العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
كتاب الألم الخلاصي في الإسلام قراءة نقدية في إشكالية الترجمة

كتاب الألم الخلاصي في الإسلام قراءة نقدية في إشكالية الترجمة

د. نور مهدي الساعدي - جامعة وارث الأنبياء- العراق

خلاصة المقال

المقدّمة

إنّ كتاب (الألم الخلاصي في الإسلام.. دراسة في المظاهر الدينية لمراسم عاشوراء عند الشيعة الإمامية) للبرفسور محمّد أيّوب، جهد علمي يستحقّ القراءة والمتابعة؛ إلّا أنّ إشكالية الترجمة التي وقع فيها المؤلّف عندما ترجم المصادر التي اعتمد عليها من العربية إلى  الإنجليزية أوقعته في إشكاليّة فهم النصّ وتأويله في آن واحد؛ إذ يهتمّ الكتاب بالإجابة عن سؤال، وهو: بأيّة طريقة عُدّ الإمام الحسين فدائياً ومخلّصاً؟ واعتمد المؤلّف في دراسته في الإجابة على ذلك على الموارد التقوية والطقوسية منذ تشكّل الشيعة إلى  التاريخ المعاصر. والبحث هنا حاول إظهار موارد تلك الإشكاليّة ونقدها وكيفية الخروج منها.

وللإنصاف الموضوعي، التمس البحث العذر للمؤلّف؛ لأنّ اختلاف الثقافة والعقيدة والأفكار المسبقة كلّ ذلك بمجموعه له دور أساس في ماهية المكتوب، وهو أمر لا يمكن الانسلاخ منه إلّا ما ندر.

وحتى تكون القراءة للكتاب واعيةً ومتأنّيةً ارتأت الباحثة أن تكون قراءتها له بحسب فصول الكتاب، ففي كلّ مقال ستبحث فصلاً منه وتعنونه بعنوان يُناسب المحور الذي يُعالجه.

وممّا زاد الأمر تعقيداً هو ترجمة الكتاب بعد ذلك من الإنجليزية إلى  العربية، فأصبحت إشكاليّة الترجمة مركّبة على نحو المصطلح والاستعمال.

وهذه الدراسة ستكون للفصل الأوّل من الكتاب مع مقدّمته والإشارة إلى  أهمّية الترجمة للنصوص الدينية وإشكاليّتها عبر المبحث الأوّل، أمّا المبحث الثاني فتضمّن البحث عن محورية الخلاص في كتاب الألم الخلاصي، ثمّ المبحث الثالث بحث كون الإمام الحسين× وسيلة الخلاص، وانتهى بخاتمة.

المبحث الأوّل : ترجمة النصوص الدينية.. الأهمّية والإشكاليّات

الشرط الأساس في إنجاح عملية ترجمة المفاهيم الدينية ترجمةً صحيحةً ودقيقةً المخزون اللغوي والثقافي للغة المنقول إليها، وهو أمر بالغ الأهمّية لمـَن يتوخّى الدقّة في ترجمته، ويجتهد في إيصال المعاني إلى  قرّاء اللغة المنقول إليها، سيّما وأنّ النصوص الدينية لها خصوصية في الترجمة يمكن بيان أهمّيتها والإشكاليّات التي تعترضها من خلال ما يأتي:

أوّلاً: أهمّية ترجمة النصوص الدينية

وظيفة الترجمة لا تقف عند نقل الأحاديث أو  المعلومات أو  الأبحاث ـ التي تكون موضوعاتها دينية ـ من لغة إلى  أُخرى، وأنّما تمتدّ إلى  فهم تلك النصوص قبل ترجمتها[1]؛ لخصوصيّتها في نفوس المعتقدين بقداسة تلك النصوص من جهة، ولما تكتنزه من زخم معنوي وكثافة رمزية من جهة أُخرى.

ويبدو أنّ دراسة ترجمة النصوص الدينية والدراسات المتعلّقة بها ـ لا سيّما الدراسات والنصوص الإسلامية في المجال العربي ـ لم تلقَ عنايةً بحثيةً تستحقّها، ودخلت تلك الترجمات ميدان النقد على مستوى التنظير والتطبيق، من غير رصد لها، أو  كيفية فهمها، أو  الأسباب الداعية إلى  ترجمة نصّ معيّن دون غيره من النصوص، أو  أنّ هذه الترجمة جاءت بهذه الكيفية لا بكيفية أُخرى[2].

إنّ ترجمة النصوص الدينية عموماً والإسلامية على وجه الخصوص تتطلّب إحاطةً لغويةً واصطلاحيةً لمفردات النصّ؛ ومن هنا تأتي أهمّية ترجمة النصوص الدينية وفق قواعد وسياقات خاصّة قد لا تتطلّبها النصوص الأدبية الأُخرى؛ إذ يجب أن تُراعى فيها نظرية التلقّي، وطبيعة النصّ، والنقد المقارن.

وإذا ما تمّت مراعاة تلك القواعد والسياقات في ترجمة النصوص والمفاهيم الدينية، يمكن القول بأنّ أهمّية الترجمة لتلك النصوص تكمن في:

نقل المعارف الدينية من ثقافة إلى ثقافات أُخرى تُسهم في اطّلاع الآخرين عليها، وتُساعدهم على دراستها وفهم مضامينها وكيفية التعامل معها، فالتفاعل بين الثقافات المتعدّدة يعتمد في الدرجة الأساس على الترجمة، لا بوصفها ترفاً فكرياً، بل لكونها ضرورةً إنسانيةً ومعرفيةً. توسّع دائرة تداول النصوص والمعارف الدينية، وتخرجها من نطاق محدود إلى  نطاق أوسع، يخضعها لمناهج بحثية متعدّدة تُستنتج منها نتائج معرفية أكثر من تلك النتائج المحصّلة منها في دائرتها الأصغر، وبذلك تصبح المعرفة أكثر من جهة الكمّ والنوع.

ترجمة النصوص والمفاهيم الدينية تكسب الترجمة صفةً معرفيةً، وتحوّلها من كونها أداةً لنقل المعارف الدينية إلى  جزء من تلك المعارف؛ لأنّ ترجمة النصوص الدينية على وجه الخصوص لها قواعد خاصّة زيادةً على القواعد العامّة للترجمة؛ من هنا يتّضح مدى أهمّيتها من جهة، وخطورتها من جهة أُخرى، فهي إمّا أن تُسهم في إظهار المعارف الدينية في صورتها الأصيلة في النصّ المترجَم،  وإمّا أن تجعل له صورةً أُخرى مغايرةً لصورتها في نصّها الأصيل.

ثانياً: الإشكاليّات التي تواجه ترجمة النصوص الدينية

المصطلحات التي تعبّر عن المفاهيم هي من ذات الفكر الذي أنتجها، فمن غير الممكن نقل تلك المصطلحات بعيداً عن الفكر الذي صدرت منه، وإذا ما تُرجمت بعيداً عنه ستنتج مصطلحات ومفاهيم جديدة علاقتها بالمصطلحات والمفاهيم المترجمة، إمّا أن تكون ضعيفةً، وإمّا لا تمّت لها بصلة.

