العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
الاعتبار السندي لزيارات الناحية المقدّسة -القسم الثاني

الاعتبار السندي لزيارات الناحية المقدّسة -القسم الثاني

محمّد إحساني فر لنگرودي-أُستاذ في كلّية علوم الحديث، ومدير قسم التفسير في مؤسّسة علوم ومعارف الحديث/إيران - ترجمة: د. الشيخ ميثم الربيعي - أُستاذ في كلّية الأديان والمذاهب، من العراق

خلاصة المقال

مقدّمة

ذكر الباحث في القسم الأوّل أنّ ما يُعرف بزيارة الناحية يتمّ إسناده إلى (الناحية المقدّسة) بثلاثة نصوص وإن كانت الزيارة الثانية هي المشهورة بهذا الاسم، وقد تمّ التطرّق في القسم الأوّل إلى الزيارة الأُولى، وفي هذا القسم سيتمّ الحديث عن الزيارتين الثانية والثالثة (*).[1]

الزيارة الثانية

تخصّ هذه الزيارة ـ بعد السلام على جمعٍ من أنبياء الله^، وعلى رسول الله‘، وأهل البيت^ ـ سيّد الشهداء×، وأعضاء جسده، وأحواله المظلومة بالسلام البليغ، ثمّ تنتقل إلى ذكر مجموعة من فضائله ومظلوميّاته، وفي القسم الأخير منها تختم الكلام بالتحية، والأدعية المطوّلة، والالتفات مجدّداً إلى الشهداء، وسيّد الشهداء×.

منتخبات من نصّ هذه الزيارة

«السلام على آدم صفوة الله من خليقته، السلام على شيث ولي الله وخيرته... السلام على محمّد حبيب الله وصفوته، السلام على أمير المؤمنين... السلام على الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته، السلام على مَن أطاع الله في سرّه وعلانيّته، السلام على مَن جُعل الشفاء في تربته... السلام على مَن ذرّيته الأزكياء، السلام على يعسوب الدين، السلام على منازل البراهين، السلام على الأئمّة السادات، السلام على الجيوب المضرّجات، السلام على الشفاه الذابلات، السلام على النفوس المصطلمات، السلام على الأرواح المختلسات، السلام على الأجساد العاريات، السلام على الجسوم الشاحبات، السلام على الدماء السائلات، السلام على الأعضاء المقطّعات، السلام على الرؤوس المشالات، السلام على النسوة البارزات، السلام على حجّة ربّ العالمين، السلام عليك وعلى آبائك الطاهرين، السلام عليك وعلى أبنائك المستشهدين، السلام عليك وعلى ذرّيتك الناصرين، السلام عليك وعلى الملائكة المضاجعين، السلام على القتيل المظلوم... السلام على الشيب الخضيب، السلام على الخدّ التريب، السلام على البدن السليب... فلئن أخّرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لـمَن حاربك محارباً، ولـمَن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً... فلمّا رأوك ثابت الجأش، غير خائف ولا خاشٍ، نصبوا لك غوائل مكرهم، وقاتلوك بكيدهم وشرّهم... وأسرع فرسك شارداً، وإلى خيامك قاصداً، محمحماً باكياً.

فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّاً، ونظرن سرجك عليه ملويّاً، برزن من الخدور، ناشرات الشعور على الخدود، لاطمات الوجوه، سافرات، وبالعويل داعيات، وبعد العزّ مذلّلات، وإلى مصرعك مبادرات، والشمر جالس على صدرك...

اللهمّ اكتبني في المسلمين، وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين... زاد الله في شرفكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وادع لنفسك ولوالديك ولـمَن أردتَ، وانصرف إن شاء الله تعالى»[2].

مصادر الزيارة

نقلت الزيارة المذكورة في المصادر الآتية، وبالأنحاء المدرجة أدناه:

أـ المزار الكبير

يقول مؤلّف الكتاب: «زيارة أُخرى في يوم عاشوراء لأبي عبد الله الحسين بن علي (صلوات الله عليه)، وممّا خرج من الناحية× إلى أحد الأبواب، قال: تقف عليه (صلّى الله عليه)، وتقول: السلام على آدم صفوة الله من خليقته...».

وفي القسم الختامي: «زاد الله في شرفكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وادع لنفسك ولوالديك ولـمَن أردت، وانصرف إن شاء الله تعالى»[3].

يقول العلّامة المجلسي في (بحار الأنوار)[4] بعد نقل نصّ الزيارة عن الشيخ المفيد: «قال مؤلّف المزار الكبير: زيارة أُخرى في يوم عاشورا، ممّا خرج من الناحية إلى أحد الأبواب، قال: تقف عليه، وتقول: السلام على آدم صفوة الله من خليقته، وساق الزيارة إلى آخرها مثل ما مرّ، فظهر أنّ هذه الزيارة منقولة مرويّة، ويحتمل أن لا تكون مختصّة بيوم عاشورا، كما فعله السيّد المرتضى&.

وأمّا الاختلاف الواقع بين تلك الزيارة وبين ما نسب إلى السيّد المرتضى، فلعلّه مبنيّ على اختلاف الروايات، والأظهر أنّ السيّد أخذ هذه الزيارة، وأضاف إليها من قبل نفسه ما أضاف.

وفي روايتي المفيد والمزار الكبير بعد قوله المخصوص بإخوته قوله: السلام على صاحب القبّة السامية، والظاهر أنّه سقط من النسّاخ الزيارة التي ألحقناها من رواية السيّد&»[5].

ب ـ رواية الشيخ المفيد في كتاب المزار

يقول المجلسي& في (بحار الأنوار): «قال الشيخ المفيد (قدّس الله روحه) في كتاب المزار ـ بعد إيراد الزيارة التي نقلناها من المصباح ـ ما هذا لفظه: زيارة أُخرى في يوم عاشورا برواية أُخرى، إذا أردت زيارته بها في هذا اليوم فقف عليه (صلّى الله عليه وآله)، وقل: السلام على آدم صفوة الله من خليقته، السلام على شيث ولي الله وخيرته... زاد الله في شرفكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وادع لنفسك ولوالديك ولـمَن أردت»[6].

ويقول المحدِّث النوري في (مستدرك الوسائل) بعد ذكر مقطع من الزيارة نقلاً عن (المزار الكبير): «ورواه المفيد في مزاره»[7].

ج ـ المحدِّث النوري

يذكر في (مستدرك الوسائل) مقطعاً من الزيارة يرتبط بموضوع بحثه، نقلاً عن (المزار الكبير)[8].

د ـ نقل السيّد المرتضى

قد جاء ما يقارب ثلثي نصّ هذه الزيارة ضمن زيارةٍ للسيّد المرتضى[9]، وسنعمد إلى نقلها قريباً بصفتها الزيارة الثالثة.

تقييم السند والمصادر

ممّا يجدر الالتفات إليه نقطتان ترتبطان بهذه الزيارة وإن كان الذي تصدّى لنقلها كلّ من الشيخ المفيد وابن المشهدي بصورة مرسلة:

1ـ إنّ عبارة المجلسي: «قال الشيخ المفيد (قدّس الله روحه) في كتاب المزار ـ بعد إيراد الزيارة التي نقلناها من المصباح ـ ما هذا لفظه: زيارة أُخرى في يوم عاشورا برواية أُخرى»، تدلّ بوضوح على أنّ نصّ زيارة الناحية هو من مرويّات الشيخ المفيد، وليس هو من الإنشاءات أو التلفيقات أو التأليفات أو غيرها. يضاف إلى ذلك أنّه من المستبعد لشخصية كالشيخ المفيد ـ نظراً إلى قربه من عصر المعصومين^ ـ أن يذكر إنشاءات الآخرين بصفتها نصّ الزيارة، وأن يعبّر عنها بالرواية.

