العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
الدعاء في زيارة عاشوراء قراءةٌ في ضوء الأُسلوبيّة الصّرفيّة

الدعاء في زيارة عاشوراء قراءةٌ في ضوء الأُسلوبيّة الصّرفيّة

م. م. أحمد موفّق مهدي -ماجستير في اللغة العربيّة، كليّة التربية ـ جامعة البصرة/العراق

خلاصة المقال

المقدّمة

يسعى هذا البحث لدراسة الأداء الأُسلوبي في ضوء المستوى الصرفي للدّعاء في زيارة عاشوراء (المشهورة، وغير المشهورة)، التي زار بها الإمام الباقر× جدّه الإمام الحسين×، فهو بحث في بعض الأبنية الواردة في زيارة عاشوراء المقدّسة، والكشف عن معانيها في ضوء الأُسلوبيّة الصرفية.

فهذا النوع من الدراسات يُستمدّ عن طريق الصيغ وأبنيتها؛ ذلك أنّ صيغة الكلمة أو وزنها من العناصر الأساسيّة التي تُحدّد معناها، ولولا ذلك لالتبست معاني الألفاظ المشتقّة من مادّة واحدة، فالصيغة هي التي تُقيم الفروق بين (كاتب، ومكتوب، وكتابة)، وبين (شريك، ومشترك، وشركة)، فهي التي تُخصّص المعنى وتُحدّده، كتحديد معنى الفاعليّة فيما كان على وزن (فاعل) من الثلاثي، أو (مُفعِل) من (أفعل)، أو (مُفتعِل) من (افتعل)، ومعنى المفعوليّة في أوزان اسم المفعول، أو معنى الطلب في (استفعل)، كـ(استغفر) و(استرحم).

وعلى الرغم من أنّ الدراسة في هذا البحث جرت في إطار الأُسلوبيّة الصرفيّة، بيد أنّها حاولت الإفادة من بعض العناصر التي تتضافر مع الأبنية في الكشف عن دلالة اللفظة وتجلّيتها، من ذلك النسق اللّغوي والأُسلوبي للسياق، وداعية المقام ومقتضى الحال؛ إذ إنّ هذه العناصر تتآزر في الكشف عن الدلالات المقصودة في الألفاظ.

وحاولت جاهداً ـ في هذا البحث ـ تطبيق الأُسلوبيّة الصرفيّة لنصوص الدعاء التي وردت في زيارة عاشوراء، مستهلاً البحث بمقدّمة، ومن ثمّ لحقتْها ثلاثة مباحث، وخاتمة.

تناول الأوّل: قراءة الأُسلوبيّة في أبنية المصادر الصرفيّة، وقراءة الأُسلوبيّة في أبنية مصادر الأفعال الثلاثيّة المجرّدة، وقراءة الأُسلوبيّة في أبنية المصدر الميمي. وضمّ المبحث الثاني: اسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغ المبالغة، والصفة المشبّهة تحت عنوان: قراءة الأُسلوبيّة في أبنية المشتقّات. وتناول المبحث الثالث: قراءة الأُسلوبيّة في أبنية الأفعال الثلاثيّة المزيدة. ومن ثمّ خلص البحث إلى أهمّ النتائج التي توصّلت إليها.

المبحث الأوّل:  قراءة الأُسلوبيّة في أبنية المصادر الصرفيّة

تمثّل البنية المصدريّة ركيزةً رئيسةً في بناء الكلام، وتُلمح أهمّيتها في جهتي المبنى والمعنى؛ بعدّها إحدى اللبنات التي تكتنز بالمعاني والدلالات في تراكيب الكلام.

 المصدر في اللّغة: الأصل[1]. أمّا اصطلاحاً: ففي حدود ما اطّلع عليه الباحث من الدراسات التي تناولت المصدر، فقد وجد في تعريفات اللغويّين للمصدر اتّفاقاً على دلالته على الحدث، وتفاوتاً في تعيينهم لحدود تجرّده من الزمان، فمن اللغويّين مَن أشار إلى تجرّده عن الزمان فحسب، ومن القدامى في هذا الاتّجاه ابن جنّي الذي حدَّ المصدر بقوله: «المصدر كلّ اسم دلّ على حدث وزمان مجهول، وهو وفعله من لفظ واحد»[2].

وتابعه من المحدثين في هذا الاتّجاه الشيخ مصطفى الغلاييني الذي حدّ المصدر بقوله: «هو اللفظ الدالّ على الحدث مجرّداً عن الزمان، متضمّناً أحرف فعله لفظاً، مثل: (عَلِمَ عِلمْاً). أو تقديراً، مثل: (قاتلَ قِتالاً). أو معوضاً ممّا حُذِفَ بغيره، مثل: (وعد عِدَةً، وسلّم تسليماً)»[3].

في حين لم يكتفِ آخرون بالتنصيص على تجرّده من الزمان فقط، بل توسّعوا في ذلك، ومن القدامى في هذا الاتّجاه عبد القاهر الجرجاني، إذ حدّه بقوله: «المصدر ما دلَّ على الحدث لا غير. ويسمّى حدثاً، وحدثاناً، واسم معنى»[4].

وتابعته من المحدثين الدكتورة خديجة الحديثي في تعريفها المصدر بأنّه: «الاسم الذي يدلّ على الحدث مجرّداً من الزمن والشخص والمكان»[5].

إنّ تفاوت اللغويّين في تعيين حدود تجرّد المصدر لا يعني بالضرورة اختلاف مفهوم المصدر أو تعدّده، فمفهومه العامّ واحد، بيد أنّ وجهات النظر إليه متنوّعة؛ فالاتّجاه الأوّل الذي نصّ على تجرّد المصدر من الزمان فحسب، نظر إليه من زاوية احترز فيها عن الفعل ودلالته على الزمن، في حين احترز أصحاب الاتّجاه الثاني عن بعض أضرب الأسماء، من ذلك أسماء الأوصاف المتلبّسة بالشخص، وأسماء الزمان المتلبّسة بالزمان، وأسماء المكان المتلبّسة بالمكان.

 أوّلاً: قراءة الأُسلوبيّة في أبنية مصادر الأفعال الثلاثيّة المجرّدة

1ـ فَعْل

ذكر بعض اللغويّين أنّ صيغة (فَعْل) تمثّل الأصل في مصادر الأفعال الثلاثيّة المتعدّية[6]. أمّا الفعل اللازم فقد ذهب مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة إلى إجازة (فَعْل) مصدراً لـ(فَعَل) اللّازم، بانياً قراره هذا على أمرين: يتمثّل أوّلهما بما رواه الفرّاء (ت207هـ) بأنّه «إذا جاءك فعلٌ ممّا لم يُسمع مصدره فاجعله (فَعْلاً) للحجاز، و(فُعُولاً) لنجد»[7]. أمّا الثاني؛ فلورود أَفعال كثيرة لازمة مصدرها على فَعْل، كهمَس هَمْساً[8].

ومن ذلك المصدر (حَرْبٌ) للفعل الرباعي المتعدّي (حَاْرَبَ يُحَاْرِبُ)، فقد جاء في الزِّيارة: «يا أَبا عَبْدِ الله، إِنِّي سِلْمٌ لِـمَنْ سالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِـمَنْ حارَبَكُمْ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ»[9]. والحَرْبُ في اللّغة: «نقيض السلم»[10].

استُعمل التعبير في الزِّيارة الشريفة بصيغة المصدر؛ لما تنطوي عليه من تركيز على جهة الحدث وحده بمعزل عن جهتي الزمن والفاعل، ومِنْ ثَمَّ يتحقّق صرف ذهن المتلقّي إلى دلالة الحدث ومعناه، ولما تنطوي عليه من دلالة مطلقة على حدث التعدّي والمجاوزة للحدود من أُولئك المتحدَّث عنهم في الزِّيارة الشريفة؛ إذ حملت الصيغة المصدريّة دلالة سلوكهم السلبي.

ولـمّا كان السياق في معرض بيان مرجع حدث التعدّي على الإمام× وأثره عليه، يُلحظ أنّه لم يقتضِ في هذا الموضع بيان الزمن أو بيان الفاعل، اللذين يُنبئ بهما السياق؛ فإنّ صيغة (فَعْل) التي وظّفت للدلالة عليه تشعّ بالتركيز على دلالة الحدث، واسميّتها تشعّ بثبوت تحقّقه، وقد اعتمدها التعبير في الزِّيارة الشريفة داخل السياق؛ لإنكارِ التشابه بين أهل الآخرة من جهة، وأهل الدنيا من جهة أُخرى، والكشف عن التفاوت بين ما عند الله تعالى، وبين متاع الحياة الدنيا المشوب بالآلام، والمنغّص بالأكدار، والمستتبع للتَّحسّر على الانقطاع. هذا كلّه مستشّف من السّلم والحرب لولي الله الإمام المعصوم المفترض الطاعة.

ففي ضوءِ ما تقدّم يتبيّن أنّ المتلقّي يستطيع الكشف عن دلالات محدّدة للمصدر بموجب ارتباطه بالألفاظ الأُخرى، بيد أنّ مسألة تعددّ دلالة المصدر وعدم تحديده بدلالة مخصوصة بعينها، لا تنفي توافر مشتركات بين صيغه تلمح من زاوية الدلالة الصرفيّة للمصدر المتمثّلة بالمعطى الدلالي الأُسلوبي المرتكز على الحدث الذي يُصرف إليه ذهن المتلقّي.

2ـ فِعْل

تأتي هذه الصيغة مصدراً سُماعيّاً للأفعال الثلاثيّة المجرّدة[11] اللازمة والمتعدّية. ومن أمثلة مصادر هذه الصيغة للفعل الثلاثي ما ورد في الزِّيارة الشَّريفة: «إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ»[12]. فقد استعمل التعبير في الزيارة بالمصدر بصيغة (فِعْل)، مصدر الفعل الثلاثي اللّازم (سَلِم). والسِّلم في اللّغة: «المُسالمة والصلح، ضدّ الحرب والمحاربة»[13].