من هنا؛ تنشأ الإشكالية في ترجمة المفاهيم والنصوص الدينية؛ إذ تُحذّر دراسات عدّة من مخاطر الترجمة الدينية والثقافية عامّةً؛ لأنّ الألفاظ والجمل لا تتكافأ في أحسن أحوال الترجمة إلّا جزئياً، لذلك بيّن الشافعي وابن قتيبة والشاطبي والغزالي والرازي أنّ ترجمة النصوص الدينية إلى الفارسية وغيرها من اللغات الأجنبية تقريبية وليست نصّيةً[3]، فالناظر في الترجمات الدينية من العربية وإليها يرى أنّها على ثلاثة أنواع:

النوع الأوّل: ترجمات قام بها مترجمون غير متخصّصين في الموضوع، فأتت ترجماتهم مبهمة، وفيها أخطاء معرفية كثيرة، فضلاً عن انعدام الفائدة المتوخّاة منها، وآثار هذه الترجمات السلبية أكثر من آثارها الإيجابية؛ لأنّها لم توصل معنى النصّ المترجَم كما أراده النصّ، بل كما يُريده المترجم.

النوع الثاني: ترجمات قام بها مترجمون متخصّصون في الإسلام، ولكنّهم غير متخصّصين في أديان اللغات المنقول إليها أو  معتقدات أهلها غير الدينية، فأتت ترجماتهم حافلةً بالملاحظات التفسيرية والشروح والحواشي المطوّلة، ممّا جعل انتشارها محدوداً، وفائدتها أقلّ ممّا يُرجى لها.

النوع الثالث: ترجمات قام بها مترجمون متخصّصون في الإسلام وفي أديان اللغات المنقول إليها وفي معتقدات أهلها غير الدينية، فأتت ترجماتهم دقيقةً ورصينةً، ممّا كُتب لها نجاح عظيم وانتشار كبير[4].

وهذا ما أشار له الجاحظ في شروط الترجمان بقوله: «لا بدّ للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتّى يكون فيهما سواء وغاية... وكلّما كان الباب من العلم أعسر وأضيق، والعلماء به أقلّ، كان أشدّ على المترجِم، وأجدر أن يُخطئ فيه... هذا قولنا في كتب الهندسة والتنجيم، والحساب، واللحون، فكيف لو كانت هذه الكتب كتب دين وإخبار عن الله} بما يجوز عليه ممّا لا يجوز عليه، حتّى يُريد أن يتكلّم على تصحيح المعاني في الطبائع، ويكون ذلك معقوداً بالتوحيد، ويتكلّم في وجوه الإخبار واحتمالاته للوجوه، ويكون ذلك متضمّناً بما يجوز على الله تعالى ممّا لا يجوز، وبما يجوز على الناس ممّا لا يجوز، وحتّى يعلم مستقرّ العامّ والخاصّ، والمقابلات التي تلقَى الأخبار العامّية المخرَج فيجعلها خاصّيةً... والخطأ في الدين أضرّ من الخطأ في الرياضة والصناعة، والفلسفة والكيمياء، وفي بعض المعيشة التي يعيش بها بنو آدم. وإذا كان المترجِم الذي قد ترجَم لا يكمل لذلك، أخطأ على قدر نقصانه من الكمال»[5].

وبناء على تلك الأنواع الثلاثة للترجمات، وما أشار إليه الجاحظ في شروط الترجمان، يمكن القول بأنّ الإشكاليّات التي تواجه ترجمة النصّ الديني هي:

الانتقائية، أي أنّه ينتقي نصوصاً معيّنةً ويترك الأُخرى التي قد تكون مخصِّصة، أو  مفسِّرة، أو  مقيِّدة، أو مؤكِّدة لها.

الإسقاط المعرفي والفكري، أي أنّه يُسقط ما عنده من متبنّيات فكرية ومعرفية سابقة على فهمه للنصوص الدينية المراد ترجمتها، فبدل أن يُترجِم دلالة النصّ يُترجِم دلالة فهمه للنصّ.

ضعف الخزين اللغوي والمعرفي، بمعنى أنّ ضعف أدواته المعرفية بماهية النصّ الديني وكيفية التعامل معه أيضاً تُسهم بنحو أو  بآخر أن تأتي الترجمة ضعيفةً وغير دقيقة.

ولذلك يظهر التفاوت بين الترجمات للنصوص الدينية من مترجِم إلى  آخر؛ لأنّ الفكر الإنساني وثقافاته مختلفة من شخص لآخر، وهنا يضطرّ المترجِم لسلوك أحد المنهجين، وهما:

أوّلاً: منهجية نقل الكلمة بالكلمة، أي ترجمة النصّ الأصلي ترجمةً حرفيةً؛ إلّا أنّ الترجمة الحرفية للنصّ قد تكون بعيدةً كلّ البعد عن حقيقية النصّ الأصلي، أو قد تؤدّي إلى  معنى بعيد كلّ البعد عن معناه .

ثانياً: منهجية نقل المعنى بالمعنى، أي الترجمة التي يحاول المترجِم فيها أن يتصرّف بالنصّ، وأن يتلاعب بالمعاني ما أمكنه ذلك، وبذلك تكون ترجمته بتصرّف، والترجمة بتصرّف قد تُبعد المترجَم عن مرادّ النصّ ونقل مضامينه[6].

هذه العوامل بمجموعها شكّلت صعوبات تواجه عملية ترجمة النصوص الدينية، سيّما ما يتعلّق بانعكاس ثقافة المترجِم وأفكاره وميوله على النصّ الأصلي، ممّا يُسهم بترجمته ترجمةً بعيدةً عن مراده، بمعنى أنّ المترجِم يبدأ بترجمة أفكاره وليس أفكار المؤلّف.

ثالثاً:ترجمة العبارات المتخصّصة

من الثوابت المهمّة في عمل المترجِم التي يجب الالتفات إليها أثناء عملية الترجمة، هي ترجمة العبارات الدينية المتخصّصة، التي تستدعي من المترجِم تحليل أو  تفكيك العبارة وإعادة صياغتها بدقّة تنسجم مع طبيعة النصّ وخصوصيّته، ومن ثمّ ترجمتها وفق الخزين المعرفي الذي تختزنه العبارة التي صيغت بتراكيب منطقية أو وظيفية ترتبط أجزاؤها بمحدّدات وروابط[7] تُحتمّ ترجمتها بما تحمله من دلالة. وهذا معناه أنّ العبارات المتخصّصة أو  التراكيب اللغوية لا يمكن ترجمتها ترجمةً حرفيةً؛ لأنّها قد تخلّ بالمعنى؛ فالتركيب له دلالة في لغة تختلف عنها في لغة أُخرى، وبذلك يقدّم المترجِم أُنموذجاً لمحتوى الجمل والعبارات المتخصّصة بصيغة شبكة تتضمّن الوحدات الاسمية والصفات والروابط ويُعيد إنتاجها، فإذا استطاع أن يجد المرادفات أو التكافؤ المعنوي للوحدات التي تتكوّن منها العبارات والجمل المتخصّصة في اللغة المراد ترجمة النصّ لها، فإنّه سيتمّ إيجاد حلّ للعديد من المشكلات في عملية الترجمة للنصوص الدينية، وسيسمح بتشخيص أخطاء الفهم وتحليلها، والوقوف على الأخطاء المحتملة الوقوع في الترجمة، ممّا يُيسّر عملية تصحيحها وتلافي تلك الاحتمالات.