علاوة على ذلك؛ فإنّ عبارة «بعد إيراد الزيارة التي نقلناها من المصباح» تشير إلى الزيارة التي نقلها المجلسي ليوم عاشوراء عن (مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي، عن عبد الله بن سنان، عن الإمام الصادق×[10]، وهذه العبارة تكشف أنّ الشيخ المفيد قد نقل هذه الزيارة أيضاً عن المعصوم، ولكنّه حذف الأسانيد؛ لعزمه على تأليف كتاب الزيارة.

 وبناء عليه؛ فإنّ التعبير بـ«زيارة أُخرى في يوم عاشورا برواية أُخرى» يبيّن أنّ الشيخ المفيد قد نقل هذه الزيارة الأُخرى عن المعصوم، ثمّ قام بعطفها على الزيارة السابقة، وإلّا فإنّ عطف زيارة صادرة عن غير المعصوم على زيارة المعصوم×، وجعلهما في مصافٍ واحد ـ خصوصاً مع التعبير بـ«زيارة أُخرى برواية أُخرى» ـ أمر مستبعد جدّاً، وبعيد عن الخلق الديني والشيعي، ولا سيّما من أمثال الشيخ المفيد.

نعم، هذا السند هو سند مرسل وإن كان راويه هو الشيخ المفيد، ولا يمكنه سوى أن يكون مؤيّداً ومقوّياً للسند المعتبر الذي ذكره ابن المشهدي.

2ـ طبقاً للمبنى والقاعدة الرجالية القائمة على وثاقة رجال (المزار) لابن المشهدي واعتبار رواياته، تكتسب هذه الزيارة اعتبارها. والبحث المدرج أدناه يشير إلى المباني والأُسس التحقيقية لهذه القاعدة الرجالية[11].

اعتبار أسانيد المزار الكبير

لا موضع للتشكيك في اعتبار كتاب (المزار الكبير) لابن المشهدي، وصحّة نسبته إليه، وذلك بواسطة الطريق الخاصّ والمعتبر للشيخ الحرّ [العاملي]، وكذلك طرق إجازات الخوانساري وصاحب (المعالم) وآخرين. أمّا وثاقة المؤلّف وجلالته، فهي كذلك مورد تأكيد علماء الرجال والحديث.

وللمصنّف نفسه في مقدّمة كتابه عبارة تتضمّن بوضوح توثيقاً عامّاً لرواة زياراته وأحاديثه، وفي هذه العبارة تعدّ روايات كتابه معتبرة، وإليكم ما اخترناه من تلك العبارة: «إنّي قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد المشرّفات، وما ورد... ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات»[12].

وينبغي الالتفات إلى أنّ عبارة: «ممّا اتصلت به من ثقات الرواة إلى السادات»، لا تُبقي مجالاً لاحتمال أن يكون مراده هو مشايخه من دون واسطة، مثلما يُقال في (كامل الزيارات). والمراد من (السادات) أيضاً هم المعصومون^، وليس المشايخ بالواسطة، وإلّا فلا نتصوّر وجهاً لذكر (السادات) مع التعبير عن العلماء غير المعصومين بـ« ثقات الرواة إلى السادات».

ومن الاحتمالات الضعيفة والمخالفة للظاهر أن يكون المراد من (ثقات الرواة) هو مشايخه في الحديث بلا واسطة، والمراد من (السادات) الأئمّة المعصومين^، وأن يكون مقصود ابن المشهدي من العبارة المذكورة أعلاه هو نقل الثقات من مشايخه بواسطة عن الأئمّة المعصومين^، سواء كانت تلك الواسطة من الثقات أم غير الثقات. وممّا يؤكّد ضعف هذا الاحتمال وجود كلمة (اتّصلت به) الكاشفة عن اتّصال الروايات المذكورة بالمعصومين^ عن طريق الثقات.

من هنا يعدّ الكتاب المذكور من جملة الكتب المعدودة التي يندرج الرواة المذكورون في أسانيدها ضمن هذا التوثيق العامّ، وتعدّ الروايات المذكورة فيه كذلك في حكم الصحيحة، وإن كانت منقولة بشكل مرسل.

وهناك كلام آخر وهو أنّ أحد الطرق لتشخيص صحّة انتساب كتابة ما أو كلام ما إلى صاحبه هو الدقّة في أُسلوب الخطاب، والصناعة المعتمدة في النصّ المذكور، وتقييم ذلك طبقاً لسائر الآثار التي ثبتت نسبتها إليه، وزيارة الناحية ـ من حيث موسيقى الخطاب، والأساليب البيانية، وامتزاجها بالصناعات والمحسّنات الأدبية ـ متوائمة مع نصوص سائر التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدّسة لإمام العصر×، ومشابهة لها بشكل كبير لا يقبل الإنكار.

الردّ على بعض الشبهات

في هذا القسم سنتصدّى للردّ على الشبهات التي طرحها بعض الأشخاص بقصد إنكار أصل الزيارة، ولا يخفى أنّ عمدة ما استند إليه في هذا المجال هو الإشكال الأوّل، وفي مقام الجواب يختار أقرب الخيارات، وهو إنكار أصل الموضوع، ثمّ يقوم بإضافة إشكالات أُخرى عليه بصورة متكلّفة.

وسنقوم في هذا القسم ـ ضمن ردّنا على سبع شبهات ـ بطرح قسم آخر من الإشكالات ضمناً، ثمّ الجواب عنها:

الإشكال الأوّل: فقدان الانسجام بين النصّ وشأن أهل البيت^

مع الأخذ بنظر الاعتبار ما يُستفاد من المصادر الإسلامية التي تكشف بأجمعها عن التربية الدينية الطاهرة التي تتحلّى بها نساء أهل البيت^، وشدّة ورعهنّ وتقواهنّ، فهل يمكننا أن نتقبّل العبارات الآتية التي تضمّنتها زيارة الناحية:

«وأسرع فرسك شارداً، وإلى خيامك قاصداً، محمحماً باكياً. فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّاً، وأبصرن سرجك ملويّاً، برزن من الخدور، للشعور ناشرات، وللخدود لاطمات، وللوجوه سافرات، وبالعويل داعيات، وبعد العزّ مذلّلات»[13].

الجواب

أوّلاً: إن كان المعنى اللغوي لتركيب (ناشرات الشعور)[14]، أو (للشعور ناشرات)[15] أنهنّ قمن بنثر شعورهنّ، فإنّ هذا التعبير الكنائي في اللغة العربية يطابق في المعنى عبارة (پریشان مویی) التي يكنّى بها في اللغة الفارسية عن الحيرة والارتباك اللذين ينتابان حال المرأة المفجوعة وروحها.