وقد اُستعملت هذه الصيغة المصدريّة لما ينبعث منها من دلالة على حدث عدم الاعتداء على الآخرين ظلماً وعدواناً، وجاء التعبير بهذا المعنى الذي ينطوي على قيم نفسيّة معيّنة بتوظيفه الصيغة المصدريّة (فِعْل) بدلالتها الصرفيّة الأُسلوبيَّة على الحدث، والتعبير عن هذا الحدث بصيغة مصدريّة مجرّدة من الزمان والذات، فضلاً عن الإضفاء على الصيغة انفتاحاً دلاليّاً تُلحَظ فيه معطيات دلاليّة عدّة كغير الذلّة، والهوان، والفضيحة. ومصاديق هذه المعطيات تكمن وراء الحدث في الواقع، وقد كُشِف عنها لفظيّاً بصيغة المصدر (سِلْم) التي تنبعث منها تلك المعطيات، موحيّةً بالأثر النفسي الذي يتركه هذا الجزاء في الحياة الدنيا.

واستعمال الزيارة الشَّريفة صيغة المصدر لا يعني استغناء السياق عن عنصر الزمن، فقد تضمّن التركيب قرائن  تُنبئ  بزمن حدوث جزاء السِّلْم في الحياة الدنيا، فمجيئه بالصيغة المصدريّة يتّسق مع الدلالة المقصودة في السياق؛ لما فيها من تركيز الاهتمام بالحدث وصرف النظر عن محدثه.

3ـ فُعْل

تُعدّ من أبنية مصادر الأفعال الثلاثيّة المجرّدة، وترد هذه الصيغة مصدراً سُماعيّاً[14]، وقد ربط سيبويه (ت180هـ) صيغة (فُعْل) بمعاني الحسن أو القبح التي تنطوي عليها خصال الأشياء[15].

ومن الأمثلة التي جاءت على  صيغة (فُعْل) المصدر (ظُلْم) في: «فَلَعَنَ الله اُمَّةً أَسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ»[16]. والظُّلْمُ: مصدر للفعل الثلاثي، ومعناه في اللغة: الجور ومُجاوِزة الحَدّ، وخلاف العَدْل، والغصب، وأخذ الشيء قَهْراً[17].

 حملت الصيغة المصدريّة انفتاحاً دلاليّاً بدلالتها على حدث الظلم والتباعد عن الخير والرحمة؛ إذ جاء المصدر وهو يحمل وضع الشيء في غير موضعه.

ويُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى حدث أو فعل معيّن، أو الإشارة إلى الوضع الراهن الأعمّ والأشمل. ويُشير المصطلح بصفة عامّة إلى إساءة المعاملة، أو التعسّف، أو الإهمال، أو ارتكاب جرم دون تصحيحه.

وقد يكون الظلم ناجماً ببساطة عن اتّخاذ قرار بشري خاطئ؛ ليكون متطابقاً مع ما يحمله من هذه المعاني الموجّهة في ضوئهِ إلى أُولئك الذين ظلموا فسخط الله عليهم، ومن ثمَّ دلّ استعمال المصدر على أنّ سمة الظّلم في الدنيا باقية ومطلقة؛ وذلك لعدم وجود قيد الزمن حول الصيغة المصدريّة بدلالتها على الحدث لا غير[18].

وفضلاً عمّا تقدّم؛ فإنّ هنالك طاقةً إيحائيّةً تنبعث من صيغة المصدر (ظُلْم)، «فالوصف بالمصدر يُشعرك أنّ الموصوف صار في الحقيقة مخلوقاً من ذلك الفعل؛ وذلك لكثرة تعاطيه له واعتياده إيّاه، ويدلّ على أنّ هذا المعنى له»[19].

وعلى الرغم من أنّ الدلالة التي ترتسم على الصيغة المصدريّة (ظُلْم) بوصفها صيغةً إفراديّةً تُلمح في إطار المعاني السلبيّة للأحداث، أي أنّه خلع عليها معنىً سلبيّاً في السياق الذي وظّفت فيه؛ فإنّ المنحى الأُسلوبي الذي ارتسم على المصدر (ظلم) السلبي (تركيبيّاً)، قد كشف عن مرونة في استعمال الصيغة المصدريّة ضمن  إطار الحقل الدلالي ـ الحسن أو القبح في خصال الأشياء ـ الذي اختزله سيبويه في الصيغة الإفراديّة .

4ـ فَعَل

تأتي هذه الصيغة مصدراً سُماعيّاً وقياسيّاً للفعل الثلاثي في أبواب عدّة، وقد ربط بعض المحدثين ـ ومنهم الدكتورة خديجة الحديثي ـ قياسيّة هذه الصيغة بدلالة أمثلتها على معانٍ محدّدة، كدلالتها على الداء، وعلى الحزن أو الفرح، وعلى الخوف أو الذعر، وعلى عيب أو حلية، وعلى جوع أو عطش، وعلى انتشار أو هيج، وما دلّ على سهولة أو تعذّر. أمّا عن سماعيّة هذه الصيغة للثلاثي اللّازم فقد ذهبت الدكتورة الحديثي إلى أنّها منوطة في غير المعاني التي تقدّم ذكرها في باب القياس لهذه الصيغة[20].

وقد وردت الصيغة المصدريّة (فَعَل) متمثّلةً بالمصدر(طَلَب) في الزِّيارة الشَّريفة: «أَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَ مَقامَكَ وَأَكْرَمَنِي بك أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ‘»[21].

طَلَب: مصدر للفعل الثلاثي، وهو من المصادر القياسيّة التي تنبعث منها دلالة الانتشار أو الهيج[22].

و(الطلب) في اللّغة: «محاولة وجدان الشيء وأخذه»[23].

ثمّ إنّ الصيغة المصدريّة المعبَّر بها فيها دقيقةٌ لطيفة تتمثّل في تركيزها على الحدث ذي الهَيج الذي تنطوي الصيغة عليه، ففيه من عظم الحدث وشدّة العقوبة ما يُستشعَر في الصيغة المصدريّة التي تُعطي ضوءاً كاشفاً عن هذا المعطى الدلالي الأُسلوبي.

وقد نتج من استعمال المصدر (طَلَب) وعيدٌ شديد في الدنيا، وهو أخذ الثأر من قتلة الإمام الحسين× تحت راية وليّه الإمام المنصور المؤيّد صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء؛ لأنّ النصّ الشريف نسب صدور هذا (الطلب) من الموالي المحبّ المخلص المؤمن بالله تعالى، فضلاً عن تعزيزه الحالة التي سيكون عليها الأعداء أو القتلة، وهي الذلّة والمسكنة والهوان.

5ـ فَعَال

تُعدُّ إحدى الصيغ المصدريّة التي ترد سُماعاً للفعل الثلاثي المجرّد[24] بضربيه المتعدّي واللّازم.

ومن الأمثلة التي جاءت على هذه الصيغة المصدر (أساس) في:«لَعَنَ اللهُ أُمَّةً أسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ لَكُمْ، وَمَهَّدَتِ الجَوْرَ عَلَيْكُمْ، وَطَرَّقَتْ اِلى اَذِيَّتِكُمْ وَتَحَيُّفِكُمْ، وَجارَتْ ذلِكَ فِي دِيارِكُمْ وَاَشْياعِكُمْ»[25].

أساس: مصدر[26]، ومعناه في اللّغة: أصل كلّ شيء ومبدؤه، أي قاعدة الارتكاز[27]. وقد أُجري التعبير بهذه الصيغة في سياق الزيارة؛ لما تضمّنته من تركيز دلالي على هذا الحدث الشنيع، وهو التأسيس للظلم والجور على أهل البيت^. ولمّا كان الحدث يحمل دلالةً سلبيّةً تُصنّف في إطار المعاني التي تحمل القبح الذي تنفر منه الطبائع السليمة، يُلحظ أنّ التعبير في الزِّيارة اختار صيغة (فَعَال) لتحمل هذا المدلول؛ لأنّه لا قبح أكبر من محاربة الله ورسوله وأهل بيته؛ لذا جاء الكلام بعد صيغة المصدر باللعن والبراءة؛ لعظم الجرم المقترف من هؤلاء الذين أسّسوا الظلم على آل محمّد|.

وقد أشار سيبويه إلى هذا المعنى في صيغة (فَعَال) فقال: «أمّا ما كان حُسْناً أو قبْحاً فإنّه ممّا يُبنى فِعُله على فَعُل يَفعُل، ويكون المصدر فَعَالاً»[28].

ولإضفاء الدلالة المشار إليها، فقد وظّف التعبير في الزِّيارة الصيغةَ المصدريّةَ التي تشعّ بدلالة حدث الخروج عن الاعتدال المقصود في السياق المتعيّن في مصاديق عدّة، منها: «إتلاف الأنفس والأموال، فالمحارِب يقتل الرجل لأخذ ما عليه من الثياب ونحو ذلك»[29]. وهذه الأفعال تترتّب عليها آثار سلبيّة تؤثّر في المجتمع، فجيء بصيغة المصدر في مقام بيان موجبات اللعن الذي سارع الإمام× في بيانه.

6ـ فُعْلان

تُعدّ (فُعْلان) إحدى صيغ المصادر القليلة الشيوع في العربيّة، وقد عدّها سيبويه من النوادر التي تُحفظ عن العرب ولا يُقاس عليها؛ لأنّ القياس إنّما يكون على الأكثر[30]، فهي سُماعيّة في جميع الأمثلة التي وردت عليها[31].

أمّا المعطى الدلالي الذي ينبعث من هذه الصيغة، فيمكن أن يُلحَظ في إطار التعبير عن المبالغة في الحدث، ويبدو لي أنّ لاصقة (الألف والنون ) لها أثر في إضفاء هذا المعطى على أمثلة هذه الصيغة، ممّا جاء على صيغة (فُعْلان) في الزِّيارة الشَّريفة، وهو المصدر (الخُسْرَان) في:  «اَللّـهُمَّ وَالعَنْ جَميعَ الظّالِمينَ لَهُمْ، وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ، اِنَّكَ ذوُ نِقْمَة مِنَ المُجْرِمينَ الذِّينَ خَسِرُوْا الخُسْرَانُ المُبِينُ»[32].

