسم المكتبة الحسينية التخصصية

وهي مكتبة حسينية تخصّصية تجمع التراث الحسيني المخطوط والمطبوع، أنشأتها مؤسَّسة وارث الأنبياء، وهي تجمع آلاف الكتب المهمّة في مجال تخصُّصها.

الحادي عشر: قسم الموقع الإلكتروني

وهو موقع إلكتروني متخصِّص بنشر نتاجات وفعاليات مؤسَّسة وارث الأنبياء، يقوم بنـشر وعرض كتبها ومجلاتها التي تصدرها، وكذا الندوات والمؤتمرات التي تقيمها، وكذا يسلِّط الضوء على أخبار المؤسَّسة، ومجمل فعالياتها العلمية والإعلامية.

الثاني عشر: القسم النسوي

يعمل هذا القسم من خلال كادر علمي متخصص وبأقلام علمية نسوية في الجانب الديني والأكاديمي على تفعيل دور المرأة المسلمة في الفكر الحسيني، كما يقوم بتأهيل الباحثات والكاتبات ضمن ورشات عمل تدريبية، وفق الأساليب المعاصرة في التأليف والكتابة.

الثالث عشر: القسم الفني

إنّ العمل في هذا القسم قائم على طباعة وإخراج النتاجات الحسينية التي تصدر عن المؤسَّسة، من خلال برامج إلكترونية متطوِّرة يُشرف عليها كادر فنيّ متخصِّص، يعمل على تصميم الأغلفة وواجهات الصفحات الإلكترونية، وبرمجة الإعلانات المرئية والمسموعة وغيرهما، وسائر الأمور الفنيّة الأخرى التي تحتاجها كافّة الأقسام.

وهناك مشاريع أُخرى سيتمّ العمل عليها إن شاء الله تعالى.

 

قسم الرسائل والأطاريح الجامعية في مؤسسة وارث الأنبياء

يتكفّل قسم الرسائل والأطاريح الجامعية بمهمّة نشر الفكر الحسيني المبارك، من خلال تفعيل الدراسات والأبحاث العلمية الحسينية في الأوساط الجامعية والأكاديمية بمستوياتها الثلاثة: البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، مضافاً إلى الرُقي بالمستوى العلمي والتحقيقي للكفاءات الواعدة المهتمّة بالنهضة الحسينية في جميع مجالاتها. وقد تصدّى لهذه المسؤولية نخبة من الأساتذة المحقِّقين في المجال الحوزوي والأكاديمي.

أهداف القسم

الغاية من وراء إنشاء هذا القسم جملة من الأهداف المهمّة، منها:

1ـ إخضاع الدراسات والأبحاث الحسينية لمناهج البحث المعتمَدَة لدى المعاهد والجامعات.

2ـ إبراز الجوانب المهمّة وفتح آفاق جديدة أمام الدراسات والأبحاث المتعلّقة بالنهضة الحسينية، من خلال اختيار عناوين ومواضيع حيوية مواكبة للواقع المعاصر.

3ـ الارتقاء بالمستوى العلمي للكوادر الجامعية، والعمل على تربية جيل يُعنَى بالبحث والتحقيق في مجال النهضة الحسينية الخالدة.

4ـ إضفاء صبغة علمية منهجية متميزة على صعيد الدراسات الأكاديمية، المرتبطة بالإمام الحسين× ونهضته المباركة.

5ـ تشجيع الطاقات الواعدة في المعاهد والجامعات؛ للولوج في الأبحاث والدراسات العلمية في مختلف مجالات البحث المرتبطة بالنهضة الحسينية، ومن ثَمّ الاستعانة بأكفّائها في نشر ثقافة النهضة، وإقامة دعائم المشاريع المستقبلية للقسم.

6ـ معرفة مدى انتشار الفكر الحسيني في الوسط الجامعي؛ لغرض تشخيص آلية التعاطي معه علمياً.

7 ـ نشر الفكر الحسيني في الأوساط الجامعية والأكاديمية.

8 ـ تشخيص الأبعاد التي لم تتناولها الدراسات الأكاديمية فيما يتعلّق بالنهضة الحسينية، ومحاولة العمل على إبرازها في الدراسات الجديدة المقترحة.

9ـ التعريف بالرسائل الجامعية المرتبطة بالإمام الحسين× ونهضته المباركة؛ والتي تمّت كتابتها ومناقشتها في الجامعات.

آليات عمل القسم

إنّ طبيعة العمل في قسم الرسائل والأطاريح الجامعية تكون على مستويات ثلاثة:

المستوى الأوّل: العناوين والمواضيع الحسينية

يسير العمل فيه طبقاً للخطوات التالية:

1ـ إعداد العناوين والموضوعات التخصّصية، التي تُعنَى بالفكر الحسيني طبقاً للمعايير والضوابط العلمية، مع الأخذ بنظر الاعتبار جانب الإبداع والأهمية لتلك العناوين.

2ـ وضع الخطّة الإجمالية لتلك العناوين والتي تشتمل على البحوث  التمهيدية والفصول ومباحثها الفرعية، مع مقدّمة موجَزَة عن طبيعة البحث وأهميته والغاية منه.

3ـ تزويد الجامعات المتعاقد معها بتلك العناوين المقترَحَة مع فصولها ومباحثها.

المستوى الثاني: الرسائل قيد التدوين

يسير العمل فيه على النحو التالي:

1ـ مساعدة الباحث في كتابة رسالته من خلال إبداء الرأي والنصيحة.

2ـ استعداد القسم للإشراف على الرسائل والأطروحات فيما لو رغب الطالب أو الجامعة في ذلك.

3ـ إنشاء مكتبة متخصِّصة بالرسائل الجامعية؛ لمساعدة الباحثين على إنجاز دراساتهم ورسائلهم، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمامهم للاستفادة من مكتبة المؤسَّسة المتخصّصة بالنهضة الحسينية.

المستوى الثالث: الرسائل المناقشة

يتمّ التعامل مع الرسائل التي تمّت مناقشتها على النحو التالي:

1ـ وضع الضوابط العلمية التي ينبغي أن تخضع لها الرسائل الجامعية، تمهيداً لطبعها ونشرها وفقاً لقواعد ومقرَّرات المؤسَّسة.

2ـ رصد وإحصاء الرسائل الأكاديمية التي تمّ تدوينها حول النهضة الحسينية المباركة.

3ـ استحصال متون ونصوص تلك الرسائل من الجامعات المتعاقَد معها، والاحتفاظ بها في مكتبة المؤسَّسة.

4ـ قيام اللجنة العلمية في القسم بتقييم الرسائل المذكورة، والبتِّ في مدى صلاحيتها للطباعة والنشر من خلال جلسات علمية يحضرها أعضاء اللجنة المذكورة.

5ـ تحصيل موافقة صاحب الرسالة لإجراء التعديلات اللازمة، سواء أكان ذلك من قبل الطالب نفسه أم من قِبل اللجنة العلمية في القسم.

6ـ إجراء الترتيبات القانونية اللازمة لتحصيل الموافقة من الجامعة المعنِيَّة وصاحب الرسالة على طباعة ونشر رسالته التي تمّت الموافقة عليها بعد إجراء التعديلات اللازمة.

7ـ فسح المجال أمام الباحث؛ لنشر مقال عن رسالته في مجلة (الإصلاح الحسيني) الفصلية المتخصِّصة في النهضة الحسينية التي تصدرها المؤسَّسة.

8 ـ العمل على تلخيص الرسائل الجامعية، ورفد الموقع الإلكتروني التابع للمؤسَّسة بها، ومن ثَمَّ طباعتها تحت عنوان: دليل الرسائل والأطاريح الجامعية المرتبطة بالإمام الحسين× ونهضته المباركة.

 

هذه الرسالة:

تناولت دراسات استشراقية عديدة شخصية الإمام الحسين× وثورة عاشوراء بالبحث والتتبع والتنقيب، وقد قدّمت هذه الدراسات رؤى وأفكاراً متعددة ومتنوعة ورسمت صوراً وأعطت تعاريفاً وبينت أحكاماً عن تلك الثورة وقائدها العظيم، تلك الثورة التي كان لها تأثير بالغ على سير الأحداث في الواقع الإيماني والإسلامي بل والإنساني بشكل عام، لذلك من المهم جداً التعرف على تلك الدراسات والتي تمثل رؤية تلك الثورة من الخارج، وهو أمر مهم في تحديد الواقع كما هو، من هنا جاءت هذه الرسالة لتسلط الضوء على جانب مهم من تلك الدراسات وتبيّن الموضوعيّة التي حاز عليها بعضها والخلل الذي اكتنف بعضاً آخر.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا في أعمالنا، إنّه سميع مجيبٌ.

 

اللجنة العلمية في

مؤسسة وارث الأنبياء

للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

مقدمة قسم الرسائل والأطاريح الجامعية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أفضل خلقه، وأشرف بريته محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 النهضة الحسينية المباركة، نهضة حضارية شاملة، تتمحور حول خلاص الإنسان وتحقيق كرامته، وإعادة حقوقه المغتصبة، وتوفير حرّيته الممتهنة؛ لذلك كانت نهضة إنسانية متعالية عن أي تصنيف مذهبي أو ديني، ممّا جعلها وسام فخر يتباهى به كل إنسان أبي؛ كونها مجمع المبادئ الإنسانية ومنتهى كمالات البشرية، وهذا شاهد وجداني صريح على أنّها تراث عالمي وقيمة حضارية عليا وأمانة إنسانية.

وعليه يكون التعرّف على تجليات تلك النهضة المباركة ـ التي تركت بصماتها الخالدة على جبين التاريخ غير متأثّرة بعامل الزمان والمكان ـ هو محاولة لملامسة جوهر الأديان السماوية التي أرسل بها الرسل جميعاً؛ أي الإقرار لله بالعبودية، وتجسيد ذلك عملياً من خلال إحقاق الحقّ وإباء الظلم. فجاءت نهضة الإمام الحسين المصلح والمنقذ والشهيد الذي يصافح السيف ويعانق الرماح لتصحح مسار الإنسانية في محضر الله.

من هنا تعيّن على الذين وعوا حكمة تلك النهضة الحسينية وعقدوا العزم على أن يعيشوا نهج سيد الشهداء×، الحفاظ على رايته الإنسانية والمعرفية. فانقدحت ذهناً وانعقدت عزماً وعملاً فكرة هذا المشروع المبارك الذي أخذ أصحابه على عاتقهم مهمّة تفعيل الفكر الحسيني بجميع أبعاده في الوسط الجامعي بمستوياته الثلاث: البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. إذ لا شك أن الرسائل الجامعية الحسينية من شأنها أن تلعب دوراً ريادياً في نشر الوعي الحسيني، وتنشئة جيل من الأقلام الواعية ورفد فكر النهضة الحسينية علمياً؛ كون الوسط الجامعي هو فضاء لتجاذب الأفكار وتلاقح الثقافات المختلفة. فيكون تفعيل تلك الأبحاث الحسينية في دائرة البحث المنهجي الأكاديمي خطوة واعية على طريق الارتقاء بالفكر الحسيني الأصيل.

 لقد استعذب المؤرخون والمستشرقون في الغرب والشرق حديث عاشوراء والنهضة الحسينية، حتى سالت محابرهم تخط المقالات والكتب حول سيرة الإمام الحسين×، وتسعى جاهدة أن يكون لها حظ في التعريف بنهضته الإنسانية المباركة التي تمثّلت ثنائية العقل والوجدان أحسن تمثّل.

فجاءت هذه الرسالة الجامعية الموسومة بـ: «الإمام الحسين× وثورة عاشوراء من وجهة نظر المستشرقين» التي حظت بتأييد الهيئة العلمية في مؤسسة وارث الأنبياء بعد إدخال التعديلات اللازمة من طرف قسم الرسائل والأطاريح الجامعية بالتوافق مع الباحث، لتسلّط الضوء على ما جادت به أقلام الباحثين المستشرقين حول الإمام الحسين× ونهضته المباركة منذ القرن الثاني عشر إلى القرن الواحد والعشرين ميلادي.

وقد أجاد الباحث الغور في مكونات هذه الرسالة بعدما بوّب فصولها ومباحثها تبويبا علمياً سلساً؛ جامعاً في محتواها بين المنهج الاستقرائي والتحليلي والنقدي، ومردفا لدراسته بمجموعة من الضمائم القيمة التي تضمّنت مقالات وصور مختلفة.

اللجنة العلمية في

قسم     الرسائل والأطاريح  الجامعية

 في مؤسّسة وارث الانبياء

المقدمة

بسم الله  الرحمن الرحيم

الحمد للّه الّذي إليه مصائر الخلق، وعواقب الأمر. نحمده على عظيم إحسانه ونيّر برهانه، ونوامي فضله وامتنانه، حمداً يكون لحقّه قضاء ولشكره أداء، وإلى ثوابه مقرّباً ولحسن مزيده موجباً، ونستعين به استعانة راج لفضله، مؤمّل لنفعه، واثقٍ بدفعه، معترف له بالطّول، مذعن له بالعمل والقول. ونؤمن به إيمان من رجاه موقنا، وأناب إليه مؤمنا، وخنع له مذعنا، وأخلص له موحّداً، وعظّمه ممجّداً، ولاذ به راغباً مجتهداً. لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكاً([8]).

وأصلّي وأسلّم على أشرف الخلق أجمعين المسمَّى في السماء بأحمد وفي الأرض بأبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

لا شكَّ أنَّ من العلوم المهمّة لدى الإنسان هو علم التاريخ، فمن خلال التاريخ ودراسته تتكّون العبر لدى الجيل الحاضر، ومن خلال دراسة التاريخ يكون التعرّف على حضارات الأمم، والإستفادة من تجاربها، ولذا نرى أنَّ كلَّ أمّة دأبت على دراسة وتفحّص تاريخ الأمم الأخرى، ومن بين أولئك مؤرخو الغرب أي المستشرقون؛ حيث وضعوا دراسات ومؤلَّفات حول تاريخنا الإسلامي وحضارتنا بكلِّ فروعها، وكذلك تناولوا الفرق والمذاهب الإسلامية دراسة وتحقيقاً، وفي سلسلة تحقيقاتهم كان التشيّع قد شكّل مرحلة ومحطّة بحث ضمن مؤلفاتهم، فشرعوا بدراسة مذهب أهل البيت^ وثقافتهم، ومن جملة هذه التحقيقات سيرة أئمة الشيعة وحياتهم، وكانت آراؤهم حول حياة الأئمة مختلفة؛ تبعاً للخلفية الفكرية التي يحملها الكاتب، فكان بعضها مغايراً لرأي الشيعة، وبعض آخر كان قريباً لرؤى التشيّع، وهذا ما سيتضح من خلال نقلنا لأقوال المستشرقين المنصفين منهم وغير المنصفين.

الباحث

الفصل الاول

مباحث تمهيدية

1 ـ بيان مخطّط البحث.

2ـ عرض ونقد أهمِّ مصادر البحث.

3ـ نبذة عن شخصية الإمام الحسين×.

4ـ ثورة عاشوراء وأهميتها.

5 ـ الاستشراق وأهمية دراسته.

6 ـ آثار الإستشراق في البلاد الإسلامية.

7 ـ  آثار المستشرقين حول التشيُّع.

 

الفصل الأول: مباحث تمهيدية

1 ـ بيان مخطّط البحث

1 ـ  1 ـ بيان موضوع البحث

قدّم علماء الغرب المستشرقون الكثير من الأبحاث والدراسات حول تاريخ التشيّع وثقافته، ومن جملة تلك الأعمال دراسات حول سيرة الأئمة^، وابتنت تلك الدراسات على رؤى مغايرة لرؤى التشيّع، وكان بعضهم يؤيِّد رؤى التشيّع، فكانت حياة الإمام الحسين ×وثورة عاشوراء من بين تلك المواضيع التي تناولتها أقلام بحث الاستشراق.

ولم يكن موضوع البحث في هذه الرسالة مستوعباً لجميع الوقت والتاريخ، وإنّما اقتصر على الفترة ما بين القرن (12) إلى القرن (21) الميلادي، هذا من جانب الزمان، وأمّا من جهة المكان فإنّه أيضاً اقتصر على خصوص الدول التي كانت مسرحاً لنشاطات المستشرقين العملية، وأمّا بالنسبة لحدود الموضوع، فهو الآخر مقتصراً على خصوص البحث عن الإمام الحسين× الشخصية التاريخية الفذّة، وثورته يوم عاشوراء، التي كان يهدف من ورائها حفظ الإسلام وإحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد صرّح به مراراً منذ انطلاقته الأولى وبداية تحرّكه باتجاه العراق.

1 ـ 2 ـ ضرورة البحث وأهميته

إنَّ ثورة الإمام الحسين× من الأحداث التي وقعت في تاريخ الإسلام، والتي تناولها المؤرّخون الغربيون من جوانب متعدّدة وبرؤى مختلفة، وكان من المهمّ عرض تلك الآراء وتحليلها، لأجل بيان ما هو الصحيح منها من السقيم؛ حفظاً لنقاوة التاريخ، ونقاوة هذه النهضة المشرقة.

 1 ـ 3 ـ أهداف البحث

التعرّف على نحو تفكير الغرب حول شخصية الإمام الحسين× وثورة عاشوراء.

عرض الآراء السلبيّة حول هذه الواقعة، وجعلها تحت قلم النقد والتحليل.

تبيين أنَّ الإسلام الحقيقيَّ يمثلّه الحسين وحركته، لا كما يتوهّم بعض مؤرخي الغرب أنّ يزيد كان خليفة إسلامياً.

الإشعار بأنّ الحسين× وثورته لهما مكانة في الفكر العالمي، وفي ثقافة الغرب التاريخية.

1 ـ 4 ـ السابقة الدراسية للبحث

لحدِّ اطّلاعي لم أعثر على بحث في هذا الموضوع، عدا بعض المقالات المختصرة أو بعض الإشارات العابرة في بعض الكتب المؤلّفة، كمؤيّد لدراسته، أو شواهد معيّنة حول بعض الموضوعات التي يتناول البحث فيها شخص الإمام الحسين× وثورته.

1 ـ 5 ـ السؤال الأصلي والأسئلة الفرعية

السؤال الأصلي:

ما هي آراء المستشرقين حول الإمام الحسين وثورة عاشوراء؟

الأسئلة الفرعية:

1ـ ما هي أبرز فضائل الإمام الحسين× في نظر المستشرقين؟

2ـ ما هي آراء المستشرقين بخصوص ثورة عاشوراء؟

3ـ ما هي أهمّ إشكالات المستشرقين حول الإمام الحسين ونهضته؟

1 ـ 6 ـ الفرضيات

1ـ المستشرقون ليسوا بمسلمين ولهم آراء مختلفة حول التاريخ الإسلامي، وأنّهم قد حكموا على الواقعة بأحكام سلبية تارة، وأخرى إيجابية.

2ـ ثورة عاشوراء حدث مهمٌّ في التاريخ الإسلامي لا نظير له.

3ـ إنَّ لثورة عاشوراء والإمام الحسين× حضوراً واسعاً في الفكر الغربي، وبالخصوص في الآونة الأخيرة.

1 ـ 7 ـ منهج البحث

 اتّبعنا في تحقيق ودراسة هذا الموضوع منهجاً استقرائياً تحليلياً، يقوم على أساس استقراء أكبر قدر ممكن ممن كتب من المستشرقين حول موضوع الإمام الحسين× وثورته العظيمة، وقد ساعدنا على ذلك ما توفّر لدينا من المكتبات العامة والتخصصية، بالإضافة إلى مراجعتنا طوال كتابة هذه الرسالة للشبكة المعلوماتية العالمية (Internet) لأجل الوقوف على أكبر قدر ممكن ممن كتب بحثاً أو رسالة أو أطروحة أو مقالة حول موضوع بحثنا. وقد كانت طريقتنا في البحث مكتبية، توصيفية، تحليلية.

ونعني بالأسلوب المكتبي، بأنّنا قمنا بمراجعة للكتب المتوفّرة في المكتبات العامّة والتخصصية، بالإضافة إلى الإستفادة من الأنترنت، بما هو متوفر في صفحات المواقع والمكتبات الأنترنتية من رسائل وبحوث ومقالات بما يتعلق بموضوع بحث رسالتنا هذه.

 

1 ـ 8 ـ الجديد في البحث

هناك جوانب جديدة في البحث تمثّلت بالعرض الموسّع لآراء المستشرقين حول شخص الإمام الحسين× ويوم عاشوراء من جهة، وبنقد تلك الآراء التاريخية من جهة أخرى، وهو ما قد يكون مخالفاً لما تُعُورِفَ عليه في بعض الكتب، من الإقتصار على نقل أقوال المفكرين الغربيين، ومن جهة ثالثة تبويب الرسالة تبويباً يتلاءم مع الهدف الذي من أجله كتبت هذه الرسالة.

1 ـ 9 ـ المصطلحات الأساسية

الإمام الحسين: هو الحسين بن علي بن أبي طالب، ولد في الخامس من شعبان عام أربعة للهجرة، السبط الشهيد أبو عبد الله ثالث أئمة الشيعة الإثني عشرية، بعد أبيه الإمام علي، وأخيه الإمام الحسن بن علي([9]).

1ـ المستشرقون: المستشرق هو العالم باللغات والآداب والعلوم الشرقية، والاسم الاستشراق([10]).

2ـ عاشوراء وعَشوراء  ممدودان: اليوم العاشر من شهر المحرم، وقيل التاسع([11]).

3ـ الثورة: ثور: ثار الشيخ ثوراً، وثؤوراً، وثوراناً. وتثوّر: هاج، وأثرته على البدل وثورته، وثور الغضب: حدّته، والثائر الغضبان، ويقال انتظر حتى تسكن هذه الثورة، وهي الهيج([12]). والثورة: هي انقلاب جذري في حياة المجتمع يؤدّي إلى قلب النظام الإجتماعي، وتوطيد نظام تقدّمي جديد([13]).

2 ـ عرض ونقد أهم مصادر البحث

2 ـ 1 ـ  كتاب عقيدة الشيعة للمستشرق الانكليزي دوايت م. دونالدسون

 (Dwight M.Donaldson) 

هو أستاذ حائز على درجة الدكتوراه في اللاهوت (الإلهيات) والفلسفة، ويُعَدّ كتابه هذا أوّل تحقيق شامل وموسّع حول التشيّع، كتب المؤلِّف في مقدّمة هذا الكتاب عرضاً لحياة أئمة أهل البيت^، حيث إنّه كان عبارة عن رسالة تناول فيها حياة الأئمة الاثني عشر، كما تناول فيه أهمَّ المراقد والمزارات لدى الشيعة، حيث قام بزيارتها ومشاهدتها عن قرب بنفسه، وذلك عندما تسنّى له الحياة في مدينة مشهد المقدّسة ستة عشر عاماً.

يقع الكتاب في (358) صفحة موزَّعة على (33) باباً، تناولت مواضيع مختلفة ذات صلة بالتشيّع من حيث العقائد والتعريف بمذهب أهل البيت وأئمتهم^، والحديث عن ثورات الشيعة، وقد نقلنا من الكتاب المذكور ما يهمّ بحثنا في موضوع (الإمام الحسين وثورة عاشوراء) حيث تطرّق إليها في كتابه هذا.

نقده:

 لقدلاحظنا فيه آراء غير دقيقة حول معتقدات التشيّع، والسبب في ذلك يعود إلى اعتماده على مصادر بعيدة عن الفكر الشيعي، مثال على ذلك: ما نقله في صفحة (25) عن المستشرق (Hughes) في كتابه قاموس الإسلام، حيث يقول فيه: «وللشيعة عيد في الثامن عشر من ذي الحجة يصنعون به ثلاثة تماثيل من العجين، ويملئون بطونها بالعسل، وهي تمثل الخليفة الأول والثاني والثالث، ثم يطعنونها بالمدي، فيسيل العسل تمثيلاً لدى الخلفاء الغاصبين».

 إنَّ هذا الكلام في غاية الضعف وبعيد عن الحقيقة، بل هو تشويه للحقيقة وإثارة الفتنة بين الصفِّ الإسلامي، وهو واضح من مصدر هذا الكلام، إذ لم يكن من مصادر التاريخ الإسلامي ولا من كتب الشيعة، وإنّ إحياء يوم الثامن عشر من ذي الحجة المعروف بعيد الغدير (خم) يقام كلّ عام في مختلف مناطق تواجد الشيعة في العالم، ولم نرَِ أّنّهم يفعلون من قبيل ما ذكر في مراسيمهم واحتفالاتهم.

2 ـ 2 ـ أبحاث في السيطرة العربية والتشيع والمعتقدات المهدوية في ظل خلافة بني أمية للمستشرق الهولندي (دكرولف فان فلوتن)

من تلامذة المستشرق الهولندي دي كوجي. ولفان فلوتن تحقيقات حول كتب مهمة من بينها:

ألف) مفاتيح العلوم للخوارزمي.

ب) البخلاء للجاحظ.

ج) رسائل الجاحظ.

وكذلك له مؤلفات هي:

ألف) مجيء العباسيين إلى خراسان، كتبه باللغة الهولندية.

ب) تحقيق حول العرب والتشيّع، والعقيدة المهدوية إبّان الخلافة الأموية([14]).

بحث المؤلف في الفصل الأول من كتابه: كيف انتشر الإسلام، وأجرى مقارنة بين الإسلام والمسيحية، وقد اعتبر فيه أنَّ الإسلام انتشر بقوة السيف.

وفي الفصل الثاني: يتطرّق إلى مذهب التشيّع من حيث النشوء والتطوّر، ويذكر الِفرَق الإسلامية، وفي النهاية يذكر الشيعة كحزب سياسي ضدّ الأمويين، الذي أوجد حركة سياسية واجتماعية ودينية، ثمّ يتطرّق إلى عقائد الشيعة، ويشير إلى الكوفة بأنها مركز الشيعة وأنصار الحزب العلوي([15]).

2 ـ3 ـ التشيع للمستشرق (هالم) (Heinzhalm)

مستشرق ألماني وُِلد في ألمانيا في مدينة اندرناخ عام 1942 م، وبعد حصوله على الدبلوم، واصل دراسته في جامعة بن في التاريخ والإسلام، وفي عام 1969 م نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة، وفي عام 1975 م كان استاذاً في قسم الدين الإسلامي في جامعة (توبينكن)، وكذلك مارس التدريس لعدة سنوات في جامعة السربون، وتتمحور دراسة وتخصص هالم في تاريخ الإسلام والشرق الأدنى، وبالخصوص في مصر وافريقيا الشمالية، وفِرَق الإسماعيلية، له مؤلفات عدة؛ منها التعرّف على الإسلام، تاريخ عالم العرب/ الإسلام الشيعي من الدين إلى الثورة([16]).

تناول الكاتب فيه الشيعة من حيث الإصطلاح، ويبتدئ كتابه بتعريف التشيّع، فيقول : إنَّ كلمة شيعة في اللغة العربية تعني (الحزب)، وإنَّ شيعة علي هو اسم أطلق على أتباع (علي) في فترة النزاع والخلاف التي تلت مقتل الخليفة الثالث عثمان في عام 656 م، لأجل الحصول على المنصب السياسي، وكان ظهورهم في البدء كحزب سياسي، واليوم كالسابق نفس الفكرة، وهي اندماج الدين والسياسة.

ثم يتطرّق الكاتب إلى تولِّي الإمام علي الخلافة واعتقاد الشيعة في ذلك يقول: تسلّم علي الخلافة في عام 656 م، وفي نظر الشيعة أنّ تطبيق هذا الأمر قد جاء متأخّراً جدّاً.

تحدّث هالم عن مدرسة الحديث في قم، ومدرسة بغداد في الفقه، ثم انتقل في الحديث عن مدرسة الحلّة في الفقه والأصول بقوله: إنَّ مدينة الحلّة هي مدينة صغيرة تقع على ساحل الفرات، وتُعدّ أهمّ مدينة، مركّزاً على الفقه الإمامي في عصر المغول([17]).

ويُعِدُّ أبا القاسم جعفر بن الحسن الحلي المعروف بالمحقّق الحلّي، والحسن بن يوسف ابن علي المطهّر الحلّي، المعروف بالعلّامة الحلّي هما اللذان وسّعا الفقه الإمامي، حيث كتب الأول كتاباً في المسائل الشرعية وهو شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، ولا يزال إلى الآن يدرّس في الفقه، وقد كُتِبَت عليه شروحات عدّة([18]).

وكتب العلّامة الحلّي شرحاً لتجريد الإعتقاد للشيخ الطوسي([19])، كما يذكر هالم أنَّ العلّامة الحلّي هو أوّل عالم شيعي يحمل اللقب (آية الله)([20])، وأنَّ العلّامة الحلّي قد أبدى تحوّلاً عظيماً في علم الأصول في كتابه المهمّ (مبادئ الوصول إلى علم الأصول)؛ حيث بيّن في الفصل الأخير أصول الإجتهاد بشكل مختصر ودقيق([21]).

ثم يتحدّث الكاتب عن أهمّ خصوصيات الفقه الاثني عشري ويقول: المذهب الإمامي والمسمى (الجعفري) نسبة إلى الإمام السادس، لا يفترق كثيراً عن المذاهب السنية، حيث إنَّ الحجَّ والصيام يؤديان بشكل واحد، وما يميز الشيعة ـ  وليس الإمامية فقط ـ هو الإتيان بعبارة (حيَّ على خيرِ العمل) في الأذان، وإنَّ الشيعة تؤكّد على مسح القدمين في الوضوء، بينما يذهب أهل السنة إلى جواز المسح على الخفين. ويعتبر الشيعة أن باب الاجتهاد مفتوح لكل عالم واجد للشرائط، بينما يعتبرأهل السنة باب الإجتهاد مسدود([22]).

 وبعد أن أتمَّ (هالم) كلامه حول خصائص المذهب الإمامي، انتقل إلى الكلام حول تواجد الشيعة في البلدان، أو (جغرافية الشيعة) مبتدئاَ بلبنان، فيقول: إنَّ الشيعة في لبنان كانوا أقلية حتى عام 1983م حيث اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، ومحلّ تواجدهم جنوب البلاد، وخلف ساحل صور، وفي جبل عامل شرق صور أكبر عدد للشيعة حيث يبلغون 80%، وفي شمالي الليطاني، أطراف النبطية يشكّلون الشيعة 60% من عدد نفوس المدينة([23]).

ويقول هالم عن الشيعة الإمامية في دول الخليج: يبلغ عدد الشيعة في العراق نحو 55% من سكان العراق، وأماكن تواجدهم جنوب كربلاء، والحلّة، والكوت، والديوانية والعمارة، وتُعَدُّ النجف، وكربلاء، والكاظمية، وسامراء أهمّ المراكز العلمية للإمامية، التي يقصدها آلاف الطلاب من أنحاء العالم.

ويذكر هالم أنَّ أكثر علماء الإمامية في العراق هم من أصل إيراني أو لبناني، وفي كلامه عن العلماء المجاهدين في العراق يقول هالم: «إنَّ آية الله محمد باقر الصدر (1930 م) قد ألّف كتاباً فيه نظرية الإسلام في الاقتصاد، سمّاه (اقتصادنا)، وكتاباً حول البنوك الإسلامية باسم (البنك اللاربوي في الإسلام)، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وجّهت حكومة العراق تهمة الخيانة لهذا العالم، وأصدرت بحقّه حكم الإعدام بتاريخ» ([24]).

ويذكر هالم أنَّ تواجد الشيعة في شبه الجزيرة العربية منذ زمن بعيد جداً، حيث يتواجدون بشكل ملحوظ في سواحل الخليج، وأنَّ عددهم في المملكة العربية السعودية يبلغ بين (100000 و440000)، وينحصر تواجد الشيعة تقريباً شرقي الإحساء، حيث إنَّ 95% من سكان المنطقة هم شيعة، وفي ميناء القطيف وحوالي نصف عمال المناطق النفطية هم شيعة([25]).

وبعد ذلك قدم (هالم) إحصاءاً بعدد نفوس الشيعة في بعض بلدان الخليج، الكويت 271000 (20%)، الإمارات المتحدة 60000 (70%)، سلطنة عمان 10000 (0.01%)، وفي البحرين أكبر تواجد للشيعة، حيث تُعَدُّ البحرين مركزاً قديماً للشيعة([26]).

2 ـ 4 ـ كتاب عصر تكوّن التشيع الإمامي الاثني عشري الحديث بين بغداد وقم

مؤلف الكتاب: (Anderw.J.newman) اندره، جي نيومان، طبع الكتاب عام 2000 م.

في بداية الكتاب يقدّم الكاتب مقارنة توصيفية بين ثلاث متون لمجموعة أحاديث في القرن الثالث والرابع، وهذه المتون هي كتاب المحاسن لأحمد بن محمد البرقي، وكتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار القمي، وكتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني، ويحتوي الكتاب على تسعة فصول.تناول فيها الكاتب المدارس الفقهية لدى الشيعة، ووضع التشيع في القرن الثالث، والتشيع في بغداد وقم وري، وكذلك تناول الكاتب حياة أبرز فقهاء ومحدثي الشيعة أمثال الكليني، والبرقي.

2 ـ 5 ـ الشيعة في العالم صحوة المستبعدين وإستراتيجيتهم

فرنسوا تويال/ ترجمة نسيب عون.

طبع الكتاب عام 2007م.

الكاتب: مدير الدروس في المدرسة الحربية العليا للجيوش الفرنسية (أرض ـ جو ـ بحر) ومستشار لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، متخصص في الدراسات الإستراتيجية، وله فيها حوالي 25 كتاباً.

تضمَّن الكتاب مقدمة تكلم فيها الكاتب عن عدّة محاور. أما محاور المقدمة فهي:

أولاً: عودة التشيّع: حيث يعتقد الكاتب أن هنالك عدّة عوامل قد عادت بالتشيع إلى ساحة الحياة السياسية والاجتماعية، وتزايد نفوذهم في العالم، والكاتب بدوره يسلّط الأضواء على تلك العوامل.

ثانياً: شِيَع الشيعة، يتعرّض المؤلف إلى تكوّن ونشوء التشيّع، والى فرق وعدد الشيعة مع تحليل وتفسيرٍ لذلك.

أما فصول الكتاب التي يدور البحث حولها فهي كالآتي:

القسم الأول ويحتوي على: الشيعة في إيران، وعلويّي تركيا، وشيعة شبه القارة الهندية، وشيعة آسيا الوسطى.

ويقدّم الكاتب في الفصول الأخرى من الكتاب إحصاء نسب تواجد الشيعة في الدول العربية وغيرها.

2 ـ 6 ـ تاريخ إسلام (جامعة كيمبرج) آربري، اشبولر، وآخرون ترجمة أحمد آرام، وهو كتاب موسّع في تاريخ الإسلام وحياة النبي الأكرم محمد

تناول الكاتب فيه ظهور الإسلام والبعثة، وأحوال شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، ثم خلفاء الإسلام، والدول التي تشكّلت بعد الخلافة أمثال الدولة الأموية، والدولة العباسية وسقوطها، والثورات التي حدثت في تاريخ هاتين الدولتين، وقد أخذنا عن هذا الكتاب أحداث امتناع الحسين× عن بيعة يزيد، وما جرى من مقدمات ثورة الإمام الحسين×.

2 ـ 7 ـ الحسين الوسيط  (Husaynthmediator)

وفي عام 2007 م صدرت أحدث دراسة حول الإمام الحسين وثورة عاشورا، من جامعة (آبسالا) في السويد، للباحث في التاريخ الإسلامي (تورستن هايلن Torsten Hylen ) حملت عنوان (HusaynTheMediator) أي (الحسين الوسيط)، وهي رسالة دكتوراه قدّمت دراسة تحليلية لثورة الحسين× من خلال روايات جرير الطبري، وقد استعنت بأحد المترجمين في ترجمة ما يخصُّ البحث من هذه الدراسة, يخلص الكاتب إلى عدّة نتائج خلال تحليلاته لروايات الطبري، ويضع لها عناوين مختلفة: الحسين وصحبه دعاة سلام، وإنَّ موت الحسين دليل على عظمة وقوة الحسين×. وقد استفدنا من هذا الكتاب في بحثنا حول شخصية الإمام الحسين، وفي بحثنا حول ثورة عاشوراء.

3 ـ نبذة عن شخصية الإمام الحسين ×

3 ـ 1 ـ ولادة الإمام الحسين ×

كانت ولادته× في السنة الرابعة من الهجرة([27])، وقيل: في السنة الثالثة([28])، واختلف في الشهر الذي ولد فيه، فذهب الأكثر إلى أنّه ولد في شعبان، في اليوم الخامس منه([29])، وقد أجرى النبي’ المراسيم والآداب الشرعية لوليده المبارك، فكان أول صوت يطرق سمع الحسين× هو صوت الرسول’ يُودَع في أعماقه كلمات الإيمان والتوحيد: «الله أكبر، أشهد الله أن لا إله الله إلاّ الله، لا إله إلاّ الله...». فقد أذّن النبي في أُذُن الحسين اليمنى، وأقام في أُذُنه اليسرى([30]).

وتولّى النبي’ تسميته فقد سمّاه حسيناً، كما سمّى أخاه حسناً([31])، ويقول المؤرَِخون: «لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الاسمين حتى تسمي أبناءها بهما، وإنّما سمّاهما النبي’ بهما بوحي من السماء»([32]). وبعد مرور سبعة أيام على ولادة الحسين× أمر النبي’ أن يعقّ عن الحسين× بكبش، ويوزّع لحمه على الفقراء، كما أمر أن تعطى القابلة فخذاً منها([33]).

كما أمر النبي’ أن يحلق رأس ولده الحسين× ويتصدّق بزنته فضة على الفقراء([34]), فكان وزنه ـ كما في الحديث ـ درهماً ونصفاً([35]), وطلى رأسه بالخَلوق([36])، ونهى عما كان يفعله أهل الجاهلية من إطلاء رأس الوليد بالدم([37]).

3 ـ 2 ـ  رعاية النبي’ للإمام الحسين ومنزلته عنده

إنَّ من الأمور المسلّمة في سيرة النبي’ والتي تناولتها كتب السيرة هي حبُّ ورعاية النبي’ للحسن والحسين÷، وإنّ الإمام الحسين قد حضى برعاية النبي’ منذ ساعة ولادته، حيث تنقل كتب التاريخ أنّ الرسول العظيم حينما سمع بولادة الحسين× خفَّ مسرعاً إلى بيت ابنته وبضعته فاطمة‘، وقد بدا في محيّاه ملامح من الوجوم، ونادى: «يا أسماء هلمي ابني فناولته أسماء، فأحتضنه النبي’، وأخذ يقبّله وانفجر باكياً، فاندهشت أسماء قائلة مِمَّ البكاء فداك أبي وأمي؟! فأجابها نبي الرحمة’: من ابني هذا. وملكتها الحيرة قائلة: إنَّه وُلِدَ الساعة، فأجابها النبي’ بصوتٍ حزين قائلاً: «تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي», ثم أسرّ إلى أسماء قائلاً: «لا تخبري فاطمة فإنها حديثة عهدٍ بولادته ...»([38]).

لقد كانت رعاية النبي’ واهتمامه بالغين بشخص ابنه الحسين، منذ لحظة ولادته وكذلك في جميع مراحل حياته، وفي كل جوانب حياة ابنه الحسين، ومن صور اهتمام النبي وحبه للحسين× أنّه كان يعوّذ الحسن والحسين÷؛ خوفاً منه عليهما من كلّ سوء وشرّ، قائلاً: «أعوذ بلكمات الله التامّة ومن كلّ شيطان وهامّة، ومن كلّ عينٍ لامّة»، ويقول: «هكذا كان إبراهيم يعوّذ ابنيه إسماعيل وإسحاق»([39]).

ونلاحظ هذا الحبّ والإهتمام من الرسول العظيم’ يستمرّ في مرحلة الصِّبا من حياة الحسين، حيث إنَّ تعامل الرسول’ مع ولده الحسين يشير إلى أهمية مكانته لدى النبي’ منذ صباه، ومما تناقله التاريخ أنَّ النبي’ يرى الحسين× في الطريق يلعب مع الأطفال فأخذه واحتضنه، فوضع الرسول’ إحدى يديه تحت قفاه، والأخرى تحت ذقنه، فوضع فاه على فيه، فقبّله، وقال: «حُسينٌ مني، وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبَّ حُسيناً، حسين سبطٌ من الأسباط»([40]).

وبالطبع أنَّ قول الرسول’ هذا في حق الحسين كان على مسمع الأصحاب وجمع من الناس، ولم يكن النبي’ وحده، ونرى الرسول العظيم’ مرة أخرى وهو في صلاته حين السجود يثب الحسن والحسين÷ على ظهر جدهما، فيطيل النبي’ في سجوده، فيقوم بعض الصحابة لينحيهما عن ظهر النبي’ فإذا بالنبي يشير (أن دعهما)، ثم يرفع رأسه حتى ينزلا برضاهما، فلما قضى الرسول الصلاة، وضعهما في حجره، فقال: «من أحبني، فليحبَّ هذين»([41])، وهذه الحادثة أيضاً كانت وسط جمع كثير من المسلمين، وهي في المسجد وأثناء الصلاة، ومن الطبيعي كان في الصلاة خلف النبي كبار الصحابة ورواة الحديث.

وفي حديث آخر جعل الرسول الأكرم’ الحسين سيداً لشباب أهل الجنة حيث يقول: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»([42]). فهذا الحديث يعني أنَّ الحسين في كافة مراحل حياته منذ البدء وحتى النهاية هو مع الحقّ وفي سبيل الحقّ، وأنَّ الأمّة قد علمت ذلك، ووعته من خلال هذا الحديث النبوي.

ومن الشواهد والأحداث التاريخية التي يشرق بها شخص الحسين× هو يوم المباهلة، حينما تحدى نصارى نجران النبي’، فقال لهم نبتهل، فكان ذلك اليوم يوماً خالداً في تاريخ المسلمين لاينساه أحد، وهو اليوم الذي أشار إليه القرآن الكريم عندما أمر الله تعالى رسوله بقوله: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) ([43]).

يقول الإمام علي×: «خرج رسول الله’ حين خرج لمباهلة النصارى: بي، وبفاطمة، والحسن والحسين»([44]).

فهذا اليوم العظيم يدلُّ على أهمية الحسين لدى الرسول’، بل الله أمره بذلك، ويذّكر الأمَّة أنّ هذا الرجل من عظماء التاريخ منذ بزوغ نور الرسالة الإلهية.

ولم يَدَعِ الرسول الكريم رعايته للحسين× حتى في آخر ساعات حياته، وكان دؤوباً في تسليط الضوء على ابنه الحسين× ؛ لكي لا يتغافل القوم عنه في يومٍ ما، أو يحاولوا أن ينتقصوا من دوره التاريخي، أو خطر مكانته لدى الأمّة، فقد ورد في الأخبار أنَّ فاطمة‘ أتت بابنيها إلى الرسول’ ـ في شكواه التي توفي فيها ـ فقالت: «يا رسول الله، هذان ابناك، فورِّثهما شيئاً؟ ـ أو قالت: ابناك وابناي انحلهما، فقال رسول الله’: نعم.

أمّا الحسن: فقد نحلته هيبتي وسؤددي.

وأمّا الحسين فقد نحلته نجدتي وجودي.

قالت: رضيت يا رسول الله»([45]).

نعم، إنَّ هذه الشواهد والإشارات التاريخية التي صدرت من قائد الأمة الإسلامية ونبيِّها الذي دأب طوال حياته في التأكيد على أهمية ومكانة الإمام الحسين وسط الأمة، لم تَدَع مجالاً لأيِّ أحد أن يتجاهل شخص الحسين×، وعلوَّ شأنه في التاريخ الإسلامي.

3 ـ 3 ـ  مكانة الحسين× عند صحابة النبي

إنَّ سيرة الرسول العظيم مع ولده الحسين× كانت على مسمع ومرأى من المسلمين عامة، وصحابة النبي’ خاصة بعد رحيل رسول الله’، بقي ذلك التعامل الذي صدر من قائد الأمة مع الحسين شاخصاً أمام أعين الجميع، وأقواله كذلك هي الأخرى ظلت مودعة في حافظة الأمة الإسلامية «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»، «حسين مني وأنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط»، وغير ذلك مما نطق به النبي’ في حقّه. لهذا كان كبار الصحابة يحتفون بالإمام الحسين× ويعظّمونه؛ لقداسته وقرابته من رسول الله، فكما كان الحسين× في حياة جدّه شخصاً لامعاً ومميزاً لدى النبي الكريم’ كذلك الحال فيما بعد حياة النبي’ كانت له مكانة عالية وسط الأمة، فقد جاء في كتب التاريخ أنَّ مدرك أبا زياد قال: «كنّا في حيطان ابن عباس، فجاء ابن عباس وحسن وحسين فطافوا في البستان، فنظروا، ثم جاؤوا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها، فقال لي الحسن: يا مدرك، أعندك غذاء؟ قلت: قد خبزنا، قال: أئت به، قال: فجئته بخبز من ملح جريش وطاقتين بقل، فأكل، ثم قال: يا مدرك، ما أطيب هذا، ثم أتى بغذائه وكان كثير الطعام طيّبه، فقال يا مدرك اجمع لي غلمان البستان، قال: فقدم إليهم فأكلوا ولم يأكل، فقلت: ألا تأكل؟ قال: ذاك كان أشهى عندي من هذا، ثم قاموا فتوضؤوا، ثم قدمت دابة الحسن، فأمسك له ابن عباس بالركاب وسُوِّي عليه، ثم جيء بدابة الحسين فأمسك له ابن عباس بالركاب وسُوِّي عليه، فلما مضيا قلت: أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوِّي عليهما؟! فقال: يا لكع، أتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله’، أوليس هذا مما أنعم الله عليَّ به أن أمسك لهما وأسوّي عليهما؟!»([46]).

وقد بلغ احترام المسلمين للحسين× مبلغاً عظيماً حتى تجلّت صور ذلك التبجيل للحسن والحسين في كثير من المواطن؛ من قبيل: أنّ الحسن والحسين لمّا كانا يحجّان إلى بيت الله الحرام ماشيين يترجّل الرَّكب الذي يمرّان به؛ تعظيماً وإجلالاً لهما، حتى شقَّ المشي على كثير من الحجاج، فكلموا أحد كبار الصحابة، وطلبوا منه أن يعرض على الحسن والحسين÷ الركوب أو التنكب عن الطريق، فعرض عليهما ذلك، فقالا: «لا نَركَبُ، ولكن نتَنَكّب عن الطريق» وسلكا طريقاً آخر([47]).

وأنَّ الحسن والحسين÷ حينما يطوفان بالبيت الحرام يكاد الناس أن يحطموهما من كثرة السلام عليهما والتبرك بزيارتهما([48]).

وينقل المؤرخون: «إنَّ الإمام الحسين حضر تشييع جنازة فسارع أبو هريرة، فجعل ينفض التراب والغبار عن قدمه»([49])، وكذلك يحدثنا التاريخ أنَّ المقداد بن الأسود ـ الصحابي الكبير ومن السابقين إلى الإسلام ـ قد أوصى أن تدفع للحسن والحسين ستة وثلاثون ألف من تركته بعد وفاته([50]).

كما تجلّت عظمة الإمام الحسين× في الأمور السياسية التي حدثت في مراحل عديدة في تاريخ الأمة، حيث نراه يواسي ويشدُّ من عزم الصحابي الكبير (أبي ذر الغفاري) حينما حدثت الفتنة بينه وبين (عثمان) مما أدى إلى نفي (أبي ذر) إلى الربذة، فكان في وداعه الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين (عليهم السلام)، فدنى الإمام الحسين× إلى (أبي ذر) رضوان الله عليه وقال له: «يا عمّاه إنَّ الله تبارك وتعالى قادر أن يغيّر ما قد ترى، والله كلّ يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم! فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإنَّ الصبر من الدين والكرم، وإنَّ الجشع لا يقدِّم رزقاً، والجزع لا يؤخِّر أجلاً»([51]).

3 ـ 4 ـ  الإمام الحسين× في عهد أبيه أمير المؤمنين×

شارك الحسين أباه الإمام علياً× كلَّ الحروب والمواقف السياسية الأخرى، وبرز في ميادين القتال، وحارب المارقين والقاسطين والناكثين، وكان ينادي هل من مبارز؟ فأقبل إليه رجل من آل ذي العوة اسمه (الزبرقان بن املم)، وكان بطلاً شديد البأس، فقال للحسين× من أنت؟ قال أنا الحسين بن علي، فقال له الزبرقان: انصرف يا بني، فإني والله لقد نظرت إلى رسول الله مقبلاً من ناحية قباء على ناقة حمراء وإنك يومئذ قدامه فما كنت لألقى رسول الله بدمك وانصرف عنه([52]).

ولقد رأى المسلمون الإمام الحسين× في مواضع عديدة إبّان حياة أمير المؤمنين× وكذلك شاهدوه مؤازراً لأخيه الإمام الحسن×، منسجماً مع أفكاره، مطيعاً له في كلِّ ما يرى وكلّ ما اتخذ من قرارٍ؛ حيث كان يؤيّده وينصره في مسألة الصلح، كان مع ما رآه الإمام الحسن×، ومدافعاً عنه حتى يوم شهادة أخيه الحسن×.

4 ـ ثورة عاشوراء وأهميتها

شهد تاريخ البشرية وعلى مرِّ الأزمنة صراعاً بين جبهتين؛ جبهة الحقّ، وجبهة الباطل، واحتلَّ هذا الصراع مساحة شاسعة في صناعة التاريخ؛ إذ لكلِّ حقبة أئمة باطل، وقبالهم أئمة حقّ ونداء لنصرة الحقّ، ولأجله تُقدَّم التضحيات المختلفة، فالتاريخ كلَّ يوم يسجل حدثاً وصورة من هذا الصراع منذ عهد الإنسانية الأول، فالأنبياء كانوا الرعيل الأول في الجهاد ضدّ الظلمة؛ إذ قدّموا بكلّ سخاء حياتهم وكلّ ما يملكون في هذا الطريق، وتبعهم على ذلك الأوصياء والأولياء والسائرون على هداهم، ولم يتركوا هذا الأمر مادام هناك باطل، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة التاريخية الممتدّة على طوال الأيام، حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين} ([53]).

إذاً الصراع والكفاح قاده الأنبياء والأوصياء ولن ينتهي إلاّ بانتصار الحقّ وزوال دولة الباطل، فشهد التاريخ ثورات كثيرة كان هدفها الإطاحة بالجور أو الإنتفاض عليه وكشف حقيقته. وقدحفظ لنا التاريخ هذه الثورات في سجل الخلود والإباء؛ ومن بين تلك الوقائع المشرقة في تاريخ الإنسانية، وفي التاريخ الإسلامي هي ثورة الإمام الحسين×، ثورة عاشوراء التي نحن في صدد البحث عنها.