وهذه الطريقة من الطرق النادرة في ترجمة النصوص المتخصّصة، وغالباً ما تقع الأخطاء بسبب عدم الالتفات إلى أنّ العبارات أو الجمل أو التراكيب والنصوص الدينية لها خصوصية التخصّص في مجالها، لا يمكن ترجمتها بدقّة بعيداً عن بيئة ذلك التخصّص، ولذلك ظهرت (النظرية التأويلية للترجمة)[8]، مؤكّدةً على أنّ كلّ ترجمة تأويل؛ لأنّها ترى الترجمة عملية تفسير وإعادة صياغة للأفكار أكثر ممّا هي تحويل للكلمات، وبالتالي لا شيء يصعب في الترجمة؛ لأنّ الكلمات كفيلة بنقل الأفكار شريطة احترام المعنى وعدم تحميل التركيب من الألفاظ أكثر ممّا يقتضيه المقام أو الخطاب؛ إذ إنّ الهدف من الترجمة هو مقاربة الأصل شكلاً ومضموناً لدرجة التعادل في الأثر الحاصل في الذهن عند قراءة النصّ في لغة الأصل ولغة النقل؛ لوجود المعادلات على مستوى اللفظ والجملة والفكرة.

وعلى هذا الأساس يُفترض أن تكون الترجمة متعدّدةً وموحيةً مثل الأصل، غير أنّها أعقد تركيباً؛ إذ تصبح بؤرة الإشكال الدلالي محمّلةً بإسهامات الأصل وإسهامات المترجِم الانفعالية.. فالمترجِم بوصفه مؤوّلاً سعيه معقّد، مهمّته تتمثّل في قهر المسافة التي تفصل النصّ عن ترجمته، فهو مطالب بأن يفهم ويُفهِم المتلقّي وفقاً لتوقّعات متفاوتة[9].

ولمعرفة ذلك بنحو تطبيقي سنبحث عن الإشكاليّات الواردة في ترجمة كتاب (الألم الخلاصي في الإسلام.. دراسة في المظاهر الدينية لمراسيم عاشوراء عند الشيعة الإمامية).

المبحث الثاني: محورية الخلاص في كتاب الألم الخلاصي

الخلاص أمر يهدف لتحقيقه الجميع، لكنّه لا يتحقّق إلّا بوجود مخلِّص، وقد اختلفت هويّته من دين إلى  آخر ومن مذهب إلى  آخر، ولكنّ مهمّته واحدة مع تعدّد تلك الهوية؛ بسبب تعدّد المعتقدات، والكتاب هنا يعقد مقارنةً بين مهمّة الخلاص للسيّد المسيح بحسب عقيدة المؤلّف، وبين خلاص الشيعة الإمامية على يد الإمام الحسين× عبر مظاهر الألم التي يُمارسونها كطقوس في موسم عاشوراء. ولعرض ونقد تلك المقارنة لا بدّ من بيان ما يأتي:

أوّلاً: عرض وصفي للكتاب

الكتاب عبارة عن أُطروحة دكتوراه مقدّمة لجامعة هارفرد في عام 1975م من قبل محمّد أيوب، وقد ترجمها من الإنجليزية إلى  العربية الأب الدكتور أمير ججي الدومنيكي. المحور الأساس الذي يدور حوله الكتاب هو الحديث المروي عن النبي‘: إنّ (الحسين سفينة النجاة)[10]. ومن كلمة النجاة جاء مصطلح الخلاص في عنوان الكتاب؛ لدراسة الجوانب الدينية التقوية لمراسيم عاشوراء عند الشيعة الجعفرية الاثني عشرية دراسةً انثروبولوجيةً[11] تحليليةً.

يتكوّن الكتاب من ستّة فصول، ففي الفصل الأوّل بحث بيت الأحزان وما يرمز له من مضمون الألم للأئمّة الاثني عشر في المذهب الشيعي، أمّا الفصل الثاني فبحث مكانة الأئمّة الاثني عشر لدى الشيعة ودورهم في تاريخ خلاص البشرية، وهذان الفصلان شكّلا مقدّمةً للفصل الثالث الذي تحدّث عن حياة الإمام الحسين× والأحداث التي جرت فيها منذ ولادته والتي أدّت إلى  استشهاده، لذا فإنّ الفصل الرابع اهتمّ بدراسة مفهوم الشيعة عند استشهاد الإمام الحسين× وكيف يراها المؤرّخون.

أمّا الفصلان الخامس والسادس فقد بحثا كيفية ربط المجتمع مباشرةً مع أحداث كربلاء ومهمّة الأئمّة، وقد عرّج المؤلّف هنا على مفهوم مجموعة من المصطلحات ـ كالثواب والمراثي والزيارة والتعزية والمجالس وغيرها من الطقوس ـ التي يتجدّد من خلالها ميثاق الولاء بين الشيعة والعائلة المقدّسة، والتعبير عن امتياز الأئمّة في الشفاعة والخلاص.

ويبيّن المؤلّف أنّ المصادر التي اعتمدها في دراسته ترجع إلى القرن الرابع، وصولاً إلى القرن التاسع الهجريّين؛ لأنّها تضمّ ـ باعتقاده ـ بعض الموادّ الموثوقة الأُولى، بمعنى أنّه يُريد التأكيد على اعتماده المصادر الأصيلة في هذا الموضوع، مبيناً أنّ دراسته تبدأ في القرن الرابع الهجري.

ومن تلك المصادر التي اعتمدها كتاب (الكافي) للكليني، وكتابا (الأمالي والمجالس) للشيخ الصدوق، و(الإرشاد) للشيخ المفيد، زيادةً على كتب التاريخ العامّة كتاريخ الطبري والمسعودي واليعقوبي وابن الاثير، وكتب المقاتل لأبي مخنف وأبي فرج الأصفهاني وابن طاووس، وغيرها من المصادر الأُخرى التي اعتمدها المؤلّف في دراسته[12].

ثانياً: منهجية الكتاب في العرض

يُمكن للقارئ أن يستخلص مجموعةً من المناهج العلمية التي سلكها في بيان مضامين كتابه، والتي أسهمت بتحقيق أهدافه التي أرادها، ومن أهمّ تلك المناهج ما يأتي:

منهجية الاستقراء التحليلي للأحداث التاريخية وتقصّيها في كتب التاريخ والحديث على حدّ سواء، وكيفية قراءة ذلك التراث التاريخي والروائي، وحتى الأدبي حول كربلاء وعاشوراء، قراءةً فلسفيةً تحاول ربط الأحداث التاريخية مع بعضها البعض، مؤكّداً أنّ منهجيّته لا تهتمّ بالأحداث التاريخية فقط، وإنّما في كيفية تداخل هذه الأحداث من قِبل المجتمع؛ إذ أصبحت النقطة الأساس لفهمه للتاريخ[13]؛ لأنّ التاريخ المقدّس على وجه الخصوص ـ من وجهة نظر المؤلّف ـ لا يعود إلى  الوقت المادّي أو الزمني، فهو يتجاوز زمن الحاضر إلى  المستقبل، ولذلك فإنّ أحداث التاريخ لا تُبلى ولا تستقلّ عن بعضها، فهناك رابط يربطها على الدوام يجعل منها أحداثاً متجدّدةً[14].