الخُسْرَان: يجيء مصدراً للفعل الثلاثي (خَسِرَ) ـ بكسر العين ـ بمعنى هَلَكَ، و(خَسَرَ) ـ بفتح العين ـ بمعنى نَقَصَ[33]. والذي يتأمّل في السياق والفعل (خَسِرَ) الذي تقدّم ذكره على المصدر يلحظ أنّ المصدر (الخُسْرَانُ) يحمل دلالات المعنى الأوّل، فعُبِّرَ بهذه الصيغة المصدريّة عن حدث إهلاك هذا الصنف من الناس لدنياه وآخرته.

وعلى الرغم من توافر صيغ مصدريّة أُخرى للفعل (خَسِر) مثل: الخُسر، والخَسَار[34]، إلّا أنّ التعبير جاء بمصدر على صيغة (فُعْلان)؛ ليتّسق تماماً مع مستوى الخسارة ـ خسارة الدنيا والآخرة ـ المقصودة في السياق. فهذه الصيغة تنماز من الصيغ المصدريّة الأُخرى للفعل (خَسِر) بزيادة مبناها بملاصقة (الألف والنون)، التي أضفت دلالة المبالغة والتكثير على الصيغة المصدريّة المستعملة في هذا الموضع.

وقد جاء هذا المصدر في الزِّيارة الشَّريفة؛ ليعطي نتيجةً مهمّةً تقدّم الكلام فيها، وليقف على نتيجة مهمّة لحالة من ضعف الإيمان بالله تعالى لصنف من الناس، وهو متقلّب يميل مع أهوائه، ضعيف الميزان، فكان حقّه أن يأتي توصيفه بالخُسْران.

7ـ فِعْلان

صيغة مصدريّة سُماعيّة في جميع أمثلتها التي تجيء عليها، وممّا سُمع على هذه الصيغة المصدريّة في باب ( فَعِلَ ـ يَفْعَلُ) المصدر (رِضْوَان)[35]، وقد ورد هذا المصدر في: «اَللّـهُمَّ لَقِّهِمْ رَحْمَةً وَرِضْواناً، وَروُحاً وَرَيْحاناً»[36].

والرِّضْوَانُ: مصدر الفعل الثلاثي (رَضِيَ ـ يَرْضَى). والرّضا: ضدُّ السَّخَطِ[37]. و«الرِّضْوَانُ: الرّضا الكثير، ولمّا كان أعظم الرِّضَا رضا الله تعالى، خصّ لفظ الرّضوان في القرآن بما كان من الله تعالى»[38].

وجاء استعمال صيغة (فِعلان) دقيقاً مؤدّياً المعنى المشار إليه، وتُلحظ هذه الدقّة في لاصقة (الألف والنون) التي لحقت الصيغة، فجاءت زيادة المبنى متّسقةً مع زيادة المعنى، فضلاً عن تنكير الصيغة للتعظيم[39]، فرِضوَان الله تعالى «عظِيمٌ لا يُقادرُ قَدرُه»[40].

ومع عبث الإنسان وأهوائه التي تقوده إلى الإقبال على الحياة وملذّاتها، وارتكاب المعاصي والابتعاد عن طاعة الله، فإنّ مغفرة الله ورحمته لم تنقطع عنه إذا عاد ورجع إلى طاعة الله تعالى، ثمّ عطف على هذه المغفرة (رضوان)، وهو صيغة المصدر الدالّة على تعظيم الشأن وفخامته؛ ليجزل العطاء، وليدلّ على فتح الباب أمام مَن بذل مهجته دون إمامه.

 ثانياً:  قراءة الأُسلوبيّة في أبنية المصدر الميمي

المصدر الميمي: أحد أنواع المصادر في الكلام، وقد حدّه ابن هشام الأنصاري (761هـ) بقوله: «ما بُدِئ بميم زائدة لغير المفاعلة كالمَضْرَب والمَقْتَل؛ وذلك لأنّه مصدر في الحقيقة، ويسمّى المصدر الميمي، وإنّما سمّوه أحياناً (اسم المصدر) تجوّزاً»[41].

وذكر سيبويه طريقة صوغ المصدر الميمي من الفعل الثلاثي من غير أن يُسمّيه بقوله: «فإذا أردت المصدر بنيته على (مَفْعَل)؛ وذلك قولك: إنّ في ألف درهم لَمَضرَباً، أي لَضَربَاً. قال الله عزَّ وجل: (أَيْنَ الْمَفَرُّ)[42]، يُريد أين الفرار»[43].

والذي يظهر في كلام سيبويه أنّه لا وجود لفارق دلالي يُميّز المصدر الميمي من المصدر الأصلي، فقد سوّى ما بين دلالتيهما من ناحية المعنى، فالمَضْرَب كالضَرْب، والمفَرّ كالفرار.

وإلى مثل هذا الرأي ذهب بعض المحدَثين أمثال الدكتور محمّد خير الحلواني، والدكتور صالح سليم الفاخري، فالمصدر الميمي عندهما كالمصدر الأصلي من جهة الدلالة على الحدث، بيد أنّه يختلف عنه في الشكل[44].

ولكن في هذه الجزئيّة من الدراسة نعرض دقيقةً أُسلوبيّةً لا يمكن إغفالها، تتمثّل في الدقّة المتناهية التي يتّبعها مُنشِئ النَّص في اختيار ألفاظه وتوظيفها لمعانٍ مقصودة لذاتها، وهذه الدقيقة أو النكتة ترجّح ما ذهب إليه الدكتور فاضل السامرائي؛ إذ ألمع إلى ما يميّز المصدر الميمي من المصدر الأصلي بقوله: «إنّ المصدر الميمي في الغالب يحمل معه عنصر(الذات)، بخلاف المصدر غير الميمي؛ فإنّه حدث مجرّد من كلّ شيء... ومن ناحية ثانية فإنّ المصدر الميمي في كثير من التعبيرات يحمل معنىً لا يحمله المصدر غير الميمي»[45].

   وتهدف الدراسة في هذا الموضوع إلى الوقوف على دلالات المصدر الميمي في بعض الصيغ التي وردت في الزِّيارة الشَّريفة.

1ـ مَفْعِل

يجيء المصدر الميمي قياساً على صيغة (مَفْعِل) للفعل الثلاثي المعتلّ (الفاء) بالواو في باب (فَعَلَ ـ يَفْعِلُ)، أي أنّ مضارعه يكون مكسور العين[46]. وذهب الفرّاء إلى أنّ هذه الصيغة تجوز في (كال ـ يكيل) وشبهه من الفعل، ناقلاً عن العرب قولهم: (المعيش)، وأورد مثله (المسير)، معمّماً إجازة هذا الوزن لمصدر أي فعل يشبهه[47] .

  ومن المصادر الميميّة التي وردت على صيغة (مَفْعِل) لفظة (مَوْطِن) و(مَوْقِف) في: «اللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَكْبادِ، اللَّعِينُ ابْنُ اللَّعِينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ|، فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ‘»[48].

إنّ مَن يمعن النظر في السياق الذي حلّ فيه المصدر الميمي، يلحظ أنّه يقتضي مقاصد دلاليّةً تدلّ عليها صيغة المصدر الميمي، في حين تفتقر إلى بعضها صيغة المصدر الأصلي، ومن ذلك أنّ السياق في معرض الحديث عن الفاسقين، فجيء بصيغة تفوق المصدر الأصلي في قوّة دلالته وتأكيدها[49]؛ لتجلية وقوع الحدث وحتميّته.

2ـ مَفْعِلَة

جاءت صيغة (مَفْعِلَة) سُماعاً في الأفعال الثلاثيّة صحيحة (الفاء)، كما وردت في معتلة العين بـ(الياء)، فقد وردت هذه الصيغة في أفعال عدّة من باب (فَعَلَ ـ يَفْعِل) نحو: مَعْجِزة من عَجَزَ، ومَعيشَة من عاش[50].

     وممّا جاء على هذه الصيغة لفظة (مَغْفِرَةٌ) في: «اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقامِي هذا مِمَّنْ تَنالَهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَهٌ»[51].

والمَغْفِرةُ: مصدر ميمي للفعل (غَفَرَـ يَغْفِرُ)، ومعناه: «التغطية على الذنوب والعفو عنها»[52].

وقد جاء استعمال صيغة المصدر الميمي؛ لما تشتمل عليه من قرائن توحي بقوّة دلالتها ومضمونها، من ذلك الزيادة في مبناها بسابقة الميم، فضلاً عن لاحقة التاء التي أضفت عليها معنى المبالغة[53]، فالزيادة في المبنى عادةً ما تُسهم في زيادة المعنى[54].فضلاً عن ذلك فإنّ المبالغة في المعنى يمكن أن تُلحظ في هيئة التنكير التي جاءت عليها الصيغة، فمنحتها دلالة العموم والشمول، ومِنْ ثمَّ جاءت دلالات متناغمة مع السياق الذي حلّت فيه.

إنّ زيادة مبنى اللفظة ـ فضلاً عن تنكيرها ـ جعل الصيغة متّسقةً مع معانٍ ومقاصد توخّاها السياق، تتمثّل بالمبالغة والزيادة والتكثير في دلالة اللفظة على حدث الغفران والعفو المرتبط بالله تعالى.

وقد أفاد هذا التعبير من البنية المصدريّة في الدراسة أيّما إفادة، فقد عني باختيار تلك الصيغ على وفق ما يتطلّبه سياق الموقف من تركيز على دلالة الحدث مجرّداً، تلك الدلالة التي أشّرتها الدراسة في صيغ المصدر الأصلي على تنوّعها، أو دلالة الحدث والذات التي تؤدّيها صيغ المصدر الميمي، وهو ممّا يجعل المتلقّي يقف على مقاصد التعبير في زيارة عاشوراء المتوخّاة في نصوصها الشريفة ويتأثّر بها.