إنَّ ثورة عاشوراء، ويوم عاشوراء ـ على الرغم من قصر وقت المعركةـ احتلَّت مساحة واسعة، وبالغة الأهمية في التاريخ الإسلامي، ولم تكن حدثاً عابراً، أو بقيت في طيّات الكتب فقط، بل تناولها المفكرون والكتّاب والنقّاد والمؤرّخون بكمٍ هائل من التحليل والأخبار، وعلى مختلف العصور؛ فكلما تنقضي حقبة ويمرُّ زمان ترى الحديث عن هذه الثورة يتجدّد؛ وذلك لأنّ ما أحدثته نهضة الإمام الحسين في المجتمع كان كبيراً جدّاً، وتحولاً في الوجدان الإنساني والفكر الإنساني.

 وتعتبر ثورة عاشوراء من الثورات المهمة التي شهدها التاريخ؛ لأنها تختلف عن كلّ الثورات من حيث النتائج والآثار في الأُمَّة، فهي ثورة قائدها حفيد النبي، وابن بنته، وقد استُشهِد فيها هو وذووه وأصحابه.

ولم تكن حالة تمرُّد على حاكم، أو مطالبة بحكم، كما صوّرت من قبل بعض المؤلفين([54])، بل كانت ثورة على حالة انحراف في الدين والأخلاق والأعراف، وثمن تصحيح كلّ ذلك هو الدم والجود بالأنفس، وبالفعل كان هذا العطاء الدموي خنجراً في قلب الحكم الأموي، وسبباً للإطاحة به فيما بعد.

 وقد بلغت ثورة الإمام الحسين× هذه المكانة التاريخية لعدّة أسباب وأمور، حيث كانت«رأس الحربة في التاريخ الثوري، هي الثورة الأولى التي عبّأت الناس ودفعت بهم في الطريق الدامي الطويل»([55]).

وتعتبر ثورة عاشوراء فريدة من بين الثورات، من حيث الفترة المعاصرة لها، ومن حيث انعكاساتها على الأمة الإسلامية من صحوة ويقظة.

4 ـ 1 ـ مبرِّرات الثورة وبوادرها

 ولأجل أن تكون لنا صورة وفكرة واضحة عن مدى أهمية (الثورة تأريخياً) نستعرض بإيجاز أهمَّ المعطيات قبل وإبّان تلك الثورة المباركة للإمام الحسين ×، وعن نتائج ما بعد الثورة، وعلى أزمان مختلفة وصولاً إلى عصرنا الحاضر.

بعد شهادة الإمام علي× وما جرى بين معاوية بن أبي سفيان والإمام الحسن× حينما نقض معاوية كلّ العهود التي أبرمت في وثيقة الصلح، وبدأ معاوية بشراء ذمم الناس بالأموال وتزييف الحقائق، بل والإفتراء على الإسلام وعلى آل البيت^، فكان أوّل ما قام به معاوية من انحراف أن جعل أمر الخلافة ملكاً في بني أمية من خلال تعيين ابنه يزيد خليفة من بعده!.

وكما عرف عن معاوية التسلُّط على أموال المسلمين، وصرفها في ملذاته، أو للتفرقة بين المسلمين، كما أنه قام بشنِّ حملات إعدام بشعة استهدفت خيار الصحابة ومن يوالي الإمام علياً× حتى أنَّه لم يسلم من دسائسه أحد.

وكذلك الأمر على الصعيد الفكري والثقافي؛ إذ أوعز معاوية لمن تبعه أن ينظروا إلى كلِّ حديث في فضل علي وآل محمد’ أن يغيّروه أو يحذفوه، والى كلّ آية نزلت في حقّ الإمام علي أن يغيّروا تفسيرها، حيث أعطى معاوية سمرة بن جندب أربعمائة ألف على أن يخطب في أهل الشام ويروي لهم أن الآية الكريمة نزلت في علي، وهي: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)([56])، فروى لهم سمرة ذلك، وأخذ العوض الضخم من بيت مال المسلمين([57])، وهكذا كانت تعطى الأموال لكلِّ مَن يقوم بمثل ذلك، وبهذا النمط من السياسة الانحرافية عاش الناس وتبدّلت عقولهم، ومُسخت ضمائرهم.

وبعد وفاة معاوية قام ابنه يزيد مقامه، فأوعز إلى كلّ عمّاله أن يأخذوا البيعة من الناس له، وبالخصوص من الإمام الحسين×. فبدأت بوادر ثورة الإمام الحسين حينما أعلن الإمام × رفضه للإنصياع لحكم يزيد؛ لما عرف عن يزيدكلّ صور الإنحراف؛ ومن هنا ظهر أهمية التحرّك والثورة؛ لأنَّ الأُمَّة ظلَّت في سبات وأفكار الناس قد تلوّثت بمبادئ غريبة لا تلتقي مع الإسلام والإنسانية بشيء، فلو استمرَّ الأمر ليزيد كما يروم له سيؤول الوضع إلى أكثر وخامة وسوءاً، فكانت انطلاقة نهضة الإمام الحسين× كاشفة عن محتوى شخص يزيد ـ الذي أُريد له أن يكون خليفة وقائداً باسم الإسلام ـ حينما قال عنه الإمام الحسين× : «يزيد رجلٌ فاسق شاربٌ للخمر، قاتل للنفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله»([58])، وقال أيضاً: «لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد»([59]).

إنَّ أوّل خطوة للإمام الحسين× كانت رفع الحجب عن عيون الناس وكشف بني أمية، وكانت حركة في مواجهة انحراف دام سنيناً، انحراف على كلّ الأصعدة، حيث يقول الإمام الحسين× معلناً عن أهداف ثورته، وكاشفاً عن سيرة بني أمية في الأمة: «ألا ترون إلى الحقِّ لا يُعمل به، والى الباطل لا يتُناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً»([60]).

لقد كان الحسين× يحدِّث بهذا وأمثاله، ويبصِّر المسلمين، ويستنهض به هممهم ويطلب نصرتهم، ويذكِّرهم بتكليفهم الشرعي، سرّاً وعلانيةً في جوٍّ من الإستضعاف والخوف والإرهاب، نظير ما عاشه جدُّه رسول الله’ في مكة يوم استضعفته قريش وعذّبت أصحابه، فقُتِل مَن قُتِل وسُجِن مَن سُجِن، وتشرَّد مَن تشرَّد، وهو في ذلك نظير جدِّه النبي’، حينما قال لعمه أبي طالب: «يا عمّ والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه»([61]).

إنَّ أهمية وضرورة ثورة عاشوراء تكمن في أنَّها ثورة لإحياء ما عُطِّل من الشرع وإعادة الإسلام إلى الحياة بعد ما أقصاه معاوية وبنو أمية، وكانت حركة الحسين صرفة في وعي الأُمَّة، إنَّ الذي يريد أن يتسلَّط اليوم على رقابكم باسم خليفة المسلمين هو يزيد بن معاوية صورة مكرَّرة لأبيه من البعد عن الدين وعن سيرة محمد’ وسنتّه.

وإنَّ الحسين قد نهض لأجل إحياء السنة التي أمر بها رسول الله’ إذ يقول: «إنِّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّة جدِّي، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب»([62]).

وهذا الخطاب يكشف عن أمر مهمِّ، وهو أنَّ سُنَّة رسول الله’ قد غُيّرت منذ أمد بعيد وليست بدايته منذ تنصيب يزيد، بل إنَّ تنصيب يزيد يُعَدُّ مرحلة من مراحل الإنحراف وخطوة في إدامة مسيرة الضلال والجور. نعم، إنَّ مجيء يزيد يُعَدُّ أمراً بالغ الخطورة، حيث إنَّ يزيد كان معلناً بالفجور، وملامح الإنحراف والطيش واضحة وبارزة في شخصه، وإنَّ مسؤولية القيام بمهام الإصلاح والدعوة له تقع على عاتق الحسين× «فالحسين أولى من كلِّ أحد في المطالبة بإعادة حقوق الأمة؛ لأنّه يمثّل دعوة الحقِّ بأجلى مظاهرها، وبذلك طالب الأمَّة بمعاونته وقبول دعوته، فهو لم يجعل أسباب قبول دعوته بشرفه الذي لا يجاريه أحد فيه، ولا منزلته التي يعترف بها كلُّ مسلم، وإنَّما طالب الأمّة بالحقِّ الذي يجب مناصرته، فالحسين داع للحقّ، وهو ممثّله، والناس إذا استجابوا للحقِّ فذلك سعادة المجتمع والخير للأمَّة، فكانت نهضته للحقِّ من حيث الحقِّ»([63]).

4 ـ 2 ـ أثر الثورة في إيقاظ وعي الأمَّة

كان أوَّل ما أنتجته الثورة وقبل أن يحصل الصِدام المسلَّح هو إيقاظ روح الوعي في الأمَّة، والتنبيه على أنَّ الولاء لبني أمية يعني سحق قيم الإنسانية، وقيم القرآن، وأنَّ الحسين يريد للأمَّة أن تعيش وتفكّر وفق دستور القرآن وسيرة رسول الله’.

وبالأخصِّ مع الحاكم المستبدّ؛ لأنَّ الحاكم إذا كان منحرفاً عن الصراط السوي فسوف يورد الناس إلى المهالك، يغيّر دينهم، وأخلاقهم، وتتبدّل المبادئ السامية بمبادئ شرّيرة، وتسفك الدماء بغير حقِّ، ويعمُّ الفساد في كلِّ جوانب الحياة.

إنَّ الخطوة والخطوات اللاحقة من مسيرة الثورة يُعَدُّ من الأمور الإعلامية للثورة، حيث إنَّ انتشار نبأ تحرُّك الإمام الحسين×، ودعوته للناس بأن ينتفضوا ضدَّ الحكم الأموي دفع الناس إلى كسر حاجز الخوف في أنفسهم، وجعل السلطة الحاكمة في حالةٍ من الإضطراب والإرتباك، وسنرى فيما بعد كيف ساهمت مراحل ثورة الإمام الحسين في كشف افتراء بني أمية على أحاديث النبي’.

حينما خرج الإمام الحسين× إلى مكة كان انتقاله هذا يمثل دوراً هاماً من أدوار مواجهة الأمويين، وفضح ما هم عليه، حيث نزل في دار العباس([64])، وأخذ الناس يتوافدون على الحسين ويجلسون معه، ومكث × في مكة شهر شعبان، ورمضان، وشوال، وذي القعدة، وثمانية أيام من ذي الحجة([65])، وبالطبع فإنَّ الحسين × لمّا يلتقي بجمع كبير من الأمَّة وفي ظرفٍ كهذا، وفي مدينة تُعَدُّ أهمّ مركز اجتماعي للمسلمين؛ وهي مكة، أن يدور حديث الحسين مع الناس حول إحياء معالم الدين، وإحياء أحاديث رسول الله’ لذا بدأ × يذّكر النا س بأحاديث النبي في فضل أبيه وفضله وفضل أخيه الحسن× وفي ذمّ بني أمية، يذكر لهم الأحاديث التي وردت عن رسول الله’ في الواجب الشرعي قبال الحاكم الظالم «من رأى سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله’، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله»([66]).

فهذه الفترة الزمنية التي قضاها الإمام الحسين في مكة، فسحت للإمام مجالاً لإيقاظ الناس على ما جنته أيادي الأمويين وأتباعهم على القرآن والسنّة النبوية، وكذلك مساعدة الإمام أن يشحذ العقول والنفوس في التحرك، وإتباعه في الثورة.

فهي إذاً كانت فترة تبليغ وإعلامٍ هادف، بقصد توعية الأمّة الإسلامية، وكان من ضمن خطاباته المدوّية في الأمّة قوله×: «ألا وإنَّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله وأنا أحقُّ من غيّر»([67]).

فكانت هذه الخطابات واللقاءات بين الإمام الحسين× والأمّة في مكة ضربات معول تقطّع جذور العرش الأموي، وتلقي به إلى الهاوية، حيث بدأ الناس يلتفُّون حول الحسين ويستجيبون له، ففي موسم الحج ولقاء الكم الهائل من الناس مع الإمام الحسين× وتبادل الأحاديث المختلفة أكسب الثورة أهمية اجتماعية بالغة في ذلك الحين.

أما الطرف المقابل وهو السلطة الأموية فلم يَرِقْ له تحرك الحسين×، ولقاءاته مع الجمع الكثير من الناس، وشعر بالخطر، فأخذ يحيك المؤامرات لقتله. وهذا يدلُّنا على أنَّ لحركة الإمام الحسين شعبية في مكة، ولو لم تكن كذلك لما أرسل يزيد إلى الحسين من يقتله، فكان بإمكانه أن يصدر الأمر إلى عامله على مكة بأن يلقي القبض على الحسين× ويودعه السجن ثم يقتله، بصفته حاكماً ومنفذاً، ولكنَّ ضعفه وعدم سيطرته على تحرّك الإمام الحسين× ألجأه إلى أن يكيد للإمام سرّاً حتى يتخلّص منه.

بعد هذا قرّر الإمام أن يخرج من مكة؛ خوفاً من أن تُستباح حرمة مكة بقتله، فكان يصرّح بذلك بقوله× : «يقول لي ابن الزبير: كن حماماً من حمام الحرم، ولأن اقتل وبيني وبين الحرم باع أحبّ إليّ من أن أقتل وبيني وبينه شبر، ولأن أقتل بالطف أحبّ إليّ من أن أقتل بالحرم»([68]).

وبهذا الحديث أضاف الحسين× خطوة أخرى في كشف حقيقة بني أمية، ألا وهي أنَّ الحرم لا حرمة له عندهم، وأنَّ الحسين وإن احتمى بالحرم فإنَّ ذلك لا ينجيه منهم، وعلى العكس من ذلك فإنَّ المواقف التي اتخذها سيد الشهداء خلال مراحل حركته المباركة أثبتت للأمّة حرص (أهل البيت^) على مقدَّسات الدين، وإنهم على خلاف ما يصدر من بني أمية من أراجيف وأقوال كاذبة في حقّهم، وإنَّ الشهادة في سبيل إعادة السنّة إلى الحياة لهي مكسب عظيم، وهدف هامّ في فكر وتخطيط الإمام الحسين×، وإنَّ التاريخ صوّر لنا كيف كانت مراحل ثورة الإمام الحسين× تمارس نوعاً من التوعية كما سنرى، وحتى في ساعات المعركة، وعند اقتراب شهادة الحسين×، والذي يتابع مراحل سير الثورة من أول يوم إلى اليوم الأخير يرى أنَّ الإمام الحسين كان واضح الأهداف والرؤية، وهو أن الإمام الحسين أراد الشهادة؛ لأجل قلب الواقع الذي جاء به بنو أمية وأجبروا الأمة على الالتزام بأفكار منحرفة، بعيدة عن الدين، وعن دستور الإسلام في المجتمع. وفي هذه الأثناء رأى الامام الحسين× ضرورة التوجّه إلى العراق باعتباره محطّة مهمّة في أهداف ثورته. فتوجه إلى كربلاء إنَّ الإمام وفي طريقه مرَّ بمناطق عديدة التقى فيها بأناس وشخصيات مهمة، دارت بينه × وبينهم حوارات دعاهم فيها إلى نصرته والثورة ضدّ الفساد الأموي، وقد التحق بعض الأنصار بالإمام الحسين× وهو في طريقه إلى كربلاء، منهم (زهير بن القين) الذي انضمّ إلى الإمام الحسين× لما وصل إلى مكان يسمى (زَرود)([69]).

ذكر المؤرخون بأنَّ الإمام الحسين ×لمَّا انتهى إلى زرود رأى فسطاطاً مضروباً فسأل عنه، فقيل له: هو لزهير بن القين، وكان راجعاً من الحجِّ يريد الكوفة، فأرسل إليه الحسين×: «أن القني أكلمك، فأبى أن يلقاه، وكانت مع زهير زوجته، فقالت له: سبحان الله يبعث إليك ابن رسول الله’ فلا تجيبه؟ فقام يمشي إلى الحسين×، فلم يلبث أن انصرف وقد أشرق وجهه! فأمر بفسطاطه فقُلِع، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين! ثم قال لامرأته: أنت طالق! فتقدمي مع أخيك حتى تصلي إلى منزلك، فإني قد وطَّنت نفسي على الموت مع الحسين×! ثم قال لمن كان معه من أصحابه: من أحبَّ منكم الشهادة فليقم، ومن كرهها فليتقدم، فلم يقم معه منهم أحد! وخرجوا مع المرأة وأخيها حتى لحقوا بالكوفة»([70]).

فكان الإمام الحسين بحركته التوعوية يستقطب ذوي العقول ويلحقهم في ركبه، وكان يؤثِّر بهم لحدّ أنّهم يطلبون الشهادة بين يديه, ولأجل مبادئ ثورته العظيمة، أطلق شعار ثورته × منذ اللحظات الأولى وهو (طلب الإصلاح في أمة جدي)، وهذا الأمر يتطلّب أن يلتحق بالثورة أناس ذوو مبدأ وعقيدة؛ ولذلك كان الإمام الحسين× يؤكّد لمن معه أنهم ملاقوا الشهادة، وأنه سائر إلى لقاء الله. وكان يرفض أن يلتفَّ حوله من له طمع في ولاية أو سلطة؛ لأنَّ أمر ثورة الحسين× يتطلب فناءً في سبيل إحياء معالم ما ُضيِّع من القيم، وليس الإندفاع نحو مطامع قد تزول أمام إغراء وخوف القتل؛ ولذلك حينما وصل نبأ شهادة مسلم بن عقيل، وهانيء بن عروة، حينها كان الحسين× في مكان يُسمَّى (زبالة) قام في الناس خطيباً فقال: «ألا إنَّ أهل الكوفة وثبوا على مسلم بن عقيل، وهانيء بن عروة، فقتلوهما، وقتلوا أخي من الرضاعة، فمن أحبَّ منكم أن ينصرف فلينصرف من غير حرج، وليس عليه منّا ذمام»، فتفرّق الناس، وأخذوا يميناً وشمالاً، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة، وإنَّما أراد أن لا يصحبه إنسان إلاّ على بصيرة!([71]) «فكَرِهَ أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون علامَ يقدمون، وقد علم أنَّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلاّ من يريد مواساته والموت معه»([72]).

وهكذا كانت مراحل الثورة العظيمة تتلألأ، والإمام الحسين× يكلّم الناس حول أهدافه التي من أجلها انطلق في حركته التي كانت امتداداً لحركة الأنبياء، وكان كلُّ من يلاقيه الإمام الحسين× ويحدثه يجد في نفسه أثراً عميقاً يتركه كلام الحسين×.

ولم يزل الإمام الحسين× يواصل عملية كشف حقيقة الحكم الأموي أمام الناس في كلِّ موطن وفي كلّ لحظة، وكذلك يعيد إلى الأذهان بأنَّ دين محمد× يتمثل بالحسين× وبهذه الثورة، حتى وصوله إلى أرض كربلاء والتي منها عرجت الأرواح، وتجلّت المبادئ الحقّة التي أرادها الله جلّ وعلا أن تكون دستوراً للإنسانية إلى يوم الدين.

أخذ الحسين× يذكّرهم ليعودوا إلى رشدهم ولو في آخر ساعة؛ فخطب فيهم قائلاً: «عباد الله اتقوا الله! وكونوا من الدنيا على حذر فإن الدنيا لو بقيت لأحدٍ وبقي عليها أحد كان الأنبياء أحقَّ بالبقاء وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء، غير أنَّ الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء، فجديدها بالٍٍ، ونعيمها مضمحلٌّ، وسرورها مكفهرٌّ، والمنزل بلغة والدار قلعة، فتزودوا فإنَّ خير الزاد التقوى واتقوا الله لعلكم تفلحون»([73]).

أوليس حمزة سيد الشهداء عمَّ أبي؟ أوليس جعفر الطيار ذو الجناجين عمِّي؟ أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم أنَّ رسول الله’ قال لي ولأخي: «هذان سيدا شباب أهل الجنة؟» بالتأكيد لم يكن يقصد الإمام الحسين× بكلامه أن يستدرَّ عطف هؤلاء، ولكنه بيّن للناس أنَّ إعلام بني أمية يضلّل الناس، ويفتري على آل الرسول، وكذلك وضّح لمن التحق بجيش يزيد أنَّ يزيد وأذنابه، إنّما يقاتلون شخص ابن بنت نبي الله، وبيّن للأمة مَن هم أسلافه، مَن هو أبوه، وعمُّ أبيه، وعمُّه، وما قاله رسول الله ’في حقّه وحقّ أخيه، وبهذا يسقط ويفتضح كذب بني أمية بأنَّ علياً والحسن والحسين وذريتهم ليسوا على الحقّ، وإنما أسلاف الحسين ما بين شهيد، وآخر شهيد له جناحان يطير بهما في الجنة، وبهذا القول الذي وجّهه الحسين لمن انضمَّ تحت لواء يزيد إنّما يقدمون على سفك دم الأنبياء، وبمسيرهم هذا إنّما يردون أبواب جهنم وذلك هو الخسران العظيم.

 4 ـ 3 ـ شهادة الإمام الحسين × حياة الإسلام

نعم، لقد صدق الإمام الحسين× حينما قال: «أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ...»([74])؛ إذ إنَّ موقفه× من الصلاة والمحافظة عليها يوم عاشوراء يذكرنا بمحافظة الإمام علي× على أداء نفس الصلاة في أحد حروبه، وحينما سأله أحد جنوده (وهل هذا وقت صلاة ؟) ردَّ عليه الإمام ×: «إنما نقاتلهم على الصلاة»([75])؛ فلم يمنع الإمام الحسين شيئ عن أداء الفرض الواجب وهو الصلاة، والملاحظ هنا أنَّ جبهة الإمام الحسين× ومن معه هم الذين ذكروا الصلاة، وهم الذين طلبوا أن يتوقّف القتال؛ لأجل أداء الصلاة، ولم تبدر بادرة من الجيش الأموي لذكر الصلاة، أو المناداة لوقف القتال ريثما تُؤدَّى الصلاة، وعلى المؤرخين أن يلاحظوا بدقّة أنَّ هذا الموقف يضيف رقماً مبدئياً آخر في نهضة الإمام الحسين×، فأيُّ الفريقين كان قتاله لدنياه وسلطانه؟ وأيُّهما كان قتاله وقتله لدينه وإعلاء شأن كلمة الله سبحانه وتعالى، وهذا يكشف أيضاً أنّ آل محمد’ أولى وأجدر بالحفاظ على حدود الله من غيرهم، وهم الذين كان جهادهم لأجل الحقِّ ورفعة الدين.

لقد بذل الإمام الحسين× دمه في أرض كربلاء؛ ليستقيم الدين ويعود إلى الحياة، وكان حتى في الساعات الأخيرة من المعركة يعطي أروع وأعلى الدروس للأحرار وللإنسانية، فيروي أبو مخنف أنَّ الشمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو عشرة من رجّالة أهل الكوفة قِبَل منزل الحسين× الذي فيه ثقله وعياله، فمشى نحوه، فحالوا بينه وبين رحله، فقال الحسين×: «ويلكم يا شيعة آل سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، ذوي أحساب، امنعوا عتاتكم وأطفالكم من التعرض لحرمي»([76])، فهو يدعو أعداءه، ومن باعوا ضمائرهم أن يكونوا أحرارا حتى وإن لم يكن لهم دين، وأن يترفعوا عن التعرض للنساء والأطفال.

إنهال رشق السهام على جسد قائد الأحرار ومحيى السُّنَّة بدمه الإمام الحسين× من كلِّ جانب، وأحاطوا به من كلِّ جانب؛ يوسعونه ضرباً بالسيوف، وطعناً بالرماح، وهو لم يتراجع ولا خطوة واحدة، وعادة أنَّ اكثر الحروب أو الثورات حينما يقتل أكثر أفرادها ويكثر فيهم القتل، يلوذ البقية بالفرار ـ وإن كانوا قادة الثورةـ لكن هنا وفي أرض الحرية ومذبح الأحرار (كربلاء) ظلَّ أبو الأحرار الإمام الحسين× يقاتل ويتلقّى ضربات  السيوف والنبال بعشق وصبر جميل.

يقول أبو مخنف: «عن الحجاج، عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي، عن عبد الله ابن عمار، قال: فوالله ما رأيت مكثوراً قطُّ قد قُتِل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً، ولا أمضى جَناناً، ولا أجرأ مقدماً منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجّالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدَّ فيها الأسد»([77]). ولكنهم وطمعاً بنيل الدنيا، فعلوا فعلة الجبناء عندما أحاطوا بالإمام الحسين× من كلّ صوب وسيوفهم تقطِّع أوصاله، فهوى إلى التراب، وصعدت مناجاته لمعشوقه «صبراً على قضائك، يا ربّ لا إله سواك، يا غياثَ المستغيثين، مالي ربٌّ سواك، ولا معبودَ غيرك»([78])

5 ـ الاستشراق وأهمية دراسته

إنّ البحث والدراسة في موضوع ( الاستشراق والمستشرقين) من الأبحاث الضرورية والمهمّة في الدراسات التاريخية؛ لأنَّ المستشرقين ومنذ بدء نشاطهم السياسي والتبشيري قد كتبوا أبحاثاً في كلَّ أبواب علومنا الإسلامية، في القرآن وتفسيره، والعقائد، والتاريخ، والجغرافيا وإلى غيره من العلوم؛ لذا فمن المهمِّ أن تدرس هذه الظاهرة بشكلٍ عميق وواسع من قبل الأساتذة ذوي الاختصاص، وكذلك الجامعات والمعاهد ذات التخصّص المعني، والحوزات العلمية في مختلف البلدان.

5 ـ 1 ـ تعريف الاستشراق

تعريف الإستشراق: للإستشراق تعاريف عديدة ومختلفة ولكلِّ كاتب أو باحث في ـ الاستشراق ـ تعريف خاصٌّ يطابق معلوماته ورأيه عن الاستشراق، ولذا جاءت التعاريف كثيرة ومختلفة. وقد اعتبر أحد متخصصي الإستشراق أن«وجود تعريف دقيق وجامع مانع للإستشراق يُعدُّ محال وغير ممكن»([79])؛ لأنَّ البعض يعرِّفه بحسب الجغرافيا، وآخر بحسب اللغة، وغيره بحسب الدين... وإلى آخره.

الإستشراق، يعني معرفة الشرق وهو ترجمة لمصطلح (Orientalism). وإن كان الاصطلاحان (Orient) و(East) كلاهما يعنيان الشرق، وكلمة (East) غالباً تعطي معنى جهة الشرق، وبعض الأحيان تأتي بمعنى (مشرق الأرض)، وكلمة (Orient) تطلق في الغالب على الأراضي الواقعة في شرق البحر المتوسط وأروبا([80]). وينظر إلى الإستشراق أو يفرّق الإستشراق ضمن زوايا متعدّدة، منها الزاوية الجغرافية للإستشراق.

أ ـ أصغر وأضيق مساحة للإستشراق (كما جاء في قاموس اكسفورد) أنَّ هدف الإستشراق هو (الشرق الأقصى) يعني الصين واليابان، ولذا قد اعتبر كلمة الإنسان الصيني والياباني من المعاني الرائجة لكلمة (Orientalist)([81]).

ب ـ وأوسع مساحة جغرافية عُرِّفت للإستشراق هي جميع بلدان المشرق وآسيا، أعمّ من الشرق الأوسط والأقصى والأدنى الذي يكون في شرق أوربا والبحر المتوسط، سواء كانت بلدان إسلامية أو غير إسلامية، عُرفت بعنوان ـ  مساحة المستشرقين الغربيين ـ ([82]).

ج ـ جميع علوم وفنون وحضارة الشرقيين.

ويُعدُّ هذا التعريف أوسع تعريف للجهة العلمية للاستشراق، حيث إنَّه يشمل اللغات الشرقية، علوم الجغرافية، وتعداد نفوس المدن، عمران البلدان الشرقية، القبائل والأقوام، والعادات والتقاليد، الحضارة والتاريخ وتطور الحضارات لدى هؤلاء، وذكر الخرافات، والتطور العلمي، المعتقدات والأديان، والمذاهب، والمدارس الفكرية، وأنواع الحكومات، وكذلك روحية أهل مشرق الأرض.

كما أنَّ هذا المفهوم هو السائد اليوم في الجامعات، والأقسام المتخصصة في الإستشراق لديها هذا المفهوم العام والواسع.

البستاني عرّف الإستشراق بأنه: «العلم باللغات والآداب والعلوم الشرقية»([83]). وكذلك منير البعلبكي عرّفه بأنّه: «المستشرق الدارس للغات الشرق وفنونه وحضارته»([84]).

وعلى الرغم من أنَّ كلمة (مستشرق) أطلقت في الغالب على الشخص الغربي المتخصص والباحث في شؤون الشرق لكن هناك باحثين من دول الشرق ـ مثل الصين والهند واليابان ـ ليسوا بمسلمين قد بحثوا في شؤون الإسلام وعلومه، وتاريخه، وبحثوا في القرآن وأبدوا آراء سلبية، أو إيجابية وعلى منوال (المستشرقين)، والبعض كانت آراؤه تتطابق مع آراء الباحث الغربي، ولم يؤثّر الموقع الجغرافي على فكرته ومنحاه العلمي، فمثل هؤلاء ماذا يمكن أن يُسَمّوا؟

هل لنا أن نسميهم (مستشرقين) أو لا؟ لذلك عرّف بعض الكتّاب (المستشرق) بأنه : «كلُّ متخصّص بشؤون الإسلام من غير المسلمين غربياً كان أم شرقياً»([85]). وُعرَّف الإستشراق تبعا لذلك من قبل بعض الكتاب كما يلي: «الإستشراق هو اشتغال غير المسلمين بعلوم المسلمين بغضِّ النظر عن وِجهة الإستشراق الجغرافية، وانتماءاته الدينية والثقافية والفكرية، ولو لم يكونوا غربيين»([86]).

وبناءً على ما تقدّم من تعاريف وقيود متنوّعة يمكن أن يعرّف الإستشرا ق بتعريفين:

1 ـ التعريف الأول:

 الإستشراق: هو مجموعة جهود علمية بُذلت من قبل (الغربيين) لمعرفة البلدان الشرقية، أي الشرق الأقصى والشرق الأدنى وشرق البحر المتوسط، وكذلك البقاع الإسلامية الأخرى الواقعة في شمال أفريقيا، وجميع نقاط العالم ومن يستوطنها من حيث التاريخ، والمواقع الجغرافية، والموارد الطبيعية، والقوميات واللغات والأديان، والأعراف والتقاليد، والثقافات المختلفة، والحضارات، الخصائص الأخلاقية والنفسية لكلِّ شعب، ونقاط القوة والضعف لديهم، وكشف الثروات المادية والمعنوية لدى الشرق؛ لأجل تأمين منافع الغرب([87]).

2 ـ التعريف الثاني:

(التعرُّف على الإسلام والتخصُّص به من قبل غير المسلمين). وهذا التعريف قد نظر إلى الزاوية التي ركّز الإستشراق جهوده عليها، وهي معرفة الإسلام والبحث في العلوم الإسلامية، والتاريخ الإسلامي([88]).

5 ـ 2 ـ مجالات الدراسات الاستشراقية

للمستشرقين أبحاث وتحقيقات ضمن مجالات علمية مختلفة، وهي:

أ ـ الحصول على معلومات في جغرافية وتاريخ الشرق.

ويُعتبر هذا العمل أبسط أنواع الإستشراق، حيث بحث حول العمران والمدن والقرى في كل بلاد شرقية، وتكلموا عن الجبال المهمة، والأنهار والبحار، والزراعة في الشرق، والتاريخ القديم لدول الشرق. جاءت هذه النشاطات ضمن كتابات (الرحّالة)، وما دون الرحالة الغربيون وما جمعوه في جميع رحلاتهم في مختلف البلدان الشرقية.

ب ـ اللغة، والآداب والفن، والخصائص الأخرى لدول الشرق. وهذا القسم علاوة على ما قام به من نشاطات كبيرة في مسير الإستشراق وشكّل فرعاً مهماً في الإستشراق وتكفّل بالتعرف على اللغات، فهو يعتبر مصدراً مهماً لتعليم وتدريس المستشرقين، كما أنَّه يعتبر مصدراً مباشراً لأبحاث وتحقيقات المستشرقين في البلاد الشرقية.

ج ـ الحدود أو الأبعاد الأخرى للإستشراق هي الجغرافية الدينية.

إنَّ المستشرقين ولأجل أهداف ودوافع تبشيرية سواءً كانت مسيحية أو يهودية، وأخرى بهدف استعماري قاموا بتحقيقات خاصة في البلدان الإسلامية.

د ـ على الرغم من وجود كلمة (الشرق) في تعريف الحدود الجغرافية لنشاط المستشرقين، لكن مع التأكيد على مصطلح (إسلامي) يمكن القول إنَّه أينما وجد (الإسلام) يقتضي وجود الإستشراق ونشاطات المستشرقين، وبناءً على هذا، فإن كلَّ البقاع التي يتواجد فيها المسلمون فإنها تكون محلاً للإستشراق، وإن كان ذلك المكان في أفريقيا أو أوربا أو أمريكا، وعلى هذا الأساس، يكون تقسيم آخر لجغرافية الإستشراق.

الأبعاد المعرفية والعلمية للاستشراق: إنَّ المستشرقين وضمن مراحل تاريخية مختلفة توجهوا للشرق بلحاظ زوايا متعدّدة، وضمن مدارس استشرافية مختلفة، وكلٌٍّ منهم قد بحث في موضوع خاص من مواضيع ومسائل الشرق.

هـ ـ التعرف على الإسلام: معرفة الإسلام أو البحث والتحقيق حول الإسلام فرع هام من علم الاستشراق، حيث أن جمع كبير من المستشرقين ومنذ القرن السابع الميلادي وحتى عصرنا الحاضر، قد ركزوا أبحاثهم حول (الإسلام) والقرآن، والسنة والأحاديث النبوية، والسيرة، والتاريخ الإسلامي، والفرق الإسلامية، وأتباع هذه الفرق، حتى أنهم بحثوا وحققوا حول كبار علماء المسلمين، وكذلك تناولوا موضوع الحركات الإسلامية، كما أنهم تناولوا نقاط ضعف وقوة في العلوم الإسلامية بصورة عامة، ونقاط ضعف الأمة الإسلامية، فكل هذه المسائل أُخضعت للبحث والتحليل واستخلصوا منها نتائج مهمة بالنسبة لهم.

5 ـ 3 ـ نشأة حركة الاستشراق

اختلفت الآراء حول بداية حركة الاستشراق، البعض اعتبر القرن الثامن عشر ميلادي هوبداية نشاط«الغربيين في عملية جمع المعلومات عن الشرق والترجمة وغير ذلك، حيث أن في النصف الثاني من القرن الثامن عشر قد دخل مصطلح (Orientalism) في ثقافة الدول الغربية، كما يعتقد البعض أن انطلاق (حركة الاستشراق) في القرن السادس عشر ميلادي؛ لأن المؤسسات الاستشراقية ومؤسسات التعرف على الإسلام في أوربا وأمريكا قد تأسست في القرون الأربعة الأخيرة.

ويعتقد بعض من الكتاب أن في القرن الرابع عشر ميلادي، وبعد الحروب الصليبية ابتدأ الغرب بالتفكير والتخطيط لمعرفة ثقافة الشرق والإحاطة به كاملاً، بدلاً من الحروب العسكرية، وعليه يمكن للغرب أن يؤسس مراكز تمده بكل ما يريده من معلومات وخرائط عن مشرق الأرض والطرق مما يمهد لهم ويعينهم على التعامل مع الغرب»([89]).

وهناك رأي آخر يعتبر أن الغرب لما شاهد الازدهار الحضاري في الأندلس وانتقال علوم اليونان والروم إلى المسلمين وذلك في القرن السادس عشر الميلادي، قام بترجمة الكتب العربية والإسلامية وشرع بالتعرف على الشرق ليستفيد من هذه العلوم.

ولهذا قد سمى (گوستا ودوجا) كتابه الذي نشر عام 1960 م.«تاريخ المستشرقين في أوربا من القرن 12 إلى القرن 19»([90]).

أما بعض من المتخصصين قد اعتبر القرن الحادي عشر الميلادي هو بداية الاستشراق لكن بجهود فرد واحد وهو (بطرس المعظم 1092 1156)، وفي كل قرن ينظم إليه شخص آخر أو اثنان وأما بداية الاستشراق على شكل فرق تحقيق ومجاميع أو مدارس فكان في القرن السادس عشر الميلادي، حيث في هذا القرن انطلقت مجاميع كبيرة من محققي وعلماء الغرب من مختلف البلدان للبدء في الاستشراق والتعرف على الإسلام والتحقيق في علومه ([91]).

واعتبر (العقيقي) أن فتح الأندلس وبقية الفتوحات الإسلامية في أوربا من القرن الثامن وحتى القرن العاشر قد أدخلت الرعب والخوف في نفوس الغرب والمسيحية؛ ولذا شرعوا في حركة الاستشراق والتحقيق حول الإسلام([92]).

وبعض يعتبر أن الاستشراق قد بدأ بظهور الإسلام الذي نسخ كل الأديان، مما أدى إلى تحرك مسيحي ويهود الغرب ولذا قام يوحنا الدمشقي بنقد الإسلام([93]). ويذهب البعض إلى أبعد من هذا، فقد اعتبر أحد الكتاب أن الاستشراق من قبل الغربيين يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد في زمن الكنعانيين، والذي بدأ فيه العلاقات التجارية بين اليونانيين والإيرانيين ومن بعدها شرعوا في العلاقات الثقافية([94]).

ولكن هذين الرأيين الأخيرين، بعيدان عن التحديد العلمي لزمن بدء الاستشراق؛ لأن بعد مجيء الإسلام، وإبان الخلافة الإسلامية كانت الفتوحات الإسلامية متتالية وأن الإسلام هو الذي اتجه نحو الشرق وبدء بترجمة كتب الغرب، وأما في زمن الكنعانيين فلم تكن علاقات اليونان والإيرانيين بهذه الصورة والدوافع المعروفة اليوم عن الإستشراق، والراجح أنَّ الإستشراق قد تبلور بعد الحروب الصليبية، وبعد الفتوحات الإسلامية في الأندلس وأوروبا؛ لأنَّ الدافع السياسي والعلمي أصبح أشدَّ وأهمَّ بعد تلك الفترة، فهذه الأسباب هي التي تؤكِّد لنا هذا الرأي.

5 ـ 4 ـ أهداف الإستشراق

الإستشراق ومن خلال تاريخ طويل قد عمل على محاور وأهداف متنوعة، وله نشاط واسع من حيث الأعمال والمؤسسات ذات الأفكار المختلفة

ومن أهم أهدّف حركة الإستشراق الأهداف الدينية التبشيرية، فعند مجيء الإسلام ودخول الناس في الدين أفواجاً أحدث تغيُّراً شاملاً في حياة البشر، وعلى كافة الأصعدة، على المستوى العقائدي، والأخلاقي، والعلمي، والإجتماعي، والحضاري، وكان المجتمع البشري الذي اعتمد الإسلام في حياته، قد تطوّر بشكل سريع، وتوسَّعت فتوحات الإسلام، ومن قبل ذلك كان انتشار الذين يدعون إلى الإسلام في مختلف أصقاع العالم، فانتشر الإسلام في أغلب بلدان الأرض، ووصل إلى آسيا وأفريقيا، كلُّّ ذلك أدّى إلى لفت أنظار الكنيسة، واعتبرت ذلك من ضمن موجات الخطر التي تواجه الكنيسة، وعليهم أن يقوموا بردِّ فعل مناسب لهذا المدِّ الإسلامي الذي استوعب جميع زوايا الحياة، فاتّسم الإستشراق بعد ظهور الإسلام بالتبشير الديني، وحيث إنَّ أغلب روّاد الإستشراق هم من رجال الدين؛ المسيح والرهبان، بل عبَّر بعض عن الإستشراق بأنه من أدوات التبشير الديني، حيث يقول:

 «إنَّ الإستشراق في بداية أمره ما هو إلاَّ أداة من أدوات التبشير»([95])، كما جاء هذا على لسان المستشرق الألماني (رودي بارت) بقوله: إنَّ كلّ إنسان يلقي نظرة على ماضي الإستشراق يمكنه القول: بأنَّ بداية الإستشراق في القرن الثالث عشر الميلادي كان بدوافع دينية تبشيرية، وضمن أهداف الذين بدؤا الإستشراق أمثال البابا ((بتروس فينيرا بيليس)) رئيس كنيسة كلوني وأوّل مترجم للقرآن، وكذلك البابا (رايموند لولوس) أوّل من شرع في تعليم اللغة العربية في أوربا في القرن الثالث عشر والرابع عشر الميلادي، وسعى إلى تضعيف دين الإسلام لدى المسلمين بإلقاء الشبهات حول الإسلام، وكذلك قام بدعوة المسلمين إلى المسيحية، وقد عُرِفتْ تلك الفترة بفترة الصراع بين المسيحية والإسلام، حيث بدأت الأبحاث العلمية لعلماء الكنيسة بدراسة وتحليل كتب الدين الإسلامي، وكانت أبحاثهم مقدماً تبتني على فرضيَّةٍ؛ وهي أنَّ الإسلام هو عدوٌّ لمنهاج المسيحية، وفاقد لخطاب الحقِّ والخير، وإنَّ أناس الغرب في تلك الفترة ليس لديهم سوى هذه الكتب كمصدر يتحدَّث عن الإسلام، وقد تعرفوا على الإسلام من خلال تلك الكتب التي وضعت صورةً مشوَّهةً عن النبي’، وعن الدين الإسلامي.

ولكننا اليوم وبعنوان مستشرقين معاصرين ننظر لآراء المستشرقين السابقين بعين النقد، ونحكم على الدين الإسلامي بما لدينا من متون كتب الإسلام الحقيقية والواقعية([96]).

ولذا صرَّح العالم المسيحي الأوربي ( راجربيكن ) ــ بعد توقف الحروب الصليبية التي دامت نحو 200 عام ــ صرَّح بأنَّ الحروب المقدَّسة على رغم قساوتها كانت استنزافاً للوقت وغير مجدية، ولم نتمكن من خلالها السيطرة على الشرق، فمن الأفضل أن نتبع طرق التبليغ للمسيحية، وشدِّ المسلمين للمسيحية وبشكل سلمي، وبعيد عن الحروب([97]).

وبناءً على هذا التصوُّر بدأت في الغرب حملات تعلّم اللغة العربية وسائر اللغات الشرقية الأخرى، ومطالعة العلوم الإسلامية، والتخصّص بشؤون الشرق بقيادة (راجربيكن)([98]).

وقد قسّم بعض الباحثين في شؤون الاستشراق (المستشرقين) من حيث الهدف إلى عدّة أقسام وكما يلي:

1 ـ  قسم من المستشرقين كان عملهم الأول هو دراسة العلوم الدينية في الكنيسة والتبليغ والتبشير للمسيحية، وبصفته رجل دين مسيحي (قس)، ومن ثَمَّ اندرج في حقل الإستشراق ودراسة الإسلام؛ لكي يستعين بذلك في نشاطه وأهدافه التبشيرية.

2 ـ وقسم آخر قد بدأ باستشراق محض ولم تكن له دوافع تبشيرية، ولكن بمرور الزمن وبتأثير من الكنيسة صار نشاطهم التبشيري أكثر مما هو استشراقي، وجعل الإستشراق أداة لعمله التبشيري؛ ومثال ذلك المستشرق الأمريكي (صموئيل زويمر).

3 ـ وقسم آخر لم ينجزوا مهامَّ تبشيرية بصورة جدّية وبشكل رسمي، لكنَّهم تعاونوا مع الكنيسة والمبشِّرين بتقديم المعلومات لهم، وما حصلوا عليه من معلومات جعلوها تحت تصرُّف الكنيسة.

4 ـ وقسم رابع من المستشرقين بدأوا الإستشراق بأهداف تبشيرية، ومطالعات حول الإسلام، وفي بعض الأحيان أبدوا آراء في هذا الميزان، لكن مع مرور الوقت اكتشفوا بطلان هذا المسار، وأنَّهم قد تلوَّثوا بالتعصب الغير العلمي، فتراجعوا عن هذا الأسلوب في البحث، وتابعوا مسيرهم الإستشراقي العلمي.

5 ـ القسم الخامس من المستشرقين هم الذين بدأوا استشراقهم بأهداف دينية غير مسيحية كاليهودية أو العلمانية، أو الإلحادية([99]).

إنَّ من علماء الغرب من يعلن ويصرِّح بأنّ الهدف الأساس من الاستشراق هو (التبشير الديني) فقط، وهذا ما جاء في المؤتمر الذي انعقد لمبشري المسيحية عام (1906) في القاهرة، حيث صرّح عدد كبير من علماء ومبلغي المسيحية بأنَّهم على رغم دعاياتهم ومشاريعهم الثقافية وسط المسلمين لم يفلحوا بتنصير مسلم واحد، سوى طفل قد عزل عن ذويه لمدة طويلة، أو رجل كبير في السن فقير قد تنصر لأجل الحصول على المال، فأجاب القس (زويمر) قائلاً: «لا داعي لقلق المبشرين ويأسهم من عدم دخول المسلمين في الدين المسيحي؛ لأنَّ تنصّر المسلمين ليس هو هدفنا الأهمّ، بل إنَّ صرف المسلمين عن العلوم الإسلامية وتراجعهم عن الإسلام هو الهدف الأكبر، وإذا تحقَّق ذلك فسيكون نصراً عظيماً لنا»([100]).

6 ـ آثار الإستشراق في البلاد الإسلامية

حركة الإستشراق سعت سعياً حثيثاً لتوطيد خطواتها في الوطن الإسلامي، ولم تكتفِ بالدراسات الدينية والإجتماعية من خلال البعثات الدراسية، أو أبحاث المستشرقين الذين قاموا بزيارات علمية واستكشافية في البلدان الإسلامية، بل إنَّهم أسَّسوا معاهد وجامعات، بل وحتى مستشفيات في دول إسلامية مختلفة؛ دعماً لأهداف الإستشراق المختلفة، وفيما يلي عرض مختصر لأبرز الإنجازات الغربية في الوطن الإسلامي خدمةً للإستشراق.

 ـ تأسيس مدارس حكومية ومستشفيات مجهزة بكل الوسائل للمسلمين، وبالأخصِّ الحجاج. والهدف من ذلك كما جاء ذكره على لسان ـ  كاردنر ـ في مؤتمر ادينبورك ـ حيث يقول: إنَّ عمل التبشير في الأعوام الأخيرة قد تلكَّأ في سورية وفلسطين، واليوم يمكننا أن ننجز عملنا عن قرب وعن طريق لقاءات، وكتابات، وبالإستعانة بنشر الأدب المسيحي، ونضع الإنجيل في متناول الأيدي عن طريق الهيئات الطبية ومدارس البنين والبنات([101]).

 ـ جامعات غربية في البلدان الشرقية:

* الجامعة الأمريكية في لبنان ـ  بيروت ـ وهذه الجامعة كانت في البدء كلية صغيرة تعرف بـ(الكلية السورية البريطانية)، ومن ثَمَّ عُرفت باسم (كلية بيروت)، وفي عام 1865 م، عُرفت رسمياً باسم (الجامعة البروتستان)([102]).

* الجامعة الأمريكية في القاهرة، والتي تخرِّج كلَّ عام عدداً من المبشِّرين المسيح، والذين يتلقون المعارف الإسلامية إلى جانب الجامع الأزهر.

* الجامعة الأمريكية في تركيا ـ  اسطنبول ـ والتي أسّسها قسٌّ مسيحي، وما تزال تحت إدارة الكنيسة.

* الجامعة الفرنسية في لاهور.

* جامعة القدّيس ـ  بولس ـ في لبنان، وهذه الجامعة مختصة بالقساوسة من الفرقة الكاثوليكية، والتي تسمَّى اليوم بـ (الجامعة اليسوعية).

* المعهد الألماني في بيروت، تأسَّس المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت من قبل الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية عام 1961م، ويشغل منذ العام 1964م إدارة عريقة داخل الحي القديم المعروف بزقاق البلاط المحاذي لوسط مدينة بيروت القديمة، مدير المعهد البروفيسور مانغريد كروب، يعمل المعهد على متابعة تحقيق الأهداف التالية:

 ـ القيام بنشاطات بحثية وتوثيقية شاملة.

_ توفير الفرص لطرح إطار حوار وتفاعل وتبادل أكاديمي بين المثقفين والمؤسسات العلمية.

 ـ تشجيع الأعمال البحثية، والمؤتمرات العلمية في إطار حضارات الشرق الأوسط.

 ـ طباعة ونشر نصوص عربية قديمة محقَّقة، إضافة إلى أبحاث في شتَّى الحقول والميادين الفكرية.

 ـ إنشاء وتطوير مكتبة متخصِّصة في دراسات الشرق الأوسط القديم والمعاصر.

عرف الإستشراق الألماني خلال العقدين الأخيرين تحولات جذرية تناولت وجوه اهتماماته، ومجالات استكشافه، وطرائق بحثه، فبمعزل عن المنهجية الفيلولوجية التاريخية التقليدية، فإن الإهتمامات العلمية في هذا الحقل قد تجاوزت ذلك إلى التعويل على الفروع العلمية المجاورة، مثل دراسات العلوم الإجتماعية، والأنثروبولوجية، والإنسانية والسياسية، إضافة إلى الدراسات اللهجية واللغوية، وقد انعكست هذه التحولات على نشاطات المعهد البحثية.وأهمُّ المكتبات هي :

* مكتبة المركز الثقافي الفرنسي في لبنان، تاريخ التأسيس: 1958

العنوان: شارع البرازيل، زحلة ص. ب: 44.

أمين المكتبة: السيدة جاندارك مرهج.

عدد الكتب: 8500.

* مكتبة المركز الثقافي الفرنسي، تاريخ التأسيس: 1993.

العنوان: دير القمر.

اسم أمين المكتبة: السيد باتريك بيريز.

عدد الكتب: 6100.

* ـ مكتبة المركز الثقافي الفرنسي، تاريخ التأسيس: 1960

العنوان: صيدا.

* ـ  مكتبة المراكز الثقافية والمنظمات والمؤسسات الأجنبية

* ـ  مكتبة مركز الموارد التعليمية

تاريخ التأسيس: 1992.