منهجية المقارنة والربط الموجز بين طقوس عاشوراء لدى الشيعة والظواهر المشابهة لها في الديانات الأُخرى السماوية منها والوضعية[15]، محاولة منه إلى  إثبات أنّ تلك الطقوس لها جذورها التاريخية قَبل الإسلام لأحداث مشابهة لعاشوراء؛ بوصفها ضمن التديّن الشعبي والممارسات الاجتماعية، وبذلك فإنّها متجذّرة في عمق ثقافة المجتمع الممارس لها، سيّما عند العراقيّين الذين لهم باع حضاري عريق.

منهجية المقاربة بين التراثين المسيحي والإسلامي، ومحاولة توظيف المصطلحات المسيحية في إطارها العامّ لبيان مفاهيم إسلامية، كمفهوم الخلاص الذي أشار المؤلّف إلى  أنّ المراد منه معناه الواسع، وهو تحقيق حياة الإنسان، لذا يجب أن يميّزه عن الخلاص كمفهوم لاهوتي، ولا سيّما استعماله في اللاهوت المسيحي[16]. وكذلك مفهوم الألم الذي أراده المؤلّف بمعناه العامّ، وجوانبه التقديرية التي تتميّز عنه في اللاهوت المسيحي، والغاية من ذلك أن يقارَب ما بين آلام السيّد المسيح وآلام الإمام الحسين من وجهة نظره.

 المنهج الوصفي اعتمده المؤلّف بشكل واضح في وصف حياة الإمام الحسين×، وارتباطها بحياة الأنبياء السابقين؛ للوصول إلى  تفسيرات منطقية لها دلائل وبراهين، تمنح القارئ القدرة على فهم حركة الإمام الحسين× ووضعها في إطارها التاريخي والعقدي والاجتماعي. ومثاله: عمد المؤلّف إلى وصف ارتباط حياة الإمام الحسين× بحياة نبي الله نوح، والغرض من ذلك هو ربط واقعة كربلاء بالطوفان[17].

ثالثاً: توظيف مصطلحات اللاهوت المسيحي في الكتاب

 يُعرف اللاهوت بأنّه علم الإلهيّات[18]، ويُعرف على أنّه التأمّل في العقائد الدينية المسيحية؛ إذ يُشير المصطلح إلى  دراسة العقيدة المسيحية. وهو علم كامل مستقلّ غايته الوصول إلى فهم ذات الله تعالى عن طريق الاستدلال، منطلقاً من أُصول ومبادئ، ومنتهياً إلى  نتائج[19].

أمّا أدواته في معرفة الأشياء فهي العقل ومبادئه، ويرى المسيحيّون أنّ هذا العقل يجب أن يشعّ فيه نور الإيمان حتى لا يتجاوز حدوده[20]؛ وبناء على ذلك يتّضح أنّ المنظومة العقلية المسيحية تصطدم مع مسلّمات وثوابت وحقائق المنظومة العقلية العلمية، أوّلها مسألة الأقانيم[21] الثلاثة في أُقنوم واحد، ومعروف أنّ الثلاثة غير الواحد، ممّا يضطرّهم إلى فلسفتها وتأويلها تأويلاً يتناسب مع تلك المسلّمات؛ للخروج من التعارض العقلي، وهذه هي مهمّة علم اللاهوت المسيحي.

ولعلم اللاهوت في المسيحية وظائف يقوم بها لا تخرج عن النظر في الوحي والدفاع عن صيغ الإيمان المسيحي عن طريق المناظرة والمجادلة، وتلك الوظائف هي[22]:

الوظيفة الانعكاسية والدفاعية.

النظر النقدي في مسلّمات الوحي.

التنظيم النظري لمسلّمات الوحي الذي يوضّح تاريخ نجاة الإنسان، ويُسمّى علم اللاهوت النظري الذي ينقسم إلى: علم العقائد، وعلم الأخلاق.

ولهذا العلم مصطلحات خاصّة به تماماً، كالمصطلحات المتداولة في علم الكلام الإسلامي؛ من هنا نرى أنّ المؤلّف استعمل مصطلحات اللاهوت المسيحي في بيان مفهوم مصطلحات يتداولها علم الكلام، أو اللاهوت الإسلامي، وعلى وجه الخصوص الشيعي، إلّا أنّه أخفق في ذلك؛ لأنّ المصطلح في اللاهوت المسيحي قد يكون له معنىً مغاير لما يعنيه في علم الكلام الإسلامي، وهذا ما لم يلتفت له لا المؤلّف ولا المترجِم أثناء الترجمة، مع أنّ المترجِم أشار في مقدّمته للكتاب بأنّ المؤلّف لم يميّز ـ على سبيل المثال ـ بين الخلاص كمفهوم لاهوتي إسلامي، وبين الخلاص كمفهوم لاهوتي مسيحي، وهذه واحدة من أهمّ المؤاخذات التي وقع فيها المؤلّف[23].

ومن المصطلحات التي يتداولها اللاهوت المسيحي (الفادي ـ العائلة المقدّسة ـ رمز الرحمة الإلهية ـ وسيلة الغفران)، وغيرها من المصطلحات الأُخرى التي لكلّ منها مفهومها العامّ الذي يلتقي مع استعمالها في علم الكلام الإسلامي، ومفهومها التخصّصي الدقيق الذي يفترق عنها في الاستعمال الإسلامي.

المبحث الثالث: الإمام الحسين×وسيلة الخلاص

ركّز مؤلّف كتاب (الألم الخلاصي) على محوريّة بنى عليها تأليفه، وهي أنّ آلام الإمام الحسين× كانت وسيلةً لخلاص أتباعه في الماضي وحتى نهاية التاريخ الإنساني، ومن هذه المحورية أسّس إلى  مفهوم ضرورة أن يخلق الله المخلِّص قَبل المخلَّص، والتي منها فسّر معنى خلق كلّ شيء من أجل الأئمّة وخلقهم قَبل كلّ شيء[24]. ولبيان متعلّقات تلك المحورية ولوازمها لا بدّ من بيان ما يأتي:

أوّلاً: مفهوم الخلاص وعلاقته بالنجاة

من المصطلحات اللاهوتية التي وظّفها المؤلّف في كتابه ونقلها من العربية إلى الإنجليزية، ومن ثمّ ترجمها المترجِم من الإنجليزية إلى العربية من دون النظر إلى معناها الاصطلاحي الدقيق، وتفاوت مفهومها بين اللاهوت المسيحي وعلم الكلام الإسلامي، هو مصطلح الخلاص.

انطلق الكتاب من قول الرسول‘: إنّ الحسين سفينة النجاة. وترجم النجاة بالخلاص، في حين أنّ الخلاص مصطلح لاهوتي مسيحي بامتياز، وهو مبني على فكرة تجسّد الإله في صورة المسيح وصلبه وتألمّه بالموت من أجل أن يُخلّص البشرية من ذنوبها. أو  باصطلاح آخر: من اللعنة التي لازمت البشرية ابتداءً من أكل آدم وحوّاء من الشجرة.