المبحث الثاني: قراءة الأُسلوبية في أبنية المشتقّات

يمثّل الاشتقاق ركناً أساساً في العربيّة، وعاملاً مهمّاً في بناء لبناتها المكوِّنة لها؛ بتوليده لقسم ليس بالقليل من أبنية ألفاظها، فضلاً عمّا يخلعه من دلالات مقصودة ومعانٍ متوخّاة من تلك الأبنية المولّدة، وقد ذكره رضي الدين الاسترآباذي بقوله: «كون إحدى الكلمتين مأخوذةً من الأُخرى، أو كونهما مأخوذتين من أصل واحد»[55].

وقد تناول الدكتور صبحي الصالح «الاشتقاق في ظلال دلالته الوضعية على أنّه توليد لبعض الألفاظ من بعض، والرجوع بها إلى أصل واحد يُحدّد مادّتها، ويوحي بمعناها المشترك الأصيل مثلما يوحي بمعناها الخاصّ الجديد»[56]. ذاكراً أربعة أنواع للاشتقاق، هي: الأصغر، والكبير، والأكبر، والكُبار. واصفاً النوع الأوّل (الأصغر) بأنّه أكثر أنواع الاشتقاق وروداً في اللّغة العربيّة[57]. وستتناول الدراسة في هذا المبحث بعض أبنية هذا النوع من الاشتقاق في ظلال زيارة عاشوراء.

1ـ اسم الفاعل

اسم الفاعل من المشتقّات التي يحمِل بناؤها الصرفي مثلّثاً دلاليّاً، يتمثّل الأوّل منه بالحدث، والثاني بالذات المتّصفة بالحدث، وأمّا الثالث فقد تباينت آراء العلماء في تحديده ما بين اتّصاف الذات بالحدث على وجه الثبوت، أو على وجه الحدوث.

فذهب عبد القاهر الجرجاني إلى أنّه يتمثّل بمعطى الثبوت؛ مستنداً إلى ملحظ اسميّة الصيغة في استشرافه لهذا المعطى في صيغة اسم الفاعل؛ إذ يقول: «إنّ موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجدّده شيئاً بعد شيء ... فإذا قلت : زيد منطلق. فقد أثبت الانطلاق فعلاً له من غير أن تجعله يتجدّد ويحدث منه شيئاً فشيئاً، بل يكون المعنى فيه كالمعنى في قولك: زيد طويل، وعمرو قصير. فكما لا يقصد هاهنا إلى أن تجعل الطول أو القصر يتجدّد ويحدث، بل توجبهما وتثبتهما فقط، وتقضي بوجودهما على الإطلاق، كذلك لا تتعرّض في قولك لأكثر من إثباته لزيد»[58].

وذهب ابن هشام الأنصاري إلى أنّ اتّصاف الذات بالحدث إنّما يكون على وجه الحدوث لا الثبوت، فاسم الفاعل عنده: «ما دلَّ على الحدث والحدوث وفاعله»[59]. فإنّ ما أشّره الأنصاري من دلالة الحدوث في هذا المشتقّ على الرغم من اسميّته ـ التي تُضفي عليه دلالة الثبوت ـ يُلحظ عند غيره أيضاً من الدارسين، ولاسيّما الكوفّيون الذين سمّوا (اسم الفاعل) بالفعل الدائم[60]، بيد أنّ الحدوث فيه ليس كالفعل.

ويمكن أن يُعدّ السياق هو الحاكم في هذه الدلالات المؤدّية إلى الثبوت أو الحدوث، وهذا ما دفع الدكتور فاضل السامرائي إلى أن يطرح رأياً وسطاً فيه اعتدال وصواب، حاول فيه التوفيق بين دلالة اسم الفاعل على المعنى المجرّد الحادث، وبين معنى الثبوت المتأتّي من اسميّة الصيغة، قائلاً: «إنّما يقع اسم الفاعل وسطاً بين الفعل والصفة المشبّهة، فالفعل يدلّ على التجدّد والحدوث، فإن كان ماضياً دلّ على أنّ حدثه تمّ في الماضي، وإن كان حالاً أو استقبالاً دلّ على ذلك. أمّا اسم الفاعل فهو أدوم وأثبت من الفعل، ولكنّه لا يرقى إلى ثبوت الصفة المشبّهة؛ فإنّ كلمة (قائم) أدوم وأثبت من (قام) أو (يقوم)، ولكن ليس ثبوتها مثل ثبوت (طويل) أو (دميم) أو (قصير)؛ فإنّه يمكن الانفكاك عن القيام إلى الجلوس أو غيره، ولكن لا يمكن الانفكاك عن الطول أو الدمامة أو القصر»[61].

ويرى الباحث أنّ للمعنيين المعجمي والسياقي دوراً كبيراً في توجيه دلالة اسم الفاعل نحو الحدوث أو الثبوت.

وممّا ورد في زيارة عاشوراء على وزن (فاعل) لفظة (ظالم)، و(غاصب)، و(جاحد)، و(كافر) في التعبير: «وَافْتَحْ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى كُلِّ مَنْ رَضِيَ بِذلِكَ لَعَناتِكَ الَّتي لَعَنْتَ بِها كُلَّ ظالِم، وَكُلَّ غاصِب، وَكُلَّ جاحِد، وَكُلَّ كافِر، وَكُلَّ مُشْرِك، وَكُلَّ شَيْطان رَجيم، وَكُلَّ جَبّار عَنيد»[62].

ممّا يُلاحظ في بناء أسماء الفاعل توافر الاتّساق بين المعنى المعجمي الذي حملته الألفاظ من جهة، وبين دلالة الثبوت والدوام المتأتّية من اسميّة الألفاظ من جهة أُخرى، وقد أكسب هذا الاتّساق الأُسلوبي الصرفي المصاديق التي تضمّنتها الألفاظ صفةَ الثبوت والامتداد بصورة جليّة وواضحة.

والملاحظ أنّ استعمال صيغة اسم الفاعل لما فيها من دلالة على حدث الغفول عن آيات الله تعالى، الذي بدا من هذا الصنف من الناس، الذين لا يرجون لقاء الله تعالى، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها بـ«متابعة النفس على ما تشتهيه»[63] من الملذّات. وعلى الرغم من حرص المنشِئ وتركيزه على حدث (الظلم، الغصب، الجحد، الكفر)، إلّا أنّه لم يستعمل صيغةً متعيّنة للمصدريّة؛ لكيلا تخلو الكلمة من دلالتين أُخريين حرص على إظهارهما وتجليتهما في السياق باستعماله الألفاظ  المذكورة، تتمثّل أُولاهما بدلالتها على الذات الفاعلة الموصوفة، أي أنّه حرص على إظهار الوشائجيّة بين الحدث ومُحدِثيه، وبيان عنصر الذات وإيضاح صورته بصيغة اسم الفاعل، والذي يتّسق تماماً مع الجوّ العامّ الذي بُني عليه سياق النصّ الشريف، الذي عمد إلى إظهار هذا العنصر بأكثر من وسيلة، من ذلك حرف العطف (الواو) الذي أورده أكثر من خمس مرّات، فضلاً عن الضمير (هم).

أمّا الدلالة الأُخرى التي أدّتها صيغ أسماء الفاعل فتتمثّل في ثبوت (الظلم، الغصب، الجحد، الكفر) عند هذا الصنف من الناس ودوامه فيهم؛ نتيجة ركون هؤلاء إلى التسليم للحياة الدنيا، وما تحمله من دلالة الاطمئنان من الاستقرار والأمان بحسب ما يعتقدون، وقد جيء بالفعل الماضي (رضي) ـ المتقدّم في السياق اللّغوي ـ للدلالة على ذلك.

ولمّا كان حدث الرضا يرتبط بمدّة ليست بالقصيرة من الزمن عادةً، فهو «ليس بالسهو الذي يعتري الإنسان من قلّة التحفّظ والتيقّظ»[64]، فقد حرص المنشِئ على الكشف عن هذا المحتوى الأُسلوبي باستعماله صيغة اسم الفاعل؛ ذلك أنّ اسميّتها تخلع على هذا المحتوى نوعاً من الثبوت والديمومة، وتنتقل به من القيد الزمني إلى الامتداد، وهو ما يتناغم مع طبيعة اتّصاف تلك الذوات بالصفات المذكورة آنفاً؛ لذلك آثر هذا التعبير استعمال صيغة اسم الفاعل على الصيغة الفعليّة التي ينصرف معها ذهن المتلقّي إلى الانقطاع في الحدث واقتصاره على أحد الأزمنة الثلاثة.

إنّ ثبوت كلّ من (الظلم، الغصب، الجحد، الكفر) في تلك الذوات جاء نتيجة لدوام المؤثّر الذي استشعرته أنفسهم؛ إذ رزحوا تحت ظلال الملذّات وسعة العيش والاطمئنان بالحياة الدنيا، فلم تنقطع الغفلة التي صرفت أذهانهم عن الآيات البيّنات.

2ـ اسم المفعول

ذكر عبد القاهر الجرجاني أنّ اسم المفعول يُقصد به «كلّ اسم اشتُقَّ لذات مَن وقع عليه الفعل»[65].

أمّا الأُشموني(900هـ) فعرّفه بأنّه «ما دلّ على الحدث ومفعوله»[66].

وقد ذهب الدكتور فاضل السامرائي إلى أنّ اسم المفعول «لا يفترق عن اسم الفاعل إلّا في الدلالة على الموصوف؛ فإنّه في اسم الفاعل يدلّ على ذات الفاعل كقائم، وفي اسم المفعول يدلّ على ذات المفعول كمنصور»[67].

ومن أمثلة اسم المفعول في زيارة عاشوراء لفظة (مشهود)، و(مورود) في: «اَللّـهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَارْزُقْني شَفاعَةَ الحُسَيْنِ× يَوْمَ الوُرُودِ، وَالمَقامِ المَشْهُودِ، وَالحَوْضِ المَوْرُودِ»[68].