العنوان: شارع صيداني، بيروت.

اسم أمين المكتبة: السيدة آني توكتاليان.

عدد الكتب: 1500.

* ـ مكتبة مركز الخدمات التعليمية والتدريبية الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط

تاريخ التأسيس: 1951.

العنوان: رياض الصلح، مبنى برزكان، الطابق الأول، ساحة النجمة.

اسم أمين المكتبة: السيدة سمر شاهين.

عدد الكتب: 1000.

موقع الانترنت: (www.amideast.org).

* ـ مكتبة المعهد الفرنسي للدراسات الشرق أوسطية

تاريخ التأسيس: 1977.

العنوان: ص .ب: 1424 ـ 11، طريق الشام، بيروت ـ لبنان.

اسم أمين المكتبة: السيدة ألسا زخيا.

عدد الكتب: 13000.

7 ـ  آثار المستشرقين حول التشيُّع

عندما بدأ المستشرقون في البحث والتحقيق حول الإسلام لم يكن لديهم توجُّهٌ خاصٌّ أو معرفة عميقة بمذهب الشيعة، بل كتبوا بشكل عام حول الإسلام والمذاهب الأربعة، والسيرة النبوية، وكذلك كتبوا حول القرآن والأحاديث النبوية، ثم بعد فترات زمنية جاءت كتاباتهم حول التشيع وإن كانت مبسطة وسطحية، ويُعدُّ أولُّ تحقيق مستقلٍّ وخاص بالتشيع هو كتاب المستشرق البريطاني (رونالدسون) (عقيدة الشيعة)، وقد بحث في كتابه هذاشعائر المذهب الشيعي، ومراسيم الشيعة، وثورة عاشوراء وغير ذلك فيما يخصُّ التشيع وقد طبع في عام 1933م.

ويذكر المستشرق رونالدسون في كتابه (عقيدة الشيعة) الحروب الصليبية التي حدثت في هذه الفترة، والتقى الصليبيون بالسلاجقة الذين لم ينتقلوا إلاّ حديثاً من حياة البساطة في البادية والجبل، وهم قبائل بالفطرة، شديدة التمسك بدينها، لم تفسرها حياة المدن، واستتر الشيعة في هذا الدور بالتقية، لكنَّ كثيرين منهم انضموا إلى الجيوش فتشتتوا في طول البلاد وعرضها، ومما يروى أن الشيخ علي الهراتي كان يدعي «أن ملك انكلترا أخذ منه في الحروب الصليبية كتاباً ألفه عن زيارة المشاهد الشيعية»([103]).

إنَّ تعرّف المستشرقين على التشيّع يعود إلى القرون الوسطى في فترة الحروب الصليبية، حيث إن الأسقف وليم تيري، الأسقف الأعظم لمدينة تيره (المتوفي عام 1186 م) قد عرَّف الإمامية بأنها فرقة تعتقد بنبوة علي×، وأنَّ جبرائيل الأمين× قد خان الله بإعطائه الرسالة لمحمد’، وبدلاً من أن ينزِل الرسالة على علي أنزلها على محمد’!!

وكذلك جاء مثل هذا الكلام على لسان جاك دو وتيري، بقوله: «إنَّ علياً وشيعته قد افتروا على النبي، وجعلوا شريعته هدفاً لهجماتهم وتهمهم».

وعند اتساع العلاقات التجارية بين أوروبا وإيران في عهد الحكم الصفوي قد وفَّر أرضية للسوّاح والرحَّالة الغربيين، أمثال (رافائيل دومانس، وجان شاردن) من خلال زيارتهم لإيران، والتعرُّف على عقائد وآداب وشعائر الشيعة في إيران، وكذلك تعرُّفهم على قادة ومراجع الشيعة، كتبوا في ذلك مقالات عكست تصوراتهم في هذا الشأن، ثم بدأت الأبحاث الجامعية ذات التخصُّص في دراسة التشيع في أوروبا في منتصف القرن السابع عشر الميلادي؛ بتأسيس كرسي اللغة العربية في جامعتي أكسفورد في بريطانيا، وجامعة ليدن في هولندا.

وقد ألقى الأستاذ يوكك محاضرات في تعريف مذهب التشيع، وقد ترجم أستاذ آخر يُدعى (جوليوس) بعض كلمات قصار للإمام علي ×، وقد استمرَّت هذه الدروس والتحقيقات بخصوص التشيُّع في القرن الثامن عشر، وإن كانت بصورة متفرقة. وقد بلغت هذه الدراسات أوجها حينما توجَّهت أنظار ومطامع الغرب إلى دول الشرق والدول الإسلامية، فصارت لهم حاجة ملحَّة وضرورية لمعرفة الإسلام والمذاهب الإسلامية معرفة علمية دقيقة.

أمّا في عصرنا الحاضر يُعَدُّ المستشرق المجري (كلدزيهر) متخصِّصاً في الإسلام والتشيّع، وله تحقيقات ومقالات عدّة حول التشيّع كتبها أثناء سفره إلى سوريا، حيث اعتمد في تحقيقه على كتب الفقهاء والمتكلمين الشيعة، ثُمَّ توسع (كلدزيهير) في البحث عن الإسلام والتشيّع في أوروبا وأمريكا، حيث شمل الأديان، والتاريخ، وأبعاد الإسلام المختلفة، وحياة المسلمين، وفي هذا المجال قدّم كلٌّ من لوئي ماسينيوس، وهنري كوربن، في جامعة السوربون الفرنسية، ورودولف استروتمان، ودونالدسون في ألمانيا أبحاثاً ومؤلفات متخصّصة ومركزة في فرق الشيعة، ومن جملتها مذهب الإمامية ـ أي الشيعة الإثني عشرية ـ ([104]).

ثم جاء كتاب (هيتسين) في عام 1923 م، بعد ثلاث سنوات من ثورة العشرين في العراق والتي قام بها علماء وعشائر العراق. ثم تبعه المستشرق الإيطالي (فوزاني) والذي كتب مؤلفاته في التشيع معتمداًعلى كتاب (دونالدسون) التي كانت حافلة بالآراء السلبية حول التشيع، وكان كلُّ من يحمل نظرة قاتمة عن التشيع يعوِّل كثيراً على كتب (دونالدسون).

وحينما بدأ المستشرقون في تحقيقاتهم بخصوص التشيّع تناولوا أغلب جهات مذهب الشيعة، ومن الأمثلة على ذلك كتاب المستشرق البريطاني (ملر)، الذي ألَّفه في عام 1928 م وقد دار بحثه فيه حول العلّامة.

اعتمد فيه أسلوب (التحليل التاريخي)، ويُعَدُّ أفضل كتاب للمستشرقين حول التشيع. وفي العقد الثالث من القرن العشرين ألَّف المستشرق الكاثوليكي (مارگليوث) كتاباً حول الإمام المهدي بعنوان (المهدي والمهدوية)، ويُعَدُّ هذا الكتاب من النسخ القديمة في روما.

وفي عام 1901 م كتب المستشرق (ارنست مولر) تحقيقات علمية حول كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) لابن بابويه القمي، وفي نفس الفترة كتب المستشرق الألماني (كلبرك) كتاباً سمَّاه (الإمام والمجتمع).

ولمدرسة الإستشراق الألمانية اهتماماً خاصّاً في مسألة الإمام المهدي، ومن أبرز محقّقيهم في هذا المجال هو المستشرق (مادلونك) مؤلف كتاب (المهدي المنتظر) وكتاب (قائم آل محمد في الفكر الشيعي).

وكان اهتمام المستشرقين في مسألة الإمام المهدي واضحاً إلى العقد السابع من قرن العشرين. وقد وصدرت عدّة كتب للمستشرق (هنري كوربن) منها (المهدي في فقه الشيعة) الذي كتبه عام 1959 م، وكتاب (الإسلام الشيعي) الذي طبع عام 1972م.

ومن بين المستشرقين الذين كتبوا في العقيدة الشيعية، المستشرق الفرنسي (فاد) مؤلف كتاب (إمامة الشيعة).

وهكذا تلاحقت مؤلَّفات المستشرقين حول التشيع، وفي مواضيع مختلفة في السيرة والفقه والعقائد، ومن ضمن المواضيع التاريخية التي جذبت اهتمام المستشرقين هي حروب الإمام علي ومعاوية. وللمدرسة الإيطالية اهتمام واسع في هذا المجال، فقد كتب المستشرق الإيطالي (ديوي دراديوا) عام 1913 م، تحقيقاً حول كتاب (أنساب الأشراف) للبلاذري والذي خصّصه في الإمام علي ومعاوية، وبعده صدر للمستشرق الإيطالي المعروف (كيتاني) مجموعة كتب حول الإسلام بعنوان (حوليات الإسلام) تعرّض الكاتب فيها لتاريخ الشيعة ومعارفهم، وكذلك حول واقعة عاشوراء وثورة الإمام الحسين. ومن الذين لهم اهتمام واسع في التشيّع المستشرقة الإيطالية (ويرجيه والري)، وكلُّ تحقيقات (والري) كانت تدور حول أئمة أهل البيت^، ومن كتبها كتاب حول (حروب الإمام علي ومعاوية وانفصال الخوارج)، صدر هذا الكتاب في عام 1925م.

ولها كتاب (الإمام علي بن أبي طالب) و(الإمام الحسين) و(الإمام الحسن)، واعتمدت في كتاباتها على المصادر الشيعية الموثَّقة، ولم تلتفت إلى روايات بني أمية([105]).

وقد صدرت عدّة أبحاث من قبل مستشرقين حول التشيّع والشيعة، وأئمة أهل البيت ضمن كتب وأبحاث تاريخية، قدَّموا من خلالها دراسات وتصوّرات علميّة وفق رؤية خاصة بهم، فقد تعرضت الموسوعات الغربية للتشيّع من حيث الإصطلاح، ومن حيث الفروع والفرق والنشأة، وفيما يلي عرض لما جاء حول الشيعة والتشيّع في أهمّ تلك الكتب والأبحاث الغربية.

7 ـ 1 ـ دائرة المعارف في اللغات البريطانية والفرنسية والألمانية

(الشيعة): الاسم الشامل لمجموعة كبيرة من فرق إسلامية مختلفة أشد الخلاف، ترجع نشأتها جميعاً إلى القول بأنَّ علياً رضي الله عنه هو الخليفة الشرعي بعد وفاة النبي’.

ثم تطرّق الكاتب إلى مكانة الإمامة في الفكر الشيعي بقوله: أما الشيعة فإنّهم جعلوا لمسألة الإمامة قيمة دينية، وكتبهم في العقائد تشتمل على باب خاصّ يتمشّى مع مضمون حديث يروونه هو: «من مات جاهلاً بالإمام الحق في عصره مات كافراً»(*)، ثم ذكر الكاتب تاريخ نشوء التشيّع قائلاً: «وأقدم وقت قامت فيه الشيعة السياسية وبعبارة أدق شيعة علي هو منذ وفاة النبي’»([106]).

أمّا إذا أخذنا بروايات الشيعة، فإن الشيعة الأولى كانت تتألف من ثلاثة أشخاص هم: سلمان الفارسي، وأبو ذر والمقداد بن الأسود الكندي، فهؤلاء فيما يزعم الشيعة كانوا هم وحدهم الذين دعوا بعد وفاة النبي’ إلى أن يكون علي هو خليفة النبي.

وبعد أن يستطرد الكاتب في الحديث حول بعض اعتقادات الشيعة (حسب تصوّره وفهمه) ينتقل إلى ذكر ما يميّز الشيعة عن غيرهم اعتقادياً، حيث يقول: وإذا نظرنا إلى الشيعة من هذا الوجه استطعنا أن نعبِّر عما يميّزهم على النحو الآتي:

الركن الأول: الإيمان بالله الواحد. الركن الثاني: الإيمان بوحي القرآن، وأنَّه قديم غير مخلوق. الركن الثالث: الإيمان بأن الإمام الذي اختاره الله حامل لجزء من الجوهر الإلهي هو السبيل إلى النجاة([107])، ثم بعد ذلك تكلَّم الكاتب حول الأحاديث الخاصَّة بالشيعة، حيث يقول: ولا يصحُّ أن نرجع بداية أحاديثهم إلى عهد متأخر جدَّاً؛ لأنَّنا نجد أن بعضها يرجع إلى عهد متقدم يُردُّ إلى أبي الأسود الدؤلي، وأشهرها علي هو هارون([108])، علي هو الوصي الذي أوصى له الرسول واختاره الله والرسول، علي هو المولى([109])، آل البيت هم سفينة نوح([110])، ومثل هذه الأركان تؤيّد تأويلاً للقرآن؛ إذ يتخذ الشيعة الكثير من الآيات مثل سورة الأحزاب الآية 33، سورة الحديد الآية 26، سورة هود الآية 76([111])، سورة النور الآية 35. أدلَّة على ما يدَّعونه من حقٍّ، ثمَّ يذكر الكاتب فرق الشيعة، حيث يقول: ويمكن أن نتبين عند الشيعة ثلاث فرق كبرى:

1 ـ الزيدية: وهم أقرب ما يكون إلى أهل السنة، وإنَّهم ينزعون في مسألة ظهور الإله في الأئمةنزعة عقلية من كل وجه، ويؤوّلون ذلك على معنى أنه لمجرد الهداية والتوفيق ....، أما استشهاد الأئمة فإنه اتخذ عندهم صبغة سياسية من حيث الجوهر وهي المحاولات المستمرّة المتجددة للوصول إلى الهدف، وهو استيلاء العلويين على الخلافة، وذكر الغلاة بأنّهم مارقون عن الإسلام، وأما عن الإمامية يقول: الإمامية يمثِّلون المذهب الوسط .... والإما م عند الإمامية إنسان ولكن فيه جوهر نوراني إلهي دخل فيه من طريق حلول جزئي(*)([112]).

2 ـ مقالة تحت عنوان (الإمامية) ضمن مقالات دائرة المعارف (امريكانا) جاء في المقال: الإمامية: أهم فرقة في فرق المسلمين الشيعة، ولأجل اعتقادهم باثني عشر إماماً سُمُّوا (بالشيعة الإثني عشرية).

تعتقد الشيعة الإمامية بالله الواحد، وبنبوة (محمد) كونه خاتم الأنبياء وأفضلهم، وبالقرآن كتاب سماوي، وآخر وحي إلهي نزل به الملك المقرَّب جبرئيل على النبي محمد’([113]).

3 ـ وفي مقالة أخرى في دائرة المعارف (امريكانا) تناولت عدة اصطلاحات جاء فيها كلمة (الشيعة) قال: (الشيعة) في اللغة بمعنى فرقة وجماعة، وهي الفرقة التي تعتقد بأنَّ (علياً عليه السلام) ابن عمّ النبي وزوج ابنته هو خليفة النبي، وذكروا لذلك أدلّة عدّة([114]).

7 ـ 2 ـ الإمام الحسين وإيران

مؤلِّف الكتاب: كورت فريشلر، ترجمة ذبيح الله منصوري .

يتناول المؤلف في كتابه هذا واقعة كربلاء من البدء وحتى شهادة الإمام الحسين× ويتعرّض خلال بحثه إلى مسائل تتعلَّق بالتشيع.

ففي صفحة (227) يذكر وقائع المهرجان الفكري حول الشيعة الاثني عشرية في عام 1968 م الذي أقامته مؤسسة (لانستيتو) في مدينة استراسبورك شرق فرنسا، حيث قدّمت مقالات من قبل علماء عدّة بحثت في مواضيع مختلفة حول التشيع وعقائده.

وقد شارك في هذا المهرجان نحو (22) عالماً متخصِّصاً في الأديان من مختلف الجامعات والمعاهد، وسيأتي البحث مفصلاً عنه في قسم الضمائم تحت عنوان مؤتمر المستشرقين حول التشيّع.

7 ـ 3 ـ التشيع للمستشرق (هالم) (Heinzhalm)

مستشرق ألماني ولد في ألمانيا في مدينة اندرناخ عام 1942 م، وبعد حصوله على الدبلوم، واصل دراسته في جامعة بن في التاريخ والإسلام، وفي عام 1969 نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة، وفي عام 1975 كان أستاذا في قسم الدين الإسلامي في جامعة (توبينكن)، مارس التدريس لعدة سنوات في جامعة السربون، وتتمحور دراسة وتخصص هالم في تاريخ الإسلام والشرق الأدنى، وبالخصوص في مصر وأفريقيا الشمالية، وفرق الإسماعيلية، له مؤلفات عدة، منها التعرُّف على الإسلام، تاريخ عالم العرب، الإسلام الشيعي من الدين إلى الثورة([115]).

تناول الكاتب فيه الشيعة من حيث الاصطلاح، يبدأ كتابه بتعريف التشيُّع، ويقول إنَّ كلمة شيعة في اللغة العربية تعني (الحزب) وإنَّ شيعة علي هو اسم اطلق على اتباع (علي) في فترة النزاع والخلاف التي تلت مقتل الخليفة الثالث عثمان في عام 656 م، لأجل الحصول على المنصب السياسي، وكان ظهورهم في البدء كحزب سياسي، واليوم كالسابق نفس الفكرة، وهي اندماج الدين والسياسة.

ثم يتطرق الكاتب إلى تولِّي الإمام علي الخلافة، واعتقاد الشيعة في ذلك فيقول: تسلّم علي الخلافة في عام 656 م، وفي نظر الشيعة أنَّ تطبيق هذا الأمر قد جاء متأخراً جداً، حيث إنَّ النبي قد صرح من قبل، وفي مناسبات عدَّة أنَّ ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب هو خليفته وإمام الأمة ويذكر (هالم) يوم الغدير بقوله: نقل أنَّ النبي في طريق عودته من حجة الوداع في الثامن عشر من شهر ذي الحجة عام 10 هـ. ق، مارس 632 م، في غدير خُمٍّ بين مكة والمدينة وسط أمّة من الحجيج أخذ بيد علي، وقال هكذا: «من كنت مولاه فعلي مولاه»([116]).

كما يذكر (هالم) بعض الثورات الشيعية كثورة الإمام الحسين×، وثورة المختار وثورة زيد بن علي، وظهور الزيدية، ثم يستعرض الكاتب فرق الشيعة، فيذكر الشيعة الكيسانية، وكيف تكونت، وأهمّ عقائدهم، ويذكر أنَّ أهمَّ ما يميز الكيسانية عن الشيعة الاثني عشرية وغيرهم، وأنَّهم يعتقدون بأربعة أئمة بعد النبي هم: علي وثلاثة من أولاده الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية([117]).

ثم ينتقل إلى الحديث عن الشيعة الاثني عشرية، فيقول في عام 702 ـ 765م، في تلك الفترة كان الإمام جعفر الصادق من أحفاد الحسين بن علي، ويلقّبه الناس بالصادق، يسكن المدينة، ولم يشترك في النزاعات السياسية.

ويصف الإمام الصادق بقوله: وقد تجلّي المذهب الاثني عشري شيئاً فشيئاً في زمن الصادق الذي كان يتمتع بشخصية جذابة، وقد وصفته الروايات  ـ  أي الإمام الصادق ـ بأنه مؤسس المذهب الامامي الاثني عشري.

ويذكر (هالم) بأنَّ قسماً واسعاً من فقه الاثني عشرية يقوم على روايات جاءت عن الإمام الصادق([118]).

ويذكر أنَّ التشيع الإمامي الإثني عشري بدأ يتضح أكثر إبّان غيبة الإمام الثاني عشر وبالتدريج في القرن الرابع الهجري ـ العاشر الميلادي ـ عرفوا بالإثني عشرية([119]). وبعد ذلك تكلَّم الكاتب حول التشيع في شبه القارة الهندية، فيقول: «إنَّ التشيع الإثني عشري قد دخل الهند في القرن الرابع عشر الميلادي، ومركز الشيعة الإمامية في الهند هو مدينة (آوذ) تقع بين كنك وجبال (الهمالايا)، وعاصمتها لكنهو، أما البنجاب وكشمير فهما ثلاث مناطق من حيث تواجد أقلية شيعية في شبه جزيرة الهند».

ويبلغ عدد الشيعة في الهند بين (8 ـ 28 مليون) نسمة، أما في باكستان فيبلغ عدد الشيعة نحو 15%، ويتوزعون بين لاهور والبنجاب وكراچي([120]).

وفي أواخر القرن التاسع عشر، انتقل التشيُّع بواسطة تجار كجرات إلى جميع بلدان شرق أفريقيا، وفي أوائل القرن العشرين كان الشيعة الاثني عشرية في كينيا وتنزانيا يعيشون وسط الإسماعيلية ونزارية الهند، ولم تكن لهم رغبة في التعايش معهم، ولذلك التحقوا بالامامية.

وجاؤوا بعلماء إثني عشرية من العراق، أو من لكنهو إلى بلادهم، وفي عام 1945 م. كوّنوا اتحاداً فيما بينهم، وقاموا بنشاطات مهمة في هذا المجال، خصوصاً في مجال التعليم المدرسي والتعليم الديني([121]).

7 ـ 4 ـ كتاب عصر تكوُّن التشيُّع الإمامي الاثني عشري الحديث بين بغداد وقم

مؤلف الكتاب: (Anderw.J.newman) اندره، جي ينومان، طبع الكتاب عام 2000 م.

في بداية الكتاب يقدّم الكاتب مقارنة توصيفية بين ثلاثة متون لمجموعة أحاديث في القرن الثالث والرابع، وهذه المتون هي كتاب المحاسن لأحمد بن محمد البرقي، وكتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار القمي، وكتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني، ويحتوي الكتاب على تسعة فصول:

الفصل الأول: تحت عنوان، نظرة على بغداد، التشيع في بدء القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.

الفصل الثاني: يتناول فيه التشيع في نهاية القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي.

الفصل الثالث: يتناول فيه الإسلام، وعلى الخصوص التشيع في إيران، وعلى الخصوص في قم وري.

الفصل الرابع: يتكلَّم فيه حول حياة محمد بن خالد البرقي، وكتابه المحاسن.

الفصل الخامس: يتناول فيه كتاب بصائر الدرجات ومؤلفه الصفار، من حيث مضمون الأحاديث، والظروف السياسية والإجتماعية لمدينة قم.

الفصل السادس: تناول فيه كتاب الكافي للكليني.

الفصل السابع: تطرَّق فيه الكاتب إلى مباحث الصفار والكليني في الإمامة، والعقائد بين بغداد وقم.

الفصل الثامن: يتكلَّم فيه حول كتاب الكافي بين النظرية والعمل.

الفصل التاسع: يحتوي خلاصة ونتائج([122]).

7 ـ 5 ـ الشيعة في العالم صحوة المستبعدين واستراتيجيَّتهم

مؤلِّف الكتاب: فرنسوا تويال، ترجمة نسيب عون.

والمؤلف كان مدير الدروس في المدرسة الحربية العليا للجيوش الفرنسية (أرض ـ جو ـ بحر)، ومستشارا لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، وهو متخصِّص في الدراسات الإستراتيجية، وله فيها حوالي 25 كتاباً([123]).

طبع الكتاب عام 2007 م. نشر دار الفارابي بيروت ـ لبنان.

تضمَّن الكتاب مقدمة؛ تكلَّم فيها الكاتب عن عدّة محاور، وقبل الدخول في هذه المحاور يقول فرنسوا تويال: «بعد مرور حوالي خمسة عشر قرناً على شهادة الإمام علي فالشيعة مازالت تهزُّ العالم...»([124]).

 أما محاور المقدِّمة فهي:

أولاً: عودة التشيُّع: يعتقد الكاتب أنَّ هناك عدَّة عوامل قد عادت بالتشيع إلى ساحة الحياة السياسية والإجتماعية، وتزايد نفوذهم في العالم، وقد سلَّط الكاتب الأضواء على تلك العوامل.

ثانياً: شيع الشيعة: يتعرَّض المؤلف إلى تكوُّن ونشوء التشيُّع، وإلى فرق وعدد الشيعة، مع تحليل وتفسيرٍ لذلك.

أما فصول الكتاب التي يدور البحث حولها فهي كالآتي:

القسم الأول ويحتوي على: الشيعة في إيران، علويّي تركيا، شيعة شبه القارة الهندية، شيعة آسيا الوسطى.

ويشير الكاتب سندرس في هذا القسم إلى التنوُّعات الشيعية التي لها علاقات مباشرة بتاريخ إيران... ويذكر أنَّ الشيعية والإيرانية حقيقتان تستجيب واحدتها للأخرى، لكن دون الخلط بينهما، فليس كلُّ الإيرانيين شيعة، كما أنَّ الشيعة ليسوا جميعاً إيرانيين([125]).

ويذكر الكاتب أنَّ وضع الشيعة في إيران يُعدُّ استثنائياً في الحقبة المعاصرة مقارنة بأوضاعهم في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، والسبب في ذلك يعود لتسلُّم السلالة الصفوية المنحدرة من الصوفيين الأتراك في آسيا الوسطى ــ الذين سيطروا على الحكم في القرن السادس عشر في الإمبراطورية الفارسية الشاسعةــ الحكم وتسلُّم الشاه إسماعيل مقاليد الحكم، حيث فرض المذهب الشيعي الاثني عشري؛ كديانة للإمبراطورية، وجعله إلزامياً في عام 1501م([126]).

ويتطرّق الكاتب للحديث عن أثر الثورة الإسلامية في التشيُّع قائلاً: ا([127]).

المفارقة العراقية: يقول تويال إنَّ العراق مهد الشيعة، وكذلك أماكنه المقدسة، وإنَّ أكثرية السكان هم من الشيعة، ويشكِّلون حالياً أكثر من خمسين بالمائة من السكان، وإذا لم نحسب إلا العرب من أهل العراق فإنَّ حوالي خمسة وسبعين بالمائة هم من الشيعة الإثني عشرية([128]).

وأما حول الشيعة في دول الخليج فيذكر أنَّ الشيعة يتواجدون في هذه الدول، وتعدادهم يختلف من دولة إلى أخرى، فيذكر تواجد الشيعة على الواجهة الشرقية للعربية السعودية، ويذكر بأنَّ إلى جنوب منطقة الإحساء في السعودية تقوم دولة الكويت، وربع سكانها من الشيعة ([129])، كما يذكر أن الإحساء التي تمتدُّ من حدود الكويت إلى حدود قطر يقطنها الشيعة الإثنا عشرية منذ الخلافة البويهية في القرن العاشر، والتي حولَّت السكان إلى المذهب الشيعي في المرحلة المعاصرة([130]).

أما إمارة قطر فقد يقرب العشرين بالمائة من سكانها هم من الشيعة([131])، وبخصوص البحرين يذكر الكاتب المسألة الشيعية تطرح بخاصة في البحرين؛ إذ إنَّ سكان هذه المملكة هم بنسبة خمسة وسبعين بالمائة من الشيعة، ويذكر أصل شيعة البحرين كأكثرية شيعة الخليج يعود إلى أيام الدولة البويهية، إن لم يكن يعود إلى أيام دولة الإسماعيليين القرامطة في القرن التاسع([132]).

وإلى الجنوب من البحرين تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يزيدعدد الشيعة فيها عن ستة بالمائة، يقيم أكثرهم في إمارة دبي([133]).

اليمن الشيعي: عرف اليمن دائماً بأنَّه منطقة غير مستقرّة؛ فبعده عن المراكز الكبرى للعالم جعل منه لفترات طويلة ملجأ لمختلف التيارات والشيع الإسلامية، وقد فرض فيه الإمام الهادي في القرن التاسع الميلادي مذهباً شيعياً خالصاً هو الزيدية الذي يكتفي بأئمة خمسة كمبدأ ومنطلق للشرعية، وقد شكّل نواة الدولة اليمنية حتى عام 1962م([134])، ويذكر الكاتب أنَّ الإمامية الزيدية هي الدولة الشيعية الأطول عمراً في التاريخ([135]).

وفي الحديث عن الدروز يقول الكاتب: «نشأت الطائفة الدرزية في القرن الحادي عشر على يد الخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله، وهي من الشيعة الإسماعيلية وبعيدة جداً عن السبعية والإثني عشرية»([136]).

القسم الثاني: المفارقة العراقية. الخليج الشيعي. اليمن الشيعي. الدروز في لبنان. تأثر الشيعة في لبنان. خلاصة: انفجار شيعي. وفي النهاية يقدّم الكاتب ملاحق وهي:

أ ـ فروع الشيعة وتواصل سلسلة الأئمة: يذكر فيه امتداد الإمامة في ذرية الأئمة، ابتداء من الإمام علي× وحتى الإمام المهدي (عج)، ويذكر أيضاً انقسام ذرياتهم، والدول التي قامت باسم التشيع والأئمة؛ كالدولة الفاطمية.

ب ـ تسميات فروع الشيعة: وهي عرض لأسماء فرق الشيعة، وأماكن تواجدهم في البلدان.

ج ـ تواريخ إسلامية الشيعة: ويذكر الكاتب هنا أهمَّ التواريخ الإسلامية والشيعية؛ كولادة النبي محمد’ ووفاته، ووفاة الإمام علي، وذكر تاريخ واقعة كربلاء.

وفي أي عام ظهرت الزيدية ونشأت الإسماعيلية. وكذلك يذكر تاريخ غيبة الإمام المهدي ونشوء الإثني عشرية.

د ـ الديمغرافية الشيعية: وهو إحصاء للشيعة المتمركزين في مناطق الشرق الأدنى والأوسط، ابتداءً من العراق، وإيران ودول الخليج، وافغانستان، والهند، وأفريقيا الشرقية، وأفريقيا الغربية وكذلك في أوربا، والقارة الأميركية، ويذكر أنَّ عدد الشيعة في العالم في حدود المائتي مليون نسمة.

7 ـ 6 ـ أبحاث في السيطرة العربية والتشيُّع والمعتقدات (المهدوية) في ظل خلافة بني أمية

مؤلف الكتاب: المستشرق الهولندي دكرولف فان فلوتن.

من تلامذة المستشرق الهولندي دي كوجي.

ولفان فلوتن تحقيقات حول كتب مهمة من بينها:

ألف) مفاتيح العلوم للخوارزمي. ب) البخلاء للجاحظ. ج) رسائل الجاحظ.

وكذلك له مؤلفات وهي:

ألف) مجيء العباسيين إلى خراسان، كتبه باللغة الهولندية.

ب) تحقيق حول العرب والتشيُّع، والعقيدة المهدوية إبّان الخلافة الأموية([137]).

بحث المؤلف في الفصل الأول من كتابه: كيف انتشر الإسلام، وأجرى مقارنة بين الإسلام والمسيحية، ويعتبر أنَّ الإسلام انتشر بقوة السيف.

وفي الفصل الثاني: يتطرق إلى مذهب التشيُّع من حيث النشوء والتطوّر، ويذكر الفِرَق الإسلامية، وفي النهاية يذكر الشيعة كحزب سياسي ضدّ الأمويين، أوجد حركة سياسية واجتماعية ودينية. ثم يتطرّق إلى عقائد الشيعة، ويشير إلى أنَّ الكوفة هي مركز الشيعة وأنصار الحزب العلوي([138]).

7 ـ 7 ـ عقيدة الشيعة

مؤلف الكتاب: المستشرق البريطاني دونالدسون.

7 ـ 8 ـ الشيعة والخوارج

مؤلف الكتاب: فلهاوزن.

7 ـ 9 ـ الإسلام الشيعي عقائد وأيديولوجيات

مؤلف الكتاب: يان ريشارد، ترجمة حافظ الجمالي.

7 ـ 10 ـ شيعة الهند

مؤلف الكتاب: جون هوليستر.

7 ـ 11 ـ الشيعة الإثنا عشرية خصائص مذهبهم في عصر المغول

مؤلف الكتاب: المستشرق الألماني (اشتروتمن)، صدر في عام 1926م.

7 ـ 12 ـ مؤلَّفات الشيعة

مؤلف الكتاب: المستشرق انتروتمن، وذلك في عام 1926م.

7 ـ 13 ـ المهدي (عج)

مؤلف الكتاب: المستشرق هور غروبخي، كتبه باللغة الألمانية([139]).

7 ـ 14 ـ آداب الجدل عند الشيعة

مؤلف الكتاب: غولتزيمر، كتبه باللغة الألمانية([140]).

7 ـ 15 ـ الدولة الأموية والمعارضة.

مدخل إلى كتاب السيطرة العربية، ترجمة د. إبراهيم بيضون.

7 ـ 16 ـ مجموعة مقالات لعدّة مستشرقين حول حياة النبي والأئمة الإثني عشر، وفاطمة الزهراء، في دائرة المعارف البريطانية

تُرجِمت إلى اللغة الفارسية من قبل مؤسسة (شيعة شناسى)، تحت عنوان: (تصوير إمامان شيعة در دائره المعارف إسلام).

7 ـ 17 ـ  مقالات لعدَّة مستشرقين حول حياة النبي’ في دائرة المعارف الأمريكية

تُرجمت إلى الفارسية من قبل مؤسسة (شيعه شناسى) تحت عنوان (تصوير إمامان شيعه در دائرة المعارف امريكانا).

7 ـ 18 ـ مقالات مؤتمر تلّ ابين

إلى جانب ما أُلف من كتب حول التشيع جاءت مقالات ومؤتمرات؛ لتكتب حول مذهب الإمامية الإثني عشرية، وهنا نذكر المقالات التي كُتِبت في المؤتمر الدولي (لتلِّ ابين) في عام 1984م، وتلّ ابين كلية علوم التاريخ، ولها مركز متخصص في الأديان.

تناولت المقالات التشيُّع منذ النشأة، والظروف المختلفة التي رافقت التشيع، منذ البداية وحتى العصر الحاضر، وكذلك قدّم المؤتمر تحليلاً لمختلف ظروف الشيعة في الوقت الحاضر, وكانت المقالات تحت العناوين التالية:

1ـ دراسات الغرب في الإسلام والتشيع (اتان كلبرك).

2ـ الإسلام والعدالة الاجتماعية في إيران. (مايكل فيشر).

3ـ إيران والخليج بين التشيُّع والعروبة، مصير شيعة العراق. (آلي كدوري).

4ـ الشيعة وحكومة لبنان. (جوزيف أولمرت).

5ـ شيعة لبنان حرب عام 1982 (كلينتون بيلي).

6ـ علويو سوريا والتشيُّع. (مارتن كرامر).

7 ـ 19 ـ مقالات أخرى

 وهناك مقالات في كتب متناثرة منها:

1ـ الشيعة العرب المنسيون: كراهم فولر([141]).

2ـ مؤلفات أدولف استروثمان، مستشرق ألماني، ولد في غرب ألمانيا، وهو أحد تلامذة المستشرق الألماني كارل بروكلمان، متخصِّص في الأديان والتحقيق الديني وقد كتب رودولف عدَّة مؤلفات حول التشيع ؛ وهي كما يلي:

أ ـ تحقيق حول المذهب الزيدي. ب ـ الشيعة الإثنا عشرية، خصائص المذهب في عصر المغول. ج ـ فئات الشيعة الإثني عشرية. د ـ المباهلة على أساس الروايات([142]).

يعتبر اطلاع المستشرقين حول التشيع اطلاعاً ناقصاً؛ لأنَّهم غالباً يراجعون بذلك كتب غير الشيعة، لكن فيما بعد أخذت أبحاث المستشرقين تتسع في هذا الميدان، ومن بين هذه الأبحاث حوار المستشرق الفرنسي هنري كوربان(*) مع العلامة محمد حسين الطباطبائي، صاحب تفسير القرآن المعروف (الميزان في تفسير القرآن) حيث يقول كوربان عن عقيدته في التشيُّع: «في عقيدتي أنَّ التشيُّع هو المذهب الوحيد الذي حفظ بشكل مستمرّ رابطة الهداية بين الله والخلق، وعلقة الولاية حيّة إلى الأبد، فاليهودية أنهت العلاقة الواقعية بين الله والعالم الإنساني في شخص موسى×، ثمَّ لم تذعن بعد بنبوة السيد المسيح× والنبي محمد’، فقطعت الرابطة المذكورة، والمسيحية توقَّفت بالعلاقة عند المسيح×، أما أهل السنة من المسلمين فقد توقَّفوا بالعلاقة المذكورة عند النبي’، وباختتام النبوة به لم يعد ثمَّة استمرار في رابطة العلاقة (في مستوى الولاية) بين الخالق والخلق، أمَّا التشيع فيبقى المذهب الوحيد الذي آمن بختم نبوة محمد’ وآمن بالوقت نفسه بالولاية، وهي العلاقة التي تستكمل خطَّ الهداية، وتسير به بعد النبي وأبقى عليها حية إلى الأبد»([143]).

وهناك مقالات صدرت حديثاً لكتّاب غربيين، تتناول التشيُّع دراسة وبحثاً، وقد ترجمت من قبل مركز الكاشف للمتابعات والدراسات الاستراتيجية، وجاءت تحت عنوان (مقالات استراتيجية في الملف الشيعي) لمجموعة من الكتّاب الاستراتيجيين، ونشرت في عدد من الصحف الأمريكية، وفي عدد من مواقع مراكز الأبحاث الاستراتيجية المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية. وفيما يلي عرضاً ملخّصاً لأبرز هذه المقالات:

مقالة تحت عنوان (هل يُعدُّ التشيُّع مذهباً متطرفاً).

بقلم غراهام فولر، وهو نائب الرئيس السابق لمجلس الأمن الوطني في وكالة المخابرات المركزية (C.I.A)، ومستشار سياسي كبير، وبقلم رند رحيم فرانك، مديرة مؤسسة العراق في واشنطن (D.C) نُشرت هذه المقالة في صحيفة الشرق الأوسط، في أذار عام 2000م، وكان بحث المقالة يدور حول المحاور التالية:

المحور الأول: موضوع حسّاس، حيث يعتبر الكاتب أنَّ الخوض في موضوع الشيعة مسألة حسّاسة، ويقول: «إنَّ الحديث عن الأقلية الشيعية في العالم العربي سيثير قضية يرجِّح معظم المسلمين عدم الخوض فيها...» وإنَّ دقَّة القضية الشيعية تغور عميقاً، وتعود جذورها إلى الخلافات والنزاعات القديمة بين طوائف المجتمع العراقي، ويستمرُّ الكاتب في حديثه حول الشيعة، مبيِّناً وجهة نظر الغرب عن الشيعة بقوله : «كما ينظر الغرب للشيعة أيضاً بلغة نموذجية على أنّهم جماعة متجانسة، تتمتع بحماس أو تعصب ديني، ومعروفة باستخدام طرق عنيفة، والقيام بأعمال متطرّفة، وتحمل مشاعر عداء للولايات المتحدة، وهذه الصورة المبسطة تستند إلى أكثر المظاهر إثارة للمشاعر؛ لتأكيد الذات الشيعية التي بلغت ذروتها خلال السنوات التي أعقبت الثورة الإيرانية».

المحور الثاني: مقوِّمات الهوية: ويبين صاحب المقال هنا من هم الشيعة، حيث يقول: إنَّ الشيعة الاثني عشرية أطلقت عليهم هذه التسمية لأنَّهم يعترفون أو يؤمنون بوجود إثنى عشر إماماً كهداة وقادة للطائفة الشيعية إلى يوم ذهاب آخرهم (الإمام الثاني عشر) الغائب أو المختفي، ليعود فيظهر في أحد الأيام للمرة الثانية، وفق تخطيط إلهي حكيم.

ويتطرّق إلى عقيدة الشيعة في الأئمة كونهم معصومين بقوله: «ويؤمن الشيعة بعصمة الأئمة الاثني عشر وكونهم ملهمين إلهيّاً وبشكل مباشر».

المحور الثالث: البدعة والطائفة، أم الجماعة الثقافية؟

يقول الكاتب: «يبيّن عدد من المراقبين الشيعة بأنَّ التشيُّع في نفسه ولنفسه لا يُعدُّ إيماناً أبداً بل طريقة للتفكير في الإسلام».

المحور الرابع: الانقسامات داخل صفوف الشيعة: يقول صاحب هذه الدراسة: إنَّ الشيعة كطائفة يُعتبَرون منقسمين بسبب ظروف ووقائع خارجية، أبرزها الحدود السياسية الموجودة بين الدول التي يعيشون فيها، كما أنَّ المجتمعات أو الطوائف الشيعية منقسمة من قبل مسار العلاقات بين الأنظمة الحاكمة في البلدان التي يقطنون فيها.

المحور الخامس: ارتفاع مستوى الوعي السياسي للشيعة: يؤكّد المقال على تطور واتساع الوعي السياسي لدى الشيعة بقوله: «إنَّ أحياء الأبعاد السياسية للتشيع في الستينات هو نمط مختلف لانبعاث الإسلام السياسي ككل، ويشترك مع الانبعاث الإسلامي السني في قسم من القضايا والأهداف المتشابهة.

فالسنة والشيعة يشتركان كلاهما في التحرر من وهم العصرنة، أو التحديث والأيديولوجيات ذات الأسلوب الغربي، وهزائم الأنظمة العربية في الصراع على فلسطين وتمزُّق المجتمع نتيجة لحركة التمدن والبيروقراطية بدون تحقيق منافع ملموسة مطابقة لعامة الناس، وساعدت كلُّ هذه الأمور في الحثِّ على بروز وازدياد الالتزام بالدين كعقيدة وكأيديولوجية سياسية كذلك، ويعتقد الكاتب أنَّ الثورة الإسلامية في إيران لم تلد أو تنتج صحوة شيعية فحسب، لكنها وفّرت أو قدمت نقطة محورية لهوية سياسية شيعية كانت على وشك النشوء والتكوين، وبعد الثورة الإيرانية لم يعد الإعلان عن هوية الفرد الشيعية أمراً محرماً أو مسبباً للمشاكل».

المحور السادس: الاستنتاجات: ويخلص المقال إلى عدّة نتائج، هي:

أولاً: إنَّ الهوية الشيعية تمثّل مزيجاً من اعتقاد ديني، وخبرة سياسية، وانعزال اجتماعي مع تراث ثقافي متطوّر، وتظلم اجتماعي.

أقول: المسلمون الشيعة لا يميلون إلى العزلة، ولكن يواجه الشيعةَ في الأغلب حكّامُ جور يتعمدون إلى عزلهم وقهرهم.

ثانياً: يُعدُّ الدين بالنسبة للشيعة أمراً أساسيَّاً لا غنى عنه لهويتهم، ولجهادهم السياسي للحصول على الاعتراف بوجودهم وكيانهم، وعلى حقوقهم المتساوية.

ثالثاً: تُعدُّ الهوية الشيعية هي الأقوى في فترة الصراع الراهنة، كردِّ فعل على القمع الخارجي، وتمثّل عاملاً لتوحيد صفوف الشيعة في متابعة هدف مشترك([144]).

ونكتفي بهذا العرض الموجز لما جاء من كتب ومقالات المستشرقين بخصوص التشيُّع حيث إنَّ هذا البحث ليس هو المطلب الأساس لهذه الرسالة كي نتوسَّع به ونتناوله على السعة والتفصيل، ولكن أردنا بهذا الفصل الإشارة إلى أنَّ نشاط الإستشراق قد شمل مذهب وثقافة التشيع كغيره من المذاهب الإسلامية، وأنَّ التشيع قد لفت اهتمام وأقلام المستشرقين وعلى فترات زمنية مختلفة، ونترك المجال للباحثين الذين يخصِّصون بحوثهم في هذا المضمار.

الفصل الثاني

آراء المستشرقين في الإمام الحسين×

1 ـ مكانة الإمام الحسين النسبية في نظر المستشرقين

2 ـ  مكانة الإمام الحسين الدينية والأخلاقية في نظر المستشرقين

3 ـ مكانة الإمام الحسين الإجتماعية في نظر المستشرقين

4ـ مكانة الإمام الحسين السياسية في نظر المستشرقين

تمهيد

إنّ شخصية الإمام الحسين× قد جذبت أنظار واهتمام الكثير من الكتاب والأدباء من شتَّى المذاهب والأديان والقوميات، حيث إنَّ هذا الثائر البطل ـ الإمام الحسين× ـ له شخصية ذات أبعاد مختلفة في الأوساط الاجتماعية، ومن بين الذين لم تستطع أقلامهم أن تغفل عن ذكر الإمام الحسين× هم مؤرخو وكتاب الغرب المستشرقون الذين وصفوا الحسين× بنعوت وصفات متعدِّدة، وأغلب تلك الأقلام قد صرَّحت بإعجاب كبير بما يملكه الحسين من سمات أخلاقية، وصفات نفسية عالية، إلاّ القليل ممّن غُلِب عليه  وأُبعِد عن منطق الإنصاف، ومع ذلك فإنَّ هذا القليل يعترف بأنَّ الحسين× شهيد، أو يصفه بأنَّه مات ميتة الأبطال، وسوف نستعرض آراء المستشرقين الذين ذكروا الحسين× في كتاب، أو مقالة، أو حديث في المبحث الآتي.

1 ـ مكانة الإمام الحسين النسبية في نظر المستشرقين

  جاء في موسوعة أكسفورد بأنّ الإمام الحسين× هو الإمام الثالث للشيعة، وابن علي بن أبي طالب، وحفيد النبي محمد، لم يكن لدى محمد ورثة من الذكور؛ لذا فإنَّ الحسين وأخاه الأكبر الحسن كانا يؤمنان في إكمال مسيرة النبي من خلال ابنته فاطمة وابن عمه علي، كما أنَّ كتب السيرة والأحاديث عززت مع الروايات حبَّ وشغف النبي لحفيديه([145]). وبعد ذكر الكاتب وقائع ثورة عاشوراء ذكر البعد البطولي للإمام الحسين× قائلاً: «إنَّ القليل من الشخصيات في التاريخ الإسلامي قد أجهدوا أنفسهم؛ لكي يكونوا عظماء وزهَّاد وتأثيرهم باقٍٍ في الفكر الإسلامي كالإمام الحسين. أما السُّنَّة، وبالخصوص الصوفيين الزاهدين فإنَّ الحسين عندهم هو الحفيد المبجَّل للنبي، وأحد أفراد أهل البيت. إنَّ جامع ضريح الحسين في القاهرة لهو الرمز الحي لولاء السنَّة لشهادة الإمام الحسين»([146]).

وبغضِّ النظر عن معتقداتهم العقائدية، أو مجالات حياتهم. ما المسلمون الشيعة فيعتبر عندهم رمزاً للأمل، وكما هو متوقع فإنَّ المهدي (المسيح) سوف يأتي أخيراً ويثأر لدمه ويدافع عنه وعن كلِّ الذين عانوا على يد الحكام الاستبداديين([147]).

1 ـ 1 المستشرق تورستن

 يذكر هذا المستشرق واصفاً شخص الإمام الحسين وما تحلَّى به من صفات عالية من خلال قراءاته لروايات واقعة كربلاء([148])، فيقول: «إنَّ الحسين وبثورته هذه تدلُّ على نسبه إلى فاطمة بنت الرسول، وهي الرافضة للظلم وأبيه علي الذي كان يسمَّى بطل الإسلام، لذلك كان من الصعب الوقوف متفرجاً على ما يحدث في عصر الأمويين»([149]).

ثم يواصل كلامه حول تنزُّه الإمام الحسين× أنسابه عن الطمع في السلطة والرئاسة بقوله: «لم يكن الحسين بطلبه السلطة طمعاً بها، وإنَّما هي حقٌّ يعود إلى أنسابه وحقٌّ شرعي ولتعديل الانحراف الذي حصل»([150]). ثم يذكر الكاتب أن هناك تطابقاً بين إباء الحسين× وإباء النبي’، حيث يقول: «إنَّ رفض وامتناع الحسين عن إعطاء الولاء لهو الشيء نفسه والأقرب إلى رفض النبي بنفسه»([151]).

ويتحدَّث الكاتب في كتابه عن سفره إلى باكستان، ومشاهدته مراسم العزاء قائلاً: «سألت صديقي نورمان، لماذا هو وعائلته الذين هم بالأصل من المسلمين السنَّة قد وضعوا منصَّتهم ليوزعوا الشراب أثناء مهرجان الشيعة الرئيسي، فأجابني بسرد قصة الإمام الحسين وقال لي: الحسين هو حفيد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والذي هُوجِم وحُوصِر من قبل جيش الخليفة يزيد في الصحراء عند كربلاء في العراق، إنَّها سُنَّة وعُرف مقدَّس، لذلك نعطي الماء للذين يحييون شعائر الحسين وأتباعه، وأيضاً للتخفيف من الذنوب، وحينها اكتشفت بأنَّ الحسين مُوَقَّر وبدرجة عالية بين السنَّة وخصوصاً في جنوب آسيا»([152])، ويريد بذلك الإشارة إلى موقف النبي’ حينما رفض أن يترك أمر الرسالة. وقال أيضاً: «إنَّ ما جاء في رواية الحسين لهو دليل كامل على روح وحماسة عائلة النبي (أهل البيت)؛ لذلك لم يكن الحسين مخطئاً فيما فعله؛ لأنَّ ما فعله أعاد للإسلام هيبته»([153]).

1 ـ 2 ـ المستشرق هانز هالم

في حديثه عن الإمام الحسين× يقول: «الحسين هو الابن الأصغر لعلي وفاطمة÷، والشيعة تنظر إلى الحسين× بنظرة مختلفة تماماً عن غيرهم، فهم لا يعتبرونه قد تعرَّض للهزيمة والقتل، بل كان سيد الشهداء، ويساوون بين مصيبته ومأساة عيسى×»([154]).

1 ـ 3 ـ  المستشرق فالييري

جاء ذكر اسم الحسين× في دوائر المعارف الغربية، ومنها ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية، ضمن مقال سلَّط الكاتب (فالييري) فيه الضوء على مكانة الحسين× حيث يقول: «تروي الأحاديث بذلك في مسانيد أهل السنة أيضاً (رأيت رسول الله’ يخطب فأقبل الحسن والحسين‘ وعليهما قميصان أحمران، يعثران ويقومان، فنزل النبي’ فأخذهما فوضعهما في حجره، فقال صدق الله ورسوله: إنَّما أموالكم وأولادكم فتنة، رأيت هذين فلم اصبر، ثم أخذ في خطبته) وكان يَدَعُ حفيديه يتسلَّقان ظهره وهو ساجد في صلاته، وأهمُّ من ذلك عبارات بعينها تنسب إليه، يستخلص الشيعة منها أشياء؛ مثل حديث (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنَّة) وأهمُّ من ذلك كلِّه حديثُ أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله جلَّل علياً وحسناً وحسيناً وفاطمة كساءً ثم قال: (اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي، اللهمَّ أذهب عنهم الرجس وطهّرْهم تطهيراً)([155]).