أمّا النجاة فهي مصطلح قرآني ورد في آيات عدّة، يلتقي مع الخلاص في جانب، ويفترق عنه في جوانب أُخرى، ومعناه في المعاجم العربية: من نجو، «النونُ والجيمُ والحرفُ المعتَلُّ أَصلانِ، يدلُّ أَحدهُمَا على كَشْطٍ وَكَشْفٍ، والآخرُ على سَتْرٍ وإِخْفَاءٍ»[25]. وما يهمّ البحث المعنى الأوّل؛ فَنَجَا الإنسانُ يَنجُو نجاةً، ونجاءً في السرعةِ، وهو معنى الذهاب والانكشاف من المكان، وناقةٌ ناجيةٌ ونجاةٌ: سريعةٌ. وقولهم: بَيْني وبينهم نَجَاوَةٌ من الأرض، أيْ سِعةٌ[26].

«وأصل النجاء الانفصالُ من الشيء، ومنه: نَجَا فلانٌ من فلان وأنْجَيْتُهُ ونَجَّيْتُهُ. والنجْوَةُ والنجَاةُ: المكان المُرتفِع المنفصل بارتفاعه عمّا حوله. وقيل: سُمّي لكونه نَاجِياً من السَّيْل. وَنَجَّيْتُهُ: تركته بنَجْوة، وعلى هذا قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)»[27].

وبذلك يتّضح أنّ المعنى اللغوي للنجاة هو الكشف، والانفصال مع الارتفاع، والسرعة مع السعة.

فالإمام الحسين سفينة نجاة، وهي أسرع وأوسع السفن كما وصفها الإمام الصادق× في قوله: «كلّنا سفن النجاة، وسفينة جدّي الحسين× أوسع، وفي لجج البحار أسرع»[28].

وابتداءً من المعنى اللغوي؛ فإنّ النجاة التقت مع الخلاص في الانفصال عن الخطر وانكشاف الضرر، وافترقت عنه في النتيجة التي تتبع ذلك الانفصال والكشف؛ لأنّ معنى النجاة في الاستعمال القرآني هو الخلاص مع الفوز، بمعنى أنّ النجاة هي الخلاص من المكروه أو الضرر المقترن بالوصول إلى  السعادة أو نيل المراد[29]. وهذا ما حاول أن ينبّه المؤلّف عليه بقوله: (يُستخدم مصطلح الخلاص هنا بمعناه الواسع، ليعني شفاء الوجود أو تحقّق حياة؛ لذا فإنّ معنى الخلاص هنا يجب أن يُميّز من الخلاص كمفهوم لاهوتي، لا سيّما من استعماله التقني في اللاهوت المسيحي)[30].  

وإذا كان ذلك مراد المؤلّف أو  المترجِم كان عليه أن يبحث عن مصطلح يجمع المعنيين معاً في تركيب أو  مصطلح آخر غير مصطلح الخلاص؛ للتعبير عن النجاة التي وصفت بها سفينة الإمام الحسين×، مراعياً المجاز والوصف والكناية والاستعارة التي لا تتحقّق بالترجمة الحرفية، بل بالترجمة التأويلية أو  المعنوية.

ثانياً: الألم وسيلة تحقّق الخلاص

يضع المؤلّف فرضية ينطلق منها في دراسته، وهي أنّ ما يتحقّق من خلال الألم أو المعاناة هو ما ستُطلق عليه الدراسة بـ(الخلاص)، بمعنى أنّ الافتراض الأساس على أنّ كلّ ألم يُعدّ أحياناً وسيلةً للخلاص على الرغم من الإبادة أو  الزوال الذي يحقّقه الموت[31]، وهنا أيضاً ربط المؤلّف بين عقيدته بآلام السيّد المسيح من أجل خلاصهم، وبين الابتلاءات التي ابتُلي بها الأنبياء والأوصياء ومنهم الإمام الحسين وأهل بيته^.

والألم في رأي المؤلّف أنّه اللاوجود الذي ينتقل بالإنسان من حال إلى أُخرى؛ بمعنى أنّه يتحوّل من قوّة تامّة سلبية إلى  شيء ذي قيمة يتأثّر بإيمان الإنسان والرحمة الإلهية، ومن خلال ذلك التحوّل يصبح الألم معلماً عظيماً للمتّقين وطريقهم للخلاص، وكلّما كان الألم قويّاً كلّما كان الخلاص أعلى درجةً[32]. وما دراسته هذه إلّا أن تبحث آلام الإمام الحسين× كما يراها المجتمع الشيعي، مع إلقاء نظرة إلى  الماضي وحتى نهاية التاريخ الإنساني، وتلك الآلام جعلت من قضية الإمام الحسين× دراما[33] بحسب رأي المؤلّف[34].

قَبل بيان اللبس الذي وقع المؤلّف فيه لا بدّ من بيان معنى الألم في استعماله الكلامي الإسلامي، فهو على مستوى الاستعمال العربي يعني «الوَجَعُ، والمُؤلم: الموجِعُ، والفِعْلُ: أَلِمَ يَألَمُ أَلَماً فهو أَلِمٌ، والمجاوز: آلَمَ يُؤلِمُ إيلاماً فهو مؤلِمٌ»[35]. إلّا أنّ الوجع أَعمّ من الألم؛ لأنّ الألم هو ما يُلْحقهُ بك غيرك، والوجع ما يلحقك من قِبل نفسك ومن قِبل غيرك[36]، وقيل: الأَلم على كُلِّ شيء يُمكِن فيه غَضَب، وعلى ما لا يُمكِن فيه أَسف[37]. والألم ضربان حسّي ناتج عن ضرب أو قطع أو مرض، ومعنوي ناتج عن جوع أو عطش أو حزن أو خوف، وكلاهما أمر عارض على الشيء يرتفع بارتفاع سببه[38].

أمّا معنى الألم في الاستعمال العقدي أو  الكلامي فهو عبارة عن الابتلاء، ومعنى الابتلاء أوسع من معنى الألم على مستوى المفهوم والتطبيق، بمعنى أنّ كلّ ألم هو ابتلاء، ولكن ليس كلّ ابتلاء هو ألم.

وبحسب البيان القرآني فمنصب القيادة والإمامة لا يكون إلّا لمـَن ابتلاه الله وأبلى حسناً فيما ابتُلي؛ وذلك في قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[39]. والابتلاء بمعنى الاختبار الذي قد يكون بالرخاء، وقد يكون بالشدّة[40]؛ وذلك قوله تعالى: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ)[41]، وقوله: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[42].

ولكنّ مؤلّف كتاب (الألم الخلاصي) أراد الابتلاء بمعنى الألم والمكابدة والشدّة التي تعرّض لها الأنبياء جميعاً والأوصياء والأئمّة ومنهم الإمام الحسين×، والتي كانت سبباً في خلاص شيعته، وهو ما عبّر عنه المؤلّف بالدراما، بل حتى «تضحية إبراهيم الخليل× لم يكن المقصود بها عرض الثقة والطاعة لله، بل لربط الحزن في مهمّته النبوية مع الأئمّة وأحزانهم، على الرغم من المعاني الضمنية للطاعة في النصّ القرآني»[43].

ولذلك فإنّ «المعاناة بحسب هذه القصّة يجب أن تترافق مع الحظوة الإلهية والمكانة العالية عند الله، ليس فقط للشهداء أنفسهم، بل لأُولئك الذين يختارون القدر نفسه معهم أيضاً، فمع الشهيد العظيم سيدخلون بيت الأحزان الذي يصبح جسراً إلى  الجنّة حديقة الأنبياء»[44].