المشهود: اليَوْم الذي يَجتمع فيه النَّاس لأَمْر ذي شَأْن[69]. والمورود: الورود أصله: قصد الماء، ثم يُستعمل في غيره. يقال: وردت الماء أرد وروداً، فأنا وارد، والماء مورود، وقد أوردت الإبل الماء[70]. وجاء التعبير بصيغة اسم المفعول على لسان الإمام× على تقدير أن يُرزق المرء المؤمن المخلص المحبّ للحسين× وأهل بيته وأصحابه حوضَ الكوثر (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)[71].

3ـ صيغ المبالغة

ذكر الرمّاني (ت384هـ) أنّ المبالغة: «هي الدلالة على كبر المعنى على جهة التغيير عن أصل اللّغة لتلك الإبانة»[72]. ومن وجوهها عنده «المبالغة في الصفة المعدولة عن الجارية بمعنى المبالغة، وذلك على أبنية كثيرة، منها: فَعْلان. ومنها: فَعَّال، وفَعُول، ومفعل، ومِفعال»[73].

في حين ذهب أبو هلال العسكري إلى أنّ معنى المبالغة هو «أن تبلغ بالمعنى أقصى غاياته، وأبعد نهاياته، ولا تقتصر في العبارة عنه على أدنى منازله وأقرب مراتبه»[74].

وقد اتّخذ بعض اللّغويّين ملمح العدول عن المستوى الدلالي في اسم الفاعل إلى مستوى دلالي أعلى قوّةً وتكثيراً، منطلقاً ممّا أوردوه من تعريفات لمفهوم المبالغة وبيان دلالة الصيغ التي يتأتّى في ظلالها زيادة المعنى، وتشعّ منها دلالة الكثرة في الحدث، ومن هؤلاء الحملاوي (1351هـ) قائلاً: «قد تُحوَّل صيغة (فاعل) للدلالة على الكثرة والمبالغة في الحَدَث إلى أوزان خمسة مشهورة، تُسَمَّى صِيغ المبالغة، وهي: فَعَّال ـ بتشديد العين ـ كأَكَّال وشرَّاب، ومِفعال كمِنحار، وفَعُول كغَفُور، وفَعِيل كسميع، وفَعِل ـ بفتح الفاء وكسر العين ـ كحَذِرٌ»[75].

وتابعه الغلاييني في هذا الرأي تحت عنوان (مبالغة اسم الفاعل)[76].

1ـ فَعِيل

تُعدّ (فَعِيل) من صيغ المبالغة، بيد أنّ ممّا يُلاحظ على بناء هذه الصيغة أنّ ورودها لا يقتصر على حقل دلالات المبالغة والكثرة، فكثيراً ما تؤدّي دلالات أُخر تشعّ بمعطيات الثبوت والدوام التي تؤدّيها الصفة المشبّهة، وقد نقل السيوطي رأي ابن طلحة (618هـ)[77]أنّ بناء فَعِيل «لمن صَار لَهُ كالطبيعة»[78]. فمَن يتأمّل عبارة ابن طلحة يستشعر فيها أنّ (فَعِيلاً) في المبالغة منقولة عن (فَعِيل) في الصفة المشبّهة التي تدلّ بالأصالة على الثبوت والدوام اللذين تتّصف بهما الطبائع والسجايا.

   وممّا جاء على بناء (فَعِيل) في زيارة عاشوراء لفظة (رَجِيم) في: «وَافْتَحْ لَهمْ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى كُلِّ مَنْ رَضِيَ بِذلِكَ لَعَناتِكَ الَّتي لَعَنْتَ بِها كُلَّ ظالِم، وَكُلَّ غاصِب، وَكُلَّ جاحِد، وَكُلَّ كافِر، وَكُلَّ مُشْرِك، وَكُلَّ شَيْطان رَجيم، وَكُلَّ جَبّار عَنيد»[79].

رجيم: جاء في (لسان العرب): الرجيم المطرود[80]. واستُعملت صيغة المبالغة (فَعِيل) للدلالة على قوّة المعنى والمبالغة في الحدث التي تلوح من بنائها الصرفي (فَعِيل)، بيد أنّ الزركشي  ذهب إلى أنّ «صيغ المبالغة على قسمين: أحدهما: ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل. والثاني: بحسب تعدّد المفعولات. ولا شكّ أنّ تعدّدها لا يوجب للفعل زيادةً؛ إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعدّدين»[81].

2ـ فُعُول

يُعدّ بناء (فُعُول) من أبنية المبالغة التي تشعّ منها دلالات عدّة تقع في مفهوم المبالغة في تأكيد المعنى وتقويته أو ممّا قيل في هذا البناء: إنّه «لمن كثر منه الفعل»[82].

ومن أمثلة هذا البناء في زيارة عاشوراء لفظة (وُرُوِد) في: «اللّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفاعَةَ الحُسَيْنِ يَوْمَ الوُرُودِ»[83].

ورود: صيغة مبالغة لاسم الفاعل (وارد)، «ويوم الورود القيامة؛ لورود الخلق على حساب الله، أو لورود المؤمنين على الحوض، والکافرين علی الجحيم»[84].

ويمكن الكشف عن دلالة المبالغة في لفظة (ورود) في إطار تعدّد المفعولات الذي ذكره الزركشيّ[85]، أي كثرة مَن تشملهم الذنوب الواسعة والكبيرة، فتوردهم إلى النار من جهة، وكثرة الحسنات التي تنالها الأعمال، فتوردهم الجنان من جهة أُخرى.

4ـ الصّفة المشبّهة

الصفة المشبّهة: ما اشتُقَّ من فعل لازم للدلالة على الحدث وفاعله بمعنى الثبوت والدوام[86]. وقد تناول بعض اللّغويّين من القدامى والمحْدَثين دلالة الثبوت والدوام في الصفة المشبّهة، فألمعوا إلى بيانه في الزوايا التي نظروا منها إليه، فرضي الدين الاسترآباذي بعد أن فسّر الثبوت بالاستمرار واللزوم ذهب إلى أن لا دليل في الصفة المشبّهة على قيد الاستمرار في جميع الأزمنة، فليس معنى (حَسَن) في الوضع إلّا (ذو حُسن)، سواء كان في بعض الأزمنة أم في جميع الأزمنة، لكنّه لما أُطلق الحسن كان المعطى الظاهر ثبوته في جميع الأزمنة إلى أن تقوم قرينة على تخصيصه ببعضها، نحو: كان هذا حسناً فقبح، أو سيصير حسناً، أو هو الآن حسناً.

وخلاصة ما ذهب إليه الرضي أنّ دلالة الثبوت (الاستمرار) في الصفة المشبّهة ليست وضعيّةً[87]. ويبدو أنّ معالجته لدلالة الثبوت في الصفة المشبّهة ـ ولا سيّما الأمثلة التي ساقها فاستدلّ بها على دلالة الاستمرار في زمن معيّن ـ جرت في نطاق الزمن النحوي، ثم استجلب النتيجة التي خرج بها، فألبسها الدلالة الصرفيّة للصفة المشبّهة.

أمّا الدكتور فاضل السامرائي فقد رأى ألّا يحكم بالثبوت عموماً على الصفة المشبهّة، بل الأَولَى التفصيل، فمنها ما يفيد الثبوت والاستمرار نحو: طويل، وقصير. ومنها ما يدلّ على وجه قريب على الثبوت، نحو: نحيف، وسمين. ومنها لا يدلّ على الثبوت نحو: ضمآن، وغضبان[88].

ومن أبنية الصفة المشبّهة التي وظّفها الإمام× في الزِّيارة الشَّريفة (فَعِيل)، إذ يكثر هذا البناء في باب (فَعُل) نحو (كَرُمَ ـ كَرِيم)[89]، وممّا جاء على هذا البناء لفظة (شَدِيداً) في: «وَالعَنِ اللّهُمَّ العِصابَةَ الَّتي نازَلَتِ الحُسَيْن بْن بِنْتَ نَبِيِّكَ وَحارَبَتْهُ، وَقَتَلَتْ أصْحابَهُ وَأنْصارَهُ وَأعْوانَهُ وَأوْلِيائَهُ وَشيعَتَهُ وَمُحِبّيهِ وَأهْلَ بَيْتِهِ وَذُرِّيَتَهُ، لَعْنَاً شَدِيداً»[90].

وجاء في (لسان العرب): «الشِّدَّةُ: الصلابةُ، وهي نقيض اللين، تكون في الجواهر والأعراض... وشيء شديد: مشتدّ قويّ»[91].

أورد الإمام لفظة (شَدِيداً) لبيان ثبوت صفة الشدّة في العذاب الذي يُسلّط على الذين كفروا، وملازمتها له في الدنيا والآخرة، فبناء (فعِيل) الذي جاءت عليه اللفظة جعلها تؤدّي دورها بدقّة في سياق دعاء الإمام× على الذين نازلوا وحاربوا وجاهدوا الإمام الحسين×؛ ذلك أنّ ثبوت الوصف في الموصوف الذي يشعّ به البناء، يتّسق مع إسناد فعل التعذيب إلى الذات الإلهيّة المقدّسة؛ «لأنّ الحدث حين يقع لا بدّ أن تُلحظ فيه القوّة التي تُناسب مَن أحدث. ولنضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى: إنّ الطفل قد يكسر شيئاً في حدود قوّته كطفل، والشابّ قد يكسر شيئاً مناسباً لقوّته. إذاً؛ فالحديث يجب أن نأخذه قياساً بالنسبة لفاعله، فإذا كان الفاعل هو الله، فهل لأحد طاقةٌ على عذاب الله؟! لا أحد يتصوّر ذلك، وليس لأحد من هؤلاء من ناصر؛ لأنّ الذي يهزمه الله ويعذّبه لا ناصر له»[92]. فلا يستطيع أن يُخفّف عنه شدّة العذاب التي يتّصف ـ العذاب ـ بها على وجه الثبوت والدوام.

ومن ذلك لفظة (وَجِيهاً) في: «اللّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيها بِالحُسَيْنِ× فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ»[93].