وفي مقالة أخرى له بعنوان: (الحسين بن علي ابن أبي طالب) جاءت في دائرة المعارف الإسلامية البريطانية، ورد فيها ترجمة لحياة الإمام الحسين× منذ ولادته وحتى يوم شهادته في أرض كربلاء، قال الكاتب فيها: «الحسين بن علي هو حفيد النبي وابن فاطمة، والذي اكتسب شهرته بسبب ثورة كربلاء في العاشر من محرم سنة 61هـ ق اكتوبر 680م، والتي انتهت بنهاية مفجعة»([156]).

وقال في موضوع آخر: «ووردت أحاديث نبوية بحقِّه مشيرة إلى محبَّة النبي له، ومن بين تلك الأحاديث هذا الحديث: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة).

وهناك روايات كثيرة تنقل أنَّ الحسن والحسين كانا يجلسان على فخذ النبي، أو على كتفيه وحتى أثناء الصلاة كانا يعتليان ظهر النبي’، وقد وردت هذه الأحاديث في صحيح أحمد والترمذي، وأنَّ الحسين× قد عاش أيام شبابه في ظل أبيه، وأذعن له بالطاعة الكاملة، وقد شارك في جميع حروب أبيه علي بن أبي طالب×.

وذكر صاحب المقال أنَّ للحسين× خصائص منذ ولادته ؛ وهي أنَّ ولادته كانت قبل ثلاثة أشهر من وقت الولادة الطبيعية، وفي هذا المجال يتشابه الحسين مع عيسى× وفي بعض الأقوال كيحيى× أيضاً، وأنَّ النبي’ كان يضع إبهام يده في فم الحسين× أو لسانه أو شيئاً من ريقه، وكان يفعل ذلك لمدة أربعين يوماً»([157]).

ويذكر أيضا: «إنّ للحسين صفات متميزة في خلقته، فله جبين شديد البياض يراها الرائي في المكان المظلم، وأعطاه الله كرامات ومعاجز؛ فينقل التاريخ أنَّ رجلاً قد لمس امرأة في الطواف، وقد ألتصقت يده ببدنها، فأجمع الفقهاء على قطع يده، فجاء الحسين× وفصل يد الرجل عن بدن المرأة»([158]).

ثم يذكر في المقال أسماء وألقاب الحسين×، فيقول: «إنَّ الله قد ذكر اسم الحسين× في التوراة وهو (شُبير)، وفي الإنجيل (طَب)، ثم يقول : إنَّ ألقاب الحسين قد ذكرت بشكل جميل وعلى شكل مناجاة في كتاب ابن شهرآشوب ([159])، وإنَّ الحسن والحسين يعرفان بحجج الله على الأرض»([160]).

ويضيف الكاتب كلمات بشأن الحسين× قائلاً : في جميع أنحاء العالم هناك حسٌّ من التعاطف والإحترام البالغ للحسين×، ويشذُّ عن ذلك أذناب الأمويين فقط الذين يرون الحسين× باغياً وناكثاً للبيعة([161])؛ لذا قُتِل من قِبَل يزيد.

2 ـ  مكانة الإمام الحسين الدينية والأخلاقية في نظر المستشرقين

حينما يدور الحديث والبحث حول الإمام الحسين× من قِبَل باحثي التاريخ وبالأخصِّ المستشرقين، يكون أغلب الكلام عادة حول نهضته؛ إذ قلَّما نجد كلاما وتحليلا حول المكانة الدينية والأخلاقية، وهو بحث يتعلَّق بالأبعاد الشخصية للإمام الحسين×. وسنتطرق فيما يلي إلى نزر من تلك الأبعاد في كلام المستشرقين:

2 ـ 1 ـ المستشرق (ماربين)

 تحدَّث عن علم الإمام الحسين× بقوله : «كان عالماً ومتسلِّطاً في علمه على الأحكام والعلوم الشرعية للإسلام»([162]).

2 ـ 2 ـ المستشرق فالييري

 جاء في مقالة له بأنّ الحسين قد امتاز بصفات إيمانية وأخلاقية سامية، حيث يذكر التاريخ أنَّه حجَّ (25) حجَّة مشياً على قدميه من المدينة إلى مكة، وكان كثير الصلاة، شديد السخاء، عرف بالحلم والتواضع، وقد أتصف بالشجاعة والإستهانة بالموت، وإباء الحياة مع الذلَّة، وإنَّ الشيعة تجلُّ الحسين؛ لتضحيته في سبيل المبادئ، وتعتبره ملهم الأحرار ومعلماً للبطولة والفداء، كما تعتقد الشيعة بأنَّ كلَّ الأئمة هم بهذه الصفات.

وقد أقدم الحسين على الشهادة برغبة منه، وأقواله تجسَّدت عملياً بشهادته؛ ولذا كانت له هذه المنزلة الشامخة في نفوس الناس، وإنَّ أحاديث الشيعة في هذا المجال واضحة وشفافة حينما يقولون إنَّ الحسين× قد ضحى بنفسه وماله؛ لإعلاء دين جدّه وإحيائه([163]).

2 ـ 3 ـ الأستاذ يان ريشارد 

  لقد أشار الكاتب في كتابه (الإسلام الشيعي عقائد وإيديولوجيات) إلى جانب الإستقامة والإباء في شخص الإمام الحسين× عمق ثقة الحسين بأن الله قد أختار له الحسنى حيث يقول: (أبى الحسين أن يقبل ولاية يزيد، الذي تصفه المصادر التاريخية بقلَّة التقوى الظاهرة، وبحبِّه موائد الخمور)، وفي مكان آخر يقول : «عندما أبدى له المقربون منه اعتراضهم؛ خائفين من رؤيته بأن يسرع إلى مغامرة غير معقولة أجاب: (إنَّ الله يفعل ما يريد، وويختار لي الأفضل، أما هو فلا يمكن أن يكون ضدّ من يرى إتِّباع الحقِّ)»([164])

2 ـ 4 ـ جرهارد كونسلمان([165])

 أشاد الكاتب جرهارد بالجانب الأخلاقي في شخصية الإمام الحسين×، بقوله: «قد أجمعت روايات المؤرِّخين أنَّ الحسين قاتل ببسالة عظيمة، وعندما أنكسر حفيد النبي أمام  الخصم كان قد أصيب النهاية بأربع وثلاثين ضربة سيف، وثلاث وثلاثين رمية نبال»([166]). 

 وفي إيمان الإمام الحسين قال: «إنَّ الحسين بن علي كان على إيمان بما اختاره، ويتمتع بشجاعة عالية، وكان رجلاً غيوراً » فحينما كان منشغلاً بالقتال تقدَّمت فرقة من العدو على خيام لتجهز على الأطفال والنساء، فلما شاهدهم الحسين صاح بهم صيحة سمعوها على رغم ضجيج المعركة، فقال له شمر بن ذي الجوشن ماذا تقول يا حسين؟ فقال له الحسين: «إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، إن كنتم عرباً كما تزعمون».

وقال لهم: «أنا الذي أقاتلكم فدعو حُرمي وأطفالي».

وأعلموا أنَّي ما دمت حياً لن أدعكم أن تأسروا حرمي وأطفالي، ثم أدار بفرسه نحو جيش الأعداء، حينها أمر شمر بن ذي الجوشن الجنود بأن يتركوا الخيام ويعودوا، وقال لهم : اصبروا حتى يقتل الحسين، فإذا قُتِل عندها نغير على خيامه ونسائه وأطفاله ...

ولما رأى الحسين الشمر ومن معه قد رجعوا عن الخيام اطمأنَّ، وتابع قتاله، واستمرَّت المعركة حتى حوصر الحسين من كلِّ جانب ([167]).

2 ـ 5 ـ الدكتورة صابرينا([168])

  تقول هذه الدكتورة المحقِّقة : «إنَّ الحسين بن علي لعب دوراً له صداه في تاريخ أصول التشيع، فلم يحتلَّ مكانة فقط في سلسلة أئمة أهل البيت... كما أنَّ الإمام الحسين قد أصبح رمزاً مقدَّساً خصوصاً عند الشيعة، وهذا واضح من خلال الشعائر الحسينية والمجالس والمواكب، والزيارات»([169]).

2 ـ 6 ـ المستشرق الباحث جورج قنازع([170])

   يقول حول شخصية الإمام الحسين×: «ارتقت شخصيَّة الحسين؛ لتكتسب بعداً آخر جدياً وضعها فوق مستوى البشر، فلم يكن مقتله نتيجة تطوُّر أحداث معينة وصراع غير متكافئ، بل إنَّه قدرٌ قدَّره الله، وعرَّفه جبرائيل فأخبر به النبي، ومن النبي عرفته فاطمة وعلي، ثم الحسين نفسه قبل مقتله بزمان، وإذا كان ما حدث مقدوراً فلا سبيل إلى تغييره، وإذا كان العذاب وسيلة للتطهير فلابدَّ من شرب الكأس حتى الثمالة؛ لنيل الخلود الأبدي، على هذا الأساس أصبح الحسين سيد الشهداء لقد عرف قدره، وواجهه بشجاعة على ما فيه من أسى ولوعة، وكالسيد المسيح، وقد مات وهو يطلب الماء دون أن يعطاه، ومثله أيضاً تنازع القوم ثيابه بعد موته، ولكنه شرب الكأس التي أوصلته إلى الخلود»([171]).

2 ـ 7 ـ المستشرق سيتون لويد

  بريطاني المولد وخبير الآثار القديمة؛ تناول معركة كربلاء بالبحث والتحقيق حين تحقيقه في تاريخ العراق، وتحليل حوادث المعارك التي اندلعت فيه منذ العصور القديمة؛ فقال: «إنَّ الفضاعة التي اقتُرِفت في المعركة ـ معركة كربلاء ـ والفزع الذي أصاب المسلمين بقتله يكوِّنان أسس المسرحية الأليمة التي تثير الطوائف الشيعية في العالم الإسلامي كلِّه إلى حدِّ الحنق الديني في عشرة عاشوراء من كلِّ سنة».

ويتابع كلامه ليقول: «قاد الحسين ثورته بعقيدة صادقة، مؤمن بعدالة قضيته، وهو يمسك بأحد يديه القرآن والسيف بيده الأخرى»([172]).

2 ـ 8 ـ الكاتب جان لونك

  قال في وصفه للإمام الحسين×: «لا نظير للحسين في إيمانه بربِّه، واعتقاده بدينه وفدائه وشجاعته، ولم يَسْعَ الحسين في نهضته للوصول إلى الحكم، وإنما خرج على يزيد لانحرافه عن الشريعة المحمدية»([173]).

2 ـ 9 ـ توماس كارلايل

  ذكر هذا المستشرق كلاما سانخ فيه بين نهضة الامام× وشخصه فقال: «إنَّ أفضل وأروع درس في الدراما التي يمكن أن نأخذها من كربلاء، هي أنَّ الحسين وأصحابه كان لديهم إيماناً عالياً وثابتاً بالله، وأولئك بعملهم هذا قد بيَّنوا حقيقة، وهي أنَّ الحقَّ حينما يقف أمام الباطل فإنَّ التفوّق العددي للباطل لا يكون له أيُّ أهمية، وأنَّ نصر الحسين مع القلّة التي معه قد بعثت على إعجابي»([174]).

2 ـ 10 ـ واشنكتن أيرونيك

   يقول الدكتور ايرونيك: «كان بإمكان الحسين أن ينقذ حياته بالنزول والاستسلام لإرادة يزيد، لكنَّ مسؤوليته تجاه الإسلام، وإحياء الإسلام لم تدعه أن يقبل يزيد حاكماً وخليفة على المسلمين، فأستعدَّ للمواجهة، وتحمَّل كلَّ الصعاب والمحن؛ من أجل إنقاذ الإسلام من مخالب بني أمية، وعلى رمال كربلاء تحت الشمس المحرقة في صحراء قاحلة كانت روح الحسين الخالدة، أيها البطل، ويا مثال الشجاعة، ويا فارسنا المغوار يا حسين»([175]).

2 ـ 11 ـ المستشرق فجياليري

  يشير الكاتب إلى شجاعة الإمام الحسين× في كلام رائع فيقول: «إنَّ الحسين أقدم على الشهادة برغبة منه، وأقواله قد تجسَّدت عملياً بشهادته، ولذا كانت له هذه المنزلة الشامخة في نفوس الناس، وإنَّ أحاديث الشيعة واضحة وشفافة حينما يقولون إنَّ الحسين قد ضحَّى بنفسه وماله لإعلاء دين جدِّه وإحيائه، وقد أتصف الحسين بالشجاعة والاستهانة بالموت، وإباء الحياة مع الذلَّة، وإنَّ الشيعة تجلُّ الحسين؛ لأجل تضحيته في سبيل المبادئ، ويعتبرونه ملهماً ومعلماً للبطولة والفداء»([176]).

2 ـ 12 ـ الأستاذ كومار([177])

   «إنّ الإمام الحسين كان إنساناً صادقاً صالحاً، طاهر القلب، إنساناً كاملاً، وكلُّ حياته للإنسانية، فدى نفسه لأجلها، لو لم تكن فديته في صحراء كربلاء ما كنا نعرف للإنسانية معنى، ولذلك نستطيع أن نقول إنَّه محسن للإنسانية، وما دامت هذه الدنيا باقية فسيبقى ذكر الإمام الحسين× حيَّاً لا يموت، بل وكلُّ إنسان في العالم البشري يؤمن بقيادته الغُرَّة»([178]).

2 ـ 13 ـ الكاتب جيمس كاركزان 

  أجرى هذا الكاتب المعروف بكتابه "الصين" مقارنة رائعة بين الشخصية الأسطورية "رستم" و"الإمام الحسين" فقال مفنِّدا شجاعة رستم: «اشتهر رستم بالشجاعة في العالم، ولكن إذا وجد من يذكر شجاعته لحدّ الآن فلابدَّ أنَّه لم يطَّلع على تاريخ الحسين وواقعة كربلاء حيث أثبت الحسين بأنَّه أشجع الناس قاطبة»([179]).

2 ـ 14 ـ ارتراين ولستون

   يصف مؤلف كتاب (نصف ساعة مع محمد) تضحيات الإمام الحسين: «لم يبرز في تاريخ العرب أشجع من علي، ولكنَّ الحسين ابنه الأصغر أثبت شجاعته بجدارة في يوم عاشوراء، مما يمكن القول بأنَّه أشجع من أبيه؛ وذلك لأنَّ العالم لم يشهد قطُّ رجلاً هالت عليه مثل تلك المصائب والآلام من العطش والجوع وعدم الإستقرار ومع هذا فقد قاوم وواجه هذا الكم الهائل من الأعداء في تلك الصحراء العربية ذات الحرارة الشديدة.

نعم، كان ذلك هو الحسين الذي تمكَّن أن يقاوم العدوَّ، وهذه علامة بارزة مميزة تدلُّ على علوِّ الحسين في الصبر والاستقلال والأخلاق في كلِّ ممارساته، فهو المثل الأعلى الذي لا يضاهيه أحد، ولذلك يمكن القول بأنَّ الحسين بحدِّ ذاته كان معجزة.

لقد تقطَّعت أوصاله في كربلاء، فهو شجاع لا مثيل له، وكان الوصيَّ المخلص للرسول الأكرم، هذا الإنسان هو الذي تفتخر العلماء بالتحدّث عنه في كلِّ العصور، والأهمُّ في هذا العالم أنَّنا لم نتعرف على شخصية شجاعة غير الحسين الذي قاوم تلك الألوف المؤلَّفة من الأعداء، مستقبلاً الموت بكلِّ رحابة صدر»([180]).

2 ـ 15 ـ المؤرخ الأميركي جون

 يقول هذا المؤرخ ـ كما ينقل لنا صاحب كتاب "قالوا في الإمام الحسين"ـ : «إنَّ الصبر والاستقلال اللذين تمتَّع بهما الحسين لم يكن لهما نظير في أيِّ إنسان آخر، إنَّ إرادته كانت قوية كالجبل؛ فلذا عمل بكلِّ ما قاله، وأنهى كلَّ ما بدأ به، إنَّ الشجاعة الحسينية ستكتب في التاريخ بحروف من ذهب، وأما مصابه والآلام التي تحمّلها ستكتب بحروف من الدم»([181]).

3 ـ مكانة الإمام الحسين الإجتماعية في نظر المستشرقين

لقد تجلَّى البعد الإجتماعي في شخصية الإمام الحسين× للمستشرقين من خلال دراسة ثورته في عاشوراء، وهذا ما وقفنا عليه في أقوالهم المتفرقة التي منها:

3 ـ 1 ـ البروفسور كوبر

  يقول هذا المستشرق: «تتضح فضيلة الحسين الخاصَّة من خلال حديث الرسول المروي في (صحيح الترمذي)» حسين مني وأنا من حسين، أحبَّ الله من يحبُّ حسيناً «... ثم يستطرد في كلامه: إنَّ الشخصية المثالية التي يمثِّلها الحسين في العالم الإسلامي تكاد تقترب من الأسطورة إذ لا يمكن إنكار حقيقته التاريخية، ولا كونه واحداً من مُثُل الإسلام الأساسية. لقد كان الإمام الحسين× سنداً للرجل المسلم والمرأة المسلمة المضطهدين من قبل القوي... إنَّه رفض للباطل، ورمزٌ للحرية والكرامة، وقدوة دافعة بالحيوية في وجه الاضطهاد والمعاناة»([182]).

3 ـ 2 ـ العالم الهولندي (برميل بيتر)

  يربط هذا المستشرق في مقالته بين البعد الجهادي الإصلاحي والحيثية الإجتماعية فيقول: «لقد أظهر الحسين بتضحياته الوجه الناصع للإنسانية، ويأتي جهاده في سبيل إصلاح المجتمع في مقدمتها، وكذا فإنَّ تحمُّله لتلك المصائب والمحن الجسام وصموده أمامها للوصول إلى أهدافه السامية لَمفخرةٌ عظيمة وهي في غاية الروعة، لقد علَّمنا الحسين كيف ندافع عن الحقِّ ونقاوم من أجله، فقد نصح الجماهير الإنسانية بأن يتعالوا عن الصراع للمصالح الشخصية والفردية، بل عليهم أن يحافظوا على حقوق الإنسان ويدافعوا عن حقوق المظلومين والمحرومين، وعلينا أن نتعلَّم من سيرته أيضاً حماية الحقِّ دائماً، وأن نهيِّئ نفوسنا لأيَّة مقاومة وجهاد في سبيل ذلك، وقد يقتضي تقديم القرابين العظام؛ لأجل تحقيق ذلك، وربما نُواجَه في النهاية بالفشل ظاهراً، ويظهر من شخصية الإمام الحسين أنَّ العصور لا تخلو من نداء السماء المدوي؛ لأجل هداية الأمم وقيادتها للوصول إلى حقوقها المشروعة»([183]).

3 ـ 3 ـ فيليب مورس

  يتناول في كتاباته الشخصية الاجتماعية للامام× فيقول: «بالتأكيد أنَّ أهدافه ـ أي الإمام الحسين ـ لم تكن محدودة وآنية ومرتبطة بأهله وأبناء طائفته، وكما قال عندما خطب بعاطفة وهدوء بالناس الذين تجمعوا لقتاله: «إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم»، وبسبب مبادئه نجد أنَّ الإنسان الأبيض والأسود، العبد والخادم، الكبير والصغير، المسلم وغير المسلم، العثماني والعلوي، أعلنوا ولاءهم له وتعلَّقوا به كمنارة للحقيقة والعدل، كان حقَّاً رجل العلم والوعي، رجل الفضيلة والتقوى، وفي كلِّ يوم يمضي تكتشف الأمم حقيقة شخصيته، ويزداد تعلُّقها به كمثال إنساني عظيم»، ويقول في مفاضلة بين البعد السياسي والبعد الإجتماعي في شخصية الامام الحسين: «لم يكن الحسين قائداً سياسياً حارب الظالم في وقته وعهده، بل كان أعظم وأكثر عمقاً من ذلك، لقد عكست شخصيته الرفيعة كلَّ عناصر الإنسانية ... أصبح الحسين حتى وقتنا الحاضر علامة مضيئة، وسوف يبقى كذلك حتى تتحقق مبادؤه السامية التي قاتل من أجلها في حكومات أجياله اللاحقة الذين يملؤون الأرض بالحقِّ والعدل بعد أن مليء بالظلم والطغيان»([184]).

4ـ مكانة الإمام الحسين السياسية في نظر المستشرقين

إنَّ الوقوف على البعد السياسي في شخصية الإمام الحسين× لا يمكن أن يتراءى لنا إلا من خلال تتبُّع مجريات أحداث "كربلاء"، وهذا ما خلص إليه فعلا جملة من المستشرقين؛ فأشادوا بالحنكة السياسية والقيادية للإمام الحسين في أكثر من موضع؛ فجاءت عباراتهم حول الجانب السياسي كالآتي:

4 ـ 1 ـ المستشرق ماربين

  يقول في إحدى كتاباته: «يُعَدُّ الحسين الشخص الوحيد ـ خلال أربعة عشر قرناً ـ الذي رفع راية الكفاح ضدَّ حكومة الجور، ويتمتع الحسين بصفات أخلاقية عالية جعلته شخصاً مرموقاً في الأوساط، ولدى الحكومات العربية، ويحظى باحترام كبير ... والمسألة المهمَّة التي لا يمكن أن نتجاهلها في شخص الحسين هو أنَّه كان أوَّل شخص سياسي؛ حيث إنَّه إلى يومنا هذا لم يأتِ أحد بسياسة مؤثِّرة كسياسة الحسين»([185]).

4 ـ 2 ـ جرهارد كونسلمان

ذكر في إحد كتبه أنَّ للحسين ذكاءً ونفاذَ رؤية، فقال: «بموت الحسن تقدَّم الحسين بن علي وفاطمة ابنة النبي ليتزعَّم، وكان الحسين يصغر الحسن بسنة أو سنتين، ويُقال إنَّ جدَّه محمد’ قد أحاط حفيده الحسين بحنان كبير ... بعد أن مات الحسن أثبت الحسين ذكاءً، فقاوم إغراءات خصمه بسرعة تنشيط شيعة علي في بلاد الرافدين، فلقد خَبرَ تأرجح هؤلاء، فلم يشأ الحسين التعامل معهم، وقد كشف حفيد النبي هذا عن موقف شريف متحفّظ، ولكن غير معادٍ بالمرَّة تجاه معاوية عدوّ سلالة النبي، والى هذه اللحظة كان الحسين واقعياً، فقد أدرك أنَّ بني أمية يُحكِمون قبضتهم على الإمبراطورية الإسلامية الواسعة»([186]).

وفي مكان آخر يتحدَّث الباحث عن بعد الإمام الحسين السياسي، فيقول: «استطاع معاوية إنجاز إيقاف الصراع والتنازع بين المسلمين، فلم تعد الجيوش تستنزف قوتها في الصراعات الداخلية، فتركَّزت هذه القوة في الفتوحات الجديدة، وقد قدَّر الحسين هذا النجاح للخليفة، فقد كان الحسين يمارس التمنُّع السياسي، فلم يعمل على اضطراب أعمال حكومة معاوية»([187]).

وفي موضع آخر من كتابه يذكر ما للحسين× من صبر حيث يقول: «فيروى أّنَّه رأى في منامه ـ أي الحسين× ـ أنَّ النبي’ قد ظهر له وقال: «في الليل ستكون عندنا في الجنَّة، والانتقال من الحياة إلى الموت ليس مهمَّاً، فالموت ينهي كلَّ الآلام، وقد بشَّرتك ذات يوم بالجنَّة، كلمتي ستعطيك ثقة وسوف تقودك».

ولما سمعت نساء ا لحسين هذا الكلام بكين وانتحبن، ولكنَّ الحسين طلب منهنَّ التماسك وقال لهنَّ: «إن بكينا ضحك منَّا العدوُّ، ومَن منَّا يريد غبطة على هذا الضحك»، كما أنَّ الكاتب قد أشار إلى الفصاحة والبلاغة في كلام وخطب الإمام الحسين× قائلاً: «وللمرَّة الأخيرة حاول زعيم الشيعة الحسين بن علي استخدام عنصر الإقناع، وقد كان رجلاً ذا كلام ساحر خاصَّة في وقت الشدّة، وقد بقيت هذه الكلمات للشهيد الحسين مقدَّسة عند الشيعة حتى اليوم، استخدم الحسين كثيراً من عناصر الفصاحة، فاستعان بالمبرّرات وعبارات الرجاء، والتهديد المباشر».

4 ـ 3 ـ البروفسور يان هانغوسون([188])

 بعد أن اطَّلع على موسوعة الإمام الحسين× للكرباسي([189]) عن طريق الانترنت، قام بإلقاء محاضرة في قاعة المعهد وبطلب من أساتذة المعهد، حملت المحاضرة عنوان: (الحسين حلقة وصل بين المسيحيين والمسلمين) بتاريخ 25/1/1997م.

وابتدأ (هانغسون) محاضرته قائلاً: «بعض التقاليد والرموز الإسلامية تكون قريبة لقلب المسيحيين، فمن تلك الرموز مثلاً سبط الرسول محمد’ الحسين بن فاطمة ـ تلك المتألّقة ـ وابن ذلك المكافح الحكيم الخليفة علي. هذه مشاعرنا نحن المسيحيين تجاه الحسين أولاً، والمأساة التي أدَّت إلى استشهاده وظروفها ثانياً، نعترف نحن المسيحيين بأنَّ في حياة الحسين الأليمة سمات عديدة نشاهدها في العبد المضحِّي لله، والذي يشبه النبيَّ داود، الذي نقرأ عنه في الزبور: «احمني تحت جناحك، ظلَّني في ظلِّك من أولئك الأشرار الذين يريدون هلاكي من أعدائي الأدميين الذين يحيطونني».

الحسين ليس مظهراً للسلطة السياسية والعسكرية، حيث إنَّه في الوقت الذي لا يطالب بالسلطة فإنَّه (لا يتنازل عن المعارضة والمقاومة) من هنا فإنَّ الحسين أمتلك بنهضته وشهادته قدرة عظيمة للغاية، للحوار بين المسيحية والإسلام، بالفعل يمكن أن يصبح الحسين جسراً بين المسيحيين والمسلمين الذين يؤمنون بأنَّ المسيح الذي صُلب عاد حيَّاً بعد الموت»([190]).

4 ـ 4 البروفسور قسطنطين([191])

يتناول الدكتور قسطنطين الجانب السياسي في شخصية الامام الحسين× فيقول: «ومن خلال الحسين ومأثرته أظهرت عظمة شخصيته، واتساع فكره الجهادي؛ وذلك بتقديم نفسه وأهله قرابين لمصلحة الأمة الإسلامية والشيعة على وجه التحديد. ومنذ ذلك الوقت البعيد ولحدِّ الآن يعتبر الشيعة الإمام الحسين المدافع الحقيقي عن الأمة، والإنسان الذي أمتلك الإرث الإلهي والخصال المحمدية، والبعيد كلَّ البعد عن أية طموحات سياسية، الساعي لإحياء وإنهاض دين جدِّه النبي»([192]).

نقول إنَّ التصوُّر الذي قدَّمه البروفسور قسطنطين حول الإمام الحسين× رائع وجميل، لكن وردت جملة (والشيعة على وجه التحديد)، ولنا وقفة مع هذه الجملة حيث إنَّ حركة الإمام الحسين× منذ البدء كانت تحمل همَّ الإسلام ككلّ ولم تكن محدَّدة في خطٍّ معيَّن أو مذهب، وهو ما صرَّح به الإمام الحسين× بعبارات مختلفة ومناسبات مختلفة، فجاء في أقواله×: «ألا ترون إلى الحقِّ لا يُعمل به، والباطل لا يُنتهى عنه»([193]). وقال ×: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدِّي»([194]).

وفي هذا الصدد يقو القسُّ بلاس (pellas) الأستاذ في كلية ست كسافيرس (st. xaviers college) في بومباي: «إنَّ التضحية التي قدمها الإمام الحسين هي لاشكَّ أعظم حدث تاريخي كانت لها اليد الطولى في انتصار الحقِّ على الباطل».

نتيجة الفصل الثاني

نستخلص من جميع ما تقدّم ما يلي:

أولاً: إنَّ آراء المستشرقين في بيان علوِّ وسموِّ مكانة الإمام الحسين× تكاد تكون متفقة ومجمعاً عليها، إلا القليل منهم ممن عُرف بالتعصُّب وعدم الإنصاف في تحقيقاته العلمية.

ثانياً: إنَّ إعجاب المستشرقين بالشخصية الإلهية للإمام الحسين×، قد برز بعبارات مختلفة.

ثالثاً: إنَّ ما استخلصه المستشرقون من خلال تحليلهم لمواقف الإمام الحسين× في مختلف الأصعدة الحياتية الدينية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية، هو كونه سمة من سمات الشخصية الفذَّة في التاريخ، وإنّه× قدوة يستحقُّ دعوة الناس إلى الاقتداء به.

الفصل الثالث

آراء المستشرقين في ثورة عاشوراء
1 ـ عرض ونقد لأهمِّ الآراء

2 ـ مقالات مختارة للمستشرقين حول ثورة عاشوراء

ا1 ـ عرض ونقد لأهمِّ الآراء

جاء في الأبحاث التاريخية لجامعة كامبريج أنّه وبعد تسلُّم يزيد بن معاوية السلطة، بعد وفاة أبيه معاوية أصدر الأوامر إلى واليه على المدينة بأن يأخذ البيعة له من الحسين بن علي، وابن الزبير، وعبد الله بن عمر، أمَّا الحسين وابن الزبير فقد خرجا من المدينة إلى مكة؛ للتخلُّص من البيعة، وأمَّا عبد الله بن عمر فقد بايع يزيد تبعاً لأكثرية الناس، وبعد ذلك بعدة أشهر أرسل أتباع العلويين في الكوفة رسائل إلى الحسين×؛ يدعونه إلى قيادتهم في الثورة ضدَّ الأمويين، فأرسل الحسين ابن عمِّه ليمهِّد له الأوضاع في الكوفة، فلما وصل سفير الحسين إلى الكوفة كشف الأمر من قِبَل عبيد الله بن زياد حاكم الكوفة وقتل ابن عمِّ الحسين، وجهّز جيشاً لمواجهة ومنع الحسين عن قيامه بالثورة، ولمّا رفض الحسين النزول على أوامر ابن زياد وقعت المعركة بين جيش ابن زياد والحسين في أرض كربلاء، وأجهز الجيش على الحسين وأصحابه، فأبادهم جميعاً في 10/محرم/61هـ الموافق 10/أكتوبر/680م، وتُعدُّ هذه الحادثة في نظر الشيعة ونظر الإسلام بوجه عامٍّ من أعظم الحوادث في التاريخ، ولها نتائج وأبعاد مهمّة جدّاً لدى الشيعة؛ حيث إنَّ الحسين قد ضحَّى بنفسه في سبيل الأمة الإسلامية، وفارق هذه الدنيا شهيداً، وتُحيى ذكرى فاجعة كربلاء سنوياً في البلدان الشيعية وسط مراسم مهيبة وضخمة([195]). وفيما يلي سنعرض أهمَّ آراء المستشرقين حول ثورة عاشوراء متناولين بعضها بالنقد البنّاء.

1 ـ 1 ادوارد براون

يقول براون([196]) حول ثورة عاشوراء: «إنَّ ذكرى الميدان الملطَّخ بالدماء في كربلاء حيث سقط هناك حفيد رسول الله، والذي عذَّبه العطش، وأُحيط بأجساد أقربائه وذويه المقتولين، منذ ذلك الوقت أصبحت هذه القصة تثار، حيث تثير مشاعر الخامل والطائش، وتهيِّج المشاعر والحزن المكبوت»([197]).

1 ـ 2 ـ الإنكليزي موبر

يقول موير([198]) حول واقعة عاشوراء وأثرها في تاريخ الإسلام: «إنَّ مأساة كربلاء لم تقرِّر فقط مصير الخلافة، ولكن قرَّرت أيضاً مصير المملكة المحمدية، بعد أن تضاءلت واضمحلَّت الخلافة»([199]).

أقول: إنّ شهادة الإمام الحسين× تمثِّل مرحلة في سلسلة مهامِّ أئمة أهل البيت^ في حفظ الرسالة الإسلامية وإحياء معالم الدين، وإنَّما جاء النبي محمد’ من الله لبناء مجتمع إسلامي، وليس مملكة كما عبّر عنها الكاتب؛ ولعلّه لم يتوخَّ الدقَّة في التعبير.

1 ـ 3 موريس دوكبري

يقول المستشرق موريس دوكبري: «لو أنَّ مؤرخينا يعلمون حقيقة هذا اليوم
ـ عاشوراء ـ ويدركون عاشوراء أيَّ يوم هو، لم يصفوا مراسم عزاء الحسين بأنَّها أعمال جنونية، لأنَّ أتباع الحسين ومن خلال إقامتهم لهذا العزاء عُرِفوا بأنَّهم لن يخضعوا لنير الإستعمار، وهو شعار مولاهم من قبل، عدم الرضوخ للظلم والظالم.

لو دقَّقنا في مجالس العزاء لرأينا مسائل وعبراً مهمَّة تُطرَح في هذه المجالس، حيث يقال فيها إنَّ الحسين قد ضحَّى بنفسه وماله وولده لأجل حفظ شرف الأمة، ولإعلاء كلمة الإسلام، ولم يخضع لحكم يزيد، إذاً تعالوا لنتخذ سيرته وطريقه قدوة لنا، ونتحرر من كلِّ مستعمِر ونختار الموت الكريم على الدنيا والعيش بذلّة، ومن البديهي أنَّ أمَّة لها تعاليم كهذه من المهد إلى اللحد سترقى إلى أعلى المراتب، علاوة على المكاسب السياسية لهذه المراسم (يعني مراسم العزاء)، فإنَّ المسلمين يرجون الأجر الأخروي العظيم بإقامتهم العزاء الحسيني»([200]).

 

1 ـ 4 ـ هانز هالم

تحدّث المستشرق هانز هالم في كتابه (التشيُّع) عن واقعة كربلاء قائلاً : «في اليوم العاشر من محرم عام 61هـ المصادف للعاشر من اكتوبر عام 680م، حدثت معركة في صحراء كربلاء، وكان جيش الحسين قرابة السبعين نفراً، وكان عددهم قبال جيش العدوّ لا يُقاس، وقد قُتِل جميع رجال هذا الجيش ومن بينهم علي الأكبر الابن الأكبر للحسين، وصار الحسين هدفاً من كلِّ صوب لضربات الأعداء حتى سقط هو كذلك على الأرض، ودُفنت أجساد الشهداء في الغاضرية قرب كربلاء، ونُقِلت الرؤوس التي احتُزَّت مع الأطفال والنساء اللاتي أُسِرْنَ إلى الكوفة، ويُنقَل أنَّ عبيد الله بن زياد قد ضرب أسنان الحسين بعصاً كانت بيده، ويذكر نظرة الشيعة للإمام الحسن قائلاً ... إنَّ الشيعة تنظر للحسين نظرة مختلفة، فهم لا يعتبرونه قد هُزم بل سيد الشهداء، ويعتبرون مصيبته كمصيبة عيسى لدى المسيحيين»([201]).

1 ـ 5 ـ  فرانسوا تويال

يقول فرانسوا تويال في كتابه (الشيعة في العالم): «بعد مرور حوالي خمسة عشر قرناً على شهادة الإمام علي فالشيعة ما زالت تهزُّ العالم، ومأساة كربلاء تطبع بدورها تاريخ الإنسانية»([202]).

وفي موضع آخر من كتابه ينقل تويال قول يان ريشارد في أهمّية واقعة كربلاء، ويعلِّق عليه قائلاً: «وهكذا وُلِدت لدى الشيعة لمدى الأجيال، العلاقة بين الاستشهاد والحقيقة، وبين الألم والعدالة»([203]).

1 ـ 6 ـ فيسا فالييري

يقول آل، وجيا، فالييري: «إنَّ المنظر المؤلم هو أن جيء للحسين برضيعه، فأخذه الحسين في حضنه فرماه الأعداء بسهم في نحره، فأخذ الحسين بكفِّه من دم نحر الرضيع ورماه إلى السماء، ودعا عليهم بالهلاك وبغضب الله، وقد قاتل الحسين بكلِّ بطولة، وقتل الكثير من الأعداء، وقبيل استشهاده ذكَّرهم بغضب الله وانتقام الربِّ منهم، لكنَّهم انهالوا عليه بالسهام والسيوف، وقد جرح بكلِّ مكان من بدنه، وشُجَّت جبهته فسقط على الأرض، ثم نزلوا إليه وضربوه بالسيف واحتزُّوا رأسه، ثم غاروا على أمواله وسرقوها، ثم أمروا عشرة من الفرسان أن يدوسوا جسد الحسين× بحوافر خيولهم، فانطلقت الخيل وداست جسده، وإنَّ الذين قاموا بهذا الفعل لهم جرأة على حرمة حفيد النبي. ويذكر المقال أنَّه حصلت حوادث بعد مقتل الحسين منها إحمرار السماء، وأنَّ كلَّ من سرق شيئاً من أموال الحسين ابتلي ببلاء عجيب إمَّا الموت، أو العمى، أو الجذام، ومنهم من مات بالنار»([204]).

1 ـ 7 ـ  سربير سي

تقول سربيرسي: «إنَّ هذه الفاجعة كانت أساساً لتمثيل (المسرحية الأليمة) سنوياً ليس في إيران التي تعتبر العقيدة الشيعية مذهباً رسمياً فيها فقط، بل في كثير من البلاد الأسيوية، التي يتيسَّر فيها وجود المسلمين الشيعة أيضاً، وقد شاهدت هذه المأساة تُمثَّل أمامي مرات عديدة أو لذلك يمكنني أن أعترف وأقرَّ بأنَّ الاستماع إلى ولولة ا لنساء الصارخة، ومشاهدة الحزن الذي يغشى الرجال كلَّهم يؤثِّر تأثيراً عميقاً في المرء، بحيث لا يسعه إلا أن يصبَّ نقمته على الشمر ويزيد بن معاوية، ... والحقيقة أنَّ هذه المسرحية الأليمة تدلُّ على قوة عاطفية جامحة تمتلئ بالحزن والأسى الذي لا يمكن أن يقدر بسهولة، وأنَّ المناظر التي شهدتها بأمِّ رأسي ستبقى غير منسيَّة في مخيلتي ما دمت على قيد الحياة»([205]).

1 ـ 8 ـ فراياستارك

كتبت المستشرقة الإنكليزية (فراياستارك) في كتابها (صور بغدادية) عن كربلاء والإمام الحسين× قائلة: «وعلى مسافة غير بعيدة من هذه البقعة جُعجِع ابنه [أي ابن الإمام علي] الحسين إلى جهة البادية، وظلَّ يتجوَّل حتى نزل كربلاء ... وهناك نصب مخيَّمه، بينما أحاط به أعداؤه ومناوؤه، ومنعوا موارد الماء عنه، وما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جليَّة في أفكار الناس الى يومنا هذا كما كانت قبل (1257) سنة، وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدَّسة أن يستفيد كثيراً من زيارته مالم يقف على شيء من هذه القصة، لأنَّ مأساة الحسين تتغلغل في كلِّ شيء حتى تصل إلى الأسس، وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قطُّ من دون أن ينتابني البكاء...

إلى أنّ قالت: إنَّ التاريخ قد توقَّف في كربلاء والنجف منذ أن وقعت تلك الفاجعة، لأنَّ الناس أخذوا يعيشون فيهما على ذكرى الكراهية لأعداء الحسين المظلوم»([206]).

1 ـ 9 ـ  المؤرخ ستيون لويد

ذكر خبير الآثار القديمة في بغداد والمؤرّخ (ستيون لويد) في كتابه الموجز (تاريخ العراق من أقدم العصور إلى يومنا هذا) ثورة عاشوراء وبنات الإمام الحسين× وأصحابه في القتال قائلاً: «أُحِيط بالحسين وأتباعه، وغلبته كثرة الأعداء غلبة تامَّة، ومع أنَّه كان بوسعه أن يهرب فيعود إلى المدينة غير أنَّ عقيدته الصادقة بعدالة قضيته دفعته إلى أن يسير فيما أقدم عليه قِدَماً إلى الأمام ... وفي صباح اليوم التالي قاد الحسين، وهو يمسك بإحدى يديه القرآن والسيف بيده الأخرى، عصبته المتشهِّدة إلى الموت المُحَتَّم، ولم يفعل جند يزيد أكثر من أن يحيطوا بهم من بعيد، ويمطروهم بوابل من نبالهم، فسقطوا واحداً بعد الآخر حتى بقي الحسين وحده فريداً، وكان من الممكن أن يستبقي هو نفسه، لكن ذلك لم يكن هو المطلوب في ذلك اليوم التاريخي المشهور، فقد تجمع ثلاثة وثلاثون من أتباع بني أمية وتضافروا بأسلحتهم فصوّبوها إليه، ودِيست جثَّته المثخَنة بالجراح، ثم احتُزَّ رأسه وأُخِذ إلى الكوفة»([207]).

1 ـ 10 كارستن نيبور الرَّحَّالة الألماني

كان للرَّحَّالة المستشرقين دور واضح في وصفهم لمدينة كربلاء، ووصف المرقد الطاهر للإمام الحسين، ومن رحلاتهم إلى كربلاء تحدَّثوا عن ثورة الإمام الحسين× ومكانتها في التاريخ، ومن بين أولئك الذين زاروا كربلاء الرَّحَّالة المستشرق الألماني (كارستن نيبور)([208]) الذي زار كربلاء في 27 ديسمبر عام 1765م.

بعد أن يصف مرقد الإمام الحسين× يقول: «يظهر للشيعة ـ للعيان ـ هنا أيضاً قبور أقرباء وأصحاب الحسين الذين استُشهِدوا وفقدوا حياتهم في واقعة كربلاء، والذين يعتبرونهم شهداء، فقد شُيِّد للعباس [الأخ غير الشقيق للحسين] جامع كبير([209])، داخل المدينة تقديراً لمواقفه البطولية، وتضحيته التي تحدَّث لي الناس عنها، وأودُّ ذكر ما يلي عنها هنا:

عانى الحسين كثيراً من العطش الشديد، حيث أرسل أخاه العباس إلى المخيَّم لجلب الماء، إلا أنَّ العباس لم يجد في المخيَّم الماء، فركب فرسه حاملاً معه قرابه واتَّجه نحو الشمال لمدة ساعة، وهناك ملأها بالماء، وفي أثناء طريق عودته تعرَّض له الأعداء الذين حاولوا أخذ الماء منه وقطعوا إحدى يديه، ومسك القربة باليد الأخرى، إلا أنَّهم بتروها أيضاً، وأخيراً مسك العباس القربة بين أسنانه وفي تلك اللحظة رمى أحدهم القربة بالسهم وثقبها فسال الماء، وهكذا عاد العباس إلى أخيه الحسين بدون الماء ولم يستطع إطفاء ظمأ الحسين»([210]).

«لم يَعُدْ أبو الفضل العباس إلى المخيَّم، بل سقط شهيداً قرب النهر»، ثم يتحدَّث الكاتب عن مكانة الحسين في قلوب الناس قائلاً: «يجب أن اعترف بأنَّي لم أسمع رثاءً، أكثر من رثاء الشيعة في هذا الجامع ـ أي مرقد الإمام الحسين× ـ فالناس يبكون ويصرخون فكأنَّ الحسين أبوهم المتوفى اليوم، وهذا الحزن لم يكن للرياء، بل حزنهم حقيقي نابع من القلب، بحيث إنَّ عيون الزوّار الخارجين من أو الداخلين إلى الجامع كلُّها كانت وارمة»([211]).

1 ـ 11 ـ بترو جلكوفسكي

قدَّم الكاتب (بترو جلكوفسكي) تصوّراً مأساوياً مستوحىً من ممارسة العزاء الحسيني في أيام محرم، وإحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين قائلاً: «سار الحسين ومن معه من أصحابه وعياله من مكة إلى الكوفة، وحينما وصلوا إلى صحراء كربلاء واجههم جيش يزيد، ومع أنَّهم يواجهون هزيمة عسكرية مؤكَّدة، إلا أنَّ الحسين لم يستسلم ليزيد، وحوصروا من قبل جيش الأشقياء وبقي الحسين وأصحابه في صحراء كربلاء عشرة أيام بلا ماء، يلفحهم حرُّ الصحراء، وآل أمره وأهل بيته من الرجال وأصحابه الى أن أبادتهم سيوف جيش يزيد، وأُسِرت النساء والأطفال، ثم سُيِّروا إلى دمشق».

ثم يتكلَّم الكاتب (بترو جلكوفسكي) عن معنى العزاء، فيقول: «العزاء لغة هو إظهار المواساة والحزن، ولكن من الناحية الفنية أو الاصطلاحية هو مراسم إحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين× في أيام شهر محرم، ويكون محورها الأصلي هو محاصرة الحسين وأصحابه في كربلاء، مع الحفاظ على روحها الدينية، ولذا فإنَّ الشيعة ترى في موت الحسين بن علي عملاً مقدساً وانعتاقاً وتحريراً من الذلِّ، وأنَّ المشاركة في العزاء بمثابة فلاح ونجاة، حيث إنَّ المشاركين في العزاء سواء كانوا من الذين يقومون بتمثيل الأدوار المختلفة في عرض مسرحي أو الحاضرين الذين يشاهدون ويستمعون لهم، كلّهم يرجون نيل شفاعة الحسين× يوم القيامة»([212]).

وجاء في أحد فصول كتابه تحت عنوان (المعطيات الثقافية لعروض العزاء) للكاتب وليم بيمن: «إنَّ مشاهدة العزاء الحسيني تُعَدُّ فرصة لمن يحضره ؛ كي يفرِّغ عما في صدره من حزن وهمٍّ جرّاء مشاكلهم وأحزانهم بسبب الحياة الدنيا، وفي الحقيقة أنَّ تمثيل العزاء يعطي للمشاهد درساً في التغلُّب على صعاب الحياة، ويقول له إنَّ مصائب الحسين كانت أكبر وأعظم»([213]).

1 ـ 12 ـ  سرلوئيس بلي

يرى الكاتب (سرلوئيس بلي): أنَّ أروع عرض درامي هو تراجيديا الحسن والحسين‘ حيث يقول: «لم ينجح عرض فني لحدِّ الآن على مستوى التأثير في القارئ والمشاهد كالتأثير الذي أحدثته تراجيديا العالم الإسلامي، وأعني بذلك تراجيديا الحسن والحسين»([214]).

1 ـ 13 ـ  المؤرخ والكاتب فيليب حتّى

وينقل المؤرخ والكاتب فيليب حتّي([215]) قصة مسير الحسين إلى الكوفة، واستشهاده مع ذويه وأصحابه في أرض كربلاء، ويعلِّق على هذا الحدث التاريخي قائلاً: «وقد ظهر من الحسين يوم استشهاده من الصبر والإقدام والشجاعة ما حَدَا بالعالَم الشيعي إلى تجديد ذكراه بما يقيمونه له كلَّ سنة في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم من مآتم وضروب الندب والحداد؛ لمقامه من الرسول، وتخليداً لبطولته وآلامه وصبره على المحنة التي ألمَّت به ... وكان دم الحسين أكثر أثراً من دم علي في تنمية روح الشيعة وازدياد أتباعها، بل يصحُّ القول إنَّ الحركة الشيعية وُلدت في العاشر من محرَّم، ومنذ ذلك اليوم أصبح عقد الإمامة لذرية علي سُنَّة لها في عقائد الشيعة ما لنبوّة محمد من قدر في الإسلام.

وكان ـ من يوم كربلاء ـ للشيعة فوق ذلك صيحة حرب جديدة هي (يالثارات الحسين) وقد أثبتت الوقائع فيما بعد أنَّ هذه الصيحة نفسها كانت من العوامل التي قوَّضت بنيان الدولة الأموية»([216]).

1 ـ 14 ـ البروفيسور بييرلوري

يقول لوري([217]): «منذ القرون الهجرية الأولى، دأب الشيعة سنوياً على إحياء مناسبتين رئيسيتين بالنسبة للطائفة: الأولى هي تسليم النبي الولاية لعلي في غدير ُخمٍّ، والثانية مقتل الحسين وأصحابه على يد الأمويين في كربلاء عام 680م، وحول هذه المناسبة الثانية، تعرض (دائرة المعارف الحسينية) مضامينها ببلاغة وقوّة تدعو إلى التأمل، ما الذي حدث فعلاً في كربلاء؟ وما هو الدرس الذي يجب أن نستقيه منه؟ وهل رمى الإمام نفسه في هذه الحملة الفاشلة؟ وكيف يحارب وهو يعلم نتائج الحرب؟

إنَّ الاحتفال باليوم العاشر من محرم يجيب على الكثير من هذه التساؤلات وغيرها:

الأول: فيما يخصُّ القيمة الإيثارية التي تصل إلى حدّ الشهادة، ولكن هناك ملاحظة فأية قراءة غربية من أصل مسيحي لهذه الحالة تشعر أنَّها على أرضية معروفة لديها، فالتراث الديني المسيحي يجعل من مصير المسيح على أنَّه شخص رفض كلَّ السلطات السياسية وانتهى الأمر إلى حكم غير عادل مصاحب بالتعذيب، انتهى بصلبه ليؤكِّد أنَّ ذلك الشخص الضعيف المغلوب على أمره بنظر الناس قد ساهم روحياً بنصرة الحقِّ حسب المنطق البشري، وعذابات المسيح قد حملت معاني عميقة للفداء، فإنَّ المسيح تقبّل العذاب رغم براءته، فذلك ليأخذ على كاهله ذنوب البشرية وخطاياها منذ أن خُلق آدم، وعلى المؤمنين أن يسلكوا هذا السلوك وأن يقبلوا بدورهم في العذاب المكتوب، وإن كانوا لا يستحقُّونه، لأنَّ قبولهم لهذا يمسح ذنوبهم. يبدو لنا بشكل عام أنَّنا نخطئ خطأً كبيراً حين نقارن بين إحياء الشيعة لمعاناة الحسين وبين آلام المسيح عند النصارى، لأنَّ هناك حتماً نقاط اختلاف؛ فالشهادة في الوعي الإسلامي تحمل قيمة عالية، وهي تمحو ذنوب الشهيد وتمنحه ثواباً أبدياً، ومعاناة الحسين وقتله جعلت منه شهيداً في علِّيين، وشفيعاً لأتباعه المخلصين ومن يحبُّه ومن يتبعه بشكل خاص ... إنَّ إحياء مناسبة استشهاد الحسين في نفس الوقت تمثِّل ثقلاً ذا معانٍ روحية؛ فكلُّ إمام يحمل رسالة خفية خاصة مكملة لقانون الشريعة السماوية، ولكن لا الرسالة ولا صفات الأئمة تتطلب بالضرورة كماً كبيراً، بل هي على الأغلب محصورة بحلقة ضيقة من الأنصار، فشهادة الحسين في كربلاء بحدِّ ذاتها تُعتبَر رسالة من هذا النوع كعمل يوجِّه المؤمن إلى عمل أعمق، وهذا المعنى العميق يعالج القيمة الحقيقية للشهادة العقائدية، ذلك أنَّ الدين الإسلامي لم يمنح قيمة خاصة للعذاب المكتسب في حدِّ ذاته، فكلُّ ما يحصل للإنسان أو الجماعة في الحياة الدنيا هو بإرادة ورغبة الخالق، سعادة كان أو شقاء ... إنَّ الثقة بإرادة الله على البشر تتجسَّد في شهادة الحسين ... إنَّ التلاوة الشعرية لمأساة كربلاء تتناول عدَّة حالات ليست بالضرورة أليمة وحزينة وعلى كلِّ حال فإنَّ الإطار الخلفي لهذه المقاطع الشعرية ليس فقط الحزن والإحباط ؛ فإنَّ كلَّ العذابات المخرَّجة في هذا النوع من الأدب تقف وراء أفق أُخروي، ألا وهو قدوم الإمام الشرعي، حامل الحقِّ الذي يأتي ليظهر المعنى الحقيقي للبلاء الذي يعيشه المؤمنون، ومعركة كربلاء تشكِّل رواية لمأساة وليس فاجعة؛ لأنَّها ما فتئت تكثف الانتظار للوعد السماوي»([218]).