والظاهر أنّ المراد من هذا التركيب الكنائي ـ الذي استعملت فيه مفردتا (الشعر) و(النشر) ـ أنّ المألوف لدى الملل والأقوام أن تقوم النساء اللاتي يُبتلين بمصيبة شديدة، فيُصبن بالاضطراب والحيرة، بنشر شعورهن، والندبة والبكاء والعويل، ومن الوضوح بمكان أنّ خصوصيّات المعنى الحقيقي ليس من اللازم أن تكون ملحوظة فيما لو استُعمل اللفظ أو التركيب استعمالاً كنائياً.

والقرينة على هذا المعنى الكنائي هي قوله: «وللوجوه سافرات» بعد قوله: «ناشرات الشعور»، أو «للشعور ناشرات»؛ فإن كان المقصود من «ناشرات الشعور»، أو «للشعور ناشرات» هو المعنى الحقيقي، فلا يبقى وجه لذكر هذه الجملة؛ فمن الطبيعي ألّا تغطّي المرأة وجهها ببرقع بينما هي تبرز حاسرة الرأس، ناشرة الشعر. نعم، التستّر بالبرقع ـ في حدّ ذاته ـ مستحبّ للمرأة المخدّرة، وليس هناك مشكلة أو محذور في تقبّل إزاحته في مثل تلك الأحوال.

ثانياً: لو اشتمل حديث ما على نصّ، وكان بعض هذا النصّ عرضة للخلل والإشكال، أو التعارض مع الأحاديث الأُخرى، فإن كان قابلاً للتأويل والعلاج الدلالي ـ ليكون منسجماً مع الأدلّة النقلية أو العقلية المحكمة ـ فلا بدّ من تأويله، ولا يُعمد إلى إنكاره بادئ الرأي.

 أمّا إذا لم يمكن الجمع والتوفيق بينه وبين الأدلّة والنصوص المعارضة له، فإنّ هذا الجزء من الرواية يطرح جانباً؛ لسقوطه عن الاعتبار، وتبقى بقية الأجزاء على اعتبارها، إلّا أن يؤدّي الخلل المذكور إلى سراية الإجمال العارض إلى سائر أجزاء الرواية، علماً بأنّ سراية الإجمال في هذه الرواية أمر منتفٍ، خصوصاً مع ملاحظة طول النصّ الذي تتضمّنه. وليست الرواياتُ المماثلة لحال هذه الرواية بقليلة، إلّا أنّ فقهاء الشيعة البارزين والمشهورين يعمدون إلى الاستناد إلى بقية أجزائها، ويصدرون فتاواهم طبقاً لها.

ولنا أجوبة أُخرى عن هذا الإشكال، ولكنّنا سنكتفي بهذا المقدار؛ طلباً للاختصار، ولوضوح الأجوبة المذكورة.

الإشكال الثاني: عدم اعتبار الأسناد

إذ يُدّعى أنّ هذه الزيارة لم تُنسب إلى الإمام× في أيّ مصدر معتبر، فليست هي من جملة الزيارات المنقولة عن المعصوم بسند معتبر[16].

وقد مرّ الجواب عن هذا الإشكال في مبحث المصادر والأسانيد، واتّضح مستوى الاعتبار الذي تتمتّع به أسانيد هذه الزيارة، والمصادر التي تضمّنتها.

الإشكال الثالث: مجهولية الإمام الذي صدرت عنه الزيارة

 فقد ادُّعي كذلك في هذا المجال أنّ المنشئ للزيارة لم يتمّ تحديده من قبل العلماء، فلا يعلم مقصود مؤلّف المزار الكبير من لفظ الناحية، فهل هو ناحية الإمام علي النقي×، أو ناحية الإمام الحسن العسكري×، أو ناحية إمام العصر[17].

الجواب

إنّ هذا الادّعاء ناقص، ولا يمكن قبوله؛ فقد اتّضح في دراسة مفهوم الناحية المقدّسة أنّ هذا التعبير الكنائي لا يطلق في ثقافة الشيعة إلّا على إمام العصر، وأحياناً على بيت الإمام الهادي× أو الإمام العسكري×، مع الالتفات إلى ما يأتي:

أوّلاً: ما الفارق الذي يستتبعه عدم العلم ـ تحديداً ـ بالإمام الذي علّم شيعته هذه الزيارة من بين المعصومين الثلاثة^؟

ثانياً: أنّ عبارة «وممّا خرج من الناحية× إلى أحد الأبواب» في رواية (المزار الكبير) ظاهرة ـ بملاحظة الانصراف الحاصل من غلبة الاستعمال ـ في إمام العصر، كما بيّناه في البحث المذكور، إلّا أن تكون هناك قرينة[18] تدلّ على أنّ المقصود هو الإمام الهادي، أو الإمام العسكري÷، ومن الواضح أنّ الظهور اللفظي حجّة.

ثالثاً: أنّ الاستعمال الكنائي للفظة (الأبواب) يعود في ثقافة الشيعة إلى النوّاب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى، بل إنّ استعماله أساساً في وكلاء سائر الأئمّة^ ليس له سابقة.

الخطأ في إشكال آخر

يتّضح أيضاً بواسطة هذا البيان خطأ اعتراض آخر؛ حيث يقول متابعاً لهذا الإشكال: «من البديهي أنّ المطالب المنقولة عن الناحية ربّما تكون صادرة عن الإمام، وأحياناً عمّن هو مرتبط بمنظومة الإمام×، فإذا قيل ـ بناء على ذلك ـ: إنّ مطلباً ما صادر عن الناحية، فلا يعني ذلك أنّه صادر عن الإمام× مئة بالمئة، فلو أنّ مطلباً ما يُنشئه شخص مرتبط بمنظومة الإمام، فمن الصحيح أن يقال: إنّ هذا المطلب صادر عن الناحية المقدّسة، ومن هنا نستنتج أنّ تعبير مؤلّف (المزار الكبير) بخروج الزيارة عن الناحية لا يفهم منه حتماً أنّها صادرة عن الإمام...»[19].

الجواب

والجواب عن هذا الإشكال يتّضح من خلال الجواب عن الإشكال السابق، فعلاوة على دلالة (أصل عدم الزيادة) على عدم زيادة جملة (عليه السلام) بواسطة الرواة المتأخّرين، فإنّ وجود هذه الجملة يمثّل دليلاً آخر على أنّ المراد من (الناحية) هو الإمام المعصوم×. ثمّ إنّ القرائن المذكورة سابقاً توجب ظهور الرواية ـ التي هي مورد البحث ـ في كونها صادرة عن إمام العصر، ومثل هذا الظهور لا يقبل الإنكار، ومع وجود مثل هذا الظهور لا مجال لتقبّل النقاش في دلالة هذه الرواية واستنادها إلى إمام العصر أو أحد الأئمّة الثلاثة^ المذكورين، إلّا أن يمتنع شخصٌ ما عن الأخذ بحجّية الدلالة ما لم تكن صريحة؛ منكراً بذلك طريقة العقلاء وجميع الأُصوليّين من التمسّك بحجّية الظهور.