وَجِيهاً: صفة مشبّهة من الفعل الثلاثي (وَجُهَ ـ يوجه)، ومعنى «رجل وَجِيه: ذو وَجاهةٍ. وقد وَجُه الرجلُ... صار وَجِيهاً، أَي: ذا جاهٍ وقَدر»[94].

وقيل: «الوجيه: هو الكريم؛ لأنّ أشرف أعضاء الإنسان وجهه، فجعل الوجه استعارةً عن الكرم والكمال»[95].

وجاء التعبير بهذه المعاني بتوظيفه صيغة (فَعِيل)؛ للدلالة على ثبوت الوجاهة في صاحبها الإمام الحسين× وملازمتها له. وممّا يعضد هذا الثبوت في السياق المجيء به مطلقاً في الدنيا والآخرة، وعدم تقييد ظرفه بزمن محدّد. ومن هذه الوجاهة يطلب الزائر الوجاهة من الله في الدنيا والآخرة بزيارته الحسين×.

المبحث الثالث: قراءة الأُسلوبية في أبنية الأفعال الثلاثيّة المزيدة

يمثّل الفعل ركناً أساساً من أركان اللّغة العربيّة، وقد حظي باهتمام اللّغويّين، فشغل حيّزاً واسعاً في دراساتهم.

حدّه سيبويه بقوله: «وأمّا الفعل فأمثلةٌ أُخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبُنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم ينقطع»[96].

يُقسّم الفعل على وفق آلياتٍ عدّة، منها: آلية التجرّد والزيادة التي يأتي فيها على ضربين: هما: المجرّد، والمزيد. «أمّا المجرّد عن الزيادة، فهو ما كانت حروفه كلُّها أصليّةً لا تسقط في أحد التصاريف إلّا لعلّة تصريفيّة. وأمّا المزيد فيه فهو ما زِيدَ على حروفه الأصليّة حرفٌ يسقط في بعض تصاريف الفعل لغير علّة تصريفيّة، أو حرفان، أو ثلاثة أحرف»[97].

حاولت الدراسة الكشف عن الأبعاد الأُسلوبيّة التي يكتسبها بناء الفعل على أثر الزيادة الحاصلة في بنائه،  فـ«المزيد فيه لغير الإلحاق لا بدّ لزيادته من معنىً؛ لأنّها إذا لم تكن لغرض لفظي ـ كما كانت في الإلحاق ـ ولا لمعنىً، كانت عبثاً»[98]. وحاشا للغة الإمام أن يعتريها خلل أو نقصان، فهي أمنع جانباً، وأعظم بلاغةً، وأعلى مكاناً من ذلك.

1ـ أفْعَلَ

يتولّد بناء (أفْعَلَ) بدخول سابقة (الهمزة) ـ أحد أحرف الزيادة المجموعة في عبارة (اليوم تنساه)[99] ـ في أوّل بناء الفعل الثلاثي المجرّد (فَعَلَ). وبناء المضارع لهذه الصيغة على (يُفْعِل)، و«كان القياس أن يقولوا: (يُؤَفْعِلُ)، فتثبت الهمزة في المضارع، ولكنّهم حذفوها استثقالاً»[100].

وينشأ إثر زيادة (الهمزة) في بناء (أفْعَلَ) تحوّل دلاليّ؛ إذ يكتسب البناء دلالاتٍ جديدةً مقصودةً يفتقر إليها الجذر المُغيَّر، منها: التعدية، والصيرورة، والتعريض، والسلب والإزالة، و... إلى غير ذلك من المعاني والدلالات التي أشار إليها اللّغويّون في هذا البناء[101].

دلالة بناء (أفْعَلَ) على التعدية

تُعدّ التعدية دلالةً غالبةً في بناء (أفْعَلَ)[102]، وقد ذكر الزمخشري أنّ سابقة الهمزة من الأسباب التي تُضفي هذا المنحى الدلالي على الفعل المزيد بها؛ إذ تتّصل الهمزة «بغير المتعدّي فتُصيّره متعدّياً، وبالمتعدّي إلى مفعول واحد فتُصيّره ذا مفعولين، نحو قولك: أذهبته... وأحفرته بئراً. وتتّصل الهمزة بالمتعدّي إلى اثنين فتنقله إلى ثلاثة، نحو: أعلمت»[103].

وتُلحَظ دلالة التعدية في بناء الفعل (أَكْرَمَ) في: «اَسْألُ اللهَ الذي أَكْرَمَ ـ يا مَوالِيَّ ـ مَقامَكُمْ، وَشَرَّفَ مَنْزِلَتَكُمْ وَشَأنَكُمْ، اَنْ يُكْرِمَني بِوِلايَتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ»[104].

ورد في (لسان العرب): «وأَكْرَمَ الرجلَ وكَرَّمه: أَعْظَمه ونزَّهه»[105].

جاء الاستعمال في زيارة عاشوراء بحدث الذهاب مقترناً بالزمن الماضي بتوظيفه بناء (أفْعَل)، فعدل بذلك عن (كرم) إلى (أكْرَم)؛ للإيحاء بمقاصد دلاليّة تنطوي عليها الهيئة البنائيّة المُولَّدة من دلالة التعدية، فقد جعل الفاعل النحوي مفعولاً به بإيقاع الحدث عليه، وفي ظلال هذا العدول يتحقّق سلب معنى المطاوعة التي قد ينصرف الذهن إلى توافرها في الفاعل النحوي لو جيء بالفعل على أصله من غير عدول. فضلاً عن ذلك؛ فإنّ تجلية فاعل المُخاطَبين نتيجة استعمال النصّ الشريف لبناء (أكْرَم) قد كشف عن معطى الإرادة والاختيار في نصّ الدعاء الشريف.

2ـ فَعَّلَ

يُعدّ بناء (فَعَّلَ ـ يُفَعِّلُ) بناءً مزيداً؛ لتوافر التضعيف في عينه، وقد تباينت آراء بعض اللّغويّين في تحديد الزائد في عينه المضعّفة، فقد ذهب الخليل إلى أنّه الأوّل (الساكن)، أمّا سيبويه فقد جوّز الزيادة في الحرفين[106]، في حين ذهب ابن الحاجب إلى زيادة الثاني (المتحرّك) منهما، وتابعه في هذا الرأي رضي الدين الاسترآباذيّ[107].

أمّا المحدثون فمنهم مَن أدلى بدلوه من زاوية أُخرى، فذهب إلى أنّ الزيادة في بناء (فَعَّلَ) جاءت نتيجة تكبير المادّة (العين) بتطويل مدّة النطق بالعين المضعّفة، أي أنّ المضعّف صامت طويل، ومِنْ ثَمَّ فإنّها زيادة داخليّة غير مجتلبة من الخارج كما هي الحال في الصيغة السابقة (أفعل)[108].

وقد ذكر بعض أصحاب النظر الصرفي أنّ بناء (فَعَّلَ) يؤدّي دلالات عدّة، منها : التكثير، والتعدية، والسلب والإزالة، والصيرورة، والتوجّه[109].

  وممّا جاء على هذا البناء الفعل (أسَّس) في: «اللّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيها بِالحُسَيْنِ× فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ، يا أَبا عَبْدِ الله، إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلى الله وَإِلى رَسُولِهِ وَإِلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَإِلى فاطِمَةَ وَإِلى الحَسَنِ وَإِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ، وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الحَرْبَ، وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ»[110].

الأُسّ والأساس: أصل البناء[111]. وجيء بالفعل (أَسَّسَ) مُضعَّف العين؛ دالاًّ به على زيادة الإسراع في تنفيذ وضع الأساس، أساس الظلم والجور على أهل بيت النبي|. وممّا يعضد هذا المنحى الأُسلوبي في البناء مجيء الفعل في الزمن الماضي للدلالة على إيقاع الحدث على وجه التحقّق.

وفضلاً عمّا تقدّم؛ فإنّ استعمال الزيارة للفعل (أسّس) جاء متّسقاً دلاليّاً مع لفظة (أساس) المُعبَّر بها عن أصل البناء، أي: وضع قواعد البناء وأساساته. ولا يغفل دوره على المستوى الصوتي، فقد أسهم في خلق نوع من الجناس توزّعت أطرافه على امتداد النصّ، وبهذا يكون الفعل قد أدّى وظيفته دلالةً وشكلاً في النصّ الشريف. 

الخاتمة ونتائج البحث

بعد أن استنشقنا عبقَ الزيارة، ورفلنا بعطرِ خمائلِ الإمامة، ونهلنا مِنْ غديرِها العذب الفرات، وسرنا في جنان كلماتها النورانيّة، وصلَت بنا الخُطى إلى نهايةِ المطاف، وآنَ لنا أن نقتطفَ الثمارَ لنسطِّرها بكلماتٍ تُوجزُ كلامَ ما أفضناه، وتُجمِل حديثَ ما ابتدأناهُ، فأقولُ:

 يُعدّ الدعاءُ في زيارةِ عاشوراء ثروةً علميَّةً وفكريَّةً؛ لما تضمَّنهُ مِن مضامين عميقةٍ فِيْ مجالِ فلسفة الدِّين وعللِ شرائع الأحكام، ومبادئ الإمام، وفلسفة التَّعاليم الأخلاقية، والفكر السياسي الإسلامي.

بيَّنَ البحث أنَّ الزيادة في المبنى لها تأثير واضح وجلي في المعنى، وتكسبه دلالةً مضافةً إلى دلالته الأصليّة.

في ضوء البحث يَتبيَّن أنَّ الدُّعاء في زيارة عاشوراء عَدَلَ في مواطن كثيرةٍ عن استعمال الأفعال الثلاثيّة المُجرَّدة إلى الأفعال المزيدة؛ ولعلَّ ذلك سبّب في التنوّع في الدلالات، وما يُضفيه هذا التنوّع من دلالةٍ مُضافةٍ إلى دلالتها الأصليّة.

أوضح البحث أنَّ المشتقّات التي ذُكِرت في الدعاء تحمل مفاهيم الثبوت والاستقرار، ولكن بنسبٍ متفاوتةٍ، كلٌّ بحسب موقعه، والغرض الذي استعمل من أجله، مع الالتفات إلى مُراعاة انسجام هذه الصيغ مع المدلولات العامّة، فضلاً عن حضورها في الجملة الواحدة.