1 ـ 15ـ البروفيسور (يان) أ. هانغسون السويدي

كتب البروفيسور هانغسون([219]) مقالاً حمل عنوان (الحسين حلقة وصل بين المسيحيين والمسلمين)، يقول فيه عن أثر ثورة الإمام الحسين في الإسلام: «هذه المأساة ميَّزت بين الإسلام التقليدي والنظري، وبين المسلمين الشيعة الذين يمثِّلون الإمام الحسين من طرف، والمسيحيين من خلال دور المعذَّب بالخلود وموت عيسى، إلا أنَّ عنصرين أساسيين يبيِّنان هذه التجربة:

الأول: الإحساس الانفعالي العاطفي المعتمِد على الإيمان.

الثاني: التضامن ضمن الهدف المنشود، وفي هذا ما يثبت عظمة كلِّ منهما (الإمام الحسين وعيسى÷)».

ويتحدَّث كذلك عن نقاط التقارب بين المسيح والإسلام بقوله: «هناك مفاهيم مشتركة بين الإسلام والمسيحية من النظرة الشيعية، ولابدَّ أن لا تكون التقاليد عائقاً في التقارب بين المسيحيين والمسلمين، فهناك دائماً صلة قريبة، ومعاني متقاربة لفهم بعضنا البعض بتناغم الإيمان، للسير في طريق الحقِّ لمن يريد أن يسير، والطريق ليس شاقَّاً للذي يريد المشي نحو كربلاء ... ويخطو بخطى ثابتة نحو الإمام الحسين»([220]).

1 ـ 16 ـ الدكتور  أ. ك.أ. هاورد

يقول الدكتور هاورد([221]):«كانت شهادة الإمام الحسين حدثاً ذا أهميَّة سياسية ودينية كبيرة في العالم الإسلامي، وكان وما زال لها تأثير قوي على المجتمع الإسلامي، منذ حدوثها في منتصف القرن السابع الميلادي عام 61م للهجرة في التاريخ الإسلامي، وحتى الوقت الحاضر، ويُساءُ باستمرار فهم ما حصل على ضفاف الفرات في كربلاء، من قبل علماء الغرب، إذ إنَّهم يعتبرون واقعة كربلاء ثورة فاشلة غير مؤثِّرة، ويرون أنَّ صلة هذه الثورة بالتاريخ الإسلامي ضعيفة، وعلى كلِّ حال فإنَّ ذلك الأمر يعبِّر عن إساءة فهم عجول للتقوى الإسلامية ولشخصية الإمام الحسين.

لقد قُتِلَ حفيد رسول الإسلام في كربلاء بشكل وحشي، إذ انتُهِكت حرمة جسده وقُِطع رأسه، وكان المسؤول عن ذلك رجال يزعمون أنَّهم مسلمون، ويدّعون الإيمان بالدين الموحى به إلى جدِّ الحسين، وقد كانوا جميعاً يعلمون مدى حبِّ الرسول لحفيده، وكانوا جميعاً أيضاً يعون منزلة الإمام كواحد من أهل البيت، ومع ذلك فقد شاركوا في قتله في كربلاء بأمر من يزيد حفيد أبي سفيان ... ويتلخَّص الطابع السياسي لثورة الإمام الحسين في أنَّها أتاحت للأمّة الفرصة لتبرهن على التزامها الإسلام، وتزيح أولئك الذين كانوا يسيئون إلى ذلك الدين، بمعنى آخر كانت تلك الثورة سياسية؛ لأنَّ الإمام الحسين أثبت إمكانية قيام ثورة إسلامية تعتمد على رغبة الناس في التخلُّص من الظلم والعودة إلى مبادئ العقيدة التي تعلَّموها من جدِّه، وقد أثَّرتْ أصداء المقتل القاسي للإمام والعديد من أفراد عائلته على العالم الإسلامي بأشكال متنوّعة.

فعلى المستوى السياسي: أطاح شعار (يا لثارات الحسين) بالنظام الأموي الذي كان مسؤولاً عن مقتل الإمام، واستمرَّ التأثير البالغ لهذا الشعار قائماً حتى يومنا هذا.

وعلى المستوى الديني: تُعتبر ذكرى مقتل الحسين أمراً مساعداً على إحياء عقيدة شطر كبير من الأمَّة المسلمة، فهي ذات أهمية خاصَّة لدى أولئك المسلمين المعروفين بالشيعة والذين يتَّبعون قيادة أهل البيت، والإمام الحسين هو الثالث من بين أثني عشر إماماً.

وعلى المستوى الأدبي: كان تأثير مقتل الإمام الحسين عظيماً، فمنذ ذلك الوقت وحتى اليوم نُظِّمت وأُلقِيت قصائد وأشعار الرثاء والندم، وتحتلُّ رواية الحدث التاريخي موقعاً متميزاً في التاريخ الإسلامي، وقد أثنى الأدباء الشيعة وغيرهم على الإمام الحسين، ورثوه وأرَّخوا واقعة استشهاده في أعمالهم الأدبية. وأدَّى مقتل الإمام إلى إنتاج سلسلة من الكتابات الدينية والخطب والمواعظ والأدعية الخاصَّة، حتى تجمَّع تراث ضخم في هذا المجال»([222]).

1 ـ 17 ـ البروفيسور ب. ماتفييف

يقول قسطنطين([223]):«استشهد الإمام الحسين استشهاد الأبطال، وقد حدث ذلك في العاشر من محرَّم عام (680م) وكان لمقتله بهذه الطريقة البشعة والبربرية النكراء نتائج وآثار سياسية ودينية كبيرة على مسلمي العالم أجمع ... وأصبح مقتل الإمام الحسين بشكل دموي ـ لا لشيء إلا لأنَّه أراد أن يرسي قواعد الحقِّ والعدالة، ويعيد سيرة جدِّه رسول الله ـ رمزاً لنضال المسلمين الشيعة في سبيل مستقبل واعد وخيّر...

وكان لمقتل الإمام الحسين أثرٌ كبيرٌ في إذكاء نار العديد من الثورات الدموية لشيعة العراق، وأطول وأكبر ثورة من بينها هي ثورة المختار الثقفي التي استمرَّت عامين، وقد تمَّ قمع كلِّ تلك الثورات بقسوة ووحشية، وكان مصير الثوَار الإعدام، ولكن هذه القسوة لم تمحُ من ذاكرة الأمة مأثرة الإمام الحسين حتى الآن، بالرغم من المحاولات العديدة لطمس حقيقة ثورة سيد الشهداء، وقد مضى (1316سنة) من ذلك العهد الذي قتل فيه الإمام الحسين، إلاّ أن مقتله يبقى حيَّاً في ذاكرة الأمَّة على الدوام، وتُستعاد أحداثها وكأنَّها حدثت أمس أو اليوم. ولابدَّ من الإشارة أيضاً إلى أنَّ المثل الذي ضربه الإمام الحسين واستشهاده بهذه الصورة الدموية له أهمية فلسفية تاريخية وحضارية كبرى، فقد قرَّر الإمام الحسين الاستشهاد والموت حتى يستطيع بذلك أن يدافع بموته عن حقوق الأمَّة المهدورة بأيدي بني أمية، وإعادتها إلى مبادئ الدين، كما أُرسِيت في البداية على يد جدِّه الرسول الأكرم، وبدم الإمام الحسين ودم صحبه وأهله دُفِع الثمن لقاء حقوق الناس وحريتهم»([224]).

1 ـ 18 ـ الدكتورة صابرينا لوميرفن

تقول الدكتورة صابرينا([225]): «في الثاني من محرَّم سنة 61هـ/680م وصل الحسين إلى سهل كربلاء، وبدأت المفاوضات بين الطرفين، في الوقت الذي كانت قوّات الحسين المشكلّة من أهل بيته وأصحابه تعاني من العطش، بعد أن قطعت القوات الأموية طريق الماء عنهم، وفي النهاية بعد أن أصرَّ الإمام الحسين على عدم إعطاء البيعة ليزيد تهيَّأ الأمويون لقتاله، فطلب منهم أن يتركوا مَن يحبُّه النبي ليغادرهم بكرامته فأبوا عليه ذلك.

في العاشر من المحرَّم كانت المعركة، وبدأ الحسين يفقد رجاله الواحد تلو الآخر في الوقت الذي أشعل أعداؤه النار في مخيَّم نساء أهل البيت وأصحابه اللاتي أَسَرَهُنَّ الأعداء بعد أن قُتِل الحسين ومُزِّقت أشلاؤه. يعتبر هذا الحدث في نظر التاريخ زمناً متجدِّداً في التشيع، بل أكثر من ذلك فإنَّ عملية استشهاد الحسين تشكِّل أسطورة أساسية، ألم يقال بأنَّ الحسين قد أحيى دين جدِّه بمأساة كربلاء؟ فهي في كلِّ سنة تُمَثَّل وتُعاش وتُصاغ خلال إحياء (عاشوراء)، وقد شكَّلت في ذاكرة المجتمع الشيعي الذي أعطته السلوك المثالي نموذجاً للحياة السياسية ومجموعة من القيم الأخلاقية التي يجب أتّباعها، وكلُّ هذا من خلال شخص الإمام الحسين»([226]).

1 ـ 19 ـ المستشرق يوسف بن يعقوب

استعرض المستشرق اليهودي الدكتور يوسف بن يعقوب دانا الجزء الأول من "الحسين في القرآن" من دائرة المعارف الحسينية، باللغة العبرية، وهذه ترجمتها العربية:

تدأب الشيعة على إحياء مناسبتين هامتين كلّ عام: الأولى ذكرى الولاية لعلي بن أبي طالب من قبل النبي محمد’، والثانية قتل الحسين وأصحابه على يد الأمويين في معركة كربلاء عام 680م (61 هـ).

بدأت معركة كربلاء في العاشر من محرَّم، بين الحسين بن علي بن أبي طالب الإمام الثالث، وبين جيوش عبيد الله بين زياد والي الأمويين في الكوفة، قُتل في هذه المعركة الحسين بن علي، حفيد الرسول ـ ابن بنته فاطمة ـ وبعد مقتله قُطِع رأسُه وطِيف به في البلدان على رأس رمح طويل، واقتِيدت نساؤه وبناته وأخواته أسرى مع موكب الرأس.

ورغم قلَّة أهمية هذه المعركة من ناحية عسكرية، إلا أنَّ مقتل الحسين بهذه الطريقة المأساوية، واستشهاده في معركة ضد الطغاة الأمويين أثّر في نفوس مؤيديه كثيراً، وساهم في تبلورهم كفرقة دينية من أتباع علي.

لقد عانت الشيعة الأمرّين على مرّ العصور، من الملاحقات والظلم، الأمر الذي جعلهم يتخذون من كربلاء نهج حياة يسيرون على موجبه.

إنَّ آلام الحسين ومقتله بهذه الطريقة المأساوية جعلته شهيداً من الدرجة الأولى لدرجة أن أصبح بمثابة شفيع للمؤمنين يوم القيامة.

وبناءً على ذلك فإنَّ ذكرى حادثة استشهاد الحسين يمثِّل قيمة روحانية ذات معنى كبير.

إنَّ الإيمان هو بأن يحمل الإنسان معه ـ وقت المصائب والمحن ـ أعماله الصالحة، والأعمال الأخرى تصبح ثانوية.

إنَّ قول «أشهد أن لا إله إلاَّ الله» هو قول دارج يقوله المسلمون بشكل دائم، أمَّا الاستشهاد فهو على الإنسان أن يكون مستعدَّاً لأن يضحِّي بنفسه؛ من أجل نصرة عقيدته ومن أجل الله، كما فعل الإمام الحسين.

إنَّ المؤمنين يعبِّرون عن آلامهم وحزنهم ومحبتهم الغامرة لأهل بيت النبي محمد، الذي يؤمنون برسالته إيماناً صادقاً لا جدال فيه.

إنَّ كربلاء ليست بالضرورة تتعلَّق بالأحزان، فهنالك جانب آخر لكربلاء، وهو جانب الشعر والنظم.

اهتمَّ علماء الغرب في القرن الماضي بأجزاء مهمة من تطوُّر تاريخ الإسلام، ولكن هذا الاهتمام بقي محدوداً ولم يقتصر إلاَّ على الأمور السياسية.

في مطلع القرن العشرين بدأ العلماء والدارسون الغربيون بالإطلاع على جوانب أخرى من حياة المسلمين كاهتمامهم في الحسين بن علي. وقد زاد الاهتمام بحركة الحسين لدى الغرب في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.

إنَّ لاستشهاد الحسين الأثر السياسي والديني الكبير في العالم الإسلامي، وقد أساء قسم كبير من الباحثين والمؤرِّخين فهم أحداث معركة كربلاء، وما جرى للحسين ولأهل بيته على ضفة نهر الفرات. حيث ادّعى قسم منهم أنَّ كربلاء ما هي إلاَّ محاولة تمرّد فاشلة قام بها الحسين، وأنَّ دور هذه المعركة وتأثيرها في تأريخ المسلمين هامشيٌّ.

لقد قتل الحسين بشكل فظيع وقاسٍٍ جدّاً، ونكّل الأمويون بجثته وقطعوا رأسه، وهم يدّعون بأنَّهم مسلمون.

إنَّ الجانب السياسي لثورة الحسين يمكن إجماله بأنَّ ثورة الحسين منحت مؤيِّدي الحسين الفرصة لإثبات ولائهم لأبي عبد الله، وأنَّهم سائرون بموجب وصيته، مقتفون أثره.

لقد كانت ثورة كربلاء ثورة سياسية، هكذا أرادها الحسين أن تكون، ثورة ضدَّ الظلم والطغيان، ثورة تستمدُّ مبادءها من الإيمان الذي اكتسبه الحسين من جدِّه الرسول’.

لقد أثّر استشهاد الحسين على العالم الإسلامي من عدة جوانب، هي:

أ) الجانب الديني: إنَّ ذكرى حادثة مقتل الحسين يُعدُّ أمراً مساعداً لإحياء الإيمان في قلوب المسلمين وخاصَّة الشيعة منهم، إنَّ مدفن الحسين في كربلاء يُعدُّ مكاناً مقدَّساً لدى الشيعة يزوره مؤمنوهم، ولديهم أدعية خاصة أثناء كلِّ زيارة لقبره المقدَّس.

ب) الجانب السياسي: إنَّ شعار "يا لثارات الحسين" ساعد في إسقاط نظام الحكم الأموي الذي كان مسؤولاً عن مقتل الحسين. وما زال شعار "يا لثارات الحسين" شعاراً مهمّاً وذا فاعلية لدى الشيعة لغاية يومنا هذا.

ج) الجانب الأدبي: كان لمقتل الحسين تأثير في تطوُّر الجانب الأدبي، فمنذ مقتله ولغاية يومنا هذا مازال الشعراء والناثرون يؤلِّفون الشعر والمقاتل والمراثي في أبي عبد الله.

لقد أدَّى مقتل الحسين إلى نشوء سلسلة من المؤلَّفات الدينية والخطب والمواعظ والأدعية الخاصة التي لها علاقة بحادثة مقتله، فمنذ القرن الثامن للهجرة بدأ الشعراء بنظم المراثي في مقتله، وأُلِّفت عشرات المقاتل لوصف حادثة مقتله المأساوية.

وهكذا نرى أنَّ الحسين شغل حيِّزاً مهمِّاً في الدراسات المعاصرة بشكل خاص.

هذا الكتاب يتضمَّن الآيات القرآنية المؤولة في الإمام الحسين، وسبب نزولها، ومكان نزولها، ورأي المفسرين وشرحهم لها. فقد حاول مؤلف الكتاب العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي ـ أطال الله عمره ـ أن يضيء جانباً مهماً في ثورة الإمام الحسين، لطالما كان مُعتّماً من قبل أنظمة الحكم السياسية القديمة والمعاصرة، من أجل محاصرة امتداد ثورة الحسين بن علي([227]).

1 ـ 20 ـ الأستاذ فيتو اسبيته([228])

لقد استعرض ديوان القرن العاشر من "دائرة المعارف الحسينية" باللغة الاسبرونتوية، وجاءت ترجمته العربية لبعض مقاطع مقاله كالتالي:

كلمة أخرى لابدَّ منها عن الإسلام، وهو الدين الذي ولد في جزيرة العرب في القرن السابع، حيث نشأت الدعوة له من قبل النبي محمد’ في مدينة مكة التي كانت في وقتها مركزاً ثقافياً وتجارياً للقبائل العربية، وكانت أغلبية السكان تمارس الوثنية، وكانت قبيلة بني أمية من بين القبائل ذات النفوذ في مكة، وكانت على رأس المعارضين للدين الجديد.

وبعد انتصار الإسلام أصدر النبي محمد عفواً عن معارضيه، ومن بينهم بنو أمية الذين يظهر أنَّهم اعتنقوا الإسلام كُرهاً لا طوعاً، ورئيسهم أبو سفيان. تمكن أفراد قبيلة بني أمية من التغلغل واستلام السلطة العليا (الخلافة) في صدر الإسلام.

ويبدو أنَّ عادة الثأر لازالت متأصِّلة عند بني أمية، فظهرت بأشدِّ صورتها عند يزيد حفيد أبي سفيان. تآمر هذا على الإمام الحسين، فنهض عندئذ الإمام للدفاع عن "أهل البيت" من بني هاشم، وهو سبط محمد نبي الإسلام، وهم ـ بنو هاشم ـ عائلة محمد فتصدَّى جيش يزيد له في واقعة الطفِّ في موقع كربلاء (وسط العراق)، حيث استُشهِد الإمام وأغلب أفراد عائلته الذكور، وسُبي سائر عياله؛ فأثارت تلك المأساة الغضب العارم والحزن العميق لدى المسلمين، ولا يزال صدى استشهاد الإمام الحسين يتراجع لتلك القرون الأربعة عشر رمزاً عند المسلمين لمقاومة الظلم والطغيان.

دامت سلطة بني أمية قرناً من الزمن، كانت قضية الحسين السبب الرئيس في سقوطهم، ثم تلاهم بنو العباس وهم هاشميون، ولكنَّهم أيضاً خصوم حسدوا أهل البيت، فواصلوا اضطادهم للعلويين من أهل البيت، ومناهضتهم لقضية الحسين مدى حكمهم الذي دام خمسة قرون.

وهنا نستطيع أن نتصوَّر الظروف التي عاش فيها موالو أهل البيت، والأدب الموالي لقضية الحسين تحت تلك الظروف المعادية التي دامت عهوداّ طويلة من الحكم الغاشم في تاريخ الإسلام.

كانت ولا زالت قضية الحسين بتأثيراتها التاريخية الواسعة في الساحات السياسية والاجتماعية والأدبية في العالم الإسلامي خلال القرون منبع إيحاء لإشعاعات متوالية من الأدب الرفيع الذي ندب تلك المأساة وبكاها، وهي في نفس الوقت قضية إنسانية عامة وإن كانت بالأخصِّ إسلامية بتراثها الأدبي، وهو وليد تلك القضية بجوانبها المستفيضة التي احتوت بعضها موسوعة الشيخ الكرباسي المخصَّص لها خمسمائة جزء موضوعة تلك القضية، وهي أيضاً قصة مأساة لواحد من أوائل أئمة المسلمين الذين حملوا مشعل الرسالة الإسلامية الشيعة الموالين لأهل البيت، وكانت تلك القضية مصدر إيحاء، ولا تزال توحي بالمزيد من الأدب المأساوي، يضيف له بعد جيل من الشعراء والأدباء من مختلف الأوطان وبمختلف اللغات مشاعر الحزن والرثاء والولاء([229]).

1 ـ 21 ـ  المستشرق توماس ماكلوين

يذكر الكاتب (Thomas McElwain) ([230]) في كتابه "محاضرات لندن" الإمام الحسين، حيث يذكر بأنَّ الحسين ذُكر في الإنجيل والتوراة من خلال اسمه أيضاً.

 حيث ذكر في هذه المقالة بأنّ «كلمة الحسين موجودة في سفر الخروج: 25:7 / 29: 30 / 24، 23، 22، 15، 9: 28/ 29: 5 / 27، 35: 9 16، 15، 9، 8، 39. حيث يذكر فيها Hoosen يعني حسين في سفر اللاويين 8: 8 .

ويذكر بأنَّه لابدَّ من الاعتراف التامِّ على وجود أدلة لعقوبة لاطم الحسن والحسين "ولكليهما من نفس الجذر" في الكتب العبرية علاوة على ذلك فإنَّ هناك الكثير من الروايات التي ذكرت الحسين× بأنَّه منتخَب من المسيح× ؛ حيث يبدو واضحاً بأنَّ تجارب المسيح× جاءت متوازية مع تجارب الإمام الشهيد الحسين×، ويذكر مكيلوين بأنَّ هناك نصوصاً أخرى تدُلُّ على شهرة الإمام الحسين ومن ضمنها: ـ في كتاب جيريميا "Jeremiah" 10، 46: 6 يقول "دعونا لا نفرّ سريعاً، حيث لا يمكننا الفرار، بل يجب أن نتوقف، فسوف تقع ملحمة في شمال نهر الفرات، حيث إنَّه يوم الرب لينقسم، السيف سوف يلتهم ويكون في حالة سكر وإشباع بدمائهم، حيث سيكون هناك ضحية على نهر الفرات وهو "Hoosen" أي يعني حسين، وهو أداة الله للانتقام.

كما يذكر ماكلوين بأنَّ النبيَّ داوود× "David" ذكر الإمام الحسين وكربلاء أيضاً. حيث ذكر الألم والحزن الذي يصيب الأرض بشهادة الحسين في الزبور.

حيث إنَّ الآية 2 و3 في الزبور تذكر الخلاص الإلهي، وهو الإمام الحسين حيث يذكره بأنه سليل وحفيد "David" "داوود"، حيث يذكر بأنَّ هذا الرجل وهو الحسين× هو حبيب الله، والخلاص الإلهي والنشوة الإلهية على الأرض.

وتذكر الآية 5 بأنَّ هناك شخصاً قوياً ومشهوراً مع الحسين، سوف يخترق الأشجار الكثيفة والنخيل، وهو "العباس"×، ولكنَّهم سوف يقعون عليه بالسيوف والفؤوس ويقتلونه. وتشير الآية الخامسة إلى السادسة إلى تشويه الجثث في أرض كربلاء. حيث يذكر الزبور بأنَّ هؤلاء القتلى هم من بيت الله وقتلُ، حيث يذكر بأنَّ العدوَّ قد قتل وقطع وشوَّه بيت الله. وفي الآية (7) يذكر بأنَّ الله سوف يصبُّ ناراً على هؤلاء؛ ليجعلهم حطباً للنار.

وفي الآية السابعة يذكر فيها وصفاً "تحرِّيَّاً لمعسكر الحسين×، وفي الآية الثامنة يذكر الزبور بأنَّ هؤلاء قتلوا أولادَ الله، وخرَّبوا معابد الله العظمى.

كما يذكر في الآية الثامنة بأنَّ النبوة سوف تُحدِّث بأنَّ الحقيقة أنَّ أعداء الإمام الحسين× قد قرّروا بشكل ثابت تدمير الحسين ومن معه. وتواصل الآية بالقول بأنَّ هؤلاء كانوا على نحو فعَّال في تدمير الحسين، وتدمير كلِّ مكان على الأرض، وهذا هو امتداد لهذه الأرقام في الآية السادسة.

وفي الآية التاسعة يذكر بأنَّ هذا الحدث لا يعلم وقت حدوثه إلا الله. وهو بأن يُقتل الحسين "حفيد رسول الله" في أرض أسمها كربلاء "، والحسين هو الخلاص، ويصفه الزبور بأنَّه "من أولاد الله".

وفي الآية العاشرة يبدأ فيها برثاء الإمام الحسين× في كربلاء، حيث تبدأ الآية بذكر الأسى والحزن والهمِّ للرسول الأخير؛ أي خاتم الأنبياء محمد ’ على حدث كربلاء وعلى حفيده الغُرِّ.

وفي نهاية الآية العاشرة والحادية عشرة تشير إلى العداء لإمامة الحسين×، حيث تذكر بأنَّ استشهاد الحسين× هو ممهِّد لخروج شخص من أولاده؛ لينتقم لحقِّه، اسمه المهدي#، حيث إنَّ المهدي سوف ينتقم للحسين من الطغاة والقتلة، وينشر في الأرض عدلاً وانصافاً من جديد، وسوف يضع حدَّاً لهؤلاء الذين وقفوا ضدَّ الإمامة.

وفي نهاية الآية الحادية عشرة ذكرت استخدامات خطابية عديدة لمواصلة الحدث والنبوة. حيث يذكر بأنَّ استشهاد ابن الله وهو الحسين× هو ممهِّد لخروج المنقذ والمخلِّص الإمام المهدي#، أو قيام يوم القيامة وظهور الإمام الحسين مرة ثانية»([231]).

1 ـ 22 ـ كلام ديورانت ونقده

 شذَّ الكاتب ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) عن قرائنه عن المستشرقين في الغاية التي من أجلها قام الإمام الحسين بثورته بقوله: «إنَّ معركة كربلاء كانت لأجل العرش»([232]).

وفي نقدنا له نقول : إنَّ معركة كربلاء لم تكن لأجل الحكم والعرش، وقد صرَّح الحسين منذ مراحل نهضته الأولى: «فإنِّي لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا بَرَما»([233]).

فإنَّ الحسين بشعاره المعروف هذا، والذي يكشف استعداده للقاء الموت، وإنَّ سعادته بذلك، والإعراض والرغبة عن الظالمين، فأيُّ طلب للعرش وهو يعلم علم اليقين أنَّه سيلاقي الموت والرحيل عن الدنيا.

1 ـ 23 ـ الكاتب يان ريشارد

تكلم الكاتب حول ثورة الإمام الحسين، وعمق هذه الثورة في المجتمع قائلاً: «إنّ أثر مذبحة كربلاء غير متناسبة مع ما حدث؛ فهي معركة دامت نهاراً واحداً، قتل فيها بعض العشرات، ولكنَّ الوجدان الإسلامي هُزَّ هزاَّ عنيفاً بالمصير المأساوي الذي صار إليه حفيد النبي بعد أن قاتل السلطة التي كانت تدوس أخلاق الإسلام الأول ومبادئه، لكنَّ الحسين الشهيد صار نموذجاً مثالياً لكلِّ نضال من أجل الحرية، ولكلِّ معذَّبي الأرض»([234]).

1 ـ 24 ـ المؤرخ رينولد آليان

يقول المؤرخ (رينولد آليان) في كتابه (التاريخ الأدبي للعرب) فيما يخصُّ تضحية الحسين وأصحابه، ودلالة هذه الشهادة الفذَّة ما يلي: «إنَّ سقوط الحسين ورميه بالرماح وشجاعة أصحابه الذين قاتلوا وسقطوا إلى جانبه حتى آخر رجل منهم، لَتمثِّل العرف المحمدي، وأظهرت أيضاً الحقد لدى السلطة الأموية، ونتيجة لذلك اعتبر الحسين× شهيداً، ويزيد قاتلاً»([235]).

1 ـ 25 ـ المستشرق كارل بروكلمان

مستشرق ألماني ولد عام 1868م، أبدى ميوله ورغبته في تحقيقات المستشرقين أثناء دراسته في المرحلة الإعدادية في مدينة (روستوك)، التحق بجامعة روستوك ودرس اللغة العربية والحبشية، ودرس العلوم الشرقية، له تحقيق حول كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير، وكتاب (أخبار الرسل والملوك) للطبري، ونال جائزة بسبب هذين التحقيقين، وكانت رسالته في الدكتوراه دراسة حول هذين الكتابين([236]).

ذكر بروكلمان نهضة الإمام الحسين في كتابه (تاريخ الشعوب الإسلامية)، ووصف استجابة الإمام الحسين لرسائل أهل الكوفة (بالاغترار)، وأنَّ الإمام الحسين لم يتوقّع القتل لكونه حفيد النبي’، وصوَّر يزيد بأنه نادم وغير موافق لقتل الحسين، كما أنكر أن يكون لثورة الحسين أيُّ أثر سياسي في المجتمع، وهذا ما ذكره بروكلمان في كتابه : «وألحَّ أهل الكوفة على الحسين بالقدوم إليهم ومبايعته، فاستجاب الحسين لهذا الإغراء، ولكنَّه لم يجد في العراق التأييد الذي توقعه ... وفيما كان الحسين في طريقه إلى الكوفة اعترضته طلائع جيش عبيد الله، وإذ قد أبى أن يعود من حيث أتى رافقوه حتى كربلاء عن طريق الصحراء، ثم أنَّهم حاصروه هناك رجاء أن يكرهه الظمأ على الاستسلام، وفي العاشر من محرم سنة 61هـ الموافق للعاشر من تشرين الأول سنة 680م أنذره قائد جيش يزيد، عمر بن سعد (سوء العاقبة)، ومع أنَّه لم يكن في استطاعة الحسين أن يتوقع تأييداً أكثر من أتباعه الكوفيين الذين أفزعهم مقتل مسلم أبى أن يستسلم لعمر بن سعد، مبالغاً في اتكاله على الحصانة التي كان يتمتع بها بوصفه حفيد الرسول، وهكذا دارت رحى المعركة وما لبث الحسين أن سقط في الميدان، ثم إنَّهم حملوا رأسه إلى يزيد فحزن حزناً عميقاً لهذه النتيجة التي لم يكن يتوقعها، والحقُّ أنَّ ميته الشهداء التي ماتها الحسين والتي لم يكن لها أيُّ أثر سياس قد عجَّلت من التطوُّر الديني للشيعة»([237]).

·       نقد كلام بروكلمان

إنَّ أغرب شيء في كلام بروكلمان والذي يلفت نظر أيِّ قارئ هو مسألتان:

الأولى: حزن يزيد على قتل الحسين×، والذي لم يتوقع هذه النتيجة، ولا ندري أنَّ مستشرقاً مثل بروكلمان له باع في مطالعة التاريخ، ألم تمرّ به تلك الأبيات التي أنشدها يزيد عندما جيء برأس الحسين× ؟ وهي:

ليتَ أشياخي ببدرٍ
لأهلّوا واستهلوا فرحاً
قد قتلنا القرم من ساداتهم
لعبت هاشم بالملك فلا
لست من بني خندف إن لم انتقم
شهدوا جزعَ الخزرج من وقع الأسلْ
ثمَّ قالوا يا يزيدُ لا تَشلّْ
وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ
خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزلْ
من بني أحمدَ ما كانَ فعلْ(
[238])

والمسألة الثانية: نكران بروكلمان أيَّ أثر سياسي لثورة عاشوراء، وهذا أيضاً يستدعي الاستغراب أكثر؛ حيث إنَّ كتب التاريخ([239]) قد ذكرت الثورات التي تفجَّرت إثر ثورة الإمام الحسين×، حتى مؤرخو الغرب قد ذكروا ذلك، حيث يقول كلودكاهن: «وأحدثت كربلاء ـ على ضآلة أهميتها العسكرية ـ أثراً بالغاً في كثير من الأوساط التي عطفت على آل البيت، رأوا فيها استشهاد رجل من ذرية الرسول، وهو يكافح (المغتصبين) الذين أضافوا إلى معاصيهم السابقة معصية جديدة»([240]).

ويضيف كلودكاهن: «وقامت في الكوفة حركة جديدة إثر وفاة يزيد سُمِّيت بحركة (التائبين) تكفيراً عن إهمالهم قضية الحسين والثأر له ... ولقي (التائبون) الشهادة التي ربما تاقت إليها نفوسهم، وكانت حركة المختار أشد خطراً في نتائجها»([241]).

وكذاالمستشرق (رونلدسن) ([242])، الذي ذكر في كتابه آراءه حول كربلاء بقوله: «ولكنَّ شيعة إيران ينظرون إلى سهل كربلاء نظرة احترام عظيم؛ حيث وطئ جسد الحسين بالخيل، ويذكرون أنَّ إحدى زوجاته كانت ابنة يزدجرد آخر الملوك الساسانيين، فيعتبرون شهادته في كربلاء مصيبة قومية عظمى يحيون ذكرها بالتعازي الكثيرة، وتمثيل السبايا في شهر محرم، إنَّ سفك دم الحسين ابن بنت النبي في سهل كربلاء قد أصبح ذا قيمة في التضحية، ويظهر ذلك في تطوُّر العقيدة»([243]).

نقول: إنَّ إحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين× بعيدة عن أي حسٍّ أو اتجاه قومي، وإنَّ فاجعة كربلاء فاجعة في التاريخ الإنساني وليس مصيبة قومية.

 يؤيِّد هذا ما نقله رونلدسون حول شفاعة الأنبياء والأئمة ذاكراً شهادة الإمام الحسين× بقوله: «والشيعة لا يتصوَّرون أنَّ إمامهم غُلِبَ أو قُتل ضدَّ إرادته، بل جعلوا من المأساة جميعها قضية قدَّرها الله من الأزل لتضحيته العظمى، وقد ضحَّى الحسين بنفسه في سبيل الإسلام، وقد قال عنه جدُّه الرسول حسب هذه الأقاصيص «إنَّه سَيُقتَل في سبيل أمتي»، و(قصة شهادة الحسين) مليئة بما يدلُّ على اختيار الحسين للتضحية بروحه في سبيل ذنوب المسلمين، والحسين يعلم منذ طفولته ما قُدِّر له، فهو يقول: «إنَّ المخلوقات العاقلة كافة من أنس وجن في العالمين غارقون في الذنوب، وليس لهم إلا الحسين للخلاص منها»([244]).

1 ـ 26 ـ المستشرق هنري لامنس

هومستشرق بلجيكي وراهب مسيحي، ولد في مدينة (Gant) في بلجيكا عام 1862م، وسافر أيام شبابه إلى بيروت، والتحق في الجامعة المسيحية في بيروت للدراسة فيها، في عام 1878م شرع في عمله كرجل دين مسيحي، وكانت المرحلة الأولى في قرية (غزير) في جبل لبنان.

وفي عام 1886م عُيِّن أستاذاً في الجامعة المسيحية ببيروت، ثم سافر إلى إنكلترا وغيرها، وبعد ذلك عاد إلى بيروت عام 1997م، وشغل منصب أستاذ التاريخ والجغرافيا في كلية اليسوعيين، وعُرف عن (لامنس) عدم الإنصاف في التحقيق، وكذلك تعصبه ضدَّ الإسلام([245])، توفي عام 1973م.

كتب لامنس مقالاً في دائرة المعارف الإسلامية حول يوم عاشوراء يقول فيه: «وفي هذه الأيام العشرة أخذ ضعف هذا المطالب بالخلافة يتجلَّى شيئاً فشيئاً وعاوده تردده، وأراد الوالي الأموي أن يقنعه بالتسليم أو يكرهه عليه، فحال بينه وبين بلوغ الفرات؛ راجياً أن يحمله العطش على التسليم، ولكنَّ الحسين ظلَّ على عناده».

وفي موضع آخر من المقال صوّر لامنس أنَّ الحسين كان عاجزاً عن أيِّ مقاومة في القتال، وهذا نصُّ عبارته: «وحاول مشايعوه المقاومة، ولكنَّ الحسين لم يحرِّك ساكناً، ولم يقم بعمل واحد من أعماله البطولية التي أُغرم الشيعة بالتغنِّي بها»([246]).

وذكر الإمام الحسين× ضمن مقالة له في دائرة المعارف الإسلامية، يصفه بأنه شخص لم يكن له دور في الحياة الاجتماعية بقوله: «إنَّه خامل الذكر أيام خلافة الإمام علي»([247]) .

·       نقد رأي لامنس

 والرد على قول لامنس هذا يكون في نقطتين:

أولاً: إنَّ لامنس هو بنفسه ينقض قوله حين ذكر (أنَّ الحسين ظلَّ على عناده)، والعناد هو صورة من صور الثبات والمقاومة وعدم التسليم، ومن الثابت تاريخياً أنَّ الإمام الحسين مات عطشاناً، فهو إذاً فضَّل الموت عطشاً على أن يستسلم لرغبات أعدائه.

ثانياً: قول لامنس«إنَّ الحسين لم يقم بعمل واحد من أعماله البطولية»فهذا يردُّ عليه الكم والسيل الهائل من الكتب والمقالات التي تحدَّثت عن شجاعة وبطولة الإمام الحسين، وبالخصوص الكتابات الغربية التي ستأتي لاحقاً، والتي سينبهر القارئ عند قراءته لتلك الآراء.

ثالثاً: إنّ ما ذكره في وصفه للإمام الحسين ضمن مقالته في دائرة المعارف الإسلامية، رأي نادر وشاذ؛ نظراً لما عُرف عن لامنس من تعصب في أفكاره وكتاباته.

2 ـ مقالات مختارة للمستشرقين حول ثورة عاشوراء

2 ـ 1 ـ  "مقدمة المدخل إلى الشعر الحسيني" الجزء الأول للدكتور ايفن سيجل

  يقول الدكتور ايفن في مقالته:  يقع على الحاكم ـ بالنسبة للمفهوم الإسلامي ـ واجب عن الدين، وأن يرتفع إلى مستوى معيّن من الأخلاقية، وإذا ما انحرف فإنَّ الدين يصبح في خطر، وهذا بالنسبة إلى التشيع هو الجوهر الذي يحكم في المعارك خلال تعاقب الخلافة التي هي حكومة زمنية، وهكذا فإنَّ الإمام الشيعي الأول هو علي بن أبي طالب ابن عمِّ النبي، جاء بعد ثلاثة من الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان، وهذا الإمام قد أُغفل أمره المرّة بعد الأخرى، ولجأ إلى الصبر على هذا الإجحاف، وكان يعترض على هذا الإغفال، وكان يعتقد بأنَّ مبادئ الإيمان قد كانت في خطر بعد أن بدأ الإعراض عنها([248]).

وبوفاة الإمام علي وجد ابنه الحسن أنَّ أفضل طريقة ووسيلة هو تبنّي سياسة أبيه من احتمال الصمت والإجحاف، ووجد أن يتراجع عن المبادئ التي كانت مفروضة عليه، وعلى أبيه؛ بأن يجنِّب الإسلام من الدخول في حرب أهلية، وبعدم المواجهة.

وأما الخليفة الجديد معاوية بن أبي سفيان، فقد أُدين من قبل الشيعة وحتى كثير من السنة حين وجدوا مظلومية الموقف الشيعي مثيراً، وأنَّ خليفتهم معاوية قد ساعد على انحراف المجتمع الإسلامي، والميل إلى الأمور الدنيوية، وهذا الموقف الشيعي زاد إثارة عندما نصب معاوية ابنه يزيد خليفة من بعده، وحين توفي أخو الحسين (الحسن) أصبح الحسين بشكل ثابت يواجه إمكانية موافقته على وضعية غير مقبولة؛ ألا وهي الإعتراف بولاية يزيد، وبدلاً من أن يعترف بخلافته فقد جمع عائلته وما كان يمتلكه من قوى عسكرية، واتَّجه نحو الكوفة قادماً من الحجاز، ومن هنا رفع راية الثورة ... ولكنَّ شعب الكوفة سرعان ما خذلوه، وأصبحوا كما يقول المثل الأمريكي: «وطنيون عندما يكون الجوُّ صافياً»، ونزل كربلاء وعسكر فيها، وهنا أحاط بمعسكر الحسين جيش يزيد، وبعد قتال مٌدمٍ للقلب وغير متكافئ استُشهِد الإمام الحسين، وأصبحت شهادته محوراً للقضية العلوية.

وبموته أصبح الحسين قدوة ومناراً للملايين من أتباعه حول العالم؛ إذ إنَّه أعطاهم مثالاً لا يستطيعون أن يقيسوا عليه شجاعتهم، وجسّد لهم معنى التضحية .. ضدَّأولئك الذين قاموا بالظلم والطغيان. إنَّ العالم يشهد لهذا النموذج من المقاومة من خلال الثورة الإيرانية؛حيث قام متظاهرون مسالمون غير مسلحين بمواجهة جنود مدججين بالسلاح، وهم يهتدون بمبدأ ضرب رأس العدو ولكن ليس بالرصاص، وإنَّما بقلوبهم المملوءة إيماناً، وباستعدادهم للموت من أجل القضية.

تشكل مجلدات دائرة المعارف الحسينية وبالذات كتاب "العامل السياسي للنهضة الحسينية" مصدراً مناسباً للقارئ الباحث عن الحقيقة بشكل واضح، يبيِّن له كيف عليه أن يفهم هذه الشخصية التاريخية الفريدة، والولاء العميق لها، حيث بقيت رسالته لقرون ولا تزال تجد صداها في نفوس الملايين من المخلصين له والموالين والمحبين حول العالم([249]).

2 ـ 2 ـ "مقدمة المدخل إلى الشعر الحسيني " الجزء الثاني البروفيسور جورج قنازع

يطيب لي أن أكتب هذه الكلمات لأقدِّم بها للجزء الثاني ـ  المدخل إلى الشعر الحسيني ـ من دائرة المعارف الحسينية، هذا المشروع الضخم الذي يجمع في طياته تاريخ حقبة هامَّة من الزمن، كان لها انعكاساتها الشديدة على ما تلاها من أحداث، كما كان لها أثرها العميق على الحضارة والأدب.

عندما تولَّى يزيد بن معاوية الخلافة بعد موت والده، وأصبح بذلك الخليفة الأموي الثاني، كان يعلم حقَّ العلم أنَّ المعارضة لتوليه الخلافة لم تنتهِ تماماً؛ إذ لم يستطع معاوية رغم ما أُوتي من دهاء سياسي وقدرة ومال أن يؤمِّن لولي عهده بيعة جميع قادة المسلمين، بل بقي منهم مَن ظلَّ على موقفه من عدم الموافقة على بيعة يزيد، وكان أبرز هؤلاء الحسين بن علي الذي ورث الإمامة عن أخيه الحسن، وكان الوارث لحقوق أخيه في الخلافة حسب اتفاق الصلح الذي كان بين الإمام الحسن ومعاوية في عام الجماعة. وكان من الطبيعي أن يعمل يزيد على أخذ البيعة من معارضي خلافته؛ لضمان استقرار حكمه، لكنه اصطدم بمعارضة الحسين التي لم تنحسر، بل ازداد خطرها عندما ظهرت مكشوفة تهدِّد استقرار الحكم الأموي في جنوب العراق، حين كان الحجاز تغلي مراجله وفيه ابن الزبير والمختار الثقفي وغيرهما من الأشراف المعارضين للسلطة الأموية.

عرف يزيد أنَّه إن لم يأخذ الحسين بالشدّة فإنَّه يعرَّض حكمه للخطر، لذلك حشد قواته في وجه الحسين في كربلاء في السنة الأولى من حكمه، وكان نتيجة ذلك أن قتل الحسين وبعض أهل بيته، ثم أُخِذ الباقون سبايا إلى الشام.

هكذا سيطر يزيد على الأوضاع ولكن إلى حين، فقد شهد الحكم الأموي بعد موته مباشرة صراعاً على الحكم انتهى بالإنقلاب المرواني، أعقبته فترة من عدم الاستقرار حين ثار ابن الزبير، وسيطر على الحجاز وجنوب العراق، وحين كان المختار الثقفي يعمل متعقباً قتلة الحسين للانتقام منهم. ومما لا شكَّ فيه أنَّ هذه الحادثة كانت من بين العوامل الفعَّالة التي ساهمت بشكل مباشر في سقوط الحكم الأموي ولمّا يمضِ على تأسيسه قرن واحد من الزمن.

كان لمقتل الحسين أثر كبير جداً في الحياة السياسية للمجتمع العربي في تلك الفترة، ولكنَّه لم يقتصر على ذلك، فالقرون الكثيرة التي توالت منذ حادثة كربلاء مازالت تحمل أثر ذلك المقتل سياسياً واجتماعياً وأدبياً وحضارياً، ومازال الحدث حياً يتفاعل مع الجماهير ومازالت الجماهير تجد فيه ما يشدُّها إليه وما تستوجبه منه. لقد ثار الكثيرون منذ أن ثار التوابون غضباً لمقتل الحسين محاولين الانتقام له، وقد تمكَّن المختار الثقفي من الثأر لدم الحسين حين قتل كلَّ من شارك في قتل الحسين في كربلاء، ورغم ذلك ظلَّ الحسين رمزاً للشهادة والتضحية في سبيل العدالة الاجتماعية.

لقد تعدَّى مقتل الحسين التأثير في المجال الديني ـ  السياسي ليحتلَّ بقوة مكانة بارزة في مجال الأدب الذي نراه في اتجاهات مختلفة، في شعر الرثاء، وفي وضع الكتب الخاصة بتصوير حادثة المقتل، ثم في الأدب الشعبي الذي تناول هذا الموضوع وأعمل فيه الخيال فجاء غاية في الروعة، نستدلُّ منه على غنى الأدب الشعبي حين يكون الموضوع مؤثراً وحين يعمل الوجدان الشعبي على بلورة الأحداث والشخصيات.

وفي شعر الرثاء يتضح أنَّ كمية كبيرة من هذا الشعر الذي يرثي الحسين منذ مقتله حتى أيامنا هذه قد تراكمت ليصبح أمامنا عدد هائل من القصائد التي جُمِع بعضها في كتب خاصَّة مثل المنتخب في جميع المراثي والخطب لفخر الدين الطريحي، أو الدُّرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد (وفيه أكثر من ستة آلاف بيت من الشعر) لمحسن الأمين العاملي، ولا عجب أن نجد من الشعراء من أفرد لهذا الموضوع ديواناً خاصاً، أو تفرغ له من دون أن يطرق أي موضوع آخر.

وقد رثى الشعراء الحسين منذ الحكم الأموي حين كان الخوف من بني أمية رادعاً أدى بالبعض إلى إخفاء شعره؛ كما فعل عبد الله بن عوف بن الأحمر الذي قال المرزباني عن مرثيته إنَّها "كانت تُخبَّأ أيام الأمويين، إنَّما خرجت بعد ذلك"([250]).

2 ـ 3 ـ "مقالات إستراتيجية في الملفِّ الشيعي" للمستشرق غراهام فولر

إنَّ الحديث عن الإمام الحسين× لم يقتصر على كتب مؤرِّخي الغرب والمستشرقين فحسب، بل إنَّ الدارسين من المستشرقين والمتابعين للحياة السياسية الإسلامية, وكذلك الكتّاب الاستراتيجيون قد أشاروا إلى أهمية ثورة عاشوراء وأثرها في عالمنا اليوم، فقد نشر مركز الكاشف للمتابعة والدراسات مقالات تحت عنوان (مقالات إستراتيجية في الملفِّ الشيعي)، ونُشِرت في عدد من الصحف والمواقع الانترنيتية المهمِّة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين هذه المقالات مقال بعنوان (هل يُعدُّ التشيع مذهباً متطرفاً؟) بقلم غراهام فولر: وهو نائب الرئيس السابق لمجلس الأمن الوطني في وكالة المخابرات المركزية (C.I.A) ومستشار سياسي كبير في مؤسسة (راند)، وبقلم رند رحيم فرانك وهي مديرة مؤسسة العراق في واشنطن دي سي، فجاء في المقال ما يلي: «إنَّ الحدث المأساوي المركزي للشيعة يكمن في فاجعة قتل الحسين الإمام الثالث في المذهب الشيعي، وحفيد النبي محمد، على يد الأمويين خلال معركة يائسة وغير متكافئة، قرب كربلاء في العراق عام 63هـ وشهادة كربلاء أصبحت القضية الرئيسة للشيعة أو الشعار لنظرتهم للعالم، وأصبحت محوراً تدور حوله معظم شعائر الشيعة وموضوعاتهم الأساسية المميزة لها، وتنبع من هذه المأساة حادثتا (الشهادة والسبي) اللتان بقيتا القضية الأساسية في تاريخ الشيعة، وتنشران فروع الدين والعقيدة في العدل، وصراعاً أو جهاداً الفياً في آخر الزمان، وإنقاذ البشرية جميعاً على يد الإمام الثاني عشر الذي سيظهر مجدّداً»([251]).

3 ـ 4 ـ "أثر ثورة عاشوراء في المجتمع (دائرة المعارف إيرانكا)" للمستشرق بيترجيلكوسكي

لقد كان لدوائر المعارف الغربية سهمٌ في ذكر ثورة الحسين؛ فقد كتب بيترجيلكوسكي مقالاً بيّن فيه أثر ثورة عاشوراء في المجتمع منذ وقوعها وحتى يومنا هذا، وتكلَّم عن مراحل الثورة منذ حركة الإمام الحسين× من مكة حتى وصوله إلى كربلاء، وبيّن بالتحليل موقف ابن زياد ويزيد في مسؤولية قتل الحسين×، وفيما يلي نعرض أهمَّ مقاطع المقال:

إنَّ أثر مأساة كربلاء على الوجدان العاطفي للمسلمين عميق أكثر من أيِّ وقت مضى ويتجاوز التكريس العاطفي عند الواقع الشيعي، إنَّ دوافع الأطراف الفاعلة الرئيسة كثيراً وغالباً ما نُوقِشت، ومن الواضح أنَّ نوايا الحسين لا يمكن أن يُنظَر إليها على أنَّها مجرَّد مخاطرة وتهوُّر وتمرُّد، وتعريض حياة اسرته للخطر فقط لطموحاته الشخصية، وإنَّما غير ذلك، حيث إنَّه رغم شرّ معاوية فإنَّ الحسين لم يكسر ولاء اليمين بينما لم يعطِ الولاء إلى يزيد الذي عُيِّن كخليفة من معاوية في انتهاك صريح للمعاهدة مع الحسن، وعلى الأرجح لم يوافق أبداً على القيام بذلك الولاء، ومن الظاهر أنَّه سعى للحصول على الشهادة.