وبقوله: (بيت الأحزان... جسراً) يُشير بوضوح إلى كون الألم وسيلةً لا بدّ منها، وهنا محلّ اللبس والاشتباه الذي وقع فيه المؤلّف؛ لأنّ الشدّة والضيق الذي تعرّض له الإمام الحسين× لا علاقة له بخلاص شيعته وأتباعه على المعنى الذي أراده المؤلّف، فالأوّل ـ أي الضيق والشدّة ـ وقع على الإمام الحسين×؛ لكونه ثائراً بوجه عصبة المنحرفين عن الدين، وعادة المنحرف لا يمتثل لأيّ معيار من معايير أخلاق الحرب. والثاني أنّ خلاص شيعة الإمام الحسين× وأتباعه مرتبط باتّباعهم لمنهجه ولمنهج أئمّة أهل البيت^، إلّا أنّ عقيدة المؤلّف غلبت في تفسيره لمجريات واقعة الطفّ وما لحقها، أكثر من غلبة الأسباب الموضوعية والمنطقية التي دعت لوقوع الواقعة.

ثالثاً: آلام الشيعة امتداد لآلام العائلة المقدّسة

استعمل المؤلّف مصطلح (العائلة المقدّسة)، ويقصد به عائلة الرسول محمّد‘ التي بحسب تعبيره تحتلّ مكانةً رئيسةً في المذهب الشيعي، وآلام تلك العائلة وعذابهم يتمركز في رجل واحد، وهو (الشهيد المظلوم) الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب×[45].

ومصطلح (العائلة المقدّسة) هو ترجمة لمصطلح أهل البيت^، والأوّل يُستعمل بكثرة في اللاهوت المسيحي، في حين أنّ الثاني هو مصطلح قرآني، والبون شاسع بين معنى المصطلحين، فالعائلة المقدّسة  The Holy Family مُصطلح يُستعمل للتعبير عن أُسرة السيّد المسيح: الطفل يسوع، العذراء مريم، القديس يوسف النجار[46]. وهو بهذا المعنى لا علاقة له بمصطلح (أهل البيت) الذي يُشير إلى  أُسرة ابنة رسول الله‘، وهم: الإمام علي، السيّدة فاطمة الزهراء، الإمام الحسن، الإمام الحسين، والأئمّة المعصومون من أولاده^[47].

علماً أنّ اللغة العربية تُبيّن أنّ (أهل البيت) يُراد به سكّانه، وأهل بيت الرجل: أُسرته. وأُطلق في القرآن (أهل البيت) على أُسرة إبراهيم×، وعُرف في الاستعمال: أهل البيت لآل المصطفى‘[48]. مع أنّ لفظ (العائلة) يُمكن أن يُطلق على عائلة إبراهيم والسيّد المسيح÷ والنبي محمّد‘، إلّا أنّه انطباق متفاوت من حيث الأفراد ونسبتهم لتلك العائلة أو الأُسرة؛ فـ(أهل البيت) لفظ إذا أُطلق انصرف الذهن إلى  أشخاص معيّنين، بخلاف لفظة(العائلة المقدّسة)التي إذا أُطلقت انصرف الذهن إلى  أشخاص لهم خصوصيّتهم وتاريخهم والأحداث الخاصّة بهم[49] غير أهل البيت^، وهنا تتّضح أهمّية ترجمة المصطلح وضرورة توخّي الدقّة فيه.

هذا من جهة المصطلح، أمّا من جهة محورية الألم في تلك العائلة وامتداده لأتباعها؛ فإنّ المؤلّف يربط الأحداث منذ عهد آدم وما تلاه من الأنبياء بواقعة كربلاء، وأنّ جميع الأنبياء قد شاركوا آلام محمّد‘ وممثّليه أو نوّابه، ويقصد بذلك الأئمّة وأهل بيته^، ومن ثمّ شاركوا في أحزان آل البيت^ وبطريقة بسيطة بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فإنّ كلاً منهم جرّب الألم أو الحزن الذي يرتبط بالموقع المقدّس في كربلاء[50]، وتلك المشاركة كانت ضمن التاريخ الذي لا يرتبط بزمان أو مكان، وهو ما يُعبّر عنه بالتاريخ الأزلي[51] .

والكلام هنا لا يخلو من نقد؛ لأنّ إخبار الأنبياء بما سيكون من أحداث يعني أنّ النبي له زمان ومكان، والحدث الذي سيقع له زمان ومكان أيضاً، فتفاعل الزمانين مع المكانين هما في صميم الزمان والمكان لا خارجهما، وتصويره بأنّه خارج عنهما يصوّر للقارئ وكأنّ الحدث أُسطوري؛ ولذلك فإنّ المؤلّف يُعبّر في أكثر من موضع في كتابه بمفردة الأُسطورة، كأُسطورة الخليقة التي ارتبط بها الإمام الحسين× عبر اللوح والقلم بما فيهما من القدر والإيحاء، فاللوح هو تاريخ قدر الإنسان، ويتحرّك القلم بمفرده على هذا اللوح الإلهي لكي يتتبّع الأحكام الإلهية للأقدار، وبذلك يرتبط الإمام الحسين× بشكل خاصّ ومباشر مع تاريخ خلق البشرية، ومن خلال استشهاده تمّ تقرير مصير الإنسان[52].

رابعاً: دراما تراجيديا آلام العائلة المقدّسة

يُبيّن المؤلّف أنّ قصص مشاركة الأنبياء آلام الإمام الحسين×، وقصص مأساة الطفّ، تُقدّم في مجالس التعزية في شهر محرّم لإثارة عواطف المشاركين، ويؤكّد أنّ أُولئك الحاضرين في مثل هذه المجالس ليسوا مشاهدين أو مستمعين فحسب، بل مشاركين فاعلين في هذه الدراما المقدّسة[53]. وهكذا فإنّ «الأثر الدرامي المتصاعد للتراجيديا يسمح للناس أن يتدخّلوا في هذه الحادثة ـ موت فاطمة الزهراء ـ وأن يشاركوا فيها. إنّ المتناقضات الواضحة التي تتّسم بها القصص المتعدّدة لموت فاطمة ذات أهمّية طفيفة للمؤمنين مادام الغرض من حياتها واضحاً بما فيه الكفاية»[54]. ويبقى التأثير الدرامي لهذه القصص طوال الوقت من خلال عنصري التواتر والمقارنة[55]، ولغرض فهم دور الحسين في دراما المعاناة والخلاص يجب منح التركيز إلى  محتوى دور الأئمّة في فكر الفرد الشيعي[56].

مصطلح الدراما ـ كما تبيّن سابقاً ـ رواية يَختلِط فيها المُحْزِن بالمُبكي، تُرجمت إلى  العربية بلفظة فاجعة، إلّا أنّ ترجمة الكتاب لم تنقلها بوصفها فاجعةً، بل بوصفها سرداً للأحداث والقصص، تضمّ كثيراً من الشخصيّات ـ الأنبياء والأوصياء منذ آدم إلى  المهدي المخلّص ـ تختلف انفعالاتها وصفاتها، وتتّسم بالخيالية النثرية الطويلة، والتفاصيل الأُسطورية؛ إذ إنّها تؤلّف حقيقةً واقعيةً موجودةً دائماً في حياة المتّقين، لتصبح أكثر واقعيةً مع كلّ جيل متعاقب[57]، ولذلك فإنّ مصطلح الدراما عندما يُطلق ينصرف الذهن إلى  المبالغة في تصوير الأحداث، ممّا يفقد الحدث أهمّيته الموضوعية الواقعية، ويطبعه بطابع أدبي سردي تراجيدي.