أفاد التعبير في الدعاء من دلالة المشتقّات على الحدوث والثبوت والمبالغة والمفاضلة في الكشف عن حقيقة مخبوءة داخل أروقة الزيارة الشريفة، وتقديم دروس تهذيبيّة وتربويّة للإنسان، تقوّم اعتقاداته وتسمو به إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.

 بيّنت الدراسة أنّ لبعض المشتقّات دوراً كبيراً في الجانب النفسي للمتلقّي، ولا سيّما في إضفاء دلالتي الترغيب والترهيب، والإفادة منهما بوصفهما وسائل لغويّة من شأنهما ترغيب المتلقّي في بعض المفهومات، وترهيبه عن أُخرى.

بدت العناية واضحةً جليّةً باستعماله الأفعال المزيدة للتعبير عن الأحداث التي اشتملت عليها نصوص الدراسة؛ إذ اتّخذت زياداتها ـ السوابق، والحشو، واللواحق ـ منطلقاً إيحائيّاً لإضفاء المعاني البلاغيّة المقصودة التي يفتقر إليها الفعل في حالة تجرّده، فضلاً عن توظيف تلك الزيادات في رسم أبعاد الأحداث بصورة واقعيّة محسوسة، فبرزت بذلك علاقة تساوق وانسجام بين مبنى الفعل المزيد ودلالاته، عزّزت وظيفته الإبلاغيّة.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

          أبنية الصرف في كتاب سيبويه، خديجة الحديثي، مكتبة النهضة، بغداد، طبعة 1385هـ ـ 1965م.

          إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود محمّد بن محمّد بن مصطفى العمادي (ت982هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).

          الأُصول في النحو، أبو بكر محمّد بن السري المعروف بابن السرّاج (ت316هـ)، تحقيق: د.عبد الحسين الفتلي، مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ لبنان،(د.ت).

          أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك، عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت761هـ)، تحقيق: د.محمّد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصريّة، بيروت ـ
لبنان، (د.ت).

          البحر المحيط في التفسير، أبو حيان محمّد بن يوسف الأندلسي (ت745هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمّد معوض، وشارك في التحقيق: د. زكريا عبد المجيد النوقي،  د. أحمد النجولي الجمل، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الأُولى، 1422هـ ـ  2001م.

          البرهان في علوم القرآن، بدر الدين محمّد بن عبد الله الزركشي ( ت794هـ)، تحقيق:د. محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة ـ مصر، الطبعة الأُولى، 1376هـ ـ 1957م.

          البلغة في تراجم أئمّة النحو واللّغة، محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت817هـ)، تحقيق:محمّد المصري، دار سعد الدين،  دمشق ـ سورية، الطبعة الأُولى، 1421هـ ـ 2000م.

          التحرير والتنوير، محمّد الطاهر بن محمّد بن عاشور التونسي (ت1393هـ)، الدار التونسيّة للنشر، تونس، 1984م.

          التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة، د.محمود عكاشة، دار النشر للجامعات، القاهرة ـ مصر، الطبعة الثانية، 1432هـ ـ 2011م.

10ـ    تصريف الأفعال والمصادر والمشتقّات، د. صالح سليم الفاخري، دار عصمي للنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، 1996م.

11ـ    التصريف الملوكي، أبو الفتح عثمان بن جنّي الموصلي (ت392هـ)، تحقيق: محمّد سعيد بن مصطفى الحموي، شركة التمدّن، مصر، الطبعة الأُولى، (د.ت).

12ـ    التطبيق الصرفي، د. عبده الراجحي، دار النهضة العربيّة للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، 1973م.

13ـ    التعريفات، علي بن محمّد بن علي الجرجاني (ت816هـ)، تحقيق: محمّد باسل عيون السود، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1424هـ ـ 2003م.

14ـ    تفسير الشعراوي (الخواطر)، محمّد متولّي الشعراوي (ت1419هـ)، مطابع أخبار اليوم، القاهرة ـ مصر،(د.ت).

15ـ    جامع الدروس العربيّة، مصطفى الغلاييني (ت1944م)، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1425هـ ـ 2004م.

16ـ    الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جنّي الموصلي (ت392هـ)، تحقيق: محمّد علي النجّار، دار الكتب المصريّة، المكتبة العلميّة، مصر، الطبعة الثانية، 1371هـ ـ 1952م.

17ـ    دراسات في فقه اللّغة، د.صبحي الصالح، دار العلم للملايّين، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 2009م.

18ـ    دروس التصريف، د.محمّد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصريّة، بيروت ـ لبنان، 1416هـ ـ1995م.

19ـ    دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني (471هـ)، تحقيق: محمود محمّد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة ـ مصر، ودار المدني، جدّة ـ المملكة العربيّة السعودية، الطبعة الثالثة، 1413هـ ـ 1992م.

20ـ    شذا العرف في فنّ الصرف، أحمد بن محمّد الحملاوي الأزهري، تحقيق: حجر عاصي، دار الفكر العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1999م.

21ـ    شرح ابن عقيل (على ألفية ابن مالك)، عبد الله بن عقيل الهمداني المصري (ت769هـ)، المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر، الطبعة الرابعة عشرة،
1384هـ ـ 1964م.

22ـ    شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك، علي بن محمّد بن عيسى الأُشموني (ت900هـ)، تحقيق :محيي الدين عبد الحميد، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، طبعة 1375هـ ـ 1955م.

23ـ    شرح زيارة عاشوراء، الملا حبيب الله الشريف الكاشاني (ت 1340هـ )، تحقيق: نزار الحسن، دار جلال الدين.

24ـ    شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين محمّد بن الحسن الاسترآباذي (ت686هـ)، تحقيق: د.محمّد محيي الدين عبد الحميد وآخرون، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، 1395هـ ـ 1975م.

25ـ    شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين محمّد بن الحسن الاسترآباذي(ت686هـ)، تحقيق:يوسف حسن عمر، منشورات جامعة قان يونس، بنغازي، الطبعة الثانية، 1996م.

26ـ    شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، أبو محمّد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري (ت761هـ)، تحقيق:د. محمّد محيي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة ـ مصر، 2004م.

27ـ    صرف الوافي دراسات وصفيّة تطبيقيّة، الأُستاذ الدكتور هادي نهر، عالم الكتب الحديث، إربد ـ الأردن، الطبعة الأُولى، 1431هـ ـ 2010م.

28ـ    العوامل المئة، عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني (ت471هـ)، تحقيق:أنور بن أبي بكر الداغستاني، دار المنهاج، جدّة ـ المملكة العربيّة السعوديّة، الطبعة الأُولى، 1430هـ ـ 2009م.

29ـ    العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق:مهدي المخزومي، دارومكتبة الهلال، بيروت ـ لبنان، (د.ت)

30ـ    فتح القدير، محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني (ت1250هـ)، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، دمشق، بيروت، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

31ـ    القاموس المحيط، مجد الدين أبو طاهر محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت817هـ)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسّسة الرسالة، مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثامنة، 1426 هـ ـ 2005 م.

32ـ    الكافية في علم النحو والشافية في علمي التصريف والخطّ، ابن الحاجب جمال الدين عثمان بن عمر (ت646هـ)، تحقيق :د. صالح عبد العظيم الشاعر، مكتبة الآداب، القاهرة ـ مصر، 1431هـ ـ 2010م.

33ـ    كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، تحقيق: نشر الفقاهة، د.ط، د.ت:328 ـ 329.

34ـ    الكتاب (كتاب سيبويه)، أبو بشير عمرو بن عثمان قنبر المعروف بسيبويه (ت180هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1425هـ ـ 2004م.

35ـ    كتاب الصناعتين، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (ت395هـ)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، ومحمّد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصريّة، بيروت ـ لبنان، 1419هـ.

36ـ    لسان العرب، محمّد بن مكرم بن على الإفريقي ابن منظور (711هـ)، أدب الحوزة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1405هـ.

37ـ    اللّمع في العربيّة، أبو الفتح عثمان الموصلي ابن جنّي (ت392هـ)، تحقيق:د.سميح أبومغلي، دارمجدلاوي، عمان ـ الأردن، 1988م.

38ـ    مجالس العلماء، أبو القاسم عبد الرحمن الزجاجي(340هـ)، تحقيق: د.عبد السلام محمّد هارون، مطبعة حكومة الكويت، الطبعة الثانية، 1984م.

39ـ    مجموعة القرارات العلميّة في خمسين عاماً (1934م ـ 1984م)، محمّد شوقي أمين وآخرون، الهيئة العامّة لشؤون المطابع الأميريّة، القاهرة ـ مصر،
1404 هـ ـ 1984م، صدر القرار في د (44)، ج(7).

40ـ    مظاهر التيسير الصرفي (دراسة في قرارات مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة)، د. محمّد حسين علي زعين، منشورات المجمع العلمي العراقي، 2014م.

41ـ    معاني الأبنية في العربيّة، د.فاضل صالح السامرائي، دار عمار، عمان ـ الأردن، الطبعة الثانية،  1428هـ ـ 2007م.

42ـ    معاني القرآن، يحيى بن زياد بن عبد الله الفرّاء، تحقيق: أحمد يوسف نجاتي وآخرون، الدار المصريّة للتأليف والترجمة، مصر، الطبعة الأُولى، (د.ت).

43ـ    معجم اللّغة العربيّة المعاصرة، د. أحمد مختار عمر وآخرون، عالم الكتب، الطبعة الأُولى، 1429هـ ـ 2008م.

44ـ    معجم مقاييس اللّغة، أحمد بن فارس (ت395هـ)، تحقيق: د.عبد السلام محمّد هارون، دار الفكرللطباعة والنشر والتوزيع، 1399هـ ـ 1979م.

45ـ    المغني الجديد في علم الصرف، د.محمّد خير الحلواني، دار الشرق العربي، بيروت ـ لبنان، (د.ت).