يضاف إلى ما تقدّم أنّ هذا الإشكال لم يأخذ بنظر الاعتبار شخصية خواصّ نوّاب الإمام× وطبيعة مسؤوليّتهم؛ فإنّ من لوازم منصب النيابة، وكون الشخص باباً للإمام×، هو إبلاغ أوامر الإمام× وتوقيعاته وتنفيذها، وإظهار الطاعة الخالصة، ولم يصدر منهم في هذا المجال أيّ تخلّف عن التكاليف، وإلّا لما تمّ الإبقاء عليهم في مثل هذا المنصب، إلّا إذا ارتأينا ـ خلافاً للأدلّة العقلية والنقلية الواضحة، وضروريّات التشيّع ـ إنكار علم حجّة الله× واطّلاعه (والعياذ بالله)، وقلنا: إنّ الإمام× كان يجهل انفرادهم بالرأي، بمعنى أن ننزّل الناحية المقدّسة ـ التي تمثّل القدوة للصالحين، ومظهر العلم والإحاطة الربّانية ـ إلى مستوى بعض (البيوتات)، والهبوط بنوّاب الإمام× إلى منزلة بعض المندسّين! الأمر الذي لا ينسجم مع العقل والنقل وضروريّات التشيّع.

أمّا فيما يرتبط بعبارة: «لا ينبغي أن نفهم من ذلك أنّه صادر عن الإمام مئة بالمئة، فلا يمكن التصريح مطمئنين بأنّ مطلباً ما صادر عن الإمام× نفسه إلّا إن كان بخطّ الإمام نفسه وتوقيعه، أو يقول شاهدان عدلان: إنّنا سمعنا ذلك من لسان الإمام×، أو يقولان: إنّنا شاهدناه بخطّ الإمام× وتوقيعه»[20]. فلا بدّ من القول بأنّ هناك ـ كما يبدو ـ خلطاً بين موارد حجّية خبر الواحد وموارد لزوم إقامة البيّنة والشهود العدول في الدعاوى والموارد الملحقة بها، وإلّا فإنّ حجّية الخبر لا يُشترط فيها التعدّد، ولا العلم أو الاطمئنان، بل تكفي فيها الحجّية التعبّدية أو العقلائية.

وبملاحظة ما تقدّم يتّضح أيضاً الجواب عن الإشكال الآتي، وهو «إنّه لم يُصرِّح مَن هو الباب الذي نقل هذه الزيارة إلى الآخرين؟ ولم يوضِّح أنّ هذا الباب المجهول ممّن يُعتمد عليه أو لا؟»[21]؛ فإنّ للرواية دلالة وظهوراً في أنّ المراد من (الأبواب) في جملة: «خرج من الناحية× إلى أحد الأبواب»، هو أحد النوّاب الأربعة، علماً بأنّ الرجاليّين وسائر علماء الشيعة قد اتّفقوا وأجمعوا على أن جميع النوّاب الأربعة هم في أعلى درجات الوثاقة وطهارة النفس، ولم نشهد إلى الآن أحداً من الأُصوليّين يشكّك بأدنى مستوى في اعتبار علمٍ إجمالي من هذا القبيل، أو يتساءل عن الشخص المقصودبكلمة (الأبواب) من بين النوّاب الأربعة، (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)[22]!

الإشكال الرابع: الطابع التوجيهي (التكليفي) الذي تتصف به الزيارة

الإشكال الآخر الذي يُورد على هذه الزيارة هو أنّ الزيارة المذكورة تتّسم بطابع التكليف أو التوجيه، فيقول مثلاً: «إذا أردت زيارة الحسين× فقف بجوار قبره، وقل... واستقبل القبلة، وصلِّ ركعتين... وترفع يديك، وتقول... ثمّ تركع وتسجد وتجلس فتتشهّد وتسلّم... ثمّ انكب على الضريح، وقبّل التربة، وقل...»[23].

فإذا كان إمام العصر هو الذي قرأ بلسانه هذه الزيارة وما تضمّنته من تعزية، لما اشتملت الزيارة على تلك التكاليف والتوجيهات، فلا معنى يتصوّر للتوجيهات في العمل الذي يمارسه الإمام× نفسه.

الجواب

والجواب عن هذه الشبهة واضح كما في سائر الشبهات؛ وذلك لأنّ عبارة (المزار الكبير) ـ وهي: «وممّا خرج من الناحية× إلى أحد الأبواب، قال: تقف عليه (صلّى الله عليه)، وتقول: السلام على...» ـ تشهد بوضوح على أنّ الزيارة المذكورة صادرة عن الناحية المقدّسة بنحوٍ تعليمي، ووجود التكاليف والتوجيهات في الزيارات التعليمية أمر بديهي.

ثمّ إنّ صاحب الشبهة ينقل (التكاليف) ـ بتفاصيلها المذكورة ـ عن الزيارة التي ينقلها (مصباح الزائر)؛ ليعمد بعد ذلك إلى توجيه إشكاله إلى زيارة الناحية المقدّسة، مع أنّ السيّد ابن طاووس والسيّد المرتضى لم يسندا هذا النصّ إلى إمام العصر، فما يُسند إلى الإمام× هو النصّ الذي نقله (المزار الكبير) والشيخ المفيد، وهو لا يتضمّن أغلب التفاصيل المرتبطة بالتكاليف والتوجيهات المذكورة.

ومع الأخذ بنظر الاعتبار الطابع التعليمي الذي يتّسم به نصّ الزيارة، يتّضح كذلك الخطأ في إشكاله الآخر، حيث يقول: «تتضمّن الزيارة المنقولة في مزار الشيخ المفيد، وكذلك المزار الكبير، نظير ما في مصباح الزائر لابن طاووس من العبارات التي لا يمكن صدورها عن الإمام×، كقوله: صلّ على محمّد وآل محمّد، واحشرني في زمرتهم.أو قوله: اللّهمّ لا تدع لي في هذا المشهد المعظّم [حرم الإمام الحسين×]... ولا فساداً إلّا أصلحته... ولا مالاً إلّا كثّرته. أو قوله: اللّهمّ اغنني بحلالك عن الحرام... اللّهمّ إنّي اسألك علماً نافعاً...

فلا يمكن التصديق ـ نظراً إلى الأدلّة المذكورة ـ بأنّ إمام العصر هو الذي قام بإنشاء هذا الخطاب بلسانه، وتوجيهه إلى الإمام الحسين×»[24].

وضعف هذا الإشكال سيتّضح من خلال الردّ على الإشكال الخامس.

الإشكال الخامس: فقدان الانسجام بين نصّ الزيارة وشأن المعصوم

الإشكال الآخر الذي يُذكر هو أنّ هذا النصّ يستبطن بعض الشواهد الدالّة على عدم صدوره عن الإمام×، وسنشير أدناه إلى بعض هذه الشواهد:

1ـ يقول في هذه الزيارة موجّهاً الخطاب إلى الإمام الحسين×: «فاشفع لي أيّها السيّد الطاهر إلى ربّك في حطّ الأثقال عن ظهري...»[25].

2ـ ويقول: «اللّهمّ فثبّتني على الإخلاص والولاء، والتمسّك بحبل أهل الكساء، وانفعني بمودّتهم، واحشرني في زمرتهم، وأدخلني الجنّة بشفاعتهم»[26].

3ـ ويقول: «[اللّهمّ] إنّا نتوسّل إليك بهذا الصدّيق الإمام، ونسألك بالحقّ الذي جعلته له، ولجدّه رسولك، ولأبويه علي وفاطمة، أهل بيت الرحمة، إدرار الرزق الذي به قوام حياتنا، وصلاح أحوال عيالنا»[27].

4ـ ويقول مخاطباً الإمام الحسين×: «أيّها الإمام الكريم، اذكرني بحرمة جدّك عند ربّك، ذكراً ينصرني على مَن يبغي عليّ، ويعاندني فيك، ويعاديني من أجلك»[28].