ولأنّ المحور الأساس الذي يبني عليه المؤلّف كتابه هو الألم؛ فإنّه يجعل من الحزن والمعاناة سبباً للانتقام والسخط، وهدفاً يسعى لتحقيقه من قِبل المشاركين في تلك المجالس المقامة في شهر محرّم[58].

والكلام لا يخلو من غرابة؛ لأنّ الانفعال والتفاعل مع الحدث الحسيني ليس غايته الانتقام، والسخط، بل غايته إحقاق الحقّ وإرجاع الحقوق لأصحابها، وهذه النظرية ليست من متبنّيات المؤلّف، وإنّما هو متأثّر بما طالعه في بعض المصادر كـ(الفتاوى الكبرى) لابن تيمية، التي تصوّر المشاركين في عزاء الإمام الحسين× بأنّ غايتهم الانتقام ووسيلتهم جلد الذات؛ إذ يصف ابن تيمية مَن يُحيي عزاء الإمام الحسين في أيّام عاشوراء بالطائفة الجاهلة؛ لأنّهم يُمارسون طقوساً كانت تُمارس في الجاهلية بالنياحة واللطم[59].

والمقام هنا ليس للردّ على ابن تيمية، وإنّما في بيان تأثّر المؤلّف بالمصادر التي تأثّرت بفكر ابن تيمية وقد نقل عنها من غير أن يُبيّن موقفه منها.

والمؤلّف يُناقض نفسه في كتابه بعد صفحات من رأيه أعلاه بقوله: «إنّ المجتمع الشيعي في إحيائه ذكرى استشهاد الإمام الحسين وعائلته وأصدقائه، فإنّه بذلك يُجدد العهد والميثاق الذي تتميّز به الأمانة؛ إذ يراها المجتمع الشيعي بإمامة الأئمّة الاثني عشر»[60]. فإذا كان الأمر مسألة تجديد عهد وميثاق، فأين السخط والانتقام؟! وهذا ما يؤكّد وقوع المؤلّف في الاشتباه.

الخاتمة

يمكن تلخيص النتائج التي توصّل إليها البحث عبر قراءته للفصل الأوّل من كتاب (الألم الخلاصي في الإسلام) فيما يلي:

ترجمة النصوص الدينية في واقعها ترجمة لموارد استعمال اللفظ أكثر ممّا هي ترجمة للألفاظ نفسها، وذا ما برّر ظهور الترجمة التأويلية؛ إذ إنّها أكثر مناسبةً لفهم النصّ الديني المشتمل على الاستعمال الحقيقي والمجازي للألفاظ.

مؤلّف الكتاب بذل جهداً ليس باليسير في قراءة الحدث الحسيني عبر جذوره التاريخية ودواعيه العقدية، إلّا أنّه لم يُبيّن موقفه منه، بل يتماهى أحياناً مع الإشكاليّات التي نقلها من غير ردّ أو  تصحيح.

خلط الكتاب بين مفاهيم اللاهوت المسيحي وعلم الكلام الإسلامي، ممّا أدّى إلى  استعمال المصطلح في غير ما سيق إليه، فأسهم في خلق إشكاليّات معرفية، كان المؤلّف في غنىً عنها لو أنّه عالج استعمالها في مصادرها الأصيلة.

استعمال المصطلحات الأدبية كالدراما والقصص والأُسطورة والخيال في وصف المباحث المعرفية أوقع المؤلّف في إشكالية أُخرى، وهي الابتعاد عن موضوعية وواقعية الحدث الحسيني وتصويره بصورة أُخرى لا علاقة له بها.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

          أُصول الترجمة.. دراسات في فنّ الترجمة بأنواعها كافّة، حسيب إلياس حديد، دار الكتب العلمية.

          الألم الخلاصي في الإسلام.. دراسة في المظاهر الدينية لمراسيم عاشوراء عند الشيعة الإمامية، محمّد أيّوب. الناشر: المركز الأكاديمي للأبحاث.

          بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي (ت1111هـ)، الناشر : مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان.

          تاج العروس من جواهر القاموس، السيّد محمّد مرتضى الزبيدي الحسيني (ت1205هـ)، الناشر : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1414هـ/1994م.

          الترجمة العربية والإنجليزية: المشكلة والحلّ، صلاح حامد إسماعيل، أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي.

          الترجمة النقدية التأويلية ـ ‏ترجمة الكتب المقدّسة، حفناوي ‏بعلي، دار دروب للنشر والتوزيع.

          الترجمة وجماليّات التلقّي المبادلات الفكرية الثقافية، أ. د . حفناوي بعلي،  دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.

          تقنية المعلومات: المصطلحات ـ وسائل الاتّصال ـ التوظيف ـ الثقافة، فيصل هاشم شمس الدين، الناشر: مؤسسة شمس للنشر والإعلام، الطبعة الأُولى.

          التلمود تاريخه وتعاليمه، ظفر الإسلام خان، الطبعة الثامنة، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م.

10ـ    جامع البيان عن تأويل آي القرآن، أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تحقيق: الشيخ خليل الميس، وصدقي جميل العطار، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

11ـ    الجامع في الترجمة، بيتر نيو مارك، دار ومكتبة الهلال.

12ـ    الحيوان، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري المعروف بالجاحظ (ت255هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، ١٤٢٤هـ.

13ـ    الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت393هـ)، تحقيق : أحمد عبد الغفور العطار، الناشر : دار العلم للملايين، بيروت لبنان، الطبعة الرابعة، 1407هـ/1987م.

14ـ    العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، الناشر: مؤسسة دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1410هـ.

15ـ    عيون أخبار الرضا، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق (ت381هـ)، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1404هـ/1984م.

16ـ    الفتاوى الكبرى، أحمد بن عبد الحليم الحرّاني المعروف بابن تيمية (ت728هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1408هـ/1987م.

17ـ    فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة من ذرّيتهم^، الشيخ إبراهيم بن محمّد الجويني (ت730هـ).

18ـ    الفروق اللغوية، الحسن بن عبد الله بن سهل أبو هلال العسكري (ت395هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

19ـ    فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية، لويس غارديه، نقله إلى  العربية صبحي الصالح.

20ـ    قاموس الكتاب المقدّس، دائرة المعارف الكتابية المسيحية:

21ـ     https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/18_EN/the-holy-family.html.

22ـ    قضية تطوير الخطاب الديني: تطوير الدعوة إلى  الإسلام، أحمد عبد الرحمن، دار وهبة، الطبعة الأُولى، 2009م.

23ـ    الكلّيّات، أيّوب بن موسى الحسيني الكفوي أبو البقاء الحنفي (ت1094هـ)، تحقيق: عدنان درويش محمد المصري، الناشر: مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية 1998م.