46ـ    مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمّي (ت1359هـ)، دار القارئ، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1442هـ ـ 2020م.

47ـ    المفتاح في الصرف، عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمّد الجرجاني (ت471هـ)، تحقيق : د. علي توفيق الحَمَد، مؤسّسة الرسالة، دار الأمل، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1407 هـ ـ 1987م.

48ـ    المفصّل في صنعة الإعراب، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد الزمخشري جار الله (ت 538هـ )، تحقيق: د. علي بو ملحم، مكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأُولى، 1993م.

49ـ    المنهج الصوتي للبنية العربيّة، د.عبد الصبور شاهين، مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ
لبنان، 1400هـ ـ1980م.

50ـ    النحو الوافي، عبّاس حسن، دار المعارف، القاهرة، مصر، الطبعة الخامسة عشرة، (د.ت).

51ـ    النكت في إعجاز القرآن، علي بن عيسى بن علي الرمانّي (ت384هـ)، تحقيق: محمّد خلف الله، ود. محمّد زغلول سلام، دار المعارف، مصر، الطبعة الثالثة، 1976م.

52ـ     همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ)، تحقيق: د.عبد العال سالم مكرم، دار البحوث العلميّة، الكويت، 1399هـ ـ 1979م.

 

 



[1] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج7، ص96، (صدر).

 

[2] ابن جنّي، أبو الفتح عثمان، اللّمع في العربيّة: ص44.

 

[3][3] الغلاييني، مصطفى، جامع الدروس العربيّة: ص112.

 

[4] الجرجاني، عبد القاهر، المفتاح في الصرف: ص52.

 

[5] الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص208.

 

[6]  اُنظر: ابن عقيل، عبد الله بن عقيل، شرح ابن عقيل (على ألفية ابن مالك): ج2، ص123.

 

[7] ابن الحاجب، عثمان بن عمر، الكافية في علم النحو والشافية في علمي التصريف والخطّ: ص66.

 

[8] يُنظر: أمين، محمّد شوقي، وآخرون، مجموعة القرارات العلميّة في خمسين عاماً (1934م ـ 1984م): ص111.

 

[9] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص328 ـ 329.

 

[10] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب:ج1، ص302، (حرب).

 

[11] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص229.

 

[12] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص328 ـ 329.

 

[13]  ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص3.

 

[14] يُنظر: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج6 ، ص48.

 

[15] يُنظر: سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب ( كتاب سيبويه ): ج4، ص28.

 

[16] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص328 ـ 329.     

 

[17] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب:ج3، ص91، (ظلم).

 

[18] يُنظر: الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمن، المفتاح في الصرف: ص52.

 

[19] د.محمود عكاشة، التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة: ص70.

 

[20] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص216 ـ 217، وص227.

 

[21] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص326.

 

[22] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص216 ـ 217.

 

[23] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص559، (طلب).

 

[24] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص233.

 

[25] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

 

[26] يُنظر: أبو حيّان الأندلسي، محمّد بن يوسف، البحر المحيط في التفسير: ج5، ص103.

 

[27] يُنظر: ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب : ج1، ص347، (اسس).

 

[28] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج4، ص28.

 

[29] ابن عاشور، محمّد الطاهر بن محمّد، التحرير والتنوير: ج6، ص183.

 

[30] يُنظر: المصدر نفسه: ج4، ص8.

 

[31] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص235.

 

[32] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

 

[33] يُنظر:ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص239، (خسر).

 

[34] يُنظر : عمر، أحمد مختار، وآخرون، معجم اللّغة العربيّة المعاصرة: ج1، ص641، (خسر).

 

[35] اُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص235.

 

[36] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص470.

 

[37] يُنظر: ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللّغة: ج2، ص402، (رضي).

 

[38] الراغب الأصفهاني، حسين، مفردات ألفاظ القرآن: ص356، (رضي).

 

[39] يُنظر: الشوكاني، محمّد بن علي، فتح القدير: ج5، ص210.

 

[40] العمادي، محمّد بن محمّد، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم: ج8، ص810.

 

[41] ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: ص240.

 

[42] القيامة: الآية 10.

 

[43] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج4، ص87.

 

[44] يُنظر: الحلواني، د. محمّد خير، المغني الجديد في علم الصرف: ص224. الفاخري، صالح سليم، تصريف الأفعال والمصادر والمشتقّات: ص180.

 

[45] السامرائي، د. فاضل صالح، معاني الأبنية في العربيّة: ص31.

 

[46] يُنظر: الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص170.

 

[47] يُنظر: الفرّاء، يحيى بن زياد، معاني القرآن: ج2، ص149ـ 150.

 

[48] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص329.

 

[49] يُنظر: عبّاس حسن، النحو الوافي: ج3، ص231، 236.

 

[50] يُنظر: الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص242.

 

[51] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص468 ـ 470.

 

[52] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب:ج5، ص25، (غفر).

 

[53] يُنظر: زعين،  د.محمّد حسين علي، مظاهر التيسير الصرفي: ص157.

 

[54] يُنظر: ابن جنّي، عثمان، الخصائص: ج3، ص268.

 

[55] الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج2، ص334.

 

[56] الصالح، د. صبحي، دراسات في فقه اللّغة: ص147.

 

[57] يُنظر: المصدر السابق.

 

[58] الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص174.

 

[59] ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك: ج3، ص216.

 

[60] يُنظر: الزجاجي، عبد الرحمن، مجالس العلماء: ص349.

 

[61] السامرائي، د. فاضل صالح، معاني الأبنية في العربيّة: ص41 ـ 42.

 

[62] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

 

[63] الجرجاني، علي بن محمّد، التعريفات: ص164، (الغفلة).

 

[64] الراغب الأصفهاني، حسين، مفردات ألفاظ القرآن: ص609، (غفل).

 

[65] الجرجاني، عبد القادر، العوامل المئة: ص126.

 

[66] الأُشموني، علي بن محمّد، شرح الأُشموني على ألفية ابن مالك: ج2، ص345.

 

[67] السامرائي، د. فاضل صالح، معاني الأبنية في العربيّة: ص52.

 

[68] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص470.

 

[69] يُنظر: ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللّغة: ج1، ص266، (شهد). الراغب الأصفهاني، حسين، مفردات ألفاظ القرآن: ص132، (شهد).

 

[70] يُنظر: عمر، أحمد مختار، وآخرون، معجم اللّغة العربيّة المعاصرة: ج1، ص820، ( ورد).

 

[71] القمر: الآية 55.

 

[72] الرمّاني، علي بن عيسى، النكت في إعجاز القرآن: ص104.

 

[73] المصدر السابق.

 

[74] العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله، كتاب الصناعتين: ص365.

 

[75] الحملاوي، أحمد بن محمّد، شذا العرف في فنّ الصرف: ص46.

 

[76] يُنظر: الغلاييني، مصطفى، جامع الدروس العربيّة: ص134.

 

[77] هو محمّد بن طلحة بن محمّد بن عبد الله بن أحمد بن خلف بن الأسعد النحوي، من أهل يابرة، إمام في العربيّة... غلب عليه تحقيق العربيّة والقيام عليها... وكان أُستاذ حاضرة إشبيليّة، يميل إلى مذهب ابن الطراوة في العربيّة. الفيروزآبادي، محمّد بن يعقوب، البلغة في تراجم أئمّة النحو واللّغة: ص267.

 

[78] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج5، ص88.

 

[79] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

 

[80] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص151، (رجيم).

 

[81] الزركشي، محمّد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن: ج2، ص507.

 

[82] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج5، ص88.

 

[83] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص470.

 

[84] الشريف الكاشاني، الملا حبيب الله، شرح زيارة عاشوراء: ص107.

 

[85] يُنظر: الزركشي، محمّد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن: ج2، ص507.

 

[86] يُنظر: الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح الرضي على الكافية: ج3، ص431.

 

[87] يُنظر: المصدر السابق: ص431 ـ 432.

 

[88] يُنظر: السامرائي، د. فاضل صالح، معاني الأبنية في العربيّة: ص67.

 

[89] يُنظر: الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص148.

 

[90] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص471.

 

[91] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج3، ص232، (شدد).

 

[92] الشعراوي، محمّد متولّي، تفسير الشعراويّ (الخواطر): ج3، ص1511.

 

[93] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص330.

 

[94] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص558، (وجه).

 

[95] الفخر الرازي، محمّد بن عمر، التفسير الكبير (مفاتيح الغيب): ج8، ص223.

 

[96] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج1، ص12.

 

[97] عبد الحميد، د. محمّد محيي الدين، دروس التصريف: ص54.

 

[98] الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص83.

 

[99] يُنظر: ابن جنّي، أبو الفتح عثمان، التصريف الملوكي: ص5.

 

[100] ابن السراج، محمّد بن السري، الأُصول في النحو: ج3، ص226.

 

[101] يُنظر: الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمن، المفتاح في الصرف: ص49. الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص86. الدكتور هادي نهر، الصرف الوافي: ص280.

 

[102] يُنظر: الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص86. الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه: ص391.

 

[103] الزمخشري، محمود بن عمرو، المفصّل في صنعة الإعراب: ص341. ويُنظر: سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج4، ص55 ـ 56.

 

[104] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

 

[105] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص512، (كرم).

 

[106] يُنظر: سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج4، ص329.

 

[107] يُنظر: الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج2، ص365 ـ 366.

 

[108] يُنظر: د. عبد الصبور شاهين، المنهج الصوتيّ للبنية العربيّة: ص70.

 

[109] يُنظر: سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب (كتاب سيبويه): ج4، ص64. الاسترآباذي، رضي الدين محمّد بن الحسن، شرح شافية ابن الحاجب: ج1، ص93ـ95. الراجحي، د. عبده، التطبيق الصرفي: ص33ـ34.

 

[110] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص328 ـ 329.

 

[111] يُنظر: ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص6، (أسس).