5ـ ويقول: «اللّهمّ إنّي أسألك وأبتغيه من لدنك حلالاً طيّباً، فأعنّي على ذلك، وأقدرني عليه، ولا تبتليني بالحاجة، فأتعرّض بالرزق للجهات التي يقبح أمرها، ويلزمني وزرها»[29].

6ـ ويقول: «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، ويسِّر لي العود إلى هذا المشهد الذي عظمت حرمته في كلّ حول، بل في كلّ شهر، بل في كلّ أُسبوع»[30].

7ـ ويقول: «اللّهمّ إنّه لا عذر لي في التأخّر عنه، والإخلال بزيارته، مع قرب المسافة[31] إلّا المخاوف[32] الحائلة بيني وبينه»[33].

إنّ هذه الشواهد ـ ومعها شواهد أُخرى ـ تدلّ على أنّ هذه الزيارة ليست من إنشاء إمام العصر[34].

الجواب

إنّنا نعمل على ذكر مثل هذه الشبهات مع توضيحها؛ ليتّضح للقارئ المحترم مستوى الشبهات الموجّهة إلى زيارة الناحية المقدّسة، ولئلّا يُتصوَّر كذلك أنّ مقصود الناقد لم يُعكس بصورة صحيحة.

ولکن لیت الناقد المحترم قد أعمل النظر في موارد شبهاته بتأنٍّ واعٍ، بدلاً من هذا الموقف المتسرّع؛ حتّى لا يتجّه إلى مثل هذه المناقشات؛ فحينما تكون الزيارة الصادرة عن الناحية المقدّسة ذات طابع تعليمي يتحتّم أن تنسجم مقاطعها مع حال الزائر غير المعصوم، مضافاً إلى أنّ أدنى تأمّل في نصوص سائر الأدعية والزيارات يكشف عن التجانس بین مضامینها.

والنقطة الأُخرى التي لا ينبغي أن تغيب عن الأنظار أنّ عبارات هذه الزيارة تتحلّى بانسيابية ملحوظة، نظراً إلى ما تتضمّنه من انسجام، ومراعاة لسائر الخصائص البديعية، لكنّ ترجمتها القاصرة إلى اللغة الفارسية من قِبل الناقد هي التي ألقت بظلالها على نصّ الرواية ومضمونها.

الإشكال السادس: نسبة الزيارة إلى بعض العلماء

ينقل الناقد المحترم في طيّ عباراته كلاماً عن العلّامة المجلسي، محاولاً من خلاله الإيحاء إلى أنّ العلّامة المجلسي يقوّي احتمال صدور هذه الزيارة عن السيّد المرتضى أو الشيخ المفيد، حيث يقول: «وقد ذكر المرحوم المجلسي في موضع آخر: (والظاهر: أنّ هذه الزيارة من مؤلّفات السيّد والمفيد)[35]، ولكن من المستبعد جدّاً ـ بحسب نظرنا ـ أن يكون هذا النصّ من تأليف علمين من أعلام العلم والأدب العربي، هما السيّد المرتضى والشيخ المفيد، نظراً إلى ما يتّصف به النصّ من تكلّف غير مبرّر، وضعف في مستوى الفصاحة والبلاغة»[36].

الجواب

ينبغي الالتفات إلى أنّ المجلسي& لم يقل هذا الكلام بشأن النصّ الأصلي لزيارة الناحية، وهو النصّ الذي نقله عن (المزار الكبير) ومزار الشيخ المفيد، وإنّما قاله بشأن الزيارة التي نقلها السيّد ابن طاووس عن السيّد المرتضى، والتي لم يقم أحد بإسنادها إلى المعصوم.

وفي دراستنا للنصّ الثالث لزيارة الناحية سنوضّح ـ مع عدم إنكارنا لاحتمال العلّامة المجلسي& ـ أنّ هناك اختلافاً أساسياً بين الزيارة المذكورة وزيارة الناحية المقدّسة، من هنا فإنّ الخلط بينهما لا يتناسب وشأن التحقيق، ومع وجود هذا التفاوت الكلّي بين الزيارتين في المضامين والأسانيد والمصادر، فبأيّ معيار علمي يمكن تسرية الإشكال من إحداهما إلى الأُخرى فيما لو اتّصفت إحداهما بالضعف؟!

الإشكال السابع: تدنّي المستوى البلاغي في نصّ الزيارة

من جملة الشبهات المدهشة التي وجّهت إلى هذه الزيارة هي دعوى الضعف في بلاغة النصّ وصياغته الأدبية، حيث يقول: «نظراً إلى نقاط الضعف التي تتّصف بها هذه الزيارة، لا يمكن أن ننسبها إلى عالم كبير وأديب بارع مثل السيّد المرتضى علم الهدى، أو عالم كبير مثل الشيخ المفيد، أمّا تشخيصنا نحن، فهو أنّ هذه الزيارة من تأليف عالم شيعي ساذج، ومتوسّط المستوى، لا يتمتّع بمهارة كافية في أدب اللغة العربية، فهو يغفل ـ أحياناً ـ
عن التوالي الفاسدة لكلامه، متأثّراً بانفعالاته وأحاسيسه المفرطة، وقد أنشأ هذه الزيارة بشكل توجيهي (تكليفي)، فيقول مثلاً: فإذا رأيت القبّة فقل... فإذا بلغت موضع القتل فقل... ثمّ تدخل القبة الشريفة... ثمّ انكب على الضريح، وقبّل التربة..
.»[37].

الجواب

لا بدّ من القول عند سماع هذا الإشكال المثير للتعجّب:(وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ)[38]! فمع الالتفات إلى المضامين العميقة التي تتضمّنها هذه الزيارة، والمحسّنات اللفظية الباهرة التي تتحلّى بها، ينبغي أن نعتبر هذه الزيارة ـ بحقّ ـ جوهرة الزيارات المأثورة، فهي من حيث الإتقان ومتانة التركيب الأدبي والبلاغي في مصاف زيارة الجامعة الكبيرة.

وليت المستشكل قد ذكر مقاطع من زيارة الناحية تعاني مثل هذا الضعف في المستوى البلاغي والبنية الأدبية، لنستفيد من وجهات نظره ومخرجاته؛ فإنّ التعميم في الكلام لا يستتبع بالنسبة إلى الذين يجهلون أدوات النقد سوى الإرباك وإثارة الوساوس، على أنّ دعوى الضعف الأدبي والبلاغي في نصٍّ مثل نصّ الزيارة لا يستتبع ـ لدى المطّلعين على علوم الأدب وأساليب البيان ـ سوى الوقوف على القيمة العلمية لهذا المدّعي، والكشف عن مستوى انتفاعه بهذه العلوم.

ثمّ إنّه يكفي القارئ المحترم ـ المطّلع على فنون الفصاحة والبلاغة ـ أن يقرأ بتأمّل نصّ الزيارة من حيث عمق المضامين وبداعة المحسّنات اللفظية، بل إنّنا ندعو الفضلاء ـ وذوي الاطّلاع المحدود على العلوم المذكورة ـ إلى هذه القراءة والتأمّل، فإنّهم سيتمكنون بذلك من الوقوف بأنفسهم على مواطن الحسن اللفظي في هذه الزيارة، وندعوهم فيما يرتبط بالمضمون والمحتوى إلى مراجعة بعض الترجمات الدقيقة نسبياً، فمن حسن الحظ أنّ نصّ الزيارة يمثّل مصداقاً من مصاديق ما (دلّ بذاته على ذاته).