عُرض على الحسين مغادرة العراق في أقرب وقت ممكن، حيث أصبح واضحاً أنَّه لم يعد له أيُّ دعم في الكوفة. لقد كان عبيد الله بن زياد يسعى عبثاً إلى استفزاز الحسين لبدء القتال. وقد كان غرض الحسين الأول قبول دعوة شيعة الكوفة، على الرغم من التحذيرات العديدة التي تلقَّاها، والرؤى الرسولية التي تعكس قناعة دينية تأريخية نابعة من البعثة النبوية والتي لم تترك له أي خيار آخر، وأيَّاً كانت النتيجة فإنَّ والده كان على قناعة راسخة بأنَّ أسرة النبي المختارة مهيَّأة لقيادة الجماعة التي أسَّسها محمد صاحب الرسالة المختارة. وسواء أكان حقاً أم لا فإنَّ هذه الأسرة ملزمة في القيادة.

إنَّ المصادر الناقلة لهذه الرواية تميل إلى وضع المسؤولية بوفاة الحسين أكثرها على (عبيد الله بن زياد)، وتبرئ الخليفة يزيد، والذي وصف بأنَّه خليفة ملعون، حيث إنَّه لو كان حاضراً لصفح عن الحسين.

من المؤكَّد بأنَّ عبيد الله بن زياد كان يتوق إلى إذلال وقتل الحسين؛ والدليل على هذا الكره وعلى شرِّه جعل جسد الحسين يُداس من قبل الخيول.

إنَّ المسؤولية الأولى لوفاة الحسين تقع على عاتق يزيد؛ لأنَّه يعرف بأنَّ حفيد النبي من شأنه أن يشكِّل خطراً على حكمه طالما بقي على قيد الحياة حتى لو خضع له مؤقتاً.

 وفي الحقيقة أنَّ يزيد يُريد موت الحسين، ولكنَّه وبوصفه خليفة للمسلمين لم يكن بوسعه أن يصدر هذا الأمر على حفيد النبي.

ويزيد في الحقيقة لم يعرف كيف يدير دفَّة الحكم، وذلك بسبب جهله وانشغاله بالملذَّات والسكر والنساء؛ لذا اتخذ هذا القرار، ولم يفكّر بما يؤدي إليه ذلك القرار([252]).

نبَّه يزيد ابن زياد على كره الحسين؛ وذلك عندما عيَّنه حاكماً على الكوفة، ولمَّح له في رسالة بأنَّ الحسين سوف يقلِّل من شأنه، ويرجعه الى العبوديّة حاله مرة ثانية.

أمر يزيد ابن زياد بإعدام مسلم بن عقيل، إنَّ الحاكم لا يستطيع التكهُّن بما هو منتظر منه؛ لذا سعى الخليفة يزيد وبشكل عام على تغيير وجهة المسؤولية عنه في ذبح حفيد الرسول.

إن ثورة الإمام الحسين والوفاة المأساوية في كربلاء، في العراق تعتبر في وقتنا الحاضر واحدة من أكبر الكوارث في التاريخ وفي المجتمع الإسلامي، إنَّ البعد الكوني لاستشهاد الحسين كان وما يزال يعزِّز من مكانته بين المُبَجَّلين من أهل البيت.

حيث إنَّ استشهاد الحسين يُعاد الاحتفال به عند المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء العالم.

أما في العراق وبصرف النظر عن الحجِّ إلى كربلاء فلهم تقاليد مشابهة لتلك التي تجري في إيران.

وعلى مرِّ الزمان فإنَّ المسرحيات الجديدة والتي رسمت صورة التضحيات لشهداء الشيعة قبل وبعد مجزرة كربلاء قد أضيفت إلى مجموعة التعزية.

وتلك الأحداث الحالية وفَّرت الفرصة المناسبة لتوسيع الانتاجات بأداء مسرحيات التعزية في جميع الأدوات الدراماتيكية، والتي تُعرف بـ (الاستطراد)، وحتى المسرحيات التي تُعرَض في غير محرَّم فإنَّها تؤكِّد على وجود اتصال أو رابط لمأساة كربلاء.

إنَّ لقصة كربلاء معاني ودلائل كثيرة، من ضمنها أنَّنا لا نستطيع تجاوز هذا الحدث بسهولة؛ لأنَّه يمثِّل مأساة إنسانية من قبل حاكم طاغٍ، وأتباع خونة يعرفون بشكل جيد بأنَّ هذا هو حفيد الرسول وخانوه بسهولة.

إنَّ كربلاء أصبحت مسرحاً مهمِّاً للثوار ضدَّ الطغاة، وضدَّ المنحرفين من المسلمين كأمثال يزيد وغيره من الطغاة([253]).

وأشار الكاتب إلى الجوانب الفنية في العزاء الحسيني، حينما يؤدى على شكل تمثيل مسرحي، فيصف الساحة التي يجري عليها الأداء المسرحي، وهي أرض مغطاة بالرمل وبلا ستائر، وإلى جانبها فسحة تقع حول المسرح ينتقل إليها الممثِّل؛ للدور حينما يريد أداء مشهد القتال أو غيره. ثمَّ يتحدَّث الكاتب عن أهمية هذا الأداء الفني قائلاً: إنَّ هذه المسرحيات تعبِّر عن مأساة كربلاء، حيث تؤدَّى بطريقة توصل الفكرة لما حصل في مجزرة كربلاء، ولذا فإنَّ المسرح هو شكل من أشكال إيصال الحقيقة إلى الناس([254]).

ويذكر أيضاً أنَّ مراسم العزاء في شبه القارة الهندية تُحيَى منذ قرون، وتشترك فيها كلُّ الطوائف والأديان حيث يقول: إنَّ المشاركين في الشعائر والمواكب الشيعية هم من المسلمين السنة، وغير المسلمين كالهندوس، حيث إنَّهم يشتركون ويتنافسون فيما بينهم في طريقة العبادة.

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، فإن طقوس محرم قد تمَّ تصديرها إلى منطقة البحر الكاريبي، مثل جزيرة (ترينداد) الهندية بواسطة المهاجرين إليها([255]).

3 ـ 5 "الحسين الوسيط" للدكتور تورستن هايلن

كما ذكرنا في الفصل السابق أنَّ أحدث دراسة حول عاشوراء والإمام الحسين صدرت في عام 2007م من جامعة آبسالا السويدية، وهو بحث تحليل لثورة عاشوراء؛ طبقاً لروايات الطبري، والذي قام بها الدكتور (تورستن هايلن) بعنوان (الحسين الوسيط) وفيما يلي نقدم مقاطع تتعلَّق بيوم عاشوراء:

بعد خمسين عاماً من وفاة النبي اتجه الحسين الأبن الأصغر لعلي، إلى بلدة عراقية تُسمَّى الكوفة، حيث كان للشيعة هناك دائماً تأييد قوي، وإنَّ ذلك الفعل يعتبر من قِبَل السلطات الأموية عملاً من أعمال التمرُّد، وفي كربلاء ــ وهي المنطقة القريبة من الفرات ــ تمَّ اعتراض الحسين من قبل جيش كبير من الخليفة يزيد، حيث قطعوا النهر عنهم، وقطعوا جميع فرص الحصول على الماء، وكان من أمرِّ المَشَاهد على الحسين هو أن رجال الكوفة الذين تعهدوا له بالولاء في وقت سابق، خانوا العهد والتحقوا بجيش الخليفة ليقاتلوه.

إذاً في العاشر من محرم عام 61 هجري من سنة 680 ميلادي بدأ جيش الخليفة الذي يتكون من 4000 رجل بمهاجمة المجموعة الصغيرة التي مع الحسين والتي هي طبقاً لما هو موجود في الرواية تتكونون بأكثر من مئة بقليل، بما فيهم النساء والأطفال.

إنَّ التفاصيل عن المعركة وعن الحالة اليائسة للمجموعة الصغيرة المحاصرة، وعطشها ونضالها البطولي، وفي المقابل جبن ووحشية المهاجمين الذين قتلوا حتى الأطفال ومضايقة النساء، كلُّ تلك الأمور وُصِفت وبصورة جلية وفي مختلف الروايات.

وفي النهاية وبعد سقوط الحسين ـ من فرسه ـ قُطِع رأسه، ونُقِل إلى الخليقة بدمشق.

ومنذ ذلك اليوم أصبح الحسين وأصحابه بمثابة الرمز عند المسلمين الشيعة.

إن الحزن على ما حدث في كربلاء، ووصمة العار على خيانة الكوفيين لم تحصل أبداً منذ نشوء الإسلام، وفي كل عام في بداية الأيام الأولى من المحرم يعاد إحياء هذه الذكرى من خلال المواكب، في المدن والقرى ... كلُّ ذلك هي محاولة لتعبير الناس عن حزنهم إزاء شهادة الحسين، والولاء تجاه أسرة النبي.

كما في المجتمع الباكستاني، ومن أكثر الدلائل الواضحة للحضور الشيعي ــ والذي لاحظته، إلى جانب الطقوس المذكورة ــ هو التعبير السياسي لقيم هذه المجموعة.

إنَّ تقديري الشخصي لأهمية مأساة كربلاء، وما تؤكُّده العديد من الدراسات المثقفة بأنَّ هذا الحدث ليس فقط مسألة حياة أو موت في هذا العالم، وإنما قائمة على أبعاد واسعة جداً([256]).

إنَّ دراسات اللاهوت الشيعي تبيّن لنا بأنَّ هذه الأعمال هي لمؤازرة هذه العائلة المقدسة وتعتبر عملاً مقدساً، ونظراً لتحمُّلهم وعزيمتهم في معاناتهم في كربلاء أعطى الله الحسين وعائلته (وبضمنهم الأئمة الذين جاؤوا من بعده) أعطاهم الشفاعة؛ لكي يكونوا كشفعاء للمؤمنين يوم القيامة، وبتلك الوسيلة ينالون عفو الله ونجاتهم من الله .

ولقد كان الأئمة الاثنا عشر يمتلكون طاقة فوق البشر في امتلاكهم المعرفة، ومن خلالها استطاعوا إرشاد الناس (المؤمنين) في كلِّ العصور، وعلاوة على ذلك فإنَّ استشهاد الحسين لم يكن له أثر على الذين عاشوا في ذلك الزمان فقط، وإنَّما كان أثره حتى بعد وقوعها([257]).

وإنَّ منع الماء في هذه القصة لهو تصرُّف شرَّاني حيث إنَّه لا يؤدي إلى الموت الفيزيائي للطاهر النزيه فحسب، بل يدلُّ على موت الإنسان الذي منع الماء، ,وإنَّ ذرف الدموع لهو تعبير عن القتل غير العادل، وأيضاً يعطي حياة أبدية للناجين([258]).

لذلك أصبح الحسين كنموذج، وكصورة مثالية لكلِّ المسلمين الذين يرغبون في الآخرة أكثر من الحياة الدنيا، وهكذا جلبت الحياة من خلال الحسين، وإنَّ تضحيته بدمه قد شاركت كلا الاثنين الحياة والموت، ونستطيع أيضاً أن نعتبره كوسيط بين الشيئين المعارضين، وهما إراقة الدم واحتجاز الدم([259]).

إنَّ مأساة كربلاء تعطي صورة واضحة عن حدث تأسيسي حدث في زمان طغى فيه المستبدُّ؛ لذلك كانت هذه الحادثة مهمة جدّاً لإحياء المجتمع الإسلامي مرة ثانية بعد وفاة النبي.

إنَّ المجتمع الإسلامي قد أنحرف بعد وفاة النبي، وتعرَّض إلى الكثير من الانتكاسات فأدى إلى وصول الطغاة إلى الحكم (من المسلمين)؛ لذلك لم يستطع الحسين الوقوف صامتاً أمام هذا الظلم.

إنَّ قصة الحسين أدَّت إلى نهوض آراء ونظريات في المجتمع الإسلامي، وإنَّ دم الحسين أصبح مخلَّداً ؛ لأنه عرض دمه لإحياء الإسلام مرة ثانية.

إنَّ الحسين وبثورته هذه تدلُّ على نسبه إلى فاطمة بنت الرسول، وهي الرافضة للظلم والى أبيه علي الذي كان يسمى بطل الإسلام، لذلك كان من الصعب أن يقف متفرِّجاً على ما يحدث في عصر الأمويين.

إنَّ ما يحدث من شعائر في عاشوراء لهو تعبير عن مظلمة وقعت في الماضي لعائلة النبي وما حدث للحسين خصوصاً؛ لذلك فإنَّ الدموع التي تذرف هي لإكفاء المياه التي قطعت عن الحسين وأصحابه([260]).

إنَّ وجهة النظر بموت الحسين ــ وهو حفيد النبي ــ كانت نظرة مأساوية، وارتكاب اثم ضدَّ الله في كلِّ الأمور.

إنَّ ملخص قصة الحسين هي:

«إنَّ موت الحسين هو دليل على عظمته وقوته؛ وذلك لأنَّه واجه سلطة عظيمة متمثلة بالدولة الأموية، وهي معروفة بالسلطة الطاغية، وهي صرخة حقٍّ تقال ضدَّ الباطل، وعند المسلمين يجب أن لا يسكتوا ضدَّ الظلم والطغاة حتى لو كان الحاكم مسلماً، كما قال الإمام علي وهو والد الحسين: حكم كافر عادل خير من حكم مسلم فاسد»([261]).

عندما بدأ الكوفيون المعركة بدأ الحسين وأصحابه يدافعون عن أنفسهم، وأنهم ليسوا مذنبين، ولم يرتكبوا أيَّ خطأ .

وعلاوة على ذلك فمن المهمِّ ملاحظة هذه النقطة وهي: في كلِّ مرة يُذكَر فيها الدم، فإنَّما يقصد به دم الحسين وأصحابه فقط، على الرغم من أن أعداءهم قُتلوا أيضاً في المعركة، ولكن لا شيء يذكر عن دمائهم، وهذا يشير كما اعتقد الى أنَّ حزب الحسين أيضاً قتل ولكنهم غير مسؤولين عن إراقة الدماء([262]).

إنَّ الحياة الروحانية للذين تحوّلوا الى طريق الله الصحيح، هو أعظم من موت الحسين، إنَّ الموت هو فقط حالة فيزيائية، إنَّ النصر الأخلاقي للحسين لهو دليل أيضاً بأنَّ ثورته لم تكن موجهة ضدّ وصية الله، هو لم يقاتل ضدَّ جند الله أو الإسلام، وإنما واجه المتسلطين الذين يخرِّبون الأخلاق ويخرِّبون الدين.

إنَّ ما فعله الحرُّ الرياحي في تأييده للحسين، وتركه معسكر الكوفيين والجيش الأموي بسبب تأثير مقالات الحسين في المعركة، وبفعلته هذه أختار الحرُّ الرياحي الآخرة وترك الدنيا([263]).

إنَّ الانصياع إلى أمر الله لا يعني الجلوس وبصورة هادئة انتظاراً للقدر (الموت)، وإنَّما يعني أتباع طريق الله إلى نهايته، فعل ما يُعتقَد بأنَّه صحيح أو خيّر.

ثمّ إنّ ما افترضته سابقاً، وهو إبطاء الماء عن الحسين كما هو موجود في المصدر، لهو تصرف كوسيط بين الحياة والموت في هذا المشهد المذكور، ولهذا كان هذا التعبير كمجاز او استعارة للتوسط بين الحياة الروحية والموت.

إنَّ الحسين كان يريد السلام، وذلك عندما ذكرت حرمته، من جانب آخر فإنَّ ملابسه قد عنت استعداده للموت، وكما هو معروف فإنَّ المقاتلين المسلمين الذين يتوقعون موتهم في المعركة يَردون الموت كشهداء يرتدون أكفانهم في المعركة حتى النهاية.

إنَّ منطق أو مصطلح الوسيط الذي أطلقته على الحسين هو مصطلح اتخذته؛ لأنَّه يمثِّل الوسيط بين الحياة والموت، والعطش والماء، والدنيا والآخرة، فمثلاً قطع الماء عن الحسين يمثِّل تصرفاً وسلوكاً وحشياً، وشكلاً من الظلم والجور للحكم الأموي آنذاك([264]).

إنَّ انتهاك حرمة الحسين تعتبر انتهاكاً وجريمةً بحقِّ الله([265]).

إنَّ النموذج والمثال الحيَّ لإراقة دم الأبرياء هو الحادثة المشهورة في دراما كربلاء لهو قتل طفل الحسين بين يديه([266]).

كما إنّ قصة الإمام الحسين تعطي الأمل؛ لأنَّها تشير إلى المسائل الأكثر أهمية، إنَّ إطاعة الله وبشكل كامل تعطي وتقود إلى حياة حقيقية، مع العلم بأنَّ الحياة في هذا العالم هي حياة بائسة، وأنَّ الموت البدني لهو شيء مُسلَّمُ به([267]).

إنَّ المثال الوثيق الصلة بالموضوع للناس ــ وهو يفهم رسالة الحسين ــ هو (الحرُّ) وذلك بممارسته للتحدي بشكل جاد، حين أصبح مستعداً لترك هذه الحياة، حيث إنَّه ربح الحقيقة والحياة الأبدية، حيث خرج من السجن إلى الحرية، وفيما بعد تبعه الآخرون وهم (التوابون) ([268]).

ويذكر الكاتب عن أثر ثورة عاشوراء في جذب الناس في يومنا هذا حينما شاهد مواكب العزاء وتجمُّع الناس تلقائياً، وهم جموع غفيرة، فيقول واصفاً هذا المنظر:

«في المكان المخصّص لوقوف شرطي المرور، جاء شخص ينشد أنشودة حول مأساة كربلاء، ومن بعده بدأ رجل دين بالوعظ، لم أفهم ما يقول، ولكن بين الحين والآخر يهتف الجميع (يا علي أو يا حسين).

وفي هذا المحيط كانت النساء تبكي، وكان الجو العام مشدوداً، لم استطع فهم كيف كان من السهل تحشيد هؤلاء الناس خلال هذه الرمزية القوية الموجودة في القصة، كان هذا تماماً ما حدث خلال الثورة في إيران عام 1979م، لذلك قام الناس بالأخذ بدور الإمام الحسين؛ لكي تصبح شهادته ذات معاني منطقية في الكفاح ضدَّإ الحكم الطاغي»([269]).

إنَّ هذا الحدث الذي شهدته في روالبندي في الشهر السادس من عام 1993م قد رسم لي انطباعاً قوياً، حيث كنت مفتوناً بالهيجان، وبالإخلاص، وبالألم الذي قدَّمه الناس بصورة رمزية بسيطة، وطريقة شرحهم للألم والعذاب الذي مرَّ به الحسين.

إنَّ ما تعلمته في باكستان من قبل وحتى بعد احتفال محرم في عام 1993م جعلني أدرك مدى عمق قصة الحسين وموته في كربلاء، والتي تكمن في جذور الرؤية العالمية للمسلمين الشيعة في العالم.

وفي وعي المسلمين الشيعة، حيث يعتبر مركزاً ومثالاً لكلِّ شيعي يحمل في نفسه أو نفسها، المثال الرمز، القصص، الشعائر، المواقف، القيم، والتي لا ترتبط فقط بالحسين وشهادته، بل لكلِّ عائلة النبي الذين عانوا، وبالتالي فإنَّ الاحتفال الموصوف أعلاه يُعبِّر عن خلفيتهم في عقود بعد موت النبي محمد في 11/632، إنَّ دراما كربلاء ومنذ وُجِدت تُتلَى وبشكل مستمر بين المسلمين في مختلف الأديان المتبناة، وخصوصاً بين الشيعة، حيث إنَّها تُكتَب في نسخ غير معدودة منذ القرون الأولى للإسلام إلى يومنا هذا([270]).

3 ـ 6 ـ "الشيعة في العراق" للمستشرق إسحاق نقاش

المستشرق إسحاق نقاش يُعدُّ من المهتمِّين والباحثين في شؤون التشيع، واستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة (برانديس) في الولايات المتحدة الأمريكية(*) يقول في كتابه (الشيعة في العراق): «إنَّ شهادة الحسين هي من أهمِّ الأحداث الحماسية والاحتفالية لدى الشيعة، حيث أصبحت كربلاء تمثِّل مركزاً للولاء والصدق والتركيز على الأخوية، حيث أصبح هذا التقليد يمثِّل قطع الماء عن المحتاج له، وانعدام الإنسانية لدى الجيش المقابل»([271]).

أعتقد بأن لا حدث في التاريخ الإسلامي قد رُكِّزَ عليه ولعب دوراً مهماً لدى هوية الشيعة مثل شهادة الإمام الحسين وأصحابه وعائلته في كربلاء([272]).

اعتبر الكاتب الأمريكي المتخصِّّص في دراسة التاريخ الإسلامي أنَّ ثورة الإمام الحسين كان تمثّل انبثاق تاريخ التشيُّع حيث يقول: «بعد وفاة علي بقرابة عشرين عاما، قام أنصاره وأشياعه في الكوفة، والذين يطلق عليهم شيعة علي أو الشيعة، قاموا بتشجيع نجله الحسين بتحدِّي الدعوة الأموية في مسألة الخلافة، وهنا قام الحسين برفع راية الثورة عام 680 م، ولكنَّ أهل الكوفة نكثوا بوعدهم بالوقوف إلى جانبه، متخلِّين عنه لمواجهة الموت في معركة على أيدي قوات وأناس معروفين بولائهم للأمويين، ويمكن القول هنا إنَّ التشيع ولد في لحظة اندحار الحسين أو هزيمته في كربلاء، وتطور الشيعة كفئة أو طائفة .... ففي قلب التاريخ الشيعي تكمن قصة الخيانة والإقصاء السياسي والعدالة التي يبحث عنها الناس، إنَّ مأساة أو دراما استشهاد الحسين أصبحت محور التقوى الدينية بالنسبة للمؤمنين، مقارنة بالعواطف تجاه يسوع المسيح في الديانة المسيحية، حيث تُستذكَر هذه العواطف سنوياً في طقوس ومراسم من الندب والبكاء؛ لاستحضار هذه الذكرى في أوساط الـ (170) مليون شيعي في العالم»([273]).

2 ـ 7 ـ "أبعاد شخص الإمام الحسين وثورته" للكاتب محمد أيوب

جاء في مقال حول الإمام الحسين× في موسوعة أكسفورد للعالم الإسلامي الحديث والذي تكلم عن أبعاد شخص الإمام الحسين، وكذلك عن أبعاد وآثار ثورة عاشوراء، وهنا يبيِّن الكاتب مدى تأثر المفكرين من غير الخطِّ الإسلامي بهذه الثورة التاريخية العملاقة قائلاً: «ثورة الحسين ضدَّ الحكم الأموي الهمت ليس فقط أصحاب الدين الإسلامي وإنما أيضاً العلمانيين والاشتراكيين، إنَّ الوصف التصويري القوي لـ(الحسين الثوري) كان على يد الكاتب المصري الاشتراكي "عبد الرحمن الشرقاوي" في المسرحية التي تتكوّن من جزئين "الحسين الثوري" و"الحسين الشهيد"»([274]).

منذ العصور الوسطى وجدت مساجد مرمَّقة خاصة يطلق عليها اسم (حسينية) كانت بمثابة مراكز للشعائر التذكارية للمعاناة، ولشهادة الإمام الحسين وعائلته، وكدروس اجتماعية وسياسية تُستَسقى من هذه المأساة، لقد كان مثل هذه المراكز في بيروت وجنوب لبنان التي وُلد فيها أول مقاومة شيعية. وأيضاً كانت حسينية الارشاد حيث فيها أفكار الدكتور علي شريعتي، التي كانت الشرارة الأخيرة لانطلاق الثورة الإسلامية في إيران، وتشير الدلائل إلى أن مثال الإمام الحسين سيتواصل في إلهام المقاومة الإسلامية، وحماستها في الدين لفترة طويلة قادمة([275]).

3 ـ خلاصة آراء المستشرقين في ثورة عاشوراء

فيما تقدَّم نقلنا آراء مفكري الغرب فيما يخصُّ ثورة الإمام الحسين×، واختلفت هذه الآراء حسبما يراه الكاتب ويستخلصه من خلال قراءته لسير أحداث هذه الثورة، فمن تلك الرؤى أنَّ البعض كان ينظر إلى نهضة سيد الشهداء من زاوية ضيِّقة، ويضع لها عناوين مادية محدودة، وعلى ما شاهدنا فإنَّ أصحاب هذه النظريات هم أفراد قلَّة.

ولكنَّ أكثر آراء المستشرقين تصف نهضة عاشوراء بالتضحية في سبيل الدين والإنسانية، وأخرى تصفها بأنَّها أهمُّ حدث في تاريخ التشيع، وفيما يلي عرض لأهمِّ تلك الآراء وفقاً للمحاور التالية:

3 ـ 1 ـ آراء مادية

ـ رأي ديورانت «أنَّ معركة كربلاء كانت لأجل العرش»، وقد تقدَّم في بداية الفصل الردُّ على هذا الكلام.

ـ رأي هنري لامنس (وفي هذه الأيام العشرة أخذ ضعف هذا المطالب بالخلافة يتجلَّى شيئاً فشيئاً وعاوده تردّده!!)، حيث وصف لامنس الإمام الحسين بأنَّه كان يطالب بالخلافة والحكم، كذلك تقدَّم الردُّ عليه في محلِّه.

3 ـ 2 ـ آراء دينية مسيحية

 ـ البروفيسور هانغسون (بعض التقاليد والرموز الإسلامية تكون قريبة لقلب المسيحيين، مثلاً من تلك الرموز سبط الرسول محمد’ الحسين بن فاطمة تلك المتألقة، وابن ذلك المكافح الحكيم الخليفة علي، هذه مشاعرنا نحن المسيحيين تجاه الحسين أولاً، والمأساة التي أدَّت إلى استشهاده... نعترف نحن المسيحيين بأنَّ في حياة الحسين الأليمة سمات عديدة نشاهدها في العبد المضحِّي لله، والذي يشبه النبي داود الذي نقرأ عنه في الزبور: «أحمني تحت جناحك، ظلّني في ظلك من أولئك الأشرار الذين يريدون هلاكي من أعدائي الآدميين الذين يحيطوني». ثم يسترسل قائلاً: هذه المأساة ميّزت بين الإسلام التقليدي والنظري، وبين المسلمين الشيعة الذين يمثِّلون الإمام الحسين من طرف، والمسيحيين من خلال دور المعذب بالخلود وموت عيسى).

 ـ رأي المستشرق البريطاني ديفيد جورج هوغارث: «قد دلّت صفوف الحجاج التي تحجُّ إلى مشهد علي في النجف، ومشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ما تزال تؤججها التشابيه في العاشر من محرم... هذه المظاهر استمرَّت لتدلَّ على أنَّ الموت ينفع القديس أكثر من كلِّ أيام حياته».

 ـ المستشرق الفرنسي بييرلوري: «التراث الديني المسيحي يجعل من مصير المسيح× على أنه شخص رفض كل السلطات السياسية، وانتهى الأمر إلى حكم غير عادل مصاحب بالتعذيب انتهى بصلبه؛ ليؤكِّد أنَّ ذلك الشخص الضعيف المغلوب على أمره بنظر الناس قد ساهم روحياً بنصرة الحقِّ حسب منطق لا بشري، وعذابات المسيح× قد حملت معاني عميقة للفداء، فإنَّ المسيح إذ يقبل العذاب رغم براءته، فذلك ليأخذ على كاهله ذنوب البشرية وخطاياهم منذ أن خُلق آدم .

ثم يقارن بين معنى الشهادة في الفكر الإسلامي والفكر المسيحي قائلاً: يبدو لنا بشكل عام أنَّنا نخطأ خطأً كبيراً حين نقارن بين إحياء الشيعة لمعاناة الحسين× وبين آلام المسيح× عند النصارى؛ لأنَّ هناك حتماً نقاط اختلاف، فالشهادة في الوعي الإسلامي تحمل قيمة عالية، وهي تمحو ذنوب الشهيد وتمنحه ثواباً أبدياً، ومعاناة الحسين× وقتله جعلت منه شهيداً في عليين، وشفيعاً لأتباعه المخلصين، ومن يحبُّه ومن يتبعه بشكل خاص».

3 ـ 3 ـ آراء تاريخية

 ـ المستشرق الأمريكي فيليب حتِّي: «ولقد ظهر من الحسين يوم استشهاده من الصبر والإقدام والشجاعة، ما حدا بالعالم الشيعي إلى تجديد ذكراه، بما يقيمونه له كلَّ سنة في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، من المآتم وضروب الندب والحداد احتراماً لمقامه من الرسول؛ وتخليداً لبطولته وصبره على المحنة التي ألمًّت به. وهذه الذكرى التي تحييها الشيعة هي أشبه ما يكون بمأساة تاريخية تقسم إلى مشهدين؛ يختم الأول منهما يوم عاشوراء (العاشر من محرم)، وتُمثَّل وقائعه في الكاظمين على مقربة من بغداد؛ تذكاراً لمقتل الحسين، ويُقام المشهد الثاني بعد انقضاء أربعين يوماً على عاشوراء، وذلك في كربلاء ويُطلق على وقائعه اسم مَرَدّ الرأس».

وكان دم الحسين أكثر أثراً من دم علي في تنمية روح الشيعة وازدياد اتباعها، بل أصبح القول إنَّ الحركة الشيعية وُلدت في العاشر من محرَّم. ومنذ ذلك اليوم أصبح عقد الإمامة لذرية علي سنّة لها في عقائد الشيعة ما لنبوءة محمد من قدر في الإسلام. وكان من يوم كربلاء للشيعة فوق ذلك صيحة حرب جديدة هي (يا لثارات الحسين)، وقد أثبتت الوقائع فيما بعد أنَّ هذه الصيحة نفسها كانت من العوامل التي قوّضت بنيان الدولة الأموية).

 ـ البروفيسور مانيفن: «كان لمقتل الإمام الحسين أثر كبير في إذكاء نار العديد من الثورات الدموية لشيعة العراق، وأطول وأكبر ثورة من بينها هي ثورة المختار الثقفي التي استمرَّت عامين، وقد تمَّ قمع كلِّ هذه الثورات بقسوة ووحشية، وكان مصير الثوار الإعدام، ولكن هذه القسوة لم تمحُ من ذاكرة الأمة مأثرة الإمام الحسين حتى الآن، بالرغم من المحاولات العديدة لطمس حقيقة ثورة سيد الشهداء، وقد مضى (1316 سنة) من ذلك العهد الذي قُتل فيه الإمام الحسين إلاَّ أنَّ مقتله يبقى حيّاً في ذاكرة الأمة على الدوام، وتُستعاد أحداثها كأنَّما حدثت أمس أو اليوم ...» ويقول الكاتب: «إنَّ لشهادة الحسين أهمية فلسفية تاريخية وحضارية كبرى، فقد قرَّر الحسين أن يموت حتى يستطيع أن يدافع بموته عن حقوق الأمَّة المهدورة بأيدي بني أمية، وإعادتها إلى مبادئ الدين... وبدم الحسين وصحبه دُفع الثمن لقاء حقوق الناس وحريتهم».

ـ المستشرق الأمريكي إسحاق نقاش: بعد ذكره لأحداث الثورة وحركة الإمام الحسين× واستشهاده يصف هذا الحدث قائلاً: «ويمكن القول أنَّ التشيع ولد في لحظة اندحار الحسين أو هزيمته في كربلاء ـ  بالطبع الهزيمة العسكرية أو الخسارة العسكرية ـ وتطور الشيعة كفئة أو طائفة... ففي قلب التاريخ الشيعي تكمن قصة الخيانة والإقصاء السياسي، والعدالة التي يبحث عنها الناس».

ـ الباحث جورج قنازع يقول في بحثه حول أثر واقعة كربلاء في الأدب الشيعي: «لقد أرتقت كربلاء إلى مكانة سامية جداً في الفكر الشيعي، وكثرت الروايات التي تعكس مدى ما بلغته من احترام وتقديس، وقد جمع ابن قولويه شيخ الطائفة وفقيهها المتوفى سنة 367هـ عدداً كبيراً من الروايات التي تدلِّل على تقديس تربة كربلاء وتفضيلها على البقاع... ولعلَّ أفضل ما نقرأه عن مكانة كربلاء أرض كربلاء المقدسة في الفكر الشيعي ما كتبه عبد الحسين العاملي شارحاً كيف جمعت كربلاء بين القدسية والحزن([276])»([277]). ويذكر قنازع عوامل وأهداف ثورة الإمام الحسين×، قائلاً: «لقد تراكمت عوامل كثيرة جعلت الحسين بن علي يقرِّر مغادرة الحجاز إلى الكوفة، ليقف على رأس الناقمين على الأمويين، وليقود ثورة عارمة بهدف تحقيق هدفين رئيسيين هما: إعادة الخلافة إلى أهل البيت، وتنظيم الحكم حسب شريعة الدين الجديد»([278]).

ـ المستشرقة الفرنسية الدكتورةصابرينا: «في العاشرة من المحرم كانت المعركة، وبدأ الحسين يفقد رجاله الواحد تلو الآخر، وأشعل أعداؤه النار في مخيَّم النساء بعد أن قُتل الحسين ومُزِّقت أشلاؤه، يعتبر هذا الحدث في نظر التاريخ زمناً متجدداً في التشيع، بل أكثر من ذلك فإنَّ عملية استشهاد الحسين تشكِّل أسطورة أساسية، ألم يقال بأنَّ الحسين قد أحيا دين جدِّه بمأساة كربلاء».

ـ المستشرقة الإنكليزية فرايا ستارك في حديثها عن يوم عاشوراء تقول: «ما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جليَّة في أفكار الناس في يومنا هذا كما كانت من قبل (1257 سنة)، وليس من الممكن لِمَن يزور هذه المدن المقدَّسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة؛ لأنَّ مأساة الحسين تتغلغل في كلِّ شيء حتى تصل إلى الأسس... إنَّ التاريخ قد توقَّف في كربلاء والنجف منذ أن وقعت تلك الفاجعة؛ لأنَّ الناس أخذوا يعيشون فيها على ذكرى الكراهية لأعداء الحسين». لقد كان مقتل الحسين ذا أثر كبير على تطور الشيعة كحزب ديني سياسي، وكان للظروف المأساوية التي أحاطت بمقتله، ولثباته على مواقفه المبدئية وشجاعته في مواجهة أعدائه الأثر الأكبر في احتلاله الدرجة الأولى من الشهادة والتضحية في سبيل العقيدة. كذلك كان لمقتله أكبر الأثر في تطوير الأدب الشيعي، فصار رثاؤه أو وصف مقتله شعراً أو نثراً، أو إقامة الاحتفالات التأبينية له أو تأليف الكتب الخاصة بمقتله أو تمثيل حادثة القتل وتصوير القسوة التي عومل بها الحسين وأتباعه، كلُّ هذا صار من المواضيع التي يعالجها الأدباء بالعربية أو الفارسية أو اللغات الأخرى. وتدريجياً أرتقت شخصية الحسين لتكتسب بعداً آخر جديداً وضعها فوق مستوى البشر، فلم يكن مقتله نتيجة تطوُّر أحداث معينة وصراع غير متكافئ، بل إنَّه قدر قدَّره الله وعرَّفه جبرائيل وأخبر به النبي، ومن النبي عرفته فاطمة وعلي، ثم الحسين نفسه قبل مقتله بزمان، وإذا كان ما حدث مقدَّراً فلا سبيل إلى تغييره، وإذا كان العذاب وسيلة للتطهير فلابدَّ من شرب الكأس حتى الثمالة لنيل الخلود الأبدي، على هذا الأساس أصبح الحسين سيد الشهداء: لقد عرف قدره وواجهه بشجاعة على ما فيه من أسى ولوعة، وكالسيد المسيح فقد مات وهو يطلب الماء دون أن يُعطاه، ومثله أيضاً تنازع القوم ثيابه بعد موته، ولكنَّه شرب الكأس التي أوصلته إلى الخلود.

النتائج والتوصيات

أـ النتائج

1 ـ لم يكن مذهب التشيُّع في البدء معروفاً لدى المستشرقين، وكانت معرفتهم وأبحاثهم مقتصرة على المذاهب الإسلامية الأربعة، ولذا جاءت أبحاثهم العلمية حول التشيُّع قليلة، وناقصة.

2 ـ في الآونة الأخيرة اتسعت أبحاث المستشرقين حول التشيُّع وصدرت كتب ومقالات، وتحقيقات في كتب ومؤلفات علماء الشيعة، وعُقدت مؤتمرات علمية من قبل جامعات ومعاهد دراسية غربية، بُحِث فيها مختلف جوانب التشيُّع، من حيث التاريخ والنشأة والاعتقادات.

3 ـ فيما يخصُّ الإمام الحسين يكاد يكون الإعجاب بهذه الشخصية الإلهية مجمعاً عليه إلا ما ندر وما شذَّ من المتعصبين الذين وصفوا الحسين بصفات لا تليق به، فمن مظاهر الإعجاب أنَّ من المستشرقين يرى أنَّ الإمام الحسين قدوة، وآخر منهم يراه بطلاً ثائراً ضد الطغاة.

4 ـ كما أنَّ للمستشرقين آراء في الحسين مختلفة، وأكثرها إيجابية، وكذلك الحال بالنسبة لثورة عاشوراء، فإنَّ القلَّة من المتعصبين الذين وصفوها بأنَّها تهوُّر، أو عمل غير مدروس، أو مخاطرة.

ولكنَّ الأكثر كان يعتبرها قدوة الأحرار، بل دعا بعض الشعوب أن تتخذ من عاشوراء درساً في الكفاح والنضال ضدَّ المستبدِّ.

5 ـ أكثر المستشرقين يجعلون كفاح الحسين ومصائبه وتحمُّله لآلام الجهاد كمصائب وآلام المسيح بن مريم.

6 ـ إنَّ أرض كربلاء قد جلبت اهتمام المستشرقين، وبناءً على ما جرى على أرضها من تضحية وفداء الحسين بكلِّ ما يملك لإحياء دين جده، فقد زارها أكثر من رحَّالة ووصفوها بالدقَّة، بل رسم بعضهم ضريح الإمام الحسين، بل أكثر من هذا أنَّ بعض المستشرقين ولشدَّة حبِّهم لكربلاء سمَّوا أحد شوارع لندن باسم كربلاء، وقد صور هذا الشارع الشيخ محمد صادق الكرباسي صاحب الموسوعة الضخمة (دائرة المعارف الحسينية)، ووضعنا هذه الصورة في ملحق هذا البحث.

ب ـ التوصيات

إنَّ من جملة التوصيات التي نراها ضرورية في أبحاث الإستشراق والمستشرقين بما يتعلَّق بإظهار الآراء والنظريات والدراسات المتعلِّقة بالجوانب التاريخية والعقائدية المرتبطة بالدين الإسلامي بوجه عام، وبالمذهب الإمامي بوجه خاص، هي:

1 ـتكثيف الجهود العلمية بدراسة وتنقيح ما يقوم به المستشرقون من أبحاث ودراسة حول التاريخ الإسلامي عامة، وتاريخ الشيعة خاصة.

2 ـالعمل على ترجمة الأبحاث والكتب المعاصرة للمستشرقين، وبشكل مستمرٍٍّ، لتوفير مادّة دراسية للباحثين في هذا المجال.

3 ـالقيام بدراسات علمية عن مدارس المستشرقين المعاصرة، وما تقوم به من أبحاث وأعمال علمية تتعلَّق بتاريخنا وعقائدنا الإسلامية.

 4 ـإجراء حوارات علمية مع المستشرقين، ودعوتهم لإلقاء محاضراتهم التي تبيّن طبيعة دراساتهم ومنهاجهم العلمية في الإستشراق حول تراثنا الإسلامي.

الضمائم

أ ـ بحث مختصر للأستاذ جورج قنازع " كربلاء في الأدب الشيعي "

الدكتور جورج قنازع أستاذ جامعة حيفا، والمتخصِّص بتراث الأدب الشيعي، بدأ بهذا البحث قائلا:

«كربلاء بالمدّ، هو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي في طرف البريّة عند الكوفة».

هكذا عرَّف ياقوت الرومي كربلاء في معجم البلدان، ثم حاول أن يعلِّل سبب تسمية هذا الموضع بهذا الاسم، معتمداً على المعاني المختلفة للفعل كربَلَ، فالكربلة رخاوة القدمين، يقال: جاء يمشي مكربلاً، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسُميت بذلك، والكربلة تعني تهذيب الحنطة وتنقيتها، ويجوز على هذا أن تكون الأرض منقّاة من الحصي والدّغل، والكرابل اسم نبات الحماض، فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسُمّي به([279]).

وقد أضاف ابن منظور إلى هذه المعاني قوله إنَّ الكَربال هو المنْدَف الذي يُنْدَفُ به القطن([280]).

وقد تعرّض بعض الباحثين المعاصرين لأصل هذه التسمية، ولم يقصروا مجهوداتهم على اللغة العربية، فقد رجع بعض المستشرقين إلى تاريخ العراق القديم وإلى ما كان فيه من لغات وحضارات، وقدّموا تفسيرات أخرى جمع بعضها المستشرق Streck M. في مقالة كتبها عن كربلاء، صدرت في برلين سنة 1915.

من هذه التفسيرات رأي J. oppert الذي يعتقد أنَّ المقطع الأول من هذا الاسم مأخوذ من اللفظة الآشورية، كارو، أما الثاني فهو مأخوذ من اللفظة التوراتية الآرامية؟؟؟ (مع تغيير طفيف في آخرها) والتي تعني العطاء أو الضريبة، وعلى ذلك استنتج أنَّ معنى كربلاء (مدينة الجزية) stadtdes tributer.

أما المستشرق Hommel فيعتقد أنَّ أصل كربلاء كلمة كلدانية ki ـ Arbailu، في حين يعتقد G. Jacob أنَّه يمكن ربط كربلاء باللفظة الآرامية كربالا المتصلة بلفظ (كربلاتو) الآشورية، والتي تعني طريقة معيَّنة في تغطية الرأس([281]).

إلا أنَّ Streck M. لا يستحسن أياً من هذه التفاسير، ويقدِّم تفسيراً أبسط، إذ يعتقد أنَّ اللفظة العربية كربلاء مشتقَّة من kar ـ bella الآرامية المأخوذة عن kar ـ Bel الآشورية التي تعني سور الإله Bel.

فكلمة Karu الآشورية والتي تعني السور، استعملت في أسماء آشورية كثيرة مثل kar ـ nabu, kar ـ Istar, kar ـ adad ... وغيرها.

ويضيف Streck M. أنَّه ليس باستطاعته تعيين مكان مدينة باسم kar ـ bel، إلا أنَّ هناك ما يحمله على الاعتقاد أنَّ مدينة كهذه كانت موجودة فعلاً. ويضيف أنَّنا نعرف مدينة باسم kar ـ bel ـ matate ظهرت في الوثائق المسمارية (من الألف الثاني قبل الميلاد) وكان لها شأن ولكنَّها زالت بعد ذلك، وكان فيها الإله bel الذي سمي bel ـ matate أي سيد الأرض، أو السيد الذي يبجلّه سكان الأرض. أما موقع هذه المدينة فلا يمكن تحديده بدقّة، إلا أنَّ وسط بابل أو جنوبها هي المواقع المحتملة، ويشير أخيراً إلى أنَّ الصيغة المختصرة لهذه التسمية، وهي kar ـ bel كانت معروفة أيضاً([282]).

وكذلك حاول عبد الحسين الكليدار تفسير الاسم قائلاً: «فلإطلاق لفظ كربلا على مدن عامرة عند الفتح لابدَّ أن يكون جاهليَّ الأصل، وبزعم مجوس دور الفهلوية ومعتقدهم كان بيت نار، على ما ذكره مؤلف (دبستان المذاهب)، يطلقون لفظه بـ (كاربالا) ومعناه الفعل العلوي، فعُرّب بكربلاء»([283]).

أما عبد الحسين العاملي فقال في ملاحظة عابرة إنَّ الاسم مأخوذ من لفظة كور بابل التي صُحِّفت فصارت كربلاء([284]).

يتضح من هذه الأقوال جميعاً أنَّ لفظة كربلاء من أصل غير عربي على الأغلب، أُطلِقت على منطقة واسعة متصلة ببابل القديمة، ضمَّت عدَّة قرى صغيرة، ولم تكن ذات شأن في فترة ظهور الإسلام، من هذه القرى شفيّة، والغاضريات، ونينوى، ومارية والعقر، وهي (آخر أثر للبابليين لا يزال قائماً)([285]).

لم يرد ذكرٌ لكربلاء في التراث العربي قبل الإسلام ـ كما ذكر هونجمان([286]) ـ كذلك «لم تكن كربلاء عامرة يوم ورود الحسين لها يوم الخميس الثاني من المحرم سنة 61هـ»([287]).

وفي تعريفها ذكر ياقوت في معجم البلدان أنَّها (الموضع الذي قُتل فيه الحسين بن علي). وهذا يعني أنَّ مصرع الحسين في تلك البقعة من الأرض كان نقطة بداية في الإسلام احتلَّت بعدها كربلاء مكانة خاصَّة في الفكر الإسلامي عامة، والشيعي خاصة، وفي الأدب الذي كتب على مرِّ العصور في رثاء الحسين منذ مقتله حتى اليوم.

كان الحسين الإمام الثالث بعد والده علي وأخيه الحسن، وقد وصل سريعاً بحكم إمامته إلى موقع المواجهة مع الحكم الأموي، فحين عيَّن معاوية ابنه يزيد ولياً للعهد رفض الحسين مبايعته رغم الضغوط الكبرى التي تعرَّض لها، وحين ولي يزيد الخلافة سنة 60هـ/680م عزم على أخذ البيعة عنوة ممن لم يبايعه من زعماء الأمّة.

لقد تراكمت عوامل كثيرة جعلت الحسين بن علي يقرِّر مغادرة الحجاز إلى الكوفة في جنوب العراق، ليقف على رأس الناقمين على الأمويين، وليقود ثورة عارمة بهدف تحقيق هدفين رئيسيين هما إعادة الخلافة إلى أهل البيت، وتنظيم الحكم حسب شريعة الدين الجديد.

كان الأمويون يرصدون تحركات الحسين ويتعقَّبونه لإجهاض أي تمرُّد ضدّهم، لذلك كانت الإجراءات السريعة والحازمة التي اتخذها عبيد الله بن زياد كفيلة بالقضاء على أيِّ تحرك، لقد قتل عبيد الله بن زياد موفَد الحسين إلى أهل الكوفة مسلم بن عقيل، وعاقب من تعاون معه، وأغرى الكثيرين بالمال، واستطاع أن يحوِّل الظروف الواعدة التي اعتمد عليها الحسين حين قرَّر الخروج إلى الكوفة إلى ظروف مخيِّبة للآمال.

لقد تغيَّرت الظروف في الكوفة حين أصبح الحسين قريباً منها، وعرف حينئذ أنَّ مسلم ابن عقيل قد قُتل، وأنَّ قلوب أهل الكوفة معه ولكنَّ سيوفهم عليه، لم يكن باستطاعته أن يرجع إلى الحجاز، بل تابع السير فواجه جيش ابن زياد ليستدرجه إلى موقع خارج المدينة، حيث تمَّت المواجهة العسكرية غير المتكافئة التي كان من نتيجتها مقتل الحسين وعدد ممن كان معه في العاشر من محرم سنة 61هـ، في البقعة التي كانت تسمّى كربلاء، هناك دُفن القتلى، وتحوَّل المكان سريعاً إلى بقعة مقدَّسة.

ولقد ربطت الروايات الشيعية قدر الحسين بتربة كربلاء، ففي رواية عن أمِّ سلمة أنَّها قالت: «رأيت رسول الله’ وهو يمسح رأس الحسين ويبكي، فقلت: ما بكاؤك؟ فقال: إنَّ جبرئيل أخبرني أنَّ ابني هذا يُقتل بأرض يقال لها كربلا. قالت : ثمَّ ناولني كفّاً من تراب أحمر، وقال: إنَّ هذا من تربة الأرض التي يُقتَل بها، فمتى صار دماً فأعلمي أنَّه قُتِل»([288]).

وفي رواية أخرى أنَّه حين تناول التربة «شمّها وقال: ريح كرب وبلاء»([289]).

وروى عن علي بن أبي طالب أنَّه مرَّ بكربلاء عند أشجار الحنظل، وهو ذاهب إلى صِفِّين، فسأل عن اسمها، فقيل: كربلاء، فقال: كرب وبلاء، فنزل وصلَّى عند شجرة هناك، ثم قال: يُقتَل ههنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة، يدخلون الجنة بغير حساب، وأشار إلى مكان هناك، فعلّموه فقُتل فيه الحسين([290]). كذلك قال الحسين حين نزلوا كربلاء: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء! قال: كرب وبلاء([291]).

وفي رواية أخرى أنَّ الحسين ومن معه«ساروا جميعاً إلى أن أتوا أرض كربلاء وذلك يوم الأربعاء، فوقف فرس الحسين، فنزل عنها وركب أخرى، فلم تنبعث خطوة واحدة، ولم يزل يركب فرساً بعد فرس حتى ركب سبعة أفراس وهن على هذه الحال، فلما رأى ذلك قال: يا قوم، ما اسم هذه الأرض، قالوا: أرض الغاضرية، قال: فهل لها اسم غير هذا ؟ قالوا: تُسمّى نينوى، قال: أهل لها اسم غير هذا؟ قالوا: شاطئ الفرات، قال: أهل لها اسم غير هذا؟ قالوا: تُسمَّى كربلاء، فعند ذلك تنفَّس الصعداء وقال أرض كرب وبلاء، ثم قال: انزلوا، ههنا تُسفَك دماؤنا، ههنا والله تُزار قبورنا، وبهذه التربة وعدني جدِّي رسول الله ولا خُلْفَ لقوله ...»([292]).