24ـ    اللاهوت المعاصر، الأب منصور المخلصي:

25ـ     https://www.goodreads.com/book/show/

26ـ    المعجم الكبير للمصطلحات اللاهوتية، الخبير جورج نظير جرجس:

27ـ    https://www.qenshrin.com/ebooks/

28ـ    معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار عبد الحميد وآخرون، الناشر: عالم الكتب، الطبعة الأُولى، 1429هـ/2008م،.

29ـ    معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا (ت395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الناشر : مكتبة الإعلام الإسلامي، 1404هـ.

30ـ    معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن، حسن عزّ الدين الجمل، الناشر: الهيئة المصرية العامّة للكتاب، مصر، الطبعة الأُولى، ٢٠٠٣م.

31ـ     المفردات في غريب القرآن، الحسين بن محمّد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت502هـ)، الناشر: مكتب نشر الكتاب، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1404هـ.

 

 



[1] يُنظر: صلاح حامد إسماعيل، الترجمة العربية والإنجليزية المشكلة والحلّ: ص5.

 

[2][2] يُنظر: أ. د. حفناوي بعلي، الترجمة وجماليّات التلقّي المبادلات الفكرية الثقافية: ص7.

 

[3] يُنظر: أحمد عبد الرحمن، قضية تطوير الخطاب الديني: تطوير الدعوة إلى  الإسلام: ص126.

 

[4] يُنظر: شمس الدين، فيصل هاشم، المعلومات: المصطلحات ـ وسائل الاتّصال ـ التوظيف ـ الثقافة: ص53.

 

[5] الجاحظ، عمرو بن بحر، الحيوان: ج1، ص54 ـ 55.

 

[6] يُنظر: حسيب إلياس حديد، أُصول الترجمة ـ دراسات في فنّ الترجمة بأنواعها كافّة: ص33.

 

[7] يُنظر: المصدر السابق: ص34.

 

[8] يُقصد بالنظرية التأويلية ذلك الاتّجاه الترجمي الذي يركّز على المعنى، أي أن لبّ عمله هو إيصال مضمون النصّ من خلال الترجمة اعتماداً على التأويل، واستشفاف المعنى انطلاقاً منه. اُنظر: بيتر نيو مارك، الجامع في الترجمة: ص65.

 

[9] يُنظر: حفناوي بعلي، الترجمة النقدية التأويلية ـ ‏ترجمة الكتب المقدّسة: ص43.

 

[10] رُوِيَ عن النبي‘ أنهُ قَالَ : «إنّ الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة». الصدوق، محمّد بن علي، عيون أخبار الرضا: ج1، ص62. وقريب منه ما رواه الشيخ إبراهيم بن محمّد الجويني في كتابه: فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة من ذريّتهم^: ص42.

 

[11] علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا هي دراسة البشر وسلوك الإنسان والمجتمعات الماضية والحاضرة، يبحث في أصل الجنس البشريّ وتطوّره وأعرافه وعاداته ومعتقداته، وفي السُّلالات البشريّة وخصائصها ومميِّزاتها. يُنظر: أحمد مختار عبد الحميد وآخرون، معجم اللغة العربية المعاصرة: ج1، ص128.

 

[12] يُنظر: محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص18ـ 23.

 

[13] يُنظر: المصدر السابق: ص16.

 

[14] يُنظر: المصدر السابق: ص32.

 

[15] يُنظر: المصدر السابق: ص18.

 

[16] يُنظر: المصدر السابق: ص25.

 

[17] يُنظر: المصدر السابق: ص37.

 

[18] يُنظر: المخلصي، الأب منصور، اللاهوت المعاصر: ص9.

 

[19] المصدر السابق.

 

[20] يُنظر: لويس غارديه، فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية: ج3، ص18. (نقله إلى  العربية صبحي الصالح).

 

[21] الأقانيمُ تعني الأُصول، واحدها أُقْنومٌ. يُنظر: الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصحاح تاج اللغة العربية: ج5، ص2016. وهي كلمة سريانية يُطلقها السريان على كلّ مَن يتميّز عن سواه، ويراد به (التعيّن)، وقد وردت في اللاهوت المسيحي ويُراد بها أحد الأَقانيم الثلاثة، وهي: الأب ، والابن ، والروح القدس. يُنظر: معجم المصطلحات اللاهوتية: ص30.

 

[22] يُنظر: المخلصي، الأب منصور، اللاهوت المعاصر: ص20.

 

[23] يُنظر: محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص10ـ11.

 

[24] يُنظر: محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص25ـ 33.

 

[25] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص397.

 

[26] يُنظر المصدر نفسه: ج5، ص397ـ 398.

 

[27] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمّد، المفردات في غريب القرآن: ص484.

 

[28] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج26، ص322، الحدیث 14.

 

[29] يُنظر: العسكري، أبو هلال، الفروق اللغوية: ص210.

 

[30] محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص25.

 

[31] يُنظر: المصدر السابق.

 

[32] يُنظر: المصدر السابق: ص26.

 

[33] رواية يَختلِط فيها المُحْزِن بالمُبكي، تُرجمت إلى  العربية بلفظة فاجعة.

 

[34] يُنظر: محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص27.

 

[35] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص347.

 

[36] يُنظر: العسكري، أبو هلال، الفروق اللغوية: ص569.

 

[37] يُنظر: الزبيدي، محمّد مرتضى، تاج العروس: ج2، ص289.

 

[38] اُنظر: الحنفي، أبو البقاء أيّوب بن موسى، الكلّيات: ص450.

 

[39] البقرة: الآية124.

 

[40] الطبري، محمّد بن جرير، جامع البيان:ج22، ص38.

 

[41] الأعراف: الآية168.

 

[42] الأنبياء: الآية35.

 

[43] محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص38.

 

[44] المصدر السابق: ص47.

 

[45] المصدر السابق: ص165.

 

[46] قاموس الكتاب المقدّس، دائرة المعارف الكتابية المسيحية:

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/18_EN/the-holy-family.html

 

[47] يُنظر: الطبري، محمّد بن جرير، جامع البيان (تفسير الطبري): ج22، ص12، تفسير قوله تعالى: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ): نزلت هذه الآية على النبي (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) وهو في بيت أُمّ سلمة، فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة، فأجلسهم بين يديه، ودعا عليّاً فأجلسه خلفه، فتجلّل هو وهم بالكساء، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، فأذهِبْ عنهم الرجسَ وطهِّرهم تطهيراً».

 

[48] يُنظر: الجمل، حسن عزّ الدين، معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن: ج1، ص229.

 

[49] لمعرفة خصوصية العائلة المقدّسة وما عاشته من أحداث وعاصرته من شخصيّات يُنظر: ظفر الإسلام خان، التلمود تاريخه وتعاليمه: ص59.

 

[50] محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص30.

 

[51] المصدر السابق: ص32.

 

[52] المصدر السابق: ص33.

 

[53] المصدر السابق: ص59.

 

[54] المصدر السابق: ص64.

 

[55] المصدر السابق: ص59.

 

[56] المصدر السابق: ص65.

 

[57] المصدر السابق: ص65.

 

[58] المصدر السابق.

 

[59] يُنظر: ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، الفتاوى الكبرى: ج1، ص199ـ 203.

 

[60] محمّد أيّوب، الألم الخلاصي في الإسلام: ص65.