على أنّ هذا المجال المحدود لا يتيح لنا فرصة لإجراء دراسة تطبيقية على نصّ زيارة الناحية من هذه الزاوية، ولذلك سنكتفي ـ بعد بيان مختصر لمفهوم الفصاحة والبلاغة ـ بذكر الأبعاد العامّة للاتّزان الأدبي والإتقان البلاغي الذي تتحلّى به.

جوهر الفصاحة والبلاغة

معنى الفصاحة والبلاغة هو حسن البيان ووضوح الخطاب، مع سلاسة في الكلام، ومطابقته لمقتضى الحال، فقوام الفصاحة والبلاغة بحسن الألفاظ والجمل، ومتانتها وإحكامها، وكونها متداولة مأنوسة، واشتمال الخطاب على القوالب والأساليب البيانية الجذّابة والواضحة، بحيث يكون مجموع هذه الأُمور المتناسقة مطابقاً لمقتضى حال الخطاب. يضاف إلى هذه النقاط التي تقدّمت، والتي ترتبط بطبيعة الحال بفنون علمَي المعاني والبيان وقواعدهما، دور المحسّنات البديعية ـ لفظية كانت أو معنوية ـ في تزيين الخطاب بطابع من الحسن والجمال والجذابية لا يقبل الإنكار.

بلاغة الزيارة المثيرة للإعجاب

مع الأخذ بنظر الاعتبار حقيقة الفصاحة والبلاغة، فإنّ لزيارة الناحية ـ من خلال توظيف الصناعات والأساليب البلاغية المختلفة، والمحسّنات المتنوّعة، سواء اللفظية منها أو المعنوية ـ هيمنةً على ذهن المخاطب وقلبه، وتصويراً يجسّد أمام عينيه مشاهد عاشوراء ـ واحداً تلو الآخر ـ بحماستها وفجائعها ومظلوميّتها، بحيث يرى نفسه حاضراً في تلك البقعة، وشاهداً على ما وقع فيها.

وعلى الرغم من الحاجة إلى مجال أوسع لدراسة تطبيقية تطال المضامين الرفيعة والأبعاد البلاغية الشاخصة والمبهرة لهذه الزيارة، فإنّنا سنكتفي بالإشارة إلى بعض تلك الموارد:

1ـ الجمع بين المطالب المعرفية الرفيعة في أكثر القوالب تأثيراً وإيلاماً، وبترتيب معهود في سائر زيارات المعصومين^، بدءاً بالمضامين التوحيدية، ومروراً بالمعارف الولائية، والتنبيهات الأخلاقية، والأدعية اللطيفة الجامعة، إلى جانب التصوير المحسوس لمظلومية سيّد المظلومين×.

2ـ مراعاة التآلف اللفظي والمعنوي في كلّ موضع من الجمل والعبارات، واستعمال الألفاظ السهلة والمنسجمة مع المعاني في جميع المضامين الجزلة والفخمة، والتنسيق بين الوزن وموسيقى الكلام والمحتوى، ولا سيّما في المواضع المرتبطة بالندبة والبكاء؛ ففي ذات الوقت الذي تعمد فيه الزيارة إلى التوظيف المناسب للكلمات ذات الأصوات القصيرة والممتدّة، قد كثر استعمال العبارات والمفردات ذات الأصوات الممتدّة الطويلة في المواقف والفواصل، فمراعاة هذه الجهات تستقطب ـ بشكلّ مذهل ـ كلّ قارئ أو منصت لهذه الزيارة، لتشدّ خطاه إلى الطريق المناسب لمضامينها، بنحوٍ يستتبع رقّة وتفاعلاً حزيناً في نفس القارئ أو السامع، حتّى إذا لم يكن مطّلعاً على العبارات العربية.

3ـ التوظيف المناسب لعنصري (الإيجاز) و(الإطناب) في موارد الاستطراد، وفي مقام التحدّث إلى المحبوب، وتوجيه الخطاب إليه، وبثّه الشکوى وحرقة الفؤاد واضطرامه، وكذا الاستيعاب التامّ والمناسب الذي غطّى البعد المضموني والمعرفي للزيارة من ناحية، ووفّر الدعم الروحي للزائر المهموم والمترع بالأحزان من ناحية أُخرى.

4ـ توظيف صناعة التنزيل والتجريد، والتعاطي مع كلّ عضو من أعضاء سيّد الشهداء× وأحواله كشخص يستحقّ الخطاب، وتوجيه الخطاب إليه بأشدّ العبارات حرقة وإيلاماً، كلّ ذلك أوجد حركة أُخرى في هذه الزيارة.

5ـ توظيف نماذج متنوّعة من الاستعارات والتشبيهات والكنايات والمجازات، والتقديم والتأخير، والوصف والتأكيد، وسائر لطائف المعاني المناسبة لمقتضى الحال، وهكذا التوظيف الواسع والمناسب للصناعات والفنون البديعية، من قبيل الجناس والطباق، ومراعاة النظير والتلميح والسجع والترصيع والموازنة وسائر المحسّنات اللفظية والمعنوية.. كلّ ذلك في سلاسة من العبارات وسهولة الألفاظ، والابتعاد عن التكلّف في التفنّن والإبداع، أو استخدام الألفاظ الغريبة والمتنافرة، وقد أظفى ذلك كلّه على هذه الزيارة ـ بحقّ ـ سلاسة وبلاغة وسحراً يفوق الوصف، إلى حدٍّ أثار في نفوس المحبّين لأهل البيت^ والسائرين في ركب موالاتهم مشاعر الفخروالاعتزاز، الأمر الذي يدعوهم إلى الترنّم العاشق بالآية المباركة:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)[39].

 الزيارة الثالثة المرويّة عن السيّد المرتضى

منتخبات من نصّ الزيارة

يقول السيّد ابن طاووس في (مصباح الزائر): «زيارة ثانية بألفاظ شافية نذكر منها بعض مصائب يوم الطفّ، يُزار بها الحسين (صلوات الله عليه وسلامه)، زار بها المرتضى علم الهدى (رضوان الله عليه)، وسأذكرها على الوصف الذي أشار هو إليه، قال: إذا أردت الخروج من بيتك فقل: اللّهمّ إليك توجّهت... ثمّ تدخل القبّة الشريفة، وتقف على القبر الشريف، وتقول: السلام على آدم صفوة الله... إنّك ولي ذلك يا أرحم الراحمين.

ذكر زيارة علي بن الحسين×

ثمّ تحوّل إلى عند رجلي الحسين×، وقف على عليّ بن الحسين×، وقل: السلام عليك أيّها الصدّيق الطيّب...

زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم)

ثمّ تتوجّه إلى البيت الذي عند رجلي علي بن الحسين×، وقل: السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين، سلاماً لا يفنى أمده...»[40].

نقل المحدِّث النوري عن كتاب (المزار القديم): «المزار القديم: زيارة أُخرى تختصّ بالحسين (صلوات الله عليه)، وهي مروية بأسانيد، وهي أوّل زيارة زار بها المرتضى علم الهدى (رضوان الله عليه) الحسين×، وساق الزيارة، وذكر مثله، وفي الزيارتين اختلاف كثير»[41].