ما يعنينا من هذه الروايات هو اشتقاق الكرب والبلاء من اسم الموضع كربلاء منذ تلك الفترة المبكِّرة، فبالإضافة إلى ما ورد أعلاه عن علي والحسين، نجد روايات أخرى عن بعض أئمة القرن الهجري الثاني تقترن فيها كربلاء بالكرب والبلاء.

فهذا الإمام جعفر الصادق ×يقول: «إنَّ يوم عاشوراء أحرق قلوبنا، وأرسل دموعنا، وأرض كربلاء أورثتنا الكروب والبلاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون»([293]).

ويقول الإمام الرضا×: «إنَّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذَلَّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء على يوم الإنقضاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون»([294]).

هكذا اقترنت كربلاء منذ البداية بمأساة الحسين، وكان من السهل والطبيعي أن تتمَّ عملية اشتقاق الكرب والبلاء من هذا الاسم، كما كان ردُّ الفعل الطبيعي الأول على هول المأساة هو الدعاء على هذه الأرض، التي كانت الموضع الذي وُتِر فيه آل الحسين، ولا أدلّ من قول عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الحسين في رثائه:

واحسينا فلا نَسِيتُ حسينا
غادرُوهُ بكر بلاءَ صريعاً
أقصدته أسنّةُ الأعداءِ
لا سقى الغيثُ بعدَهُ كربلاء(
[295])

وقالت زينب أخت الحسين حين أُدخِل آل الحسين إلى دمشق بعد مصرعه:

تُهدى سبايا كربلا
إلى الشآمِ والبلا(
[296])

 ومن الملاحظ أنَّ الكرب استدلَّ في هذا الشعر بالشآم المشتقة من الشؤم، وهي على ذلك تؤدي نفس المعنى.

ولكنَّ كربلاءَ كانت أيضاً الموضع الذي دُفِن فيه الحسين، وهي لذلك تربة شريفة طاهرة، ولا يتفق هذا مع ربطها بالكرب والبلاء، ومع الدعاء عليها وطلب حرمانها من المطر، لذلك كان من الطبيعي أن يحدث تحوُّل في مخاطبة كربلاء، وبدل الدعاء عليها صار من أوجب الواجبات الدعاء لها وتكريمها، بل وتقديسها، ولسنا بحاجة إلى التدليل على ذلك؛ إذ يكفي أن نقرأ عرض هونجمان لتاريخ كربلاء، أو ما كتبه عبد الحسين الكليدار، وعبد الجواد كليدار في نفس الموضوع؛ لنرى أنَّ كربلاء التي ضمَّت مشهد الحسين صارت كعبة الزوار الشيعيين وأهتم القائمون عليه بعمارتها، وخصوصاً عمارة مشهد الحسين فيها([297]).

ولقد أرتقت كربلاء إلى مكانة سامية جداً في الفكر الشيعي، وكثرت الروايات التي تعكس مدى ما بلغته من احترام وتقديس، وقد جمع ابن قولويه شيخ الطائفة وفقيهها المتوفى سنة 367هـ عدداً كبيراً من الروايات التي تدلِّل على تقديس تربة كربلاء وتفضيلها على البقاع الأخرى، بما في ذلك أرض مكة.

منها ما روي عن الرسول’ أنَّه قال: «يُقبَر ابني بأرض يقال لها كربلاء، هي البقعة التي كانت فيها قبة الإسلام التي نجّى الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان».

كذلك قال أبو جعفر: «الغاضرية [وهي من أسماء كربلاء القديمة] هي البقعة التي كلَّم الله فيها موسى بن عمران، وناجى نوحاً فيها، وهي أكرم أرض الله عليه، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أولياءه وأنبياءه ...».

وفي رواية أخرى: «خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الخلق مقدَّسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة»([298]).

ولعلَّ أفضل ما نقرأه عن مكانة أرض كربلاء في الفكر الشيعي ما كتبه عبد الحسين العاملي شارحاً كيف جمع لكربلاء بين القدسية والحزن، يقول: «روى ابن طاووس وغيره من المحقِّقين ... أنَّ أرض كربلاء كانت قديماً مزاراً للأنبياء والصلحاء، وكانت تأتي إليها الأنبياء قديماً وتقيم فيها العزاء، فأتى نوح× متأثراً بالحزن والبكاء حتى سُمِّي نوحاً لكثرة نوحه وبكائه في تلك الأرض ا لمقدَّسة، وكذلك موسى وعيسى وجميع النبيين... فإنَّها أرض ما دخلها أحد من الصالحين إلا حزن قلبه واعتراه الحزن والبكاء قديماً وحديثاً، وهل في أرض كربلاء سرٌّ غير الحسين من قبل أن يُقتَل فيها أم أنَّ الحسين كان هو السرَّ العظيم عند الأنبياء حتى كانت تأتي إليها الأنبياء وتفجع أنفسها في تلك الأرض من قبل أن يوجد الحسين... لم يسجِّل التاريخ شيئاً أنَّ أرض كربلاء فيها سرٌّ قديم غير سرِّ الحسين×»([299]).

وبعد، فإذا راجعنا ما قيل من شعر في رثاء الحسين وجدنا ذكراً متكرراً لكربلاء واشتقاق الكرب والبلاء منها، لقد أوردنا سابقاً ما قالته عاتكة [أو الرباب] زوجة الحسين، وما قالته زينب أخته فيه، كذلك أوردنا ما قاله النبي’ وعلي في كربلاء، وما قاله الحسين نفسه قبل مقتله من أنَّ كربلاء هي أرض كرب وبلاء، كذلك قال أحد المحاربين مع الحسين في أثناء القتال:

إنْ تُنكروني فأنا ابنُ الكلبي
لا أرهبُ الموتَ بدارِ الحربِ
عَبلُ الذِّراعينِ شديدُ الضـربِ
أفوزُ بالجنّة يومَ الكرب(
[300])

وإذا كانت عملية الإشتقاق هذه ترجع إلى ما قيل مقتل الحسين ـ وهو ما يصعب علينا التأكُّد منه ـ فليس غريباً أن تصبح هذه الظاهرة ملازمة للشعر الذي قِيل في رثاء الحسين منذ مصرعه حتى أيامنا هذه، ففي قصيدة طويلة منسوبة إلى عبد الله بن عمار المقتول سنة 245هـ، وقد قُطِع لسانه وخُرِّق ديوانُه بسبب شعره، نقرأ ما يلي:

إذا ذكرتْ نفسـي مصيبةَ كربلاءَ
وأشلاءَ سادات بها قد تفرَّتِ
أضاقتْ فؤادي واستباحتْ تجلّدي
وزادت على كربي وعيشي أمرّتِ(
[301])

ويقول الناشئ من قصيدة كان يُناح بها على الحسين:  

تُهدى سبايا كربلا
ينفثْنَ كرباً وبلا
إلى الشآم والبلا
ليس لَهنَّ كافل([302])

ويقول السيد الحميري:

كربلا يا دارَ كربٍ وبلا
وبها سبطُ النبي قد قُتلا(
[303])

ويقول أيضاً:

يا كربلاءَ تحدّثي ببلائنا
وبكربنا، إنَّ الحديثَ يُعادُ

ويقول ايضاً:

يا لَكربٌٍ بكربلاءَ عظيمُ
ولَرزءٌٍ على النبي ثقيلُ(
[304])

ويقول الصنوبري:

يا كربلاءُ خلّفتِ من
كربٍ عليَّ  وِمنْ    بَلا(
[305])

ويُنسَب للشريف الرضي هذا البيت (من قصيدة يعتقد محقق ديوانه أنها مزيّفة):

يا كربلا لا زلتِ كرباً وَبلا

ما لقي عندك آلُ المصطفى([306])

ويقول ابن حمَّاد:

لَغريبٌ بكربلاءَ صريعُ
طالَ كربي ِلذكرِه وبلائي(
[307])

ولم يقتصر ربط كربلاء بالكرب والبلاء على شعراء القرون الأولى، كما دلَّت الشواهد السابقة، بل تعداها إلى شعراء القرون المتأخرة، مثل ابن العرندس، وابن داغر، والخليعي والشيخ مغمس، وجعفر الخطِّي، وجعفر القزويني، وغيرهم، ولم ينقطع الشعر الشيعي عن استعمال هذا الاشتقاق، بل هو مستمرُّ في جميع العصور.

يقول ابن الجوزي:

لو كنتُ شاهدَ كربلا لبذلتُ في
تنفيسِ كربِك جهدَ بذلِ الباذل(
[308])

ويقول أخطب خوارزم، موفَّق الدين المكي المتوفى سنة 568هـ:

نعم بادّكاري كربلاءَ وأهلَها
تفاقم كربي واستحتمَ بلائي

ويقول من خطبه له: (... وأعقبوا الكرب والبلاء بتذكركم أيام كربلاء)([309]).

ويقول ابن العرندس (من شعراء القرن التاسع الهجري):

لم أنسَهُ في كربلا متلظياً
في الكربِ لا يلقى لماءٍ موردا(
[310])

ويقول ابن داغر (من شعراء القرن التاسع الهجري):

وما أنتِ إلا كربةٌ وبليةٌ
كلُّ الأنامِ بكربها مكروبُ(
[311])

وهكذا نجد في شعر البرسي، وجعفر القزويني، ومحمد السبيعي، والشيخ مغامس وغيرهم([312]).

لقد تحدَّث هؤلاء الشعراء عن الكرب والبلاء الذي حاق بالحسين وآله، وبهم حزن عليه، فكربلاء هي دار الكرب والبلاء، ويوم كربلاء هو يوم الكرب والبلاء وتذكُّر هذا اليوم يثير ذكرى الكرب والبلاء مجدَّداً، إلا أنَّ عدداً قليلاً من الشعراء حوّل الكرب والبلاء إلى غير آل الحسين وأنصاره، ففي رواية أوردها ابن قولويه (القرن الهجري الرابع) نقرأ قول جبرئيل للنبي’: «...وانَّ سبطك هذا ـ وأومأ بيده إلى الحسين ـ مقتول في عصابة من ذريتك، وأهل بيتك، وأخيار من أمتك، بضفة الفرات بأرض يُقال لها كربلاء، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه»([313]).

لاشك في أنَّ رواية كهذه جاءت لتنبِّه على أنَّ الكرب والبلاء لا يكون في أرض مقدَّسة ضمَّت جسد الحسين وأصحابه، لذلك نجد من الشعراء من طلب السُّقيا لتربة كربلاء، كما فعل دعبل الخزاعي في القرن الهجري الثالث بقوله:

سقى اللهُ أجداثاً على طفِّ كربلاء...

والشريف الرضي والجوهري وبديع الزمان الهمذاني وغيرهم([314]).

وكان عقبة السهمي قال ـ في أول شعر رُثِي به الحسين في القرن الهجري الأول ـ :

سلام على أهل القبور بكربلا...([315]).

وفي القرن السادس يطلب سبط بن التعاويذي السُّقيا لكربلاء مع غيرها من الأماكن([316]). حقاً لقد كان لمقتل الحسين وآله وقع شديد أثار الحزن والغضب في نفوس أقاربه وأتباعه ومحبيه، لذلك كان ردُّ الفعل الأول على مقتله غاضباً حزيناً، إلا أنَّ مرور الزمن أدَّى إلى معالجة الأمور بشكل بعيد عن الإنفعال والعاطفة، أضف إلى ذلك أنَّ الأحاديث الكثيرة التي رويت عن مقتل الحسين واعتباره قدراً مكتوباً، وتوجيهات الأئمة في رثاء الحسين وزيارة قبره جعلت من كربلاء مكاناً خاصاً، أكثر قدسية من أي بقعة أخرى على الأرض، يقول محمد مهدي شمس الدين:

«نعرف مورداً واحداً اشتمل على الدعاء منسوباً إلى السيدة الرباب زوجة الإمام:

غادروهُ بكربلاءَ صريعاً
لا سقى اللهُ جانبي كربلاءِ

ولكن هذا لم يستمرَّ طويلاً فيما يبدو، بل أُعيد الاعتبار إلى كربلاء، وربما كان ذلك بسبب الأحاديث التي حدّث بها أهل البيت أصحابهم من أنَّ كربلاء أرض مقدسة... إنها لا تزال في بعض الشعر موطناً للكرب والبلاء، ولكنه كرب حلَّ وانتهى أمره»([317]).

بعد زهاء أحد عشر قرناً على مقتل الإمام الحسين × زار الرحَّالة عباس المدني مدينة كربلاء ووصفها وصفاً يعكس نفسية هادئة مطمئنة؛ إذ قضى فيها أياماً أشعرته بالسعادة، يقول في (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس، ص84): فلما أسفر الصباح عن وجه الهناء والانشراح رابع ربيع الأول عام ألف ومائة وواحد وثلاثين من هجرة النبي المرسل توكَّلنا على الرب العلي، ورحنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلى المدفون بكربلاء؛ وفي سادس عشر دخلنا أرض الحائر، مشهد الحسين الطاهر.

لله أيامٌ مضتْ بكربلا

بمشهد الحسين ذي العلا
محروسةٌ من كلِّ كربٍٍ وَبلا
ونسلِ خيرِ الخلق من كلِّ الَملا(
[318])

وعلى الرغم مما تقدَّم، فلا تزال كربلاء تتكرَّرُ في بعض الشعر الشيعي ـ مرتبطة بالكرب والبلاء ـ  مثال ذلك قول الشيخ مغامس:

يا كربلاءُ أفيكِ يُقتلُ جهرةً
ما أنتِ إلا كربةٌ وبليةٌ

سبطُ المطَهر؟ إنَّ ذا لَعجيبُ
كلُّ الأنام بكربها مكروبُ(
[319])

ويرتبط بحث كهذا بأحد جوانب النظرية الأدبية العربية، وهو البديع عامة، وباب الاشتقاق منه بشكل خاص، ذلك أنَّ جميع الأحاديث النبوية أو أقوال الأئمة أو الشعر المقتبس أعلاه اعتمدت على اشتقاق الكرب والبلاء من اسم المكان ا لذي حدثت فيه المصيبة ـ كربلاء ـ . ونحن نعرف أنَّ الاشتقاق كأحد أبواب البديع، قد بدأ البحث فيه أبو هلال العسكري، حين صاغه بشكل سريع في أواخر الباب التاسع من كتاب الصناعتين، وهو الباب المخصَّص لأنواع البديع المختلفة، لقد تنبّه العسكري إلى فكرة الاشتقاق من بعض الأبيات الشعرية التي كانت أمامه، فقدّمها كنماذج لهذا الاستعمال، من قول أحدهم في غلام اسمه ينخاب:..................  وكيف ينجح من نصف اسمه خابا؟!

وقول أبي العتاهية:

حُلِقَتْ لحيةُ موسى باسمه
وبهارونَ إذا ما قُلبا

وقول ابن دريد في نفطويه:

لو أُوحي النحو إلى نفطويه
أحرقه اللهُ بنصفِ اسمه

ما كان هذا النحوُ يُقرأ عليه
وصيّرَ الباقي ُصراخاً عليه

ويورد العسكري كذلك من شعره شاهداً آخر على هذا الاستعمال، في هجائه لمدينة بانياس:

في البانياس إذا أُوطئتْ ساحتُها
وكيف يطمعُ في أمنٍ وفي دَعَةٍ
خوفٌ وحَيفٌ وإقلالٌ وإفلاسُ
مَن حلّ في بلدٍ نصفُ اسمه ياسُ
([320])

وقد أورد الجاحظ بعض الشواهد الشعرية التي تشير إلى أنَّ الشعراء اعتمدوا على الاشتقاق في الهجاء خاصة، منذ أواخر القرن الهجري الأول، قال الجاحظ:

وأراد اللعين [المنقري] هجاء جرير، وجرير من بني كلب، فاشتقَّ هجاءه من نسبه فقال:

سأقضي بينَ كلبِ بني كُليبٍ
فانَّ الكلبَ مطعمُهُ خبيثٌ
وبينَ القين َقين بني عقال
وانَّ القينَ يعمل في سفال

وقال رجل من همدان يقال له الضحاك بن سعد يهجو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، واشتقَّ له اسماً من الكلب فجعله كلباً فقال:

لجّ الفرارُ بمروانَ فقلتُ له
أين الفرارُ وتركُ الملك إن قبلتُ
فراشةُ الحلم فرعونُ العذاب وان
عادَ الظّلومُ ظليماً همُّه الهربُ
منكَ الهوينى فلا دينٌ ولا أدبُ
يُطلب َنداه فكلب دون كَلَبُ
([321])

لا شكَّ أنَّ هذه النماذج الشعرية تشير بوضوح إلى أنَّ الاشتقاق كان معروفاً للشعراء مستعملاً في الشعر قبل أن يحاول العسكري وضعه في إطار خاصٍّ ضمن أبواب البديع الأخرى، في أواخر القرن الهجري الرابع، ونحن نستطيع أن نرجع إلى فترة مبكرة أكثر، إلى أيام النبي محمد’ الذي عُرف عنه أنَّه كان يتفاءل ولا يتطيَّر.

ففي حديث الهجرة من مكة إلى المدينة«اجتاز النبي بغنم فقال لراعيها: لمن هذه؟ فقال: لرجل من أسلم، فألتفت’ لأبي بكر وقال: سلمتَ إن شاء الله، ثم قال للراعي: ما اسمك؟ قال: مسعود. فالتفت إلى أبي بكر وقال: سعِدتَ إن شاء الله».

وفي رواية أخرى منقولة عن إمتاع الأسماع للمقريزي: «ولقي بريدة بنَ الحُصيب الأسلمي(رض) في ركب من قدمه... فلما رآه رسول الله قال له: مَن أنت؟ قال: بُريدة ابن الحُصيب. فالتفت النبي’ إلى أبي بكر وقال: يا أبا بكر، برد أمرنا وصلح، قال: ممن أنت؟ قال: من أسلم من بني سهم. قال النبي’: سلمنا وخرج سهمك يا أبا بكر»([322]).

هذه الشواهد جميعاً لا تَدَع مجالاً للشكِّ في أنَّ الاشتقاق ظاهرة طبيعية في العربية، عرفها العرب ودرجوا على استعمالها منذ فترة مبكرة، ولا تشذُّ كربلاء عن هذا الاستعمال، خاصة وأنَّ مقتل الحسين حدث فيها، فكان سهلاً اشتقاق الكرب والبلاء من اسم المكان الذي قُتل فيه، ونحن لا نجد ذكراً لكربلاء أو لما اشتق منها في ما كتب عن الاشتقاق عند العسكري أو عند من تلاه من البلاغيين. وسبب ذلك في أغلب الظن أن الشعر الذي أشرنا اليه لم يكن بمعظمه من الشعر الشائع بين الناس، ذلك لأنَّ الشعر الشيعي كان مكبوتاً؛ لكونه شعر المعارضة في الفترتين الأموية والعباسية، ولأنَّه شعر مذهبي يعبِّر عن موقف سياسي ديني، فكان بذلك بعيداً عن دائرة الاستشهاد في نطاق الأبحاث الأدبية ـ البلاغية.

ب ـ أهمية المكتبة الشيعية في مدينة كولن

يُعدّ جاكوب كريستمان (المتوفى 1613 م) رائد الدراسات الإسلامية في ألمانيا، في حين أنَّ الاستشراق بصيغته العلمية بدأ في القرن 19 مع ويل (المتوفى 1889 م) أستاذ مادة التاريخ في جامعة هايدلبرغ. واتسعت آفاق هذا النشاط مع تأسيس زاخاو مدرسة الألسن الشرقية عام 1887 م في برلين، وكذلك افتتاح مدرسة التاريخ والثقافة الشرقية في هامبورغ عام 1908 م.

طبعاً، وحسب تقرير نجيب عقيقي، فإنَّ فرق اللغات الشرقية في مدينة فيرز برج (wurzburg) قد تشكلت في عام 1582 م، وفي مدينة لايبزج (Leipzig) عام 1409 م، وفي مدينة توبنجن(Tubingen) وهوله (Houle) عام 1477 م.

في عام 1845 م قام فلايشر بتأسيس جمعية المستشرقين الألمان في مدينة هوله، التي شهدت توسُّعاً عظيماً منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، وتعكس هذه الأمور مدى اهتمام المثقفين الألمان بالشرق وبالإسلام، حيث يتمتع سجل الاستشراق الألماني بسمعة طيبة، وقد هيأ هذا العمق التاريخي الثقافي المشرق الظروف المناسبة لولادة فكرة تأسيس المكتبة الشيعية في كولن، وبالفعل رأى هذا الصَّرح النور بفضل تضافر مشاعر التقدير لدى المسؤولين في مؤسسة الاستشراق في جامعة كولن، والهمة العالية للبروفسور فلاطوري.

ب / 1 ـ أهمية المكتبة وخدماتها

على غرار المكتبات الأخرى، استطاعت هذه المكتبة من الارتقاء بالبحوث العلمية عن طريق تقديم خدمات معلوماتية سريعة وراقية للباحثين، وطرح مئات الدراسات والرسائل الجامعية، والمقالات والكتب، ومعالجة مباحث جمَّة بالاعتماد على المصادر المتاحة فيها، وقد بلغ مستوى الخدمات المعلوماتية في هذه المكتبة درجة متطوِّرة، حيث يصفها البروفسور فيرنر ديم رئيس قسم الاستشراق في جامعة كولن قائلا:

«هذه المكتبة هي الأكبر من نوعها في الغرب على الإطلاق، وهي تُعدّ بحقّ قبلة الباحثين».

وكذلك نذكّر بحديث السيد أولريش ماتس (Ulrich Marz) رئيس جامعة كولن:

«تعتبر المكتبة الشيعية في كولن أهمَّ مكتبة من هذا النوع خارج إيران».

لم يكن هذا الصَّرح مكتبة فحسب، بل مركزاً للدراسات، يغطِّي بنشاطاته العلوم والعقائد الشيعية كذلك، وخلاصة القول، اتسمت بحوثه بالرقي والإثارة.

مضافاً إلى تقديم الخدمات الكتبية للباحثين، كان البروفسور فلاطوري يعدّ لمشروع فهرس المؤلفات الشيعية، يستعرض هذا العمل الضخم والعالمي، الكتب الشيعية في حقول العلوم والبحوث من البداية وحتى الوقت الحاضر، وقد تضمن هذا المشروع إتاحة المعلومات المطلوبة للباحثين بسرعة كبيرة، وقد يكلّف هذا المشروع جهوداً جبارة؛ ليخرج في ستة مجلدات، وعدّه البروفسور ديم مفخرة عظيمة، وذكرى خالدة للمرحوم فلاطوري.

تمكَّنت هذه المكتبة من حثّ الباحثين على الولوج في المباحث الخاصة بالشيعة والتشيّع، ولا أنسب من أن ننقل هنا نصّ حديث السيد ماتس:

«المذهب الشيعي هو ثاني أكبر مذهب بعد مذهب أهل السنة، ويمكن أن نقول بثقة بأنَّ الجهود التي لم تعرف الكلل للبروفسور فلاطوري، ساهمت إلى حدٍّ بعيد في تشجيع الباحثين في مجال الدراسات الإسلامية إلى الاهتمام بالمذهب الشيعي، وكان افتتاح هذه المكتبة أثناء مؤتمر الاستشراق لجامعة كولن بمثابة الخطوة الأولى لهذه الجهود الجادة».

علينا أن لا ننسى بأنَّ هذه المكتبة قد رأت النور بفضل الإعانات الشعبية والمساهمات غير الرسمية الحكومية، أي من المبالغ المرصودة من قبل الحكومات في المجالات الثقافية، وبعبارة أخرى إنَّها ليست حكومية، وتعتبر هذه السياسة أنجع أسلوب في مجال تقديم الخدمات الثقافية، وذلك لأنَّ لدى الحكومات من المشاكل والمسؤوليات ما يمنعها عن تحمّل هذه الأعباء. بالطبع، لم تكن عملية جمع التبرعات والإعانات من قبل البروفسور فلاطوري بالمهمة السهلة، فقد استطاع كما يقول البروفسور من خلال ما عرف عنه من إصرار وعزيمة، أن يهيئ بعض الإمكانات من جامعة الولاية والمؤسسات الإيرانية والمصرية، وكذلك الجمعيات الإيرانية في الولايات المتحدة وأوروبا، وكان همّه الرئيس أن يجعل من مشروع تأسيس المكتبة الشيعية مركزاً يستقطب الدراسات المهتمة بالمذهب الشيعي، لا أن يثير الحساسيات الطائفية بين السنة والشيعة، للأستاذ توروشكا (Tworuschka) زميل وصديق البروفسور الحميم نفس هذا الرأي، حيث يقول: «يعتبر الاستاذ فلاطوري، العالم المتبحر في العلوم الشيعية ومصادرها، مؤسس المكتبة الشيعية في كولن، كانت أبحاثه تصبّ باتجاه تعزيز الوحدة الإسلامية، خلال سنوات عديدة وبالتدريج، تحوّل إلى شخصية مرموقة ترمز إلى وحدة المذاهب الإسلامية، ولا أدلّ على ذلك اختياره، وهو العالم الشيعي، عضواً في مجلس جامعة الأزهر المصرية».

 ونشاط هذه المكتبة يتعدَّى دائرة مدينة كولن أو ألمانيا، فشهرتها العالمية غطَّت الآفاق، وينهل من علومها الباحثون من شتَّى أرجاء العالم، وقد خُطِّط لها من البداية أن تكون ذات صبغة عالمية.

على أيِّ حال، إنَّ أهمية المكتبة وتأثيرها من العمق بحيث استطاعت أن تغيّر مسير العديد من الباحثين الألمان، والدول الغربية بشكل عام، وتركت بصمات واضحة على نتائج معظم الدراسات الدينية، فكما صرَّح البروفسور ديم، بأنّها أعظم مكتبة متخصِّصة لمذهب معين في العالم العربي.

ب /2 ـ الوضع الراهن

تستقرُّ المكتبة الشيعية في كولن قلب مؤتمر الاستشراق في الجامعة، وهي وإن كانت تشغل مساحة صغيرة نسبياً (في غرفة أبعادها 5.5 في 6 متر مربع) إلا أنَّها تضمُّ حوالي 10 آلاف كتاب في شتَّى فروع الفكر الشيعي، خاصة الاثني عشري، والتي تشمل: تفسير القرآن، والفقه، والفلسفة، والكلام، والعرفان، والأخلاق العملية، وبالأخص علم الأصول، والفتاوى. وهي تضمُّ كتباً فريدة من نوعها ترقى إلى القرنين الـ(19 و20) كما يغطِّي قسم من المكتبة التحوُّلات الثقافية والسياسية المعاصرة في إيران ما بعد الثورة.

شرعت المكتبة بباكورة مشترياتها من الكتب في عام 1949م، عندما كان يرأسها البروفسور كراف (Graf)، لكن في ذلك الزمان، لم يحدَّد للمكتبة اتجاهاً معيناً بعدُ، أما القسم الأعظم من المشتريات فقد تمَّ خلال رئاسة البروفسور فلاطوري في الفترة 1965 1975، وذلك بشراء الكتب من المكتبات الخاصة في إيران بما فيها المخطوطات النفيسة، ومن ثَمَّ نقلها إلى مدينة كولن، وشهدت المكتبة أوج توسُّعها في الأعوام 1966 1975م([323]).

ج ـ مؤتمر المستشرقين حول التشيُّع

كان هناك العديد ممن شارك في هذا المؤتمر، نذكر منهم:

1 ـ آرمان آبل: استاذ جامعة بروكسل ـ بلجيكا.

2 ـ جان ـ أوين: استاذ جامعة كان.

3 ـ روبرت برونشويك: استاذ جامعة باريس.

4 ـ كلود كاهن: استاذ جامعة باريس.

5 ـ انريكو جردلي: استاذ جامعي في إيطاليا.

6 ـ هنري كوربن: المستشرق المعروف: استاذ في عدة معاهد وجامعات منها جامعة السربون.

7 ـ فرانسيسكو  ـ  كابريلي: استاذ جامعة روما.

8 ـ البرفيسور ريجارد ـ كرام ليخ: استاذ جامعي في ألمانيا الغربية

9 ـ آن ـ  لمبتون: استاذة في جامعة باريس.

10 ـ جرار لوكنت: استاذ اللغات الشرقية في باريس.

11 ـ ايوون لينان ـ دويل فوند: مدير المعهد العلمي للتحقيقات في باريس.

12 ـ ويل فريد مدلونك: استاذ جامعة شيكاغو في أمريكا.

13 ـ هنري ماسه: استاذ جامعي في فرنسا.

14 ـ شارل بلا: استاذ جامعي في باريس.

15 ـ جورج ـ واجدا: استاذ جامعة ليون ـ  فرنسا.

16 ـ آرنالدز: استاذ جامعة ليون ـ فرنسا.

17 ـ دورن ـ  هينج كليف: استاذة في جامعة لندن.

18 ـ فريتز ـ  ماير: استاذ في جامعة (بال) في سويسرا.

19 ـ جوزف ـ ماتوز: استاذ جامعة (فري بورك) في ألمانيا الغربية.

20 ـ هانس ـ رومر: استاذ جامعي في ألمانيا الغربية.

21 ـ إلياش: استاذ جامعة كاليفورونيا في ولاية لوس انجلس الأميريكية.

22 ـ هانس ـ  مولر: استاذ جامعي في ألمانيا الغربية.

وتناولت المقالات: القرآن وعلومه وتفسيره عند الإمامية، وعقائد الإمامية، وعلوم الإمامية؛ كالفقه والحديث والفلسفة والعرفان، وكيفية وصول الأحكام الفقهية عن طريق أحاديث الأئمة الاثني عشر.

وكان هذا المهرجان هو الأول من نوعه يعقد في أوروبا من قبل هذه المؤسسة، وفي الكتاب نفسه في الصفحة (276) يتطرَّق (كورت) إلى مسألة الإمامة في مذهب الشيعة....... ويقول: « إنَّ بعض علماء الإمامية يصف الإمامة بهذا الوصف حيث يقول: إنَّ الله سبحانه وتعالى والأئمة كالمصباح والنور، حيث إنَّ المصباح يتوهج ويسطع منه النور، والأئمة هم النور، وليس هم الله.

حيث إنَّ محمداً ’ وابنته فاطمة‘ واثني عشر إماماً هم ذلك النور، وبما أنهم نور الله، فهم مأمورون بوظائف في الأرض من قبل الله، وتكون على مراحل، كلُّ إمام يكمل مرحلة الإمام الذي سبقه، وكلُّ إمام له وظيفته الخاصة به.

ولم يذكر (كورت) اسم العالِم الذي نسب القول إليه. وكذلك تطرق إلى مسألة الغيبة بمرحلتيها الصغرى والكبرى، ويذكر أسماء السفراء الأربعة الذين تولَّوا مسألة السفارة في عصر الغيبة الصغرى»([324]).

د ـ الإمام الحسين في الشعر الغربي

قد رثا شعراء الغرب الإمام الحسين×، وكشفت أشعارهم عن مدى عمق تأثُّرهم بثورة عاشوراء، وهذه بعض قصائدهم:

قصيدة بعنوان: شهيد كربلاء Justice A.D Russel

من عصر إلى عصر، ومن فضائل العصر
يجب أن نحيي القصَّة الحية التي لا تموت
فقدانه وخسارته تبقى خالدة للشهداء
وخجله يُمثل مجد الشهداء
إلى أن تحلَّ الحقيقة، ويموت الشرف
إلى أن يشيب الزمان
انهض يا حسين، انهض
أول نسل النبي
يندفع بقوة وبشكل واسع وفسيح
ويرفع علمك إلى السماوات
ويأتي بسرعة قصوى وعظمى
فوق عرش كلِّ الحكماء
اغتصبت من قبل الأحمق يزيد
قد وشح درعه اللامع
بسيف أبيه وطوقه على نفسه

سيف علي ذو المقدرة
على حلكة المدمر
وقد جهر نفسه قبل نور الصباح
وعبر الصحراء الواسعة وحيداً
والآن حافظ أهل الكوفة على كلمتهم
لهذا السبب الجيد ليكون حقيقة
أرسل يزيد جماعة جبارين
ليزحف إلى مقاطعتهم خلال
ذخيرة أبيه من المرتزقة
الذي لم يعرف الفضل أو الرحمة أبداً
قد ضجروا بإلهه كرفع الرأس عالياً
ضرب فمه بسياطهم
يالهذا الفم الذي كثيراً ما شاهدت
الملائكة تعج حوله بالعجب
قبلات الأطفال، دافئة وناعمة
هذه الشفة التي عصرت من شفة النبي
يا ويلي على هذا الجسم والجسد
سحق، ضرب، ازدرى
والذي سحر النظرات المحدقة به
والذي كان مصنوعاً من الجنة
حيث لا يوجد حوافر أحصنة تلوثه
هو صبغة إلهية
يا أرض كربلاء الغير مثمرة والقاحلة
حيث لا بقول ولا حتى بستان
ولكنها مكسوة بأصوات الابتهاج الأبدية
هناك، قهرها وداس عليها
الأبن المقدس لفاطمة
وأعطى روحه إلى الله(
[325])
النص الأصلي للقصيدة المتقدمة:[326]

قصيدة بعنوان: الإمام الحسين H. wells

نحط على الصحراء اللاذعة
حيث خيم وعسكر فيها الحسين
حيث حوصر وطوق من قبل كلاب الشيطان
على ذلك اليوم الأسود الحزين
كان عددهم أقل من ثمانين من الأقوياء
والنساء والأطفال أيضاً
بينما الآلاف من جنود يزيد اصطفوا حولهم
بانتظار الشيطان الجبان
إنساب من خلال النهر البارد
أطفاله كانوا بانتظار الماء
بالانتظار مع صبر إلى أبعد حد كبير
مثل كبش منتظر لذبح القصاب
يالها من شجاعة في القتال بعدد قليل يرثى له
صد جنود يزيد القتلة الوحوش
قاتل بشجاعة لا مثل لها في الزمان
قاتل بضراوة والتي هي بالتأكيد إلهية
الزلزال والرجفة في الصباح قريبة
إلا أن الباقين من الناجين لم يعرفوا الخوف أبداً
إن القليلين قاتلوا لأجل
الإسلام، الله، والحسين هم وقفوا
في النهاية، الكل قد ماتوا وانتصر الشيطان
الدم الأحمر قد أغرق الشمس القاسية
دهسوا ومزقوا الحسين الشجاع
لأجل الإسلام والله ولإيمانهم قد نحروا(
[327])

النص الأصلي للقصيدة المتقدمة:[328]

قصيدة بعنوان: مأساة محرم Ethel M. pope

شعاع القمر الذهبي ينير ضبابهم
فوق العالم الحزين
لأعمق صوت رثائي جنائزي
راية الإسلام قد انتشرت
بخطوات موزونة وبطيئة، قد حملت
 أرتفع عالياً بين الناس
رمز اليد الجبارة
حتى رفعت لتصحح الخطأ
وبمرور الأيام تطوى كالحرير
لوحت بفخر في إيران
من قارة إلى قارة
الرمز العربي قد أمتد
طريقهم قد ميز النصـر
انتصار الحق
وحتى الأيدي الوثنية الأفريقية الظلماء
قد غسلت في اطهر نور

يوم السعادة قد رحل
لا توجد نشوة وفرح مرة ثانية
رؤوس الرايات قد أجهشت بالبكاء
لواجبهم هو النحيب والبكاء
إن فقدانه هو محبوب من كل
الأبطال بدون مشينة
والذين تضحيته النبيلة قد صنعت
خاتم العالم باسمه
بكرمه قد أعطى نفسه
واعطى حتى طفله الصغير
والأخوة والأصدقاء ونساء من دون مساعد أيضاً
يتشبث به الخوف
برباطة جأش، لا حركة ولا نحيب أو بكاء
واثق بسبب عدالته
هو قد قاتل بنبل ومات بنبل
لإنقاذ قوانين وشرع الإسلام العظيم
كل ذكريات الشهادة
العواطف الجديدة قد رفعت
المرارة والبكاء والعويل والنحيب
ذهبت ورحلت فإن الحزن المخفي
ينفجر ويظهر من جديد
وترجع السموات في البكاء، وإثارة العواطف
حسين، حسين، حسين(
[329])

 

 

النص الأصلي للقصيدة المتقدمة:[330]

هـ ـ رسومات المستشرقين[331]

خلاصة الرسالة

جاءت رسالتنا تحمل عنوان: (الإمام الحسين× وثورة عاشوراء من وجهة نظر المستشرقين)، وهي عبارة عن دراسة تعتمد المنهج الاستقرائي التحليلي الذي يعتمد العرض والنقد، حيث وجدنا في ضمن هذه الأقوال والآراء ما هو ليس بصحيح، أو بعبارة أخرى: لم تكن منصفة في نقل وعرض الأحداث التي رافقت هذه الثورة، ولذلك تطلّب منا أولاً بيان موضوع البحث وسبب اختياره، وإظهار أهمية البحث والهدف منه، مضافاً إلى بيان السابقة الدراسية للموضوع، وبيان السؤال الأصلي والأسئلة الفرعية، وبيان الفرضيات، وبيان أسلوب التحقيق المتّبع في هذه الرسالة، علاوة على بيان منهجية وخطّة البحث، كما تطرّقنا إلى شخصية الإمام الحسين×، بالإضافة إلى تقديم عرضاً  لثورة عاشوراء كما جاء في المصادر الإسلامية، ثم بيان للدراسات الاستشراقية حول التشيع وأهل البيت#؛ جميع ذلك كان في الفصل الأول الذي كان عنوانه مباحث تمهيدية.

ثمّ بعد ذلك تطرّقنا عن طريق مباحث الفصل الثاني الذي حمل عنوان: (آراء المستشرقين في الإمام الحسين×)، حيث بيّنا فيه مكانة الإمام الحسين× النسبية والدينية والاجتماعية والسياسية.

ثمّ جاء بعد الفصل الثالث الذي حمل عنوان: (آراء المستشرقين في ثورة عاشوراء)، وقد بيّنا فيه ثلاثة محاور، كان الأول حول بيان آراء المستشرقين حول ثورة عاشوراء، والثاني تضمّن بيان آراء الرحّالة المستشرقين في كربلاء، والثالث بيان الجانب المأساوي لواقعة عاشوراء في نظر المستشرقين. ثمّ أردفنا الرسالة بمجموعة من الضمائم أشارت إلى ما جاء حول الإمام الحسين× وثورة عاشوراء من مقالات وأشعار وصور وأحداث.

وأخيراً ذكرنا خاتمة تضمّنت بيان النتائج النهائية التي توصّلنا إليها من خلال فصول هذه الرسالة، كما انطوت على مجموعة من الاقتراحات والتوصيّة الخاصة بتحقيق ودراسة مثل هذه الموضوعات، مضافاً إلى بعض الضمائم المرتبطة بهذه الدراسة.

المصادر

* القرآن الكريم.

1 ـ الأخبار الطول، أبو حنیفة أحمد بن داوود الدینوري، ط1، دار إحیاء الکتب العربیة، القاهرة، 1960م.

2 ـ إرشاد القلوب، الحسن بن أبی الحسن الدیلمی، مؤسسة الاعلمی، بیروت، ط4، 1398هـ ـ 1978م.

3 ـ الإرشاد، أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان العکبري البغدادی الشیخ المفید، تحقیق مؤسسة آل البیت^ لتحقیق التراث دارالمفید، بیروت، ط2، 1414هـ ـ 1993 م.

4 ـ الاستشراق والخلفية الفکریة للصراع الحضاري، محمود حمدي زقزوق، دارالمعارف، بیروت، 1404هـ .

5 ـ الاستشراق والدرسات الإسلامیة، علي بن إبراهیم النملة، مکتبة التوبة، الریاض، 1418هـ.

6 ـ استشهاد الحسین، ابن کثیر، القاهرة، 1977م.

7 ـ الاستیعاب فی معرفة الأصحاب، أبو عمر یوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر، ط1، دارالجیل، بیروت، 1412/1992م.

8 ـ أسد الغابة فی معرفة الصحابة، عزالدین أبو الحسن علی ابن أبی الکرم محمد بن محمد بن عبدالکریم بن عبد الواحد الشیبانی المعروف بابن الأثیر، دارالفکر، لبنان، 1409 هـ/1989م.

9 ـ الإسلام الشیعی عقائد وایدلوجیات، یان ریشارد، ترجمة حافظ الجمالي، دار عطیة للنشر والترجمة ـ بیروت، ط19961م.

10 ـ الأمالي، لشیخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385 ـ 460هـ،  تحقیق قسم الدراسات الإسلامیة ـ مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزیع دارالثقافة، قم، ط11414هـ.

11 ـ الأمالی، للشیخ الصدوق أبی جعفر محمدبن علی بن الحسین ابن موسی ابن بابویه القمی، تحقیق قسم الدراسات الإسلامیة، مؤسسة البعثة، قم، الطبعة الأولی، 1417 هـ .ق

12 ـ الإمام الحسین فی حلة البرفیر، سلیمان کتاني، دارالکتاب الإسلامی، ط1، ایران، 1410هـ/ 1990م.

13 ـ إمام الحسین وإیران، کورت فریشلر، ترجمة ذبیح الله منصوری، انتشارات بدرقه جاویدان، ط6، طهران،1385ش.

14 ـ انساب الأشراف، أحمد بن یحیی بن جابر البلاذری، منشورات مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، بیروت ـ لبنان، ط11394هـ ـ 1974م.

15 ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار^، محمد باقر المجلسی، مؤسسة الوفاء، بیروت ـ  لبنان، الطبعة الثانیة المصححة، 1403هـ ـ 1983م.

16 ـ البدایة والنهایة، للإمام الحافظ أبي الفداء إسماعیل ابن کثیر الدمشقی، دار إحیاء التراث العربی بیروت ـ لبنان، الطبعة الأولی، 1408هـ ـ 1988م.

17 ـ بیتر جلکوفسکی، تعزیه هنر بومی پیشرو إیران، ترجمة داود حاتمی، انتشارات علمی فرهنگی، ط1، إیران 1367ش.

18 ـ تارخ إسلام، برتولد اشبولر، آن .ک، ترجمة أحمد آرام، انتشارات أمیر کبیر، ط6، إیران، 1969م.

19 ـ تاریخ الأدب الإیراني من قدیم الزمان إلی عهد الفردوسي، ادوارد براون، ترجمة علی باشا صالح، مکتبة ابن سینا، طهران، 1956، 1335، ط2.

20 ـ تاریخ کربلاء وحائر الحسین، عبدالجواد الکلیدار، بغداد، 1949م.

21 ـ التاریخ الأدبي للعرب (کامبریج)، رینولد آلیان.

22 ـ تاریخ الشعوب الإسلامیة، بروکلمان، ترجمة نبیه أمین ومنیر البعلبکي، دار العلم للملایین، ط5 بیروت، 1973م.

23 ـ تاریخ الطبری، أبو جعفر محمد بن جریر الطبری، مؤسسة الاعلمی، ط1، بیروت، 1418هـ ـ 1998م.

24 ـ تارخ العرب والشعوب الإسلامیة، کلودکاهن، ترجمة بدرالدین القاسم، ط3 دار الحقیقة، بیروت، 1983م.

25 ـ تاریخ العرب، فیلیب حتي، ادوارد جرجي، جبرائیل جبور، ط5، دار غندور، لبنان، 1974م.

26 ـ تاریخ مدینة دمشق، أبی القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عبدالله الشافعي المعروف بابن عساکر 499هـ ـ 571، دراسة وتحقیق علی شیري، دارالفکر للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

27 ـ تذکرة خواص الأمة، شمس الدین أبوالمظفر یوسف بن قزاغلي الحنفي سبط ابن الجوزي، مؤسسة أهل البیت لبنان، 1401هـ/1981م.

28 ـ تشیع، هانزهالم، ترجمة محمد تقي اکبري، نشر أدیان، ط1، إیران، 1994م/1385هـ.

29 ـ تصویر امامان شیعه در دائرة المعارف إسلام (ترجمة: مؤسسة شیعه شناسی)، ط1، إیران، 1387ش.

30 ـ تصویر شیعة در دائرة المعارف امریکانا، ترجمة محسن رضوانی، مؤسسة شیعه شناسی، ط2، إیران، 1384ش.

31 ـ ثورة الحسین ظروفها الاجتماعیة وآثار الإنسانیة، محمد مهدی شمس الدین.

32 ـ ثورة الحسین فی الوجدان الشیعی، محمد مهدی شمس الدین، ط1، الدار الإسلامیة، بیروت، 1980م.

33 ـ الحسین فی مواجهة الضلال الأموي، سامي البدري، مؤسسة طور سینین، ط1، بغداد، 2006م/1426هـ.

34 ـ حلیة الأولیاء، للحافظ أبی نعیم أحمدبن عبدالله الأصفهانی، ت430هـ، بیروت، دارالکتب العلمیة.

35 ـ حیاة الإمام الحسین بن علی÷، باقر شریف، الطبعة الأولی، 1398هـ/1974م.

36 ـ دائرة المعارف الإسلامیة، نشر مرکز الشارقة اللإبداع الفکري، ترجمة أساتذة جامعة، مصر، ط1، 1998م.

37 ـ دائرة المعارف الإسلامیة باللغة الألمانیة والفرنسیة والإنکلیزیة، ترجمة أحمد ابن الشتاوی، محمد زکی خورشید، عبدالحمید یونس.

38 ـ الدراسات العربیة والإسلامیة في الجامعات الألمانیة، رودي بارت، تعریب: د. مصطفی ظاهر، دارالکتاب العربي، القاهرة، 1967م.

39 ـ دعائم الإسلام، أبو حنیفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حیون التمیمي المغربي، تحقیق آصف بن علي أصغر فیضی دارالمعارف بمصر،1383 ـ 1963م.

40 ـ دور المنبر الحسینی فی التوعیة الإسلامیة، محمد باقر المقدسی، دارالفقه للطباعة والنشر، ط1، إیران، 1424هـ.

41 ـ ذخائر العقبی فی مناقب ذوی القربی، الحافظ محب الدین أحمد بن عبدالله الطبری، عن نسخة دارالکتب المصریة، ونسخة الخزانة التیموریة، عنیت بنشره مکتبة القدسی لصاحبها حسام الدین القدسی بباب الخلق بحارة الجداوی بدرب سعادة بالقاهرة، 1356.

42 ـ سطوع نجم الشیعة، جرهارد کونلسمان، ترجمة محمد أبي رحمة، ط1، مکتبة مدبولي ـ مصر.

43 ـ سنن الترمذی، للإمام الحافظ أبی عیسی محمد بن عیسی بن سورة الترمذی(209 ـ 279)، حققه وصححه عبد الوهاب عبد اللطیف، دار الفکر للطباعة والنشر.

44 ـ سیر أعلام النبلاء، الإمام شمس الدین محمدبن أحمد بن عثمان الذهبي (748هـ ـ 1374م)، أشرف علی تحقیق الکتاب وخرج أحادیثة شعیب الأرنؤوط، تحقیق حسین الأسد، مؤسسة الرسالة، بیروت، الطبعة التاسعة، 1413هـ ـ 1993م.

45 ـ سیرة الأئمة الأثني عشر^، هاشم معروف الحسني، دارالقلم، ط، بیروت 1981م.

46 ـ السیطرة العربیة، فان فلوتن، ترجمة إبراهیم بیضون، المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع، ط2، بیروت، 1405هـ ـ 1985م.

47 ـ شبکة النبأ المعلوماتیة: www.annabaa,org.

48 ـ شرق شناسی وإسلام شناسی غربیان، محمد حسن زمانی، مؤسسة بوستان کتاب، ط1، إیران، 1385ش.

49 ـ شیعة العراق الحقوق والضمانات، عدد من الکتاب، ط1، طهران، 2005م.

50 ـ الشیعة فی العالم العربی المعاصر، إسحاق نقاش، ترجمة مرکز الکاشف للمتابعة والدراسات الإستراتیجیة، 2006م: www.alkashef.org.

51 ـ الشیعة فی الإسلام، محمد حسین الطباطبائی، دارالفکر، بیروت، الطبعة الأولی.

52 ـ الشیعة فی العالم صحوة المستبعدین واستراتیجتهم، فرانسوا تویال، ترجمة نسیب عون، ط1، دار الفارابی، بیروت، 2007م.

53 ـ الصواعق المحرقة، ابن حجر الهیثمی، النجف، طهران.

54 ـ طبقات المستشرقین، عبدالحمید صالح حمدان، مکتبة مدبولي، لیبیا.

55 ـ الظاهرة الاستشراقیة وأثرها فی الدراسات الإسلامیة، سامی سالم، مرکز دراسات العالم الذسلامی، لیبیا،1991م.

56 ـ عقیدة الشیعة، رونلدسون ترجمة: ع.م، مؤسسة المفید، بیروت، 1990م/1410هـ.

57 ـ علل الشرایع، الشیخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسین بن موسی بن بابویه القمي، منشورات المکتبة الحیدریة ومطبعتها فی النجف، 1385هـ ـ 1966م.

58 ـ غادة کربلاء، جرجی زیدان، مؤلفات جرجی زیدان، دارالجیل، ط1، لبنان، 1981م.

59 ـ الغدیر فی الکتاب والسنة والأدب، عبدالحسین احمد الأمیني النجفي، عنی بنشره الحاج حسن إیرانی صاحب دارالکتاب العربي، بیروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1397هـ ـ 1977م.

60 ـ فرهنگ کامل خاورشناسان، شکر الله خاکرند، مرکز انتشارات دفتر تبلیغات إسلامی، ط 1، 1375هـ. ش.

61 ـ فضائل الخمسة من الصاح الستة، الفیروز آبادي، مؤسسة الاعلمي، ط4، بیروت، 1982م/1402هـ/

62 ـ قالوا فی الإمام الحسین (مخطوط)، للشیخ محمد صادق الکرباسي، بواسطة الأستاذ نظيرالخزرجي، عن المركز الحسيني للدراسات، لندن.

63 ـ قصة الحضارة، دیورانت، ترجمة محمد بدران، دارالجیل، بیروت، 1988م/1408هـ.

64 ـ قیام حسین ویارانش از نظر نویسندگان خارجی کاربین وغیره، ناصر دهقان کتاب خانه استان قدس، 1236هـ.ش

65 ـ الکافی، أبو جعفر محمد بن یعقوب بن إسحاق الکلینی الرازیw (328/329 هـ) مع تعلیقات نافعة مأخوذة من عدة شروح صححه وعلق علیه علی أکبر الغفاری نهض بمشروعه الشیخ محمد الآخوندی، دارالکتب الإسلامیة مرتضی آخوندی تهران، الطبعة الثالثة، 1388هـ. ش.

66 ـ کامل الزیارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولویه القمی (368هـ.ق) تحقیق جواد القیومی، مؤسسة النشر الإسلامی، الطبعة الأولی، 1417هـ.

67 ـ الکامل فی التاریخ، عز الدین أبو الحسن علی بن أبی الکرم محمد بن محمدبن عبدالکریم بن عبد الواحد الشیبانی المعروف بابن الدثیر، دار صادر للطباعة والنشر دار بیروت للطباعة والنشر، بیروت، 1385هـ ـ 1965م.

68 ـ کتاب الفتوح، أحمد بن أعثم الکوفی، المتوفی نحو سنة 314هـ/926 م، تحقیق علی شیری (ما جستیر فی التاریخ الإسلامی) دارالأضواء للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت لبنان، الطبعة الأولی، 1411هـ ـ 1991م.

69 ـ کتاب مقتل الحسین× عبدالرزاق المقرم، مکتبة بصیرتی، إیران، ط5، 1383هـ.ش.

70 ـ کربلاء فی الأدب الشیعی، جورج قنازع، موقع مرکز دراسات الحسین×.

71 ـ کشف الغمة فی معرفة الأئمة، الحسن علی بن عیسی أبو الفتح الأربلیw(693هـ)، دار الأضواء بیروت ـ لبنان، الطبعة الثانیة،1405هـ ـ 1985م

72 ـ لسان العرب، أبو الفضل جمال الدین محمد بن مکارم بن منظور الإفریقي المصري، دار إحیاء التراث العربی، مؤسسة التاریخ العربی، بیروت، ط1، 1416هـ ـ 1996م.

73 ـ اللهوف فی قتلی الطفوف، علي بن موسی بن جعفر بن محمد ابن طاووس الحسیني (664هـ)، أنوار الهدی، إیران ـ قم.

74 ـ لواعج الأشجان فی مقتل الحسین، محسن عبدالکریم الأمین العاملي، مطبعةالمظفري، بمبي، 1338.

75 ـ مآخذ شناسی توصیفی تاریخ تشیع امامیة، ترجمة مؤسسة بیشگام.

76 ـ مجلة الکرمل، جامعة حیفا، معهد دراسات الشرق الاوسط، العدد13، 1999م.

77 ـ مجلة المبلغ الشهریة، لندن، العدد1، حزیران 1989م.

78 ـ مجلة المرشد، العددان 11و12، عام 1999م.

79 ـ مجلة انجمن های علمی، شمارة 18، إیران 1378ش.

80 ـ مجلة نصوص معاصرة، السنة الثانیة، العدد الثامن، عام 2006م.

81 ـ المستشرقون والإسلام، محمد قطب، مکتبة وهبة، القاهرة، 1999م

82 ـ المستشرقون والتنصیر، علی بن إبراهیم النملة، مکتبة التوبة، الریاض 1417هـ.

83 ـ المستشرقون، نجیب العقیقی، ط1، دارالمعارف، مصر، 1964م.

84 ـ مسند احمد، الإمام احمد بن حنبل، دار صادر، بیروت.

85 ـ مسند زید بن علی، للإمام الشهید زید بن علی بن الحسین بن علی أبي طالب علیهم السلام، منشورات دار مکتبة الحیاة بیروت ـ لبنان.

86 ـ مطالعات إسلامی در غرب، محسن الویری، انتشارات سمت، چاپ اول، تهران، 1381ش.

87 ـ مع الحسین فی نهضته، أسد حیدر.

88 ـ معجم البلدان، شهاب الدین أبو عبدالله یاقوت بن عبدالله الحمودی الزومی البغدادی، دار إحیاء التراث العربی، بیروت ـ لبنان 1399هـ ـ 1979م.

89 ـ المعجم السیاسي، وضاح زیتون، ط1، الأردن ـ عمان، 2006م.

90 ـ المعجم الکبیر، للحافظ أبي القاسم سلیمان بن أحمد البراني (260هـ ـ 360هـ)، حققه وخرج أحادیثه حمدي عبد المجید السلفي، ط2.

91 ـ مقاتل الطالبیین، لأبي الفرج الأصفهاني(368)، مؤسسة دارالکتاب للطباعة والنشر قم ـ إیران منشورات المکتبة الحیدریة ومطبعتها فی النجف، 1385هـ ـ 1965م.

92 ـ مقتل الحسین، الموفق بن أحمد المکي أخطب خوارزم، النجف، 1948م.

93 ـ من افتراءت المستشرقین علی الأصول والعقیدة فی الإسلام، د. المنعم فؤاد، الطبعة الأولی، مکتبة العبیطان، الریاض، 2001م.

94 ـ مقدمة المدخل الی الشعر الحسیني، البرفیسور جورج قنازع، مرکز دراسات الحسین، لندن.

95 ـ معجم أسماء المستشرقین، د. یحیی مراد. دارالکتب العلمیة، بیروت، ط1، 2004م.

96 ـ مناقب آل أبی طالب، مشیر الدین أبو عبدالله محمد بن علی ابن شهر آشوب بن أبی نصر بن أبی حبیشی السروی المازندراني، دار الأضواء، بیروت، 1405هـ ـ 1985م.

97 ـ المنجد في اللغة والأعلام، کرم البستاني، دار المشرق، بیروت، ط10، 1976م.

98 ـ المنجد فی اللغة، لویس معلوف، انتشارات اسماعیلیان، إیران، ط2، 1365هـ.ش

99 ـ المورد، منیر البعلبکي، دار العلم للملایین، بیروت، ط17، 1983م.

100 ـ موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخلیلی، مؤسسة الأعلمی، بیروت، ط2، 1407هـ ـ 1987م.

101 ـ الموقع الرسمی لبنك المعلومات الإسلامی:

 www.i ـ b ـ (PDG)q.com/ara/06/article/04.htm

102 ـ نظرة المستشرقین الرحالة إلی الروضة الحسینیة، الکرباسی، بیروت، دارالعلم للنابهین، ط1.

103 ـ نهج البلاغة، خطب الإمام علی×، شرح محمد عبده، دارالمعرفة للطباعة والنشر، بیروت ـ لبنان.

104 ـ ینابیع المودة لذوي القربی، سلیمان بن ابراهیم القندوزي الحنفي، دار الأسوة للطباعة والنشر، مطبعة أسوة، ط1، 1416هـ.ق.

105 ـ  دورهٔ شکل گیری تشیع دوازده امامی، گفتمان حدیثی میان قم وبغداد Anderw,J.newma، آندره نیومان، ترجمة، مهدی ابوطالبی، لطف الله جلالی، محمدرضا امین، حسن شکراللهی، مؤسسة شيعه شناسی، قم ـ ایران، ط1، 1386هـ.ش.

 فهرست المصادر باللغة الإنجليزية

1.   Encyclopaedia of Islam, Leiden 1978.volp.637

2.   (WWW.ALKASHIF.org)

3.   (WWWhussaini ـ encnclonedia com)

4.   Husayu. Themdiator. Torsten Hylen. Sweden. Uppsala.2007.

5.   Brill: Leiden1989.

6.   http: //www.meforam.org/article/350

7.   M.streck: karbala, festschir I ft Edward, Berlin 1915, verlag von Georg reiner,pp.

8.   Studies in the kitab as ـ sina atayn of abu Hilal al ـ askari.E.J.

9.   The shia of india.

10.                     Encyclopaedia Americana.

11.                     Ashura Poems in Englis. Fajker rohani. First published. Iran 2007.

12.                     http: // www.Meforan.Org/article/35/

13.                     London lectures. Thpmas McElwain.

14.                     www.alislam.org



[1] البقرة: آية31.

[2] الريشهري، محمّد، العلم والحكمة في الكتاب والسنّة: ص36، نقلاً عن قرّة العيون للفيض الكاشاني: ص 438.

[3] المجادلة: آية11.

[4] البقرة: آية129.

[5] آل عمران: آية164.

[6] الكفعمي، إبراهيم، المصباح: ص280.

[[7]][7] البقرة: آية253.

[8] نهج البلاغة: الخطبة ١٨٢.

[9] شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص280.

[10] لويس معلوف، المنجد في اللغة: ص384، مادة شرق.

[11] ابن منظور، لسان العرب: ص2630، مادة عشر.

[12] المصدر السابق: ص509، مادة ثور.

[13] وضاح زيتون، المعجم السياسي: ص111.

[14] بدوي، موسوعة المستشرقين: ص257.

[15] فان فلوتن، (Gerolf van Vloten) السيطرة العربية: ص123.

[16] شهرام تقي زاده، كتاب (ماه دين): عدد 74 ـ 75.

[17] المصدر السابق: ص128.

[18] المصدر السابق: ص129.

[19] هالم، التشيع: ص130.

[20] المصدر السابق.

[21] المصدر السابق: ص131 ـ 132.

[22] المصدر السابق: ص240 ـ 241.

[23] المصدر السابق: ص230 ـ 231.

[24] المصدر السابق: ص235.

[25] المصدر السابق: ص236.

[26] المصدر السابق.

[27] المفيد، الإرشاد: ج2، ص27 ؛ ابو الفرج الاصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص84 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص115.

[28] الكليني، الكافي: ج1، ص530 ؛ المقريزي، الخطط المقريزية: ج2، ص285 ؛ ابن عبد البر، الاستيعاب: ج1، ص392.

[29] الطبراني، المعجم الكبير: ج3، ص117/ 2852 ؛ المقريزي، الخطط المقريزية: ج2، ص185.

[30] الصدوق، علل الشرائع: ج1، ص167/7 ؛ الأربلي، كشف الغمة: ج2، ص216.

[31] ابن الأثير، أسد الغابة، ج1، ص496.

[32] القرشي، حياة الإمام الحسين بن علي، ج1، ص38 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج13، ص171.

[33] زيد بن علي، مسند الإمام زيد، ص468.

[34] الترمذي، سنن الترمذي: ج4، ص84/ 1519 ؛ الطبري، ذخائر العقبى: 118 ؛ القرشي، حياة الإمام الحسين: ج1، ص41.

[35] القاضي المغربي، دعائم الإسلام: ج2، ص187/678 ؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص136/4.

[36] الخلوق: طيب مركب من زعفران وغيره. ابن منظور، لسان العرب: ج4، ص197.

[37] الكليني، الكافي: ج6، ص36 ؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص136/4.

[38] زيد بن علي، مسند الإمام زيد: ص468.

[39] أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء: ج4، ص299 ؛ الطبري، ذخائر العقبى: ص134. 

[40] أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل: ج5، ص182/17111 ؛ البلاذري، أنساب الأشراف: ج3، ص359.

[41] أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء: ج8، ص305.

[42] أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل: ج3، ص469/11200.

[43] آل عمران: الآية61.

[44] الطوسي، الامالي: ص259/469 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص167.

[45] ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق: ج7، ص118. وفي تاريخ ابن عساكر: ص56 (له جرأتي) بدلاً من (نجدتي).

[46] تبن الجوزي، تذكرة خواص الأمة: ص234. عن ابن سعد في الطبقات ملخصاً، والحافظ ابن عساكر بإسناده عن ابن سعد في ترجمة الإمام الحسين× من تاريخ دمشق، رقم: 224.

[47] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص399 ؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص276.

[48] ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص38.

[49] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص179؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص287.

[50] الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج1، ص389.

[51] القرشي، حياة الإمام الحسين×: ج1، ص408 ـ 409.

[52] ابن الأثير، أسد الغابة: ج2، ص193 ـ 194.

[53] آل عمران: 146.

[54] البابا لمنس، دائرة المعارف الإسلامية: ج7، ص427.

[55] محمد مهدي شمس الدين، ثورة الحسين ظروفها الاجتماعية وآثارها الإنسانية: ص236.

[56] البقرة: الآيات204 ـ 205.

[57] القرشي، حياة الإمام الحسين×: ج2، ص165 ـ 166.

[58]الخوارزمي؛ مقتل الحسين: ج1، ص184؛ ابن أعثم، الفتوح: ج5، ص14 ؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص325.

[59] ابن أعثم، الفتوح: ج5، ص32/23.

[60] ابن عساكر، تاريخ ابن عساكر: ج14، ص217؛ الطبري، تاريخ الطبري: ج5، ص404.

[61] الطبري، تاريخ الطبري، ج2، ص67 ؛ سامي البدري، الحسين في مواجهة الضلال الأموي: ص164 ـ 165.

[62] البحراني، مقتل العوالم: ص54 ؛ الأمين، اللواعج: ص28 ؛ ابن أعثم، الفتوح: ص35.

[63] أسد حيدر، مع الحسين في نهضته: ص69.

[64] ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص162.

[65] سامي البدري، الحسين في مواجهة الضلال الأموي: ص161.

[66] الطبري، تاريخ الطبري: ج5، ص403.

[67] المصدر السابق.

[68] ابن قولويه القمي، كامل الزيارات: ص150.

[69] الزَرد: البلع، ولعلها سمِّيت بذلك لابتلاعها المياه التي تمطرها السحائب؛ لأنّها رمال بين الثعلبية والخزيمة بطريق الحاج من الكوفة، وتسمّى زرود العتيقة وهي دون الخزيمة بميل، وفي زرود بركة وحوض.

[70] الدينوري؛ الأخبار الطوال: ص246 ـ 247.

[71] الخوارزمي؛ مقتل الحسين: ج1، ص328.

[72] الطبري؛ تاريخ الطبري: ج3، ص290.

[73] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج41، ص218.

[74]البحراني، مقتل العوالم: ص54.

[75] الديلمي، إرشاد القلوب: ص217 ؛ الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9، ص179.

[76] ابن أعثم؛ الفتوح: ج5، ص214.

[77] الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج3، ص302.

[78] القندوزي، ينابيع المودة: ج3، ص82.

[79] سامي سالم، الظاهرة الاستشراقية وأثرها في الدراسات الإسلامية: ص30

[80]  زماني، محمد حسن، شرق شناسي وإسلام شناسي غربيان: ص43.  

[81]  المصدر السابق: ص44 ؛ نقلاً عن: oxford. Advanced learners dictionary ـ 818.

[82] الويري، محسن، مطالعات إسلامى در غرب: ص10.

[83] البستاني، كرم، المنجد في اللغة والاعلام: ص384.

[84] البعلبکي، المورد: ص638.

[85]عبد المنعم فؤاد، من افتراءات المستشرقين على الأصول العقيدية: ص17.

[86] النملة، علي بن إبراهيم، الاستشراق والدراسات الإسلامية: ص24.

[87] الويري، محسن، مطالعات إسلامى در غرب: ص14 ـ 15.

[88] زماني، محمد حسن، شرق شناسي وإسلام شناسي غربيان: ص51.

[89] محمود زقوق، الاستشراق والخلفية الفكرية: ص19.

[90] المصدر السابق: ص20.

[91] عبد الحميد صالح حمدان، طبقات المستشرقين: ص3.

[92] العقيقي، نجيب، المستشرقون: ج1، ص110.

[93] محمود قزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية: ص20.

[94] ساسي السالم، نقد الخطاب الاستشراقي: ج1، ص28.

[95] المصدر السابق.

[96] رودي بارت، الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية: ص9.

[97] زماني، محمد حسن، شرق شناسى وإسلام شناسى غربيان: ص159.

[98] ساسي السالم، نقد الخطاب الاستشراقي: ص20 ـ 21.

[99] النملة، المستشرقون والتنصير: ص29 ـ 32.

[100] قطب محمد، مقالة بعنوان (المستشرقون والإسلام): ص11.

[101]زماني، محمد حسين، شرق شناسى وإسلام غربيان: ص344.

[102]عبد المنعم فؤاد، من افتراءات المستشرقين على الأصول العقيدية: ص36.

[103] عقيدة الشيعة: ص291.

[104] محمود تقى زاده، تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف امريكانا: ص11 ـ 12.

[105] من محاضرة للدكتور عبد الجبار الياسري، بعنوان (تحقيق المستشرقين حول اعتقادات وكتب الشيعة)، مجلة انجمن هاى علمى: 18، مقالة بعنوان (شرق شناسى در ترازو) المستشرقين في الميزان.

(*) إشارة إلى الحديث الذي يقول: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية). الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج16، ص246، ح/ 23 ؛ احمد بن حنبل، مسند أحمد: ج4: ص96.

[106] دائرة المعارف الإسلامية البريطانية والفرنسية والألمانية: ج14: ص57 ـ 58.

[107] دائرة المعارف الإسلامية باللغة الألمانية والإنجليزية والفرنسية، ترجمة زكي خورشيد وآخرين: ج14: ص59 ـ 60.

[108] إشارة إلى حديث المنزلة.

[109] إشارة إلى حديث يوم غدير خم.

[110] إشارة إلى الحديث النبوي: (مثل أهل بيتي كسفينة نوح ... الخ).

[111] ليس في الآية ما يدل على المعنى.

(*) الإمامية لا تقول بالحلول. يُراجع في ذلك كتب عقائد الإمامية.

[112] دائرة المعارف الإسلامية البريطانية والفرنسية والألمانية، ترجمة: زكي خورشيد وآخرين: ج14، ص63.

[113] جي. ام. ويكنز من جامعة تورنتو، دائرة المعارف امريكانا: ص82.

[114] جارلز جي، آدامز من جامعة مكيل، دائرة المعارف امريكانا: ص56.

[115] شهرام نقي زاده، كتاب (ماه دين): عدد 74 ـ 75.

[116] هالم، التشيع: ج15، ص27 ـ 28.

[117] المصدر السابق: ص44.

[118] المصدر السابق: ص65 ـ 66.

[119] المصدر السابق: ص81.

[120] المصدر السابق: ص238 ـ 239.

[121] المصدر السابق: ص240.

[122] نادر خبازي، كتاب (ماه دين) عدد: 66 ـ 67.

[123] أخذ من نبذة حول الكاتب طبعت في ظهر الكتاب من قبل دار الفارابي.

[124] فرنسوا تويال، الشيعة في العالم صحوة المستبعدين واستراتيجتهم: ص24.

[125] المصدر السابق: ص30.

[126] المصدر السابق: ص49.

[127] المصدر السابق: ص60.

[128] المصدر السابق: ص113.

[129]المصدر السابق: ص 124.

[130]المصدر السابق: ص 122.

[131]المصدر السابق: ص 125.

[132] المصدر السابق: ص125.

[133] المصدر السابق: ص126.

[134] المصدر السابق: ص129.

[135] المصدر السابق: ص133.

[136] المصدر السابق: ص144.

[137] خاكرند، فرهنگ خاوشناسان: ص257.

[138] فان فلونن، السيطرة العربية: ص123.

[139] مؤلفات جرجي زيدان: ج15، ص238.

[140] المصدر السابق: ص237.

[141] من كتاب (شيعة العراق الحقوق والضمانات): ص361.

[142] خاكرند، فرهنگ كامل خاورشناسان: ص15 ـ 16.

(*) هنري كوربان مستشرق فرنسي، أستاذ في جامعتي السوربون وطهران، وكان رئيساً للمعهد الفرنسي الإيراني، وله مؤلفات عديدة عن المذهب الشيعي، أبرزها كتاب (عن الإسلام في إيران ـ  مشاهد روحية وفلسفية). ترجمه إلى العربية الأستاذ نواف الموسوي، والكتاب جاء في سبعة فصول:  1ـ التشيع وإيران.               2ـ مفهوم التشيع الإثني عشري. 3ـ معركة التشيع الروحية.
4ـ ظاهرة الكتاب المقدس. 5ـ في الباطن والتأويل.  6ـ مبحث النبوة ومبحث الإمامة.
7 ـ معنى الإمامة للروحانية الشيعية.

[143] الطباطبائي، محمد حسين، الشيعة نص الحوار مع كوربان: ص49.

[144] نشر هذا المقال على الموقع الالكتروني: ميدل رايست فورم.http: //www.meforam.org/ article/35. ترجمة مركز الكاشف للمتابعات والدراسات الاستراتيجية. آب، 2007.

[145] محمد أيوب، موسوعة أكسفورد: ص150.

[146] المصدر السابق: ص151.

[147] المصدر السابق.

[148] وقد خصص أطروحته (الدكتوراه) كدراسة تحليلية حول الإمام الحسين وثورة عاشوراء من خلال رواياتجرير الطبري، قدمت في جامعة (آبسالا) فيالسويد قسم التاريخ الإسلامي(وحملت عنوان (Husayn the mediator) أي (الحسين الوسيط)، . 

[149] الحسين الوسيط: ص13.

[150] المصدر السابق: ص180.

[151] المصدر السابق: ص190.

[152]المصدر السابق: ص 13.

[153]المصدر السابق: ص 13.

[154] هالم، التشيع: ص42.

[155] فالييري، دائرة المعارف الإسلامية، نشر مركز الشارقة للإبداع الفكري، ترجمة أساتذة جامعة، مصر، 12: 3084، ط1، 1998م.

[156] ال ـ فالييري، ترجمة حسين مسعود، تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف إسلام: ص147 ـ 148، (ترجمة: مؤسسة شيعه شناسي).

[157] المصدر السابق: ص169.

[158]المصدر السابق: ص173.

[159]ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص232.

[160] تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف إسلام: ص174 ـ 175.

[161] المصدر السابق: ص176.

[162] ناصر دهقان، قيام حسين ويارانش از نظر نويسندكان خارجى: ص3 ـ 10.

[163] تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف إسلام: ص177 ـ 178.

[164] يان ريشارد، الإسلام الشيعي عقائد وإيديولوجيات، ترجمة حافظ الجمالي: ص52.

[165] جرهارد كونسلمان من أشهر الصحفيين الألمان، وقد عمل لوقت طويل محقِّقاً في التلفزيون الألماني، ومن خلال عمله هذا صار على دراية كبيرة بالتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في المنطقة العربية، له مؤلَّفات كثيرة ومتنوعة تتناول المشاكل العربية، منها العرب والقدس أربعة ألآف سنة حروب، أغنياء الشرق، الحرب غير المقدسة (لبنان)، وغيرها.

[166] جرهارد كونلسمان، سطوع نجم الشيعة: ص58.

[167] المصدر السابق: ص46 ـ 47.

[168] الباحثة العلمية في المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق، ومحاضرة في المدرسة العلمية للدراسات العربية في جامعة السوربون

[169] المرشد، العددان 11و 12، عام 1999م، ترجمة مركزالدراسات الإمام الحسين: 347 ـ 348.

[170] باحث في التراث والتاريخ الشيعي جورج قنازع أستاذ جامعة (حيفا) في مقال تحت عنوان (كربلاء في الأدب الشيعي)، علماً بأنّ ما يصدر عن هذه الجامعة يخضع لنظر لجنة علمية متخصصة من المستشرقين.

[171] جورج قنازع، كربلاء في الأدب الشيعي: ص182.

[172] قالوا في الإمام الحسين (مخطوط) للشيخ محمد صادق الكرباسي، نقلاً عن كتاب: نقلاً عن كتاب (الشعائر الحسينية العقائدية)، ص71، عن كتاب (الرافدان) للمستر سيتون لويد، وموسوعة العتبات المقدسة، قسم كربلاء، ص381، عن كتاب الرافدان (Lioyd, seton ـ Twin Rivers, Oxford University 1930).

[173] المصدر السابق: ص290.

[174] المصدر السابق.

[175] عبد الكريم هاشمي نزاد، درسي كه حسين به انسانها أموخت: ص291. نقلاً عن مجلة (نور دانش) الإيرانية في عددها الثالث لعام 1341هـ ش مقالات وآراء في الإمام الحسين لعدة مستشرقين.

[176] قالوا في الإمام الحسين (مخطوط) للشيخ محمد صادق الكرباسي، نقلاً عن كتاب: نقلاً عن كتاب (الشعائر الحسينية العقائدية)، ص71، عن كتاب (الرافدان) للمستر سيتون لويد، وموسوعة العتبات المقدسة، قسم كربلاء، ص381 عن كتاب الرافدان(Lioyd, seton ـ Twin Rivers, Oxford University 1930).

[177] ولد الأستاذ (كومار) عام 1917م في مدينة دلهي الهندية ودرس فيها، ثم ا نتقل إلى لاهور وتخرج من جامعتها في قسم الدراسات العليا للتاريخ، ويعد من كبار مثقفي الطائفة الهندوسية.

[178] المرشد، العددان 11و 12، ص347 ـ 348.

[179] قالوا في الإمام الحسين (مخطوط) للشيخ محمد صادق الكرباسي، نقلاً عن كتاب: حسين سب كا (اردو)، لمؤلفه شوكت عباد.

[180] المصدر السابق: ص154.

[181] المصدر السابق: ص152.

[182]المصدر السابق: ص296 ـ 297.

[183] المصدر السابق.

[184] مجلة المرشد، العدد 11و 12، ، ص296.

[185] ناصر دهقان، قيام حسين ويارانش از نظر نويسندكان خارجى: ص3 ـ 10.

[186] جرهارد كونسلمان، سطوع نجم الشيعة: ص51.

[187] المصدر السابق: ص52.

[188] المتخصِّص بالأديان والدراسات العربية والإسلامية، مستشرق سويدي، استاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة (أوبسالا) السويدية، تولى الأمانة العامة باللجنة الفكرية في مجلس الكنائس السويدي، له مؤلفات عدة منها كتاب (المسيحية والإسلام في حوار).

[189] هذه الموسوعة من تأليف الشيخ محمد صادق الكرباسي، وهي موسوعة ضخمة تتكون من (500) مجلد تضمَّنت كلَّ ما يتعلَّق بالإمام الحسين وكربلاء، جاءت تحت عنوان (دائرة المعارف الحسينية)، وتصدر عن مركز الدراسات الحسينية في لندن، وقد عكف عليها علماء الغرب المتخصصون بالتاريخ الإسلامي، والذين لهم مطالعات واسعة وتحقيقات متعددة في اللغة العربية والتاريخ على قراءة شخصية الإمام الحسين من خلال هذه الموسوعة، فكتبوا تقاريضَ عكست انطباعهم وما لديهم من تصوُّر حول شخصية الحسين الفذَّة، وكان من بينهم البروفسور المذكور أعلاه.

[190] المرشد، العددان 11و 12: ص279 و314 ـ 315.

[191] ولد في مدينة (فوزنيسينسك) في أوكرانيا عام 1934م، تخرج من المعاهد العالية الروسية في اللغة الإنكليزية، كما تخرج من معاهد خاصة باللغة العربية، حصل على شهادة الماجستير في الفلسفة من جامعة موسكو، ونال شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة موسكو، عمل مدرساً في معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم السوفيتية، وفي معهد الصحافة، قام بتدريس العلوم الإسلامية واللغتين العربية والإنكليزية، له مقالات حول الإسلام في الصحف العربية والإنكليزية والروسية.وضع العديد من المؤلفات منها (السنن القديمة للعرب) (تاريخ سوريا القديم) (تاريخ بين الرافدين) (تاريخ البحرين). انظر: المرشد، العددان، 11و 12: ص326.

[192] المرشد، العددان، 11و 12: ص328.

[193] الطبري، تاريخ الطبري: ج3، ص307 ؛ ابن عساكر، تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين: ص214.

[194] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج4، ص19؛ ابن اعثم، الفتوح: ج5، ص23.

[195] تاريخ إسلام، آربري، آرتور جان، وآخرين، ترجمة أحمد آرام، تاريخ پژوهش دانشگاه كمبريج: ص131، انتشارات أمير كبير تهران، 1386 هـ. ش.

[196] متخصص في الأدب الفارسي، وصاحب أوسع كتاب حول تاريخ الأدب الفارسي، ولد عام 1862م، وسط عائلة عُرفت بالطب واللاهوت، درس في مدرسة كلنالموند والمدرسة المعروفة أيتون، درس الطب في جامعة كامبرج عام 1879م، ونال شهادة الدكتوراه بالطب من جامعة لندن عام 1887م، أصبح عضواً في كلية بمبروك في جامعة كامبرج وذلك في عام 1887م، وفسح له هذا المنصب المجال للسفر إلى إيران، وقضى فيها سنتين، وبعد عودته من إيران عُيِّن استاذاً للغة الفارسية في جامعة كامبرج، حقَّق العديد من كتب الأدب الفارسي، وكتب حول حياة عدد من شعراء إيران، في عام 1902م عين استاذاً للغة العربية بجامعة كامبرج. انظر: عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، فرهنك كامل خاورشناسان، مترجم شكر الله خاكرند: ص41 ـ 42.

[197] ادوراد براون، التاريخ الأدبي الفارسي:ص227.

[198] ولد المستشرق الإنكليزي (موير) عام 1819م، شغل عدة مناصب في الهند، وأثناء عمله في الهند تعلم اللغة العربية، وتخصَّص في دراسة التاريخ الإسلامي، عكف على قراءة المصادر العربية للسيرة النبوية، ثم كتب مقالات عدة في مجلة (كلنكة) وكانت كتاباته حول تاريخ العرب قبل الإسلام، ومصادر السيرة النبوية، وحياة النبي وتتسم مقالاته بالتعصُّب وبعدها عن روح التحقيق. انظر: عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، فرهنك كامل خاورشناسان، ترجمة شكر الله خاكرند: ص402 ـ 403.

[199] وليام موير، السجل التاريخي للخلافة المبكرة: ص441 ـ 442.

[200] ناصر دهقاني، قيام حسين ويارانش از نظر نويسندكان خارجي: ص21.

[201] هانز هالم، التشيع: ص41 ـ 43.

[202] فرانسواتويال، الشيعة في العالم: ص24.

[203] المصدر السابق: ص36.

[204] آل، وجيا، فالييري، مترجم حسين مسعودي، تصوير امامان شيعه در دائرة المعارف إسلام: ص159 ـ 166

[205] سربيرسي، تاريخ إيران.نقلا عن موسوعة العتبات المقدسة: ج8، ص370.

[206] فراياستارك، صور بغدادية، ص 168.نقلا عن موسوعة العتبات المقدسة: ج8.

[207] لويد، تاريخ العراق من أقدم العصور إلى يومنا هذا، ص143 ـ 144.

[208] كارستن نيبور: رحالّة ألماني أختصَّ بعلم الفلك والجغرافية واللغات الشرقية. (محمد صادق الكرباسي، نظرة المستشرقين والرحالة إلى الروضة الحسينية: ص32 ـ 33).

[209] يقصد بالجامع المرقد المطهر لأبي الفضل العباس.

[210] شبكة النبأ المعلوماتية، الثلاثاء 22 كانون الثاني/2008م، 13 محرم/1429هـ.

[211] المصدر السابق.

[212] بيتر جلكوفسكي، عزا هنر بومى بيشرو إيران، ترجمة داوود حاتمى: ص9.

[213] المصدر السابق: ص49.

[214] بلي، عزاء الحسن والحسين، مقدمة الجزء الأول، نقلاً عن تعزيه هنر بومى پيشرو إيران: ص3.

[215] ولد في لبنان، درس الابتدائية فيها، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة سوق الغرب الأمريكية في بيروت، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، ودرّس فيها لمدة ثلاث سنوات بعد أن حصل على البكلوريوس، بعدها سافر إلى أمريكا ودرس بجامعة كولمبيا، وحصل على شهادة الدكتوراه هناك، عيِِّن مدرِّساً في قسم الدراسات الشرقية لمدة أربع سنوات، استدعته جامع برنستون وهي أقدم جامعة أمريكية عندما أرادت تأسيس قسم لدراسات الشرق الأدنى، ووضعت تحت تصرفه كل الإمكانات، وقد نجح فيما أُوكل إليه، وأسَّس مركزاً للدراسات العربية وما يتصل به من التاريخ والأدب، وأنشأ مكتبة عربية إسلامية في جامعة برنستون تعني بجمع المخطوطات والوثائق العربية والإسلامية ونشرها، وحوت هذه المكتبة 5500 مخطوط.

[216] فيليب حتي، تاريخ العرب: ص251.

[217] ولد في باريس عام 1952م، درس اللغة العربية والحضارة الإسلامية بباريس، قضى عدة سنوات في سوريا ولبنان وإيران لدراسة الحضارة الإسلامية عن قرب، تخرج من جامعتي باريس وبوردو، نال شهادة الدكتوراه من كلتا الجامعتين في تاريخ الفكر الإسلامي عام 1981م. وهو أستاذ محاضر في جامعة السربون قسم العلوم الدينية حالياً، وله كرسي التصوف الإسلامي بجامعة السربون.

انظر: مجلة المرشد، العددان 11و 12: ص31.

[218] مجلة المرشد، العددان 11 و12: ص310 ـ 313.

[219] ولد في السويد وتخصص في الدراسات العربية والإسلامية، عمل كأستاذ محاضر في قسم الدراسات العربية بجامعة أوبسالا، تولى الأمانة العامة باللجنة الفكرية في مجلس الكنائس السويدي. المصدر السابق: ص314.

[220] مجلة المرشد، العددان 11 و12: ص314، 315، 316.

[221] حصل على شهادة البكلوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة ويلز وجامعة لندن، كما نال شهادة بحوث من الجامعة الأمريكية ببيروت، وجامعة كامبرج في المملكة المتحدة، تنّقل بصورة واسعة في الشرق الأوسط، وعمل لفترة في عدن وبيروت، وهو الآن أستاذ محاضر بالدراسات العربية والإسلامية بجامعة أدنبرة في اسكتلندا، ترجم من العربية إلى الإنكليزية عدة كتب منها:

  الإرشاد، للشيخ المفيد.

2ـ الإمام علي، لسليمان كتاني.

3 ـ ثورة الحسين ظروفها الاجتماعية وآثارها الإنسانية، للشيخ محمد مهدي شمس الدين.

انظر: مجلة المرشد، العددان 11 و12: ص319 ـ 321.

[222] انظر: مجلة المرشد، العددان 11 و12: ص319 ـ 321.

[223] متخصص في الشؤون الإسلامية والعربية في روسيا الاتحادية، ولد في أوكرانيا عام 1934م، تخرج من إحدى المعاهد العالية في اللغة الإنكليزية في روسيا، حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة من جامعة موسكو، عمل مدرساً في معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم السوفيتية، وفي معهد الصحافة. انظر: المصدر السابق: ص326.

[224] مجلة المرشد، العددان 11 و12، ص328 ـ 329.

[225] الباحثة العلمية للدراسات العربية، ولدت في باريس عام 1958 تخرجت من معاهد وجامعات باريس، حصلت على ليسانس في اللغة العربية من جامعة بايونسيه، دكتوراه في الدراسات العربية من المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية أيناكو، عملت كباحثة علمية في المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق، أستاذة محاضرة في المدرسة العلمية للدراسات العليا في جامعة السوربون، من مؤلفاتها:

1 ـ الإصلاح الشيعي، علماء ورسائل جبل عامل منذ نهاية الإمبراطورية العثمانية ولغاية استقلال لبنان.

2 ـ تاريخ الإسلام، الأصول والمذاهب.

انظر: مجلة المرشد، العددان 11 و12، ص360.

[226] المصدر السابق.

[227] يوسف بن يعقوب دانا، الكلية العربية للتربية/ حيفا/ متخصص في شعر القرون الوسطى، وهو من الذين قدموا تقريظاً لموسوعة الإمام الحسين عبر شبكة الانترنت، راجع: الموقع الرسمي لدائرة المعارف الحسينية: encvclonedia.com _www.hussaini.

[228] أستاذ اللغات بجامعة لندن: SOAS.

[229] فيتو اسبيته/ استاذ لغات، الموقع الرسمي لدائرة المعارف الحسينية.

[230] ولد (Thomas McElwain) في ولاية أوهايو الأمريكية لكنه من الغريب أنَّه لم يعش هناك أبداً، معظم عائلته عاشت في غرب ولاية فرجينيا.

استطاع تكوين بيته في فنلندا "حيث قضى هناك معظم حياته، أكمل دراسته في مدرسة بيوترو ريكو. "Peutro Rico" عام 1968، وحصل بعدها على الدبلوم من كلية "سوس سالفية" الفرنسية، في عام 1979.

وفي نفس العام أي عام 1982 حصل على شهادة الأساتذة الجامعيين وأستاذ مشارك من جامعة ستوكهولم.

عمل (Thomas McElwain) كمساعد لمنهج الأكاديمية المهنية ومحاضر من الفترة 1979 إلى 2000 في جامعة تؤركو في فنلندا، وعمل في قسم الأديان المقارن والسياسية الاجتماعية في وقت لاحق، كما أنَّه درس الإنجليزية والفرنسية والإسبانية واليونانية والعهد الجديد في مختلف الكليات في فنلندا. وعمل أيضاً في جمعية البشير المعمدانية في الشمال في الفترة من عام 1986 إلى عام 1990، حيث تقوم هذه المنظمة بنقل المساعدات والتوعية الاجتماعية إلى أوروبا الشرقية والإتحاد السوفيتي سابقاً. وشغل أيضاً منصب مدير الحوار بين الأديان في المركز الإسلامي في إنجلترا في الفترة من عام 2001م إلى عام 2002م، كما قام بنفسه بأعمال الترجمة، حيث ترجم العديد من الأعمال الأكاديمية بين عامي 1980م إلى عام 2000م.نشر العديد من الكتب القيمة والأكاديمية منها "الدعوة إلى الإسلام" و"محاضرات لندن" التياختصّت بالإمام الحسين"، و"الفجر في مكة" و"يوميات الحج". انظر:www.alislam.org.

[231] هذه المقالة عبارة عن مجموعة من المحاضرات للمستشرق أعلاه ألقاها في إحدى جامعات لندن، تحت عنوان المعتقدات الشيعية في الكتاب المقدّس (shi'I deliefs intebidle) انظر: www.alislam.org.

[232] ديورانت، قصة الحضارة: ج7، ص82.

[233] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص217 ـ 218.

[234] يان ريشارد، الإسلام الشيعي عقائد وإيديولوجيات، ترجمة حافظ الجمالي: ص53.

[235] رينولد آليان، التاريخ الأدبي للعرب (كامبرج): ص197.

[236] خاكرند، فرهنگ خاوشناسان: ص48.

[237] بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية: ص128.

[238] ابن الجوزي، تذكرة الخواص: ص235؛ ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص194.

[239] الطبري، تاريخ الطبري: ج5، ص67، 70، 97، 114 ؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص334، 341، 346.

[240] كلودكاهن، تاريخ العرب والشعوب الإسلامية: ص31.

[241] المصدر السابق: 32 ـ 34.

[242] مستشرق بريطاني دكتوراه في اللاهوت والفلسفة.

[243] رونلدسون، عقيدة الشيعة: ص101.

[244] المصدر السابق: ص335.

[245] خاكرند، فرهنگ خاوشناسان: ص356.

[246] دائرة المعارف الإسلامية باللغة الألمانية والفرنسية والإنكليزية، ترجمة أحمد الشتاوي، محمد زكي خورشيد، عبد الحميد يونس، ج7: 427.

[247] المصدر السابق.

[248] نهج البلاغة: رسالة 62.

[249] إيفن سيجل، نيويورك ـ  مقدمة المدخل إلى الشعر الحسيني: ج2، ترجمة البرفيسور جورج قنازع ـ  جامعة حيفا.

[250] البروفيسور جورج قنازع 28/12/2001، مسيحي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة حيفا، ولد بمدينة الناصرة سنة 1941م.

[251] غراهام فولر، ميدل إيست فورم: صhttp: /www. Meforan. Org/article/35.

[252] بيترجيلكوسكي، دائرة المعارف إيرانكا، عام 2004م: ج12، ص407.

[253] المصدر السابق: ص498.

[254] المصدر السابق.

[255] المصدر السابق: ص501.

[256] تورستن هايلن، الحسين الوسيط: ص14 ـ 15.

[257] المصدر السابق: ص20.

[258]المصدر السابق: ص180.

[259]المصدر السابق: ص188.

[260] المصدر السابق: ص16.

[261] المصدر السابق : ص19.

[262] المصدر السابق: ص184.

[263] المصدر السابق: ص192.

[264] المصدر السابق: ص16.

[265] المصدر السابق: ص174.

[266] المصدر السابق: ص182.

[267] المصدر السابق: ص190.

[268] المصدر السابق.

[269] تورستن هايلن، الحسين الوسيط: ص14.

[270] المصدر السابق: ص19.

[271] إسحاق نقاش، الشيعة في العالم العربي المعاصر: ص21، سنة 2006 م، ترجمة مركز الكاشف للمتابعة والدراسات الاستراتيجية:   (www.alkashif.org).

[272] المصدر السابق: ص142.

[273] المصدر السابق: ص14.

[274] محمد أيوب، موسوعة اكسفورد: ص151. (أشرنا سابقاً الى أنَّ المقالة قد حُقِّقت من قبل لجنة موسوعة اكفسورد العلمية).

[275] المصدر السابق.

[276] عبد الحسين إبراهيم العاملي، المفيد في ذكرى السبط الشهيد: 10 ـ 11.

[277] جورج قنازع، كربلاء في الأدب الشيعي، 186 ـ 187.

[278] المصدر السابق: 181.

[279] ياقوت الرومي، معجم البلدان، بيروت، 1975، مادة (كربلاء): ج4، ص445.

[280] ابن منظور، لسان العرب: مادة (كربل).

[281]M. streck: karbala, festschir I ft edward, Berlin 1915, verlag von Georg reimer, pp. 397-8.

وفي لسان العرب ما يؤكد وجود هذه المعاني في العربية أيضاً، وذلك قوله: كار العمامة على رأس يكورها كوراً، لاثها عليه وأدارها، والكور هو لوث العمامة، والكوارة هي خرقة تجعلها المرأة على رأسها، واكتار الرجل اكتياراً إذا تعمّم، والكورة المدينة والصقع، والجمع كُور. وقال ابن دريد: ولا أحسبه عربياً.

[282] المصدر السابق: ص399 ـ 400.

[283] عبد الحسين الكليدار آل طعمة، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء، 1966م: ص6.

[284] عبد الحسين العاملي، المفيد في ذكرى السبط الشهيد، منشورات الأعلمي، بيروت، 1969: ص10.

[285] عبد الحسين كليدار، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: ص10.

[286]H. Honigmann: karbala, Encyclopaedia of Islam, Leiden 1978, vol p. 637

[287] عبد الحسين كليدار، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: ص10.

[288] الفيروزآبادي، فضائل الخمسة من الصحاح الستة، مطبعة النجف، 1383هـ: ج3، ص285 ـ 286 ؛ وانظر في ذلك، وفي معرفة علي بالأمر، وفي لعن الأنبياء قاتل الحسين: ابن قولويه، كامل الزيارات: ص59 وما بعدها، النجف، 1356هـ ؛ ابن طاووس، اللهوف على قتلى الطفوف، ص15 ـ 17 و27، طهران ؛ جعفر بن محمد بن جعفر بن نما الحلي، مثير الأحزان،طهران، 1318: ص6.

[289] ابن حجر الهيثمي، الصواعق المحرقة، ص115.

[290] ابن كثير، استشهاد الحسين، القاهرة، 1977، ص126 ؛ وانظر أيضاً: نصر بن مزاحم، وقعة صفين، القاهرة، 1382هـ: ص142 ؛ ابن طاوس، الملاحم والفتن: ص92 ـ 93 ؛ بحار الأنوار، طهران، 1385هـ: ج44/ ص253 ، وانظر فيه الشعر المنسوب لعلي، ص267.

[291] ابن كثير، استشهاد الحسين: ص66. وقد نظم الشاعر الخليعي هذه الرواية فقال:

لست أنساه بأرض الطف
ما اسم هذه الأرض؟
فبكى شجوا ونادى
أرض كرب وبلاء
إذ قال أخبروني
قالوا كربلاء يا ابن الأمين
يا لقومي حان حيني
في رباها يدفنوني

كما في منتجات الطريحي: ج2، ص408. ونظمها كذلك سيد علي حسن وأوردها في كتابه قلائد الفرائد، حيدر آباد، 1899، ص322.

وإذ قال ما اسم الأرض قد قيل كربلا
ويا قوم في هذي مناخ ركابنا
فقال فكرب في البلاد بمشهدي
وسفك دمانا ههنا بالشدائد

  

[292] أبو مخنف، مقتل الحسين ومصرع أهل بيته وأصحابه في كربلاء، النجف، 1347/1929: ص48 ـ 49. وفي رواية أخرى أوردها ياقوت في معجم البلدان: ج4، ص445 أنَّ الحسين (لما انتهى إلى هذه الأرض قال لبعض أصحابه: ما تُسمَّى هذه القرية وأشار إلى العقر، فقال له: اسمها العقر، فقال الحسين: نعوذ بالله من العقر! ثم قال: فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا: كربلاء، فقال: أرض كرب وبلاء). وفي اللهوف على قتلى الطفوف: ص80 ـ 81 أن جند يزيد سايروا الحسين حتى (بلغ كربلاء ... فلما وصلها قال: ما اسم هذه الأرض؟ فقيل كربلاء، فقال: اللهم إنِّي أعوذ بك من الكرب والبلاء، ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء، أنزلوا، ههنا محطُّ رحالنا، ومسفك دمائنا، وهنا محلُّ قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول الله’. وانظر: المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص381 ـ 383، وفيه ص326 عن الحسين رأى النبي’ في إغفاءة، فضمّه وقبّله وقال له: كأني أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك، مذبوحاً بأرض كرب وبلاء من عصابة من أمتي ...

[293] نور العين في مشهد الحسين المنسوب لأبي إسحاق الاسفرائيني: ص57، 1291هـ.

[294] أمالي الصدوق، النجف، 1389: ص113 ؛ محمد كريم خان الكرماني، رسائل المقتل، ص182 ؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج44، ص284.

[295] ياقوت الرومي، معجم البلدان، بيروت، 1957:  ج4، ص445، مادة (كربلاء) ؛ وانظر عبد الحسين الكليدار، م، س: ص11 ؛ وفي لواعج الأشجان للسيد محسن عبد الكريم العاملي (مطبعة المظفري: بمبي 1338، إن الشعر لرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين، وقراءة عجز البيت الثاني فيه: لا سقى الله جانبي كربلاء، وبهذه القراءة يزول الإقواء من الشعر.

[296] محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، المطبعة الإسلامية، طهران، 1385: ج45، ص288.

[297] انظر مادة (كربلاء) في دائرة المعارف الإسلامية (كما في الملاحظة 8 أعلاه)، وعبد الحسين كليدار، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء، وعبد الجواد الكليدار، تاريخ كربلاء وحائر الحسين، بغداد، 1949.

[298] ابن قولويه، كامل الزيارات: ص 268 ـ 269 ؛ وانظر أيضاً ص271، حيث تقرأ روايات عن تواضع تربة كربلاء ومكافأتها على هذا التواضع بجعلها التربة التي حوت جسد الحسين وأصحابه، وفي مقابل معاقبة تربة الكعبة على ما أبدته من تفاخر وطغيان بأن سلّط الله عليها المشركين وأرسل إلى زمزم ماءً مالحاًفأفسد طعمه، وعباس القمي، نفثة المصدور، ص12، المطبعة العلمية، تبريز 1344/1925.

[299] عبد الحسين إبراهيم العاملي، المفيد في ذكرى السبط الشهيد: ص10 ـ 11.

[300] أبو مخنف، مقتل الحسين: ص71.

[301] الموفق بن أحمد المكي، أخطب خوارزم، مقتل الحسين، النجف، 1948: ج2، ص137.

[302] م، س: ج2، ص147.

[303] ديوان السيد الحميري، تحقيق شاكر هادي شكر، منشورات مكتبة الحياة، بيروت، 1966: ص328.

[304] أخطب، خوارزم، م، س: ج2، ص156 و15.

[305] المجلسي، بحار الأنوار: ج45، ص252 ؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: ج4، ص124 ؛ محسن أمين العاملي، أعيان الشيعة: ج9، ص362.

[306] ديوان الشريف الرضي، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، ص172، 1977. ويقول محقق الديوان تعليقاً على هذه القصيدة: (وظني الغالب أنَّ هذه القصيدة مصنوعة ومنسوبة إلى الشريف الرضي، أراد صاحبها لها الذيوع والانتشار في محافل عاشوراء، فاجتهد ما وسعه الاجتهاد في أن يضع عليها ميسم الرضي وخانه التوفيق في بناء بعض أبياتها، كما فضحه حشو القصيدة بعقائد لم يمرن عليها الرضي في شعره ولم ينضح بها قريضه).

[307] الطريحي، منتخب الطريحي: ج2، ص199 ؛ أخطب خوارزم، مقتل الحسين: ج2، ص145.

[308] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج4، ص127.

[309] أخطب خوارزم، مقتل الحسين: ج2، ص192، 163.

[310] عبد الحسين الأميني، الغدير، طهران، 1372: ج7، ص20.

[311] المصدر السابق: ص27.

[312] المصدر السابق: ص50، 54، 60 ؛ الطريحي، منتخب الطريحي: ج2، ص376 و293.

[313] ابن قولويه، م، س: ص263 ـ 264 ؛ ونقله المجلسي في بحار الأنوار: ج45، ص181.

[314] أخطب خوارزم، مقتل الحسين: ج2، ص132، وانظر أيضاً ص134، 137، 143.

[315] أخطب خوارزم، مقتل الحسين: ج2، ص152.

[316] عبد الحسين الأميني، الغدير: ج5، ص395.

[317] محمد مهدي شمس الدين، ثورة الحسين في الوجدان الشيعي:  ص206.

[318] عبد الحسين الكليدار، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: ص21.

[319] الطريحي، منتخب الطريحي: ج2، ص293.

[320] أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، القاهرة، 1952: ص429 ـ 430 ؛ وانظر: Studies in the kitab as ـ sina atayn of abu Hilal al ـ askari. E.J. Brill: Leiden 1989.

[321] الجاحظ، كتاب الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، ط2، 1969: ج1، ص256 ـ 257.

[322] علي بن برهان الدين الحلبي، إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون: ج2، ص230 و231.

[323] الموقع الرسمي لبنك المعلومات الإسلامي

www.i ـb ـ(PDG)q.com/ara/06/article/04.htm

[324] كورت فريشلر، الإمام الحسين وإيران: ص279 ـ 280.

[325] فخر روحاني: ص53، (Ashura Poems in English).

[[326]] للاطلاع على النص اضغط على الرابط التالي : https://admin.warithanbia.com/files/images/386019453_1698576016.png

[327] المصدر السابق: ص40.

[[328]] للاطلاع على نص القصيدة اضغط على الرابط  التالي : https://admin.warithanbia.com/files/images/2105731853_1698576150.png

[329] المصدر السابق: ص48.

[[330]] للاطلاع على النص اضغط على الرابط التالي : https://admin.warithanbia.com/files/images/733357064_1698576316.png