نقل المجلسي عن (المصباح): «زيارة أُخرى له (صلوات الله عليه) أوردها السيّد وغيره، والظاهر أنّه من تأليف السيّد المرتضى، قال في مصباح الزائر: زيارة بألفاظ شافية يذكر فيها بعض مصائب يوم الطفّ، يُزار بها الحسين (صلوات الله عليه وسلامه)، زار بها المرتضى علم الهدى (رضوان الله عليه)، وسأذكرها على الوصف الذي أشار هو إليه، قال: فإذا أردت الخروج من بيتك، فقل: اللّهمّ إليك توجّهت... اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، ولا تجعله آخر العهد من زيارتهم، وإتيان مشاهدهم، إنّك ولي الإجابة يا كريم»[42].

كلام المجلسي عن الزيارة الثالثة

يقول المرحوم المجلسي عن هذه الزيارة في موضع آخر، مشيراً إلى الزيارة الثانية عن (المزار الكبير):

«قال مؤلّف المزار الكبير: زيارة أُخرى في يوم عاشورا، ممّا خرج من الناحية إلى أحد الأبواب، قال: تقف عليه، وتقول: السلام على آدم صفوة الله من خليقته.. وساق الزيارة إلى آخرها مثل ما مرّ [أي: عن الشيخ المفيد]، فظهر أنّ هذه الزيارة منقولة مرويّة، ويحتمل أن لا تكون مختصّة بيوم عاشورا، كما فعله السيّد المرتضى&.

وأمّا الاختلاف الواقع بين تلك الزيارة وبين ما نسب إلى السيّد المرتضى، فلعلّه مبنيّ على اختلاف الروايات، والأظهر أنّ السيّد أخذ هذه الزيارة، وأضاف إليها من قبل نفسه ما أضاف.

وفي روايتي المفيد والمزار الكبير بعد قوله المخصوص بإخوته قوله: السلام على صاحب القبّة السامية، والظاهر أنّه سقط من النسّاخ الزيارة التي ألحقناها من رواية السيّد&»[43].

خلاصة التحقيق المرتبط بالزيارة الثالثة

قد اتّضح أنّ هذه الزيارة نقلها السيّد ابن طاووس في كتاب (مصباح الزائر) عن السيّد المرتضى، ونقلها المرحوم المجلسي أيضاً عن (مصباح الزائر، وهكذا ذكر المحدّث النوري منتخبات منها في (مستدرك الوسائل)[44] نقلاً عن نسخة خطّية لكتاب (المزار القديم)، تأليف الراوندي أو المرحوم الطبرسي (صاحب كتاب الاحتجاج)، عن السيّد المرتضى.

إلّا أنّ كلّاً من السيّد ابن طاووس والسيّد المرتضى والمرحوم المجلسي وصاحب (المستدرك) لم يقم أحد منهم بنسبة هذا النصّ إلى المعصومين^، فما يُسند إلى الإمام× هو نصّ الزيارتين الأُوليين، وقد مرّت دراسة مصادرهما وأسانيدهما.

وتشير المقارنة بين نصّي الزيارة الثانية والثالثة إلى أنّ هناك اختلافات كلّية وأساسية بين هاتين الزيارتين كذلك؛ وذلك لأنّه:

1ـ لم يقف الاختلاف بين الزيارتين عند حدود البداية والخاتمة، بل هناك اختلاف أيضاً في أغلب العبارات والمضامين.

2ـ هناك اختلاف كامل من حيث الكمّية والكيفية وماهية التوجيهات بين الزيارة الثالثة المنقولة عن السيّد المرتضى وزيارة الناحية المقدّسة.

3ـ من الملاحظ وجود نقطتين مشتركتين فقط بين نصّي هاتين الزيارتين، النقطة الأُولى هي أنّ كلا الزيارتين ترتبط بسيّد الشهداء×. والأُخرى أنّ ما يقارب ثلثي زيارة الناحية[45] قد ورد في الزيارة المنقولة عن السيّد المرتضى[46].

الجدير بالإيضاح أنّ هذه الزيارة التي تستوعب (ص221ـ244) من (مصباح الزائر)، يبتدأ القسم المشترك فيها من (ص224 إلى ص234)، أي يستمرّ إلى قوله: «...والجنان وولدانها، والبيت والمقام والمشعر الحرام»، ثمّ ترد من هنا إلى نهاية الزيارة ـ أي إلى (ص244) ـ بمضامين مستقلّة، وعليه فلا يمكن نسبة هذه الزيارة إلى المعصوم×.

وربّما يدّعى أنّ شخصية مثل السيّد المرتضى لا يحتمل أن يقدم بنفسه على إنشاء نصّ الزيارة، ولا يمكن تقبّل القول ـ نظراً إلى ما نعرفه عنه من تشدّد في الرواية ـ بأنّه قد نقل هذه الزيارة عن عالم آخر قام بإنشائها.

ولو افترضنا أنّ مثل هذا الاستدلال يوجد لنا ظنّاً قويّاً بصدور هذه الزيارة عن المعصوم×، فإنّ هذا الظنّ يبقى من الظنون غير المعتبرة؛ لأنّ الدليل اللفطي لا يمكن الاعتماد عليه ما لم يصل إلى مستوى القطع أو الاطمئنان.

يضاف إلى ذلك أنّنا لا نملك شواهد أو قرائن نستطيع من خلالها أن ننفي احتمال كون هذه الزيارة ملفّقة أو مؤلّفة وإن كان لدينا العديد من القرائن التي يعدّ ـ بلحاظها ـ احتمال كونها من إنشاء السيّد المرتضى أمراً مستبعداً.

من هنا؛ يحتمل أن تكون هذه الزيارة تلفيقاً وتأليفاً من سائر نصوص الأدعية والزيارات، مع بعض التصرّفات الرامية إلى جعل العبارات مطابقة لمقتضيات الأحوال.

وينبغي لنا ـ طبعاً ـ أن نلتفت إلى أنّ مثل هذه الاحتمالات تنفي ثقتنا بانتساب هذه الزيارة إلى المعصوم×، ولكنّها أيضاً لا تمثّل نظرية جديرة بالاعتماد؛ لأنّ عدم إحراز نقل الزيارة عن المعصوم× لا يعني إحراز عدم نقلها عن المعصوم×.

بناءً على ذلك؛ فإنّ نظرية عدم صدورها عن المعصوم×، وكذا نظرية إنشائها أو تلفيقها من قبل السيّد المرتضى& أو عالم آخر... هي نظرية غير ثابتة أيضاً، وليست جديرة بالاعتماد، وكلام المرحوم المجلسي أيضاً ـ مثل كلامنا ـ ناظر صرفاً إلى عدم الثقة باستناد هذه الزيارة إلى المعصوم×، وإلّا فإنّ المجلسي& نفسه يعلم أفضل من غيره أنّ استظهاره لا يستند إلى دليل لفظي ليكون معتبراً، وإنّما هو قائم على الحدس، ومعتمد على ظاهر الحال، ومن المعلوم أنّ الدليل اللبّي لا يعدّ معتبراً ما لم يبلغ درجة القطع أو الاطمئنان.

إلّا أنّ هناك نقطتين لا ينبغي استبعادهما عن موضع الاهتمام:

1ـ على الرغم من عدم إمكان نسبة نصّ الزيارة إلى المعصوم، فإنّ هناك مقاطع وعبارات من هذه الزيارة تتضمّن مفردات تاريخية أو كلاماً منقولاً عن المعصوم×، وهذه المقاطع ـ بطبيعة الحال ـ تستند إلى رواية السيّد المرتضى&، فلا بدّ من ملاحظة شخصية السيّد المرتضى ومبانيه المتشدّدة في الرواية والحديث، وما يستتبعه ذلك من لوازم وتبعات، سواء قلنا بأنّ نصّ هذه الزيارة من تأليف السيّد المرتضى نفسه وتلفيقه، أو كانت من إنشاء عالم كبير آخر من علماء الشيعة، أو هي منقولة عن المعصوم×، ومن جملة تلك اللوازم:

أـ نظراً إلى حرمة نسبة فعل ما أو قول ما إلى المعصومين× من منظار الفقه الشيعي، واعتبار ذلك من الذنوب الكبيرة، ومع الأخذ بنظر الاعتبار شدّة الورع والتقوى التي يتحلّى بها السيّد المرتضى، فإنّ إسناد فعل أو قول من قبل السيّد المرتضى إلى المعصوم لا بدّ أن يكون معتمداً على حجّة توجب وثوقه واطمئنانه، ومثل هذا الكلام يقال في مراسيل الشيخ الصدوق في كتاب (الفقيه)، فإذا قام بإسناد نصّ ما إلى المعصومين^ بلسان الإحراز، فإنّ ذلك يحكي عن اعتقاده بصحّة ذلك النصّ عند القدماء.

ب ـ إنّ التشدّد الذي يتّصف به السيّد المرتضى، وعدم قوله بحجّية خبر الواحد، وحصره اعتبار الروايات بالخبر المتواتر أو الخبر المحفوف بالقرائن الموجبة للقطع أو الاطمئنان، كلّ ذلك يضاعف من قوّة تلك المقاطع المبحوث عنها واعتبارها.

2ـ بإمكان الزائر ـ نظراً إلى الحسن الذي يتحلّى به نصّ الزيارة، وبملاحظة قاعدة التسامح في أدلّة السنن ـ أن ينتفع بهذه الزيارة دون أن ينسبها إلى المعصومين^، بل يأتي بها بنيّة رجاء صدورها عن المعصوم×.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

      أُصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، الشيخ مسلم الداوري.

      بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي، مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403هـ/1983م.

      تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي، السيّد محمّد على الأبطحي،  الناشر: ابن المؤلّف السيّد محمّد ـ قم المقدّسة، الطبعة الثانية، 1417هـ.

      خاتمة المستدرك، الميرزا حسين النوري، تحقيق: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الأُولى، مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، 1415هـ.

      الفهرست، محمّد بن الحسن الطوسي، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

      قاموس الرجال، الشيخ محمّد تقي التستري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

      المزار الكبير، محمّد بن جعفر المشهدي، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

      مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي، تحقيق: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى المحقّقة، 1408هـ/1987م.

      مصباح الزائر، علي بن موسى بن طاووس، تحقيق: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

10ـنگاهی به حماسه حسینی استاد مطهرى، نعمة الله صالحي نجف آبادي، انتشارات كوير، طهران ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1369 هـ.ش.

 



[1][1](*) هيئة التحرير.

 

[2] المشهدي، محمّد بن جعفر، المزار الكبير: ص496ـ513، ح9.

 

[3] المصدر السابق.

 

[4] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص328، ح9.

 

[5] المصدر السابق.

 

[6] المصدر السابق: ص317، ح8.

 

[7] النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص335، ح12129.

 

[8] المصدر السابق.

 

[9] اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص221ـ244.

 

[10] اُنظر: المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص303، ح4.

 

[11] لمزيد من التفصيل راجع المصادر التي سنذكرها قريباً.

 

[12] اُنظر: النوري، الميرزا حسين، خاتمة المستدرك: ج1، ص358ـ364، الفائدة الثانية، كتاب 53. وقد تطرّق المحدّث النوري ضمن أحد البحوث إلى إحراز اعتبار الكتاب المذكور، وتشييد هذه القاعدة الرجالية، إلّا أنّ البعض ممّن تأخّروا عنه أثاروا نقاشات ترتبط بموضوع تحقيقه، الأمر الذي تصدّى له المحقّق الشيخ مسلم الداوري في تحقيقه الأكثر تفصيلاً، حيث تعرّض لدفع هذا النحو من الإشكالات والردّ عليها، وتحقيق مباني هذه القاعدة الرجالية وتبيينها. اُنظر: الداوري، مسلم، أُصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق: ص201ـ216.

 

[13] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص240ـ241. فيما يرتبط بالإشكال الأوّل اُنظر: صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص392.

 

[14] طبقاً لما نقله ابن المشهدي في المزار الكبير.

 

[15] طبقاً لما نقله المجلسي في بحار الأنوار عن الشيخ المفيد.

 

[16]اُنظر: صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص392.

 

[17] المصدر السابق: ص394.

 

[18] كما في زيارة الشهداء، أي: زيارة الناحية الأُولى التي مرّ ذكرها، والتي ذكر فيها سنة (252هـ)، وكذلك خروجها على يد محمّد بن غالب الإصفهاني الذي لا يعدّ من النوّاب الأربعة لإمام العصرf، فهما قرينتان على أنّ المراد بالناحية هو الإمام العسكري×.

 

[19]صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص396.

 

[20]المصدر السابق: ص396ـ397.

 

[21] المصدر السابق: ص395.

 

[22] ص: آية5.

 

[23]اُنظر: صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص394.

 

[24] المصدر السابق: ص395.

 

[25] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص243.

 

[26] المصدر السابق: ص241.

 

[27] المصدر السابق: ج98، ص238.

 

[28] المصدر السابق: ص248.

 

[29] المصدر السابق: ص248.

 

[30] المصدر السابق.

 

[31] يُعلم من هذا أنّ مُنشئ هذه الزيارة كان يسكن في العراق، وأنّ منزله لا يبعد كثيراً عن كربلاء.

 

[32] تبيّن أنّ هذه الزيارة قد تمّ إنشاؤها في زمن كانت زيارة الإمام الحسين× فيه مصحوبة بالخوف، كما في عصر المتوكّل العبّاسيّ.

 

[33] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص248.

 

[34] اُنظر: صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص390ـ391.

 

[35] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص251.

 

[36] صالحي نجف آبادي، نعمة الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری (نظرة إلى كتاب الملحمة الحسينية للأُستاذ مطهري): ص390.

 

[37] المصدر السابق: ص391.

 

[38] النور: آية 16.

 

[39] الأعراف: آية43.

 

[40] ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص221ـ224.

 

[41] النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص335، ح12130.

 

[42] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص231ـ 249.

 

[43] المصدر السابق: ص328.

 

[44] النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص335، ح12130.

 

[45] إنّ هذه الزيارة التي تستوعب (ص221ـ244) من (مصباح الزائر)، يبتدأ القسم المشترك فيها من (ص224) إلى (ص234)، أي يستمرّ إلى قوله: «... والجنان وولدانها، والبيت والمقام والمشعر الحرام»، ثمّ ترد من هنا إلى نهاية الزيارة ـ أي إلى (ص244) ـ بمضامين مستقلّة.

 

[46] اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص221ـ244.